و(السنة) : ما ورد عن النبي من قول غير القرآن أو فعل أو تقرير .
فـ(القول) حجة قاطعة يجل على من سمعه العمل بمقتضاه لدلالة المعجزة على صدقه .
وأما (الفعل) فما ثبت فيه أمر الجبلة كالقيام والقعود , وغيرهما فلا حكم له ، وما ثبت خصوصه به كقيام الليل فلا شركة لغيره فيه ، وما فعله بياناً إما بالقول كقوله ((صلّوا كما رأيتموني أصلي)) ، أو بالفعل , كقطع يد السارق من الكوع ، فهو معتبر اتفاقاً في حق غيره ، وما سوى ذلك فالتشريك ، فإن عُلم حكمه من الوجوب والإباحة وغيرهما فكذلك اتفاقاً ، وإن لم يُعلم ففيه روايتان : إحداهما : أن حكمه الوجوب كقول أبي حنيفة وبعض الشافعية ، والأخرى الندب ، لثبوت رجحان الفعل دون المنع من الترك .
وقيل : الإباحة ، وتوقف المعتزلة ، للتعارض . والوجوب أحوط .
وأما (تقريره) وهو ترك الإنكار على فعل فاعل ، فإن عُلم علة ذلك كالذمي على فطره رمضان ، فلا حكم له ، وإلا دل على الجواز .
ثم (العالم) بذلك منه بالمباشرة إما بسماع القول أو رؤية الفعل والتقرير . فقاطع به ، وغيره إنما يصل إليه بطريق الخبر عن المباشر ، فيتفاوت في قطعيته بتفاوت طريقه لأن الخبر يدخله الصدق والكذب ، ولا سبيل إلى القطع بصدقه لعدم المباشرة .