دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب العدد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 جمادى الآخرة 1431هـ/24-05-2010م, 01:33 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي 5- من ارتفع حيضها ولم تدر سببه

(الخامسةُ ): ( مَن ارْتَفَعَ حَيْضُها ولم تَدْرِ سَبَبَهُ )
فعِدَّتُها سَنَةٌ: تِسْعَةُ أشهُرٍ للحَمْلِ وثلاثةٌ للعِدَّةِ، وتَنْقُصُ الأمةُ شَهْرًا، وعِدَّةُ مَن بَلَغَتْ ولم تَحِضْ والمستحاضَةِ الناسيةِ والْمُسْتَحَاضَةِ الْمُبْتَدَأَةِ ثلاثةُ أَشْهُرٍ، والأَمَةِ شَهرانِ، وإن عَلِمَتْ ما رَفَعَه من مَرَضٍ أو رَضاعٍ أو غيرِهما فلا تَزالُ في عِدَّةٍ حتى يَعودَ الْحَيْضُ فتَعْتَدَّ به أو تَبْلُغَ سنَّ الإياسِ فتَعْتَدَّ عِدَّتَه.


  #2  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:38 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.......................

  #3  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:39 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(الخامسةُ) مِن المُعْتَدَّاتِ: (مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها، ولم تَدْرِ سَبَبَهُ)؛ أي: سببَ رفعِه، (فعِدَّتُها) إنْ كانَتْ حُرَّةً (سَنَةٌ: تِسْعَةُ أشهرٍ للحملِ)؛ لأنَّها غالبُ مُدَّتِهِ، (وثلاثةُ) أَشْهُرٍ (للعِدَّةِ).
قالَ الشافعيُّ: هذا قضاءُ عمرَ بينَ المُهاجِرِينَ والأنصارِ، لا يُنْكِرُهُ منهم مُنْكِرٌ عَلِمْنَاهُ. ولا تَنْقُصُ العِدَّةُ بعَوْدِ الحيضِ بعدَ المُدَّةِ، (وتَنْقُصُ الأَمَةُ) عن ذلكَ (شَهْراً)، فعِدَّتُها أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً، (وعِدَّةُ مَن بَلَغَتْ ولم تَحِضْ)؛ كآيِسَةٍ؛ لِدُخُولِها في عُمُومِ قولِهِ تعالَى: {وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ}.
(و) عِدَّةُ (المُسْتَحَاضَةِ الناسيةِ) لِوَقْتِ حَيْضِها كآيسةٍ، (و) عِدَّةُ (المُسْتَحَاضَةِ المُبْتَدَأَةِ) الحُرَّةِ (ثلاثةُ أَشْهُرٍ، والأَمَةِ شَهرانِ)؛ لأنَّ غالبَ النساءِ يَحِضْنَ في كلِّ شهرٍ حَيْضَةً، (وإنْ عَلِمَتْ) مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُها (ما رَفَعَه؛ مِن مَرَضٍ أو رَضاعٍ أو غيرِهما، فلا تزالُ في عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الحيضُ، فتَعْتَدُّ به)، وإنْ طالَ الزمنُ؛ لأنَّها مُطَلَّقَةٌ لم تَيْأَسْ مِن الدَّمِ، (أو تَبْلُغُ سِنَّ الإياسِ) خمسينَ سنةً، (فتَعْتَدُّ عِدَّتَهُ)؛ أي: عِدَّةَ الإياسِ؛ أي: عِدَّةَ ذاتِ الإياسِ، ويُقْبَلُ قولُ زوجٍ: إنَّه لم يُطَلِّقْ إلاَّ بعدَ حيضٍ أو وِلادةٍ أو في وقتِ كذا.


  #4  
قديم 16 جمادى الآخرة 1431هـ/29-05-2010م, 10:40 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(والخامسة) من المعتدات (من ارتفع حيضها ولم تدر سببه) أي سبب رفعه([1]) فعدتها إن كانت حرة (سنة تسعة أشهر للحمل)([2]) لأنها غالب مدته([3]) .
(وثلاثة) أشهر (للعدة)([4]) قال الشافعي: هذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار، لا ينكره منهم منكر علمناه([5]) ولا تنقض العدة بعود الحيض بعد المدة([6]).
(وتنقص الأمة) عن ذلك (شهرا)([7]).
فعدتها أحد عشر شهرا([8]) (وعدة من بلغت ولم تحض) كآيسة([9]) لدخولها في عموم قوله تعالى: {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ}([10]) (و) عدة (المستحاضة الناسية) لوقت حيضها كآيسة([11]) (و) عدة (المستحاضة المبتدأة) الحرة (ثلاثة أشهر([12]) والأمة شهران)([13]) لأن غالب النساء يحضن في كل شهر حيضة([14]).
(وإن علمت) من ارتفع حيضها (ما رفعه من مرض، أو رضاع، أو غيرهما([15]) فلا تزال في عدة، حتى يعود الحيض فتعتد به) وإن طال الزمن، لأنها مطلقة لم تيأس من الدم([16]) (أو تبلغ سن الإياس) خمسين سنة (فتعتد عدته) أي عدة ذات الإياس([17]).
ويقبل قول زوج: أنه لم يطلق إلا بعد حيض، أو ولادة، أو في وقت كذا([18]).


([1]) وقد كانت قبل معتادة.
([2]) قال ابن عباس: لا تطولوا عليها الشقة، كفاها تسعة أشهر.
([3]) أي مدة الحمل، فإذا مضت فقد علم براءة رحمها ظاهرا.
([4]) وهي عدة الآيسات كما تقدم.
([5]) وهو قول مالك، ولأن الغرض بالاعتداء براءة رحمها، وهذا يحصل به براءة رحمها، فاكتفي به، ولما عليها في تطويل العدة من الضرر، وأما العدة بعد التسعة، فلأن عدة الشهور، إنما تجب بعد العلم ببراءة الرحم من الحمل.
([6]) لأن عدتها انقضت، وحكم بصحة نكاحها، فلم تبطل، كما لو اعتدت الصغيرة بثلاثة أشهر، وتزوجت ثم حاضت.
([7]) بناء على أن عدتها شهران، وأما مدة الحمل، فتساوى فيها الحرة والأمة.
([8]) وعلى القول بأن عدتها نصف عدة الحرة، فتكون عدتها عشرة أشهر ونصفا، وإن عتقت الأمة الرجعية بنت على عدتها حرة، وإن كانت بائنا بنت على عدة أمة؛ قال في الإنصاف: بلا نزاع.
وإن عاد الحيض في السنة، لزم الانتقال إلى القرء، لأن الأصل، وبطل حكم البدل، وبعد مضيها فلا، للحكم بصحة انقضاء العدة.
([9]) أي كعدة آيسة ثلاثة أشهر.
([10]) وهذه من اللائي لم يحضن، ولأن الاعتبار بحال عادتها، ولا تمييز لها.
([11]) أي كعدة آيسة، والناسية لوقته، كمن جهلت، هل تأتيها حيضتها في الشهر مرة أو مرتين، فإن كانت عادتها، تأتيها في الشهر مرتين، واستحيضت فعدتها شهر ونصف، وإن كان لها عادة، أو تمييز عملت به، إن صلح حيضا.
([12]) لأمره صلى الله عليه وسلم لحمنة «أن تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة»، فجعل لها حيضة من كل شهر.
([13]) وعلى القول الثاني: المرجح شهر ونصف نصف عدة الحرة.
([14]) كما هو معلوم من حالهن، ويؤيده قصة حمنة.
([15]) كنفاس، قال الشيخ: في المرضعة، تبقى في العدة حتى تحيض ثلاث حيض فإن أحبت أن تسترضع، لولدها، لتحيض هي، أو تشرب دواء، أو نحوه تحيض به، فلها ذلك.
([16]) فلا تزال في عدة، حتى يعود الحيض، فتعتد به هذا المذهب.
([17]) وقالوا: لأنها آيسة، أشبهت سائر الآيسات، وقال الموفق: الصحيح أنها متى بلغت الخمسين فانقطع حيضها عن عادتها مرات لغير سبب فقد صارت آيسة، وعنه: تنتظر زواله، ثم إن حاضت اعتدت بهن وإلا اعتدت سنة ذكره المروزي، عن مالك ومن تابعه، منهم الإمام أحمد، وصوبه في الإنصاف وعنه: إذا زال المانع ولم تحض، فتعتد سنة، كالتي ارتفع حيضها، ولم تدر سببه اختاره الشيخ: واختاره أيضا أنها إن علمت عودة فكآيسة، وإلا اعتدت سنة.
وإن آيست ذات الأقراء في عدتها، انتقلت إلى عدة الآيسة، وإن رأت الدم بعد الخمسين على العادة، التي كانت تراه فيها، فهو حيض، لأن دليل الحيض، الوجود في زمن الإمكان، وهذا يمكن وجود الحيض فيه، وإن كان نادرا، قال في الإنصاف: وهذا الصواب الذي لا شك فيه، وتقدم قول الشيخ: لأحد لأكثر سن الحيض.

([18]) حيث لا بينة لها، لأنه يقبل قوله في أصل الطلاق، وعدده، فكذا في وقته، ولان ذلك يرجع إلى الاختلاف، في بقاء العدة، وهو الأصل.


  #5  
قديم 1 جمادى الأولى 1432هـ/4-04-2011م, 12:09 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

الْخَامِسَةُ : مَن ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَدْرِ سَبَبَهُ، فَعِدَّتُهَا سَنَةٌ، تِسْعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَثَلاَثَةٌ لِلْعِدَّةِ، وَتَنْقُصُ الأَمَةُ شَهْراً، وَعِدَّةُ مَنْ بَلَغَتْ وَلَمْ تَحِضْ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ، وَالْمُسْتَحَاضَةِ الْمُبْتَدَأَةِ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، وَالأَمَةُ شَهْرَانِ، وإنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلاَ تَزَالُ فِي عِدَّةٍ حَتى يَعُودَ الْحَيضُ، فَتَعْتَدَّ بِهِ، أَوْ تَبْلُغَ سِنَّ الإِيَاسِ فَتَعْتَدَّ عِدَّتَهُ،......................
قوله: «الخامسة: من ارتفع حيضها ولم تدرِ سببه» أي: هي من ذوات الحيض، ولكنه ارتفع حيضها، وهذه تنقسم إلى قسمين:
الأول : من ارتفع حيضها ولم تدرِ سببه.
والثاني : من ارتفع حيضها وعلمت سببه.
أما من ارتفع حيضها ولم تدرِ ما سببه فيقول المؤلف:
«فعدتها سنة، تسعة أشهر للحمل، وثلاثة للعدة» يعني امرأة من ذوات الحيض، عمرها ثلاثون سنة، ما بلغت سن اليأس، ارتفع حيضها، فطلقها زوجها، وهي في هذه الحال، فتعتد سنة؛ لأن ذلك هو الذي روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقضى به بين الصحابة رضي الله عنه ولم ينكر عليه[(170)]، هذا من حيث الاستدلال بالأثر، أما النظر فلاحتمال أنها حامل تعتد تسعة أشهر؛ لأن ذلك غالب الحمل، ولاحتمال أنها آية تعتد ثلاثة أشهر؛ لأن عدة الآيسة والتي لم تحض ثلاثة أشهر، فتعتد اثني عشر شهراً من فراق زوجها لها، وهذا من باب الاحتياط.
فإن قال قائل: إذا تبين بعد تسعة خلو الرحم، فلماذا لا نقول تسعة أشهر يكفي، ويدخل فيها ثلاثة أشهر؟
نقول: لأننا لم نحكم بخلو الرحم إلا بعد تسعة أشهر، وحينئذٍ تستأنف العدة ثلاثة أشهر.
فإذا قال قائل: بعد تقدم الطب، ألا يمكن أن يكشف عليها؟ الجواب: بلى، فإذا كشف عليها، وعلمنا أن رحمها خالٍ، فحينئذٍ تعتد بالأشهر، لكن الأولى اتباع السلف في هذه المسألة، وهو أحوط أن تعتد بسنة كاملة، وهذا الحكم لمن فورقت في الحياة، أما المفارقة في الوفاة فقد علمنا فيما سبق أنها ما لها إلا حالان فقط، أن تكون حاملاً فعدتها بوضع الحمل، أو غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشر، لكن كلامنا فيمن فورقت في الحياة وارتفع حيضها، ولم تدرِ ما رفعه، فتعتد سنة كاملة.
قوله: «وتنقص الأمة شهراً» لأن عدتها بالأشهر شهران، فيكون لها تسعة أشهر للحمل وشهران للعدة، ولماذا لا نقول: إنها في الحمل نصف الحرة؟ الجواب: أن الحمل أمر طبيعي، لا يختلف فيه النساء، فالحرائر والإماء كلهن غالب الحمل عندهن تسعة أشهر، والمبعضة تزيد على أحد عشر شهراً بقدر ما فيها من الحرية، ويجبر الكسر على حسب ما مضى، ولنفرض أن المرأة فعلت ذلك واعتدت بسنة، ثم بعد تمام السنة جاءها الحيض، هل تعود إلى الحيض؟ الجواب: لا؛ لأنها انتهت العدة، أما لو عاد الحيض قبل تمام السنة، فإنها تنتقل إليه ابتداء من جديد، فتعتد بثلاث حيض.
فصارت هذه المرأة التي ارتفع حيضها تعتد بسنة، ثم إن عاد الحيض قبل تمام السنة اعتدت به، وإن تمت السنة لم تلتفت إليه، ولو عاد إليها؛ لأن العدة انتهت وبانت من زوجها.
قوله: «وعدة من بلغت ولم تحض» عدة من بلغت ولم تحض ثلاثة أشهر؛ لعموم قوله تعالى: {وَاللاََّّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] ، فهو عام حتى لو فرض أن هذه المرأة لها ثلاثون سنة، ولم يأتها الحيض فإنها تعتد بثلاثة أشهر، وإن قدر أن لها ثماني سنوات وفارقها زوجها فلا عدة عليها؛ لأنها ليست ممن يوطأ مثلها.
قوله: «والمستحاضة الناسية» أي: فعدتها ثلاثة أشهر، والمستحاضة هي التي أطبق عليها الدم، أو كان لا ينقطع عنها إلا يسيراً، ولهذا لم يقُل: حاضت، بل قيل: استحاضت؛ لأن السين والتاء للمبالغة والزيادة، فهذا الحيض الذي هو سيلان الدم زاد عليها، ولهذا سميناها استحاضة؛ لكثرة الدم وطول مدته، والاستحاضة مرض من الأمراض لكنه يعتاد النساء كثيراً، وهو كما قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: «عرق [(171)] وركضة شيطان» [(172)]، قال العلماء: إنه عرق ينبثق من أدنى الرحم، والحيض من قاع الرحم، وركضة من الشيطان؛ لأجل أن يفسد على المرأة عبادتها، ويوقعها في شك وحيرة، وهذا أمر ما نعلمه إلا بطريق الوحي، وهذه الاستحاضة التي تأتي المرأة لا تخلو من ثلاث حالات:
الأولى : أن تكون معتادة، فتجلس عادتها ثم تغتسل وتصلي، وتفعل كما تفعل الطاهرات.
الثانية : أن لا يكون لها عادة أو تنسى عادتها ولكن لها تمييز، فترجع إليه، فينظر إلى علامات دم الحيض، وهي ثلاث ذكرها العلماء، وذكر بعض الأطباء علامة رابعة، فالعلامات الثلاث: هي السواد، والثخونة، والإنتان ـ أي: الرائحة الكريهة ـ فدم الحيض أسود، منتن، ثخين، ودم الاستحاضة أحمر رقيق لا رائحة له، فهذا تمييز بيِّن، والفرق الرابع ذكره بعض الأطباء المعاصرين، قال: إن دم الحيض لا يتجمد ودم الاستحاضة يتجمد، وعلل ذلك بأن دم الحيض كان في الرحم متجمداً ثم انطلق، فلا يعود إليه التجمد مرة أخرى، بخلاف دم الاستحاضة فإنه دم يخرج من العرق فهو كسائر الدماء، والدم الذي يخرج من العروق يتجمد.
فإذا كانت عادتها غير مطردة، أو نسيتها مثلاً، أو جاءتها الاستحاضة من ابتداء الأمر، فإنها تعمل بالتمييز.
وقال بعض العلماء: نقدم التمييز على العادة ولو كانت تعلمها، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه ليس من المستبعد أنه لما جاءتها الاستحاضة تغيرت العادة، والتمييز إن طابق العادة فأمره ظاهر، لكن إن خالف العادة، بأن كانت عادتها من أول الشهر، لكن ما رأت التمييز إلا في نصف الشهر، فحينئذٍ يتعارضان، فهل نقدم التمييز أو نقدم العادة؟ فيه خلاف.
فمن العلماء من قال: نقدم العادة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو ظاهر الحديث، فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ أمر أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها أن تجلس قدر ما كانت حيضتها تحبسها[(173)]؛ ولأنه أضبط وأسلم للمرأة من الاضطراب؛ لأن التمييز يمكن أن يأتي في هذا الشهر في أوله، وفي الشهر الثاني في وسطه، وفي الشهر الثالث في آخره، وربما يتغير عليها، فإذا قلنا: ارتبطي بالعادة صار ذلك أيسر لها وأسهل، وهذا ترجيحه واضح، وترجيح من يقول: إنه يرجع إلى التمييز ـ أيضاً ـ وجهه قوي؛ لأنه يقول: ما دام عندنا تمييز، فهذا دم ثخين أسود منتن، وهذا دم أحمر رقيق لا رائحة له، فكيف نقول: هذا استحاضة، والأول يُعرف؟!
الثالثة : إذا لم يكن لها عادة ولا تمييز، يعني ابتدأ بها الدم من الأول، واستمر معها على وتيرة احدة، فهذه لا عادة لها ولا تمييز، أو يكون لها عادة لكن نسيتها، وما عندها تمييز، فهذه ترجع إلى عادة النساء، ستة أيام، أو سبعة، من أول وقت أتاها الحيض فيه، فإذا قدر أنه أول ما رأت هذا الدم في الخامس عشر من الشهر، نقول: كلما جاء الخامس عشر من الشهر تجلس ستة أيام، أو سبعة، فإن قالت: نسيت متى أتاني الدم أول مرة، نقول: ترجع إلى أول شهر هلالي، كلما دخل الشهر جلست ستة أيام، أو سبعة، والباقي تصلي.
وذكرنا هذا استطراداً، وإلا فالمقام ليس مقام بحث في الاستحاضة والحيض.
وقوله: «والمستحاضة الناسية» ظاهر كلام المؤلف ولو كان لها تمييز؛ لأنه أطلق، ولكن هذا الظاهر غير مراد، فإن المستحاضة الناسية إذا كان لها تمييز تجلس ثلاثة قروء؛ لأن لها حيضاً صحيحاً، فما دام عندها تمييز فإنها تجلس ثلاثة قروء بحسب تمييزها، ولنفرض أن هذه المستحاضة كان يأتيها الدم المتميز كل شهرين مرة، فتكون عدتها ستة شهور، فقول المؤلف رحمه الله: «والمستحاضة الناسية» ينبغي أن نقول: ما لم يكن تمييز، فإن كان لها تمييز فعدتها ثلاثة قروء كغيرها؛ لأن التمييز يعتبر حيضاً صحيحاً.
وقوله: «والمستحاضة المبتدأة» وهي التي من أول ما جاءها الدم استمر بها؛ لأنها ما لها عادة سابقة فتعتد بثلاثة أشهر.
وقوله: «ثلاثة أشهر» وهي مستحاضة؛ لأن غالب النساء يحضن في كل شهر مرة، وهذه مستحاضة وليس لها حيض صحيح، فترجع إلى غالب النساء، وغالب النساء أن يحضن كل شهر مرة.
قوله: «والأمة شهران» بناء على ما سبق من أن عدتها حيضتان، ولكل حيضة شهر، فتكون عدتها عند عدم الحيض شهرين.
انتهى الكلام على المرأة التي ارتفع حيضها ولم تدرِ سبب الرفع، ثم شرع المؤلف في بيان من ارتفع حيضها وعلمت ما رفعه، فقال:
«وإن علمت ما رفعه من مرض أو رضاع أو غيرهما فلا تزال في عدة حتى يعودَ الحيض فتعتدَّ به، أو تبلغَ سن الإياس فتعتد عدته» امرأة من ذوات الحيض، ارتفع حيضها بسبب الرضاع، والغالب أن المرضع لا تحيض، ثم طلقها زوجها فعدتها ثلاثة قروء، فنقول: انتظري حتى يزول السبب الذي من أجله ارتفع الحيض، وهو الرضاع، فإذا بقيت حتى فطمت الصبي، وما رجع الحيض، فماذا نعمل؟ نقول: تنتظر حتى يعود الحيض، أو تبلغ سن الإياس، وهو على المذهب خمسون سنة، وإذا بلغت خمسين سنة اعتدت عدة آيسة ثلاثة أشهر، فإذا طلقت ـ مثلاً ـ وهي ذات اثنتي عشرة سنة وهي ترضع، وفطمت الصبي ولها أربع عشرة سنة، ما جاءها الدم انتظرت إلى الخامسة عشرة، إلى السادسة عشرة، إلى السابعة عشرة ما جاءها الدم فإلى متى تنتظر؟ إلى خمسين سنة، فإذا كبرت وصارت ما ترغب في النكاح، قلنا: الآن اعتدي لأجل أن تتزوجي! فتبقى إلى تمام خمسين سنة، فإذا تم لها خمسون سنة قلنا: اعتدي بثلاثة أشهر، وكل هذه المدة وزوجها ينفق عليها؛ لأنها رجعية، ولا يتزوج إذا كانت هي الرابعة، ويبقى محبوساً وهي محبوسة إلى أن يتم لها خمسون سنة، ثم تعتد ثلاثة أشهر، هذا هو المشهور من المذهب، وقاله علماء أجلاء، قالوا: لأننا علمنا ما رفع الدم فتنتظر!!
ولكن الحقيقة أن هذا القول لا تأتي بمثله الشريعة؛ لما فيه من الضرر العظيم جداً، ولهذا قال بعض أهل العلم: إنها تعتد سنة بعد زوال السبب المانع؛ لأنها لما زال المانع صارت مثل التي ارتفع حيضها ولم تدرِ سببه، والتي ارتفع حيضها ولم تدرِ سببه تعتد سنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة، وهذا القول أقرب للصواب؛ لأن علته معقولة، ولأنه أبعد عن الحرج والمشقة التي لا تأتي بمثلها الشريعة.
ولكن بقي أن يقال: إن التي علمت ما رفعه ينبغي أن نقسمها إلى قسمين:
الأول : أن تعلم أنه لن يعود الحيض.
الثاني : أن تكون راجية لعود الحيض.
فإن كانت تعلم أنه لن يعود، فهذه ما تعتد سنة، وإنما تعتد ثلاثة أشهر؛ لأنها آيسة، مثل لو علمت أنَّ ارتفاع الحيض لعملية استئصال الرحم فهذه لا أحد يقول: تنتظر إلى خمسين سنة! وحتى لو قيل به فهو قول باطل، فهذه المرأة التي علمت أن الحيض لن يعود نقول: تعتد بثلاثة أشهر؛ لدخولها في قوله تعالى: {وَاللاََّّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] ، وهذه قد أيست إياساً قطعياً فتعتد بثلاثة أشهر.
وإن كانت ترجو أن يعود فهذه تنتظر حتى يزول المانع ثم تعتد بسنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة للعدة.
وقيل: تعتد إذا زال المانع بثلاثة أشهر؛ لأن الصحابة إنما حكموا بالسنة لمن لا تعلم سببه، وهنا علمت السبب، فإذا زال السبب ولم يعد فإنها تعتد بثلاثة أشهر، لكن الأحوط أن تعتد بسنة؛ لأنه إذا زال السبب ولم يرجع الحيض فإننا نحكم بعدم رجوعه من زوال السبب، فإذا حكمنا بعدم الرجوع من زوال السبب، كان حكمنا بعدم رجوعه حينئذٍ لغير سبب معلوم، وإذا كان ارتفاعه لغير سبب معلوم كانت المدة سنة كما سبق.


170] أخرجه ابن حزم في المحلى (10/270).
[171]أخرجه البخاري في الحيض/ باب عرق الاستحاضة (327)، ومسلم في الحيض/ باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (334) عن عائشة رضي الله عنها.
[172]أخرجه أحمد (6/464)، والترمذي في الطهارة/ باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين (128)، والدارمي في الطهارة/ باب الكدرة إذا كانت بعد الحيض (861)، والدارقطني (1/216)، والطبراني في الأوسط (1/159)، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني في الإرواء (1/202).

[173]أخرجه مسلم في الحيض/ باب المستحاضة وغسلها وصلاتها (334) عن عائشة رضي الله عنها.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
5, من

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir