المجموعة الثالثة :
س1: بيّن أثر فهم القرآن في الازدياد من العلم.
لقد حوى القرآن جميع العلوم النافعة و وفيه تفصيل كل شيء كما قال الله تعالى ( ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) .
وكلما ازداد العبد فهما للقرآن ازداد علماً , فالمفسّر يحتاج إلى التمكّن من علوم كثيرة متنوعة؛ يستلزمها اشتغاله بعلم التفسير؛ فينفتح له بتلك العلوم والأدوات العلمية أبواب من فهم القرآن ومعرفة معانيه ؛ ويجد لكل علم من هذه العلوم أثره في التفسير واستخراج المعاني الجليلة واللطيفة، وهذا مما يدل على سعة علم التفسير وشرفه وتعدد معارف أهله.
و فهم القرآن يفتحُ لطالب العلم أبواباً من العلم يغفل عنها غيره، بل ربما سمع كلمةً من رجُلٍ فذكَّرته بآية كان يتأمّلها؛ فينفتح له بذلك بابٌ أو أبوابٌ من العلم , وقد فصَّل الله في القرآن كل شيء؛ فمن ابتغى العلم من أفضل أبوابه وأحسنها؛ فعليه بتدبر القرآن وتفهّمه ومعرفة معانيه وتفسيره , ويجمع ذلك كله قول الله تعالى ) إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم(
ومن ابتغى علم التفسير فهو من أعظم الناس حظّا وأوفرهم نصيباً من فضائل العلم؛ وذلك أن الله فضَّل العلم وشرَّفَه وشرَّف أهله ورفع درجتهم، و من اشتغل بتفسير القرآن فإنه يجده جامعاً لأنواع العلوم النافعة، ومبيّناً لأصولها، ومعرّفاً بمقاصدها، ودالاً على سبيل الهدى فيها ومنها :
• أصول الإيمان والاعتقاد الصحيح والتعريف بالله تعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله وسننه في خلقه .
• أصول الأحكام الفقهية .
• أصول المواعظ والسلوك والتزكية .
• سنن الابتلاء والتمكين وأنواع الفتن وسبيل النجاة منها والوصايا النافعة.
• أصول الآداب الشرعية والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة.
• قصص الأنبياء وأخبار بني إسرائيل .
• علمُ الدعوةِ إلى الله تعالى على بصيرة .
• علم المقاصد الشرعية والسياسة الشرعية .
• وفيه بيان الهدى في كل ما يحتاج إليه العبد في شؤون حياته وكيف يتخلص من كيد الشيطان وشر النفس وفتنة الدنيا وسائر الفتن التي تعترضه، وكيف يهتدي إلى الصراط المستقيم.
س2: بيّن حاجة المعلّم والداعية إلى علم التفسير.
لما كان المعلم و الداعية بحاجة للقيام بواجب الدعوة إلى الله , كان لزاماً عليه إدراك حاجاته وحاجات من يدعوهم وذلك من خلال تفسير القرآن وبيان معانيه، ودعوتهم بالقرآن، وتذكيرهم به، وإنذارهم بما فيه من الوعيد، وتبشيرهم بما تضمنه من البشائر .
كما ينبغي للمعلم والداعية أن يتعلّم كيف يدعو بالقرآن، وكيف يبيّن ما أنزل الله فيه من الهدى للناس، وكيف يبصّرهم بما يحتاجون إلى التبصير فيه من بصائر القرآن وبيّناته، وكيف يدعوهم إلى الله بأساليب حسنة مبنية على تبصير القرآن وإنذاره وتبشيره.
ومن المهم أن يتعرف المعلم والداعية حاجات نفسه وحاجات من يدعوه ليقوم بواجبه من الدعوة إلى الله بما تعلّم من تفسير القرآن وعرف من معانيه وهداياته؛ فيسهم في سدّ حاجة الأمة بما يسره الله له وفتح به عليه، وأن يتّبع فيه سبيل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان كما قال الله تعالى ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) ,ولو لم يحصل للداعية إلا واو المعية هذه مع النبي صلى الله عليه وسلم لكفى بها شرفاً .
وتفكّر المعلم و الداعية في بعض أوجه حاجة الأمة إلى فهم القرآن والاهتداء به مما يعينه على العناية بإعداد نفسه للإسهام في سدّ حاجة الأمّة بما يستطيع، ومن تلك الأوجه :
• أن يُبصّرهم أهلُ العلمِ بالقرآنِ بالهدى قبل وقوع الفتن وعند وقوعها، كما قال الله تعالى ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
• معاملة أعدائها من اليهود والنصارى والذين أشركوا، على اختلاف مللهم، وتنوّع عداواتهم لأهل الإسلام، وأن يحذروا مما حذرهم الله منه وتوعد عليه المخالفين بالعذاب الأليم والعقوبات الشديدة ، وقد قال الله تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .
• مجاهدة الكفار بالقرآن حاجة عظيمة لما يترتّب على هذه المجاهدة من دفع شرور كثيرة عن الأمّة؛ ووقاية من فتن عظيمة، وقد قال الله تعالى ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً) .
• معرفة صفات المنافقين وعلاماتهم وحِيَلِهم وطرائقهم في المكر والخديعة، وكيف يتّقي المؤمنون شرورهم، ويحترزون من كيدهم وتضليلهم، وكيف يعاملونهم وهم بين ظهراني المسلمين، ومن بني جلدتهم، ويقولون بظاهر قولهم.
• الاهتداء بهدى القرآن في معاملة من يداخلهم من أصحاب الملل والنحل .
• أنَّ طالب علم التفسير قد يكون في بلدٍ يفشو فيه منكر من المنكرات؛ فيتعلم من كتاب الله ما يعرف به الهدى ويدعو به من حوله لعلهم يهتدون.
• المرأة في المجتمعات النسائية تُبصِرُ ما لا يبصره كثير من الرجالِ ولا يعرفون قدرَه من أنواع المنكرات والفتن التي افتتن بها كثير من النساء؛ فتتعلم طالبة العلم كيف تدعو بالقرآن بين صفوف النساء، وكيف تبيّن الهدى، وتدعو للحق، وتعظ من في إيمانها ضعف وفي قلبها مرض.
س3: ما هي فوائد معرفة فضل علم التفسير؟
معرفة فضل علم التفسير من أهم مهمات طالب العلم وفي ذلك من الفوائد الكثير , فكلما أصاب طالب العلم شيء من الفتور و هو في مسيرته في طلب علم التفسير تذكر ما أعده الله لأهل القرآن من خير الدنيا والآخرة فبادر وازداد اجتهاداً .
وكلما رأى من الخير و البركات عليه في أمور دنياه , علم أن ذلك ببركة هذا العلم فازداد إقبالاً عليه .
وحينما يدرك طالب العلم فضائل علم التفسير المتنوعة في نفسه ولأمته يزداد حرصاً واجتهاداً في مسيرته في طلب هذا العلم العزيز .
فإن قيمة أي علم وأهميته إنما تقاس بأهمية المعلوم، والغرض من تعلمه، وبمقدار حاجة العباد إلى ذلك العلم وضرورتهم إليه، ومن ثَم كان علم تفسير القرآن من أجل علوم الشريعة وأرفعها قدرًا، إذ هو أشرف العلوم موضوعا وغرضا وحاجة إليه , لأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة ولأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية .
وحاجة الناس إليه وضرورتهم له فوق كل حاجة ، وأعظم من كل ضروروة، وإنما اشتدت الحاجة إليه لأن كل كمال ديني أو دنيوي لا بد وأن يكون موافقا للشرع ، وموافقته تتوقف على العلم بكتاب الله .
ومن أقبل على طلب العلم باجتهاد وحرص وعزيمة قوية صادرة عن معرفة حسنة بقَدْرِ العلم الذي يطلبه رُجى له أن يوفّق لحسن طلبه، وإدراك بغيته، والتمكّن من العلم الذي يطلبه إذا أحسن طريقة الطلب وأيّده الله بتوفيقه.