أجب عن الأسئلة التالية:
س1: وضح المقصود بآداب تلاوة القرآن، وبيّن الحكمة منها.
المقصود بآداب تلاوة القرآن الكريم: الأمور التي ينبغي للمسلم فعلها واستصحابها حال قراءته للقرآن الكريم, يختلف حكم كل منها, فمنها ما هو واجب كالطهارة لمس المصحف, ومنها ما هو مستحب كالاستعاذة والبسملة, ومنها ما يكون قبل القراءة كالاستعاذة, ومنها ما يستصحبه القارئ معه اثناء القراءة؛ كالترتيل والخشوع, ومنها ما يكون بعد القراءة كالعمل بما قرأ.
والحكمة من هذه الآداب تهيئة النفس والقلب على فهم كلام الله وتدبره, كما إنها تعين على الخشوع واستحضار القلب عند التلاوة, فيحصل الانتفاع المراد من قراءة كلام الله, فيكون التحضير على قدر عظمة هذا الكلام وعظمة قائله سبحانه وتعالى.
س2: اذكر آداب تلاوة القرآن الواجبة والمستحبة.
أولا: آداب تلاوة القرآن المستحبة:
-الطهارة: فيستحب للمسلم أن يقرأ كلام ربه وهو على طهارة, وفي هذا تعظيما لله سبحانه وتعظيما لكلامه, وقد ورد إن رجلا ألقى السلام على النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقضي حاجته, فلم يجبه إلا بعد ان توضأ, وقال له:إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة", نعظيما منه عليه الصلاة والسلام لربه سبحانه.
-السواك, وهذا فيه تطهيرا للفم مما يعلق فيه, ومما يصيبه من روائح كريهة, فيكون أدعى لنظافة الفم استعدادا لقراءة كلام الله الذي فيه نظافة القلب, وقد كان عليه الصلاة والسلام يشوص فاه بالسواك إذا استيقظ لصلاة الليل, لأن أكثر ما يكون فيها هو قراءة القرآن.
-استقبال القبلة, لأن قراءة القرآن عبادة, والمطلوب تأديتها على أكمل وجه, ولما في القرآن من دعاء واستعاذة عند المرور بآيات الوعد والوعيد, فاستحب استقبال القبلة خلال الدعاء.
-لبس الثياب النظيفة الطاهرة, ولبس العمامة بالنسبة للرجال, والخمار بالنسبة للنساء, وذلك تعظيما لقراءة كلام الله سبحانه وتعالى.
-الاستعاذة, قال تعالى:"فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم", وتكون قبل البدء بالقراءة للاستعانة بالله سبحانه وتعالى على طرد الشيطان والتخلص من وسوسته, للحصول على القدر الأكبر من الفائدة من قراءة القرآن, ولها أكثر من صيغة, والمختارة عند أكثر القراء هي:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم", وهناك صيغ أخرى مثل:"أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم".
-البسملة, الباء فيها للاستعانة,ففيها الاستعانة بالله على القراءة,وعلى التخلص من وسوسة الشياطين, والاسنعانة بالله سبحانه وتعالى على تدبر وفهم كتابه,وأيضا طلب البركة بذكر اسم الله سبحانه وتعالى,والبسملة تقال في بداية السور جميعها إلا براءة, وذلك للتمييز بين نهاية السورة وبداية السورة التي تليها, وقد كان عليه الصلاة والسلام, لا يعلم انقضاء السورة إلا إذا نزلت البسملة.
-سجود التلاوة, ولقد وردت في القرآن الكريم خمس عشرة سجدة, ويستحب السجود عند المرور بآية فيها سجدة, والجكمة من سجود التلاوة:
-امتثال أمر الله سبحانه وتعالىو حيث إن معظم الآيات التي تحتوي على سجدة تلاوة جاءت بصيغة الأمر, مثل قوله تعالى:"واسجد واقترب",
-يعين على التدبر,فيتنبه القارئ لما احتوته الآية من أمر بالسجود, فيستعيد انتباهه إن وقع في الغفلة.
-اقتداء بالملائكة, وعباد الله المرسلين, قال تعالى:"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا".
-تنشيط القارئ وتنبيهه وإعادة الهمة له للقراءة بفهم وتدبر, لما في السجود من تغيير للهيئة الذي يساعد بدوره على الانتباه.
-حصول الأجر المترتب على السجود, فهو من العبادات ومن مواطن إجابة الدعاء.
ومما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام, فيما كان يقوله في سجود التلاوة:"سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته".
ويصح قول أذكار السجود في سجود الصلاة كذلك.
-السؤال,والتعوذ,والتسبيح,فإذا مر القارئ بآية رحمة سأل الله من فضله ورحمته ونعيمه, وإذا مر بآية فيها عذاب يستعيذ بالله من النار وعذابها, ويسبح الله ويعظمه إذا مر بآية فيها تسبيح, وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام, إنه:"يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بآية فيها سؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ"،وهذا على وجه الندب ولا يلزم فعله عند كل آية,لكن لا يجدر بالمسلم هجر هذه السنة لما لها من أثر عظيم على القلب وحضوره وخشوعه اثناء قراءة القرآن.
-الخشوع والبكاء, وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن حال الأنبياء ومن سار على دربهم عند سماعهم للقرآن,فقال:"أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا", كذلك حال عباده من أهل العلم,فقال:"إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرّون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا".
وقد كان عليه الصلاة والسلام يسمع له في الصلاة عند قراءة القرآن صوت كصوت ازيز المرجل من البكاء,وكان الصحابة رضوان الله عليهم يبكون من التأثر والخشوع والرهبة عند قراءة القرآن أو سماعه, فهو مما يعين على لين القلب ورقته, فمن المعلوم أن القلب القاسي ليس محلا للخشوع أو التدبر لكلام الله, ومن باب أولى العمل به.
-تجويد القراءة,وقد أمر الله تعالى به, فقال:"ورتل القرآن ترتيلا", فينبغي للقارئ أن يجود القرآن سواء قرأ في داخل الصلاة او في خارجها,وقد قال عليه الصلاة والسلام:"الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررةط, والمراد بالترتيل: الترسل في التلاوة وتحسينها وتبيين الحروف، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"ليس منا من لم يتغنى بالقرآن", وقراءة القرآن مجودا تعين على وضوح كلماته وفهم معانيها ومن ثم تدبرها, كما إنه يعين على الخشوع عند القراءة لعظيم أثره في النفوس.
-رفع الصوت في القراءة.وقد قال عليه الصلاة والسلام:"ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به"،ورفع الصوت يطرد الشيطان، وينبه الغافل فيطرد النوم، ولكن بدون ان يشوش بصوته على من حوله,خاصة إن كان في المسجد,لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".
-مراعاة الوقف والابتداء, لما في ذلك من أثر في فهم المعنى، وهذا أدعى لتدبره والانتفاع به, فينبغي للمسلم أن يراعي ذلك، ومعرفة الوقوف التامة إنما هي نتيجة لمعرفة المعاني، فعدم مراعاة ذلك قد ينتج عنها تغيير أو فساد المعنى,والحمدلله المصاخف حاليا تحتوي على علامات الوقف بأنواعها الجائزة منها واللازمة.
-احترام المصحف,فلا يبل أصابعه بريقه عند تقليب صفحاته,وقد يتهاون البعض فيجعله وراء ظهره,أو يمد إليه قدميه,أو يضعه على الأرض,أو ينام مستندا عليه فيضع عليه يديه أو قدميه, فهذا من التهاون في التعامل مع كتاب الله تعالى,بل من تعظيم الله تعظيم كلامه سبحانه.
-الدعاء عند ختم القرآن الكريم.وهو مستحب خارج الصلاة،لأن قراءة القرآن عبادة, فعند الانتهاء منها يشرع الدعاء ويكون موطن من مواطن الإجابة,وقد ورد أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ودعا لهم،فيتخير المسلم من أدعية القرآن ويدعو بها ربه.
ثانيا:آداب القراءة الواجية:
-إذا أراد أن يقرأ القرآن من المصحف مع مسه فعليه أن يكون على طهارة,لقوله تعالى:"لايمسه إلا المطهرون",وقوله عليه الصلاة والسلام:"لايمس القرآن إلا طاهر".
-تعظيم المصحف وعدم اهانته فيحافظ عليه من أن تصيبه نجاسة,بل حتى أي نوع من الأذى,فإن تعمد فعل هذا أو فعل أي شيئ من شأنه اهانة كتاب الله فإنه يكفر بذلك,كذلك لا يدخل به إلى أماكن قضاء الخاجة بل يضعه في مكان طاهر,
س3: تكلم باختصار عن كل أدب من آداب التلاوة التالية:
أ: الطهارة.
يستحب للمسلم أن يقرأ كلام ربه وهو على طهارة, وفي هذا تعظيما لله سبحانه وتعظيما لكلامه, فيتطهر الطهارة المعنوية التي تمحو ذنوبه استعدادا لقراءة ما فيه طهارة قلبه الحسية, وقد كان هذا من فعل النبي عليه الصلاة والسلام, فقد ورد إن رجلا ألقى السلام على النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقضي حاجته, فلم يجبه إلا بعد ان توضأ, وقال له:"إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة", نعظيما منه عليه الصلاة والسلام لذكر ربه سبحانه.
أما إذا أراد أن يمس المصحف فيجب عليه وجوبا أن يكون على طهارة، وهذا قول الأئمة الأربعة وجمهور العلماء, أما إذا أراد القراءة من حفظه دون أن يمس المصحف فيستحب له ذلك,وهذا بالنسبة للطهارة من الحدث الأصغر, أما الحدث الأكبر,فقد اختلف العلماء فيه,فمنهم من أجاز القراءة ومس المصحف للمحدث حدثا أكبر, ومنهم من منعها بالكلية, ومنهم من منعها عن الجنب لأن أمر طهارته بيده,فهذا فيه حث له على التطهر,وأجازها للحائض لأن أمرها يطول, خاصة إن كانت معلمة أو حافظة تخشى نسيان ما حفظته.
ب: الاستعاذة
تستحب الاستعاة قبل البدء بقراءة القرآن,قال تعالى:"فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم", ومعى"أعوذ":ألوذ والتجئ واعتصم, والشيطان هو كل عات ومارد من الجن والإنس والدواب,والرجيم هو المرجوم المطرود من رحمة الله تعالى,فالقارئ يعتصم بالله من شر كل عات ومتمرد من الجن والإنس والدواب,أن يضله أو يضره في دينه أو دنياه أو يصده عن فعل ما أمر به أو يحثه على فعل ما نهي عنه. والحكمة من الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى على طرد الشيطان والتخلص من وسوسته, وذلك للحصول على القدر الأكبر من الفائدة من قراءة القرآن, من حضور القلب وخشوعه,ومن العمل بما جاء فيه, كما إنها علامة على إن المقروء هو كلام الله عز وجل, .
وللاستعاذة أكثر من صيغة, والمختارة عند أكثر القراء هي:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم", وهناك صيغ أخرى مثل:"أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم".
والاستعاذة مثلها مثل أي دعاء, فهي تحتاج إلى جضور القلب عند التلفظ بها, والإخلاص في قولها, حتى تؤتي ثمرتها المرجوة منها,أما أن يقولها القارئ بحكم العادة بدون فهم معناها أو المراد منها, فلن يحصل له الانتفاع منها.
ج: الترتيل.
على القارئ أن يلتزم بأحكام التجويد وأن يرتل القرآن كما أمر الله في قوله:"ورتل القرآن ترتيلا",سواء كان في داخل الصلاة أم في خارجها, وسواء قرأ من حفظه أم من القرآن, فالتجويد مستحب، وهو ثابت عن أئمة القراءة، فهو قديم,وقد قال عليه الصلاة والسلام:"الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة",فالقارئ يتعبد الله بتجويده لكلامه وترتيله إياه,والمراد بالترتيل: الترسل والتأني في التلاوة، وتحسينها واعطاء الحروف حقوقها عند النطق بها,وقد قال الله تعالى:"وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا"، ومعنى "مكث": التؤدة التي تتضمن أن الإنسان يتمهل، ولا يسرع سرعة شديدة، وينبغي أن يحسن الإنسان صوته بالقرآن الكريم لقوله عليه الصلاة السلام:"ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به",وقراءة القرآن مجودا له بالغ الأثر في الانتفاع فيه,وخشوع القلب ولينه وتأثره به,وهذا يساعد على العمل به,فلا ينبغي للمسلم أن يسرع في القراءة فقد جاء النهي عن ذلك، وقد قال ابن مسعود لأحد التابعين حينما قال: قرأت كل المفصل في ركعة،قال:"هذا كهذ الشعر، إن أقواما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه",وقد يستثنى من هذا عند مرتجعة الإنسان لحفظه,فيقرأ حدرا أو بدون صوت.
وأما عن القراءة بالأنغام والمقامات فالراجح من أقوال العلماء التحريم في شأن حكمها.