دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دروس التفسير لبرنامج إعداد المفسّر > دروس تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ربيع الأول 1440هـ/17-11-2018م, 06:38 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (49) إلى الآية (50) ]

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا}
{ألم تر}: ألم تخبر في قول بعضهم.
وقال أهل اللغة: ألم تعلم وتأويله سؤال فيه معنى الإعلام.
تأويله أعلم قصتهم، وعلى مجرى اللغة ألم ينته علمك إلى هؤلاء، ومعنى: {يزكون أنفسهم} أي: تزعمون أنهم أزكياء.

وتأويل قولنا، زكاء الشيء في اللغة: نماؤه في الصلاح.
وهذا أيضا يعني به اليهود، وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار.

قال اللّه - عزّ وجلّ -:
{بل اللّه يزكّي من يشاء} أي: يجعل من يشاء زاكيا.
{ولا يظلمون فتيلا} تأويله: ولا يظلمون مقدار فتيل.
قال بعضهم: "الفتيل" ما تفتله بين إصبعيك من الوسخ.

قال بعضهم: "الفتيل" ما كان في باطن النّواة من لحائها.

وقالوا في التفسير: ما كان في ظهرها وهو الذي تنبت منه النخلة.
والقطمير: جملة ما التفّ عليها من لحائها). [معاني القرآن: 2/60]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً (49) انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثماً مبيناً (50) ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلاً (51) أولئك الّذين لعنهم اللّه ومن يلعن اللّه فلن تجد له نصيراً (52)
هذا لفظ عام في ظاهره، ولم يختلف أحد من المتأولين في أن المراد اليهود، واختلف في المعنى الذي به «زكوا أنفسهم»، فقال قتادة والحسن: ذلك قولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه [المائدة: 18] وقولهم: لن يدخل الجنّة إلّا من كان هوداً [البقرة: 111] وقال الضحاك والسدي: ذلك قولهم: لا ذنوب لنا وما فعلناه نهارا غفر ليلا، وما فعلناه ليلا غفر نهارا، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب، وقال مجاهد وأبو مالك وعكرمة: تقديمهم أولادهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب لهم.
قال المؤلف: وهذا يبعد من مقصد الآية وقال ابن عباس: ذلك قولهم أبناؤنا الذين ماتوا يشفعون لنا ويزكوننا، وقال عبد الله بن مسعود: ذلك ثناء بعضهم على بعض، ومدحهم لهم وتزكيتهم لهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فتقتضي هذه الآية الغض من المزكي لنفسه بلسانه، والإعلام بأن الزاكي
المزكى من حسنت أفعاله وزكاه الله عز وجل، والضمير في يزكّون عائد على المذكورين ممن زكى نفسه أو ممن يزكيه الله تعالى، وغير هذين الصنفين علم أن الله تعالى لا يظلمهم من غير هذه الآية، وقرأت طائفة «ولا تظلمون» بالتاء على الخطاب، «والفتيل»: هو ما فتل، فهو فعيل بمعنى مفعول، وقال ابن عباس وعطاء ومجاهد وغيرهم: «الفتيل»: الخيط الذي في شق نواة التمرة، وقال ابن عباس وأبو مالك والسدي:
هو ما خرج من بين إصبعيك أو كفيك إذا فتلتهما، وهذا كله يرجع إلى الكناية عن تحقير الشيء وتصغيره، وأن الله لا يظلمه، ولا شيء دونه في الصغر، فكيف بما فوقه، ونصبه على مفعول ثان ب يظلمون). [المحرر الوجيز: 2/578-579]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا (49) انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثمًا مبينًا (50) ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلا (51) أولئك الّذين لعنهم اللّه ومن يلعن اللّه فلن تجد له نصيرًا (52)}.
قال الحسن وقتادة: نزلت هذه الآية، وهي قوله: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} في اليهود والنّصارى، حين قالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه}
وقال ابن زيدٍ: نزلت في قولهم: {نحن أبناء الله وأحبّاؤه} [المائدة:18]، وفي قولهم: {وقالوا لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111].
وقال مجاهدٌ: كانوا يقدّمون الصّبيان أمامهم في الدّعاء والصّلاة يؤمّونهم، ويزعمون أنّهم لا ذنب لهم.
وكذا قال عكرمة، وأبو مالكٍ. روى ذلك ابن جريرٍ.
وقال العوفيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} وذلك أنّ اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ، وسيشفعون لنا ويزكّوننا، فأنزل اللّه على محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا} رواه ابن جريرٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن مصفّى، حدّثنا ابن حميرٍ، عن ابن لهيعة، عن بشر بن أبي عمرٍو عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت اليهود يقدّمون صبيانهم يصلّون بهم، ويقرّبون قربانهم ويزعمون أنّهم لا خطايا لهم ولا ذنوب. وكذبوا. قال اللّه [تعالى] إنّي لا أطهّر ذا ذنبٍ بآخر لا ذنب له" وأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم}
ثمّ قال: وروي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، وعكرمة، والضّحّاك -نحو ذلك.
وقال الضّحّاك: قالوا: ليس لنا ذنوبٌ، كما ليس لأبنائنا ذنوبٌ. فأنزل اللّه ذلك فيهم.
وقيل: نزلت في ذمّ التّمادح والتّزكية.
وقد جاء في الحديث الصّحيح عند مسلمٍ، عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نحثو في وجوه المدّاحين التّراب.
وفي الحديث الآخر المخرّج في الصّحيحين من طريق خالدٍ الحذاء، عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلًا يثني على رجلٍ، فقال: "ويحك. قطعت عنق صاحبك". ثمّ قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا ولا يزكّي على اللّه أحدًا".
وقال الإمام أحمد: حدّثنا معتمرٌ، عن أبيه، عن نعيم بن أبي هندٍ قال: قال عمر بن الخطّاب: من قال: أنا مؤمنٌ، فهو كافرٌ. ومن قال: هو عالمٌ، فهو جاهلٌ. ومن قال: هو في الجنّة، فهو في النار
ورواه ابن مردويه، من طريق موسى بن عبيدة، عن طلحة بن عبيد اللّه بن كريزٍ، عن عمر أنّه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنّه مؤمنٌ، فهو كافرٌ، ومن قال: إنّه عالمٌ فهو جاهلٌ، ومن قال: إنّه في الجنّة، فهو في النّار.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة وحجّاجٌ، أنبأنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن معبدٍ الجهنيّ قال: كان معاوية قلّما يحدّث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: وكان قلّما يكاد أن يدع يوم الجمعة هؤلاء الكلمات أن يحدّث بهنّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول: "من يرد اللّه به خيرًا يفقّهه في الدّين، وإنّ هذا المال حلوٌ خضرٌ، فمن يأخذه بحقّه يبارك له فيه، وإيّاكم والتّمادح فإنّه الذّبح".
وروى ابن ماجه منه: "إيّاكم والتّمادح فإنّه الذّبح" عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن غندرٍ، عن شعبة به.
ومعبدٌ هذا هو ابن عبد اللّه بن عويمٍ البصريّ القدريّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا يحيى بن إبراهيم المسعوديّ، حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن قيس بن مسلمٍ، عن طارق بن شهابٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ، يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا فيقول له: واللّه إنّك كيت وكيت فلعلّه أن يرجع ولم يحلّ من حاجته بشيءٍ وقد أسخط اللّه. ثمّ قرأ {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
وسيأتي الكلام على ذلك مطوّلًا عند قوله تعالى: {فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتّقى} [النّجم:32]. ولهذا قال تعالى: {بل اللّه يزكّي من يشاء} أي: المرجع في ذلك إلى اللّه، عزّ وجلّ لأنّه عالمٌ بحقائق الأمور وغوامضها.
ثمّ قال تعالى: {ولا يظلمون فتيلا} أي: ولا يترك لأحدٍ من الأجر ما يوازن مقدار الفتيل.
قال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وعكرمة، وعطاءٌ، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ من السّلف: هو ما يكون في شقّ النّواة.
وعن ابن عبّاسٍ أيضًا: هو ما فتلت بين أصابعك. وكلا القولين متقارب). [تفسير القرآن العظيم: 2/332-333]


تفسير قوله تعالى: {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله - جلّ وعزّ -: {انظر كيف يفترون على اللّه الكذب وكفى به إثما مبينا} أي: يفعلونه ويختلقونه.
ويقال: قد فرى الرجل يفري إذا عمل، وإذا قطع زمن هذا: فريت جلده. فتأويله أن هذا القول أعني تزكيتهم أنفسهم فرية منهم.
{وكفى به إثما مبينا} أي: كفى هو إثما، منصوب على التمييز، أي: كفى به في الآثام). [معاني القرآن: 2/60-61]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: انظر كيف يفترون الآية، يبين أن تزكيتهم أنفسهم كانت بالباطل والكذب، ويقوي أن التزكية كانت بقولهم نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه [المائدة: 18] إذ الافتراء في هذه المقالة أمكن، وكيف يصح أن يكون في موضع نصب ب يفترون، ويصح أن تكون في موضع رفع بالابتداء، والخبر في قوله: يفترون وكفى به إثماً مبيناً خبر في مضمنه تعجب وتعجيب من الأمر، ولذلك دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب، وأن يكتفى لهم بهذا الكذب إثما ولا يطلب لهم غيره، إذ هو موبق ومهلك وإثماً نصب على التمييز). [المحرر الوجيز: 2/579]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {انظر كيف يفترون على اللّه الكذب} أي: في تزكيتهم أنفسهم ودعواهم أنّهم أبناء اللّه وأحبّاؤه وقولهم: {لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111] وقولهم: {لن تمسّنا النّار إلا أيّامًا معدودةً} [البقرة:80] واتّكالهم على أعمال آبائهم الصّالحة، وقد حكم الله أن أعمال
[تفسير القرآن العظيم: 2/333]
الآباء لا تجزي عن الأبناء شيئًا، في قوله: {تلك أمةٌ قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم [ولا تسألون عمّا كانوا يعملون]} [البقرة:141].
ثمّ قال: {وكفى به إثمًا مبينًا} أي: وكفى بصنعهم هذا كذبًا وافتراءً ظاهرًا). [تفسير القرآن العظيم: 2/333-334]





* للاستزادة ينظر: هنا

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir