دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الطلاق

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 03:07 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الظهار والتحريم

( فصلٌ ) وإن قالَ: أنتِ عليَّ حرامٌ أو كظَهْرِ أُمِّي فهو ظِهارٌ ولو نَوَى به الطلاقَ، وكذلك ما أَحَلَّ اللهُ عليَّ حَرامٌ، وإن قالَ: ما أَحَلَّ اللهُ عليَّ حرامٌ، أعني به الطلاقَ. طَلُقَتْ ثلاثًا، وإن قالَ: أَعْنِي به طَلاقًا فواحدةٌ، وإن قالَ: كالْمَيْتَةِ والدمِ والخنزيرِ وَقَعَ ما نَواه من طلاقٍ وظِهارٍ ويَمينٍ، وإن لم يَنْوِ شيئًا فظِهارٌ، وإن قالَ: حَلَفْتُ بالطلاقِ وكَذَبَ لَزِمَه حُكْمًا، وإن قالَ: أَمْرُك بيَدِك مُلِّكَتْ وثلاثًا لو نَوَى واحدةً، ويُتَرَاخَى ما لم يَطَأْ أو يُطَلِّقْ أو يَفْسَخْ، ويَخْتَصُّ اختاري نفسَك بواحدةٍ وبالمجْلِسِ الْمُتَّصِلِ ما لم يَزِدْها فيهما، فإن رُدَّت أو وَطِئَ أو طَلَّقَ أو فَسَخَ بَطَلَ اختيارُها.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.............................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:42 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٌ
(وإنْ قالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أنتِ عليَّ حَرَامٌ، أو كَظَهْرِ أُمِّي، فهو ظِهَارٌ، ولو نَوَى بهِ الطلاقَ)؛ لأنَّه صريحٌ في تَحْرِيمِها، (وكذلكَ: ما أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حرامٌ)، أو: الحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، وإنْ قالَه لِمُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ أو نحوِهِ, ونَوَى أنَّها مُحَرَّمَةٌ بهِ, فلَغْوٌ، (وإنْ قالَ: ما أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حرامٌ. أعني بهِ الطلاقَ. طَلَقَتْ ثلاثاً)؛ لأنَّ الألفَ واللامَ للاستغراقِ؛ لعدمِ معهودٍ يُحْمَلُ عليهِ، (وإنْ قالَ: أَعْنِي بهِ طلاقاً. فواحدةٌ) لعدمِ ما يَدُلُّ على الاستغراقِ، (وإنْ قالَ): زَوْجَتُه (كالمَيْتَةِ والدمِ والخِنْزِيرِ. وَقَعَ ما نَوَاهُ من طلاقٍ وظِهارٍ ويَمِينٍ), بأنْ يُرِيدَ تَرْكَ وَطْئِهَا، لا تَحْرِيمَها ولا طَلاَقَهَا، فتكونُ يَمِيناً فيها الكفَّارَةُ بالحِنْثِ، (وإنْ لَمْ يَنْوِ شَيئاً) من هذهِ الثلاثةِ (فظِهَارٌ؛ لأنَّ معناهُ: أنتِ عَلَيَّ حرامٌ كالمَيْتَةِ والدمِ. (وإنْ قالَ: حَلَفْتُ بالطلاقِ. وكَذَّبَ)؛ لكونِه لم يَكُنْ حَلَفَ به, (لَزِمَه) الطلاقُ (حُكْماً)؛ مُؤَاخَذَةً له بإقرارِهِ، ويَدِينُ فيما بَيْنَه وبينَ اللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.
(وإنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: (أَمْرُكِ بِيَدِكِ. مَلَكَتْ ثَلاثاً، ولو نَوَى واحدةً)؛ لأنَّه كنايةٌ ظاهرةٌ، ورُوِيَ ذلكَ عن عثمانَ وعليٍّ وابنِ عمرَ وابنِ عَبَّاسٍ، (وَيَتَرَاخَى), فلها أنْ تُطَلِّقَ نَفْسَها متَى شَاءَتْ ما لم يَجِدْ لها حَدًّا، أو (ما لم يَطَأْ أو يُطَلِّقْ أو يَفْسَخْ) ما جَعَلَه لها، أو تَرُدُّ هي؛ لأنَّ ذلكَ يُبْطِلُ الوَكالةَ، (ويَخْتَصُّ) قولُه لها: (اخْتَارِي نفسَكِ. بواحدةٍ, وبالمجلِسِ المُتَّصِلِ ما لم يُزِدْها فيهما), بأنْ يَقولَ لها: اختاري نَفْسَكِ متَى شِئْتِ، أو: أيَّ عَدَدٍ شِئْتِ. فيكونُ على ما قالَ؛ لأنَّ الحقَّ له، وقد وَكَّلَهَا فيهِ, ووكيلُ كلِّ إنسانٍ يَقومُ مَقامَه، واحْتَرَزَ بالمتَّصِلِ عمَّا لو تَشَاغَلاَ بقاطعٍ قبلَ اختيارِها، فيَبْطُلُ بهِ.
وصِفَةُ اختيارِها: اخْتَرْتُ نفسِي أو أَبَوَيَّ أو الأزواجَ. فإنْ قالَتْ: اخْتَرْتُ زَوْجِي, أو: اخْتَرْتُ فقطْ, لم يَقَعْ شيءٌ، (فإنْ رَدَّتِ) الزوجةُ (أو وَطِئَ) ها (أو طَلَّقَ) ها (أو فَسَخَ) خِيَارَها قبلَه, (بَطَلَ خِيَارُها) كسائرِ الوَكالاتِ، ومَن طَلَّقَ في قلبِه, لم يَقَعْ، وإنْ تَلَفَّظَ بهِ أو حَرَّكَ لِسَانَه, وَقَعَ، ومُمَيِّزٌ ومُمَيِّزَةٌ يَعْقِلاَنِه كبالِغَيْنِ فيما تَقَدَّمَ.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 02:45 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم


فصل([1])

(وإن قال) لزوجته (أَنت علي حرام([2]) أَو كظهر أمي؛ فهو ظهار، ولو نوى به الطلاق)([3]) لأنه صريح في تحريمها([4]).

(وكذلك: ما أَحل الله علي حرام)([5]) أو الحل علي حرام([6]) وإن قاله لمحرمة بحيض أو نحوه([7]) ونوى أنها محرمة به فلغو([8]) (وإن قال: ما أَحل الله علي حرام، أعني به الطلاق. طلقت ثلاثا)([9]) لأن الألف واللام للاستغراق([10]).

لعدم معهود يحمل عليه([11]) (وإن قال: أَعني به طلاقًا؛ فواحدة)([12]) لعدم ما يدل على الاستغراق([13]) (وإن قال): زوجته (كالميتة، والدم، والخنزير؛ وقع ما نواه من طلاق، وظهار([14]) ويمين) بأن يريد ترك وطئها، لا تحريمها ولا طلاقها([15]) فتكون يمينا، فيها الكفارة بالحنث([16]) (وإن لم ينو شيئًا) من هذه الثلاثة (فظهار) لأن معناه: أنت علي حرام، كالميتة والدم([17]).
(وإن قال: حلفت بالطلاق([18]) وكذب) لكونه لم يكن حلف به (لزمه) الطلاق (حكما)([19]) مؤاخذة له بإقراره([20]) ويدين فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى([21]) (وإن قال) لزوجته (أمرك بيدك([22]) ملكت ثلاثا، ولو نوى واحدة)([23]) لأنه كناية ظاهرة([24]).

وروي ذلك عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وابن عباس([25]) (ويتراخى) فلها أن تطلق نفسها متى شاءت([26]) ما لم يحد لها حدًا([27]) أو (ما لم يطأْ أو يطلق، أو يفسخ) ما جعله لها([28]) أو ترد هي([29]) لأن ذلك يبطل الوكالة([30]) (ويختص) قوله لها (اختاري نفسك بواحدة([31]) وبالمجلس المتصل([32]).

ما لم يزدها فيهما) بأن يقول لها: اختاري نفسك متى شئت([33]) أو أي عدد شئت؛ فيكون على ما قال([34]) لأن الحق له، وقد وكلها فيه([35]) ووكيل كل إنسان يقوم مقامه([36]) واحترز بالمتصل عما لو تشاغلا بقاطع قبل اختياريها، فيبطل به([37]).
وصفة اختيارها: اخترت نفسي([38]) أو أبوي أو الأزواج([39]) فإن قالت: اخترت زوجي، أو اخترت؛ فقط، لم يقع شيء([40]) (فإن ردت) الزوجة (أو وطئـ)ـها([41]) (أو طلقـ)ـها (أو فسخ) خيارها قبله([42]) (بطل خيارها) كسائر الوكالات([43]).

ومن طلق في قلبه لم يقع([44]) وإن تلفظ به، أَو حرك لسانه وقع([45]) ومميز ومميزة يعقلانه، كبالغين فيما تقدم([46]).



([1]) أي فيما لا يصح أن يكون كناية في الطلاق، وما يكون كناية فيه مع نية أو قرينة، وما يكون يمينا، أو لغوا.

([2]) فهو ظهار، ولو نوى به الطلاق، أو قال: أعني به الطلاق. هذا المذهب.

([3]) لأن الظهار تشبيه بمن يحرم على التأبيد، والطلاق يفيد تحريما غير مؤبد، ولو صرح به فقال – بعد قوله: كظهر أمي – أعني به الطلاق. لم يصر طلاقا، لأنه لا تصلح الكناية عنه، ذكره الموفق وغيره.

([4]) فلم يحتمل سواه، والله تعالى قال ]قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ[ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم أمته على نفسه، وقال ابن عباس: إذا قال لامرأته: أنت علي حرام، لغو باطل، لا يترتب عليه شيء؛ وفي لفظ: ليس بشيء. وقال ]لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[ وهو قول أصحاب الحديث وغيرهم، ورجحه جماعة من العلماء.
وقال الشيخ: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام؛ أو لسريته: أنت علي حرام. أو لطعامه، أو شرابه، فهذا التحريم يتضمن منعه لنفسه، وأنه التزم هذا الامتناع، التزاما جعله لله، لأن التحريم إنما يكون لله، وهو إذا قاله لم يرد أن الله حرمه عليه ابتداء، فإن هذا كذب، لا يقصد إلا أنه ممتنع منه، من جنس ما حرمه الله عليه، وهذا هو معنى اليمين.

([5]) أي ظهار، ولو نوى به الطلاق.

([6]) أي أو قال لزوجته: الحل علي حرام. فهو ظهار، لأنه صريح فيه، قال ابن القيم: ذهب جمهور العلماء إلى جواز التجوز، لعلاقة مع قرينة في جميع الألفاظ، إلا ما خص، فما يمنعه في باب الطلاق، وقد نواه، وإن لم ينو، فيمين مكفرة.
وقال الشيخ: المناكح، والمطاعم، التي يباح الانتفاع بها، هي مما سماها الله حلالا، ومن جعل ما أحله الله حراما فقد أتى منكرًا من القول وزورا، وهو كلام لا يمكن تحقيق موجبه، ولا يحل التكلم به، فلا يجعل سببًا لما أباحه الله من الطلاق الذي فيه إرسال المرأة.
وإن قصد به الطلاق، فليس له أن يقصد الطلاق بمثل هذا الكلام، كما لو قال زواجي بك حرام، وقصد به الطلاق، فإن هذا كلام باطل في نفسه، فلا يحصل به ثبوت ملك، ولا زواله، ولكنه يمين، لأنه امتنع به من المباح امتناعًا بالله؛ قال وهذا هو الثابت عن أكثر الصحابة، وأفضلهم، أنهم جعلوا تحريم الحلال يمينا، وجعلوا النذر يمينا، وكلاهما يدل عليه النص.

([7]) كنفاس، أو صيام، أو إحرام.

([8]) لا يترتب عليه حكم، لمطابقته الواقع.

([9]) فقوله: أعني به الطلاق. تفسير للتحريم، فدخل فيه الطلاق كله.

([10]) قاقتضى استغراق الطلاق.

([11]) ويمكن أن تكون الألف واللام للحقيقة والجنس، فلم يتعين أن تكون للاستغراق، إذ لا قرينة، ويقع به واحدة فقط.

([12]) لأنه صريح في الطلاق، لكن لا يقع ثلاثا.

([13]) وليس بصريح في الظاهر، وإنما هو صريح في التحريم، فإذا بين بلفظه إرادة صريح الطلاق صرف إليه، وتقدم قول الشيخ: إن من جعل ما أحل الله حراما، فقد أتى منكرا من القول وزورا، وأنه كلام لا يمكن تحقيق موجبه، وأنه كلام باطل في نفسه، فلا يحصل به ثبوت ملك ولا زواله، ولكنه يمين.

([14]) لأنه يصلح أن يكون كناية في الطلاق، فإن اقترنت به النية انصرف إليه، وإن نوى عددًا وقع، وإلا فواحدة، وكناية في الظهار إذا نواه، بأن يقصد تحريمها عليه، مع بقاء نكاحها، كأنت علي حرام.

([15]) وأقام ذلك مقام: والله لا وطئتك.

([16]) لترتب الحنث والبر، ثم ترتب الكفارة بالحنث، وفي المبدع: إن قوله كالميتة ليس صريحا في اليمين، فلا تلزمه الكفارة.

([17]) فإن تشبيهها بهما يقتضي التشبيه بهما في الأمر الذي اشتهرا به، وهو
التحريم، والوجه الثاني: يكون يمينا. لأن الأصل براءة الذمة، فإذا أتى بلفظ محتمل، ثبت فيه أقل الحكمين، لأنه اليقين.


([18]) أو قال: حلفت بالله لأفعلن كذا، أو لا فعلته؛ ونحو ذلك.

([19]) أي حكم بطلاقه، لأنه حق إنسان معين، فلا يقبل رجوعه، ولو قال: حلفت بالطلاق الثلاث. فقال: لم أحلف إلا بواحدة. أو قالت: علَّقت طلاقي على قدوم زيد. فقال: بل على قدوم عمرو. فالقول قوله، لأنه أعلم بحال نفسه.

([20]) وعنه: هي كذبة؛ ليس عليه يمين، وذلك لأن قوله: حلفت؛ ليس بحلف، وإنما هو خبر عن الحلف، فإذا كان كاذبا فيه، لم يصر حالفًا.

([21]) أي يوكل إلى دينه فيما نواه، فلا يقبل ظاهرًا، لمخالفته مقتضى اللفظ، ويعمل بما نواه باطنا، إن كان صادقًا، بأن يراجعها ويطلبها، ولها تمكينه إذا ظنت صدقه بقرينة، وإن ظنت كذبه فلا، وإن استوى الأمران كره لها تمكينه.

([22]) وكذا لو جعله في يد غيرها، وهو توكيل منه في الطلاق.

([23]) لأنه اسم جنس مضاف، فتناول الطلقات الثلاث، أِشبه ما لو قال: طلقي نفسك ما شئت.

([24]) وتحتاج أيضًا إلى نية.

([25]) وروي عن فضالة، وغيره من الصحابة والتابعين.

([26]) لقول علي، ولا يعرف له مخالف في الصحابة، ولأنه نوع تمليك في الطلاق، فملكه المفوض إليه، في المجلس وبعده، وكما لو جعله لأجنبي، وصفته أن تقول: طلقت نفسي؛ أو: أنا منك طالق. وإن قالت: أنا طالق. لم يقع شيء.

([27]) أي يقيده بوقت، فإلى وقته.

([28]) فلا تطلق نفسها بعد، لأن ذلك وكالة، فتبطل إذا فسخها بالقول، أو أتى بما يدل على فسخها، والوطء يدل على الفسخ، وإن جعله بيد غيرها فكذلك الحكم.

([29]) بطل خيارها.

([30]) أي لأن ردها جعل أمرها بيدها، يبطل وكالته إياها.

([31]) لأن "اختاري" تفويض معين، فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم، وهو طلقة رجعية، لأنها بغير عوض، نص عليه، وقاله جماعة من الصحابة، ونصره الشارح.

([32]) أي ويختص قوله لها: اختاري لنفسك؛ بالمجلس المتصل، ويصح جعله لها بعد المجلس، ومتى شاءت، وبجعل منها أو من غيرها، ولا يكون الجعل عوضا في الطلاق.

([33]) فلها أن تطلق نفسها متى شاءت، أو جعل لها الخيار اليوم كله، أو أكثر من ذلك، فلها الخيار في تلك المدة.

([34]) من عدد ووقت، وكذا لو جعله بنيته، بأن ينوي عددًا أو وقتا، فيرجع إلى نيته.

([35]) فرجع إلى قوله ونيته، ولفظ: أمرك بيدك. والخيار، كناية في حقهما، ويفتقر إلى نية كل منهما، فإن نواه أحدهما لم يقع، فلفظ الأمر كناية ظاهرة، ولفظ الخيار كناية خفية، فإن نوى بهما الطلاق في الحال وقع، ولم يحتج وقوعه إلى قبولها، وإن لم ينو وقوعه في الحال، بل نوى تفويضه إليها، فإن قبلته بلفظ الكناية، نحو: اخترت نفسي، افتقر وقوعه إلى نيتها، وإن قبلته بلفظ الصريح، نحو: طلقت نفسي. وقع من غير نية.

([36]) في صريح، وكناية، وعدد، إن جعل إليه، وغير ذلك، فيقع بإيقاعه الصريح، أو بكناية بنيته.

([37]) نص عليه، فإن قاما، أو أحدهما من المجلس، أو خرجا من الكلام الذي كانا فيه إلى غيره، بطل خيارهما، أو كان أحدهما قائمًا، فركب أو مشى، لا إن قعد، أو كانت قاعدة فانكبت أو عكسه، أو تشاغلا بصلاة، لا إن كانت
في صلاة فأتمتها، فإن أضافت إليها ركعتين بطل، وإن كان يسيرا، أو قالت: باسم الله؛ أو سبحت يسيرا، أو قالت: ادع لي شهودًا أشهدهم. لم يبطل خيارها.


([38]) فيقع الطلاق، مع نيتها له.

([39]) أو أن لا تدخل علي؛ ونحوه، فطلقة رجعية مع النية، لأنه فوض إليها الطلاق، وقد أوقعته.

([40]) لقول عائشة: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، ولم يعد ذلك طلاقا. ومتى اختلف الزوجان في نية، فقول موقع، وفي رجوع، فقول زوج، ولو بعد إيقاع، ونص على أنه لا يقبل بعده إلا ببينة، وجزم به الشيخ وغيره.

([41]) قبله، بطل خيارها.

([42]) أي قبل اختيارها نفسها، أو أبويها، أو الأزواج، ونحو ذلك.

([43]) لأنه توكيل، وقد رجع فيه قبل إيقاعها.

([44]) لخبر «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تكلم» ومن شرط وقوع الطلاق النطق به كما تقدم، إلا في موضعين، إذا كتب صريحه بما يبين،، وإذا طلق الأخرس بالإشارة.

([45]) أي وإن تلفظ بالطلاق، أو حرك به لسانه وقع.

([46]) أي وحكم مميز ومميزة، يعقلان الطلاق، كحكم بالغين فيما تقدم، وتقدم قول الجمهور في أول كتاب الطلاق.


  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1432هـ/29-03-2011م, 03:38 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ


وإنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ كَظَهْرِ أُمِّي؛ فَهُوَ ظِهَارٌ، وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلاَقَ، وَكَذلِكَ مَا أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حَرَامٌ،.......................
قوله: «وإن قال: أنت علي حرام» هذه الكلمة أهم ما في الباب، فإذا قال: أنت علي حرام يخاطب زوجته، فهذا لا يخلو من ثلاث حالات، إما أن ينوي الطلاق، أو الظهار، أو اليمين.
وعلى القول الراجح إذا قال لزوجته: أنت علي حرام، ونوى به الخبر دون الإنشاء، فإننا نقول له: كذبت، وليس بشيء؛ لأنها حلال، كما لو قال: هذا الخبز عليَّ حرام، يريد الخبر لا الإنشاء، فنقول: كذبت، هذا حلال، لك أن تأكله.
وإذا نوى الإنشاء، أي: تحريمها، فهذا إن نوى به الطلاق فهو طلاق؛ لأنه قابِلٌ لأن يكون طلاقاً، وإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فهو يمين، والفرق بين هذه الأمور الثلاثة، أنه إذا نوى به اليمين فهو ما نوى التحريم، لكن نوى الامتناع، إما معلقاً وإما منجزاً، مثل أن يقول: إن فعلت كذا فأنت علي حرام، فهذا معلق، لا يقصد أن يحرم زوجته، بل قصده أن تمتنع زوجته من ذلك، وكذلك أنت علي حرام قصده أن يمتنع من زوجته، فنقول: هذا يمين لقوله تعالى: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *}{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}} [التحريم: 1، 2] ، فقوله: {{مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}} «ما» اسم موصول يفيد العموم فهو شامل للزوجة، وللأمة، وللطعام، والشراب، واللباس، فحكم هذا حكم اليمين، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إذا قال لزوجته: أنت علي حرام فهي يمين يكفرها»[(1)]، وهذه هي الحال الأولى.
الحال الثانية : أن ينوي به الطلاق، فينوي بقوله: أنت علي حرام أن يفارقها، فهذا طلاق لأنه صالح للفراق، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(2)].
الحال الثالثة : أن يريد به الظهار، أي: أنها محرمة عليه فهذا موضع خلاف بين العلماء:
قال بعض العلماء: إنه يكون ظهاراً؛ لأن معنى قول المظاهر لزوجته: أنت علي كظهر أمي، أنت حرام، لكنه شبَّهه بأعلى درجات التحريم، وهو ظهر أمه؛ لأن أشد ما يكون حراماً عليه أمه.
وقال بعض العلماء: لا يكون ظهاراً؛ لأن قولك: أنت علي كظهر أمي ليس مثل قولك: أنت علي حرام، فالأول أبشع وأقبح، فيختص الحكم به ولا يقاس عليه ما دونه، لكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنهما سواء، يعني وطأَك علي حرام، كما تحرم علي أمي، فيكون ظهاراً.
قوله: «أو كظهر أمي فهو ظهار ولو نوى به الطلاق» لأن هذا هو ما جاء به القرآن، ولو قلنا: إن الرجل إذا قال لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي ونوى به الطلاق إنه طلاق، لَكُنَّا حكمنا في الظهار بحكم الجاهلية؛ لأنهم في الجاهلية يرون أن قول الإنسان لزوجته: أنت علي كظهر أمي طلاق، ولكن الشرع خالفهم في هذا وجعله ظهاراً، فالإنسان إذا أتى بصريح الظهار فهو ظهار، ولو نوى به الطلاق، فنقول: الزوجة باقية في ذمتك، ولا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به من الكفارة، وهل نقول: ما لم يجرِه مجرى اليمين، بأن قال: إن فعلت كذا فزوجتي علي كظهر أمي؟ فالجواب: نعم، على القول الراجح أنه قد يُجرى مَجرى اليمين، أي: منع نفسه، ولم يرد أن يحرم زوجته ويجعلها كظهر أمه لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) [(3)].
لكن قوله: «أنتِ علي حرام»، لا تساوي «أنت علي كظهر أمي»، لأن عندنا نصاً في القرآن، يقول الله تعالى: {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}} [التحريم: 1] ، ثم قال: {{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}} [التحريم: 2] ، فجعل الله التحريم يميناً، وإخراج الزوجة من هذا العموم يحتاج إلى دليل، ولا دليل.
إذن على المذهب يجعلون قول الإنسان: أنت عليَّ حرام كقوله: أنت عليَّ كظهر أمي، فيجعلونه ظهاراً في كل حال، ولو نوى به الطلاق، فإذا جاء رجل يستفتينا يقول: إني قلت لزوجتي: أنت عليَّ حرام، فعلى المذهب ما نقول: ماذا نويت؟ بل نقول: أنت مظاهر، فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به، أما على القول الصحيح فإننا نقول: ماذا نويت؟
قوله: «وكذلك ما أحل الله عليَّ حرام» «ما» مبتدأ، وخبره «حرام» و «ما» عام لكل ما أحل الله، فيدخل فيه الزوجة وإن لم يواجهها به صريحاً، فهذا ليس كالأول، فإن اقترن به شيء يدل على ما نوى عملنا به، وإلا فنجعله ظهاراً؛ لأن المؤلف يقول: «وكذلك» و «الكاف» للتشبيه و «ذا» اسم إشارة يعود على ما سبق من قوله: «أنت علي حرام» يعني وكذلك إذا قال: «ما أحل الله علي حرام» فهو ظهار.
وأما بالنسبة للطعام والشراب واللباس فهو يمين، فتبعَّضَ الحكمُ، وصارت هذه الكلمة لشيء يميناً، ولشيء ظهاراً، والذي نرجحه أنه يمين.

وَإِنْ قَالَ: مَا أَحَلَّ اللهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَعْنِي بِهِ الطَّلاَقَ طَلَقَتْ ثَلاَثاً، وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ طَلاَقاً فَوَاحِدَةً، وَإِنْ قَالَ: كَالمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَالخِنْزِيرِ وَقَعَ مَا نَوَاهُ، مِنْ طَلاَقٍ، وَظِهَارٍ، وَيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئاً فَظِهَارٌ، وَإِنْ قَالَ: حَلَفْتُ بِالطَّلاَقِ، وَكَذَبَ لَزمَهُ حُكْمَاً، .........................
قوله: «وإن قال: ما أحل الله عليَّ حرام» فهو يمين على الراجح حتى لو نوى الزوجة، إلا إن وصله بقوله:
«أعني به الطلاق طلقت ثلاثاً» هذه المسألة أخف من الأولى، فإذا قال: ما أحل الله علي حرام أعني به الطلاق، يكون طلاقاً ثلاثاً؛ لأنه أتى بـ«أل» الدالة على العموم، وليست للجنس مع أنه يحتمل أن تكون للجنس، لكن يقولون: الأصل في «أل» أنها للعموم؛ فإذا قال: الطلاق يعني الطلاق كله وهو الطلاق الثلاث.
قوله: «وإن قال: أعني به طلاقاً فواحدة» «طلاقاً» نكرة في سياق الإثبات فتكون مطلقة؛ لأن النكرة في سياق الإثبات للإطلاق وليست للعموم، والمُطْلَق يصدق بواحدة؛ فإذا قال: أعني به طلاقاً يقع الطلاق ويكون واحدة.
والصحيح في هذه المسألة أنها تطلق طلقة واحدة، ولو قال: أعني به الطلاق؛ لأن الطلاق الثلاث لا يقع إلا إذا كانت كل واحدة مستقلة عن الأخرى.
قوله: «وإن قال: كالميتة والدم والخنزير وقع ما نواه، من طلاق وظهار ويمين» هذا هو اللفظ الثالث، أن يقول لزوجته: أنت عليَّ كالميتة، أو كالخنزير، أو كالدم، أو كالكلب، أو كالهر، أو ما أشبه ذلك من المحرمات، فإن قال: نويت الطلاق فهو طلاق، وإن قال: نويت الظهار فظهار، وإن قال: نويت اليمين فهو يمين.
قوله: «وإن لم ينو شيئاً فظهار» إن قال لزوجته: أنت كالميتة، ولم ينوِ شيئاً يحمل على أنه ظهار؛ لأنه نص في التحريم، والأصحاب ـ رحمهم الله ـ يرون أن تحريم المرأة ظهار، وقد بينا الصواب فيما سبق، وأن تحريم المرأة يمين إلا أن يكون بلفظ الظهار.
قوله: «وإن قال: حلفت بالطلاق وكذب» أي: وقد كذب.
قوله: «لزمه حكماً» إذا قيل: لزمه حكماً صار لا يلزمه باطناً فيما بينه وبين الله، لكن لو حاكمته الزوجة لزمه، مثال ذلك: قال له شخص: ادخل لتتعشى، فقال: أنا حالف بالطلاق ألا أدخل، وهو كاذب، فإن حاكمته إلى القاضي ألزم بالطلاق، وإن لم تحاكمه فلا شيء عليه، وهل الأولى أن تحاكمه أو أن تتركه؟ تفصيل: إن علمت من زوجها أنه رجل ورع صادق حرم عليها أن تحاكمه؛ لأنها لو حاكمته لأدى إلى التفريق بينهما، وإن علمت أنه رجل لا يبالي ولا يهتم بهذه الأمور، ليس أكبر همه إلا أن تعود زوجته إليه، فهذا يجب عليها أن تحاكمه، فإن ترددت فالأولى ألا تحاكمه.

وَإِنْ قَالَ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ مَلَكَتْ ثَلاَثاً، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً، وَيَتَرَاخَى مَا لَمْ يَطَأْ أَوْ يُطَلِّقْ أَوْ يَفْسَخْ، .................................
قوله: «وإن قال: أمرك بيدك» رجل قال لزوجته: أمرك بيدك، «أمر» هنا بمعنى شأن، وهو مفرد مضاف فيكون عاماً، فيكون كل أمرها بيدها، ومن جملته أن تطلق نفسها ثلاثاً؛ لأن هذا من أمرها، وهذا من الفروق بين أن يقول لزوجته: أمرك بيدك، وبين أن يقول: وكلتك في طلاق نفسك، فإذا قال: وكلتك لم تملك إلا واحدة، وإذا قال: أمرك بيدك، مسكت أربعة خيارات، أن لا تختار شيئاً، وأن تطلق واحدة، وأن تطلق ثنتين، وأن تطلق ثلاثاً، ولهذا قال: «ملكت ثلاثاً ولو نوى واحدة» .
وقيل: إنه على حسب نيته؛ لأن قوله: أمرك بيدك توكيل، والوكالة على حسب نية الموكل، ولو قيل في هذه المسألة: إنه يُدَيَّنُ كغيرها من شبيهاتها، فيقال: عندنا لفظ ظاهر ونية باطنة، اللفظ الظاهر هو: أمرك بيدك، والنية الباطنة، فإذا لم ترافعه إلى الحاكم رجعنا إلى قوله وإلى نيته.
قوله: «ويتراخى» يعني إن شاءت طلقت في الحال، وإن شاءت طلقت بعد يومين، أو ثلاثة، أو أربعة على التراخي، فحينئذٍ نقول: إذا قالت في المجلس: طلقت نفسي ثلاثاً طلقت، ولو تفرقوا وبعد مدة قالت: طلقت نفسي ثلاثاً يقع.
قوله: «ما لم يطأ أو يطلق أو يفسخ» هذا يعود على قوله: «ملكت» أما قوله: «ويتراخى» فلا نقول: ما لم يطأ، نقول: يتراخى ما لم يحد حدّاً، فإن حد حدّاً، بأن قال: أمرك بيدك هذه الساعة، فلا تملكها بعد هذه الساعة، ولو قال: أمرك بيدك هذا اليوم، لا تملكه بعد هذا اليوم؛ لأنه حدد لها، أما أصل المسألة يعني كلمة «أمرك بيدك» فإن هذا التوكيل ينفسخ بهذه الأمور الثلاثة.
الأول : أن يطأها، أي: يجامعها قبل أن تختار شيئاً، فإنها تنفسخ الوكالة؛ لأن الوطء تصرُّفٌ يدل على أنه عدل عن كلامه الأول، ووجه دلالته: أنه لما قال: أمرك بيدك كان من الممكن أن تطلق نفسها حينئذٍ، وإذا طلقت نفسها ثلاثاً، فهل يملك جماعها أو لا؟ لا يملك، فلما جامعها بدون أن يسأل: هل طلَّقت أم لم تطلّق؟ علم أنه رجع عن التوكيل، مثل لو قلتُ لشخص: خذ هذه السلعة بعها، ثم بعتُها أنا، فإن هذا يعتبر فسخاً لوكالته، أو قلت: وكلتك أن تبيع بعيري وراح الرجل، وجاءني ضيوف فذبحت البعير فإن الوكالة تنفسخ، إذاً إذا جامع زوجته التي قال لها: أمرك بيدك انفسخت الوكالة.
الثاني : أن يطلق، إذا قال: أمرك بيدك، وقال: أخاف أن تطلق نفسها ثلاثاً، فقال: أنت طالق مرة فتطلق مرة، وهل تملك حينئذ أن تطلق نفسها؟ لا تملك، لا مرة ولا مرتين ولا أكثر؛ لأنه لما طلقها علم أنه عدل عن توكيله الأول، فيكون هذا من باب فسخ الوكالة بالفعل.
الثالث : أن يفسخ بالقول، فيقول: رجعت عن قولي أمرك بيدك، فمعلوم أن للموكل أن يرجع في وكالته، كما أن للوكيل ـ أيضاً ـ أن يفسخ الوكالة.

وَيَخْتَصُّ اخْتَارِي نَفْسَكِ بِوَاحِدَةٍ وَبِالمَجْلِسِ المُتَّصِلِ مَا لَمْ يَزدْهَا فِيهِمَا، فَإِنْ رَدَّتْ أَوْ وَطِئَ أَوْ طَلَّقَ أَوْ فَسَخَ بَطَلَ خِيَارُهَا.
قوله: «ويختص اختاري نفسك بواحدة وبالمجلس المتصل» لاحظ الفرق بين العبارتين «اختاري نفسك» و «أمرك بيدك» فالأولى تختص بواحدة، بمعنى أنها لا تملك أن تطلق نفسها ثلاثاً، وكذلك تختص «بالمجلس المتصل» يعني لا يتراخى؛ لأنه يشبه الإيجاب والقبول، فكما أن الإيجاب والقبول في صيغ العقود لابد أن يكون على الفور فكذلك هنا، فإذا قال: اختاري نفسك، وتفرَّقَا ثم قالت بعد ذلك: طلقت نفسي أو اخترت نفسي، لا تطلق ولا يكون شيئاً؛ لأنه لا بد أن يكون الخيار في نفس المكان، وكذلك لو قالت: اخترت نفسي اختياراً بائناً تريد ثلاثاً ما يقع، إلا واحدة فقط، مع أن ظاهر اللفظ يشمل الواحدة والثلاث، بل ربما نقول: إنه إلى الثلاث أقرب؛ لأن كونها تختار نفسها معناه أن تبين منه بينونة لا سبيل له عليها.
ولهذا في المسألة قول آخر: أنه إذا قال لها: اختاري نفسك، واختارت الفراق البائن فلها ذلك.
قوله: «ما لم يزدها فيهما» أي: في المجلس، والواحدة؛ فإن زاد بأن قال: اختاري نفسك متى شئت فلا يختص بالمجلس؛ لأنه قال: متى شئت اليوم، أو بعد اليوم، وكذلك لو قال: اختاري نفسك بأي عدد شئت، تملك ثلاثاً، والمؤلف يذكر مقتضى هذه الصيغة فقط.
أما هل الإنسان مأمور بأن يقول ذلك لزوجته، أو يقال: لا ينبغي أن يقول لزوجته هذا الكلام؟ نقول: ما ينبغي؛ لأن المرأة كما هو معلوم ناقصة عقل ودين، وكما وصفها النبي صلّى الله عليه وسلّم في قوله: ((إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير)) [(1)]، وكما قال أيضاً: «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر» [(2)]، فإذا كان كذلك فإن المرأة لو أحسنت إليها الدهر كله، ورأت منك إساءة واحدة، قالت: ما رأيت خيراً قط، فلو قلت لها هذا الكلام لا سيما في حال الغضب والمشادة لبتت الأمر على الفور، فتندم هي ويندم الزوج، وما أكثر ما يقع الندم بين الزوجين في مثل هذه الحال.
قوله: «فإن ردت أو وطئ أو طلق أو فسخ بطل خيارها» إن قال: أمرك بيدك، أو اختاري نفسك، فقالت: لا أريد ذلك، فما تملك الطلاق، كما لو قلت لشخص: خذ هذا الشيء بعه، فقال: لا، ما أنا ببائعه، ثم بعد ذلك أخذه وباعه فلا يجوز، فما دام رد انقطعت الوكالة.
وكذلك لو وطئها أو طلق أو فسخ كما سبق فإنه يبطل اختيارها.
بقي مسائل مهمة ذكرها في الروض وهي قوله: «ومن طلق في قلبه لم يقع»[(3)]، كإنسان أضمر في نفسه أن يطلق زوجته يقول صاحب الروض: «فإنه لا يقع الطلاق؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)) [(4)]، وهذا الرجل حدث نفسه بالطلاق فلا يقع، ولأن الطلاق فسخ، والفسخ لا بد أن يكون باللفظ كالعقد.
كذلك يقول: «وإن تلفظ به أو حرك لسانه وقع» إن تلفظ به وقع ولا إشكال، أو حرك لسانه لكن ما لفظ يقول المؤلف: إنه يقع الطلاق، والصواب أنه لا يقع لأنه ما وجد منه اللفظ، والطلاق لفظ.
ولو كان مصاباً بالوسواس وجرى على لسانه بدون قصد: زوجتي طالق فما يقع الطلاق، ولو أنه قصد الطلاق لكن قال: أريد أن أتخلص من هذا الوسواس، فلا يقع الطلاق؛ لأنه مغلق عليه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:((لا طلاق في إغلاق)) [(5)].
فإن قيل: لو أن رجلاً موسوساً في الطهارة، وشك هل خرج منه شيء أو لا؟ فقال: سأبول حتى أتيقن الحدث وبال، فإنه يكون مُحدثاً، وهذا مثله؛ لأن كليهما فعل ذلك دفعاً للوسواس، فنقول: الوضوء ينتقض بهذا، سواء كان باختيار أو بغير اختيار بخلاف الطلاق، هذا هو الفرق.


[1] أخرجه مسلم في الطلاق/ باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينوِ الطلاق (1473) (19).
[2] سبق تخريجه ص(17).
[3] سبق تخريجه ص(17).
[4] البخاري كتاب الحيض/ باب ترك الحائض الصوم (304)، ومسلم كتاب الإيمان/ باب نقص الإيمان بنقص الطاعات (132) (80) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
[5] سبق تخريجه ص(8).
[6] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/518).
[7] أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الطلاق في الإغلاق يكره... (5269)، ومسلم في الإيمان/ باب تجاوز الله عن حديث النفس... (127) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[8] سبق تخريجه ص(28).


التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الظهار, والتحريم

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir