المجموعة الثالثة:
1: حرّر القول في المراد بالأثقال في قوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)) الزلزلة.
الأقوال الواردة في معنى الأثقال:
القول الأول: الموتى. والمراد: ألقت الأرض ما فيها من الموتى. وهو قول ابن عباس، وذكر ابن كثير أنه منسوب إلى غير واحد من السلف.
واستدل عليه بقوله تعالى: "وإذا الأرض مدّت وألقت ما فيها وتخلّت"
وبما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذّهب والفضّة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع، فيقول: في هذا قطعت رحمي. ويجيء السّارق فيقول: في هذا قطعت يدي. ثمّ يدعونه فلا يأخذون منه شيئ".
القول الثاني: ما في بطن الأرض من الكنوز والأموات، تلقيه يوم القيامة. وهو قول السعدي.
القول الثالث: ما في جوف الأرض من الأموات والدفائن، وما عُمل عليها. وهو قول الأشقر.
والأقوال الثلاثة كلها صحيحة، وهي من باب التفسير بالمثال، والأثقال كلمة عامة، فلا موجب لتخصيصها، على أنه أَوْلى ما يدخل في معناها الأموات. والله أعلم.
2: حرّر القول في المراد بالأمانة في قول الله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان..}
الأقوال الواردة في معنى (الأمانة):
القول الأول: معنى الأمانة : الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده، وهذا قول ابن عباس عزاه إليه البغوي ومكي بن أبي طالب، وقول ابن جبير والحسن، عزاه إليهم مكي بن أبي طالب.
وهذا القول استدل عليه مكي بقول جويبر: فلما عرضت على آدم، قال: أي رب [وما الأمانة]؟ فقيل له: إن أدّيتَها جُزِيتَ وإن أضَعتَها عُوقِبْتَ، قال أي رب، حملتها بما فيها، قال: فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية فأُخْرِجَ منها.
القول الثاني: الفرائض وقضاء الدين، وهو قول مجاهد، عزاه إليه البغوي.
القول الثالث: ما أمروا به ونهو عنه. وهو قول أبو العالية، عزاه إليه البغوي.
القول الرابع: هو الصوم، والغسل من الجنابة، وما يخفى من الشرائع وهو قول ابن مسعود، عزاه إليه البغوي.
والأقوال السابقة كلها صحيحة, وهي من باب التفسير بالمثال، ولا تضاد بينها، فالخلاف خلاف تنوع. والله أعلم.