دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 01:12 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَيُرْفَعُ الْقَبْرُ عَنِ الْأًرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ مُسَنَّماً. وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ،..........
قوله: «ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنماً» ، أي: السنة أن يرفع القبر عن الأرض، وكما أنه سنة، فإن الواقع يقتضيه؛ لأن تراب القبر سوف يعاد إلى القبر، ومعلوم أن الأرض قبل حرثها أشد التئاماً مما إذا حرثت، فلا بد أن يربو التراب.
وأيضاً فإن مكان الميت كان بالأول تراباً، والآن صار فضاءً، فهذا التراب الذي كان في مكان الميت في الأول سوف يكون فوقه.
وقول المؤلف: «قدر شبر» . الشبر: ما بين رأس الخنصر والإبهام، عند فتح الكف، ومعلوم أن المسألة تقريبية؛ لأن الناس يختلفون في كبر اليد وصغرها. فالإنسان الذي يده كبيرة وأصابعه طويلة سيكون شبره طويلاً، والعكس بالعكس.
والغالب: أن التراب الذي يعاد إلى القبر أنه يرتفع بمقدار الشبر، وقد يزيد قليلاً، وقد ينقص قليلاً.
واستثنى العلماء من هذه المسألة: إذا مات الإنسان في دار حرب، أي: في دار الكفار المحاربين، فإنه لا ينبغي أن يرفع قبره بل يسوى بالأرض خوفاً عليه من الأعداء أن ينبشوه، ويمثلوا به، وما أشبه ذلك.
وقوله: «مسنماً» أي: يجعل كالسنام بحيث يكون وسطه بارزاً على أطرافه، وضد المسنَّم: المسطح الذي يجعل أعلاه كالسطح.
والدليل على هذا: أن هذا هو صفة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقبري صاحبيه.
قوله: «ويكره» ، المكروه في اصطلاح الفقهاء هو: الذي يثاب تاركه امتثالاً، ولا يعاقب فاعله، وهو كراهة التنزيه، لا كراهة التحريم.
قوله: «تجصيصه» أي: أن يوضع فوقه جص؛ لأن هذا داخل في تشريفه، وقد قال علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لأبي الهياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته».
قوله: «والبناء» عليه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك.
والاقتصار على الكراهة في هاتين المسألتين فيه نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم: (نهى عن ذلك، أي: عن تجصيصها، وعن البناء عليها)، والأصل في النهي التحريم؛ ولأن هذا وسيلة إلى الشرك، فإنه إذا بني عليها عظمت، وفي النهاية ربما تعبد من دون الله؛ لأن الشيطان يَجُرُّ بني آدم، من الصغيرة إلى الكبيرة، ومن الكبيرة إلى الكفر.
فالصحيح: أن تجصيصها والبناء عليها حرام.
وقد قال بعض المتأخرين: إن الفقهاء أرادوا بالكراهة هنا كراهة التحريم، ولكن هذا غير مسلم؛ لأن هذا خلاف اصطلاحهم.

وَالْكِتَابَةُ، والجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، والاتِّكَاءُ إِلَيْهِ، وَيَحْرُمُ فِيهِ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ إِلاّ لِضَرُورَةٍ.........
قوله: «والكتابة» أي: على القبر، سواء كتب على الحجر المنصوب عليه، أو كتب على نفس القبر؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعظيمه، وتعظيم القبور يخشى أن يوصل صاحبه إلى الشرك.
وظاهر كلام المؤلف ـ رحمه الله ـ: أن الكتابة مكروهة، ولو كانت بقدر الحاجة، أي حاجة بيان صاحب القبر؛ درءاً للمفسدة.
وقال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي ـ رحمه الله ـ: المراد بالكتابة: ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من كتابات المدح والثناء؛ لأن هذه هي التي يكون بها المحظور، أما التي بقدر الإعلام، فإنها لا تكره.
قوله: «والجلوس والوطء عليه» ، أي: الجلوس على القبر مكروه ـ وعلى كلام المؤلف ـ كراهة تنزيه.
والصواب: أنه محرم.
فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن الجلوس على القبر وقال: ((لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده خير له من أن يجلس على القبر)).
وكذلك الوطء عليه، فيرى المؤلف: أنه مكروه.
والصحيح: أنه حرام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك؛ ولأنه امتهان لأخيه المسلم.
قوله: «والاتكاء إليه» ، أي: أن يتكئ على القبر فيجعله كالوسادة له؛ لأن في هذا امتهاناً للقبر.
وانظر كيف نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يكتب عليه، وأن يوطأ عليه))، حيث جمع في هذا النهي بين ما يكون سبباً للغلو فيه، وسبباً لامتهانه.
فالغلو في البناء، والتجصيص، والكتابة.
والامتهان في الوطء؛ من أجل أن يعامل الناس أهل القبور معاملة وسطاً لا غلو فيها ولا تفريط.
قوله: «ويحرم فيه دفن اثنين فأكثر إلا لضرورة» ، أي: يحرم في القبر دفن اثنين فأكثر، سواءٌ كانا رجلين أم امرأتين أم رجلاً وامرأة.
والدليل على ذلك: عمل المسلمين من عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا أن الإنسان يدفن في قبره وحده.
ولا فرق بين أن يكون الدفن في زمن واحد بأن يؤتى بجنازتين وتدفنا في القبر، أو أن تدفن إحدى الجنازتين اليوم والثانية غداً.
قوله: «إلا لضرورة» ، وذلك بأن يكثر الموتى، ويقل من يدفنهم، ففي هذه الحال لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد.
ودليل ذلك: ما صنعه النبي صلّى الله عليه وسلّم في شهداء أحد حيث أمرهم أن يدفنوا الرجلين في قبر واحد، ويقول: «انظروا أيهم أكثر قرآناً فقدموه في اللحد».
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة دفن أكثر من اثنين كراهة تنزيه.
وعللوا: بأن مجرد الفعل لا يدل على التحريم: أي: مجرد كون المسلمين يدفنون كل جنازة وحدها لا يدل على تحريم دفن أكثر من واحدة، وإنما يدل على كراهة مخالفة عمل المسلمين.
وذهب آخرون: إلى أن إفراد كل ميت في قبره أفضل، والجمع ليس بمكروه ولا محرم.
ولا يلزم من ترك السنة والأفضل أن يقع الإنسان في المكروه؛ لأن المكروه منهي عنه حقيقة، وترك الأفضل ليس بمنهي عنه.
ولهذا لو أن الإنسان ترك راتبة الظهر مثلاً لا نقول: إنه فعل مكروهاً، ولو أنه لم يرفع يديه عند الركوع لا نقول: إنه فعل مكروهاً.
والراجح عندي -والله أعلم- القول الوسط، وهو الكراهة كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، إلا إذا كان الأول قد دفن واستقر في قبره، فإنه أحق به، وحينئذٍ فلا يُدخل عليه ثان، اللهم إلا للضرورة القصوى.

وَيُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ وَلاَ تُكْرَهُ القِرَاءَةُ عَلَى القَبْرِ...........
قوله: «ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب» ، أي: إذا جاز دفن اثنين فأكثر في القبر الواحد، فإن الأفضل أن يجعل بينهما حاجز من تراب ليكونا كأنهما منفصلان، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الأفضلية.
قوله: «ولا تكره القراءة على القبر» ، القراءة على القبر لا تكره، ولها صفتان:
الصفة الأولى: أن يقرأ على القبر، كأنما يقرأ على مريض.
الصفة الثانية: أن يقرأ على القبر أي عند القبر؛ ليسمع صاحب القبر فيستأنس به.
فيقول المؤلف: إن هذا غير مكروه.
ولكن الصحيح: أنه مكروه، فنفي الكراهة إشارة إلى قول من قال بالكراهة، والصحيح أن القراءة على القبر مكروهة، سواء كان ذلك عند الدفن أو بعد الدفن؛ لأنه لم يعمل في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا عُهد عن الخلفاء الراشدين، ولأنه ربما يحصل منه فتنة لصاحب القبر، فاليوم يقرأ عنده رجاء انتفاع صاحب القبر وغداً يقرأ عنده رجاء الانتفاع بصاحب القبر، ويرى أن القراءة عنده أفضل من القراءة في المسجد فيحصل بذلك فتنة.
مسألة مهمة: قراءة (يس) على الميت بعد دفنه بدعة، ولا يصح الاستدلال لذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: ((اقرؤوا على موتاكم يس))؛ لأنه لا فائدة من القراءة عليه وهو ميت، وإنما يستفيد الشخص من القراءة عليه ما دامت روحه في جسده، ولأن الميت محتاج للدعاء له؛ ولهذا أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم من حضر الميت أن يدعو له، وقال: ((فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir