الكلام عن مصطلح الظاهر والباطن
قال المصنف رحمه الله: [فهذا ديننا واعتقادنا ظاهراً باطناً] . قوله: (ظاهراً وباطناً) الدين لا ينقسم إلى ظاهر وباطن، باعتبار أن الشريعة الظاهرة تخالف الحقيقة الباطنة، وأما أن الأعمال منها ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن، فلا شك أن هذا صحيح، وقد قال الله تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ}[الأنعام:120] ، فالذنوب منها ما هو باطن ومنها ما هو ظاهر، والأعمال الصالحة كذلك، فمنها ما هو ظاهر ومنها ما هو باطن، وإنما المنكر جَعْلُ الدين شريعة ظاهرة، وحقيقة باطنة، ثم التفريق بينهما، كقول من يقول: إن العامة يكلفون بالظواهر، وأما الخاصة فيكلفون بالباطن، ونحو ذلك من الطرق التي أحدثها الباطنية من الصوفية أو المتشيعة. ......
يتبرأ أهل السنة والجماعة من جميع من خالف ما قطع بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم به، وهو أصول الدين، كالجهمية والمعتزلة والمشبهة والقدرية، الذين نبذوا الكتاب، واتبعوا الأهواء، وفارقوا جماعة المسلمين، وأصروا على ما هم فيه من الزيغ والضلال.
براءة أهل السنة من المخالفين لهم في الأصول
قال المصنف رحمه الله: [ونحن براءٌ إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الردية، مثل المشبهة، والمعتزلة، والجهمية، والجبرية، والقدرية، وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة، ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأردياء، وبالله العصمة والتوفيق]. قوله: (ونحن براءَ)، البراءة من المخالف لا تكون إلا فيما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء به بالقطع فخالفه من خالفه، فهذا المخالف لما علم بالضرورة مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم به كأصول الدين؛ يتبرأ منه، وأما من خالف فيما هو دون ذلك، ولو كان مخالفاً لظاهر السنة أو لقول العامة من أهل السنة؛ ما دام أن قوله مأثور في كلام المتقدمين كالأقوال المرجوحة، فلا يطلق فيه لفظ البراءة، وإنما البراءة تكون في مسائل الأصول المعلومة من الدين بالضرورة عند أهل السنة. ......