المجموعة الثانية:
1: المراد بالطاغية في قوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} الحاقة.
● المراد ب (بالطاغية):
ورد في معناها أقوالا :
القول الأول: الصّيحة الّتي أسكتتهم، والزّلزلة الّتي أسكنتهم، وهو قول قتادة، ذكر ذلك عنه ابن كثير، وذكر مثل هذا المعنى كذلك السعديّ والأشقر.
القول الثاني: الذنوب، وهو قول مجاهد والربيع ابن أنس، ذكر ذلك عنهم ابن كثير.
القول الثالث: الطغيان، وهو قول ابن زيد، ذكر ذلك عنه ابن كثير.
القول الرابع: عاقر الناقة، وهو قول السدى، ذكر ذلك عنه ابن كثير.
وبالنظر إلى الأقوال السابقة نخلص إلى أن الخلاف فى المراد ب"بالطاغية" هو الخلاف فى الباء هل هى للسببية أو للإستعانة؟
فالقول الأول على أنها للإستعانة، والأقوال الثلاثة الباقية على أنها للسببية، وبذلك تُختصر الأقوال إلى قولين:
القول الأول: العذاب الذى وقع عليهم وهى الصّيحة الّتي أسكتتهم، والزّلزلة الّتي أسكنتهم، وهو قول قتادة، ذكر ذلك عنه ابن كثير، وذكر مثل هذا المعنى كذلك السعديّ والأشقر.
القول الثانى: سبب هذا العذاب وهو ذنوبهم وطغيانهم بعقر الناقة، وهو حاصل قول مجاهد والربيع ابن أنس و ابن زيد والسدى، ذكر ذلك عنهم ابن كثير.
ورجح ابن جرير القول الأول، كما ذكر ذلك عنه ابن كثير.
2: معنى "زنيم" في قوله تعالى: {عتل بعد ذلك زنيم} القلم.
● الأقوال الواردة في معنى "زنيم":
ورد في ذلك أقوال:
القول الأول: رجلٌ من قريشٍ له زنمة مثل زنمة الشّاة، وهو مروى عن ابن عباس. ذكره ابن كثير.
الدليل: عن ابن عبّاسٍ: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال: رجلٌ من قريشٍ له زنمة مثل زنمة الشّاة. رواه البخارى.
القول الثانى: هو الأخنس بن شريق الثّقفيّ، حليف بني زهرة، وهو مروى عن ابن عباس، ذكره ابن كثير.
القول الثالث: هو الوليد ابن المغيرة، ذكره السعدى. واستدل بقولِه تعالى عنه:"أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ"
القول الرابع: الدّعيّ في القوم، وهو مروى عن ابن عباس، وقاله ابن جريرٍ وغير واحدٍ من الأئمّة، ذكره ابن كثير، وكذلك ذكره السعدى.
واستشهد ابن جرير بقول حسّان بن ثابتٍ، يعني يذمّ بعض كفّار قريشٍ:
وأنت زنيم نيط في آل هاشمٍ = كما نيط خلف الرّاكب القدح الفرد
وقال آخر:
زنيمٌ ليس يعرف من أبوه = بغيّ الأمّ ذو حسب لئيم...
القول الخامس: الدعيّ الفاحش اللّئيم، وهو مروى عن ابن عباس، ذكره ابن كثير.
الدليل: عن ابن عبّاسٍ في قوله: {زنيمٍ} قال: الدعيّ الفاحش اللّئيم. رواه ابن أبى حاتم،
واستشهد ابن عبّاسٍ: زنيمٌ تداعاه الرجال زيادةً = كما زيد في عرض الأديم الأكارع
القول السادس: الملحق النسب، وهو مروى عن ابن عباس وعكرمة. ذكره ابن كثير، وكذلك ذكره الأشقر.
الدليل: عن سعيد بن المسيّب، أنّه سمعه يقول في هذه الآية: {عتلٍّ بعد ذلك زنيمٍ} قال سعيدٌ: هو الملصق بالقوم، ليس منهم. رواه ابن أبى حاتم.
عن عامر بن قدامة قال: سئل عكرمة عن الزّنيم، قال: هو ولد الزّنا. رواه ابن أبى حاتم.
القول السابع: الزّنماء من الشّياه: الّتي في عنقها هنتان معلّقتان في حلقها، قول عكرمة، ذكره ابن كثير.
القول الثامن: الّذي يعرف بالشّرّ كما تعرف الشّاة بزنمتها. والزّنيم: الملصق، قول سعيد ابن جبير، رواه ابن جرير، ذكره ابن كثير، وكذلك ذكر السعدى.
القول التاسع: له زنمةٌ في عنقه يعرف بها، قول ابن عباس، ذكره ابن كثير
القول العاشر: الّذي تكون له زنمة مثل زنمة الشّاة. قول ابن جرير، ذكره ابن كثير.
القول الحادى عشر: له زنمة في أصل أذنه، ويقال: هو اللّئيم الملصق في النّسب، قول الضحاك، ذكره ابن كثير.
القول الثانى عشر: هو المريب الّذي يعرف بالشّرّ، وهو مروى عن ابن عباس، ذكره ابن كثير، وكذلك ذكر السعدى.
القول الثالث عشر: الّذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشّاة. قول مجاهد، ذكره ابن كثير.
القول الرابع عشر: الزّنيم علامة الكفر، قول أبو رزين، ذكره ابن كثير.
القول الخامس عشر: الّذي يعرف باللّؤم كما تعرف الشّاة بزنمتها، قول عكرمة، ذكره ابن كثير.
والأقوال كلها متقاربة، وجمعها ابن كثير بقوله: أنّ الزّنيم هو: المشهور بالشّرّ، الّذي يعرف به من بين الناس، وغالبًا يكون دعيًا ولد زنًا، فإنّه في الغالب يتسلّط الشّيطان عليه ما لا يتسلّط على غيره، كما جاء في الحديث: "لا يدخل الجنّة ولد زنًا" وفي الحديث الآخر: "ولد الزّنا شرّ الثّلاثة إذا عمل بعمل أبويه.