دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 6 جمادى الأولى 1438هـ/2-02-2017م, 01:37 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

رسالة في تفسير قوله تعالى :{ واصبر نفسَكَ مع الذين يدعونَ ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناكَ عنهم تريدُ زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطعْ من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطًا }

في هذه الآية بيانٌ لفريقين من الناس ، وأمرٌ للنبي صلى الله عليه وسلم - والأمةُ تبعٌ له - بلزومِ أحدهما ، ونهي عن اتباعِ الآخر.
أمرٌ بلزومِ فريق الصالحين الذين يذكرون الله في جميع أحوالهم ، مخلصين له في ذلك ، ونهي عن اتباع فريق غفل عن ذكر الله ، وكان إلهه هواه ، وأسرف في الضلال حتى هلك !
فريقٌ عدته الإخلاص لله عز وجل : { يريدون وجهه } ، وفريق معه زينة الحياة الدنيا : { ولا تعد عيناك عنهم تريدُ زينة الحياة الدنيا } ، أي تنصرف عن الصالحين تريد الشرف والفخر عند الآخرين.
وما أعظم بلاغة القرآن حين جاء الأمر بقوله { واصبِر نفسَك } لبيان أهمية ملازمة من كانت هذه صفتهم { يدعون ربهم بالغداةِ والعشي يريدون وجهه } حتى وإن كان بهم من الصفات ما تكرهه النفس من الضعف أو الفقر ، فإن ما معهم من ذكر الله والإخلاص له كفيلٌ بأن يجعلهم مقدمين في الصحبة والولاية.
وقوله : { بالغداة والعشي } يدل على أنهم ملازمون لهذه الحال ، وتخصيصه لهم بقوله { يريدون وجهه } بيان لأن المعول على إخلاصهم لله ؛ فليس كل من كان سمته الصلاح كان مخلصًا ، بل كثيرًا ما يقع الشر بتقديم غير المخلصين وتمكينهم زمام الأمور.
وقوله { ولا تعد عيناك عنهم } : جاءت " عيناك " مرفوعة بيانًا لأن الفعل موجه إلى العينين ففيها قيدٌ آخر ، فليس الأمر مجرد صحبتهم ولكن ألا ينصرف ببصره عنه إلى غيرهم ، قال الزجاج : " لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الهيئات والزينة ".

ثم جاء بعد ذلك بيان الفريق الآخر وصفاته وهذا من بلاغة القرآن أن يبين الشيء وضده ؛ فيرغب في الخير ويرهب من اتباع الشر ، قال سبحانه :{ ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرُطا }
فجمعوا بذلك الشر كله :
1: الغفلة عن ذكر الله.
2: اتباع الهوى :قال تعالى { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين }
3: { وكان أمره فرُطا }
قال ابن القيم في الوابل الصيب : "ومعنى الفرط فسر بالتضييع ، أي أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه : ضائع قد فرط فيه ، وفسر بالإسراف ، أي قد أفرط ، وفسر بالإهلاك وفسر بالخلاف للحق ، وكلها أقوال متقاربة"
فكيف لنا بأن نتبع من كانت هذه صفتهم ومن كان عاقبة أمرهم الهلاك والضياع !
هل يغرنا أن معهم { زينة الحياة الدنيا }
فما هي إلا زينة لا تلبث أن تنكشف حقيقتها ، وما هي إلا " دنيا " لا تلبث أن تنقضي ثم لا نجد أثرًا لتلك اللذة إلا الحسرة والخسران ، والعياذ بالله.

وعلى العكس فإن عاقبة ملازمة الصالحين المخلصين لله عز وجل - وإن كانوا في بادئ الأمر من الضعفاء أو الفقراء - الفوز والفلاح ، وبهم تقوى الجماعة المؤمنة وتتغلب على أعدائهم.
وقد عاب الكفار على نوحٍ - عليه السلام - أن اتباعه من الضعفاء فقالوا : {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين } ( سورة هود : 27 )
فكان عاقبتهم أن غرقوا في الطوفان ، ونجا هؤلاء الضعفاء بأمر الله.
وقال تعالى ممتنا على المؤمنين : { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون } ( آل عمران : 123 )
نصرهم لأنهم أخلصوا لله سبحانه ، { إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ( آل عمران : 160 )

فاللهم ارزقنا صحبة الصالحين والإخلاص لوجهك الكريم.


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, على

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir