دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > العقيدة الطحاوية

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #6  
قديم 5 ربيع الأول 1430هـ/1-03-2009م, 11:21 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح العقيدة الطحاوية للشيخ: يوسف بن محمد الغفيص (مفرغ)


حكم الصلاة خلف البر والفاجر من أهل القبلة
قال المصنف رحمه الله: [ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة، وعلى من مات منهم، ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً] . قوله: (ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم): أما من مات منهم فقد أجمع السلف على أن من مات من الأبرار أو الفجار فإنه يصلى عليه، مهما كان فسقه، وإن كان الإمام ابن تيمية رحمه الله ذكر مقاماً -إنما أذكره ليفقه- قال: (ومن استفاض شره وظلمه وبغيه وعدوانه، فلو تخلف عن الصلاة عليه بعض الأعيان من الأئمة أو الأكابر حتى ينزجر الناس عن مثل هذا الظلم ويكفوا عنه، وحتى لا تكون حالته سنة لمن بعده، لكان هذا من الفقه الذي يقع في قدر من الاجتهاد المأذون فيه). وهذه العبارة بينة في أن هذا لا يفعله الآحاد من الناس، وإنما قد يجتهد في مثل هذا المقام واحدٌ من الأكابر من أهل العلم والفقه،ومع هذا فإن مقام الموت ينبغي ألا يعزر الناس أو يؤدبوا في مثله، بل ينبغي أن تكون هذه المقامات محلاً لاجتماع قلوب المسلمين، والظلم قد يكف بغير هذا الوجه، وإنما ذكرت ذلك لأن البعض قد ينقل عن شيخ الإسلام أنه يجوز ترك الصلاة على من استحكم فسقه، ولم يكن هذا من رأيه البتة، بل يرى أن ترك الصلاة عليه من آحاد الناس من الفسق والتكلف الذي لم يأذن به الله، وفيه شبه بطريقة الخوارج والوعيدية. ......

التفصيل في الصلاة خلف الفاجر
وأما الصلاة خلفهم، والاقتداء بهم في الصلاة، فهذا له وجهان: أما إن كان هذا الفاجر ولياً للأمر: فإن الإجماع منعقد على أنه يصلى خلفه ولو كان فاسقاً، وأما إن كان من الآحاد فقد كره كثير من السلف الائتمام بالفاسق، وقد اختلفت الرواية عن الإمام أحمد ، والمشهور عند متأخرة الحنابلة، وهو الذي يقررونه في كتب المذهب أن الصلاة خلف الفاسق لا تصح، وهذا لا يصح في مذهب أحمد ، بل المحقق في مذهبه عند متقدمي أصحابه أنه كان يكره الصلاة خلف الفاسق، إلا إن كان ولياً للمسلمين. ولهذا صلى الإمام أحمد خلف المعتصم ، مع أن المعتصم أقل أحواله أنه فاسق، فإنه كان مظهراً لنشر البدعة والانتصار لها، وإن كان مقتدياً بأخيه، فإن أخاه ليس صاحب سنة حتى يقتدى به، وتعليله: حتى لا تسقط هيبة الخلافة..إلخ، ليس مسوغاً من جهة الشريعة، فمع فسق المعتصم إلا أن الإمام كان يرى الصلاة خلفه. وعليه فإن الصلاة خلف الفاسق: إن كان ولياً للأمر كأمير العامة ونحوه، فإن الصلاة خلفه تكون مشروعة، ومن الاقتداء الذي كان عليه السلف جمعاً للكلمة، وأما إن كان من آحاد الناس، فإن الصلاة خلفه صحيحة عند عامة السلف، ولكن كره بعض أئمة أهل الحديث الصلاة خلف الفاسق ولا سيما إذا كان إمام الحي، أي: إماماً راتباً، مع هذا كله فإنه إذا دخل المسجد، لا سيما بعد انقضاء جماعة الإمام الراتب، فوجد من عليه أمارة الفسق يصلي بقوم ممن لم تدركوا صلاة الإمام، فلا يجوز هنا بحال أن يتخلف عن الاقتداء به لما ظهر عليه من الفسق، بل يصلي خلفه، فإنه في هذه الحال ليس مختاراً لإمامته، ولا يصلي وحده، إلا إذا اجتهد على معنى آخر من الفقه، فإن الأئمة الثلاثة - مالكاً و الشافعي و أبا حنيفة - لا يرون إعادة الصلاة في المسجد، بل المشهور في مذاهب الأئمة الثلاثة، أنه إذا صلى إمام الحي ودخل من دخل فإنهم يصلون فرادى. بل حتى الحنابلة مع أنهم يرون إعادة الجماعة في المسجد إلا أن متأخريهم يقولون: إن مذهب أحمد أن ذلك مأذون فيه إلا مسجد مكة والمدينة، أي المسجد الحرام والمسجد النبوي قالوا: فإن إعادة الصلاة فيه جماعة مكروهة، ولهذا قالوا في مختصراتهم: (ولا تكره إعادة الجماعة في غير مسجد مكة والمدينة)، ولا شك أن هذا مذهب مرجوح، وأن الراجح هو أن صلاة الجماعة تعاد في أي مكان وتشرع في أي مكان، ولو صلى إمام الحي، وإن كان حديث: (من يتصدق على هذا) فيه كلام، فإن الاعتبار في هذه المسألة ليس بهذا الحديث، وإنما الاعتبار بعموم الأدلة التي شرعت صلاة الجماعة، فإنها أدلة ليس لها مخصص، وقد تتفق المذاهب الأربعة على قول ليس هو قول الجمهور من فقهاء السلف وأئمتهم، وهنا في مسألتنا هذه ظاهر مذهب أكثر السلف أنهم يرون إعادة الصلاة، وقد كانوا يصلون في رحالهم، ويصلون حيث أدركتهم الصلاة، وصلاة الجماعة مشروعة، بإجماع المسلمين، فلا يخص منها حال.

عدم الشهادة لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا بنص
قال: (ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً). أي: لا نشهد لأحد من أهل القبلة بجنة أو نار، إلا لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتقدم أن هذا إجماع، وقال بعض أهل العلم من المتقدمين: يشهد لمن استفاض ذكره، وهذا مرجوح، والراجح أن هذا مقصورٌ على شهادته صلى الله عليه وسلم.

الشرك الأكبر والشرك الأصغر
قال: [ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى] . الشرك والكفر والنفاق، مستعملة في النصوص ويراد بها الأكبر، ويستعمل الكفر أو الشرك أو النفاق ويراد به ما دون ذلك مما يجتمع مع أصل الإيمان، ولهذا فإن السلف أجمعوا على أنه يجتمع في العبد طاعة ومعصية، خلافاً للخوارج والمعتزلة، وأجمع السلف خلافاً لجماهير المخالفين من المرجئة وغيرهم أنه يجتمع في العبد كفر وإيمان، ومرادهم بالكفر هنا الكفر الذي سماه الشارع كفراً وليس هو الكفر المخرج من الملة، كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة كما في الصحيح: (اثنتان بالناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت) ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود : (أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم) ومثل هذا ليس كفراً أكبر بإجماع أهل العلم. وأيضاً الشرك، كقوله صلى الله عليه وسلم مثلاً: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) ، فإن الحلف بغير الله لا يلزم أن يكون شركاً أكبر، فقد يكون شركاً أكبر، كحال الجاهليين عندما كانوا يحلفون باللات والعزى؛ لأنهم كانوا يعظمونها التعظيم الذي لا يجب إلا لله سبحانه وتعالى، وأما أهل القبلة والإسلام إذا حلف الواحد منهم بغير الله، فإنهم في الجملة يقعون في الشرك الأصغر، وأنهم لا يقصدون بذلك أن يعظموا غير الله كتعظيمهم لله. ......

هل يقال: الشرك الأصغر؟
والشرك الأصغر هكذا يسمى عند المتأخرين، والأولى أن يقال: الشرك الذي ليس هو الشرك بالله، والكفر الذين دون كفر، وهذه العبارات هي المأثورة عن السلف، ومثله النفاق الذي ليس هو النفاق المخرج من الملة، وقد سمى له الشارع أعمالاً كقوله في حديث عبد الله بن عمرو : (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً)، وقوله في حديث أبي هريرة : (آية المنافق ثلاث) فما حدها؟

لا يطلق الشرك إلا على ما أطلق الشرع عليه ذلك
توسع بعض المتأخرين من أهل العلم فصاروا يسمون كثيراً من الكبائر شركاً؛ لأن الكبيرة تنقص تمام التوحيد، ولا شك أن هذه التسمية فيها نظر، والصواب أنه لا يسمى عمل أو قول كفراً أو شركاً أو نفاقاً إلا إذا كان الشارع قد سماه كذلك؛ لأن هذه التسمية معتبرة بالقدر والصفة، فليست معتبرة بالقدر وحده؛ لأنها لو كانت معتبرة بالقدر وحده للزم من ذلك أن العمل الذي دلت الدلائل الشرعية على أنه أعظم من هذا العمل الذي سماه الشارع نفاقاً أنه من باب أولى أن يسمى نفاقاً. مثلاً: سمى الشارع الكذب نفاقاً: (إذا حدث كذب) ، ولم يُسَمِّ قتل النفس نفاقاً، مع أن قتل النفس أعظم من الكذب، فلو اعتبرنا مسألة القدر، لقلنا من باب أولى أن يسمى قتل النفس نفاقاً، إلا أن الصفة قضاء شرعي لا يجوز الاجتهاد فيه، ولهذا لما ذكر صلى الله عليه وسلم النفاق، ذكر من الأعمال المخالفة ما هو مناسب لماهية النفاق، كالكذب والغدر والفجور في الخصومة، ونحو ذلك. وأيضاً سمى إباق العبد كفراً، لكن لو أن العبد قتل نفسه ما سماه الشارع كفراً، مع أنه سمى مقاتلة المسلمين بعضهم لبعض كفراً كما قال في حديث أبي بكر و عمر : (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) ، ومن حديث ابن مسعود : (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) ، وقتل النفس أعظم من قتل الغير، فقد قال عليه الصلاة والسلام فيمن قتل نفسه: (خالداً مخلداً فيها أبداً) ، وإن كان هذا الحرف -أبداً- ليس محفوظاً كما ذكره الإمام الترمذي ، وإن أخرجه الشيخان.

الشرك الأصغر أعظم من كبائر الذنوب بالجنس لا بالآحاد
يشكل على بعض طلاب العلم أحياناً أن يقع في كلام بعض أهل العلم من أهل السنة، أن يقولوا: إن الشرك الأصغر أعظم من كبائر الذنوب، وإنما سماه الشارع كفراً لكونه أعظم من غيره مما لم يسمه كفراً، وهذا باعتبار الجنس، وليس باعتبار الآحاد، فإنك لا تستطيع أن تقول: إن إباق العبد أعظم عند الله من قتل النفس، أو إن إباق العبد، أعظم من زنا هذا العبد بموليته، أو بحليلة جاره أو نحو ذلك، فإن غاية الإباق أنه فوات لشيء من المال وإن سعي كفراً، والقصد أنه لا يلزم أن الذنب إذا سماه الشارع كفراً أن يكون أعظم من سائر الذنوب، وإنما هذه الجملة إذا عبر بها بعض من أهل السنة فمرادهم الجنس، وقول ابن مسعود : (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أحلف بغيره صادقاً)، صحيح، لكن لا يلزم أن يكون هذا مطرداً في كل ما سماه الشارع نفاقاً، فتقول: إن الكذب أعظم من الزنا، وإنما يعتبر الأمر إذا أمكن بالجنس وليس بسائر الآحاد على الإطلاق.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ونرى, قوله

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir