شرح دروس البلاغة الكبرى لفضيلة الدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (وأما النهي فهو طلب الكف عن الفعل على وجه الاستعلاء).
الشيخ: كما أشرت آنفاً :أن ألوان الإنشاء تصدر بطلب ,وهناك في الأمر طلب الفعل، وهنا طلب الكف عن الفعل، وأيضاً على وجه الاستعلاء ما يقال عن النهي هنا ما قيل عن الأمر هناك، ولذلك جمع البلاغيون بين الأمر والنهي لاشتراكهما في أشياء كثيرة في مسألة الأغراض ,وهناك اتفاق في عدد كثير من الأغراض التي تصلح للأمر وممكن تصلح للنهي، الفرق طبعاً في الجانب النحوي أن الأمر له أربع صيغ ,وأن النهي له صيغة واحدة فحسب، وما قبل عن قضية وجه الاستعلاء ,والعلاقة بين المتكلم والمتلقي والمتكلم والمخاطب هي نفسها الحالات الثلاث التي تقال عن الأمر وتقال عن النهي أيضاً .
القارئ: (وله صيغة واحدة: المضارع مع لا الناهية كقوله تعالى: { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها }.
الشيخ: فعل النهي يتحقق عن طريق صيغة واحدة فحسب هي الفعل المضارع المسبوق بلا الناهية التي اتصلت به لا الناهية مباشرة وسبقته ودخلت عليه، فهي التي تحقق له في هذه الحالة أسلوب النهي، لا يمكن أن يكون هناك صيغاً أخرى للنهي إلا الصيغ التي تكون عن طريق ألفاظ فيها يعني مثلاً: (أنهاك أن تفعل كذا) أو (أطلب ألا تفعل كذا) (ألا تفعل) موجودة فيها اللام، لكن (لاأنهاك عن) هنا طبعاً (أنهاك) فعل أمر ,لكن ليس هذا هو المقصود, المقصود بالنهي: الصيغة التي تتحقق عن طريق الفعل المضارع المسبوق بلا الناهية.