دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 ربيع الثاني 1441هـ/9-12-2019م, 11:04 PM
إنشاد راجح إنشاد راجح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2016
المشاركات: 732
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهارات التخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:

1.قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

أولا تخريج قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنين البخيل).

قول زر بن حبيش رواه ابن جرير من طريقين عن سفيان عن عاصم عن زر قال: الظنين المتهم، وفي قراءتكم: بضنين، والضنين البخيل.
وأخرجه عبد بن حميد بنفس اللفظ عن زر فيما ذكره السيوطي في الدر المنثور.
- وفي رواية: وما هو على الغيب بظنين، قال زر: في قراءتنا: بمتهم، ومن قرأها (بضنين) يقول: ببخيل.

- وفي ما جاء عن زر، فإنه كان يقرأ (بظنين) بدلالة قوله في الروايتين :( قراءتكم) و(قراءتنا) فكأنما كان يخاطب من يقرأ بغير قرائته.

ثانيا تحرير القول في المسألة:
جاء في قول الله تعالى: (وما هو على الغيب بضنين) قراءتان، فقرئ ( بضنين)، وقرئ (بظنين) وبيانهما على النحو التالي:
من قرأ (بضنين): عامة قراء المدينة والكوفة، كزيد بن ثابت والحسن وابن عمرو والأشهبوعاصمونافع وابن عامر والأعمش وحمزة وأهل الشام، وعليها مصحف أبي بن كعب وقراءته، وهى قراءة ابن عباس برواية مجاهد، قاله ابن جرير، وأبو منصور الأزهري، وابن مجاهد البغدادي، والثعلبي، وغيرهم.

والمعنى: أنه غير بخيل عليهم بتعليمهم ما علمه الله وأنزل إليه من كتابه.

قال به: زر بن حبيش وإبراهيم ومجاهد وقتادة وسفيان وابن زيد.
أما قول زر بن حبيش فرواه ابن جرير منطريقين عن سفيان عن عاصم عن زر قال: الظنين المتهم، وفي قراءتكم: بضنين، والضنين البخيل.
وأخرجه عبد بن حميد بنفس اللفظ عن زر فيما ذكره السيوطي في الدر المنثور.
وفي رواية: وما هو على الغيب بظنين، قال: في قراءتنا: بمتهم، ومن قرأها (بضنين) يقول: ببخيل.
- عاصم بن أبي النجود مكثر في الرواية عن زر.

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن بشر عن خالد بن عبد الله الواسطي عن مغيرة عنه قال : بضنين : ببخيل.
أما قول مجاهد فرواه ابن جرير وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ما يضن عليكم بما يعلم.وفي رواية : لا يضن عليكم بما يعلم.
أما قول قتادة فرواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عنه قال: إن هذا القرآن غيب، فأعطاه الله محمدا، فبذله وعلمه ودعا إليه ، والله ما ضن به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما قول سفيان فرواه ابن جرير عن مهران عنه قال: بضنين: ببخيل.
أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه بنحو ما قالوا.

من قرأ (بظنين): بعض المكيين، وبعض البصريين، وبعض الكوفيين، كابن كثير وأبي عمرو والكسائي، وهى في مصحف ابن مسعود وهي قراءة عبد الله وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وأبي عبد الرحمن السلمي ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، قاله ابن جرير وأبو منصور الأزهري، وابن مجاهد، والثعلبي، وأبو عمرو الداني وغيرهم.
والمعنى: أنه غير متهم فيما يخبرهم عن الله من الأنباء.

مروي عن ابن عباس وقاله زر بن حبيش وسعيد بن جبير وإبراهيم وروي عن الضحاك.
أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير عن أبي كريب عن المحاربي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنه قرأ (بظنين) قال: ليس بمتهم.
وروي عن ابن عباس نحوه، فيما رواه ابن جرير من طريق سعد العوفي عن آبائه.
وهذا إسناد ضعيف.

أما قول زر بن حبيش فرواه ابن جرير من طريقين عن سفيان عن عاصم عنه قال: الظنين المتهم، وفي قراءتكم: بضنين، والضنين البخيل، وفي رواية: وما هو على الغيب بظنين، قال: في قراءتنا: بمتهم، ومن قرأها (بضنين) يقول: ببخيل.

وأما قول سعيد بن جبير فرواه ابن جرير من طريقين عن أبي المعلى عنه، بمثله.
وأما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن بشر عن خالد بن عبد الله الواسطي عن المغيرة عنه.
أما ما روي عن الضحاك فرواه ابن جرير عن رجل عن الحسين عن أبي معاذ عن عبيد عنه.
وهذا الإسناد ضعيف، لانقطاعه.

خلاصة المسألة:
أولا معنى (ضنين) و (ظنين) :
معنى ضنين لغة:
من ضنن، والضن والمضنة من الإمساك والبخل، ورجل ضنين: بخيل ممسك، وتقول العرب: ضننت بالشيء أضن به.
وقال الشاعر: مهلا أعاذل قد جربت من خلقي **** إني أجود لأقوام وإن ضننوا

أما ظنين لغة: من الظنة، والظنة التهمة، والظنين: المتهم الذي تظن به التهمة، وهو يتعدى إلى مفعول واحد.
وتقول العرب: ظننت بزيد أو ظننت زيدا أي اتهمت.

- ولا اختلاف بين أهل التفسير وأهل اللغة على المعنيين المتقدمين.
وقال أبو أحمد السامري في اللغات في القرآن أن ( ضنين) لغة قريش، وأن ( ظنين) لغة هذيل.

- وقال البعض كالفراء أن ظنين أي: ضعيف، ويقول: هو محتمل له، والعرب تقول للرجل الضعيف أو القليل الحيلة هو ظنون، ويقال بئر ظنون أي قليل الماء، وقال ابن جرير أن هذا وجه محتمل، لكنه ذهب إلى اختيار قراءة (بضنين) معللا هذا لاتفاق مصاحف المسلمين على الرسم بها، وإن اختلفت القراءة بذاك الحرف، وعلى ذلك فإنه يذهب إلى توجيه المعنى إلى نفي البخل والضن عن محمد صلى الله عليه وسلم في تبليغ ما أمر به.
- واختار ابن أبي حاتم القراءة (بضنين) أيضا، فيما ذكره الثعلبي في تفسيره.

- واختار أبو عبيد القراءة (بظنين) معللا لاختياره -كما جاء في تفسير الثعلبي-:
1. أن القوم لم يدعوا بخل النبي صلى الله عليه وسلم وضنه بما جاء به من ربه، فيُنفى هذا عنه، بل اتهموه، فيكون النفي للتهمة.
2. لأن الأكثر من كلام العرب ما هو بظنين بكذا ولا يقولون على كذا إنّما يقولون: ما أنت على كذا بمتهم.

- والقراءتان صحيحتان ثابتتان، قرأ بهما النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها: ( وما هو على الغيب بظنين).أخرجه الدارقطني في الأفراد والحاكم وصححه وابن مردويه والخيب في تاريخه.

- وذكر أبو عمرو الداني في كتابه الأحرف السبعة أن الاختلاف في السبعة أحرف منه ما يكون اختلاف اللفظ والمعنى مع جواز اجتماع القراءتين لعدم تضادهما ،كما في قوله تعالى: ( وما هو على الغيب بضنين) وفي قراءة ( بظنين)، وقال أن المراد بهاتين القراءتين هو النبي صلى الله عليه وسلم فهو غير ضنين أو بخيل بتعليم الناس، وليس بمتهم فيما يبلغه عن ربه عز وجل، فالأمران منتفيان عنه، وقد أخبر الله عز وجل بذلك في القراءتين.


2.قول أبي العالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).

أولا تخريج قول أبي العالية الرياحي في تفسير (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم) قال: (إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثم ازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها في كفرهم).

رواه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طرق عن داود بن أبي هند عنه.
وفي الروايات كلها نفس المعنى، وفي بعضها زيادات، ففي رواية قال: هم اليهود والنّصارى والمجوس، أصابوا ذنوبًا في كفرهم فأرادوا أن يتوبوا منها، ولن يتوبوا من الكفر، ألا ترى أنّه يقول: {وأولئك هم الضّالّون
}.
وفي رواية قال: تابوا من بعضٍ، ولم يتوبوا من الأصل.
وفي رواية قال: هم اليهود والنّصارى يصيبون الذّنوب فيقولون نتوب وهم مشركون، قال اللّه عزّ وجلّ: لن تقبل التّوبة في الضّلالة.


ثانيا تحرير القول في قول الله تعالى: (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم):
تنوعت أقوال المفسرين فيمن نزلت الآيات، ومعنى زيادتهم في الكفر بعد إيمانهم، ومعنى عدم قبول توبتهم..

القول الأول: الذين كفروا ببعض الأنبياء كاليهود كفروا بعيسى والإنجيل، ثم ازدادوا كفرا بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، فلن تقبل توبتهم.
قاله: الحسن وقتادة وروي عن عطاء، قاله ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وذكره الواحدي في تفسيره.

تخريج الأقوال:
أما قول الحسن فرواه ابن جرير عن محمد بن سنان عن أبي بكر الحنفي عن عباد بن منصور عن الحسن قال: اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت.

أما قول قتادة فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عن يزيد عن سعيد عنه قال: أولئك أعداء اللّه اليهود، كفروا بالإنجيل وبعيسى، ثمّ ازدادوا كفرًا بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم والفرقان.
وفي رواية ابن أبي حاتم لم يذكر أنهم اليهود.
- ورواه ابن جرير عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال:ازدادوا كفرًا حتّى حضرهم الموت، فلم تقبل توبتهم حين حضرهم الموت.
قال معمر: وقال مثل ذلك قال عطاء الخراساني.
- ورواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه عن قتادة قال: هم اليهود كفروا بالإنجيل ثم ازدادوا كفرا حين بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأنكروه، وكذبوا به.
- ورواه ابن أبي حاتم عن موسى بن هارون عن
الحسين بن محمد المروذي عن شيبان عنه بنحوه.

القول الثاني: اليهود والنصارى الذين آمنوا بأنبيائهم- وبكتبهم وبصفة محمد التي فيها، ثم كفروا به صلى الله عليه وسلم فازدادوا ذنوبا، فلن تقبل توبتهم من ذنوبهم مع إصرارهم على كفرهم.
(لا توبة من الذنوب مع الكفر).

قاله أبو العالية، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وذكره الواحدي في تفسيره.

قول أبي العالية رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن داود بن أبي هند، بألفاظ مقاربة للقول المذكور.

القول الثالث: أن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا بتمامهم عليه حتى هلكوا، فلن تنفعهم توبتهم الأولى لموتهم على الكفر، قاله ابن جرير في تفسيره.
قاله: مجاهد.
قول مجاهد فرواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن أبي جريج عن مجاهد:
تمّوا على كفرهم.
ونقل البغوي عن مجاهد أنه قال: نزلت في جميع الكفار أشركوا بعد إقرارهم بأن الله خالقهم، ثم ازدادوا كفرا: أي أقاموا عى كفرهم حتى هلكوا عليه.

القول الرابع: بقاؤهم على الكفر حتى الموت، فذلك هو زيادتهم من كفرهم، ولن تقبل منهم توبة عند موتهم.

قاله السدي
قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد عن احمد عن اسباط عن السدي قال: {ازدادوا كفرا} فماتوا وهم كفار واما { لن تقبل توبتهم} فعتد موته إذا تاب لم تقبل توبته.

خلاصة المسألة:
- الأقوال التي قيلت تتلخص في التالي:
أن اليهود وهم المرادون بهذه الآية لدلالة السياق، قد كفروا بعد إيمانهم، ثم ازدادوا كفرا ، أما إيمانهم فإنهم آمنوا بصفة محمد صلى الله عليه وسلم كما جاءت في كتابهم، فلما بعث كفروا به، ثم ازدادوا كفرا بما أصابوا من الذنوب، وهناك من قال أنهم ازدادوا كفرا بتمامهم عليه حتى الموت.
واختار ابن جرير أن معنى ازديادهم الكفر ما أصابوا في كفرهم من المعاصي، وذلك بدلالة قوله تعالى: ( لن تقبل توبتهم) فالله عز وجل لن يقبل التوبة من الذنوب إن كان صاحبها مصرا على الكفر، وإلا
فإن الله عز وجل يقبل التوبة من الكفر وهو من أعظم الذنوب، كما قال تعالى: ( إلا الذين تابوا من بعد وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)، وقوله تعالى: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده).
فإن يتوب هؤلاء من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل الله توبتهم، وإن تابوا مما أصابوا من ذنوب بعد توبتهم من الكفر قبلت توبتهم، أما أن يصروا على الكفر ويتوبوا من ذنوبهم مع إصرارهم على الكفر فلا توبة مقبولة منهم.



3.قول سعيد بن جبير في الصاحب بالجنب قال : (الرفيق في السفر).

أولا تخريج قول سعيد بن جبير في (الصاحب بالجنب) قال: الرفيق في السفر( :

قال سعيد بن جبير في قول الله تعالى { الصاحب بالجنب} : الرفيق في السفر.
وقد رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه،
وفي رواية قال سعيد القول المتقدم نصا، وهو: الرفيق في السفر، وفي رواية قال: الرفيق الصالح.
وذكر ابن الجوزي في تفسيره أن سعيد بن جبير له قول آخر في المسألة، وهو: الزوجة.
ولم أقف على أي مصدر نقل ذلك، فلم يثبت عنه.


ثانيا تحرير المراد ب (الصاحب بالجنب) :

اختلفت عبارات المفسرين في المراد ب( الصاحب بالجنب)، وأصل الخلاف يرجع إلى ثلاثة أقوال رئيسة.

القول الأول: الرفيق -بوجه عام- في السفر والحضر الذي يصحبك رجاء نفعك.
قاله ابن عباس وابن زيد، ورواه ابن وهب في الجامع في علوم القرآن، وابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وذكره الثعلبي ومكي والماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير في تفاسيرهم.

تخريج الأقوال:
أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجج عن ابن جريج عنه قال: الصاحب بالجنب الملازم، وقال أيضا : رفيقك الذي يرافقك.
وابن جريج ممن يرسلون عن ابن عباس.
أما قول ابن زيد فرواه ابن وهب عنه قال ابن زيد: جليسك في الحضر وصاحبك في السفر.
ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن ابن زيد: الذي يلصق بك وهو إلى جنبك، ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك.


القول الثاني: الرفيق في السفر.
مروي عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وقاله سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وقتادة، وسفيان، والسدي، والضحاك، ورواه سفيان في تفسيره كما ذكره أبو حذيفة النهدي، ورواه عبد الرزاق، وابن جرير وابن أبي حاتم في تفاسيرهم، وذكره الثعلبي ومكي والماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير في تفاسيرهم.

تخريج الأقوال:
أما قول علي فرواه ابن جرير عن المثنى عن الحماني عن شريك عن جابر عن عامر عنه قال: الرفيق الصالح، وبنفس الإسناد واللفظ عن عبد الله بن مسعود.
وعامر هو عامر الشعبي، ثقة من الأعلام، ومختلف في روايته عن علي بن أبي طالب، ويرسل عن ابن مسعود.

أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير عن المثنى عن عبد الله بن صالح عن معاوية عن علي بن أبي طلحة عنه.
وعلي بن أبي طلحة أكثر الرواية عن ابن عباس ولم يدركه، وبعض ما رواه لا يصح نسبته إلى ابن عباس، وروايته مقبولة في الأغلب، ويعضد قبولها ما صح عن ابن عباس من طرق أخرى صحيحة. ( مستفاد من موقع الجمهرة)

أما قول سعيد بن جبير فرواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن سفيان الثوري عن أبي بكير عنه، وفي رواية قال سعيد بن جبير: الرفيق في السفر، وفي رواية قال: الرفيق الصالح.
-ولعل ابن أبي بكير هو يحيى بن أبي بكير.
أما قول مجاهد
- أما قول مجاهد رواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال:الصاحب بالجنب صاحبك في السفر وابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر.
وفي رواية قال: الرفيق في السفر، منزله منزلك ، وطعامه طعمك ومسيره مسيرك.
- ورواه ابن جرير عن سفيان عن أبيه عن إسرائيل عن جابر عن مجاهد.
- ورواه ابن جرير من طرق عن ابن جريج عن سليم عن مجاهد قال: رفيقك في السّفر الّذي يأتيك ويده مع يدك.
- جابر هو جابر بن يزيد بن الحارث، ويقال له جابر الجعفي، ضعيف رافضي، ذكره ابن حجر.
- وسليم الذي روى عن مجاهد مقل في الروايات، لم أقف على نسبه ويقال له أبو عبيد الله.
- وابن أبي نجيح ثقة مكثر في النقل عن مجاهد.
ولعل بمجموع الطرق يتقوى قول مجاهد في المسألة.


أما قول عكرمة فرواه ابن جرير عن سفيان عن أبيه عن إسرائيل عن جابر عنه.
ونفس الإسناد بلفظه رواه ابن جرير عن مجاهد، كما تقدم، ولم أقف على صحة نسبة القول إلى عكرمة.

أما قول قتادة فرواه ابن جرير عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.

ورواه سفيان في تفسيره عن مورق أو مرزوق مولى الشعبي عنه به كما ذكره أبو حذيفة النهدي.
أما قول السدي فرواه ابن جرير عن محمد بن الحسين عن أحمد بن المفضل عن أسباط عنه قال: الصاحب في السفر.
أما قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريقين عن جويبر عن الضحاك قال: الرفيق في السفر.

القول ال
ثالث: المرأة، الزوجة ( امرأة الرجل).
القائلون به: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وإبراهيم النخعي، وأبو الهيثم، ومروي عن ابن عباس، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، ورواه سعيد بن منصور الخراساني في سننه، وذكره الثعلبي ومكي والماوردي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي وابن كثير في تفاسيرهم، والهيثمي في مجمع الزوائد.

تخريج الأقوال:
أما قول علي فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن أبيه عن سفيان عن جابر عن عامر أو القاسم عن علي قال: المرأة، وبنفس الإسناد واللفظ عن ابن مسعود.
ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر عن علي وعبد الله قالا: المرأة.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن عمرو بن عون عن هشيم عن بعض أصحابه عن جابر عن علي قال: المرأة، وبنفس الإسناد واللفظ عن ابن مسعود.
- رواية هشيم عن جابر منقطعة.

أما قول ابن مسعود فرواه سفيان عن جابر عن الشعبي أو عن القسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال: امرأة الرجل ،كما ذكره أبو حذيفة النهدي.
أما قول عبد الرحمن بن أبي ليلى فرواه ابن جرير عن محمد بن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعب عن هلال عنه.
أما قول إبراهيم
فرواه عبد الرزاق عن سفيان الثوري عنه.
ورواه عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن أبي الهيثم عنه.
ورواه سعيد بن منصور عن سعيد عن عبد الله بن المبارك عن محمد بن سوقة عنه به.
ورواه الطبراني عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، كما ذكره الهيثمي في جمع الزوائد، وقال : هو ضعيف.
أما قول أبي الهيثم فرواه سفيان عنه قال: امرأة الرجل كما ذكره أبو حذيفة النهدي.
أما ما روى عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير عن محمد بن سعد عن آبائه عن ابن عباس، قال: يعني الذي معك في منزلك. وهذا إسناد ضعيف.
وقال ابن أبي حاتم أنه مروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وإبراهيم النخعي، والحسن، وسعيد بن جبير في إحدى الروايات نحو ذلك.

خلاصة المسألة:
- الأقوال جميعها ينطبق عليها وصف الصاحب.

فصحب لغة: يعني مقارنة الشيء ومقاربته، والصاحب: اسم فاعل، بمعنى الملازم لصاحبه، المعاشر له، المقارب له، وقولنا فلان بجنب فلان، يعني أنه إلى جنبه، يراد به القرب.
- فمن قال أن (الصاحب بالجنب) هو الرفيق، قصد القول الأشمل والأعم ، فالصاحب هو المصاحب في الحضر والسفر، ويقال أيضا للرجل من القوم أنه صاحبهم لمعرفته بهم، ومعرفتهم به، وقد قال الله تعالى مبرئا نبيه صلى الله عليه وسلم عما اتهم به من قومه فقال: (ما ضل صاحبكم وما غوى) والإتيان بلفظ الصحبة هنا للدلالة على معرفتهم به معرفة تقتضي ألا يتهموه بالضلال والغواية.
وطول المكث يوجب إطلاق لفظ الصحبة، كما في قول الله تعالى: ( يا صاحبي السجن ءأرباب متفرقون أم الله الواحد القهار).

- ومن قال هو الرفيق في السفر، فقد اختص الصحبة بالسفر، كما جاء في اعتذار موسى عن مصاحبة الخضر فيما أخبر عنه المولى تعالى: ( قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا)،ومما يدل أيضا على وصف الرفيق في السفر بالصاحب، قول الله تعالى: ( إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي لله عنه في طريق الهجرة، وإن كان أبا بكر رضي الله عنه قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم سفرا وحضرا.

- ومن قال أنها الزوجة أو امرأة الرجل، فهى ينطبق عليها هذا الوصف لطول ملازمتها لزوجها وقربها منه، فهى إلى جنبه، وقد ورد في القرآن وصف الزوجة بالصاحبة، كما في قول الله تعالى: ( يوم يفر المرء من أخية * وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه ) وقد نفى الله عن نفسه الكريمة أن يكون له صاحبة فقال تعالى: ( بديع السماوات والارض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة..)، وقال تعالى: ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ).

ولم يرجح ابن جرير قولا منهم، بل قال أن ظاهر اللفظ يحتملهم جميعا، فكلٌ بجنب الذي هو معه وقريب منه، وقد أوصى الله بحق الصحبة لهم جميعا.


- واستدل ابن جرير لوجوب المصاحبة بالإحسان فروى عن سهل بن موسى الرازي عن ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنت أحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عن صحابته ولو ساعةً من نهارٍ.

- وقال القرطبي أن الآية تحتمل العموم إلا أنه رجح قول: (الرفيق في السفر)، واستدل بالحديث الذي ذكره ابن جرير، وقد نقل أبياتا لطيفة في ذات المعنى ..

إِذَا مَا رَفِيقِي لَمْ يَكُنْ خَلْفَ نَاقَتِي ... لَهُ مَرْكَبٌ فَضْلًا فَلَا حَمَلَتْ رِجْلِي

وَلَمْ يَكُ مِنْ زَادِي لَهُ شَطْرُ مِزْوَدِي ... فَلَا كُنْتُ ذَا زَادٍ وَلَا كُنْتُ ذَا فَضْلِ
شَرِيكَانِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَقَدْ أَرَى ... عَلَيَّ لَهُ فَضْلًا بِمَا نَالَ مِنْ فَضْلِي

- وروى بن جرير عن المثنى عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن حيوة عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.


4.قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).

أولا تخريج قول سعيد بن المسيب في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).

- قال ابن جرير: قال ابن جريجٍ: وأخبرني عبد اللّه بن كثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح مع سعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدر النّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلون ما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتي انصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.

التخريج: فقال ابن جرير: قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد أن سعيد بن المسيب قال: إنما ذاك في الصلاة.
- ولم يذكر ابن جرير من الرواة بينه وبين ابن جريج.


ثانيا تحرير المراد بالدعاء في قول الله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} :
اختلفت أقوال المفسرين في المراد بالدعاء هنا على أقوال:

القول الأول: الصلوات الخمس:
قاله ابن عباس وعبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعامر الشعبي ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي عمرة والحسن وإبراهيم وقتادة والضحاك. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وذكره الثعلبي، وابن الجوزي.

تخريج الأقوال:
أما قول ابن عباس فرواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال:"ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشيّ"، يعني: يعبدون ربّهم ="بالغداة والعشيّ"، يعني: الصلوات المكتوبة.

- هكذا كما رواه ابن جرير، ولم يذكر ابن أبي حاتم لفظ (الصلوات المكتوبة) في هذا الموضع، إلا أنه قال في تفسير:(الغداة والعشي) أنه روي عن ابن عباس قوله: ( في الصلاة المكتوبة).
فيكون المراد بالدعاء هنا الصلاة، والصلاة من أعظم العبادات وأجلها.
- وذكر الثعلبي قولا مرويا عن ابن عباس: "يدعون ربهم" يعني يعبدون ربهم بالصلاة المكتوبة "بالغداة والعشي" يعني صلاة الصبح وصلاة العصر.


أما قول عبد الله بن عمر فرواه ابن جرير عن ابن البرقي عن ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان عن نافع عنه قال: أنهم الذين يشهدون الصلوات المكتوبة.

أما ما روي عن سعيد بن المسيب، فرواه ابن جرير قال: قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد أن سعيد بن المسيب قال بأنها الصلاة ولفظه: إنما ذاك في الصلاة.

أما قول عامر الشعبي فروه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن وكيع عن إسرائيل عن جابر عنه قال: هى الصلاة.
ورواه ابن جرير عن المثنى عن إسحاق عن وكيع عن أبيه عن إسرائيل عنه.

أما قول مجاهد فرواه أيضا ابن جرير من طرق عن منصور عنه قال: الصلوات الخمس.
وفي رواية: إنما هو في الصلاة.
-ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم وعبد الرحمن بن الحسن الهمذاني من طرق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الصلاة المفروضة: الصبح والعصر. وفي رواية : الصلاة المكتوبة.

- وفي رواية عبد الرحمن الهمذاني قال مجاهد: المصلين بلالا وابن أم معبد كانا يجالسان النبي _صلى الله عليه وسلم_ قالت قريش محقرتهما لولاهما وأمثالهما لجالسناه فنهى عن طردهم .
- وروى ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن حجاج عن ابن جريج عنه مجاهد قال: المصلين المؤمنين بلالاً وابن أم عبد.
- وهذا ليس قولا صريحا بأن المراد بالدعاء: الصلاة أو الصلوات المكتوبة، لكن التعبير بلفظ (المصلين) وهو اسم فاعل دال على لزومهم لفعل الصلاة، يمكن أن يستخرج منه قول مجاهد بأن محافظتهم على الصلاة ومداومتهم عليها، هى دعاؤهم ربهم.

فائدة: وروى ابن أبي حاتم عن حجاج بن حمزة عن شبابة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد: بلالا وابن أم مفيد فكانا يجالسان محمدا صلى الله عليه وسلم.. )
ولم يرد في رواية ابن أبي حاتم لفظ (المصلين)، إلا أني ذكرتها لفائدة أخرى، فقد جاء في رواية ابن جرير إن الصحابيين هما : (بلال وابن أم عبد)، وفي رواية الهمذاني: (بلال وابن أم معبد)، وفي رواية ابن أبي حاتم : (بلال وابن أم مفيد).
ولعل في روايتين تصحيف لاسم الصحابي، وقد ذكر السيوطي في الدر المنثور فيما أخرجه عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: المصلين بلال وابن أم عبد... .


أما قول عبد الرحمن بن أبي عمرة
فرواه ابن جرير عن القاسم عن الحسين عن وكيع عن أبيه عن منصور عنه قال: الصلاة المكتوبة.

أما قول الحسن فرواه ابن جرير عن محمد بن موسى بن عبد الرحمن الكندي عن حسين الجعفي عن حمزة بن المغيرة عن حمزة بن عيسى عن الحسن أنه قال: المحافظون على الصلوات في الجماعة.

وأما قول إبراهيم فرواه ابن جرير عن المثنى عن الحجاج بن المنهال عن حماد عن أبي حمزة عن إبراهيم قال: هي الصلوات الخمس الفرائض.
- وكذا رواه ابن جرير من طريق ابن فضيل عن الأعمش عنه بنحوه.

أما قول قتادة فرواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة قال: هما الصلاتان: صلاة الصبح وصلاة العصر.

أما ما روي الضحاك فرواه ابن جرير فقال: (حُدثت) عن الحسين بن الفرج عن أبي معاذ عن عبيد عن الضحاك قال: الصلاة المفروضة.
وروى ابن أبي حاتم عن الضحاك قوله: صلاة الصبح والعصر، ولم يسنده.


القول الثاني: ذكر الله.
قاله إبراهيم، ومنصور، رواه سعيد بن منصور الخرساني في سننه، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما.

أما قول إبراهيم فرواه سعيد بن منصور وابن جرير من طرق عن منصور عن إبراهيم قال: أهل الذكر. وفي رواية: (لا تطردهم عن الذكر).
ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن وكيع عن سفيان عن مغيرة عنه به.

أما قول منصور فرواه ابن جرير عن ابن وكيع عن جرير عن منصور مثله.

القول الثالث: عبادة الله.
مروي عن الضحاك، رواه ابن جرير في تفسيره.
- رواه ابن جرير، فقال (حُدثت) عن الحسين عن أبي معاذ عن عبيد بن سلمان عن الضحاك قال: يدعون يعني: يعبدون، ألا ترى أنه قال: ( لا جرم أنما تدوعنني إليه) : يعني تعبدونه.

القول الرابع: تعلم القرآن
مروي عن أبي جعفر، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وذكره الثعلبي.
-رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر قال: كان يقرئهم القرآن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي رواية ابن أبي حاتم قال: كان يجلس معهم يلعمهم القرآن.

القول الخامس: دعاء الله بالتوحيد والإخلاص له وعبادته.
قاله الزجاج فيما ذكره ابن الجوزي.
ولم أقف على من قال به من مفسري السلف فيما اطلعت عليه من مصادر.

خلاصة المسألة:
في القول الأول: المرويات جميعها دالة على أن المراد بالدعاء هنا عبادة الله بالصلوات المكتوبة، وبعض المفسرين خصص فقال صلاة الصبح وصلاة العصر، ولعل ذلك لدلالة قوله (بالغداة والعشي) إما لأن الصلاة في مكة كانت مرتين في اليوم بكرة وعشيا، وهذا التوجيه ذكره ابن عطية في تفسيره عن الحسن،
وقيل لاستمرار الفعل كأن الزمن معمور بصلاتهم ويراد به الصلوات الخمس التي في اليوم والليلة، وهذا أيضا ذكره ابن عطية، وعلى كلٍ فخلاصة هذا القول أنهم يتعبدون لله بالصلاة المكتوبة.
وهذا كما ذكر الواحدي هو قول عامة المفسرين.

وكل ما ورد من أقوال عن السلف فهو من الدعاء، والدعاء نوعان: دعاء عبادة ودعاء مسألة، أما دعاء المسألة فهو سؤال العبد ربه بلسان المقال قضاء حوائجه، بأن يحقق له الخير، ويدفع عنه الشر.
وأما دعاء العبادة، فهو سؤال الله الثواب والأجر بالامتثال لما أمر وما يرضاه من أقوال وأفعال، فتكون الصلاة دعاء، وذكر الله دعاء، وتعليم القرآن، وسؤال الله الحاجات دعاء، وهو دعاء مسألة ويدخل تحت دعاء العبادة، كونه من العبادات التي يتقرب بها لله عز وجل، وقد جاء في الحديث : (من لم يسأل الله يغضب عليه) إذاً فمن سأل الله رضي الله عنه.

وقول الله تعالى: ( يدعون ربهم بالغداة والعشي) يحتمل أن يكون جامعا لما جاء على لسان السلف، لاجتماع هذه الأفعال في الصحابة الذين كانوا يجتمعون عند النبي صلى الله عليه وسلم ويقربهم إليه، فجاء وصف الله لهم بأنهم يدعونه بالغداة والعشي، وهو ما ذهب إليه ابن جرير.

ووجه تسمية العبادة دعاء لقول الله تعالى: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)، والمعنى أن الذين يستكبرون عن عبادة الله فمصيرهم إلى جهنم.

ويجوز أن المراد هو حقيقة الدعاء وذكر الله . ذكره ابن جرير والبغوي وابن عطية.

وذهب ابن جرير أن القول الأولى هو حمل الدعاء على ما ورد من أقوال ، فهؤلاء الفقراء الضعفاء ما اجتمعوا إلا رغبة في رضا الله فتعبدوا له بصنوف العبادات وداوموا على ذلك.
والله تعالى أعلم.


5.قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء).

أولا تخريج قول إبراهيم النخعي في تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء):

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير والواحدي من طريق فرقد السبخي عن إبراهيم النخعي قال: هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء.
- وأخرجه سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن فرقد السبخي عنه بنحوه كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.

- ووري عن إبراهيم قولا آخر في سنده ضعف إلا أني سأسرده لفائدة، ولفظه قريب مما قيل في المسألة،
وقد رواه سعيد بن منصور الخراساني عن سعيد عن خلف بن خليفة عن رجل عن إبراهيم قال: أن يأخذ عبده بالحق.


ثانيا تحرير القول في المراد بسوء الحساب):
تنوعت عبارات السلف في المراد ب( سوء الحساب) كالتالي:

القول الأول: مناقشة الأعمال.
قاله أبو الجوزاء، قاله عبد الرزاق وابن جرير، وابن الجوزي وغيرهم.

أما قول أبي الجوزاء فرواه عبد الرزاق، وابن جرير من طريق عمرو بن مالك عنه قال: المناقشة في الأعمال. وفي رواية ابن جرير: المقايسة بالأعمال.
- وأخرجه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الجوزاء قال: المناقشة في الأعمال، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.

القول الثاني: المحاسبة على ذنب العبد كله، فلا يغفر له منه شيء، ولا يتجاوز عن شيء.
قاله إبراهيم النخعي، وشهر بن حوشب، وفرقد السبخي، وابن زيد، وروي عن الحسن، وقاله مقاتل بن سليمان وسعيد بن منصور في سننه، وقاله ابن جرير والواحدي والبغوي وابن الجوزي.

أما قول إبراهيم فرواه ابن جرير والواحدي من طريق فرقد السبخي عنه بنحوه.
- وأخرجه سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن فرقد السبخي عن إبراهيم النخعي قال: هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله لا يغفر له منه شيء، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.

- ووري عن إبراهيم قولا آخر في سنده ضعف إلا أنها سنورده لفائدة، ولفظه قريب مما قيل في المسألة،
وقد رواه سعيد بن منصور الخراساني عن سعيد عن خلف بن خليفة عن رجل عن إبراهيم قال: أن يأخذ عبده بالحق.

أما قول شهر بن حوشب فرواه ابن جرير عن الحسن بن عرفة عن يونس بن محمد عن عون عن فرقد السبخي عن شهر بن حوشب قال : أن لا يتجاوز له عن شيء.
- وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن فرقد السبخي عن شهر بن حوشب بنحوه، كما ذكر السيوطي في الدر المنثور.

أما قول فرقد السبخي فرواه سعيد بن منصور عن سعيد عن عون بن موسى عن فرقد السبخي: ألا يتجاوز له عن شيء.

أما قول ابن زيد فرواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عنه قال: الذي لا جواز فيه.

وروي عن الحسن أنه قال بمثل هذه الأقوال ،أخرجه ابن المنذر وأبو الشيخ عنه ، كما ذكره السيوطي في الدر المنثور.

القول الثالث: التوبيخ والتقريع عند الحساب.
وهذا ذكره ابن الجوزي ولم ينسبه ولم أقف على من قال به من السلف.


خلاصة المسألة:
الناس يوم القيامة حسابهم على أقسام :
- فمن الناس من يدخل الجنة بغير حساب، فقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه ابن عباس : (..هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب..) رواه مسلم.

-ومن الناس من يحاسب حسابا يسيرا، كما جاء في قول الله تعالى:( فأما من أوتى كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسرا)، والحساب اليسير كما جاء في تفسيره هو العرض اليسير على الله، فيقرر الله عبده بذنوبه، حتى إذا ظن العبد أنه هلك، يقول له الله عز وجل أني سترتها عليك في الدنيا، وأسترها لك اليوم، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم حاسبني حسابا يسيرا)، فلما سألته عائشة: ما الحساب اليسير؟، قال: أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك). صحيح على شرط مسلم.


- ومن الناس من هو متوعد بسوء الحساب كما قال الله تعالى: (للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد)، وقال تعالى: ( والذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).

والحساب اليسير يكون لمن استجاب لربه وامتثل أمره واجتنب نهيه، أما من أعرض عن الحق ولم يستجب فذاك متوعد بسوء الحساب، وجاءت الأقوال معبرة عنه بألفاظ مقاربة.
- فمن قال أن سوء الحساب هو مناقشة الأعمال، فقد صح أنه من نوقش الحساب هلك.
- ومن قال هو محاسبة العبد على ذنبه كله، فلا يغفر له منه شيء، ولا يتجاوز عن شيء، فهو من لازم المناقشة، وإن كان من نوقش الحساب هلك، فإن الهالك والخاسر يومها من لا يُتجاوز عن شيء من ذنبه، فإن تجاوز الله عن عبده فإنه يكون من الحساب اليسير كما سبق ذكره.

- وقد روي قولان آخران لم أقف على من قال بإحداهما وعلى صحة نسبة صحة القول الثاني،
الأول: هو التوبيخ والتقريع عند الحساب، وذلك لابد أن يكون في المحاسبة فإن تقرير العبد بكل ذنوبه فيه من التوبيخ له والتقريع على سوء عمله، وإن لم يكن ذلك هو المراد به فإنه من لازم سوء الحساب.

- والثاني روي عن إبراهيم أنه قال: أن يأخذ عبده بالحق.
فما من عبد إلا وقد أذنب، وما من عبد إلا وهو مقصر في حق ربه، فإن أخذ الله عبده بالحق والعدل
ما تجاوز عنه، ومن رحمة الله أن يصيب عبده بالابتلاءات في الدنيا ليكفر عنه سيئاته ، فإن تجاوز الله يوم القيامة عن ذنب عبده فهو من فضله ورحمته بعبده، وإن أخذ الله عبده بذنبه كان ذلك من عدله وحكمته، وهو العليم بخلقه.


الحمد لله رب العالمين


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:43 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir