دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > أصول الفقه > متون أصول الفقه > قواعد الأصول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ربيع الثاني 1431هـ/2-04-2010م, 08:40 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 3- الاستحسان

الاستحسان
و (الاستحسان) وهو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص .
قال القاضي : الاستحسان مذهب أحمد رحمه الله وهو أن تترك حكماً إلى حكم هو أولى منه ، وهذا لا ينكره أحد .
وقيل : دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه، وليس بشيء .
وقيل : ما استحسنه المجتهد بعقله ، وحكي عن أبي حنيفة أنه حجة ، كدخول الحمام بغير تقدير أجرة وشبهه .

  #2  
قديم 21 ربيع الثاني 1431هـ/5-04-2010م, 01:51 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي تيسير الوصول إلى قواعد الأصول للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان

و(الاستحسان) وهو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص.
قال القاضي: الاستحسان مذهب أحمد رحمه الله، وهو أن تترك حكماً إلى حكم هو أولى منه، وهذا لا ينكره أحد، وقيل: دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه، وليس بشيء. وقيل: ما استحسنه المجتهد بعقله، وحُكي عن أبي حنيفة أنه حجة، كدخول الحمام بغير تقدير أجرة وشبهه.

3 ـ الاستحسان
قوله: (والاستحسان) أي: والأصل الثالث من الأصول المختلف فيها: الاستحسان.
وهو لغةً: عَدُّ الشيء حسناً. تقول: استحسنت كذا، أي: اعتقدته حسناً. ففي الأمور الحسية يقال: استحسن الطعام أو الشراب، وفي الأمور المعنوية يقال: استحسن هذا الرأي، أو هذا القول، بمعنى: عَدَّهُ حسناً[(829)].
قوله: (وهو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل خاص) هذا تعريف الاستحسان اصطلاحاً، وهو من أحسن التعاريف وأجودها، كما قال الطوفي رحمه الله[(830)]؛ لأنه يشمل جميع أنواعه، ولأنه يبين أساس الاستحسان ولُبَّه، وهذا التعريف يدل على أمرين:
الأول: أن حقيقة الاستحسان وأساسه العدول عن حكمٍ اقتضاه دليل شرعي في واقعة من الوقائع إلى حكم آخر فيها.
الثاني: أن هذا العدول لا بُدَّ أن يستند إلى دليل شرعي، اقتضى هذا العدول من الكتاب أو السنة، وهذا يسمى في اصطلاح الأصوليين: وجه الاستحسان، أو سند الاستحسان.
فإذا عرض للمجتهد واقعة يقتضي عموم النص أو القياس حكماً فيها، وظهر للمجتهد أن لهذه الواقعة ظروفاً وملابسات خاصة، تجعل تطبيق النص العام يُفَوِّتُ المصلحة، أو يؤدي إلى مفسدة، فَعُدِلَ فيها عن هذا الحكم إلى آخر اقتضاه الدليل، فهذا العدول هو الاستحسان.
فالاستحسان عند التحقيق هو ترجيح دليلٍ على دليل يعارضه، بمرجح معتبر شرعاً، لا بمجرد الرأي والهوى.
وينبغي أن نعلم أنَّ الاستحسان ليس دليلاً شرعياً مستقلاً بذاته، دون مستند من الأدلة الشرعية المتفق عليها من نص أو إجماع أو قياس، وما نسب إلى الشافعي رحمه الله من إنكار الاستحسان وإبطاله[(831)]، فالظاهر أنه لا يريد به هذا المعنى، وإنَّما مراده الاستحسان الذي لا يستند إلى دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس؛ فإنَّ من فعل ذلك فهو المشرِّع لذلك الحكم، حيث لم يأخذه من أدلة الشرع[(832)].
وعليه فالاستدلال بالاستحسان ليس خروجاً عما شرعه الله من الأدلة؛ إذ مقتضاه العدول إلى دليل مما شرعه الله أقوى من الدليل المعدول عنه.
وعلى هذا فذكر الاستحسان في باب مستقل لا فائدة فيه أصلاً، لأنه إن كان راجعاً إلى الأدلة المتقدمة وأنه من باب ترجيح الأدلة بعضها على بعض، فهو تكرار، وإن كان خارجاً عنها، فليس من الشرع في شيء، بل هو من التقوّل على هذه الشريعة بما لم يكن فيها تارة، وبما يضادها أخرى، إلا أن يقال: إنهم خصوه باسم معين وجعلوه دليلاً؛ لعدم ظهور وجه الترجيح على الدليل المعارض له، واعتماده في الغالب على المصلحة التي يدل عليها العقل، ولهذا نرى شيخ الإسلام ابن تيمية يُرجع الاستحسان المختلف فيه إلى تخصيص في بعض المواضع عن الاطراد، لما يؤدي إليه اطرادها فيه لحصول مفسدة أكبر، أو فوات مصلحة أهم، وعلى هذا فليس كل عدول عن مقتضى دليل لما هو أقوى منه من الأدلة داخل في الاستحسان المختلف[(833)].
ومن أمثلته: ما لو رأى شاة غيره أشرفت على الهلاك فذبحها حفاظاً لماليتها عليه حتى لا تذهب ضياعاً، فإن القياس يوجب عليه الضمان، وفي الاستحسان لا يضمن، لأنه مأذون له في الذبح دلالةً، وقد وصف ابن القيم الفقهاء المانعين من الاستحسان بالجمود عندما قالوا: هذا تصرف في ملك الغير، ووجه الرد عليهم: أن التصرف إنَّما حرمه الله لما فيه من الإضرار، وترك التصرف هاهنا هو الإضرار[(834)].
ومن أمثلته ـ أيضاً ـ العدول في عام المجاعة عن مقتضى العموم في قوله تعالى: {{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} ...} [المائدة: 38] إلى عدم القطع تخصيصاً لهذه الحالة من العموم، كما ذهب إليه عمر رضي الله عنه[(835)] فهذا عدول عن مقتضى نص عام إلى حكم خاص.
ومن أمثلته ـ أيضاً ـ: العدول عن حكم كلي إلى حكم استثنائي، مثل العدول في الأكل ناسياً في رمضان عما تقتضيه القاعدة الكلية من فساد الصوم، لكونه فسد ركنه وهو الإمساك، فعدل عن ذلك إلى ما يقتضيه الدليل الخاص وهو: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتمّ صومه، فإنَّما أطعمه الله وسقاه» [(836)]. حيث دلَّ على عدم فساد صوم من أكل ناسياً، وإعطائه حكماً غير الحكم المستفاد من القاعدة الكلية، وهذا استحسان سنده النص.
ومن الأمثلة: عقد الاستصناع، وهو أن يطلب شخص من آخر أن يصنع له شيئاً معيناً نظير مبلغ من المال، فالأصل عدم جواز هذا العقد؛ لأنه عقد على معدوم، وقد دل على عدم جوازه قوله صلّى الله عليه وسلّم لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» [(837)]، لكن جاز ذلك استحساناً لجريان عمل الناس على ذلك في كل زمان ومكان من غير نكير، وهذا استحسان سنده الإجماع، ورفع الحرج عن الأمة.
ومن الأمثلة ـ أيضاً ـ ما قيل في استحسان شراء المصحف وكراهة بيعه، فمن كره بيعه استحساناً، قال: إن بيعه علامة على الزهد فيه، والرغبة في الثمن، ومن لم يكره بيعه، قال: في بيعه تمكين للاستفادة منه وتيسيرها، ونشره بين الناس طباعة وبيعاً[(838)]، وهذا استحسان سنده المصلحة.
واعلم أن الاستحسان غير القياس؛ لأن القياس إلحاق المسألة بنظائرها. والاستحسان في غالب صوره قَطْعُ المسألة عن نظائرها، وإفرادُها بحكم خاص لدليل من الأدلة، ثم إن القياس يكون في المسائل التي لا دليل عليها غيره، أمَّا الاستحسان فيكون في المسائل التي تعارض فيها دليلان.
قوله: (قال القاضي: الاستحسان مذهب أحمد رحمه الله وهو أن تترك حكماً إلى حكم هو أولى منه) القائل هو القاضي يعقوب[(839)]. وقد أطلق المصنف هنا لقب القاضي. والمعروف أنه إذا أُطلق لقب القاضي عند الحنابلة، فالمراد به: أبو يعلى، وقد ذكر هذا القول ابن قدامة منسوباً إلى القاضي يعقوب، وهو من تلاميذ أبي يعلى[(840)].
قوله: (وهذا لا ينكره أحد) هذا من كلام المصنف، وليس من كلام القاضي، وهو كلام ابن قدامة في «الروضة»[(841)]. والمعنى: أن الاستحسان بهذا المعنى متفق عليه، وليس مذهب أحمد فقط.
قوله: (وقيل: دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يمكنه التعبير عنه) هذا تعريف آخر للاستحسان، وقد ذكر البيضاوي وابن السبكي قريباً منه[(842)].
قوله: (وليس بشيء) أي: إن هذا التعريف ساقط، لا يلتفت إليه؛ لأن المجتهد الذي يبلغ من العِيِّ[(843)] أن ينقدح في نفسه دليل، ولا يستطيع التعبير عنه كيف يقبل اجتهاده، وهو بهذه الحال التعسة من العجز عن التعبير عما في نفسه[(844)]؟!
قوله: (وقيل: ما استحسنه المجتهد بعقله) هذا تعريف ثالث، وقد ذكره الغزالي[(845)]، وبطلانه ظاهر، لأن المجتهد ليس له الاستناد إلى مجرد عقله في تحسين شيء من غير نظر في الأدلة، فهو كاستحسان العامي، وأي فرق بين العامي والعالم غير معرفة الأدلة الشرعية والنظر فيها؟!
قوله: (وحكي عن أبي حنيفة أنه حجة) أي: الاستحسان بهذا المعنى حكي عن أبي حنيفة أنه حجة، تمسكاً بقوله تعالى: {{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}} [الزمر: 18] ، ووجه الدلالة: ورود الآية في معرض الثناء والمدح لمتبع أحسن القول[(846)].

قوله: (كدخول الحمام بغير تقدير أجرة) أي: إن الأمة استحسنت دخول الحمام من غير تقدير أجرة للماء المصبوب، ولا تقدير لمدة المقام فيه، فهذا استحسان واقع، فيدل على الجواز قطعاً. ويكون استحسان ذلك هو الدليل على صحته.
قوله: (وشبهه) أي: وشبه ذلك، مثل: استحسان شرب الماء من أيدي السقَّائين من غير تقدير الماء ولا العوض.
وفي نسبة هذا القول إلى أبي حنيفة رحمه الله نظر؛ إذ كيف يستحسن أبو حنيفة في شريعة الله بمجرد الهوى والتشهي، فإن هذا لا يُظَنُّ بواحد من العلماء فضلاً عن إمام من أئمة المسلمين[(847)]، إلا أن يكون مراده ما يستحسنه المجتهد بعقله لوجود المصلحة المرسلة التي تندرج تحت أصل كلي فيه، فيكون من باب التخصيص بالمصلحة المرسلة. وأما الآية فليس فيها دليل على وجوب اتباع أحسن القول، وهو محل النزاع[(848)].
وما ذكروه ليس من باب الاستحسان، وذلك لعموم مشقة التقدير؛ إذ يشق جداً أن يجعل في الحمام صاع يقدر به الماء، أو ساعة يقدر بها الزمان، ونحو ذلك، فلما تعذر تقدير الزمان والماء تعذر تقدير الأجرة والثمن، وصار الحمامي يُعطى ما يتفقان عليه.
أو يقال: ليس الاستحسان هو الدليل على صحة ذلك، بل الدليل جريان ذلك في زمن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم مع علمه وتقريره لهم عليه. والله أعلم[(849)].

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
3, الاستحسان

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir