دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 محرم 1441هـ/19-09-2019م, 03:33 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,790
افتراضي التطبيق الأول من أصول القراءة العلمية



التطبيق الأول


لخّص مقاصد إحدى الرسالتين التاليتين:
1: رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.
2: رسالة "كلمة الإخلاص" للحافظ ابن رجب الحنبلي.

إرشادات حلّ التطبيق:

المطلوب في أداء هذه التطبيقات أربعة أمور:
أولا: استخلاص مسائل الرسالة.
فتكتب عناوين المسائل، ويعبّر عنها بعبارات واضحة كاشفة عن مضمونها، ثم تصنّف المسائل، فتجمع المسائل المتّصلة تحت صنف واحد، ويعنون كل صنف بعنوان جامع، وهذه الأصناف يمكن أن نسمّيها عناصر الرسالة، مع مراعاة ترتيبها ترتيبا موضوعيّا.
ثانيا: استخلاص المقاصد الفرعيّة للرسالة.
وهي أصناف المسائل أو العناصر المستخلصة سابقا، وأثناء استخلاص المقاصد الفرعية والنظر فيها قد يظهر للطالب ارتباط بين بعضها فيحسن دمجها ثانية تحت مقصد فرعيّ واحد، وبهذا تتركّز المقاصد الفرعيّة للرسالة.
ثالثا: استخراج المقصد الكلّي للرسالة.
ويكون بالتعبير عن المقاصد الفرعية بعنوان جامع واف، وأحيانا يذكر المؤلّف المقصد الرئيس لرسالته فيكون أولى بالذكر.
رابعا: تلخيص المقاصد.
وذلك بتلخيص كلام صاحب الرسالة في كل مقصد فرعي.

وليس المقصود بالتلخيص عنونة بعض فقرات الرسالة ونسخها بالكامل، كما أن تلخيص المقاصد ليس شرحا تفصيليّا مستطردا، وإنما المطلوب شرح مركّز يدور حول بيان العماد والسناد.

والوفاء بهذه المطالب الأربعة يضمن -بإذن الله- فهم الطالب لمقاصد الرسالة فهما جيدا، لذا فإن فوات أي مطلوب منها يتطلّب تعديل التطبيق.
ولا بأس أن يقدّم المقصد الكلّي أولا ثم المقاصد الفرعيّة ثم المسائل ثم التلخيص آخرا، لكن لابد من تقديمها جميعا، ويفضّل الترتيب المذكور أولا في مرحلة التدرّب.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22 محرم 1441هـ/21-09-2019م, 09:43 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

لقد قمت بأدائه هنا سابقاً
http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=40488

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25 محرم 1441هـ/24-09-2019م, 12:20 PM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

مسائل رسالة كلمة التوحيد :
_ من فضائل كلمة ( لا إله إلا الله)
1. هي كلمة التقوى
2. وهي كلمة الإخلاص
3. ولأجلها خلق الخلق.
4. ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
5. أنها أعظم النعم.
6. ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
7. ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد ومفتاح دعوة الرسل
8. وهي نجاة من النار
9. وهي توجب المغفرة.
10. وهي أحسن الحسنات.
11. وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.
12. وهي لا يعدلها شيء في الوزن
13. وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
14. وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه.
15. وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها.
16. وهي أفضل الذكر وأفضل ما قاله النبيون
17. وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان.
18. ومن فضائلها أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
19. وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
20. دخول قائلها الجنة ولم يحجب عنها ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة وهي مفتاح الجنة.
21. تحريم قائلها على النار
- معنى دخول قائل لا اله الا الله الجنة وتحريمه على النار مع فعله لبعض السيئات:
القول الأول : أن المقصود عدم خلوده في النار
القول الثاني: انها سبب مع انتفاء الموانع واستجماع الشروط :
من الشروط:
- الفروض من صلاة وزكاة وصوم وحج وجهاد
- شهادة أن محمدا رسول الله ومحبته وتصديقه ومتابعته
من الموانع :
- فعل المعاصي
القول الثالث أنه هذه الأحاديث كانت قبل نزول الفرائض
القول الرابع: بأن هذه الأحاديث منسوخة
القول الخامس: التوجيه بأنها مطلقة قيدت في أحاديث أخرى.
- الأحاديث في ذلك
- تقييد قول لا إله الا الله بأعمال القلوب يقتضي أعمال الجوارح
- اطلاق الكفر والشرك على بعض المعاصي
- تحقيق العبودية لله وحده بالتخلص من عبودية من سواه ومن عبودية الهوى والشيطان
- قول لا اله الا الله يقتضي ألا تحب سواه وتحب ما يحبه وتكره ما يكرهه
مثال السحرة لما تحقق لهم حب الله تعالى ومحبة بعض السلف لله تعالى
لا يدخل النار صاحب القلب السليم الصادق
- الصدق في لا اله الا الله لا يعني العصمة
- يطهر الله تعالى الصادق من ذنوبه في الدنيا بأمرين:
التوبة
المصائب المكفرة
- أسباب دخول الموحد للنار
- تذكير النفس بنظر الله ووعظها حتى لا تقع في الذنوب


المقاصد الفرعية :
  • بيان فضائل كلمة لا إله الا الله.
  • بيان معنى الأحاديث في تحريم قائلها على النار والأقوال في ذلك.
  • بيان اقتضاء قول كلمة التوحيد لفعل الصالحات والمستحبات واجتناب المحرمات والمكروهات.
  • بيان أسباب دخول بعض الموحدين النار والتحذير من الذنوب والحض على التوبة.

المقصد الكلي:
بيان فضل لا إله إلا الله وأن تمام نيل فضائلها لا يكون إلا بتحقيق شروط وانتفاء موانع.



تلخيص المقاصد الفرعية :
  • بيان فضائل كلمة التوحيد
لكلمة التوحيد فضائل كثيرة منها ما هو متعلق بشرفها ومنها ما هو متعلق بأثرها في الدنيا ومنها ما هو متعلق بالجزاء الأخروي المعد لقائلها
فمن شرفها:
أن الله سماها كلمة التقوى وكلمة الإخلاص ، وأن الله تعالى خلق الخلق لعبادته والقيام بمقتضياتها ، قال تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، وأنها أفضل الذكر وأفضل ما قال النبيين، وأن الله يصدق قائلها ،وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
ومن فضائلها المتعلق بأثرها في الدنيا :
تجديد الإيمان في قلب المسلم ، كما في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله"). وإجابة دعاءه كما خرج النسائي في كتاب اليوم والليلة من حديث رجلين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مخلصا بها روحه مصدقا بها لسانه إلا فتق له السماء فتقا حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤله)).
وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان ، وتحريم دم قائلها.
ومن فضائلها في الأخرة:
أنها أمان من وحشة القبر وهول الحشر، وأنها أحسن الحسنات وأثقلها في الميزان وأنها تطيح بالسيئات كما في حديث البطاقة ، وأنها تدخل صاحبها الجنة ، وتنجيه من النار، كما في صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))
وخرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذا يتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما).
  • بيان معنى الأحاديث في دخول قائلها الجنة وتحريمه على النار برغم ارتكابه لبعض الذنوب والأقوال في ذلك.
القول الأول : أن المقصود عدم خلوده في النار
كما في الصحيحين: (إن الله تعالى يقول وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله)،
القول الثاني: انها سبب مع انتفاء الموانع واستجماع الشروط
فكما أن للمفتاح أسنان فلمفتاح الجنة شروط يجب أن تتحق من إقامة الفروض واجتناب المعاصي أو التوبة عنها وتكفيرها وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان))
- ومن شروطها أيضا شهادة أن محمدا رسول الله ومحبته وتصديقه ومتابعتهكما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة))
ومن الموانع فعل المعاصي كما جاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة))،قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: ((أن تحجزك عما حرم الله عليك))
القول الثالث: أنه هذه الأحاديث كانت قبل نزول الفرائض
ممن قال بهذا الزهري والثوري وغيرهما، وهذا بعيد جدا فإن كثيرا منها كان بالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهي في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الرابع: بأن هذه الأحاديث منسوخة
وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح، فإن السلف كانوا يطلقون النسخ على مثل ذلك كثيرا ويكون مقصودهم أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم فيعود للقول الثاني.
القول الخامس: التوجيه بأن هذه الأحاديث مطلقة قيدت في أحاديث أخرى
ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا))وفي بعضها: ((مستيقنا))وفي بعضها ((يصدق لسانه))وفي بعضها((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها ((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)).
  • بيان اقتضاء قول كلمة التوحيد لفعل الصالحات والمستحبات واجتناب المحرمات والمكروهات.
لأن تقييد قول لا إله الا الله بأعمال القلوب يقتضي أعمال الجوارح
وقد جاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحا أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة))،قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: ((أن تحجزك عما حرم الله عليك))
- ومما يدل على ذلك أيضا إطلاق كلمة الكفر أو الشرك على بعض المعاصي كقتال المسلم ومن أتى حائضا أو امرأة في دبرها ومن شرب الخمر في المرة الرابعة، وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملة بالكلية ولهذا قال السلف: كفر دون كفر وشرك دون شرك.
وإنما تتحقق العبودية لله وحده بالتخلص من عبودية من سواه ومن عبودية الهوى والشيطان
وقد ورد إطلاق الإله على الهوى المتَّبع، قال الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))، فدلّ هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
ويدلّ عليه أيضا أن الله تعالى سمى طاعة الشيطان في معصيته عبادة للشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان}.

كما أن قول لا اله الا الله يقتضي ألا تحب سواه وتحب ما يحبه وتكره ما يكرهه:
فإن الإله هو الذي يطاع فلا يعصى محبة وخوفا ورجاء ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فمن أحب شيئا مما يكرهه الله أو كره شيئا مما يحبه الله لم يكمل توحيده وصدقه في قول "لا إله إلا الله" وكان فيه من الشرك الخفي بحسب ما كرهه مما يحبه الله وما أحبه مما يكرهه الله، قال الله تعالى: {ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم}.
فإن السحرة لما سكنت المحبة قلوبهم سمحوا ببذل النفوس وقالوا لفرعون: {اقض ما أنت قاض}، ومتى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب.
- وكان بعض العارفين يبكي طول ليله ويقول: إن تعذبني فإني لك محب وإن ترحمني فإني لك محب.
العارفون يخافون من الحجاب أكثر مما يخافون من العذاب.
قال ذو النون: خوف النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر لجي.
كان بعضهم يقول: إلهي وسيدي ومولاي لو أنك عذبتني بعذابك كله كان ما فاتني من قربك أعظم عندي من العذاب.

  • بيان أسباب دخول بعض الموحدين النار والتحذير من الذنوب والحض على التوبة.
_ لا يدخل النار صاحب القلب السليم الطاهر من أنجاس المخالفات ، الصادق في قول لا إله إلا الله ، فأما من دخل النار من أهل هذه الكلمة فلقلة صدقه في قولها، فإن هذه الكلمة إذا صدقت طهرت القلب من كل ما سوى الله، ومتى بقي في القلب أثر سوى الله فمن قلة الصدق في قولها.

الصدق في لا اله الا الله لا يعني العصمة لأن الله يطهر الصادق من ذنوبه في الدنيا:
فلا تظنوا أن المحب مطالب بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زلّ أن يتلافى تلك الوصمة بسرعة التوبة والإنابة لله تعالى.
وإذا صدق في قول لا إله إلا الله فوقع في زلل فإن من إرادة الله له الخير أن يبتليه ببعض المصائب ليطهره من هذا الذنب كما في بعض الآثار يقول الله تعالى: ((أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب)).
وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الحمى تذهب الخطايا كما يذهب الكير الخبث)).

أسباب دخول الموحد للنار:
أما من لم يحرق اليوم قلبه بنار الأسف على ما سلف أو بنار الشوق إلى لقاء الحبيب فنار جهنم له أشد حرا.
أول من تسعر به النار من الموحدين العباد المراؤون بأعمالهم وأولهم العالم والمجاهد والمتصدق للرياء لأن يسير الرياء شرك
ما نظر المرائي إلى الخلق بعلمه إلا لجهله بعظمة الخالق.
المرائي يزور التوقيع على اسم الملك ليأخذ البراطيل لنفسه ويوهم أنه من خاصة الملك وهو ما يعرف الملك بالكلية.
وبعد أهل الرياء، يدخل النار أصحاب الشهوة وعبيد الهوى الذين أطاعوا هواهم وعصوا مولاهم، فأما عبيد الله حقا فيقال لهم: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.

فيا قوم.. قلوبكم على أصل الطهارة وإنما أصابها رشاش من نجاسة الذنوب فرشوا عليها قليلا من دموع العيون وقد طهرت.
فالإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة، ذكّروها مدحة {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}تحنّ إلى الاستقامة.
عرّفوها اطّلاع من هو أقرب إليها من حبل الوريد لعلها تستحي من قربه ونظره، {ألم يعلم بأن الله يرى}، {إن ربك لبالمرصاد}!!
راود رجل امرأة في فلاة ليلا فأبت فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب قالت: فأين مكوكبها؟!
وقال المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
ووصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه.


فاجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد فإنه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه ما نطق الناطقون إذ نطقوا أحسن من "لا إله إلا الله".



رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26 محرم 1441هـ/25-09-2019م, 02:36 PM
للا حسناء الشنتوفي للا حسناء الشنتوفي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
المشاركات: 384
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد،
فهذا تلخيص لمقاصد رسالة ابن تيمية رحمه الله تعالى في بيانه للعبادات المشروعة والفرق بينها وبين العبادات البدعية.

أولا : مسائل الرسالة :

سبب تأليف ابن تيمية رحمه الله لهذه الرسالة.
- كثرة الاضطراب في هذا الباب وإحداث عبادات لم يشرّعها الله تعالى، بل نهى عنها.

الأصل في العبادات الإمتثال للوحي : قرآنا وسنّة
- الدّين ما شرعه الله ورسوله، قال تعالى : (وأنّ هذا صراطي مستقيما فاتّبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله)
- ما وافق القرآن والسنّة فهو حق، وما خالفه فهو باطل.
- الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم سبب لتنزل الشياطين، كما قال تعالى : (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين)
- أمرنا الله تعالى بالإيمان بما أوتي الأنبياء والاقتداء بهم وبهداهم، قال تعالى : ( قولوا آمنا بما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربّهم) وقوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده).
- بعد نسخ شريعة الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لم يبق طريق إلى الله إلا باتباعه.
- أصل الدين متابعة النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله التي شُرع لنا الاقتداء به فيها بخلاف ما كان من خصائصه.


بيان المشروع من العبادات
- هو ما يُتقرَّب به إلى الله تعالى وما كان محبوبا مرضيا له سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
- هو ما كان من طريق الأنبياء عليهم السلام، وما كان بدليل شرعيّ.
- العبادات المشروعة تتفاوت بين ما هو واجب وما هو مستحب لكنها تندرج جميعها فيما يقرب إلى الله تعالى ويرضيه.

الأسباب المؤدية إلى الابتداع في الدين
- الغلوّ فيما كان جنسه مشروعا من العبادات -كالصلاة والصيام والذكر- بغير فقه، من ذلك الغلوّ في القدر المشروع منها، مثل ما حصل من أهل البدع في مسألة الخلوة والصمت والجوع والسهر …
- التأصيل الفاسد والقياس الخاطئ وعدم صحّة الاستدلال يؤدي إلى إحداث عبادات ليست من الدين، من ذلك :
بناء الأدلة الفرعية على أصول فلسفية، كما هو حال بعض الصوفية المتأثرين بالفلسفة،
القياس الخاطئ كقياس الخلوات على الاعتكاف،
الاستدلال عليها بشرع منسوخ كمن استدل بالأربعينية التي واعد بعدها ربّ العزة نبيه موسى عليه السلام.
- نقص الإيمان بالرسل، والإيمان ببعض ما جاءوا به والكفر بالبعض الآخر.

بيان أحوال المبتدعة في العبادات
- الإعراض عن سماع آيات الله تعالى والاشتغال بالسماع البدعي سماع المعازف الذي يوافق أهواءهم، قال تعالى (فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة).
- تولّي الشياطين لهم لخراب قلوبهم من ذكر الله الذي أرسل به رسله.
- تلقّي الوحي الشيطاني وتخيّل الكرامات والتلبّس بأحوال شيطانية تنفر منها النفوس كالقتل وإتيان الفواحش وتكليم الموتى والسحر والنّذور الشركية.
- الإفضاء إلى الكفر -عياذا بالله- عن طريق بعض البدع المكفّرة.

ثانيا : المقاصد الفرعية :
قامت هذه الرسالة على جملة من المقاصد :

بيان سبب تأليف هذه الرسالة.
الأصل في العبادات الامتثال للوحي.
بيان المشروع من العبادات واجبها ومستحبّها.
الأسباب المؤدية إلى الابتداع في الدين.
أحوال المبتدعة في عباداتهم والتحذير منها.


ثالثا : المقصد الكلّي العام :

التعريف بالعبادات الشرعية والبدعية وبيان الفرق بينهما.

رابعا : تلخيص مقاصد الرسالة :

1- بيان تأليف ابن تيمية رحمه الله تعالى لرسالته قيد الدراسة، وأن ذلك بسبب الاضطراب الذي حصل في باب العبادات والذي أدّى إلى إحداث بدعٍ فيها.

2-بيان أن العبادات الأصل فيها الامتثال للكتاب والسنة، واتباع ما جاء به الأنبياء والاقتداء بهم، وأن ما نُسخ بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا يُعدّ من الدين.

3- بيان أن المشروع من العبادات هو ما يقرب إلى الله تعالى وما كان بدليل شرعي، وأن العبادات تتفاوت بين ما هو واجب وما هو مستحبّ.

4- بيّن المؤلف رحمه الله الأسباب المؤدية إلى الابتداع في الدين وإحداث ما ليس منه، من هذه الأسباب :
الغلو في القدر المشروع لبعض العبادات
التأصيل الفاسد
القياس الخاطئ
عدم صحة الاستدلال

5-بيان أحوال المبتدعة ، وأبرزها الإعراض عن آيات الله وتلقي الوحي الشيطاني، والافضاء إلى الكفر في كثير من الأحيان.


الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 27 محرم 1441هـ/26-09-2019م, 01:58 AM
فاطمة احمد صابر فاطمة احمد صابر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 370
افتراضي تلخيص رسالة الفرق بين العبادات الشرعية البدعية لشيخ الإسلام ابن تيمية

المقصد الكلي
بيان العبادات الشرعية والبدعية والفرق بينهما ودحض شبه أهل البدعة

المقاصد الفرعية والمسائل
*مقدمة
أهمية معرفة الفرق بين العبادات الشرعية والبدعية
المراد بأصل الدين والصراط المستقيم
الفرق بين الصراط المستقيم وسبل الشيطان

*العبادات الشرعية
المراد بالعبادات المشروعة
أقسام العبادات المشروعة
أمثلة لها
أجناس العبادات المشروعة وأصول العبادات الدينية
ما يضمن عدم تحولها لبدعية

*العبادات البدعية
أولا ما كان أصلها مشروعا وحدث فيها ما جعلها غير مشروعة
1- الغلو فيها بلا فقه
ثانيا ما كانت أجناس عبادات غير مشروعة حدثت في المتأخرين
1- الخلوات
سبب كونها غير مشروعة ودليل ذلك
بدع الخلوات ودليل بطلانها
الطريق المشروع للتفريغ والتخلية
شرط الخلوة المشروعة

*الفرق بين العبادات الشرعية والبدعية
شروط مشروعية العبادة
مسائل مهمة : حكم ما فعله النبي (صلى الله عليه وسلم ) مباحا من غير قصد
حكم الأمكنة التي مر بها الأنبياء ولم يقصدوا العبادة فيها – الأمكنة التي يشرع فيها العبادة وتقصد بها
سبب وقوع الناس في البدعة

-مقدمة
#أهمية معرفة الفرق بين العبادات الشرعية والبدعية
فإنّ هذا بابٌ كثر فيه الاضطراب كما كثر في باب الحلال والحرام، فإنّ أقوامًا استحلّوا بعض ما حرّمه اللّه وأقوامًا حرّموا بعض ما أحلّ اللّه تعالى وكذلك أقوامًا أحدثوا عباداتٍ لم يشرّعها اللّه بل نهى عنها.

#المراد بأصل الدين والصراط المستقيم
وأصل الدّين: أنّ الحلال ما أحلّه اللّه ورسوله والحرام ما حرّمه اللّه ورسوله والدّين ما شرعه اللّه ورسوله؛ ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله. قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}،

#الفرق بين الصراط المستقيم وسبل الشيطان
وفي حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".
وقد ذكر اللّه تعالى في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ما ذمّ به المشركين حيث حرّموا ما لم يحرّمه اللّه تعالى كالبحيرة والسّائبة، واستحلّوا ما حرّمه اللّه كقتل أولادهم، وشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه، فقال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدّين ما لم يأذن به اللّه}، ومنه أشياء هي محرّمةٌ جعلوها عباداتٍ كالشّرك والفواحش مثل الطّواف بالبيت عراةً وغير ذلك. والكلام في الحلال والحرام له مواضع أخر، والمقصود هنا العبادات،

-الفرق بين العبادات المشروعة وما ليس بمشروع
_العبادات المشروعة
#أولا المراد بالعبادات المشروعة
العبادات الّتي يتقرّب بها إلى اللّه تعالى منها ما كان محبوبًا للّه ورسوله مرضيًّا للّه ورسوله،
والمشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى وهو سبيل اللّه وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف وهو طريق السّالكين ومنهاج القاصدين والعابدين وهو الّذي يسلكه كلّ من أراد اللّه هدايته وسلك طريق الزّهد والعبادة وما يسمّى بالفقر والتّصوّف ونحو ذلك.

#أقسام العبادات المشروعة
وهي إمّا واجبٌ وإمّا مستحبٌّ كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).
#أمثلة للعبادات المشروعة
ومعلومٌ أنّ الصّلاة منها فرضٌ وهي الصّلوات الخمس ومنها نافلةٌ كقيام اللّيل، وكذلك الصّيام فيه فرضٌ وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلةٌ كصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وكذلك السّفر إلى المسجد الحرام فرضٌ وإلى المسجدين الآخرين -مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبيت المقدس - مستحبٌّ، وكذلك الصّدقة منها ما هو فرضٌ ومنها ما هو مستحبٌّ وهو العفو كما قال تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو}، وفي الحديث الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (يا ابن آدم إنّك إن تنفق الفضل خيرٌ لك وإن تمسكه شرٌّ لك ولا تلام على كفافٍ، واليد العليا خيرٌ من اليد السّفلى وابدأ بمن تعول).
والفرق بين الواجب والمستحبّ له موضعٌ آخر غير هذا، والمقصود هنا الفرق بين ما هو مشروعٌ سواءٌ كان واجبًا أو مستحبًّا وما ليس بمشروع.
#ما يدخل في (أجناس) العبادات المشروعة
ولا ريب أنّ هذا يدخل فيه الصّلوات المشروعة واجبها ومستحبّها ويدخل في ذلك قيام اللّيل المشروع وقراءة القرآن على الوجه المشروع والأذكار والدّعوات الشّرعيّة، وما كان من ذلك موقّتًا بوقت كطرفي النّهار وما كان متعلّقًا بسبب كتحيّة المسجد وسجود التّلاوة وصلاة الكسوف وصلاة الاستخارة وما ورد من الأذكار والأدعية الشّرعيّة في ذلك وهذا يدخل فيه أمورٌ كثيرةٌ وفي ذلك من الصّفات ما يطول وصفه وكذلك يدخل فيه الصّيام الشّرعيّ كصيام نصف الدّهر وثلثه أو ثلثيه أو عشره وهو صيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ ويدخل فيه السّفر الشّرعيّ كالسّفر إلى مكّة وإلى المسجدين الآخرين ويدخل فيه الجهاد على اختلاف أنواعه وأكثر الأحاديث النّبويّة في الصّلاة والجهاد ويدخل فيه قراءة القرآن على الوجه المشروع.
إذن أصول العبادات الدينية
و العبادات الدّينيّة أصولها
1- الصّلاة
2- الصّيام
3- القراءة
ثمّ هذه الأجناس الثّلاثة مشروعةٌ؛ ولكن يبقى الكلام في القدر المشروع منها.

#شرط كون تلك العبادات مشروعة ما يضمن عدم تحولها لبدعية
الاقتصاد في العبادة
وله صُنّف كتاب "الاقتصاد في العبادة"، وقال أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
والكلام في سرد الصّوم وصيام الدّهر سوى يومي العيدين وأيّام التّشريق وقيام جميع اللّيل هل هو مستحبٌّ كما ذهب إلى ذلك طائفةٌ من الفقهاء والصّوفيّة والعبّاد أو هو مكروهٌ كما دلّت عليه السّنّة، وإن كان جائزًا لكنّ صوم يومٍ وفطر يومٍ أفضل وقيام ثلث اللّيل أفضل ولبسطه موضعٌ آخر

_ثانيا العبادات البدعية
_أولا ما كان أصلها مشروعها لكن حدث فيها ما جعلها غير مشروعة
#ما يحول العبادة من المشروعية لعدمها
1- الغلو فيها بلا فقه
*جاء ذكرها في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).
*ولمّا كانت هذه العبادات هي المعروفة قال في حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
@سبب بدعة الخوارج
وهؤلاء غلوا في العبادات بلا فقهٍ فآل الأمر بهم إلى البدعة، فقال: (يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة)، فإنّهم قد استحلّوا دماء المسلمين وكفّروا من خالفهم. وجاءت فيهم الأحاديث الصّحيحة، قال الإمام أحمد بن حنبلٍ -رحمه اللّه تعالى-: "صحّ فيهم الحديث من عشرة أوجهٍ"، وقد أخرجها مسلمٌ في صحيحه وأخرج البخاريّ قطعةً منها.

_ثانيا: ما كانت أجناس عبادات غير مشروعة حدثت في المتأخرين
1- الخلوات
#سبب كون جنسها غير مشروع
فإنّها تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ، والاعتكاف الشّرعيّ في المساجد كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشّرعيّة،
#أدلة ذلك
#بطلان الاحتجاج بتحنّثه بغار حراءٍ قبل الوحي
فإنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا.
وهو من حين نبّأه اللّه تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون.
وقد أقام صلوات اللّه عليه بمكّة قبل الهجرة بضع عشرة سنةً ودخل مكّة في عمرة القضاء وعام الفتح أقام بها قريبًا من عشرين ليلةً وأتاها في حجّة الوداع؛ وأقام بها أربع ليالٍ وغار حراءٍ قريبٌ منه ولم يقصده.
#أصل التحنث في غار حراء
وذلك أنّ هذا كانوا يأتونه في الجاهليّة ويقال إنّ عبد المطّلب هو من سنّ لهم إتيانه؛
لأنّه لم تكن لهم هذه العبادات الشّرعيّة الّتي جاء بها بعد النّبوّة صلوات اللّه عليه كالصّلاة والاعتكاف في المساجد فهذه تغني عن إتيان حراءٍ بخلاف ما كانوا عليه قبل نزول الوحي فإنّه لم يكن يقرأ بل قال له الملك عليه السّلام: اقرأ، قال -صلوات اللّه عليه وسلامه-: (فقلت: لست بقارئ)، ولا كانوا يعرفون هذه الصّلاة؛ ولهذا لمّا صلّاها النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- نهاه عنها من نهاه من المشركين كأبي جهلٍ، قال اللّه تعالى: {أرأيت الّذي ينهى * عبدًا إذا صلّى * أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتّقوى * أرأيت إن كذّب وتولّى * ألم يعلم بأنّ اللّه يرى *كلّا لئن لم ينته لنسفعن بالنّاصية * ناصيةٍ كاذبةٍ خاطئةٍ * فليدع ناديه * سندع الزّبانية * كلّا لا تطعه واسجد واقترب}.

#بدع الخلوات وأدلة بطلانها
1- طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية
#بطلان الاحتجاج بخلوة موسى أربعين ليلة
أما من يحتجّون فيها بأنّ اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر وقد روي أنّ موسى عليه السّلام صامها وصام المسيح أيضًا أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها فيقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل كما يقولون في غار حراءٍ حصل بعده نزول الوحي.
وهذا أيضًا غلطٌ فإنّ هذه ليست من شريعة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بل شرعت لموسى عليه السّلام كما شرع له السّبت والمسلمون لا يسبتون، وكما حرّم في شرعه أشياء لم تحرّم في شرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فهذا تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ وذاك تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.
2- تمسكهم بأجناس عبادات غير مشروعة كالذكر بطريقتهم
أصحاب الخلوات فيهم من يتمسّك بجنس العبادات الشّرعيّة الصّلاة والصّيام والقراءة والذّكر، وأكثرهم يخرجون إلى أجناسٍ غير مشروعةٍ؛ فمن ذلك طريقة أبي حامدٍ ومن تبعه، وهؤلاء يأمرون صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءةً ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك بل قد يأمرونه بالذّكر ثمّ قد يقولون ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
#بدعية الذكر بهذه الطريقة
الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا.
وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
وأمّا ذكر الاسم المفرد فبدعةٌ لم يشرّع، وليس هو بكلام يُعقل ولا فيه إيمانٌ.
#مقصدهم من الذكر بهذه الطريقة وحقيقته
ولهذا صار بعض من يأمر به من المتأخّرين يبيّن أنّه ليس قصدنا ذكر اللّه تعالى ولكن جمع القلب على شيءٍ معيّنٍ حتّى تستعدّ النّفس لما يرد عليها، فكان يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرّاتٍ فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى وأنّه أعطي ما لم يعطه محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة المعراج ولا موسى عليه السّلام يوم الطّور وهذا وأشباهه وقع لبعض من كان في زماننا.
وأبلغ من ذلك من يقول ليس مقصودنا إلّا جمع النّفس بأيّ شيءٍ كان، حتّى يقول لا فرق بين قولك: يا حيّ، وقولك: يا جحش. وهذا ممّا قاله لي شخصٌ منهم وأنكرت ذلك عليه، ومقصودهم بذلك أن تجتمع النّفس حتّى يتنزّل عليها الشّيطان، ومنهم من يقول: إذا كان قصدٌ وقاصدٌ ومقصودٌ فاجعل الجميع واحدًا فيدخله في أوّل الأمر في وحدة الوجود.
#موقف أبي حامد وأمثاله من ذلك
أمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب.
#حكم الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" دون الالتزام بغيره من العبادات
فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء، والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة، ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.
3- بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء، ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء.
وأبو حامدٍ يكثر من مدح هذه الطّريقة في " الإحياء " وغيره كما أنّه يبالغ في مدح الزّهد، وهذا من بقايا الفلسفة عليه، فإنّ المتفلسفة كابن سينا وأمثاله يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء، وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب.
#بطلان ادعاءاتهم وحقيقة فعلهم
وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها، قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}، وكثيرٌ منهم لا يحدّ للخلوة مكانًا ولا زمانًا بل يأمر الإنسان أن يخلو في الجملة.
وهذا كلّه لنقص إيمانهم بالرّسل وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض، وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}، وقال الشّيطان فيما أخبر اللّه عنه: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم المخلصين}، وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين}، والمخلصون هم الّذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وإنّما يُعبد اللّه بما أمر به على ألسنة رسله فمن لم يكن كذلك تولّته الشّياطين.
وهذا بابٌ دخل فيه أمرٌ عظيمٌ على كثيرٍ من السّالكين؛ واشتبهت عليهم الأحوال الرّحمانيّة بالأحوال الشّيطانيّة وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهّان والسّحرة وظنّوا أنّ ذلك من كرامات أولياء اللّه المتّقين كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكلّ أحدٍ ليس هو من لوازم هذه الطّريق،
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
4- ومن أهل هذه الخلوات من لهم أذكارٌ معيّنةٌ وقوتٌ معيّنٌ ولهم تنزلات معروفةٌ، وقد بسط الكلام عليها ابن عربيٍّ الطّائيّ ومن سلك سبيله كالتلمساني، وهي تنزلات شيطانيّةٌ قد عرفتها وخبرت ذلك من وجوهٍ متعدّدةٍ لكن ليس هذا موضع بسطها وإنّما المقصود التّنبيه على هذا الجنس.
5- وممّا يأمرون به الجوع والسّهر والصّمت مع الخلوة بلا حدودٍ شرعيّةٍ، بل سهرٌ مطلقٌ وجوعٌ مطلقٌ وصمتٌ مطلقٌ مع الخلوة كما ذكر ذلك ابن عربيٍّ وغيره، وهي تولّد لهم أحوالًا شيطانيّةً، وأبو طالبٍ قد ذكر بعض ذلك؛ لكن أبو طالبٍ أكثر اعتصامًا بالكتاب والسّنّة من هؤلاء ولكن يذكر أحاديث كثيرةً ضعيفةً بل موضوعةً من جنس أحاديث المسبّعات الّتي رواها عن الخضر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو كذبٌ محضٌ وإن كان ليس فيه إلّا قراءة قرآنٍ ويذكر أحيانًا عباداتٍ بدعيّةً من جنس ما بالغ في مدح الجوع هو وأبو حامدٍ وغيرهما وذكروا أنّه يزن الخبز بخشب رطبٍ كلّما جفّ نقص الأكل، وذكروا صلوات الأيّام واللّيالي وكلّها كذبٌ موضوعةٌ؛ ولهذا قد يذكرون مع ذلك شيئًا من الخيالات الفاسدة وليس هذا موضع بسط ذلك.
وإنّما الغرض التّنبيه بهذا على جنسٍ من العبادات البدعيّة وهي "الخلوات البدعيّة" سواءٌ قدّرت بزمان أو لم تقدّر لما فيها من العبادات البدعيّة؛ إمّا الّتي جنسها مشروعٌ ولكن غير مقدّرةٍ، وإمّا ما كان جنسه غير مشروعٍ،
6-وهذه الخلوات قد يقصد أصحابها الأماكن الّتي ليس فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا مسجدٌ يصلّى فيه الصّلوات الخمس؛ إمّا مساجد مهجورةٌ وإمّا غير مساجد مثل الكهوف والغيران الّتي في الجبال ومثل المقابر لا سيّما قبر من يُحسن به الظّنّ ومثل المواضع الّتي يقال إنّ بها أثر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ،
#ما يترتب على تواجدهم بهذه الحال في تلك الأماكن
يحصل لهم في هذه المواضع أحوالٌ شيطانيّةٌ يظنّون أنّها كراماتٌ رحمانيّةٌ.
*فمنهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
بيان بطلانه: أن الشّياطين كثيرًا ما يتصوّرون بصورة الإنس في اليقظة والمنام وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول: أنا الشّيخ فلانٌ أو العالم فلانٌ، وربّما قالت: أنا أبو بكرٍ وعمر، وربّما أتى في اليقظة دون المنام وقال: أنا المسيح.. أنا موسى.. أنا محمّدٌ، وقد جرى مثل ذلك أنواعٌ أعرفها وثمّ من يصدّق بأنّ الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم، وثَمّ شيوخٌ لهم زهدٌ وعلمٌ وورعٌ ودينٌ يصدّقون بمثل هذا.
*ومن هؤلاء من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه، ومن هؤلاء من رأى في دائرة ذرى الكعبة صورة شيخٍ قال إنّه إبراهيم الخليل، ومنهم من يظنّ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خرج من الحجرة وكلّمه، وجعلوا هذا من كراماته، ومنهم من يعتقد أنّه إذا سأل المقبور أجابه.
وبعضهم كان يحكي أنّ ابن منده كان إذا أشكل عليه حديثٌ جاء إلى الحجرة النّبويّة ودخل فسأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن ذلك فأجابه، وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك وجعل ذلك من كراماته حتّى بيان بطلانه: قال ابن عبد البرّ لمن ظنّ ذلك: ويحك أترى هذا أفضل من السّابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار؟ فهل في هؤلاء من سأل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد الموت وأجابه؟ وقد تنازع الصّحابة في أشياء فهلّا سألوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأجابهم؟ وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلّا سألته فأجابها؟).

#الطريق المشروع للتفريغ والتخلية
لكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه، وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
- شرط الخلوة المشروعة
فأمّا الخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
فالأوّل :كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}، ومنه قوله تعالى عن الخليل: {فلمّا اعتزلهم وما يعبدون من دون اللّه وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلًّا جعلنا نبيًّا}، وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، فإنّ أولئك لم يكونوا في مكانٍ فيه جمعةٌ ولا جماعةٌ ولا من يأمر بشرع نبيٍّ فلهذا أووا إلى الكهف وقد قال موسى: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
والثاني: اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه فهو مستحبٌّ، وقد قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
وإذا أراد الإنسان تحقيق علمٍ أو عملٍ فتخلّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حقٌّ كما في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ) وقوله: (يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة) دليلٌ على أنّ له مالًا يزكّيه وهو ساكنٌ مع ناسٍ يؤذّن بينهم وتقام الصّلاة فيهم، فقد قال صلوات اللّه عليه: (ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصّلاة جماعةً إلّا وقد استحوذ عليهم الشّيطان) وقال: (عليكم بالجماعة فإنّما يأخذ الذّئب القاصية من الغنم).


-الفرق بين العبادة المشروعة والبدعية
#ما يثبت به مشروعية العبادة ويفرق بين كونها شرعية أم بدعية
1- أن تكون على طريق الأنبياء ولا تخالف هدي النبي (صلى الله عليه وسلم)
والأنبياء -صلوات اللّه عليهم وسلامه أجمعين- قد أُمرنا أن نؤمن بما أوتوه وأن نقتدي بهم وبهداهم، قال تعالى: {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
2- ألا تكون قد نسخت في شرع النبي (صلى الله عليه وسلم)
ومحمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين لا نبيّ بعده وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريقٌ إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فما أمر به من العبادات أمر إيجابٍ أو استحبابٍ فهو مشروعٌ وكذلك ما رغّب فيه وذكر ثوابه وفضله
فأمّا الفعل الّذي لم يشرعه هو لنا ولا أمرنا به ولا فعله فعلًا سنّ لنا أنّ نتأسّى به فيه فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتّخاذ هذا قربةً مخالفةٌ له صلّى اللّه عليه وسلّم،

3- أن تثبت بدليل شرعي صحيح
ولا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ،
#متى يؤخذ بالحديث الضعيف
ولا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ، وذلك أنّ مقادير الثّواب غير معلومةٍ فإذا روي في مقدار الثّواب حديثٌ لا يعرف أنّه كذبٌ لم يجز أن يكذّب به، وهذا هو الّذي كان الإمام أحمد بن حنبلٍ وغيره يرخّصون فيه وفي روايات أحاديث الفضائل، وأمّا أن يثبتوا أنّ هذا عملٌ مستحبٌّ مشروعٌ بحديث ضعيفٍ فحاشا للّه، كما أنّهم إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ فإنّهم لم يكونوا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
4- أن يكون قد فعله النبي (صلى الله عليه وسلم )على وجه التعبد لا ما كان اتفاقا
وما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه، فإذا خصّص زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنّةً، كتخصيصه العشر الأواخر بالاعتكاف فيها وكتخصيصه مقام إبراهيم بالصّلاة فيه فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل، وذلك إنّما يكون بأن يقصد مثلما قصد، فإذا سافر لحجّ أو عمرةٍ أو جهادٍ وسافرنا كذلك كنّا متّبعين له وكذلك إذا ضرب لإقامة حدٍّ؛ بخلاف من شاركه في السّفر وكان قصده غير قصده أو شاركه في الضّرب وكان قصده غير قصده فهذا ليس بمتابع له.
ولو فعل فعلًا بحكم الاتّفاق مثل نزوله في السّفر بمكان أو أن يفضل في إداوته ماءٌ فيصبّه في أصل شجرةٍ أو أن تمشي راحلته في أحد جانبي الطّريق ونحو ذلك، فهل يستحبّ قصد متابعته في ذلك؟
#حكم متابعته فيما فعله اتفاقا
كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد فإذا لم يقصد هو ذلك الفعل بل حصل له بحكم الاتّفاق كان في قصده غير متابعٍ له، وابن عمر رضي اللّه عنه يقول: وإن لم يقصده؛ لكنّ نفس فعله حسنٌ على أيّ وجهٍ كان فأحبّ أن أفعل مثله إمّا لأنّ ذلك زيادةٌ في محبّته وإمّا لبركة مشابهته له.
أمثلة لما فعله النبي اتفاقا
1- إخراج التّمر في صدقة الفطر لمن ليس ذلك قوته،
حكمه: أحمد قد وافق ابن عمر على مثل ذلك ويرخّص في مثل ما فعله ابن عمر
2- التمسح بمقعده من المنبر
حكمه: كذلك رخّص أحمد فيه اتّباعًا لابن عمر، وعن أحمد في التّمسّح بالمنبر روايتان أشهرهما أنّه مكروهٌ كقول الجمهور، وأمّا مالكٌ وغيره من العلماء فيكرهون هذه الأمور وإن فعلها ابن عمر؛ فإنّ أكابر الصّحابة كأبي بكرٍ وعمر وعثمان وغيرهم لم يفعلها، فقد ثبت الإسناد الصّحيح عن عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه أنّه كان في السّفر فرآهم ينتابون مكانًا يصلّون فيه فقال: "ما هذا؟ قالوا: مكانٌ صلّى فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: أتريدون أن تتّخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته فيه الصّلاة فليصلّ فيه وإلّا فليمض".
#خلاصة القول فيما فعله مباحا من غير قصد
للنّاس قولان فيما فعله من المباحات على غير وجه القصد هل متابعته فيه مباحةٌ فقط أو مستحبّةٌ على قولين في مذهب أحمد وغيره كما قد بسط ذلك في موضعه، ولم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه وإنّما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقط، وإن كان هو لم يقصد التّعبّد به،
فما فعله من المباحات على غير وجه التّعبّد يجوز لنا أن نفعله مباحًا كما فعله مباحًا؛ ولكن هل يشرع لنا أن نجعله عبادةً وقربةً؟ فيه قولان كما تقدّم، وأكثر السّلف والعلماء على أنّا لا نجعله عبادةً وقربةً بل نتّبعه فيه؛ فإن فعله مباحًا فعلناه مباحًا وإن فعله قربةً فعلناه قربةً، ومن جعله عبادةً رأى أنّ ذلك من تمام التّأسّي به والتّشبّه به ورأى أنّ في ذلك بركةً لكونه مختصًّا به نوع اختصاصٍ.

حكم الأمكنة التي مر بها الأنبياء ولم يقصدوا العبادة فيها
فأمّا الأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع).
فقصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكانٍ لم يقصد الأنبياء فيه الصّلاة والعبادة بل روي أنّهم مرّوا به ونزلوا فيه أو سكنوه فهذا كما تقدّم لم يكن ابن عمر ولا غيره يفعله؛ فإنّه ليس فيه متابعتهم لا في عملٍ عملوه ولا قصدٍ قصدوه.
وسواء في ذلك الأمكنة الّتي كان النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- يحلّ فيها إمّا في سفره وإمّا في مقامه مثل طرقه في حجّه وغزواته ومنازله في أسفاره ومثل بيوته الّتي كان يسكنها والبيوت الّتي كان يأتي إليها أحيانًا

الدليل على ذلك
(فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
وجه الدلالة: فهذه نصوصه الصّريحة توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجد مع أنّهم مدفونون فيها وهم أحياءٌ في قبورهم، ويستحبّ إتيان قبورهم للسّلام عليهم ومع هذا يحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد.
سبب النهي: ومعلومٌ أنّ هذا إنّما نهى عنه لأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك، وأراد أن تكون المساجد خالصةً للّه تعالى تبنى لأجل عبادته فقط لا يشركه في ذلك مخلوقٌ، فإذا بني المسجد لأجل ميّتٍ كان حرامًا فكذلك إذا كان لأثر آخر فإنّ الشّرك في الموضعين حاصلٌ،
ما يؤكد ذلك: ولهذا كانت النّصارى يبنون الكنائس على قبر النّبيّ والرّجل الصّالح وعلى أثره وباسمه، وهذا الّذي خاف عمر رضي اللّه عنه أن يقع فيه المسلمون وهو الّذي قصد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم منع أمّته منه، كما قال اللّه تعالى: {وأنّ المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحدًا} وقال تعالى: {قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين} وقال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النّار هم خالدون * إنّما يعمر مساجد اللّه من آمن باللّه واليوم الآخر وأقام الصّلاة وآتى الزّكاة ولم يخش إلّا اللّه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، ولو كان هذا مستحبًّا لكان يستحبّ للصّحابة والتّابعين أن يصلّوا في جميع حجر أزواجه وفي كلّ مكانٍ نزل فيه في غزواته أو أسفاره. ولكان يستحبّ أن يبنوا هناك مساجد ولم يفعل السّلف شيئًا من ذلك.

#الأمكنة التي يشرع فيها العبادة
ولم يشرع اللّه تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصّلاة إلّا المسجد ولا مكانًا يقصد للعبادة إلّا المشاعر، فمشاعر الحجّ كعرفة ومزدلفة ومنًى تقصد بالذّكر والدّعاء والتّكبير لا الصّلاة بخلاف المساجد فإنّها هي الّتي تقصد للصّلاة وما ثمّ مكانٌ يقصد بعينه إلّا المساجد والمشاعر وفيها الصّلاة والنّسك، قال تعالى: {قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه ربّ العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت}،

#هل يقصد غيرها من الأماكن
وما سوى ذلك من البقاع فإنّه لا يستحبّ قصد بقعةٍ بعينها للصّلاة ولا الدّعاء ولا الذّكر إذ لم يأت في شرع اللّه ورسوله قصدها لذلك وإن كان مسكنًا لنبيّ أو منزلًا أو ممرًّا، فإنّ الدّين أصله متابعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنّه لنا ونقتدي به في أفعاله الّتي شرع لنا الاقتداء به فيها بخلاف ما كان من خصائصه،


#سبب تزيين الشيطان للبدعة وسبب الوقوع فيها
وأهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره، وقد يبغّض إليهم حتّى الكتاب فلا يحبّون كتابًا ولا من معه كتابٌ ولو كان مصحفًا أو حديثًا؛ كما حكى النصرأباذي أنّهم كانوا يقولون: يدع علم الخرق ويأخذ علم الورق، قال: وكنت أستر ألواحي منهم فلمّا كبرت احتاجوا إلى علمي، وكذلك حكى السّريّ السقطي أنّ واحدًا منهم دخل عليه فلمّا رأى عنده محبرةً وقلمًا خرج ولم يقعد عنده؛ ولهذا قال سهل بن عبد اللّه التستري: يا معشر الصّوفيّة لا تفارقوا السّواد على البياض فما فارق أحدٌ السّواد على البياض إلّا تزندق، وقال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.

وكثيرٌ من هؤلاء ينفر ممّن يذكر الشّرع أو القرآن أو يكون معه كتابٌ أو يكتب؛ وذلك أنّهم استشعروا أنّ هذا الجنس فيه ما يخالف طريقهم فصارت شياطينهم تهرّبهم من هذا كما يهرّب اليهوديّ والنّصرانيّ ابنه أن يسمع كلام المسلمين حتّى لا يتغيّر اعتقاده في دينه، وكما كان قوم نوحٍ يجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم لئلّا يسمعوا كلامه ولا يروه، وقال اللّه تعالى عن المشركين: {وقال الّذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلّكم تغلبون} وقال تعالى: {فما لهم عن التّذكرة معرضين * كأنّهم حمرٌ مستنفرةٌ * فرّت من قسورةٍ}، وهم من أرغب النّاس في السّماع البدعيّ سماع المعازف ومن أزهدهم في السّماع الشّرعيّ سماع آيات اللّه تعالى.
سبب تمسكهم بذلك
1- كان ممّا زيّن لهم طريقهم أن وجدوا كثيرًا من المشتغلين بالعلم والكتب معرضين عن عبادة اللّه تعالى وسلوك سبيله، إمّا اشتغالًا بالدّنيا وإمّا بالمعاصي وإمّا جهلًا وتكذيبًا بما يحصل لأهل التّألّه والعبادة، فصار وجود هؤلاء ممّا ينفّرهم، وصار بين الفريقين نوع تباغضٍ يشبه من بعض الوجوه ما بين أهل الملّتين، هؤلاء يقولون ليس هؤلاء على شيءٍ، وهؤلاء يقولون ليس هؤلاء على شيءٍ،
2- أنهم يظنّون أنّهم يحصل لهم بطريقهم أعظم ممّا يحصل في الكتب، فمنهم من يظنّ أنّه يلقّن القرآن بلا تلقينٍ، ويحكون أنّ شخصًا حصل له ذلك وهذا كذبٌ،
حقيقته: أنه قد يكون سمع آيات اللّه فلمّا صفّى نفسه تذكّرها فتلاها؛ فإنّ الرّياضة تصقل النّفس فيذكر أشياء كان قد نسيها، ويقول بعضهم أو يحكى أنّ بعضهم قال: أخذوا علمهم ميّتًا عن ميّتٍ وأخذنا علمنا عن الحيّ الّذي لا يموت، وهذا يقع
3- منهم من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان وليس عندهم فرقانٌ يفرّق بين الرّحمانيّ والشّيطانيّ
حقيقته: فإنّ الفرق الّذي لا يخطئ هو القرآن والسّنّة فما وافق الكتاب والسّنّة فهو حقٌّ وما خالف ذلك فهو خطأٌ، وقد قال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون * حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين}، وذكر الرّحمن هو ما أنزله على رسوله قال تعالى: {وهذا ذكرٌ مباركٌ أنزلناه}، وقال تعالى: {وما هو إلّا ذكرٌ للعالمين}، وقال تعالى: {فإمّا يأتينّكم منّي هدًى فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}، وقال تعالى: {إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم ويبشّر المؤمنين الّذين يعملون الصّالحات أنّ لهم أجرًا كبيرًا * وأنّ الّذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابًا أليمًا}، وقال تعالى: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورًا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنّك لتهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ * صراط اللّه الّذي له ما في السّماوات وما في الأرض ألا إلى اللّه تصير الأمور}، وقال تعالى: {كتابٌ أنزلناه إليك لتخرج النّاس من الظّلمات إلى النّور بإذن ربّهم إلى صراط العزيز الحميد}، وقال تعالى: {فالّذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النّور الّذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.
#ما ترتب على سلوكهم هذا الطريق وسقوطهم فيه
إنّ هؤلاء لمّا ظنّوا أنّ هذا يحصل لهم من اللّه بلا واسطةٍ صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ، ويقول أيضًا: فلانٌ يأخذ عن الكتاب وهذا الشّيخ يأخذ عن اللّه، ومثل هذا.
#حقيقة مقصدهم بقول القائل: " يأخذ عن اللّه، وأعطاني اللّه "
هذا لفظٌ مجملٌ،
*فإن أراد به الإعطاء والأخذ العامّ وهو الكونيّ الخلقي أي بمشيئة اللّه وقدرته حصل لي هذا فهو حقٌّ، ولكنّ جميع النّاس يشاركونه في هذا، وذلك الّذي أخذ عن الكتاب هو أيضًا عن اللّه أخذ بهذا الاعتبار، والكفّار من المشركين وأهل الكتاب أيضًا هم كذلك،
*وإن أراد أنّ هذا الّذي حصل له هو ممّا يحبّه اللّه ويرضاه ويقرّب إليه وهذا الخطاب الّذي يلقى إليه هو كلام اللّه تعالى فهنا طريقان:
أحدهما: أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان، والفرقان إنّما هو الفرقان الّذي بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم فهو {الّذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا}، وهو الّذي فرّق اللّه به بين الحقّ والباطل وبين الهدى والضّلال وبين الرّشاد والغيّ وبين طريق الجنّة وطريق النّار وبين سبيل أولياء الرّحمن وسبيل أولياء الشّيطان،كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، والمقصود هنا أنّه يقال لهم: إذا كان جنس هذه الأحوال مشتركًا بين أهل الحقّ وأهل الباطل فلا بدّ من دليلٍ يبيّن أنّ ما حصل لكم هو الحقّ.
الطّريق الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان
سبب كونه من الشيطان: لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته
فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ:
1- السجود والدعاء والاستغاثة وغيرها مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج، فكانوا يبذلون لهم هذا النّفع القليل بما اشتروه منهم من توحيدهم وإيمانهم الّذي هلكوا بزواله كالسّحر، قال اللّه تعالى: {وما يعلّمان من أحدٍ حتّى يقولا إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحدٍ إلّا بإذن اللّه ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}،
2- شرب الخمر وسماع المعازف وكذلك قد يكون سببه سماع المعازف وهذا كما يذكر عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه أنّه قال: " اتّقوا الخمر فإنّها أمّ الخبائث؛ وإنّ رجلًا سأل امرأةً فقالت: لا أفعل حتّى تسجد لهذا الوثن، فقال: لا أشرك باللّه، فقالت: أو تقتل هذا الصّبيّ؟ فقال: لا أقتل النّفس الّتي حرّم اللّه، فقالت: أو تشرب هذا القدح؟ فقال هذا أهون فلمّا شرب الخمر قتل الصّبيّ وسجد للوثن وزنى بالمرأة ".
والمعازف هي خمر النّفوس تفعل بالنّفوس أعظم ممّا تفعل حميّا الكؤوس فإذا سكروا بالأصوات حلّ فيهم الشّرك ومالوا إلى الفواحش وإلى الظّلم فيشركون ويقتلون النّفس الّتي حرّم اللّه ويزنون، وهذه " الثّلاثة " موجودةٌ كثيرًا في أهل سماع المعازف سماع المكاء والتّصدية، أمّا الشّرك فغالبٌ عليهم بأن يحبّوا شيخهم أو غيره مثل ما يحبّون اللّه ويتواجدون على حبّه.
3- وأمّا الفواحش فالغناء رقية الزّنا وهو من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش، ويكون الرّجل والصّبيّ والمرأة في غاية العفّة والحرّيّة حتّى يحضره فتنحلّ نفسه وتسهل عليه الفاحشة ويميل لها فاعلًا أو مفعولًا به أو كلاهما كما يحصل بين شاربي الخمر وأكثر.
4- وأمّا القتل فإنّ قتل بعضهم بعضًا في السّماع كثيرٌ، يقولون: قتله بحاله، ويعدّون ذلك من قوّته، وذلك أنّ معهم شياطين تحضرهم فأيّهم كانت شياطينه أقوى قتل الآخر، كالّذين يشربون الخمر ومعهم أعوانٌ لهم فإذا شربوا عربدوا فأيّهم كانت أعوانه أقوى قتل الآخر، وقد جرى مثل هذا لكثير منهم ومنهم من يقتل إمّا شخصًا وإمّا فرسًا أو غير ذلك بحاله ثمّ يقوم صاحب الثّأر ويستغيث بشيخه فيقتل ذلك الشّخص وجماعةً معه إمّا عشرةً وإمّا أقلّ أو أكثر، كما جرى مثل هذا لغير واحدٍ وكان الجهّال يحسبون هذا من باب الكرامات، فلمّا تبيّن لهم أنّ هذه أحوالٌ شيطانيّةٌ وأنّ هؤلاء معهم شياطين تعينهم على الإثم والعدوان، عرف ذلك من بصّره اللّه تعالى وانكشف التّلبيس والغشّ الّذي كان لهؤلاء.

5- وقد يكون سببه نذرًا لغير اللّه سبحانه وتعالى، مثل أن ينذر لصنم أو كنيسةٍ أو قبرٍ أو نجمٍ أو شيخٍ ونحو ذلك من النّذور الّتي فيها شركٌ، فإذا أشرك بالنّذر فقد يعطيه الشّيطان بعض حوائجه كما تقدّم في السّحر، وهذا بخلاف النّذر للّه تعالى فإنّه ثبت في الصّحيحين عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن النّذر وقال: (إنّه لا يأتي بخير وإنّما يستخرج به من البخيل)، وفي الصّحيحين عن أبي هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه، وفي روايةٍ: (فإنّ النّذر يلقي ابن آدم إلى القدر)، فهذا المنهيّ عنه هو النّذر الّذي يجب الوفاء به منهيٌّ عن عقده، ولكن إذا كان قد عقده فعليه الوفاء به كما في صحيح البخاريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه).
وإنّما نهى عنه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه لا فائدة فيه إلّا التزام ما التزمه وقد لا يرضى به فيبقى آثمًا، وإذا فعل تلك العبادات بلا نذرٍ كان خيرًا له، والنّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم فبيّن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّ النّذر لا يأتي بخير، فليس النّذر سببًا في حصول مطلوبهم وذلك أنّ النّاذر إذا قال: للّه عليّ إن حفّظني اللّه القرآن أن أصوم مثلًا ثلاثة أيّامٍ أو إن عافاني اللّه من هذا المرض أو إن دفع اللّه هذا العدوّ أو إن قضى عنّي هذا الدّين فعلت كذا فقد جعل العبادة الّتي التزمها عوضًا من ذلك المطلوب، واللّه سبحانه لا يقضي تلك الحاجة بمجرّد تلك العبادة المنذورة، بل ينعم على عبده بذلك المطلوب ليبتليه أيشكر أم يكفر؟ وشكره يكون بفعل ما أمره به وترك ما نهاه عنه.
وأمّا تلك العبادة المنذورة فلا تقوم بشكر تلك النّعمة ولا ينعم اللّه تلك النّعمة ليعبده العبد تلك العبادة المنذورة الّتي كانت مستحبّةً فصارت واجبةً؛ لأنّه سبحانه لم يوجب تلك العبادة ابتداءً، بل هو يرضى من العبد بأن يؤدّي الفرائض ويجتنب المحارم، لكنّ هذا النّاذر يكون قد ضيّع كثيرًا من حقوق اللّه ثمّ بذل ذلك النّذر لأجل تلك النّعمة وتلك النّعمة أجلّ من أن ينعم اللّه بها لمجرّد ذلك المبذول المحتقر، وإن كان المبذول كثيرًا والعبد مطيعٌ للّه فهو أكرم على اللّه من أن يحوجه إلى ذلك المبذول الكثير؛ فليس النّذر سببًا لحصول مطلوبه كالدّعاء فإنّ الدّعاء من أعظم الأسباب وكذلك الصّدقة وغيرها من العبادات جعلها اللّه تعالى أسبابًا لحصول الخير ودفع الشّرّ إذا فعلها العبد ابتداءً، وأمّا ما يفعله على وجه النّذر فإنّه لا يجلب منفعةً ولا يدفع عنه مضرّةً، لكنّه كان بخيلًا فلمّا نذر لزمه ذلك فاللّه تعالى يستخرج بالنّذر من البخيل فيعطي على النّذر ما لم يكن يعطيه بدونه واللّه أعلم).
#ما يؤيد كون ذلك كله من الشيطان
كنت في أوائل عمري حضرت مع جماعةٍ من أهل الزّهد والعبادة والإرادة فكانوا من خيار أهل هذه الطّبقة، فبتنا بمكان وأرادوا أن يقيموا سماعًا وأن أحضر معهم فامتنعت من ذلك فجعلوا لي مكانًا منفردًا قعدت فيه، فلمّا سمعوا وحصل الوجد والحال صار الشّيخ الكبير يهتف بي في حال وجده ويقول: يا فلان قد جاءك نصيبٌ عظيمٌ تعال خذ نصيبك، فقلت في نفسي ثمّ أظهرته لهم لمّا اجتمعنا: أنتم في حلٍّ من هذا النّصيب فكلّ نصيبٍ لا يأتي عن طريق محمّد بن عبد اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- فإنّي لا آكل منه شيئًا، وتبيّن لبعض من كان فيهم ممّن له معرفةٌ وعلمٌ أنّه كان معهم الشّياطين وكان فيهم من هو سكران بالخمر.
والّذي قلته معناه أنّ هذا النّصيب وهذه العطيّة والموهبة والحال سببها غير شرعيٍّ ليس هو طاعةً للّه ورسوله ولا شرعها الرّسول فهو مثل من يقول: تعال اشرب معنا الخمر ونحن نعطيك هذا المال، أو عظّم هذا الصّنم ونحن نولّيك هذه الولاية ونحو ذلك.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 3 صفر 1441هـ/2-10-2019م, 10:04 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم التطبيق الأول من دورة أصول القراءة العلمية


رسالة كلمة الإخلاص للحافظ ابن رجب الجنبلي
سها حطب ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
واجتهادك في تلخيص الرسالة وفهم مسائلها واضح بيّن، أحسن الله إليك.
وإليك بعض الإرشادات المهمّة ..
أولا: تلخيص أي رسالة أو كتاب لابد فيه من استيفاء جميع المسائل الأساسيّة التي لها تعلّق بمقصد الرسالة أو الكتاب، بحيث يغني الملخّص قارئه عن مطالعة الكتاب الأصليّ في التعرّف على مسائله، وقد لوحظ فوات بعض المسائل الأساسيّة منها مسألة:
1: الأدلّة الدالّة على أن "لا إله إلا الله" تدخل صاحبها الجنة.
وهذه أول المسائل المذكورة في الرسالة، لكنك اقتصرتِ على النوع الثاني من الأدلّة وهي الدالّة على تحريم صاحبها على النار، ربما حصل ذلك لأن عماد رسالة ابن رجب هو هذا النوع من الأدلّة، ولكن هذا لا ينفي أن نبدأ كما بدأ، بل يجب الحفاظ على خطة وخريطة الكتاب كما أرادها الكاتب.
فنجمع هذه المسائل تحت المقصد الفرعيّ الأول، وليكن: ((بيان أن "لا إله إلا الله" تدخل صاحبها الجنة وتحرّمه على النار وأن لذلك شروطا))، هذا المقصد نلخّص تحته مسائل أنواع الأدلّة، وتوجيهها، وبيان شروطها.

وفاتتك أيضا مسألة مهمّة جدا داخلة تحت المقصد الفرعيّ السابق وهي مسألة:
2: الاستدلال أن لـ "لا إله إلا الله" شروطا، وأن مجرّد نطقها باللسان لا يستقلّ بالوعد (أي وعد التحريم على النار).
لأن القائلين بأن "لا إله إلا الله" سبب ومقتض لدخول الجنة والتحريم على النار وأن لابد له من تحقّق شروط وانتفاء موانع أتوا بأدلّة على كلامهم، منها كما ذكر ابن رجب رحمه الله ترتّب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من الأحاديث، وكذا قتال أبي بكر رضي الله عنه لمانعي الزكاة، فإنه لم يقبلها منها لعصمة دمائهم إلا بحقّها، فكذا لا تقبل في الآخرة إلا بحقّها.


ثانيا: بالنظر سريعا إلى هيكل الملخّص وجد أن عناوين المقاصد الفرعية المذكورة أولا وعددها غير المذكور ثانيا على انفراد وأثناء التلخيص، وهذا لا يصلح، بل وحّدي عناوين المسائل وعددها في قائمة المسائل وفي التلخيص حتى نحتكم إلى صورة واحدة أثناء التقويم.


ثالثا: أظهر ملاحظة على التلخيص، مع ثنائي على جهدك وحسن تفهّمك للرسالة، هو التصرّف في ترتيب المؤلّف لمسائل وعناصر الرسالة لغير حاجة، فإن المؤلّف لأي كتاب يرتّب مسائله على ترتيب يريده هو، وعلى شكل ينبني بعضه على بعض، ولا يناسب أن نتصرّف في ترتيب مسائل الكتاب إلا في حال استطراد المؤلّف في بعض المواضع وفصله بين مسائل العنصر الواحد، فهنا يحسن أن نلحق كل مسألة بأختها، أما التقليب الكبير لمسائل الرسالة على غير ترتيب المؤلّف فإنه غالبا لا يكون سليما.
وقد بدأتِ بذكر فضائل "لا إله إلا الله" وقد ختم بها المؤلّف رسالته، لأن عماد رسالته ومقصدها الرئيس هو في تحقيق أعظم فضائلها وهو تحريم صاحبها على النار تحريما مطلقا، والأولى تقديم ما قدّمه صاحب الكتاب.

أيضا في توجيه المؤلّف للأحاديث الدالّة على تحريم الموحّد على النار مع وجود أحاديث أخرى في دخول بعض الموحّدين النار، أدخلتِ أجزاء من الرسالة أثناء التوجيه وهي المسائل الخاصّة بشروط "لا إله إلا الله" من فعل المأمورات وترك المنهيات، ولو أنكِ واليتِ بين التوجيهات، ثم فصلتِ ما يتعلّق بالشروط في مقصد فرعيّ آخر لكان ذلك أيسر على القاريء.


رابعا: بالنسبة للتلخيص، يجب أن يراعى اختيار عبارات موجزة مختصرة في بيان المسألة، مع العناية بالأدلّة على الكلام، ويجتنب الحشو والاستطراد في الكلام، هذه الملحوظة ليست ظاهرة في التلخيص بكثرة، لكن وجب التنبيه عليها للفائدة، ولعلك تراجعين الأمثلة الملحقة بالدروس، وأكرّر ثنائي على اجتهادك وتميّزك، بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 صفر 1441هـ/2-10-2019م, 10:54 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم


رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
للا حسناء الشنتوفي
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وما كتبتيه ينمّ عن فهم جيّد لرسالة شيخ الإسلام رحمه الله، ولكنه لم يأخذ صورة التلخيص المطلوب في هذه التطبيقات، وأوصيك بمراجعة الإرشادات المذكورة في تقويم الأستاذة سها حطب، ثم ما يخصّ تلخيصك فنقول:

هذا التلخيص يعتبر موجزا مختصرا لما ورد في رسالة ابن تيمية رحمه الله، وفيه ذكر خلاصة كلامه وزبدته، لكننا في هذه التطبيقات وكما ذكرنا في إرشادات الحلّ أعلاه نريد صورة مصغّرة لرسالة شيخ الإسلام، تحوي جميع المسائل التي تناولها، على ترتيب مناسب يربط بين المسائل بعضها ببعض وبين المقاصد الفرعية بعضها ببعض ربطا جيدا.
وقد فاتتك كثير من المسائل، خاصة مسائل الخلوات البدعية وما فيها من العبادات البدعية، والتي تحتلّ الجزء الأكبر من رسالة ابن تيمية، هذه المسائل لا يكفي فيها مجرّد الإشارة، بل يجب عرضها كلها مرتّبة ثم نقدها آخرا، إلى غير ذلك من المسائل.

فالواجب أولا:
1: قراءة الرسالة قراءة متأنيّة، وكل مسألة تقابلنا ندوّنها، والمسألة فكرة أساسيّة في الرسالة، إذا غابت تأثّر محتوى الملخّص.
2: بعد الفراغ من تدوين جميع المسائل، نبدأ في تجميع المسائل ذات الموضوع الواحد تحت عنوان جامع، هذا العنوان يعتبر مقصدا فرعيّا للرسالة، لأنه أحد الموضوعات الأساسيّة التي تناولتها.
3: نجمع المقاصد الفرعيّة على انفراد في قائمة مستقلّة، ثم نستخلص منها المقصد الكليّ للرسالة، وهو الموضوع الرئيس والعنوان الجامع لهذه المقاصد.

وثانيا:
نبدأ في تلخيص كلام ابن تيمية في كل مسألة بعبارات موجزة مختصرة، مع العناية البالغة بالاستدلال للكلام بأنواع الأدلّة والحجج.

وكما ذكرنا فإن الملخّص في النهاية يعتبر صورة مصغّرة للكتاب، ينبغي فيه الحفاظ على خريطة الكتاب الأصليّ وهيكله، ولعلك تراجعين الأمثلة الملحقة بدروس هذه الدورة لتتّضح لك صورة التلخيص عمليا.

بانتظارك، وفقك الله.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 4 صفر 1441هـ/3-10-2019م, 02:08 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم

رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
فاطمة صابر
بارك الله فيك ونفع بك.
أظهر ملاحظة على التطبيق الطول الكبير للملخّص، فهو يكاد أن يكون صورة مطابقة للأصل مع عنونة لفقراته فقط، دون اختصار أو تصفية، ولذلك جاءت قائمة المسائل والمقاصد الفرعيّة مختلفة تماما عن الموضوعة في التلخيص.
وتأمّلي معي... فإن ما فعلتيه في التلخيص يمكن أن يعتبر المرحلة الأولى في عمل الملخّص، وكما ذكرتُ في تقويم الأستاذة حسناء، فإننا نبدأ بقراءة الرسالة قراءة متأنيّة ونبدأ بتدوين كل مسألة أساسية تقابلنا، وهذا ما فعلتيه حقيقة، لكنك اكتفيتِ بهذه المرحلة واعتبرتِ هذه العنونة تلخيصا، وليس كذلك.
إنما الواجب بعد ذلك أن نفصل المسائل على انفراد، ونحذف المكرّر وندمج ما يصلح للدمج، ثم نضمّ المتشابه منها كلٌ تحت عنوان واحد، لنخرج بقائمة واضحة منظّمة مرتّبة، ثم نستخلص منها المقصد الرئيس.
على أن نأتي لمرحلة تلخيص كلام شيخ الإسلام تحت كل مسألة بعبارات مركّزة مختصرة، مع ذكر الأدلّة والحجج التي أوردها شيخ الإسلام في كل مسألة، هكذا يخرج لنا ملخّص جيّد منظّم لما ورد في الرسالة يدلّ قارئه على محتواها ومعالمها الأساسيّة.
فأرجو إعادة التلخيص وفق هذه القواعد، ومطالعة الأمثلة الملحقة بدروس هذه الدورة، لتتقن مهارة التلخيص بإذن الله، كما أرجو مراعاة هذه الإرشادات في التطبيق الثاني.
أنتظرك، وفقك الله وأيّدك.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 جمادى الأولى 1441هـ/11-01-2020م, 03:20 PM
رقية إبراهيم عبد البديع رقية إبراهيم عبد البديع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 312
افتراضي

التطبيق الأول:
تلخيص مقاصد رسالة كلمة الإخلاص للحافظ ابن رجب الحنبلي

المقصد الكلي:
بيان فضل التوحيد، ومقتضياته، ولوازمه، ومتمماته وقوادحه، وثمراته
ثانيا: المقاصد الفرعية:
1- الأدلة على أن كلمة الإخلاص سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، ومعنى ذلك.
2- شروط لا إله إلا الله، وموانعها (نواقضها)
3- معنى الشهادتين، ومقتضياتها ومتمماتها وقوادحها وثمراتها في الدارين.
4- حقيقة المحبة وثمراتها وعاقبة الشرك فيها، وآثار السلف وأحوالهم في ذلك.
5- القلب السليم، وأسباب صلاح القلب وفساده.
6- معنى الصدق في شهادة التوحيد وبيان ثمراته.
7- أهمية تزكية النفس ومراقبة العبد ربه عز وجل.
8- فضائل "لا إله إلا الله"


ثالثا: المسائل
الدلالة على أن شهادة التوحيد سبب لدخول الجنة والنجاة من النار.
اختلاف العلماء في النار التي يحجب عنها عصاة المؤمنين.
شروط التوحيد (دخول الجنة).
فضل لا إله إلا الله، وأنها مفتاح الجنة
موانع دخول الجنة
بم تثبت الأخوة في الدين؟
أقوال السلف في آيات التوبة {فإن تابوا وأقاموا الصلاة...}
تحقيق القلب لمعنى الشهادتين
قوادح الإخلاص والتوحيد
عواقبها الدنيوية والأخروية
صفات العباد الذين ليس للشيطان عليهم سبيل
مقتضيات لا إله إلا الله
أقوال السلف في ذلك
بم تتم شهادة التوحيد
ثمرات محبة الله
سوط موعظة
آثار السلف في المحبة
حقيقة المحبة
عاقبة الشرك في المحبة
أهمية القلب السليم
تعريف القلب السليم
متى يصلح القلب المتخبط للمجاورة
أول من تسعر بهم النار
لماذا اختصو بذلك؟
ما يقال لعباد الرحمن
ما الذي يطفئ جهنم؟
أحوال المحبين وشوقهم لربهم
معنى الصدق في الحديث: "من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه"، والإشكال الوارد في ذلك.
معنى قول الشعبي: "إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب"
كيفية تزكية النفوس وفطامها عن الذنوب
عبادة المراقبة وفضلها وأهميتها
أحوال الصالحين فيها
فضائل "لا إله إلا الله"
خاتمة

رابعا: الملخص

الدلالة على أن شهادة التوحيد سبب لدخول الجنة والنجاة من النار.
أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل فقال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((يا معاذ)) قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار)) قال: يا رسول الله ألا أخبر بها الناس فيستبشروا؟ قال: ((إذايتّكلوا)) فأخبر بها معاذ عند موته تأثما
وفي الصحيحين عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرةأو أبي سعيد بالشكأنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأصابتهم مجاعة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بنطع فبسطه ثم دعا بفضل أزوادهم فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكف تمر ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بالبركة ثم قال: ((خذوا في أوعيتكم)) فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤوه فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة)).
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) قلت: وإن زنى وإن سرق؟! قال: ((وإن زنى وإن سرق)) ثلاثا ثم قال في الرابعة: ((على رغم أنف أبي ذر)) قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر.
وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرمه الله على النار)) وفي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أنه قال عند موته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))
اختلاف العلماء في النار التي يحجب عنها عصاة المؤمنين.
ذهب بعض العلماء إلى أنها النار التي يخلد فيها أهلها وهي ما عداالدرك الأعلى، فأما الدرك الأعلى يدخله خلق كثير من عصاة الموحدين بذنوبهم ثم يخرجون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين،وفي الصحيحين: (إن الله تعالى يقول: وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله).
وقال بعض العلماء: المراد من هذه الأحاديث أن "لا إله إلا الله" سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتض لذلك ولكن المقتضي لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع، وهذا قول الحسن ووهب ابن منبه وهو الأظهر.
شروط التوحيد (دخول الجنة).
الإتيان بحقها وفرضها من أركان الإسلام الباقية، واجتناب نواقضها من الشرك ونحوه
فضل لا إله إلا الله، وأنها مفتاح الجنة
عن معاذ قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألك أهلاليمن عن مفتاح الجنة فقل: شهادة أن لا إله إلا الله))
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رتب دخول الجنة على الأعمال الصالحة في كثير من النصوص، كما في الصحيحين عن أبي أيوبأن رجلا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة فقال: ((تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم)).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرةأن رجلا قال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان)) فقال الرجل: والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا ولا أنقص منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا
وأنه قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة))،وقد دلّ على ذلك قوله تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}،
موانع دخول الجنة
الشرك، وعدم القيام بحق وواجب شهادة التوحيد.

بم تثبت الأخوة في الدين؟
الأخوّة في الدينلا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد. قال تعالى: {فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين}
أقوال السلف في آيات التوبة {فإن تابوا وأقاموا الصلاة...} والأحاديث في ذلك

ذهب طائفة إلى أن هذه الأحاديث المذكورة أولا وما في معناها كانت قبل نزول الفرائض والحدود - منهم من يقول إنها منسوخة،ومنهم من يقول: هي محكمة -، منهم الزهري والثوري وغيرهما، وهذا القول بعيد جدا فإن كثيرا منها كانبالمدينة بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك وهي في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح، ويكون مقصودهم: أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقف دخول الجنة والنجاة من النار على فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة أي مبيَّنة مفسَّرة ونصوص الحدود والفرائض ناسخة أي مفسِّرة لمعنى تلك موضحة لها.
وقالت طائفة: تلك النصوص المطلقة قد جاءت مقيدة في أحاديث أخر ففي بعضها: ((من قال: "لا إله إلا الله" مخلصا))وفي بعضها: ((مستيقنا))وفي بعضها((يصدق لسانه))وفي بعضها ((يقولها حقا من قلبه)) وفي بعضها((قد ذل بها لسانه واطمأن بها قلبه)). وهو الأرجح والله أعلم

تحقيق القلب لمعنى الشهادتين
تحقيق القلب لمعنى "لا إله إلا الله": أن لا يأله القلب غير الله حبا ورجاء وخوفا وتوكلا واستعانة وخضوعا وإنابة وطلبا.
وتحقيقه بأن محمدا رسول الله: ألا يعبد الله بغير ما شرعه الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحا أنه قال: ((من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة))،قيل: ما إخلاصها يا رسول الله؟ قال: ((أن تحجزك عما حرمالله عليك))
قوادح الإخلاص والتوحيد
من أشرك مخلوقا في شيء من خصائص الإلهية كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول "لا إله إلا الله" ونقصا في توحيده وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيهمن ذلك وهذا كله من فروع الشرك، فقد ورد إطلاق الشرك على الرياء وعلى الحلف بغير الله وعلى التوكل على غير الله والاعتماد عليه، وعلى من سوّى بين الله وبين المخلوق في المشيئة مثل أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان وكذا قوله: ما لي إلا الله وأنت، وكذلك ما يقدح في التوحيد وتفرُّد الله بالنفع والضر كالطيرة والرقى المكروهة، وإيتان الكهان وتصديقهم بما يقولون، وكذلك اتّباع هوى النفس فيما نهى الله عنه قادح في تمام التوحيد وكماله، وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملة بالكلية ولهذا قال السلف: كفر دون كفر وشرك دون شرك.
عواقبها الدنيوية والأخروية
التعاسة والعبودية لغير الله في الدنيا والعذاب في الآخرة؛ ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش))، فدلّ هذا على أن كل من أحب شيئا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه ووالى لأجله وعادى لأجله فهو عبده وكان ذلك الشيء معبوده وإلهه.
صفات العباد الذين ليس للشيطان عليهم سبيل
هم من أخلصوا عبودية الرحمن، وهم الذين قال فيهم: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان}، فهم الذين حققوا قول "لا إله إلا الله" وأخلصوا في قولها وصدّقوا قولهم بفعلهم فلم يلتفتوا إلى غير الله محبة ورجاء وخشية وطاعة وتوكلا.
مقتضيات لا إله إلا الله
"لا إله إلا الله" تقتضي أن لا يحب سواه، ومن تمام محبته محبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه، فمن انتقص شيئا من ذلك لم يكمل توحيده وصدقه في قول "لا إله إلا الله" وكان فيه من الشرك الخفي بحسب فعله.
قال الله عز وجل: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله})) فالآية نصّ في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه متابعة للهوى، والموالاة على ذلك والمعاداة فيه من الشرك الخفي.

أقوال السلف في ذلك
قال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته.
وسئل ذو النون متى أحب ربي قال: إذا كان ما يبغضه عندك أمر من الصبر.
وقال بشر بن السرّي: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك.
وقال أبو يعقوب النهر جوري: كل من ادّعى محبة الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة.
وقال يحيى بن معاذ: ليس بصادق من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده.
وقال رويم: المحبة الموافقة في جميع الأحوال وأنشد:


ولو قلت لي مت قلت سمعا طاعة .. وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا

بم تتم شهادة التوحيد
لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمدا رسول الله، فإنه إذا علم أنه لا تتم محبة الله إلا بمحبة ما يحبه وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد المبلّغ عن الله ما يحبه وما يكرهه باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته، ولهذا قال تعالى: {قل إن كنتم تحبونالله فاتبعوني يحببكم الله}.
قال الحسن: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا نحب ربنا حبا شديدا"، فأحب الله أن يجعل لحبه علما فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ولهذا قرن الله بين محبته ومحبة رسوله في قوله تعالى: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم}إلى قوله: {أحب إليكم من الله ورسوله}،كما قرن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقده الله منه كما يكره أن يلقى في النار)).
ثمرات محبة الله
متى تمكنت المحبة في القلب لم تنبعث الجوارح إلا إلى طاعة الرب، وهذا هو معنى الحديث القدسي، وفيه: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها))، وقد قيل إن في بعض الروايات: ((فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطشوبي يمشي))، فمحبة الله تعالى إذا استغرقت القلب واستولت عليه لم تنبعث الجوارح إلا إلى مراضي الرب.
سوط موعظة
يا هذا.. اعبد الله لمراده منك لا لمرادك منه، فمن عبده لمراده منه فهو ممن يعبد الله على حرف إن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ومتى قويت المعرفة والمحبة لم يرد صاحبها إلا ما يريد مولاه.
آثار السلف في المحبة
عن الحسن قال: ما نظرت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت علىقدمي حتى أنظر على طاعة الله أو على معصيته، فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت.
وفي الإسرائيليات يقول الله: «ما وسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن»
حقيقة المحبة
من أحب الله لم يكن شيء عنده آثر من رضاه، ومن أحب الدنيا لم يكن شيء عنده آثر من هوى نفسه.
فمتى بقي له حظ من نفسه فإنما هي مجرد دعوى، إنما المحب من يفنى عن كله ويبقى بحبيبه.
عاقبة الشرك في المحبة
تُردُّ عليه محبته وعبادته؛ فمتى كان القلبفيه غير الله فالله أغنى الأغنياء عن الشرك.


أهمية القلب السليم

لا ينجو غدا إلا من لقي الله بقلب سليم ليس فيه سوى الله، قال الله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}.
تعريف القلب السليم
القلب السليم: هو الطاهر من أدناس المخالفات.
متى يصلح القلب المتخبط للمجاورة
لا يصلح القلب المتخبط في أودية المعاصي لمجاورة حضرة القدوس إلا بعد أن يطهر في النار، فإذا زال عنه الخبث صلح حينئذ للمجاورة،((إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا)).
أول من تسعر بهم النار
أول من تسعر به النار من الموحدين: العباد المراؤون بأعمالهم وأولهم العالم والمجاهد والمتصدق رياءً؛ لأن يسير الرياء شرك.
لماذا اختصو بذلك؟
لأن المرائي لم ينظر إلى الخلق إلا لجهله بعظمة الخالق؛ فيعمل عمل الآخرة مبتغيا الوجاهة عند الناس؛ غافلا عن عظمة الرب جل جلاله.
ما يقال لعباد الرحمن
يقال لهم: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}.

ما الذي يطفئ جهنم؟
نور المؤمن، وفي الحديث تقول النار للمؤمن: ((جز يا مؤمن فقدأطفأ نورك لهبي)).
أحوال المحبين وشوقهم لربهم
قال الجنيد: قالت النار: يا رب لو لم أطعك هل كنت تعذبني بشيء أشد مني قال: أسلط عليك ناري الكبرى قالت: وهل نار أعظم مني وأشد؟ قال: نعم نار محبتي أسكنتها قلوب أوليائي المؤمنين.
كان بعض العارفين يقول: أليس عجبا أن أكون بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إلى ربي مثل الشعل التي لا تنطفئ.
قال بعضهم: من أخبرك أن وليه له هم في غيره فلا تصدقه.
وكان داود الطائي يقول: همك عطّل علي الهموم، وحالف بيني وبين السهاد، وشوقي إلى النظر إليك أوبق مني اللذات، وحال بيني وبين الشهوات، فأنا في سجنك أيها الكريم مطلوب.

معنى الصدق في الحديث: "من شهد أن لا إله إلا الله صادقا من قلبه"، والإشكال الوارد في ذلك.
من صدق في قول"لا إله إلا الله"لم يحب سواه ولم يرج سواه ولم يخش أحدا إلا الله ولم يتوكل إلا على الله ولم يبق له بقية من آثار نفسه وهواه، ومع هذا فإن المحب ليس مطالبا بالعصمة، وإنما هو مطالب كلما زلّ أن يتلافى تلك الزلة ويتوب ويئوب.


معنى قول الشعبي: "إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب"
معناه: أن الله عز وجل له عناية بمن يحبه فكلما زلق في الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة، ييسر له التوبة وينبّهه على قبح الزلّة، فيفزع إلى الاعتذار ويبتليه بمصائب مكفرة.
وفي بعض الآثار يقول الله تعالى: ((أهل ذكرى أهل مجالستي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب)).
كيفية تزكية النفوس وفطامها عن الذنوب
. العزيمة على التوبة وترك الذنوب، والبكاء والندم على ما سلف في المعاصي.
يقول ابن رجب: اعزموا على فطام النفوس عن رضاع الهوى فالحمية رأس الدواء، متى طالبتكم بمألوفاتها فقولوا مقالة تلك المرأة لذلك الرجل الذي دمي وجهه: "أذهب الله الشرك وجاء بالإسلام"، والإسلام يقتضي الاستسلام والانقياد للطاعة، ذكّروها مدحة{إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}تحنّ إلى الاستقامة.
عرّفوها اطّلاع من هو أقرب إليها من حبل الوريد لعلها تستحي من قربه ونظره،{ألم يعلم بأن الله يرى}، {إن ربك لبالمرصاد}!!


عبادة المراقبة وفضلها وأهميتها
قال المحاسبي: المراقبة علم القلب بقرب الرب كلما قويت المعرفة بالله قوي الحياء من قربه ونظره.
وصّى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يستحي من الله كما يستحي من رجل صالح من عشيرته لا يفارقه.
قال بعضهم: استح من الله على قدر قربه منك وخف الله على قدر قدرته عليك.
وكان بعضهم يقول: منذ أربعين سنة ما خطوت لغير الله، ولا نظرت إلى شيء أستحسنه حياء من الله عز وجل.

أحوال الصالحين فيها
راود رجل امرأة في فلاة ليلا فأبت فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب قالت: فأين مكوكبها؟!
أكره رجل امرأة على نفسها وأمرها بغلق الأبواب فقال لها: هل بقي باب لم يغلق؟ قالت: نعم الباب الذي بيننا وبين الله تعالى فلم يتعرض لها!
رأى بعض العارفين رجلا يكلم امرأة فقال: إن الله يراكما سترنا الله وإياكما.
سئل الجنيد بم يستعان على غض البصر؟ قال: بعلمك أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إليه.
فضائل "لا إله إلا الله"
1- هي كلمة التقوى وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك ونجاة هذا الأمر ولأجلها خلق الخلق.
كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.
2- ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
كما قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}.
3- ولأجلها أعدت دار الثواب ودار العقاب.
4- ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد، فمن قالها عصم ماله ودمه ومن أباها فماله ودمه هدر.
5- وهي مفتاح الجنة ومفتاح دعوة الرسل وبها كلم الله موسى كفاحا.
6- وهي ثمن الجنة، قاله الحسن وجاء مرفوعا من وجوه ضعيفة.
7- ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة، وهي نجاة من النار،وسمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: ((خرج من النار))خرجه مسلم.
8- وهي توجب المغفرة. ففي المسند عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامتأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما:((ارفعوا أيديكم وقولوا: لا إله إلا الله)) فرفعنا أيدينا ساعة ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: ((الحمد لله اللهم بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني بها الجنة وإنك لا تخلف الميعاد)) ثم قال: ((أبشروا فإن الله قد غفر لكم)).
9- وهي أحسن الحسنات. قال أبو ذر: قلت: يا رسول الله كلمني بعمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: ((إذا عملت سيئة فاعمل حسنة فإنها عشر أمثالها)) قلت: يا رسول الله "لا إله إلا الله" منالحسنات؟ قال: ((هي أحسن الحسنات[
10- وهي تمحو الذنوب والخطايا. فعن أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله لا تترك ذنبا ولا يسبقها عمل)).
11- وهي تجدد ما درس من الإيمان في القلب.فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: ((جددوا إيمانكم)) قالوا: كيف نجدد إيماننا؟ قال: ((قولوا: "لا إله إلا الله").
12- وهي لا يعدلها شيء في الوزن فلو وزنت بالسموات والأرض رجحت بهن. فعن عبد الله بن عمروعن النبي صلى الله عليه وسلم أن نوحا قال لابنه عند موته: آمرك بـ "لا إله إلا الله"، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت "لا إله إلا الله" في كفة رجحت بهن "لا إله إلا الله"، ولو أن السمواتالسبع والأرضين السبع كن في حلقة مبهمة فصمتهن "لا إله إلا الله".
13- وهي ترجح بصحائف الذنوب.كما في حديث السجلاتوالبطاقة،
14- وهي التي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل.
فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى تصل إليه)).
وفيه أيضا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر)).
15- وهي التي ينظر الله إلى قائلها ويجيب دعاه. فعن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مخلصا بها روحه مصدقا بها لسانه إلا فتق له السماء فتقا حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر إليه أن يعطيه سؤله)).

و16- هي الكلمة التي يصدق الله قائلها. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال العبد: "لا إله إلا الله والله أكبر" صدقه ربه وقال: "لا إله إلا أنا وأنا أكبر"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له" يقول الله: "لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي"، وإذا قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد" قال الله: "لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد"، وإذا قال: "لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله" قال الله: "لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي")) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)).
17- وهي أفضل ما قاله النبيون، كما ورد ذلك في دعاء يوم عرفة.
18- وهي أفضل الذكر.كما في الحديث: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله))
19- وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزا من الشيطان. فعن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحي عنه مائة سيئة ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
20- وهي أمان من وحشة القبر وهول الحشر.
كما في المسند وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم وكأني بأهل لا إله إلا الله قد قاموا ينفضون التراب عن رؤوسهمويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن
21- وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم.
خرج الطبراني حديثا مرفوعا: ((إن شعار هذه الأمة على الصراط لا إله إلا أنت)).
22- وهي تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)).
23- وأهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فلا بد أن يخرجوا منها. فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)).
خاتمة
يقول رحمه الله: إخواني!
اجتهدوا اليوم في تحقيق التوحيد فإنه لا ينجي من عذاب الله إلا إياه، ما نطق الناطقون إذ نطقوا أحسن من "لا إله إلا الله".

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 25 رجب 1441هـ/19-03-2020م, 11:25 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقويم ..

رقية عبد البديع ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- يلاحظ أن بعض المقاصد الفرعية موضوعها مشترك، فيمكن ضمّ المشترك منها تحت عنوان واحد جامع، كالثاني مع الثالث، والرابع مع الخامس.
- يجب وضع المسائل تحت المقاصد حتى يفهم من أين تفرّعت كل مسألة، كما يلاحظ كثرة المسائل، حتى إن المسألة قد تكون لسطر واحد، ولو تأمّلتِ الموضوعات لوجدتِ الكثير منها يمكن ضمّه واختصاره أكثر من ذلك.
وهذا التقسيم أفادك كثيرا لا شك فيفهم الرسالة، لكن يبقى إعادة النظر فيها مرة بعد مرة، بحيث تخرج في النهاية ملخّصة مختصرة، وهو المطلوب في هذا التطبيق.
كما نوصي بأن يكون الكلام تحت كل مسألة مختصرا أكثر من ذلك.

- مسألة: " اختلاف العلماء في النار التي يحجب عنها عصاة المؤمنين." فليس هذا العنوان هو المراد، إنما المراد مما ذكر تحتها هو توجيه الأحاديث التي ورد فيها التحريم المطلق للموحدين على النار، مع ورود أحاديث أخرى تفيد دخول بعض عصاة الموحدين النار بسبب ذنوب اقترفوها.
وأحيلك على تقويم هذا التطبيق (هنا) للفائدة، وفقك الله.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir