دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #2  
قديم 3 جمادى الأولى 1441هـ/29-12-2019م, 05:50 PM
رقية إبراهيم عبد البديع رقية إبراهيم عبد البديع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 312
افتراضي


مجلس أداء التطبيق الثالث من تطبيقات مهاراتالتخريج

خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائلالتفسيرية المتعلقة بها:

1: قول زر بن حبيش: ( الظنين المتّهم، وقي قراءتكم {بضنين} والضنينالبخيل).
التخريج:
أخرجه الطبري بأسانيده عن ابعنن بشار عبد الرحمن وعن ابن حميد عن مهران وعن ابي كريب عن وكيع عن سفيان عن عاصم عن زر
كما أخرجه الفراء بسنده، فقال: حدثني قيس بن الربيع عن عاصم ابن أبيالنجود عن زر بن حبيش قال: أنتم تقرءون: (بضنين) ببخيل، ونحن نقرأ (بظنين) بمتّهم.
تفصيل القول:
وهما قراءتان، إحداهما بالضاد، وهي قراءة عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: من البخل بالشيء، أي: لا يبخل بالتبليغ والتعليم بتَعْلِيمِهِم ما عَلَّمَهُاللَّهُ وأَنْزَلَ إليهِ مِنْ كتابِهِ. وهي قراءة عثمان بن عفّان، وابن عبّاسٍ،والحسن، وأبي رجاءٍ، والأعرج، وأبي جعفرٍ، وشيبة، وجماعةٍ وافرةٍ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ضَنَنْتُ بِالشَّيْءِ أَضَنُّ بِهِ ضَنًّا وَضَنَانَةً إِذَابَخِلْتَ بِهِ وَهُوَ ضَنِينٌ بِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَضَنَنْتُ بِالْفَتْحِلُغَةٌ
معنى قراءة الظاء:
قراءة الظاء تحتمل التهمة كما تحتمل الضعف عن التحمل والأداء، فقال: تقول: ما أنت على فلان بمتهم، وتقول: ما هو على الغيب بظنين: بضعيف، يقول: هو محتملله، والعرب تقول للرجل الضعيف أو الشيء القليل: هو ظنون.
وهو مروي عن غير واحد من السلف، ويعد من التفسير اللغوي؛ فأهل اللغة مجمعون على هذا المعنى – وعلى رأسهم زر بن حبيش؛ فهو في عصر الاحتجاج وبلغ في علم اللغة شأوا كبيرا؛ حتى كان بعض الصحابة يسألونه عن إعراب القرآن-.
وَقراءة ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو والْكِسَائِيِّ بِالظَّاءِ مِنَ الظِّنَّةِ وَهِيَ التُّهْمَةُ،وَمَعْنَاهُ: وَمَا هُوَ بِمُتَّهَمٍ فيمايُخْبِرُهُم عن اللَّهِ مِن الأَنْباءِ. وهي قراءة ابن مسعودٍ، وابن عبّاسٍ، وزيد بن ثابتٍ، وابن عمر،وابن الزّبير، وعائشة، وعمر بن عبد العزيز، وابن جبيرٍ، وعروة بن الزّبير، ومسلم بنجندبٍ، ومجاهدٌ وغيرهم
وقد رجح الطبري قراءة الضاد؛ فقال:
وَأَوْلَى القراءَتَيْنِ في ذلكَ عندِي بالصَّوابِ: ماعليهِ خُطُوطُ مصاحِفِ المُسْلِمِينَ مُتَّفِقَةً، وإِن اخْتَلَفَتْ قِرَاءَتُهمبهِ، وذلكَ{بِضَنِينٍ}بالضادِ؛ لأنَّ ذلكَ كلَّهُكذلكَ في خُطُوطِهَا.
فإذا كانَ ذلكَكذلكَ، فَأَوْلَى التأويلَيْنِ بالصوَابِ في ذلكَ تأويلُ مَنْ تأوَّلَهُ: ومامُحَمَّدٌ على ما عَلَّمَهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ وتَنْزِيلِهِ بِبَخِيلٍبتَعْلِيمَكُمُوهُ أيُّها الناسُ، بلْ هوَ حريصٌ على أنْ تُؤْمِنُوا بهِوتَتَعَلَّمُوهُ، ورجّح أبو عبيدة قراءة الظّاء؛ لأنّ قريشاً لم تبخّل محمّداًصلّى اللّه عليه وسلّم فيما يأتي به، وإنما كذّبته، فقيل: ما هو بمتّهمٍ.
وأرى –والله أعلم- أن القراءتان متعاضدتان –فلا ترجح إحداهما على الأخرى-؛ فكلاهما وحي منزل وقد صح نقله بالتواتر.
مسائل تفسيرية:
المراد بالغيب: هو القرآن
روى الطبري بسنده عن يُونُس قالَ: أَخْبَرَنَا ابنُ وَهْبٍ قالَ: قالَ ابنُ زَيْدٍ في قَوْلِهِ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}: الغَيْبُ القرآنُ،لمْ يَضِنَّ بهِ على أحَدٍ مِن الناسِ، أدَّاهُ وبَلَّغَهُ، بَعَثَ اللَّهُ بهِالرُّوحَ الأمينَ جِبْرِيلَ إلى رسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ-، فأدَّى جبريلُ ما اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ إلى مُحَمَّدٍ، وأدَّىمُحَمَّدٌ ما اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ وجِبْرِيلُ إلى العِبَادِ، ليسَ أحَدٌ مِنهمضَنَّ، ولا كَتَمَ، ولا تَخَرَّصَ.

مرجع الضمير: النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى الطبري بسنده عن ابن حُمَيْدٍ عن جَرير، عنْ عطاءٍ، عنْ عامِرٍ: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ}، يعنِي: النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

مسألة فرعية:
قَالَالنَّسَفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَإِتْقَانُ الْفَصْلِ بَيْنَ الضَّادِ وَالظَّاءِوَاجِبٌ، وَمَعْرِفَةُ مَخْرَجِهِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْقَارِئِ؛ فَإِنَّأَكْثَرَ الْعَجَمِ لاَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ.).[عمدة القاري: 19/ 281]
معنى على:
يصح أن تكون بمعنى: عن أو الباء ذكره الفراء.

2: قول أبيالعالية الرياحي في تفسير قول الله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادواكفراً لن تقبل توبتهم} قال: (قال: إنما هم هؤلاء النصارى واليهود الذين كفروا، ثمازدادوا كفرًا بذنوب أصابوها، فهم يتوبون منها فيكفرهم).
التخريج:
أخرجه الطبري بسنده عن ابن المثنّى وعبدالحميد بن بيانٍ السّكّريّ ،عن ابن أبي عديٍّ، عن داود عن أبي العالية، وأخرج نحوه بسنده عن ابن المثنّى، عن عبد الأعلى، عن داود، عن أبي العالية، وعنعمّارٍ، عن ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية
وأخرج نحوه ابن أبي حاتم الرازي بسنده عن أبي سعيدٍ الأشجّ،عنأبي خالدٍ،عن داود، عن أبي العالية.
التفصيل:
في المراد أقوال:
الأول: عنى اللّه عزّ وجلّ بقوله: {إنّ الّذين كفروا}أي ببعض أنبيائه الّذين بعثوا قبل محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بعد إيمانهم {ثمّازدادوا كفرًا} بكفرهم بمحمّدٍ {لن تقبل توبتهم} عند حضور الموت وحشرجتهبنفسه. وهو مروي عن الحسن وقتادة
قال الإمام ابن عطية: وفي هذاالقول اضطراب؛ لأن الذي كفر بعيسى بعد الإيمان بموسى ليس بالذي كفر بمحمد صلى اللهعليه وسلم، فالآية على هذا التأويل تخلط الأسلاف بالمخاطبين.
الثاني: معنى ذلك أنّ الّذين كفروا من أهل الكتاببمحمّدٍ بعد إيمانهم بأنبيائهم {ثمّ ازدادوا كفرًا} يعني ذنوبًا {لن تقبل توبتهم}من ذنوبهم، وهم على الكفر مقيمون.
وهو مروي عن أبي العالية
قال الإمام ابن عطية: وعلى هذاالترتيب يدخل في الآية المرتدون اللاحقون بقريش وغيرهم
الثالث: معناه أنّالّذين كفروا بعد إيمانهم بأنبيائهم، {ثمّ ازدادوا كفرًا}، تمامهم عليه حتّى هلكوا وهم عليه مقيمون، لن تقبل توبتهم: لن تنفعهم توبتهم الأولى،وإيمانهم لكفرهم الآخر وموتهم. وهو مروي عن مجاهد
الرابع: معنى قوله: {ثمّازدادوا كفرًا} ماتوا كفّارًا، فكان ذلك هو زيادتهم من كفرهم. وقالوا: معنى {لنتقبل توبتهم} لن تقبل توبتهم عند موتهم. وهو مروي عن السدي.. وهذا القول قريب من القول الثالث.
الترجيح:
لعل الأقرب هو القول الثاني؛ وهو أنه عنى بها اليهود، وأن يكون المعنى: إنّ الّذين كفروا من اليهودبمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم عند مبعثه بعد إيمانهم به قبل مبعثه، ثمّ ازدادواكفرًا بما أصابوا من الذّنوب في كفرهم ومقامهم على ضلالتهم، لن تقبل توبتهم منذنوبهم الّتي أصابوها في كفرهم، حتّى يتوبوا من كفرهم بمحمّدٍ صلّى اللّه عليهوسلّم، ويراجعوا التّوبة منه بتصديق ما جاء به من عند اللّه، ,وذلك لأنّ الآيات قبلها وبعدها فيهم نزلت، فهي في سياقٍ واحدٍ. ذكره الطبري وأفاض في تحريره.


المسائل التفسيرية:
فيم نزلت الآية وعلام تنطبق:
قال الحافظ أبو بكرٍ البزّار: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن بزيع، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا ابن أبي هندٍ، عنعكرمة، عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ قومًا أسلموا ثمّ ارتدّوا، ثمّ أسلموا ثمّ ارتدّوا،فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم، فذكروا ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم،فنزلت هذه الآية: {إنّ الّذين كفروا بعد إيمانهم ثمّ ازدادوا كفرًا لن تقبل توبتهم} هكذا رواه، وإسناده جيّدٌ. رواه السيوطي وخطَّأ البزار في روايته، وذكره ابن كثير
المراد بعدم قبول توبتهم:
لا بد في هذه الآية من تخصيص تحمل عليه ويصح به نفي قبول التوبة، إذ إن التوبة تقبل من كل أحد، فالمراد أحد هذه الأوجه:
1- لأنهم تابوا من بعضٍولم يتوبوا من الأصل وهو الكفر. مروي عن أبي العالية، وقال: "لو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنّهم على ضلالٍ "
2- لأنهم ازدادوا كفرًا حين حضرهم الموت فلن تقبل توبتهم حين حضرهم الموت. مروي عن قتادة، وعن عطاء والحسن نحوه
4- ويجوز أن يكونالمعنى:لن تقبل توبتهم إذا تابوا إلى كفر آخر وإنما تقبل توبتهم إذاتابوا إلى الإسلام ذكره النحاس
5- قال ابن عطية: وتحتمل الآيةعندي أن تكون إشارة إلى قوم بأعيانهم من المرتدين ختم الله عليهم بالكفر، وجعل ذلكجزاء لجريمتهم ونكايتهم في الدين، وهم الذين أشار إليهم بقوله كيف يهدي اللّه قوماً [آل عمران: 86] فأخبر عنهم أنهم لا تكون لهم توبة فيتصور قبولها، فتجيء الآيةبمنزلة قول الشاعر:
على لا حب لا يهتدى بمناره .أي قد جعلهم الله من سخطه في حيزمن لا تقبل له توبة إذ ليست لهم، فهم لا محالة يموتون على الكفر.

الترجيح:
وقد رجح ابن جرير القول الاول، ووهَّن الثاني، فقال: " لأنّ التّوبة من العبد غير كائنةٍ إلاّفي حال حياته، فأمّا بعد مماته فلا توبة، وقد وعد اللّه عزّ وجلّ عباده قبولالتّوبة منهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، ولا خلاف بين جميع الحجّة في أنّ كافرًالو أسلم قبل خروج نفسه بطرفة عينٍ أنّ حكمه حكم المسلمين في الصّلاة عليهوالموارثة، وسائر الأحكام غيرهما، فكان معلومًا بذلك أن توبته في تلك الحال لو كانتغير مقبولةٍ، لم ينتقل حكمه من حكم الكفّار إلى حكم أهل الإسلام، ولا منزلة بينالموت والحياة يجوز أن يقال لا يقبل اللّه فيها توبة الكافر، فإذا صحّ أنّها في حالحياته مقبولةٌ، ولا سبيل بعد الممات إليها، بطل قول الّذي زعم أنّها غير مقبولةٍعند حضور الأجل".
"
3: قول سعيد بنجبير في الصاحب بالجنب قال: (الرفيق في السفر).
التخريج:
أخرجه عبد الرزاق الصنعاني بسنده عن الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير، وأخرجه سفيان [الثوري] عنمورقٍ أو مرزوقٍ مولى الشّعبيّ عن سعيد بن جبيرٍ
الأقوال الواردة في الآية:
1- هو الرفيق في السفر مروي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي والضحاك
وعن زيد بن أسلم نحوه؛ حيث قال: " هو جليسك في الحضر ورفيقك في السّفر."
2- هي الزوجة مروي عن ابن مسعود وابن عباس وعلي وعبد الله وإبراهيم النخعي والحسن وأبي الهيثم وعبد الرحمن بن أبي ليلى
3- هو الّذي يلزمك ويصحبك رجاءنفعك. مروي عن ابن عباس وابن زيد
الترجيح:
أرى والله أعلم أن الآية تعم ذلك جميعه؛ فيكون الصاحب بالجنب هو الرفيق الملازم سواء كان الزوجة أو الصديق، وسواء في الحضر أو السفر.
قال الطبري: " والصّواب من القول في تأويل ذلك عندي: أنّ معنى: {والصّاحب بالجنب} الصّاحب إلى الجنب، كما يقال: فلانٌ بجنب فلانٍ وإلى جنبه، وهومن قولهم: جنب فلانٌ فلانًا فهو يجنبه جنبًا، إذا كان لجنبه، ومن ذلك: جنب الخيل،إذا قاد بعضها إلى جنب بعضٍ. وقد يدخل في هذا الرّفيق في السّفر، والمرأة، والمنقطعإلى الرّجل الّذي يلازمه رجاء نفعه، لأنّ كلّهم بجنب الّذي هو معه وقريبٌ منه، وقدأوصى اللّه تعالى بجميعهم لوجوب حقّ الصّاحب على المصحوب".
ثم ساق الأدلة بسنده على ذلك فقال:
-"
حدّثنا سهل بن موسى الرّازيّ، قال: حدّثنا ابن أبيفديكٍ، عن فلان بن عبد اللّه، عن الثّقة، عنده: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليهوسلّم كان معه رجلٌ من أصحابه وهما على راحلتين، فدخل النّبيّ صلّى اللّه عليهوسلّم في غيضةٍ طرفاء، فقطع قصيلين أحدهما معوجٌّ والآخر معتدلٌ، فخرج بهما فأعطىصاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوجّ، فقال الرّجل: يا رسول اللّه بأبي أنت وأمّي، أنتأحقّ بالمعتدل منّي. فقال: كلاّ يا فلان، إنّ كلّ صاحبٍ يصحب صاحبًا مسئولٌ عنصحابته ولو ساعةً من نهارٍ.
-
حدّثنيالمثنّى، قال: حدّثنا سويد بن نصرٍ، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حيوة، قال: حدّثنيشرحبيل بن شريكٍ، عن أبي عبد الرّحمن الحبليّ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن النّبيّصلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ خير الأصحاب عند اللّه تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه،وخير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره.
وإن كان الصّاحب بالجنب محتملا معناه ما ذكرناه من أنيكون داخلا فيه كلّ من جنب رجلاً يصحبه في سفرٍ أو نكاحٍ أو انقطاعٍ إليه واتّصالٍبه، ولم يكن اللّه جلّ ثناؤه خصّ بعضهم ممّا احتمله ظاهر التّنزيل؛ فالصّواب أنيقال: جميعهم معنيّون بذلك، وبكلّهم قد أوصى اللّه بالإحسان إليه "

4: قول سعيد بن المسيّب في قول الله تعالى: {ولا تطردالذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: (إنما ذاك في الصلاة).
التخريج:
أخرجه الطبري بسنده عن ابن جريجٍ: عن عبد اللّه بنكثيرٍ، عن مجاهدٍ قال: صلّيت الصّبح معسعيد بن المسيّب، فلمّا سلّم الإمام ابتدرالنّاس القاصّ، فقال سعيدٌ: ما أسرعهم إلى هذا المجلس، قال مجاهدٌ: فقلت: يتأوّلونما قال اللّه تعالى، قال: وما قال؟ قلت: {ولا تطرد الّذينيدعون ربّهم بالغداة والعشيّ}، قال: وفي هذا ذا؟ إنّما ذاك في الصّلاة الّتيانصرفنا عنها الآن، إنّما ذاك في الصّلاة.
الأقوال الواردة:
في المراد بالدعاء بالغداة والعشي أقوال وهي:
1- هيالصّلوات الخمس. مروي عن ابن عباس وابن عمر وإبراهيم ومجاهد والحسن والضحاك وسعيد بن المسيب و عبدالرّحمن بن أبي عمرة وعامر
2- أي: لا تطردهم عن الذّكر. أخرجه سعيد بن منصور بسنده عن إبراهيم.
3- كان ذلك تعلّمهمالقرآن وقراءته.وهو مروي عن أبي جعفر
4- عنى بدعائهم ربّهمعبادتهم إيّاه. وهو مروي عن الضحاك
الترجيح:
الراجح عموم العبادة، سواء في ذلك فرضها ونفلها، من صلاة وذكر وتلاوة وتعلم ونحو ذلك، وخص الغداة والعشي بالذكر لأنهما أول اليوم وآخره؛ فيشملان ما بينهما.
قال الطبري: " والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّاللّه -تعالى- نهى نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطرد قومًا كانوا يدعونربّهم بالغداة والعشيّ، والدّعاء للّه يكون بذكره وتمجيده والثّناء عليه قولاًوكلامًا، وقد يكون بالعمل له بالجوارح الأعمال الّتي كان عليهم فرضها وغيرها منالنّوافل الّتي ترضي، والعامل له عابده بما هو عاملٌ له، وقد يجوز أن يكون القومكانوا جامعين هذه المعاني كلّها، فوصفهم اللّه بذلك بأنّهم يدعونه بالغداة والعشيّ،لأنّ اللّه قد سمّى العبادة دعاءً، فقال -تعالى-: {وقالربّكم ادعوني أستجب لكم إنّ الّذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنّمداخرين}. وقد يجوز أن يكون ذلك على خاصٍّ من الدّعاء.
ولا قول أولى بذلك بالصّحّة من وصف القوم بما وصفهم اللّه به منأنّهم كانوا يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ فيعمّون بالصّفة الّتي وصفهم بها ربّهمولا يخصّون منها بشيءٍ دون شيءٍ.
فتأويل الكلام إذن: يا محمّد أنذر القرآن الّذي أنزلته إليك، الّذين يعلمون أنّهم إلى ربّهم محشورون،فهم من خوف ورودهم على اللّه الّذي لا شفيع لهم من دونه ولا نصير، في العمل لهدائبون إذ أعرض عن إنذارك واستماع ما أنزل اللّه عليك المكذّبون باللّه واليومالآخر من قومك استكبارًا على اللّه. ولا تطردهم ولا تقصهم فتكون ممّن وضع الإقصاءفي غير موضعه فأقصى وطرد من لم يكن له طرده وإقصاؤه، وقرّب من لم يكن له تقديمهبقربه وإدناؤه، فإنّ الّذين نهيتك عن طردهم هم الّذين يدعون ربّهم فيسألون عفوهومغفرته لصالح أعمالهم وأداء ما ألزمهم من فرائضه ونوافل تطوّعهم وذكرهم إيّاهبألسنتهم بالغداة والعشيّ، يلتمسون بذلك القربة إلى اللّه والدّنوّ من رضاه"
المسائل التفسيرية:
سبب نزول الآية:
روى ابن جرير بسنده عن محمّد بن عبد الأعلى،عن محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، والكلبيّ، أنّ ناسًا، من كفّارقريشٍ قالوا للنّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم-: إن سرّك أن نتّبعك فاطرد عنّا فلانًاوفلانًا، ناسًا من ضعفاء المسلمين. فقال اللّه تعالى: {ولاتطرد الّذين يدعون ربّهم بالغداة والعشيّ يريدون وجهه}. وأورد كثيرا من الروايات بنحو ذلك.
وعن المقدام بن شريحٍ عن أبيه قال: قال سعدٌ نزلت هذه الآية في ستّةٍ من أصحاب رسولاللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- منهم ابن مسعودٍ قال: كنّا نسبق إلى النّبيّ صلىالله عليه وسلم وندنو منه فقالت قريشٌ: تدني هؤلاء وتنحينا فكان للنّبيّ -صلّىاللّه عليه وسلّم- همٌّ فنزلت: {ولا تطرد الذين يدعون ربهمبالغدوة والعشي} إلى آخر الآية. رواه أبو حذيفة النهدي عن سفيان الثوري.
المراد بالموصول: (الذين يدعون ربهم):
كانوا من الفقراء والضعفاء، وهم: بلالاً، وعمّار بن ياسرٍ، وسالمًا مولى أبي حذيفة،وصبيحًا مولى أسيدٍ، ومن الحلفاء: ابن مسعودٍ، والمقداد بن عمرٍو، ومسعود بنالقاريّ، وواقد بن عبد اللّه الحنظليّ، وعمرو بن عبد عمرٍو ذو الشّمالين، ومرثد بنأبي مرثدٍ، وأبو مرثدٍ من عنيّ حليف حمزة بن عبد المطّلب، وأشباههم من الحلفاء. ذكره ابن جرير بسنده.
المراد بالغداة والعشي:
1- المرادبه صلاة مكة التي كانت مرتين في اليوم بكرة وعشيا قاله الحسن بن أبي الحسن وذكره ابن عطية.
2- هماعبارة عن استمرار الفعل وأن الزمن معمور به، كما تقول: الحمد لله بكرة وأصيلا،فإنما تريد الحمد لله في كل وقت. ذكره ابن عطية.
3- هي صلاتي الصبح والعصر مروي عن قتادة ومجاهد
المراد بالطرد:
1- هو طردهم من مجلس الذكر وموطن العبادة. مروي عن أكثر السلف
2- هو تأخيرهم عن الصف الأول، حتّى يكونوا وراءهم في الصّفّ. مروي عن ابن عباس
المراد بإرادتهم وجه الله:
يريدونه بالدعاء. ذكره ابن قتيبة

5: قول إبراهيم النخعيفي تفسير المراد بسوء الحساب: ( هو أن يحاسب الرجل بذنبه كله، لا يغفر له منهشيء).
التخريج:
أخرجه الطبري بسنده عن يعقوب عن ابن عليّة عنالحجّاج بن أبي عثمان عن فرقدٌ السّبخيّ عن إبراهيم النّخعيّ
وأخرجه سعيد بن منصور بسنده عن سعيدٌ، عن خلف بن خليفة، عن رجلٍ، عنإبراهيم بمعناه.. ففيه راو مجهول.
الأقوال الواردة:
1- هو أن يؤخذ بالحق فيحاسب بذنبه كله لا يغفر له منه شيء، مروي عن إبراهيم النخعي وفرقد السبخي وشهر بن حوشب والحسن
2- هو المناقشة في الأعمال. أخرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر،وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الجوزاءويدل على هذا الحديث: "من نوقش الحساب عُذِّب"رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
الترجيح:
الآية تحتمل الوجهين معا، فلا تعارض بينهما؛ فيجوز أن يكون المعنى أنهم: يناقشون على النّقيروالقطمير، والجليل والحقير كما ذكر ابن كثير.

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir