دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #4  
قديم 14 صفر 1441هـ/13-10-2019م, 03:18 AM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تحرير الأقوال في المراد بالعذاب الأدنى في قوله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21) ( السجدة)


اختلف المفسرون في المراد ب( العذاب الأدنى) على أقوال.


القول الأول: ما أصاب المشركين من قتل يوم بدر.

قاله ابن مسعود، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، ومجاهد، وهو مروى عن أبي بن كعب، والحسن البصري والحسن بن علي.

التخريج:
أما قول ابن مسعود فرواه يحيى بن سلام في تفسيره، ورواه موسى بن مسعود النهدي في تفسير سفيان الثوري، ورواه ابن جرير، والحاكم في مستدركه من طريق مسروق الهمداني عنه.
وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه.

أما قول عبد الله بن الحارث بن نوفل فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن عبد الأعلى عن عوف عنه.
أما قول مجاهد فرواه ابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عنه، قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا.

وأما القول المروي عن أبي بن كعب فرواه عبد الرزاق عن قتادة أنه بلغه عن أبي بن كعب، ورواه ابن جرير عن مجاهد أنه حدّث عن أبي بن كعب أنه قال: يوم بدر.
وقتادة ومجاهد ممن لم يدرك أبي بن كعب.

وأما المروي عن الحسن البصري فرواه يحيى بن سلام عن الحسن بن دينار عنه، والحسن بن دينار متروك.
أما المروي عن الحسن بن علي فرواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن عوف عن رجل عن الحسن بن علي عنه.

وقال ابن عطية: (وقال ابن مسعود، والحسن بن علي: هو القتل بالسيف كبدر وغيرها).
ويؤخذ مما ذكره ابن عطية أن العذاب الأدنى هو القتل الواقع سواء ما كان في بدر أو في غيرها من مشاهد.

وذكر مكي بن أبي طالب قولا منسوبا إلى أبي بن كعب، قال: {عذاب يوم عقيم}، يوم بدر، والزام: القتال في يوم بدر، {يَوْمَ نَبْطِشُ البطشة الكبرى} يوم بدر، {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ العذاب الأدنى} يوم بدر، فذلك أربع آيات نزلن في يوم بدر.
وقيل: إنما سمي يوم بدر عقيماً لأنه عقيم فيه الخير والفرج عن الكفار.

وإن قال قائل أن العذب الأدنى إن كان بالقتل، فما توجيه قوله تعالى : (لعلهم يرجعون)، فنقول أن من بقي من المشركين بعد القتل فإنه يُرجى له الإيمان والعدول عن الشرك، فيكون ما أصاب بعضهم من القتل هو بمثابة تذكير وعبرة لمن خلفهم.

وقد ذكر ابن جرير في تفسيره قولا عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: القتل بالسّيف، كلّ شيءٍ وعد اللّه هذه الأمّة من العذاب الأدنى إنّما هو السّيف
.
وهذا الذي قاله عبد الله بن الحارث يحتاج إلى استقراء للمواضع التي تكون مظنة الجزم بهذا القول.

القول الثاني: عذاب الدنيا وعذاب القبر.
قاله مجاهد، ورواه يحيى بن سلام في تفسيره عن المعلي عن أبي يحيى عنه، قال: "عذاب الدّنيا وعذاب القبر دون العذاب الأكبر جهنّم، والأكبر الأشدّ".
وروى ابن جرير عن محمد بن عمارة عن عبيد الله عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد أنه قال: "الأدنى في القبور وعذاب الدنيا".

وبتأمل هذا القول فإن عذاب الدنيا وعذاب القبر لا شك أنهما أهون وأدنى من أي عذاب يكون في الآخرة، إلا أن السياق يمنع أن يكون المراد به عذاب القبر، لقول تعالى: ( لعلهم يرجعون).
وقد ورد عن عدد من السلف أن المراد بقوله تعالى : ( لعلهم يرجعون) أي يتوبون، كما قال الله تعالى : ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا).


القول الثالث: أهون وأدنى ما يكون من عذاب في يوم القيامة.
هذا المعنى مستخرج مما رواه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر عن إسماعيل أن عكرمة أخبره أن رسول الله قال إن أهون أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه فقال أبو بكر وما كان جرمه يا رسول الله قال كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرمه الله وما حوله غلوة بسهم وربما قال رمية بحجر فاحذروا إلا يسحت الرجل ماله في الدنيا ويهلك نفسه في الآخرة فلا تسحتوا أموالكم في الدنيا وتهلكوا أنفسكم في الآخرة وكان يصل بهذا الحديث قال وإن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد يفسح له في بصره مسيرة مائة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمورا ويغدى عليه ويراح كل يوم بسبعين ألف صفحة من ذهب ليس منها صفحة إلا وفيها لون ليس في الأخرى مثله شهوته في أخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الدنيا لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك مما أوتي شيئا.

وروى البخاري حديثا يوافق الشاهد من هذا الأثر الذي رواه عبد الرزاق، فقد روى البخاري عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن أبي إسحاق عن النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ»، ورواه مسلم بلفظ قريب.

فمعنى الأثر صحيح، ولم أقف على صحة الذي رواه عكرمة إلا أن عليه أدلة أخرى صحيحة لكنّه لا
يقصد به العذاب الأدنى في الآية.
وقد روى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود من طريق مسروق، وعن مجاهد من طريق ابن أبي نجيح، وعن الحسن من طريق قتادة ، وعن ابن زيد من طريق ابن وهب أن المراد بالعذاب الأكبر هو عذاب يوم القيامة.

وقد قال ابن عطية في تفسير قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ}: (ولا خلاف أن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة).
وقال مكي بن أبي طالب: (وأكثرهم – أي أكثر السلف-على أن العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة في النار).

ويؤخذ مما سبق أن العذاب الأدنى لا يراد به ما يكون في الآخرة وإن تفاوتت درجات العذاب في الآخرة إلا أنه ليس المراد هنا، فالمراد بالعذاب الأدنى هو ما يكون في الدنيا، وأن العذاب الأكبر هو ما يكون في الآخرة يوم القيامة،
وأن أدنى عذاب في الآخرة هو أكبر من أكبر عذاب في الدنيا، وبدلالة السياق ( لعلهم يرجعون) يتأكد هذا التوجيه.


القول الرابع: سنون أصابتهم.
قاله ابن مسعود، وإبراهيم النخعي.
أما قول ابن مسعود فرواه النسائي في سننه من طريق أبي الأحوص عنه ،وأبي عبيدة مرسلا.
ورواه عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق أبي الأحوص عنه في تفسير مجاهد.
أما قول إبراهيم النخعي فرواه ابن جرير من طريق سفيان عنه.

وهذا القول يمكن أن يندرج تحت القول الخامس وهو من عقوبات ومصائب الدنيا، وسيأتي بيان ذلك.

القول الخامس: عقوبات الدنيا والمصائب في الأموال والأولاد، ومنها البطشة والدخان والروم.
وهذا القول تنوعت عبارات السلف في التعبير عنه، ويمكن أن تعد أقوالهم فيه من التفسير بالمثال، ومردها جميعا إلى معنى واحد، فمصائب وعقوبات الدنيا هى من العذاب الذي يُعذب الله به العباد في الدنيا ليتوبوا ويستقيموا، فيكون منه ما يصيب الأنفس إما بالجوع أو المرض أو القتل، ومنه ما يصيب الأموال بنقصها أو سلبها.

قالهأبي بن كعب، وأبي العالية، وابن زيد، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وابن جرير، ومروي عن ابن عباس، عن معمر والحسن، والضحاك، والسدي.

التخريج:
أما قول أبي بن كعب فرواه مسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه، قال:
"مَصَائِبُ الدُّنْيَا، وَالرُّومُ، وَالْبَطْشَةُ، أَوِ الدُّخَانُ"، شك شعبة في البطشة أو الدخان.
ورواه ابن جرير عن أبي من نفس الطريق بنحوه إلا أنه قال: "مصيبات الدّنيا، واللّزام والبطشة والدّخان"، وكذا رواه الحاكم في مستدركه بزيادة: " هو الدجال"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.

أما قول مجاهد فرواه عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طريق ابن أبي نجيح عنه، قال: العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والجوع هذا لقريش.
أما قول أبي العالية فرواه ابن جرير من طريق الربيع بن أنس عنه، قال: المصائب في الدنيا.
أما قول الحسن البصري فرواه ابن جرير من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به عن الحسن، قال: مصيبات الدنيا.
أما قول إبراهيم النخعي فرواه موسى بن مسعود النهدي في تفسير الثوري، عنه قال: المصائب في الأموال والأولاد .
ورواه ابن جرير عن ابن وكيع عن جرير عن منصور عنه، قال: أشياء يصابون بها في الدنيا.
أما القول عن ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه.
أما القول المروي عن ابن عباس فرواه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة، ومن طريق محمد بن سعد العوفي عن آبائه، وهو إسناد ضعيف، وذكره الثعلبي أن هذا القول رواية الوالبي عن ابن عباس.

أما القول المروي عن معمر والحسن فقد رواه عبد الرزاق عنهما.
أما المروي عن الضحاك فرواه ابن جرير من طريق جويبر عنه، وجويبر ضعيف جدا من جهة الضبط، إلا أن هذا القول ثبت عن غيره من السلف.

أما المروي عن السدي فرواه يحيى بن سلام في تفسيره عنه: الجوع في الدنيا.

قال ابن جرير رحمه الله: وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا
بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم.


ومما ذكره ابن جرير فإن هذا القول يمكن أن يندرج تحته القول الأول وهو: القتل يوم بدر، والقول الرابع: وهو السنون التي أصابت المشركين.

القول السادس: الحدود.
قاله ابن عباس، ورواه ابن جرير عن ابن بشار عن أبي عاصم عن شبيب عن عكرمة عنه.
قال ابن عطية: (
ويتجه - على هذا التأويل - أن تكون في فسقة المؤمنين).
فالحدود لا تقام إلا على المؤمن الفاسق الذي ارتكب محظورا استوجب حدا، ويعد عقوبة للمؤمن في الدنيا، وهو لا شك من العذاب الأدنى، لكن سياق الآيات لا يعضد هذا القول، فالكلام عن المكذبين لا عن المؤمنين.

والحمد لله رب العالمين



رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir