س1: اذكر الصحابة والتابعين الذين عرف عنهم قراءة كتب أهل الكتاب.
من الصحابة الذين قرؤوا كتب أهل الكتاب:
- عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي، من ذرية يوسف بن يعقوب بن إبراهيم عليهم السلام، وكان حبراً من أحبار اليهود، ومن أهل بيت ذوي علم، أسلم في مقدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة، وتوفي سنة ثلاثٍ وأربعين للهجرة، رضي الله عنه.
- سلمان الفارسي الرامهرمزي، من علماء الصحابة وحكمائهم، أسلم وهو رقيق عندما قدم رسول الله – صلى الله عليه وسلم المدينة، وقصة إسلامه عجيبة، توفي سنة ستٍ وثلاثين للهجرة، رضي الله عنه.
- عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، اشتهر عنه أنه أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب، وتعلَّم السريانية، فكان يقرأ في تلك الكتب ويحدث منها، توفي سنة خمس وستين للهجرة، رضي الله عنه.
من التابعين الذين قرؤوا كتب أهل الكتاب:
- كعب بن ماتع الحميري، من أحبار اليهود، أدرك زمان النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو كبير، ولم يلقه، وأسلم في عهد أبي بكر، وقيل في عهد عمر، وتوفي سنة اثنين وثلاثين للهجرة.
- هلال الهجري، من عرب الحيرة، ممن كان يترجم بين العرب والفرس، وكان ترجمان الصحابة في القادسية.
- أبو الجلد جيلان بن فروة الجوني الأسدي، قرأ التوراة، وربما سأله ابن عباس عن بعض ما فيها، توفي سنة سبعين للهجرة.
- نوف بن فضالة البكالي الحميري، ابن امرأة كعب الأحبار، قرأ كتب أهل الكتاب، وتعلم من زوج أمه، توفي في نحو خمس وتسعين للهجرة.
- تبيع بن عامر الكلاعي الحميري، ابن امرأة كعب الأحبار، أدرك زمان النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولم يسلم إلا في عهد أبي بكر، توفي في السنة الحادية بعد المائة من الهجرة النبوية.
- مغيث بن سميّ الأوزاعي، كان أخبارياً صاحب كتبٍ، توفي في السنة الخامسة بعد المائة من الهجرة تقريباً.
- وهب بن منبه بن كامل بن سيج بن ذي كبار اليماني، من أبناء الفرس الذين أرسلهم كسرى إلى اليمن، وكان من أشرافهم، توفي في السنة العاشرة بعد المائة من الهجرة.
- ناجية بن كعب الأسدي.
س2: بيِّن طبقات المفسرين في عصر التابعين.
المشتغلون بالتفسير من التابعين كانوا على طبقات أربع:
الطبقة الأولى: أئمة أهل التفسير:
وهم الأئمة الثقات من التابعين الذين اعتنوا بالتفسير على طريقة الصحابة رواية ودراية، وهم أكثر من يروى عنه التفسير في كتب التفسير المسندة، موا يروى عنهم منه ما هو من أقوالهم، ومنه ما هو من مروياتهم، وقد يدخل في بعض ذلك الخطأ أحياناً، وفيما يلي ذكر بعضٍ منهم، وهم متفاضلون في الدراية والرواية:
محمد بن الحنفية، وعَبيدة السلماني، ومسروق بن الأجدع، وأبو العالية الرياحي، والربيع بن خثيم، ومرة الهمداني، وشريح القاضي، والأسود النخعي، وعلقمة بن قيس، وزر بن حبيش، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، خارجة بن زيد، وغيرهم كثير.
الطبقة الثانية: الثقات من نقلة التفسير:
وهم الأئمة الذين رووا تفاسير الصحابة وكبار التابعين، وأدُّها كما سمعوها، ورواياتهم مما يحتج به في الجملة، ولا تكاد تجد لهم أقوال في التفسير منسوبة إليهم، ومن هذه الطبقة:
سعيد بن نمران، وعبد الرحمن الصنابحي، وحسان بن فائد، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، والربيع بن أنس البكري، وأبو حازم سلمة بن دينار، وغيرهم.
الطبقة الثالثة: من تُكُلِّم فيه من النقلة في التفسير:
وهم الذين ينقلون الأقوال التفسيرية، وتنقل عنهم أقوالهم، لكن تكلم فيهم أهل الحديث؛ لكثرة خطئهم في الرواية، إما بسبب تحديثهم عن المجاهيل وكثرة الإرسال، أو لروايتهم بعض الأخبار المنكرة المخالفة لروايات الثقات، أو لتدليسهم، فكانت في مروياتهم ما يؤخذ عليها فلا تعتمد، لكن لبعضهم أقوال حسنة معتبرة، ويرد عليها الصواب والخطأ، كما يرد في مروياتهم ما يعرف وما ينكر.
ومن هؤلاء:
- الحارث بن عبد الله الهمداني، المتوفى في الخامسة والستين من الهجرة، قال عنه ابن حبان: كان غالياً في التشيع، واهياً في الحديث.
- أبو صالح باذام مولى أم هانئ، المتوفى في الثانية والتسعين للهجرة تقريباً، قال عنه ابن معين: ليس به بأس، وإذا روى عنه الكلبي فليس بشيء.
- شهر بن حوشب الأشعري، المتوفى سنة مائة للهجرة، قال عنه ابن حجر: صدوق كثير الإرسال والأوهام.
- عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي المتوفى في السنة الحادية عشرة بعد المائة من الهجرة، قال عنه أحمد: ضعيف الحديث.
- إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكبير، المتوفى في السنة السابعة والعشرين بعد المائة للهجرة، رجل صالح في نفسه، كان يعظ ويفسر القرآن، لكنه كان يخلط الصحيح بالضعيف من غير تمييز.
الطبقة الرابعة: ضعفاء النقلة:
وهم الذين غلبت المناكير على مروياتهم، وكثرت أخطاؤهم في الرواية، وقد يكون منهم من هو صالح في نفسه، لكنه لا يقيم الحديث، وهذه الطبقة ليسوا على درجة واحدة في الضعف، ومنهم:
- علي بن زيد بن جدعان، المتوفى في السنة الحادية والثلاثين بعد المائة، قال عنه الإمام أحمد ليس بالقوي.
- يزيد بن أبان الرقاشي، المتوفى في السنة الخامسة والعشرين تقريباً بعد المائة للهجرة، قال عنه أبو داود: لا يكتب حديثه.
- أبو هارون عمارة بن جوين العبدي، المتوفى في السنة الرابعة والثلاثين بعد المائة للهجرة، قال عنه أحمد: ليس بشيء.
- عبد الله بن يزيد بن آدم الدالاني الدمشقي المتوفى في السنة الخامسة والأربعين بعد المائة للهجرة، قال عنه أحمد: أحاديثه موضوعة.
اكتب عن سيرة اثنين من التابعين، مبيِّناً ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري:
هو الإمام العابد الزاهد المخبت، من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يرَ النبي – صلى الله عليه وسلم -، نزل الكوفة، وصحب ابن مسعود، وتعلم من علمه وهديه ودلِّه وسمته، وحصَّل خيراً كثيراً.
كان ابن مسعود إذا رآه مقبلاً قال: "(بشر المخبتين)، أما والله لو رآك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأحبك". رواه ابن أبي شيبة.
كان الربيع ثقة، جليل القدر، كبير الشأن في التابعين، من العلماء الحكماء، عظيم الزهد في الدنيا، ناصحاً للمسلمين، بصيراً بأمر دينه.
كان له أخبار وآثار اعتنى السلف بتدوينها وروايتها، فمن ذلك:
- قال عنه إبراهيم التيمي: "أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاماً أنه ما سمع منه كلمة تعاب". رواه ابن سعد، وابن أبي شيبة.
- ذكر عنه سعيد بن مسروق: أنه سُرق له فرس، وقد أعطى به عشرين ألفاً، فاجتمع عليه حيُّه وقالوا: ادع الله عليه، فقال: "اللهم إن كان غنيّاً فاغفر له، وإن كان فقيراً فأغنه".
- ذكر الأعمش عمَّن حدثه أن الربيع مرَّ بالحدادين فنظر إلى الكير وما فيه فخرَّ مغشياً عليه، إذ كان شديد الخشية.
- كان حريصاً على تحقيق الإخلاص معتنياً به، قالت سرّيّته: "كان الربع يدخل عليه الداخل، وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطيه". رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
- كان يبكي حتى تبتل لحيته من دموعه، ويقول: "أدركنا قوماً كنا في جنبهم لصوصاً". رواه ابن سعد.
وكان له – رحمه الله – وصايا مأثورة، وحكم مشهورة، فمن ذلك:
- قوله: "كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل". رواه ابن سعد.
- لما قيل له: ما نراك تذم أحداً، قال: "ما أنا على نفسي براضٍ فأتفرغ من ذمي إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله على ذنوب العباد، وأمنوا على ذنوبهم". رواه ابن أبي شيبة.
- وصيته لبكر بن ماعز، حيث قال: "يا بكر، اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس على ديني، أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، ما خيركم اليوم بخير، ولكنه خير من آخر شر منه، ما تتبعون الخير كل اتباعه، ولا تفرون من الشر حق فراره، ما كل ما أنزل الله على محمد – صلى الله عليه وسلم – أدركتم، ولا كل ما تقرؤون تدرون ما هو، السرائر اللاتي يخفين على الناس هن لله بوادٍ، ابتغوا دواءها! وما دواؤها؟ أن تتوب ثم لا تعود".
- لما سأله نسير عن الصلاة الوسطى، قال: "أرأيت إن علمتها كنت محافظاً عليها ومضيعاً سائرهن؟ قال: لا، فقال: "فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها".
روى عن ابن مسعود، وروى عنه: الشعبي، وسعيد بن مسروق، وبكر بن ماعز، وأبو رزين وغيرهم.
من مروياته في التفسير:
ما رواه منصور بن المعتمر، عن أبي رزين، عن الربيع: في قوله تعالى: (فليضحكوا قليلاً)، قال: في الدنيا، (وليبكوا كثيراً)، قال: في الآخرة. رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير.
توفي في السنة الحادية والستين للهجرة، رحمه الله رحمة واسعة.
وهذه السيرة العطرة تفيد قارئها فوائد جمَّة، منها:
- إدراك ما عليه السلف الصالح من الخوف والتعظيم لله، والورع والخشية والإنابة.
- قيمة الحرص على إخفاء العمل، فذاك أدعى للإخلاص، وهو ما فرط فيه البعض في هذه الأزمان.
- مهما بلغ اجتهاد المرء في الطاعة، فلا يعجن بعمله، ولا يحسن الظن بنفسه!
سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي:
الفقيه العالم الثبت الثقة، إمام المسلمين في زمانه.
ولد في خلافة عمر بن الخطاب، وأدرك كثيراً من الصحابة.
تلقيه للعلم:
سمع من عمر بن الخطاب شيئاً يسيراً لصغر سنه، ثم اعتنى بعد بحفظ ما يبلغه من فقه عمر وأقضيته.
أخذ عامة علمه عن زيد بن ثابت وأبي هريرة، فحمل عنهما علماً كثيراً؛ إذ كان زيد من أفقه أهل المدينة، وأعلمهم بالقرآن والأحكام والقضاء، وكان أبو هريرة من أعلمهم بالحديث وأحفظهم له، فاجتمع له منهما علم غزير على حين وفرة الصحابة في المدينة، وأخذ عن جماعة آخرين من الصحابة – رضي الله عنهم -.
مكانته العلمية:
- كان شابّاً نجيباً حريصاً على العلم، حسن الفهم، قوي الحفظ.
- قال عنه علي بن المديني: "لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، هو عندي أجل التابعين".
- قال عنه يحيى بن سعيد: "يقال: ابن المسيب راوية عمر"، قال الليث بن سعد: "لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته".
- أفتى في حضرة الصحابة، وكان من الصحابة من يسأله لعلمه وحفظه.
- كان من أعبر الناس للرؤى، وله في ذلك أخبار كثيرة.
- له مرويات كثيرة في كتب التفسير، من أقواله، ومما يرويه عن بعض الصحابة والتابعين.
- له مراسيل أرسلها عن النبي – صلى الله عليه وسلم – هي من أجود المراسيل، وقد صححها بعض أهل العلم، واحتجوا بها،والراجح اعتبارها في الشواهد والمتابعات، دون الاحتجاج بها.
- كان على سعة علمه يتوقى القول في القرآن برأيه إذا لم يكن لديه فيه علم حاضر، فكان إذا سئل عن القرآن قال: "إنا لا نقول في القرآن شيئاً"، وقال عنه يزيد بن أبي يزيد: "كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع". رواه ابن جرير.
روى عن عمر وعثمان وعلي وعائشة وسعد بن أبي وقاص وأبي بن كعب وأبي هريرة وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن عمر وجابر وأنس وابن عباس وأبي سعيد الخدري – رضي الله عنهم أجمعين -.
وروى عن كعب الأحبار بعض الإسرائيليات.
روى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري، وسالم بن عبد الله، وقتادة، وغيرهم.
من مروياته في التفسير:
- قال في قوله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم): صلاتكم نحو بيت المقدس. رواه ابن جرير.
- في قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)، قال: ذوات الأزواج؛ ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا. رواه ابن المنذر.
- في قوله تعالى: (عتل بعد ذلك زنيم)، قال: هو الملصق في القوم ليس منهم. رواه ابن وهب.
وهذه السيرة الماتعة لهذا التابعي الجليل تبعث في النفس أموراً منها:
- الحرص على طلب العلم.
- تعظيم القول في القرآن.