المجموعة الخامسة :
س1: بين منـزلة القلب في صلاح أعمال الجوارح أو فسادها؟
القلب ملك الجوارح , وهو كما يقول العز بن سلام في قواعد الأحكام [ 1\167 ]: مبدأ التكاليف كلها وهو مصدرها , وصلاح الأجساد موقوف على صلاحه , و فساد الأجساد موقوف على فساده , ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله , وإذا فسدت فسد الجسد كله , ألا وهي القلب ) .
أي : أنها إذا صلحت بالإيمان , ومعرفة حقائقه , ومحاسن الأحوال , فإن الجسد يصلح بطاعة ربه , ومولاه , وبالإذعان له . فإذا فسد هذا القلب بالشرك , والكفر , ومساوئ الأحوال , والأعمال القلبية السيئة , من الكبر , والعجب , والرياء , وما إلى ذلك , فإن ذلك يفسد الجسد بالفسوق , و العصيان , والتمرد على طاعة الله عز وجل , وتسخير الجوارح , وتعبيدها لغير الله تبارك تعالى, ومع التعالي على الخلق والترفع عنهم , وظلمهم , والإفساد في الأرض , كل ذلك يكون نتيجة طبيعية لفساد هذا القلب , وتبدل أحواله ...
يعني إذا كان القلب صالح, فإن الجوارح تتبع القلب وتصلح , أي إذا كان الإنسان قلبه مملوء بحب الله , و طاعته , فسوف تكون الجوارح تعمل على حب الله , وطاعته ,وإذا كان لا يوجد حب لله , فالجوارح سوف تعصي الله .
س2: ما معنى اسم الله الطيب ؟ وما آثار الإيمان به ؟
معنى اسم الله الطيب : أي طاهر منزه عن النقائص , و العيوب , لا يعتريه الخبث والنقص بأي حال من الأحوال والطيب ضد الخبيث , قال عز وجل : ( قل لا يستوي الخبيث ولا الطيب )[المائدة : 100 ] فالله سبحانه وتعالى طيب في ذاته , وصفاته , وأسمائه , وفي أفعاله , وفي أحكامه , وكل ما يصدر منه , وهو المستحق للعبادة وحده دون سواه , وأن يسلم العبد وجهه , وقلبه إليه دون سواه .
أثر الإيمان به : ولكونه جل وعلا طيبا لا يقبل إلا الطيب , ومن آثار أنه طيب لا يقبل من الأفعال و الأقوال و الاعتقادات إلا الطيب ,فعلى العبد الاجتهاد , والحرص على تحري الطيب من الأقوال , والأفعال , وغيرها , و الابتعاد عن كل ردئ و خبيث منها .
فالله سبحانه طيب , ولا يقبل إلا طيبا , والطيب من الأعمال : ما خلص لله , و وافق الشريعة , والطيب من الأموال : ما اكتسب بطريق حلال , فلا يستحق رضاه , و ثوابه , ولا يتقرب إليه إلا بأعمال زاكية طاهرة , وغيره الطيب فيرده على أهله , قال تعالى : ( قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) [المائدة : 100] .
وعليه فإن العبد إذا تحقق بالطيب في قوله , وعمله , و اعتقاده , صار طيبا في ذاته , والعكس صحيح .
س3: ما الفرق بين القتل والمقاتلة ؟
المقاتلة : السعي في جهاد الأعداء , لتكون كلمة الله هي العليا .
القتل : قتل شخص بعينه , و إزهاق روحه .
هذا وليس كل ما جازت المقاتلة جاز القتل , فالمقاتلة أوسع , والقتل أضيق , ولا يجوز إلا بشروط محددة قال تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله )[الحجرات : ]
فعلة الأمر بقتال الفئة الباغية وهي مؤمنة , بينما لا يحل قتلها , ولا يباح دمها , فقتال المسلمين من أهل البغي يكون لأجل إقامة العدل و وإزالة الفوضى , ومن هنا قاتل سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة , ولكنه لا يقتلهم بل قاتلهم حتى يستسلموا للحق , وينصاعوا إليه .
س4:ما المقصود بالرزق في قوله : " وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ " ؟
المقصود بالرزق في قوله : { بكتب رزقه ...}: ما ينتفع به الانسان في بدنه ,وفي دينه والذي سيحصل عليه أثناء حياته حتى يموت .
أما الرزق الذي يقوم به البدن : فهو الطعام , والشراب و واللباس , والمسكن , والمركب , وما إلى ذلك مما يحتاجه الجسد , بينما الرزق الذي يقوم به الدين : فهو الإيمان والعلم الذي تحتاجه الروح , وكلاهما المقصود أي رزق البدن , و رزق دين .
س5: رجل مسلم يعيشُ في بلاد أوروبية ، وقدّم له صديقه لحماً اشتراه من محلّ يذكر صاحبه: أن اللحم لديه مذبوحٌ على الطريقة الإسلامية؛ لكن الرجل امتنع من الأكل احتياطاً بحجّة احتمال كذبهم، وأن الأولى أن يتقي الشبهات، واستدل بحديث رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم : " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ". فما تقول في ذلك ؟
هذا الاستدلال في غير موضعه والصحيح أنه لا شيء عليه إن أكل هذا اللحم , وليس عليه أن يتقيه , لأن ليس هناك ما يوجب الاتقاء , وطالما أنه لم يقم دليل على وجود شبهة اتقاء الشبهات , كان ذلك وسواسا وتعمقا ودليله : ما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف : ((( سموا أنتم وكلوا )) فكان فيه إشارة إلى أنه لا شأن لكم فيما يفعله غيركم , بل الشأن فيما تفعلونه أنتم , فسموا وكلوا , وعليه فقول هذا الرجل لا وجه له , وهو من التعمق .