1. (عامّ لجميع الطلاب)
استخرج خمس فوائد سلوكية وبيّن وجه الدلالة عليها من قوله تعالى: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)} المرسلات.
1- توطين النفس على الصبر والثبات عند المصائب والشدائد, وتذكيرها بأن الشدة زائلة لا محالة, سواء كان هذا بانفراجها أو برحيل النفس عن الدنيا وكبدها, وهذا من قوله تعالى:"قليلا".
2- الإحسان في أداء الصلاة, واستغلال وقت الفراغ والصحة في القرب إلى الله بالنوافل منها, استعدادا ليوم الحساب, حيث لا عمل فيه, وهذا من قوله تعالى:"وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون", فالأولى بالمسلم أن يمتثل الأمر ولا يكون كالمذكورين في الاية.
3- إلتزام الألفاظ الشرعية في وصف الناس كما وصفهم الله, من حيث الإيمان والكفر, حتى تظهر بشاعة أفعالهم, فينفر المسلم منها, ويتقي أن يقع فيما وقعوا فيه, وهذا من قوله تعالى:"إنكم مجرمون"و"للمكذبين".
4- الحرص على طلب العلم حتى يعلم المسلم ما هي الأمور التي يجب عليه الإيمان بها فليتلزمها يقينا وقبولا وإذعانا, وهذا من قوله تعالى:"ويل يومئذ للمكذبين" فهم استحقوا النار على تكذيبهم بما امرهم الله بالإيمان به.
5- العناية بالقرآن الكريم, وتخصيص وقت لتلاوته والتفكر بما جاء فيه من عبر ومواعظ, فهو كلام رب العالمين, فيه الهداية والنجاة, فالبعد عنه يورث قسوة القلب التي قد تقود الإنسان للتكذيب ببعض ما جاء فيه, وهذا من قوله:"فبأي حديث بعده يؤمنون", فلو اعتنوا به لحصلت لهم الهداية والنجاة.
المجموعة الثالثة:
1. فسّر قوله تعالى:
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)} المرسلات.
"فإذا النجوم طمست": بعد أن أقسم الله تعالى على أن وعده في بعث الناس بعد موتهم للحساب متحقق, جاء الآيات لتصف شيئا مما يحدث في هذا اليوم, حيث يمحى نور النجوم ويذهب ضوءها, وتتناثر وتزول من أماكنها.
"وإذا السماء فرجت":أما السماء فهي تنفطر وتتشقق وتفتح بعد أن كانت "سقفا محفوظا", وتتدلى أرجاؤها.
"وإذا الجبال نسفت":أما الجبال فتقلع من مكانها, وتنسف فيذهب بها, ويطير هباءها في الجو, فيصبح مكانها مستويا بالأرض,"ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا".
"وإذا الرسل أقتت": أي: جعل الله سبحانه وتعالى لرسله موعدا مؤجلا وقته لهم, ليكون هذا اليوم هو اليوم الذي يحكم الله فيه بين كل رسول وأمته, ولهذا قال:
"لأي يوم أجلت":وهو استفهام عن اليوم الذي أرجئ أمر الرسل إليه, وضرب لهم فيه موعدا يحضرون فيه للشهادة على أممهم, والمقصود من هذا الاستفهام تعظيم وتفخيم وتهويل شأن هذا اليوم, فهو يوم عظيم تذهب أهواله وشدته بعقول الناس وألبابهم, وهو:
"ليوم الفصل": اليوم الذي يفصل الله به بين الخلائق, فيحاسبهم افرادا"وكلهم آتيه يوم القيامة فردا", فيتميز الناس ويفترقون"فريقا في الجنة وفريقا في السعير".
"وما ادراك ما يوم الفصل": أي: وما اعلمك وأدراك ما هو يوم الفصل؟ وهذا تعظيما لشأنه, فهو يوم هائل لا يقادر قدره.
"ويل يومئذ للمكذبين" وهذا تهديد ووعيد بالهلاك, لكل من كذب وكفر بالله, وكذب بكتبه ورسله واليوم الآخر, وكذب بآياته وأوامره ونواهيه, ولم يتعظ بما رآه من قدرة الله البينة فيما خلق وأنعم, فحتما هذا المكذب سيذوق الحسرة بعد أن يرى العذاب وسوء المنقلب.
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالجمالة الصفر.
جاء في المراد ب"جمالة صفر" ثلاثة أقوال متباينة:
القول الأول: أن المراد حبال السفن, لقول ابن عباس:"حبال السفن، تجمع حتى تكون كأوساط الرجال", رواه عنه عبدالرحمن بن عابس, رواه البخاري, وهو قول ثان لمجاهد. وقاله سعيد بن جبير, ذكره ابن كثير في تفسيره.
القول الثاني: المراد بها قطع النحاس, وهو قول ثان لابن عباس, ذكره ابن كثير.
القول الثالث: إن المراد ب"جمالة صفر", أي: الإبل السود التي تضرب إلى لون فيه صفرة, وسميت سود الإبل صفرا لأنها تكون عادة مشربة بالصفرة, وهو قول مجاهد, والحسن, والحسن, وقتادة, والضحاك, ورجحه ابن جرير, ذكره ابن كثير, وقاله السعدي والأشقر.
والراجح والله أعلم كما رجح ابن جرير, أن المراد بها الإبل السود, للتشابه بين لونها ولون شرر النار, حيث إن الشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار, يكون أشبه شيئ بالإبل السود, وهذا فيه دلالة على ان لهب النار وجمرها وشررها جميعه مظلم, سوداء كريهة المنظر, شديدة الحرارة, وهذا مجموع قول ابن كثير والسعدي والأشقر.
ب: المراد بالحين في قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا}.
ورد في المراد بال"حين" ثلاثة أقوال متباينة:
القول الأول: المراد ب"حين" هو الدهر الطويل الذي مر على الإنسان وهو عدم قبل وجوده, وهذا مفهوم قول ابن كثير, وقال به السعدي.
القول الثاني: المراد المدة التي مرت على آدم عليه السلام, بعد أن خلقه الله من طين, ثم من حمأ مسنون, ثم من صلصال, قبل أن ينفخ فيه الروح, وهي أربعين سنة, ذكره الأشقر.
القول الثالث: إن المراد ب"حين" مدة الحمل, وهي مدة بقاء الإنسان في رحم أمه قبل ولادته, ذكره الأشقر.
والراجح القول الأول والله أعلم, فهو عام, ولفظ "الإنسان" جاء عاما, ويدل عليه ظاهر الاية, أما مدة الحمل فالجنين, خاصة بعد نفخ الروح فيه, يكون شيئا مذكورا, وقال بالقول الأول ابن كثير والسعدي
3. بيّن ما يلي:
أ: متعلق التكذيب في قوله تعالى: {ويل يومئذ للمكذّبين}، وبيّن فائدة حذفه.
متعلق التكذيب في الاية هو التكذيب بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر, والتكذيب بأوامر الله ونواهيه, والتكذيب بجميع الآيات البينات, وتكذيب الإنسان بنعم الله عليه, والتكذيب بقدرة الله على البعث, وقدرته سبحانه على الحساب والعقاب, وهذا مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.
وأفاد حذف المتعلق العموم, حتى لا ينصرف الذهن إلى أمر محدد دون باقي الأمور التي يجب التصديق والإيمان بها, والتي يعد تكذيبها كفرا أكبر لا يغفره الله تعالى, فاشتملت الآية على جميع ما كذبوا به.
ب: الدليل على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.
قوله تعالى:"وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة", وأجمع اهل السنة والجماعة على رؤية المؤمنين لربهم في الجنة, كل بحسب درجته, وتواترت الأحاديث في إثبات ذلك, ومنها قوله عليه الصلاة والسلام:""إنّكم سترون ربّكم عيانا". وتفسيره عليه الصلاة والسلام, لقوله تعالى:"للذين أحسنوا الحسنى وزيادة", بأن الزيادة هي النظر إلى ربهم.
وقوله تعالى:"وإذا رايت ثم رايت نعيما وملكا كبيرا", ورؤية الله سبحانه وتعالى, من أعظم النعم, فتدخل في الآية من باب أولى.