دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 12:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


حفظ مقام أئمة السلف والثناء عليهم
قال المصنف رحمه الله: [وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر؛ لا يُذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوءٍ فهو على غير السبيل] . بعد أن ذكر المصنف رحمه الله تعالى قول أهل السنة والجماعة في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ذكر مقام أئمة السلف، وأن من الهدي المأثور حسن القول في هؤلاء الأئمة، والمصنف عبر هنا بعبارات فيها سعة، فقال: (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين)، فإما أن يعني بالسابقين: الصحابة ومن بعدهم ممن اتبع الصحابة، وإما أن يعني بالسابقين: من أخذ عن الصحابة من التابعين ومن بعدهم في طبقة القرون الثلاثة الفاضلة، ولا يعني الصحابة لأنه قد ذكر الصحابة من قبل، ويعني بالتابعين: من اقتدى بأئمة السلف من أهل السنة والجماعة من أصحاب الأئمة، فهذا وهذا كلاهما مما يمكن أن يفسر به كلام المصنف. إلا أن قوله: (ومن بعدهم من التابعين) إلخ، يدل على أن مراده من جاء بعد القرون الثلاثة الفاضلة، وهم أتباع السلف من الفقهاء وأهل الحديث وغيرهم، وهذا التوجيه هو الأظهر في كلام المصنف؛ لأنه قد ذكر الصحابة من قبل. ......
أهل العلم فقهاء ومحدثون
وقوله: (أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر): أما أهل الأثر: فيراد بهم أهل الحديث، الذين يعتبرون الرواية ويستدلون بها ويشتغلون بها علماً. وأما أهل الفقه والنظر فمراده بالفقهاء من يختص بهذا الاسم، وإن كانوا مقتدين مقتفين، إلا أنهم اشتغلوا بالفقه ولم يشتغلوا بالرواية على جهة العلم المختص، وهذا تقسيم شائع معروف، فإن من أهل العلم من غلب عليه الاشتغال بالرواية علماً، ومنهم من غلب عليه التفقه، وإن كان هؤلاء وهؤلاء يقال: إنهم من أهل الحديث باعتبار أنهم مقتفون متبعون، ولفظ الفقه تعبير شرعي مستعمل زمن الأئمة ومستعمل في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة.

تسمية العلماء: (أهل النظر) اصطلاح حادث
وأما التعبير بلفظ النظر، فالنظر الذي ذكر في القرآن لم يوصف به أهل الإيمان في سائر الموارد، وإنما ذكر الله سبحانه وتعالى النظر في مقام الإثبات لبعض مقامات الربوبية أو بعض مقامات الألوهية، ومنه قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الأعراف:185] . وكأن مراد المصنف بلفظ النظر، ليس اللفظ المذكور في القرآن، وإنما مراده بأهل النظر من اشتغل بهذا الوجه من التحصيل والاستدلال، وهذا المصطلح على هذا المعنى أضيف لكثير من علماء الكلام، والمتكلمون يسمون (أهل الكلام) ويسمون (النظار)، وإن كان مصطلح النظار أوسع من مصطلح المتكلمين، ولهذا يضاف إلى النظار كثيرٌ من الفقهاء، وكثيرٌ من الأصوليين إذ هم من اشتغلوا بالدلائل النظرية. بخلاف المتكلمين، فهم من اشتغلوا بالدلائل الكلامية، فسائر المتكلمين يسمون نظاراً ولا يلزم أن سائر النظار يسمون متكلمين، ومع هذا فإن الأصل أن هذا الإطلاق لم يكن معروفاً في كلام الأئمة إلا بعد حدوث الفرق والأهواء ولاسيما بعد ظهور علم الكلام، فإن هذه التسمية لم تكن مضافة لأئمة السنة والجماعة في مرحلةٍ من مراحل التاريخ، إنما كانوا يعرفون بأهل الحديث، أو يعرفون بالفقهاء أو نحو ذلك من الأسماء المأثورة. وأما (أهل النظر) فإنه من الأسماء المحدثة إذا أضيفت على هذا الوجه، ولو قال قائل: إن (أهل النظر) يفسر بما ذُكر على معنى النظر في القرآن، فيقال: حتى على هذا الوجه ليس مأثوراً، وما كان الصحابة يسمون أهل النظر ولا يسمون نظاراً، وإنما غلب هذا الاسم على من اشتغل بعلم الكلام أو انتحل شيئاً من طرقه.

عدم إشارة الطحاوي إلى ذم طريقة متكلمة الصفاتية
والمصنف في خاتم رسالته ذكر البراءة من الطرق البدعية، فذكر الطرق البدعية التي نص أئمة السلف على ذمها، كالجهمية والمعتزلة والقدرية والمشبهة كما سيأتي، لكنه لم يشر إلى ذم طريقة متكلمة الصفاتية كطريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب و أبي الحسن الأشعري ، ومن وافقهم من النظار، وإن كان قد تحقق في جمهور الجمل التي ذكرها المصنف في رسالته أن المصنف ليس على جادة الكلابية أو جادة الأشعرية بل هو في الجملة على الاقتفاء والسنة، وإن كان غلط في بعض المسائل إما لفظاً وإما لفظاً ومعنى. وهذا يشير إلى مسألة نبَّه عليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما ذكر أصحاب الأئمة؛ فقد بين أنهم من جهة الأخذ بعلم الكلام ينقسمون إلى أقسام؛ فأما من اشتغل بعلم الكلام فهذا قسم بيِّن، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ذكر أن بعض الفضلاء من أصحاب الأئمة أحمد و مالك و الشافعي و أبي حنيفة ، كانوا يذمون البدع والأهواء وكانوا معرضين عن علم الكلام، فما كانوا يشتغلون به، وكانوا يرون أن طريق السلف والأئمة أهدى وأقوم، إلا أنهم يرون هذا الطريق الذي انتحله من انتسب إلى السنة والجماعة كـابن كلاب و الأشعري طريقاً مصححاً في الجملة، وإن كان عندهم ليس راجحاً ولا فاضلاً. ومن هذا ما قرره بعض أصحاب الأئمة من أن السلف إنما ذموا علم الكلام لما فيه من الألفاظ المحدثة، كلفظ الجسم والجوهر والعرض ونحو ذلك، بل بعضهم يقول: ومثل هذا الذم معتبر بالمصلحة، قالوا: فإن المتأخرين لما كثر شقاق أهل البدع وكثر شرهم، كان لا بد لأهل السنة والجماعة من الاشتغال بهذه الطرق من باب دفع صول المخالفين، وعن هذا سوغ أبو حامد الغزالي مثلاً -مع أنه ليس من هذا الصنف بل هو منتحل لعلم الكلام مستعملٌ له- الاشتغال بعلم الكلام من هذا الوجه، قال أبو حامد في الإحياء: (وإن كان السلف ذموه إلا أن ذمهم له لحدوث ألفاظه، ومثل هذا الوجه من الذم قد يزول بالمصلحة)، وضرب مثلاً لذلك بما لو أن الكفار غزوا بلاد المسلمين فما تمكن المسلمون من ردهم إلا أن ينتحل بعض المسلمين ما هو من لباس الكفار أو ما هو من لغتهم إلى غير ذلك، فيرى أن هذا مما يتعلق بمسألة المصلحة. فـأبو جعفر رحمه الله لم يعرف أنه اشتغل بعلم الكلام، ولكن فيما يظهر والله تعالى أعلم، أنه لم يكن ذاك المباين لسائر الطرق الكلامية، أعني أنه لم يكن له نزع بيّن في الرد أو إبطال طرق متكلمة الصفاتية، ولهذا لما ذكر من بعد القرون الثلاثة الفاضلة، قال: (أهل الفقه والنظر)، فجعل النظار يدخلون في هذا الاستعمال. وقد يقول قائل: إن مراده بالنظر هنا ما هو مستعمل في كلام بعض الأصوليين، أي: أهل الفقه وأهل الأصول، وهذا صحيح، فالأصوليون الذين اشتغلوا بعلم أصول الفقه يسمون نظاراً في الجملة، لكن مع هذا فظاهر أن أبا جعفر رحمه الله ما كان يقصد إلى إسقاط وإبطال مذهب متكلمة الصفاتية بالتصريح، وإنما يستعمل في ذلك الجمل المجملة غالباً.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وعلماء, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir