دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 11:50 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب الحدود: الباب الثاني : في حد الزنا

الباب الثاني: في حد الزنا
الفصل الأول: في أحكامه
الفرع الأول: في حد الأحرار
1810 - (خ م ط ت د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: «سمعت عمر، وهو على منبر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يخطب ويقول: إنّ اللّه بعث محمدا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكان ممّا أنزل عليه: آية الرّجم فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالنّاس زمنٌ أن يقول قائلٌ: ما نجد آية الرجم في كتاب اللّه، فيضلوا بترك فريضةٍ أنزلها اللّه في كتابه، فإن الرّجم في كتاب اللّه حقٌ على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البيّنة، أو كان حمل، أو الاعتراف، وايم اللّه،لولا أن يقول الناس: زاد في كتاب اللّه، لكتبتها».
هذه رواية أبو داود.
وفي رواية الترمذي إلى قوله: «أو الاعتراف».
وفي أخرى للترمذي عن ابن المسيب عن عمر -رضي اللّه عنه- قال: «رجم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، ورجم أبو بكرٍ، ورجمت، ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب اللّه لكتبته في المصحف، فإني قد خشيت أن يجيء أقوامٌ فلا يجدونه في كتاب اللّه فيكفرون به».
وأخرج مسلم الرواية الأولى، وقال فيها: «ووعيناها وعقلناها».
وقال في آخرها: «إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل أو الاعتراف».
وقد أخرج البخاري ذلك في جملة حديثٍ طويلٍ، يتضمن ذكر خلافة أبي بكر رضي اللّه عنه-، وهو مذكور في «كتاب الخلافة» من حرف «الخاء».
وله في أخرى مختصرا نحو ذلك.
وفي رواية الموطأ: «أنه سمع عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنه- يقول: الرجم في كتاب اللّه حقٌ على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن، إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل أو الاعتراف»..

1811 - (د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: قال اللّه تعالى: {والّلاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت، أو يجعل اللّه لهنّ سبيلا} [النساء: 15] ذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما فقال: {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما، فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما، إنّ اللّه كان توّابا رحيما} [النساء: 16] فنسخ ذلك بآية الجلد، فقال: {الزّانية والزّاني فأجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ، ولا تأخذكم بهما رأفةٌ في دين اللّه، إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر، وليشهد عذابهما طائفةٌ من المؤمنين} [النور: 2] هذه رواية أبي داود.
وفي رواية ذكرها رزين قال: «أوّل ما كان الزّنى في الإسلام: أخبر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل اللّه تعالى: {والّلاتي يأتين الفاحشة من نسائكم...} {والّلذان يأتيانها منكم فآذوهما، فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} ثم نزل بعد ذلك {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} ثم نزلت آية الرّجم في (النور)، فكان الأول للبكر، ثم رفعت آية الرّجم من التّلاوة، وبقى الحكم بها».

1812 - (م ت د) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أنّ رسول اللّه قال: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل لهنّ سبيلا، البكر بالبكر: جلد مائةٍ، ونفي سنة، والثّيّب بالثّيّب: جلد مائةٍ والرّجم». هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي وأبي داود تقديم الثّيّب على البكر.
وفي أخرى لأبي داود: «ورميٌ بالحجارة» بدل «الرجم».

1813 - (خ) أبو هريرة - رضي الله عنه - «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قضى فيمن زنى ولم يحصن: بنفي عامٍ، وإقامة الحدّ عليه». هذه رواية البخاري.
وفي رواية ذكرها رزين: «قضى في البكر بالبكر: بجلد مائةٍ ونفي عام».

1814 - (ت) عبد اللّه بن عمر قال: «إنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب وغرّب، وإنّ أبا بكر ضرب وغرّب، وإن عمر ضرب وغرّب».
وفي أخرى عن أبي بكر وعمر، ولم يذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه الترمذي.

1815 - (م ط د) أبو هريرة - رضي الله عنه - «أن سعد بن عبادة قال لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو أنّي وجدت مع امرآتي رجلا: أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: نعم» أخرجه مسلم والموطأ.
وفي رواية مسلم وأبي داود قال: «أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا: أيقتله؟ قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: لا، قال سعدٌ: بلى، والذي أكرمك بالحق، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: اسمعوا إلى ما يقول سيّدكم». وعند أبي داود أيضا «إلى ما يقول سعدٌ».

الفرع الثاني: في حد العبيد والإماء
1816 - (خ م ط ت د) أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي اللّه عنهما- قالا: «سئل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الأمة إذا زنت، ولم تحصن؟ قال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير».
قال [محمد] بن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة، أو الرابعة؟
قال مالك [رحمه اللّه]: «والضفير: الحبل».
وفي رواية عن أبي هريرة وحده: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا زنت الأمة فتبيّن زناها فليجلدها الحدّ، ولا يثرّب عليها، ثم إن زنت فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثم إن زنت الثالثة، فليبعها ولو بحبلٍ من شعرٍ».
أخرج الرواية الأولى الجماعة إلا النسائي.
وأخرج الثانية البخاري ومسلم.
وللترمذي عن أبي هريرة وحده: قال: قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثا بكتاب اللّه، فإن عادت فليبعها ولو بحبلٍ من شعرٍ».
ولأبي داود عن أبي هريرة وحده: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا زنت أمةأحدكم فليجلدها ولا يعيّرها، ثلاث مرات، فإن عادت في الرابعة، فليجلدها، وليبعها بضفيرٍ، أو بحبلٍ من شعر».وفي أخرى له بهذا الحديث، قال في كل مرة: «فليضربها كتاب اللّه، ولا يثرّب عليها، وقال في الرابعة: فإن عادت فليضربها كتاب اللّه، ثم ليبعها ولو بحبلٍ من شعرٍ».

[شرح الغريب]
يثرب: التثريب، التعيير والاستقصاء في اللوم والتعنيف.

1817 - (م ت د) أبو عبد الرحمن السلمي -رحمه اللّه- قال: «خطب عليّ بن أبي طالب -رضي اللّه عنه - فقال: يا أيّها الناس، أقيموا الحدود على أرقّائكم، من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإنّ أمة لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- زنت، فأمرني أن أجلدها، فأتيتها فإذا هي حديثة عهدٍ بنفاسٍ، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: أحسنت، اتركها حتى تماثل» هذه رواية مسلم والترمذي.
وفي رواية أبي داود: عن أبي جميلة، عن عليٍ قال: «فجرت جاريةٌ لآل رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا عليّ انطلق فأقم عليها الحدّ، قال: فانطلقت فإذا بها دمٌ يسيل لم ينقطع، فأتيته، فقال: يا عليّ، أفرغت؟ فقلت: أتيتها ودمها يسيل، فقال: دعها حتي ينقطع دمها، ثم أقم عليها الحدّ، وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم». وفي رواية له كذلك قال: وقال فيه: «ولا تضربها حتى تضع» وقال أبو داود: والأول أصح.

1818 - (ط)عياش بن أبي ربيعه المخرومي -رضي اللّه عنهما- قال: «أمرني عمر بن الخطاب أن أجلد ولائد الإمارة أنا وفتية من قريش خمسين خمسين في الزنى» أخرجه الموطأ.
1819 - أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «قضى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: أنّ على العبد نصف حدّ الحرّ، في الحدّ الحرّ، في الحدّ الّذي يتبعّض، كزنى البكر، والقذف، وشرب الخمر». أخرجه.
1820 - عبد اللّه بن عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنهما- «أقام حدا على بعض إمائه، فجعل يضرب رجليها وساقيها، فقال له سالمٌ: أين قول اللّه تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفةٌ} [البقرة: 34]؟ فقال: أتراني أشفقت عليها؟ إنّ اللّه لم يأمرني بقتلها» أخرجه.
الفرع الثالث: في حد المكره والمجنون
1821 - (خ ط) نافع مولى ابن عمر -رضي اللّه عنهما- «أنّ صفيّة بنت أبي عبيدٍ أخبرته: أنّ عبدا من رقيق الإمارة وقع على وليدةٍ من الخمس، فاستكرهها حتى اقتضّها فجلده عمر [الحدّ ونفاه]، ولم يجلدها من أجل أنه استكرهها» هذه رواية البخاري.
وأخرجه الموطأ عن نافع، ولم يذكر صفية، وفيه: «فجلده عمر ونفاه».

1822 - (ت د) وائل بن حجر - رضي الله عنه - «أنّ امرأة خرجت على عهد رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- تريد الصلاة، فتلقّاها رجلٌ فتجلّلها، فقضى حاجته منها، فصاحت، فانطلق، مرّت بعصابةٍ من المهاجرين»، فقالت: «إنّ ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرّجل الذي ظنّت أنّه وقع عليها، فأتوها [به]، فقالت: نعم، هو هذا، فأتوا به رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فلما أمر به ليرجم قام صاحبها الذي وقع عليها، فقال: يا رسول اللّه، أنا صاحبها، فقال لها: اذهبي، فقد غفر اللّه لك، وقال للرجل قولا حسنا، وقال للرجل الذي وقع عليها: ارجموه، وقال: لقد تاب توبة لوتابها أهل المدينة لقبل منهم». أخرجه الترمذي وأبو داود.
وفي رواية للترمذي: قال: «استكرهت امرأةٌ على عهد رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فدرأ عنها الحدّ، وأقامة على الذي أصابها» ولم يذكر: «أنه جعل لها مهرا».

[شرح الغريب]
فتجللها أي: تغشاها.
عصابة العصابة: الجماعة من الناس.

1823 - (د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: «أنى عمر بمجنونةٍ قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها أن ترجم، فمرّ بها عليّ بن أبي طالب، فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلانٍ زنت، فأمر بها [عمر] أن ترجم، فقال: ارجعوا بها، ثم أتاه، فقال: يا أمير المؤمنين، أمّا علمت أنّ القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ؟ - وفي رواية: يفيق -، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبيّ حتي يعقل؟ فقال: بلى، قال: فما بال هذه؟ قال: لا شيء [فأرسلها]، قال: فأرسلّها عمر، قال: فجعل يكبّر».
وفي أخرى: «قال له: أو ما تذكر أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: رفع القلم عن ثلاثةٍ: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النّائم حتى يستيقظ، وعن الصّبيّ حتي يحتلم؟ قال: صدقت فخلّى عنها»
وفي أخرى قال: «أتي عمر بامرأةٍ قد فجرت، فأمر برجمها، فمرّ عليّ، فأخذها، فخلّى سبيلها، فأخبر عمر، فقال: ادعوا لي عليا، فجاء عليّ، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد علمت: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: رفع القلم عن ثلاثةٍ: عن الصبيّ حتي يبلغ، وعن النائم حتي يستيقظ، وعن المعتوه حتّى يبرأ، وإنّ هذه معتوهة بني فلانٍ، لعل الذي أتاها أتاها في بلائها» أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
فجرت: الفجور: الزنا.
المعتوه: المجنون المصاب في عقله.

الفرع الرابع: في الشبهة
1824 - (ت د س) حبيب بن سالم -رحمه اللّه- «أنّ رجلا يقال له: عبدالرحمن بن حنين وقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير وهو أميرٌ على الكوفة، فقال: لأقضينّ فيك [بقضية رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-]: إن كانت أحلّتها لك جلدتك مائة، وإن لم تكن أحلّتها لك، رجمتك بالحجارة، فوجدوه أحلّتها له، فجلده مائة». هذه رواية أبي داود.
وفي رواية الترمذي إلى قوله: «رجمتك بالحجارة».
وزاد فيه النسائي: «وكان ينبز قرقورا - يعني: ان حنين- فقال فيها: لأقضينّ فيك بقضيّة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-».
وله في رواية أخري مختصرا، «أنّ النعمان بن بشيرٍ قال: قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- في رجل وقع بجارية امرأته: إن كانت أحلّتها له فاجلدوه، وإن لم تكن أحلّتها فارجموه».

[شرح الغريب]
النبز: اللقب..

1825 - (ط) ربيعة بن أبي عبد الرحمن -رحمه اللّه- «أنّ عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنه- قال لرجل خرج بجارية امرأته معه في سفرٍٍ فأصابها، فغارت امرأته، فذكرت ذلك لعمر، فسأله عن ذلك؟ فقال: وهبتها لي، فقال عمر: لتأتينّني بالبيّنة أو لأرمينّك بالحجارة، قال: فاعترفت امرأته: أنّها وهبتها له» أخرجه الموطأ.
1826 - (د س) سلمة بن المحبق - رضي الله عنه - «أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قضى في رجلٍ وقع على جارية امرأته: إن كان استكرهها: أنّها حرّة، وعليه لسيّدتها مثلها، وإن كانت طاوعته فهي له، وعليه لسيدتها مثلها».
وفي أخرى: «فهي ومثلها من ماله لسيدتها». أخرجه أبو داود والنسائي.

1827 - (خ) حمزة بن عمرو الأسلمي -رحمه اللّه- «أنّ عمر - رضي الله عنه - بعثه مصدّقا، فوقع رجلٌ على جارية امرأته، فأخذ حمزة من الرجل كفلاء، حتي قدم على عمر فأخبره، وكان عمر قد جلد ذلك الرّجل مائة إذ كان بكرا باعترافه على نفسه، فأخبره، فادعى الجهل في هذه فصدّقه وعذره بالجهالة.
وأتي برجلٍ آخر قد وقع على جارية امرأته، وادّعى أنها وهبتها له، فقال: سلوها؟ فإن اعترفت، فخلّوا سبيله، فأنكرت، فعزم على رجمه، ثم اعترفت، فتركه».
أخرجه البخاري تعليقا من أول هذا الحديث إلى قوله: «بالجهالة».

الفرع الخامس: فيمن زنى بذات محرم
1828 - (ت د س) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «بينا أنا أطوف يوما على إبلٍ ضلّت لي، رأيت فوارس معهم لواءٌ دخلوا بيت رجلٍ من العرب فضربوا عنقه، فسألت عن ذنبه؟ فقالوا: عرّس بامرأة أبيه، وهو يقرأ سورة النساء، وقد نزل فيها {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} [النساء: 22]».
وفي رواية قال: «مرّ بي خالي أبو بردة بن نيارٍ، ومعه لواء، فقلت: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى رجل تزوّج امرأة أبيه: أن آتيه برأسه».
أخرج الترمذي الرواية الثانية.
وأخرج أبو داود الروايتين. وقال في الثانية: «عمٍّي» بدل «خالي» وقال فيها: «أن أضرب عنقه، وآخذ ماله» وقال: «نكح» بدل «تزوج» وكذلك قال النسائي.
[شرح الغريب]
عرس أعرس الرجل بامرأته: إذا دخل بها، ولا يقال: عرس والعامة تقوله، وقد جاء في لفظ الحديث كذلك.

1829 - عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- «أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: من وقع على ذات محرمٍ - أو قال: من نكح ذات محرمٍ - فاقتلوه». أخرجه.
الفرع السادس: في أحكام متفرقة
1830 - (م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أنّ رجلا كان يتّهم بأمّ ولد رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-. فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- لعليٍ: اذهب فاضرب عنقه، فاتاه فإذا هو في ركيّ يتبرّد، فقال له عليّ: اخرج، فناوله يده، فأخرجه فإذا هو مجبوبٌ ليس له ذكر، فكفّ عنه، فأتى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فحسّن فعله».
وفي أخرى: «قال له: أحسنت، الشّاهد يرى مالا يرى الغائب». أخرجه مسلم.

[شرح الغريب]
ركي: جمع ركية والركية: البئر.

1831 - (د) سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «أنّ رجلا أتاه، فأقرّ عنده: أنّه زنى بامرأةٍ، فسّماها له، فبعث رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى المرأة، فسألها عن ذلك؟ فأنكرت أن تكون زنت، فجلده الحدّ وتركها». أخرجه أبو داود.
1832 - (د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- «أنّ رجلا من بكر بن ليثٍ أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأقرّ أنه زنى بامرأةٍ أربع مرّاتٍ، فجلده مائة، وكان بكرا، ثم سأله البيّنة على المرأة، فقالت: كذب واللّه يا رسول اللّه، فجلده حدّ الفرية ثمانين». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
الفرية: الافتراء: الكذب. والمراد به هاهنا: القذف.

الفصل الثاني: في الذين حدهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ورجمهم من المسلمين وأهل الكتاب
الفرع الأول: في المسلمين
1833 - (م د) أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه - «أنّ رجلا من أسلم يقال له: ماعز بن مالك أتى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إني أصبت فاحشة، فأقمه عليّ، فردّه النبي -صلى الله عليه وسلم- مرارا، قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسا إلا أنّه أصاب شيئا يرى أنّه لا يجزئه منه إلا أن يقام فيه الحدّ، قال: فرجع إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فأمرنا أن نرجمه، قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد، قال: فما أوثقناه، ولا حفرنا له [قال]: فرميناه بالعظام والمدر والخزف، قال: فاشتدّ واشتددنا خلفه، حتى أتى عرض الحرّة فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرّة - يعني: الحجارة - حتى سكت. قال: ثم قام رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- خطيبا من العشيّ قال: أو كلّما انطلقنا غزاة في سبيل اللّه تخلّف رجلٌ في عيالنا له نبيب كنبيب التيس؟ عليّ أن لا أوتى برجلٍ فعل ذلك ألا نكّلت به، قال: فما استغفر له ولا سبّه». وفي رواية: «فاعترف بالزنا ثلاث مراتٍ». هذه رواية مسلم.
وفي رواية أبي داود قال: «لمّا أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- برجم ماعزٍ، خرجنا به إلى البقيع، فواللّه ما أوثقناه ولا حفرنا له، ولكنه قام لنا، فرميناه بالعظام والمدر والخزف، فاشتدّ.. وذكره إلى قوله، حتي سكت، قال بعده: فما استغفر له ولا سبّه».
وفي أخرى له قال: «جاء رجل إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وذكر نحوه، وليس بتمامه - قال: ذهبوا يسبّونه، فنهاهم، قال: ذهبوا يستغفرون له، فنهاهم، قال: هو رجلٌ أصاب ذنبا، حسيبه اللّه».

[شرح الغريب]
فاحشه: الفاحشة: الفعلة القبيحة شرعا، والمراد بها هاهنا: الزنا.
نبيب: نب التيس: إذا صاح وهاج في طلب الأنثى.

1834 - (م د) بريدة - رضي الله عنه - قال: «إنّ ماعز بن مالك الأسلميّ أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول اللّه، إني قد ظلمت نفسي وزنيت وإني أريد أن تطهّرني، فردّه، فلما كان من الغد أتاه، فقال: يا رسول اللّه إني قد زنيت، فردّه الثّانية، فأرسل رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى قومه، فقال: تعلمون بعقله بأسا؟ تنكرون منه شيئا؟ فقالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة، فأرسل إليهم أيضا، فسأل عنه؟ فأخبروه أنه لا بأس به، ولا بعقله، فلما كان الرابعة حفر له حفرة، ثم أمر به فرجم، قال: فجاءت الغامدّية فقالت: يارسول اللّه، إني قدزنيت فطهّرني، وإنه ردّها، فلما كان من الغد قالت: يا رسول اللّه، لم تردّني؟ لعلّك أن تردّني كما رددت ماعزا، فواللّه إني لحبلى، قال: إمّا لا، فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقةٍ، قالت: هذا قد ولدته، قال: فاذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته، أتته بالصبيّ في يده كسرة خبزٍ، فقالت: هذا يا نبيّ اللّه قد فطمته، وقد أكل الطّعام، فدفع الصبيّ إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر النّاس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجٍ فرمي رأسها، فتنضّح الدّم على وجه خالدٍ، فسبّها، فسمع نبي اللّه -صلى الله عليه وسلم- سبّه إياها، فقال: مهلا يا خالد، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكسٍ لغفر له، ثم أمر بها فصلّى عليها ودفنت».
وفي رواية قال: «جاء ماعز إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول اللّه طهّرني، قال: ويحك، ارجع، فاستغفر اللّه وتب إليه، فرجع غير بعيدٍ، ثم جاء، فقال: يا رسول اللّه، طهّرني، قال: ويحك، [ارجع] واستغفر اللّه، وتب إليه، فرجع غير بعيدٍ، ثم جاء، فقال: يا رسول اللّه طهّرني، فأعاد القول، وأعاد هو، حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: ممّ أطهّرك؟ قال: من الزّنا، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: أبه جنونٌ؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرا؟ فقام رجلٌ فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمرٍ، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: أزنيت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم، فكان النّاس [فيه] فرقتين، فقائلٌ يقول: قد هلك، لقد أحاطت به خطيئته.
وقائلٌ يقول: ما توبةٌ أفضل من توبة ماعز، إنه جاء إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فوضع يده في يده، ثم قال: اقتلني بالحجارة، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وهم جلوسٌ، فسلّم، ثم جلس فقال استغفروا لماعز بن مالكٍ، فقالوا: غفر اللّه لماعز ابن مالكٍ [قال]: فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّةٍ لوسعتهم، قال: ثم جاءته امرأةٌ من غامدٍ من الأزد، فقالت: يا رسول اللّه طهّرني، فقال: ويحك، ارجعي فاستغفري اللّه وتوبي إليه، قالت: أراك تريد أن تردّني كما رددت ماعز بن مالكٍ، قال: وما ذاك؟ قالت: إنها حبلى من الزنا، قال: أنت؟ قالت: نعم، فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجلٌ من الأنصار حتي وضعت، قال فأتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: قد وضعت الغامدّية، فقال: إذا لا ترجمها وندع ولدها صغير السّنّ ليس له من يرضعه، فقام رجلٌ من الأنصار فقال: إليّ رضاعه يا نبيّ اللّه، فرجمها».هذه رواية مسلم.
وأخرج أبو داود منه قصة الغامدّية بنحو الرواية.
وله في أخرى: «أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- استنكه ماعزا».
وله في أخرى قال: «كنا أصحاب رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- نتحدّث: أنّ الغامدية وماعز ابن مالك لو رجعا بعد اعترافهما - أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما - لم يطلبهما، وإنما رجمهما عند الرابعة».

[شرح الغريب]
إما لا: يقال: افعل ذاك إما لا، يعني: إن لم تفعل هذا فافعل هذا، وقد تقدم شرح ذلك مستقصى في كتاب الحج.

1835 - (خ م ت د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «أتى رجلٌ من أسلم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد، فناداه: يا رسول اللّه: إنّ الأخر قد زنى - يعني: نفسه - فأعرض عنه فتنحّى لشقّ وجهه الذي أعرض قبله، فقال له ذلك، فأعرض، فتنحّى الرّابعة، فلمّا شهد على نفسه أربع مرّاتٍ دعاه، فقال: هل به جنونٌ؟ قال: لا، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: اذهبوا به فارجموه، وكان قد أحصن - قال ابن شهابٍ: فأخبرني من سمع جابر بن عبد اللّه يقول: فرجمناه بالمدينة، فلما أذلفته الحجارة جمز حتى أدركناه بالحرّة، فرجمناه حتى مات» هذه رواية البخاري ومسلم.
[ورواية مسلم عن أبي هريرة هكذا: «أتى رجلٌ من المسلمين رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وهو في المسجد، فناداه، فقال: يا رسول اللّه، إني زنيت، فأعرض عنه حتى ثنى ذلك عليه أربع مرّاتٍ، فلما شهد على نفسه أربع مرّاتٍ، فلمّا شهد على نفسه أربع شهاداتٍ، دعاه رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أبك جنونٌ؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال: رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: اذهبوا به فارجموه».].
وفي رواية أبي داود قال: «جاء رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- الأسلميّ، فشهد على نفسه: أنّه أصاب امرأة حراما أربع شهاداتٍ، كلّ ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة عليه فقال: أنكتها؟ قال: نعم، قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب الميل في المكحلة، والرّشاء في البئر؟ قال: نعم، قال: هل تدري ما الزّنا؟ قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرّجل من أهله حلالا، قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: إني أريد أن تطّسهرني، فأمر به فرجم، فسمع رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- [رجلين] من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظروا إلى هذا الذي ستر اللّه عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، وسار ساعة حتي مرّ بجيفةٍ حمارٍ شائلا رجله، فقال: أين فلانٌ وفلانٌ؟ فقالا: نحن ذان يارسول اللّه قال: كلا من جيفة هذا الحمار،قال: يانبي الله،من يأكل من هذا؟ قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشدّ من أكل منه والذي نفسي بيده، إنّه الآن لفي أنهار الجنّة ينغمس فيها».
وفي رواية الترمذي قال: «جاء ماعز الأسلميّ إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنّه قد زنى، فأعرض عنه، ثم جاءه من شقّه الآخر فقال: يا رسول اللّه، إنه قد زنى، فأعرض عنه ثم جاءه من شقّه الآخر فقال: يارسول اللّه، إنه قد زنى، فأمر في الرابعة فأخرج إلى الحرّة، فرجم بالحجارة،فلمّا وجد مسّ الحجارة فرّ يشتدّ حتّى مرّ برجلٍ معه لحي جملٍ، فضربه وضربه النّاس حتى مات، فذكروا ذلك لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: أنّه فرّ حين وجد مسّ الحجارة ومسّ الموت، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: هلاّ تركتموه؟».

[شرح الغريب]
أذلقته: أذلقه الأمر: إذا بلغ منه الجهد والمشقة حتى قلق.

1836 - (د) يزيد بن نعيم بن هزال -رحمه اللّه- عن أبيه قال: «كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي، فأصاب جارية من الحيّ، فقال: له أبي: أئت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بما صنعت، لعلّه يستغفر لك، وإنما يريد بذلك: رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه فقال: يا رسول اللّه، إني زنيت،فأقم عليّ كتاب اللّه،فأعرض عنه، وفعاد فقال: يارسول الله أني زنيت فأقم على كتاب الله حتى قالها أربع مراتٍ، قال -صلى الله عليه وسلم-: إنك قد قلتها أربع مراتٍ، فيمن؟ قال: بفلانة، قال: هل ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: هل باشرتها؟ قال: نعم، قال هل جامعتها؟ قال: نعم، قال: فأمر به أن يرجم، فأخرج به إلى الحرّة، فلما رجم فوجد مسّ الحجارة [جزع] فخرج يشتدّ، فلقيه عبد اللّه بن أنيسٍ، وقد عجز أصحابه، فنزع له بوظيف بعيرٍ، فرماه به فقتله، ثم أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، فقال: هلا تركتموه، لعلّه أن يتوب، فيتوب اللّه عليه؟». أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
وظيف البعير: خفه.

1837 - (خ م ت د) عبد اللّه بن عباس -رضي اللّه عنهما- قال: «لمّا أتى ماعز النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال له: لعلّك قبّلت، أو غمزت، أو نظرت؟ قال: لا، يا رسول اللّه، قال: أنكتها؟ - لا يكني - فعند ذلك أمر برجمه». هذه رواية البخاري وأبي داود.
وفي رواية مسلم: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لماعز بن مالك: «أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: بلغني: أنّك وقعت بجارية آل فلانٍ. قال: نعم، قال: فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم».
وأخرج هذه الرواية الترمذي وأبو داود.
وفي أخرى لأبي داود: «أنّ ماعز بن مالك أتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنه قد زنى، فأعرض عنه، فأعاد عليه مرارا، فأعرض عنه، فسأل قومه: أمجنونٌ هو؟ قالوا: ليس به بأسٌ، قال: أفعلت بها؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم، فانطلق به فرجم، ولم يصلّ عليه».
وفي أخرى له قال: «جاء ماعزٌ إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فاعترف بالزنا مرّتين فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين، فقال: شهدت على نفسك أربع مراتٍ، اذهبوا به فارجموه».
رأيت الحميديّ -رحمه اللّه- قد ذكر هذا الحديث في أفراد البخاري عن عكرمة عن ابن عباس، وذكر الرواية الأولى ثم قال: وقد أخرج مسلم من رواية سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وذكر الرواية التي تقدّمت عن مسلم. وهذا القول منه يدلّ على أن الحديث متفق بين البخاري ومسلم، إلا أنه من ترجمتين، ثم لم يذكر رواية مسلم في أفراده.
وقد كان الأولى به أن يذكر هذا الحديث في المتفق عليه بينهما، ولعله قد رأى من ذلك ما هو أعلم به، لكنّا نبّهنا على ما رأيناه في كتابه.

1838 - (م ت د س) جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- قال: «رجم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- رجلا من أسلم، ورجلا من اليهود، وامرأةٌ». هذه رواية مسلم.
وفي رواية الترمذي وأبي داود والنسائي: «أنّ رجلا من أسلم جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فاعترف بالزنى، فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع شهاداتٍ، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أبك جنون؟ قال: لا، قال: أحصنت؟ قال: نعم، قال: فأمر به فرجم في المصلّى، فلما أذلفته الحجارة فرّ، فأدرك، فرجم حتى مات، فقال له رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- خيرا، ولم يصلّ عليه».
وفي أخرى لأبي داود: قال محمد بن إسحاق: ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعزٍ، فقال: حدّثني حسن بن محمد بن عليّ بن أبي طالب قال: حدّثني ذلك من قول رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: «فهلاّ تركتموه؟» من شئت من رجال أسلم ممّن لا أتّهم، وقال ولم أعرف الحديث، فجئت جابر بن عبد اللّه، فقلت: إنّ رجالا من أسلم يحدّثون: أنّ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال لهم - حين ذكروا له جزع ماعزٍ من الحجارة حين أصابته «ألاّ تركتموه؟» وما أعرف الحديث؟ قال: يا ابن أخي، أنا أعلم النّاس بهذا الحديث، كنت فيمن رجم الرّجل، إنه لمّا خرجنا به فرجمناه، فوجد مسّ الحجارة، صرخ بنا: يا قوم ردّوني إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فإن قومي قتلوني وغرّوني من نفسي، وأخبروني: أن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- غير قاتلي، فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وأخبرناه قال: «فهلاّ تركتموه وجئتموني به؟» ليستثبت رسول اللّه منه، فأمّا لترك حدٍ: فلا، فعرفت وجه الحديث.

1839 - (ط) سعيد بن المسيب «أنّ رجلا من أسلم جاء إلى أبي بكرٍ - رضي الله عنه - فقال: إنّ الأخر قد زنى، فقال له أبو بكر: هل ذكرت ذلك لأحدٍ غيري؟ فقال: لا، قال له أبو بكر: فتب إلى اللّه، واستتر بستر اللّه، فإنّ اللّه يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه حتى أتى عمر، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فردّ عليه كردّ أبي بكر، فلم تقّرره نفسه. حتى أتى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنّ الأخر قد زنى، فأعرض عنه رسول اللّه ثلاث مراتٍ، كلّ ذلك يعرض عنه رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أكثر عليه بعث رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى أهله، فقال: أيشتكي؟ أبه جنّةٌ؟ قالوا: لا، قال: أبكر هو، أم ثيّبٌ؟ قالوا: ثيّبٌ، فأمر به فرجم» أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
الآخر: بفتح الهمزة، والقصر وكسر الخاء: الأبعد.
جنة: الجنة: الجنون.

1840 - (ط) محمد بن شهاب -رحمه اللّه- «أنّ رجلا اعترف على نفسه بالزّنى على عهد رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وشهد على نفسه أربع مرّاتٍ، فأمر به رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فرجم».
قال ابن شهاب: فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه. أخرجه الموطأ.

1841 - (م د) جابر سمرة - رضي الله عنه - قال: «رأيت ماعزا حين جيء به رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قصيرا أعضل، ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرّاتٍ: أنّه زنى، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: فلعلّك قال: واللّه إنه قد زنى الأخر، قال: فرجمه ثم خطب فقال: ألا كلّما نفرنا في سبيل اللّه خلف أحدهم له ثبيبٌ كنبيب التّيس: يمنح أحدهم الكثبة، أما واللّه، إن يمكّنّي اللّه من أحدهم لانكّلنّ به».
وفي رواية: «فردّه مرّتين، ثم أمر به فرجم، قال: فحدّثته سعيد ابن جبيرٍ، فقال: «إنّه ردّه أربع مراتٍ».
وفي أخرى: فردّه مرّتين - أو ثلاثا». هذه رواية مسلم.
وفي رواية أبي داود مثل الرواية الأولى، وقال في آخره: «إلاّ نكّلته عنهنّ».

[شرح الغريب]
أعضل: رجل أعضل وعضل: كثير اللحم.
خلف فلان فلانا: أقام بعده.
الكثبة: القليل من اللبن قدر حلبة،وكل ما جمعته من طعام أو غيره،لبنا كان أو غيره، فهو كثبة.

1842 - (د) جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- «أنّ رجلا زنى بامرأةٍ، فأمر به رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فجلد الحدّ، ثم أخبر أنّه محصن، فأمر به فرجم».
وفي رواية: «أنّ رجلا زنى بامرأةٍ فلم يعلم بإحصانه فجلد، ثم علم بإحصانه فرجم» أخرجه أبو داود.

1843 - (ط) ابن أبي مليكة -رحمه اللّه-: «أنّ امرأة جاءت إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته: أنّها زنت وهي حاملٌ، فقال لها رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: اذهبي حتى تضعيه، فلمّا وضعته جاءته، فقال: اذهبي حتى ترضعيه، فلمّا أرضعته جاءته، فقال: اذهبي فاستودعيه، فاستودعته، [ثم جاءت]، فأمر بها فرجمت». أخرجه الموطأ.
1844 - (م ت د س) عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: «إن امرأة من جهينة أتت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، وهي حبلى من الزّنى، فقالت: يا رسول اللّه، أصبت حدّا فأقمه عليّ، فدعا نبيّ اللّه وليّها، فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت فائنني، ففعل، فأمر بها نبيّ اللّه -صلى الله عليه وسلم- فشددّت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلّى عليها، قال عمر: أتصلّي عليها وقد زنت؟ فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جاءت بنفسها لله عزّ وجلّ؟».
أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود: إلا أنّ أبا داود قال: «فشكّت عليها ثيابها- يعني: فشدّت». وأخرجه النسائى مثل أبي داود.

1845 - (د) أبو بكرة - رضي الله عنه - «أنّ النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- رجم امرأة، فحفر لها إلى الثّندوة».
زاد في رواية: «ثم رماها أوّلا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بحصاةٍ مثل الحمّصة، ثم قال: ارموها، واتّقوا الوجه، فلما طفئت أخرجت وصلّى عليها وقال في التّوبة نحو حديث بريدة» هكذا أخرجه أبوداود. وحديث بريدة قد تقدّم آنفا.

[شرح الغريب]
الثندوة: الثدي: فإن فتحت الثاء لم تهمز، وإن ضممتها همزت.
1846 - (د) خالد بن اللّجلاج عن أبيه -رضي اللّه عنه- قال: «كنا غلمانا نعمل بالسّوق فمرّت امرأةٌ مع صبيٍ، فثار الناس، فثرت معهم، فأتت رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- والنّاس معها، فقال لها: من أبو هذا؟ فسكتت، فقال شابٌ كان مع النّاس: هو ابني يا رسول اللّه، فطّهرني، فأمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- برجمه، ثم جاء شيخٌ يسأل عن الغلام المرجوم؟ فأتينا به رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: إنّ هذا يسأل عن ذلك الخبيث الذي رجم اليوم؟ فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: لا تقولوا له: خبيث، فوالّذي نفسي بيده لهو الآن في الجنة».
وفي رواية: «لهو أطيب عند اللّه من ريح المسك».
وفي رواية: «أنّه كان قاعدا يعتمل في السّوق، فمرّت امرأةٌ تحمل صبيا، فثار النّاس معها، وثرت فيمن ثار، فانتهيت إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فسكتت، فقال شابٌ حذوها: أنا أبوه يا رسول اللّه، فأقبل عليها، فقال: من أبو هذا معك؟ فقال الفتى: أنا أبوه يا رسول اللّه، فنظر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض من حوله يسألهم عنه؟ فقالوا: ما علمنا إلا خيرا، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: أحصنت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم، قال: [فخرجنا به] فحفرنا له حتى أمكنّا، ثم رميناه بالحجارة حتى هدأ، فجاء رجلٌ يسأل عن المرجوم؟ فانطلقنا به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: هذا جاء يسأل عن الخبيث -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: فهو أطيب عند اللّه من ريح المسك، فإذا هو أبوه، فأعناه على غسله وتكفينه ودفنه، وما أدري، قال: والصّلاة عليه أم لا».أخرج أبو داود الرواية الثانية.
وذكر رزين الأولى، ولم أجدها [في الأصول].

[شرح الغريب]
هدأ: هدأ المريض: إذا برأ وسكن، ويقال لمن مات: قد هدأ لأنه أيضا قد سكن.

1847 - (خ م ط ت د س) أبو هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي اللّه عنهما- قالا: «جاء أعرابيّ إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وهو جالسٌ، فقال: يا رسول اللّه، أنشدك إلا قضيت لي بكتاب اللّه، فقال الخصم الآخر - وهو أفقه منه -: نعم فاقض بيننا بكتابٍ اللّه وائذن لي، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: قل، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت: أنّ على ابني الرّجم، فافتديت منه بمائة شاةٍ ووليدةٍ، فسألت أهل العلم؟ فأخبروني: أنّ ما على ابني جلد مائة وتغريب عامٍ، وأنّ على امرأة هذا الرّجم، فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده، لا قضينّ بينكما بكتاب اللّه، الوليدة والغنم ردّ عليك، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، اغد يا أنيس - لرجلٍ من أسلم - إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارّجمها، فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فرجمت».
قال مالك -رحمه اللّه-: والعسيف: الأجير. أخرجه الجماعة.

[شرح الغريب]
ولائد: الولائد: جمع وليدة، وليدة، وهي الأمة.
بكتاب الله: أراد بقوله: «كتاب الله» ما كتب الله على عباده من الحدود الأحكام، ولم يرد به القرآن،لأن النفي والرجم لا ذكر لهما فيه.
أنشدك: أي أسالك،وقدتقدم معناه مستوفى.

1848 - (ط) صفية بنت أبي عبيد قالت: «أتي أبو بكرٍ - رضي الله عنه - برجلٍ وقع على جاريةٍ بكرٍ فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزّنى، ولم يكن أحصن، فجلده الحدّ، ونفاه إلى فدك». أخرجه الموطأ.
1849 - (ط) أبو واقد الليثي أنّ رجلا من أهل الشام أتى عمر بن الخطاب -رضي اللّه عنه- فذكر له: «أنّه وجد مع امرأته رجلا، قال أبو واقد: فأرسلني عمر إليها، وعندها نسوٌة حولها، فأتيتها فأخبرتها بما قال زوجها، وأنّها لا تؤخذ بقوله، وجعلت ألقّنها أشباه ذلك لتنزع، فأبت إلا مضيا، وتمّت على الاعتراف، فأمر بها عمر فرجمت». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
ينزع: نزعت عن الشيء: إذا أقلعت عنه وتركته.

1850 - (ط) مالك بن أنس قال: «بلغني أنّ عثمان -رضي اللّه عنه- أتي بامرأةٍ ولدت في ستة أشهرٍ، فأمر برجمها، فقال له عليّ، ما عليها رجمٌ، لأنّ اللّه تعالى يقول: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} [الأحقاف: 15] وقال: {والوالدات يرضعن أولادهنّ حولين كاملين لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة} [البقرة: 233] فالحمل يكون ستة اشهر، فلا رجم عليها، فأمر عثمان بردّها، فوجدت قد رجمت». أخرجه الموطأ.
1851 - (خ م) أبو إسحاق الشيباني قال: «سألت ابن أبي أوفى: هل رجم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، قلت: قبل سورة (النّور) أم بعدها؟ قال: لا أدري». أخرجه البخاري ومسلم.
1852 - (خ) عامر الشعبي: «أنّ عليّا حين رجم المرأة ضربها يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب اللّه، ورجمتها بسنّة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-».
أخرجه البخاري.

الفرع الثاني: في أهل الكتاب
1853 - (خ م ط ت د) عبد اللّه بن عمر -رضي اللّه عنهما- قال: «إنّ اليهود جاؤوا إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-، فذكروا له أنّ امرأة منهم ورجلا زنيا، فقال لهم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-: ما تجدون في التّوراة في شأن الرّجم؟ فقالوا: نفضحهم ويجلدون، قال عبد اللّه بن سلامٍ: كذبتم إنّ فيها الرّجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرّجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللّه بن سلامٍ: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرّجم، فأمر بهما النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فرجما، قال: فرأيت الرّجل يجنىء على المرأةٍ يقيها الحجارة».
وفي رواية قال: «أتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ من اليهود، وقد زنيا، فقال لليهود: ما تصنعون بهما؟ قالوا: نسخّم وجههما ونخزيهما، قال: فائتوا بالتوراةٍ فاتلوها إنّ كنتم صادقين، فجاؤوا بها، فقالوا لرجلٍ ممّن يرضون أعور: اقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضعٍ منها، فوضع يده عليه، قال: ارفع يدك، فرفع فإذا آية الرّجم تلوح، فقال: يا محمد، إنّ فيها آية الرّجم، ولكنّا نتكاتمه بيننا، فأمر بهما فرجما، فرأيته يجانيء».
وفي أخرى: «أنّ اليهود جاؤوا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- برجلٍ وامرأةٍ زنيا، فرجما قريبا من موضع الجنائز، قرب المسجد».هذه روايات البخاري ومسلم.
وفي أخرى للبخاري نحوه وفيه: «إنّ أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبيه - وذكر الحديث كما سبق - قال ابن عمر: فرجما عند البلاط فرأيت اليهوديّ أجنأ عليها».
وفي أخرى لمسلم نحوه، وفيه: «فانطلق رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- حتى جاء يهود، فقال: ما تجدون في التوراةٍ على من زنى؟ قالوا: نسوّد وجوهما وتحمّمها، وتخالف بين وجوههما، ويطاف بهما - وذكر الحديث كما سبق - قال ابن عمر: كنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها الحجارة بنفسٍه».
وأخرج الموطأ وأبو داود الرواية الأولى.
واختصره الترمذي فقال «إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رجم يهوديا ويهودية وقال: وفي الحديث قصّةٌ ولم يذكرها».
وفي أخرى لأبي داود قال: «أتى نفرٌ من اليهود فدعوا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- إلى القفّ، فأتاهم في بيت المدراس، فقالوا: يا أبا القاسم إنّ رجلا منا زنى بامرأةٍ، فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وسادة، فجلس عليها، ثم قال: ائتوني بالتوراة، فأتي بها، فنزع الوسادة من تحته ووضع التّوراة عليها، وقال: آمنت بك وبمن أنزلك، ثم قال: ائتوني بأعلمكم، فأتي بفتى شابٍ».
ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع - يعني: الرواية الأولى.

[شرح الغريب]
يجنئ: أجنأ عليه يجنئ: إذ ا أكبّ عليه يقيه بنفسه شيئا يؤذيه، وجانأ عليه يجانئ: فاعل يفاعل منه، ورأيت في «معالم السنن» للخطابي - في معنى هذا الحديث عند الفراغ من متنه - ما هذا حكايته، قال: قلت: هكذا قال: يحنأ، والمحفوظ: إنما يجنأ، أي: يكبّ عليها، يقال: جنأ الرجل يجنأ جنوءا: إذا أكب على الشيء، قال كثير:
أغاضر لو شهدت غداة بنتم جنوء العائدات على وسادي
فهذا القول من الخطابي يدل على أن اللفظة بالحاء غير المعجمة، ولعل رواية أبي داود كذا، فأما رواية الباقين، فإنما هي الجيم، وقد ذكرنا معناها، والله أعلم.
المدراس: موضع الدرس والقراءة.
القف: اسم واد من أودية المدينة، قال أبو الهيثم: فيحتمل أن يكون المراد بقوله: «فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القف»: ذلك الوادي المسمى بالقف. والله أعلم.

1854 - (د) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «زنى رجلٌ من اليهود وامرأةٌ، فقال بعضهم لبعضٍ: اذهبوا بنا إلى هذا النبيّ فإنه نبيٌّ بعث بالتّخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرّجم قبلناها واحتججنا بها عند اللّه، قلنا: فتيا نبيٍ من أنبيائك، قال: فأتوا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو جالسٌ في المسجد في أصحابه فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأةٍ منهم زنيا، فلم يكلّمهم كلمةٌ حتي أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: أنشدكم اللّه الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التّوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا: يحمّم ويجبّه ويجلد - والتّجبيه: أن يحمل الزّانيان على حمارٍ وتقابل أقفيتهما، ويطاف بهما - قال: وسكت شابٌ منهم، فلما رآه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- [سكت]، ألظّ به النّشدة فقال: اللّهمّ إذ نشدتنا، فإنا نجد في التّوراة الرّجم، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: فما أوّل ما ارتخصتم أمر اللّه؟ قال: زنى ذو قرابةٍ من ملكٍ من ملوكنا فأخّر عنه الرجم، ثم زنى رجلٌ في أسرةٍ من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه، وقالوا: لا ترجم صاحبنا حتّى تجيء بصاحبك فترجمة، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: فإني أحكم بما في التّورارة، فأمر بهما فرجما».
قال الزهري: «فبلغنا: أن هذه الآية نزلت فيهم {إنا أنزلنا التّوراة فيها هدى ونورٌ يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا} [المائدة: 44] كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منهم».
وفي رواية: قال: «زنى رجلٌ وامرأةٌ من اليهود وقد أحصنا، حين قدم رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة، فتركوه، وأخذوا بالتّجبيه: يضرب مائة بحبلٍ مطليٍ بقارٍ، ويحمل على حمارٍ، ووجهه ممّا يلي دبر الحمار، فاجتمع أحبارٌ من أحبارهم فبعثوا قوما آخرين إلى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: سلوه عن حدّ الزّاني.. وساق الحديث، قال فيه: ولم يكونوا من أهل دينه فيحكم بينهم، فخيّر في ذلك، قال: {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} [المائدة: 42]». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
تحميم الوجه: تسويده وجعله كالحممة، وهي الفحمة.
التجبيه: قد مر شرحه في متن الحديث، وقال الخطابي: يشبه أن يكون أصله: الهمز، يقال: جبأته فجبأ.: أي ارتدع وانزجر، فقلبت الهمزة هاء. والتجبيه أيضا: أن ينكّس رأسه، فيحتمل أن يكون المحمول على الحمار إذا فعل ذلك به نكس رأسه، فسمّي ذلك الفعل تجبيها. قال: وقد يحتمل أن يكون من الجبه، وهو الاستقبال بالمكروه، وأصل الجبه: إصابة الجبهة، يقال: جبهت الرجل: أذا أصبت جبهته.
ألظ به النشدة: ألظ فلان بفلان: إذا لزمه، ويقال: هو ملظ به لا يفارقه، وقيل: الإلظاظ: الإلحاح، والنشدة: السؤال.
أسرة الرجل: قومه الذي يتقوى بهم، من الأسر: القوة.

1855 - (د) جابر بن عبد اللّه -رضي اللّه عنهما- قال: «جاءت اليهود برجل وامرأةٍ منهم زنيا، فقال: ائتوني بأعلم رجلين منكم، فأتوه بابني صوريا، فنشدهما: كيف تجدان أمر هذين في التوراة؟ قالا: تجد في التوراة: إذا شهد أربعة أنّهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة رجما، قال: فما يمنعكم أن ترجموهما؟ قال: ذهب سلطاننا فكرهنا [القتل] فدعا رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بالشهود، فجاؤوا بأربعةٍ، فذكروا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة، فأمر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- برجمهما».
وفي رواية نحوه، ولم يذكر «فدعا بالشّهود فشهدوا».أخرجه أبو داود.

1856 - (ت) جابر بن سمرة - رضي الله عنه - «أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رجم يهوديا ويهوديّة». أخرجه الترمذي.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحدود, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:23 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir