دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15 ذو القعدة 1437هـ/18-08-2016م, 02:47 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير

مجلس مذاكرة مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير


اختر إحدى المجموعات التالية، ثم أجب على أسئلتها إجابة وافية:
المجموعة الأولى:
1: اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.
2: ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة

3: ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.


المجموعة الثانية:
1
: بيّن فضل القرآن وأهله.

2: اذكر أقوال أهل العلم في قراءة القرآن بالألحان المحدثة.
3: تكلم عن جمع القرآن في العهد النبويّ.

المجموعة الثالثة:
1: تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
2: بيّن معنى التغنّي بالقرآن.
3: أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب؟

المجموعة الرابعة:
1: تكلم عن جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه.
2: اذكر أهم الآداب الواجبة أثناء تلاوة القرآن.

3: بيّن حكم نسيان القرآن.

تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15 ذو القعدة 1437هـ/18-08-2016م, 10:19 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

المجموعة الأولى:

1- اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.
حكم التفسير:
واجب على أهل العلم تبيين معاني القرآن وتفسيره .
الدليل:
- قال تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)
- قال تعالى:(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)
فضله:
علم التفسير من أشرف العلوم وذلك لشرف موضوعه وهو كتاب الله وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله عز وجل على خلقه وقد ذم الله تعالى أهل الكتاب لإعراضهم عن كتبهم قال تعالى:( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) فعلينا العناية بتعلم القرآن وتعليمه وتدبره فمن اعتصم به نجا من تركه هلك.

2- ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة.
- أحسن طرق التفسير تفسير القرآن بالقرآن فما أجمل في موضع فسر في موضع آخر.
- وإن لم نجد التفسير في الوحيين ولا في أقوال الصحابة نرجع لأقوال التابعين في التفسير ومن أئمة التابعين في التفسير مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، سعيد بن المسيب ، أبو العالية الرياحي ، والحسن البصري وغيرهم.
وإذا أجمع التابعون على قول في التفسير فهو حجة فإن اختلفوا فلا يكون حجة على بعضهم البعض ولا على من بعدهم.

3- ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.
اختلف العلماء على المراد بالأحرف السبعة على أقوال كثيرة ذكر منها القرطبي خمس أقوال أوردها ابن كثير ملخصة فيما يلي:
القول الأول:
- المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة مثل:تعال، هلم، أقبل .
- وهو قول أكثر أهل العلم ومنهم سفيان ابن عيينه والطحاوي.
- واستدل له الطحاوي بحديث أبي بكرة قال:( جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل).
- مثال ذلك: عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ:(يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم):( للذين آمنوا أمهلونا)،( للذين آمنوا أخرونا)،( للذين آمنوا ارقبونا).
القول الثاني:
- ليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر، وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات وبعض اللغات أسعد به من بعض.
- وهو قول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.
- وما روي عن عثمان رضي الله عنه أن القرآن نزل بلغة قريش المراد منه أن معظمه نزل بلغة قريش فقال تعالى : (قرآنا عربيا) ولم يقل قرشيا.
القول الثالث:
- أن اللغات السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها.
- استدلوا له بقول عثمان رضي الله عنه أن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح.
القول الرابع:
أنها ترجع إلى سبعة أشياء منها:
*ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثاله: (ويضيقُ صدري) يضيقَ.
* ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثاله: (فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا)باعَد بين أسفارنا.
*ما تتغير الصورة والمعنى بالحرف مثاله: (ننشزها) ننشرها.
*ما تتغير الكلمة مع بقاء المعنى مثاله:( كالعهن المنفوش) كالصوف المنفوش.
* اختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثاله: (وطلح منضود) وطلع منضود.
* بالتقدم والتأخر مثاله: (وجاءت سكرة الموت بالحق) سكرة الحق بالموت.
*بالزيادة مثاله:( تسع وتسعون نعجة أنثى).
القول الخامس:
- المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
- ضعف هذا القول ابن عطيه وسبب تضعيفه له أن هذه المعاني لا تسمى حروفا ولأن الرخصة لم تأتي في تحليل حرام أو في تغيير شيء من معاني القرآن.
الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:
عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف).
فالقراءة بالأحرف السبعة كانت رخصة للتخفيف عن الأمة وذلك لأن التلاوة على لغة قريش تصعب على كثير من الناس مع عدم علمهم بالكتابة والضبط والحفظ، ثم لما زال العذر وتيسر الحفظ والضبط وتعلم الكتابة ورأى عثمان رضي الله عنه اختلاف الناس في القراءة مما قد يؤدي لتفرق الأمة وتكفير بعضها لبعض فجمع القرآن في المصاحف على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1437هـ/19-08-2016م, 03:30 PM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

المجموعة الثالثة
:
السؤال الأول :
تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه.

- عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إليّ أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر.
قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم
. رواه البخاري ورواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به

هذا الحديث يبين سبب الجمع زمن أبي بكر والغرض منه وكيف كان :
- سبب جمع القرآن زمن أبي بكر الصديق
فأما سبب الجمع فكان الخوف على ذهاب القرآن بموت حفاظه ... إذ في حروب المرتدين استشهد كثير من حفاظ القرآن ، وقيل أنه قتل في اليمامة وحدها قرابة الخمسمئة قارئ ... ولم يكن القرآن وقتها قد جمع كله في صحيفة واحدة وإنما كان في صدور الرجال ومفرقا على العسب واللخاف وغيرها مما كان يكتب عليه زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

- الذي أشار بهذا الجمع :
هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، إذ أفزعه أعداد القراء الذين استشهدوا في اليمامة فرفع الأمر إلى أبي بكر أن يجمع القرآن ، فاستعظم أبو بكر فعل أمر لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما زال به عمر حتى شرح صدره لرأيه ..

- المكلف بالجمع :
كلف أبو بكر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، واختياره له لرجاحة عقله وتقواه ولأنه من كتاب الوحي ... ويعلم العرضة الأخيرة .. فراجعه أول الأمر ثم لم يلبث أن شرح الله صدره لذلك .... كما شرح لها صدر أبي بكر وعمر

- شرط جمع القرآن زمن أبي بكر
أمر أبو بكر الصديق زيدا أن لا يقبل شيئا من القرآن إلا بشهادة شاهدين
- عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: لما استحر القتل بالقراء يومئذ فرق أبو بكر، رضي الله عنه، أن يضيع، فقال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. قال ابن كثير : منقطع حسن.

- قال زيد بن ثابت: وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [التوبة: 128، 129]، مع أبي خزيمة الأنصاري، وفي رواية: مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه ...

- أين وضعت الصحف بعد جمعها زمن أبي بكر
كانت الصحف عند أبي بكر زمن خلافته ثم عند عمر بن الخطاب ثم انتقلت إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها بعد وفاة والدها ... وبقيت عندها حتى طلبها منها عثمان لنسخ المصاحف عنها وردها إليها ...

أثر هذا الجمع :
- عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر، إن أبا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. قال ابن كثير : إسناده صحيح

فإن آثار هذا الجمع وفوائده عظيمة ... إذ لم يعد الاعتماد في معرفة آيات القرآن على ما حفظه الرجال فقط فيذهب بذهاب حفاظه ، وإنما قد ثبت مجموعا في هذه الصحف ... وكان هذا الجمع مصدقا لقوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
وقد كانت هذه الصحف هي المرجع الأساس الذي اعتمد عليه عثمان بن عفان في جمعه ...

السؤال الثاني :
بيّن معنى التغنّي بالقرآن.

التغني بالقرآن : هو التحزن وتحسين الصوت ما أمكن عند تلاوته ليكون ذلك أخشع للقلب وأجمع للنفوس ...

- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري.
- قال حرملة: (سمعت ابن عيينة يقول: معناه: (يستغني به) فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به ، ثم قال حرملة : وسمعت ابن وهب يقول : يترنم به ).
- قال ابن كثير: (معناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك).

- و عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)) رواه ابن ماجة بسند جيد ...
- قال أبو عبيد: (يعني: الاستماع. وقوله في الحديث الآخر: ((ما أذن الله لشيء)) أي: ما استمع).

- عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبت أنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل)). رواه أبو عبيد، وفي رواية له: ((واقتنوه وتغنوا به)) ولم يشك، وهكذا رواه أحمد والنسائي

- عن السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)). رواه أبو القاسم البغوي.

- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). رواه أبو داوود وروي عن أحمد وزاد فيه : قال وكيع: يعني: يستغنى به).
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)). رواه ابن ماجة.

- قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرَّ بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع). رواه أبو داود.

- عن ابن عوسجة عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه.
وقد ورد عن شعبة أن أيوب نهاه عن التحديث بهذا الحديث ، قال أبو عبيد : إنما كره أيوب ذلك فيما نرى أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله في الألحان المبتدعة فلهذا نهاه أن يحدث به ...
ثم إن شعبة حدث به إذ لا يترك حديث خوف من تأويل فاسد له ، إذ في ذلك ذهاب وتفويت لكثير من السنة ...

إذن فكما فهم السلف أن التغني بالقرآن هو تحسين الصوت به والتغني والترنم به مع الخشوع ... حتى لو كان هذا التغني تكلفا ... إذ قد روي عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود )). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا). رواه مسلم.
قال ابن كثير: (والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه).

- وقد عرف من الصحابة من كان. شجي الصوت حسن التغني بالقرآن حتى إن القلوب تأنس له وتطلب قراءته لتخشع وتزداد إيمانا ... ومنهم أبو موسى الأشعري الذي أوتي مزمارا من مزامير آل داود ... فصوت حسن ورقة قلب مع خشية وخشوع حتى روي عن أبي سلمة أنه قال : (كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده). رواه أبو عبيد.

- و قال أبو عثمان النهدي: (كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط، ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته). رواه أبو عبيد

- وقد روي عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال:((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ". رواه ابن ماجه بإسناد جيد.

ففي كل ذلك دلالة على حرص الصحابة. على التغني بكتاب الله وتحسين الصوت به ...

وإنما ذلك التغني بتحسين الصوت والترنم به بما يبعث على الخشوع وذلك بلحون العرب لا بلحون أهل الفسق والفجور ولا بتشبيهه بالغناء وقراءته على ألحان الغناء والموسيقى كما يفعل بعض المتساهلين في ذلك اليوم ...
فعن حذيفة بن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها وإياكم ولحون أهل الفسق والكتابيين وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ، لا يجاوز حناجرهم ، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم )) رواه أبو عبيد

السؤال الثالث :
أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب؟

في هذه المسألة تفصيل :
1- فالأولى والأصل و ما عليه أهل العلم والذي صرح به كثير من العلماء عموما : أن الأفضل هو القراءة من المصحف لأن في ذلك إدامة للنظر فيه مع التلاوة ... وقد كره السلف أن يمضي يوم على أحدهم ولم ينظر في مصحفه ... وذلك لئلا تصبح المصاحف مجرد كتب توضع على الرفوف ... ولئلا يعتمد الحافظ على حفظه فقط فيقع منه غفلة أو سهو دون أن ينتبه أو يحرف في حفظه ... فيعينه النظر في المصحف على التثبت من محفوظه بين فينة وأخرى ...

🔹واستدلوا على أفضيلة التلاوة في المصحف بما رواه الإمام العلم أبو عبيد في كتاب فضائل القرآن حيث قال:
- عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) قال ابن كثير ( هذا الإسناد ضعيف فإن معاوية بن يحيى هو الصدفي أو الأطرابلسي، وأيهما كان فهو ضعيف.

- وعن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
- و عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
- وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
- و عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ.
- وقال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

2- وقال جمع من العلماء أن المدار والاعتماد في ذلك يدور حول الخشوع ، فمن كان خشوعه عند القراءة عن ظهر قلب أفضل فذلك أفضل له ، وأما إن كان لا يخشع إلا عند النظر في المصحف فذلك أولى له ... فإذا استويا في الخشوع فالأفضل التلاوة عن المصحف كما ورد بداية ...

- قال الشيخ أبو زكريا النووي رحمه الله، في التبيان: والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.

3- و أما إن كان الغرض تعلم القرآن ؛ فالأخذ من أفواه الرجال أفضل ... لأن الأخذ من كتابة المصحف قد يقع فيه لغط كثير وقد يمر بكلمات لا يجيد قراءتها لاختلاف رسمها في المصحف عما اعتاده من الإملاء ... فيقع في ذلك تصحيف وتحريف ... أو لحن جلي أو خفي ... فلا بد إذن من التلقين وأخذ القرآن مشافهة ...
و أما من لا يجد من يعلمه ويصحح قراءته فله أن يأخذ عن القرآن مباشرة ،
قال ابن كثير : ( فأما عند العجز عمن يلقن فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فيجوز عند الضرورة ما لا يجوز عند الرفاهية، فإذا قرأ في المصحف -والحالة هذه- فلا حرج عليه، ولو فرض أنه قد يحرف بعض الكلمات عن لفظها على لغته ولفظه )

- واستدل لذلك بما روي عن الأوزاعي أن رجلا صحبهم في سفر قال: فحدثنا حديثا ما أعلمه إلا رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد إذا قرأ فحرف أو أخطأ كتبه الملك كما أنزل)). رواه أبو عبيد

- و عن بكير بن الأخنس قال: كان يقال: إذا قرأ الأعجمي والذي لا يقيم القرآن كتبه الملك كما أنزل.

وأما الحديث الذي صدر به البخاري هذا الباب واستدل به على أفضلية القراءة عن ظهر قلب وهو :
حديث أبي حازم عن سهل بن سعد وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).

قال ابن كثير : ( هذه الترجمة من البخاري، رحمه الله، مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل ... )

ولكن قد تكون هذه مسألة تخص السائل وحده . كأن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لا يجيد القراءة والكتابة فوجهه إلى القراءة عن ظهر قلب ...
وقد يكون ذلك للتأكد من حفظه لهذه السور عن ظهر قلب فيتمكن من تحفيظها وتعليمها لزوجته ... وليس في ذلك توجيه للتلاوة عن ظهر قلب أو أفضلية ذلك ... والله أعلم .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو القعدة 1437هـ/20-08-2016م, 05:46 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

المجموعة الثانية:

1: بيّن فضل القرآن وأهله.
للقرآن الكريم فضائل عظيمة وجليلة منها :

1- تميز القرآن وتفضيله ككتاب ومعجزة .
أ - هيمنة القرآن على ما قبله من الكتب .
قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}.
أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.
{ومهيمنا عليه} أي : أميناً شهيداَ مؤتمناً على ما قبله من الكتب . وذلك حاصل ما روى غير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد والسدى وقتادة وابن جريج والحسن البصري
ب - معجزة القرآن باقية مؤثرةبخلاف معجزات الأنبياء قبله .
فمعجزات الأنبياء قبله مؤقته بوجود النبى أو الرسول أما معجزة القرآن للناس كافة وباقية مدى الدهر .
روى البخارى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).

2- من فضائل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله ولا حتى بسورة منه
أ - من فضل القرآن أنه لا يستطيع أحد من إنس أو جن أن يأتي بمثله ، قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
ب - تحدّى الله العرب أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وهم أهل الفصاحة والبلاغة ؛ قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}

3- فضل كلام الله على سائر الكلام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه))،

4- القرآن الكريم كلام الله الحكيم ، هو الصراط المستقيم ؛ من تمسك به: نجا من الفتن ، وهُدىَ إلى الطريق القويم ، من قال به صدق ، ومن عمل به نجا وفلح ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه أُجر .
- روى أحمد والترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟
قال: (( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)).
- عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة، وذلك أن الله عز وجل يقول: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه: 123] )).
5- أعد الله الجزاء الوفير على تلاوة القرآن الكريم .
رواه أبو عبيدعن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)).
- عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).

6- من فضائله نزول السكينة والملائكة عند تلاوته
- روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))
- عن أسيد بن الحضير قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)). رواه البخاري معلّقاً.

7- فضل الله قراءة القرآن على سائر الكلام .
روى البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها))

8- .تلاوة القرآن من أعظم القرب إلى الله عز وجل .
كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

9- أحب الأعمال إلى الله عز وجل مصاحبة القرآن
عن ابن عباس قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: ((الحال المرتحل)). قال: يا رسول الله، ما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله))

10- أشرف العلوم ما كان من القرآن
قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.

11- البيت الذى يقرأ فيه القرآن تكثر بركته وخيره .
قال الحافظ أبو بكر البزار: عن أنس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)).

12- القرآن يشفع للعبد يوم القيامة .
قال أحمد: عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).

13- الوعيد لمن هجر القرآن ونسيه .
- قال تعالى :) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)
فالإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون وتفريط شديد
- عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجذم)).
- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها)

ومن فضل القرآن أن الله أعد لأهله المكانة العظيمة ومن ذلك : .
1- أهل القرآن هم أهل الله وخاصته .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثني عبد الرحمن بن بديل بن ميسرة، حدثني أبي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".

2- استماع الله عز وجل لمن يتغنى به .
- روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به.
- عن فضالة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)).

3- الخيرية لمن تعلم القرآن وعلّمه .
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

4- منح الشرف لحملة القرآن في الدنيا والآخرة
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة)).
- عن ابن عباس مرفوعا: ((أشرف أمتي حملة القرآن)).

5- ارتقاء صاحب القرآن في الدرجات العليا من الجنة .
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها
- وما رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً يقال: لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه.

6- تزويج الخاطب بما معه من القرآن وذلك لمكانة القرآن وإمكانية تعليمه لزوجته .
عن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)). متفق عليه.
- في رواية لمسلم: (فعلّمها)، وهذا سبب إيراد البخاري لهذا الحديث بعد حديث : ( خيركم من تعلّم القرآن القرآن وعلّمه).

7- جواز اغتباط صاحب القرآن
وهذا دليل على شرف القرآن والقيام به.
روى البخاري عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).
- وما رواه أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً يقال: لصاحب القرآن إذا دخل الجنة اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه.

2: اذكر أقوال أهل العلم في قراءة القرآن بالألحان المحدثة.
لقد وردت عدة أحاديث فى ضرورة تحسين الصوت وتحزينه وتطريبه عند التلاوة بما يحقق الخشوع والخضوع والتدبر والانقياد .ومن ذلك :
- روى ابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)).
- وقال أبو داود: عن عبيد الله بن أبي يزيد: مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع. تفرد به أبو داود.
- وما رواه أبو داود حيث قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
- فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقي ، فالقرآن ينزه عنه ويجل ويعظم أن يسلك في تلاوته هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك، كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
- عن حصين بن مالك الفزاري: سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
- و عن عليم قال: "كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين.
- و عن أنس بن مالك: أنه سمع رجلا يقرأ القرآن بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك ونهى عنه.
وهذا كله يدل على:
- أن قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء محذورة شرعاً، وقد نص الأئمة، رحمهم الله على النهي عنها.
- فأما إن خرج به إلى التمطيط الشديد الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم
.

3: تكلم عن جمع القرآن في العهد النبويّ.

جمع القرآن فى العهد النبوى عدة من الصحابة : والمراد بالجمع هنا حفظ القرآن
-
عن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد.متفق عليه
- عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.رواه البخارى
وخلاصة ما قال ابن كثير وما أورده عن القرطبى :
- أنه مما لا شك فيه أن من جمع القرآن غير واحد من المهاجرين أيضا ولعل المراد من الأحاديث الواردة :
- أنه لم يجمع القرآن من الأنصار إلا هؤلاء؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد
- قول أنس: "لم يجمعه غير أربعة" يحتمل أنه لم يأخذه تلقيا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الأربعة، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض..
- وممن ورد عنه جمع القرآن من المهاجرين :
1- الصديق، رضي الله عنه، قدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه إماما على المهاجرين والأنصار، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله))فلولا أنه كان أقرؤهم لكتاب الله لما قدمه عليهم.
2- عثمان بن عفان وقد قرأه في ركعة.
3- علي بن أبي طالب يقال: إنه جمعه على ترتيب ما أنزل.
4- عبد الله بن مسعود، وقد تقدم عنه أنه قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه.
5- سالم مولى أبي حذيفة، كان من السادات النجباء والأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا.
6- الحبر البحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن.
7- عبد الله بن عمرو فقد ورد عنه أنه قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)).



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17 ذو القعدة 1437هـ/20-08-2016م, 06:09 PM
سناء بنت عثمان سناء بنت عثمان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 286
افتراضي

مجلس مذاكرة مقاصدمقدمة تفسير ابنكثير
المجموعةالثالثة:

أجب على الأسئلة إجابة وافية:
1: تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي اللهعنه.
ج1: أبوبكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول، قام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما لم يقمه أحد بعده، وأبرز أعماله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه رضي الله عنه، قاتل الأعداء، ونفذ الجيوش وبعث السرايا، حتى استقر أمر المسلمين، وقامت دولتهم وقوي أمرهم. ثم جمع القرآن الذي به كان حفظ القرآن الكريم.
· المراد بجمع القرآن.
_جمعه حفظا في صدور الرجال وكان ذلك في العهد النبوي، وهم القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقدوتهم وإمامهم في ذلك النبي عليه الصلاة والسلام.
_جمعه مكتوبا كاملا في الألواح. وقد كان أول ذلك في عهد الصديق رضي الله عنه.
· سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر.
ما ظهر من شأن مسيلمة الكذاب باليمامة الذي ادعى النبوة، فالتف حوله أصحابه من بني حنيفة وعدد كبير من مرتدين العرب قريب من مائة ألف، فأرسل أبو بكر الصديق جيشا في قريب من ثلاثة عشر ألفا بقيادة خالد بن الوليد لقتالهم، فالتقوا بحديقة الموت من أرض اليمامة، فانكشف جيش المسلمين أول الأمر بسبب ما فيه من الأعراب، ثم تميزوا عنهم وحملوا على الكفار _مسيلمة ومن معه_ فقاتلوهم قتالا شديدا حتى انتصروا عليهم وقتل مسيلمة الكذاب وفر أصحابه. ورجع من رجع منهم إلى دائرة الإسلام، وكان قتلى الصحابة في هذه المعركة كبيرا بلغ خمسمائة من قراء القرآن وحفاظه، فكان رأيا صائبا من الفاروق عمر بن الخطاب هو جمع القرآن وكتابته في الألواح، حفظا للقرآن، وخوفا من أن يذهب القرآن بموت القراء في مواقع القتال. فأشار بذلك على الصديق رضي الله عنه، فلم يزل به حتى اطمأن قلب أبا بكر الصديق لقول عمر، ثم أرسلوا إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي للنبي صلى الله عليه أن يقوم بجمع القرآن وكتابته. يقول زيد بن ثابت:(أرسل إلي أبو بكر الصديق -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبوبكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبوبكر: إنك رجل عاقل لا نتهمك بشيء، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسف واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره:(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه) حتى خاتمة براءة). ذكره البخاري. وهذا المقام من أعظم فضائل زيد بن ثابت الأنصاري.
وأبي خزيمة بن ثابت الأنصاري، أو خزيمة بن ثابت الأنصاري، على اختلاف في اسمه. قصته مشهورة رواها أهل السنن: وذلك في قصة الفرس الذي ابتاعها النبي صلى الله عليه وسلم من الأعرابي فأنكر الأعرابي، وشهد أبي خزيمة بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، فأمضى النبي صلى الله عليه وسلم شهادته وجعلها بشهادة رجلين.
· جمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنه:
_أشار الصديق إلى عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت الأنصاري بجمع القرآن، واشترط عليهم أن لا يقبلوا من أحد شيئا إلا بشهادة شاهدان.
_فقام زيد بن ثابت الأنصاري، بجمع القرآن أحسن قيام، (فتتبعه جمعا من العسب واللخاف وصدور الرجال)، وفي رواية:(من العسب والرقاع والأضلاع)، وفي رواية:(من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال). والعسب والرقاع والأضلاع هي مما كانوا يكتبون عليه، فأما العسب: فهو السعف الذي لم ينبت عليه الخوص، وأما اللخاف: فهي القطعة من الحجارة مستدقة.
وكان من الصحابة ممن يثق بحفظه فيحفظ القرآن ولا يكتبه، ومنهم من لا يحسن الكتابة، والصحابة عدولا في ذلك.
وقد كانت هذه الصحف عند أبي بكر الصديق أيام حياته، فلما مات انتقلت إلى عمر بن الخطاب، ثم إلى حفصة بعد وفاة الفاروق، لأنها كانت وصيته.
2: بيّن معنى التغنّيبالقرآن.
ج2: جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أنه كان بقول:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لم يأذن الله بشيء، ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن).
والأذن هنا: بمعنى الاستماع. كما جاء في قوله تعالى:(إذا السماء انشقت* وأذنت لربها وحقت) أي: استمعت لربها.
أما في المراد بالتغني من قوله عليه الصلاة والسلام:( يتغنى بالقرآن).
جاء على قولان:
الأول: أن المراد بذلك الجهر به. وهو الوجه ذكره أحد رواته.
وهو من تحسين القراءة والتحزين والترنم به.
الثاني: أن المراد يستغني به، ذكره سفيان بن عيينة. وقال: إن أراد يستغني عن الدنيا فإنه خلاف الظاهر. وقد رد الشافعي هذا القول، وقال: ليس هكذا، ولو أراد ذلك لكان: يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به. قاله حرملة. وهكذا نقل المزني والربيع عن الشافعي رحمه الله.
3: أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهرقلب؟
ج3: جاءت أحاديث صحيحة دلت بفضل قراءة القرآن عن ظهر قلب، ومن ذلك؛ الحديث الذي رواه البخاري، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل:(فما معك من القرآن) قال: سورة كذا وكذا، لسور عددها، قال:(أتقرؤهن عن ظهر قلبك)، قال: نعم، قال:(اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن). لكن الذي عليه كثير من أهل هو أن القراءة من المصحف أفضل وقد صرح بذلك عدد كبير من العلماء، لما فيه من مشاركة النظر حال القراءة فيترتب على ذلك مزيد أجر.
وقد ورد حديث في اسناده ضعف، جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم:(فضل القراءة نظرا كمن يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة).
وجاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قوله: أديموا النظر في المصحف. وجاء عنه أيضا: أنه إذا اجتمع إليه إخوانه نشر المصاحف فقرؤوا وفسر لهم.
وعن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ منه.
فقراءة القرآن نظرا من المصحف عبادة يستكثر بها الأجر وهو أيضا مطلوب حتى لا يعطل المصحف، ولما قد يقع للحافظ من نسيان أو يشكل عليه بعض متشابهه فيستذكر بقراءته نظرا.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 17 ذو القعدة 1437هـ/20-08-2016م, 06:40 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الثالثة

1: تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه.


يسر الله لجمع من الصحابة حفظ القرآن في صدورهم ومنهم:
*أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد وأبو الدرداء، ومن المهاجرين الأئمة الأربعة وعلى رأسهم أبو بكر الصديق وعثمان، وعلي، وتميم الداري، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة.
جمع القرآن في عهد أبو بكر الصديق :
ذكر الرواية الواردة في ذلك :
عن عبيد بن السباق، أن زيد بن ثابت قال: أرسل إلى أبو بكر -مقتل أهل اليمامة- فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر بن الخطاب أتاني، فقال: إن القتل قد استحر بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فاجمعه، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان علي أثقل مما أمرني به من جمع القرآن. قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما. فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، ووجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز} [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهم،رواه البخاري و أحمد والترمذي والنسائي
سبب جمع أبو بكر الصديق للقرآن :
لما استحر القتل بالقراء، أي اشتد القتل وكثر في قراء القرآن يوم اليمامة يوم قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه من بني حنيفة بأرض اليمامة في حديقة الموت عندما انكشف الجيش الإسلامي لكثرة من فيه من الأعراب، فنادى القراء من كبار الصحابة: يا خالد، يقولون: ميزنا من هؤلاء الأعراب فتميزوا منهم، وانفردوا، فكانوا قريبا من ثلاثة آلاف، ثم صدقوا الحملة، وقاتلوا قتالا شديدا، وجعلوا يتنادون: يا أصحاب سورة البقرة، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم وولى جيش الكفار فارا ، ولكن قتل من القراء يومئذ قريب من خمسمائة، فلهذا أشار عمر على الصديق بأن يجمع القرآن؛ لئلا يذهب منه شيء بسبب موت من يكون يحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال، فإذا كتب وحفظ صار ذلك محفوظا فلا فرق بين حياة من بلغه أو موته.
تثبت الصحابة واجتهادهم في جمع القرآن في عهد أبو بكر الصديق :
مما يدل على شدة تثبتهم:
*أن ابو بكر الصديق ، قال لعمر بن الخطاب ولزيد بن ثابت: فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه
*أن عمر لما جمع القرآن كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان.
*تثبت زيد بن ثابت عندما قال : وجدت آخر سورة التوبة، يعني قوله تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين من التوبة مع خزيمة بن ثابت الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين لم أجدها مع غيره فكتبوها عنه لأنه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين في قصة الفرس التي ابتاعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأعرابي.
مما يد ل على اجتهادهم في جمع القرآن في عهد أبو بكر :
* قول زيد بن ثابت: "فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال" وفي رواية: "من العسب والرقاع والأضلاع، وفي رواية: "من الأكتاف والأقتاب وصدور الرجال"وفي هذا دليل واضح على اجتهاده ،فتلقاه زيد بن ثابت من هذا من عسيبه، ومن هذا من لخافه، ومن صدر هذا، أي من حفظه.
جمع القرآن كاملاً لانقص فيه في عهد أبو بكر :
مما يدل على أن القرآن قد جمع كاملا لانقص فيه :
*أن الصحابة كانوا أحرص شيء على أداء الأمانات وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده كما قال الله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} [المائدة: 67]، ففعل، صلوات الله وسلامه عليه، ما أمر به؛ ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رؤوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: ((إنكم مسؤولون عني فما أنتم قائلون؟)). فقالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فجعل يشير بأصبعه إلى السماء، وينكبها عليهم ويقول: ((اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد)). رواه مسلم عن جابر.
*أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب وقال: ((بلغوا عني ولو آية)) يعني: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به
فعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغه الصحابة رضي الله عنهم .




2: بيّن معنى التغنّي بالقرآن.
القول الأول:
المراد بالتغني بالقرآن الجهر به وتحسين الصوت به وعليه فهم السلف
القول الثاني :
المراد بالتغني بالقرآن أن يستغني به عن الدنيا قال به سفيان بن عيينة وأبو عبيد القاسم بن سلام ووكيع
القول الراجح:
القول الأول وهو أن المراد بالتغني بالقرآن الجهر به وتحسين الصوت به وعليه فهم السلف
ودلت عليه الأدلة ومنها :
- عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))
ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.
- حدثنا السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)).

- وقد روى أبو داود من حديث الليث وعمرو بن دينار كلاهما عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)).

- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)).

- قال عبيد الله بن أبي يزيد: مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع. تفرد به أبو داود.
فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله.
الأدلة الدالة على تحسين الصوت بالقرآن :
- عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم))أخرجه النسائي وابن ماجة
- المراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به، كما رواه الحافظ الكبير بقي بن مخلد رحمه الله، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة)). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.
- عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) رواه ابن ماجة .
- في الصحيحين عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قال: قراءة منه. وفي بعض ألفاظه: فلما سمعته قرأ: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} [الطور: 35]، خلت أن فؤادي قد انصدع.
- الرد على من قال أن معنى التغني الاستغناء:
- تفسير التغني بالاستغناء خلاف الظاهر من الحديث
-رد الشافعي لمعنى الاستغناء
قال حرملة: سمعت ابن عيينة يقول: معناه: يستغني به، فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به، ثم قال حرملة: وسمعت ابن وهب يقول: يترنم به، وهكذا نقل المزني والربيع عن الشافعي، رحمه الله.



3: أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب؟
القول الأول :
أن قراءة القرآن من المصحف أفضل قال به كثير من العلماء
القول الثاني :
أن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل
يظهر من ترجمة البخاري في الحديث الذي رواع عن سهل بن سعدوفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
قال بعض العلماء: المدار في هذه المسألة على الخشوع في القراءة، فإن كان الخشوع عند القراءة على ظهر القلب فهو أفضل، وإن كان عند النظر في المصحف فهو أفضل فإن استويا فالقراءة نظرا أولى؛ لأنها أثبت وتمتاز بالنظر في المصحف قال الشيخ أبو زكريا النووي رحمه الله، في التبيان: والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل.
القول الراجح :
أن قراءة القرآن من المصحف أفضل وهو القول الذي قال به كثير من العلماء
ومما يدل على ترجيح هذا القول :
- أن قراءة القرآن من المصحف تشمل النظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف
- كراهية السلف أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه
- عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) وهذا الإسناد ضعيف فإن معاوية بن يحيى هو الصدفي أو الأطرابلسي، وأيهما كان فهو ضعيف.
- عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
- عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
- عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
- عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ
- قال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

فهذه الآثار تدل على أن هذا أمر مطلوب لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال.

الرد على من أستدل بحديث البخاري أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل:
1- يحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل
2- أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد هاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه والله أعلم .



رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 12:12 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

المجموعة الأولى:

1- حكم التفسير:

واجب كفائي.
يجب على أهل العلم بيان معاني كلام الله ؛ وتفسيره وتعليمه للناس
.
وذلك لقوله تعالى": :(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)
- و قال تعالى:(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم)
-
فضل علم التفسير
علمَ التفسيرِ من أشرف العلوم وأجلّها، وأعظمها بركة، وأحسنها أثراً

وله فضائل كثيرا منها
-
- أنه معين على فهم كلام الله عز وجل؛ ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيراً كثيراً
. قال ابن عبد البر : فأول العلم حفظ كتاب الله وتفهمه ، وكل ما يعين على فهمه فواجب معه .

- من فضائل علم التفسير تعلّقه بأشرف الكلام وأحسنه وأصدقه وأحكمه، وأعظمه بركة وأجلّه قدراً، وهو كلام الله تعالى . وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله عز وجل على خلقه
وقال ابن عطية : فلما أردت أن أختار لنفسي وأنظر في علم أُعِدُّ أنواره لظُلَمِ رمسي سبرتها بالتنويع والتقسيم وعلمت أن شرف العلم على قدر شرف المعلوم فوجدت أمتنها حبالاً وأرسخها جبالاً وأجملها آثاراً وأسطعها أنواراً علم كتاب الله جلت قدرته وتقدست أسماؤه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تـنـزيل من حكيم حميد الذي استقل بالسنة والفرض ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض هو العلم الذي جعل للشرع قواماً واستعمل سائر المعارف خداماً ، ... إلى أن قال : قال الله تعالى إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ( قال المفسرون: أي علم معانيه والعمل بها ا.هـ

- - أنه يدل صاحبه على ما يعتصم به من الضلالة.

--أنه من أعظم الأسباب المعينة على صلاح القلب والعمل لمن حسنت نيّته في طلبه.
-
- ومن فضائل علمِ التفسير أن المفسر كثير الاشتغال بالقرآن ومعانيه وهداياته ؛ ، وهذا يجعله ينال صحبة القران و يدخله في قوله صلى الله عليه وسلم: « اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ». رواه مسلم

- ومن فضائله أنه يدخل صاحبه في زمرة خيرِ هذه الأمة ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم: « خيركم من تعلم القرآن وعلمه ».

2- ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة.

- أحسن طرق التفسير تفسير القرآن بالقرآن فما أجمل في موضع فسر في موضع آخر.
- فإن لم نجد التفسير في القران نفسر القران بالسنة؛ لأن السنة شارحة للقرآن وموضحة له.
و
لقوله تعالى : : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} ]
وقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون°}
وقال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} [

ولأن السنة أيضا تنزل علي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، كما ينزل عليه القرآن؛ إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)

وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة.
وذلك لأنهم أدرى بمراد الله تعالى
/-لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها.
- ولما لهم من الفهم التام.
-و لما لهم من العلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.


وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال الصحابة، نرجع إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر ؛ وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم،
-وإذا أجمع التابعون على تفسير فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم.

2- ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.

المقصود بالأحرف السبعة


اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي، ذكر منها القرطبي خمس أقوال أوردها ابن كثير ملخصة فيما يلي:



الأول أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:
أقبل وتعال وهلم.
-وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي
-قال الزهري: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا تختلف في حلال ولا في حرام..

- .قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
وروى عن ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ:{يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم}[الحديد: 13]:"للذين آمنوا أمهلونا""للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ:{كلما أضاء لهم مشوا فيه}[البقرة: 20]"مروا فيه" "سعوا فيه".

القول الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن...وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. قال الخطابي: وقد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله:{وعبد الطاغوت}[المائدة: 60]و{يرتع ويلعب}[يوسف: 12].
قال القرطبي: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية. قال أبو عبيد: وبعض اللغات أسعد به من بعض.
-قال أبو عبيد :وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين في أحاديث تترى، قال: وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال:نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
ويستدل على أن القران نزل بلغة العرب أن المفسرين من السلف كانوا يعتمدون و يستشهدون في تفسيرهم بكلام العرب و بشعرهم .بالشعر هو ديوان العرب
من ذلك ما رواه أبو عبيد عن ابن عباس في قوله: {والليل وما وسق}[الانشقاق: 17]، قال:ما جمع وأنشد: قد اتسقن لو يجدن سائقا.
-و عن عكرمة ؛عن ابن عباس في قوله: {فإذا هم بالساهرة}[النازعات: 14]، قال: الأرض، قال: وقال ابن عباس: قال أمية بن أبي الصلت: عندهم لحم بحر ولحم ساهرة.- رواه أبو عبيد
وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: كنت لا أدري ما{فاطر السماوات والأرض}[فاطر: 1]،حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. يقول: أنا ابتدأتها. إسناد جيد أيضا. رواه أبو عبيد
تعين تلك اللغات
قال أبو عبيد: والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن الذين قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم يعني بني دارم. ولهذا قال عمر: لا يملي في مصاحفنا إلا غلمان قريش أو ثقيف.
قال ابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة رواه قتادة عن ابن عباس، ولكن لم يلقه.
الجمع بين هذا القول و بين أن القران نزل بلغة قريش
وقال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى:{قرآنا عربيا}[يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
قال: واسم العرب يتناول جميع القبائل تناولا واحدا، يعني حجازها ويمنها، وكذلك قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر، قال: لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز. وقال ابن عطية: قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى:{فاطر السماوات والأرض}[فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.

القول الثالث:أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.
القول الرابع:وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل:{ويضيقُ صدري}[الشعراء: 13] و "يضيقَ".
- ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل:{فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا}[سبأ: 19]و "باعَد بين أسفارنا".
-وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها}[البقرة: 259]،و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل{كالعهن المنفوش}[القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل:{وطلح منضود}"وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل:{وجاءت سكرة الموت بالحق}[ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
القول الخامس:أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
واستدلوا لذلك
- عن أبي بن كعب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أتاني جبريل وميكائيل، عليهما السلام، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأ على سبعة أحرف، كلها شاف كاف، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب برحمة)).وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة به، وزاد في آخره كقولك: ((هلم وتعال)).رواه أحمد.
- عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف: زاجر، وآمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا))..
-عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)). رواه ابن جرير
وفى رواية ابن جرير : {، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة)).
قال ابن جرير: والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي، والترغيب والترهيب، والقصص والمثل، التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهي، استوجب بها الجنة.
قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.
تنبيه
القراءات السبع ليس هي الأحرف السبع
قال القرطبي: قال كثير من علمائنا كالداودي وابن أبي صفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره.
وقد بين ابن جرير أيضا ذلك إن ما عليه من اختلاف القراء من نصب و رفع وخفض ليس في الأحرف السبع من شيء
-قال ابن جرير: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف))بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر، كما تقدم.



الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:
القراءة بالأحرف السبعة كانت رخصة للتخفيف عن الأمة.
ودليل ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أبي بن كعب عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف).

قال الطحاوي. وغيره: وإنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات، وذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش، وقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم علمهم بالكتابة والضبط وإتقان الحفظ .وقد ادعى الطحاوي والقاضي الباقلاني والشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر، ثم نسخ بزوال العذر وتيسير الحفظ وكثرة الضبط وتعلم الكتابة..

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 01:11 AM
منيرة جابر الخالدي منيرة جابر الخالدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 364
افتراضي

المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير




مجلس مذاكرة مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير


اختر إحدى المجموعات التالية، ثم أجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:

1: اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.

🔸تعلم التفسير وكلبه من مظانه؛ واجب.
-لقوله تعالى:(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)
فالحكمة من إنزال القرآن؛ تدبر الناس آياته، واتعاظهم بما فيها ولا يمكن ذلك بدون فهم المعاني.
-ولقوله تعالى:(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
فوبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم، وعدم وصول الخير إليها.
🔸ويجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وتعليمه، وتبيينه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وتبيين الكتاب للناس شامل لألفاظه ومعانيه، فيكون تفسير القرآن؛ مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه.

▪ولعلم التفسير فضائل عديدة، منها:
- أنه معين على فهم كلام الله عز وجل، ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيرا كثيرا.
- الإيمان بالقرآن واجب، والمكذب به متوعد لقوله تعالى:(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) وأعظم الناس إيمانا بالقرآن أوفرهم حظا من فهم معانيه.
- الإنذار بالقرآن من مقاصد إرسال الرسل قال تعالى:( لأنذركم به ومن بلغ)
ومن مقاصد إرسالهم أيضا: البيان والبلاغ والتذكير والبشارة
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)
(فهل على الرسل إلا البلاغ المبين)
(فذكر بالقرآن من يخاف وعيد)
(وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)
والمفسر الصالح وارث لهم في ذلك، بل هو من أخص ورثة النبي صلى الله عليه وسلم إن أحسن تحمل أمانة التفسير وأحسن أدائها.
- أشرف الكلام وأحسنه وأصدقه وأعظمه بركة وفضلا هو كلام الله تعالى الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)
- الله عز وجل أمر بتدبر القرآن، والتفسير معين على فهم كتاب الله، والعلم بالقرآن أفضل العلوم وأجمعها
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
والقرآن به الدلالة على العصمة من الفتن (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) فالمفسر من أحسن الناس علما بما يكون به الاعتصام بالله.
- ومن عني بتدبر القرآن وفهمه لازمه، فأصبح صاحبا له، بل صحبته له من أجل أنواع المصاحبة للقرآن لأن مصاحبته له مصاحبة تلاوة وتفقه واهداء بهداه.
- ومن تدبر القرآن وتعلمه دخل فيزة خير هذه الأمة لقوله صلى الله عليه وسلم:(خيركم من تعلم القرآن وعلمه )

〰〰〰〰〰

2: ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة

قال ابن كثير رحمه الله: فإن قال قائل فما أحسن التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل منه في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن موضحة له، بل قال الإمام الشافعي رحمه الله: كلما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.

فأحسن طرق التفسير/
- تفسير القرآن بالقرآن.
- ثم تفسير القرآن بالسنة.
- ثم بأقوال الصحابة.
فهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأصحابه معاني القرآن كما يبين لهم ألفاظه قال تعالى:(لتبين للناس ما نزل إليهم) والبيان يتناول الألفاظ والمعاني.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.

وامتاز الصحابة بسلامة ألسنهم من اللحن، وسلامة قصدهم، وقلة الأهواء فيهم ولهذا كان النزاع بينهم في التفسير قليل جدا. وفي تابعيهم أكثر منهم، ومع ذلك فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف؛ كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر.

لذلك إن لم يوجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا عند الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروقٌ بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم.
فالتابعين تلقوا التفسير عن الصحابة، وإن كانوا يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال؛ وهذا لابد منه عند طروء أمور جديدة لم ينص عليها في الكتاب والسنة.
وأقوالهم في التفسير:
-إن أجمعوا عليها فهي حجة.
-وإن اختلفوا: فليست حجة على غيرهم ممن خالفهم، ولا على من بعدهم. والخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر، وغالب ما يصح عنهم من خلاف يرجع إلى اختلاف لا اختلاف تضاد.
وسلكوا في تفسير القرآن منهجين أساسيين هما: التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي.
فالتفسير بالمأثور إما أن يكون تفسيرا للقرآن بالكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين أو لغة القرآن والعرب، وهو مشروط بصحة السند؛ لذلك كان أفضل أنواع التفسير وأعلاها. وما توافرت فيه الأدلة على صحته فيجب قبوله ولا يجوز العدول عنه.
وأما التفسير بالرأي: فإن كان مستمدا من القرآن والسنة وكان صاحبه عالما باللغة العربية، وأساليبها، وقواعد الشريعة وأصولها؛ أجازه العلماء. وإن كان بمجرد الرأي والهوى فحرام لما جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:(من قال في القرآن برأيه -أو بما لايعلم- فليتبوأ مقعده من النار) وقوله صلى الله عليه وسلم:( من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)
لذلك كان السلف يتحرجون من القول فيما لا علم لهم به.


〰〰〰〰

3: ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.

اختلف العلماء كثيرا في المقصود بالأحرف السبعة قال ابن حبان:(اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا)

ذكر ابن كثير منها خمسة أقوال، ولعلها تقسم إلى أربع طوائف:
-الطائفة الأولى: أولوا مدلول الأحرف السبعة ولهم قولان:
الأول: أن هذا الحديث من المشكل المتشابه الذي لا يعلم معناه، وذلك أن الحرف مشترك لفظي يصدق على معان كثيرة، ويرد عليهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يقرئ أمته بهذه الأحرف وقد فعل فهي معلومة لديهم.
الثاني: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، وإنما هو رمز إلى ما ألفته العرب من معنى الكمال في هذا العدد. ويرد عليهم بأن في دلالة الأحاديث ما يؤكد على إرادة العدد سبعة كما في حديث ابن عباس:(فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)

-الطائفة الثانية: رأت أن الأحرف تتعلق بالمعاني وليس بالألفاظ ثم اختلفوا إلى أقوال كثيرة في المراد بهذه المعاني.
ومما قيل فيها أنها: : أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
وأنكر أكثر العلماء هذا القول وأبطلوه، قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.
- الطائفة الثالثة: أن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يقع بها التغاير والاختلاف في الكلمات القرآنية، ولا يخرج عنها، وقد اتفقوا على أنها سبعة ثم اختلفوا في تحديدها.
وحكى الباقلاني هذا القول عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل:{وطلح منضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
واعترض الطبري على هذا القول، فقال: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)) بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر.
- الطائفة الرابعة: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب ثم اختلفوا إلى أقوال منها:
*الأول: أنها سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن بمعنى أن كلمات القرآن لا تخرج عن سبع لغات هي أفصح لغات العرب، وأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذي أو هوازن أو كنانة أوتيم أو اليمن.
قال ابن كثير:(القول الثاني: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر)
قال القرطبي: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.
قال أبو عبيد: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة لأنها المشهورة، وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض.
وقال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا} [يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
وكأن ابن كثير مال إلى هذا القول.
*الثاني -وهو ما ذهب إليه أكثر العلماء-: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، على معنى أنه إذا اختلفت لغة العرب في كلمة جاء القرآن بسبع لغات منها. قال ابن كثير: فالأول- وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي- : أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
وروى عن ورقاء عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]:"للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".
*واختلفوا في تحديد هذه اللغات السبع:
قال ابن كثير: (القول الثالث: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره).
وروى عن أبي عبيد أنه قال: (وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن. والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن الذين قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم يعني بني دارم. ولهذا قال عمر: لا يملي في مصاحفنا إلا غلمان قريش أو ثقيف. )
قال ابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة .

▪الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:
- التيسير على الأمة والرحمة بهم والتوسعة عليهم:
قال البخاري، رحمه الله: حدثنا سعيد بن عفير قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارئ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أرسله، اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه)).
و عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف)).
و عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل وميكائيل، عليهما السلام، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأ على سبعة أحرف، كلها شاف كاف، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب برحمة)). وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة به، وزاد في آخره كقولك: ((هلم وتعال)).
- تحقيق انتشار الدعوة الإسلامية، وذلك أن انتشار الدعوة الإسلامية مرتبط بانتشار القرآن الكريم، ونشره مرتبط ب تمكنهم وقدرتهم على تلاوته، وهذه تكون بمراعاة لغاتهم وألسنتهم وقد كان ذلك بإنزال القرآن على سبعة أحرف.
- الإيجاز والإعجاز، ففي تعدد الأحرف كمال الإعجاز مع غاية الإيجاز، إذ إن كل حرف بالنسبة للآخر بمنزلة آية مستقلة، وتنوع المعاني تابع لتنوع الألفاظ، ولو كان كل حرف آية لكان في ذلك إطالة.
- الدلالة على مصدر القرآن وأنه وحي من الله تعالى، وذلك أن تعدد القراءات والأحرف واتساق بعضها مع بعض وترابطها، من غير اختلاف فضلا عن التضاد أو التنافي؛ دليل على أنه من حكيم خبير (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
- توحيد لغات العرب ووحدة الأمة الإسلامية، ففيها تمهيد لتعليم القبائل اللغات الأخرى واعتيادهم على سماعها خاصة في الكلمات التي نزلت على لسان قريش، حتى شاع، وألفته آذانها، واتحدوا عليه بعد ذلك.
- الأحرف السبعة من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجزري: (ومنها بيان فضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم، من حيث تلقيهم لكتاب ربهم هذا التلقي، وإقبالهم عليه هذا الإقبال، والبحث عن لفظةٍٍ لفظةٍ، والكشف عن صِيغةٍ صِيغةٍ، وبيان صوابه، وبيان تصحيحه، وإتقان تجويده حتى حموه من خلل التحريف، وحفظوه من الطغيان والتطفيف، فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا، ولا تفخيما ولا ترقيقا، حتى ضبطوا مقادير المدات وتفاوت الإمالات وميزوا بين الحروف بالصفات، مما لم يهتد إليه فكر أمة من الأمم، ولا يُوصل إليه إلا بإلهام بارئ النسم).
- الأحرف السبعة من خصائص القرآن الكريم
بين ذلك الطبري بقوله: (وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنما نزل بلسان واحد ، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به ، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله .
وأنزل كتابنا بألسن سبعة ، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي ، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا).

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 02:13 AM
مريم أحمد أحمد حجازي مريم أحمد أحمد حجازي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 308
افتراضي

‎اختر إحدى المجموعات التالية، ثم أجب على أسئلتها إجابة وافية:
‎المجموعة الأولى:
‎1: اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.
‎2: ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة
‎3: ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.


🔶بسم الله الرحمن الرحيم 🔶
ج1/ حكم التفسير :
💡واجب على العلماء :
- الكشف عن معاني كلام الله و تفسير ذلك
-طلبه من مظانّه ، و تعلّم ذلك و تعليمه
✨كما قال تعالى :
﴿وَإِذ أَخَذَ اللَّهُ ميثاقَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ وَلا تَكتُمونَهُ فَنَبَذوهُ وَراءَ ظُهورِهِم وَاشتَرَوا بِهِ ثَمَنًا قَليلًا فَبِئسَ ما يَشتَرونَ﴾ [آل عمران: 187]
◀فذم تعالى أهل الكتاب قبلنا:
- بإعراضهم عن كتاب الله ،
-و إقبالهم على الدنيا و جمعها
-واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله .
💫فعلينا - نحن المسلمون- أن ننتهي عما ذمّهم الله تعالى به ، و أن نأتمر بما أمرنا به ، مِن تعلّم كتاب الله المنزل إلينا و تعليمه ، و تفهمه و تفهيمه

🌟فضله : يلين القلوب بالإيمان بعد قسوتها من الذنوب و المعاصي
قال تعالى :
{أَلَم يَأنِ لِلَّذينَ آمَنوا أَن تَخشَعَ قُلوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلا يَكونوا كَالَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلُ فَطالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَت قُلوبُهُم وَكَثيرٌ مِنهُم فاسِقونَ ۝ اعلَموا أَنَّ اللَّهَ يُحيِي الأَرضَ بَعدَ مَوتِها قَد بَيَّنّا لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ﴾ [الحديد: 16-17]
✨ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها
تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها
كذلك يليّن القلوب بالإيمان بعد قسوتها من الذنوب و المعاصي .
〰〰〰〰〰〰🔘〰〰〰〰〰〰
ج2/ أحسن طرق التفسير :
💡1- أن يفسر القرآن بالقرآن ، فما أجمل في مكان فإنّه قد فُسّر في موضع آخر.
2- تفسير القرآن بالسنة فإنها شارحة للقرآن و موضحة له ؛ ، قال تعالى :
﴿إِنّا أَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخائِنينَ خَصيمًا﴾ [النساء: 105] . و لهذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه ))
💫يعني : السنة
-قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن : ((بم تحكم)) . قال : بكتاب الله
قال : ((فإن لم تجد؟)) .قال: بسنة رسول الله.
قال : ((فإن لم تجد؟)) .قال: أجتهد برأيي .
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم في صدره ، و قال : (( الحمد لله الذي وفّق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله )) إسناده جيد .
- قال الإمام الشافعي :
( كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو مما فهمه من القرآن .
3-تفسير القرآن بأقوال الصحابة ، فإنهم أدرى بذلك :
-لما شاهدوا من القرائن و الأحوال التي اختصوا بها
-و لما لهم من الفهم التام ، و العلم الصحيح، و العمل الصالح
💫لا سيما علماؤهم و كبراؤهم ، كالأئمة الأربعة
و الخلفاء الراشدين ، و الأئمة المهديين ، و عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - قال ابن جرير بسنده عن مسروق ، قال : قال عبد الله -يعني ابن مسعود- : و الذي لا إله غيره ، ما نزلت آية من كتاب الله إلا و أنا أعلم فيمن نزلت ؟ و أين نزلت ؟
و لو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته .
-و عن أبي وائل ، عن ابن مسعود قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن ، و العمل بهن .
-و منهم الحبر عبد الله بن عباس ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ترجمان القرآن و ببركة دعاء رسول الله له حيث قال :
(( اللهم فقهه في الدّين ، و علمه التأويل ))

💡تفسيرما لم نجده في الوحيين ، و لا في أقوال الصحابة :
رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين ك:
-كمجاهد بن جبر ؛ فإنه كان آية في التفسير
فقد روي عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه ، و أسأله عنها .
و قال ابن جرير بسنده عن ابن أبي مليكة قال :
رأيت مجاهدًا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ، و معه ألواحه ، قال : فيقول له ابن عباس : اكتب ، حتى سأله عن التفسير كلّه .
*و لهذا كان سفيان الثوري يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به .
-و سعيد بن جبير
-و عكرمة مولى ابن عباس
-و عطاء بن أبي رباح
-و الحسن البصري
-و مسروق ابن الأجدع
-و سعيد بن المسيب
-و أبي العالية
-و الربيع بن أنس
-و قتادة
-و الضحاك بن مُزاحم
و غيرهم من التابعين و تابعيهم و من بعدهم .

〰〰〰〰〰〰🔘〰〰〰〰〰〰〰
ج3/ المقصود بالأحرف السبعة :
💡اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف و ما أريد منها على أقوال :
1⃣ أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو : أقبل و تعال و هلم
⏪و هو قول أكثر أهل العلم ، منهم :
-سفيان بن عيينة ، -و عبد الله بن وهب، -و أبو جعفر بن جرير ، -و الطحاوي .
🔸قال الطحاوي : و أبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال : جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : اقرأ على حرف ، فقال ميكائيل :
استزده فقال : اقرأ على حرفين ، فقال ميكائيل :استزده ، حتى بلغ سبعة أحرف ، فقال : اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب ، أو آية عذاب بآية رحمة ، على نحو :
هلم و تعال و أقبل و اذهب و اسرع و عجل .
◀مثال : روي عن أبيّ بن كعب : أنه كان يقرأ :

﴿يَومَ يَقولُ المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ لِلَّذينَ آمَنُوا انظُرونا نَقتَبِس مِن نورِكُم ﴾ [الحديد: 13]
{للذين آمنوا أمهلونا } { للذين آمنوا أخرونا }
{ للذين آمنوا ارقبونا } .
2⃣ أن القرآن نزل على سبعة أحرف ، و ليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف ، و لكن بعضه على حرف و بعضه على حرف آخر .
◀قال القرطبي : ذهب إلى هذا القول :
-أبو عبيد ، -و اختاره ابن عطية
🔸قال أبو عبيد : و بعض اللغات أسعد به من بعض .
🔸قال الخطابي : و قد يقرأ بعضه بالسبع لغات كما في قوله : { وَعَبَدَ الطَّاغُوت} [المائدة:60]
و : { يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ } [يوسف:12]
3⃣أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة ؛لقول عثمان : إن القرآن نزل بلغة قريش ، و قريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب ، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجة و غيره.
4⃣أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء ، منها :
-ما تتغير حركته و لا تتغير صورته و لا معناه
مثل : { وَيَضِيقُ صَدْدرِي } [الشعراء:13]
و (( يضيقَ)).
-و منها ما لا تتغير صورته و يختلف معناه
مثل : { فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا }[سبأ:19]
و (( و باعَدَ بين أسفارنا))
-و قد يكون الاختلاف في الصورة و المعنى بالحرف
مثل : {نُنشِزُهَا} [البقرة:259]
و (( نَنشُرُها ))
-أو بالكلمة مع بقاء المعنى
مثل : { كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش} [القرعة:5]
أو (( كالصوف المنفوش ))
-أو باختلاف الكلمة بالتقديم و التأخير
مثل : {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَق } [ق:19]
أو (( سكرة الحق بالموت ))
-أو بالزيادة
مثل : (( تسع و تسعون نعجة أنثى ))
◀حكاه الباقلاني عن بعض العلماء .
5⃣أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن و هي :
أمر ، و نهي ، ووعد ، و وعيد ، و قصص ، و مجادلة ، و أمثال .
⏺قال ابن عطية : و هذا ضعيف ؛ لأن هذه لا تسمى حروفًا ، و أيضًا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حرام ، و لا في تغيير شيء من المعاني ، و قد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا ، ثم قال : و ليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها .

🌟 الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف :
🔸قال الطحاوي و غيره : إنما كان ذلك رخصة أن يقرأ الناس القرآن على سبع لغات ، و ذلك لما كان يتعسر على كثير من الناس التلاوة على لغة قريش ، و قرأه رسول الله صلى الله عليه و سلم لعدم علمهم بالكتابة و الضبط و إتقان الحفظ
و قد ادعى الطحاوي و القاضي الباقلاني و الشيخ أبو عمرو بن عبد البر أن ذلك كان رخصة في أول الأمر ، ثم نسخ بزوال العذر و تيسير الحفظ و كثرة الضبط و تعلم الكتابة .
-روى الإمام أحمد في مسنده عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
(( لقيت جبريل عند أحجار المراء ، فقلت : يا جبريل إني أرسلت إلى أمة أمية ؛ الرجل ، و المرأة ، و الغلام ، و الجارية ، و الشيخ الفاني ، الذي لم يقرأ كتاب قط فقال : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف))

2-تخفيف للأمة
روى الإمام أحمد بسنده عن أبي بن كعب، قال: كنت في المسجد فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فقمنا جميعا، فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرآ))، فقرآ، فقال: ((أصبتما)). فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال، كبر علي ولا إذا كنت في الجاهلية، فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري ففضضت عرقا، وكأنما أنظر إلى رسول الله فرقا فقال: ((يا أبي، إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فأرسل إلي أن اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها)). قال: ((قلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم عليه السلام)). وهكذا رواه مسلم من حديث إسماعيل بن أبي خالد به.
وروىابن جريربسنده، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)).

🔶ملاحظة : فضل التفسير اقتصرت على ما ذكره ابن كثير في المقدمة لما وجدته ، و من المعلوم أنه من أشرف العلوم و أنه يذكر المباديء العشرة لعلم التفسير و نحو ذلك ، و لكن الأسئلة مطلوبة من المقدمة لابن كثير فقط
جزاكم الله خيرًا

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 04:11 AM
منيرة جابر الخالدي منيرة جابر الخالدي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الرابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 364
افتراضي

المجلس الخامس: مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير




مجلس مذاكرة مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير


اختر إحدى المجموعات التالية، ثم أجب على أسئلتها إجابة وافية:

المجموعة الأولى:

1: اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.

🔸تعلم التفسير وطلبه من مظانه؛ واجب.
-لقوله تعالى:(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب)
فالحكمة من إنزال القرآن؛ تدبر الناس آياته، واتعاظهم بما فيها ولا يمكن ذلك بدون فهم المعاني.
-ولقوله تعالى:(أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)
فوبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم، وعدم وصول الخير إليها.
🔸ويجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وتعليمه، وتبيينه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى:(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) وتبيين الكتاب للناس شامل لألفاظه ومعانيه، فيكون تفسير القرآن؛ مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه.

▪ولعلم التفسير فضائل عديدة، منها:
- أنه معين على فهم كلام الله عز وجل، ومعرفة مراده، ومن أوتي فهم القرآن فقد أوتي خيرا كثيرا.
- الإيمان بالقرآن واجب، والمكذب به متوعد لقوله تعالى:(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) وأعظم الناس إيمانا بالقرآن أوفرهم حظا من فهم معانيه.
- الإنذار بالقرآن من مقاصد إرسال الرسل قال تعالى:( لأنذركم به ومن بلغ)
ومن مقاصد إرسالهم أيضا: البيان والبلاغ والتذكير والبشارة
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)
(فهل على الرسل إلا البلاغ المبين)
(فذكر بالقرآن من يخاف وعيد)
(وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا)
والمفسر الصالح وارث لهم في ذلك، بل هو من أخص ورثة النبي صلى الله عليه وسلم إن أحسن تحمل أمانة التفسير وأحسن أدائها.
- أشرف الكلام وأحسنه وأصدقه وأعظمه بركة وفضلا هو كلام الله تعالى الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)
- الله عز وجل أمر بتدبر القرآن، والتفسير معين على فهم كتاب الله، والعلم بالقرآن أفضل العلوم وأجمعها
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
والقرآن؛ به الدلالة على العصمة من الفتن (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) فالمفسر من أحسن الناس علما بما يكون به الاعتصام بالله.
- ومن عني بتدبر القرآن وفهمه لازمه، فأصبح صاحبا له، بل صحبته له من أجل أنواع المصاحبة للقرآن لأن مصاحبته له مصاحبة تلاوة وتفقه واهداء بهداه.
- ومن تدبر القرآن وتعلمه دخل في زمرة خير هذه الأمة لقوله صلى الله عليه وسلم:(خيركم من تعلم القرآن وعلمه )

〰〰〰〰〰

2: ما هي أحسن طرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة

قال ابن كثير رحمه الله: فإن قال قائل فما أحسن التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل منه في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن موضحة له، بل قال الإمام الشافعي رحمه الله: كلما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن.

فأحسن طرق التفسير/
- تفسير القرآن بالقرآن.
- ثم تفسير القرآن بالسنة.
- ثم بأقوال الصحابة.
فهم أدرى بذلك لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لأصحابه معاني القرآن كما يبين لهم ألفاظه قال تعالى:(لتبين للناس ما نزل إليهم) والبيان يتناول الألفاظ والمعاني.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا.

وامتاز الصحابة بسلامة ألسنهم من اللحن، وسلامة قصدهم، وقلة الأهواء فيهم ولهذا كان النزاع بينهم في التفسير قليل جدا. وفي تابعيهم أكثر منهم، ومع ذلك فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف؛ كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر.

لذلك إن لم يوجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا عند الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد بن جبر، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروقٌ بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم وغيرهم من التابعين وتابعيهم.
فالتابعين تلقوا التفسير عن الصحابة، وإن كانوا يتكلمون في بعض ذلك بالاستنباط والاستدلال؛ وهذا لابد منه عند طروء أمور جديدة لم ينص عليها في الكتاب والسنة.
وأقوالهم في التفسير:
-إن أجمعوا عليها فهي حجة.
-وإن اختلفوا: فليست حجة على غيرهم ممن خالفهم، ولا على من بعدهم. والخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر، وغالب ما يصح عنهم من خلاف يرجع إلى اختلاف لا اختلاف تضاد.
وسلكوا في تفسير القرآن منهجين أساسيين هما: التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي.
فالتفسير بالمأثور إما أن يكون تفسيرا للقرآن بالكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة والتابعين أو لغة القرآن والعرب، وهو مشروط بصحة السند؛ لذلك كان أفضل أنواع التفسير وأعلاها. وما توافرت فيه الأدلة على صحته فيجب قبوله ولا يجوز العدول عنه.
وأما التفسير بالرأي: فإن كان مستمدا من القرآن والسنة وكان صاحبه عالما باللغة العربية، وأساليبها، وقواعد الشريعة وأصولها؛ أجازه العلماء. وإن كان بمجرد الرأي والهوى فحرام لما جاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:(من قال في القرآن برأيه -أو بما لايعلم- فليتبوأ مقعده من النار) وقوله صلى الله عليه وسلم:( من قال في القرآن برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)
لذلك كان السلف يتحرجون من القول فيما لا علم لهم به.


〰〰〰〰

3: ما المقصود بالأحرف السبعة، وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.

اختلف العلماء كثيرا في المقصود بالأحرف السبعة قال ابن حبان:(اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا)

ذكر ابن كثير منها خمسة أقوال، ولعلها تقسم إلى أربع طوائف:
-الطائفة الأولى: أولوا مدلول الأحرف السبعة ولهم قولان:
الأول: أن هذا الحديث من المشكل المتشابه الذي لا يعلم معناه، وذلك أن الحرف مشترك لفظي يصدق على معان كثيرة، ويرد عليهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يقرئ أمته بهذه الأحرف وقد فعل فهي معلومة لديهم.
الثاني: ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، وإنما هو رمز إلى ما ألفته العرب من معنى الكمال في هذا العدد. ويرد عليهم بأن في دلالة الأحاديث ما يؤكد على إرادة العدد سبعة كما في حديث ابن عباس:(فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)

-الطائفة الثانية: رأت أن الأحرف تتعلق بالمعاني وليس بالألفاظ ثم اختلفوا إلى أقوال كثيرة في المراد بهذه المعاني.
ومما قيل فيها أنها: : أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال.
وأنكر أكثر العلماء هذا القول وأبطلوه، قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني، وقد أورد القاضي الباقلاني في هذا حديثا، ثم قال: وليست هذه هي التي أجاز لهم القراءة بها.
- الطائفة الثالثة: أن المراد بالأحرف السبعة الوجوه التي يقع بها التغاير والاختلاف في الكلمات القرآنية، ولا يخرج عنها، وقد اتفقوا على أنها سبعة ثم اختلفوا في تحديدها.
وحكى الباقلاني هذا القول عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل:{وطلح منضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".
واعترض الطبري على هذا القول، فقال: فأما ما كان من اختلاف القراءة في رفع حرف ونصبه وجره وتسكين حرف وتحريكه، ونقل حرف إلى آخر مع اتفاق الصورة فمن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف)) بمعزل؛ لأن المراء في مثل هذا ليس بكفر، في قول أحد من علماء الأمة، وقد أوجب صلى الله عليه وسلم بالمراء في الأحرف السبعة الكفر.
- الطائفة الرابعة: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب ثم اختلفوا إلى أقوال منها:
*الأول: أنها سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن بمعنى أن كلمات القرآن لا تخرج عن سبع لغات هي أفصح لغات العرب، وأكثره بلغة قريش، ومنه ما هو بلغة هذي أو هوازن أو كنانة أوتيم أو اليمن.
قال ابن كثير:(القول الثاني: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر)
قال القرطبي: ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.
قال أبو عبيد: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة لأنها المشهورة، وليس معنى تلك السبعة أن يكون الحرف الواحد يقرأ على سبعة أوجه، وهذا شيء غير موجود، ولكنه عندنا أنه نزل سبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض.
وقال القاضي الباقلاني: ومعنى قول عثمان: إنه نزل بلسان قريش، أي: معظمه، ولم يقم دليل على أن جميعه بلغة قريش كله، قال الله تعالى: {قرآنا عربيا} [يوسف: 2]، ولم يقل: قرشيا.
وكأن ابن كثير مال إلى هذا القول.
*الثاني -وهو ما ذهب إليه أكثر العلماء-: أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب في المعنى الواحد، على معنى أنه إذا اختلفت لغة العرب في كلمة جاء القرآن بسبع لغات منها. قال ابن كثير: فالأول- وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي- : أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتعال وهلم.
قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
وروى عن ورقاء عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]:"للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".
*واختلفوا في تحديد هذه اللغات السبع:
قال ابن كثير: (القول الثالث: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره).
وروى عن أبي عبيد أنه قال: (وقد روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن. والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن الذين قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم يعني بني دارم. ولهذا قال عمر: لا يملي في مصاحفنا إلا غلمان قريش أو ثقيف. )
قال ابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة .

▪الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:
- التيسير على الأمة والرحمة بهم والتوسعة عليهم:
قال البخاري، رحمه الله: حدثنا سعيد بن عفير قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارئ حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أرسله، اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت. إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه)).
و عن أبي قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: ((إني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني، والعجوز الكبيرة، والغلام، فقال: مرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف)).
و عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل وميكائيل، عليهما السلام، فقال جبريل: اقرأ القرآن على حرف واحد، فقال ميكائيل: استزده، قال: اقرأ على سبعة أحرف، كلها شاف كاف، ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب برحمة)). وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب، عن زيد بن الحباب، عن حماد بن سلمة به، وزاد في آخره كقولك: ((هلم وتعال)).
- تحقيق انتشار الدعوة الإسلامية، وذلك أن انتشار الدعوة الإسلامية مرتبط بانتشار القرآن الكريم، ونشره مرتبط ب تمكنهم وقدرتهم على تلاوته، وهذه تكون بمراعاة لغاتهم وألسنتهم وقد كان ذلك بإنزال القرآن على سبعة أحرف.
- الإيجاز والإعجاز، ففي تعدد الأحرف كمال الإعجاز مع غاية الإيجاز، إذ إن كل حرف بالنسبة للآخر بمنزلة آية مستقلة، وتنوع المعاني تابع لتنوع الألفاظ، ولو كان كل حرف آية لكان في ذلك إطالة.
- الدلالة على مصدر القرآن وأنه وحي من الله تعالى، وذلك أن تعدد القراءات والأحرف واتساق بعضها مع بعض وترابطها، من غير اختلاف فضلا عن التضاد أو التنافي؛ دليل على أنه من حكيم خبير (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
- توحيد لغات العرب ووحدة الأمة الإسلامية، ففيها تمهيد لتعليم القبائل اللغات الأخرى واعتيادهم على سماعها خاصة في الكلمات التي نزلت على لسان قريش، حتى شاع، وألفته آذانها، واتحدوا عليه بعد ذلك.
- الأحرف السبعة من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ابن الجزري: (ومنها بيان فضل هذه الأمة وشرفها على سائر الأمم، من حيث تلقيهم لكتاب ربهم هذا التلقي، وإقبالهم عليه هذا الإقبال، والبحث عن لفظةٍٍ لفظةٍ، والكشف عن صِيغةٍ صِيغةٍ، وبيان صوابه، وبيان تصحيحه، وإتقان تجويده حتى حموه من خلل التحريف، وحفظوه من الطغيان والتطفيف، فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا، ولا تفخيما ولا ترقيقا، حتى ضبطوا مقادير المدات وتفاوت الإمالات وميزوا بين الحروف بالصفات، مما لم يهتد إليه فكر أمة من الأمم، ولا يُوصل إليه إلا بإلهام بارئ النسم).
- الأحرف السبعة من خصائص القرآن الكريم
بين ذلك الطبري بقوله: (وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنما نزل بلسان واحد ، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به ، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله .
وأنزل كتابنا بألسن سبعة ، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي ، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا).

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 05:13 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

المجموعةالأولى:
1:
اذكر حكم التفسير، وبيّن فضله.
التفسير: هو الكشف عن معاني كتاب الله وطلبه من مظانه .
وحكمه : واجب على العلماء تعلمه وتعليمه , أي هو فرض كفاية .
والدليل : (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون)
وقال تعالى(إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلاأولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولايزكيهم ولهم عذاب أليم)
فذم الله أهل الكتاب لإعراضهم عما نزل إليهم من الكتب فالواجب علينا الانتهاء عما نهوا عنه.
أما فضله :
فيشرف هذا العلم بشرف المعلوم , وهو العلم بكتاب الله عز وجل
ومن الأحاديث الدالة على فضله :
- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليهوسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالىفتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين،والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغفيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم علىتلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر،وميم عشر)).رواه أبو عبيد، وفي إسناده مقال.
فدل هذا الحديث على أن تعلم القرآن تقوي الصلة بين العبد وربه , وأنه عصمة لمن تعلمه .
و عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عنالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآنوعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاجقال: (وذاك الذي أقعدنيمقعدي هذا). رواه البخاري.
دل ذلك على خيرية من تعلم القرآن .


2:
ما هي أحسنطرق التفسير؟ وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة؟
أحسن طرق التفسير:
تفسير القرآن بالقرآن, فما أجمل في موضع فإنه قد يكون فسر في موضع آخر
ثم تفسير القرآن بالسنة , فقال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
ثم تفسير القرآن بأقوال الصحابة؛ لأنهم أعلم الناس بالتفسير لشهودهم وقائع التنزيل , ولسعة فهمهم ,ولصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكيف نفسّر ما لا نجده في الوحيين ولا في أقوال الصحابة؟
نرجع إلى أقوال التابعين كما قال ابن كثير " إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولاوجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين"
ويحرم التفسير بالرأي , لقوله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لايعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).

3:
ما المقصود بالأحرف السبعة،وما الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.
اختلفالعلماء في معناها على أقوال :
ق1: أن المراد سبعة أوجه من المعانيالمتقاربة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتعال وهلم , وهو قول سفيان بن عيينة، وعبدالله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي.
واسلوا بحديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقالميكائيل: استزدهفقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكلشاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحوهلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
وحديثأبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقونوالمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس مننوركم}[الحديد: 13]: "للذين آمنواأمهلونا""للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنواارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاءلهم مشوافيه}[البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".

ق2:أن القرآن نزل على سبع لغات متفرقة, ذهب إلى هذا القول أبو عبيد،واختارها ابن عطية
قال ابن عباس: ما كنت أدري مامعنى: {فاطر السماوات والأرض}[فاطر: 1]، حتى سمعت أعرابيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنافطرتها.

ق3 :أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلهاخاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بنالحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجهوغيره.
ق4 : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعةأشياء, حكاه الباقلاني
منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري و "يضيقَ"،
ومنها ما لا تتغير صورتهويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا}[سبأ: 19]و "باعَد بين أسفارنا"،
وقد يكون الاختلاف فيالصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]،و"ننشرها"
أو بالكلمة مع بقاء المعنىمثل{كالعهن المنفوش}[القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش"
أو باختلاف الكلمة واختلافالمعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود"
أو بالتقدم والتأخرمثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}[ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"،
أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفوررحيم".

ق5 :أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لاتسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني.

ولعل الراجح والله تعالى أعلم الثاني أنها سبع لغات .
أما الحكمة :
التخفيف عن الأمة , ويدل عليه حديث أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرفواحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أنأقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شافكاف)).
وعن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي جبريل عند أحجار المراء، فذكرالحديث والله أعلم.
وهكذا رواه الإمام أحمد عن عفان، عن حماد، عن عاصم، عنزر، عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقيت جبريل عند أحجار المراء، فقلت: يا جبريل، إني أرسلت إلى أمة أمية؛ الرجل، والمرأة،والغلام، والجارية، والشيخ الفاني، الذي لم يقرأ كتابا قط فقال: إن القرآن أنزل علىسبعة أحرف)).

وفيه دلالة على إعجاز القرآن
وفيه تيسير لفهم المعاني واستنباط الأحكام

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 18 ذو القعدة 1437هـ/21-08-2016م, 07:32 AM
محمد حسين داود محمد حسين داود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 127
افتراضي

المجموعةالثالثة:
1:
تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي اللهعنه.
· فضل الصديق رضي الله عنه لجمعه للقرآن
· من أكبرالمصالح الدينية وأعظمها حفظ كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت منتلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
· فكان أول من جمع القرآن بين اللوحين , فعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال: أعظم الناس أجرا في المصاحف أبو بكر
· سبب جمع الصديق رضي الله عنه للقرآن
· لما اشتد القتل وكثر في قراء القرآن يوماليمامة فى قتال مسيلمة الكذاب وأصحابه من بني حنيفةبأرض اليمامة في حديقة الموت فقاتلوا قتالا شديدا ختى أنهم جعلوا يتنادون: يا أصحاب سورةالبقرة، فلم يزل ذلك دأبهم حتى فتح الله عليهم وولى جيش الكفار فارا، وأتبعتهمالسيوف المسلمة في أقفيتهم قتلا وأسرا، وقتل الله مسيلمة
· تنبيه عمر على الصديق بأن يجمع القرآن
· لئلا يذهب منه شيء بسبب موت من يكونيحفظه من الصحابة بعد ذلك في مواطن القتال، فإذا كتب وحفظ صار ذلك محفوظا فلا فرقبين حياة من بلغه أو موته، فراجعه الصديق قليلا ليستثبت الأمر، ثم وافقه، وكذلكراجعهما زيد بن ثابت في ذلك ثم صارا إلى ما رأياه
· اسناد أبو بكر لزيد بن ثابت مهمة جمع القرآن
· كان زيد يستشهد بشاهدين على شيء من كتاب الله حتى يكتب إلا آخر سورة التوبة، يعني قولهتعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين [كانت مع أبي خزيمة الأنصاري الذى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادتين
· كيفية جمع زيد بن ثابت للقرآن
كان يجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال
· موضع الصحف التى تم جمعها
· كانت عند الصديق أيام حياته،ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أمالمؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضيالله عنها، حتى أخذها منها أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه

2: بيّن معنى التغنّيبالقرآن.
1- الاستغناء بهعن الدنيا، واجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا
2- بالجهر، وهو تحسين القراءة و الصوت به والتحزين بالقراءة

3: أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهرقلب؟
1- يظهر اختيار البخاري بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل
و ذلك للحديث فى اجابة الرجل عند سؤاله أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).

2- كثيرون من العلماء يرون أن قراءةالقرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كماصرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه،واستدلوا على فضيلة التلاوة في المصحف
مثل قزل النبي صلى الله عليهوسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضةعلى النافلة))
و عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
و عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأفيه.

3 – و خلاصة الأمر
-فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال
· لئلا يعطل المصحففلا يقرأ منه
· و تجنب النسيان أو تحريف كلمة أو آيةأو تقديم أو تأخير
· و النظر في المصحف أفضل فإن استويا فالقراءة نظرا أولى؛ لأنها أثبت وتمتاز بالنظر في المصحف
-وأما القراءة عن ظهر قلب تكون عند
· تلقين القرآن فمن فم الملقن أحسن؛ لأن الكتابة لا تدل على كمال الأداء، كما أنالمشاهد من كثير ممن يحفظ من الكتابة فقط يكثر تصحيفه وغلطه، و أما عند العجز عمن يلقن فلا يكلفالله نفسا إلا وسعها
· و أيضا لمن لا يحسن الكتابة و استثبات الحفظ عن ظهر قلب

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 29 ذو القعدة 1437هـ/1-09-2016م, 05:33 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير


المجموعة الأولى:
1: رضوى محمود أ+

أحسنتِ بارك الله فيك.

2: عقيلة زيان أ+
أحسنتِ بارك الله فيك.
- حديث أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوردتيه كدليل على القول الخامس لا يتناسب معه.

3: مريم أحمد حجازي أ+

أحسنتِ بارك الله فيك.

4:
منيرة جابر الخالدي أ
أحسنتِ بارك الله فيك.
- ذكرتِ كلاما عن ابن كثير في الأحرف السبعة لم يتطرّق إليه، والمطلوب الاقتصار على ما ورد في مقدّمتة -رحمه الله- دون الاستعانة بمصادر خارجية، وإلا فإنه اختصر الكلام عن الأحرف السبعة، وهي أوسع من ذلك.

5: ند
ى علي أ+
أحسنتِ بارك الله فيك.
- بالنسبة للترجيح فإننا سندرس الأحرف السبعة بتوسّع في مراحل قادمة إن شاء الله.



المجموعة الثانية:
6: حنان علي محمود أ+
أحسنتِ بارك الله فيك، وأثني على تميّزك واجتهادك.



المجموعة الثالثة:

7: هناء محمد علي أ+
أحسنت بارك الله فيك وزادك توفيقا.

8: سناء بنت عثمان أ
أحسنتِ بارك الله فيك.
- لو لخّصتِ الجواب على السؤال الأول.
- في السؤال الأخير: من أهل العلم من ذكر أن الأفضلية مدارها على الخشوع، ففي أي الحالين كان أخشع كان الأفضل في حقّه.

9: منى مدني أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

10: محمد حسين داوود ج+
أحسنت بارك الله فيك.
- اختصرت في السؤال الثاني، وكان يجب مناقشة كل قول وبيان حجّته ثم الترجيح بينهما.
- لو أوردت تعقيب ابن كثير على الحديث الذي أورده البخاري، ثم ذكرت قول من قال من أهل العلم بأن الأفضلية مدارها على الخشوع.
- خصمت نصف درجة بسبب التأخّر.



بارك الله فيكم، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 7 ذو الحجة 1437هـ/9-09-2016م, 04:10 AM
فاطمة محمود صالح فاطمة محمود صالح غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة - قطر
المشاركات: 297
افتراضي

مجلس مذاكرة مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير
المجموعة الثانية


1. بيّن فضل القرآن وأهله.
ذكر ابن كثير العديد من الفضائل للقرآن لما لها من أثر بالغ لصاحبه منها :
1) من فضائل القرآن الكريم أنه هيمن على ما قبله من الكتب.
قال الله تعالى : { وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه }

قال تعالى : { ومهيمنا عليه } : أي: أمينا وشهيد اوحافظا ومؤتمنا ، فالقرآن أمين على كل كتاب قبله ، شهيدا عليه . قاله ابن عباس وسفيان الثوري ومجاهد والسدى وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من الأئمة ، رواه ابن جرير وعلقه البخاري.
فأصل الهيمنة : الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.

2) من فضائل القرآن الكريم أنه معجزة باقية خالدة مؤثر.
تميز القرآن عن غيره من الكتب السابقة أنه معجزة باقية مؤثرة وخالدة إلى قيام الساعة .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة } رواه البخاري. عن أبي هريرة رضي الله عنه .

3) من فضائل القرآن الكريم أنه نزل دعوة للثقلين :
فيه من الأخبار والأحكام ، من تركه ضل ، ومن ابتغاه هدى ، هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: (( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : { إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به } من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. رواه أحمد والترمذي
وهذا الحديث قد يكون من كلام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وفي إسناده الحارث الأعور مقال .

4)من فضائل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله .
تحدّى الله الإنس والجن بالإتيان بمثل هذا القرآن .
قال الله تعالى : { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } .
وتحدى الله العرب بأن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وهم أهل فصاحة وبلاغة .
قال تعالى: { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين }

5)من فضائل القرآن أنه نزل في مكان شريف وزمن شريف .
كانت بداية نزول القرآن في البلد الحرام، وفي شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان .
عن أبي سلمة قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا : ( بث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا ( رواه البخاري والنسائي.
ذكر ابن كثير أن إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة عشرة سنين لا خلاف فيه أما في مكة فالمشهور ثلاث عشرة سنة ، ويحتمل أن حذف ما زاد عن العشرة اخصارا كعادة العرب في الكلام .

6) من فضائل القرآن أنه نزل به جبريل عليه السلام .
لجبريل عليه السلام منزلة ومكانة عظيمة وجليلة بين الملائكة فهو الروح الأمين ، والرسول والسفير بين الله تعالى ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : { نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين }
قال تعالى : { إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون }

7) من فضائل القرآن أنه نزل بلسان عربي .
أنزل الله القرآن الكريم بلغة قريش وهم خلاصة العرب ، قرآنا عربيا واضحا لا لبس فيه ، ليفهموا ما به من المواعظ والعبر والأحكام ، فيتقوا الله ويحذروه .
قال تعالى : {بلسان عربي مبين} وقال تعالى : { قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون }

8) من فضائل القرآن نزول السكينة والملائكة عند القراءة
 قال تعالى : { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} أي : أن الملائكة تشهده.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)). رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة، رضي الله عنه.
 عن أسيد بن الحضير: ( بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم). رواه البخاري معلّقاً

8) من فضائل القرآن أنه أفضل من سائر الكلام
أن كل الكتب السماوية نزلت جملة واحدة إلى الأرض ، والقرآن نزل منجما على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على حسب الأحداث والوقائع ، وهذا دليل على شدة العناية به وبمن أنزل عليه .
والقرآن شرف لقارئه سواء انتفع به أم لم ينتفع ، سواء كان صالحا أو فاجرا .
روى البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ) .

8) من فضائل القرآن أنه يرفع منزلة صاحبه .
أ. صاحب القرآن شديد الاغتباط بما هو فيه ، وينبغي على كل مسلم أن يتمنى مثل ما هو عليه من نعمة وفضل قراءة وحفظ القرآن .
والمراد بالغبطة غير الحسد المذموم الذي هو تمنّي زوال النعمة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار) ، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق ) ، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل". رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة

ب. صاحب القرآن له الخيرية .
من أشرف العلوم وأجلها تعلم القرآن وتعليمه لغيره لشرف الكلام والموضوع
روى البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )
قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} .

ج. تزويج الخاطب الحافظ للقرآن.
عن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)). متفق عليه.

9) من فضائل القرآن أن الله يستمع لقارئه الحسن الصوت .
عن فضالة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته )
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن ) وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله

2. اذكر أقوال أهل العلم في قراءة القرآن بالألحان المحدثة.
وردت أحاديث وآثار كثيرة تحث على تحسين الصوت في القرآن، ويقصد بذلك تطريبه وتحزينه والتخشع به والخضوع والتدبر والانقياد للطاعة، جاء عن السلف أنهم يقرؤونه مرتلا مجودا محبرا حتى تؤثر قراءتهم في القلوب التالية والمستمعة .
والله سبحانه وتعالى لم يستمع لشيء كاستماعه لنبي يجهر بقراءته ويحسنها ، كما إنه يستمع لعباده كلهم ، إلا إنه استماعه لقراءة النبي والمؤمنين استماع تشريف .
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه.
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)). رواه ابن ماجة عن فضالة بن عبيد بسند جيّد.
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). رواه أبو داوود عن سعد بن أبي وقاص.
 حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه

أما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية ، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا الطريق والنهج ، وقد جاءت السنة بالزجر والنهي عن ذلك
- عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)). رواه أبو عبيد.
- عن عُلَيم قال : ( كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يتمنين أحدكم الموت ( ؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين). رواه أبو عبيد.

نستدل من ذلك أن :
أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به وتحزينه ، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه .

وأن قراءة القرآن بالألحان والتي يسلك بها مذاهب الغناء والطرب ، منهيّ عنها بنص الأئمة، وأما ما خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه . والله أعلم

3. تكلم عن جمع القرآن في العهد النبويّ.
جمع القرآن فى العهد النبوى عدد من الصحابة : والمراد بالجمع حفظ القرآن الكريم في الصدور والسطور .
فعن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. متفق عليه
وعن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.رواه البخارى
ولعل قول أنس: "ولم يجمع القرآن". يعني أي لم يجمع القرآن من الأنصار سوى هؤلاء الأربعة ، وإلا كان من المهاجرين من يجمع القرآن ويحفظه كأبو بكر الصديق، وابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة وغيرهم ، ويحتمل أن يكون المقصود أنه لم يأخذه تلقيا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هؤلاء الأربعة من الأنصار، وأن بعضهم تلقى بعضه عن بعض . وقد ورد أن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لسبق دخولهم إلى الإسلام، ومكانة الرسول عندهم. ذكر ذلك القرطبي في تفسيره .

وكان للصحابة طريقتين في جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
1. في الصدور : أي يحفظه الصحابة غيبا ، لأن منهم من لا يحسن الكتابة .
2. في السطور : في العسب والرقاع والأضلاع والأكناف والأقتاب مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وثبت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض الموت قال: ((ليؤم القوم أقرؤهم)) فلو لم يكن الصديق أقرأ القوم لما قدمه عليهم. نقله أبو بكر بن زنجويه في كتاب فضائل الصديق عن الأشعري.
وثبت أيضا أن عثمان بن عفان قد قرأه في ركعة ، وأن علي بن أبي طالب جمعه على ترتيب ما أنزل، ومنهم عبد الله بن مسعود قال: ما من آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت؟ وفيم نزلت؟ ولو علمت أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطي لذهبت إليه، ومنهم سالم مولى أبي حذيفة من أحفظ الأئمة الأتقياء وقد قتل يوم اليمامة شهيدا. ومنهم حبر الأمة عبد الله بن عباس ترجمان القرآن .
وقد كان الصحابة حريصين على تبليغ الناس القرآن ، لأنها من أعظم الأمانات التي أوصى بها الرسول الله صلى الله عليه وسلم أمته في حجة الوداع ؛ فقال: ((بلغوا عني ولو آية)) فبلغوا عنه ما أمرهم به ، من القرآن والسنة ، ولم يلبسوا هذا بهذا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((من كتب عني سوى القرآن فليمحه )) حتى لا تختلط السنة بالقرآن، وليس معناه: ألا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 21 صفر 1438هـ/21-11-2016م, 11:41 AM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي مجلس مذاكرة القسم الثاني من مقدمة ابن كثير

مجلس المذاكرة للقسم الثاني من مقدمة تفسير ابن كثير

المجموعة الرابعة:

1: تكلم عن جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه.

جمع عثمان رضي الله عنه وجمعه للقرآن

•رواية البخاري في ذكر سبب جمع القرآن للمرة الثانية:

حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.

مما سبق يتضح سبب الجمع هو خوف حذيفة بن اليمان على تفرق الأمة لاختلاف الألسنة و دخول العجم.

اختلاف الأسباب في الجمع الأول و الجمع الثاني:

في عهد أبي بكر رضي الله عنه كان الهدف حفظ القرآن من الضياع بموت القراء
في عهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه كانت الغاية توحيد صفوف المسلمين في القراءة و الخوف من اختلافهم اختلاف اليهود و النصارى.و هو يعد من أكبر مناقب عثمان رضي الله عنه.

•[color="darkorchid"]موقف الصحابة من جمع القرآن:[/color]
من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
الصحابة الذين جمعوا القرآن:
زيد بن ثابت الأنصاري
عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي.
سعيد بن العاص بن أمية القرشي.
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي.
-وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا.

حرص عثمان رضي الله عنه على الدقة في كتابة المصحف:

وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
- وإذا اختلف الكتبة في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
- نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف؛مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف.
- وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله.
•موقف الصحابة من عثمان رضي الله عنه من حرق المصحف:
وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله، وفي ذلك جملة ما أنكروا مما لا أصل له.
- وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقوه.
- قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغندر عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
- وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
رفض ابن مسعود في بادئ الأمر ثم رضاه عن صنيع عثمان:
- سبب رفضه في بادئ الأمر : وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة. ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-مما يظهر من رجوعه عن موقفه : حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا أبو أسامة، عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
بيان رغبة مروان ابن الحكم في اتلاف النسخة التي كانت عند أم المؤمنين حفصة:
حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبو اليمان، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.
-يتبين من هذا خوف مروان بن الحكم مما خاف منه عثمان رضي الله عنه؛ في اختلاف الأمة.
•دليل على من حفظ القرآن يقال عنه "قد جمع القرآن":
وقد روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع. هكذا رواه وفيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
•أول من وضع علم النحو:
علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، وأنه قسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف، وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده، ثم أخذه الناس عن أبي الأسود فوسعوه ووضحوه، وصار علما مستقلا.

•مشاركة عثمان بن عفان في كتابة المصحف:
فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه.

•اصل في تعلم العرب الكتابة:

وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، إن شاء الله حدثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

2: اذكر أهم الآداب الواجبة أثناء تلاوة القرآن.

1.الإخلاص لله تعالى و ابتغاء مرضاته
قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، قال: قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
يتبين من هذا الحديث،أن النية أساسية في طلب و قراءة القرآن،و تكون الغاية هي مرضاة الله تعالى.
قال عليه الصلاة والسلام - قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل ، وهم الكمل في أنفسهم ، المكملون لغيرهم ، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي ، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ) [ النحل : 88 ] ، وكما قال تعالى : ( وهم ينهون عنه وينأون عنه ) [ الأنعام : 26 ] ، في أصح قولي المفسرين في هذا ، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه ، فجمعوا بين التكذيب والصد.

من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فجر به

-عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
-حدثنا مسدد بن مسرهد ، عن أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).
-ورواه في موضع آخر مع بقية الجماعة من طرق، عن قتادة به.
-ومضمون هذه الأحاديث التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

2.الترتيل:

•الترتيل في القراءة:

وقول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل وهو ابن حيان الأحدب عن أبي وائل، عن عبد الله قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.
ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن مهدي بن ميمون، عن واصل -وهو ابن حيان الأحدب- عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن زياد بن نعيم، عن مسلم بن مخراق، عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه.

•تحري الخشوع في التلاوة:

•عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((من إذا سمعته يقرأ رؤيت أنه يخشى الله، عز وجل)).

•مد القراءة:

حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم الأزدي، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا.
وهكذا رواه أهل السنن، من حديث جرير بن حازم به وحدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
وفي معناه الحديث الذي رواه الإمام أبو عبيد: حدثنا أحمد بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك، عن الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، عن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
وهكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل، عن يحيى بن إسحاق، وأبو داود عن يزيد بن خالد الرملي، والترمذي والنسائي، كلاهما عن قتيبة، كلهم عن الليث بن سعد به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

حسن الصوت عند القراءة:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسنوا الأصوات بالقرآن)).

•عدم التعجل بالقراءة
لا يكون هم الفرد نهاية السورة، بل عليه التأني فإما الآية نداء نسترعي له السمع لأمر نفعله،أو نهي لا نفعله.
-قال أحمد -أيضا- : حدثنا خلف بن الوليد، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا العجمي والأعرابي قال: فاستمع فقال: ((اقرؤوا فكل حسن، وسيأتي قوم يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه)).
ورواه -أيضا- عن غندر، عن شعبة، عن قتادة به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

3.العمل بالقرآن و التأسي بأخلاق الرسول صل الله عليه و سلم:

- فلا نقيم حروفه و نضيع حدوده؛ وقال أبو بكر البزار: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، عن المعلى الكندي، عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار)).
- قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن مروان أبو صخر، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).

4.فضل حفظ القرآن:
•القراءة عن ظهر قلب
إنما أفرد البخاري في هذه الترجمة حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، الحديث الذي تقدم الآن، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).

وهذه الترجمة من البخاري، رحمه الله، مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم. ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه،

•الحث على تعاهد القرآن:

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها، وإن تركها ذهبت)).

•نسيان القرآن:
- حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
- وفي هذا الحديث دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

5. الصلاة و قيام الليل بالقرآن:

- أن رجلا جاء بابن له فقال: يا رسول الله، إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار ويبيت بالليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما)).
- وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
- ومن هذان الحديثان يستدل باستحباب الصلاة و قيام الليل بما حفظه الفرد من القرآن.

6. التحلي بخلق القرآن من العفو والحلم و الصفح:

- على قارئ القرآن التحلي بمكارم الأخلاق و آداب القرآن و عدم التكالب على الدنيا، فعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صل الله عليه، قالت :"كان خلقه القرآن.
- وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه، أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح، لفضل القرآن)).

3: بيّن حكم نسيان القرآن.

الدليل من القرآن و السنة على من قال نسيت آية كذا:
•وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا، وقول الله تعالى:
{سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله} [الأعلى:6، 7]
-حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
-الحديث الثاني: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به. وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: ((فإنما هو نسي))، بالتخفيف، هذا لفظه.

وفي هذا الحديث -والذي قبله- دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

السبب وراء النسيان:

الذنب هو السبب الرئيس في نسيان القرآن؛ و الدليل على ذلك:
•وحدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30]، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب.

• وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 124- 126]، وهذا الذي قاله هذا -وإن لم يكن هو المراد جميعه- فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كثير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه؛ ولهذا قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
• فمن هذا يستدل أن نسيان القرآن بسبب ذنب أذنبه العبد، و على الانسان ملازمة الاستغفار .

ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان
- قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن إبراهيم القرشي، حدثنى أبو صالح وعكرمة، عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.
- قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم. كذا قال، وقد تقدم من غير طريقه. ورواه الحاكم في مستدركه من طريق الوليد، ثم قال: على شرط الشيخين ولا شك أن سنده من الوليد على شرط الشيخين حيث صرح الوليد بالسماع من ابن جريج، فالله أعلم -فإنه في المتن غرابة بل نكارة والله أعلم.

كيفية التعامل مع نسيان القرآن:

تعاهد القرآن و مداومة تلاوته و مراجعته؛ وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك:
• قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
التفصي: التخلص يقال: تفصى فلان من البلية: إذا تخلص منها، ومنه: تفصى النوى من التمرة: إذا تخلص منها، أي: إن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال.

و قد ورد عن الصحابة والعلماء:
• وقال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود- : إني لأمقت القارئ أن أراه سمينا نسيا للقرآن.
• ولهذا قال إسحاق بن راهويه وغيره: يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن، كما أنه يكره له أن يقرأ في أقل من ثلاثة أيام.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 26 صفر 1438هـ/26-11-2016م, 10:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا نصر زيدان مشاهدة المشاركة
مجلس المذاكرة للقسم الثاني من مقدمة تفسير ابن كثير

المجموعة الرابعة:

1: تكلم عن جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه.

جمع عثمان رضي الله عنه وجمعه للقرآن

•رواية البخاري في ذكر سبب جمع القرآن للمرة الثانية:

حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب الزهري: فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: سمع زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، التمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.

مما سبق يتضح سبب الجمع هو خوف حذيفة بن اليمان على تفرق الأمة لاختلاف الألسنة و دخول العجم.

اختلاف الأسباب في الجمع الأول و الجمع الثاني:

في عهد أبي بكر رضي الله عنه كان الهدف حفظ القرآن من الضياع بموت القراء
في عهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه كانت الغاية توحيد صفوف المسلمين في القراءة و الخوف من اختلافهم اختلاف اليهود و النصارى.و هو يعد من أكبر مناقب عثمان رضي الله عنه.

•[color="darkorchid"]موقف الصحابة من جمع القرآن:[/color]
من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)).
الصحابة الذين جمعوا القرآن:
زيد بن ثابت الأنصاري
عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي.
سعيد بن العاص بن أمية القرشي.
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي.
-وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا.

حرص عثمان رضي الله عنه على الدقة في كتابة المصحف:

وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
- وإذا اختلف الكتبة في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.
- نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف؛مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا، رواه أبو بكر بن أبي داود عن أبي حاتم السجستاني، سمعه يقوله. وصحح القرطبي أنه إنما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف.
- وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله.
•موقف الصحابة من عثمان رضي الله عنه من حرق المصحف:
وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم، وإنما نقم عليه ذلك أولئك الرهط الذين تمالؤوا عليه وقتلوه، قاتلهم الله، وفي ذلك جملة ما أنكروا مما لا أصل له.
- وأما سادات المسلمين من الصحابة، ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين، فكلهم وافقوه.
- قال أبو داود الطيالسي وابن مهدي وغندر عن شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن رجل، عن سويد بن غفلة، قال علي حين حرق عثمان المصاحف: لو لم يصنعه هو لصنعته.
- وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.
رفض ابن مسعود في بادئ الأمر ثم رضاه عن صنيع عثمان:
- سبب رفضه في بادئ الأمر : وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة. ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-مما يظهر من رجوعه عن موقفه : حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا أبو أسامة، عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.
بيان رغبة مروان ابن الحكم في اتلاف النسخة التي كانت عند أم المؤمنين حفصة:
حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبو اليمان، أخبرني سالم بن عبد الله: أن مروان كان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالمصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أو يقول: إنه قد كان شيء منها لم يكتب. إسناده صحيح.
-يتبين من هذا خوف مروان بن الحكم مما خاف منه عثمان رضي الله عنه؛ في اختلاف الأمة.
•دليل على من حفظ القرآن يقال عنه "قد جمع القرآن":
وقد روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا كما رواه ابن أبي داود حيث قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم أقسم علي ألا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف ففعل، فأرسل، إليه أبو بكر، رضي الله عنه، بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ فقال: لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع. هكذا رواه وفيه انقطاع، ثم قال: لم يذكر المصحف أحد إلا أشعث وهو لين الحديث وإنما رووا حتى أجمع القرآن، يعني أتم حفظه، فإنه يقال للذي يحفظ القرآن: قد جمع القرآن.
•أول من وضع علم النحو:
علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، وأنه قسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف، وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده، ثم أخذه الناس عن أبي الأسود فوسعوه ووضحوه، وصار علما مستقلا.

•مشاركة عثمان بن عفان في كتابة المصحف:
فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه، ربما وغيره، فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته، ثم قرئت على الصحابة بين يدي عثمان، ثم نفذت إلى الآفاق، رضي الله عنه.

•اصل في تعلم العرب الكتابة:

وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، إن شاء الله حدثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

2: اذكر أهم الآداب الواجبة أثناء تلاوة القرآن.

1.الإخلاص لله تعالى و ابتغاء مرضاته
قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، قال: قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
يتبين من هذا الحديث،أن النية أساسية في طلب و قراءة القرآن،و تكون الغاية هي مرضاة الله تعالى.
قال عليه الصلاة والسلام - قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل ، وهم الكمل في أنفسهم ، المكملون لغيرهم ، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي ، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ) [ النحل : 88 ] ، وكما قال تعالى : ( وهم ينهون عنه وينأون عنه ) [ الأنعام : 26 ] ، في أصح قولي المفسرين في هذا ، وهو أنهم ينهون الناس عن اتباع القرآن مع نأيهم وبعدهم عنه ، فجمعوا بين التكذيب والصد.

من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فجر به

-عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
-حدثنا مسدد بن مسرهد ، عن أنس بن مالك، عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).
-ورواه في موضع آخر مع بقية الجماعة من طرق، عن قتادة به.
-ومضمون هذه الأحاديث التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

2.الترتيل:

•الترتيل في القراءة:

وقول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل وهو ابن حيان الأحدب عن أبي وائل، عن عبد الله قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.
ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن مهدي بن ميمون، عن واصل -وهو ابن حيان الأحدب- عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود به.

وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن زياد بن نعيم، عن مسلم بن مخراق، عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرؤون القرآن في الليل مرة أو مرتين، فقالت: أولئك قرؤوا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه.

•تحري الخشوع في التلاوة:

•عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((من إذا سمعته يقرأ رؤيت أنه يخشى الله، عز وجل)).

•مد القراءة:

حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم الأزدي، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا.
وهكذا رواه أهل السنن، من حديث جرير بن حازم به وحدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
وفي معناه الحديث الذي رواه الإمام أبو عبيد: حدثنا أحمد بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك، عن الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، عن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
وهكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل، عن يحيى بن إسحاق، وأبو داود عن يزيد بن خالد الرملي، والترمذي والنسائي، كلاهما عن قتيبة، كلهم عن الليث بن سعد به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

حسن الصوت عند القراءة:

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسنوا الأصوات بالقرآن)).

•عدم التعجل بالقراءة
لا يكون هم الفرد نهاية السورة، بل عليه التأني فإما الآية نداء نسترعي له السمع لأمر نفعله،أو نهي لا نفعله.
-قال أحمد -أيضا- : حدثنا خلف بن الوليد، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا العجمي والأعرابي قال: فاستمع فقال: ((اقرؤوا فكل حسن، وسيأتي قوم يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).
-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه)).
ورواه -أيضا- عن غندر، عن شعبة، عن قتادة به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

3.العمل بالقرآن و التأسي بأخلاق الرسول صل الله عليه و سلم:

- فلا نقيم حروفه و نضيع حدوده؛ وقال أبو بكر البزار: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، عن المعلى الكندي، عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار)).
- قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أحمد بن عبد العزيز بن مروان أبو صخر، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ ألف آية كتب الله له قنطارا، والقنطار مائة رطل، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والأوقية ستة دنانير، والدينار أربعة وعشرون قيراطا، والقيراط مثل أحد، ومن قرأ ثلاثمائة آية قال الله لملائكته: نصب عبدي لي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له، ومن بلغه عن الله فضيلة فعمل بها إيمانا به ورجاء ثوابه، أعطاه الله ذلك وإن لم يكن ذلك كذلك)).

4.فضل حفظ القرآن:
•القراءة عن ظهر قلب
إنما أفرد البخاري في هذه الترجمة حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، الحديث الذي تقدم الآن، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).

وهذه الترجمة من البخاري، رحمه الله، مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم. ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه،

•الحث على تعاهد القرآن:

وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها، وإن تركها ذهبت)).

•نسيان القرآن:
- حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
- وفي هذا الحديث دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

5. الصلاة و قيام الليل بالقرآن:

- أن رجلا جاء بابن له فقال: يا رسول الله، إن ابني هذا يقرأ المصحف بالنهار ويبيت بالليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما)).
- وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
- ومن هذان الحديثان يستدل باستحباب الصلاة و قيام الليل بما حفظه الفرد من القرآن.

6. التحلي بخلق القرآن من العفو والحلم و الصفح:

- على قارئ القرآن التحلي بمكارم الأخلاق و آداب القرآن و عدم التكالب على الدنيا، فعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صل الله عليه، قالت :"كان خلقه القرآن.
- وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه، أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح، لفضل القرآن)).

3: بيّن حكم نسيان القرآن.

الدليل من القرآن و السنة على من قال نسيت آية كذا:
•وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا، وقول الله تعالى:
{سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله} [الأعلى:6، 7]
-حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
-الحديث الثاني: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به. وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: ((فإنما هو نسي))، بالتخفيف، هذا لفظه.

وفي هذا الحديث -والذي قبله- دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

السبب وراء النسيان:

الذنب هو السبب الرئيس في نسيان القرآن؛ و الدليل على ذلك:
•وحدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30]، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب.

• وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 124- 126]، وهذا الذي قاله هذا -وإن لم يكن هو المراد جميعه- فهو بعضه، فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كثير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه؛ ولهذا قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
• فمن هذا يستدل أن نسيان القرآن بسبب ذنب أذنبه العبد، و على الانسان ملازمة الاستغفار .

ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان
- قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن إبراهيم القرشي، حدثنى أبو صالح وعكرمة، عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.
- قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم. كذا قال، وقد تقدم من غير طريقه. ورواه الحاكم في مستدركه من طريق الوليد، ثم قال: على شرط الشيخين ولا شك أن سنده من الوليد على شرط الشيخين حيث صرح الوليد بالسماع من ابن جريج، فالله أعلم -فإنه في المتن غرابة بل نكارة والله أعلم.

كيفية التعامل مع نسيان القرآن:

تعاهد القرآن و مداومة تلاوته و مراجعته؛ وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك:
• قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
التفصي: التخلص يقال: تفصى فلان من البلية: إذا تخلص منها، ومنه: تفصى النوى من التمرة: إذا تخلص منها، أي: إن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال.

و قد ورد عن الصحابة والعلماء:
• وقال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود- : إني لأمقت القارئ أن أراه سمينا نسيا للقرآن.
• ولهذا قال إسحاق بن راهويه وغيره: يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن، كما أنه يكره له أن يقرأ في أقل من ثلاثة أيام.
بارك الله فيك أختي وأحسن إليك.
وقد أحسنت في استيفاء جميع العناصر المتعلّقة بكل سؤال وترتيبها-مع ملاحظة وجود بعض الاستطرادات القليلة-، لكن يلاحظ اعتمادك كليا على ألفاظ المؤلف، والواجب تلخيص كلامه في كل عنصر.
فأرجو منك فضلا تلخيص الجواب بأسلوبك أنت، وفقك الله وسدّدك.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 28 ربيع الأول 1438هـ/27-12-2016م, 09:47 PM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي المجلس الخامس القسم الثاني من مقدمة تفسير ابن كثير

مجلس المذاكرة للقسم
المجموعة الرابعة:

1: تكلم عن جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه.

جمع عثمان رضي الله عنه وجمعه للقرآن
1.السبب الذي أدى إلى جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان.
2.الدليل من صحيح البخاري.
3.منهجية جمع القرآن.
4.اختلاف الجمع الثاني عن الجمع الأول.
5.موقف الصحابة من جمع القرآن.
6.من هم الصحابة الذين جمعوا القرآن، و مناقبهم.
7.ارسال المصاحف إلى الأمصار.
8.موقف الصحابة من عثمان بن عفان من أمره بحرق جميع النسخ ما عدا ما جمع في عهده.
9.سبب رفض ابن مسعود في بداية الأمر ثم رجوعه.

•السبب الذي أدى لجمع القرآن في عهد عثمان بن عفان ، اتساع رقعة الأمة الإسلامية،ودخول العجم إلى الإسلام،مما أدى إلى جهلهم باللغة العربية و اختلاف القراء فكاد المسلمين ان يقتتلوا. مما أدى إلى فزع حذيفة بن اليمان إلى عثمان ابن عفان لإدراك الأمة.

رواية البخاري في ذكر سبب جمع القرآن للمرة الثانية:
حدثنا ابن شهاب، أن أنس بن مالك، حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان بن عفان رضي الله عنهما وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة. فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.و كان هناك آية قد فقدها زيد بن ثابت فوجدها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23]، فألحقناها في سورتها في المصحف.

اختلاف الأسباب في الجمع الأول و الجمع الثاني:
في عهد أبي بكر رضي الله عنه كان الهدف حفظ القرآن من الضياع بموت القراء
في عهد عثمان ابن عفان رضي الله عنه كانت الغاية توحيد صفوف المسلمين في القراءة و الخوف من اختلافهم اختلاف اليهود و النصارى.و هو يعد من أكبر مناقب عثمان رضي الله عنه.

موقف الصحابة من جمع القرآن:

من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاقو أثنى علي بن الطالب على فعل عثمان بن عفان، و معلوم أن الرسول صل الله عليه و سلم أثنى على الخلفاء الراشدين.

الصحابة الذين جمعوا القرآن:
زيد بن ثابت الأنصاري
عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي.
سعيد بن العاص بن أمية القرشي.
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي.
- وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الأنصاري، أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أحد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي، وكان كريما جوادا ممدحا، وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا.

حرص عثمان رضي الله عنه على الدقة في كتابة المصحف:

وكان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.
- وإذا اختلف الكتبة في وضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان، كما اختلفوا في التابوت أيكتبونه بالتاء أو الهاء، فقال زيد بن ثابت: إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون: إنما هو التابوت فترافعوا إلى عثمان فقال: اكتبوه بلغة قريش، فإن القرآن نزل بلغتهم.

-نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف؛مصحفا إلى أهل مكة، ومصحفا إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وترك عند أهل المدينة مصحفا.
•وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراءات الناس في الآفاق، وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم،و لم ينقم عليه إلا الذين قتلوه في آخر الأمر.

•موقف الصحابة من عثمان رضي الله عنه من حرق المصحف:

وقد وافقه الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم.
- وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد. وهذا إسناد صحيح.

رفض ابن مسعود في بادئ الأمر ثم رضاه عن صنيع عثمان:

- سبب رفضه في بادئ الأمر : وأما عبد الله بن مسعود فقد قال إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حميد بن مالك قال: لما أمر عثمان بالمصاحف -يعني بتحريقها- ساء ذلك عبد الله بن مسعود وقال: من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغلل، فإنه من غل شيئا جاء بما غل يوم القيامة. ثم قال عبد الله: لقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد صبي، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- مما يظهر من رجوعه عن موقفه : حدثنا عبد الله بن سعيد ، حدثنا أبو أسامة، عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب، على سبعة أحرف -أو حروف- وإن الكتاب قبلكم كان ينزل -أو نزل- من باب واحد على حرف واحد. وهذا الذي استدل به أبو بكر، رحمه الله، على رجوع ابن مسعود فيه نظر، من جهة أنه لا يظهر من هذا اللفظ رجوع عما كان يذهب إليه، والله أعلم.

بيان رغبة مروان ابن الحكم في اتلاف النسخة التي كانت عند أم المؤمنين حفصة:
كان مروان ابن الحكم يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب منها القرآن، فتأبى حفصة أن تعطيه إياها. قال سالم: فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر فأمر بها مروان فشققت.و يتبين من هذا خوف مروان بن الحكم مما خاف منه عثمان رضي الله عنه؛ في اختلاف الأمة.

•دليل على من حفظ القرآن يقال عنه "قد جمع القرآن":

وقد روي أن عليا، رضي الله عنه، أراد أن يجمع القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبا بحسب نزوله أولا فأولا ، حتى أنه تخلف عن مبايعة أبو بكر الصديق . فقال له : لا والله إلا أني أقسمت ألا أرتدي برداء إلا لجمعة. فبايعه ثم رجع. هكذا رواه وفيه انقطاع، أول من وضع علم النحو:
علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو، فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، وأنه قسم الكلام إلى اسم وفعل وحرف، وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده، ثم أخذه الناس عن أبي الأسود فوسعوه ووضحوه، وصار علما مستقلا.

مشاركة عثمان بن عفان في كتابة المصحف:
فما يعرف أنه كتب بخطه هذه المصاحف، وإنما كتبها زيد بن ثابت في أيامه فنسبت إلى عثمان لأنها بأمره وإشارته.

•أصل في تعلم العرب الكتابة:

وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية فعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيئ من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس. ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد الزهري، إن شاء الله حدثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة. وسألنا أهل الحيرة: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.

2: اذكر أهم الآداب الواجبة أثناء تلاوة القرآن.

1.الإخلاص لله تعالى و ابتغاء مرضاته

قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير عن خيثمة، عن سويد بن غفلة، قال: قال علي، رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)).
يتبين من هذا الحديث،أن النية أساسية في طلب و قراءة القرآن،و تكون الغاية هي مرضاة الله تعالى.
قال عليه الصلاة والسلام - قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه وهذه من صفات المؤمنين المتبعين للرسل ، وهم الكمل في أنفسهم ، المكملون لغيرهم ، وذلك جمع بين النفع القاصر والمتعدي ، وهذا بخلاف صفة الكفار الجبارين الذين لا ينفعون ، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع ، كما قال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ) [ النحل : 88 ]
من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فجر به
- عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئا، وينظر في القدح فلا يرى شيئا، وينظر في الريش فلا يرى شيئا، ويتمارى في الفوق)).
- ومضمون الأحاديث التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب، كما جاء في الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.

2.الترتيل:
• الترتيل في القراءة:
وقول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، حدثنا واصل وهو ابن حيان الأحدب عن أبي وائل، عن عبد الله قال: غدونا على عبد الله، فقال رجل: قرأت المفصل البارحة، فقال: هذا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثمان عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.
ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن مهدي بن ميمون، عن واصل -وهو ابن حيان الأحدب- عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود به.

تحري الخشوع في التلاوة:
• عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((من إذا سمعته يقرأ رؤيت أنه يخشى الله، عز وجل)).

•مد القراءة:
حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا جرير بن حازم الأزدي، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يمد مدا.
وهكذا رواه أهل السنن، من حديث جرير بن حازم به وحدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا همام، عن قتادة قال: سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
وعن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا.
وهكذا رواه الإمام أحمد بن حنبل وقال الترمذي: حسن صحيح.

•حسن الصوت عند القراءة:
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحسنوا الأصوات بالقرآن)).

•عدم التعجل بالقراءة:
"وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا "
لا يكون هم الفرد نهاية السورة، بل عليه التأني فإما الآية نداء نسترعي له السمع لأمر نفعله،أو نهي لا نفعله.
- قال أحمد -أيضا- : حدثنا خلف بن الوليد، عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا العجمي والأعرابي قال: فاستمع فقال: ((اقرؤوا فكل حسن، وسيأتي قوم يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)).

3.العمل بالقرآن و التأسي بأخلاق الرسول صل الله عليه و سلم:
- فلا نقيم حروفه و نضيع حدوده؛ وقال أبو بكر البزار: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، عن المعلى الكندي، عن عبد الله بن مسعود قال: ((إن هذا القرآن شافع مشفع، من اتبعه قاده إلى الجنة، ومن تركه أو أعرض عنه -أو كلمة نحوها- زج في قفاه إلى النار)).

4.فضل حفظ القرآن:
•القراءة عن ظهر قلب
إنما أفرد البخاري في هذه الترجمة حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، الحديث الذي تقدم الآن، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
وهذه الترجمة من البخاري، رحمه الله، مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم. ولكن الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه،

•الحث على تعاهد القرآن:
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها، وإن تركها ذهبت)).

•نسيان القرآن:
- حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
- وفي هذا الحديث دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص.
فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك. وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

5.الصلاة و قيام الليل بالقرآن:
- وقال أحمد: حدثنا موسى بن داود، حدثنا ابن لهيعة، عن حيي، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه))، قال: ((فيشفعان)).
6.التحلي بخلق القرآن من العفو والحلم و الصفح:
- على قارئ القرآن التحلي بمكارم الأخلاق و آداب القرآن و عدم التكالب على الدنيا، فعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صل الله عليه، قالت :"كان خلقه القرآن.
- وقال أبو القاسم الطبراني: حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه، أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح، لفضل القرآن)).

3: بيّن حكم نسيان القرآن.

الدليل من القرآن و السنة على من قال نسيت آية كذا.

•وهل يقول: نسيت آية كذا وكذا، وقول الله تعالى:
{سنقرئك فلا تنسى * إلا ما شاء الله} [الأعلى:6، 7]

- حدثنا الربيع بن يحيى، حدثنا زائدة، حدثنا هشام، عن عروة، عن عائشة قالت: لقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني آية كذا وكذا من سورة كذا)). انفرد به.
- الحديث الثاني: حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به. وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: ((فإنما هو نسي))، بالتخفيف، هذا لفظه.

وفي هذا الحديث -والذي قبله- دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24{ .

السبب وراء النسيان:
الذنب هو السبب الرئيس في نسيان القرآن؛ و الدليل على ذلك:

•وحدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30]، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب.
•وقد أدخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [طه: 124- 126] فإن الإعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كثير وتفريط شديد، نعوذ بالله منه؛ ولهذا قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن)) فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
•فمن هذا يستدل أن نسيان القرآن بسبب ذنب أذنبه العبد، و على الانسان ملازمة الاستغفار .

ذكر الدعاء المأثور لحفظ القرآن وطرد النسيان

- قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.
- قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم. كذا قال، وقد تقدم من غير طريقه. ورواه الحاكم في مستدركه من طريق الوليد، ثم قال: على شرط الشيخين ولا شك أن سنده من الوليد على شرط الشيخين حيث صرح الوليد بالسماع من ابن جريج، فالله أعلم -فإنه في المتن غرابة بل نكارة والله أعلم.

كيفية التعامل مع نسيان القرآن:

تعاهد القرآن و مداومة تلاوته و مراجعته؛ وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك:
• قال عليه السلام: ((تعاهدوا القرآن))، وفي لفظ: ((استذكروا القرآن، فإنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم)).
التفصي: التخلص يقال: تفصى فلان من البلية: إذا تخلص منها، ومنه: تفصى النوى من التمرة: إذا تخلص منها، أي: إن القرآن أشد تفلتا من الصدور من النعم إذا أرسلت من غير عقال.
و قد ورد عن الصحابة والعلماء:
• قال عبد الله ابن مسعود: إني لأمقت القارئ أن أراه سمينا نسيا للقرآن.
• و يكره لرجل أن يمر عليه أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن، كما أنه يكره له أن يقرأ في أقل من ثلاثة أيام.قال به اسحاق بن راهويه.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 23 ربيع الثاني 1438هـ/21-01-2017م, 09:16 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

المجموعة الثالثة:
1: تكلّم عن جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
-لما استحر القتل في قراء اليمامة أشار عمر على أبي بكر بجمع القرآن في مصحف واحد.
-تردد أبو بكر في قبول فكرة عمر حتى لا يصنع شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن عمر قال له أن ذلك خير ولم يزل بأبي بكر حتى وافق.
- أرسل أبو بكر الصديق لزيد بن ثابت وقال له أنه رجل عاقل لا يتهمه، وأمره بتتبع القرآن الكريم وجمعه لكن زيد تردد ولم يزل به أبو بكر حتى وافق.
- كان اختيار أبو بكر لزيد بن ثابت لأنه من الذين كانوا يكتبون الوحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
-أمر أبو بكر الصديق عمر و زيد بأن يقفوا على باب المسجد ولا يقبلوا من أحد قرآن حتى يأتي بشاهدين.
- لم يقع بين الصحابة خلاف في جمع أبي بكر للمصحف، وهم متوافرون في المدينة؛ فكان محلّ إجماع.
- قال علي بن أبي طالب: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر؛ رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب اللّه.
- كانت الآيات قبل جمع أبي بكر متفرقة في العسب واللخاف وصدور الرجال فكان عمل أبي بكر هو جمعها في مصحف واحد.
-بعد جمع القرآن ظل المصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله وأخذه عمر ثم حفصة من بعده.


2: بيّن معنى التغنّي بالقرآن.
هو الجهر به وتحسين الصوت به وتحزينه.
والدليل ما رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن)).

3: أيهما أفضل: القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر قلب؟
اختلف في ذلك أهل العلم والأغلب على أن القراءة من المصحف أفضل لفضل النظر في المصحف وعدم هجره.
وقال البعض: بل الأفضل عن ظهر قلب بقوله تعالى«بل هو آيات بيّنات في صدور الذين أوتوا العلم..»
وقال آخرون: أن ذلك يختلف بحال القارئ وحضور قلبه؛ فمن كان تدبره مع المصحف أحسن فالقراءة من المصحف أفضل له ومن كان تدبره حين يقرأه عن ظهر قلب فالقراءة عن ظهر قلب أفضل له.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الخامس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir