استخراج خمس فوائد سلوكية من سورة الزلزلة:
1. على المسلم محاسبة نفسه باستمرار وتذكر البعث والنشور، فإن ذلك أعظم دافع لفعل الخير، قال تعالى : (إذا زلزلة الأرض زلزالها).
2. إن هذه الدنيا ردية لا ثمن لها، فلا ينبغي للإنسان أن يظلم غيره من أجلها، روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذّهب والفضّة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع، فيقول: في هذا قطعت رحمي. ويجيء السّارق فيقول: في هذا قطعت يدي. ثمّ يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً)) قال تعالى: (وأخرجت الأرض أثقالها).
3. على المسلم أن لا يحقر القليل من الخير فإن ذلك كله مكتوب له، ومضاعف بحسب ما يقوم في قلبه من الإخلاص، قال تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
4. وكذلك عليه أن لا يحقر القليل من الشر، فإنه مكتوب أيضا عليه ومحاسب به، قال تعالى : (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
5. كل ما في هذا الكون مسخر مدبر من الله عز وجل، فالأرض تخرج ما فيها بأمر الله تعالى استجابة له، فلا يليق بالإنسان الضعيف أن يكابر ويعاند، قال تعالى : (بأن ربك أوحى لها).
المجموعة الثانية:
1. فسّر قول الله تعالى:
{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} البينة.
يخبر تعالى عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى أنهم لم يتفرقوا بسبب جهل بل قد علموا وجاءهم الحق من الله ثم لضلالهم وعنادهم تفرقوا واختلفوا، وهو كقوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم).
ثم قال تعالى : (وما أمروا) أي على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) أي قاصدين بعبادتهم وجه الله وحده (حنفاء) أي مائلين عن الشرك إلى التوحيد، (ويقيموا الصلاة) أي يؤدونها على الوجه الذي أمرهم به الله تبارك وتعالى، (ويؤتوا الزكاة) أي يعطونها لمستحقيها، وخص هذين العملين مع أنهما داخلين في عموم الدين لفضلهما وبيان عظيم منزلتهما. (وذلك دين القيمة) أي وذلك الذي سبق هو دين الملة المستقيمة).
2. حرّر القول في المسائل التالية:
1: هل ليلة القدر متنقلة أم متعينة؟
اختلف في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنها ثابتة لا تنتقل، وهو قول الشافعي
الدليل عليه: ما رواه البخاريّ في صحيحه، عن عبادة بن الصّامت، قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: ((خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلانٌ وفلانٌ فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، فالتمسوها في التّاسعة والسّابعة والخامسة)). ووجه الاستدلال منه: أنها لو لم تكن ثابتة لما كان لتحديدها معنى.
القول الثاني: أنها تنتقل، نص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وهو محكي عن الشافعي أيضا.
الدليل عليه: ما ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن عمر، أنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أروا ليلة القدر في المنام في السّبع الأواخر من رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السّبع الأواخر، فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السّبع الأواخر)).
وفيهما أيضاً عن عائشة رضي الله عنها، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)). ولفظه للبخاريّ.
الراجح: لعل الراجح هو القول الثاني لما ورد من أدلة كثيرة فيها تعيين ليلة القدر وهي مختلفة، وأما دليل القول الأول فقد يجاب عنه بأن المراد تعيينها في تلك السنة والله أعلم.
2: المراد بأسفل سافلين.
اختلف فيها على قولين:
القول الأول: أن المراد النار، قاله مجاهد وأبو العالية، والحسن وابن زيد وغيرهم، ويستدل له بالاستثناء بعده، حيث قال تعالى : (إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات).
القول الثاني: أن المراد أرذل العمر، وروي عن ابن عباس وعكرمة، ورجحه ابن جرير الطبري،
الترجيح: لعل المراد بها القول الأول لذكر الاستثناء بعدها، والله أعلم.
3. استدلّ لما يلي مع بيان وجه الدلالة:
أ: صفة البصر لله تعالى.
قوله تعالى: (ألم يعلم بأن الله يرى) ووجه الاستدلال: إثبات الرؤية لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته.
ب: وقوع البعث.
قوله تعالى : (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم) ووجه الاستدلال: أن ذلك يكون يوم القيامة حيث يبعث الله الأولين والآخرين للمعاينة الحساب والجزاء.