دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 صفر 1440هـ/21-10-2018م, 02:44 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مجلس أداء التطبيق السابع (المثال الأول) من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق السابع (المثال الأول) من تطبيقات دورة مهارات التفسير
- الدرس التاسع: تحرير مسائل التفسير



تنبيه:
- نرجو مراجعة تصحيح التطبيق التطبيق الرابع، واستدراك الملحوظات قبل أداء هذا التطبيق.

وفقكم الله.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 02:10 AM
هيثم محمد هيثم محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 482
افتراضي

ذكر المفسرون في المراد بالعذاب الأدنى في قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (السجدة:21) ستة أقوال:

القول الأول: الجوع الذي أصاب قريش في السنين السبع بمكة حين أكلوا العظام والموتى والجيف والكلاب عقوبة بتكذيبهم النبي، وهو قول عبدالله بن مسعود ومجاهد ومقاتل وإبراهيم النخعي.

أما قول عبدالله بن مسعود فقد رواه النسائي في السنن الكبرى بقوله: أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، وأبي عبيدة، عن عبد الله قال: «سنون أصابتهم».
أما ما رواه عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني: نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود في قوله العذاب الأدنى قال سنون أصابت قوما قبلكم)، ففيه اختلاف عن الرواية السابقة في نسبة العذاب لأمة ماضية وليس كفار مكة، ولم يذكره غيره.
وقول مجاهد رواه ابن جرير وعبدالرحمن بن الحسن الهمذاني: كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والجوع هذا لقريش)
وقول مقاتل نسبه إليه الواحدي والبغوي وابن عطية وابن الجوزي دون إسناد.
وقول إبراهيم النخعي رواه ابن جرير في تفسيره قال: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: سنونٌ أصابتهم.

القول الثاني: القتل بالسيف يوم بدر، وهو قول ابن مسعود وأبي بن كعب والحسن بن علي.

أما قول عبدالله بن مسعود فقد رواه ابن جرير وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي وابن المقرئ في معجمه كلهم من طريق سفيان الثوري عن السّدّيّ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ عن عبد اللّه قال: هو يوم بدرٍ.
ورواه الحاكم في المستدرك بقوله: أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه.
وأما قول أبي بن كعب:
فقد نسبه إليه قتادة، كما روى عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى قال: قال أبي بن كعب هو يوم بدر.
ونسبه إليه مجاهد كما روى ابن جرير: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان مجاهدٌ يحدّث عن أبيّ بن كعبٍ، أنّه كان يقول {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} يوم بدرٍ.
وأما قول الحسن فقد رواه ابن جرير في تفسيره بقوله: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عمّن حدّثه عن الحسن بن عليٍّ، أنّه قال {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: القتل بالسّيف صبرًا.

القول الثالث: مصائب الدنيا، وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب وأبي العالية والضحاك والحسن وإبراهيم.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب.
وأما قول أبي بن كعب: فقد رواه أحمد بن حنبل في مسنده ومسلم في صحيحه وابن جرير في تفسيره والطبراني في الأوسط كلهم من طريق شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعب.
وأما قول أبي العالية فقد رواه ابن جرير في تفسيره والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما من طريق وَكِيع، عَنْ أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بْنِ أَنَسٍ، عن أبي العالية قال: المصائب في الدّنيا.
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: المصائب في دنياهم وأموالهم.
وأما قول الحسن فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.
وأما قول إبراهيم فقد رواه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي وابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: أشياء يصابون بها في الدّنيا، مع اختلاف الألفاظ في رواية أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي.

القول الرابع: الحدود، وهو قول ابن عباس.
رواه ابن جرير في قوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.

القول الخامس: عذاب الدنيا، وهو قول ابن زيد،
رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.

وهذا القول يشمل الأقوال السابقة جميعا من أنواع العذاب في الدنيا من قتل وسبي وقحط ومرض وفقر وغير ذلك، وهو ما رجحه الطبري بقوله: (وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم).
فتكون معنى الآية عامة في كل الفاسقين والكفار، أما القول الأول والثاني فمخصصة لمعنى الآية أنها في كفار مكة.


القول السادس: عذاب القبر، وهو قول مجاهد وأبي عبيدة.
أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير كما قال: حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الأدنى في القبور وعذاب الدّنيا.
وأما قول أبي عبيدة فقد رواه أبي نعيم في الحلية كما قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، ثَنَا هَنَّادٌ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21] قَالَ: «عَذَابُ الْقَبْرِ»
وقد ضعف القرطبي هذا القول، لأن ختام الآية {لعلهم يرجعون} بمعنى يتوبون، فتعود على عقوبة في الدنيا وليس بعد الموت.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ربيع الأول 1440هـ/11-11-2018م, 09:59 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم محمد مشاهدة المشاركة
ذكر المفسرون في المراد بالعذاب الأدنى في قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (السجدة:21) ستة أقوال:

القول الأول: الجوع الذي أصاب قريش في السنين السبع بمكة حين أكلوا العظام والموتى والجيف والكلاب عقوبة بتكذيبهم النبي، وهو قول عبدالله بن مسعود ومجاهد ومقاتل وإبراهيم النخعي.
[ أقوال السلف بأغلبها نص " سنون أصابتهم " والجوع منها؛ فالأولى التعبير بالمعنى العام، ثم ذكر ما يدخل فيه ]
أما قول عبدالله بن مسعود فقد رواه النسائي في السنن الكبرى بقوله: أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، وأبي عبيدة، عن عبد الله قال: «سنون أصابتهم».
أما ما رواه عبدالرحمن بن الحسن الهمذاني: نا إبراهيم نا آدم نا إسرائيل عن أبي إسحق الهمذاني عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود في قوله العذاب الأدنى قال سنون أصابت قوما قبلكم)، ففيه اختلاف عن الرواية السابقة في نسبة العذاب لأمة ماضية وليس كفار مكة، ولم يذكره غيره.
وقول مجاهد رواه ابن جرير وعبدالرحمن بن الحسن الهمذاني: كلاهما من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (العذاب الأدنى ما أصابهم من القتل والجوع هذا لقريش)
وقول مقاتل نسبه إليه الواحدي والبغوي وابن عطية وابن الجوزي دون إسناد. [ لست بحاجة للرجوع إلى المصادر الناقلة ولديك تفسير مقاتل بن سليمان نفسه فهو مطبوع وضمن كتب الشاملة ]
وقول إبراهيم النخعي رواه ابن جرير في تفسيره قال: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: سنونٌ أصابتهم.

القول الثاني: القتل بالسيف يوم بدر، وهو قول ابن مسعود وأبي بن كعب والحسن بن علي.

أما قول عبدالله بن مسعود فقد رواه ابن جرير وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي وابن المقرئ في معجمه كلهم من طريق سفيان الثوري عن السّدّيّ عن أبي الضّحى عن مسروقٍ عن عبد اللّه قال: هو يوم بدرٍ.
ورواه الحاكم في المستدرك بقوله: أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه.
[ الرواي الذي تدور عليه الأسانيد إذن هو أبو الضحى؛ فيمكن قول: رواه ابن جرير في تفسيره وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي في تفسير مجاهد وابن المقرئ في معجمه والحاكم في مستدركه جميعهم من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود به ]

وأما قول أبي بن كعب:
فقد نسبه إليه قتادة، كما روى عبدالرزاق الصنعاني في تفسيره: أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى ولنذيقنهم من العذاب الأدنى قال: قال أبي بن كعب هو يوم بدر.
ونسبه إليه مجاهد كما روى ابن جرير: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: كان مجاهدٌ يحدّث عن أبيّ بن كعبٍ، أنّه كان يقول {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} يوم بدرٍ.
وأما قول الحسن فقد رواه ابن جرير في تفسيره بقوله: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عوفٌ، عمّن حدّثه عن الحسن بن عليٍّ، أنّه قال {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: القتل بالسّيف صبرًا.

القول الثالث: مصائب الدنيا، وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب وأبي العالية والضحاك والحسن وإبراهيم.

أما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريقين:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} يقول: مصائب الدّنيا وأسقامها وبلاؤها ممّا يبتلي اللّه بها العباد حتّى يتوبوا.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون} قال: العذاب الأدنى: بلاء الدّنيا، قيل: هي المصائب.
وأما قول أبي بن كعب: فقد رواه أحمد بن حنبل في مسنده ومسلم في صحيحه وابن جرير في تفسيره والطبراني في الأوسط كلهم من طريق شعبة، عن قتادة، عن عزرة، عن الحسن العرنيّ، عن يحيى بن الجزّار، عن ابن أبي ليلى، عن أبيّ بن كعب.
وأما قول أبي العالية فقد رواه ابن جرير في تفسيره والبيهقي في شعب الإيمان كلاهما من طريق وَكِيع، عَنْ أبي جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بْنِ أَنَسٍ، عن أبي العالية قال: المصائب في الدّنيا.
وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: المصائب في دنياهم وأموالهم.
وأما قول الحسن فقد رواه ابن جرير بقوله: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، حدّثه عن الحسن: قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} أي: مصيبات الدّنيا.
وأما قول إبراهيم فقد رواه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي وابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصورٍ، عن إبراهيم، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: أشياء يصابون بها في الدّنيا، مع اختلاف الألفاظ في رواية أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي.

القول الرابع: الحدود، وهو قول ابن عباس.
رواه ابن جرير في قوله: حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن شبيبٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود.

القول الخامس: عذاب الدنيا، وهو قول ابن زيد،
رواه ابن جرير بقوله: حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى} قال: العذاب الأدنى: عذاب الدّنيا.

وهذا القول يشمل الأقوال السابقة جميعا من أنواع العذاب في الدنيا من قتل وسبي وقحط ومرض وفقر وغير ذلك، وهو ما رجحه الطبري بقوله: (وأولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم).
فتكون معنى الآية عامة في كل الفاسقين والكفار، أما القول الأول والثاني فمخصصة لمعنى الآية أنها في كفار مكة.


القول السادس: عذاب القبر، وهو قول مجاهد وأبي عبيدة.
أما قول مجاهد فقد رواه ابن جرير كما قال: حدّثني محمّد بن عمارة، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ: {ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الأدنى في القبور وعذاب الدّنيا.
وأما قول أبي عبيدة فقد رواه أبي [ أبو ] نعيم في الحلية كما قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، ثَنَا هَنَّادٌ، ثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} [السجدة: 21] قَالَ: «عَذَابُ الْقَبْرِ»
وقد ضعف القرطبي هذا القول، لأن ختام الآية {لعلهم يرجعون} بمعنى يتوبون، فتعود على عقوبة في الدنيا وليس بعد الموت.
بارك الله فيك ونفع بك.
أرجو مراجعة الملحوظات الموجودة أثناء الاقتباس، وإليكَ هذه الملحوظات أيضًا:
- إذا تعددت الأقوال عن شخص واحد؛ فالأولى قول : " وهو رواية عن عبد الله بن مسعود " مثلا.
ثم ننظر في مرحلة أخرى بإذن الله، هل جميع الأقوال تصح عنه ؟، أم بعضها ضعيف الإسناد؟ ، وإذا أمكنك تحديد بعض الأسانيد الضعيفة، أو وجدت تخريجًا لبعض العلماء ينص على ضعف هذا القول فالأولى أن تقول : " مروي عن فلان" ولا نجزم بقولنا : " وهو قول فلان ".
- الدراسة مختصرة جدًا ومبنية على كلام الطبري ولا تظهر فيها شخصيتك، والأولى دراسة كل قول ومعرفة توجيهه، ثم بعد ذلك ننظر في إمكانية الجمع بين الأقوال أو رد بعضها، ويمكنك مراجعة تحرير الشيخ للمراد بالبطشة الكبرى هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...27&postcount=2
لمزيد من التوضيح.
التقويم: ب
وفقك الله وسددك.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 1 ربيع الثاني 1440هـ/9-12-2018م, 04:38 PM
رقية إبراهيم عبد البديع رقية إبراهيم عبد البديع غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 312
افتراضي

تحرير القول في المراد ب "لهو الحديث"
في المسألة عدة أقوال:
القول الأول: أن لهو الحديث هو الغناء والاستماع له، وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وجابر ومجاهد وعكرمة والحسن وعطاء وإبراهيم
وعن الحسن رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والمزامير
التخريج:
أما قول ابن مسعود فرواه عنه يزيد بن يونس بن يزيد، عن أبي صخرٍ، عن أبي معاوية البجليّ عن سعيد بن جبيرٍ، عن أبي الصّهباء البكريّ
وأما قول ابن عباس فرواه عليّ بن عابسٍ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، كما رواه ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسمٍ، عن ابن عبّاسٍ، كما رواه حفصٌ، والمحاربيّ، عن ليثٍ، عن الحكم، عن ابن عبّاسٍ بألفاظ متقاربة. وأخرجه الفريابي، وابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس.
وأما قول جابر فرواه سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابرٍ
وأما قول مجاهد فرواه سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، ورواه الثوري عن عبد الكريم البصري وعن حبيب بن أبي ثابتٍ عن مجاهدٍ، ورواه محمّد بن جعفرٍ وعبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، ورواه ابن عليّة، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ بألفاظ متقاربة. وأخرجه الفريابي وسعيد بن منصور، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد.
وأما قول الحسن فأخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن
وأما قول عكرمة فرواه أسامة بن زيدٍ، عن عكرمة، وأخرجه ابن أبي الدنيا، وابن جرير عن شعيب بن يسار عن عكرمة.
وأما قول عطاء فرواه رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني
وأما قول إبراهيم فأخرجه ابن أبي الدنيا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم

القول الثاني: أن يختار حديث الباطل على حديث الحق. وهو قول ابن عباس وابن عمر ومفهوم من قول قتادة
فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني باطل الحديث، وهو النضر بن الحارث بن علقمة، اشترى أحاديث العجم وصنيعهم في دهرهم وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن فأعرض عنه فلم يؤمن به.
وعن عبد الله بن عمر أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} إنما ذلك شراء الرجل اللعب والباطل
التخريج:
أما قول ابن عباس فأخرجه البيهقي في شعب الايمان
و أما قول ابن عمر فأخرجه ابن مردويه عن عبد الله بن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم
أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر، و يزيد عن سعيدٌ، عن قتادة.

القول الثالث: هو الطبل. مروي عن مجاهد والحسن ومكحول وعطاء
فعن الحسن رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والمزامير
وعن مكحول رضي الله عنه في قوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: الجواري الضاربات
وعن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} في الغناء والباطل والمزامير
التخريج:
أما قول مجاهد فرواه حجّاجٌ الأعور، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ
وأما قول الحسن فأخرجه ابن أبي حاتم
أما قول مكحول فأخرجه ابن عساكر
وأما قول عطاء فأخرجه الحاكم في الكني

القول الرابع: أنه الشرك. وهو قول الضحاك، ومفهوم من قول ابن زيد.
التخريج:
أما قول الضحاك فرواه الحسين عن أبي معاذٍ، عن عبيدٌ، عن الضّحّاك
و أما قول ابن زيد فرواه يونس عن ابن وهب

الدراسة:
الراجح أن الآية تشمل كل ذلك؛ من كل لهو أو باطل يصد عن سبيل الله، وعلى رأس ذلك الغناء؛ لما ينبته في القلب من نفاق، ويلهي القلوب ويصيبها بالغفلة.
قال ابن جرير الطبري: " والصّواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيًا عن سبيل اللّه، ممّا نهى اللّه عن استماعه أو رسوله، لأنّ اللّه تعالى عمّ بقوله {لهو الحديث} ولم يخصّص بعضًا دون بعضٍ، فذلك على عمومه، حتّى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشّرك من ذلك."
ويؤيد ذلك ما رواه الهمداني بسنده عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: هو اشتراء المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إليهم وإلى مثله من الباطل.
وما أخرجه سعيد بن منصور وأحمد والترمذي، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والبيهقي عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام، في مثل هذا أنزلت هذه الآية {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها، ثم قرأ {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}
فدلت الآية على تحريم كل لهو باطل وعلى رأس ذلك الغناء.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 14 ربيع الثاني 1440هـ/22-12-2018م, 08:49 PM
عائشة إبراهيم الزبيري عائشة إبراهيم الزبيري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 328
افتراضي

تحرير مسائل التفسير (المثال الأول)
المراد بالذي بيده عقدة النكاح:
اختلف المفسرون في المراد بالذي بيده عقدة النكاح على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الولي الّذي بيده عقدة نكاحهنّ، فلا تنكحن إلا بإذنه، كالأب والأخ، وقال بهذا القول ابن عباس، وعلقمه، وشريح (في قوله الأول)، وإبراهيم، ومجاهد (في قولهم الأول)، والشعبي، وطاووس، وعكرمة، والحسن، وعطاء، وزيد، وابن زيد، والزهري ومعمر، ومكي بن أبي طالب.
وروي عن أصحاب عبد الله، والأسود بن يزيد.
قال ابن عباس: (أذن اللّه في العفو وأمر به، فإن عفت فكما عفت، وإن ضنّت، وعفا وليّها جاز وإن أبت.) رواه ابن جرير
قال ابن كثير: (وهذا مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم)

التخريج:
-وأما قول ابن عباس فقد رواه مسلم الزنجي من طريق ابن أبي نجيح.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عنه.
ورواه ابن أبي حاتم من محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عنه.
ورواه عبد بن حميد عن ابن عباس كما في الدر المنثور.
وروي من طريق محمد بن سعيد عن آبائه عن ابن عباس.
-وأما قول علقمه فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمه.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-وأما قول شريح فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق مغيرة عن الشعبي.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق سيّار عن الشعبي عن شريح
وكذلك رواه ابن جرير من طريق جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي.
-وأما قول إبراهيم فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير من طريق جرير عن منصور عنه.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق مغيرة عن إبراهيم.
- وأما قول مجاهد الأول فقد رواه ابن جرير من طريق شريك عن سالم، وروي من طريق شعبة عن أبي بشر.
-وأما قول الشعبي فقد رواه ابن جرير من طريق أبي عوانه عن مغيرة.
-وأما قول طاووس الأول فقد رواه ابن جرير من طريق شعبة عن أبي بشر.
-وأما قول عكرمة فقد رواه سعيد بن منصور وابن جرير في سننه من طريق سفيان عن عمرو بن دينار.
وكذلك رواه ابن جرير من طري ابن مبارك عن يحيى بن بشر.
وروي من طريق طاووس عن رجل عن عكرمة وفيه رجل مجهول.
-واما قول الحسن فقد رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره
وكذلك رواه ابن جرير من طرق شتى عن الحسن.
-وأما قول عطاء فقد رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبي عوانة عن أبي بشر، وفيه أن هذا القول هو قوله الأول.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق ابن عليه عن أبي جريج عنه.
-وأما قول زيد فقد رواه ابن جرير من طريق ابنه.
-وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه.
-أما قول الزهري فقد رواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن الزهري هو الأب.
-وأما قول معمر فقد رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره
-وأما ما روي عن أصحاب عبد الله فقد رواه ابن جرير من طريق الأعمش عن إبراهيم.
-وأما ما روي عن الأسود بن يزيد فقد رواه ابن جرير من طريق معتمر عن حجاج.

هذا القول مبني على معنى العفو في اللغة وهو ترك العافي ما يجب له، فالولي يترك ما يجب لوليته، بخلاف الزوج الذي يتم الصداق كاملاً فهو لم يترك ما وجب له بل أعطى زيادة لم تجب عليه، وهذا لا يدخل في معنى العفو بل هو واهب، ويشبه هذا القول عفا ولي المقتول عن القاتل فترك حقه من الدية، ولا يقال للقاتل الذي أعطى زيادة مما يجب عليه من الدية بأنه عفا القاتل.

وكذلك لأن الآية في البداية ذكرت الأزواج في قوله: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضم لهن فريضة فنص ما فرضتم) والزوجات في قوله (إلا أن يعفون) ، ثم أتت بعدها (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) ولم تحتوي على ضمير عائد على أحد الصنفين السابقين، فدل على أنه قسم ثالث مخالف ومغاير للصنفين الأولين، ولو أراد الزوج لقال أو يعفو الزوج بدون ذكر ما يمكن أن يحمل على غيره.

وكذلك لأن هذه الآية في ذكر العفو عن الصداق بعد الطلاق، فبعد الطلاق تزول عقدة النكاح من يد الزوج، بل هو لا يملكها قبل الطلاق ولا بعده؛ لأن المقصود عقدة نكاح المرأة وهو يملك عقدة نكاح نفسه فقط، ولذلك فإن المقصود هو الولي الذي يملك عقدة نكاحها بعد الطلاق، وقد علم أن المقصود من عقدة النكاح بأنه عقدة نكاحهن وليس نكاحهم لأن ألف لام التعريف بدل من الهاء وهي تعود على أقرب مذكور والتي هي المرأة، فدل على أن المقصود هو الذي بيده عقدة نكاحها، وهو مشابه لقوله تعالى: (فإن الجنة هي المأوى) أي: مأواه.

وكذلك لأن الآية تتحدث عن نصف الصداق المذكور في الآية، الذي هو من حق الزوجة فذكر عفو الزوجة وعفو وليها عنه، ومن قال بأنه الزوج فهو بمعنى أن يتم الصداق، وهو لم يذكر في الآية القسم الآخر من الصداق.

وقد أجاز الشارع للولي العفو عن صداق المرأة لأنه هو السبب في تمليكها لهذا المال، فكان له التصرف فيه بخلاف باقي مالها، كما يراه أصحاب هذا القول.

وأصحاب هذا القول منهم من خصص هذا الأمر بيد الأب فقط ومنهم أجاز ذلك للأخ ولغيره ممن يلي أمر نكاحها، وقد أنكر بعضهم على تجويز العفو لغير الأب.


القول الثاني: هو أبو البِكْر، والسيد في أمته، وهو قول الزهري وزيد وربيعة ومالك.
روي عن ابن عباس وأبي صالح والسدي وابن شهاب.
قال أبو محمد البغوي: (إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ نَصِيبِهَا إِلَى الزَّوْجِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مِنْ أَهْلِ الْعَفْوِ أَوْ يَعْفُو وَلِيُّهَا، فَيَتْرُكُ نَصِيبَهَا إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا، أَوْ غَيْرَ جَائِزَةِ العفو فَيَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ عَفْوُ الْوَلِيِّ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا،)

التخريج:
-أما قول الزهري فقد رواه ابن جرير من طريق ابن علية عن ابن جريج.
-وأما قول زيد فقد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن مالك.
-وأما قول ربيعة فقد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن مالك.
- وأما قول مالك فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عن مالك، وفيه يشرح قول زيد وربيعة الذي رواه في الموطأ
-أما ما روي عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريق مثنى وهو مجهول الحال.
-وأما ما روي عن أبي صالح فقد رواه ابن جرير من طريق أبي هشام الرفاعي وهو ضعيف.
-وأما ما روي عن السدي فقد رواه ابن جرير من طريق عمرو عن أسباط وهو ضعيف.
-وأما ما روي عن ابن شهاب فقد رواه ابن جرير من طريق المثنى وهو مجهول.

وهذا القول مبني على أن المقصود من (إلا أن يعفون) الثيبات من النساء خصوصاً، ثم ذكر قوله (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) وهو ولي البكر، وهذا لا يجوز إلا للأب، والذي قادهم إلى هذا القول هو أنه لا يجوز للولي أن يعفو عن شيء من صداق الثيب بأي وجه من الوجوه، فألزمهم هذا أن يقولوا بأن المقصود منه ولي البكر بالخصوص، ووجهوا قوله (إلا أن يعفون) بأن المقصود به الثيبات.

ومما يعضد هذا القول أن أب البكر أملك لعقدة النكاح من الزوج؛ لأن المعقود عليه بضع البكر، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب من يملك ذلك.

وأغلب حجج أصحاب هذا القول مشابهه لحجج القول الأول، وهناك من يجمع بين القولين ويجعلهم قولاً واحداً، ولكن هذا خطأ في نظري؛ لأنه ليس جميع الصحابة والتابعين يحددوا بأنه ولي البكر، بل قليل هم الذين حددوا بأنه ولي البكر خصوصاً، وقد أشتهر هذا القول عن مالك بن أنس، ولمشابهة حججهم مع أصحاب القول الأول فلا حاجة لإعادتها هنا مرة أخرى.


القول الثالث: الزّوج الّذي بيده عقدة نكاح نفسه في كلّ حالٍ، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، والربيع، وسعيد بن مسيب، وسعيد بن جبير، وشريح (في قوله الثاني)، وإبراهيم النخعي، ومجاهد (في قوله الثاني)، والضحاك، والشعبي، وطاووس (في قوله الثاني)، وابن سيرين، وجبير بن مطعم، وعطاء، ومحمد بن كعب القرظي، ونافع، وسفيان، واختاره ابن جرير الطبري وأبو بكر الرازي الجصاص، وأبو الحسن علي الواحدي، والكيا الهراسي، وعبد الرحمن بن علي الجوزي، والقرطبي.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والضحاك وسعيد بن عبد العزيز.
قال شريحٌ بعد: (هو الزّوج إن عفا عن الصّداق كلّه فسلّمه إليها كلّه، أو عفت هي عن النّصف الّذي سمّي لها، وإن تشاحّا كلاهما أخذت نصف صداقها، قال: وأن تعفوا هو أقرب للتّقوى.)
قال جبير بن مطعم: (أنا أحقّ بالعفو)
قال أبو إسحاق الثعلبي: (وهو مذهب أهل العراق لا يرون سبيلا للولي على شيء من صداقها إلّا بإذنها، ثيّبا كانت أو بكرا)
قال ابن كثير: (وهذا هو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ.).

التخريج:
-وأما قول عليّ بن أبي طالب فقد رواه ابن جرير من طريق قتادة عن خلاس بن عمرو.
وكذلك رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي عما جرى بين شريح وعلي رضي الله عنه بألفاظ متقاربة.
ورواه عبد بن حميد عن علي كما في الدر المنثور.
-وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طرق شتى عن ابن عباس.
-وأما قول الربيع فقد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه.
-وأما قول سعيد بن مسيب فقد رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة عنه.
-وأما قول سعيد بن جبير فقد رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبو عوانة عن أبي بشر.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عنه.
وكذلك رواه من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-أما قول شريح فقد رواه ابن وهب المصري وابن جرير من طريق ابن سيرين عن شريح.
وكذلك رواه ابن وهب من طريق معاوية عن الحكم بن عتيبة عن شريح.
وكذلك رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق مغيرة عن الشعبي عن شريح.
وكذلك رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن شريح.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق سيّار عن الشعبي عن شريح.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق الاعمش عن إبراهيم عن شريح.
ورواه ابن جرير من طرق أخرى كثيرة.
-واما قول إبراهيم النخعي فقد رواه ابن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن المغيرة عنه.
-وأما قول مجاهد فقد رواه عبد الرزاق ومسلم بن خالد الزنجي وابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وكذلك رواه عبد الرزاق من طريق ابن سيرين عن شريح عن مجاهد.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير من طريق يزيد بن هارون عن جويبر.
-وأما قول الشعبي فقد رواه ابن جرير من طريق زهير عن أبي إسحاق.
وكذلك رواه ابن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن المغيرة عنه، وذكر انه قول الشعبي.
-وأما قول طاووس الثاني فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير من طريق أبي بشر.
-وأما قول ابن سيرين فقد رواه ابن جرير من طريق بشر بن المفضل عن عبد الله بن عون.
-وأما قول جبير بن مطعم فقد رواه ابن جرير من طريق واصل بن أبي سعيد عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق معمر عن صالح بن كيسان وكذلك من طرق أخرى.
ورواه أبو الحسن الواحدي بسنده من طريق محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.
-وأما قول عطاء فقد رواه سعيد بن منصور من طريق أبو عوانه عن أبي بشر، وفيه أنه بدل قوله الأول لهذا القول.
-وأما قول محمد بن كعب فقد رواه بان جرير من طريق أفلح بن سعيد.
-وأما قول نافع فقد رواه ابن جرير من طريق عبد الوهاب عن عبيد الله.
-وأما قول سفيان فقد رواه ابن جرير من طريق زيد.
-وأما ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رواه ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مرسلاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد روي كذلك عن أبيه عن جده كما رواه ابن أبي حاتم
-وأما ما روي عن الضحاك فقد رواه ابن جرير بقوله (حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} قال: الزّوج.) وفي أول سنده انقطاع
-وأما ما روي عن سعيد بن عبد العزيز فقد رواه ابن جرير منقطعاً فقال سمعت ولم يصرح باسم من سمع منه.

ومن أهم توجيهات هذا القول: كما أن إبراء الولي أو هبته أو عفوه عن مهر البكر أو الثيب قبل طلاقها من زوجها باطل وهو ثابت على الزوج لزوجته، كذلك عفوه عن مهرها بعد الطلاق ليس للولي عليه سبيل. وهو مشابه كذلك في حالة وهب الولي شيء من مال الزوجة لزوجها الذي طلقها طلاقاً بائناً، فهبته باطله، ومهرها مال من مالها وله نفس حكم بقية مالها، فلا يحق للولي أن يهب شيء منه للزوج.

وهذه الحال تنطبق على جميع من ولي أمرها سواء كان أبيها أو أخيها أو ابن عمها أو ابن أخيها، فكما أن عفوهم عن صداقها بعد الدخول بها باطل فكذلك عفوهم عنه قبله، والآية تعم الجميع لأنها لم تحدد أحد الذين بيدهم عقدة النكاح دون غيرهم إن كانت محمولة على أنه الولي، فلا يصح تحديد احد الأولياء دون البعض مثل الأب إلا بدليل صحيح ثابت، ومعلوم ومجمع عليه أن بعض أولياءها لا يجوز عفوهم كبنو الأخوة وبنو الأعمام، فدلّ ذلك على خطأ هذا القول، لعدم تخصيص الآية بعض الأولياء دون بعض.

وإذا كان المقصود من الآية الولي بالمعنى العام فإنها ستعارض بعض الأحكام الثابت المجمع عليها عند الفقهاء والشريعة الإسلامية يعضد بعضها بعضاً ويستحيل أن تتعارض، وهذا مثل: أن ولي المولاة المعتقة يجوز لوليها أن يزوجها ولكن لا يجوز له أن يعفو عن مهرها إن طلقها زوجها قبل المسيس وهو قول الجميع كما قال ابن جرير الطبري.

وقد ظن البعض أن المقصود من الذي بيده عقدة النكاح أي: نكاحهن وهو الولي وليس الزوج، وهذا خطأ فالزوج بيده عقدة نكاحه منها قبل الطلاق وبعده، فالهاء التي أضيف بدلها الألف واللام في (النكاح) تعود على الزوج لأنهما في النكاح، فلولا النكاح الذي هم فيه لعاد إليها، كما في قوله تعالى: (فإن الجنة هي المأوى) أي: الجنة هي مأواه، فهو داخل فيها، فكذلك عقدة النكاح المقصود به النكاح الذي هم فيه أو كانوا فيه، فهو عائد على الزوج الذي في النكاح وليس الولي الذي هو خارج هذا النكاح، وهو كذلك لا يملك عقدة نكاح قد مضت، فهي قد خرجت من يده ليد الزوج.

والولي لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلا إذا كانت الصغيرة، والتي لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها، وهنا سبحانه وتعالى لم يخصص أحد الأولياء دون بعض ليتبين أن المقصود به هو ولي الصغيرة، وهو أيضاً مخالف لسياق الآيتين الذي هو في طلاق النساء (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن..) والعرب لا تطلق على الصبية أو الجارية لقب النساء كما لا تطلق على الصبي لقب الرجل، فالنساء جمع لأسم المرأة، وإن كان السياق في النساء فيكون المقصود من (إلا أن يعفون) أي: المرأة بشكل عام التي لها ولاية على مالها، ومعلوم أن الصغيرة التي لا ولاية لها مالها لا تملك أن تعفو عن مالها، وهي لم تذكر لخصوص الآية في ذكر النساء المطلقات.

فإن علم أن سياق الآية في النساء وليس الصغيرة والصبية، فيحمل قول من قال بأن المقصود من عقدة النكاح أي: نكاحهن على النساء البوالغ والتي لا يملك عقدة نكاحها إلا بإذنها، فنعود لما قلناه سابقاً.
وقد قال بعضهم أنه سبحانه إنما أراد من (إلا أن يعفون الثيبات) وأنه أراد من (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) أي ولي البكر، فلا يجوز للبكر أن تعفو عن نصفها بل وليها هو الذي يعفو عنها، فهذا باطل ويبطله عدم تخصيصه سبحانه في الآية (إلا أن يعفون) البكر أو الثيب بل هو عام في جميع النساء، وكذلك الآية في بدايتها أيضاً لم تخصص بل كانت عامة (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فنصف ما فرضتم) فلجميع النساء النصف، فلماذا خصص بعد ذلك بدون دليل وهو معطوف عليه؟ فدل ذلك على أن المقصود بالآية الأبكار والثيبات جميعاً دون تفريق.

ونرد على من قال بأنه لو كان أراد الزوج لقال أو يعفو الزوج، ولم يذكره بلفظ محتمل، نقول بأنه لو أراد الولي لقال أو يعفو الولي ولم يذكره بلفظ يحتمل معه غيره، وكما قال أبو بكر الرازي: (لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُ إيجَابَ الْأَحْكَامِ تَارَةً بِالنُّصُوصِ وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ وَتَارَةً بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ لِلْمَعَانِي وَهُوَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرُ وَبِهِ أَوْلَى وَتَارَةً بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ يَتَنَاوَلُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً يُحْتَاجُ فِي الْوُصُولِ إلَى الْمُرَادِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ) وهذه الآية أحد تلك المواضع، وكذلك لأنه سبحانه وتعالى أراد أن يذكر الزوج بصفة يتميز بها عن الزوجة، فهو سبحانه رغب في بادئ الأمر المرأة بالعفو لأن الزوج لم ينل منها شيئاً يقوم مقام ما أوجبه على نفسه من الصداق، ثم ذكّر الصنف الآخر وهو الزوج الذي بيده عقدة النكاح ورغبه في أن يثبت على إعطاءاها مهرها كاملاً او عدم أخذه شيء منه، فهو الذي ساقه إليها وقد ابتذلها بالطلاق، وقطع طمعها في أن تصله وتتزوجه.

وكذلك نرد على من قال بأن الزوج واهب وليس عافي، بأن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين قالوا بهذا القول وهم أعلم باللغة العربية وبمعانيها وما تحتمله، والعفو هنا ليس هو القول قد عفوت، بل هو هنا عفو في التمليك فالمرأة لا تقول قد عفوت عنك بل هي تسقط حقها وتملكه زوجها، فكذلك الزوج يعفو عن تمليكه نصفه، فلا يأخذ نصفه الذي هو حق له سواء كانت تمتلكه وتقدر عليه أم لا، (فَكُلُّ عَفْوٍ أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ فَمِثْلُهُ يُضَافُ إلَى الزَّوْجِ) كما قال أبو بكر الرازي.
ويجاب كذلك على قولهم أن المذكور هو نصف الصداق وإنما يعفو عن النصف الزوجة أو الولي، ولا يدخل فيه الزوج، فنقول بأنه لا يبعد بأنه سبحانه وتعالى بعد أن تطرق للنصف الأول في الآية أن يتطرق للنصف الآخر في قوله (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)، فيكون حكم العفو عن جميع الصداق مذكوراً.

وقد قال تعالى بعده (وأن تعفو أقرب للتقوى)، ولا تقوى للولي في هبته مال غيره، بخلاف الزوج الذي سيهب من ماله، ثم قال تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) فندب الزوجين إلى الفضل بينهما، بأن يعطي الزوج المهر كاملا أو يتنازل عن حقه وهو النصف، أو هي تتفضل بإعادة جميع المهر، ولا إفضال على الغير في هبة مال الغير، كما هو الحال مع من أخذ بأنه الولي.

فإن قيل بأن الحجة السابقة قائمة على من لا يملك مال من يلي أمره، فإن كان يملك مال الذي يلي أمره من الصغير وغيره استقام المعنى واستحق الثواب، فقد ثبت بأنه له التصرف في ماله كإخراجه زكاة الفطر والأضحية وغيره، فنرد على هذا القول بأن الولي في هذه الأمثلة قام بإخراج ما هو واجب من إخراج صدقة الفطر وهو ثابت له ولغيره، ولكن نقطة الحجاج التي في الآية أنه ليس للولي أن يعفو أو يهب شيء من مال موليته، وليس بأن يخرج من مالها ما هو واجب، ففرق بين إخراج الواجب وبين التبرع بشيء من مالها.


يتبين مما سبق بأن القول الثالث هو الراجح، لقوة حججهم، ولكثرة أصحاب هذا القول من الصحابة والتابعين، مع رجوع بعض التابعين عن قولهم بأنه الولي إلى أنه الزوج، ورجوع بعضهم كان بسبب توجيه بعض الصحابة والتابعين لهم لهذا القول، كما حدث مع علي رضي الله عنه وشريح، وكل هذا يعضد هذا القول ويقويه.
عن عيسى بن عاصمٍ الأسديّ، أنّ عليًّا، سأل شريحًا، عن الّذي بيده عقدة النّكاح، فقال: هو الوليّ. فقال عليّ: لا، ولكنّه الزّوج.

وهذا يتبين بعد العمل بقاعدة المحكم والمتشابه، فهذه الآية متشابهة لاحتمالها الوجهين الذين ذكرهما السلف، وهما الزوج وولي الأمر، ولا يمكن الجمع بينهما، فوجب رد هذا المتشابه إلى المحكم ليزول التشابه، ومن الآيات المحكمة التي ترد إليها هذه الآية، قوله تعالى: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)، فذكر في هذه الآية ترك الزوج الصداق عليها وتركها الصداق عليه، وهو بعضد قول أنه الزوج في الآية التي نحن بصددها، فكما ذكر عفو الزوجة ناسب أن يذكر عفو الزوج كذلك كما في هذه الآية، وكذلك قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) وقوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ)، وهاتين الآيتين فيهما منع للزوج من انتزاع شيء من الزوجة، وهو مناسب لمعنى العفو الذي في الآية، هذا بالنسبة لرد المتشابه للمحكم، أما بالنسبة لموافقته للأصول التي يجب حمله عليها لأنه محتملاً للمعاني، فلا شك في ثبوت وعدم وجود الخلاف في أنه غير جائز للأب أن يهب شيء من مال الزوجة للزوج ولا لغيره، فكذلك المهر لأنه مال من مالها، فقول من قال بأنه الولي مخالف للأصول ولذلك وجب حمل الآية على ما توافقها من المعاني؛ لأن الآية لا يمكن أن تعتبر أصلاً بنفسها لاحتمالها لأكثر من معنى، فوجب ردها لغيرها من الأصول.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ربيع الثاني 1440هـ/29-12-2018م, 02:59 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة إبراهيم الزبيري مشاهدة المشاركة
تحرير مسائل التفسير (المثال الأول)
المراد بالذي بيده عقدة النكاح:
اختلف المفسرون في المراد بالذي بيده عقدة النكاح على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الولي الّذي بيده عقدة نكاحهنّ، فلا تنكحن إلا بإذنه، كالأب والأخ، وقال بهذا القول ابن عباس [ في رواية عنه ]، وعلقمه، وشريح (في قوله الأول)، وإبراهيم، ومجاهد (في قولهم الأول)، والشعبي، وطاووس، وعكرمة، والحسن، وعطاء، وزيد، وابن زيد، والزهري ومعمر، ومكي بن أبي طالب.
وروي عن أصحاب عبد الله، والأسود بن يزيد.
قال ابن عباس: (أذن اللّه في العفو وأمر به، فإن عفت فكما عفت، وإن ضنّت، وعفا وليّها جاز وإن أبت.) رواه ابن جرير
قال ابن كثير: (وهذا مذهب مالكٍ، وقول الشّافعيّ في القديم)

التخريج:
-وأما قول ابن عباس فقد رواه مسلم الزنجي من طريق ابن أبي نجيح.
اقتباس:
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} قال: الزّوج. قال ابن أبي نجيحٍ: كان ابن عبّاسٍ يقول: الوليّ). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 70]
هذا القول معلق ومقطوع عن الإسناد قبله، وابن أبي نجيح لم يحدث عن ابن عباس ولا أحد من الصحابة؛ فلا نجزم أنه قول ابن عباس من هذا الطريق.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عنه.
ورواه ابن أبي حاتم من محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عنه.
ورواه عبد بن حميد عن ابن عباس كما في الدر المنثور.
وروي من طريق محمد بن سعيد عن آبائه عن ابن عباس.
-وأما قول علقمه فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمه.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-وأما قول شريح فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق مغيرة عن الشعبي.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق سيّار عن الشعبي عن شريح
وكذلك رواه ابن جرير من طريق جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي.
-وأما قول إبراهيم فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير من طريق جرير عن منصور عنه.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق مغيرة عن إبراهيم.
[ إسناد سعيد بن منصور: - حدّثنا سعيدٌ، قال: نا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: هو الوليّ.
إسناد ابن جرير:
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، وابن مهديٍّ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: هو الوليّ.
فأصل الإسناد هو منصور عن إبراهيم ]

- وأما قول مجاهد الأول فقد رواه ابن جرير من طريق شريك عن سالم، وروي من طريق شعبة عن أبي بشر.
-وأما قول الشعبي فقد رواه ابن جرير من طريق أبي عوانه عن مغيرة.
-وأما قول طاووس الأول فقد رواه ابن جرير من طريق شعبة عن أبي بشر.
-وأما قول عكرمة فقد رواه سعيد بن منصور وابن جرير في سننه من طريق سفيان عن عمرو بن دينار.
وكذلك رواه ابن جرير من طري ابن مبارك عن يحيى بن بشر.
وروي من طريق طاووس عن رجل عن عكرمة وفيه رجل مجهول.
-واما قول الحسن فقد رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره
وكذلك رواه ابن جرير من طرق شتى عن الحسن.
-وأما قول عطاء فقد رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبي عوانة عن أبي بشر، وفيه أن هذا القول هو قوله الأول.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق ابن عليه عن أبي جريج عنه.
-وأما قول زيد فقد رواه ابن جرير من طريق ابنه.
-وأما قول ابن زيد فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عنه.
-أما قول الزهري فقد رواه عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن الزهري هو الأب.
-وأما قول معمر فقد رواه عنه عبد الرزاق في تفسيره
-وأما ما روي عن أصحاب عبد الله فقد رواه ابن جرير من طريق الأعمش عن إبراهيم.
-وأما ما روي عن الأسود بن يزيد فقد رواه ابن جرير من طريق معتمر عن حجاج.

هذا القول مبني على معنى العفو في اللغة وهو ترك العافي ما يجب له، فالولي يترك ما يجب لوليته، بخلاف الزوج الذي يتم الصداق كاملاً فهو لم يترك ما وجب له بل أعطى زيادة لم تجب عليه، وهذا لا يدخل في معنى العفو بل هو واهب، ويشبه هذا القول عفا ولي المقتول عن القاتل فترك حقه من الدية، ولا يقال للقاتل الذي أعطى زيادة مما يجب عليه من الدية بأنه عفا القاتل.

وكذلك لأن الآية في البداية ذكرت الأزواج في قوله: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضم لهن فريضة فنص ما فرضتم) والزوجات في قوله (إلا أن يعفون) ، ثم أتت بعدها (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) ولم تحتوي على ضمير عائد على أحد الصنفين السابقين، فدل على أنه قسم ثالث مخالف ومغاير للصنفين الأولين، ولو أراد الزوج لقال أو يعفو الزوج بدون ذكر ما يمكن أن يحمل على غيره.

وكذلك لأن هذه الآية في ذكر العفو عن الصداق بعد الطلاق، فبعد الطلاق تزول عقدة النكاح من يد الزوج، بل هو لا يملكها قبل الطلاق ولا بعده؛ لأن المقصود عقدة نكاح المرأة وهو يملك عقدة نكاح نفسه فقط، ولذلك فإن المقصود هو الولي الذي يملك عقدة نكاحها بعد الطلاق، وقد علم أن المقصود من عقدة النكاح بأنه عقدة نكاحهن وليس نكاحهم لأن ألف لام التعريف بدل من الهاء وهي تعود على أقرب مذكور والتي هي المرأة، فدل على أن المقصود هو الذي بيده عقدة نكاحها، وهو مشابه لقوله تعالى: (فإن الجنة هي المأوى) أي: مأواه.

وكذلك لأن الآية تتحدث عن نصف الصداق المذكور في الآية، الذي هو من حق الزوجة فذكر عفو الزوجة وعفو وليها عنه، ومن قال بأنه الزوج فهو بمعنى أن يتم الصداق، وهو لم يذكر في الآية القسم الآخر من الصداق.

وقد أجاز الشارع للولي العفو عن صداق المرأة لأنه هو السبب في تمليكها لهذا المال، فكان له التصرف فيه بخلاف باقي مالها، كما يراه أصحاب هذا القول.

وأصحاب هذا القول منهم من خصص هذا الأمر بيد الأب فقط ومنهم أجاز ذلك للأخ ولغيره ممن يلي أمر نكاحها، وقد أنكر بعضهم على تجويز العفو لغير الأب.


القول الثاني: هو أبو البِكْر، والسيد في أمته، وهو قول الزهري وزيد وربيعة ومالك.
روي عن ابن عباس وأبي صالح والسدي وابن شهاب.
قال أبو محمد البغوي: (إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ بِتَرْكِ نَصِيبِهَا إِلَى الزَّوْجِ إِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مِنْ أَهْلِ الْعَفْوِ أَوْ يَعْفُو وَلِيُّهَا، فَيَتْرُكُ نَصِيبَهَا إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا، أَوْ غَيْرَ جَائِزَةِ العفو فَيَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ عَفْوُ الْوَلِيِّ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُ وَلِيِّهَا،)

التخريج:
-أما قول الزهري فقد رواه ابن جرير من طريق ابن علية عن ابن جريج.
-وأما قول زيد فقد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن مالك.
-وأما قول ربيعة فقد رواه ابن جرير من طريق ابن وهب عن مالك.
- وأما قول مالك فقد رواه ابن جرير من طريق يونس عن ابن وهب عن مالك، وفيه يشرح قول زيد وربيعة الذي رواه في الموطأ
-أما ما روي عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طريق مثنى وهو مجهول الحال.
-وأما ما روي عن أبي صالح فقد رواه ابن جرير من طريق أبي هشام الرفاعي وهو ضعيف.
-وأما ما روي عن السدي فقد رواه ابن جرير من طريق عمرو عن أسباط وهو ضعيف.
-وأما ما روي عن ابن شهاب فقد رواه ابن جرير من طريق المثنى وهو مجهول.
[ ابن شهاب هو الزهري ]


وهذا القول مبني على أن المقصود من (إلا أن يعفون) الثيبات من النساء خصوصاً، ثم ذكر قوله (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) وهو ولي البكر، وهذا لا يجوز إلا للأب، والذي قادهم إلى هذا القول هو أنه لا يجوز للولي أن يعفو عن شيء من صداق الثيب بأي وجه من الوجوه، فألزمهم هذا أن يقولوا بأن المقصود منه ولي البكر بالخصوص، ووجهوا قوله (إلا أن يعفون) بأن المقصود به الثيبات.

ومما يعضد هذا القول أن أب البكر أملك لعقدة النكاح من الزوج؛ لأن المعقود عليه بضع البكر، ولا يملك الزوج أن يعقد على ذلك بل الأب من يملك ذلك.

وأغلب حجج أصحاب هذا القول مشابهه لحجج القول الأول، وهناك من يجمع بين القولين ويجعلهم قولاً واحداً، ولكن هذا خطأ في نظري؛ لأنه ليس جميع الصحابة والتابعين يحددوا بأنه ولي البكر، بل قليل هم الذين حددوا بأنه ولي البكر خصوصاً، وقد أشتهر هذا القول عن مالك بن أنس، ولمشابهة حججهم مع أصحاب القول الأول فلا حاجة لإعادتها هنا مرة أخرى.


القول الثالث: الزّوج الّذي بيده عقدة نكاح نفسه في كلّ حالٍ، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، والربيع، وسعيد بن مسيب، وسعيد بن جبير، وشريح (في قوله الثاني)، وإبراهيم النخعي، ومجاهد (في قوله الثاني)، والضحاك، والشعبي، وطاووس (في قوله الثاني)، وابن سيرين، وجبير بن مطعم، وعطاء، ومحمد بن كعب القرظي، ونافع، وسفيان، واختاره ابن جرير الطبري وأبو بكر الرازي الجصاص، وأبو الحسن علي الواحدي، والكيا الهراسي، وعبد الرحمن بن علي الجوزي، والقرطبي.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والضحاك وسعيد بن عبد العزيز.
قال شريحٌ بعد: (هو الزّوج إن عفا عن الصّداق كلّه فسلّمه إليها كلّه، أو عفت هي عن النّصف الّذي سمّي لها، وإن تشاحّا كلاهما أخذت نصف صداقها، قال: وأن تعفوا هو أقرب للتّقوى.)
قال جبير بن مطعم: (أنا أحقّ بالعفو)
قال أبو إسحاق الثعلبي: (وهو مذهب أهل العراق لا يرون سبيلا للولي على شيء من صداقها إلّا بإذنها، ثيّبا كانت أو بكرا)
قال ابن كثير: (وهذا هو الجديد من قولي الشّافعيّ، ومذهب أبي حنيفة. وأصحابه، والثّوريّ، وابن شبرمة، والأوزاعيّ، واختاره ابن جريرٍ.).

التخريج:
-وأما قول عليّ بن أبي طالب فقد رواه ابن جرير من طريق قتادة عن خلاس بن عمرو.
وكذلك رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي عما جرى بين شريح وعلي رضي الله عنه بألفاظ متقاربة.
ورواه عبد بن حميد عن علي كما في الدر المنثور.
-وأما قول ابن عباس فقد رواه ابن جرير من طرق شتى عن ابن عباس.
-وأما قول الربيع فقد رواه ابن جرير من طريق ابن أبي جعفر عن أبيه.
-وأما قول سعيد بن مسيب فقد رواه ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة عنه.
-وأما قول سعيد بن جبير فقد رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبو عوانة عن أبي بشر.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عنه.
وكذلك رواه من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-أما قول شريح فقد رواه ابن وهب المصري وابن جرير من طريق ابن سيرين عن شريح.
وكذلك رواه ابن وهب من طريق معاوية عن الحكم بن عتيبة عن شريح.
وكذلك رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير الطبري من طريق مغيرة عن الشعبي عن شريح.
وكذلك رواه سعيد بن منصور في سننه من طريق أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن شريح.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق سيّار عن الشعبي عن شريح.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق الاعمش عن إبراهيم عن شريح.
ورواه ابن جرير من طرق أخرى كثيرة.
-واما قول إبراهيم النخعي فقد رواه ابن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن المغيرة عنه.
-وأما قول مجاهد فقد رواه عبد الرزاق ومسلم بن خالد الزنجي وابن جرير من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وكذلك رواه عبد الرزاق من طريق ابن سيرين عن شريح عن مجاهد.
وكذلك رواه ابن جرير من طرق أخرى.
-وأما قول الضحاك فقد رواه ابن جرير من طريق يزيد بن هارون عن جويبر. [ عن الضحاك به ]
-وأما قول الشعبي فقد رواه ابن جرير من طريق زهير عن أبي إسحاق. [ عن الشعبي ]
وكذلك رواه ابن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن المغيرة عنه، وذكر انه قول الشعبي.
-وأما قول طاووس الثاني فقد رواه سعيد بن منصور في سننه وابن جرير من طريق أبي بشر. [ عن طاووس، نكمل التخريج حتى منتهى الإسناد، والملحوظة متكررة أدناه ]
-وأما قول ابن سيرين فقد رواه ابن جرير من طريق بشر بن المفضل عن عبد الله بن عون.
-وأما قول جبير بن مطعم فقد رواه ابن جرير من طريق واصل بن أبي سعيد عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه.
وكذلك رواه ابن جرير من طريق معمر عن صالح بن كيسان وكذلك من طرق أخرى.
ورواه أبو الحسن الواحدي بسنده من طريق محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.
-وأما قول عطاء فقد رواه سعيد بن منصور من طريق أبو عوانه عن أبي بشر، وفيه أنه بدل قوله الأول لهذا القول.
-وأما قول محمد بن كعب فقد رواه بان جرير من طريق أفلح بن سعيد.
-وأما قول نافع فقد رواه ابن جرير من طريق عبد الوهاب عن عبيد الله.
-وأما قول سفيان فقد رواه ابن جرير من طريق زيد.
-وأما ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رواه ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مرسلاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد روي كذلك عن أبيه عن جده كما رواه ابن أبي حاتم
-وأما ما روي عن الضحاك فقد رواه ابن جرير بقوله (حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ الفضل بن خالدٍ، قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح} قال: الزّوج.) وفي أول سنده انقطاع
-وأما ما روي عن سعيد بن عبد العزيز فقد رواه ابن جرير منقطعاً فقال [ عبد العزيز ] سمعت [ تفسير هذه الآية ] ولم يصرح باسم من سمع منه.

ومن أهم توجيهات هذا القول: كما أن إبراء الولي أو هبته أو عفوه عن مهر البكر أو الثيب قبل طلاقها من زوجها باطل وهو ثابت على الزوج لزوجته، كذلك عفوه عن مهرها بعد الطلاق ليس للولي عليه سبيل. وهو مشابه كذلك في حالة وهب الولي شيء من مال الزوجة لزوجها الذي طلقها طلاقاً بائناً، فهبته باطله، ومهرها مال من مالها وله نفس حكم بقية مالها، فلا يحق للولي أن يهب شيء منه للزوج.

وهذه الحال تنطبق على جميع من ولي أمرها سواء كان أبيها أو أخيها أو ابن عمها أو ابن أخيها، فكما أن عفوهم عن صداقها بعد الدخول بها باطل فكذلك عفوهم عنه قبله، والآية تعم الجميع لأنها لم تحدد أحد الذين بيدهم عقدة النكاح دون غيرهم إن كانت محمولة على أنه الولي، فلا يصح تحديد احد الأولياء دون البعض مثل الأب إلا بدليل صحيح ثابت، ومعلوم ومجمع عليه أن بعض أولياءها لا يجوز عفوهم كبنو الأخوة وبنو الأعمام، فدلّ ذلك على خطأ هذا القول، لعدم تخصيص الآية بعض الأولياء دون بعض.

وإذا كان المقصود من الآية الولي بالمعنى العام فإنها ستعارض بعض الأحكام الثابت المجمع عليها عند الفقهاء والشريعة الإسلامية يعضد بعضها بعضاً ويستحيل أن تتعارض، وهذا مثل: أن ولي المولاة المعتقة يجوز لوليها أن يزوجها ولكن لا يجوز له أن يعفو عن مهرها إن طلقها زوجها قبل المسيس وهو قول الجميع كما قال ابن جرير الطبري.

وقد ظن البعض أن المقصود من الذي بيده عقدة النكاح أي: نكاحهن وهو الولي وليس الزوج، وهذا خطأ فالزوج بيده عقدة نكاحه منها قبل الطلاق وبعده، فالهاء التي أضيف بدلها الألف واللام في (النكاح) تعود على الزوج لأنهما في النكاح، فلولا النكاح الذي هم فيه لعاد إليها، كما في قوله تعالى: (فإن الجنة هي المأوى) أي: الجنة هي مأواه، فهو داخل فيها، فكذلك عقدة النكاح المقصود به النكاح الذي هم فيه أو كانوا فيه، فهو عائد على الزوج الذي في النكاح وليس الولي الذي هو خارج هذا النكاح، وهو كذلك لا يملك عقدة نكاح قد مضت، فهي قد خرجت من يده ليد الزوج.

والولي لا يملك عقدة نكاح المرأة بغير إذنها إلا إذا كانت الصغيرة، والتي لا يملك العقد عليها إلا بعض أوليائها، وهنا سبحانه وتعالى لم يخصص أحد الأولياء دون بعض ليتبين أن المقصود به هو ولي الصغيرة، وهو أيضاً مخالف لسياق الآيتين الذي هو في طلاق النساء (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن..) والعرب لا تطلق على الصبية أو الجارية لقب النساء كما لا تطلق على الصبي لقب الرجل، فالنساء جمع لأسم المرأة، وإن كان السياق في النساء فيكون المقصود من (إلا أن يعفون) أي: المرأة بشكل عام التي لها ولاية على مالها، ومعلوم أن الصغيرة التي لا ولاية لها مالها لا تملك أن تعفو عن مالها، وهي لم تذكر لخصوص الآية في ذكر النساء المطلقات.

فإن علم أن سياق الآية في النساء وليس الصغيرة والصبية، فيحمل قول من قال بأن المقصود من عقدة النكاح أي: نكاحهن على النساء البوالغ والتي لا يملك عقدة نكاحها إلا بإذنها، فنعود لما قلناه سابقاً.
وقد قال بعضهم أنه سبحانه إنما أراد من (إلا أن يعفون الثيبات) وأنه أراد من (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح) أي ولي البكر، فلا يجوز للبكر أن تعفو عن نصفها بل وليها هو الذي يعفو عنها، فهذا باطل ويبطله عدم تخصيصه سبحانه في الآية (إلا أن يعفون) البكر أو الثيب بل هو عام في جميع النساء، وكذلك الآية في بدايتها أيضاً لم تخصص بل كانت عامة (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن أو تفرضوا [وقد فرضتم] لهن فريضة فنصف ما فرضتم) فلجميع النساء النصف، فلماذا خصص بعد ذلك بدون دليل وهو معطوف عليه؟ فدل ذلك على أن المقصود بالآية الأبكار والثيبات جميعاً دون تفريق.

ونرد على من قال بأنه لو كان أراد الزوج لقال أو يعفو الزوج، ولم يذكره بلفظ محتمل، نقول بأنه لو أراد الولي لقال أو يعفو الولي ولم يذكره بلفظ يحتمل معه غيره، وكما قال أبو بكر الرازي: (لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَذْكُرُ إيجَابَ الْأَحْكَامِ تَارَةً بِالنُّصُوصِ وَتَارَةً بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ عَلَيْهِ وَتَارَةً بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ لِلْمَعَانِي وَهُوَ فِي بَعْضِهَا أَظْهَرُ وَبِهِ أَوْلَى وَتَارَةً بِلَفْظٍ مُشْتَرَكٍ يَتَنَاوَلُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً يُحْتَاجُ فِي الْوُصُولِ إلَى الْمُرَادِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ) وهذه الآية أحد تلك المواضع، وكذلك لأنه سبحانه وتعالى أراد أن يذكر الزوج بصفة يتميز بها عن الزوجة، فهو سبحانه رغب في بادئ الأمر المرأة بالعفو لأن الزوج لم ينل منها شيئاً يقوم مقام ما أوجبه على نفسه من الصداق، ثم ذكّر الصنف الآخر وهو الزوج الذي بيده عقدة النكاح ورغبه في أن يثبت على إعطاءاها [إعطائه] مهرها كاملاً او عدم أخذه شيء منه، فهو الذي ساقه إليها وقد ابتذلها بالطلاق، وقطع طمعها في أن تصله وتتزوجه.

وكذلك نرد على من قال بأن الزوج واهب وليس عافي، بأن الصحابة رضي الله عنهم هم الذين قالوا بهذا القول وهم أعلم باللغة العربية وبمعانيها وما تحتمله، والعفو هنا ليس هو القول قد عفوت، بل هو هنا عفو في التمليك فالمرأة لا تقول قد عفوت عنك بل هي تسقط حقها وتملكه زوجها، فكذلك الزوج يعفو عن تمليكه نصفه، فلا يأخذ نصفه الذي هو حق له سواء كانت تمتلكه وتقدر عليه أم لا، (فَكُلُّ عَفْوٍ أُضِيفَ إلَى الْمَرْأَةِ فَمِثْلُهُ يُضَافُ إلَى الزَّوْجِ) كما قال أبو بكر الرازي.
ويجاب كذلك على قولهم أن المذكور هو نصف الصداق وإنما يعفو عن النصف الزوجة أو الولي، ولا يدخل فيه الزوج، فنقول بأنه لا يبعد بأنه سبحانه وتعالى بعد أن تطرق للنصف الأول في الآية أن يتطرق للنصف الآخر في قوله (أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح)، فيكون حكم العفو عن جميع الصداق مذكوراً.

وقد قال تعالى بعده (وأن تعفو أقرب للتقوى)، ولا تقوى للولي في هبته مال غيره، بخلاف الزوج الذي سيهب من ماله، ثم قال تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) فندب الزوجين إلى الفضل بينهما، بأن يعطي الزوج المهر كاملا أو يتنازل عن حقه وهو النصف، أو هي تتفضل بإعادة جميع المهر، ولا إفضال على الغير في هبة مال الغير، كما هو الحال مع من أخذ بأنه الولي.

فإن قيل بأن الحجة السابقة قائمة على من لا يملك مال من يلي أمره، فإن كان يملك مال الذي يلي أمره من الصغير وغيره استقام المعنى واستحق الثواب، فقد ثبت بأنه له التصرف في ماله كإخراجه زكاة الفطر والأضحية وغيره، فنرد على هذا القول بأن الولي في هذه الأمثلة قام بإخراج ما هو واجب من إخراج صدقة الفطر وهو ثابت له ولغيره، ولكن نقطة الحجاج التي في الآية أنه ليس للولي أن يعفو أو يهب شيء من مال موليته، وليس بأن يخرج من مالها ما هو واجب، ففرق بين إخراج الواجب وبين التبرع بشيء من مالها.


يتبين مما سبق بأن القول الثالث هو الراجح، لقوة حججهم، ولكثرة أصحاب هذا القول من الصحابة والتابعين، مع رجوع بعض التابعين عن قولهم بأنه الولي إلى أنه الزوج، ورجوع بعضهم كان بسبب توجيه بعض الصحابة والتابعين لهم لهذا القول، كما حدث مع علي رضي الله عنه وشريح، وكل هذا يعضد هذا القول ويقويه.
عن عيسى بن عاصمٍ الأسديّ، أنّ عليًّا، سأل شريحًا، عن الّذي بيده عقدة النّكاح، فقال: هو الوليّ. فقال عليّ: لا، ولكنّه الزّوج.

وهذا يتبين بعد العمل بقاعدة المحكم والمتشابه، فهذه الآية متشابهة لاحتمالها الوجهين الذين ذكرهما السلف، وهما الزوج وولي الأمر، ولا يمكن الجمع بينهما، فوجب رد هذا المتشابه إلى المحكم ليزول التشابه، ومن الآيات المحكمة التي ترد إليها هذه الآية، قوله تعالى: (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)، فذكر في هذه الآية ترك الزوج الصداق عليها وتركها الصداق عليه، وهو بعضد قول أنه الزوج في الآية التي نحن بصددها، فكما ذكر عفو الزوجة ناسب أن يذكر عفو الزوج كذلك كما في هذه الآية، وكذلك قوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) وقوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ)، وهاتين الآيتين فيهما منع للزوج من انتزاع شيء من الزوجة، وهو مناسب لمعنى العفو الذي في الآية، هذا بالنسبة لرد المتشابه للمحكم، أما بالنسبة لموافقته للأصول التي يجب حمله عليها لأنه محتملاً للمعاني، فلا شك في ثبوت وعدم وجود الخلاف في أنه غير جائز للأب أن يهب شيء من مال الزوجة للزوج ولا لغيره، فكذلك المهر لأنه مال من مالها، فقول من قال بأنه الولي مخالف للأصول ولذلك وجب حمل الآية على ما توافقها من المعاني؛ لأن الآية لا يمكن أن تعتبر أصلاً بنفسها لاحتمالها لأكثر من معنى، فوجب ردها لغيرها من الأصول.

أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ، وقد تميزتِ في التخريج والدراسة، وأرجو مراجعة الملحوظات التي باللون الأحمر أثناء الاقتباس مع الملحوظات اليسيرة أدناه:
- ترتيب القائلين من الصحابة للتابعين، الأكبر فالاصغر؛ فلا يصح تقديم تابعي مثلا على ابن عباس.
- إذا لم تجدي سوى إسناد واحد للقول فالأولى ذكره كاملا مع ذكر من أخرجه من الأئمة.
- ابن عباس لو لاحظتِ له ثلاث روايات في هذه المسألة؛ فننبه على ذلك أثناء إيراد الأقوال بقولنا: " وهو رواية عن ابن عباس "، وكذا في نظائر هذا الأمر.
التقويم: أ
آسف لخصم نصف درجة للتأخير، نفع الله بكِ وسدد خطاكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir