دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 محرم 1439هـ/18-10-2017م, 01:28 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مجلس أداء التطبيق الخامس من تطبيقات دورة مهارات التفسير

مجلس أداء التطبيق الخامس من تطبيقات دورة مهارات التفسير


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30 محرم 1439هـ/20-10-2017م, 05:46 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

التطبيق الثاني
2. معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
. هذه المسألة تفسيرية لغوية تتعلق ببيان معنى مفردة من مفردات القرآن، ولذلك فإنّ البحث في كتب المرتبة الخامسة سيكون في معاجم اللغة.

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):..عن معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، في قوله تعالى : { بنين وحفدة } ، قال : الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك . "تفسير عبد الرزاق (2/ 272)."

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):.عن ابن عيينة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : قال عبد الله بن مسعود : أتدري ما الحفدة يا زر ؟ قال : قلت نعم ، هم : حفاد الرجل من ولده ، وولد ولده ، قال : لا ، هم الأصهار ..."تفسير عبد الرزاق (2/ 273)"
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):عن ابن التيمي ، عن أبيه ، عن الحسن ، قال : الحفدة : الخدم .."تفسير عبد الرزاق (2/ 274)."

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ
): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان. وكان ابن عبّاسٍ يقول: الخدم). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطّيّبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه هم يكفرون}.
يقول تعالى ذكره: {واللّه} الّذي {جعل لكم} أيّها النّاس {من أنفسكم أزواجًا} يعني أنّه خلق من آدم زوجته حوّاء، {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً}.
-
كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي واللّه خلق آدم، ثمّ خلق زوجته منه، ثمّ جعل لكم بنين وحفدةً ".
واختلف أهل التّأويل في المعني بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرّجل على بناته.
ذكر من قال ذلك
-
حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
-
حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء، سألت عبد اللّه: " ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرّجل يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: " لا، ولكنّهم الأختان "
-
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه قال: " الحفدة: الأختان ".
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان بإسناده عن عبد اللّه، مثله
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه، قال: " الأختان "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
-
وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
-
حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيشٍ، قال: قال لي عبد اللّه بن مسعودٍ: " ما الحفدة يا زرّ؟ قال: قلت: هم حفاد الرّجل من ولده وولد ولده، قال: " لا، هم الأصهار ".
وقال آخرون: هم أعوان الرّجل وخدمه
ذكر من قال ذلك
-
حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
-
حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
-
حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " هم الّذين يعينون الرّجل من ولده وخدمه "
-
حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
-
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سلاّمٌ أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، مثله
-
حدّثني محمّد بن خالدٍ، قال: حدّثني سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " البنين وبني البنين، من أعانك من أهلٍ وخادمٍ فقد حفدك "
-
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: " هم الخدم "
-
حدّثني محمّد بن خالدٍ، وابن وكيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الحفدة: الخدم "
-
حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، جميعًا عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بنين وحفدةً} قال: " ابنه وخادمه "
-
حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {بنين وحفدةً} قال: " أنصارًا، وأعوانًا، وخدّمًا "
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: " الحفدة: الخدم ".
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، مرّةً أخرى قال: " ابنه وخادمه "
-
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: " {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} مهنةً يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامةٌ أكرمكم اللّه بها "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " الّذين يعينونه "
-
حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك "
-
حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن الحسن قال: " الحفدة: الخدم "
-
حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة: {بنين وحفدةً} قال: " ولده الّذين يعينونه ".
وقال آخرون: هم ولد الرّجل وولد ولده
ذكر من قال ذلك
-
حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: " هم الولد، وولد الولد "
-
حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: البنون ".
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
-
حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك " قال جميل:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكّفّهنّ أزمّة الأجمال "
-
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
-
حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: " ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور ".
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرّجل من غيره
ذكر من قال ذلك
-
حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " وقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا، ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل
وقوله: {ورزقكم من الطّيّبات} يقول: ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات
{
أفبالباطل يؤمنون} يقول تعالى ذكره: يحرّم عليهم أولياء الشّيطان من البحائر والسّوائب والوصائل، فيصدّق هؤلاء المشركون باللّه {وبنعمة اللّه هم يكفرون} يقول: وبما أحلّ اللّه لهم من ذلك وأنعم عليهم بإحلاله، {يكفرون} يقول: ينكرون تحليله، ويجحدون أن يكون اللّه أحلّه). [جامع البيان: 14/295-304]


قال أبو محمد عبد الرحمن عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)
قوله تَعَالَى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } آية 72 .
عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ : " { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } ، قَالَ : خلق آدم ، ثُمَّ خلق زوجته منه " .
قَوْلهُ تَعَالَى : { وَحَفَدَةً } .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : الأصهار " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : الولد وولده " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : بنو البنين " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : بنو امرأة الرجل لَيْسُوا منه " .
عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، قَالَ : " الحفدة : الأعوان " .
عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : " الحفدة : الخدم " .
عَنْ الحسن قَالَ : " الحفدة : البنون وبنو البنين ، ومن أعانك مِنَ أهْل أو خادم فقد حفدك " . قَوْلهُ تَعَالَى : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ : " { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : الشرك "
. " تفسير ابن أبي حاتم ) (7/ 2291)"

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما). [تفسير مجاهد: 349]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكر بن أبي دارمٍ الحافظ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثني أبي، ثنا أبو معاوية، عن أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ " {بنين وحفدةً} [النحل: 72] قال: الحفدة الأختان «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»).[المستدرك: 2/387]

قال أحمد أبو إسحاق الثعلبي (ت: 427هـ):
{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } ، يعني : أنه خلق من آدم زوجته حوّاء ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } . ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى : هم الأصهار أختان الرجل على بناته .
روى شعبة عن عاصم : بن بهدلة قال : سمعت زر بن حبيش وكان رجلاً غريباً أدرك الجاهلية قال : كنت أمسك على عبد الله المصحف ، فأتى على هذه الآية قال : هل تدري ما الحفدة ، قلت : هم حشم الرجل . قال عبد الله : لا ، ولكنهم الأختان . وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس .
وقال عكرمة والحسن والضحاك : هم الخدم .
مجاهد وأبو مالك الأنصاري : هم الأعوان ، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال : من أعانك حفدك .
وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهنّ أزمّة الأجمال
وقال عطاء : هم ولد الرجل ، يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه .
وقال قتادة : [ مهنة يمتهنونكم ] ، ويخدمونكم من أولادكم .
الكلبي ومقاتل : البنين : الصغار ، والحفدة : كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله .
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس : إنهم ولد الولد .
ابن زيد : هم بنو المرأة من الزوج الأوّل . وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس : هم بنو امرأة الرجل الأوّل .
وقال العتبي : أصل الحفد : مداركة الخطر والإسراع في المشي .
فقيل : لكل من أسرع في الخدمة والعمل : حفدة ، واحدهم حافد ، ومنه يقال في دعاء الوتر : إليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع إلى العمل بطاعتك .
وأنشد ابن جرير [ للراعي ] :
كلفت مجهولها نوقاً يمانية *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
{ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } .
قال ابن عبّاس : بالأصنام .
{ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يعني : التوحيد الباطل ، فالشيطان أمرهم بنحر : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، { وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ } ، بما أحلّ الله لهم ، { هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يجحدون تحليله
."الكشف والبيان عن تفسير القرآن (6/ 30-31 )"

قال أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت: 437هـ)
ثم قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}.
قال ابن مسعود: الحفدة: الاختان. وهو قول ابن عباس وابن جبير. وعن ابن عباس: أنهم الأصهار. وقال محمد بن الحسن: الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه، والصهر من كان من قبل المرأة من الرجل. وقال ابن الأعربي ضد هذا القول في الأختان والأصهار. وقال [الأ] صمعي الختن من كان من الرجال من قبل المرأة والأصهار منهما جميعاً، وقيل: الحفدة أعوان الرجل وخدمه.
وروي عن ابن عباس أنه سئل عن الحفدة في الآية فقال: من أعانك فقد حفدك. [و] قال عكرمة: الحفدة الخدام.
[و] عنه أيضاً الحفدة من خدمك من ولدك. وعن مجاهد أنه قال: الحفدة ابن الرجل وخادمه وأعوانه. وعن ابن عباس أيضاً هم ولد الرجل وولد ولده. وقال ابن زيد وغيره: هم ولد الرجل [و] الذين يخدمونه. وعن ابن عباس: أنه قال: هم بنو امرأة الرجل من غيره.
والحفدة: جمع حافد كفاسق / وفسقة، والحافد في كلام العرب المتخفف في الخدمة والعمل ومنه قولهم، وإليك نسعى ونحفده، أي: نسرع في العمل بطاعتك." الهداية الى بلوغ النهاية (6/ 4042-4043 )"


قال أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450هـ)
قوله عز وجل: {والّلهُ جَعَل لكُم مِن أنفسِكم أزواجاً} فيه وجهان: أحدهما: يعني جعل لكم من جنسكم مثلكم , فضرب المثل من أنفسكم , قاله ابن بحر. الثاني: يعني آدم خلق منه حوّاء , قاله الأكثرون. {وجعل لكم مِن أزواجكم بنين وحفدة} وفي الحفدة خمسة أقاويل:
أحدها: أنهم الأصهار أختان الرجل على بناته , قاله ابن مسعود وأبو الضحى. وسعيد بن جبير وإبراهيم , ومنه قول الشاعر:
(ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حَفَدٌ مما يُعَدّث كثيرُ)
(ولكنها نفس عليَّ أبيّة ... عَيُوفٌ لأَصهارِ للئام قَذور)
الثاني: أنهم أولاد الأولاد , قاله ابن عباس.
الثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره , وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
الرابع: أنهم الأعوان , قاله الحسن.
الخامس: أنهم الخدم , قاله مجاهد وقتادة وطاووس , ومنه قول جميل:
(حفد الولائدُ حولهم وأسلمت ... بأكفهن أزِمّةَ الأجمال)
وقال طرفة بن العبد:
(يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرماً ذلك منهم غير ذل)
وأصل الحفد الإسراع , والحفدة جمع حافد , والحافد هو المسرع في العمل , ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد , أي نسرع إلى العمل بطاعتك , منه قول الراعي:
(كلفت مجهولها نوقاً ثمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا)
وذهب بعض العلماء في تفسير قوله تعالى {بنين وحفدة} البنين الصغار والحفدة الكبار. {ورزقكم من الطيبات} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من الفيىء والغنيمة.
الثاني: من المباحات في البوادي.
الثالث: ما أوتيه عفواً من غير طلب ولا تعب.
{أفبالباطِل يؤمنون} فيه وجهان: أحدهما: بالأصنام. الثاني: يجحدون البعث والجزاء.
{وبنعمة الله يكفرون} فيها وجهان:
أحدهما: بالإسلام.
الثاني: بما رزقهم الله تعالى من الحلال آفة من أصنامهم. حكاه الكلبي... " النكت والعيون (3/ 202-203)"

قال أبو المظفر، السمعاني (ت: 489ه)
قوله تعالى : ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) ، فيه قولان :
أحدهما : أن هذا في آدم -عليه السلام- فإن الله تعالى خلق حواء من بعض أضلاعه .
والقول الثاني : خلق من أنفسكم أزواجا ، أي : من جنسكم أزواجا .
وقوله : (
وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) ، في الحفدة أقوال :
-روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : هم : الأختان ، وعنه أيضا أنه قال : هم : الأصهار ، ومعنى الآية على هذا القول : وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهم ؛ فيحصل لكم بسببهم الأختان والأصهار .
-وعن ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد وغيرهما أنهم قالوا : الخدم ،

-وعن الحسن البصري قال : الأعوان ، وقيل : [ أولاد ] الأولاد ، وقيل : بنو المرأة من غيره .
والحفد في اللغة : هو الإسراع في العمل ، وفي دعاء القنوت : وإليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع ، وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزمة الأجمال
وقيل : إن البنين ، هم : الكبار ، والحفدة ، هم : الصغار ، ويقال : في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه : وجعل لكم حفدة ، ومن أزواجكم بنين . وقوله : ( ورزقكم من الطيبات ) ، يعني : من النعم الحلال .
وقوله : ( أفبالباطل يؤمنون ) ، وهذا على طريق الإنكار . وقوله : ( وبنعمة الله هم يكفرون ) ، يعني : بالإسلام هم يكفرون ، وقيل : بمحمد هم يكفرون ..":"..
تفسير السمعاني (3/ 189)


قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 510هـ)

{وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيُّ: الْحَفَدَةُ أَخْتَانُ الرَّجُلِ عَلَى بَنَاتِهِ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا: أَنَّهُمُ الْأَصْهَارُ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ، تُزَوِّجُونَهُمْ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِهِمُ الْأَخْتَانُ وَالْأَصْهَارُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَاكُ: هُمُ الْخَدَمُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْأَعْوَانُ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: هُمْ وَلَدُ وَلَدِ الرَّجُلِ، الَّذِينَ يُعِينُونَهُ وَيَخْدُمُونَهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَهِنَةٌ يَمْتَهِنُونَكُمْ وَيَخْدُمُونَكُمْ مِنْ أَوْلَادِكُمْ .
قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: "الْبَنِينَ": الصِّغَارُ، وَ"الْحَفَدَةُ": كِبَارُ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ عَلَى عَمَلِهِ.
وَرَوَى مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ وَلَدُ الْوَلَدِ.

وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنْهُ: أَنَّهُمْ بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ لَيْسُوا مِنْهُ .
{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} مِنَ النِّعَمِ وَالْحَلَالِ، {أَفَبِالْبَاطِلِ} يَعْنِي الْأَصْنَامَ، {يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} ؟ يَعْنِي التَّوْحِيدَ وَالْإِسْلَامَ.
وَقِيلَ: "الْبَاطِلُ": الشَّيْطَانُ، أَمَرَهُمْ بِتَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَ"بِنِعْمَةِ اللَّهِ" أَيْ: بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ "يَكْفُرُونَ": يَجْحَدُونَ تَحْلِيلَهُ. "تفسير البغوي - طيبة (5/ 31-32 )"


قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
{ مّنْ أَنفُسِكُمْ } من جنسكم . وقيل : هو خلق حواء من ضلع آدم . والحفدة : جمع حافد ، وهو الذي يحفد ، أي : يسرع في الطاعة والخدمة . ومنه قول القانت : وإليك نسعى ونحفد ، وقال :
حَفَدَ الْوَلاَئِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَت *** بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
واختلف فيهم فقيل : هم : الأختان على البنات ،
وقيل : أولاد الأولاد ،
وقيل : أولاد المرأة من الزوج الأوّل ،
وقيل : المعنى : وجعل لكم حفدة ، أي : خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ، ويجوز أن يراد بالحفدة : البنون أنفسهم ؛ كقوله : { سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } [ النحل : 67 ] ، كأنه قيل : وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون ، أي : جامعون بين الأمرين ، { مّنَ الطيبات } ، يريد بعضها ؛ لأنّ كل الطيبات في الجنة ، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها ، { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، وهو : ما يعتقدون من منفعة الأصنام ، وبركتها وشفاعتها . وما هو إلا وهم باطل ، لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به ، كأنه شيء معلوم مستيقن . ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز : هم كافرون بها منكرون لها ، كما ينكر المحال الذي لا يتصوره العقول . وقيل : الباطل : يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما . ونعمة الله : ما أحل لهم ."( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/ 620)"
.



قال أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي المحاربي (ت: 542هـ)

وقوله : { والله جعل لكم } الآية ، آية تعديد نعم ، و «الأزواج » الزوجات ، ولا يترتب في هذه الآية الأنواع ولا غير ذلك ، وقوله : { من أنفسكم } ، يحتمل أن يريد خلقته حواء من نفس آدم وجسمه ، فمن حيث كانا مبتدأ الجميع ، ساغ حمل أمرهما على الجميع ، حتى صار الأمر كأن النساء خلقن من أنفس الرجال ، وهذا قول قتادة ، والأظهر عندي : أن يريد بقوله : { من أنفسكم } ، أي : من نوعكم وعلى خلقتكم ، كما قال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } [ التوبة : 128 ] ، وقوله : { وجعل لكم من أزواجكم بنين } ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ،
واختلف الناس في قوله : { وحفدة }
فقال ابن عباس : «الحفدة » ، أولاد البنين ،
وقال الحسن : هم : بنوك وبنو بنيك ،
وقال ابن مسعود وأبو الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير : «الحفدة » : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة ،
وقال مجاهد : «الحفدة » : الأنصار والأعوان والخدم ، وحكى الزجاج : أن الحفدة البنات في قول بعضهم ، قال الزهراوي ؛ لأنهن خدم الأبوين ؛ لأن لفظة البنين لا تدل عليهن ، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } [ الكهف : 46 ] وإنما الزينة في الذكور ، وقال ابن عباس أيضاً : «الحفدة » ، أولاد زوجة الرجل من غيره ، ولا خلاف أن معنى الحفد : الخدمة والبر والمشي مسرعاً في الطاعة ، ومنه في القنوت : وإليك نسعى ونحفد ، والحفدان : خبب فوق المشي ، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر : [ الكامل ]
حفد الولائد بينهن وأسلمت . . . بأكفهن أزمة الأجمال
ومنه قول الآخر : [ البسيط ]
كلفت مجهولها نوقاً يمانية . . . إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال القاضي أبو محمد : وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنيت على أن كل أحد جعل له من زوجه بنون وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس ، ويحتمل عندي أن قوله : { من أزواجكم } ، إنما هو على العموم والاشتراك ، أي : من أزواج البشر جعل الله لهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، فمن لم تكن له قط زوجة ، فقد جعل الله له حفدة ، وحصل تحت النعمة ، وأولئك الحفدة هم من الأزواج ، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم ، وتستقيم لفظة «الحفدة » ، على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة ، وقالت فرقة : «الحفدة » ، هم البنون .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم ، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً ، أي : وهم لهم أعوان ، فكأنه قال : وهم حفدة ، وقوله : { ورزقكم من الطيبات } ، يريد الله : من الأشياء التي تطيب لمن رزقها ، ولا يقتصر هنا على الحلال ؛ لأنهم كفار لا يكتسبون بشرع ، وفي هذه الآية رد على من قال من المعتزلة : إن الرزق إنما يكون الحلال فقط ، و { لكم } ، تعلق في لفظة { من } ، إذ هي للتبعيض ، فيقولون : ليس الرزق المعدد عليهم من جميع ما بأيديهم إلا ما كان حلالاً ، وقرأ الجمهور «يؤمنون » ، وتجيء الآية على هذه القراءة توقيفاً لمحمد صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل وكفرهم بنعمة الله ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «تؤمنون » ، بالتاء من فوق ، ورويت عن عاصم على معنى : قل لهم يا محمد ، ويجيء قوله بعد ذلك : { وبنعمت الله هم يكفرون } ، إخباراً مجرداً عنهم وحكماً عليهم لا توقيفاً ، وقد يحتمل التوقيف أيضاً على قلة اطراد في القول .
"(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (3/ 408)"

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ):

قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، يعني : النساء .
وفي معنى : { مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، قولان :
أحدهما : أنه خلق آدم ، ثم خلق زوجته منه ، قاله قتادة .
والثاني : { من أنفسكم } ، أي : من جنسكم من بني آدم ، قاله ابن زيد . وفي الحفدة خمسة أقوال :
أحدها : أنهم الأصهار ، أختان الرجل على بناته ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس في رواية ، ومجاهد في رواية ، وسعيد بن جبير ، والنخعي ، وأنشدوا من ذلك :
ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية *** عيوف لأصهار اللئام قذور
والثاني : أنهم : الخدم ، رواه مجاهد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية الحسن ، وطاوس وعكرمة في رواية الضحاك ، وهذا القول يحتمل وجهين : أحدهما : أنه يراد بالخدم : الأولاد ، فيكون المعنى : أن الأولاد يخدمون . قال ابن قتيبة : الحفدة : الخدم والأعوان ، فالمعنى : هم بنون ، وهم خدم . وأصل الحفد : مداركة الخطو والإسراع في المشي ، وإنما يفعل الخدم هذا ، فقيل لهم : حفدة . ومنه يقال في دعاء الوتر : " وإليك نسعى ونحفد " . والثاني : أن يراد بالخدم : المماليك ، فيكون معنى الآية : وجعل لكم من أزواجكم بنين ، وجعل لكم حفدة من غير الأزواج ، ذكره ابن الأنباري .
والثالث : أنهم : بنو امرأة الرجل من غيره ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك .
والرابع : أنهم : ولد الولد ، رواه مجاهد عن ابن عباس .
والخامس : أنهم : كبار الأولاد ، والبنون : صغارهم ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . قال مقاتل : وكانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم . قال الزجاج : وحقيقة هذا الكلام أن الله تعالى جعل من الأزواج بنين ، ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة .
قوله تعالى : { وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ } ، قاله ابن عباس : يريد : من أنواع الثمار والحبوب والحيوان .
قوله تعالى : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الأصنام ، قاله ابن عباس .
والثاني : أنه الشريك والصاحبة والولد ، فالمعنى : يصدقون أن لله ذلك ؟ ! قاله عطاء .
والثالث : أنه الشيطان ، أمرهم بتحريم البحيرة والسائبة ، فصدقوا .
وفي المراد ب " نعمة الله " ، ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها التوحيد ، قاله ابن عباس . والثاني : القرآن ، والرسول .
والثالث : الحلال الذي أحله الله لهم .
"زاد المسير في علم التفسير (2/ 571- 572)"
:

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي(ت:671هـ):

قوله تعالى : " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا " ، جعل بمعنى : خلق ، " من أنفسكم أزواجا " ، يعني : آدم خلق منه حواء . وقيل : المعنى : جعل لكم من أنفسكم ، أي : من جنسكم ونوعكم وعلى خلقتكم ، كما قال : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " [ التوبة : 128 ] ، أي من الآدميين . وفي هذا رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوَّج الجن وتباضعها ، حتى روي أن عمرو بن هند تزوج منهم غولا ، وكان يخبؤها عن البرق لئلا تراه فتنفر ، فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة ، فقالت : عمرو ونفرت ، فلم يرها أبدا . وهذا من أكاذيبها ، وإن كان جائزا في حكم الله وحكمته ، فهو رد على الفلاسفة الذين ينكرون وجود الجن ويحيلون طعامهم . " أزواجا " ، زوج الرجل هي ثانيته ، فإنه فرد ، فإذا انضافت إليه كانا زوجين ، وإنما جعلت الإضافة إليه دونها ؛ لأنه أصلها في الوجود كما تقدم .
قوله تعالى :{ وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } ، فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " وجعل لكم من أزواجكم بنين " ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ، ووجود الأبناء يكون منهما معا ، ولكنه لما كان خلق المولود فيها وانفصاله عنها أضيف إليها ، ولذلك تبعها في الرق والحرية وصار مثلها في المالية . قال ابن العربي : سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول : إنما تبع الولد الأم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية ؛ لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ولا مالية فيه ولا منفعة ، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها فلأجل ذلك تبعها . كما لو أكل رجل تمرا في أرض رجل وسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة ، فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل ، بإجماع من الأمة ؛ لأنها انفصلت عن الآكل ولا قيمة لها .
الثانية : قوله تعالى : " وحفدة " ، روى ابن القاسم عن مالك ، قال وسألته عن قوله تعالى : " بنين وحفدة " ، قال : الحفدة : الخدم والأعوان في رأيي . وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : " وحفدة " ، قال هم الأعوان ، من أعانك فقد حفدك . قيل له : فهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم ، وتقول أو ما سمعت قول الشاعر :
حَفَد الولائدُ حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
أي : أسرعن الخدمة . والولائد : الخدم ، الواحدة وليدة ، قال الأعشى :
كلفتُ مجهولَها نوقًا يمانيَة *** إذا الحُدَاةُ على أكسائها حَفَدُوا
أي : أسرعوا . وقال ابن عرفة : الحفدة : عند العرب الأعوان ، فكل من عمل عملا أطاع فيه وسارع ، فهو : حافد ، قال : ومنه قولهم إليك نسعى ونحفد ، والحفدان : السرعة . قال أبو عبيد : الحفد : العمل والخدمة . وقال الخليل بن أحمد : الحفدة : عند العرب الخدم ، وقاله مجاهد . وقال الأزهري : قيل : الحفدة : أولاد الأولاد . وروي عن ابن عباس . وقيل : الأختان ، قاله ابن مسعود وعلقمة وأبو الضحاك وسعيد بن جبير وإبراهيم ؛ ومنه قول الشاعر :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حَفَدٌ ما يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نفسٌ عليّ أبيَّةٌ *** عَيُوفٌ لإصهار اللئام قذورُ
وروى زر عن عبدالله قال : الحفدة : الأصهار ، وقاله إبراهيم ، والمعنى متقارب . قال الأصمعي : الختن : من كان من قبل المرأة ، مثل أبيها وأخيها وما أشبههما ، والأصهار منها جميعا . يقال : أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر . وقول عبد الله هم الأختان ، يحتمل المعنيين جميعا . يحتمل : أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها ، ويحتمل أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن ، فيكون لكم بسببهن أختان . وقال عكرمة : الحفدة : من نفع الرجال من ولده ، وأصله : من حفد يحفد - بفتح العين في الماضي ، وكسرها في المستقبل - إذا أسرع في سيره ، كما قال كثير :
حَفد الولائد بينهن . . . البيت
ويقال : حفدت وأحفدت ، لغتان إذا خدمت . ويقال : حافد وحفد ، مثل خادم وخدم ، وحافد وحفدة ، مثل كافر وكفرة . قال المهدوي : ومن جعل الحفدة الخدم ، جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم ، كأنه قال : جعل لكم حفدة ، وجعل لكم من أزواجكم بنين .
قلت : ما قال الأزهري : من أن الحفدة أولاد الأولاد ، هو ظاهر القرآن بل نصه ، ألا ترى أنه قال : " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " ، فجعل الحفدة والبنين منهن . وقال ابن العربي : الأظهر عندي في قوله : " بنين وحفدة " ، أن البنين أولاد الرجل لصلبه ، والحفدة أولاد ولده ، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ويكون تقدير الآية على هذا : وجعل لكم من أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة . وقال معناه الحسن .
الثالثة : إذا فرعنا على قول مجاهد وابن عباس ومالك وعلماء اللغة ، في قولهم إن الحفدة الخدم والأعوان ، فقد خرجت خدمة الولد والزوجة من القرآن بأبدع بيان ، قاله ابن العربي . روى البخاري وغيره ، عن سهل بن سعد ، أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعرسه ، فكانت امرأته خادمهم . . . الحديث ، وقد تقدم في سورة " هود ". وفي الصحيح عن عائشة قالت : أنا فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي . الحديث . ولهذا قال علماؤنا : عليها أن تفرش الفراش ، وتطبخ القدر ، وتقم الدار ، بحسب حالها وعادة مثلها ، قال الله تعالى : " وجعل منها زوجها ليسكن إليها " [ الأعراف : 189 ] ، فكأنه جمع لنا فيها السكن ، والاستمتاع ، وضربا من الخدمة ، بحسب جري العادة .
الرابعة : ويخدم الرجل زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها ، لما روته عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج . وهذا قول مالك : ويعينها . وفي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخصف النعل ، ويقم البيت ، ويخيط الثوب . وقالت عائشة ، وقد قيل لها : ما كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ قالت : كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه .
الخامسة : وينفق على خادمة واحدة ، وقيل على أكثر ، على قدر الثروة والمنزلة . وهذا أمر دائر على العرف ، الذي هو أصل من أصول الشريعة ، فإن نساء الأعراب ، وسكان البوادي ، يخدمن أزواجهن في استعذاب الماء وسياسة الدواب ، ونساء الحواضر يخدم المقل منهم زوجته فيما خف ويعينها ، وأما أهل الثروة فيخدمون أزواجهن ، ويترفهن معهم إذا كان لهم منصب ذلك ، فإن كان أمرا مشكلا شرطت عليه الزوجة ذلك ، فتشهد أنه قد عرف أنها ممن لا تخدم نفسها فالتزم إخدامها ، فينفذ ذلك وتنقطع الدعوى فيه .
قوله تعالى : " ورزقكم من الطيبات " ، أي : من الثمار والحبوب والحيوان . " أفبالباطل " ، يعني : الأصنام ، قاله ابن عباس . " يؤمنون " ، قراءة الجمهور بالياء . وقرأ أبو عبد الرحمن بالتاء . " وبنعمة الله " ، أي : بالإسلام . " هم يكفرون " ."
تفسير القرطبي (10/ 142-145)

قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774هـ)
يذكر تعالى نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجًا من جنسهم وشكلهم [ وزيهم ] ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ، لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثا ، وجعل الإناث أزواجا للذكور .
ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة ، وهم : أولاد البنين . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
قال شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، هم : الولد ، وولد الولد .
وقال سُنَيْد : حدثنا حجاج عن أبي بكر ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس ، قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك . قال جميل :
حفَد الولائد حَوْلهُن وأسلمت *** بِأكُفِّهن أزِمَّةَ الأجْمَال
وقال مجاهد : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، ابنه وخادمه . وقال في رواية : الحفدة : الأنصار والأعوان والخدام .
وقال طاوس : الحفدة : الخدم ، وكذا قال قتادة ، وأبو مالك ، والحسن البصري .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا مَعْمَر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة أنه قال : الحفدة : مَنْ خَدَمَك من ولدك وولد ولدك .
قال الضحاك : إنما كانت العرب يخدمها بنوها .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، يقول : بنو امرأة الرجل ، ليسوا منه . ويقال : الحفدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقال : فلان يحفد لنا قال : ويزعم رجال أن الحفدة : أخْتَان الرجل .
وهذا [ القول ]
.الأخير الذي ذكره ابن عباس ، قاله ابن مسعود ، ومسروق ، وأبو الضُّحى ، وإبراهيم النَّخَعيّ ، وسعيد بن جُبَيْر ، ومجاهد ، والقُرَظي . ورواه عكرمة ، عن ابن عباس .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هم الأصهار .
قال ابن جرير : وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى : " الحَفْد " ، وهو : الخدمة ، الذي منه قوله في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم ، فالنعمة حاصلة بهذا كله ؛ ولهذا قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } .
قلت : فمن جعل : { وَحَفَدَةً } ، متعلقا بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد ، وأولاد الأولاد ، والأصهار ؛ لأنهم أزواج البنات ، وأولاد الزوجة ، وكما قال الشعبي والضحاك ، فإنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي حجْره وفي خدمته . وقد يكون هذا هو المراد من قوله [ عليه الصلاة ] والسلام في حديث بَصرة بن أكثم : " والولد عبد لك " رواه أبو داود .
وأما من جعل الحَفَدة هم الخدم ، فعنده أنه معطوف على قوله : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي : وجعل لكم الأزواج والأولاد.
{ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } ، من المطاعم والمشارب .
ثم قال تعالى منكرا على من أشرك في عبادة المنعم غيره : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، وهم: الأصنام والأنداد ، { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، أي : يسترون نعم الله عليهم ، ويضيفونها إلى غيره .
وفي الحديث الصحيح : " إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ممتنا عليه " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتَرْبع ؟ ".
"تفسير ابن كثير (4/ 587-588 )
.


قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} [النحل: 72]
-
عن زرٍّ قال: كنت آخذ على عبد اللّه في المصحف فأتى على هذه الآية وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً قال لي عبد اللّه: أتدري ما الحفدة؟ قلت: حشم الرّجل، قال: لا، هم الأختان
-
وفي روايةٍ: قلت: نعم، هم أحفاد الرّجل من ولده وولد ولده. قال: نعم هم الأصهار.
رواه الطّبرانيّ، وفيه عاصم بن أبي النّجود، وهو حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/47-48]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 72.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال: خلق آدم ثم خلق زوجته منه). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود في قوله: {بنين وحفدة} قال الحفدة الأختان). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الأصهار). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الولد وولد الولد). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة بنو البنين). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وحفدة} قال: ولد الولد وهم الأعوان قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي حمزة قال: سئل ابن عباس عن قوله: {بنين وحفدة} قال: من أعانك فقد حفدك أما سمعت قول الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قالك الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: الحفدة الأعوان). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الحفدة الخدم). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: الحفدة البنون وبنو البنون ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشرك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشيطان {وبنعمة الله} قال: محمد). [الدر المنثور: 9/84]


التفسير اللغوي

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنونوالحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بنين وحفدةً} أعواناً وخدّاماً،
قال جميل:


حفد الولائد بينهنّ وأسلمتبــأكــفّــهـــن أزمّـــــــــة الأجــــمـــــال

واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة). [مجاز القرآن: 1/364]


قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واللّه جعل لكم مّن أنفسكم أزواجاً وجعل لكم مّن أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم مّن الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
وقال: {بنين وحفدةً} وواحدهم "الحافد"). [معاني القرآن: 2/66]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (والحفدة): الأعوان والخدم واحدهم حافد وقالوا الأختان في التفسير ويقال: مر فلان يحفد حفدانا ومنه" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بنين وحفدةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لعمرك}، ولعمر الله: هو العمر. ويقال: أطال الله عمرك، وعمرك، وهو قسم بالبقاء).[تأويل مشكل القرآن: 562]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعلمن الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّـــــــــــة الأجـــــمــــــال

معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بنمسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار
فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان
وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجـــــمــــــال

وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين). [معاني القرآن: 4/90-87]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بنين وحفدة} اختلف الناس، فقالت طائفة: هم الأعوان والأختان، وقالت طائفة: كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة،
يقال حافد وحفدة، مثل: كاتب وكتبة). [ياقوتة الصراط: 296]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحفدة} الخدام والأعوان، وقيل: الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وهذا فعل الخدم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَفَدَةُ}: الأحفاد، الخدم). [العمدة في غريب القرآن: 178]


قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)
الحفدة : الأعوان والخدم ، ومن يسارع في الطاعة حفد يحفد حفداً وحفوداً وحفداناً ، ومنه : وإليك نسعى ونحفد أي : نسرع في الطاعة .
وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت . . . *** بأكفهنّ أزمة الأجمال
وقال الأعشى :
كلفت مجهودها نوقاً يمانية . . . *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وتتعدى فيقال : حفدني فهو حافدي .
قال الشاعر :
يحفدون الضيف في أبياتهم *** كرماً ذلك منهم غير ذل
قال أبو عبيدة : وفيه لغة أخرى ، أحفد إحفاداً ، وقال : الحفد العمل والخدمة .
وقال الخليل : الحفدة عند العرب الخدم .
وقال الأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، وقيل : الأختان .
وأنشد :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير ولكنها نفس عليّ أبية
عيوف لأصحاب اللئام قذور . . .
ولما ذكر تعالى امتنانه بالإيجاد ثم بالرزق المفضل فيه ، ذكر امتنانه بما يقوم بمصالح الإنسان مما يأنس به ويستنصر به ويخدمه ، واحتمل أن أنفسكم أن يكون المراد من جنسكم ونوعكم ، واحتمل أن يكون ذلك باعتبار خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم ، فنسب ذلك إلى بني آدم ، وكلا الاحتمالين مجاز .
والظاهر أن عطف حفدة على بنين يفيد كون الجميع من الأزواج ، وأنهم غير البنين .
فقال الحسن : هم بنو ابنك .
وقال ابن عباس والأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، واختاره ابن العربي .
وقال ابن عباس أيضاً : البنون صغار الأولاد ، والحفدة كبارهم .
وقال مقاتل : بعكسه ، وقيل : البنات لأنهنّ يخدمن في البيوت أتم خدمة .
ففي هذا القول خص البنين بالذكران لأنه جمع مذكر كما قال : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } وإنما الزينة في الذكورة .
وعن ابن عباس : هم أولاد الزوجة من غير الزوج التي هي في عصمته .
وقيل : وحفدة منصوب بجعل مضمرة ، وليسوا داخلين في كونهم من الأزواج .
فقال ابن مسعود ، وعلقمة ، وأبو الضحى ، وإبراهيم بن جبير : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة كأبيها وأخيها .
وقال مجاهد : هم الأنصار والأعوان والخدم .
وقالت فرقة : الحفدة هم البنون أي : جامعون بين البنوة والخدمة ، فهو من عطف الصفات لموصوف واحد .
قال ابن عطية ما معناه : وهذه الأقوال مبنية على أن كل أحد جعل له من زوجه بنين وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس .
ويحتمل عندي أن قوله من أزواجكم ، إنما هو على العموم والاشتراك أي : من أزواج البشر جعل الله منهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، وهكذا رتبت الآية النعمة التي تشمل العالم .
ويستقيم لفظ الحفدة على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة انتهى .
وفي قوله : من أنفسكم أزواجاً دلالة على كذب العرب في اعتقادها أن الآدمي قد يتزوج من الجن ويباضعها ، حتى حكوا ذلك عن عمرو بن هندانة تزوج سعلاة .
ومِن في الطيبات للتبعيض ، لأن كل الطيبات في الجنة ، والذي في الدنيا أنموذج منها .
والظاهر أنّ الطيبات هنا المستلذات لا الحلال ، لأن المخاطبين كفار لا يتلبسون بشرع .
ولما ذكر تعالى ما امتن به من جعل الأزواج وما ننتفع به من جهتين ، ذكر مننه بالرزق .
والطيبات عام في النبات والثمار والحبوب والأشربة ، ومن الحيوان .
وقيل : الطيبات الغنائم .
وقيل : ما أتى من غير نصب .
وقال مقاتل : الباطل الشيطان ، ونعمة لله محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال الكلبي : طاعة الشيطان في الحلال والحرام .
وقيل : ما يرجى من شفاعة الأصنام وبركتها .
قال الزمخشري : أفبالباطل يؤمنون وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها ، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به .
كأنه شيء معلوم مستيقن .
ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل ، وتمييزهم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا تتصوره العقول .
وقيل : الباطل ما يسول لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما ، ونعمة الله ما أحل لهم انتهى .
وقرأ الجمهور : يؤمنون بالياء ، وهو توقيف للرسول صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل ، ويندرج في التوقيف المعطوف بعدها .
وقرأ السلمي بالتاء ، ورويت عن عاصم ، وهو خطاب إنكار وتقريع لهم ، والجملة بعد ذلك مجرد إخبار عنهم
فالظاهر أنه لا يندرج في التقريع ."
البحر المحيط في التفسير (6/ 563- 566)


قال أبو العباس، أحمد بن يوسف السمين الحلبي (ت: 756هـ)
قوله تعالى : { وَحَفَدَةً } ، في " حَفَدَة " أوجهٌ :
أظهرُها : أنه معطوفٌ على " بنين " بقيدِ كونِه من الأزواج ، وفُسِّر هنا بأنه أولادُ الأولادِ .
الثاني : أنه مِنْ عطفِ الصفاتِ لشيءٍ واحدٍ ، أي : جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً ، والحَفَدَةُ : الخَدَمُ .
الثالث : أنه منصوبٌ ب " جَعَلَ " مقدرةً ، وهذا عند مَنْ يُفَسِّر الحَفَدة بالأعوان والأَصْهار ، وإنما احتيج إلى تقدير " جَعَلَ " ؛ لأنَّ " جَعَلَ " الأولى مقيدةٌ بالأزواج ، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج .

والحَفَدَةُ : جمع حافِد ، كخادِم وخَدَم . وفيه للمفسرين أقوالٌ كثيرةٌ ، واشتقاقُهم مِنْ قولِهم : حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحُفوداً وحَفَداناً ، أي : أسرع في الطاعة . وفي الحديث : " وإليك نَسْعَى ونَحْفِدُ " ، أي : نُسْرِعِ في طاعتِك . قال الأعشى :
كَلَّفْتُ مجهولَها نُوقاً يَمانيةً *** إذا الحُداة على أَكْسائها حَفَدُوا
وقال الآخر :
حَفَدَ الولائدُ حولَهُنَّ وأَسْلَمَتْ *** بأكفِّهنَّ أَزِمَّةَ الأجْمالِ
ويستعمل " حَفَدَ " أيضاً متعدياً . يقال : حَفَدَني فهو حافِدٌ ، وأُنْشِد :
يَحْفِدون الضيفَ في أبياتِهمْ *** كَرَماً ذلك منهم غيرَ ذُلّْ
وحكى أبو عبيدة أنه يقال : " أَحْفَدَ " رباعياً . وقال بعضهم : " الحَفَدَةُ : الأَصْهار ، وأنشد :
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ *** لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ *** عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْورُ
ويقال : سيفٌ مُحْتَفِدٌ ، أي : سريعُ القطع . وقال الأصمعيُّ : " أصلُ الحَفْدِ : مقارَبَةُ الخَطْوِ " .
و " مِنْ " في { مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } للتبعيض
. "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (7/ 264-265 )

قال أبو السعود العمادي محمد (ت: 982هـ)

{ والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، أي : من جنسكم { أزواجا } ؛ لتأنَسوا بها وتقيموا بذلك جميعَ مصالحِكم ، ويكون أولادُكم أمثالَكم ، وقيل : هو خلقُ حواءَ من ضِلْع آدمَ عليه الصلاة والسلام . { وَجَعَلَ لَكُمْ منْ أزواجكم } ، وضع الظاهرُ موضعَ المضمر ؛ للإيذان بأن المرادَ : جعلَ لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره { بنين } ، وبأن نتيجةَ الأزواج هو التوالد .
{ وَحَفَدَةً } ، جمعُ حافد : وهو الذي يسرع في الخِدمة والطاعة ، ومنه قولُ القانت : «وإليك نسعى ونحفد » ، أي : جعل لكم خدماً يسرعون في خدمتكم وطاعتِكم . وقيل : المرادُ بهم : أولادُ الأولاد ، وقيل : البناتُ ، عبّر عنهن بذلك إيذاناً بوجه المنة بأنهن يخْدُمن البيوت أتمَّ خدمة ، وقيل : أولادُ المرأة من الزوج الأول ، وقيل : البنون ، والعطفُ لاختلاف الوصفين ، وقيل : الأختان على البنات ، وتأخيرُ المنصوب في الموضعين عن المجرور لما مر من التشويق ، وتقديمُ المجرور باللام على المجرور بمن ؛ للإيذان من أول الأمر بعَود منفعةِ الجعلِ إليهم ، إمداداً للتشويق وتقويةً له ، أي : جعل لمصلحتكم مما يناسبكم أزواجاً ، وجعل لمنفعتكم من جهة مناسبةٍ لكم بنين وحفَدة . { وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات } ، من اللذائذ أو من الحلالات ، ومن للتبعيض ؛ إذ المرزوقُ في الدنيا أنموذجٌ لما في الآخرة . { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، وهو أن الأصنامَ تنفعهم ، وأن البحائرَ ونحوها حرامٌ ! والفاء في المعنى داخلةٌ على الفعل ، وهي للعطف على مقدر ، أي : أيكفرون بالله الذي شأنُه هذا ، فيؤمنون بالباطل ؟ أو أبعد تحقّقِ ما ذُكر من نعم الله تعالى بالباطل يؤمنون دون الله سبحانه . { وَبِنِعْمَة الله } تعالى الفائضةِ عليهم مما ذكر ومما لا يحيط به دائرةُ البيان { هُمْ يَكْفُرُونَ } ، حيث يضيفونها إلى الأصنام ، وتقديمُ الصلة على الفعل للاهتمام ، أو لإيهام الاختصاص مبالغةً ، أو لرعاية الفواصل ، والالتفات إلى الغيبة ؛ للإيذان باستيجاب حالِهم للإعراض عنهم ، وصرفِ الخطاب إلى غيرهم من السامعين تعجيباً لهم مما فعلوه ." تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (5/ 128)"

قال الطاهر ابن عاشور ( ت : 1393هـ)
عطف على التي قبلها ، وهو استدلال ببديع الصنع في خلق النسل إذ جعل مقارناً للتأنّس بين الزوجين ، إذ جعل النسل منهما ولم يجعله مفارقاً لأحد الأبوين أو كليهما .
وجعل النسل معروفاً متصلاً بأصوله بما ألهمه الإنسان من داعية حفظ النسب ، فهي من الآيات على انفراده تعالى بالوحدانية كما قال تعالى في سورة الروم ( 21 ) : { ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } فجعلها آية تنطوي على آيات ، ويتضمّن ذلك الصنع نعماً كثيرة ، كما أشار إليه قوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } .
والقول في جملة { والله جعل لكم } كالقول في نظيرتيها المتقدمتين .
واللام في { جعل لكم } لتعدية فعل { جعل } إلى ثانٍ .
ومعنى { من أنفسكم } من نوعكم ، كقوله تعالى : { فإذا دخلتم بيوتاً فسَلّموا على أنفسكم } [ سورة النور : 21 ] أي على الناس الذين بالبيوت ، وقوله : { رسولا من أنفسهم } [ سورة آل عمران : 164 ] وقوله : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم } [ سورة البقرة : 85 ] .
والخطاب بضمير الجماعة المخاطبين موجّه إلى الناس كلّهم ، وغلب ضمير التذكير .
وهذه نعمة إذ جعل قرين الإنسان متكوّناً من نوعه ، ولو لم يجعل له ذلك لاضطُرّ الإنسان إلى طلب التأنّس بنوع آخر فلم يحصل التأنّس بذلك للزوجين . وهذه الحالة وإن كانت موجودة في أغلب أنواع الحيوان فهي نعمة يدركها الإنسان ولا يدركها غيره من الأنواع . وليس من قوام ماهيّة النّعمة أن ينفرد بها المنعم عليه .
والأزواج : جمع زوج ، وهو الشيء الذي يصير مع شيء آخر اثنين ، فلذا وصف بزوج المرادف لثان . وقد مضى الكلام عليه في قوله تعالى : { اسكن أنت وزوجك الجنة } في [ سورة البقرة : 35 ] .
والوصف بالزوج يؤذن بملازمته لآخر ، فلذا سمّي بالزوج قرين المرأة وقرينةُ الرجل . وهذه نعمة اختصّ بها الإنسان إذ ألهمه الله جعل قرين له وجبله على نظام محبّة وغيرة لا يسمَحان له بإهمال زوجه كما تُهمل العجماوات إناثها وتنصرف إناثها عن ذكورها .
و { من } الداخلة على { أنفسكم } للتّبعيض .
وجعل البنين للإنسان نعمة ، وجعل كونهم من زوجة نعمة أخرى ، لأن بها تحقّق كونهم أبناءه بالنسبة للذكر ودوام اتّصالهم به بالنّسبة ، ووجود المشارك له في القيام بتدبير أمرهم في حالة ضعفهم .
و { من } الداخلة على { أزواجكم } للابتداء ، أي جعل لكم بنين منحدرين من أزواجكم .
والحفدة : جمع حافد ، مثل كَملة جمع كامل . والحافد أصله المسرع في الخدمة . وأطلق على ابن الابن لأنه يكثر أن يخدم جدّه لضعف الجدّ بسبب الكبر ، فأنعم الله على الإنسان بحفظ سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الأولى منها ، وهي كون أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم ، فانضبطت سلسلة الأنساب بهذا النظام المحكم البديع .
وغير الإنسان من الحيوان لا يشعر بحفدته أصلاً ولا يَشعر بالبنوّة إلا أنثى الحيوان مدة قليلة قريبَة من الإرضاع . والحفدة للإنسان زيادة في مسرّة العائلة ، قال تعالى : { فبشرّناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } [ سورة هود : 71 ] . وقد عملت من } الابتدائية في { حفدة } بواسطة حرف العطف لأن الابتداء يكون مباشرة وبواسطة .
وجملة { ورزقكم من الطيبات } معطوفة على جملة { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } وما بعدها ، لمناسبة ما في الجمل المعطوف عليها من تضمّن المنّة بنعمة أفراد العائلة ، فإن من مكمّلاتها سعة الرزق ، كما قال تعالى في آل عمران { زيّن للناس حبّ الشّهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة } [ سورة النحل : 14 ] الآية . وقال طرفة :
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي *** بنون كرام سادة لمسود
فالمال والعائلة لا يروق أحدها بدون الآخر .
ثم الرزق يجوز أن يكون مراداً منه المال كما في قوله تعالى في قصة قارون : { وأصبح الذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } [ سورة القصص : 82 ] . وهذا هو الظاهر وهو الموافق لما في الآية المذكورة آنفاً . ويجوز أن يكون المراد منه إعطاء المأكولات الطيّبة ، كما في قوله تعالى : { وجد عندها رزقاً } [ سورة آل عمران : 37 ] و { من } تبعيضية .
و { الطيبات } : صفة لموصوف محذوف دلّ عليه فعل رزقكم ، أي الأرزاق الطيّبات . والتأنيث لأجل الجمع . والطيّب : فَيْعِلٍ صفة مبالغة في الوصف بالطّيِب . والطِيبُ : أصله النزاهة وحسن الرائحة ، ثم استعمل في الملائم الخالص من النّكد ، قال تعالى : { فلنحيينه حياة طيبة } [ سورة النحل : 97 ] . واستعمل في الصالح من نوعه كقوله تعالى : { والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه } في سورة الأعراف ( 58 ) . ومنه قوله تعالى : { الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين } [ سورة النحل : 32 ] وقد تقدم آنفاً .
فالطيّبات هنا الأرزاق الواسعة المحبوبة للناس كما ذكر في الآية في سورة آل عمران ؛ أو المطعومات والمشروبات اللذيذة الصالحة . وقد تقدم ذكر الطيّبات عند قوله تعالى : { اليوم أحل لكم الطيّبات } في سورة العقود ( 5 ) ، وذكر الطيّب في قوله تعالى : { كلوا مما في الأرض حلالاً طيّباً } في سورة البقرة ( 168 ) .
وفرع على هذه الحجّة والمنّة استفهامُ توبيخ على إيمانهم بالباطل البيّن ، فتفريع التوبيخ عليه واضح الاتجاه .
والباطل : ضد الحقّ لأن ما لا يخلق لا يُعبد بحقّ . وتقديم المجرور في قوله تعالى : { أفبالباطل } على متعلّقه للاهتمام بالتعريف بباطلهم .
والالتفات عن الخطاب السابق إلى الغيبة في قوله تعالى : { أفبالباطل } يجري الكلام فيه على نحو ما تقدم في قوله تعالى : { أفبنعمة الله يجحدون } [ سورة النحل : 71 ] .
وقوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } عطف على جملة التوبيخ ، وهو توبيخ متوجّه على ما تضمّنه قوله تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } إلى قوله : { ورزقكم من الطيبات } من الامتنان بذلك الخلق والرزق بعد كونهما دليلاً على انفراد الله بالإلهية .
وتقديم المجرور في قوله تعالى : { بنعمت الله هم يكفرون } على عامله للاهتمام .
وضمير الغيبة في قوله تعالى : { هم يكفرون } ضمير فصل لتأكيد الحكم بكفرانهم النّعمة لأن كفران النّعمة أخفى من الإيمان بالباطل ، لأن الكفران يتعلّق بحالات القلب ، فاجتمع في هذه الجملة تأكيدان : التأكيد الذي أفاده التقديم ، والتأكيد الذي أفاده ضمير الفصل .
والإتيان بالمضارع في { يؤمنون } و { يكفرون } للدّلالة على التجدّد والتّكرير .
وفي الجمع بين { يؤمنون } و { يكفرون } محسنّ بديع الطباق
." التحرير والتنوير (14/ 217- 221 )"
.

قال محمد الأمين الشنقيطي (ت: 1393هـ)

قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه امتن على بني آدم أعظم مِنَّة بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم وشكلهم ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً ، وجعل الإناث أزواجاً للذكور ، وهذا من أعظم المنن ، كما أنه من أعظم الآيات الدالة على أنه جل وعلا هو المستحق أن يعبد وحده .
وأوضح في غير هذا الموضع : أن هذه نعمة عظيمة ، وأنها من آياته جل وعلا . كقوله : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [ الروم : 21 ] وقوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى } [ القيامة : 36-39 ] ، وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] الآية .
واختلف العلماء في المراد بالحفدة في هذه الآية الكريمة . فقال جماعة من العلماء الحفدة : أولاد الأولاد ؛ أي وجعل لكم من أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة . وقال بعض العلماء : الحفدة الأعوان والخدم مطلقاً ؛ ومنه قول جميل :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزمة الأجمال
أي أسرعت الولائد الخدمة ، والولائد الخدم . الواحدة وليدة ، ومنه قول الأعشى :
كلفت مجهولها نوقاً يمانية *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
أي : أسرعوا في الخدمة . ومنه قوله في سورة الحفد التي نسخت : وإليك نسعى ونحفد ؛ أي : نسرع في طاعتك . وسورة الخلع وسورة الحفد اللتان نسختا ، يسن عند المالكية القنوت بهما في صلاة الصبح كما هو معروف .
وقيل : الحفدة الأختان ، وهم أزواج البنات ، ومنه قول الشاعر :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية *** عيوف لإصهار اللثام قذور
والقذور : التي تتنزه عن الوقوع فيما لا ينبغي ، تباعداً عن التدنس بقذره .
قال مقيده عفا الله عنه : الحفدة : جمع حافد ، اسم فاعل من الحفد ، وهو الإسراع في الخدمة والعمل . وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون في نفس الآية قرينة دالة على عدم صحة قول بعض العلماء في الآية ؛ فنبين ذلك .
وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد ؛ لأن قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم ، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم . ودعوى أن قوله : «وحفدةً » ، معطوف على قوله : «أَزْوَاجاً » غير ظاهرة . كما أن دعوى أنهم الأختان ، وأن الأختان أزواج بناتهم ، وبناتهم من أزواجهم ، وغير ذلك من الأقوال كله غير ظاهر . وظاهر القرآن هو ما ذكر ، وهو اختيار ابن العربي المالكي والقرطب وغيرهما . ومعلوم : أن أولاد الرجل ، وأولاد أولاده : من خدمه المسرعين في خدمته عادة . والعلم عند الله تعالى .
تنبيه
في قوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } الآية رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها ؛
حتى روي أن عمرو بن يربوع بن حنظلة بن مالك تزوج سعلاة منهم ، وكان يخبؤها عن سنا البرق لئلا تراه فتنفر . فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة ، فقالت : عمرو ! ونفرت ؛ فلم يرها أبداً ؛ ولذا قال علباء بن أرقم يهجو أولاد عمرو المذكور :
ألا لحى الله بني السعلاة *** عمرو بن يربوع لئام النات
ليسوا بأعفاف ولا أكيات
وقوله : «النات » ، أصله : «الناس » ، أبدلت فيه السين تاء . وكذلك قوله : «أكيات » ، أصله : «أكياس » ، جمع كيس ، أبدلت فيه السين تاء أيضاً . وقال المعري يصف مراكب إبل متغربة عن الأوطان ، إذا رأت لمعان البرق تشتاق إلى أوطانها ؛ فزعم أنه يستر عنها البرق لئلا يشوقها إلى أوطانها ، كما كان عمرو يستره عن سعلاته :
إذا لاح إيماض سترت وجوهها *** كأني عمرو والمطي سعالى
والسعلاة : عجوز الجن . وقد روي من حديث أبي هريرة : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : «أحد أبوي بلقيس كان جنِّيًّا » . قال صاحب الجامع الصغير : أخرجه أبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه في التفسير ، وابن عساكر . وقال شارحه المنَاوي : في إسناده سعيد بن بشر ، قال في الميزان عن ابن معين : ضعيف . وعن ابن مسهر : لم يكن ببلدنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث ، ثم ساق من مناكيره هذا الخبر . وبشير بن نهيك أورده الذهبي في الضعفاء . وقال أبو حاتم : لا يحتج به . ووثقه النسائي . انتهى .
وقال المناوي في شرح حديث «أحد أبوي بلقيس كان جنياً » : قال قتادة : ولهذا كان مؤخر قدميها كحافر الدابة . وجاء في آثار : أن الجني الأم ، وذلك أن أباها ملك اليمن خرج ليصيد فعطش ، فرفع له خباء فيه شيخ فاستسقاه ، فقال : يا حسنة اسقي عمك ؛ فخرجت كأنها شمس بيدها كأس من ياقوت . فخطبها من أبيها ، فذكر أنه جني ، وزوجها منه بشرط أنه إن سألها عن شيء عملته فهو طلاقها . فأتت منه بولد ذكر ، ولم يذكر قبل ذلك ، فذبحته فكرب لذلك ، وخاف أن يسألها فتبين منه . ثم أتت ببلقيس فاظهرت البشر ، فاغتم فلم يملك أن سألها ، فقالت : هذا جزائي منك ! باشرت قتل ولدي من أجلك ! وذلك أن أبي يسترق السمع ، فسمع الملائكة تقول : إن الولد إذا بلغ الحلم ذبحك ، ثم استرق السمع في هذه ، فسمعهم يعظمون شأنها ، ويصفون ملكها ، وهذا فراق بيني وبينك ؛ فلم يرها بعد . هذا محصول ما رواه ابن عساكر عن يحيى الغساني اه . من شرح المنَاوي للجامع الصغير .
وقال القرطبي في تفسير «سورة النحل » : كان أبو بلقيس وهو السرح بن الهداهد بن شراحيل ، ملكاً عظيم الشأن ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفأ لي . وأبى أن يتزوج منهم ؛ فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن ؛ فولدت له بلقمة وهي بلقيس ، ولم يكن له ولد غيرها .
وقال أبو هريرة : قال النَّبي صلى الله عليه وسلم : «كان أحد أبوي بلقيس جنياً » إلى أن قال : ويقال إن سبب تزوج أبيها من الجن أنه كان وزيراً لملك عات ، يغتصب نساء الرعية ، وكان الوزير غيوراً فلم يتزوج ؛ فصحب مرة في الطريق رجلاً لا يعرفه فقال : هل لك من زوجة ؟ فقال : لا أتزوج أبداً ؛ فإن ملك بلدنا يغتصب النساء من أزواجهن . فقال : لئن تزوجت ابنتي لا يغتصبها أبداً . قال : بل يغتصبها ! قال : إنا قوم من الجن لا يقدر علينا . فتزوج ابنته فولدت له بلقيس إلى غير ذلك من الروايات .
وقال القرطبي أيضاً : وروى وهيب بن جرير بن حازم ، عن الخليل بن أحمد ، عن عثمان بن حاضر قال : كانت أم بلقيس من الجن ، يقال لها : بلعمة بنت شيصان .
قال مقيده عفا الله عنه : الظاهر أن الحديث الوارد في كون أحد أبوي بلقيس جنياً ضعيف ، وكذلك الآثار الواردة في ذلك ليس منها شيء يثبت .
مسألة
اختلف العلماء في جواز المناكحة بين بني آدم والجن ؛ فمنعها جماعة من أهل العلم ، وأباحها بعضهم .
قال المناوي ( في شرح الجامع الصغير ) : ففي الفتاوى السراجية للحنفية : لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء ؛ لاختلاف الجنس . وفي فتاوى البارزي من الشافعية : لا يجوز التناكح بينهما . ورجح ابن العماد جوازه اه .
وقال الماوردي : وهذا مستنكر للعقول ؛ لتباين الجنسين ، واختلاف الطبعين ؛ إذ الآدمي جسماني ، والجني روحاني . وهذا من صلصال كالفخار ، وذلك من مارج من نار ، والامتزاج مع هذا التباين مدفوع ، والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع اه .
وقال ابن العربي المالكي : نكاحهم جائز عقلاً ؛ فإن صح نقلاً فبها ونعمت .
قال مقيده عفا الله عنه : لا أعلم في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نصاً يدل على جواز مناكحة الإنس الجن ، بل الذي يستروح من ظواهر الآيات عدم جوازه . فقوله في هذه الآية الكريمة : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } [ النحل : 72 ] الآية . ممتناً على بني آدم بأن أزواجهم من نوعهم وجنسهم يفهم منه أنه ما جعل لهم أزواجاً تباينهم كمباينة الإنس للجن ، وهو ظاهر .
ويؤيده قوله تعالى : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ الروم : 21 ] . فقوله : { أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً } في معرض الامتنان يدل على أنه ما خلق لهم أزواجاً من غير أنفسهم ؛ ويؤيد ذلك ما تقرر في الأصول من «أن النكرة في سياق الامتنان تعم » ، فقوله : { جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم ، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج المخلوقة لنا فيما هو من أنفسنا ، أي : من نوعنا وشكلنا . مع أن قوماً من أهل الأصول زعموا : «أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم » . والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعم ، وعليه درج في مراقي السعود حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصح :
منه منكر الجموع عرفا *** وكان والذي عليه انعطفا
أما في سياق الامتنان فالنكرة تعم . وقد تقرر في الأصول «أن النكرة في سياق الامتنان تعم » ، كقوله : { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } [ الفرقان : 48 ] ، أي : فكل ماء نازل من السماء طهور . وكذلك النكرة في سياق النفي أو الشرط أو النهي ؛ كقوله : { مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } [ الأعراف : 59 ] ، وقوله : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 6 ] الآية ، وقوله : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً } [ الإنسان : 24 ] الآية . ويستأنس لهذا بقوله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } [ الشعراء : 166 ] ، فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم ، وتعديه إلى غيره يستوجب الملام ، وإن كان أصل التوبيخ والتقريع على فاحشة اللواط ؛ لأن أول الكلام : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } [ الشعراء : 165-166 ] ، فإنه وبخهم على أمرين : أحدهما إتيان الذكور . والثاني ترك ما خلق لهم ربهم من أزواجهم .
وقد دلت الآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم ، هو الكائن من أنفسهم ، أي : من نوعهم وشكلهم . كقوله : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، وقوله : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } [ الروم : 21 ] الآية ، فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجاً من غير أنفسهم . والعلم عند الله تعالى .

" أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/ 412-416)"

كتب المعاجم


قال أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت: 170هـ)

باب الحاء والدال والفاء معهما ح ف د، ف د ح يستعملان فقط
حفد: الحَفْدُ: الخِفَّة في العمل والخِدمة ، قال:
حَفَدَ الولائدُ بينَهُنَّ وأُسلِمَتْ ... بأكُفّهِنَّ أزِمَّةُ الأجمالِ .
وسَمِعتُ في شعْرٍ مُحدَث حُفَّداً أقدامُها أي سِراعاً خِفافاً. وفي سورة القُنوت:
وإليك نَسعَى ونحفد .
أي نخفّ في مَرْضاتك. والاحتفاد: السُرعة في كلّ شيء، قال الأعشى:
وُمْحَتفد الوَقْعِ ذو هَبَّةٍ ... أجاد جلاه يد الصيقل
وقول الله- عز وجل-: بَنِينَ وَحَفَدَةً
يعني البنات [و] هنَّ خَدَم الأبَوَيْن في البيت، ويقال: الحَفَدة: وعند العَرَب الحَفَدة الخَدَم. والمَحْفِدُ: شَيءٌ يُعلَف فيه، قال:
والحَفَدان فوق المَشْي كالخَبَب. والمحَافِد: وشْيُ الثوب، الواحد مَحْفِد.
فدح: الفَدْح: إثقال الأمر والحِمْل، وصاحبُه مفدوح، تقول: نَزَلَ بهم أمرٌ فادِحٌ، قال الطرماح:
فمثلكَ ناحَتْ عليه النِّساءُ ... لعُظْمِ مُصيبتك الفادِحْه " العين (3/ 185-186)

قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت: 321هـ)
(حفد) الحفد من قَوْلهم: حفد يحفد حفدا إِذا أسْرع فِي الْمَشْي.
وبعير حفاد: سريع الْمَشْي وَكَذَلِكَ الظليم.
فَأَما الحفدة فَاخْتلف فِيهَا أهل اللُّغَة فَقَالَ قوم: الحشم وَقَالَ آخَرُونَ: الْأخْتَان وَقَالَ آخَرُونَ: الخدم. قَالَ الشَّاعِر // (كَامِل) //:
(حفد الولائد حَوْلهنَّ وَأسْلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال)
فَأَما قَوْلهم فِي الْقُنُوت: إِلَيْك نسعى ونحفد فتأويله: نخدمك بِالطَّاعَةِ.
والحفدان: ضرب من سير الْإِبِل.
والمحفد والمحفدة: إِنَاء يُكَال بِهِ. والمحفاد أَيْضا: مكيال. "جمهرة اللغة (1/ 504)"

قال محمد بن عُزير السجستاني، أبو بكر العُزيري (ت: 330هـ)
حفدة: حذم، وَقيل: أختَان، وَقيل: أَصْهَار، وَقيل أعوان، وَقيل [بَنو] الرجل، من نَفعه مِنْهُم، وَقيل: بَنو الْمَرْأَة من زَوجهَا الأول. حاصب: ريح عاصف ترمي بالحصباء وَهِي الْحَصَى الصغار." غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب 192 "


قال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (ت: 370هـ)
ح د ف
اسْتعْمل من وجوهها: حفد، فدح، فحد.
حفد: قَالَ اللَّيْث: الْحَفْدُ فِي الخِدْمَةِ والعَمَل: الْخِفَّةُ والسُّرْعَةُ، وَأنْشد:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ
بأكفّهِنّ أَزِمَّةُ الأَجَمَالِ
وَرُوِيَ عَن عُمَر أَنه قَرَأَ قُنُوت الْفجْر: وإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد. قَالَ أَبُو عُبَيد: أَصْلُ الْحَفْدِ: الْخِدْمَة والعَمل. قَالَ: ورُوِي عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) أَنّهم الخدم، وَرُوِيَ عَن عبد الله أَنَّهُم الأصْهارُ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَفِي الْحَفْد لُغَة أُخْرى: أَحْفَدَ إحْفَاداً، وَقَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليَدَيْن مُسِيفَةٍ
أَخَبَّ بِهن المُخْلِفَان وَأَحْفَدَا
قَالَ فَيكون أَحْفَدَا خَدَمَا، وَقد يَكُون أَحْفَدَا غَيرهمَا. قَالَ: وَأَرَادَ بقوله: وإلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد: نَعْمَلُ لله بطاعَتِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الاحْتِفادُ: السُّرْعَةُ فِي كلِّ شَيْء، وَقَالَ الأعْشَى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوَقْعِ ذُو هَبَّةٍ
أَجَادَ جِلاَهُ يَدُ الصَّيْقَل
قُلْتُ: وروَاه غَيرُه: ومُحْتَفِل الوقع بِاللَّامِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
حَدَّثنا أَبُو زيد عَن عبد الْجَبّار عَن سُفْيَان قَالَ: حَدَّثنا عَاصِم عَن زِرّ قَالَ: قَالَ عبد الله: يَا زِرّ، هَل تَدْرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفّادُ الرَّجْلِ: من وَلَده وَوَلد وَلَده، قَالَ: لَا، وَلَكنهُمْ الأَصْهَارُ قَالَ عَاصِم: وَزعم الكَلْبِيّ أَنَّ زِرّاً قَدْ أَصَابَ، قَالَ سُفْيَان: قَالُوا: وكَذبَ الكَلْبِيّ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَنْ قَالَ الحَفَدَةُ: الأَعْوَانُ فَهُوَ أَتْبَعُ لكَلَام العَرَب مِمَّنْ قَالَ الأَصْهار. وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَقَالَ: وَيُقَال: الأَعْوَان، وَلَو قيل الحَفَدُ لكَانَ صَوَابا، لِأَن الْوَاحِد حَافِد مثل القَاعِد والقَعَد.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، قَالَ: البَنُون: بَنُوك وبَنُو بَنِيك، وأَمَّا الحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَك من شَيْء وعَمِلَ لَك وأَعَانَك. وروى أَبُو حَمْزَة عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: مَنْ أعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْله:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: بَنُو المَرْأَةِ من زَوْجها الأوَّل، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحَفَدَةُ: مَنْ خَدَمَك من وَلَدِكَ وَوَلد، ولدك، وَقَالَ اللَّيْث: الحَفَدَةُ: البَنَاتُ، وهُنَّ خَدَمُ الأبَوَيْنِ فِي البَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الحَفَدَةُ: وَلَدُ الوَلَد.
والحَفَدَانُ: فَوْق المَشْيِ كالخَبَبِ.
قَالَ: والمَحْفِدُ: شيءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الدَّابَّة، وَقَالَ الأعْشَى:
وسَقْيي وإطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
قَالَ: والمَحْفِدُ: السَّنَامُ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: المَحَافِدُ فِي الثَّوْبِ: وَشْيُه، واحِدُها مَحْفِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَفَدَةُ: صُنَّاعُ الوَشْي. والْحَفْدُ: الوَشْيُ.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعْتُ الدَّارِمي يَقُول: سَمِعْتُ ابْن شُمَيْل يَقُول لطرف الثَّوْب مِحْفَد بِكَسْر الْمِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَحْتِدُ والمَحْفِدُ والمَحْقِدُ والمَحْكِد: الأصْلُ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب: احْتَفَد واحْتَمَد واحْتَفَل بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبُو قَيْس: مِكْيالٌ واسْمه المِحْفَد، وهُوَ القَنْقَلُ.
فدح: اللَّيْث: الفَدْحُ: إثْقَالُ الأَمْرِ والحِمْلِ صَاحِبَه، تَقول: نَزَل بهم أَمْرٌ فَادِحٌ. وَفِي الحَدِيث (وعَلَى الْمُسلمين ألاَّ يتْركُوا فِي الإسْلاَمِ مَفْدُوحاً فِي فِدَاءٍ أَو عَقْلٍ) ، قَالَ أَبُو عُبَيد: وَهُوَ الَّذِي فَدَحَهُ الدَّيْنُ أَي أَثْقَلَه.
فحد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: واحِدٌ فاحِدٌ، قلتُ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو بِالْفَاءِ، وقرأتُ بِخَط شَمِر لِابْنِ الأعرابيّ قَالَ: القَحَّادُ: الرجلُ الفردُ الَّذِي لَا أَخَ لَهُ وَلاَ وَلَد، يُقَال: واحِدٌ قَاحِدٌ صَاخِدٌ، وَهُوَ الصُّنْبُورُ، قلتُ: وأنَا واقِف فِي هَذَا الحَرْفِ، وخَطُّ شَمر أقربُهما إِلَى الصَّوَاب، كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَحَدَةِ السَّنَام، وَهُوَ أَصله. "..تهذيب اللغة (4/ 246-248)


قال : أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت: 395هـ)

(حَفَدَ) الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْخِفَّةِ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّجَمُّعِ.
فَالْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ; لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِمُ التَّجَمُّعُ وَالتَّخَفُّفُ، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وَالسُّرْعَةُ إِلَى الطَّاعَةِ حَفْدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: " إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ".
قَالَ:...يَا ابْنَ الَّتِي عَلَى قَعُودٍ حَفَّادْ
وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] ، إِنَّهُمُ الْأَعْوَانُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - وَيُقَالُ الْأَخْتَانُ، وَيُقَالُ الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَالْمِحْفَدُ: مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ. وَيُقَالُ فِي بَابِ السُّرْعَةِ وَالْخِفَّةِ سَيْفٌ مُحْتَفِدٌ، أَيْ سَرِيعُ الْقَطْعِ. وَالْحَفَدَانُ: تَدَارُكُ السَّيْرِ. مقاييس اللغة (2/ 84)

قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (ت: 458هـ)
الْحَاء وَالدَّال وَالْفَاء
حَفَدَ يحْفِدُ حَفْداً وحَفَدانا، واحتَفَد: خف فِي الْعَمَل وأسرع. وحَفَدَ يحْفِدُ حَفداً: خدم. والحَفَدُ والحَفَدَةُ: الأعوان والخدمة، واحدهم حافِدٌ.
وحَفَدَةُ الرجل بَنَاته، وَقيل أَوْلَاد أَوْلَاده، وَقيل الأصهار، وَقيل الأعوان. والحفيد: ولد الْوَلَد، وَالْجمع حُفَدَاءُ.
والحفَدُ والحفَدانُ والإحْفادُ فِي الْمَشْي: دون الخبب، وَقيل هُوَ إبطاء الرتك، وَالْفِعْل كالفعل.
والمِحْفَدُ والمَحْفَدُ: شَيْء يعلف فِيهِ، وَقيل هُوَ مكيال يُكَال بِهِ، وَقد رُوِيَ بَيت الْأَعْشَى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَناها السواديُّ الرَّضيخُ مَعَ النَّوَى ... وفَتٌّ وإعطاءُ الشَّعيرِ بمِحْفَدِ
ويرُوى بمَحْفِدِ، فَمن كسر الْمِيم عده مِمَّا يعتمل بِهِ، وَمن فتحهَا فعلى توهم الْمَكَان أَو الزَّمَان.
ومَحْفِدُ الثَّوْب: وشيه.
والمَحْفِدُ: الأَصْل عَامَّة، عَن ابْن الْأَعرَابِي.
والمَحْفِدُ: أصل السنام، عَن يَعْقُوب أنْشد لزهير:..على ظهرِها من نيِّها غيرَ مَحْفِدِ.."المحكم والمحيط الأعظم (3/ 263- 264)"

قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
ح ف د
حفد البعير حفداً، وحفوداً، وحفداناً: أسرع في سيره ودارك الخطو. قال حميد بن ثور:
فدته المطايا الحافدات وقطعت ... نعالاً له دون الإكام جلودها
وأحفد بعيره.
ومن المجاز: حفد فلان في الأمر واحتفد: أسرع فيه، وخف في القيام به. وحدفت فلاناً: خدمته وخففت إلى طاعته. ورجل محفود: مخدوم مطاع. وهو حافد فلان، وهم حفدته أي خدنه وأعوانه، ومنه قيل لأولاد الابن: الحفدة " بنين وحدفة " وهو من حفدة الأدب. " أساس البلاغة (1/ 199)"

قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (ت: 711هـ)
حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً وَاحْتَفَدَ: خفَّ فِي الْعَمَلِ وأَسرع. وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ الْخِفَّةُ؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حَوْلَهُنَّ، وأَسلمتْ ... بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قرأَ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ:
وإِليك نَسْعَى ونَحْفِدُ
أَي نُسْرِعُ فِي الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصل الحَفْد الْخِدْمَةُ وَالْعَمَلُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ. اللَّيْثُ: الِاحْتِفَادُ السُّرْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذُو هَبَّةٍ، ... أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ غَيْرُهُ وَمُحْتَفِلُ الْوَقْعِ، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وَذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ قَالَ: أَخشى حفْدَه
أَي إِسراعه فِي مَرْضَاةِ أَقاربه. والحَفْدُ: السُّرْعَةُ. يُقَالُ: حَفَدَ البعيرُ وَالظَّلِيمُ حَفْداً وحَفَداناً، وَهُوَ تَدَارُكُ السَّيْرِ، وَبَعِيرٌ حَفَّادٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي الْحَفْدِ لُغَةٌ أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حَمَلْتَهُ عَلَى الحَفْدِ والإِسراع؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بَعِيرَيْهِمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَي أَسرعا، وَجَعَلَ حَفَدَ وأَحفد بِمَعْنًى. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحفدا خَدَمَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَحفدا غَيْرَهُمَا. والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وحفَدة الرَّجُلِ: بَنَاتُهُ، وَقِيلَ: أَولاد أَولاده، وَقِيلَ: الأَصهار. وَالْحَفِيدُ: وَلَدُ الْوَلَدِ، وَالْجَمْعُ حُفَداءُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً
أَنهم الْخَدَمُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنهم الأَصهار، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَفَدة الأَختان وَيُقَالُ الأَعوان، وَلَوْ قِيلَ الحَفَدُ كَانَ صَوَابًا، لأَن الْوَاحِدَ حَافِدٌ مِثْلُ الْقَاعِدِ والقَعَد. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَنُونَ بَنُوكَ وَبَنُو بَنِيكَ، وأَما الْحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَكَ مِنْ شَيْءٍ وَعَمِلَ لَكَ وأَعانك. وَرَوَى
أَبو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَنِينَ وَحَفَدَةً
، قَالَ: مَنْ أَعانك فَقَدْ حَفَدَكَ
؛ أَما سَمِعْتَ قَوْلَهُ:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَفَدَةُ بَنُو المرأَة مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْحَفَدَةُ مَنْ خَدَمَكَ مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَقِيلَ: الْحَفْدَةُ الْبَنَاتُ وهنَّ خَدَمُ الأَبوين فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ. قَالَ: والحَفَدانُ السُّرْعَةُ. وَرَوَى
عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا زِرُّ هَلْ تَدْرِي مَا الْحَفَدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، حُفَّادُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُمُ الأَصهار
؛ قَالَ عَاصِمٌ: وَزَعَمَ الْكَلْبِيُّ أَن زِرًّا قَدْ أَصاب؛ قَالَ سُفْيَانُ: قَالُوا وَكَذَبَ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان فَهُوَ أَتبع لِكَلَامِ الْعَرَبِ مِمَّنْ قَالَ الأَصهار؛ قَالَ:
فَلَوْ أَن نَفْسِي طَاوَعَتْنِي، لأَصبحت ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
أَي خَدَم حَافِدٌ وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ مَحْفُودٌ أَي مَخْدُومٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ
؛ الْمَحْفُودُ: الَّذِي يَخْدِمُهُ أَصحابه وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُسْرِعُونَ فِي طَاعَتِهِ. يُقَالُ: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ وأَنا حَافِدٌ وَمَحْفُودٌ. وحَفَدٌ وحَفَدة جَمْعُ حَافِدٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمية: بِالنِّعَمِ مَحْفُودٌ.
وَقَالَ: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد فِي الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ؛ وَقِيلَ: الحَفَدان فَوْقَ الْمَشْيِ كَالْخَبَبِ، وَقِيلَ: هُوَ إِبطاء الرَّكَكِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شَيْءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
بَنَاهَا الغَوادي الرضِيخُ مَعَ الخَلا، ... وسَقْيِي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ «1»
الْغَوَادِي: النَّوَى. وَالرَّضِيخُ: الْمَرْضُوخُ وَهُوَ النَّوَى يُبَلُّ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُرْضَخُ، وَقِيلَ: هُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الأَعشى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَنَاهَا السَّوَادِيُّ الرضيخُ مَعَ النَّوَى، ... وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
وَيُرْوَى بِمَحْفِد، فَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ عَدَّهُ مِمَّا يُعْتَمَلُ بِهِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَعَلَى تَوَهُّمِ الْمَكَانِ أَو الزَّمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو قَيْسٍ مِكْيَالٌ وَاسْمُهُ المِحْفَدُ وَهُوَ القَنْقَلُ. ومَحافِدُ الثَّوْبِ: وشْيُهُ، وَاحِدُهَا مَحْفِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَفَدَةُ صُناع الْوَشْيِ وَالْحَفْدُ الوَشْيُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِطَرَفِ الثَّوْبِ مِحفد، بِكَسْرِ الْمِيمِ، والمَحْفِد: الأَصل عَامَّةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ المَحْتِدُ والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل. ومَحْفِدُ الرَّجُلِ: مَحْتِدُه وأَصله. وَالْمَحْفِدُ: السَّنَامُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَصل السَّنَامِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
جُمالِيَّة لَمْ يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلَتي ... عَلَى ظَهْرِهَا، مِنْ نَيِّها، غيرَ مَحْفِد
وَسَيْفٌ مُحتفِدٌ: سَرِيعُ الْقَطْعِ.
" لسان العرب (3/ 153-154 )


قال أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (ت: نحو 770هـ)
(ح ف د) : حَفَدَ حَفْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَسْرَعَ وَفِي الدُّعَاءِ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ إلَى الطَّاعَةِ وَأَحْفَدَ إحْفَادًا مِثْلُهُ وَحَفَدَ حَفْدًا خَدَمَ فَهُوَ حَافِدٌ وَالْجَمْعُ حَفَدَةٌ مِثْلُ: كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَعْوَانِ حَفَدَةٌ وَقِيلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَفَدَةٌ لِأَنَّهُمْ كَالْخُدَّامِ فِي الصِّغَرِ. "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير(1/ 141 ) "

قال مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً: خَفَّ في العَمَلِ، وأسْرَعَ،
كاحْتَفَدَ، وخَدَمَ.
والحَفَدُ، محرَّكةً: الخَدَمُ، والأَعْوانُ،
جَمْعُ حافِدٍ، ومشيٌ دونَ الخَبَبِ،
كالحَفَدانِ والإِحْفادِ.
وحَفَدَةُ الرَّجُلِ: بَناتُه، أو أولادُ أولادِه،
كالحَفيدِ، أو الأَصْهارُ، وصُنَّاعُ الوَشْيِ.
والمَحْفِدُ، كمَجْلِسٍ أو مِنْبَرٍ: شيءٌ يُعْلَفُ فيه الدَّوابُّ. وكمِنْبَرٍ: طَرَفُ الثَّوْبِ، وقَدَحٌ يُكالُ به. وكمَجْلسٍ: الأَصْلُ، وأصْلُ السَّنامِ، ووَشْيُ الثَّوْبِ،
وة باليَمَنِ.
وكمَقْعَدٍ: ة بالسَّحولِ.
وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سريعُ القَطْعِ.
وأحْفَدَه: حَمَلَه على الإِسْراعِ.
ورجُلٌ مَحْفودٌ: مَخْدومٌ.
الحِفرِدُ، كزِبْرِجٍ: حَبُّ الجَوْهَرِ، ونَبْتٌ.
الحَفَنْدَدُ، كسَفَرْجَلٍ: صاحِبُ المالِ الحَسَنُ القِيامِ عليه..."القاموس المحيط (ص: 277)"



قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت: 1205هـ)
حفد
(حَفَد يَحْفِد) من حَدّ ضَرَبَ،
(حَفْداً) ، بِفَتْح فَسُكُون، (وحَفَدَاناً) . محرّكةً: (خَفَّ فِي العَمَلِ وأَسْرَعَ) .
وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ، وذُكِرَ (لَهُ) عثمانُ للخلافَةِ، قَالَ: (أَخْشَى حَفْدَه) أَي إِسراعَه فِي مَرْضَاةِ أَقارِبه. (كاحْتَفَد) .
قَالَ اللَّيْث: الاحْتِفَادُ: السُّرعةُ فِي كلِّ شيْءٍ.
وحفَد واحْتَفَدَ بِمَعْنى الإِسراع، من الْمجَاز، كَمَا فِي الأَساس.
(و) من الْمجَاز أَيضاً: حَفَدَ يَحْفِد حَفْداً: (خَدَمَ) ، قَالَ الأَزهريّ: الحَفْد فِي الخِدْمة والعَمَلِ: الخِفَّةُ.
وَفِي دعاءِ القُنُوتِ: (وإِليكَ نَسْعَى ونَحْفِد) أَي نُسْرِع فِي العَمل والخِدْمَة.
وَقَالَ أَبو عُبَيْد: أَصلُ الحَفْدِ: الخِدْمَةُ والعَمَلُ.
(والحَفَدُ، محرَّكةً) والحَفَدَةُ: (الخَدَمُ والأَعوانُ، جمْعُ حافِد) ، قَالَ بن عَرفة: الحَفَدُ عِنْد الْعَرَب: الأَعوانُ، فكلّ من عَمِل عَمَلاً أَطاعَ فِيهِ وسارَ، فَهُوَ حافدٌ.
(و) الحَفَدُ، محرّكةً (مَشْيٌ دُونَ الخَبَبِ) ، وَقد حَفَدَ البَعِيرُ والظَّلِيمُ، وَهُوَ تَدارُكُ السَّيْرِ، (كالحَفَدَانِ) ، محرَّكةً، والحَفْدِ، بِفَتْح فَسُكُون، وبعيرٌ حَفَّادٌ.
(و) قَالَ أَبو عُبَيْد: وَفِي الحَفَد لُغَة أُخْرَى، وَهُوَ (الإِحفادُ) ، وَقد أَحْفَد الظَّلِيمُ.
وَقيل: الحَفَدَانُ فَوْقَ المَشْيِ كالخَبَب.
(و) من الْمجَاز: (حَفَدَةُ الرَّجُلِ: بناتُه أَوْ أَولادُ أَولادِه، كالحَفِيد) وَهُوَ واحدُ الحَفَدَةِ، وَهُوَ وَلَدُ الوَلَدِ، والجمعُ حُفَدَاءُ.
ورُوِيَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) أَنهم الخَدَمُ (أَو الأَصهارُ) . رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود، أَنه قَالَ لزِرَ: هلْ تَدرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفَّاد الرّجُلٍ
من وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه. قَالَ: لَا ولاكنَّهم الأَصهارُ. قَالَ عاصمٌ: وزعَمَ الكَلْبِيٌّ أَن زِرًّا قد أَصاب. قَالَ سُفيانُ: قَالُوا وكَذَب الكَلْبِيّ. وَقَالَ الفرَّاءُ: الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَيُقَال: الأَعوانُ.
وَقَالَ الحَسَن. (البَنِينَ) : بَنُوك وَبَنُو بَنِيكَ.
وأَما الحَفَدة فَمَا حَفَدَك مِن شيْءٍ، وعَمِل لَك وأَعانك. وروى أَبو حمزةَ عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) . قَالَ: مَن أَعانك فقَدْ حفَدَك. وَقَالَ الضّحّاك: الحَفَدَةُ: بَنو المرأَةِ من زوْجها الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمةُ: الحفدة منْ خدَمكَ من وَلَدِكَ، وولَدِ وَلَدِكَ. وَقيل: المُرَاد بالبنات فِي قَول المصنِّف هُنَّ خَدمُ الأَبَوَيْن فِي البَيْت.
(و) عَن ابْن الأَعرابيّ: الحَفَدَةُ (صُنَّاعُ الوَشْيِ) والحَفْد: الوَشْيُ.
(والمحْفد، كمَجْلِسَ أَو مِنْبَر) ، وعَلى هاذه اقْتصر الصاغانيّ: (شَيْءٌ يُعْلَف فِيهِ الدَّوَابُّ) كالمِكْتَلِ. وَمِنْهُم مَنْ خَصَّ الإِبلَ، قَالَ الأَعشى، يَصِفُ ناقَتَه:
بَناها الغواديّ الرِّضِيخُ مَع الخَلَا
وسَقْيِي وإِطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
الغواديّ: النَّوَى، والرّضيخ: المرضوخ، وَهُوَ النَّوى يُبَلُّ بالماءِ ثمَّ يُرْضَخ. وَقد رُوِيَ بيتُ الأَعشى بالوجْهيْن مَعاً، فَمن كسر الْمِيم عَدَّه مِمَّا يُعْتَملُ بِهِ، وَمن فَتَحها فعلَى توَهُّمِ المكانِ أَو الزَّمان.
(و) المِحْفَد (كمِنْبَر: طَرفُ الثَّوبِ) ، عَن ابْن شُميل.
(و) رَوى ابنُ الأَعرابيّ عَن أَبي قَيس: (قَدَحٌ يُكالُ بِهِ) واسْمه المِحْفَد وَهُوَ القَنْقَلُ.
(و) المَحْفِد (كمَجْلِس) الأَصْلُ) عامَّةً، كالمَحْتِد، والمَحْكِد، والمَحْقِد، عَن ابْن الأَعرابيّ
والمَحْفِدُ: السَّنَامُ (و) فِي الْمُحكم: (أَصلُ السَّنَامِ) ، عَن يَعْقُوب، وأَنشد لزُهَيْرٍ:
جُمَالِيَّةٌ لم يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلتي
على ظهْرِها مِنْ نِيّهَا غيرَ مَحْفِدِ.
(و) المَحْفِد: (وَشْيُ الثَّوْبِ) ، جمْعه: المحافِدُ.
(و) مَحْفِد كمجْلِس (ة بِالْيمن) من مَيْفَعة.
(و) المَحْفَد (كمَقْعَد: ة بالسَّحُول) بأَسفَلها.
(وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سَرِيعُ القَطْعِ) ، قَالَ الأَعشَى، يَصِف السَّيفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقْع ذُو هَبَّةٍ
أَجادَ جِلَاهُ يَدُ الصَّيْقَلِ
قَالَ الأَزهريُّ: وروى: ومُحْتَفِل الوَقْع، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصّوَابُ.
(وأَحفَدَهُ: حمَلَهُ على) الحَفْدِ وَهُوَ (الإِسْرَاعُ) قَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليدَيْنِ مُسِيفةٍ
أَخَبَّ بهِنَّ المُخْلِفَانِ وأَحفَدَا
وَفِي التَّهْذِيب. أَحفدا، خَدَما، قَالَ: وَقد يكون أَحفدَا غيرَهما.
(و) من الْمجَاز: (رجل مَحْفُودٌ) أَي (مَخْدُوم) ، يخدُمه أَصحابُه ويُعظِّمونه، ويُسْرِعُون فِي طَاعَته، يُقَال: حَفَدْت وأَحفدْت، وأَنا حافِدٌ ومَحْفُودٌ. وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي حَدِيثِ أُمّ مَعْبد.
وممَّن اشتَهر بالحفِيدِ: أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله بن يُوسفَ، النَّيْسَابُوريُّ، ابنُ بنت العبَّاس بن حَمْزَة، الْفَقِيه الواعظِ..." تاج العروس (8/ 31- 34)"

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:16 AM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

التطبيق الأول: معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}


النقول من تفسير السلف:

قال محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) في جامع البيان في تأويل القرآن:
والضريع عند العرب: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سمّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الضريع: الشِّبْرق.
حدثني محمد بن عُبيد المحاربيّ، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ، عن عكرِمة في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشِّبرق.
حدثني يعقوب، قال: ثنا إسماعيل بن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: ثني نجدة، رجل من عبد القيس عن عكرمة، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: هي شجرة ذات شوك، لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمَّتها قريش الشِّبرق، فإذا هاج العود سمتها الضَّريع.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مِهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ضَرِيعٍ) قال: الشِّبرق اليابس.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: هو الشبرق إذا يبس يسمى الضريع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) يقول: من شرّ الطعام، وأبشعه وأخبثه.
حدثني محمد بن عبيد، قال: ثنا شريك بن عبد الله، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْطَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
وقال آخرون: الضَّرِيع: الحجارة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الحجارة.
وقال آخرون: الضَّرِيع: شجر من نار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) يقول: شجر من نار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الضريع: الشَّوك من النار. قال: وأما في الدنيا فإنَّ الضريع: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار (24/384، 385)

قال أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: 327هـ) في تفسير القرآن العظيم :
19250 - عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ: حَدِيثُ السَّاعَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ قَالَ: ذَلِيلَةٌ فِي النَّارِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: إِنَاءٌ طَبَخَهَا مِنْذُ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ شَرُّ الطَّعَامِ وَأَبْشَعُهُ وَأَخْبَثُهُ «2» .
19254 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي، تَنْصَبُ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ «6» .
19255 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً قَالَ: حَارَّةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: انْتَهَى حَرُّهَا لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ يَقُولُ: من شجر من نار.
19256 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحان شُرْبُهَا، وَفِي قَوْلِهِ: إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ الْيَابِسُ «1» .
19259 - عَنْ قَتَادَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فِي الرَّبِيعِ الشِّبْرَقُ وَفِي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ «4» .
19260 - عَنْ عِكْرَمَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ الشِّبْرَقُ شَجْرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ لاطِئَةٍ بِالْأَرْضِ «5» .
19261 - عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ «6» .
19262 - عَنْ سَعيِدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا من ضريع قَالَ: مِنْ حِجَارَةٍ «7» .
19263 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الزَّقُّومُ. (10 / 3420، 3421)


قال أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق (المتوفى: 427هـ) في الكشف والبيان عن تفسير القرآن:
قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.
وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع،
وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار»
[138] «1» سمّاه النبيّ ضريعا، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئا، إلّا أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع. (10 /187، 188)

قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) في النكت والعيون:
{ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ} فيه ستة أقاويل: أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق , كثيرة الشوك , قاله ابن عباس , قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع , قال الشاعر:
(رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعاً نازعته النحائص)
الثاني: السّلم , قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك. الثالث: أنها الحجارة , قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق , حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب. الخامس: أنه شجر من نار , قاله ابن زيد. السادس: أن الضريع بمعنى المضروع , أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه , قاله ابن حر. (6/ 259، 260)

قال أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ) في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز:
واختلف الناس في «الضريع» ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين: هو الزقوم، لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم، وقال سعيد بن جبير «الضريع» : الحجارة. وقال مجاهد وابن عباس وقتادة وعكرمة:
«الضريع» شبرق النار، وقال أبو حنيفة: «الضريع» الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي: [الطويل]
وحبسن في هزم الضريع فكلها ... جرباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان منه الخائض
وقيل «الضريع» : العشرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الضريع» : شوك في النار، وقال بعض اللغويين: «الضريع» يبيس العرفج إذا تحطم، وقال آخرون: هو رطب العرفج، وقال الزجاج: هو نبت كالعوسج، وقال بعض المفسرين: «الضريع» نبت في البحر أخضر منتن مجوف مستطيل له بورقية كثيرة، وقال ابن عباس: «الضريع» : شجر من نار. وكل من ذكر شيئا مما ذكرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد، وكل ما في النار فهو نار. وقال قوم: ضَرِيعٍ واد في جهنم، وقال جماعة من المتأولين:
«الضريع» طعام أهل النار ولم يرد أن يخصص شيئا مما ذكرناه، وقال بعض اللغويين: وهذا لا تعرفه العرب، وقيل: «الضريع» : الجلدة التي على العظم تحت اللحم، ولا أعرف من تأول الآية بهذا، وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة، واختلف في المعنى الذي سمي ضريعا فقيل هو ضريع بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب: «ما لي أراهما ضارعين» ؟ يريد هزيلين، ومن فعيل بمعنى مفعل قول عمرو بن معد يكرب: [الوافر]
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
يريد السمع، وقيل ضَرِيعٍ فعيل من المضارعة، أي الاشتباه لأنه يشبه المرعى الجيد ويضارعه في الظاهر وليس به.( 5 / 472 ،473)

قال أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ) في التفسير الكبير

واختلفوا في أن الضريع ما هو على وجوه أحدها: قال الحسن: لا أدري ما الضريع ولم أسمع فيه من الصحابة شيئا وثانيها: روي عن الحسن أيضا أنه قال: الضريع بمعنى المضرع كالأليم والسميع والبديع بمعنى المؤلم والمسمع والمبدع، ومعناه إلا من طعام يحملهم على أن يضرعوا ويذلوا عند تناوله لما فيه من الخشونة والمرارة والحرار وثالثها: أن الضريع ما يبس من الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا، فإذا يبس تحامته وهو سم قاتل، قال أبو ذويب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعا عاد عنه النحائص
جمع نحوص وهي الحائل من الإبل، وهذا قول أكثر المفسرين وأكثر أهل اللغة ورابعها: قال الخليل في كتابه: ويقال للجلدة التي على العظم تحت اللحم هي الضريع، فكأنه تعالى وصفه بالقلة، فلا جرم لا يسمن ولا يغني من جوع وخامسها: قال أبو الجوزاء: الضريع السلا، ويقرب منه ما روي عن سعيد بن جبير أنه شجرة ذات شوك، ثم قال أبو الجوزاء: وكيف يسمن من كان يأكل الشوك! وفي الخبر الضريع شيء يكون في النار شبيه الشوك أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار. ( 31 / 140)

قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) في تفسير القرآن العظيم:
وقوله: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: شجر من نار.
وقال سعيد بن جبير: هو الزقوم. وعنه: أنها الحجارة.
وقال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو الجوزاء، وقتادة: هو الشبرق. قال قتادة: قريش تسميه في الربيع الشبرق، وفي الصيف الضريع. قال عكرمة: وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض.
وقال البخاري: قال مجاهد: الضريع نبت يقال له: الشبرق، يسميه أهل الحجاز: الضريع إذا يبس، وهو سم (5) .
وقال معمر، عن قتادة: {إلا من ضريع} هو الشبرق، إذا يبس سمي الضريع.
وقال سعيد، عن قتادة: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} من شر الطعام وأبشعه وأخبثه. (8 / 385)


النقول عن أهل اللغة:

قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ) في معاني القرآن:
وقوله عزَّ وجلَّ: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) وهو نبت يُقال لَهُ: الشِّبْرِق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إِذَا يبس، وهو «4» سم. ( 3 / 257)

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى البصري (المتوفى: 209هـ) في مجاز القرآن:
«إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ» (6) الضريع عند العرب الشّبرق شجر.(2 / 296)

قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ) في تأويل مشكل القرآن:
والضّريع: نبت يكون بالحجاز، يقال لرطبه: الشّبرق، لا يسمن ولا يشبع، قال امرؤ القيس «2» : فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم ... غوارب رمل ذي ألاء وشبرق
والعرب تصفه بذلك. (1/ 48)

وقال في غريب الحديث: وأخبرنى أَبُو حَاتِم عَن أَبى ض عُبَيْدَة أَنه قَالَ فِي قَول الله تبَارك وَتَعَالَى: {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} الضريع عِنْد الْعَرَب يَابِس الشبرق. وَهُوَ يُؤْكَل غير أَنه كَمَا ذكر الله تبَارك وَتَعَالَى: {لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع} .
وَقَالَ الهذلى يصف إبِلا بِسوء الْحَال: من الطَّوِيل. ... وحبسن فِي هزم الضريع فَكلهَا ... حد بَاء دامية الْيَدَيْنِ حرود ...
وهزمه: مَا تكسر مِنْهُ. والحرود: الَّتِي لَا تدر. وَقَالَ الهذلى أَيْضا: من الطَّوِيل .. ترى الْقَوْم صرعى جثوَة أضجعوا مَعًا ... كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق ...
وَفِي الشبرق حمرَة فَشبه الدَّم بِهِ (3 / 664)


قال إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ) في معاني القرآن وإعرابه
والضريع الشبرق. وهو جنس من الشوك، إذا كان رطباً فهو شبرق، فإذا يبس فهوَ الضَّرِيعُ

قال محمد بن عُزير السجستاني، أبو بكر العُزيري (المتوفى : 330هـ) في غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب:
ضَرِيع: نبت بالحجاز يُقَال لرطبه الشبرق. (1 / 314)


قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)في الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية:
[ضرع] الضَرْعُ لكل ذات خفٍّ أو ظِلْفٍ. وأضْرَعَتِ الشاة، أي نزل لبنُها قُبَيل النتاج. وشاةٌ ضَريعٌ وضَريعةٌ، أي عظيمة الضَرْع. والضَريع: يبيسُ الشِبْرِقِ، وهو نبت. قال الشاعر يذكر إبلاً وسوء مرعاها وحبسن في هزم الضريع فكلُّها * حَدباَء داميةُ اليدينِ حَرودُ (3 / 1249)

قال أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ) في معجم مقاييس اللغة:

(ضَرَعَ) الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:

أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ
وَمِنَ الْبَابِ ضَرْعُ الشَّاةِ وَغَيْرِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ لِينٍ. وَيُقَالُ: أَضْرَعَتِ النَّاقَةُ، إِذَا نَزَلَ لَبَنُهَا عِنْدَ قُرْبِ النَّتَاجِ. فَأَمَّا الْمُضَارَعَةُ فَهِيَ التَّشَابُهُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: اشْتِقَاقُ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْعِ، كَأَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنْ ضَرْعٍ وَاحِدٍ. وَشَاةٌ ضَرِيعٌ: كَبِيرَةُ الضَّرْعِ، وَضَرِيعَةٌ أَيْضًا. وَيُقَالُ لِنَاحِلِ الْجِسْمِ: ضَارِعٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْنَيْ جَعْفَرٍ: «مَا لِي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ؟» .
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ: الضَّرِيعُ، وَهُوَ نَبْتٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَابِ فَيُقَالُ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ، إِذَا كَانَ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَقَالَ:
وَتُرِكْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ (3 / 396)


قال أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)في المفردات في غريب القرآن:
ضرع
الضَّرْعُ: ضَرْعُ الناقةِ، والشاة، وغيرهما، وأَضْرَعَتِ الشاةُ: نزل اللّبن في ضَرْعِهَا لقرب نتاجها، وذلك نحو: أتمر، وألبن: إذا كثر تمره ولبنه، وشاةٌ ضَرِيعٌ: عظيمةُ الضَّرْعِ، وأما قوله: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ [الغاشية/ 6] ، فقيل: هو يَبِيسُ الشَّبْرَقِ «1» ، وقيل: نباتٌ أحمرُ منتنُ الرّيحِ يرمي به البحر، وكيفما كان فإشارة إلى شيء منكر. وضَرَعَ إليهم: تناول ضَرْعَ أُمِّهِ، وقيل منه: ضَرَعَ الرّجلُ ضَرَاعَةً:
ضَعُفَ وذَلَّ، فهو ضَارِعٌ، وضَرِعٌ، وتَضَرّعَ:
أظهر الضَّرَاعَةَ. قال تعالى: تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً
[الأنعام/ 63] ، لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
[الأنعام/ 42] ، لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
[الأعراف/ 94] ، أي: يَتَضَرَّعُونَ فأدغم، فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا
[الأنعام/ 43] ، والمُضَارَعَةُ أصلُها:
التّشارك في الضَّرَاعَةِ، ثمّ جرّد للمشاركة، ومنه استعار النّحويّون لفظَ الفعلِ المُضَارِعِ. (1/506)


قال محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، ويعرف بتاج القراء (المتوفى: نحو 505هـ) في غرائب التفسير وعجائب التأويل:
هو نبت لاط بالأرض، له شوك يقال لرطبها الشيرق...
الغريب: سعيد، الضريع: الحجارة. الضحاك: شجرة في النار
من جنس النار الحسن: هو ما يضرعون عند أكله لما فيه من الشدة.
العجيب: الضريع سم - المبرد: أشأم طعام وأخسه. ( 2/ 1334)


قال محمود بن أبى الحسن بن الحسين النيسابوري أبو القاسم، نجم الدين (المتوفى: نحو 550هـ) في إيجاز البيان عن معاني القرآن:
و «الضّريع» : شجرة شائكة إذا أكلته الإبل هزلت، أو هو وصف من «الضّراعة» لا اسم، أي: ليس فيها طعام إلّا ما أعدّ للهوان، أو إذا طعموه تضرّعوا عنده. (2 /874 ،875)

قال أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ) في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون

قوله: {ضَرِيعٍ} : هو شجرٌ في النار. وقيل: حجارةٌ. وقيل: هو الزَّقُّوم. وقال أبو حنيفة: «هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً. قال الهذليُّ:
4553 - وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها ... حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
وقال أبو ذؤيب:
4554 - رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى ... وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم. وقال الخليل:» نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك. ( 10 / 766)


قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) في لسان العرب
والضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ، وَقِيلَ: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وَقِيلَ: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا. وَفِي التنزيل: يْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: مَا تَكَسَّر مِنْهُ، والحَرُودُ: الَّتِي لَا تَكَادُ تَدِرُّ؛ وَصَفَ الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وَقِيلَ: الضرِيعُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ. والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ. وتَضْرُوعُ: بَلْدَةٌ؛ قَالَ عَامِرُ ابن الطُّفَيْلِ وَقَدْ عُقِرَ فرسُه:
ونِعْمَ أَخُو الضُّعْلُوكِ أَمسِ تَرَكْتُه ... بِتَضْرُوعَ، يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ. (8 / 223)

قال أحمد بن محمد بن عماد الدين بن علي، أبو العباس، شهاب الدين، ابن الهائم (المتوفى: 815هـ) في التبيان في تفسير غريب القرآن
ضريع : هو نبت بالحجاز يقال لرطبه الشبرق.(1/ 342)

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) في التحرير والتنوير:
الضريع: يابس الشبرق (بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء) وهو نبت ذو شوك إذا كان رطبا فإذا يبس سمي ضريعا وحينئذ يصير مسموما وهو مرعى للإبل ولحمر الوحش إذا كان رطبا، فما يعذب بأهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه
وسوء مغبته.
وقيل: الضريع اسم سمى القرآن به شجرا في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغسلين الوارد في قوله تعالى: فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين [الحاقة: 35، 36] (30 /297)

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:18 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

التطبيقات:
اختر مسألة من المسائل التالية، واجمع أقوال علماء اللغة فيها على نحو ما في المثال:
1. معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}


المسألة تفسيرية لغوية لتعلقها بمعنى مفردة في القرآن الكريم :

أولا : ما ورد في معناها من أقوال السلف :
تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
🔹قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):
(عن معمر، عن قتادة، في قوله: {إلا من ضريع}؛ قال: هو الشبرق). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 368]

🔹 قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة(ت:235هـ):
- حَدَّثَنَا، مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ، الْأَعْمَشِ، عَنْ، عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ، شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ، أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ حَتَّى يَعْدِلَ عَنْهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ , قَالَ فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِالضَّرِيعِ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ... [ مصنف ابن أبي شيبة ]

🔹قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) :
(ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]

🔹قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) :
(قولُهُ: ويُقالُ: الضَّريعُ نَبْتٌ يُقَالُ: له الشِّبْرِقُ تُسَمِّيهِ أهْلُ الحِجَازِ الضَّريعَ إذا يَبِسَ وهُو سُمٌّ)، هُو كلامُ الفَرَّاءِ بلَفْظِهِ والشِّبْرِقُ بكَسْرِ المُعْجَمَةِ، بَعْدَها مُوَحَّدَةٌ؛
قَالَ الخليلُ بنُ أَحْمَدَ: هُو نَبْتٌ أَخْضَرُ مُنْتِنُ الرِّيحِ يَرمِي به البَحرُ.
- وأَخرَجَ الطَّبَرِيُّ من طَرِيقِ عِكْرِمَةَ ومُجَاهدٍ قَالَ: الضَّريعُ: الشِّبرِقُ. ومن طَرِيقِ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الضَّريعُ شَجرٌ من نارٍ.
- ومن طريقِ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ قَالَ: الحجارةُ. وقَالَ ابنُ التِّينِ: كأنَّ الضَّريعَ مُشْتَقٌّ مِنَ الضَّارعِ وهُو الذَّليلُ، وقِيلَ: هُو السُّلاَّ بضَمِّ المُهْمَلَةِ وتَشْدِيدِ اللامِ وهُو شَوكُ النَّخلِ). [فتح الباري: 8 / 700-701]

🔹قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) :
( وَيُقالُ: الضَّرِيعُ نَبْتٌ يُقالُ لَهُ الشِّبْرِقُ يُسَمِّيهِ أهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إذَا يَبِسَ وَهُوَ سَمٌّ).
- الْقَائِلُ هُوَ الْفَرَّاءُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}؛

- قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ إِبِلَنَا لَتَسْمَنُ عَلَى الضَّرِيعِ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} وَكَذَبُوا فَإِنَّ الإِبَلَ إِنَّمَا تَرْعَاهُ إِذَا كَانَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ فَلاَ تَأْكَلُهُ، وَرَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقًا بِالْكَسْرِ لاَ ضَرِيعًا،

- فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ قِيلَ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ} وَفِي الْحَاقَّةِ: {وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ}؟
قُلْتُ: الْعَذَابُ أَلْوَانٌ وَالْمُعَذَّبُونَ طَبَقَاتٌ، فَمِنْهُمْ أَكَلَةُ الزَّقُّومِ، وَمِنْهُمْ أَكَلَةُ الْغِسْلِينِ، وَمِنْهُمْ أَكَلَةُ الضَّرِيعِ.

- وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الضَّرِيعُ شَجَرٌ مِنْ نَارٍ.
- وَقَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ نَبْتٌ أَخْضَرُ مُنْتِنُ الرِّيحِ يُرْمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ). [عمدة القاري: 19 / 289]

🔹قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) :
(الضَّرِيعُ)
- ولأَبِي ذَرٍّ: وَيُقَالُ الضَّرِيعُ (نَبْتٌ) له شَوْكٌ (يُقَالُ له: الشِّبْرِقُ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ والرَّاءِ، بينهما مُوَحَّدَةٌ ساكنةٌ (تُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إذا يَبِسَ وهو سُمٌّ) لا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ لِخَبَثِهِ). [إرشاد الساري: 7 / 417]

🔹قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ):
- (وعن سعيدٍ: {ليس لهم طعامٌ إلا من ضريع}؛ قال: من حجارةٍ). [جزء تفسير يحيى بن اليمان: 37] [سعيد: هو ابن جبير]

🔹
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ):
- (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {طعامٌ إلا من ضريع}؛ قال: شجرةٌ يقال لها: الشّبرق).[جزء تفسير عطاء الخراساني: 94]

🔹قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
(وقولُهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: ليسَ لهؤلاءِ الذينَ هم أصحابُ الوجُوه الخاشعةِ العاملةِ الناصبةِ يومَ القيامةِ، طعامٌ إلاَّ ما يَطْعَمُونَه من ضريعٍ.

1- والضريعُ عندَ العربِ: نبْتٌ يُقالُ له الشِّبْرِقُ، وتسمِّيهِ أهلُ الحجازِ: الضَّرِيعَ؛ إذا يَبِسَ، ويسمِّيهِ غيرُهم: الشِّبْرِقُ، وهو سُمٌّ.
وبنحوِ الذي قلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
▪ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أبي، قالَ: ثني عمِّي، قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الضريعُ: الشبرقُ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ المحاربيُّ، قالَ: ثنا عبَّادُ بنُ يعقوبَ الأسديُّ، قالَ محمَّدٌ: ثنا، وقالَ عبَّادٌ: أخبرنا محمَّدُ بنُ سليمانَ، عن عبدِ الرَّحْمنِ الأصبهانيِّ، عن عكرمةَ في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.

- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا إسماعيلُ ابنُ عُليَّةَ، عن أبي رجاءٍ، قالَ: ثني نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ، عن عكرمةَ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هي شجرةٌ ذاتُ شوكٍ، لاطئةٌ بالأرضِ، فإذا كانَ الربيعُ سمَّتْها قريشٌ الشبرقَ، فإذا هاجَ العودُ سمَّتْها الضريعَ.

- حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عبدُ الرَّحْمنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} قالَ: الشبرقُ.

- حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثلَهُ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قالَ: ثنا عيسَى؛ وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشبرقُ اليابسُ.

- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى، قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ:{إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هو الشبرقُ إذا يَبِسَ يُسمَّى الضريعَ.

- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يزيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: من شرِّ الطعامِ، وأبشعِهِ وأخبثِهِ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ، قالَ: ثنا شريكُ بنُ عبدِ اللَّهِ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.

2- وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: الحجارةُ.
▪ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابنُ يمانٍ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الحجارةُ.

3- وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: شجرٌ من نارٍ.
▪ ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالحٍ، قالَ: ثني معاويَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} يقولُ: شجرٌ من نارٍ.

- حدَّثني يونسُ، قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ). [جامع البيان: 24 / 331-333]

🔹قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ):
- عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ: حَدِيثُ السَّاعَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ قَالَ: ذَلِيلَةٌ فِي النَّارِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: إِنَاءٌ طَبَخَهَا مِنْذُ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ شَرُّ الطَّعَامِ وَأَبْشَعُهُ وَأَخْبَثُهُ”

- “عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي، تَنْصَبُ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ

- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً قَالَ: حَارَّةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: انْتَهَى حَرُّهَا لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ يَقُولُ: من شجر من نار.”

- “عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحان شُرْبُهَا، وَفِي قَوْلِهِ: إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ الْيَابِسُ

- عَنِ السُّدِّيِّ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: انْتَهَى حَرُّهَا فَلَيْسَ فَوْقُهُ حَرٌّ

- عَنْ قَتَادَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فِي الرَّبِيعِ الشِّبْرَقُ وَفِي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ

- عَنْ عِكْرَمَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ الشِّبْرَقُ شَجْرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ لاطِئَةٍ بِالْأَرْضِ

- عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ

- عَنْ سَعيِدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا من ضريع قَالَ: مِنْ حِجَارَةٍ .

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الزَّقُّومُ.”
( تفسير القرآن العظيم 19250 ، ( 19254-19263) )

🔹قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ):
(نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الضريع: الشبرق اليابس). [تفسير مجاهد: 2/ 753]

🔹 قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
▪ (واختلف الناس في (الضّريع)؛
- فقال الحسن وجماعةٌ من المفسّرين: هو الزّقّوم؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.

-وقال سعيد بن جبيرٍ: الضّريع حجارةٌ في النار.

- وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وعكرمة: الضّريع: شبرق النار.
- وقال أبو حنيفة: الضّريع: الشّبرق؛ وهو مرعى سوءٍ، لا تعقد السّائمة عليه شحماً ولا لحماً.
ومنه قول ابن عيزارة الهذليّ:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ....... حدباء دامية اليدين حرود
- وقال أبو ذؤيبٍ:
رعى الشّبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ....... وعاد ضريعاً بان منه النّحائص

- وقيل: الضّريع: العشرق.
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «الضّريع: شوكٌ في النّار».
- وقال بعض اللّغويّين:
الضّريع: يبس العرفج إذا تحطّم.
وقال آخرون: هو رطب العرفج.
وقال الزّجّاج: هو نبتٌ كالعوسج.

- وقال بعض المفسّرين: الضّريع نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
- وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الضّريع: شجرٌ من نارٍ.

وكلّ من ذكر شيئاً مما قدّمناه فإنما يعني أن ذلك من نارٍ ولا بدّ، وكلّ ما في النار فهو نارٌ.
- وقال قومٌ: ضريعٌ، وادٍ في جهنّم.
- وقال جماعةٌ من المتأولّين: الضّريع: طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصّص شيئاً ممّا ذكر.
- قال بعض اللّغويّين: وهذا ممّا لا تعرفه العرب.
- وقيل: الضّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم. ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.

- وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ.

▪واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً؛ فقيل:
- هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
- ومن فعيلٍ بمعنى مفعلٍ قول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد: المسمع.
- وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به).
[المحرر الوجيز: 8/ 597-599]

🔹قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
(وقوله: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}؛
- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: شجرٌ من نارٍ.
- وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الزّقّوم. وعنه أنّها الحجارة.
- وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة: هو الشّبرق.
- قال قتادة: قريشٌ تسمّيه في الرّبيع الشّبرق، وفي الصّيف الضّريع.
- قال عكرمة: وهو شجرةٌ ذات شوكٍ، لاطئةٌ بالأرض.
- وقال البخاريّ: قال مجاهدٌ: الضّريع: نبتٌ يقال له: الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز الضّريع إذا يبس. وهو سمٌّ.
- وقال معمرٌ، عن قتادة: {إلاّ من ضريعٍ}؛ هو الشّبرق إذا يبس، سمّي الضّريع.
- وقال سعيدٌ، عن قتادة: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}: من شرّ الطّعام وأبشعه وأخبثه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 385]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 381]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
(وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: حديثُ الساعَةِ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛ قالَ: ذَلِيلَةٌ في النارِ، {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَكَبَّرَتْ في الدنيا عن طاعةِ اللَّهِ فأَعْمَلَهَا وأَنْصَبَهَا في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: أَنَى طَبْخُها مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السماواتِ والأرضَ، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ؛ شَرُّ الطعَامِ وأَبْشَعُه وأَخْبَثُه). [الدر المنثور: 15 / 381] (م)

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَة في قَوْلِهِ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: عامِلَةٌ في الدنيا بالمعاصِي، تَنْصِبُ في النارِ يومَ القيامةِ، {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 382] (م)

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}؛ قالَ: حَارَّةً، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: انْتَهَى حَرُّهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يَقُولُ: مِن شَجَرٍ مِنْ نَارٍ). [الدر المنثور: 15 / 382] )

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وهَنَّادٌ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحانَ شُرْبُها، وفي قَوْلِهِ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383-384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ قالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ في الرَّبِيعِ الشِّبْرِقُ، وفي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ فال: الضَّرِيعُ: الشِّبرِقُ شجرةٌ ذاتُ شوكٍ لاطئةٌ بالأرضِ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي الجَوْزَاءِ قال: الضَّرِيعُ: السُّلاءُ، وهو الشَّوْكُ، وكيفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامُهُ الشَّوكَ؟ ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: مِن حِجَارَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الزَّقُّومُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدَّرْدَاءِ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ حَتَّى يَعْدِلَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 384-385]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:«شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ شِبْهُ الشَّوْكِ، أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ الضَّرِيعَ، إِذَا طَعِمَهُ صَاحِبُهُ لاَ يَدْخُلُ الْبَطْنَ وَلاَ يَرْتَفِعُ إِلَى الْفَمِ، فَيَبْقَى بَيْنَ ذَلِكَ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 385]

ثانيا : أقوال اللغويين فيها :
المصادر التي جمعت منها الأقوال :
1- المرتبة الأولى : معاني القرآن :
معاني القرآن للفراء ، مجاز القرآن لمعمر بن المثنى ، معاني القرآن للزجاج ،

2- الثانية : غريب القرآن :
تفسير غريب القرآن لليزيدي ، المشكل من غريب القرآن، والعمدة في غريب القرآن لمكي بن أبي طالب ، المفردات في غريب القرآن للأصفهاني

3-الثالثة : كتب لغوية :
ياقوتة الصراط لثعلب ، كتاب الجيم للشيباني ، شرح أشعار الهذليين للسكري ، الأضداد لابن الأنباري

4- الرابعة : التفاسير التي تعنى باللغة :
التحرير والتنوير لابن عاشور ، الكشاف للزمخشري ، البحر المحيط لابي حيان ، الدر المصون للحلبي

5- الخامسة : معاجم اللغة :
لسان العرب لابن منصور ، العين للفراهيدي ، القاموس المحيط للفيروز آبادي ، تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي ، المعجم الوسيط

أقوال اللغويين ( مرتبة حسب التسلسل التاريخي ) :
معنى ( ضريع ) من قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
🔹 قال الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 170 هـ)
“(باب العين والضاد والراء معهما) (ض ر ع، ر ض ع، ع ر ض، ع ض ر مستعملات ر ع ض، ض ع ر مهملان)
- ضرع: ضَرِعَ الرجل يَضْرَعُ فهو ضَرَعٌ، أي: غمر ضعيف.
قال طرفة بن العبد:
................ ... فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغمر
- والضَّرَعُ أيضاً: النحيف الدقيق. يقال: جسدك ضارع، وأنت ضارع. وجنبك ضارع.
- قال الأحوص:
كفرت الذي أسدَوْا إليك ووسّدوا ... من الحسن إنعاماً وجنبك ضارع”
- “وتقول: أضرعته، أي: ذللته.
- وضَرِعَ، أي: ضعف، وقوم ضَرِع.
- قال:
تعدو غواة على جيرانكم سفهاً ... وأنتم لا أشابات ولا ضرع
- والضَّرَعُ والتّضَرُّعُ: التّذلل. ضَرَعَ يَضْرَعُ، أي: خضع للمسألة.
- وتضّرع: تذلل، وكذلك التضرّع إلى الله: التخشُّع.
- وقوم ضَرَعَةٌ، أي: متخشِّعُون من الضعف. والضَّرع للشاء والبقر ونحوهما، والخلف للناقة، ومنهم من يجعله كلّه ضرعاً من الواب. ويقال: ما له زرع ولا ضرع، أي: [لا] أرض تزرع ولا ماشية تحلب. وأضْرَعَتِ الناقة فهي مُضْرع لقرب النتاج عند نزول اللبن.
والمضارع: الذي يضارع الشيء كأنّه مثلُهُ وشِبْهُه.
- والضَّريع في كتاب الله، يبيس الشبرق. قال زائدة: هو يبيس كل شجرة.”
( كتاب العين /. باب العين والضاد والراء معهما )


🔹قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
- (وقوله عز وجل: {لّيس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ...}؛ وهو نبت يقال له: الشّبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، وهو سم). [معاني القرآن: 3/ 257]

🔹قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
- ({إلاّ من ضريعٍ}الضريع عند العرب الشبرق شجر). [مجاز القرآن: 2/ 296]

🔹قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ):
- (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت). [كتاب الجيم: 2/ 201]

🔹قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ):
- ({ضريع}: ذكروا أنه يبيس الشجر، وقالوا (الضريع): نبت يقال له الشرق. وذكروا أن بعض البحار يقذف في كل سنة ورقا ليست له قوة). [غريب القرآن وتفسيره: 426]

🔹قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) :
- وحبسن في هزم الضريع فكلها ....... حدباء بادية الضلوع جدود
(الضريع) يابس العشرق، وقالوا: الشبرق). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 598]

🔹قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
- ((الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق). [تفسير غريب القرآن: 525]

🔹قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
- ({ليس لهم طعام إلّا من ضريع (6)} يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}). [معاني القرآن: 5/ 318]

🔹قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):
- (والضريع العوسج الرطب، وهو نبات في النار، شبيه العوسج). [ياقوتة الصراط: 573]

🔹قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): -
وفي المسألة جواب ثالث؛ وهو أصحاب الجنة: لو كان لأصحاب النار وأصحابها مستقر فيه خير، لكان مستقر أصحاب الجنة خيرا منه لاتصال نعيمهم؛ ولانقطاع الراحة التي يجدها أهل النار في النار إن كانت؛ وهي مما لا يكون، فجرى مجرى قول العرب: ما لفلان عيب إلا السخاء، أي من السخاء عيبه فلا عيب له.
وقد خرج بعضهم قول الله عز وجل: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}، من هذا المعنى فقال: التأويل: من الضريع طعامه فلا طعام له. ومنه قول العرب: ما لفلان راحة إلا السير والعمل؛ أي من هذان راحته فهو غير مستريح). [كتاب الأضداد: 316-318] (م)

🔹قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):
- ( (الضَّرِيع): نبت بالحجاز، يقال لرطبه الشِّبْرِق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 300]

🔹قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): -
(الضَرِيعٍ): نبت). [العمدة في غريب القرآن: 344]

🔹قال الراغب الأصفهاني ( 502 هـ)
وأما قوله ( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [الغاشية/ 6] ، فقيل: هو يَبِيسُ الشَّبْرَقِ ، وقيل: نباتٌ أحمرُ منتنُ الرّيحِ يرمي به البحر، وكيفما كان فإشارة إلى شيء منكر.
( المفردات في غريب القرآن )

🔹قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
- الضريع. :يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل. - قال أبو ذؤيب:
رعى الشيرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ...وعاد ضريعا بان عنه النّحائص
- وقال:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود

▪فإن قلت: كيف قيل لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وفي الحاقة وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ؟
قلت: العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم. أكلة الزقوم. ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.
لا يُسْمِنُ : مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام. أو ضريع، يعنى: أنّ طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به. وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه.

▪ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه: وهما
إماطة الجوع، وإفادة القوّة والسمن في البدن.
أو أريد: أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد: نفى الظل على التوكيد.

- وقيل: قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت لا يُسْمِنُ فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر، فيردّ قولهم بنفي السمن والشبع، وإما أن يصدقوا فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع. ( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل )

🔹قال جمال الدين ابن منظور ( 711هـ)
- والضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ،
- وَقِيلَ: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ،
- وَقِيلَ: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُو ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا.
- وَفِي التنزيل:{ ليْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَل يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}
- قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ،
- وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ،
- وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
- وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ: فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
؛
- قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛
- وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: مَا تَكَسَّر مِنْهُ، والحَرُودُ: الَّتِي لَا تَكَادُ تَدِرُّ؛ وَصَفَ الإِبل بشدَّة الهُزال؛

- وَقِيلَ: الضرِيعُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ.
- والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ،
- وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ.
( لسان العرب / كتاب العين فصل الضاد )

🔹 قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)
- والضريع،
قال ابن عباس: شجر من نار.
وقال الحسين: وجماعة الزقوم.
وقال ابن جبير: حجارة من نار.
وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وعكرمة ومجاهد: شبرق النار.
وقيل: العبشرق.
وقيل: رطب العرفج،
وتقدم ما قيل فيه في المفردات.
وقيل: واد في جهنم.
والضريع، إن كان الغسلين والزقوم، فظاهر ولا يتنافى الحصر في ((إلا من غسلين))تفسير : [الحاقة: 36] و((إلا من)) ضريع. وإن كانت أغياراً مختلفة، والجمع بأن الزقوم لطائفة، والغسلين لطائفة، والضريع لطائفة.
- وقال الزمخشري: ((لا يسمن)) مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع، يعني أن طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس وإنما هو شوك، والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به، وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه، ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه، وهما إماطة الجوع وإفادة القوة، والسمن في البدن، انتهى.

- فقوله: مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع. أما جره على وصفه لضريع فيصح، لأنه مثبت منفي عنه السمن والإغناء من الجوع.
وأما رفعه على وصفه لطعام فلا يصح، لأن الطعام منفي ولا يسمن، منفي فلا يصح تركيبه، إذ يصير التقدير: ليس لهم طعام لا يسمن ولا يغني من جوع إلا من ضريع، فيصير المعنى: أن لهم طعاماً يسمن ويغني من جوع من غير ضريع، كما تقول: ليس لزيد مال لا ينتفع به إلا من مال عمرو، فمعناه أن له مالاً ينتفع به من غير مال عمرو.
- ولو قيل: الجملة في موضع رفع صفة للمحذوف المقدر في ((إلا من ضريع)) كان صحيحاً، لأنه في موضع رفع على أنه بدل من اسم ليس، أي ليس لهم طعام إلا كائن من ضريع، إذ الإطعام من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع، وهذا تركيب صحيح ومعنى واضح،
- وقال الزمخشري: أو أريد أن لا طعام لهم أصلاً، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع وأسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول: ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد نفي الظل على التوكيد. انتهى. فعلى هذا يكون الاستثناء منقطعاً، إذ لم يندرج الكائن من الضريع تحت لفظة طعام، إذ ليس بطعام. والظاهر الاتصال فيه. وفي قوله: ((أية :
ولا طعام إلا من غسلين))تفسير : [الحاقة: 36] لأن الطعام هو ما يتطعمه الإنسان، وهذا قدر مشترك بين المستلذ والمكروه وما لا يستلذ ولا يستكره. ( البحر المحيط )

🔹 قال أبو العباس، أحمد بن يوسف السمين الحلبي (ت: 756هـ)
تفسير : قوله: ((ضَرِيعٍ)): هو شجرٌ في النار.
وقيل: حجارةٌ.
وقيل: هو الزَّقُّوم.
وقال أبو حنيفة: "هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً.
- قال الهذليُّ:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
- وقال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
- وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم.
- وقال الخليل: "نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.
( الدر المصون )


🔹قال محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي ( 817 هـ)
- والضَّريعُ، كأميرٍ: الشِّبْرِقُ، أو يَبيسُهُ، أو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُهُ ضَريعاً، لا تَقْرَبُه دابَّةٌ لخُبْثِهِ،
وـ: السُّلاَّءُ، والعَوْسَجُ الرَّطْبُ، أو نَباتٌ في الماءِ الآجِنِ، له عُروقٌ لا تَصِلُ إلى الأرضِ، أو شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ، وأحَرُّ من النارِ، ونَباتٌ مُنْتِنٌ يَرْمي به البَحْرُ، ويَبيسُ كلِّ شجرةٍ، والخَمْرُ أو رَقِيقُها، والجِلْدَةُ على العَظْمِ تَحْتَ اللحمِ.
( القاموس المحيط / باب العين فصل الضاد )

🔹قال محمد بن محمد بن المرتضى الزبيدي ( 1205هـ)
قَالَ تَعَالَى: { لَيْسَ لهُم طَعامٌ إلاّ مِنْ ضَريعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ الضَّريعُ}، كأَميرٍ: الشِّبْرِقُ، قَالَه أَبو حنيفةَ،

- وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: هُوَ نَبْتٌ بالحِجازِ، لَهُ شَوكٌ كِبارٌ يُقَال لَهُ: الشِّبرِق، أَو يَبيسُه، نَقله الجَوْهَرِيّ،
- أَو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُه يُسَمَّى ضَريعاً، عندَ أَهل الحِجازِ، قَالَه الفَرَّاءُ، لَا تَقرَبُه دابَّةٌ لِخُبْثِه،
- قَالَ أَبو حنيفةَ: هُوَ مَرعى سَوْء، لَا تَعقِدُ عَلَيْهِ السَّائمَةُ شَحماً وَلَا لَحْماً، فإنْ لَمْ تُفارِقْه إِلَى غيرِه ساءَ حالُها،
- قَالَ قيسُ بنُ العَيزارَةِ يصف الإبِلَ وسوءَ مَرعاها:
(وحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّريع وكُلُّها ... حَدباءُ داميَةُ اليَدَينِ حَرودُ)
- قَالَ أَبو الجَوزاءِ: الضَّريعُ: السُّلاّءُ،
- وجاءَ فِي التَّفسير: أَنَّ الكُفَّارَ قَالُوا: إنَّ الضَّريعَ تَسْمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا، فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ.
- قَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ: الضَّريعُ: العَوْسَجُ الرَّطْبُ، فَإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزيزُ،
- قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: نَباتٌ فِي الماءِ الآجِنِ، لَهُ عُروقٌ لَا تَصلُ إِلَى الأَرضِ. أَو هُوَ شيءٌ فِي جهنَّمَ أَمَرُّ من الصَّبْرِ، وأَنتَنُ من الجيفَةِ، وأَحرُّ من النّارِ، وَهَذَا لَا يعرِفُه العَرَبُ، وَهُوَ طَعامُ أَهلِ النّارِ.
- قيل: هُوَ نباتٌ أَخضَرُ، كَمَا فِي اللِّسان،
- وَفِي المُفرداتِ: أَحمَرُ مُنتِن الرِّيحِ خفيفٌ يَرمي بِهِ البَحرُ، وَله جَوفٌ.
- قَالَ ابْن عَبّادٍ: الضَّريعُ: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.
- قيل: الضَّريعُ: الخَمْرُ أَو رَقيقُها، وَهَذِه عَن ابْن عبادٍ،
- قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: الجِلدَةُ الَّتِي على العَظْمِ تحتَ اللَّحمِ من الضِّلْعِ. وَيُقَال: هُوَ القِشْرُ الَّذِي عَلَيْهِ.
( تاج العروس من جواهر القاموس )

🔹 قال محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت: 1393هـ)
والضريع: يابس الشِّبْرِق (بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء) وهو نبت ذو شَوك إذا كان رطباً فإذا يبس سمي ضَريعاً وحينئذ يصير مسموماً وهو مرعى للإِبل ولحُمُر الوحش إذا كان رطباً، فما يعذب أهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه وسوء مَغبته.

- وقيل: الضريع اسم سَمّى القرآن به شجراً في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغِسلين الوارد في قوله تعالى: (( فليس له اليوم ههنا حميم ولا طعام إلا من غِسلين )) تفسير : [الحاقة: 35، 36] وعليه فحرف ((مِن)) للابتداء، أي ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين وقد حصل الجمع بين الآيتين.

- ووصفُ ضريع بأنه لا يُسمن ولا يغني من جوع لتشويهه وأنه تمحض للضر فلا يعود على آكليه بسمن يصلح بعض ما التفح من أجسادهم، ولا يغني عنهم دفع ألم الجوع، ولعل الجوع من ضروب تعذيبهم فيسألون الطعام فيُطعمون الضريع فلا يدفع عنهم ألم الجوع.

- والسِمن، بكسر السين وفتح الميم: وفرة اللحم والشحم للحيوان يقال: أسمنه الطعامُ، إذا عاد عليه بالسمن.
والإِغناء: الإِكفاء ودفع الحاجة. و((من جوع)) متعلق بــــ ((يغني)) وحرف ((من)) لمعنى البدلية، أي غناء بدلاً عن الجوع.
والقصر المستفاد من قوله: ((ليس لهم طعام إلا من ضريع)) مع قوله تعالى: (( ولا طعام إلا من غسلين )) تفسير : [الحاقة: 36] يؤيد أن الضريع اسم شجر جهنم يسيل منه الغسلين. ( التحرير والتنوير )

🔹المعجم الوسيط
و (الضريع) يُقَال شَاة ضَرِيع حَسَنَة الضَّرع ، وَنبت الشبرق والسلاء والعوسج الرطب .
وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع}

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 3 صفر 1439هـ/23-10-2017م, 09:29 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)}سورة النحل
تفسير الآية :
قال محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (ت: 310هـ):القول في تأويل قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) }
يقول تعالى ذكره (وَاللَّهُ) الذي (جَعَلَ لَكُمْ) أيها الناس (مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء، (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) .
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) : أي والله خلق آدم، ثم خلق زوجته منه ثم جعل لكم بنين وحفدة.
واختلف أهل التأويل في المعنيين بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرجل على بناته.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا ثنا أبو معاوية، قال: ثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرو، عن ابن حبيش، عن عبد الله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الأختان.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر، عن عاصم، عن ورقاء سألت عبد الله: ما تقول في الحَفَدَة؟ هم حَشَم الرجل يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لا ولكنهم الأختان.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن؛ وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قالا جميعا: ثنا سفيان، عن عاصم بن بَهْدَلة، عن زِرّ بن حُبَيْش، عن عبد الله، قال: الحَفَدَة: الأختان.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي. عن سفيان بإسناده عن عبد الله، مثله.
حدثنا ابن بشار وأحمد بن الوليد القرشي وابن وكيع وسوار بن عبد الله العنبريّ ومحمد بن خلف بن خراش والحسن بن خلف الواسطيّ، قالوا: ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، قال: الحَفَدَة: الأختان.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيم، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: الحَفَدَة: الأختان.
حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الحَفَدَة: الأختان.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: الحَفَدَة: الخَتْن.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن عاصم، عن زِرّ، عن عبد الله، قال: الأختان.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الأختان.
وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ عن ابن عباس، قوله (وَحَفَدَةً) قال: الأصهار.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عاصم، عن زِرّ، عن ابن مسعود، قال: الحَفَدَة: الأختان.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زرّ بن حبيش، قال: قال لي عبد الله بن مسعود: ما الحَفَدَة يا زِرّ؟ قال: قلت: هم أحفاد الرجل من ولده وولدولده. قال: لا هم الأصهار.
وقال آخرون: هم أعوان الرجل وخدمه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سليم بن قتيبة، عن وهب بن حبيب الأسَدي، عن أبي حمزة، عن ابن عباس سئل عن قوله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: من أعانك فقد حَفَدك، أما سمعت قوله الشاعر:
حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ ... بأكُفِّهِنَّ أزِمَّةُ الأجْمال
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، في قوله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الحفدة: الخُدّام.
حدثني محمد بن خالد بن خداش، قال: ثني سَلْم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البَجَلي، عن سماك، عن عكرمة، قال: قال: الحَفَدَة: الخُدّام.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن عكرمة، قال: هم الذين يعينون الرجل من ولده وخدمه.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة (وَحَفَدَةً) قال: الحَفَدَة: من خدمك مِنْ ولدك.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سلام بن سليم، وقيس عن سِماك، عن عكرمة، قال: هم الخدم.
حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سلام أبو الأحوص، عن سِماك، عن عكرمة، مثله.
حدثني محمد بن خالد، قال: ثني سلمة، عن أبي هلال، عن الحسن، في قوله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: البنين وبني البنين، مَنْ أعانك من أهل وخادم فقد حفدك.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، قال: هم الخَدَم.
حدثني محمد بن خالد وابن وكيع، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: ثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الحَفَدة: الخَدَم.
حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، جميعا عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: ابنه وخادمه.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفة، قال: ثنا شبل جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: أنصارًا وأعوانًا وخدامًا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: الحفدة: الخدم.
حدثنا ابن بشار مرّة أخرى، قال: ابنه وخادمه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) مهنة يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامة أكرمكم الله بها.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السُّديّ، عن أبي مالك: الحَفَدَة، قال: الأعوان.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حصين، عن عكرمة، قال: الذين يعينونه.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، عن الحكَم بن أبان، عن عكرمة، في قوله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن التيميّ، عن أبيه، عن الحسن، قال: الحَفَدَة: الخَدَم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن حصين، عن عكرمة (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: ولده الذين يعينونه.
وقال آخرون: هم ولد الرجل وولد ولده.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (وَحَفَدَةً) قال: هم الولد وولد الولد.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد وسعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الحَفَدَة: البنون.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا غُنْدَر، عن شعبة، عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك، قال حميد:
حَفَدَ الوَلائِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ ... بأكُفِّهِنَّ أزِمَّةُ الأجْمال
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) قال: الحَفَدَة: الخدم من ولد الرجل هم ولده، وهم يخدمونه؛ قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبد، إنما الحَفَدَة: ولد الرجل وخدمه.
حُدثت عن الحسين بن الفَرَج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول، في قوله (بَنِينَ وَحَفَدَةً) يعني: ولد الرجل يحفِدونه ويخدُمونه، وكانت العرب إنما تخدمهم أوّلادهم الذكور.
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرجل من غيره.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال:
ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) يقول: بنو امرأة الرجل ليسوا منه، ويقال: الحَفَدَة: الرجل يعمل بين يدي الرجل، يقول: فلان يحفد لنا، ويزعم رجال أن الحَفَدَة أخْتان (1) الرجل.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى أخبر عباده معرفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) فأعلمهم أنه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفَدة، والحفَدة في كلام العرب: جمع حافد، كما الكذبة: جمع كاذب، والفسَقة: جمع فاسق. والحافد في كلامهم؛ هو المتخفِّف في الخدمة والعمل. والحَفْد: خفة العمل يقال: مرّ البعير يَحفِد حفَدَانا: إذا مرّ يُسرع في سيره. ومنه قولهم: "إليك نسعى ونحفِد": أي نسرع إلى العمل بطاعتك. يقال منه: حَفد له يحفد حفدا وحفودا وحفدانا ومنه قول الراعي:
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقا يَمَانيَّةً ... إذا الحُدَاةُ على أكْسائها حَفَدُوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنهم المسرعون في خدمة الرجل، المتخففون فيها، وكان الله تعالى ذكره أخبرنا أن مما أنعم به علينا أن جعل لنا حفدة تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الذين يصلحون للخدمة منا ومن غيرنا وأختاننا الذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا وخدمنا من مماليكنا إذا كانوا يحفدوننا، فيستحقون اسم حفدة، ولم يكن الله تعالى دلّ بظاهر تنزيله، ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولا بحجة عقل، على أنه عنى بذلك نوعا منالحفدة، دون نوع منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجه ذلك إلى خاص من الحفدة دون عام، إلا ما اجتمعت الأمة عليه أنه غير داخل فيهم. وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا وجه في الصحة، ومَخْرج في التأويل. وإن كان أولى بالصواب من القول ما اخترنا، لما بيَّنا من الدليل.
وقوله (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) يقول: ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات، (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ) يقول تعالى ذكره: يحرّم عليهم أولياء الشيطان من البحائر والسوائب والوصائل، فيصدّق هؤلاء المشركون بالله (وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) يقول: وبما أحلّ الله لهم من ذلك، وأنعم عليهم بإحلاله، يكفرون، يقول: ينكرون تحليله، ويجحدون أن يكون الله أحله.
( جامع البيان في تأويل القرآن (255/17)

قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت: 774هـ): {وَاللَّهُجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) }
يَذْكُرُ تَعَالَى نِعَمَهُ (7) عَلَى عَبِيدِهِ، بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَزْوَاجًا مِنْ جِنْسِهِمْ وَشِكْلِهِمْ [وَزِيِّهِمْ] (8) ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَزْوَاجَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لَمَا حَصَلَ ائْتِلَافٌ وَمَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَتِهِ خَلَقَ مِنْ بَنِي آدَمَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَجَعَلَ الْإِنَاثَ أَزْوَاجًا لِلذُّكُورِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ مِنَ الْأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْحَفَدَةَ، وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنِينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ.
قَالَ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} هُمُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ.
وَقَالَ سُنَيْد: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَنُوكَ حِينَ يَحْفِدُونَكَ وَيَرْفِدُونَكَ وَيُعِينُونَكَ وَيَخْدِمُونَكَ. قَالَ جَمِيلٌ:
حفَد الْوَلَائِدُ حَوْلهُن وأسلمت ... بِأكُفِّهن أزِمَّةَ الأجْمَال
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} ابْنَهُ وَخَادِمَهُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: الْحَفَدَةُ: الْأَنْصَارُ وَالْأَعْوَانُ وَالْخُدَّامُ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: الْحَفَدَةُ: الْخَدَمُ وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْحَفَدَةُ: مَنْ خَدَمَك مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ
قَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ يَخْدِمُهَا بَنُوهَا.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} يَقُولُ: بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ، لَيْسُوا مِنْهُ. وَيُقَالُ: الْحَفَدَةُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفِدُ لَنَا قَالَ: وَيَزْعُمُ رِجَالٌ أَنَّ الْحَفَدَةَ أخْتَان الرَّجُلِ.
وَهَذَا [الْقَوْلُ] الْأَخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو الضُّحى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعيّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَمُجَاهِدٌ، والقُرَظي. وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الْأَصْهَارُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى: "الحَفْد" وَهُوَ الْخِدْمَةُ، الَّذِي مِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْقُنُوتِ: "وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَلَمَّا كَانَتِ الْخِدْمَةُ قَدْ تَكُونُ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَصْهَارِ وَالْخَدَمِ (5) فَالنِّعْمَةُ حَاصِلَةٌ بِهَذَا كُلِّهِ؛ وَلِهَذَا (6) قَالَ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}
قُلْتُ: فَمَنْ جَعَلَ {وَحَفَدَةً} مُتَعَلِّقًا بِأَزْوَاجِكُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَوْلَادَ، وأولاد الأولاد، والأصها ر؛ لِأَنَّهُمْ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ، وَأَوْلَادُ الزَّوْجَةِ، وَكَمَا قَالَ (7) الشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ، فَإِنَّهُمْ غَالِبًا يَكُونُونَ تَحْتَ كَنَفِ الرَّجُلِ وَفِي حجْره وَفِي خِدْمَتِهِ. وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ [عَلَيْهِ الصَّلَاةُ] (8) وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ بَصرة بْنِ أَكْثَمَ: "وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (9) .
وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الحَفَدة هُمُ الْخَدَمُ فَعِنْدَهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أَيْ: وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ (10) .
(تفسير القرآن العظيم)

التفسير اللغوي :
تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)}سورة النحل
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ):(قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنون والحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بنين وحفدةً} أعواناً وخدّاماً،
قال جميل:
حفد الولائد بينهنّ وأسلمتبــأكــفّـــهـــن أزمّـــــــــــة الأجـــــمــــــال
واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة). [مجاز القرآن: 1/364]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واللّه جعل لكم مّن أنفسكم أزواجاً وجعل لكم مّن أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم مّن الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
وقال: {بنين وحفدةً} وواحدهم "الحافد"). [معاني القرآن: 2/66]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) :(في حديث عمر رضي الله عنه
في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل:
حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
أراد خدمهن الولائد وقال الشاعر:
كــلــفـــت مـجـهـولــهــا نــــوقــــا يــمــانــيــةإذا الحداة على أكسائها حفدوا
وقد روي عن مجاهد في قوله عز وعلا: {بنين وحفدة}
أنهم الخدم، وعن عبد الله أنهم الأصهار.
قال: حدثناه ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله والله أعلم.
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك. وفيها لغة أخرى: أحفد إحفادا قال الراعي:
مزايد خرقـاء اليديـن مسيفـةأخب بهن المخلفان وأحفدا
فقد يكون قوله: أحفدا أخدما، وقد يكون أحفدا غيرهما أعملا بعيرهما، فأراد عمر بقوله: وإليك نسعى ونحفد: العمل لله بطاعته). [غريب الحديث: 4/264-266]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (والحفدة): الأعوان والخدم واحدهم حافد وقالوا الأختان في التفسير ويقال: مر فلان يحفد حفدانا ومنه" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بنين وحفدةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لعمرك}، ولعمر الله: هو العمر. ويقال: أطال الله عمرك، وعمرك، وهو قسم بالبقاء). [تأويل مشكل القرآن: 562]
قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ):وَقَوله فِي صَلَاة الْوتر وَإِلَيْك نسعى ونحفد يُرِيد بنحفد نبادر. وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع فِيهِ يُقَال حفد الْحَادِي وَرَاء الْإِبِل إِذا أسْرع ودارك خطوه وَمِنْه قيل للعبيد وَالْإِمَاء حفدة لأَنهم يسرعون إِذا مَشوا للْخدمَة.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وحفدة} يُرِيد أَنهم بنُون وهم خدم
( غريب الحديث(170/1))

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّــــــــــــة الأجــــــمــــــال
معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار
فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان
وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمــــــــــــة الأجــــــمــــــال
وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين). [معاني القرآن: 4/90-87]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بنين وحفدة} اختلف الناس، فقالت طائفة: هم الأعوان والأختان، وقالت طائفة: كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة،
يقال حافد وحفدة، مثل: كاتب وكتبة). [ياقوتة الصراط: 296]
قال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (ت: 388هـ):وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ذَكَرَ لَهُ عُثْمَانَ لِلْخِلافَةِ فَقَالَ: أَخْشَى حَفْدَهُ وَأَثْرَتَهُ قَالَ فَالزُّبَيْرُ. قَالَ: ضَرِسٌ ضَبِسٌ أَوْ قَالَ: ضَمِسٌ
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ ورَوَى أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ طَلْحَةَ فَقَالَ الأَكْنَعُ إِنَّ فِيهِ كِبْرًا أَوْ نَخْوَةً.
قوله أخشى حفده يريد إقباله على أقاربه وخفوفه في مرضاتهم وأصل الحفد الخدمة والخفة في العمل. ومنه قولهم الدعاء وإليك نسعى ونحفد أي نخف في مرضاتك ونسرع إلى طاعتك.
قَالَ أَبُو عبيدة: الحفدة الأعوان يُقَالُ: حفدني بخير وهو حافدي وأنشد لطرفة:
يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرما ذلك منهم غير ذل
وَقَالَ غيره الحفدة الخدم ويقال لولد الولد الحفدة. قال الفراء: واحد الحفدة حافد كقولك كامل وكملة
قال: ويجوز أن يُقَالُ في جمع حافد حفد كما قالوا: غائب وغيب قَالَ الشاعر:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حفد مما يعد كثير
( غريب الحديث( 111/ 2)
قال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (ت: 388هـ):حفد: أخشى حَفْده، إليك نسعى ونحفد، الحَفَدة. حفدني بخير وهو حافدي. 43/2 (غريب الحديث ( 402/ 2)
قال أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق (ت: 427هـ): وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.
ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى: هم الأصهار أختان الرجل على بناته.
روى شعبة عن عاصم: بن بهدلة قال: سمعت زر بن حبيش وكان رجلا غريبا أدرك الجاهلية قال: كنت أمسك على عبد الله المصحف فأتى على هذه الآية قال: هل تدري ما الحفدة، قلت: هم حشم الرجل.
قال عبد الله: لا، ولكنهم الأختان. وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس.
وقال عكرمة والحسن والضحاك: هم الخدم.
مجاهد وأبو مالك الأنصاري: هم الأعوان، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال:
من أعانك حفدك.
وقال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت ... بأكفهنّ أزمّة الإجمال «2»
وقال عطاء: هم ولد الرجل يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه.
وقال قتادة: [مهنة يمتهنونكم] ويخدمونكم من أولادكم.
الكلبي ومقاتل: البنين: الصغار، والحفدة: كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله.
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس: إنهم ولد الولد.
ابن زيد: هم بنو المرأة من الزوج الأوّل. وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس: هم بنو امرأة الرجل الأوّل.
وقال العتبي: أصل الحفد: مداركة الخطر والإسراع في المشي.
فقيل: لكل من أسرع في الخدمة والعمل: حفدة، واحدهم حافد، ومنه يقال في دعاء الوتر: إليك نسعى ونحفد، أي نسرع إلى العمل بطاعتك.
وأنشد ابن جرير [للراعي] :
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا
( الكشف والبيان عن تفسير القرآن(30/6)
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحفدة} الخدام والأعوان، وقيل: الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وهذا فعل الخدم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَفَدَةُ}: الأحفاد، الخدم). [العمدة في غريب القرآن: 178]
قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (ت: 450هـ):{والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون} قوله عز وجل: {والّلهُ جَعَل لكُم مِن أنفسِكم أزواجاً} فيه وجهان: أحدهما: يعني جعل لكم من جنسكم مثلكم , فضرب المثل من أنفسكم , قاله ابن بحر. الثاني: يعني آدم خلق منه حوّاء , قاله الأكثرون. {وجعل لكم مِن أزواجكم بنين وحفدة} وفي الحفدة خمسة أقاويل: أحدها: أنهم الأصهار أختان الرجل على بناته , قاله ابن مسعود وأبو الضحى. وسعيد بن جبير وإبراهيم , ومنه قول الشاعر:
(ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حَفَدٌ مما يُعَدّث كثيرُ)
(ولكنها نفس عليَّ أبيّة ... عَيُوفٌ لأَصهارِ للئام قَذور)
الثاني: أنهم أولاد الأولاد , قاله ابن عباس. الثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره , وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. الرابع: أنهم الأعوان , قاله الحسن. الخامس: أنهم الخدم , قاله مجاهد وقتادة وطاووس , ومنه قول جميل:
(حفد الولائدُ حولهم وأسلمت ... بأكفهن أزِمّةَ الأجمال)
وقال طرفة بن العبد:
(يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرماً ذلك منهم غير ذل)
وأصل الحفد الإسراع , والحفدة جمع حافد , والحافد هو المسرع في العمل , ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد , أي نسرع إلى العمل بطاعتك , منه قول الراعي:
(كلفت مجهولها نوقاً ثمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا)
وذهب بعض العلماء في تفسير قوله تعالى {بنين وحفدة} البنين الصغار والحفدة الكبار. {ورزقكم من الطيبات} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: من الفيىء والغنيمة. الثاني: من المباحات في البوادي. الثالث: ما أوتيه عفواً من غير طلب ولا تعب. {أفبالباطِل يؤمنون} فيه وجهان: أحدهما: بالأصنام. الثاني: يجحدون البعث والجزاء. {وبنعمة الله يكفرون} فيها وجهان: أحدهما: بالإسلام. الثاني: بما رزقهم الله تعالى من الحلال آفة من أصنامهم. حكاه الكلبي.
( تفسير الماوردي = النكت والعيون (202/3)
قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (ت: 458هـ) (الخَدم):
ابْن السّكيت، الخادِمُ - يَقَع على الذَّكَر وَالْأُنْثَى ويُقال للأُنْثى خادِمةٌ وَالْجمع خدّام وخَدَم، قَالَ سِيبَوَيْهٍ، خَدَمُ اسْم للجمْع وَمثله عازِبُ وعَزَب وَله نظائِرُ كَثِيرَة، ابْن السّكيت، خَدَمِ يَخْدُمِ خِدْمة وأخْدَمْتُه إيَّاه، أَبُو زيد، استَخْدمته فأخْدَمَنِي - اسْتَوْهَبْته خادِماً فوهَبْ لي، أَبُو عبيد، الهَبَانِيقُ - الخَدَم، ابْن دُرَيْد، الهُبْنُوق والهِبْنيق - الوَصِيف من الغلْمان، أَبُو عبيد، الحَفَدَة - الخَدَم، صَاحب الْعين، الحَفْد والإحْتِفَاد والحَفَدَان - الخِفَّة فِي العَمَل والخِدْمِة حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحَفَداناً وَمِنْه حَفَدة الرجُل - وهم بَنَاته وَقيل هم أولادُ أولادِه وَقيل الأصْهار، أَبُو عبيد، المَنَاصِفُ - الخَدَم وَاحِدهَا مِنْصف، ابْن السّكيت، نَصَفه يَنْصُفه نصَافة - خَدَمه، ابْن الْأَعرَابِي، يَنْصِفه ويَنْصفه، ابْن دُرَيْد، وَكَذَلِكَ أنْصَفَه، أَبُو عَليّ، تَنَصَفَّه وَأنْشد: فإنَّ الْإِلَه تَنَصَّفْتُه بأنْ أَخُونَ وَأَن لَا أَحُوبا وَأما قَوْله: إنِّي غَرِضْت إِلَى تَنَاصُفِ وَجْهِها غَرَضَ المُحِبِّ إليَ الحَبِيبِ الغائِبِ فَزعم أحمدُ بن يحيَى أَن التَناصُفَ هَهُنَا الخِدْمة - أَي إِلَى خِدْمة وَجْهِها بالنظَر إِلَيْهِ وَقيل معنَى تَنَاصُف وَجْهها أخْذ كِلِّ حَسَن من مَحَاسِن وَجْهها بنَصِيب من الحُسْن مُسَاوٍ لنَصِيب الآخَرِ فَهُوَ على هَذَا تفاعلُ من النَّصَف، سِيبَوَيْهٍ، هُوَ يُعَاطِيني ويُعَطِّيني - أَي يَخْدُمني، غَيره، وعاطَى الصَّبِيُّ أهْلَه - عَمِل لَهُم وناوَلَهم وَسَيَأْتِي ذِكْر هَذَا مُتَقَصَّى فِي بَاب التَّناوُل، أَبُو عبيد، التَّلاَمِيذَ - نَحْو المَنَاصِف، ابْن دُرَيْد، واحدهمِ تلْميذ - وهم التِّلاَم، أَبُو عبيد، المَقْتَوُون - الخَدَم واحِدهم مَقْتَوِيُّ وَأنْشد: مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينَاوَالِاسْم مِنْهُ القَتْو وَأنْشد: إنِّي امْرُؤُ من بَنِي فَزَارةَ لَا أَحْسِن قَتْوَ المُلُوكِ والخَبَبَا ابْن جنى، رِوَايته والحَفَدا - أَرَادَ الحَفْد وَهُوَ الخِدْمة فحرَّك للضَّرورة، قَالَ، وَقَالَ رجل من بَنِي الحِرْماز رجُل مَقْتَوِينٌ ورِجَال مَفْتوِينٌ وَكَذَلِكَ المؤنَّث - وهم الَّذين يَعْمَلون للنَّاس بطَعام بُطُونهم، صَاحب الْعين، القَتْو - حُسْن الخِدْمة، قَالَ سِيبَوَيْهٍ، مَقْتَوِيٌّ ومَقْتَوُون بِمَنْزِلَة أشعَرِيٍ وأشْعَرِين أَي أَن يَاء النَّسَب حُذِفت مِنْهُ كَمَا حُذِفت من الأَشْعَرِينَ، قَالَ أَبُو عَليّ، وَكَانَ القِيَاس فِي هَذَا إِذْ حُذِفت ياءُ النسَب أَن يُقَال مَقْتَوْنَ كَمَا يُقال فِي الأَعْلَى الأَعْلَوْن إِلَّا أَن اللامَ صَحَّت عِنْدِي لتَكون صِحْتُها دِلاَلة على إِرَادَة النَّسَب ليُعْلَم أَن هَذَا الجمعَ الْمَحْذُوف مِنْهُ يَاء النّسَب بِمَنْزِلَة المُثْبت فِيهِ وَنَظِير هَذَا تَصْحِيحُهم العيْنَ فِي عَوِرَ وصَيِدَ وإعلالُهم خافَ وهابَ ليُعْلَم أَنه فِي معْنَى مَا يلْزم تَصْحِيح الْعين فِيهِ لسكون مَا قبله وَمَا بعده فَكَمَا لم يُعِلُّوا اجتَوَرُوا حَيْثُ كَانَ فِي معْنى تجاوَرُوا كَذَلِك لم يُعِلُّوا هَذَا، قَالَ سِيبَوَيْهٍ، وَإِن شِئْت قلت جاؤا بِهِ على الأَصْل كَمَا قَالُوا مقَاتِوَة حدّثنا بذلك أَبُو الخطَّاب عَن العربَ وَلَيْسَ كلُّ العرَب يَعْرف هَذَا الكلمةَ وَإِن شئِتْ قلت هُوَ بِمَنْزِلَة مذْرَوَيْن حَيْثُ لم يَكُن لَهُ واحِد يُفْرَد وَفد حكى غَيره مَقَاتِيَة وَهِي قَليلة، قَالَ أَبُو عَليّ، وَأَخْبرنِي أَبُو بَكْر عَن أَب العَبَّاس عَن أَب عُثْمان قَالَ لم أَسْمَعْ مثل مَقاتَوِةٍ إِلَّا حرفا وَاحِدًا أَخْبرنِي أَبُو عُبَيْدَة أَنه سَمِعَهم يَقُولون سَوَاسِوَة فِي سَوَاسِيَة وَمَعْنَاهُ سَوَاء وَأما مَا أَنشدَناه أَبُو الْحسن عَن الأَحول عَن أبي عُبَيْدَة: تَبَدَّل خَلِيلاً بِي كَشَكْلِكَ شَكْلُه فإِنِّي خَلِيلاً صالِحاً بك مُقْتَوِي فإنَّ مُقْتَوٍ مُفْعَلِلٌ وَنَظِيره مُرْعُوٍ ونَظِير هَذَا من الصَّحِيح مُحمَرّ وَنَحْوه فَإِن قلت بِمَا انتَصَب خَلِيلًا ومُقْتَوٍ غير متَعَدّ فَالْقَوْل فِيهِ عندنَا أَنه منتصب بمضمَر يدلُّ عَلَيْهِ هَذَا المُظْهر كَأَنَّهُ قَالَ أَنا متخذ ومُسْتَعدُّ أَلا ترى أَن من خَدَم خَلِيلًا اتَّخذهُ واستَعدَّه فعلى هَذَا وجَّهنا هَذَا الْبَيْت، أَبُو عبيد، المَهْنة والمِهْنة - الخِدْمة وَقد مَهَنْتُهم أمَهُنُهم مَهْناً قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد المِهْنة بَاطِل لَا يُقال، ابْن دُرَيْد، فلانٌ لَا يَقومُ بَمهْنة مالِهِ - أَي بإصِلاحِه وَالْمَرْأَة تقوم بمَهْنَة بَيتهَا إِذا قامتْ بإِصلاحِه، ابْن السّكيت، يُقَال للأَمَة إِنَّهَا الحَسَنة المِهْنة والمَهْنة - أَي الحَلَب، أَبُو زيد، الماهِن - العَبْد والجمْع مُهَّانٌ وَقد مَهَن الرجلُ مِهْنَته ومَهْنَتَه إِذا فَرَغَ من ضَيْعته وكلِّ مَا كَانَ عَمَل فِيهَا من سَقِيٍ وَنَحْوه وامْتَهنته - استَعْملته للمِهْنة وامْتَهَنَ هُوَ، صَاحب الْعين، الطَّوّافُون - الخَدم والمَمَاليكُ، أَبُو عبيد، وَمِنْه الحَدِيث لَيْست الهِرَّة بنَجَس إِنَّمَا هِيَ من الطَّوَافِينَ والطَّوافات عَلَيْكُم وَمِنْه قَول إِبْرَاهِيم إِنَّمَا الهِرَّة كبعض أهْلِ البَيْت، ابْن السّكيت، العَسِيف - الأجِير وَالْجمع العُسَفاء، غَيره، عُسَفاءُ وعَسَفَةٌ وَقيل العَسِيف المَمْلوك المُسْتَهان بِهِ، صَاحب الْعين، الْوَهَينُ بلغَة أهِلِ مِصْر - لرجُل يكونُ مَعَ الأَجِير يَحُثَّه على الْعَمَل، أَبُو زيد، المِئْفَر من الرّجال - الَّذِي يَسْعَى بيْنَ يَدَي الرجل ويخْدُمه، ابْن السّكيت، الأَسِيف - الَّذِي يَشْتَرِيه بِمَالِه، أَبُو عبيد، العَسِيف والأَسِيف - الْمَمْلُوك المُسْتَهانُ بِهِ وَفِي الحَدِيث لَا تَقْتُلوا عَسِيفاً وَلَا أَسِيفاً وَقد قدّمت أَن العَسِيف الشيْخُ الْفانِي، صَاحب الْعين، الهَبْهَبِيُّ - الخادِم وَقيل هُوَ الحَسَن المِهْنة، ابْن السّكيت، العُضْروط - الَّذِي يَخْدُم القومَ بطَعَام بطْنِه وَأنْشد: مَعَ العُضْروطِ والعُسفاء ألْقوْا بَرَاذِعَهُنّ غيْرَ مُحَصَّنِينا وجَدِيَلهُ طَيء تَقول للأَجِير عَتِيلُ وَالْجمع عُتَلاءُ، قَالَ، والأَحْبَش - الَّذِي يَأْكُل طَعامه ويَجْلِس على مائِدَته ويزينه والأَوْبَش - الَّذِي يَكْنُسِ فنَاءَه وبابَ دارِه على طَعامه وشرابِه، أَبُو زيد، الحَفَّان - الخَدَم وَمِنْه فلانٌحَفَّ بِنَفسِهِ - أَي مَعنِيُّ، ابْن دُرَيْد، قطِين الرجلِ - خَدَمُه وحَشَمه، ابْن دُرَيْد، القَطِين لَيْسَ بالخَدَم ولكنَّهُم جَمَاعةٌ من النَّاس يَجْتَمِعون فِي مَوْضِع وَاحِد، عَليّ، القَطين اسْم للجَمْع كالغَزِيِّ واحِدُهم قاطِنٌ، ابْن السّكيت، الخَوَل - العَبِيد والإِماء وغيْرهُم من الحاشِيَة الواحِدُ والجْمع والمذكَّر والمؤنَّث فِي ذَلِك سَوَاء وَقد خَوَّله الله إيّاه واستَخْوَلت القومَ - اتخذْتُهم خَوَلا، ابْن الْأَعرَابِي، الْقانِع - خادِمُ الْقَوْم وأَجِيرهم وَفِي الحَدِيث لَا تَجُوز شهادَةُ القانِع وَرجل مَعَافِرِيٌّ - يَمْشِي مَعَ الرُّفَق فَينالُ فَضْلَهم، قَالَ ابْن دُرَيْد، لَا أَدْرِي أعَرَبِيٌّ هُوَ أم لَا.( المخصص ( 326/ 1)
قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ):
ح ف د
حفد البعير حفداً، وحفوداً، وحفداناً: أسرع في سيره ودارك الخطو. قال حميد بن ثور:
فدته المطايا الحافدات وقطعت ... نعالاً له دون الإكام جلودها
وأحفد بعيره.
ومن المجاز: حفد فلان في الأمر واحتفد: أسرع فيه، وخف في القيام به. وحدفت فلاناً: خدمته وخففت إلى طاعته. ورجل محفود: مخدوم مطاع. وهو حافد فلان، وهم حفدته أي خدنه وأعوانه، ومنه قيل لأولاد الابن: الحفدة " بنين وحدفة " وهو من حفدة الأدب.
( أساس البلاغة (199 / 1)
قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ) :(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم. وقيل: هو خلق حواء من ضلع آدم. والحفدة: جمع حافد، وهو الذي يحفد، أى يسرع في الطاعة والخدمة. ومنه قول القانت. وإليك نسعى ونحفد وقال:
حَفَدَ الْوَلَائِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
واختلف فيهم فقيل: هم الأختان على البنات «4» وقيل: أولاد الأولاد. وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأوّل. وقيل: المعنى وجعل لكم حفدة، أى خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ويجوز أن يراد بالحفدة: البنون أنفسهم، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها
( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل(621/2)
قال جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت: 597هـ):
بَاب الْحَاء مَعَ الْفَاء
فِي صفة رَسُول الله مَحْفُودٌ وَهُوَ الَّذِي يَخْدمه أَصْحَابه ويعظمونه.
وَقَالَ عمر فِي عُثْمَان أخْشَى حفده أَي ميله إِلَى أَقَاربه.
فِي الحَدِيث لَا يتْرك هَذَا الْأَمر حَتَّى يرد عَلَى حافرته.
وَكَانَ عمر أصلع مَا بَقِي عَلَى رَأسه إِلَّا حفاف وَهُوَ أَن ينْكَشف الشّعْر عَن قمة الرَّأْس وَيبقى مَا حوله.
فِي الحَدِيث من حفنا أَو رفنا فليقتصد أَي من مَدْحنَا فَلَا يغلون
فِي الحَدِيث لم يشْبع من خبز إِلَّا عَلَى حفف الحفف الضّيق والفقر وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي الحفف أَن تكون الْأكلَة بِمِقْدَار الطَّعَام والصغف أَن تكون أكبر من ذَلِك.
وَأرْسل عمر رَسُولا إِلَى أبي عُبَيْدَة فَقَالَ كَيفَ رَأَيْته قَالَ رَأَيْت حفوفا قَالَ اللَّيْث الحفوف يبوسة من غير دسم وَالْمعْنَى رَأَيْت ضيق عَيْش وَهُوَ الحفف أَيْضا وَقوم محفوفون أَي محاويج.
قَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال أَصَابَهُم حفف وَضعف وشظف كُله من شدَّة الْعَيْش.
فِي الحَدِيث أَن عبد الله بن جَعْفَر حفف وَجهد أَي قل مَاله.
قَوْله من اشْتَرَى محفلة وَهِي الشَّاة أَو الْبَقَرَة أَو النَّاقة لَا يحلبها صَاحبهَا أَيَّامًا حَتَّى يجْتَمع لَبنهَا فِي ضرْعهَا فَإِذا حلبها المُشْتَرِي حَبسهَا غزيرة فَزَاد فِي ثمنهَا فسميت محفلة لِأَن اللَّبن حفل فِي ضرْعهَا وَاجْتمعَ وكل شَيْء كثرته فقد حفلته.
قَالَت عَائِشَة فِي عمر رضي الله عنهـ لله أم حفلت لَهُ أَي جمعت اللَّبن فِي ثديها لَهُ.
قَوْله وَتَبقى حفالة كحفالة التَّمْر أَي رذالة.
فِي رقية النملة الْعَرُوس يحتفل أَي تتزين ويحتشد للزِّينَة.
فِي الحَدِيث إِنَّمَا نَحن حفْنَة من حفنات الله عز وجل الحفنة والحثية وَاحِد.
وَلَقي عمر أويسا فاحتفاه أَي بَالغ فِي إلطافه.
وَفِي حَدِيث عَلّي أَنه رد عَلَى الْأَشْعَث السَّلَام من غير تحف.
فِي الحَدِيث عطس عِنْده رجل فَوق ثَلَاث فَقَالَ لَهُ حفوت الحفو الْمَنْع وَأَرَادَ منعتنا أَن نشمتك بعد الثَّلَاث وَقد رَوَوْهُ حقوت بِالْقَافِ وَالْمعْنَى شددت علينا الْأَمر حَتَّى قطعتنا عَن تشميتك مَأْخُوذ من الحقو لِأَنَّهُ يقطع الْبَطن ويشد الظّهْر وَأمر أَن تحفى الشَّوَارِب أَي يستقصى جزها.
وَقيل لَهُ مَتى تحل لنا الْميتَة فَقَالَ مَا لم تصطبحوا أَو تغتبقوا أَو تحتفئوا بقلا فشأنكم بهَا فِي قَوْله تحتفئوا أَربع رِوَايَات ذكرهن أَو عبيد الْقَاسِم بن سَلام إِحْدَاهُنَّ يحتفئو مَهْمُوز مَقْصُور وَهُوَ من الحفاء وَهُوَ أصل البردي الْأَبْيَض الرطب مِنْهُ وَهُوَ يُؤْكَل.
وَالثَّانيَِة تحتفوا من احتففت الشَّيْء كَمَا تحف الْمَرْأَة وَجههَا من الشعرة.
وَالثَّالِثَة تجتفئوا بِالْجِيم وَهُوَ أَن يقطع الشَّيْء ثمَّ يَزُجّ بِهِ يُقَال جفأت الرجل إِذا ضربت بِهِ الأَرْض.
وَالرَّابِعَة تختفوا بِالْخَاءِ من قَوْلك اختفيت الشَّيْء أَي استخرجته وَمِنْه قيل للنباش المختفي.
وَيُقَال خفيت الشَّيْء أخرجته.
( غريب الحديث ( 224/ 1)
قال مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (ت: 606هـ) :(حَفَدَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «مَحْفُود مَحْشُود، لَا عَابِسٌ، وَلَا مُفْنِد» المَحْفُود: الَّذِي يَخْدِمُه أَصْحَابُهُ ويُعَظِّمُونه ويُسْرِعون فِي طاعَتِه. يُقَالُ حَفَدْت وأَحْفَدْتُ، فَأَنَا حَافِد ومَحْفُود. وحَفَد وحَفَدَة جَمْعُ حَافِد، كخَدَم وكَفَرَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أمَيَّة «بالنِّعَم مَحْفُود» .
وَمِنْهُ دُعاء القُنوت «وإلَيْك نَسْعى ونَحْفِد» أَيْ نُسْرِع فِي الْعَمَلِ والخِدْمة:
(هـ) وَحَدِيثُ عُمَرَ، وذُكِر لَهُ عُثمان للخِلافة فَقَالَ «أخْشَى حَفْدَه» أَيْ إسْراعَه فِي مَرْضَات أَقَارِبِهِ.
( النهاية في غريب الحديث والأثر(406 /1 )
قال ناصر بن عبد السيد أبى المكارم ابن على، أبو الفتح، برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِىّ (ت: 610هـ) :[الْحَاءُ مَعَ الْفَاءِ]
(ح ف د) : (الْحَفْدُ) الْإِسْرَاعُ فِي الْخِدْمَةِ وَمِنْهُ نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نَعْمَلُ لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ (وَالْحَفَدَةُ) الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ (وَمِنْهُ) قِيلَ لِأَوْلَادِ الِابْنِ أَوْ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَفَدَةٌ.
( المغرب في ترتيب المعرب ( 121 )
قال أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت: 745هـ): الْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ وَالْخَدَمُ، وَمَنْ يُسَارِعُ فِي الطَّاعَةِ حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْدًا وَحُفُودًا وَحَفَدَانًا، وَمِنْهُ: وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ:
نُسْرِعُ فِي الطَّاعَةِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوَّلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةُ الْأَجْمَالِ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَلَّفَتْ مَجْهُودَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
وَتَتَعَدَّى فَيُقَالُ: حَفَدَنِي فَهُوَ حَافِدِي. قَالَ الشَّاعِرُ:
يَحْفِدُونَ الضَّيْفَ فِي أَبْيَاتِهِمْ ... كَرَمًا ذَلِكَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذُلِّ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى، أَحْفَدَ إِحْفَادًا، وَقَالَ: الْحَفَدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، وَقِيلَ:
الْأَخْتَانُ. وَأَنْشَدَ:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِأَصْحَابِ اللِّئَامِ قَذُورُ
(البحر المحيط في التفسير543/6)
قال أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (ت: 756هـ):قوله تعالى: {وَحَفَدَةً} : في «حَفَدَة» أوجهٌ. أظهرُها: أنه معطوفٌ على «بنين» بقيدِ كونِه من الأزواج، وفُسِّر هنا بأنه
أولادُ الأولادِ. الثاني: أنه مِنْ عطفِ الصفاتِ لشيءٍ واحدٍ، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً، والحَفَدَةُ: الخَدَمُ. الثالث: أنه منصوبٌ ب «جَعَلَ» مقدرةً، وهذا عند مَنْ يُفَسِّر الحَفَدة بالأعوان والأَصْهار، وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج.
والحَفَدَةُ: جمع حافِد كخادِم وخَدَم. وفيهم للمفسرين أقوالٌ كثيرةٌ، واشتقاقُهم مِنْ قولِهم: حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحُفوداً وحَفَداناً، أي: أسرع في الطاعة. وفي الحديث: «وإليك نَسْعَى ونَحْفِدُ» ، أي: نُسْرِعِ في طاعتِك. قال الأعشى:
300 - 1- كَلَّفْتُ مجهولَها نُوْقاً يَمانيةً ... إذا الحُداة على أَكْسائها حَفَدُوا
وقال الآخر:
300 - 2- حَفَدَ الولائدُ حولَهُنَّ وأَسْلَمَتْ ... بأكفِّهنَّ أَزِمَّةَ الأجْمالِ
ويستعمل «حَفَدَ» أيضاً متعدياً. يقال: حَفَدَني فهو حافِدٌ، وأُنْشِد:
300 - 3- يَحْفِدون الضيفَ في أبياتِهمْ ... كَرَماً ذلك منهم غيرَ ذُلّْ
وحكى أبو عبيدة أنه يقال: «أَحْفَدَ» رباعياً. وقال بعضهم: «الحَفَدَةُ: الأَصْهار، وأنشد:
300 - 4- فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ
ويقال: سيفٌ مُحْتَفِدٌ، أي: سريعُ القطع. وقال الأصمعيُّ:» أصلُ الحَفْدِ: مقارَبَةُ الخَطْوِ «.
( الدر المصون في علوم الكتاب المكنون(266/7)
قال محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (ت: 672هـ): المحفد، والحفد
مصدرا حفده: إِذا خدمه.
والمحفد
الزبيل، وطرف الثَّوْب.
والمحفد
المجعول حافدا، أَي مسرعا فِي الْعَمَل.
( إكمال الأعلام بتثليث الكلام (594/2 )
قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت: 711هـ):حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً وَاحْتَفَدَ: خفَّ فِي الْعَمَلِ وأَسرع. وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ الْخِفَّةُ؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حَوْلَهُنَّ، وأَسلمتْ ... بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قرأَ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ:
وإِليك نَسْعَى ونَحْفِدُ
أَي نُسْرِعُ فِي الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصل الحَفْد الْخِدْمَةُ وَالْعَمَلُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ. اللَّيْثُ: الِاحْتِفَادُ السُّرْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذُو هَبَّةٍ، ... أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ غَيْرُهُ وَمُحْتَفِلُ الْوَقْعِ، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وَذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ قَالَ: أَخشى حفْدَه
أَي إِسراعه فِي مَرْضَاةِ أَقاربه. والحَفْدُ: السُّرْعَةُ. يُقَالُ: حَفَدَ البعيرُ وَالظَّلِيمُ حَفْداً وحَفَداناً، وَهُوَ تَدَارُكُ السَّيْرِ، وَبَعِيرٌ حَفَّادٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي الْحَفْدِ لُغَةٌ أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حَمَلْتَهُ عَلَى الحَفْدِ والإِسراع؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بَعِيرَيْهِمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَي أَسرعا، وَجَعَلَ حَفَدَ وأَحفد بِمَعْنًى. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحفدا خَدَمَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَحفدا غَيْرَهُمَا. والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وحفَدة الرَّجُلِ: بَنَاتُهُ، وَقِيلَ: أَولاد أَولاده، وَقِيلَ: الأَصهار. وَالْحَفِيدُ: وَلَدُ الْوَلَدِ، وَالْجَمْعُ حُفَداءُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً
أَنهم الْخَدَمُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنهم الأَصهار، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَفَدة الأَختان وَيُقَالُ الأَعوان، وَلَوْ قِيلَ الحَفَدُ كَانَ صَوَابًا، لأَن الْوَاحِدَ حَافِدٌ مِثْلُ الْقَاعِدِ والقَعَد. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَنُونَ بَنُوكَ وَبَنُو بَنِيكَ، وأَما الْحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَكَ مِنْ شَيْءٍ وَعَمِلَ لَكَ وأَعانك. وَرَوَى
أَبو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَنِينَ وَحَفَدَةً
، قَالَ: مَنْ أَعانك فَقَدْ حَفَدَكَ
؛ أَما سَمِعْتَ قَوْلَهُ:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَفَدَةُ بَنُو المرأَة مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْحَفَدَةُ مَنْ خَدَمَكَ مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَقِيلَ: الْحَفْدَةُ الْبَنَاتُ وهنَّ خَدَمُ الأَبوين فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ. قَالَ: والحَفَدانُ السُّرْعَةُ. وَرَوَى
عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا زِرُّ هَلْ تَدْرِي مَا الْحَفَدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، حُفَّادُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُمُ الأَصهار
؛ قَالَ عَاصِمٌ: وَزَعَمَ الْكَلْبِيُّ أَن زِرًّا قَدْ أَصاب؛ قَالَ سُفْيَانُ: قَالُوا وَكَذَبَ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان فَهُوَ أَتبع لِكَلَامِ الْعَرَبِ مِمَّنْ قَالَ الأَصهار؛ قَالَ:
فَلَوْ أَن نَفْسِي طَاوَعَتْنِي، لأَصبحت ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
أَي خَدَم حَافِدٌ وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ مَحْفُودٌ أَي مَخْدُومٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ
؛ الْمَحْفُودُ: الَّذِي يَخْدِمُهُ أَصحابه وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُسْرِعُونَ فِي طَاعَتِهِ. يُقَالُ: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ وأَنا حَافِدٌ وَمَحْفُودٌ. وحَفَدٌ وحَفَدة جَمْعُ حَافِدٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمية: بِالنِّعَمِ مَحْفُودٌ.
وَقَالَ: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد فِي الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ؛ وَقِيلَ: الحَفَدان فَوْقَ الْمَشْيِ كَالْخَبَبِ، وَقِيلَ: هُوَ إِبطاء الرَّكَكِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شَيْءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
بَنَاهَا الغَوادي الرضِيخُ مَعَ الخَلا، ... وسَقْيِي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ «1»
الْغَوَادِي: النَّوَى. وَالرَّضِيخُ: الْمَرْضُوخُ وَهُوَ النَّوَى يُبَلُّ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُرْضَخُ، وَقِيلَ: هُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الأَعشى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَنَاهَا السَّوَادِيُّ الرضيخُ مَعَ النَّوَى، ... وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
وَيُرْوَى بِمَحْفِد، فَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ عَدَّهُ مِمَّا يُعْتَمَلُ بِهِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَعَلَى تَوَهُّمِ الْمَكَانِ أَو الزَّمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو قَيْسٍ مِكْيَالٌ وَاسْمُهُ المِحْفَدُ وَهُوَ القَنْقَلُ. ومَحافِدُ الثَّوْبِ: وشْيُهُ، وَاحِدُهَا مَحْفِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَفَدَةُ صُناع الْوَشْيِ وَالْحَفْدُ الوَشْيُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِطَرَفِ الثَّوْبِ مِحفد، بِكَسْرِ الْمِيمِ، والمَحْفِد: الأَصل عَامَّةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ المَحْتِدُ والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل. ومَحْفِدُ الرَّجُلِ: مَحْتِدُه وأَصله. وَالْمَحْفِدُ: السَّنَامُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَصل السَّنَامِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
جُمالِيَّة لَمْ يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلَتي ... عَلَى ظَهْرِهَا، مِنْ نَيِّها، غيرَ مَحْفِد
وَسَيْفٌ مُحتفِدٌ: سَرِيعُ الْقَطْعِ.
( لسان العرب (153 / 3)
قال أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت: 745هـ)حفد:{حفدة}: خدما، وقيل: أختان أو أصهار أو أعوان أو من ينفع الرجل من بنيه، أو بنو المرأة من زوجها الأول.
( تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب ( 97/1)
قال أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (ت: نحو 770هـ):
(ح ف د) : حَفَدَ حَفْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَسْرَعَ وَفِي الدُّعَاءِ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ إلَى الطَّاعَةِ وَأَحْفَدَ إحْفَادًا مِثْلُهُ وَحَفَدَ حَفْدًا خَدَمَ فَهُوَ حَافِدٌ وَالْجَمْعُ حَفَدَةٌ مِثْلُ: كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَعْوَانِ حَفَدَةٌ وَقِيلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَفَدَةٌ لِأَنَّهُمْ كَالْخُدَّامِ فِي الصِّغَرِ.
( المصباح المنير في غريب الشرح الكبير(141 / 1)
قال جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (ت: 986هـ) :[حفد] نه: "محفود" محشود، هو من يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته، حفدت وأحفدت فأنا حافد ومحفود، وحفد جمع حافد كخدم. ومنه ح أمية: بالنعم "محفود". ومنه: وإليك نسعى و"نحفد" أي نسرع في العمل والخدمة. وح عمر في عثمان للخلافة: أخشى "حفده" أي إسراعه في مرضاة أقاربه. غ: "بنين وحفدة" أي الأعوان أي أولاد الأولاد، أو الأختان، أو الخدم. مد: يحفدون في مصالحكم.
( مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار ( 537/1)

قال زين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (ت: 1031هـ): الحفدة: جمع حافد، وهو المتحرك المتبرع بالخدمة قريبا أو أجنبيا2.. وقيل لأولاد الأولاد حفدة لأنهم كالخدام في الصغر، كذا في المصباح3، وظاهره أنه لا يقال لهم بعد الكبر. وقضية كلام الراغب4 أنه مولد فإنه بعد ما قال إنه المتحرك حكى عن المفسرين وحدهم أنه السبط.
( التوقيف على مهمات التعاريف (142 / 1)
قال أيوب بن موسى الحسيني القريمي الكفوي، أبو البقاء الحنفي (ت: 1094هـ)
{حفدة} : أصهارا، وَعَن ابْن عَبَّاس: ولد الْوَلَد
( الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية (410 / 1)
قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت: 1205هـ) :حفد: (حَفَد يَحْفِد) من حَدّ ضَرَبَ،
(حَفْداً) ، بِفَتْح فَسُكُون، (وحَفَدَاناً) . محرّكةً: (خَفَّ فِي العَمَلِ وأَسْرَعَ) .
وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ، وذُكِرَ (لَهُ) عثمانُ للخلافَةِ، قَالَ: (أَخْشَى حَفْدَه) أَي إِسراعَه فِي مَرْضَاةِ أَقارِبه. (كاحْتَفَد) .
قَالَ اللَّيْث: الاحْتِفَادُ: السُّرعةُ فِي كلِّ شيْءٍ.
وحفَد واحْتَفَدَ بِمَعْنى الإِسراع، من الْمجَاز، كَمَا فِي الأَساس.
(و) من الْمجَاز أَيضاً: حَفَدَ يَحْفِد حَفْداً: (خَدَمَ) ، قَالَ الأَزهريّ: الحَفْد فِي الخِدْمة والعَمَلِ: الخِفَّةُ.
وَفِي دعاءِ القُنُوتِ: (وإِليكَ نَسْعَى ونَحْفِد) أَي نُسْرِع فِي العَمل والخِدْمَة.
وَقَالَ أَبو عُبَيْد: أَصلُ الحَفْدِ: الخِدْمَةُ والعَمَلُ.
(والحَفَدُ، محرَّكةً) والحَفَدَةُ: (الخَدَمُ والأَعوانُ، جمْعُ حافِد) ، قَالَ بن عَرفة: الحَفَدُ عِنْد الْعَرَب: الأَعوانُ، فكلّ من عَمِل عَمَلاً أَطاعَ فِيهِ وسارَ، فَهُوَ حافدٌ.
(و) الحَفَدُ، محرّكةً (مَشْيٌ دُونَ الخَبَبِ) ، وَقد حَفَدَ البَعِيرُ والظَّلِيمُ، وَهُوَ تَدارُكُ السَّيْرِ، (كالحَفَدَانِ) ، محرَّكةً، والحَفْدِ، بِفَتْح فَسُكُون، وبعيرٌ حَفَّادٌ.
(و) قَالَ أَبو عُبَيْد: وَفِي الحَفَد لُغَة أُخْرَى، وَهُوَ (الإِحفادُ) ، وَقد أَحْفَد الظَّلِيمُ.
وَقيل: الحَفَدَانُ فَوْقَ المَشْيِ كالخَبَب.
(و) من الْمجَاز: (حَفَدَةُ الرَّجُلِ: بناتُه أَوْ أَولادُ أَولادِه، كالحَفِيد) وَهُوَ واحدُ الحَفَدَةِ، وَهُوَ وَلَدُ الوَلَدِ، والجمعُ حُفَدَاءُ.
ورُوِيَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) أَنهم الخَدَمُ (أَو الأَصهارُ) . رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود، أَنه قَالَ لزِرَ: هلْ تَدرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفَّاد الرّجُلٍ من وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه. قَالَ: لَا ولاكنَّهم الأَصهارُ. قَالَ عاصمٌ: وزعَمَ الكَلْبِيٌّ أَن زِرًّا قد أَصاب. قَالَ سُفيانُ: قَالُوا وكَذَب الكَلْبِيّ. وَقَالَ الفرَّاءُ: الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَيُقَال: الأَعوانُ.
وَقَالَ الحَسَن. (البَنِينَ) : بَنُوك وَبَنُو بَنِيكَ.
وأَما الحَفَدة فَمَا حَفَدَك مِن شيْءٍ، وعَمِل لَك وأَعانك. وروى أَبو حمزةَ عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) . قَالَ: مَن أَعانك فقَدْ حفَدَك. وَقَالَ الضّحّاك: الحَفَدَةُ: بَنو المرأَةِ من زوْجها الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمةُ: الحفدة منْ خدَمكَ من وَلَدِكَ، وولَدِ وَلَدِكَ. وَقيل: المُرَاد بالبنات فِي قَول المصنِّف هُنَّ خَدمُ الأَبَوَيْن فِي البَيْت.
(و) عَن ابْن الأَعرابيّ: الحَفَدَةُ (صُنَّاعُ الوَشْيِ) والحَفْد: الوَشْيُ.
(والمحْفد، كمَجْلِسَ أَو مِنْبَر) ، وعَلى هاذه اقْتصر الصاغانيّ: (شَيْءٌ يُعْلَف فِيهِ الدَّوَابُّ) كالمِكْتَلِ. وَمِنْهُم مَنْ خَصَّ الإِبلَ، قَالَ الأَعشى، يَصِفُ ناقَتَه:
بَناها الغواديّ الرِّضِيخُ مَع الخَلَا
وسَقْيِي وإِطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
الغواديّ: النَّوَى، والرّضيخ: المرضوخ، وَهُوَ النَّوى يُبَلُّ بالماءِ ثمَّ يُرْضَخ. وَقد رُوِيَ بيتُ الأَعشى بالوجْهيْن مَعاً، فَمن كسر الْمِيم عَدَّه مِمَّا يُعْتَملُ بِهِ، وَمن فَتَحها فعلَى توَهُّمِ المكانِ أَو الزَّمان.
(و) المِحْفَد (كمِنْبَر: طَرفُ الثَّوبِ) ، عَن ابْن شُميل.
(و) رَوى ابنُ الأَعرابيّ عَن أَبي قَيس: (قَدَحٌ يُكالُ بِهِ) واسْمه المِحْفَد وَهُوَ القَنْقَلُ.
(و) المَحْفِد (كمَجْلِس) الأَصْلُ) عامَّةً، كالمَحْتِد، والمَحْكِد، والمَحْقِد، عَن ابْن الأَعرابيّ والمَحْفِدُ: السَّنَامُ (و) فِي الْمُحكم: (أَصلُ السَّنَامِ) ، عَن يَعْقُوب، وأَنشد لزُهَيْرٍ:
جُمَالِيَّةٌ لم يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلتي
على ظهْرِها مِنْ نِيّهَا غيرَ مَحْفِدِ.
(و) المَحْفِد: (وَشْيُ الثَّوْبِ) ، جمْعه: المحافِدُ.
(و) مَحْفِد كمجْلِس (ة بِالْيمن) من مَيْفَعة.
(و) المَحْفَد (كمَقْعَد: ة بالسَّحُول) بأَسفَلها.
(وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سَرِيعُ القَطْعِ) ، قَالَ الأَعشَى، يَصِف السَّيفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقْع ذُو هَبَّةٍ
أَجادَ جِلَاهُ يَدُ الصَّيْقَلِ
قَالَ الأَزهريُّ: وروى: ومُحْتَفِل الوَقْع، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصّوَابُ.
(وأَحفَدَهُ: حمَلَهُ على) الحَفْدِ وَهُوَ (الإِسْرَاعُ) قَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليدَيْنِ مُسِيفةٍ
أَخَبَّ بهِنَّ المُخْلِفَانِ وأَحفَدَا
وَفِي التَّهْذِيب. أَحفدا، خَدَما، قَالَ: وَقد يكون أَحفدَا غيرَهما.
(و) من الْمجَاز: (رجل مَحْفُودٌ) أَي (مَخْدُوم) ، يخدُمه أَصحابُه ويُعظِّمونه، ويُسْرِعُون فِي طَاعَته، يُقَال: حَفَدْت وأَحفدْت، وأَنا حافِدٌ ومَحْفُودٌ. وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي حَدِيثِ أُمّ مَعْبد.
وممَّن اشتَهر بالحفِيدِ: أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله بن يُوسفَ، النَّيْسَابُوريُّ، ابنُ بنت العبَّاس بن حَمْزَة، الْفَقِيه الواعظِ.
( تاج العروس من جواهر القاموس (32 / 8)
قال أحمد بن مصطفى اللَّبَابِيدي الدمشقي (ت: 1318هـ):حفدة الرجل
بَنَاته أَو أَوْلَاد أَوْلَاده كالحفيد
( اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأشياء (134 / 1)

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت : 1393هـ)
:وَالْحَفَدَةُ: جَمْعُ حَافِدٍ، مِثْلُ كَمَلَةٍ جَمْعُ كَامِلٍ. وَالْحَافِدُ أَصْلُهُ الْمُسْرِعُ فِي الْخِدْمَةِ.
وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ، فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى
الْإِنْسَانِ بِحِفْظِ سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ بِسَبَبِ ضَبْطِ الْحَلْقَةِ الْأُولَى مِنْهَا،وَهِيَ كَوْنُ أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، فَانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الْأَنْسَابِ بِهَذَا النِّظَامِ الْمُحْكَمِ الْبَدِيعِ.
وَغَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أَصْلًا- لَا يَشْعُرُ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا أُنْثَى الْحَيَوَانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الْإِرْضَاعِ. وَالْحَفَدَةُ لِلْإِنْسَانِ زِيَادَةٌ فِي مَسَرَّةِ الْعَائِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [سُورَة هود: 71] . وَقَدْ عَمِلَتْ مِنْ الِابْتِدَائِيَّةُ فِي حَفَدَةً بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً وَبِوَاسِطَةٍ.
(التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» (219/14)
قال الدكتور أحمد مختار عمر : أَحْفاد
الجذر: ح ف د
مثال: جَاء أَحْفاد عليّ
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورود هذا الجمع في المعاجم.

الصواب والرتبة: -جاء حَفَدَة عليّ [فصيحة]-جاء أَحْفاد عليّ [صحيحة]-جاء حُفَدَاء عليّ [فصيحة مهملة]
التعليق: أوردت المعاجم «حَفَدة»، و «حُفَدَاء» جمعين لـ «حَفِيد»، ويمكن تصحيح «أحفاد» اعتمادًا على قرار مجمع اللغة المصري بإجازة جمع «حَفِيد» على «أحفاد»، كما يمكن الاستئناس لصحة هذا الجمع بما ورد عن العرب من كلمات كثيرة جمعت هذا الجمع، مثل: «يتيم»، و «نجيب»، و «شريف»، و «شهيد»، و «أصيل»، وغيرها.
( معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي (19 / 1)
قال الدكتور أحمد مختار عمر: جمع «فَعيل» على «أَفْعَال»
الأمثلة: 1 - جَاءَ أًحْفَاد عليّ 2 - قَوْمٌ أَغْرَاب
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم قياسيَّة جمع «فعيل» على «أفعال».

الصواب والرتبة:
1 - جاء حَفَدَة عليّ [فصيحة]-جاء أَحْفاد عليّ [صحيحة]-جاء حُفَدَاء عليّ [فصيحة مهملة]
2 - قومٌ غُرَباء [فصيحة]-قومٌ أَغْراب [صحيحة]
التعليق: يمكن تصحيح المثالين المرفوضين اعتمادًا على قرار مجمع اللغة المصري بإجازة جمع «حَفِيد» على «أحفاد» إلى جانب جمعه على «حَفَدة»، و «حُفَداء»، ويمكن الاستئناس لصحة الجمع المرفوض بجمع العرب «يتيم»، و «شريف»، و «أصيل» على أفعال.
( معجم الصواب اللغوي دليل المثقف العربي ( 927/2)
(حفد)
الرجل وَنَحْوه حفدانا خف وأسرع فِي عمل فَهُوَ حافد (ج) حفدة وحفد وَهُوَ حفيد (ج) حفداء وَفُلَانًا حفدا أَعَانَهُ وخف إِلَى خدمته
(أحفد) الرجل حفد وَفُلَانًا أعطَاهُ خَادِمًا وَالدَّابَّة حملهَا على الْإِسْرَاع ومداركة الخطو
(احتفد) حفد وَيُقَال سيف محتفد سريع الْقطع
(الحافد) العون وَالْخَادِم وَولد الْوَلَد وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَجعل لكم من أزواجكم بَنِينَ وحفدة} وصانع الوشي (ج) حفدة وحفد وأحفاد
(الحفد) جمع حافد والوشي
(الْحَفِيد) ولد الْوَلَد (ج) حفداء
(المحفد) وشي الثَّوْب ووعاء تعلف فِيهِ الْإِبِل
(المحفد) المحفد وَالْأَصْل عَامَّة ومحفد الرجل محتده وأصل السنام
( المعجم الوسيط ( 184/1) (تاليف :مجمع اللغة العربية بالقاهرة)

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 5 صفر 1439هـ/25-10-2017م, 05:15 PM
حنان بدوي حنان بدوي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
الدولة: إسكندرية - مصر
المشاركات: 392
افتراضي

معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

تنبيهات :
1- بدأت بجمع النقول أولا من جمهرة التفاسير ( وهي النقول التي لوّنت أسماء قائليها باللون الأزرق)، ثمّ أضفت إليها النقول التي لوّنت أسماء قائليها باللون الأحمر.

2- النقول التي تحصّلت لي في هذه المسألة:
أ: من التفاسير التي تنقل أقوال السلف: جامع البيان لابن جرير، والكشف والبيان للثعلبي، والهداية لمكي بن أبي طالب، والنكت والعيون للماوردي، والمحرر الوجيز لابن عطية، وزاد المسير لابن الجوزي، وأحكام القرآن للقرطبي، وتفسير ابن كثير.
ب: ومن كتب المرتبة الأولى: معاني القرآن للفراء، ومعاني القرآن للزجاج، و مجاز القرآن لأبي عبيدة.
- ورجعت إلى مختصرين ليحيى بن سلام البصري وهما: تفسير هود بن محكّم، وتفسير ابن أبي زمنين،
- وأبو جعفر النحاس وصل في "معاني القرآن" إلى سورة الفتح.
ج: ومن كتب المرتبة الثانية: غريب القرآن لابن قتيبة، وياقوتة الصراط لغلام ثعلب، وتفسير المشكل من غريب القرآن لمكي بن أبي طالب والعمدة له.
د: ومن كتب المرتبة الثالثة: بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادري، ولم أتمكن من البحث في كتاب غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي
هـ: ومن كتب المرتبة الرابعة: الكشاف للزمخشري، وحاشية الطيبي على الكشاف، والبحر المحيط لأبي حيان، والدر المصون للسمين الحلبي، والتحرير والتنوير لابن عاشور.
و: ومن كتب المرتبة الخامسة: العين للخليل بن أحمد، وتهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، والمحكم لابن سيده، ولسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، وتاج العروس للزبيدي.

أولاً: التعرّف على أقوال السلف في المسألة:

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقولُهُ:{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: ليسَ لهؤلاءِ الذينَ هم أصحابُ الوجُوه الخاشعةِ العاملةِ الناصبةِ يومَ القيامةِ، طعامٌ إلاَّ ما يَطْعَمُونَه من ضريعٍ. والضريعُ عندَ العربِ: نبْتٌ يُقالُ له الشِّبْرِقُ، وتسمِّيهِ أهلُ الحجازِ: الضَّرِيعَ؛ إذا يَبِسَ، ويسمِّيهِ غيرُهم: الشِّبْرِقُ، وهو سُمٌّ.
وبنحوِ الذي قلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
-
حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أبي، قالَ: ثني عمِّي، قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الضريعُ: الشبرقُ.
-
حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ المحاربيُّ، قالَ: ثنا عبَّادُ بنُ يعقوبَ الأسديُّ، قالَ محمَّدٌ: ثنا، وقالَ عبَّادٌ: أخبرنا محمَّدُ بنُ سليمانَ، عن عبدِ الرَّحْمنِ الأصبهانيِّ، عن عكرمةَ في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.
-
حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا إسماعيلُ ابنُ عُليَّةَ، عن أبي رجاءٍ، قالَ: ثني نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ، عن عكرمةَ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هي شجرةٌ ذاتُ شوكٍ، لاطئةٌ بالأرضِ، فإذا كانَ الربيعُ سمَّتْها قريشٌ الشبرقَ، فإذا هاجَ العودُ سمَّتْها الضريعَ.
-
حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عبدُ الرَّحْمنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ:{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}قالَ: الشبرقُ.
-
حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثلَهُ.
-
حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قالَ: ثنا عيسَى؛ وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشبرقُ اليابسُ.
-
حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى، قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ:{إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هو الشبرقُ إذا يَبِسَ يُسمَّى الضريعَ.
-
حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يزيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: من شرِّ الطعامِ، وأبشعِهِ وأخبثِهِ.
-
حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ، قالَ: ثنا شريكُ بنُ عبدِ اللَّهِ، في قولِهِ:{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.
وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: الحجارةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
-
حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابنُ يمانٍ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الحجارةُ.
وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: شجرٌ من نارٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
-
حدَّثني عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالحٍ، قالَ: ثني معاويَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ}يقولُ: شجرٌ من نارٍ.
-
حدَّثني يونسُ، قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ}قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ). [جامع البيان: 24 / 331-333]

قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي(ت:427هـ):
قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطي بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.

وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع، وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: " الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّاً من النار " سمّاه النبيّ ضريعاً، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئاً، إلاّ أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضّرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.

وقال أبو الدرداء والحسن: يُقبّح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم القبيح في الدنيا، ويُحسن وجوه أهل الجنّة يشبّهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأنّ الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيُغاثون بالضريع ويستغيثون فيُغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة، ثمّ يُسقون من عين آنية لا هنيّة ولا مريّة، فكلّما أدنوه من وجوههم سلخ جلودَ وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطّعها، فذلك قوله سبحانه:{ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ }
[محمد: 15].
قال المفسِّرون: فلمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } ويقول: فإنّ الإبل ترعاهُ ما دام رطباً، فإذا يبسَ فلا يأكلهُ شيء ورطبه يسمّى شبرقاً لا ضريعاً. [الكشف والبيان]

قال مكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ):
أي: (ليس) لأصحاب هذه (الوجوه) الخاشعة - وهم الكفار - طعام يطعمونه في النار إلا طعام من ضريع.
قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار ".
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس [ولا ورق فيه].
وقال عكرمة: الضريع: الحجارة.
وقال الحسن: الضريع: الزقوم وعنه أيضاً: الضريع: الذي يضرع ويذل من أكله لمرارته وخشونته.
وقال عطاء: الضريع: الشبرق. وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعلى هذا القول كثير من أهل اللغة، والشبرق: [شجر] كثير الشوك تعافه الإبل، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم الشبرق.
وقيل: الضريع واد من جهنم. وقد أخبر الله في هذه الآية بأن لا طعام لهم إلا طعام من ضريع، فأثبت لهم طعاماً، وقال في موضع آخر
{ فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }[الحاقة: 35-36].
فظاهره أنه قد أوجب لهم طعاما من غسلين فهذا خلاف ذلك في الظاهر. والمعنى في ذلك أن التقدير: فليس له اليوم هاهنا شراب حميم إلا من غسلين ولا طعام ينتفع به .
(وقيل) : الغسلين من الضريع .
وقيل : الغسلين لقوم والضريع لآخرين .[ الهداية إلى بلوغ النهاية ]

قال علي بن محمد بن حبيب الماوردي(ت:450هـ):
{ ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ } فيه ستة أقاويل:
أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، قاله ابن عباس، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع، قال الشاعر:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعاً نازعته النحائص
الثاني: السّلم، قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك.
الثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.
الخامس: أنه شجر من نار، قاله ابن زيد.
السادس: أن الضريع بمعنى المضروع، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه، قاله ابن بحر.[النكت والعيون]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (واختلف الناس في (الضّريع)؛ فقال الحسن وجماعةٌ من المفسّرين: هو الزّقّوم؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقال سعيد بن جبيرٍ: الضّريع حجارةٌ في النار.
وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وعكرمة: الضّريع: شبرق النار.
وقال أبو حنيفة: الضّريع: الشّبرق؛ وهو مرعى سوءٍ، لا تعقد السّائمة عليه شحماً ولا لحماً. ومنه قول ابن عيزارة الهذليّ:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها.......حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيبٍ:
رعى الشّبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى .......وعاد ضريعاً بان منه النّحائص
وقيل: الضّريع: العشرق.
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «الضّريع: شوكٌ في النّار».
وقال بعض اللّغويّين: الضّريع: يبس العرفج إذا تحطّم.
وقال آخرون: هو رطب العرفج.
وقال الزّجّاج: هو نبتٌ كالعوسج.
وقال بعض المفسّرين: الضّريع نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الضّريع: شجرٌ من نارٍ.
وكلّ من ذكر شيئاً مما قدّمناه فإنما يعني أن ذلك من نارٍ ولا بدّ، وكلّ ما في النار فهو نارٌ.
وقال قومٌ: ضريعٌ، وادٍ في جهنّم.
وقال جماعةٌ من المتأولّين: الضّريع: طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصّص شيئاً ممّا ذكر.
قال بعض اللّغويّين: وهذا ممّا لا تعرفه العرب.
وقيل: الضّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم. ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.
وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ.
واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً؛ فقيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين. ومن فعيلٍ بمعنى مفعلٍ قول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع.......يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد: المسمع.
وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به). [المحرر الوجيز]

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي(ت:597هـ):
قوله تعالى: { ليس لهم طعام إلا من ضريع } فيه ستة أقوال.
أحدها: أنه نبت ذو شوك لا طىءٍ بالأرض، وتسميه قريش «الشِّبْرِق» فإذا هاج سموه: ضريعاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة.
والثاني: أنه شجر من نار، رواه الوالبي عن ابن عباس.
والثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
والرابع: أنه السَّلَم، قاله أبو الجوزاء.
والخامس: أنه في الدنيا: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة شوك من نار، قاله ابن زيد.
والسادس: أنه طعام يضرعون إلى الله تعالى منه، قاله ابن كيسان.
قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله تعالى { لا يسمن ولا يغني من جوع } وكُذِّبوا، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطباً، وحينئذ يسمَّى شِبْرِقاً، لا ضريعاً، فإذا يبس يسمى: ضريعاً لم يأكله شيء.
فإن قيل: إنه قد أخبر في هذه الآية: «ليس لهم طعام إلا من ضريع» وفي مكان آخر
{ ولا طعامٌ إلا من غسلين }
[الحاقة: 36] فكيف الجمع بينهما؟.
فالجواب: أن النار دركات، وعلى قدر الذنوب تقع العقوبات، فمنهم من طَعامُهُ الزَّقُّوم، [ومنهم] مَنْ طعامه غِسْلين، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم مَنْ شَرَابُهُ الصَّديد. قاله ابن قتيبة.[زاد المسير]

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي(ت:671هـ)
{ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ }
قوله تعالى: { لَّيْسَ لَهُمْ } أي لأهل النار. { طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } لما ذكر شرابهم ذكر طعامهم. قال عكرمة ومجاهد: الضَّرِيع: نبت ذو شوك لاصق بالأرض، تسميه قريش الشِّبْرِق إذا كان رطباً، فإذا يبِس فهو الضريع، لا تَقْرَبُه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه؛ وهو سُمٌّ قاتل، وهو أخبث الطعام وأشنعه؛ على هذا عامّة المفسرين. إلا أن الضحاك روى عن ابن عباس قال: هو شيء يَرْمِي به البحر، يسمَّى الضَّريعَ، من أقوات الأنعام لا الناس، فإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع، وهلكت هُزْلاً. والصحيح ما قاله الجمهور: أنه نبت. قال أبو ذُؤيب:
رَعَى الشِّبرِقَ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى وعاد ضّريعاً بانَ منه النَّحائصُ
وقال الهُذليّ وذكر إبلاً وسوء مرعاها:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضرِيع فكلُّها حَدْباءُ دامِيةُ اليدين حَرُودُ
وقال الخليل: الضريع: نبات أخضر مُنتن الريح، يرمي به البحر. وقال الوالبيّ عن ابن عباس: هو شجر من نار، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها. وقال سعيد بن جُبير: هو الحجارة، وقاله عكرمة. والأظهر أنه شجر ذو شوك حَسْب ما هو في الدنيا. وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الضريع: شيء يكون في النار، يشبه الشوك، أشدّ مرارة من الصبرِ، وأنتن من الجيفة، وأحر من النار، سماه الله ضريعاً " وقال خالد بن زياد: سمعت المتوكل بن حمدان يسأل عن هذه الآية { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال: بلغني أن الضريع شجرة من نار جهنم، حَمْلها القيح والدم، أشدّ مرارة من الصَّبرِ، فذلك طعامهم. وقال الحسن: هو بعض ما أخفاه الله من العذاب. وقال ابن كيسان: هو طعام يَضْرعون عنده ويذِلون، ويتضرعون منه إلى الله تعالى، طلباً للخلاص منه؛ فسمي بذلك، لأن آكله يضرع في أن يُعْفَى منه، لكراهته وخشونته. قال أبو جعفر النحاس: قد يكون مشتقاً من الضارع، وهو الذليل؛ أي ذو ضراعة، أي من شرِبه ذليل تلحقه ضراعة. وعن الحسن أيضاً: هو الزُّقوم. وقيل: هو وادٍ في جهنم. فالله أعلم. وقد قال الله تعالى في موضع آخر:
{ فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }
[الحاقة: 35 ـ 36]. وقال هنا: «إِلا مِن ضرِيع» وهو غير الغِسلِين. ووجه الجمع أن النار دَرَكات؛ فمنهم مَنْ طعامه الزُّقوم، ومنهم من طعامه الغِسلين، ومنهم من طعامه الضريع، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصّديد. قال الكلبيّ: الضريع في درجة ليس فيها غيره، والزقوم في درجة أخرى. ويجوز أن تُحْمل الآيتان على حالتين كما قال:
{ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ }[الرحمن: 44].
القُتَبيّ: ويجوز أن يكون الضريع وشجرة الزقوم نَبتين من النار، أو من جوهر لا تأكله النار.
وكذلك سلاسل النار وأغلالُها وعقاربها وحَياتها، ولو كانت على ما نعلم ما بقيت على النار. قال: وإنما دلنا الله على الغائب عنده، بالحاضر عندنا؛ فالأسماء متفقة الدلالة، والمعاني مختلفة. وكذلك ما في الجنة من شجرها وفرشها. القُشَيريّ: وأمثل من قول القُتَبيّ أن نقول: إن الذي يُبقي الكافرين في النار ليدوم عليهم العذاب، يُبقي النبات وشجرة الزقوم في النار، ليعذب بها الكفار. وزعم بعضهم أن الضريع بعينه لا يَنْبت في النار، ولا أنهم يأكلونه. فالضريع من أقوات الأنعام، لا من أقوات الناس. وإذا وقعت الإبل فيه لم تشبع، وهلكت هزلاً، فأراد أن هؤلاء يقتاتون بما لا يشبعهم، وضرب الضريع له مثلاً، أنهم يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع. قال الترمذي الحكيم: وهذا نظر سقيم من أهله وتأويل دنيء، كأنه يدل على أنهم تحيروا في قدرة الله تعالى، وأن الذي أنبت في هذا التراب هذا الضريع قادر على أن ينبته في حريق النار، جعل لنا في الدنيا من الشجر الأخضر ناراً، فلا النار تُحْرِق الشجر، ولا رطوبة الماء في الشجر تُطْفىء النار؛ فقال تعالى:
{ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ }[يس: 80].
وكما قيل حين نزلت:{ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ }
[الإسراء: 97]:
قالوا " يا رسول الله، كيف يمشون على وجوههم؟ فقال: «الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يُمْشِيهم على وجوههم» " فلا يتحير في مثل هذا إلا ضعيف القلب. أو ليس قد أخْبرَنا أنه
{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا }[النساء: 56]، وقال:{ سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ }[إبراهيم: 50]، وقال: }إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً }[المزمل: 12] أي قُيوداً.
{ وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ }[المزمل: 12 ـ 13] قيل: ذا شوك. فإنما يتَلوّن عليهم العذاب بهذه الأشياء. [الجامع لأحكام القرآن]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}؛ قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: شجرٌ من نارٍ. وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الزّقّوم. وعنه أنّها الحجارة. وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة: هو الشّبرق. قال قتادة: قريشٌ تسمّيه في الرّبيع الشّبرق، وفي الصّيف الضّريع.
قال عكرمة: وهو شجرةٌ ذات شوكٍ، لاطئةٌ بالأرض.
وقال البخاريّ: قال مجاهدٌ: الضّريع: نبتٌ يقال له: الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز الضّريع إذا يبس. وهو سمٌّ.
وقال معمرٌ، عن قتادة: {إلاّ من ضريعٍ}؛ هو الشّبرق إذا يبس، سمّي الضّريع.
وقال سعيدٌ، عن قتادة: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}: من شرّ الطّعام وأبشعه وأخبثه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 385]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ،{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ،{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا،{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 381] (م)

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: حديثُ الساعَةِ،{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛قالَ: ذَلِيلَةٌ في النارِ،{عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛قالَ: تَكَبَّرَتْ في الدنيا عن طاعةِ اللَّهِ فأَعْمَلَهَا وأَنْصَبَهَا في النارِ،{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: أَنَى طَبْخُها مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السماواتِ والأرضَ،{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛قالَ: الشِّبْرِقُ؛ شَرُّ الطعَامِ وأَبْشَعُه وأَخْبَثُه). [الدر المنثور: 15 / 381] (م)

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَة في قَوْلِهِ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: عامِلَةٌ في الدنيا بالمعاصِي، تَنْصِبُ في النارِ يومَ القيامةِ،{إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 382] (م)

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}؛قالَ: حَارَّةً،{تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛قالَ: انْتَهَى حَرُّهَا،{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يَقُولُ: مِن شَجَرٍ مِنْ نَارٍ). [الدر المنثور: 15 / 382] (م)

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وهَنَّادٌ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحانَ شُرْبُها، وفي قَوْلِهِ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383](م)

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383-384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ قالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ في الرَّبِيعِ الشِّبْرِقُ، وفي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ فال: الضَّرِيعُ: الشِّبرِقُ شجرةٌ ذاتُ شوكٍ لاطئةٌ بالأرضِ). [الدر المنثور: 15 / 384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي الجَوْزَاءِ قال: الضَّرِيعُ: السُّلاءُ، وهو الشَّوْكُ، وكيفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامُهُ الشَّوكَ؟ ). [الدر المنثور: 15 / 384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ:{إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: مِن حِجَارَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ:{إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛قالَ: الزَّقُّومُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدَّرْدَاءِ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ حَتَّى يَعْدِلَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ»). [الدر المنثور: 15 / 384-385]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ عن ابنِ عبَّاسٍ:{لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:«شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ شِبْهُ الشَّوْكِ، أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ الضَّرِيعَ، إِذَا طَعِمَهُ صَاحِبُهُ لاَ يَدْخُلُ الْبَطْنَ وَلاَ يَرْتَفِعُ إِلَى الْفَمِ، فَيَبْقَى بَيْنَ ذَلِكَ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ»).[الدر المنثور: 15 / 385]

ثانياً: جمع أقوال اللغويين في هذه المسألة :


قال الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت:170هـ)
والضَّريع في كتاب الله، يبيس الشبرق. قال زائدة: هو يبيس كل شجرة. ( العين : 1-270)

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):(وقوله عز وجل: {لّيس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ...}؛وهو نبت يقال له: الشّبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، وهو سم).[معاني القرآن: 3/ 257]

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):({إلاّ من ضريعٍ}الضريع عند العرب الشبرق شجر). [مجاز القرآن: 2/ 296]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ضريع}: ذكروا أنه يبيس الشجر، وقالوا (الضريع): نبت يقال له الشرق. وذكروا أن بعض البحار يقذف في كل سنة ورقا ليست له قوة). [غريب القرآن وتفسيره: 426]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):((الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق).[تفسير غريب القرآن: 525]

قال هود بن محكم الهوارِيُّ (ت: ق3)
تفسير مجاهد: الضريع: اليابس. وقال الكلبي: هو الشبرق الذي ينبت في الربيع تأكله الإِبل أخضر؛ فإذا كان في الصيف يبس فلم تذقه، يدعى بلسان قريش الضريع؛ فإذا كان عليه ورقه فهو الشبرق، وإذا تساقط عليه ورقه فهو الضريع.(تفسير كتاب الله العزيز)

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):({ليس لهم طعام إلّا من ضريع (6)}يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}).[معاني القرآن: 5/ 318]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):(والضريع العوسج الرطب، وهو نبات في النار، شبيه العوسج). [ياقوتة الصراط: 573]

قال أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري(ت:370هـ):
ضرع: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: الضَّرْع ضرع الشَّاة والناقة. والضَّرَع: الضَّعِيف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (الأنعَام: 63) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْمَعْنى تَدْعون مُظهرِينَ الضَّرَاعة، وَهِي شدّة الْفقر إِلَى الشَّيْء والحاجةِ إِلَيْهِ. وانتصابهما على الْحَال وَإِن كَانَا مصدرين.
وَأما قَول الله تَعَالَى: {فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} (الأنعَام: 43) فَمَعْنَاه تخشَّعُوا
وتذلَّلوا وخضعوا.
وَقَالَ شمر: يُقَال ضَرِعَ فلَان لفُلَان وضَرَع لَهُ، إِذا مَا تخشَّعَ لَهُ وَسَأَلَهُ أَن يُعطيَه. قَالَ: وَيُقَال قد أضرَعْتُ لَهُ مَالِي، أَي بذلْتُه لَهُ. وَقَالَ الْأسود:
وَإِذا أخِلاَّئي تنكَّبَ وُدُّهم
فأبُو الكُدادةِ مالُه ليَ مُضْرَعُ
أَي مبذول. وَقَالَ الْأَعْشَى:
سائلْ تميماً بِهِ أيامَ صفقتهم
لمّا أَتَوْهُ أُسارى، كلُّهم ضَرَعا
أَي ضرعَ كلُّ واحدٍ مِنْهُم وخضع. قَالَ: وَيُقَال ضَرَع لَهُ واستضرعَ. قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: لفلانٍ فرسٌ قد ضَرِع بِهِ، أَي غلبَه، وَهُوَ فِي حديثٍ لِسَلْمان. وتضرَّع الظلُّ: قلَّ وقَلَص. وَقَالَ يُوسُف بن عَمرو:
فمِلنَ قُدَيداً بكرَة، وظلالُه
تضرَّعُ فِي فَيءِ الغَداةِ تضرُّعا
مِلْنَ قُديداً، أَي من قُديد.
والضَّريع: الشَّراب الرَّقِيق. وَقَالَ يصف ثغراً:
حَمشُ اللِّثاتِ شتيتٌ وَهُوَ معتدلٌ
كأنّه بضريع الدَّنِّ مصقولُ
والضريع: لغةٌ فِي الضرَع الضَّعِيف. وَقَالَ:
ومطويّةٍ طيَّ القَليبِ رفعتُها
بمستنبِحٍ جِنْحَ الظلام ضريعِ
المطويّة عَنى بِهِ الأُذن. والمستنبح: الَّذِي ينبح نبحَ الْكلاب طلبا للقِرى.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ضرّعت الشمسُ أيْ دنت للغروب. وَقَالَ غَيره: رجلٌ ضارع، أَي نحيف ضاويّ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ رأى ولدَيْ جعفرٍ الطيّار فَقَالَ: (مَالِي أراهما ضارعين) . الضارع: الضاوِيُّ النحيف. وَمِنْه قَول الْحجَّاج لسَلم بن قُتَيْبَة: (مَالِي أراكَ ضارعَ الْجِسْم؟) .
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الضريعة من الْغنم: الْعَظِيمَة الضَّرع. وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرْع جِماع، وَفِيه الأطْباءُ وَهِي الأخلاف، وَاحِدهَا طِبْيٌ وخِلْف، وَفِي الأطْباء الأحاليل، وَهِي خُروق اللَّبَن.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ قَالَ: ضرَّعتِ القِدرُ تضريعاً، إِذا حانَ أَن تُدرِك. وَقَالَ الأصمعيّ: التضرُّع: التلوّي والاستغاثة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ ضَرَعٌ، وَهُوَ الغُمر من الرِّجَال الضعيفُ. وَأنْشد:
فَمَا أَنا بالواني وَلَا الضَّرَعِ الغُمْرِ
وَيُقَال جسدُك ضارعٌ، وجَنْبك ضارع وَأنْشد:
من الحُسْن إنعاماً وجنبُك ضارعُ
قَالَ: وقومٌ ضَرَع ورجلٌ ضَرَع. وَأنْشد:
وأنتُم لَا أُشاباتٌ وَلَا ضَرَعُ
قَالَ: وأضرعت الناقةُ فَهِيَ مُضْرِعٌ، إِذا قرُبَ نِتاجُها.
قَالَ: والمضارعة للشَّيْء: أَن يضارعَه كأنّه مثلُه أَو شِبْهه. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: والنحويون يَقُول للْفِعْل الْمُسْتَقْبل: مضارِع؛ لمشاكلتِهِ الْأَسْمَاء فِيمَا يلْحقهُ من الْإِعْرَاب.
وَيُقَال هَذَا ضِرْع هَذَا وصِرعه، بالضاد وَالصَّاد، أَي مثله. والضُّروع والصُّروع: قُوَى الحَبْل، وَاحِدهَا ضِرعٌ وصِرعٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَاءَ فلانٌ يتضرَّع لي ويتأرض، ويتصدّى ويتأتّى، أَي يتعرّض.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ءَانِيَةٍ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ} (الغَاشِيَة: 6) قَالَ الْفراء: الضريع: نبتٌ يُقَال لَهُ الشِّبرِق، وَأهل الْحجاز يسمُّونه الضَّريعَ إِذا يَبِس. وَهُوَ اسمٌ. وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن الكفَّار قَالُوا: إنَّ الضَّريع لتَسمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا. فَقَالَ الله: {ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ} (الغَاشِيَة: 7) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للجِلدة الَّتِي على الْعظم تَحت اللَّحم من الضَّلَع: هِيَ الضَّريع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضَّريع: العَوسَج الرَّطب، فَإِذا جفَّ فَهُوَ عَوسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفُه فَهُوَ الخَزيز. قَالَ: والضارع: المتذلِّل الغنيّ. والضَّرَع: الرجُل الجَبان. والضَّرَع: المتهالك من الْحَاجة للغنيّ. والضَّرَع: الْجمل الضَّعِيف.[تهذيب اللغة: 1- 297،298،299]

قال أحمد بن فارس بن زكريا الرازي(ت:395هـ):
الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ
وَمِنَ الْبَابِ ضَرْعُ الشَّاةِ وَغَيْرِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ لِينٍ. وَيُقَالُ: أَضْرَعَتِ النَّاقَةُ، إِذَا نَزَلَ لَبَنُهَا عِنْدَ قُرْبِ النَّتَاجِ. فَأَمَّا الْمُضَارَعَةُ فَهِيَ التَّشَابُهُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: اشْتِقَاقُ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْعِ، كَأَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنْ ضَرْعٍ وَاحِدٍ. وَشَاةٌ ضَرِيعٌ: كَبِيرَةُ الضَّرْعِ، وَضَرِيعَةٌ أَيْضًا. وَيُقَالُ لِنَاحِلِ الْجِسْمِ: ضَارِعٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْنَيْ جَعْفَرٍ: «مَا لِي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ؟» .
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ: الضَّرِيعُ، وَهُوَ نَبْتٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَابِ فَيُقَالُ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ، إِذَا كَانَ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَقَالَ:
وَتُرِكْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ [ معجم مقاييس اللغة: 3 / 396 ]

قال علي بن إسماعيل بن سيده المرسي(ت:458هـ):
ضَرَع إِلَيْهِ، يَضْرَع ضَرْعا وضَرَاعَة، فَهُوَ ضارِعٌ، من قوم ضَرَعَة وضُرُوع، وتَضَرَّع، كِلَاهُمَا: تذلل وتخشع. وأضرعته إِلَيْهِ الْحَاجة.
وخد ضارِع، وجنب ضارِع: متخشع، على الْمثل.
والضَّرَعُ والضَّارِع: الصَّغِير من كل شَيْء، وَقيل هُوَ الصَّغِير السن الضَّعِيف. قَالَ:
أَنَاة وحِلْما وانتظاراً بهِمْ غَداً ... فَمَا أَنا بالواني وَلَا الضَّرَعِ الغُمْرِ
شوك كالعوسج. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الضَّريع: الشبرق، وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا. وَفِي التَّنْزِيل: (ليسَ لهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيع، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي من جُوع) وَقَالَ ابْن عيزارة الْهُذلِيّ:
وحُبِسْن فِي هَزْم الضَّريع فكلُّها ... حَدْباءُ دَاميةُ اليَدَيْنِ حَرُودُ
وَقيل: الضَّريع: طَعَام أهل النَّار. وَهَذَا لَا تعرفه الْعَرَب. والضَّرِيعُ: القشر الَّذِي على الْعظم، تَحت اللَّحْم. وَقيل: هُوَ جلد على الضلع.( المحكم والمحيط الأعظم :1- 404، 405 )

قال أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي زمنين(ت:399هـ)
{ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } قال الكلبي نبت ينبت في الربيع فإذا كان في الصيف يبس فاسمه إذا كان عليه ورقه شبرق وإذا تساقط ورقه فهو الضريع فالإبل تأكله أخضر فإذا يبس لم تذقه.( تفسير القرآن العزيز)

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):( (الضَّرِيع):نبت بالحجاز، يقال لرطبه الشِّبْرِق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 300]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):( (الضَرِيعٍ): نبت). [العمدة في غريب القرآن: 344]

قال أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري(ت:538هـ):
الضريع يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطباً، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل قال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إذَا ذَوَى وَعَادَ ضَرِيعاً بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وقال:
وَحُبِسَ فِي هَزْمِ الضِّرِيعِ فَكُلْهَا حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ
فإن قلت: كيف قيل { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } وفي الحاقة
{ ولا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }
[الحاقة: 36] قلت: العذاب ألوان، والمعذبون طبقات؛ فمنهم أكلة الزقوم ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع: لكل باب منهم جزء مقسوم (الكشاف : 4- 742_743)

قال الامام ابي الفرج ابن الجوزي (ت 597 هـ)
من ضريع وهو نبت ذو شوك يقال له الشبرق وإذا هاج سموه ضريعا .(تفسير تذكرة الاريب في تفسير الغريب)

قال محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي(ت:711هـ)
ضرع : ضرع إليه يضرع ضرعا وضراعة : خضع وذل ، فهو ضارع ، من قوم ضرعة وضروع . وتضرع : تذلل وتخشع . وقوله عز وجل : فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ; فمعناه تذللوا وخضعوا . ويقال : ضرع فلان لفلان وضرع له إذا ما تخشع له وسأله أن يعطيه ; قال الأعشى :
سائل تميما به ، أيام صفقتهم لما أتوه أسارى كلهم ضرعا
أي ضرع كل واحد منهم له وخضع . ويقال : ضرع له واستضرع . والضارع : المتذلل للغني . وتضرع إلى الله أي ابتهل . قال الفراء : جاء فلان يتضرع ويتعرض ويتأرض ويتصدى ويتأتى بمعنى إذا جاء يطلب إليك الحاجة ، وأضرعته إليه الحاجة وأضرعه غيره . وفي المثل : الحمى أضرعتني لك . وخد ضارع وجنب ضارع : متخشع على المثل . والتضرع : التلوي والاستغاثة . وأضرعت له مالي أي بذلته له ; قال الأسود :
وإذا أخلائي تنكب ودهم فأبو الكدادة ماله لي مضرع
أي مبذول . والضرع ، بالتحريك ، والضارع : الصغير من كل شيء ، وقيل : الصغير السن الضعيف الضاوي النحيف . وإن فلانا لضارع الجسم أي نحيف ضعيف . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ولدي جعفر الطيار فقال : ما لي أراهما ضارعين ؟ فقالوا : إن العين تسرع إليهما . الضارع : النحيف الضاوي الجسم . يقال : ضرع يضرع فهو ضارع وضرع ، بالتحريك . ومنه حديث قيس بن عاصم : إني لأفقر البكر الضرع والناب المدبر ; أي أعيرهما للركوب ، يعني الجمل الضعيف والناقة الهرمة التي هرمت فأدبر خيرها ; ومنه حديث المقداد : وإذا فيهما فرس آدم ومهر ضرع ، وحديث عمرو بن العاص : لست بالضرع ، ويقال : هو الغمر الضعيف من الرجال ; وقال الشاعر :
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر
ويقال : جسدك ضارع وجنبك ضارع وأنشد :
من الحسن إنعاما وجنبك ضارع
ويقال : قوم ضرع ورجل ضرع ; وأنشد :
وأنتم لا أشابات ولا ضرع
وقد ضرع ضراعة ، وأضرعه الحب وغيره ; قال صخر :
ولما بقيت ليبقين جوى بين الجوانح ، مضرع جسمي
ورجل ضارع بين الضروع والضراعة : ناحل ضعيف . والضرع : الجمل الضعيف . والضرع : الجبان . والضرع : المتهالك من الحاجة للغنى ; وقول أبي زبيد :
مستضرع ما دنا منهن مكتنت
من الضرع وهو الخاضع ، والضارع مثله . وقوله عز وجل : تدعونه تضرعا وخفية ; المعنى تدعونه مظهرين الضراعة وهي شدة الفقر والحاجة إلى الله عز وجل ، وانتصابهما على الحال ، وإن كانا مصدرين . وفي حديث الاستسقاء : خرج متبذلا متضرعا ; التضرع التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة . يقال : ضرع يضرع ، بالكسر والفتح ، وتضرع إذا خضع وذل . وفي حديث عمر : فقد ضرع الكبير ورق الصغير ، ومنه حديث علي : أضرع الله خدودكم ; أي أذلها . ويقال : لفلان فرس قد ضرع به أي غلبه ، وقد ورد في حديث سلمان : ( قد ضرع به ) . وضرعت الشمس وضرعت : غابت أو دنت من المغيب ، وتضريعها : دنوها للمغيب . وضرعت القدر تضريعا : حان أن تدرك . والضرع لكل ذات ظلف أو خف ، وضرع الشاة والناقة : مدر لبنها ، والجمع ضروع . وأضرعت الشاة والناقة وهي مضرع : نبت ضرعها أو عظم . والضريعة والضرعاء جميعا : العظيمة الضرع من الشاء والإبل . وشاة ضريع : حسنة الضرع . وأضرعت الشاة أي نزل لبنها قبيل النتاج . وأضرعت الناقة ، وهي مضرع : نزل لبنها من ضرعها قرب النتاج ، وقيل : هو إذا قرب نتاجها . وما له زرع ولا ضرع : يعني بالضرع الشاة والناقة ; وقوللبيد :
وخصم كبادي الجن أسقطت شأوهم بمستحوذ ذي مرة وضروع
فسره ابن الأعرابي فقال : معناه واسع له مخارج كمخارج اللبن ، ورواه أبو عبيد : وصروع ، بالصاد المهملة ، وهي الضروب من الشيء ، يعني ذي أفانين . قال أبو زيد : الضرع جماع وفيه الأطباء ، وهي الأخلاف ، واحدها طبي وخلف وفي الأطباء الأحاليل وهي خروق اللبن . والضروع : عنب أبيض كبير الحب قليل الماء عظيم العناقيد . والمضارع : المشبه . والمضارعة : المشابهة . والمضارعة للشيء : أن يضارعه كأنه مثله أو شبهه . وفي حديث عدي - رضي الله عنه - : قال له : لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية ; المضارعة : المشابهة والمقاربة ، وذلك أنه سأله عن طعام النصارى فكأنه أراد لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه ، وذكره الهروي لا يتحلجن ، ثم قال : يعني أنه نظيف ، قال ابن الأثير : وسياق الحديث لا يناسب هذا التفسير ; ومنه حديث معمر بن عبد الله : إني أخاف أن تضارع ; أي أخاف أن يشبه فعلك الرياء . وفي حديث معاوية : لست بنكحة طلقة ولا بسببة ضرعة ; أي لست بشتام للرجال المشابه لهم والمساوي . ويقال : هذا ضرع هذا وصرعه ، بالضاد والصاد ، أي مثله . قال الأزهري : والنحويون يقولون للفعل المستقبل : مضارع لمشاكلته الأسماء فيما يلحقه من الإعراب . والمضارع من الأفعال : ما أشبه الأسماء وهو الفعل الآتي والحاضر ، والمضارع في العروض : مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن كقوله
دعاني إلى سعاد دواعي هوى سعاد
سمي بذلك لأنه ضارع المجتث . والضروع والصروع : قوى الحبل ، واحدهما ضرع وصرع . والضريع : نبات أخضر منتن خفيف يرمي به البحر وله جوف ، وقيل : هو يبيس العرفج والخلة ، وقيل : ما دام رطبا فهو ضريع ، فإذا يبس فهو الشبرق ، وهو مرعى سوء لا تعقد عليه السائمة شحما ولا لحما ، وإن لم تفارقه إلى غيره ساءت حالها . وفي التنزيل : ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ; قال الفراء : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس ، وقال ابن الأعرابي : الضريع العوسج الرطب ، فإذا جف فهو عوسج ، فإذا زاد جفوفا فهو الخزيز ، وجاء في التفسير : أن الكفار قالوا : إن الضريع لتسمن عليه إبلنا ، فقال الله عز وجل : لا يسمن ولا يغني من جوع . وجاء في حديث أهل النار : فيغاثون بطعام من ضريع ; قال ابن الأثير : هو نبت بالحجاز له شوك كبار يقال له الشبرق ; وقال قيس بن عيزارة الهذلي يذكر إبلا وسوء مرعاها :
وحبسن في هزم الضريع ، فكلها حدباء دامية اليدين ، حرود
هزم الضريع : ما تكسر منه ، والحرود : التي لا تكاد تدر ; وصف الإبل بشدة الهزال ; وقيل : الضريع طعام أهل النار ، وهذا لا يعرفه العرب . والضريع : القشر الذي على العظم تحت اللحم ، وقيل : هو جلد على الضلع .[ لسان العرب ]

قال شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي(ت:743هـ)
قوله: (رعى الشِّبرق) البيت، إذا ذوى: أي ذبل. النحوص: الأتان الحائل.
قوله: (وحبسن)، البيت، الهزم: ما يبس وتكسر من الضريع. وناقة حدباء: إذا بدا عظم وركها، والحرود: قليلة اللبن؛ يصف نوقاً حُبسن في مرعى سوء غير ناجع، وهزلن، وكلهن داميات الأيدي من وضعها على الضريع ذي الشوك، عُصبن من سوء الحال، أو قليلة اللبن [فتوح الغيب:]
.
قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي(ت:745هـ)
والضريع، قال ابن عباس: شجر من نار. وقال الحسين: وجماعة الزقوم. وقال ابن جبير: حجارة من نار. وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وعكرمة ومجاهد: شبرق النار. وقيل: العبشرق. وقيل: رطب العرفج، وتقدم ما قيل فيه في المفردات. وقيل: واد في جهنم. والضريع، إن كان الغسلين والزقوم، فظاهر ولا يتنافى الحصر في
{ إلا من غسلين }
[الحاقة: 36] و { إلا من } ضريع. وإن كانت أغياراً مختلفة، والجمع بأن الزقوم لطائفة، والغسلين لطائفة، والضريع لطائفة.[البحر المحيط]

قال أبو العباس أحمد بن يوسف السمين الحلبي(ت:756هـ):
قوله: { ضَرِيعٍ }: هو شجرٌ في النار. وقيل: حجارةٌ. وقيل: هو الزَّقُّوم. وقال أبو حنيفة: " هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً. قال الهذليُّ:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
وقال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم. وقال الخليل: " نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.[ الدر المصون:]

قال مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي(ت:817هـ)
الضَّرْع لكلّ ذات ظِلْف أَو خُفّ. اللَّيث: الضَرْع للشَّاة والبقرة ونحوهما، وللنَّاقة خِلْف.
أَبو زيد: الضَّرْع جِمَاع. وفيه الأَطْباء وهى الأَخلاف، واحدها طُبْىٌ وخِلف. وفى الأَطْباءِ الأَحاليل، وهى خروق اللبن.
ابن دريد: الضَرْع: ضَرْع الشاة. والجمع: ضروع. وشاة ضَرْعاء: عظيمة الضَّرع.
والضَّريع: نبات أَخضر مُنْتِنُ الرّيح، يَرمِى به البحر.
وقال أَبو الجوزاء: الضَّرّيع: السُّلاّءُ. وجاءَ فى التفسير أَنَّ الكفَّار قالوا: إِنَّ الضَّريع لتسمَن عليه إِبلنا، قال الله تعالى: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ} .
وقال ابن الأَعرابىّ: الضريع: العَوْسَج الرَّطْب. فإِذا جفَّ فهو عوسج. فإِذا زاد فهو الخَزيز.
ابن عبّاد: الضريع: يبيس كلّ شجر. قال: والضريع: الشراب الرّقيق.
الليث: الضَّريع: الجلدة التى على العظم تحت اللحم من الضِّلَع. قال:
والضَّريع: نبت فى الماء الآجِن، له عروق لا تصل إِلى الأَرض. وقال غيره: الضَّريع الخَمْر.
[بصائر ذوي التمييز: 3/ 472 - 473 ]

مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
الضَّرْعُ: م، لِلظِلْفِ والخُفِّ، أو للشَّاءِ والبَقَرِ ونَحْوِهِما، وأمَّا للناقَةِ: فَخِلْفٌ، ج: ضُرُوعٌ.
وشاةٌ وامْرَأةٌ ضَرْعاءُ وضَريعٌ وضَريعَةٌ: عَظِيمَتُهُ.
وضَرْعاءُ: ة.
والضُّرُوعُ، بالضمِّ: عِنَبٌ أبْيَضُ كِبارُ الحَبِّ.
والضَّريعُ، كأميرٍ: الشِّبْرِقُ، أو يَبيسُهُ، أو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُهُ ضَريعاً، لا تَقْرَبُه دابَّةٌ لخُبْثِهِ،
وـ: السُّلاَّءُ، والعَوْسَجُ الرَّطْبُ، أو نَباتٌ في الماءِ الآجِنِ، له عُروقٌ لا تَصِلُ إلى الأرضِ، أو شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ، وأحَرُّ من النارِ، ونَباتٌ مُنْتِنٌ يَرْمي به البَحْرُ، ويَبيسُ كلِّ شجرةٍ، والخَمْرُ أو رَقِيقُها، والجِلْدَةُ على العَظْمِ تَحْتَ اللحمِ.
وضَرَعَ إليه، ويُثَلَّثُ، ضَرَعاً، محركةً، وضَرَاعَةً: خَضَعَ، وذَلَّ، واسْتَكَانَ، أو كفرحَ ومَنَعَ: تَذَلَّلَ، فهو ضارِعٌ وضَرِعٌ، ككتِفٍ، وضَرُوعٌ وضَرَعَةٌ، محركةً. وككَرُمَ: ضَعُفَ،
فهو ضَرَعٌ، محركةً، من قومٍ ضَرَعٍ، محركةً أيضاً.
ومُهْرٌ ضَرَعٌ، محركةً: لم يَقْوَ على العَدْوِ.
والضارِعُ، والضَّرَعُ، محركةً: الصغيرُ من كلِّ شيءٍ، أو الصغيرُ السِّنِّ الضعيفُ. وككتِفٍ: الضعيفُ.
وضَرَعَ به فرسُه، كَمنع: أذَلَّهُ،
وـ السَّبُعُ من الشيء ضُرُوعاً: دَنا،
وـ الشمسُ: غابَتْ، أو دَنَتْ للمَغِيبِ،
كضَرَّعَتْ.
وتَضْرُعُ، كَتَنْصُرُ: ع.
والضِّرْعُ، بالكسر: المِثْلُ، وقُوَّةُ الحَبْلِ، ج: ضُرُوعٌ.
وأضْرَعَ له مالاً: بَذَلَه له،
وـ فلاناً: أَذَلَّهُ،
وـ الشاةُ: نَزَلَ لَبَنُها قُبَيْلَ النِّتاجِ.
و"الحُمَّى أضْرَعَتْنِي للنَّوْمِ": يُضْرَبُ في الذُّلِّ عندَ الحاجةِ.
والتَّضْرِيعُ: التَّقَرُّبُ في رَوَغانٍ،
كالتَّضَرُّعِ.
وضَرَّعَ الرُّبَّ تَضْريعاً: طَبَخَهُ فلم يُتِمَّ طَبْخَهُ،
وـ القِدْرُ: حانَ أن تُدْرِكَ.
وتَضَرَّعَ إلى الله تعالى: ابْتَهَلَ، وتَذَلَّلَ، أو تَعَرَّضَ بطَلَبِ الحاجةِ،
وـ الظِّلُّ: قَلَصَ.
وضارَعَه: شابَهَه. (القاموس المحيط :1-740_741)

قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الزبيدي(ت:1205هـ):
الضَّرْع: م، مَعروفٌ، للظِّلْفِ والخُفِّ، أَي لكُلِّ ذاتِ ظِلْفٍ، أَو للشَّاءِ والبَقَرِ، ونَصُّ العَينِ:للشَّاةِ والبَقَرِ ونَحوِهما، وأَمّا للنّاقةِ فخِلْفٌ، بالكَسر، كَمَا سيأْتي، وَقَالَ ابنُ فارِسٍ: الضَّرْعُ للشاةِ وغيرِها. وَقَالَ ابنُ دُرَيدٍ: الضَّرْع: ضَرْعُ الشَّاةِ، ج: ضُروعُ، وَقَالَ أَبو زيدٍ: الضَّرْعُ: جماعٌ، وَفِيه الأَطباءُ، وَهِي الأَخلافُ، وَفِي الأَطْباءِ الأَحاليل، وَهِي خُروقُ اللَّبَنِ. وَفِي اللِّسان: ضَرْعُ الشَّاةِ والنّاقَةِ: مَدَرُّ لَبَنِها. وَفِي التَّوشيحِ: الضَّرْعُ للبهائم، كالثَّدْيِ للمَرْأَةِ قَالَ ابْن دُرَيْدٍ: شاةٌ ضَرْعاءُ. قَالَ ابنُ فارسٍ: شاةٌ ضَريعٌ، وضريعَةٌ، أَي عظيمتُه، أَي الضَّرع. وَفِي اللِّسان: الضَّريعَةُ والضَّرعاءُ جَمِيعًا: العظيمةُ الضَّرعِ من الشَّاءِ والإبلِ. وشاةٌ ضَريعٌ: حسَنَةُ الضَّرْعِ.
ونَصَّ ابْن دُرَيْدٍ فِي الجَمهرَةِ: امرأَةٌ ضَرعاءُ: عظيمةُ الثَّديَينِ، والشَّاةُ كذلكَ، فالمُصنِّفُ خَلَطَ كلامَهم، وقصَدَ بِهِ الاختِصارَ، وَفِيه تأَمُّلٌ عندَ ذَوي الأَبصارِ. وضَرْعاءُ: ة، نَقله الصَّاغانِيّ.
قَالَ أَبو حنيفةَ: الضُّروعُ، بالضَّمِّ: عِنَبٌ بالسَّراةِ أَبيضُ كِبارُ الحَبِّ قليلُ الماءِ، عظيمُ العناقيد، مثل الزَّبيب الَّذِي يُسَمَّى الطَّائفِيّ. قَالَ تَعَالَى: لَيْسَ لهُم طَعامٌ إلاّ مِنْ ضَريعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ الضَّريعُ، كأَميرٍ: الشِّبْرِقُ، قَالَه أَبو حنيفةَ، وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: هُوَ نَبْتٌ بالحِجازِ، لَهُ شَوكٌ كِبارٌ يُقَال لَهُ: الشِّبرِق، أَو يَبيسُه، نَقله الجَوْهَرِيّ، أَو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُه يُسَمَّى ضَريعاً، عندَ أَهل الحِجازِ، قَالَه الفَرَّاءُ، لَا تَقرَبُه دابَّةٌ لِخُبْثِه، قَالَ أَبو حنيفةَ: هُوَ مَرعى سَوْء، لَا تَعقِدُ عَلَيْهِ السَّائمَةُ شَحماً وَلَا لَحْماً، فإنْ لَمْ تُفارِقْه إِلَى غيرِه ساءَ حالُها، قَالَ قيسُ بنُ العَيزارَةِ يصف الإبِلَ وسوءَ مَرعاها:
(وحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّريع وكُلُّها ... حَدباءُ داميَةُ اليَدَينِ حَرودُ)
قَالَ أَبو الجَوزاءِ: الضَّريعُ: السُّلاّءُ، وجاءَ فِي التَّفسير: أَنَّ الكُفَّارَ قَالُوا: إنَّ الضَّريعَ تَسْمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا، فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ. قَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ: الضَّريعُ: العَوْسَجُ الرَّطْبُ، فَإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزيزُ، قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: نَباتٌ فِي الماءِ الآجِنِ، لَهُ عُروقٌ لَا تَصلُ إِلَى الأَرضِ. أَو هُوَ شيءٌ فِي جهنَّمَ أَمَرُّ من الصَّبْرِ، وأَنتَنُ من)
الجيفَةِ، وأَحرُّ من النّارِ، وَهَذَا لَا يعرِفُه العَرَبُ، وَهُوَ طَعامُ أَهلِ النّارِ. قيل: هُوَ نباتٌ أَخضَرُ، كَمَا فِي اللِّسان، وَفِي المُفرداتِ: أَحمَرُ مُنتِن الرِّيحِ خفيفٌ يَرمي بِهِ البَحرُ، وَله جَوفٌ. قَالَ ابْن عَبّادٍ: الضَّريعُ: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ. قيل: الضَّريعُ: الخَمْرُ أَو رَقيقُها، وَهَذِه عَن ابْن عبادٍ، قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: الجِلدَةُ الَّتِي على العَظْمِ تحتَ اللَّحمِ من الضِّلْعِ. وَيُقَال: هُوَ القِشْرُ الَّذِي عَلَيْهِ. وضَرَعَ إِلَيْهِ، ولَهُ، ويُثَلَّثُ، الكسرُ عَن شَمِرٍ ضَرَعاً، مُحَرَّكَةً، مَصدرُ ضَرِعَ، كفَرِحَ، وضَراعَةً، مدر ضَرُعَ وضَرَع، ككَرُمَ ومَنَعَ، الأَخير على غير قِياسٍ، واقتصرَ الجَوْهَرِيّ على ضَرَعَ، كمَنَعَ: خضَعَ وذَلَّ، وَفِي حَدِيث عُمر رَضِي الله عَنهُ: فقد ضَرَعَ الكبيرُ، ورَقَّ الصَّغيرُ. قيل: ضَرَعَ: اسْتَكانَ، وَهُوَ قريب من الخضوعِ والذُلِّ. ضَرَع لَهُ، كفَرِحَ ومَنَعَ: تذَلَّلَ وتَخَشَّعَ، وسأَلَه أَن يُعطِيَهُ، فَهُوَ ضارِعٌ، قَالَ الشَّاعِر:
(وأَنتَ إلَهُ الحَقِّ عَبْدُكَ ضارِعٌ ... وَقد كنتُ حِيناً فِي المُعافاةِ ضارِعا)
وَقَالَ آخرُ:
(لِيَبْكِ يَزيدَ ضارِعٌ لخُصومَةٍ ... ومُخْتَبِطٌ مِمّا تُطيحُ الطَّوائحُ) (تاج العروس : 21- 405: 408)

قال محمد الطاهر بن عاشور(ت:1393هـ):
وَالضَّرِيعُ: يَابِسُ الشِّبْرِقِ (بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ) وَهُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ إِذَا كَانَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ سُمِّيَ ضَرِيعًا وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَسْمُومًا وَهُوَ مَرْعًى لِلْإِبِلِ وَلِحُمُرِ الْوَحْشِ إِذَا كَانَ رَطْبًا، فَمَا يُعَذَّبُ بِأَهْلِ النَّارِ بِأَكْلِهِ شُبِّهَ بِالضَّرِيعِ فِي سُوءِ طَعْمِهِ
وَسُوءِ مَغَبَّتِهِ.
وَقِيلَ: الضَّرِيعُ اسْمٌ سَمَّى الْقُرْآنُ بِهِ شَجَرًا فِي جَهَنَّمَ وَأَنَّ هَذَا الشَّجَرَ هُوَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ الْغِسْلِينُ الْوَارِدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة: 35، 36] وَعَلَيْهِ فَحَرْفُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ، أَيْ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الضَّرِيعِ وَالْخَارِجُ هُوَ الْغِسْلِينُ وَقَدْ حَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ.
وَوَصْفُ ضَرِيعٍ بِأَنَّهُ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ لِتَشْوِيهِهِ وَأَنَّهُ تَمَحُّضٌ لِلضُّرِّ فَلَا يَعُودُ عَلَى آكِلِيهِ بِسِمَنٍ يُصْلِحُ بَعْضَ مَا الْتَفَحَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ دَفْعَ أَلَمِ الْجُوعِ، وَلَعَلَّ الْجُوعَ مِنْ ضُرُوبِ تَعْذِيبِهِمْ فَيَسْأَلُونَ الطَّعَامَ فَيُطْعَمُونَ الضَّرِيعَ فَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ أَلَمَ الْجُوعِ. (التحرير والتنوير: 30- 297)

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 5 صفر 1439هـ/25-10-2017م, 09:46 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

التطبيق الأول:
- معنى "ضريع" في قول الله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع).
النقول التي تحصّلت لي في هذه المسألة:
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف:
جامع البيان لابن جرير، والكشف والبيان للثعلبي، والهداية لمكي بن أبي طالب، والنكت والعيون للماوردي، والمحرر الوجيز لابن عطية، وزاد المسير لابن الجوزي، وأحكام القرآن للقرطبي، وتفسير ابن كثير.
ومن كتب المرتبة الأولى:
معاني القرآن للفراء، ، ومعاني القرآن للزجاج، ولم أجد لهذه المسألة ذكرا في مجاز القرآن لأبي عبيدة.
ومن كتب المرتبة الثانية:
غريب القرآن لابن قتيبة، وغريب القرآن وتفسيره لليزيدي، وياقوتة الصراط لغلام ثعلب، وتفسير المشكل من غريب القرآن لمكي بن أبي طالب والعمدة له.
لم أجد المسألة في غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي.
ومن كتب المرتبة الثالثة:
بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادري،كتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني، شرح أشعار الهذليين لأبي سعيد السكري ،كتاب الأضداد لابن الأنباري، لم أجد المسألة في غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي .
ومن كتب المرتبة الرابعة:
الكشاف للزمخشري ، والبحر المحيط لأبي حيان، والدر المصون للسمين الحلبي، والتحرير والتنوير لابن عاشور.
ومن كتب المرتبة الخامسة:
لسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، وتاج العروس للزبيدي
لم أجد المسألة في تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري ،ولا في معجم مقاييس اللغة لابن فارس، ولا في المحكم لابن سيده.
وجدت صعوبة شديدة في البحث في كتب المرتبة الخامسة .
1- التعرّف على أقوال السلف في المسألة:
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت310ه):
يقولُ: (وقوله : (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) ليسَ لهؤلاءِ الذينَ هم أصحابُ الوجُوه الخاشعةِ العاملةِ الناصبةِ يومَ القيامةِ، طعامٌ إلاَّ ما يَطْعَمُونَه من ضريعٍ. والضريعُ عندَ العربِ: نبْتٌ يُقالُ له الشِّبْرِقُ، وتسمِّيهِ أهلُ الحجازِ: الضَّرِيعَ؛ إذا يَبِسَ، ويسمِّيهِ غيرُهم: الشِّبْرِقُ، وهو سُمٌّ.
وبنحوِ الذي قلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أبي، قالَ: ثني عمِّي، قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قالَ: الضريعُ: الشبرقُ.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ المحاربيُّ، قالَ: ثنا عبَّادُ بنُ يعقوبَ الأسديُّ، قالَ محمَّدٌ: ثنا، وقالَ عبَّادٌ: أخبرنا محمَّدُ بنُ سليمانَ، عن عبدِ الرَّحْمنِ الأصبهانيِّ، عن عكرمةَ في قولِهِ : (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا إسماعيلُ ابنُ عُليَّةَ، عن أبي رجاءٍ، قالَ: ثني نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ، عن عكرمةَ، في قولِهِ: (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قالَ: هي شجرةٌ ذاتُ شوكٍ، لاطئةٌ بالأرضِ، فإذا كانَ الربيعُ سمَّتْها قريشٌ الشبرقَ، فإذا هاجَ العودُ سمَّتْها الضريعَ.
- حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عبدُ الرَّحْمنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن ليثٍ، عن مجاهد (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
- حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثلَهُ.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قالَ: ثنا عيسَى؛ وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: (ضريع) قالَ: الشبرقُ اليابسُ.
- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى، قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ: (إلا من ضريع) قالَ: هو الشبرقُ إذا يَبِسَ يُسمَّى الضريعَ.
- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يزيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) يقولُ: من شرِّ الطعامِ، وأبشعِهِ وأخبثِهِ.
- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ، قالَ: ثنا شريكُ بنُ عبدِ اللَّهِ، في قولِه:(ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قالَ: الشِّبْرِقُ.
وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: الحجارةُ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابنُ يمانٍ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قولِهِ: (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الحجارة.
وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: شجرٌ من نارٍ.
ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالحٍ، قالَ: ثني معاويَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَهُ (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) يقولُ: شجرٌ من نارٍ.
- حدَّثني يونسُ، قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، في قولِهِ (ليْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ).( جامع البيان24/331-333)
قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي(ت427ه):
قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطي بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.
وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع، وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّاً من النار» سمّاه النبيّ ضريعاً، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئاً، إلاّ أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضّرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.
وقال أبو الدرداء والحسن: يُقبّح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم القبيح في الدنيا، ويُحسن وجوه أهل الجنّة يشبّهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأنّ الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيُغاثون بالضريع ويستغيثون فيُغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة، ثمّ يُسقون من عين آنية لا هنيّة ولا مريّة، فكلّما أدنوه من وجوههم سلخ جلودَ وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطّعها، فذلك قوله (وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ).(الكشف والبيان:؟؟).
قال علي بن محمد بن حبيب الماوردي(ت450ه):
(ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ) فيه ستة أقاويل:
أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، قاله ابن عباس، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع، قال الشاعر:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى *** وعاد ضريعاً نازعته النحائص
الثاني: السّلم، قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك.
الثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.
الخامس: أنه شجر من نار، قاله ابن زيد.
السادس: أن الضريع بمعنى المضروع، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه، قاله ابن بحر.(النكت والعيون:؟؟).
قال مكي بن أبي طالب القيسي(ت437ه):
وقال تعالى: (لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ).
أي: (ليس) لأصحاب هذه (الوجوه) الخاشعة وهم الكفار طعام يطعمونه في النار إلا طعام من ضريع.
قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار".
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس(ولاورق فيه).
وقال عكرمة: الضريع: الحجارة.
وقال الحسن: الضريع: الزقوم وعنه أيضاً: الضريع: الذي يضرع ويذل من أكله لمرارته وخشونته.
وقال عطاء: الضريع: الشبرق. وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعلى هذا القول كثير من أهل اللغة، والشبرق(شجر) كثير شوك تعافه الإبل، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم الشبرق.
وقيل: الضريع واد في جهنم. وقد أخبر الله في هذه الآية بأن لا طعام لهم إلا طعام من ضريع، فأثبت لهم طعاماً، وقال في موضع آخر (فَلَيْسَ لَهُ اليوم هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ). (الهداية إلى بلوغ النهاية:؟؟).
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ(ت546 ه): (واختلف الناس في (الضّريع)؛ فقال الحسن وجماعةٌ من المفسّرين: هو الزّقّوم؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.
وقال سعيد بن جبيرٍ: الضّريع حجارةٌ في النار.
وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وعكرمة: الضّريع: شبرق النار.
وقال أبو حنيفة: الضّريع: الشّبرق؛ وهو مرعى سوءٍ، لا تعقد السّائمة عليه شحماً ولا لحماً. ومنه قول ابن عيزارة الهذليّ:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ....... حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيبٍ:
رعى الشّبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى....... وعاد ضريعاً بان منه النّحائص
وقيل: الضّريع: العشرق.
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (الضّريع: شوكٌ في النّار).
وقال بعض اللّغويّين: الضّريع: يبس العرفج إذا تحطّم.
وقال آخرون: هو رطب العرفج.
وقال الزّجّاج: هو نبتٌ كالعوسج.
وقال بعض المفسّرين: الضّريع نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الضّريع: شجرٌ من نارٍ.
وكلّ من ذكر شيئاً مما قدّمناه فإنما يعني أن ذلك من نارٍ ولا بدّ، وكلّ ما في النار فهو نارٌ.
وقال قومٌ: ضريعٌ، وادٍ في جهنّم.
وقال جماعةٌ من المتأولّين: الضّريع: طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصّص شيئاً ممّا ذكر.
قال بعض اللّغويّين: وهذا ممّا لا تعرفه العرب.
وقيل: الضّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم. ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.
وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ.
واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً؛ فقيل: هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ
ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم في ولدي جعفربن أبي طالبٍ رضي الله عنهم: (ما لي أراهما ضارعين) يريد هزيلين. ومن فعيلٍ بمعنى مفعلٍ قول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد: المسمع.
وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به).(المحرر الوجيز8/597-599).
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي(ت:597ه):
قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليس لهم طعام إلا من ضريع‏}‏ فيه ستة أقوال‏:
أحدها‏:‏ أنه نبت ذو شوك لا طئ بالأرض، وتسميه قريش(الشبرق) فإذا هاج سموه‏:‏ ضريعاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة‏.‏
والثاني‏:‏ أنه شجر من نار، رواه الوالبي عن ابن عباس‏.‏
والثالث‏:‏ أنها الحجارة، قاله ابن جبير‏.‏
والرابع‏:‏ أنه السَّلَم، قاله أبو الجوزاء‏.‏
والخامس‏:‏ أنه في الدنيا‏:‏ الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة شوك من نار، قاله ابن زيد‏.‏
والسادس‏:‏ أنه طعام يضرعون إلى الله تعالى منه، قاله ابن كيسان‏.‏
قال المفسرون‏:‏ لما نزلت هذه الآية قال المشركون‏:‏ إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله تعالى ‏{‏لا يسمن ولا يغني من جوع‏}‏ وكُذِّبوا، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطباً، وحينئذ يسمَّى شِبْرِقاً، لا ضريعاً، فإذا يبس يسمى‏:‏ ضريعاً لم يأكله شيء‏.‏ (زاد المسير:؟؟).
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي(ت671ه):
قال عكرمة ومجاهد: الضريع: نبت ذو شوك لاصق بالأرض، تسميه قريش الشبرق إذا كان رطبا، فإذا يبس فهو الضريع، لا تقربه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه، وهو سم قاتل، وهو أخبث الطعام وأشنعه،على هذا عامة المفسرين. إلا أن الضحاك روى عن ابن عباس قال: هو شيء يرمى به البحر، يسمى الضريع، من أقوات الأنعام لا الناس، فإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع، وهلكت هزلا. والصحيح ما قاله الجمهور: أنه نبت. قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى *** وعاد ضريعا بأن منه النحائص
وقال الهذلي وذكر إبلا وسوء مرعاها:
وحبسن في هزم الضريع فكلها *** حدباء دامية اليدين حرود
وقال الخليل: الضريع: نبات أخضر منتن الريح، يرمي به البحر.
وقال الوالبي عن ابن عباس: هو شجر من نار، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها.
وقال سعيد بن جبير: هو الحجارة، وقاله عكرمة. والأظهر أنه شجر ذو شوك حسب ما هو في الدنيا. وعن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (الضريع: شيء يكون في النار، يشبه الشوك، أشد مرارة من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأحر من النار، سماه الله ضريعا).
وقال خالد بن زياد: سمعت المتوكل بن حمدان يسأل عن هذه الآية لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قال: بلغني أن الضريع شجرة من نار جهنم، حملها القيح والدم، أشد مرارة من الصبر، فذلك طعامهم.
وقال الحسن: هو بعض ما أخفاه الله من العذاب.
وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون عنده ويذلون، ويتضرعون منه إلى الله تعالى، طلبا للخلاص منه، فسمي بذلك، لان آكله يضرع في أن يعفى منه، لكراهته وخشونته. قال أبو جعفر النحاس: قد يكون مشتقا من الضارع، وهو الذليل، أي ذو ضراعة، أي من شربه ذليل تلحقه ضراعة. وعن الحسن أيضا: هو الزقوم.
وقيل: هو واد في جهنم. فالله أعلم (الجامع لأحكام القرآن:؟؟)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت774 ه):
وقوله : (ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ) قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: شجرٌ من نارٍ. وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الزّقّوم. وعنه أنّها الحجارة. وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة: هو الشّبرق. قال قتادة: قريشٌ تسمّيه في الرّبيع الشّبرق، وفي الصّيف الضّريع.
قال عكرمة: وهو شجرةٌ ذات شوكٍ، لاطئةٌ بالأرض.

وقال البخاريّ: قال مجاهدٌ: الضّريع: نبتٌ يقال له: الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز الضّريع إذا يبس. وهو سمٌّ.
وقال معمرٌ، عن قتادة: (إلا من ضريع) هو الشّبرق إذا يبس، سمّي الضّريع.
وقال سعيدٌ، عن قتادة: (ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ) من شرّ الطّعام وأبشعه وأخبثه).(تفسير القرآن العظيم 8/385)
2- جمع أقوال اللغويين في هذه المسألة:
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت207ه):
وقوله عز وجل : (ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ) وهو نبت يقال له: الشّبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، وهو سم. (معاني القرآن3/257).
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت210ه): (إلاّ من ضريعٍ) الضريع عند العرب الشبرق شجر. (مجاز القرآن2/296)
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت213ه): وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت.(كتاب الجيم:2/201)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت237ه): (الضريع) ذكروا أنه يبيس الشجر، وقالوا (الضريع): نبت يقال له الشرق. وذكروا أن بعض البحار يقذف في كل سنة ورقا ليست له قوة) .(غريب القرآن وتفسيره426).
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت275ه):
وحبسن في هزم الضريع فكلها ....... حدباء بادية الضلوع جدود
(الضريع) يابس العشرق، وقالوا: الشبرق. (شرح أشعار الهذليين 2/598)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت276ه) : ((الضريع): نبت يكون بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق. (تفسير غريب القرآن:525).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت311ه): (ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ)يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه عز وجل (لا يسمن ولا يغني من جوع). (معاني القرآن:5/318).
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت328ه) :
ومن الأضداد أيضا قول العرب: زيد أعقل الرجلين، إذا كانا عاقلين؛ إلا أن أحدهما أكثر عقلا من الآخر، وزيد أعقل الرجلين إذا كان أحدهما عاقلا والآخر أحمق، فأما المعنى الأول فلا يحتاج فيه إلى شاهد لشهرته عند عوام الناس وخواصهم، وأما المعنى الآخر فشاهده قول الله عز وجل: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا).
قال الفراء: قال بعض المشيخة: يروى أنه يفرغ من حساب الناس في النصف من ذلك اليوم، ثم يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
قال الفراء: وأصحاب الكلام إذا اجتمع لهم عاقل وأحمق لم يقولوا: هذا أعقل الرجلين؛ إلا أن يكون الرجلان عاقلين؛ أحدهما أزيد عقلا من الآخر، قال: فقول الله عز وجل: (
أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) يدلك على خطئهم؛ لأن أهل النار ليس في مستقرهم من الخير شيء.
وقال غير الفراء: معنى الآية التشبيه والتمثيل، وذلك أن الكفار كانوا يناظرون المسلمين، فيقول بعضهم: حظنا من الآخرة مثل حظكم؛ ونحن نصير منها إلى مثل ما يصير إلى صلحاؤكم من الكرامة والزلفى والغبطة، الدليل على هذا قوله عز ذكره : (
أفرأيت الذي كفر بآياتنا) إلى قوله (فيأتينا فردا) فنزول هذه الآيات في خباب والعاص بن وائل، قال خباب: كنت قينا في الجاهلية، فاجتمعت لي على العاص بن وائل دراهم، فأتيته أتقاضاه، فقال: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد عليه السلام، فقلت: لا أكفر به، حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لمبعوث؟ قلت: نعم، قال: فسيكون لي ثم منزل ومال، فأقضيك دراهمك، فأنزل الله عز وجل هذا فيه، وقال :( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) أي قد ادعوا أعني الكفار أن لهم في الجنة مقيلا ومستقرا، فمستقر المؤمنين خير من مستقرهم في حقيقة الأمر على دعواهم وظنهم، لا أن الله عز وجل ثبت أن للكفار في الجنة مستقرا.
وفي المسألة جواب ثالث؛ وهو أصحاب الجنة: لو كان لأصحاب النار وأصحابها مستقر فيه خير، لكان مستقر أصحاب الجنة خيرا منه لاتصال نعيمهم؛ ولانقطاع الراحة التي يجدها أهل النار في النار إن كانت؛ وهي مما لا يكون، فجرى مجرى قول العرب: ما لفلان عيب إلا السخاء، أي من السخاء عيبه فلا عيب له.
وقد خرج بعضهم قول الله عز وجل: (
ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ) من هذا المعنى فقال: التأويل: من الضريع طعامه فلا طعام له. ومنه قول العرب: ما لفلان راحة إلا السير والعمل؛ أي من هذان راحته فهو غير مستريح.(كتاب الأضداد :316-318)
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت345ه): (والضريع العوسج الرطب، وهو نبات في النار، شبيه العوسج) .(ياقوتة الصراط:573).
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت437ه): (الضريع) نبت بالحجاز، يقال لرطبه الشِّبْرِق.(تفسير المشكل من غريب القرآن: 300).
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت437ه): (الضريع) نبت. (العمدة344)
قال أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري(ت538ه):
الضريع يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطباً، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل قال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إذَا ذَوَى *** وَعَادَ ضَرِيعاً بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وقال: وَحُبِسَ فِي هَزْمِ الضِّرِيعِ فَكُلْهَا *** حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ
قال محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي(ت711ه):
الضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ وقيل: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ،وقيل: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا. وَفِي التنزيل: (ليْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)
قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: مَا تَكَسَّر مِنْهُ، والحَرُودُ: لَّتِي لَا تَكَادُ تَدِرُّ؛ وَصَفَ الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وَقِيلَ: الضرِيعُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ. والضَّرِيعُ: لقِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ. (لسان العرب8/224)
قال ابو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت745ه):
والضريع، قال ابن عباس: شجر من نار. وقال الحسين: وجماعة الزقوم. وقال ابن جبير: حجارة من نار. وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وعكرمة ومجاهد: شبرق النار. وقيل: العبشرق. وقيل: رطب العرفج، وتقدم ما قيل فيه في المفردات. وقيل: واد في جهنم. والضريع، إن كان الغسلين والزقوم، فظاهر ولا يتنافى الحصر في (إلا من غسلين) و(إلا من) ضريع. وإن كانت أغياراً مختلفة، والجمع بأن الزقوم لطائفة، والغسلين لطائفة، والضريع لطائفة.(البحر المحيط:؟؟)
قال أبو العباس أحمد بن يوسف السمين الحلبي(ت756ه):
قوله (ضريع) :هو شجرٌ في النار. وقيل: حجارةٌ. وقيل: هو الزَّقُّوم. وقال أبو حنيفة: «هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً. قال الهذليُّ:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها ... حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
عَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى ... وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم. وقال الخليل: نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ
وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.
(الدر المصون:10/767)
قال مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي(ت817ه):
والضَّريع: نبات أَخضر مُنْتِنُ الرّيح، يَرمِى به البحر.
وقال أَبو الجوزاء: الضَّرّيع: السُّلاّءُ. وجاءَ فى التفسير أَنَّ الكفَّار قالوا: إِنَّ الضَّريع لتسمَن عليه إِبلنا، قال الله تعالى: (لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ).
وقال ابن الأَعرابىّ: الضريع: العَوْسَج الرَّطْب. فإِذا جفَّ فهو عوسج. فإِذا زاد فهو الخَزيز.
ابن عبّاد: الضريع: يبيس كلّ شجر. قال: والضريع: الشراب الرّقيق.
الليث: الضَّريع: الجلدة التى على العظم تحت اللحم من الضِّلَع.
قال: والضَّريع: نبت فى الماء الآجِن، له عروق لا تصل إِلى الأَرض. وقال غيره: الضَّريع الخَمْر.(بصائر ذوي التمييز3/472-473)
قال مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي(ت817ه):
والضَّريعُ، كأميرٍ: الشِّبْرِقُ، أو يَبيسُهُ، أو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُهُ ضَريعاً، لا تَقْرَبُه دابَّةٌ لخُبْثِهِ،
السُّلاَّءُ، والعَوْسَجُ الرَّطْبُ، أو نَباتٌ في الماءِ الآجِنِ، له عُروقٌ لا تَصِلُ إلى الأرضِ، أو شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ، وأحَرُّ من النارِ، ونَباتٌ مُنْتِنٌ يَرْمي به البَحْرُ، ويَبيسُ كلِّ شجرةٍ، والخَمْرُ أو رَقِيقُها، والجِلْدَةُ على العَظْمِ تَحْتَ اللحمِ.(القاموس المحيط 1/741).
قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الزبيدي(ت1205ه):
قَالَ تَعَالَى: لَيْسَ لهُم طَعامٌ إلاّ مِنْ ضَريعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ الضَّريعُ، كأَميرٍ: الشِّبْرِقُ، قَالَه أَبو حنيفةَ، وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: هُوَ نَبْتٌ بالحِجازِ، لَهُ شَوكٌ كِبارٌ يُقَال لَهُ: الشِّبرِق، أَو يَبيسُه، نَقله الجَوْهَرِيّ، أَو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُه يُسَمَّى ضَريعاً، عندَ أَهل الحِجازِ، قَالَه الفَرَّاءُ، لَا تَقرَبُه دابَّةٌ لِخُبْثِه، قَالَ أَبو حنيفةَ : هُوَ مَرعى سَوْء، لَا تَعقِدُ عَلَيْهِ السَّائمَةُ شَحماً وَلَا لَحْماً، فإنْ لَمْ تُفارِقْه إِلَى غيرِه ساءَ حالُها، قَالَ قيسُ بنُ العَيزارَةِ يصف الإبِلَ وسوءَ مَرعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّريع وكُلُّها ... حَدباءُ داميَةُ اليَدَينِ حَرودُ
قَالَ أَبو الجَوزاءِ: الضَّريعُ: السُّلاّءُ، وجاءَ فِي التَّفسير: أَنَّ الكُفَّارَ قَالُوا: إنَّ الضَّريعَ تَسْمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ.
قَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ:الضريع: العَوْسَجُ الرَّطْبُ، فَإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزيزُ، قَالَ الليثُ:الضريع نَباتٌ فِي الماءِ الآجِنِ، لَهُ عُروقٌ لَا تَصلُ إِلَى الأَرضِ. أَو هُوَ شيءٌ فِي جهنَّمَ أَمَرُّ من الصَّبْرِ، وأَنتَنُ من الجيفَةِ، وأَحرُّ من النّارِ، وَهَذَا لَا يعرِفُه العَرَبُ، وَهُوَ طَعامُ أَهلِ النّارِقيل: هُوَ نباتٌ أَخضَرُ، كَمَا فِي اللِّسان، وَفِي المُفرداتِ: أَحمَرُ مُنتِن الرِّيحِ خفيفٌ يَرمي بِهِ البَحرُ، وَله جَوفٌ. قَالَ ابْن عَبّادٍ:الضريع: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.
قيل:الضريع الخَمْرُ أَو رَقيقُها، وَهَذِه عَن ابْن عبادٍ، قَالَ الليثُ: الجِلدَةُ الَّتِي على العَظْمِ تحتَ اللَّحمِ من الضِّلْعِ ويقال: هُوَ القِشْرُ الَّذِي عَلَيْهِ. (تاج العروس21/406)
قال محمد الطاهر بن عاشور(ت1393ه):
والضريع: يابس الشِّبْرِق (بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء) وهو نبت ذو شَوك إذا كان رطباً فإذا يبس سمي ضريعاً وحينئذ يصير مسموماً وهو مرعى للإِبل ولحُمُر الوحش إذا كان رطباً، فما يعذب بأهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه وسوء مَغبته.
وقيل: الضريع اسم سَمّى القرآن به شجراً في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغِسلين الوارد في قوله تعالى: (فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين) وعليه فحرف (من) للابتداء، أي ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين. (التحرير والتنوير:؟؟).

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 6 صفر 1439هـ/26-10-2017م, 07:49 AM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي مجلس أداء التطبيق الخامس

التطبيق الخامس:

معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

أولا: أقوال السلف في المسألة:

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {إلا من ضريع}؛ قال: هو الشبرق). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 368]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري(ت: 310ه):

وقوله: ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) يقول: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة طعام، إلا ما يطعمونه من ضَرِيع. والضريع عند العرب: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سمّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) قال: الضريع: الشِّبْرق.
حدثني محمد بن عُبيد المحاربيّ، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ، عن عكرِمة في قوله: ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) قال: الشِّبرق.

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الضريع: الشبرق اليابس). [تفسير مجاهد: 2/ 753]
الحسين بن مسعود البغوي (ت: 450):
هذا شرابهم ثم ذكر طعامهم فقال : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال مجاهد وعكرمة وقتادة : هو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض ، تسميه قريش الشبرق فإذا هاج سموها الضريع ، وهو أخبث طعام وأبشعه . وهو رواية العوفي عن ابن عباس . قال الكلبي : لا تقربه دابة إذا يبس .
قال ابن زيد : أما في الدنيا فإن " الضريع " الشوك اليابس الذي يبس له ورق ، وهو في الآخرة شوك من نار وجاء في الحديث عن ابن عباس : " الضريع : شيء في النار [ شبه ] الشوك أمر من الصبر‌ ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حرا من النار "(سورة الغاشية الجزء الثامن).

الماوردي (ت: 450 )تفسير النكت و العيون:

ليس لهم طعام إلا من ضريع فيه ستة أقاويل : أحدها : أنها شجرة تسميها قريش الشبرق ، كثيرة الشوك ، قاله ابن عباس ، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع ، قال الشاعر
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا نازعته النحائص
الثاني : السلم ، قال أبو الجوزاء : كيف يسمن من يأكل الشوك .
الثالث : أنها الحجارة ، قاله ابن جبير .
الرابع : أنه النوى المحرق ، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب .
الخامس : أنه شجر من نار ، قاله ابن زيد .
السادس : أن الضريع بمعنى المضروع ، أي الذي يضرعون عنده طلبا للخلاص منه ، قاله ابن بحر .( 6\259-260)

القرطبي (ت: 671ه ) الجامع لأحكام القرآن

وله تعالى : ليس لهم طعام إلا من ضريع
قوله تعالى : ليس لهم أي لأهل النار . طعام إلا من ضريع لما ذكر شرابهم ذكر طعامهم . قال عكرمة ومجاهد : الضريع : نبت ذو شوك لاصق بالأرض ، تسميه قريش الشبرق إذا كان رطبا ، فإذا يبس فهو الضريع ، لا تقربه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه وهو سم قاتل ، وهو أخبث الطعام وأشنعه على هذا عامة المفسرين . إلا أن الضحاك روى عن ابن عباس قال : هو شيء يرمي به البحر ، يسمى الضريع ، من أقوات الأنعام لا الناس ، فإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع ، وهلكت هزلا . والصحيح ما قاله الجمهور : أنه نبت . قال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا بان منه النحائص
وقال الهذلي وذكر إبلا وسوء مرعاها :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال الخليل : الضريع : نبات أخضر منتن الريح ، يرمي به البحر . وقال الوالبي عن ابن عباس : هو شجر من نار ، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها . وقال سعيد بن جبير : هو الحجارة ، وقاله عكرمة . والأظهر أنه شجر ذو شوك حسب ما هو في الدنيا . وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الضريع : شيء يكون في النار ، يشبه الشوك ، أشد مرارة من الصبر ، [ ص: 28 ] وأنتن من الجيفة ، وأحر من النار ، سماه الله ضريعا " . وقال خالد بن زياد : سمعت المتوكل بن حمدان يسأل عن هذه الآية ليس لهم طعام إلا من ضريع قال : بلغني أن الضريع شجرة من نار جهنم ، حملها القيح والدم ، أشد مرارة من الصبر ، فذلك طعامهم .(22\238).

أبو حيان الأندلسي(ت: 745 ) تفسير البحر المحيط

الضريع ، قال أبو حنيفة وأظنه صاحب النبات ، الضريع : الشبرق ، وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما ، ومنه قول ابن عزارة الهذلي :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وصار ضريعا بان عنه النحائص
وقال بعض اللغويين : يبيس العرفج إذا تحطم . وقال الزجاج : هو نبت كالعوسج . وقال الخليل : نبت أخضر منتن الريح يرمي به البحر . النمارق : الوسائد ، واحدها نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما .(8: 461).

ابن كثير (ت:774ه): تفسير القرآن العظيم
وقوله : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : شجر من نار .
وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم . وعنه : أنها الحجارة .
وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو الجوزاء ، وقتادة : هو الشبرق . قال قتادة : قريش تسميه في الربيع الشبرق ، وفي الصيف الضريع . قال عكرمة : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض .
وقال البخاري : قال مجاهد : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس ، وهو سم .(8\ 384).

ابن حجر العسقلاني: (ت: 909ه) (فتح الباري في شرح صحيح البخاري):

سورة هل أتاك حديث الغاشية وقال ابن عباس عاملة ناصبة النصارى وقال مجاهد عين آنية بلغ إناها وحان شربها حميم آن بلغ إناه لا تسمع فيها لاغية شتما ويقال الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم بمسيطر بمسلط ويقرأ بالصاد والسين وقال ابن عباس إيابهم مرجعهم.

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ)
: (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 381] .

ثانيا: جمع أقوال اللغويين في المسألة:

أبي زكريا الفراء (ت: 207) : وهو نبت يقال له الشبرق،وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس،وهو سم. (معاني القرآن 3\ 257).

أبي عبيدة التيمي(ت: 209ه )

" إلاّ مِنْ ضَرِيعٍ " الضريع عند العرب الشبرق شجر .( مجاز القرآن 2\ 296).

محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: 276ه
)

(الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق). [تفسير غريب القرآن: 525].

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):

يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}). [معاني القرآن: 5/317].

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):

الضَّرِيع): نبت بالحجاز، يقال لرطبة الشِّبْرِق).( تفسير المشكل من غريب القرآن 386ص)
وذكر عن القرطبي في الجامع أنه قال: "قال عكرمة و مجاهد: نبت ذو شوك لاصق بالأرض تسميه قريش الشبرق إذا كان رطبا فإذا يبس فهو الضريع،لا تقربه دابة و لا بهيمة و لا ترعاه، و هو سم قاتل، و هو أخبث الطعام و أشنعه."( الجامع 20\29).

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 صفر 1439هـ/28-10-2017م, 12:23 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم التطبيق الخامس من دورة المهارات المتقدّمة في التفسير
جمع أقوال علماء اللغة


أحسنتم، بارك الله فيكم وزادكم علما يرفعكم به إلى أعالي الجنات.
هذا التطبيق يحتاج إلى بعض الخطوات التكميلية على غرار التطبيق السابق، وهي خطوات يسيرة بإذن الله لن تكلّف الباحث كثير جهد ووقت.
ونذكّر بخطوات أداء التطبيق، ليتعرّف كل طالب على الخطوات التي فاتته في ويستدركها في الإعادة بإذن الله.


أولا: استيفاء النقول من مراجع كل مرتبة من مراتب المراجع اللغوية المذكورة في الدرس السابع.
ثانيا: نقل أقوال السلف في المسألة.
ثالثا: فصل أقوال السلف عن أقوال علماء اللغة.
رابعا: ترتيب النقول على التسلسل التاريخي.
خامسا: ذكر خلاصة ما تحصّل للباحث من النقول في كتب كل مرتبة.
سادسا: الإشارة إلى المراجع التي رجع إليها الباحث ولم يجد فيها ذكرا للمسألة محلّ البحث.
سابعا: الإشارة إلى المراجع التي أراد الرجوع إليها ولم يتيسّر له ذلك.


تنبيهات:
1. بعض الطلاب اقتصر على المراجع الموجودة في موقع الجمهرة، وهذه المراجع لا تكفي وحدها للبحث، بل لابد من البحث في بقية المراجع.
2. بعض الطلاب بالغ في النقل من الكتب التي تنقل أقوال السلف، فنذكّر بضرورة الاقتصار على الكتب المذكورة في نقل أقوال السلف،
وعدم الإسراف في النقل من غيرها، لأننا في مقام جمع أقوال علماء اللغة، وهي تسعة مراجع كالتالي:
جامع البيان لابن جرير، والكشف والبيان للثعلبي، والهداية لمكي بن أبي طالب، والنكت والعيون للماوردي، والمحرر الوجيز لابن عطية، وزاد المسير لابن الجوزي، وأحكام القرآن للقرطبي، وتفسير ابن كثير، والدرّ المنثور للسيوطي.

3. ضرورة الرجوع إلى الكتب التي تتعلّق بنوع المسألة وهي المشار إليها في المرتبة الخامسة من المراجع، لأن بعض الطلاب اقتصر على كتب المراتب الأربعة الأولى فقط.

4. فصل أقوال السلف عن أقوال علماء اللغة، لأجل الموازنة بين الأقوال من المصادر اللغوية وبين أقوال السلف وهل بينها تعارض أو لا.

وقد أحسنت الطالبتان حنان علي محمود، و رضوى محمود في أداء التطبيق.
وبقية التطبيقات جيّدة -بحمد الله- وننتظر بقية الخطوات لأنها مهمّة جدا للباحث، واستدراك بعض الملاحظات عند البعض مما ذكر في التنبيهات أعلاه.


التقويم:
1: حنان علي محمود أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ويراعى مستقبلا -إن شاء الله- البحث في جميع كتب كل مرحلة، إلا أن يتعذّر البحث فتجب الإشارة إلى ذلك في نهاية البحث.

2: رضوى محمود أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأرجو أن تكون مهارات البحث أيسر مستقبلا لتتمكّني من الوقوف على عدد أكبر من المراجع.


بارك الله فيكم ووفقكم لما يحبه ويرضاه.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 صفر 1439هـ/30-10-2017م, 12:58 AM
ندى علي ندى علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 311
افتراضي

معنى ضريع في قوله تعالى : { ليس لهم طعام إلا من ضريع }


أقوال السلف في المسألة :
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت310هـ) :وقوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) يقول: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة طعام، إلا ما يطعمونه من ضريع. والضريع عند العرب: نبت يقال له الشبرق، وتسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشبرق، وهو سم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: الضريع: الشبرق.
حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسدي، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهاني، عن عكرمة في قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: الشبرق.
حدثني يعقوب، قال: ثنا إسماعيل بن علية، عن أبي رجاء، قال: ثني نجدة، رجل من عبد القيس عن عكرمة، في قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: هي شجرة ذات شوك، لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمتها قريش الشبرق، فإذا هاج العود سمتها الضريع.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: الشبرق.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ضريع) قال: الشبرق اليابس.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إلا من ضريع) قال: هو الشبرق إذا يبس يسمى الضريع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) يقول: من شر الطعام، وأبشعه وأخبثه.
طعام إلا من ضريع) قال: الشبرق.
وقال آخرون: الضريع: الحجارة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: الحجارة.
وقال آخرون: الضريع: شجر من نار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) يقول: شجر من نار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال: الضريع: الشوك من النار. قال: وأما في الدنيا فإن الضريع: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار [تفسير الطبري 24/384-385]

قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي(ت:427هـ):لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.
وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع،
وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار»
[138] «1» سمّاه النبيّ ضريعا، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئا، إلّا أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.
وقال أبو الدرداء والحسن: يقبّح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم «2» القبيح في الدنيا، ويحسن وجوه أهل الجنّة يشبّهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأنّ الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بالضريع ويستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة، ثمّ يسقون من عين آنية لا هنيّة ولا مريّة، فكلّما أدنوه من وجوههم سلخ جلود وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطّعها، فذلك قوله سبحانه:
وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ.
قال المفسّرون: فلمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ويقول: فإنّ الإبل ترعاه ما دام رطبا، فإذا يبس فلا يأكله شيء ورطبه يسمّى شبرقا لا ضريعا. [الكشف والبيان 10/188]

قال مكي بن أبي طالب القيسي(ت:437هـ): أي: (ليس) لأصحاب هذه (الوجوه) الخاشعة - وهم الكفار - طعام يطعمونه في النار إلا طعام من ضريع.
قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار ".
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس [ولا ورق فيه].
وقال عكرمة: الضريع: الحجارة.
وقال الحسن: الضريع: الزقوم وعنه أيضاً: الضريع: الذي يضرع ويذل من أكله لمرارته وخشونته.
وقال عطاء: الضريع: الشبرق. وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعلى هذا القول كثير من أهل اللغة، والشبرق: [شجر] كثير الشوك
تعافه الإبل، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم الشبرق.
وقيل: الضريع واد في جهنم. وقد أخبر الله في هذه الآية بأن لا طعام لهم إلا طعام من ضريع، فأثبت لهم طعاماً، وقال في موضع آخر {فَلَيْسَ لَهُ اليوم هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 35 - 36].
فظاهره أنه قد أوجب لهم طعاما من غسلين فهذاك خلاف ذلك في الظاهر. المعنى في ذلك التقدير: فليس له اليوم هاهنا شراب حميم إلا من غسلين ولا طعام يتنفع به.
(وقيل): الغسلين من الضريع.
وقيل: الغسلين لقوم والضريع لآخرين. [الهداية إلى بلوغ النهاية 12/8222]


قال علي بن محمد بن حبيب الماوردي(ت:450هـ): ({ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ} فيه ستة أقاويل: أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق , كثيرة الشوك , قاله ابن عباس , قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع , قال الشاعر:
(رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعاً نازعته النحائص)
الثاني: السّلم , قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك. الثالث: أنها الحجارة , قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق , حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب. الخامس: أنه شجر من نار , قاله ابن زيد. السادس: أن الضريع بمعنى المضروع , أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه , قاله ابن بحر.[النكت والعيون 6/220]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :واختلف الناس في «الضريع» ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين: هو الزقوم، لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم، وقال سعيد بن جبير «الضريع» : الحجارة. وقال مجاهد وابن عباس وقتادة وعكرمة:
«الضريع» شبرق النار، وقال أبو حنيفة: «الضريع» الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي: [الطويل]
وحبسن في هزم الضريع فكلها ... جرباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان منه الخائض
وقيل «الضريع» : العشرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الضريع» : شوك في النار، وقال بعض اللغويين: «الضريع» يبيس العرفج إذا تحطم، وقال آخرون: هو رطب العرفج، وقال الزجاج: هو نبت كالعوسج، وقال بعض المفسرين: «الضريع» نبت في البحر أخضر منتن مجوف مستطيل له بورقية كثيرة، وقال ابن عباس: «الضريع» : شجر من نار. وكل من ذكر شيئا مما ذكرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد، وكل ما في النار فهو نار. وقال قوم: ضَرِيعٍ واد في جهنم، وقال جماعة من المتأولين:
«الضريع» طعام أهل النار ولم يرد أن يخصص شيئا مما ذكرناه، وقال بعض اللغويين: وهذا لا تعرفه العرب، وقيل: «الضريع» : الجلدة التي على العظم تحت اللحم، ولا أعرف من تأول الآية بهذا، وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة، واختلف في المعنى الذي سمي ضريعا فقيل هو ضريع بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب: «ما لي أراهما ضارعين» ؟ يريد هزيلين، ومن فعيل بمعنى مفعل قول عمرو بن معد يكرب: [الوافر] أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
يريد السمع، وقيل ضَرِيعٍ فعيل من المضارعة، أي الاشتباه لأنه يشبه المرعى الجيد ويضارعه في الظاهر وليس به. [المحرر الوجيز 5/473]

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي(ت:597هـ):قوله عزّ وجلّ: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ فيه ستة أقوال: أحدها: أنه نبت ذو شوك لاطئ بالأرض، وتسميه قريش «الشِّبْرِق» فإذا هاج سموه: ضريعاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة. والثاني: أنه شجر من نار، رواه الوالبي عن ابن عباس. والثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير. والرابع: أنه السَّلَم، قاله أبو الجوزاء. والخامس: أنه في الدنيا: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة شوك من نار، قاله ابن زيد. والسادس: أنه طعام يضرعون إلى الله تعالى منه، قاله ابن كيسان.
قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله تعالى: لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وكُذِّبوا، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطباً، وحينئذ يسمَّى شِبْرِقاً، لا ضريعاً، فإذا يبس وسمّي ضريعاً لم يأكله شيء.
فإن قيل: إنه قد أخبر في هذه الآية: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وفي مكان آخر وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ «1» فكيف الجمع بينهما؟
فالجواب: أن النار دركات، وعلى قدر الذنوب تقع العقوبات، فمنهم من طَعامُهُ الزَّقُّوم، ومنهم مَنْ طعامه غِسْلين، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم مَنْ شَرَابُهُ الصَّديد. قاله ابن قتيبة. [زاد المسير 4/435]

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي(ت:671هـ):قَوْلُهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَهُمْ أَيْ لِأَهْلِ النَّارِ. طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَمَّا ذَكَرَ شَرَابَهُمْ ذَكَرَ طَعَامَهُمْ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: الضَّرِيعُ: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ لَاصِقٌ بِالْأَرْضِ، تُسَمِّيهِ قُرَيْشٌ الشِّبْرِقَ إِذَا كَانَ رَطْبًا، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّرِيعُ، لَا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ وَلَا بَهِيمَةٌ وَلَا تَرْعَاهُ، وَهُوَ سَمٌّ قَاتِلٌ، وَهُوَ أَخْبَثُ الطَّعَامِ وَأَشْنَعُهُ، عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ رَوَى عن ابن عباس قال: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، مِنْ أَقْوَاتِ الانعاملَا النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِلُ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ نَبْتٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: «1»
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ «2» النَّحَائِصُ
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ «3» وَذَكَرَ إِبِلًا وَسُوءَ مَرْعَاهَا:
وَحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ «4»
وَقَالَ الْخَلِيلُ: الضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخْضَرُ مُنْتِنُ الرِّيحِ، يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ. وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ شَجَرٌ مِنْ نَارٍ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا لَأَحْرَقَتِ الْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْحِجَارَةُ، وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (الضريع: شي يَكُونُ فِي النَّارِ، يُشْبِهُ الشَّوْكَ، أَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَحَرُّ مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ ضَرِيعًا (. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ الْمُتَوَكِّلَ بْنَ حَمْدَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الضَّرِيعَ شَجَرَةٌ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، حَمْلُهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ، أَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الصَّبْرِ، فَذَلِكَ طَعَامُهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ بَعْضُ مَا أَخْفَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ طَعَامٌ يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَعُ فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ، لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَتِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، أَيْ مَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: هُوَ الزَّقُّومُ. وَقِيلَ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي موضع
آخَرَ: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ. وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ «1» [الحاقة: 36 - 35]. وَقَالَ هُنَا: إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وَهُوَ غَيْرُ الْغِسْلِينِ. وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ النَّارَ دَرَكَاتٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الزَّقُّومُ، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الْغِسْلِينُ، وَمِنْهُمْ مَنْ طَعَامُهُ الضَّرِيعُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابُهُ الْحَمِيمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَابُهُ الصَّدِيدُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الضَّرِيعُ فِي دَرَجَةٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ، وَالزَّقُّومُ فِي دَرَجَةٍ أُخْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَتَانِ عَلَى حَالَتَيْنِ كَمَا قَالَ: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ «2» [الرحمن: 44]. الْقُتَبِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّرِيعُ وَشَجَرَةُ الزَّقُّومِ نَبْتَيْنِ مِنَ النَّارِ، أَوْ مِنْ جَوْهَرٍ لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ. وَكَذَلِكَ سَلَاسِلُ النَّارِ وَأَغْلَالُهَا وَعَقَارِبُهَا وَحَيَّاتُهَا، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى مَا نَعْلَمُ مَا بَقِيَتْ عَلَى النَّارِ. قَالَ: وَإِنَّمَا دَلَّنَا اللَّهُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَهُ، بِالْحَاضِرِ عِنْدَنَا، فَالْأَسْمَاءُ مُتَّفِقَةُ الدَّلَالَةِ، وَالْمَعَانِي مُخْتَلِفَةٌ. وَكَذَلِكَ مَا فِي الْجَنَّةِ مِنْ شَجَرِهَا وَفُرُشِهَا. الْقُشَيْرِيُّ: وَأَمْثَلُ مِنْ قَوْلِ الْقُتَبِيِّ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ الَّذِي يُبْقِي الْكَافِرِينَ فِي النَّارِ لِيَدُومَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ، يُبْقِي النَّبَاتَ وَشَجَرَةَ الزَّقُّومِ فِي النَّارِ، لِيُعَذِّبَ بِهَا الْكُفَّارَ. وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الضَّرِيعَ بِعَيْنِهِ لَا يَنْبُتُ فِي النَّارِ، وَلَا أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَهُ. فَالضَّرِيعُ مِنْ أَقْوَاتِ الْأَنْعَامِ، لَا مِنْ أَقْوَاتِ النَّاسِ. وَإِذَا وَقَعَتِ الْإِبِلُ فِيهِ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا، فَأَرَادَ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقْتَاتُونَ بِمَا لَا يُشْبِعُهُمْ، وَضَرَبَ الضَّرِيعَ لَهُ مَثَلًا، أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالْجُوعِ كَمَا يُعَذَّبُ مَنْ قُوتُهُ الضَّرِيعُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: وَهَذَا نَظَرٌ سَقِيمٌ مِنْ أَهْلِهِ وَتَأْوِيلٌ دنئ، كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ تَحَيَّرُوا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الَّذِي أَنْبَتَ فِي هَذَا التُّرَابِ هَذَا الضَّرِيعَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْبِتَهُ فِي حَرِيقِ النَّارِ، جَعَلَ لَنَا فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا، فَلَا النَّارُ تُحْرِقُ الشَّجَرَ، وَلَا رُطُوبَةُ الْمَاءِ فِي الشَّجَرِ تُطْفِئُ النَّارَ، فَقَالَ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «3» [يس: 80]. وَكَمَا قِيلَ حِينَ نَزَلَتْ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ «4» [الاسراء: 97]: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وجوههم؟ فقال: [الذيأَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ [. فَلَا يَتَحَيَّرُ فِي مِثْلِ هَذَا إلا ضعيف القلب. أو ليس قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً «1» غَيْرَها [النساء: 56]، وقال: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ «2» [إبراهيم: 50]، وقال: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا «3» [المزمل: 12] أَيْ قُيُودًا. وَجَحِيماً (12) وَطَعاماً ذَا غُصَّةٍ (13) قِيلَ: ذَا شَوْكٍ. فَإِنَّمَا يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بِهَذِهِ الأشياء.[أحكام القرآن 20/29-32]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت774هـ) :وقوله تَعَالَى: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: شجر من النار، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الزَّقُّومُ، وَعَنْهُ أَنَّهَا الْحِجَارَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو الْجَوْزَاءِ وَقَتَادَةُ: هُوَ الشِّبْرِقُ، قَالَ قَتَادَةُ: قُرَيْشٌ تُسَمِّيهِ فِي الرَّبِيعِ الشِّبْرِقُ وَفِي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ، قَالَ عِكْرِمَةُ: وَهُوَ شَجَرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ لَاطِئَةٌ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «2» : قَالَ مُجَاهِدٌ: الضَّرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ وَهُوَ سُمٌّ، وَقَالَ مَعْمَرٌ عن قتادة هُوَ الشِّبْرِقُ إِذَا يَبِسَ سُمِّي الضَّرِيعَ، وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ مِنْ شَرِّ الطَّعَامِ وَأَبْشَعِهِ وَأَخْبَثِهِ [تفسير القرآن العظيم 8/377]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ[الدر المنثور: 15 / 381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: حديثُ الساعَةِ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛ قالَ: ذَلِيلَةٌ في النارِ، {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَكَبَّرَتْ في الدنيا عن طاعةِ اللَّهِ فأَعْمَلَهَا وأَنْصَبَهَا في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: أَنَى طَبْخُها مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السماواتِ والأرضَ، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ؛ شَرُّ الطعَامِ وأَبْشَعُه وأَخْبَثُه[الدر المنثور: 15 / 381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَة في قَوْلِهِ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: عامِلَةٌ في الدنيا بالمعاصِي، تَنْصِبُ في النارِ يومَ القيامةِ، {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ[الدر المنثور: 15 / 381]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}؛ قالَ: حَارَّةً، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: انْتَهَى حَرُّهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يَقُولُ: مِن شَجَرٍ مِنْ نَارٍ[الدر المنثور: 15 / 382]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وهَنَّادٌ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحانَ شُرْبُها، وفي قَوْلِهِ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ [الدر المنثور: 15 / 383]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ} قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ[الدر المنثور: 15 / 384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ قالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ في الرَّبِيعِ الشِّبْرِقُ، وفي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ[الدر المنثور: 15 / 384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ فال: الضَّرِيعُ: الشِّبرِقُ شجرةٌ ذاتُ شوكٍ لاطئةٌ بالأرضِ[الدر المنثور: 15 / 284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي الجَوْزَاءِ قال: الضَّرِيعُ: السُّلاءُ، وهو الشَّوْكُ، وكيفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامُهُ الشَّوكَ؟[الدر المنثور: 15 / 284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: مِن حِجَارَةٍ[الدر المنثور: 15 / 384]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الزَّقُّوم [الدر المنثور: 15 / 284]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدَّرْدَاءِ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ حَتَّى يَعْدِلَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ[الدر المنثور: 15 / 384-385]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:«شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ شِبْهُ الشَّوْكِ، أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ الضَّرِيعَ، إِذَا طَعِمَهُ صَاحِبُهُ لاَ يَدْخُلُ الْبَطْنَ وَلاَ يَرْتَفِعُ إِلَى الْفَمِ، فَيَبْقَى بَيْنَ ذَلِكَ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ[الدر المنثور: 15 / 385]

جمع أقوال أهل اللغة :
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ): (وقوله عز وجل: {لّيس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ...}؛ وهو نبت يقال له: الشّبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، وهو سم). [معاني القرآن: 3/ 257]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ): ({إلاّ من ضريعٍ}الضريع عند العرب الشبرق شجر). [مجاز القرآن: 2/ 296]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ): (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت). [كتاب الجيم: 2/ 201]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({ضريع}: ذكروا أنه يبيس الشجر، وقالوا (الضريع): نبت يقال له الشرق. وذكروا أن بعض البحار يقذف في كل سنة ورقا ليست له قوة). [غريب القرآن وتفسيره: 426]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

وحبسن في هزم الضريع فكلها ....... حدباء بادية الضلوع جدود

(الضريع) يابس العشرق، وقالوا: الشبرق). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 598]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((والضّريع: نبت يكون بالحجاز، يقال لرطبه: الشّبرق، لا يسمن ولا يشبع، قال امرؤ القيس فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم ... غوارب رمل ذي ألاء وشبرق
والعرب تصفه بذلك. [تأويل مشكل القرآن 48]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبر [تفسير غريب القرآن: 525]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ({ليس لهم طعام إلّا من ضريع (6)}يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}). [معاني القرآن: 5/ 318]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): ( ومن الأضداد أيضا قول العرب: زيد أعقل الرجلين، إذا كانا عاقلين؛ إلا أن أحدهما أكثر عقلا من الآخر، وزيد أعقل الرجلين إذا كان أحدهما عاقلا والآخر أحمق، فأما المعنى الأول فلا يحتاج فيه إلى شاهد لشهرته عند عوام الناس وخواصهم، وأما المعنى الآخر فشاهده قول الله عز وجل: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا}.
قال الفراء: قال بعض المشيخة: يروى أنه يفرغ من حساب الناس في النصف من ذلك اليوم، ثم يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
قال الفراء: وأصحاب الكلام إذا اجتمع لهم عاقل وأحمق لم يقولوا: هذا أعقل الرجلين؛ إلا أن يكون الرجلان عاقلين؛ أحدهما أزيد عقلا من الآخر، قال: فقول الله عز وجل: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا}، يدلك
على خطئهم؛ لأن أهل النار ليس في مستقرهم من الخير شيء.
وقال غير الفراء: معنى الآية التشبيه والتمثيل، وذلك أن الكفار كانوا يناظرون المسلمين، فيقول بعضهم: حظنا من الآخرة مثل حظكم؛ ونحن نصير منها إلى مثل ما يصير إلى صلحاؤكم من الكرامة والزلفى والغبطة، الدليل على هذا قوله عز ذكره: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا}إلى قوله: {ويأتينافردا}، فنزول هذه الآيات في خباب والعاص بن وائل، قال خباب: كنت قينا في الجاهلية، فاجتمعت لي على العاص بن وائل دراهم، فأتيته أتقاضاه، فقال: لا أقضيك حتى تكفر بمحمد عليه السلام، فقلت: لا أكفر به، حتى تموت ثم تبعث، قال: وإني لمبعوث؟ قلت: نعم، قال: فسيكون لي ثم منزل ومال، فأقضيك دراهمك، فأنزل الله عز وجل هذا فيه، وقال: {أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا}أي قد ادعوا –أعني الكفار- أن لهم في الجنة مقيلا ومستقرا، فمستقر المؤمنين خير من مستقرهم في حقيقة الأمر على دعواهم وظنهم، لا أن الله عز وجل ثبت أن للكفار في الجنة مستقرا.
وفي المسألة جواب ثالث؛ وهو أصحاب الجنة: لو كان لأصحاب النار وأصحابها مستقر فيه خير، لكان مستقر أصحاب الجنة خيرا منه لاتصال نعيمهم؛ ولانقطاع الراحة التي يجدها أهل النار في النار إن كانت؛ وهي مما لا يكون، فجرى مجرى قول العرب: ما لفلان عيب إلا السخاء، أي من السخاء عيبه فلا عيب له.
وقد خرج بعضهم قول الله عز وجل: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}، من هذا المعنى فقال: التأويل: من الضريع طعامه فلا طعام له. ومنه قول العرب: ما لفلان راحة إلا السير والعمل؛ أي من هذان راحته فهو غير مستريح). [كتاب الأضداد: 316-318] (م)
قال محمد بن عُزير السجستاني ( ت:330) : ضَرِيع: نبت بالحجاز يُقَال لرطبه الشبرق.[غريب القرآن 314]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ): (والضريع العوسج الرطب، وهو نبات في النار، شبيه العوسج). [ياقوتة الصراط: 573]
قال أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي (ت: 395هـ) : الضاد والراء والعين أصل صحيح يدل على لين في الشيء. من ذلك ضرع الرجل ضراعة، إذا ذل. ورجل ضرع. ضعيف، قال ابن وعلة:
أناة وحلما وانتظارا بهم غدا ... فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر
ومن الباب ضرع الشاة وغيره، سمي بذلك لما فيه من لين. ويقال: أضرعت الناقة، إذا نزل لبنها عند قرب النتاج. فأما المضارعة فهي التشابه بين الشيئين. قال بعض أهل العلم: اشتقاق ذلك من الضرع، كأنهما ارتضعا من ضرع واحد. وشاة ضريع: كبيرة الضرع، وضريعة أيضا. ويقال لناحل الجسم: ضارع. وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ابني جعفر: «ما لي أراهما ضارعين؟» .
ومما شذ عن هذا الباب: الضريع، وهو نبت. وممكن أن يحمل على الباب فيقال ذلك لضعفه، إذا كان لا يسمن ولا يغني من جوع. وقال:
وتركن في هزم الضريع فكلها ... حدباء دامية اليدين حرود [مقاييس اللغة 3/396 ]

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضَّرِيع):نبت بالحجاز، يقال لرطبه الشِّبْرِق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 300]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( (الضَرِيعٍ): نبت). [العمدة في غريب القرآن: 344]
قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (ت: 458هـ) :والضَّريع: نَبَات أَخْضَر منتن خَفِيف، يرْمى بِهِ الْبَحْر، وَله جَوف. وَقيل: هُوَ يبيس العرفج والخلة. وَقيل: مَا دَامَ رطبا فَهُوَ ضَرِيع، فَإِذا يبس فَهُوَ الشبرق. قَالَ الزّجاج: وَهُوَ شوك كالعوسج. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الضَّريع: الشبرق، وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا. وَفِي التَّنْزِيل: (ليسَ لهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيع، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي من جُوع) وَقَالَ ابْن عيزارة الْهُذلِيّ:
وحُبِسْن فِي هَزْم الضَّريع فكلُّها ... حَدْباءُ دَاميةُ اليَدَيْنِ حَرُودُ
وَقيل: الضَّريع: طَعَام أهل النَّار. وَهَذَا لَا تعرفه الْعَرَب. والضَّرِيعُ: القشر الَّذِي على الْعظم، تَحت اللَّحْم. وَقيل: هُوَ جلد على الضلع.[ المحكم والحيط الأعظم 1/ 405]

قال محمود بن عمرو الزمخشري ( ت 538 هـ ) : الضريع يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب:
رعى الشيرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان عنه النحائص
وقال: وحبسن في هزم الضريع فكلها ... حدباء دامية اليدين حرود
فإن قلت: كيف قيل ليس لهم طعام إلا من ضريع وفي الحاقة ولا طعام إلا من غسلين؟
قلت: العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم. أكلة الزقوم. ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع: لكل باب منهم جزء مقسوم. لا يسمن مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام. أو ضريع، يعنى: أن طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به. وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه. ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه: وهما إماطة الجوع، وإفادة القوة والسمن في البدن. أو أريد: أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد: نفى الظل على التوكيد. وقيل: قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت لا يسمن فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر، فيرد قولهم بنفي السمن والشبع، وإما أن يصدقوا فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع.[ الكشاف 4 / 743]
قال محمد بن مكرم بن على (ت: 711هـ) : والضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ، وَقِيلَ: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وَقِيلَ: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا. وَفِي التنزيل: يْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها: وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ [ لسان العرب 8/ 224 ]

قال أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان (ت 745 هـ) : الضَّرِيعُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَظُنُّهُ صَاحِبَ النَّبَاتِ، الضَّرِيعُ: الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سُوءٍ لَا تَعْقِدُ السَّائِمَةُ عَلَيْهِ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَزَارَةَ الْهُذَلِيِّ:
وَحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَصَارَ ضَرِيعًا بَانَ عَنْهُ النَّحَائِصُ
وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: يَبِيسُ الْعَرْفَجِ إِذَا تَحَطَّمَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ نَبْتٌ كَالْعَوْسَجِ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ: نَبْتٌ أَخْضَرُ مُنْتِنُ الرِّيحِ يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ. [ البحر المحيط 10 /461]

قال أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان (ت 745 هـ) : وَالضَّرِيعُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَجَرٌ مِنْ نَارٍ.
وَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَجَمَاعَةٌ الزَّقُّومُ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: حِجَارَةٌ مِنْ نَارٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وقتادة وعكرمة ومجاهد: شِبْرِقُ النَّارِ. وَقِيلَ: الْعَبَشْرَقُ. وَقِيلَ: رَطْبُ الْعَرْفَجِ، وَتَقَدَّمَ مَا قِيلَ فِيهِ فِي الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. وَالضَّرِيعُ، إِنْ كَانَ الْغِسْلِينَ وَالزَّقُّومَ، فَظَاهِرٌ وَلَا يَتَنَافَى الْحَصْرُ فِي إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ، وإِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ. وَإِنْ كَانَتْ أَغْيَارًا مُخْتَلِفَةً، وَالْجَمْعُ بِأَنَّ الزَّقُّومَ لِطَائِفَةٍ، وَالْغِسْلِينَ لِطَائِفَةٍ، وَالضَّرِيعَ لِطَائِفَةٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا يُسْمِنُ مَرْفُوعُ الْمَحَلِّ أو مجروره على وصف طَعَامٍ أَوْ ضَرِيعٍ، يَعْنِي أَنَّ طَعَامَهُمْ مِنْ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ مَطَاعِمِ الْإِنْسِ وَإِنَّمَا هُوَ شَوْكٌ، وَالشَّوْكُ مما ترعاه الإبل وتتولع بِهِ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنْهُ تَنْفِرُ عَنْهُ وَلَا تَقْرَبُهُ، وَمَنْفَعَتَا الْغِذَاءِ مُنْتَفِيَتَانِ عَنْهُ، وَهُمَا إِمَاطَةُ الْجُوعِ وَإِفَادَةُ الْقُوَّةِ، وَالسِّمَنُ فِي الْبَدَنِ، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: مَرْفُوعُ الْمَحَلِّ أو مجروره على وصف طَعَامٍ أَوْ ضَرِيعٍ. أَمَّا جَرُّهُ عَلَى وَصْفِهِ لِضَرِيعٍ فَيَصِحُّ، لِأَنَّهُ مُثْبَتٌ مَنْفِيٌّ عَنْهُ السِّمَنُ وَالْإِغْنَاءُ مِنَ الْجُوعِ. وَأَمَّا رَفْعُهُ عَلَى وَصْفِهِ لِطَعَامٍ فَلَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الطَّعَامَ مَنْفِيٌّ وَلَا يُسْمِنُ، مَنْفِيٌّ فَلَا يَصِحُّ تَرْكِيبُهُ، إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، فَيَصِيرُ الْمَعْنَى: أَنَّ لَهُمْ طَعَامًا يُسْمِنُ وَيُغْنِي مِنْ جُوعٍ مِنْ غَيْرِ ضَرِيعٍ، كَمَا تَقُولُ: لَيْسَ لِزَيْدٍ مَالٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا مِنْ مَالِ عَمْرٍو، فَمَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ مَالًا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَالِ عَمْرٍو. وَلَوْ قِيلَ: الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ صِفَةً لِلْمَحْذُوفِ الْمُقَدَّرِ فِي إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ كَانَ صَحِيحًا، لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنِ اسْمِ لَيْسَ، أَيْ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا كائن مِنْ ضَرِيعٍ، إِذِ الْإِطْعَامُ مِنْ ضَرِيعٍ غَيْرُ مُسْمِنٍ وَلَا مُغْنٍ مِنْ جُوعٍ، وَهَذَا تَرْكِيبٌ صَحِيحٌ وَمَعْنًى وَاضِحٌ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ أُرِيدَ أَنْ لَا طَعَامَ لَهُمْ أَصْلًا، لِأَنَّ الضَّرِيعَ لَيْسَ بِطَعَامٍ لِلْبَهَائِمِ فَضْلًا عَنِ الْإِنْسِ، لِأَنَّ الطَّعَامَ مَا أَشْبَعَ وَأَسْمَنَ، وَهُوَ مِنْهُمَا بِمَعْزِلٍ. كَمَا تَقُولُ: لَيْسَ لِفُلَانٍ ظِلٌّ إِلَّا الشَّمْسُ، تُرِيدُ نَفْيَ الظِّلِّ عَلَى التَّوْكِيدِ. انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا، إِذْ لَمْ يَنْدَرِجِ الْكَائِنُ مِنَ الضَّرِيعِ تَحْتَ لَفْظَةِ طَعَامٍ، إِذْ لَيْسَ بِطَعَامٍ. وَالظَّاهِرُ الِاتِّصَالُ فِيهِ. وَفِي قَوْلِهِ: وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ، لِأَنَّ الطَّعَامَ هُوَ مَا يَتَطَعَّمُهُ الْإِنْسَانُ، وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُسْتَلَذِّ وَالْمَكْرُوهِ وَمَا لَا يُسْتَلَذُّ وَلَا يُسْتَكْرَهُ. [ البحر المحيط 10 /462- 463]

قال أبو العباس أحمد بن يوسف (ت: 756هـ): قوله: {ضَرِيعٍ} : هو شجرٌ في النار. وقيل: حجارةٌ. وقيل: هو الزَّقُّوم. وقال أبو حنيفة: «هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً. قال الهذليُّ:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها ... حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
وقال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى ... وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم. وقال الخليل:» نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك. [الدر المصون 10 / 767]

قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني (ت: 1205هـ):قَالَ تَعَالَى: لَيْسَ لهُم طَعامٌ إلاّ مِنْ ضَريعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ الضَّريعُ، كأَميرٍ: الشِّبْرِقُ، قَالَه أَبو حنيفةَ، وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: هُوَ نَبْتٌ بالحِجازِ، لَهُ شَوكٌ كِبارٌ يُقَال لَهُ: الشِّبرِق، أَو يَبيسُه، نَقله الجَوْهَرِيّ، أَو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُه يُسَمَّى ضَريعاً، عندَ أَهل الحِجازِ، قَالَه الفَرَّاءُ، لَا تَقرَبُه دابَّةٌ لِخُبْثِه، قَالَ أَبو حنيفةَ: هُوَ مَرعى سَوْء، لَا تَعقِدُ عَلَيْهِ السَّائمَةُ شَحماً وَلَا لَحْماً، فإنْ لَمْ تُفارِقْه إِلَى غيرِه ساءَ حالُها، قَالَ قيسُ بنُ العَيزارَةِ يصف الإبِلَ وسوءَ مَرعاها:
(وحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّريع وكُلُّها ... حَدباءُ داميَةُ اليَدَينِ حَرودُ) [تاج العروس 21 / 407 ]

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت : 1393هـ): وَالضَّرِيعُ: يَابِسُ الشِّبْرِقِ (بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ) وَهُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ إِذَا كَانَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ سُمِّيَ ضَرِيعًا وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَسْمُومًا وَهُوَ مَرْعًى لِلْإِبِلِ وَلِحُمُرِ الْوَحْشِ إِذَا كَانَ رَطْبًا، فَمَا يُعَذَّبُ بِأَهْلِ النَّارِ بِأَكْلِهِ شُبِّهَ بِالضَّرِيعِ فِي سُوءِ طَعْمِهِ
وَسُوءِ مَغَبَّتِهِ.
وَقِيلَ: الضَّرِيعُ اسْمٌ سَمَّى الْقُرْآنُ بِهِ شَجَرًا فِي جَهَنَّمَ وَأَنَّ هَذَا الشَّجَرَ هُوَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ الْغِسْلِينُ الْوَارِدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ [الحاقة: 35، 36] وَعَلَيْهِ فَحَرْفُ مِنْ لِلِابْتِدَاءِ، أَيْ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ الضَّرِيعِ وَالْخَارِجُ هُوَ الْغِسْلِينُ وَقَدْ حَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ.
وَوَصْفُ ضَرِيعٍ بِأَنَّهُ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ لِتَشْوِيهِهِ وَأَنَّهُ تَمَحُّضٌ لِلضُّرِّ فَلَا يَعُودُ عَلَى آكِلِيهِ بِسِمَنٍ يُصْلِحُ بَعْضَ مَا الْتَفَحَ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ دَفْعَ أَلَمِ الْجُوعِ[التحرير والتنوير 30 / 297 ]

المصادر التي رجع إليها:
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف: جامع البيان لابن جرير، والكشف والبيان للثعلبي، والهداية لمكي بن أبي طالب، والنكت والعيون للماوردي، والمحرر الوجيز لابن عطية، وزاد المسير لابن الجوزي، وأحكام القرآن للقرطبي، وتفسير ابن كثير.
ومن المرتبة الأولى: معاني القرآن، لأبي زكريا الفراء، ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، وتأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة ، ومعاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج،
ولم أجد ذكرا للمسألة في كل من : تفسير القرآن ليحيى بن سلام البصري،ومعاني القرآن، للأخفش الأوسط، ومعاني القرآن، لأبي جعفر النحاس.
ومن المرتبة الثانية: تفسير غريب القرآن، لابن قتيبة ، وغريب القرآن وتفسيره، لليزيدي، ونزهة القلوب، لابن عزيز السجستاني، وياقوتة الصراط، لأبي عمر الزاهد ، وتفسير المشكل من غريب القرآن، لمكي بن أبي طالب ، والعمدة في غريب القرآن له أيضاً.
ومن المرتبة الثالثة: كتاب الجيم لإسحاق الشيباني ، شرح أشعار الهذليين للحسن السكري ، وكتاب الأضداد لمحمد الأنباري.
ومن المرتبة الرابعة: الكشّاف للزمخشري ، والبحر المحيط لأبي حيّان، والدرّ المصون للسمين الحلبي، والتحرير والتنوير لابن عاشور.
ولم أجد فيما جمع من تفسير ابن القيم ذكر للمسألة .
ومن المرتبة الخامسة: تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، والمحكم لابن سيده، ولسان العرب لابن منظور، وتاج العروس للزبيدي.

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 11 صفر 1439هـ/31-10-2017م, 11:20 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم التطبيق الخامس من دورة المهارات المتقدمة في التفسير
جمع أقوال علماء اللغة



ندى علي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11 صفر 1439هـ/31-10-2017م, 11:49 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

التطبيق الثاني
2. معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
. هذه المسألة تفسيرية لغوية تتعلق ببيان معنى مفردة من مفردات القرآن، ولذلك فإنّ البحث في كتب المرتبة الخامسة سيكون في معاجم اللغة.

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):..عن معمر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، في قوله تعالى : { بنين وحفدة } ، قال : الحفدة من يخدمك من ولدك وولد ولدك . "تفسير عبد الرزاق (2/ 272)."

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):.عن ابن عيينة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، قال : قال عبد الله بن مسعود : أتدري ما الحفدة يا زر ؟ قال : قلت نعم ، هم : حفاد الرجل من ولده ، وولد ولده ، قال : لا ، هم الأصهار ..."تفسير عبد الرزاق (2/ 273)"
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ):عن ابن التيمي ، عن أبيه ، عن الحسن ، قال : الحفدة : الخدم.."تفسير عبد الرزاق (2/ 274)."

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عز وجل: {بنين وحفدةً} قال: الحفدة: الأَخْتان. وكان ابن عبّاسٍ يقول: الخدم). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 52]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطّيّبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه هم يكفرون}.
يقول تعالى ذكره: {واللّه} الّذي {جعل لكم} أيّها النّاس {من أنفسكم أزواجًا} يعني أنّه خلق من آدم زوجته حوّاء، {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً}.
-
كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي واللّه خلق آدم، ثمّ خلق زوجته منه، ثمّ جعل لكم بنين وحفدةً ".
واختلف أهل التّأويل في المعني بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرّجل على بناته.
ذكر من قال ذلك
-
حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
-
حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء، سألت عبد اللّه: " ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرّجل يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: " لا، ولكنّهم الأختان "
-
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه قال: " الحفدة: الأختان ".
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان بإسناده عن عبد اللّه، مثله
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه، قال: " الأختان "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
-
وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
-
حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: " الحفدة: الأختان "
-
حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيشٍ، قال: قال لي عبد اللّه بن مسعودٍ: " ما الحفدة يا زرّ؟ قال: قلت: هم حفاد الرّجل من ولده وولد ولده، قال: " لا، هم الأصهار ".
وقال آخرون: هم أعوان الرّجل وخدمه
ذكر من قال ذلك
-
حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
-
حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
-
حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " هم الّذين يعينون الرّجل من ولده وخدمه "
-
حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
-
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سلاّمٌ أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، مثله
-
حدّثني محمّد بن خالدٍ، قال: حدّثني سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " البنين وبني البنين، من أعانك من أهلٍ وخادمٍ فقد حفدك "
-
حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: " هم الخدم "
-
حدّثني محمّد بن خالدٍ، وابن وكيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الحفدة: الخدم "
-
حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، جميعًا عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بنين وحفدةً} قال: " ابنه وخادمه "
-
حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {بنين وحفدةً} قال: " أنصارًا، وأعوانًا، وخدّمًا "
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: " الحفدة: الخدم ".
-
حدّثنا ابن بشّارٍ، مرّةً أخرى قال: " ابنه وخادمه "
-
حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: " {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} مهنةً يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامةٌ أكرمكم اللّه بها "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
-
حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " الّذين يعينونه "
-
حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك "
-
حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن الحسن قال: " الحفدة: الخدم "
-
حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة: {بنين وحفدةً} قال: " ولده الّذين يعينونه ".
وقال آخرون: هم ولد الرّجل وولد ولده
ذكر من قال ذلك
-
حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: " هم الولد، وولد الولد "
-
حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: البنون ".
-
حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
-
حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك " قال جميل:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكّفّهنّ أزمّة الأجمال "
-
حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
-
حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: " ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور ".
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرّجل من غيره
ذكر من قال ذلك
-
حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " وقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا، ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل
وقوله: {ورزقكم من الطّيّبات} يقول: ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات
{
أفبالباطل يؤمنون} يقول تعالى ذكره: يحرّم عليهم أولياء الشّيطان من البحائر والسّوائب والوصائل، فيصدّق هؤلاء المشركون باللّه {وبنعمة اللّه هم يكفرون} يقول: وبما أحلّ اللّه لهم من ذلك وأنعم عليهم بإحلاله، {يكفرون} يقول: ينكرون تحليله، ويجحدون أن يكون اللّه أحلّه). [جامع البيان: 14/295-304]


قال أبو محمد عبد الرحمنعبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)
قوله تَعَالَى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } آية 72 .
عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ : " { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ أَنْفُسكُمْ أَزْوَاجًا } ، قَالَ : خلق آدم ، ثُمَّ خلق زوجته منه " .
قَوْلهُ تَعَالَى : { وَحَفَدَةً } .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : الأصهار " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : الولد وولده " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : بنو البنين " .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " الحفدة : بنو امرأة الرجل لَيْسُوا منه " .
عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، قَالَ : " الحفدة : الأعوان " .
عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : " الحفدة : الخدم " .
عَنْ الحسن قَالَ : " الحفدة : البنون وبنو البنين ، ومن أعانك مِنَ أهْل أو خادم فقد حفدك " . قَوْلهُ تَعَالَى : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، عَنْ قَتَادَة فِي قَوْلِهِ : " { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } قَالَ : الشرك " . " تفسير ابن أبي حاتم ) (7/ 2291)"

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بنين وحفدة يعني أنصارا وأعوانا وخدما).[تفسير مجاهد: 349]

قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو بكر بن أبي دارمٍ الحافظ، ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، حدّثني أبي، ثنا أبو معاوية، عن أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، في قوله عزّ وجلّ " {بنين وحفدةً} [النحل: 72] قال: الحفدة الأختان «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»).[المستدرك: 2/387]

قال أحمد أبو إسحاق الثعلبي (ت: 427هـ):
{
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } ، يعني : أنه خلق من آدم زوجته حوّاء ، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } . ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى : هم الأصهار أختان الرجل على بناته .
روى شعبة عن عاصم : بن بهدلة قال : سمعت زر بن حبيش وكان رجلاً غريباً أدرك الجاهلية قال : كنت أمسك على عبد الله المصحف ، فأتى على هذه الآية قال : هل تدري ما الحفدة ، قلت : هم حشم الرجل . قال عبد الله : لا ، ولكنهم الأختان . وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس .
وقال عكرمة والحسن والضحاك : هم الخدم .
مجاهد وأبو مالك الأنصاري : هم الأعوان ، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال : من أعانك حفدك .
وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهنّ أزمّة الأجمال
وقال عطاء : هم ولد الرجل ، يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه .
وقال قتادة : [ مهنة يمتهنونكم ] ، ويخدمونكم من أولادكم .
الكلبي ومقاتل : البنين : الصغار ، والحفدة : كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله .
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس : إنهم ولد الولد .
ابن زيد : هم بنو المرأة من الزوج الأوّل . وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس : هم بنو امرأة الرجل الأوّل .
وقال العتبي : أصل الحفد : مداركة الخطر والإسراع في المشي .
فقيل : لكل من أسرع في الخدمة والعمل : حفدة ، واحدهم حافد ، ومنه يقال في دعاء الوتر : إليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع إلى العمل بطاعتك .
وأنشد ابن جرير [ للراعي ] :
كلفت مجهولها نوقاً يمانية *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
{
وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } .
قال ابن عبّاس : بالأصنام .
{
وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يعني : التوحيد الباطل ، فالشيطان أمرهم بنحر : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، { وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ } ، بما أحلّ الله لهم ، { هُمْ يَكْفُرُونَ } ، يجحدون تحليله."الكشف والبيان عن تفسير القرآن (6/ 30-31 )"

قال أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي (ت: 437هـ)
ثم قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}.
قال ابن مسعود: الحفدة: الاختان. وهو قول ابن عباس وابن جبير. وعن ابن عباس: أنهم الأصهار. وقال محمد بن الحسن: الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه، والصهر من كان من قبل المرأة من الرجل. وقال ابن الأعربي ضد هذا القول في الأختان والأصهار. وقال [الأ] صمعي الختن من كان من الرجال من قبل المرأة والأصهار منهما جميعاً، وقيل: الحفدة أعوان الرجلوخدمه.
وروي عن ابن عباس أنه سئل عن الحفدة في الآية فقال: من أعانك فقد حفدك. [و] قال عكرمة: الحفدة الخدام.
[
و] عنه أيضاً الحفدة من خدمك من ولدك. وعن مجاهد أنه قال: الحفدة ابن الرجل وخادمه وأعوانه. وعن ابن عباس أيضاً هم ولد الرجل وولد ولده. وقال ابن زيد وغيره: هم ولد الرجل [و] الذين يخدمونه. وعن ابن عباس: أنه قال: هم بنو امرأة الرجل من غيره.
والحفدة: جمع حافد كفاسق / وفسقة، والحافد في كلام العرب المتخفف في الخدمة والعمل ومنه قولهم، وإليك نسعى ونحفده، أي: نسرع في العمل بطاعتك."الهداية الى بلوغ النهاية (6/ 4042-4043 )"


قال أبو الحسن علي بن محمد الماوردي (ت: 450هـ)
قوله عز وجل: {والّلهُ جَعَل لكُم مِن أنفسِكم أزواجاً}فيه وجهان: أحدهما: يعني جعل لكم من جنسكم مثلكم , فضرب المثل من أنفسكم , قاله ابن بحر. الثاني: يعني آدم خلق منه حوّاء , قاله الأكثرون. {وجعل لكم مِن أزواجكم بنين وحفدة} وفي الحفدة خمسة أقاويل:
أحدها:أنهم الأصهار أختان الرجل على بناته , قاله ابن مسعود وأبو الضحى. وسعيد بن جبير وإبراهيم , ومنه قول الشاعر:
(
ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حَفَدٌ مما يُعَدّث كثيرُ)
(
ولكنها نفس عليَّ أبيّة ... عَيُوفٌ لأَصهارِ للئام قَذور)
الثاني: أنهم أولاد الأولاد , قاله ابن عباس.
الثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره , وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
الرابع: أنهم الأعوان , قاله الحسن.
الخامس: أنهم الخدم , قاله مجاهد وقتادة وطاووس , ومنه قول جميل:
(
حفد الولائدُ حولهم وأسلمت ... بأكفهن أزِمّةَ الأجمال)
وقال طرفة بن العبد:
(
يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرماً ذلك منهم غير ذل)
وأصل الحفد الإسراع , والحفدة جمع حافد , والحافد هو المسرع في العمل , ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد , أي نسرع إلى العمل بطاعتك , منه قول الراعي:
(
كلفت مجهولها نوقاً ثمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا)
وذهب بعض العلماء في تفسير قوله تعالى{بنين وحفدة} البنين الصغار والحفدة الكبار. {ورزقكم من الطيبات}فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من الفيىء والغنيمة.
الثاني: من المباحات في البوادي.
الثالث: ما أوتيه عفواً من غير طلب ولا تعب.
{أفبالباطِل يؤمنون}فيه وجهان: أحدهما: بالأصنام. الثاني: يجحدون البعث والجزاء.
{
وبنعمة الله يكفرون} فيها وجهان:
أحدهما: بالإسلام.
الثاني: بما رزقهم الله تعالى من الحلال آفة من أصنامهم. حكاه الكلبي... " النكت والعيون (3/ 202-203)"

قال أبو المظفر، السمعاني (ت: 489ه)
قوله تعالى : ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ) ، فيهقولان :
أحدهما : أن هذا في آدم -عليه السلام- فإن الله تعالى خلق حواء من بعض أضلاعه .
والقول الثاني : خلق من أنفسكم أزواجا ، أي : من جنسكم أزواجا .
وقوله : ( وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) ،في الحفدة أقوال :
-
روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : هم : الأختان ، وعنه أيضا أنه قال : هم : الأصهار ، ومعنى الآية على هذا القول : وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهم ؛ فيحصل لكم بسببهم الأختان والأصهار .
-
وعن ابن عباس -رضي الله عنه- ومجاهد وغيرهما أنهم قالوا : الخدم ،
-
وعن الحسن البصري قال : الأعوان ، وقيل : [ أولاد ] الأولاد ، وقيل : بنو المرأة من غيره .
والحفد في اللغة : هو الإسراع في العمل ، وفي دعاء القنوت : وإليك نسعى ونحفد ، أي : نسرع ، وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزمة الأجمال
وقيل : إن البنين ، هم : الكبار ، والحفدة ، هم : الصغار ، ويقال : في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه : وجعل لكم حفدة ، ومن أزواجكم بنين . وقوله : ( ورزقكم من الطيبات ) ، يعني : من النعم الحلال .
وقوله : ( أفبالباطل يؤمنون ) ، وهذا على طريق الإنكار . وقوله : ( وبنعمة الله هم يكفرون ) ، يعني : بالإسلام هم يكفرون ، وقيل : بمحمد هم يكفرون ..":"..تفسير السمعاني (3/ 189)


قالأبو محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 510هـ)

{
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيُّ: الْحَفَدَةُ أَخْتَانُ الرَّجُلِ عَلَى بَنَاتِهِ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا: أَنَّهُمُ الْأَصْهَارُ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ، تُزَوِّجُونَهُمْ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِهِمُ الْأَخْتَانُ وَالْأَصْهَارُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَاكُ: هُمُ الْخَدَمُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: هُمُ الْأَعْوَانُ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: هُمْ وَلَدُ وَلَدِ الرَّجُلِ، الَّذِينَ يُعِينُونَهُ وَيَخْدُمُونَهُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: مَهِنَةٌ يَمْتَهِنُونَكُمْ وَيَخْدُمُونَكُمْ مِنْ أَوْلَادِكُمْ .
قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: "الْبَنِينَ": الصِّغَارُ، وَ"الْحَفَدَةُ": كِبَارُ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ عَلَى عَمَلِهِ.
وَرَوَى مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمْ وَلَدُ الْوَلَدِ.

وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنْهُ: أَنَّهُمْ بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ لَيْسُوا مِنْهُ .
{
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} مِنَ النِّعَمِ وَالْحَلَالِ، {أَفَبِالْبَاطِلِ} يَعْنِي الْأَصْنَامَ، {يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} ؟ يَعْنِي التَّوْحِيدَ وَالْإِسْلَامَ.
وَقِيلَ: "الْبَاطِلُ": الشَّيْطَانُ، أَمَرَهُمْ بِتَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَ"بِنِعْمَةِ اللَّهِ" أَيْ: بِمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ "يَكْفُرُونَ": يَجْحَدُونَ تَحْلِيلَهُ. "تفسير البغوي - طيبة (5/ 31-32 )"


قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
{
مّنْ أَنفُسِكُمْ } من جنسكم . وقيل : هو خلق حواء من ضلع آدم . والحفدة : جمع حافد ، وهو الذي يحفد ، أي : يسرع في الطاعة والخدمة . ومنه قول القانت : وإليك نسعى ونحفد ، وقال :
حَفَدَ الْوَلاَئِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَت *** بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
واختلف فيهم فقيل : هم : الأختان على البنات ،
وقيل : أولاد الأولاد ،
وقيل : أولاد المرأة من الزوج الأوّل ،
وقيل : المعنى : وجعل لكم حفدة ، أي : خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ، ويجوز أن يراد بالحفدة : البنون أنفسهم ؛ كقوله : { سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا } [ النحل : 67 ] ، كأنه قيل : وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون ، أي : جامعون بين الأمرين ، { مّنَ الطيبات } ، يريد بعضها ؛ لأنّ كل الطيبات في الجنة ، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها ، { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، وهو : ما يعتقدون من منفعة الأصنام ، وبركتها وشفاعتها . وما هو إلا وهم باطل ، لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به ، كأنه شيء معلوم مستيقن . ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل وتمييز : هم كافرون بها منكرون لها ، كما ينكر المحال الذي لا يتصوره العقول . وقيل : الباطل : يسوّل لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما . ونعمة الله : ما أحل لهم ."( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (2/ 620)"
.



قالأبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي المحاربي (ت: 542هـ)

وقوله: { والله جعل لكم } الآية ، آية تعديد نعم ، و «الأزواج » الزوجات ، ولا يترتب في هذه الآية الأنواع ولا غير ذلك ، وقوله : { من أنفسكم } ، يحتمل أن يريد خلقته حواء من نفس آدم وجسمه ، فمن حيث كانا مبتدأ الجميع ، ساغ حمل أمرهما على الجميع ، حتى صار الأمر كأن النساء خلقن من أنفس الرجال ، وهذا قول قتادة ، والأظهر عندي : أن يريد بقوله : { من أنفسكم } ، أي : من نوعكم وعلى خلقتكم ، كما قال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم } [ التوبة : 128 ] ، وقوله : { وجعل لكم من أزواجكم بنين } ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ،
واختلف الناس في قوله : { وحفدة }
فقال ابن عباس : «الحفدة » ، أولاد البنين ،
وقال الحسن : هم : بنوك وبنو بنيك ،
وقال ابن مسعود وأبو الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير : «الحفدة » : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة ،
وقال مجاهد : «الحفدة » : الأنصار والأعوان والخدم ، وحكى الزجاج : أن الحفدة البنات في قول بعضهم ، قال الزهراوي ؛ لأنهن خدم الأبوين ؛ لأن لفظة البنين لا تدل عليهن ، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تعالى : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } [ الكهف : 46 ] وإنما الزينة في الذكور ، وقال ابن عباس أيضاً : «الحفدة » ، أولاد زوجة الرجل من غيره ، ولا خلاف أن معنى الحفد : الخدمة والبر والمشي مسرعاً في الطاعة ، ومنه في القنوت : وإليك نسعى ونحفد ، والحفدان : خبب فوق المشي ، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر : [ الكامل ]
حفد الولائد بينهن وأسلمت . . . بأكفهن أزمة الأجمال
ومنه قول الآخر : [ البسيط ]
كلفت مجهولها نوقاً يمانية . . . إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال القاضي أبو محمد : وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنيت على أن كل أحد جعل له من زوجه بنون وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس ، ويحتمل عندي أن قوله : { من أزواجكم } ، إنما هو على العموم والاشتراك ، أي : من أزواج البشر جعل الله لهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، فمن لم تكن له قط زوجة ، فقد جعل الله له حفدة ، وحصل تحت النعمة ، وأولئك الحفدة هم من الأزواج ، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم ، وتستقيم لفظة «الحفدة » ، على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة ، وقالت فرقة : «الحفدة » ، هم البنون .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم ، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعواناً ، أي : وهم لهم أعوان ، فكأنه قال : وهم حفدة ، وقوله : { ورزقكم من الطيبات } ، يريد الله : من الأشياء التي تطيب لمن رزقها ، ولا يقتصر هنا على الحلال ؛ لأنهم كفار لا يكتسبون بشرع ، وفي هذه الآية رد على من قال من المعتزلة : إن الرزق إنما يكون الحلال فقط ، و { لكم } ، تعلق في لفظة { من } ، إذ هي للتبعيض ، فيقولون : ليس الرزق المعدد عليهم من جميع ما بأيديهم إلا ما كان حلالاً ، وقرأ الجمهور «يؤمنون » ، وتجيء الآية على هذه القراءة توقيفاً لمحمد صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل وكفرهم بنعمة الله ، وقرأ أبو عبد الرحمن : «تؤمنون » ، بالتاء من فوق ، ورويت عن عاصم على معنى : قل لهم يا محمد ، ويجيء قوله بعد ذلك : { وبنعمت الله هم يكفرون } ، إخباراً مجرداً عنهم وحكماً عليهم لا توقيفاً ، وقد يحتمل التوقيف أيضاً على قلة اطراد في القول. "(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (3/ 408)"

قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ):

قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، يعني : النساء .
وفي معنى : { مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، قولان :
أحدهما : أنه خلق آدم ، ثم خلق زوجته منه ، قاله قتادة .
والثاني : { من أنفسكم } ، أي : من جنسكم من بني آدم ، قاله ابن زيد . وفي الحفدة خمسة أقوال :
أحدها : أنهم الأصهار ، أختان الرجل على بناته ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس في رواية ، ومجاهد في رواية ، وسعيد بن جبير ، والنخعي ، وأنشدوا من ذلك :
ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية *** عيوف لأصهار اللئام قذور
والثاني : أنهم : الخدم ، رواه مجاهد عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد في رواية الحسن ، وطاوس وعكرمة في رواية الضحاك ، وهذا القول يحتمل وجهين : أحدهما : أنه يراد بالخدم : الأولاد ، فيكون المعنى : أن الأولاد يخدمون . قال ابن قتيبة : الحفدة : الخدم والأعوان ، فالمعنى : هم بنون ، وهم خدم . وأصل الحفد : مداركة الخطو والإسراع في المشي ، وإنما يفعل الخدم هذا ، فقيل لهم : حفدة . ومنه يقال في دعاء الوتر : " وإليك نسعى ونحفد " . والثاني : أن يراد بالخدم : المماليك ، فيكون معنى الآية : وجعل لكم من أزواجكم بنين ، وجعل لكم حفدة من غير الأزواج ، ذكره ابن الأنباري .
والثالث : أنهم : بنو امرأة الرجل من غيره ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك .
والرابع : أنهم : ولد الولد ، رواه مجاهد عن ابن عباس .
والخامس : أنهم : كبار الأولاد ، والبنون : صغارهم ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . قال مقاتل : وكانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم . قال الزجاج : وحقيقة هذا الكلام أن الله تعالى جعل من الأزواج بنين ، ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة .
قوله تعالى : { وَرَزَقَكُم مّنَ الطَّيّبَاتِ } ، قاله ابن عباس : يريد : من أنواع الثمار والحبوب والحيوان .
قوله تعالى : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه الأصنام ، قاله ابن عباس .
والثاني : أنه الشريك والصاحبة والولد ، فالمعنى : يصدقون أن لله ذلك ؟ ! قاله عطاء .
والثالث : أنه الشيطان ، أمرهم بتحريم البحيرة والسائبة ، فصدقوا .
وفي المراد ب " نعمة الله " ، ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها التوحيد ، قاله ابن عباس . والثاني : القرآن ، والرسول .
والثالث : الحلال الذي أحله الله لهم . "زاد المسير في علم التفسير (2/ 571- 572)"
:

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخزرجي القرطبي(ت:671هـ):

قوله تعالى : " والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا " ، جعل بمعنى : خلق ، " من أنفسكم أزواجا " ، يعني : آدم خلق منه حواء . وقيل : المعنى : جعل لكم من أنفسكم ، أي : من جنسكم ونوعكم وعلى خلقتكم ، كما قال : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " [ التوبة : 128 ] ، أي من الآدميين . وفي هذا رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوَّج الجن وتباضعها ، حتى روي أن عمرو بن هند تزوج منهم غولا ، وكان يخبؤها عن البرق لئلا تراه فتنفر ، فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة ، فقالت : عمرو ونفرت ، فلم يرها أبدا . وهذا من أكاذيبها ، وإن كان جائزا في حكم الله وحكمته ، فهو رد على الفلاسفة الذين ينكرون وجود الجن ويحيلون طعامهم . " أزواجا " ، زوج الرجل هي ثانيته ، فإنه فرد ، فإذا انضافت إليه كانا زوجين ، وإنما جعلت الإضافة إليه دونها ؛ لأنه أصلها في الوجود كما تقدم .
قوله تعالى :{ وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة } ، فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " وجعل لكم من أزواجكم بنين " ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء ، ووجود الأبناء يكون منهما معا ، ولكنه لما كان خلق المولود فيها وانفصاله عنها أضيف إليها ، ولذلك تبعها في الرق والحرية وصار مثلها في المالية . قال ابن العربي : سمعت إمام الحنابلة بمدينة السلام أبا الوفاء علي بن عقيل يقول : إنما تبع الولد الأم في المالية وصار بحكمها في الرق والحرية ؛ لأنه انفصل عن الأب نطفة لا قيمة له ولا مالية فيه ولا منفعة ، وإنما اكتسب ما اكتسب بها ومنها فلأجل ذلك تبعها . كما لو أكل رجل تمرا في أرض رجل وسقطت منه نواة في الأرض من يد الآكل فصارت نخلة ، فإنها ملك صاحب الأرض دون الآكل ، بإجماع من الأمة ؛ لأنها انفصلت عن الآكل ولا قيمة لها .
الثانية : قوله تعالى : " وحفدة " ، روى ابن القاسم عن مالك ، قال وسألته عن قوله تعالى : " بنين وحفدة " ، قال : الحفدة : الخدم والأعوان في رأيي . وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : " وحفدة " ، قال هم الأعوان ، من أعانك فقد حفدك . قيل له : فهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم ، وتقول أو ما سمعت قول الشاعر :
حَفَد الولائدُ حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
أي : أسرعن الخدمة . والولائد : الخدم ، الواحدة وليدة ، قال الأعشى :
كلفتُ مجهولَها نوقًا يمانيَة *** إذا الحُدَاةُ على أكسائها حَفَدُوا
أي : أسرعوا . وقال ابن عرفة : الحفدة : عند العرب الأعوان ، فكل من عمل عملا أطاع فيه وسارع ، فهو : حافد ، قال : ومنه قولهم إليك نسعى ونحفد ، والحفدان : السرعة . قال أبو عبيد : الحفد : العمل والخدمة . وقال الخليل بن أحمد : الحفدة : عند العرب الخدم ، وقاله مجاهد . وقال الأزهري : قيل : الحفدة : أولاد الأولاد . وروي عن ابن عباس . وقيل : الأختان ، قاله ابن مسعود وعلقمة وأبو الضحاك وسعيد بن جبير وإبراهيم ؛ ومنه قول الشاعر :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حَفَدٌ ما يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نفسٌ عليّ أبيَّةٌ *** عَيُوفٌ لإصهار اللئام قذورُ
وروى زر عن عبدالله قال : الحفدة : الأصهار ، وقاله إبراهيم ، والمعنى متقارب . قال الأصمعي : الختن : من كان من قبل المرأة ، مثل أبيها وأخيها وما أشبههما ، والأصهار منها جميعا . يقال : أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر . وقول عبد الله هم الأختان ، يحتمل المعنيين جميعا . يحتمل : أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبهه من أقربائها ، ويحتمل أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهن ، فيكون لكم بسببهن أختان . وقال عكرمة : الحفدة : من نفع الرجال من ولده ، وأصله : من حفد يحفد - بفتح العين في الماضي ، وكسرها في المستقبل - إذا أسرع في سيره ، كما قال كثير :
حَفد الولائد بينهن . . . البيت
ويقال : حفدت وأحفدت ، لغتان إذا خدمت . ويقال : حافد وحفد ، مثل خادم وخدم ، وحافد وحفدة ، مثل كافر وكفرة . قال المهدوي : ومن جعل الحفدة الخدم ، جعله منقطعا مما قبله ينوي به التقديم ، كأنه قال : جعل لكم حفدة ، وجعل لكم من أزواجكم بنين .
قلت : ما قال الأزهري : من أن الحفدة أولاد الأولاد ، هو ظاهر القرآن بل نصه ، ألا ترى أنه قال : " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " ، فجعل الحفدة والبنين منهن . وقال ابن العربي : الأظهر عندي في قوله : " بنين وحفدة " ، أن البنين أولاد الرجل لصلبه ، والحفدة أولاد ولده ، وليس في قوة اللفظ أكثر من هذا ، ويكون تقدير الآية على هذا : وجعل لكم من أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة . وقال معناه الحسن .
الثالثة : إذا فرعنا على قول مجاهد وابن عباس ومالك وعلماء اللغة ، في قولهم إن الحفدة الخدم والأعوان ، فقد خرجت خدمة الولد والزوجة من القرآن بأبدع بيان ، قاله ابن العربي . روى البخاري وغيره ، عن سهل بن سعد ، أن أبا أسيد الساعدي دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعرسه ، فكانت امرأته خادمهم . . . الحديث ، وقد تقدم في سورة " هود ". وفي الصحيح عن عائشة قالت : أنا فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي . الحديث . ولهذا قال علماؤنا : عليها أن تفرش الفراش ، وتطبخ القدر ، وتقم الدار ، بحسب حالها وعادة مثلها ، قال الله تعالى : " وجعل منها زوجها ليسكن إليها " [ الأعراف : 189 ] ، فكأنه جمع لنا فيها السكن ، والاستمتاع ، وضربا من الخدمة ، بحسب جري العادة .
الرابعة : ويخدم الرجل زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها ، لما روته عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج . وهذا قول مالك : ويعينها . وفي أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخصف النعل ، ويقم البيت ، ويخيط الثوب . وقالت عائشة ، وقد قيل لها : ما كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ قالت : كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه .
الخامسة : وينفق على خادمة واحدة ، وقيل على أكثر ، على قدر الثروة والمنزلة . وهذا أمر دائر على العرف ، الذي هو أصل من أصول الشريعة ، فإن نساء الأعراب ، وسكان البوادي ، يخدمن أزواجهن في استعذاب الماء وسياسة الدواب ، ونساء الحواضر يخدم المقل منهم زوجته فيما خف ويعينها ، وأما أهل الثروة فيخدمون أزواجهن ، ويترفهن معهم إذا كان لهم منصب ذلك ، فإن كان أمرا مشكلا شرطت عليه الزوجة ذلك ، فتشهد أنه قد عرف أنها ممن لا تخدم نفسها فالتزم إخدامها ، فينفذ ذلك وتنقطع الدعوى فيه .
قوله تعالى : " ورزقكم من الطيبات " ، أي : من الثمار والحبوب والحيوان . " أفبالباطل " ، يعني : الأصنام ، قاله ابن عباس . " يؤمنون " ، قراءة الجمهور بالياء . وقرأ أبو عبد الرحمن بالتاء . " وبنعمة الله " ، أي : بالإسلام . " هم يكفرون " ."تفسير القرطبي (10/ 142-145)

قالأبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774هـ)
يذكر تعالى نعمه على عبيده ، بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجًا من جنسهم وشكلهم [ وزيهم ] ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ، لما حصل ائتلاف ومودة ورحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكورًا وإناثا ، وجعل الإناث أزواجا للذكور.
ثم ذكر تعالى أنه جعل من الأزواج البنين والحفدة ، وهم : أولاد البنين . قاله ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد .
قال شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، هم : الولد ، وولد الولد .
وقال سُنَيْد : حدثنا حجاج عن أبي بكر ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس ، قال : بنوك حين يحفدونك ويرفدونك ويعينونك ويخدمونك . قال جميل :
حفَد الولائد حَوْلهُن وأسلمت *** بِأكُفِّهن أزِمَّةَ الأجْمَال
وقال مجاهد : { بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، ابنه وخادمه . وقال في رواية : الحفدة : الأنصار والأعوان والخدام .
وقال طاوس : الحفدة : الخدم ، وكذا قال قتادة ، وأبو مالك ، والحسن البصري .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا مَعْمَر ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة أنه قال : الحفدة : مَنْ خَدَمَك من ولدك وولد ولدك .
قال الضحاك : إنما كانت العرب يخدمها بنوها .
وقال العوفي ، عن ابن عباس قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، يقول : بنو امرأة الرجل ، ليسوا منه . ويقال : الحفدة : الرجل يعمل بين يدي الرجل ، يقال : فلان يحفد لنا قال : ويزعم رجال أن الحفدة : أخْتَان الرجل .
وهذا [ القول ] .الأخير الذي ذكره ابن عباس ، قاله ابن مسعود ، ومسروق ، وأبو الضُّحى ، وإبراهيم النَّخَعيّ ، وسعيد بن جُبَيْر ، ومجاهد ، والقُرَظي . ورواه عكرمة ، عن ابن عباس .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هم الأصهار .
قال ابن جرير : وهذه الأقوال كلها داخلة في معنى : " الحَفْد " ، وهو : الخدمة ، الذي منه قوله في القنوت : " وإليك نسعى ونحفد " ، ولما كانت الخدمة قد تكون من الأولاد والأصهار والخدم ، فالنعمة حاصلة بهذا كله ؛ ولهذا قال : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً } .
قلت : فمن جعل : { وَحَفَدَةً } ، متعلقا بأزواجكم فلا بد أن يكون المراد الأولاد ، وأولاد الأولاد ، والأصهار ؛ لأنهم أزواج البنات ، وأولاد الزوجة ، وكما قال الشعبي والضحاك ، فإنهم غالبا يكونون تحت كنف الرجل وفي حجْره وفي خدمته . وقد يكون هذا هو المراد من قوله [ عليه الصلاة ] والسلام في حديث بَصرة بن أكثم : " والولد عبد لك " رواه أبو داود .
وأما من جعل الحَفَدة هم الخدم ، فعنده أنه معطوف على قوله : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } أي : وجعل لكم الأزواج والأولاد.
{
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } ، من المطاعم والمشارب .
ثم قال تعالى منكرا على من أشرك في عبادة المنعم غيره : { أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } ، وهم: الأصنام والأنداد ، { وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ، أي : يسترون نعم الله عليهم ، ويضيفونها إلى غيره .
وفي الحديث الصحيح : " إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ممتنا عليه " ألم أزوجك ؟ ألم أكرمك ؟ ألم أسخر لك الخيل والإبل ، وأذرك ترأس وتَرْبع ؟ ". "تفسير ابن كثير (4/ 587-588 )
.


قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} [النحل: 72]
-
عن زرٍّ قال: كنت آخذ على عبد اللّه في المصحف فأتى على هذه الآية وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً قال لي عبد اللّه: أتدري ما الحفدة؟ قلت: حشم الرّجل، قال: لا، هم الأختان
-
وفي روايةٍ: قلت: نعم، هم أحفاد الرّجل من ولده وولد ولده. قال: نعم هم الأصهار.
رواه الطّبرانيّ، وفيه عاصم بن أبي النّجود، وهو حسن الحديث وفيه ضعفٌ، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/47-48]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 72.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال: خلق آدم ثم خلق زوجته منه). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود في قوله: {بنين وحفدة} قال الحفدة الأختان). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الأصهار). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الولد وولد الولد).[الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة بنو البنين). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وحفدة} قال: ولد الولد وهم الأعوان قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي حمزة قال: سئل ابن عباس عن قوله: {بنين وحفدة} قال: من أعانك فقد حفدك أما سمعت قول الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قالك الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: الحفدة الأعوان). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الحفدة الخدم). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: الحفدة البنون وبنو البنون ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشرك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشيطان {وبنعمة الله} قال: محمد). [الدر المنثور: 9/84]


التفسير اللغوي

قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا}، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنونوالحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
-
المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون}هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا}وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75]

قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بنين وحفدةً} أعواناً وخدّاماً،
قال جميل:

حفد الولائد بينهنّ وأسلمتبــأكــفّــهـــن أزمّـــــــــة الأجــــمـــــال
واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة). [مجاز القرآن: 1/364]


قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {واللّه جعل لكم مّن أنفسكم أزواجاً وجعل لكم مّن أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم مّن الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
وقال: {بنين وحفدةً}وواحدهم "الحافد"). [معاني القرآن: 2/66]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث عمر رضي الله عنه
في قنوت الفجر قوله: وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.
قوله: نحفد، أصل الحفد الخدمة والعمل، يقال: حفد يحفد حفدا وقال الأخطل:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجـــــمــــــال

أراد خدمهن الولائد وقال الشاعر:

كـلــفــت مـجـهـولـهـا نــوقـــا يـمـانـيــةإذا الحداة على أكسائها حفدوا

وقد روي عن مجاهد في قوله عز وعلا: {بنين وحفدة}
أنهم الخدم، وعن عبد الله أنهم الأصهار.
قال: حدثناه ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله والله أعلم.
وأما المعروف في كلامهم فإن الحفد هو الخدمة، فقوله: نسعى ونحفد، هو من ذاك، يقول: إنا نعبدك ونسعى في طلب رضاك. وفيها لغة أخرى: أحفد إحفادا قال الراعي:

مـزايـد خـرقـاء اليـديـن مسـيـفـةأخب بهن المخلفان وأحفدا

فقد يكون قوله: أحفدا أخدما، وقد يكون أحفدا غيرهما أعملا بعيرهما، فأراد عمر بقوله: وإليك نسعى ونحفد: العمل لله بطاعته). [غريب الحديث: 4/264-266]


قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (والحفدة): الأعوان والخدم واحدهم حافد وقالوا الأختان في التفسير ويقال: مر فلان يحفد حفدانا ومنه" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بنين وحفدةً}الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لعمرك}،ولعمر الله: هو العمر. ويقال: أطال الله عمرك، وعمرك، وهو قسم بالبقاء).[تأويل مشكل القرآن: 562]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعلمن الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّـــــــــــة الأجـــــمــــــال
معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا}روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بنمسعود قال الحفدة الأختان
وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار
وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار
فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر
وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات وتزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان
وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:

حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفـــهـــن أزمـــــــــــة الأجـــــمــــــال
وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين). [معاني القرآن: 4/90-87]

قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بنين وحفدة} اختلف الناس، فقالت طائفة: هم الأعوان والأختان، وقالت طائفة: كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة،
يقال حافد وحفدة، مثل: كاتب وكتبة). [ياقوتة الصراط: 296]
قال أبو سليمان حمد بن محمد المعروف بالخطابي (ت: 388 هـ)

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ ذَكَرَ لَهُ عُثْمَانَ لِلْخِلافَةِ فَقَالَ: أَخْشَى [43] حَفْدَهُ وَأَثْرَتَهُ قَالَ فَالزُّبَيْرُ. قَالَ: ضَرِسٌ ضَبِسٌ أَوْ قَالَ: ضَمِسٌ ..
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ ورَوَى أَبُو الْمَلِيحِ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ طَلْحَةَ فَقَالَ الأَكْنَعُ إِنَّ فِيهِ كِبْرًا أَوْ نَخْوَةً.
قوله أخشى حفده يريد إقباله على أقاربه وخفوفه في مرضاتهم وأصل الحفد الخدمة والخفة في العمل. ومنه قولهم الدعاء وإليك نسعى ونحفد أي نخف في مرضاتك ونسرع إلى طاعتك.
قَالَ أَبُو عبيدة: الحفدة الأعوان يُقَالُ: حفدني بخير وهو حافدي وأنشد لطرفة:
يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرما ذلك منهم غير ذل .
وَقَالَ غيره الحفدة الخدم ويقال لولد الولد الحفدة. قال الفراء: واحد الحفدة حافد كقولك كامل وكملة
قال: ويجوز أن يُقَالُ في جمع حافد حفد كما قالوا: غائب وغيب قَالَ الشاعر:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حفد مما يعد كثير .
وَقَوْلُهُ ضرس أي سيئ الخلق يُقَالُ رجل ضرس شرس وناقة "غريب الحديث (2/111)"

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحفدة} الخدام والأعوان، وقيل: الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وهذا فعل الخدم).[تفسير المشكل من غريب القرآن: 132]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَفَدَةُ}:الأحفاد، الخدم). [العمدة في غريب القرآن: 178]
قال أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (ت: 502هـ).
حفد
قال الله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
[النحل/ 72] ، جمع حَافِد، وهو المتحرّك المتبرّع بالخدمة، أقارب كانوا أو أجانب، قال المفسرون: هم الأسباط ونحوهم، وذلك أنّ خدمتهم أصدق، قال الشاعر:

حَفَدَ الولائد بينهنّ
«1» وفلان مَحْفُود، أي: مخدوم، وهم الأختان والأصهار، وفي الدعاء: «إليك نسعى ونحفد» «2» ، وسيف مُحْتَفِد: سريع القطع، قال الأصمعي: أصل الحَفْد: مداركة الخطو
(المفردات في غريب القرآن 243-244)


قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)
الحفدة : الأعوان والخدم ، ومن يسارع في الطاعة حفد يحفد حفداً وحفوداً وحفداناً ، ومنه : وإليك نسعى ونحفد أي : نسرع في الطاعة .
وقال الشاعر :
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت . . . *** بأكفهنّ أزمة الأجمال
وقال الأعشى :
كلفت مجهودها نوقاً يمانية . . . *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وتتعدى فيقال : حفدني فهو حافدي .
قال الشاعر :
يحفدون الضيف في أبياتهم *** كرماً ذلك منهم غير ذل
قال أبو عبيدة : وفيه لغة أخرى ، أحفد إحفاداً ، وقال : الحفد العمل والخدمة .
وقال الخليل : الحفدة عند العرب الخدم .
وقال الأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، وقيل : الأختان .
وأنشد :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير ولكنها نفس عليّ أبية
عيوف لأصحاب اللئام قذور . . .
ولما ذكر تعالى امتنانه بالإيجاد ثم بالرزق المفضل فيه ، ذكر امتنانه بما يقوم بمصالح الإنسان مما يأنس به ويستنصر به ويخدمه ، واحتمل أن أنفسكم أن يكون المراد من جنسكم ونوعكم ، واحتمل أن يكون ذلك باعتبار خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم ، فنسب ذلك إلى بني آدم ، وكلا الاحتمالين مجاز .
والظاهر أن عطف حفدة على بنين يفيد كون الجميع من الأزواج ، وأنهم غير البنين .
فقال الحسن : هم بنو ابنك .
وقال ابن عباس والأزهري : الحفدة أولاد الأولاد ، واختاره ابن العربي .
وقال ابن عباس أيضاً : البنون صغار الأولاد ، والحفدة كبارهم .
وقال مقاتل : بعكسه ، وقيل : البنات لأنهنّ يخدمن في البيوت أتم خدمة .
ففي هذا القول خص البنين بالذكران لأنه جمع مذكر كما قال : { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } وإنما الزينة في الذكورة .
وعن ابن عباس : هم أولاد الزوجة من غير الزوج التي هي في عصمته .
وقيل : وحفدة منصوب بجعل مضمرة ، وليسوا داخلين في كونهم من الأزواج .
فقال ابن مسعود ، وعلقمة ، وأبو الضحى ، وإبراهيم بن جبير : الأصهار ، وهم قرابة الزوجة كأبيها وأخيها .
وقال مجاهد : هم الأنصار والأعوان والخدم .
وقالت فرقة : الحفدة هم البنون أي : جامعون بين البنوة والخدمة ، فهو من عطف الصفات لموصوف واحد .
قال ابن عطية ما معناه : وهذه الأقوال مبنية على أن كل أحد جعل له من زوجه بنين وحفدة ، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس .
ويحتمل عندي أن قوله من أزواجكم ، إنما هو على العموم والاشتراك أي : من أزواج البشر جعل الله منهم البنين ، ومنهم جعل الخدمة ، وهكذا رتبت الآية النعمة التي تشمل العالم .
ويستقيم لفظ الحفدة على مجراها في اللغة ، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة انتهى .
وفي قوله : من أنفسكم أزواجاً دلالة على كذب العرب في اعتقادها أن الآدمي قد يتزوج من الجن ويباضعها ، حتى حكوا ذلك عن عمرو بن هندانة تزوج سعلاة .
ومِن في الطيبات للتبعيض ، لأن كل الطيبات في الجنة ، والذي في الدنيا أنموذج منها .
والظاهر أنّ الطيبات هنا المستلذات لا الحلال ، لأن المخاطبين كفار لا يتلبسون بشرع .
ولما ذكر تعالى ما امتن به من جعل الأزواج وما ننتفع به من جهتين ، ذكر مننه بالرزق .
والطيبات عام في النبات والثمار والحبوب والأشربة ، ومن الحيوان .
وقيل : الطيبات الغنائم .
وقيل : ما أتى من غير نصب .
وقال مقاتل : الباطل الشيطان ، ونعمة لله محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال الكلبي : طاعة الشيطان في الحلال والحرام .
وقيل : ما يرجى من شفاعة الأصنام وبركتها .
قال الزمخشري : أفبالباطل يؤمنون وهو ما يعتقدون من منفعة الأصنام وبركتها وشفاعتها ، وما هو إلا وهم باطل لم يتوصلوا إليه بدليل ولا أمارة ، فليس لهم إيمان إلا به .
كأنه شيء معلوم مستيقن .
ونعمة الله المشاهدة المعاينة التي لا شبهة فيها لذي عقل ، وتمييزهم كافرون بها منكرون لها كما ينكر المحال الذي لا تتصوره العقول .
وقيل : الباطل ما يسول لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة وغيرهما ، ونعمة الله ما أحل لهم انتهى .
وقرأ الجمهور : يؤمنون بالياء ، وهو توقيف للرسول صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل ، ويندرج في التوقيف المعطوف بعدها .
وقرأ السلمي بالتاء ، ورويت عن عاصم ، وهو خطاب إنكار وتقريع لهم ، والجملة بعد ذلك مجرد إخبار عنهم
فالظاهر أنه لا يندرج في التقريع ." البحر المحيط في التفسير (6/ 563- 566)
قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)
حفد: {حفدة}: خدما، وقيل: أختان أو أصهار أو أعوان أو من ينفع الرجل من بنيه، أو بنو المرأة من زوجها الأول. "تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب 97"


قالأبو العباس، أحمد بن يوسف السمين الحلبي (ت: 756هـ)
قوله تعالى : { وَحَفَدَةً } ، في " حَفَدَة " أوجهٌ :
أظهرُها : أنه معطوفٌ على " بنين " بقيدِ كونِه من الأزواج ، وفُسِّر هنا بأنه أولادُ الأولادِ .
الثاني : أنه مِنْ عطفِ الصفاتِ لشيءٍ واحدٍ ، أي : جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً ، والحَفَدَةُ : الخَدَمُ .
الثالث : أنه منصوبٌ ب " جَعَلَ " مقدرةً ، وهذا عند مَنْ يُفَسِّر الحَفَدة بالأعوان والأَصْهار ، وإنما احتيج إلى تقدير " جَعَلَ " ؛ لأنَّ " جَعَلَ " الأولى مقيدةٌ بالأزواج ، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج .

والحَفَدَةُ : جمع حافِد ، كخادِم وخَدَم . وفيه للمفسرين أقوالٌ كثيرةٌ ، واشتقاقُهم مِنْ قولِهم : حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحُفوداً وحَفَداناً ، أي : أسرع في الطاعة . وفي الحديث : " وإليك نَسْعَى ونَحْفِدُ " ، أي : نُسْرِعِ في طاعتِك . قال الأعشى :
كَلَّفْتُ مجهولَها نُوقاً يَمانيةً *** إذا الحُداة على أَكْسائها حَفَدُوا
وقال الآخر :
حَفَدَ الولائدُ حولَهُنَّ وأَسْلَمَتْ *** بأكفِّهنَّ أَزِمَّةَ الأجْمالِ
ويستعمل " حَفَدَ " أيضاً متعدياً . يقال : حَفَدَني فهو حافِدٌ ، وأُنْشِد :
يَحْفِدون الضيفَ في أبياتِهمْ *** كَرَماً ذلك منهم غيرَ ذُلّْ
وحكى أبو عبيدة أنه يقال : " أَحْفَدَ " رباعياً . وقال بعضهم : " الحَفَدَةُ : الأَصْهار ، وأنشد :
فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ *** لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ *** عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْورُ
ويقال : سيفٌ مُحْتَفِدٌ ، أي : سريعُ القطع . وقال الأصمعيُّ : " أصلُ الحَفْدِ : مقارَبَةُ الخَطْوِ " .
و " مِنْ " في { مِّنَ الطَّيِّبَاتِ } للتبعيض . "الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (7/ 264-265 )

قال أبو السعود العمادي محمد (ت: 982هـ)

{
والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ } ، أي : من جنسكم { أزواجا } ؛ لتأنَسوا بها وتقيموا بذلك جميعَ مصالحِكم ، ويكون أولادُكم أمثالَكم ، وقيل : هو خلقُ حواءَ من ضِلْع آدمَ عليه الصلاة والسلام . { وَجَعَلَ لَكُمْ منْ أزواجكم } ، وضع الظاهرُ موضعَ المضمر ؛ للإيذان بأن المرادَ : جعلَ لكل منكم من زوجه لا من زوج غيره { بنين } ، وبأن نتيجةَ الأزواج هو التوالد .
{ وَحَفَدَةً }، جمعُ حافد : وهو الذي يسرع في الخِدمة والطاعة ، ومنه قولُ القانت : «وإليك نسعى ونحفد » ، أي : جعل لكم خدماً يسرعون في خدمتكم وطاعتِكم . وقيل : المرادُ بهم : أولادُ الأولاد ، وقيل : البناتُ ، عبّر عنهن بذلك إيذاناً بوجه المنة بأنهن يخْدُمن البيوت أتمَّ خدمة ، وقيل : أولادُ المرأة من الزوج الأول ، وقيل : البنون ، والعطفُ لاختلاف الوصفين ، وقيل : الأختان على البنات ، وتأخيرُ المنصوب في الموضعين عن المجرور لما مر من التشويق ، وتقديمُ المجرور باللام على المجرور بمن ؛ للإيذان من أول الأمر بعَود منفعةِ الجعلِ إليهم ، إمداداً للتشويق وتقويةً له ، أي : جعل لمصلحتكم مما يناسبكم أزواجاً ، وجعل لمنفعتكم من جهة مناسبةٍ لكم بنين وحفَدة . { وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات } ، من اللذائذ أو من الحلالات ، ومن للتبعيض ؛ إذ المرزوقُ في الدنيا أنموذجٌ لما في الآخرة . { أفبالباطل يُؤْمِنُونَ } ، وهو أن الأصنامَ تنفعهم ، وأن البحائرَ ونحوها حرامٌ ! والفاء في المعنى داخلةٌ على الفعل ، وهي للعطف على مقدر ، أي : أيكفرون بالله الذي شأنُه هذا ، فيؤمنون بالباطل ؟ أو أبعد تحقّقِ ما ذُكر من نعم الله تعالى بالباطل يؤمنون دون الله سبحانه . { وَبِنِعْمَة الله } تعالى الفائضةِ عليهم مما ذكر ومما لا يحيط به دائرةُ البيان { هُمْ يَكْفُرُونَ } ، حيث يضيفونها إلى الأصنام ، وتقديمُ الصلة على الفعل للاهتمام ، أو لإيهام الاختصاص مبالغةً ، أو لرعاية الفواصل ، والالتفات إلى الغيبة ؛ للإيذان باستيجاب حالِهم للإعراض عنهم ، وصرفِ الخطاب إلى غيرهم من السامعين تعجيباً لهم مما فعلوه ." تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (5/ 128)"

قال الطاهر ابن عاشور ( ت : 1393هـ)
عطف على التي قبلها ، وهو استدلال ببديع الصنع في خلق النسل إذ جعل مقارناً للتأنّس بين الزوجين ، إذ جعل النسل منهما ولم يجعله مفارقاً لأحد الأبوين أو كليهما .
وجعل النسل معروفاً متصلاً بأصوله بما ألهمه الإنسان من داعية حفظ النسب ، فهي من الآيات على انفراده تعالى بالوحدانية كما قال تعالى في سورة الروم ( 21 ) : { ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } فجعلها آية تنطوي على آيات ، ويتضمّن ذلك الصنع نعماً كثيرة ، كما أشار إليه قوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } .
والقول في جملة { والله جعل لكم } كالقول في نظيرتيها المتقدمتين .
واللام في { جعل لكم } لتعدية فعل { جعل } إلى ثانٍ .
ومعنى { من أنفسكم } من نوعكم ، كقوله تعالى : { فإذا دخلتم بيوتاً فسَلّموا على أنفسكم } [ سورة النور : 21 ] أي على الناس الذين بالبيوت ، وقوله : { رسولا من أنفسهم } [ سورة آل عمران : 164 ] وقوله : { ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم } [ سورة البقرة : 85 ] .
والخطاب بضمير الجماعة المخاطبين موجّه إلى الناس كلّهم ، وغلب ضمير التذكير .
وهذه نعمة إذ جعل قرين الإنسان متكوّناً من نوعه ، ولو لم يجعل له ذلك لاضطُرّ الإنسان إلى طلب التأنّس بنوع آخر فلم يحصل التأنّس بذلك للزوجين . وهذه الحالة وإن كانت موجودة في أغلب أنواع الحيوان فهي نعمة يدركها الإنسان ولا يدركها غيره من الأنواع . وليس من قوام ماهيّة النّعمة أن ينفرد بها المنعم عليه .
والأزواج : جمع زوج ، وهو الشيء الذي يصير مع شيء آخر اثنين ، فلذا وصف بزوج المرادف لثان . وقد مضى الكلام عليه في قوله تعالى : { اسكن أنت وزوجك الجنة } في [ سورة البقرة : 35 ] .
والوصف بالزوج يؤذن بملازمته لآخر ، فلذا سمّي بالزوج قرين المرأة وقرينةُ الرجل . وهذه نعمة اختصّ بها الإنسان إذ ألهمه الله جعل قرين له وجبله على نظام محبّة وغيرة لا يسمَحان له بإهمال زوجه كما تُهمل العجماوات إناثها وتنصرف إناثها عن ذكورها .
و { من } الداخلة على { أنفسكم } للتّبعيض .
وجعل البنين للإنسان نعمة ، وجعل كونهم من زوجة نعمة أخرى ، لأن بها تحقّق كونهم أبناءه بالنسبة للذكر ودوام اتّصالهم به بالنّسبة ، ووجود المشارك له في القيام بتدبير أمرهم في حالة ضعفهم .
و { من } الداخلة على { أزواجكم } للابتداء ، أي جعل لكم بنين منحدرين من أزواجكم .
والحفدة : جمع حافد ، مثل كَملة جمع كامل . والحافد أصله المسرع في الخدمة . وأطلق على ابن الابن لأنه يكثر أن يخدم جدّه لضعف الجدّ بسبب الكبر ، فأنعم الله على الإنسان بحفظ سلسلة نسبه بسبب ضبط الحلقة الأولى منها ، وهي كون أبنائه من زوجه ثم كون أبناء أبنائه من أزواجهم ، فانضبطت سلسلة الأنساب بهذا النظام المحكم البديع .
وغير الإنسان من الحيوان لا يشعر بحفدته أصلاً ولا يَشعر بالبنوّة إلا أنثى الحيوان مدة قليلة قريبَة من الإرضاع . والحفدة للإنسان زيادة في مسرّة العائلة ، قال تعالى : { فبشرّناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } [ سورة هود : 71 ] . وقد عملت من } الابتدائية في { حفدة } بواسطة حرف العطف لأن الابتداء يكون مباشرة وبواسطة .
وجملة { ورزقكم من الطيبات } معطوفة على جملة { جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } وما بعدها ، لمناسبة ما في الجمل المعطوف عليها من تضمّن المنّة بنعمة أفراد العائلة ، فإن من مكمّلاتها سعة الرزق ، كما قال تعالى في آل عمران { زيّن للناس حبّ الشّهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة } [ سورة النحل : 14 ] الآية . وقال طرفة :
فأصبحت ذا مال كثير وطاف بي *** بنون كرام سادة لمسود
فالمال والعائلة لا يروق أحدها بدون الآخر .
ثم الرزق يجوز أن يكون مراداً منه المال كما في قوله تعالى في قصة قارون : { وأصبح الذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر } [ سورة القصص : 82 ] . وهذا هو الظاهر وهو الموافق لما في الآية المذكورة آنفاً . ويجوز أن يكون المراد منه إعطاء المأكولات الطيّبة ، كما في قوله تعالى : { وجد عندها رزقاً } [ سورة آل عمران : 37 ] و { من } تبعيضية .
و { الطيبات } : صفة لموصوف محذوف دلّ عليه فعل رزقكم ، أي الأرزاق الطيّبات . والتأنيث لأجل الجمع . والطيّب : فَيْعِلٍ صفة مبالغة في الوصف بالطّيِب . والطِيبُ : أصله النزاهة وحسن الرائحة ، ثم استعمل في الملائم الخالص من النّكد ، قال تعالى : { فلنحيينه حياة طيبة } [ سورة النحل : 97 ] . واستعمل في الصالح من نوعه كقوله تعالى : { والبلد الطيّب يخرج نباته بإذن ربه } في سورة الأعراف ( 58 ) . ومنه قوله تعالى : { الذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين } [ سورة النحل : 32 ] وقد تقدم آنفاً .
فالطيّبات هنا الأرزاق الواسعة المحبوبة للناس كما ذكر في الآية في سورة آل عمران ؛ أو المطعومات والمشروبات اللذيذة الصالحة . وقد تقدم ذكر الطيّبات عند قوله تعالى : { اليوم أحل لكم الطيّبات } في سورة العقود ( 5 ) ، وذكر الطيّب في قوله تعالى : { كلوا مما في الأرض حلالاً طيّباً } في سورة البقرة ( 168 ) .
وفرع على هذه الحجّة والمنّة استفهامُ توبيخ على إيمانهم بالباطل البيّن ، فتفريع التوبيخ عليه واضح الاتجاه .
والباطل : ضد الحقّ لأن ما لا يخلق لا يُعبد بحقّ . وتقديم المجرور في قوله تعالى : { أفبالباطل } على متعلّقه للاهتمام بالتعريف بباطلهم .
والالتفات عن الخطاب السابق إلى الغيبة في قوله تعالى : { أفبالباطل } يجري الكلام فيه على نحو ما تقدم في قوله تعالى : { أفبنعمة الله يجحدون } [ سورة النحل : 71 ] .
وقوله تعالى : { وبنعمت الله هم يكفرون } عطف على جملة التوبيخ ، وهو توبيخ متوجّه على ما تضمّنه قوله تعالى : { والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً } إلى قوله : { ورزقكم من الطيبات } من الامتنان بذلك الخلق والرزق بعد كونهما دليلاً على انفراد الله بالإلهية .
وتقديم المجرور في قوله تعالى : { بنعمت الله هم يكفرون } على عامله للاهتمام .
وضمير الغيبة في قوله تعالى : { هم يكفرون } ضمير فصل لتأكيد الحكم بكفرانهم النّعمة لأن كفران النّعمة أخفى من الإيمان بالباطل ، لأن الكفران يتعلّق بحالات القلب ، فاجتمع في هذه الجملة تأكيدان : التأكيد الذي أفاده التقديم ، والتأكيد الذي أفاده ضمير الفصل .
والإتيان بالمضارع في { يؤمنون } و { يكفرون } للدّلالة على التجدّد والتّكرير .
وفي الجمع بين { يؤمنون } و { يكفرون } محسنّ بديع الطباق." التحرير والتنوير (14/ 217- 221 )"
.

قالمحمد الأمين الشنقيطي (ت: 1393هـ)

قوله تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه امتن على بني آدم أعظم مِنَّة بأن جعل لهم من أنفسهم أزواجاً من جنسهم وشكلهم ، ولو جعل الأزواج من نوع آخر ما حصل الائتلاف والمودة والرحمة ، ولكن من رحمته خلق من بني آدم ذكوراً وإناثاً ، وجعل الإناث أزواجاً للذكور ، وهذا من أعظم المنن ، كما أنه من أعظم الآيات الدالة على أنه جل وعلا هو المستحق أن يعبد وحده .
وأوضح في غير هذا الموضع : أن هذه نعمة عظيمة ، وأنها من آياته جل وعلا . كقوله : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [ الروم : 21 ] وقوله : { أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنثَى } [ القيامة : 36-39 ] ، وقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] الآية .
واختلف العلماء في المراد بالحفدة في هذه الآية الكريمة . فقال جماعة من العلماء الحفدة : أولاد الأولاد ؛ أي وجعل لكم من أزواجكم بنين ، ومن البنين حفدة . وقال بعض العلماء : الحفدة الأعوان والخدم مطلقاً ؛ ومنه قول جميل :
حفد الولائد حولهن وأسلمت *** بأكفهن أزمة الأجمال
أي أسرعت الولائد الخدمة ، والولائد الخدم . الواحدة وليدة ، ومنه قول الأعشى :
كلفت مجهولها نوقاً يمانية *** إذا الحداة على أكسائها حفدوا
أي : أسرعوا في الخدمة . ومنه قوله في سورة الحفد التي نسخت : وإليك نسعى ونحفد ؛ أي : نسرع في طاعتك . وسورة الخلع وسورة الحفد اللتان نسختا ، يسن عند المالكية القنوت بهما في صلاة الصبح كما هو معروف .
وقيل : الحفدة الأختان ، وهم أزواج البنات ، ومنه قول الشاعر :
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت *** لها حفد مما يعد كثير
ولكنها نفس علي أبية *** عيوف لإصهار اللثام قذور
والقذور : التي تتنزه عن الوقوع فيما لا ينبغي ، تباعداً عن التدنس بقذره .
قال مقيده عفا الله عنه : الحفدة : جمع حافد ، اسم فاعل من الحفد ، وهو الإسراع في الخدمة والعمل . وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك : أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون في نفس الآية قرينة دالة على عدم صحة قول بعض العلماء في الآية ؛ فنبين ذلك .
وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد ؛ لأن قوله : { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً } ، دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم ، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم . ودعوى أن قوله : «وحفدةً » ، معطوف على قوله : «أَزْوَاجاً » غير ظاهرة . كما أن دعوى أنهم الأختان ، وأن الأختان أزواج بناتهم ، وبناتهم من أزواجهم ، وغير ذلك من الأقوال كله غير ظاهر . وظاهر القرآن هو ما ذكر ، وهو اختيار ابن العربي المالكي والقرطب وغيرهما . ومعلوم : أن أولاد الرجل ، وأولاد أولاده : من خدمه المسرعين في خدمته عادة . والعلم عند الله تعالى .
تنبيه
في قوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } الآية رد على العرب التي كانت تعتقد أنها كانت تزوج الجن وتباضعها ؛
حتى روي أن عمرو بن يربوع بن حنظلة بن مالك تزوج سعلاة منهم ، وكان يخبؤها عن سنا البرق لئلا تراه فتنفر . فلما كان في بعض الليالي لمع البرق وعاينته السعلاة ، فقالت : عمرو ! ونفرت ؛ فلم يرها أبداً ؛ ولذا قال علباء بن أرقم يهجو أولاد عمرو المذكور :
ألا لحى الله بني السعلاة *** عمرو بن يربوع لئام النات
ليسوا بأعفاف ولا أكيات
وقوله : «النات » ، أصله : «الناس » ، أبدلت فيه السين تاء . وكذلك قوله : «أكيات » ، أصله : «أكياس » ، جمع كيس ، أبدلت فيه السين تاء أيضاً . وقال المعري يصف مراكب إبل متغربة عن الأوطان ، إذا رأت لمعان البرق تشتاق إلى أوطانها ؛ فزعم أنه يستر عنها البرق لئلا يشوقها إلى أوطانها ، كما كان عمرو يستره عن سعلاته :
إذا لاح إيماض سترت وجوهها *** كأني عمرو والمطي سعالى
والسعلاة : عجوز الجن . وقد روي من حديث أبي هريرة : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : «أحد أبوي بلقيس كان جنِّيًّا » . قال صاحب الجامع الصغير : أخرجه أبو الشيخ في العظمة ، وابن مردويه في التفسير ، وابن عساكر . وقال شارحه المنَاوي : في إسناده سعيد بن بشر ، قال في الميزان عن ابن معين : ضعيف . وعن ابن مسهر : لم يكن ببلدنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث ، ثم ساق من مناكيره هذا الخبر . وبشير بن نهيك أورده الذهبي في الضعفاء . وقال أبو حاتم : لا يحتج به . ووثقه النسائي . انتهى .
وقال المناوي في شرح حديث «أحد أبوي بلقيس كان جنياً » : قال قتادة : ولهذا كان مؤخر قدميها كحافر الدابة . وجاء في آثار : أن الجني الأم ، وذلك أن أباها ملك اليمن خرج ليصيد فعطش ، فرفع له خباء فيه شيخ فاستسقاه ، فقال : يا حسنة اسقي عمك ؛ فخرجت كأنها شمس بيدها كأس من ياقوت . فخطبها من أبيها ، فذكر أنه جني ، وزوجها منه بشرط أنه إن سألها عن شيء عملته فهو طلاقها . فأتت منه بولد ذكر ، ولم يذكر قبل ذلك ، فذبحته فكرب لذلك ، وخاف أن يسألها فتبين منه . ثم أتت ببلقيس فاظهرت البشر ، فاغتم فلم يملك أن سألها ، فقالت : هذا جزائي منك ! باشرت قتل ولدي من أجلك ! وذلك أن أبي يسترق السمع ، فسمع الملائكة تقول : إن الولد إذا بلغ الحلم ذبحك ، ثم استرق السمع في هذه ، فسمعهم يعظمون شأنها ، ويصفون ملكها ، وهذا فراق بيني وبينك ؛ فلم يرها بعد . هذا محصول ما رواه ابن عساكر عن يحيى الغساني اه . من شرح المنَاوي للجامع الصغير .
وقال القرطبي في تفسير «سورة النحل » : كان أبو بلقيس وهو السرح بن الهداهد بن شراحيل ، ملكاً عظيم الشأن ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفأ لي . وأبى أن يتزوج منهم ؛ فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن ؛ فولدت له بلقمة وهي بلقيس ، ولم يكن له ولد غيرها .
وقال أبو هريرة : قال النَّبي صلى الله عليه وسلم : «كان أحد أبوي بلقيس جنياً » إلى أن قال : ويقال إن سبب تزوج أبيها من الجن أنه كان وزيراً لملك عات ، يغتصب نساء الرعية ، وكان الوزير غيوراً فلم يتزوج ؛ فصحب مرة في الطريق رجلاً لا يعرفه فقال : هل لك من زوجة ؟ فقال : لا أتزوج أبداً ؛ فإن ملك بلدنا يغتصب النساء من أزواجهن . فقال : لئن تزوجت ابنتي لا يغتصبها أبداً . قال : بل يغتصبها ! قال : إنا قوم من الجن لا يقدر علينا . فتزوج ابنته فولدت له بلقيس إلى غير ذلك من الروايات .
وقال القرطبي أيضاً : وروى وهيب بن جرير بن حازم ، عن الخليل بن أحمد ، عن عثمان بن حاضر قال : كانت أم بلقيس من الجن ، يقال لها : بلعمة بنت شيصان .
قال مقيده عفا الله عنه : الظاهر أن الحديث الوارد في كون أحد أبوي بلقيس جنياً ضعيف ، وكذلك الآثار الواردة في ذلك ليس منها شيء يثبت .
مسألة
اختلف العلماء في جواز المناكحة بين بني آدم والجن ؛ فمنعها جماعة من أهل العلم ، وأباحها بعضهم .
قال المناوي ( في شرح الجامع الصغير ) : ففي الفتاوى السراجية للحنفية : لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء ؛ لاختلاف الجنس . وفي فتاوى البارزي من الشافعية : لا يجوز التناكح بينهما . ورجح ابن العماد جوازه اه .
وقال الماوردي : وهذا مستنكر للعقول ؛ لتباين الجنسين ، واختلاف الطبعين ؛ إذ الآدمي جسماني ، والجني روحاني . وهذا من صلصال كالفخار ، وذلك من مارج من نار ، والامتزاج مع هذا التباين مدفوع ، والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع اه .
وقال ابن العربي المالكي : نكاحهم جائز عقلاً ؛ فإن صح نقلاً فبها ونعمت .
قال مقيده عفا الله عنه : لا أعلم في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نصاً يدل على جواز مناكحة الإنس الجن ، بل الذي يستروح من ظواهر الآيات عدم جوازه . فقوله في هذه الآية الكريمة : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } [ النحل : 72 ] الآية . ممتناً على بني آدم بأن أزواجهم من نوعهم وجنسهم يفهم منه أنه ما جعل لهم أزواجاً تباينهم كمباينة الإنس للجن ، وهو ظاهر .
ويؤيده قوله تعالى : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ الروم : 21 ] . فقوله : { أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً } في معرض الامتنان يدل على أنه ما خلق لهم أزواجاً من غير أنفسهم ؛ ويؤيد ذلك ما تقرر في الأصول من «أن النكرة في سياق الامتنان تعم » ، فقوله : { جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، جمع منكر في سياق الامتنان فهو يعم ، وإذا عم دل ذلك على حصر الأزواج المخلوقة لنا فيما هو من أنفسنا ، أي : من نوعنا وشكلنا . مع أن قوماً من أهل الأصول زعموا : «أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم » . والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعم ، وعليه درج في مراقي السعود حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصح :
منه منكر الجموع عرفا *** وكان والذي عليه انعطفا
أما في سياق الامتنان فالنكرة تعم . وقد تقرر في الأصول «أن النكرة في سياق الامتنان تعم » ، كقوله : { وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } [ الفرقان : 48 ] ، أي : فكل ماء نازل من السماء طهور . وكذلك النكرة في سياق النفي أو الشرط أو النهي ؛ كقوله : { مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ } [ الأعراف : 59 ] ، وقوله : { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } [ التوبة : 6 ] الآية ، وقوله : { وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً } [ الإنسان : 24 ] الآية . ويستأنس لهذا بقوله : { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } [ الشعراء : 166 ] ، فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم ، وتعديه إلى غيره يستوجب الملام ، وإن كان أصل التوبيخ والتقريع على فاحشة اللواط ؛ لأن أول الكلام : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } [ الشعراء : 165-166 ] ، فإنه وبخهم على أمرين : أحدهما إتيان الذكور . والثاني ترك ما خلق لهم ربهم من أزواجهم .
وقد دلت الآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم ، هو الكائن من أنفسهم ، أي : من نوعهم وشكلهم . كقوله : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا } ، وقوله : { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } [ الروم : 21 ] الآية ، فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجاً من غير أنفسهم . والعلم عند الله تعالى .
" أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/ 412-416)"

كتب المعاجم


قال أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت: 170هـ)

باب الحاء والدال والفاء معهما ح ف د، ف د ح يستعملان فقط
حفد: الحَفْدُ: الخِفَّة في العمل والخِدمة ، قال:
حَفَدَ الولائدُ بينَهُنَّ وأُسلِمَتْ ... بأكُفّهِنَّ أزِمَّةُ الأجمالِ .
وسَمِعتُ في شعْرٍ مُحدَث حُفَّداً أقدامُها أي سِراعاً خِفافاً. وفي سورة القُنوت:
وإليك نَسعَى ونحفد .
أي نخفّ في مَرْضاتك. والاحتفاد: السُرعة في كلّ شيء، قال الأعشى:
وُمْحَتفد الوَقْعِ ذو هَبَّةٍ ... أجاد جلاه يد الصيقل
وقول الله- عز وجل-: بَنِينَ وَحَفَدَةً
يعني البنات [و] هنَّ خَدَم الأبَوَيْن في البيت، ويقال: الحَفَدة: وعند العَرَب الحَفَدة الخَدَم. والمَحْفِدُ: شَيءٌ يُعلَف فيه، قال:
والحَفَدان فوق المَشْي كالخَبَب. والمحَافِد: وشْيُ الثوب، الواحد مَحْفِد.
فدح: الفَدْح: إثقال الأمر والحِمْل، وصاحبُه مفدوح، تقول: نَزَلَ بهم أمرٌ فادِحٌ، قال الطرماح:
فمثلكَ ناحَتْ عليه النِّساءُ ... لعُظْمِ مُصيبتك الفادِحْه " العين (3/ 185-186)

قال أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت: 321هـ)
(
حفد) الحفد من قَوْلهم: حفد يحفد حفدا إِذا أسْرع فِي الْمَشْي.
وبعير حفاد: سريع الْمَشْي وَكَذَلِكَ الظليم.
فَأَما الحفدة فَاخْتلف فِيهَا أهل اللُّغَة فَقَالَ قوم: الحشم وَقَالَ آخَرُونَ: الْأخْتَان وَقَالَ آخَرُونَ: الخدم. قَالَ الشَّاعِر // (كَامِل) //:
(
حفد الولائد حَوْلهنَّ وَأسْلمت ... بأكفهن أزمة الأجمال)
فَأَما قَوْلهم فِي الْقُنُوت: إِلَيْك نسعى ونحفد فتأويله: نخدمك بِالطَّاعَةِ.
والحفدان: ضرب من سير الْإِبِل.
والمحفد والمحفدة: إِنَاء يُكَال بِهِ. والمحفاد أَيْضا: مكيال. "جمهرة اللغة (1/ 504)"

قال محمد بن عُزير السجستاني، أبو بكر العُزيري (ت: 330هـ)
حفدة: حذم، وَقيل: أختَان، وَقيل: أَصْهَار، وَقيل أعوان، وَقيل [بَنو] الرجل، من نَفعه مِنْهُم، وَقيل: بَنو الْمَرْأَة من زَوجهَا الأول. حاصب: ريح عاصف ترمي بالحصباء وَهِي الْحَصَى الصغار." غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب 192 "


قال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (ت: 370هـ)
ح د ف
اسْتعْمل من وجوهها: حفد، فدح، فحد.
حفد: قَالَ اللَّيْث: الْحَفْدُ فِي الخِدْمَةِ والعَمَل: الْخِفَّةُ والسُّرْعَةُ، وَأنْشد:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ
بأكفّهِنّ أَزِمَّةُ الأَجَمَالِ
وَرُوِيَ عَن عُمَر أَنه قَرَأَ قُنُوت الْفجْر: وإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد. قَالَ أَبُو عُبَيد: أَصْلُ الْحَفْدِ: الْخِدْمَة والعَمل. قَالَ: ورُوِي عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) أَنّهم الخدم، وَرُوِيَ عَن عبد الله أَنَّهُم الأصْهارُ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَفِي الْحَفْد لُغَة أُخْرى: أَحْفَدَ إحْفَاداً، وَقَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليَدَيْن مُسِيفَةٍ
أَخَبَّ بِهن المُخْلِفَان وَأَحْفَدَا
قَالَ فَيكون أَحْفَدَا خَدَمَا، وَقد يَكُون أَحْفَدَا غَيرهمَا. قَالَ: وَأَرَادَ بقوله: وإلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد: نَعْمَلُ لله بطاعَتِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الاحْتِفادُ: السُّرْعَةُ فِي كلِّ شَيْء، وَقَالَ الأعْشَى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوَقْعِ ذُو هَبَّةٍ
أَجَادَ جِلاَهُ يَدُ الصَّيْقَل
قُلْتُ: وروَاه غَيرُه: ومُحْتَفِل الوقع بِاللَّامِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
حَدَّثنا أَبُو زيد عَن عبد الْجَبّار عَن سُفْيَان قَالَ: حَدَّثنا عَاصِم عَن زِرّ قَالَ: قَالَ عبد الله: يَا زِرّ، هَل تَدْرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفّادُ الرَّجْلِ: من وَلَده وَوَلد وَلَده، قَالَ: لَا، وَلَكنهُمْ الأَصْهَارُ قَالَ عَاصِم: وَزعم الكَلْبِيّ أَنَّ زِرّاً قَدْ أَصَابَ، قَالَ سُفْيَان: قَالُوا: وكَذبَ الكَلْبِيّ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَنْ قَالَ الحَفَدَةُ: الأَعْوَانُ فَهُوَ أَتْبَعُ لكَلَام العَرَب مِمَّنْ قَالَ الأَصْهار. وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَقَالَ: وَيُقَال: الأَعْوَان، وَلَو قيل الحَفَدُ لكَانَ صَوَابا، لِأَن الْوَاحِد حَافِد مثل القَاعِد والقَعَد.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، قَالَ: البَنُون: بَنُوك وبَنُو بَنِيك، وأَمَّا الحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَك من شَيْء وعَمِلَ لَك وأَعَانَك. وروى أَبُو حَمْزَة عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: مَنْ أعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْله:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: بَنُو المَرْأَةِ من زَوْجها الأوَّل، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحَفَدَةُ: مَنْ خَدَمَك من وَلَدِكَ وَوَلد، ولدك، وَقَالَ اللَّيْث: الحَفَدَةُ: البَنَاتُ، وهُنَّ خَدَمُ الأبَوَيْنِ فِي البَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الحَفَدَةُ: وَلَدُ الوَلَد.
والحَفَدَانُ: فَوْق المَشْيِ كالخَبَبِ.
قَالَ: والمَحْفِدُ: شيءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الدَّابَّة، وَقَالَ الأعْشَى:
وسَقْيي وإطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
قَالَ: والمَحْفِدُ: السَّنَامُ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: المَحَافِدُ فِي الثَّوْبِ: وَشْيُه، واحِدُها مَحْفِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَفَدَةُ: صُنَّاعُ الوَشْي. والْحَفْدُ: الوَشْيُ.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعْتُ الدَّارِمي يَقُول: سَمِعْتُ ابْن شُمَيْل يَقُول لطرف الثَّوْب مِحْفَد بِكَسْر الْمِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَحْتِدُ والمَحْفِدُ والمَحْقِدُ والمَحْكِد: الأصْلُ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب: احْتَفَد واحْتَمَد واحْتَفَل بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبُو قَيْس: مِكْيالٌ واسْمه المِحْفَد، وهُوَ القَنْقَلُ.
فدح: اللَّيْث: الفَدْحُ: إثْقَالُ الأَمْرِ والحِمْلِ صَاحِبَه، تَقول: نَزَل بهم أَمْرٌ فَادِحٌ. وَفِي الحَدِيث (وعَلَى الْمُسلمين ألاَّ يتْركُوا فِي الإسْلاَمِ مَفْدُوحاً فِي فِدَاءٍ أَو عَقْلٍ) ، قَالَ أَبُو عُبَيد: وَهُوَ الَّذِي فَدَحَهُ الدَّيْنُ أَي أَثْقَلَه.
فحد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: واحِدٌ فاحِدٌ، قلتُ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو بِالْفَاءِ، وقرأتُ بِخَط شَمِر لِابْنِ الأعرابيّ قَالَ: القَحَّادُ: الرجلُ الفردُ الَّذِي لَا أَخَ لَهُ وَلاَ وَلَد، يُقَال: واحِدٌ قَاحِدٌ صَاخِدٌ، وَهُوَ الصُّنْبُورُ، قلتُ: وأنَا واقِف فِي هَذَا الحَرْفِ، وخَطُّ شَمر أقربُهما إِلَى الصَّوَاب، كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَحَدَةِ السَّنَام، وَهُوَ أَصله. "..تهذيب اللغة (4/ 246-248)


قال : أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت: 395هـ)

(
حَفَدَ) الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْخِفَّةِ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّجَمُّعِ.
فَالْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ; لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِمُ التَّجَمُّعُ وَالتَّخَفُّفُ، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وَالسُّرْعَةُ إِلَى الطَّاعَةِ حَفْدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: " إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ".
قَالَ:...يَا ابْنَ الَّتِي عَلَى قَعُودٍ حَفَّادْ
وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] ، إِنَّهُمُ الْأَعْوَانُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - وَيُقَالُ الْأَخْتَانُ، وَيُقَالُ الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَالْمِحْفَدُ: مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ. وَيُقَالُ فِي بَابِ السُّرْعَةِ وَالْخِفَّةِ سَيْفٌ مُحْتَفِدٌ، أَيْ سَرِيعُ الْقَطْعِ. وَالْحَفَدَانُ: تَدَارُكُ السَّيْرِ.مقاييس اللغة (2/ 84)

قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي (ت: 458هـ)
الْحَاء وَالدَّال وَالْفَاء
حَفَدَ يحْفِدُ حَفْداً وحَفَدانا، واحتَفَد: خف فِي الْعَمَل وأسرع. وحَفَدَ يحْفِدُ حَفداً: خدم. والحَفَدُ والحَفَدَةُ: الأعوان والخدمة، واحدهم حافِدٌ.
وحَفَدَةُ الرجل بَنَاته، وَقيل أَوْلَاد أَوْلَاده، وَقيل الأصهار، وَقيل الأعوان. والحفيد: ولد الْوَلَد، وَالْجمع حُفَدَاءُ.
والحفَدُ والحفَدانُ والإحْفادُ فِي الْمَشْي: دون الخبب، وَقيل هُوَ إبطاء الرتك، وَالْفِعْل كالفعل.
والمِحْفَدُ والمَحْفَدُ: شَيْء يعلف فِيهِ، وَقيل هُوَ مكيال يُكَال بِهِ، وَقد رُوِيَ بَيت الْأَعْشَى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَناها السواديُّ الرَّضيخُ مَعَ النَّوَى ... وفَتٌّ وإعطاءُ الشَّعيرِ بمِحْفَدِ
ويرُوى بمَحْفِدِ، فَمن كسر الْمِيم عده مِمَّا يعتمل بِهِ، وَمن فتحهَا فعلى توهم الْمَكَان أَو الزَّمَان.
ومَحْفِدُ الثَّوْب: وشيه.
والمَحْفِدُ: الأَصْل عَامَّة، عَن ابْن الْأَعرَابِي.
والمَحْفِدُ: أصل السنام، عَن يَعْقُوب أنْشد لزهير:..على ظهرِها من نيِّها غيرَ مَحْفِدِ.."المحكم والمحيط الأعظم (3/ 263- 264)"

قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
ح ف د
حفد البعير حفداً، وحفوداً، وحفداناً: أسرع في سيره ودارك الخطو. قال حميد بن ثور:
فدته المطايا الحافدات وقطعت ... نعالاً له دون الإكام جلودها
وأحفد بعيره.
ومن المجاز: حفد فلان في الأمر واحتفد: أسرع فيه، وخف في القيام به. وحدفت فلاناً: خدمته وخففت إلى طاعته. ورجل محفود: مخدوم مطاع. وهو حافد فلان، وهم حفدته أي خدنه وأعوانه، ومنه قيل لأولاد الابن: الحفدة " بنين وحدفة " وهو من حفدة الأدب. " أساس البلاغة (1/ 199)"

قالمحمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور (ت: 711هـ)
حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً وَاحْتَفَدَ: خفَّ فِي الْعَمَلِ وأَسرع. وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ الْخِفَّةُ؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حَوْلَهُنَّ، وأَسلمتْ ... بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قرأَ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ:
وإِليك نَسْعَى ونَحْفِدُ
أَي نُسْرِعُ فِي الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصل الحَفْد الْخِدْمَةُ وَالْعَمَلُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ. اللَّيْثُ: الِاحْتِفَادُ السُّرْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذُو هَبَّةٍ، ... أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ غَيْرُهُ وَمُحْتَفِلُ الْوَقْعِ، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وَذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ قَالَ: أَخشى حفْدَه
أَي إِسراعه فِي مَرْضَاةِ أَقاربه. والحَفْدُ: السُّرْعَةُ. يُقَالُ: حَفَدَ البعيرُ وَالظَّلِيمُ حَفْداً وحَفَداناً، وَهُوَ تَدَارُكُ السَّيْرِ، وَبَعِيرٌ حَفَّادٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي الْحَفْدِ لُغَةٌ أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حَمَلْتَهُ عَلَى الحَفْدِ والإِسراع؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بَعِيرَيْهِمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَي أَسرعا، وَجَعَلَ حَفَدَ وأَحفد بِمَعْنًى. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحفدا خَدَمَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَحفدا غَيْرَهُمَا. والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وحفَدة الرَّجُلِ: بَنَاتُهُ، وَقِيلَ: أَولاد أَولاده، وَقِيلَ: الأَصهار. وَالْحَفِيدُ: وَلَدُ الْوَلَدِ، وَالْجَمْعُ حُفَداءُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً
أَنهم الْخَدَمُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنهم الأَصهار، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَفَدة الأَختان وَيُقَالُ الأَعوان، وَلَوْ قِيلَ الحَفَدُ كَانَ صَوَابًا، لأَن الْوَاحِدَ حَافِدٌ مِثْلُ الْقَاعِدِ والقَعَد. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَنُونَ بَنُوكَ وَبَنُو بَنِيكَ، وأَما الْحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَكَ مِنْ شَيْءٍ وَعَمِلَ لَكَ وأَعانك. وَرَوَى
أَبو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَنِينَ وَحَفَدَةً
، قَالَ: مَنْ أَعانك فَقَدْ حَفَدَكَ
؛ أَما سَمِعْتَ قَوْلَهُ:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَفَدَةُ بَنُو المرأَة مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْحَفَدَةُ مَنْ خَدَمَكَ مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَقِيلَ: الْحَفْدَةُ الْبَنَاتُ وهنَّ خَدَمُ الأَبوين فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ. قَالَ: والحَفَدانُ السُّرْعَةُ. وَرَوَى
عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا زِرُّ هَلْ تَدْرِي مَا الْحَفَدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، حُفَّادُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُمُ الأَصهار
؛ قَالَ عَاصِمٌ: وَزَعَمَ الْكَلْبِيُّ أَن زِرًّا قَدْ أَصاب؛ قَالَ سُفْيَانُ: قَالُوا وَكَذَبَ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان فَهُوَ أَتبع لِكَلَامِ الْعَرَبِ مِمَّنْ قَالَ الأَصهار؛ قَالَ:
فَلَوْ أَن نَفْسِي طَاوَعَتْنِي، لأَصبحت ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
أَي خَدَم حَافِدٌ وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ مَحْفُودٌ أَي مَخْدُومٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ
؛ الْمَحْفُودُ: الَّذِي يَخْدِمُهُ أَصحابه وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُسْرِعُونَ فِي طَاعَتِهِ. يُقَالُ: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ وأَنا حَافِدٌ وَمَحْفُودٌ. وحَفَدٌ وحَفَدة جَمْعُ حَافِدٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمية: بِالنِّعَمِ مَحْفُودٌ.
وَقَالَ: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد فِي الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ؛ وَقِيلَ: الحَفَدان فَوْقَ الْمَشْيِ كَالْخَبَبِ، وَقِيلَ: هُوَ إِبطاء الرَّكَكِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شَيْءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
بَنَاهَا الغَوادي الرضِيخُ مَعَ الخَلا، ... وسَقْيِي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ «1»
الْغَوَادِي: النَّوَى. وَالرَّضِيخُ: الْمَرْضُوخُ وَهُوَ النَّوَى يُبَلُّ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُرْضَخُ، وَقِيلَ: هُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الأَعشى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَنَاهَا السَّوَادِيُّ الرضيخُ مَعَ النَّوَى، ... وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
وَيُرْوَى بِمَحْفِد، فَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ عَدَّهُ مِمَّا يُعْتَمَلُ بِهِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَعَلَى تَوَهُّمِ الْمَكَانِ أَو الزَّمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو قَيْسٍ مِكْيَالٌ وَاسْمُهُ المِحْفَدُ وَهُوَ القَنْقَلُ. ومَحافِدُ الثَّوْبِ: وشْيُهُ، وَاحِدُهَا مَحْفِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَفَدَةُ صُناع الْوَشْيِ وَالْحَفْدُ الوَشْيُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِطَرَفِ الثَّوْبِ مِحفد، بِكَسْرِ الْمِيمِ، والمَحْفِد: الأَصل عَامَّةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ المَحْتِدُ والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل. ومَحْفِدُ الرَّجُلِ: مَحْتِدُه وأَصله. وَالْمَحْفِدُ: السَّنَامُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَصل السَّنَامِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
جُمالِيَّة لَمْ يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلَتي ... عَلَى ظَهْرِهَا، مِنْ نَيِّها، غيرَ مَحْفِد
وَسَيْفٌ مُحتفِدٌ: سَرِيعُ الْقَطْعِ. "لسان العرب (3/ 153-154 )


قال أحمد بن محمد بن علي الفيومي ثم الحموي، أبو العباس (ت: نحو 770هـ)
(
ح ف د) : حَفَدَ حَفْدًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ أَسْرَعَ وَفِي الدُّعَاءِ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ نُسْرِعُ إلَى الطَّاعَةِ وَأَحْفَدَ إحْفَادًا مِثْلُهُ وَحَفَدَ حَفْدًا خَدَمَ فَهُوَ حَافِدٌ وَالْجَمْعُ حَفَدَةٌ مِثْلُ: كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَعْوَانِ حَفَدَةٌ وَقِيلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ حَفَدَةٌ لِأَنَّهُمْ كَالْخُدَّامِ فِي الصِّغَرِ. "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير(1/ 141 ) "

قال مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً: خَفَّ في العَمَلِ، وأسْرَعَ،
كاحْتَفَدَ، وخَدَمَ.
والحَفَدُ، محرَّكةً: الخَدَمُ، والأَعْوانُ،
جَمْعُ حافِدٍ، ومشيٌ دونَ الخَبَبِ،
كالحَفَدانِ والإِحْفادِ.
وحَفَدَةُ الرَّجُلِ: بَناتُه، أو أولادُ أولادِه،
كالحَفيدِ، أو الأَصْهارُ، وصُنَّاعُ الوَشْيِ.
والمَحْفِدُ، كمَجْلِسٍ أو مِنْبَرٍ: شيءٌ يُعْلَفُ فيه الدَّوابُّ. وكمِنْبَرٍ: طَرَفُ الثَّوْبِ، وقَدَحٌ يُكالُ به. وكمَجْلسٍ: الأَصْلُ، وأصْلُ السَّنامِ، ووَشْيُ الثَّوْبِ،
وة باليَمَنِ.
وكمَقْعَدٍ: ة بالسَّحولِ.
وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سريعُ القَطْعِ.
وأحْفَدَه: حَمَلَه على الإِسْراعِ.
ورجُلٌ مَحْفودٌ: مَخْدومٌ.
الحِفرِدُ، كزِبْرِجٍ: حَبُّ الجَوْهَرِ، ونَبْتٌ.
الحَفَنْدَدُ، كسَفَرْجَلٍ: صاحِبُ المالِ الحَسَنُ القِيامِ عليه..."القاموس المحيط (ص: 277)"



قالمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت: 1205هـ)
حفد
(
حَفَد يَحْفِد) من حَدّ ضَرَبَ،
(
حَفْداً) ، بِفَتْح فَسُكُون، (وحَفَدَاناً) . محرّكةً: (خَفَّ فِي العَمَلِ وأَسْرَعَ) .
وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ، وذُكِرَ (لَهُ) عثمانُ للخلافَةِ، قَالَ: (أَخْشَى حَفْدَه) أَي إِسراعَه فِي مَرْضَاةِ أَقارِبه. (كاحْتَفَد) .
قَالَ اللَّيْث: الاحْتِفَادُ: السُّرعةُ فِي كلِّ شيْءٍ.
وحفَد واحْتَفَدَ بِمَعْنى الإِسراع، من الْمجَاز، كَمَا فِي الأَساس.
(
و) من الْمجَاز أَيضاً: حَفَدَ يَحْفِد حَفْداً: (خَدَمَ) ، قَالَ الأَزهريّ: الحَفْد فِي الخِدْمة والعَمَلِ: الخِفَّةُ.
وَفِي دعاءِ القُنُوتِ: (وإِليكَ نَسْعَى ونَحْفِد) أَي نُسْرِع فِي العَمل والخِدْمَة.
وَقَالَ أَبو عُبَيْد: أَصلُ الحَفْدِ: الخِدْمَةُ والعَمَلُ.
(
والحَفَدُ، محرَّكةً) والحَفَدَةُ: (الخَدَمُ والأَعوانُ، جمْعُ حافِد) ، قَالَ بن عَرفة: الحَفَدُ عِنْد الْعَرَب: الأَعوانُ، فكلّ من عَمِل عَمَلاً أَطاعَ فِيهِ وسارَ، فَهُوَ حافدٌ.
(
و) الحَفَدُ، محرّكةً (مَشْيٌ دُونَ الخَبَبِ) ، وَقد حَفَدَ البَعِيرُ والظَّلِيمُ، وَهُوَ تَدارُكُ السَّيْرِ، (كالحَفَدَانِ) ، محرَّكةً، والحَفْدِ، بِفَتْح فَسُكُون، وبعيرٌ حَفَّادٌ.
(
و) قَالَ أَبو عُبَيْد: وَفِي الحَفَد لُغَة أُخْرَى، وَهُوَ (الإِحفادُ) ، وَقد أَحْفَد الظَّلِيمُ.
وَقيل: الحَفَدَانُ فَوْقَ المَشْيِ كالخَبَب.
(
و) من الْمجَاز: (حَفَدَةُ الرَّجُلِ: بناتُه أَوْ أَولادُ أَولادِه، كالحَفِيد) وَهُوَ واحدُ الحَفَدَةِ، وَهُوَ وَلَدُ الوَلَدِ، والجمعُ حُفَدَاءُ.
ورُوِيَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) أَنهم الخَدَمُ (أَو الأَصهارُ) . رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود، أَنه قَالَ لزِرَ: هلْ تَدرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفَّاد الرّجُلٍ
من وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه. قَالَ: لَا ولاكنَّهم الأَصهارُ. قَالَ عاصمٌ: وزعَمَ الكَلْبِيٌّ أَن زِرًّا قد أَصاب. قَالَ سُفيانُ: قَالُوا وكَذَب الكَلْبِيّ. وَقَالَ الفرَّاءُ: الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَيُقَال: الأَعوانُ.
وَقَالَ الحَسَن. (البَنِينَ) : بَنُوك وَبَنُو بَنِيكَ.
وأَما الحَفَدة فَمَا حَفَدَك مِن شيْءٍ، وعَمِل لَك وأَعانك. وروى أَبو حمزةَ عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) . قَالَ: مَن أَعانك فقَدْ حفَدَك. وَقَالَ الضّحّاك: الحَفَدَةُ: بَنو المرأَةِ من زوْجها الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمةُ: الحفدة منْ خدَمكَ من وَلَدِكَ، وولَدِ وَلَدِكَ. وَقيل: المُرَاد بالبنات فِي قَول المصنِّف هُنَّ خَدمُ الأَبَوَيْن فِي البَيْت.
(
و) عَن ابْن الأَعرابيّ: الحَفَدَةُ (صُنَّاعُ الوَشْيِ) والحَفْد: الوَشْيُ.
(
والمحْفد، كمَجْلِسَ أَو مِنْبَر) ، وعَلى هاذه اقْتصر الصاغانيّ: (شَيْءٌ يُعْلَف فِيهِ الدَّوَابُّ) كالمِكْتَلِ. وَمِنْهُم مَنْ خَصَّ الإِبلَ، قَالَ الأَعشى، يَصِفُ ناقَتَه:
بَناها الغواديّ الرِّضِيخُ مَع الخَلَا
وسَقْيِي وإِطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
الغواديّ: النَّوَى، والرّضيخ: المرضوخ، وَهُوَ النَّوى يُبَلُّ بالماءِ ثمَّ يُرْضَخ. وَقد رُوِيَ بيتُ الأَعشى بالوجْهيْن مَعاً، فَمن كسر الْمِيم عَدَّه مِمَّا يُعْتَملُ بِهِ، وَمن فَتَحها فعلَى توَهُّمِ المكانِ أَو الزَّمان.
(
و) المِحْفَد (كمِنْبَر: طَرفُ الثَّوبِ) ، عَن ابْن شُميل.
(
و) رَوى ابنُ الأَعرابيّ عَن أَبي قَيس: (قَدَحٌ يُكالُ بِهِ) واسْمه المِحْفَد وَهُوَ القَنْقَلُ.
(
و) المَحْفِد (كمَجْلِس) الأَصْلُ) عامَّةً، كالمَحْتِد، والمَحْكِد، والمَحْقِد، عَن ابْن الأَعرابيّ
والمَحْفِدُ: السَّنَامُ (و) فِي الْمُحكم: (أَصلُ السَّنَامِ) ، عَن يَعْقُوب، وأَنشد لزُهَيْرٍ:
جُمَالِيَّةٌ لم يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلتي
على ظهْرِها مِنْ نِيّهَا غيرَ مَحْفِدِ.
(
و) المَحْفِد: (وَشْيُ الثَّوْبِ) ، جمْعه: المحافِدُ.
(
و) مَحْفِد كمجْلِس (ة بِالْيمن) من مَيْفَعة.
(
و) المَحْفَد (كمَقْعَد: ة بالسَّحُول) بأَسفَلها.
(
وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سَرِيعُ القَطْعِ) ، قَالَ الأَعشَى، يَصِف السَّيفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقْع ذُو هَبَّةٍ
أَجادَ جِلَاهُ يَدُ الصَّيْقَلِ
قَالَ الأَزهريُّ: وروى: ومُحْتَفِل الوَقْع، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصّوَابُ.
(
وأَحفَدَهُ: حمَلَهُ على) الحَفْدِ وَهُوَ (الإِسْرَاعُ) قَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليدَيْنِ مُسِيفةٍ
أَخَبَّ بهِنَّ المُخْلِفَانِ وأَحفَدَا
وَفِي التَّهْذِيب. أَحفدا، خَدَما، قَالَ: وَقد يكون أَحفدَا غيرَهما.
(
و) من الْمجَاز: (رجل مَحْفُودٌ) أَي (مَخْدُوم) ، يخدُمه أَصحابُه ويُعظِّمونه، ويُسْرِعُون فِي طَاعَته، يُقَال: حَفَدْت وأَحفدْت، وأَنا حافِدٌ ومَحْفُودٌ. وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي حَدِيثِ أُمّ مَعْبد.
وممَّن اشتَهر بالحفِيدِ: أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله بن يُوسفَ، النَّيْسَابُوريُّ، ابنُ بنت العبَّاس بن حَمْزَة، الْفَقِيه الواعظِ. " تاج العروس من جواهر القاموس(8/ 33-34)"
------------------

النقول التي تحصّلت لي في هذه المسألة:
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف:
تفسير مجاهد( )
تفسير عبد الرزاق (211)
جامع البيان لابن جرير(310)
" تفسير ابن أبي حاتم )327)
المستدرك ( 405)
والكشف والبيان للثعلبي، ( 427هـ):
والهداية لمكي بن أبي طالب(437هـ)
والنكت والعيون للماوردي( 450هـ)
تفسير البغوي (510هـ)
والمحرر الوجيز لابن عطية( 542هـ)
وزاد المسير لابن الجوزي،(597هـ):
وأحكام القرآن للقرطبي، ي(671هـ):
وتفسير ابن كثير.(: 774هـ)
مجمع الزوائد (: 807هـ)
الدر المنثور للسيوطي (911)
ومن كتب المرتبة الأولى: كتب معاني القران
- مجاز القرآن لأبي عبيدة (210 )
معاني القرآن للفراء (207هـ)
معاني القران للأخفش (215)
- ومعاني القرآن للزجاج (311هـ)
- معاني القران للنحاس ( 338)
ومن كتب المرتبة الثانية:كتب غريب القران
-غريب القرآن لابن قتيبة، (276)
-وغريب القرآن وتفسيره لليزيدي،237
-وياقوتة الصراط لغلام ثعلب،(ت:345 هـ)
- وتفسير المشكل من غريب القرآن لمكي بن أبي طالب (ت: 437هـ)
-العمدة في غريب القرآن: (ت: 437هـ)
-" المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ( ت 502ه)
-تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب أبى حيان الأندلسي 745 ه"
ومن كتب المرتبة الثالثة:
). غريب الحديث: أبو عبيدة القاسم بن سلام( 224 )
غريب الحديث لأبي سليمان الخطابي ( 388)

لم أجد في
- مجالس ثعلب ..
-كتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني،
-ديوان الهذليين
-كتاب الأضداد لابن الأنباري،


-من كتب المرتبة الرابعة:
-الكشاف للزمخشري ،(ت: 538هـ)
-البحر المحيط لأبي حيان، (ت: 745هـ)
-الدر المصون للسمين الحلبي، (ت: 756هـ)
-تفسير أبي السعود (ت: 982هـ)
-التحرير والتنوير لابن عاشور. ( ت : 1393هـ)
-أضواء البيان (ت: 1393هـ)
- كتب المرتبة الخامسة:
-العين للخليل ( 170 ه)
"-جمهرة اللغة ل بن دريد الأزدي( 321 ه)
-غريب القرآن المسمى بنزهة القلوبللسجستاني، (330هـ)
-تهذيب اللغة للأزهري (370هـ)
.-مقاييس اللغة ابن فارس( 395 ه)
-لمحكم والمحيط الأعظم لبن سيده(458ه)
-أساس البلاغة للزخشري (538ه)
-لسان العرب ابن منظور (711هـ)
-مصباح المنير في غريب الشرح الكبير الفيمومي( 770ه)
- القاموس المحيط الفيروزآبادى ( 817هـ)
- تاج العروس الزَّبيدي (1205هـ)


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 14 صفر 1439هـ/3-11-2017م, 11:49 AM
رشا نصر زيدان رشا نصر زيدان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: الدوحة قطر
المشاركات: 359
افتراضي التطبيق الخامس بعد التعديل

التطبيق الخامس:
معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

أولا: أقوال السلف في المسألة:

قال عطاء الخراساني(ت: 135ه):

* في قول االله تعالى "ليس لهم طعام إلا من ضريع"( الغاشية : ٦ .قال: شجرة يقال لها: الشبرق.
القول الأول: أنه شجرة يقال لها الشبرق، كثيرة الشوك قال به عطاء الخراساني،وهو قول ابن عباس،ومجاهد،وعكرمة، و قتادة ,وهو قول جمهور المفسرين.
القول الثاني: السلا و هو شوك النخل،وكيف يسمن من كان طعامه الشوك، قال به أبو الجوزاء.
القول الرابع: أنه شجر من نار، قال به ابن عباس، و ابن زيد.
القول الخامس: أنه الزقوم، قال به سعيد بن جبير. (رسالة لنيل الماجستير في أقوال عطاء الخراساني مقدمة من محمد بن عبد الجواد بن الصاوي، جامعة أم القرى، كلية أصول الدين

قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر، عن قتادة، في قوله: {إلا من ضريع}؛ قال: هو الشبرق). [تفسير عبد الرزاق: 2/ 368]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (ويقال: الضّريع: نبتٌ يقال له الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز: الضّريع إذا يبس، وهو سمٌّ). [صحيح البخاري: 6 / 168]

قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري(ت: 310ه):
وقوله: ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) يقول: ليس لهؤلاء الذين هم أصحاب الخاشعة العاملة الناصبة يوم القيامة طعام، إلا ما يطعمونه من ضَرِيع. والضريع عند العرب: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سمّ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) قال: الضريع: الشِّبْرق.
حدثني محمد بن عُبيد المحاربيّ، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ، عن عكرِمة في قوله: ( لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ ) قال: الشِّبرق.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال: ثنا آدم قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الضريع: الشبرق اليابس). [تفسير مجاهد: 2/ 753]

قال مكي ابن طالب القيسي(ت: 437ه):

قال ابن عباس: "الضريع: شجر من نار"
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، و الضريع عند العرب شوك يابس(ولا ورق فيه).
زقال عكرمة: الضريع: الحجارة.وقال الحسن: الضريع: الزقوم وهو الذي يضرع و يذل من أكله لمرارته و خشونته.(الهداية إلى بلوغ النهاية ، سورة الغاشية، ص 8221)

الحسين بن مسعود البغوي (ت: 450):

هذا شرابهم ثم ذكر طعامهم فقال : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال مجاهد وعكرمة وقتادة : هو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض ، تسميه قريش الشبرق فإذا هاج سموها الضريع ، وهو أخبث طعام وأبشعه . وهو رواية العوفي عن ابن عباس . قال الكلبي : لا تقربه دابة إذا يبس .
قال ابن زيد : أما في الدنيا فإن " الضريع " الشوك اليابس الذي يبس له ورق ، وهو في الآخرة شوك من نار وجاء في الحديث عن ابن عباس : " الضريع : شيء في النار [ شبه ] الشوك أمر من الصبر‌ ، وأنتن من الجيفة ، وأشد حرا من النار "(سورة الغاشية الجزء الثامن).

الماوردي (ت: 450 )تفسير النكت و العيون:


ليس لهم طعام إلا من ضريع فيه ستة أقاويل : أحدها : أنها شجرة تسميها قريش الشبرق ، كثيرة الشوك ، قاله ابن عباس ، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع ، قال الشاعر
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا نازعته النحائص
الثاني : السلم ، قال أبو الجوزاء : كيف يسمن من يأكل الشوك .
الثالث : أنها الحجارة ، قاله ابن جبير .
الرابع : أنه النوى المحرق ، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب .
الخامس : أنه شجر من نار ، قاله ابن زيد .
السادس : أن الضريع بمعنى المضروع ، أي الذي يضرعون عنده طلبا للخلاص منه ، قاله ابن بحر .( 6\259-260)

قال ابن عطية (ت: 542ه):

واختلف الناس في "الضريع" ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين هو الزقوم; لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إلا من ضريع، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع هو الزقوم. وقال سعيد بن جبير : الضريع حجارة في النار. وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة وعكرمة : الضريع شبرق [ ص: 598 ] النار، وقال أبو حنيفة : الضريع الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا بان منه النحائض
وقيل: الضريع: العشرق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الضريع شوك في النار"، وقال بعض اللغويين: الضريع يبس العرفج إذا تحطم، وقال آخرون: هو رطب العرفج، وقال الزجاج : هو نبت كالعوسج، وقال بعض المفسرين: الضريع نبت في البحر [ ص: 599 ] أخضر منتن مجوف مستطيل، له نور فيه كبير، وقال ابن عباس أيضا: الضريع شجر من نار. وكل من ذكر شيئا مما قدرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد، وكل ما في النار فهو نار. وقال قوم: ضريع: واد في جهنم، وقال جماعة من المتأولين: الضريع طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصص شيئا مما ذكر، وقال بعض اللغويين: وهذا مما لا تعرفه العرب، وقيل: "الضريع" الجلدة التي على العظم تحت اللحم، ولا أعرف من تأول الآية بهذا، وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة، والغسلين لطائفة.(تفسير المحرر الوجيز،الجزء الثامن، سورة الغاشية ص 598- 599).

قال ابن الجوزي (ت: 597ه):

الضريع فيه أقوال: القول الأول: أنه نبت ذو شوك لاطئ بالأرض و تسميه قريش: الشبرق،فإذا هاج سموه ضريعاً. والثاني: أنه شجر من نار،رواه الوالبي عن ابن عباس، و الثالث: أنها الحجارة،قاله ابن جبير، و الرابع: أنه السلم،قاله أبو الجوزاء،و الخامس:أنه في الدنيا: الشوك اليابس الذي ليس له ورق،وهو في الآخرة شوك من نار،قاله ابن زيد. و السادس: أنه طعام يضرعون إلى الله تعالى منه، قاله ابن كيسان.(تفسير زاد المسير،سورة الغاشية، ص: 1540).

القرطبي (ت: 671ه ) الجامع لأحكام القرآن:

وله تعالى : ليس لهم طعام إلا من ضريع
قوله تعالى : ليس لهم أي لأهل النار . طعام إلا من ضريع لما ذكر شرابهم ذكر طعامهم . قال عكرمة ومجاهد : الضريع : نبت ذو شوك لاصق بالأرض ، تسميه قريش الشبرق إذا كان رطبا ، فإذا يبس فهو الضريع ، لا تقربه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه وهو سم قاتل ، وهو أخبث الطعام وأشنعه على هذا عامة المفسرين . إلا أن الضحاك روى عن ابن عباس قال : هو شيء يرمي به البحر ، يسمى الضريع ، من أقوات الأنعام لا الناس ، فإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع ، وهلكت هزلا . والصحيح ما قاله الجمهور : أنه نبت . قال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وعاد ضريعا بان منه النحائص
وقال الهذلي وذكر إبلا وسوء مرعاها :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال الخليل : الضريع : نبات أخضر منتن الريح ، يرمي به البحر . وقال الوالبي عن ابن عباس : هو شجر من نار ، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها . وقال سعيد بن جبير : هو الحجارة ، وقاله عكرمة . والأظهر أنه شجر ذو شوك حسب ما هو في الدنيا . وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الضريع : شيء يكون في النار ، يشبه الشوك ، أشد مرارة من الصبر ، [ ص: 28 ] وأنتن من الجيفة ، وأحر من النار ، سماه الله ضريعا " . وقال خالد بن زياد : سمعت المتوكل بن حمدان يسأل عن هذه الآية ليس لهم طعام إلا من ضريع قال : بلغني أن الضريع شجرة من نار جهنم ، حملها القيح والدم ، أشد مرارة من الصبر ، فذلك طعامهم .(22\238).

أبو حيان الأندلسي(ت: 745 ) تفسير البحر المحيط
الضريع ، قال أبو حنيفة وأظنه صاحب النبات ، الضريع : الشبرق ، وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما ، ومنه قول ابن عزارة الهذلي :
وحبسن في هزم الضريع فكلها حدباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى وصار ضريعا بان عنه النحائص
وقال بعض اللغويين : يبيس العرفج إذا تحطم . وقال الزجاج : هو نبت كالعوسج . وقال الخليل : نبت أخضر منتن الريح يرمي به البحر . النمارق : الوسائد ، واحدها نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما .(8: 461)

ابن كثير (ت:774ه): تفسير القرآن العظيم

وقوله : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : شجر من نار .
وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم . وعنه : أنها الحجارة .
وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو الجوزاء ، وقتادة : هو الشبرق . قال قتادة : قريش تسميه في الربيع الشبرق ، وفي الصيف الضريع . قال عكرمة : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض .
وقال البخاري : قال مجاهد : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس ، وهو سم .(8\ 384)

ابن حجر العسقلاني: (ت: 909ه) (فتح الباري في شرح صحيح البخاري):

سورة هل أتاك حديث الغاشية وقال ابن عباس عاملة ناصبة النصارى وقال مجاهد عين آنية بلغ إناها وحان شربها حميم آن بلغ إناه لا تسمع فيها لاغية شتما ويقال الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم بمسيطر بمسلط ويقرأ بالصاد والسين وقال ابن عباس إيابهم مرجعهم.

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
(وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 381] .

ثانيا: جمع أقوال اللغويين في المسألة:

أبي زكريا الفراء (ت: 207) : وهو نبت يقال له الشبرق،وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس،وهو سم. (معاني القرآن 3\ 257).

مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى (ت 210ه) : " إلاّ مِنْ ضَرِيعٍ " الضريع عند العرب الشبرق شجر.(كتاب المجاز ص 190)

أبي عبيدة التيمي(ت: 209ه )
" إلاّ مِنْ ضَرِيعٍ " الضريع عند العرب الشبرق شجر .( مجاز القرآن 2\ 296).

محمد عبد الله بن عبد المجيد بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت: 276ه)
(الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق). [تفسير غريب القرآن: 525].

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}). [معاني القرآن: 5/317].

أبو عمر الزاهد المطرز الباوَرْدي، المعروف بغلام ثعلب (المتوفى: 345هـ): والضريع العوسج الرطب، وَهُوَ نَبَات فِي النَّار، شَبيه العوسج.

قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):
الضَّرِيع): نبت بالحجاز، يقال لرطبة الشِّبْرِق).( تفسير المشكل من غريب القرآن 386ص)
وذكر عن القرطبي في الجامع أنه قال: "قال عكرمة و مجاهد: نبت ذو شوك لاصق بالأرض تسميه قريش الشبرق إذا كان رطبا فإذا يبس فهو الضريع،لا تقربه دابة و لا بهيمة و لا ترعاه، و هو سم قاتل، و هو أخبث الطعام و أشنعه."( الجامع 20\29).
و له أيضاً العمدة في غريب القرآن كلمة الضريع: النبت.( ص 344).

ابن عزيز السجستاني: (ضريع): نبت بالحجاز يقال لرطبه: الشبرق. (غريب القرآن، باب الضاد المفتوحة، ص 133).

التعليقات:

1.المرتبة الأولى:

• يحي بن سلام البصري(ت: 200ه): لم أقف على تفسير السورة في تفسيره(التفسير من سورة النحل إلى سورة الصافات).
• الأخفش (ت:215ه):
لم يفسر معنى الكلمة في تفسيره،( معاني القرآن، ص577)
•تأويل مشكل القرآن ،لابن قتيبة (ت 276 ه ) :لم أجد في تفسير الكلمة.
•أبي جعفر النحاس(ت: 338ه) تفسيره من سورة البقرة إلى نهاية سورة الفتح.

2.المرتبة الثانية:

•لم أعثر على تفسير غريب القرآن لليزيدي.

3.المرتبة الثالثة:

لم أستطع التوصل إلى الكتب، و بحثت في موقع جمهرة العلوم(جمهرة التفسير اللغوي)،متواجد إلى التفسير اللغوي لسورة الحشر.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 15 صفر 1439هـ/4-11-2017م, 12:00 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع تقويم التطبيق الخامس من دورة المهارات المتقدمة في التفسير
جمع أقوال علماء اللغة


عقيلة زيان أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
ومصادرك اللغوية ممتازة -بارك الله فيك- لكنك أكثرتِ من النقل عن السلف بعكس ما أوصينا في التقويم السابق، وتقديرا لجهدك في جمع النقول من المصادر اللغوية تمّ منح الدرجة كاملة، مع الانتباه لذلك مستقبلا إن شاء الله، والتفريق بين مقام جمع أقوال السلف ومقام جمع أقوال علماء اللغة، وفقك الله.

رشا زيدان د
بارك الله فيك ونفع بك.
- بالنسبة للتفاسير التي تنقل أقوال السلف، فقد أكثرتِ من النقل عن تفاسير أخرى غير الموصى بها في الدرس، فيرجى الاقتصار على هذه التفاسير التسعة فقط.
- اقتصرت النقول اللغوية على كتب المرحلة الأولى والثانية فقط وفاتتك ثلاثة مراتب كاملة عدا البحر المحيط من المرتبة الرابعة، والوصول إلى كتب بقية المراتب ليس صعبا، وقد اشتملت تطبيقات زميلاتك على كثير من النقول من هذه المراتب، فالملاحظة هي على دقة البحث والاجتهاد فيه.


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15 صفر 1439هـ/4-11-2017م, 07:01 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

التطبيقات:
اختر مسألة من المسائل التالية، واجمع أقوال علماء اللغة فيها على نحو ما في المثال:
1. معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

🔶 المسألة تفسيرية لغوية لتعلقها بمعنى مفردة في القرآن الكريم ، ولذلك في البحث في معناها اتبعت التالي :
1- وضعت أولا ما وجدته في التفاسير التسعة التالية والتي تعنى بأقوال السلف وهي :
- تفسير ابن جرير الطبري
- تفسير الكشف والبيان للثعلبي
- تفسير الهداية لمكي بن أبي طالب
- تفسير النكت والعيون للماوردي
- المحرر الوجيز لابن عطية
زاد المسير لابن الجوزي
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير
- الدر المنثور للسيوطي

2 - ثم جمعت ما تيسر لي من أقوال علماء أهل اللغة في المفردة ... فرجعت في البداية إلى موقع جمهرة التفاسير وجمعت ما ورد فيه من أقوال أهل اللغة ، ثم بحثت في المصادر الأخرى

3 - قمت بتحميل نسخ إلكترونية من الكتب للبحث فيها ... وقد بحثت فيها جميعا وأدرجت ما لم أجد فيه شيئا ضمن كتب كل مرتبة ... بعضها كان البحث فيه يسيرا لتعلق الكلمة بباب معين سواء من المعاجم أو التفاسير وغيرها ... وبعضها اضطررت لاستخدام خاصية البحث في الملفات لصعوبة معرفة وتحديد الباب الذي يمكن أن أجد فيه الكلمة كالمخصص لابن سيدة ...

4 - المصادر اللغوية التي رجعت إليها لجمع أقوال اللغويين :
1- من كتب المرتبة الأولى : معاني القرآن :
من المصادر التي وجدت فيها معنى الضريع في هذه المرتبة :
- معاني القرآن للفراء
- مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
- معاني القرآن للزجاج
- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة
- تفسير يحيى بن سلام البصري ... وهو غير مكتمل لذلك رجعت إلى مختصريه ( تفسير هود بن محكم الهواري ، وتفسير ابن أبي زمنين ) وكلاهما نقلا تفسير الكلبي للضريع .
- لم أجد شيئا في معنى ضريع في معاني القرآن للنحاس لأنه قد وصل في كتابه إلى سورة الفتح
- ولم أجد ذكرا للمسألة في معاني القرآن للأخفش
- وبحثت في ( فوائد في مشكل القرآن للعز بن عبد السلام ) فلم أجد ذكرا للمسألة

2- الثانية : غريب القرآن :
- تفسير غريب القرآن لليزيدي
- المشكل من غريب القرآن،
والعمدة في غريب القرآن كلاهما لمكي بن أبي طالب
- المفردات في غريب القرآن للأصفهاني
- ياقوتة الصراط لغلام ثعلب
- نزهة القلوب للسجستاني
- غريب القرآن لابن قتيبة

3-الثالثة : كتب لغوية :
- كتاب الجيم للشيباني
- شرح أشعار الهذليين للسكري
- الأضداد لابن الأنباري
- لغات القبائل الواردة في القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام
- كتاب النوادر في اللغة لأبي زيد الأنصاري ، بحثت فيه عن الضريع فلم أجد ...
- وكذلك كتاب الكنز اللغوي في اللسن العربي لابن السكيت فلم أجد فيه.
- وبحثت في كتاب الفاضل لابن المبرد لاحتوائه على غريب الشعر وكلماته فلم أجد فيه ، وكذلك كتاب الكامل لابن المبرد لكن موضوعاته في مجالات أخرى فلم أجد فيه
- وبحثت في كتابي ( الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ) و ( الفروق اللغوية ) لأبي هلال العسكري فلم أجد ذكرا للمسألة

4- الرابعة : التفاسير التي تعنى باللغة :
- تفسير الكشاف للزمخشري
- حاشية الطيبي على الكشاف
- التحرير والتنوير لابن عاشور
- البحر المحيط لابي حيان
- الدر المصون للحلبي
- تفسير أبي السعود

5- الخامسة :لأن هذه المسألة تفسيرية لغوية تتعلق ببيان معنى مفردة من مفردات القرآن، فإنّ البحث في كتب المرتبة الخامسة سيكون في معاجم اللغة ، ومما وجدته منها :
- العين للفراهيدي
- لسان العرب لابن منظور
- القاموس المحيط للفيروز آبادي
- تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي
- المخصص لابن سيدة
- المحكم لابن سيدة
- الصحاح في اللغة لأبي نصر الجوهري
- تهذيب اللغة للأزهري
- بحثت في كتاب الألفاظ لابن السكيت فلم أجد
- و بحثت في مقاييس اللغة لابن فارس باب الضاد في المطابق والمضاعف ، فصل ( ضر ) وما يثلثهما فلم أجد ل( ضريع ) أو أي تصريف لها ذكرا ، وكذلك في باب ( رض ع ) وكذلك في باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ضاد فلم أجد

4 - بعد أن أنهيت جمع الأقوال رتبت المصادر حسب تسلسلها التاريخي ...
فوضعت أولا أقوال السلف مرتبة من التفاسير التسعة
ثم أقوال أهل اللغة حسب تسلسلها التاريخي

أولا : ما ورد في معناها من أقوال السلف :
تفسير قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
🔹قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
(وقولُهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: ليسَ لهؤلاءِ الذينَ هم أصحابُ الوجُوه الخاشعةِ العاملةِ الناصبةِ يومَ القيامةِ، طعامٌ إلاَّ ما يَطْعَمُونَه من ضريعٍ.

1- والضريعُ عندَ العربِ: نبْتٌ يُقالُ له الشِّبْرِقُ، وتسمِّيهِ أهلُ الحجازِ: الضَّرِيعَ؛ إذا يَبِسَ، ويسمِّيهِ غيرُهم: الشِّبْرِقُ، وهو سُمٌّ.
وبنحوِ الذي قلْنَا في ذلك قالَ أهلُ التأويلِ.
▪ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني محمَّدُ بنُ سعدٍ، قالَ: ثني أبي، قالَ: ثني عمِّي، قالَ: ثني أبي، عن أبيهِ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الضريعُ: الشبرقُ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ المحاربيُّ، قالَ: ثنا عبَّادُ بنُ يعقوبَ الأسديُّ، قالَ محمَّدٌ: ثنا، وقالَ عبَّادٌ: أخبرنا محمَّدُ بنُ سليمانَ، عن عبدِ الرَّحْمنِ الأصبهانيِّ، عن عكرمةَ في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.

- حدَّثني يعقوبُ، قالَ: ثنا إسماعيلُ ابنُ عُليَّةَ، عن أبي رجاءٍ، قالَ: ثني نجدةُ، رجلٌ من عبدِ القيسِ، عن عكرمةَ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هي شجرةٌ ذاتُ شوكٍ، لاطئةٌ بالأرضِ، فإذا كانَ الربيعُ سمَّتْها قريشٌ الشبرقَ، فإذا هاجَ العودُ سمَّتْها الضريعَ.

- حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، قالَ: ثنا عبدُ الرَّحْمنِ، قالَ: ثنا سفيانُ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ} قالَ: الشبرقُ.

- حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قالَ: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، مثلَهُ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عمرٍو، قالَ: ثنا أبو عاصمٍ، قالَ: ثنا عيسَى؛ وحدَّثني الحارثُ، قالَ: ثنا الحسنُ، قالَ: ثنا ورقاءُ، جميعاً عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قولَهُ: {ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشبرقُ اليابسُ.

- حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلَى، قالَ: ثنا ابنُ ثورٍ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ:{إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: هو الشبرقُ إذا يَبِسَ يُسمَّى الضريعَ.

- حدَّثنا بِشْرٌ، قالَ: ثنا يزيدُ، قالَ: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يقولُ: من شرِّ الطعامِ، وأبشعِهِ وأخبثِهِ.

- حدَّثني محمَّدُ بنُ عبيدٍ، قالَ: ثنا شريكُ بنُ عبدِ اللَّهِ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ.

2- وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: الحجارةُ.
▪ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثنا أبو كريبٍ، قالَ: ثنا ابنُ يمانٍ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الحجارةُ.

3- وقالَ آخرُونَ: الضريعُ: شجرٌ من نارٍ.
▪ ذِكْرُ مَن قالَ ذلك:
- حدَّثني عليٌّ، قالَ: ثنا أبو صالحٍ، قالَ: ثني معاويَةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عبَّاسٍ، قولَهُ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} يقولُ: شجرٌ من نارٍ.

- حدَّثني يونسُ، قالَ: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قالَ: قالَ ابنُ زيدٍ، في قولِهِ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا من ضَرِيعٍ} قالَ: الضريعُ: الشوكُ من النارِ. قالَ: وأمَّا في الدنيا فإنَّ الضريعَ: الشوكُ اليابسُ الذي ليسَ له ورقٌ، تدعوهُ العربُ الضريعَ، وهو في الآخرةِ شوكٌ من نارٍ). [جامع البيان: 24 / 331-333]

🔹قال أبو إسحاق الثعلبي ( 427 هـ) :
(( لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ)) قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطي بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.

وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع، وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "حديث :
الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّاً من النار" تفسير : سمّاه النبيّ ضريعاً، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئاً، إلاّ أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضّرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.

وقال أبو الدرداء والحسن: يُقبّح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم القبيح في الدنيا، ويُحسن وجوه أهل الجنّة يشبّهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأنّ الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيُغاثون بالضريع ويستغيثون فيُغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة،

ثمّ يُسقون من عين آنية لا هنيّة ولا مريّة، فكلّما أدنوه من وجوههم سلخ جلودَ وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطّعها، فذلك قوله سبحانه: ((وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ)) [محمد: 15].

قال المفسِّرون: فلمّا نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: ((لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ)) ويقول: فإنّ الإبل ترعاهُ ما دام رطباً، فإذا يبسَ فلا يأكلهُ شيء ورطبه يسمّى شبرقاً لا ضريعاً.( الكشف والبيان )

🔹 قال مكي بن أبي طالب ( 437 هـ) :
وقال تعالى: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ}.
أي: (ليس) لأصحاب هذه (الوجوه) الخاشعة - وهم الكفار - طعام يطعمونه في النار إلا طعام من ضريع.
قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار ".
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس [ولا ورق فيه].
وقال عكرمة: الضريع: الحجارة.
وقال الحسن: الضريع: الزقوم وعنه أيضاً: الضريع: الذي يضرع ويذل من أكله لمرارته وخشونته.
وقال عطاء: الضريع: الشبرق. وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعلى هذا القول كثير من أهل اللغكة، والشبرق: [شجر] كثير الشوك تعافه الإبل، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم الشبرق.

وقيل: الضريع واد في جهنم. وقد أخبر الله في هذه الآية بأن لا طعام لهم إلا طعام من ضريع، فأثبت لهم طعاماً، وقال في موضع آخر {فَلَيْسَ لَهُ اليوم هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ} [الحاقة: 35 - 36].
فظاهره أنه قد أوجب لهم طعاما من غسلين فهذاك خلاف ذلك في الظاهر. المعنى في ذلك التقدير: فليس له اليوم هاهنا شراب حميم إلا من غسلين ولا طعام يتنفع به.
(وقيل): الغسلين من الضريع.
وقيل: الغسلين لقوم والضريع لآخرين.
( الهداية إلى بلوغ النهاية )

🔹قال أبو الحسن علي البصري الماوردي ( 450 هـ) :
((ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ)) فيه ستة أقاويل:
أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق، كثيرة الشوك، قاله ابن عباس، قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع
قال الشاعر :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى
وعاد ضريعاً نازعته النحائص
الثاني: السّلم،
قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك.
الثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق، حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب.
الخامس: أنه شجر من نار، قاله ابن زيد.
السادس: أن الضريع بمعنى المضروع، أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه، قاله ابن بحر
( النكت والعيون )

🔹 قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
▪ (واختلف الناس في (الضّريع)؛
- فقال الحسن وجماعةٌ من المفسّرين: هو الزّقّوم؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبر في هذه الآية أنّ الكفّار لا طعام لهم إلاّ من ضريعٍ، وقد أخبر أنّ الزّقّوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أنّ الضّريع هو الزّقّوم.

-وقال سعيد بن جبيرٍ: الضّريع حجارةٌ في النار.

- وقال ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، وعكرمة: الضّريع: شبرق النار.
- وقال أبو حنيفة: الضّريع: الشّبرق؛ وهو مرعى سوءٍ، لا تعقد السّائمة عليه شحماً ولا لحماً.
ومنه قول ابن عيزارة الهذليّ:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ....... حدباء دامية اليدين حرود
- وقال أبو ذؤيبٍ:
رعى الشّبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ....... وعاد ضريعاً بان منه النّحائص

- وقيل: الضّريع: العشرق.
وقال النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «الضّريع: شوكٌ في النّار».
- وقال بعض اللّغويّين:
الضّريع: يبس العرفج إذا تحطّم.
وقال آخرون: هو رطب العرفج.
وقال الزّجّاج: هو نبتٌ كالعوسج.

- وقال بعض المفسّرين: الضّريع نبتٌ في البحر أخضر منتنٌ مجوّفٌ مستطيلٌ، له نورٌ فيه كبيرٌ.
- وقال ابن عبّاسٍ أيضاً: الضّريع: شجرٌ من نارٍ.

وكلّ من ذكر شيئاً مما قدّمناه فإنما يعني أن ذلك من نارٍ ولا بدّ، وكلّ ما في النار فهو نارٌ.
- وقال قومٌ: ضريعٌ، وادٍ في جهنّم.
- وقال جماعةٌ من المتأولّين: الضّريع: طعام أهل النار، ولم يرد أن يخصّص شيئاً ممّا ذكر.
- قال بعض اللّغويّين: وهذا ممّا لا تعرفه العرب.
- وقيل: الضّريع: الجلدة التي على العظم تحت اللّحم. ولا أعرف من تأوّل الآية بهذا.

- وأهل هذه الأقاويل يقولون: الزّقّوم لطائفةٍ، والضّريع لطائفةٍ، والغسلين لطائفةٍ.

▪واختلف في المعنى الذي سمّي به ضريعاً؛ فقيل:
- هو ضريعٌ بمعنى مضرعٍ، أي: مضعفٍ للبدن مهزلٍ، ومنه قول النبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- في ولدي جعفر بن أبي طالبٍ -رضي اللّه عنهم-:«ما لي أراهما ضارعين». يريد هزيلين.
- ومن فعيلٍ بمعنى مفعلٍ قول عمرو بن معديكرب:
أمن ريحانة الدّاعي السّميع ....... يؤرّقني وأصحابي هجوع
يريد: المسمع.
- وقيل: ضريعٌ: فعيلٌ من المضارعة، أي: لأنه يشبه المرعى الجيّد، ويضارعه في الظاهر، وليس به).
[المحرر الوجيز: 8/ 597-599]

🔹قال أبو الفرج ابن الجوزي ( 597 هـ) :
قوله تعالى: ((ليس لهم طعام إلا من ضريع)) فيه ستة أقوال.
أحدها: أنه نبت ذو شوك لا طىءٍ بالأرض، وتسميه قريش «الشِّبْرِق» فإذا هاج سموه: ضريعاً، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة.
والثاني: أنه شجر من نار، رواه الوالبي عن ابن عباس.
والثالث: أنها الحجارة، قاله ابن جبير.
والرابع: أنه السَّلَم، قاله أبو الجوزاء.
والخامس: أنه في الدنيا: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، وهو في الآخرة شوك من نار، قاله ابن زيد.
والسادس: أنه طعام يضرعون إلى الله تعالى منه، قاله ابن كيسان.

قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية قال المشركون: إن إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله تعالى ((لا يسمن ولا يغني من جوع)) وكُذِّبوا، فإن الإبل إنما ترعاه ما دام رطباً، وحينئذ يسمَّى شِبْرِقاً، لا ضريعاً، فإذا يبس يسمى: ضريعاً لم يأكله شيء.
فإن قيل: إنه قد أخبر في هذه الآية: «ليس لهم طعام إلا من ضريع» وفي مكان آخر (( ولا طعامٌ إلا من غسلين)) تفسير : [الحاقة: 36] فكيف الجمع بينهما؟.
فالجواب: أن النار دركات، وعلى قدر الذنوب تقع العقوبات، فمنهم من طَعامُهُ الزَّقُّوم، [ومنهم] مَنْ طعامه غِسْلين، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم مَنْ شَرَابُهُ الصَّديد. قاله ابن قتيبة ( زاد المسير )

🔹 قال شمس الدين القرطبي ( 671 هـ) :
قوله تعالى: ((لَّيْسَ لَهُمْ)) أي لأهل النار. ((طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ))
لما ذكر شرابهم ذكر طعامهم.
قال عكرمة ومجاهد: الضَّرِيع: نبت ذو شوك لاصق بالأرض، تسميه قريش الشِّبْرِق إذا كان رطباً، فإذا يبِس فهو الضريع، لا تَقْرَبُه دابة ولا بهيمة ولا ترعاه؛ وهو سُمٌّ قاتل، وهو أخبث الطعام وأشنعه؛ على هذا عامّة المفسرين.
إلا أن الضحاك روى عن ابن عباس قال: هو شيء يَرْمِي به البحر، يسمَّى الضَّريعَ، من أقوات الأنعام لا الناس، فإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع، وهلكت هُزْلاً.
والصحيح ما قاله الجمهور: أنه نبت.
قال أبو ذُؤيب:
رَعَى الشِّبرِقَ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى....وعاد ضّريعاً بانَ منه النَّحائصُ
وقال الهُذليّ وذكر إبلاً وسوء مرعاها:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضرِيع فكلُّها حَدْباءُ دامِيةُ اليدين حَرُودُ

وقال الخليل: الضريع: نبات أخضر مُنتن الريح، يرمي به البحر. وقال الوالبيّ عن ابن عباس: هو شجر من نار، ولو كانت في الدنيا لأحرقت الأرض وما عليها.
وقال سعيد بن جُبير: هو الحجارة، وقاله عكرمة.
والأظهر أنه شجر ذو شوك حَسْب ما هو في الدنيا.

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الضريع: شيء يكون في النار، يشبه الشوك، أشدّ مرارة من الصبرِ، وأنتن من الجيفة، وأحر من النار، سماه الله ضريعاً »

وقال خالد بن زياد: سمعت المتوكل بن حمدان يسأل عن هذه الآية ((لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ )) قال: بلغني أن الضريع شجرة من نار جهنم، حَمْلها القيح والدم، أشدّ مرارة من الصَّبرِ، فذلك طعامهم.

وقال الحسن: هو بعض ما أخفاه الله من العذاب. وقال ابن كيسان: هو طعام يَضْرعون عنده ويذِلون، ويتضرعون منه إلى الله تعالى، طلباً للخلاص منه؛ فسمي بذلك، لأن آكله يضرع في أن يُعْفَى منه، لكراهته وخشونته.

قال أبو جعفر النحاس: قد يكون مشتقاً من الضارع، وهو الذليل؛ أي ذو ضراعة، أي من شرِبه ذليل تلحقه ضراعة.

وعن الحسن أيضاً: هو الزُّقوم. وقيل: هو وادٍ في جهنم. فالله أعلم.

وقد قال الله تعالى في موضع آخر: (( فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ )) [الحاقة: 35 ـ 36]. وقال هنا: «إِلا مِن ضرِيع» وهو غير الغِسلِين. ووجه الجمع أن النار دَرَكات؛ فمنهم مَنْ طعامه الزُّقوم، ومنهم من طعامه الغِسلين، ومنهم من طعامه الضريع، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصّديد.

قال الكلبيّ: الضريع في درجة ليس فيها غيره، والزقوم في درجة أخرى. ويجوز أن تُحْمل الآيتان على حالتين (( يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ )) [الرحمن: 44].
كما قال القُتَبيّ: ويجوز أن يكون الضريع وشجرة الزقوم نَبتين من النار، أو من جوهر لا تأكله النار. وكذلك سلاسل النار وأغلالُها وعقاربها وحَياتها، ولو كانت على ما نعلم ما بقيت على النار.
قال: وإنما دلنا الله على الغائب عنده، بالحاضر عندنا؛ فالأسماء متفقة الدلالة، والمعاني مختلفة. وكذلك ما في الجنة من شجرها وفرشها.
قال القُشَيريّ: وأمثل من قول القُتَبيّ أن نقول: إن الذي يُبقي الكافرين في النار ليدوم عليهم العذاب، يُبقي النبات وشجرة الزقوم في النار، ليعذب بها الكفار. وزعم بعضهم أن الضريع بعينه لا يَنْبت في النار، ولا أنهم يأكلونه. فالضريع من أقوات الأنعام، لا من أقوات الناس. وإذا وقعت الإبل فيه لم تشبع، وهلكت هزلاً، فأراد أن هؤلاء يقتاتون بما لا يشبعهم، وضرب الضريع له مثلاً، أنهم يعذبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع.
قال الترمذي الحكيم: وهذا نظر سقيم من أهله وتأويل دنيء، كأنه يدل على أنهم تحيروا في قدرة الله تعالى، وأن الذي أنبت في هذا التراب هذا الضريع قادر على أن ينبته في حريق النار، جعل لنا في الدنيا من الشجر الأخضر ناراً، فلا النار تُحْرِق الشجر، ولا رطوبة الماء في الشجر تُطْفىء النار؛ فقال تعالى: (( ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ )) [يس: 80].
وكما قيل حين نزلت: (( وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ )[الإسراء: 97]: قالوا « يا رسول الله، كيف يمشون على وجوههم؟ فقال: «الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يُمْشِيهم على وجوههم» » تفسير : . فلا يتحير في مثل هذا إلا ضعيف القلب. أو ليس قد أخْبرَنا أنه ((
كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا )) [النساء: 56]، وقال: ((
سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ )) [إبراهيم: 50]، وقال (( إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً )) [المزمل: 12] أي قُيوداً. (( وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ )) [المزمل: 12 ـ 13] قيل: ذا شوك. فإنما يتَلوّن عليهم العذاب بهذه الأشياء.
( الجامع لأحكام القرآن )

🔹قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
(وقوله: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}؛
- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: شجرٌ من نارٍ.
- وقال سعيد بن جبيرٍ: هو الزّقّوم. وعنه أنّها الحجارة.
- وقال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وعكرمة وأبو الجوزاء وقتادة: هو الشّبرق.
- قال قتادة: قريشٌ تسمّيه في الرّبيع الشّبرق، وفي الصّيف الضّريع.
- قال عكرمة: وهو شجرةٌ ذات شوكٍ، لاطئةٌ بالأرض.
- وقال البخاريّ: قال مجاهدٌ: الضّريع: نبتٌ يقال له: الشّبرق، يسمّيه أهل الحجاز الضّريع إذا يبس. وهو سمٌّ.
- وقال معمرٌ، عن قتادة: {إلاّ من ضريعٍ}؛ هو الشّبرق إذا يبس، سمّي الضّريع.
- وقال سعيدٌ، عن قتادة: {ليس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ}: من شرّ الطّعام وأبشعه وأخبثه). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 385]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قولِه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: السَّاعَةُ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَعْمَلُ وتَنْصَبُ في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: هي التي قدْ طَالَ أَنيُهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 381]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
(وأَخْرَجَ عبدُ الرَّزَّاقِ، وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ، وابنُ جَرِيرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}؛ قالَ: حديثُ الساعَةِ، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ}؛ قالَ: ذَلِيلَةٌ في النارِ، {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: تَكَبَّرَتْ في الدنيا عن طاعةِ اللَّهِ فأَعْمَلَهَا وأَنْصَبَهَا في النارِ، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: أَنَى طَبْخُها مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السماواتِ والأرضَ، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ؛ شَرُّ الطعَامِ وأَبْشَعُه وأَخْبَثُه). [الدر المنثور: 15 / 381] (م)

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ عن عِكْرِمَة في قَوْلِهِ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}؛ قالَ: عامِلَةٌ في الدنيا بالمعاصِي، تَنْصِبُ في النارِ يومَ القيامةِ، {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ). [الدر المنثور: 15 / 382] (م)

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قَوْلِهِ: {تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}؛ قالَ: حَارَّةً، {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: انْتَهَى حَرُّهَا، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ يَقُولُ: مِن شَجَرٍ مِنْ نَارٍ). [الدر المنثور: 15 / 382] )

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ الفِرْيَابِيُّ وهَنَّادٌ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن مُجَاهِدٍ في قَوْلِهِ: {مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ}؛ قالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحانَ شُرْبُها، وفي قَوْلِهِ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}قالَ: الشِّبْرِقُ اليابِسُ). [الدر المنثور: 15 / 383-384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي حَاتِمٍ، عن قَتَادَةَ قالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ في الرَّبِيعِ الشِّبْرِقُ، وفي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن عِكْرِمَةَ فال: الضَّرِيعُ: الشِّبرِقُ شجرةٌ ذاتُ شوكٍ لاطئةٌ بالأرضِ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن أبي الجَوْزَاءِ قال: الضَّرِيعُ: السُّلاءُ، وهو الشَّوْكُ، وكيفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامُهُ الشَّوكَ؟ ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ جَرِيرٍ وابنُ المُنْذِرِ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: مِن حِجَارَةٍ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ عبدُ بنُ حُمَيْدٍ وابنُ أبي حَاتِمٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ: {إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: الزَّقُّومُ). [الدر المنثور: 15 / 384]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ، عن أبي الدَّرْدَاءِ، قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]: «يُلْقَى عَلَى أَهْلِ النَّارِ الْجُوعُ حَتَّى يَعْدِلَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ، فَيُغَاثُونَ بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ لاَ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 384-385]

🔹قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- (وأَخْرَجَ ابنُ مَرْدُويَهْ بِسَنَدٍ وَاهٍ عن ابنِ عبَّاسٍ: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ}؛ قالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]:«شَيْءٌ يَكُونُ فِي النَّارِ شِبْهُ الشَّوْكِ، أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ الضَّرِيعَ، إِذَا طَعِمَهُ صَاحِبُهُ لاَ يَدْخُلُ الْبَطْنَ وَلاَ يَرْتَفِعُ إِلَى الْفَمِ، فَيَبْقَى بَيْنَ ذَلِكَ وَلاَ يُغْنِي مِنْ جُوعٍ» ). [الدر المنثور: 15 / 385]


ثانيا : أقوال اللغويين ( مرتبة حسب التسلسل التاريخي ) :
معنى ( ضريع ) من قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)}
🔹 قال الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 170 هـ)
“(باب العين والضاد والراء معهما) (ض ر ع، ر ض ع، ع ر ض، ع ض ر مستعملات ر ع ض، ض ع ر مهملان)
- ضرع: ضَرِعَ الرجل يَضْرَعُ فهو ضَرَعٌ، أي: غمر ضعيف.
قال طرفة بن العبد:
................ ... فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغمر
- والضَّرَعُ أيضاً: النحيف الدقيق. يقال: جسدك ضارع، وأنت ضارع. وجنبك ضارع.
- قال الأحوص:
كفرت الذي أسدَوْا إليك ووسّدوا ... من الحسن إنعاماً وجنبك ضارع”
- “وتقول: أضرعته، أي: ذللته.
- وضَرِعَ، أي: ضعف، وقوم ضَرِع.
- قال:
تعدو غواة على جيرانكم سفهاً ... وأنتم لا أشابات ولا ضرع
- والضَّرَعُ والتّضَرُّعُ: التّذلل. ضَرَعَ يَضْرَعُ، أي: خضع للمسألة.
- وتضّرع: تذلل، وكذلك التضرّع إلى الله: التخشُّع.
- وقوم ضَرَعَةٌ، أي: متخشِّعُون من الضعف. والضَّرع للشاء والبقر ونحوهما، والخلف للناقة، ومنهم من يجعله كلّه ضرعاً من الواب. ويقال: ما له زرع ولا ضرع، أي: [لا] أرض تزرع ولا ماشية تحلب. وأضْرَعَتِ الناقة فهي مُضْرع لقرب النتاج عند نزول اللبن.
والمضارع: الذي يضارع الشيء كأنّه مثلُهُ وشِبْهُه.
- والضَّريع في كتاب الله، يبيس الشبرق. قال زائدة: هو يبيس كل شجرة.”
( كتاب العين /. باب العين والضاد والراء معهما )


🔹قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207هـ):
- (وقوله عز وجل: {لّيس لهم طعامٌ إلاّ من ضريعٍ...}؛ وهو نبت يقال له: الشّبرق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، وهو سم). [معاني القرآن: 3/ 257]

🔹قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت: 210هـ):
- ({إلاّ من ضريعٍ}الضريع عند العرب الشبرق شجر). [مجاز القرآن: 2/ 296]

🔹قال أبو عمرو إسحاق بن مرار الشيباني (ت: 213هـ):
- (وقال الأسلمي: الضَّرِيع، ضَرِيع العرفج: إذا لم يكن فيه نبات ولم يمت). [كتاب الجيم: 2/ 201]

🔹 قال أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي البغدادي ( 224 هـ)
( الضريع) الشرق بلغة قريش، وهو نبت له شوك يكون بالبادية. ( لغات القبائل الواردة في القرآن )

🔹قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ):
- ({ضريع}: ذكروا أنه يبيس الشجر، وقالوا (الضريع): نبت يقال له الشرق. وذكروا أن بعض البحار يقذف في كل سنة ورقا ليست له قوة). [غريب القرآن وتفسيره: 426]

🔹قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) :
- وحبسن في هزم الضريع فكلها ....... حدباء بادية الضلوع جدود
(الضريع) يابس العشرق، وقالوا: الشبرق). [شرح أشعار الهذليين: 2/ 598]

🔹قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
- ((الضريع): نبت [يكون] بالحجاز، يقال لرطبة: الشّبرق). [تفسير غريب القرآن: 525]

🔹قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):
“وقوله: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ( 6) [الغاشية: 6] ، وهو يقول في موضع آخر: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهنا حميم
حَمِيمٌ (35) وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (. 36)[الحاقة: 35، 36] ،.
فإن النار دركات والجنة درجات ، وعلى قدر الذنوب والحسنات تكون العقوبات والمثوبات .
فمن أهل النار من طعامه الزّقّوم، ومنهم من طعامه غسلين ، ومنهم من شرابه الحميم، ومنهم من شرابه الصّديد.
والضّريع: نبت يكون بالحجاز، يقال لرطبه: الشّبرق، لا يسمن ولا يشبع، قال امرؤ القيس :
فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم ... غوارب رمل ذي ألاء وشبرق
والعرب تصفه بذلك.

وغسلين: فعلين من غسلت، كأنه الغسالة ،
قال بعض المفسرين: هو ما يسيل من أجساد المعذّبين.
وهذا نحو قوله : سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ [إبراهيم: 50] ؛ وسرابيلهم من قطر آن قراءة عكرمة ومن تابعه.
والقطر: النّحاس. والآن: الذي قد بلغ منتهى حرّه.
كأن قوما يسربلون هذا ، وقوما يسربلون هذا، ويلبسون هذا تارة، وهذا تارة.
وأما قولهم: (كيف يكون في النار نبت وشجر، والنار تأكلهما؟) فإنه لم يرد فيما يرى أهل النظر- والله أعلم- أن الضريع بعينه ينبت في النار، ولا أنهم يأكلونه.

والضريع من أقوات الأنعام لا من أقوات الناس، وإذا وقعت فيه الإبل لم تشبع وهلكت هزلا.
قال الهذليّ يذكر إبلا وسوء مرعاها :
وحبسن في هزم الضريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
فأراد أن هؤلاء قوم يقتاتون ما لا يشبعهم، وضرب الضريع لهم مثلا. أو يعذّبون بالجوع كما يعذب من قوته الضريع.
وكان ما أراد الله بهذا معلوما عندهم مفهوما، ولو لم يكن كذلك لأنكروه كما أنكروا قوله: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (65) [الصافات: 64، 65] وقالوا: كيف تكون في النار شجرة والنار تأكل الشجر؟
فأنزل الله: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ [الإسراء: 60] ، يعني بالرؤيا: ما رآه ليلة أسري به وأخبر عنه، فارتد لذلك قوم، وزاد الله في بصائر قوم. وأراد بالشجرة الملعونة: شجرة الزّقّوم. فهذا وجه.
وقد يكون الضريع وشجرة الزّقّوم: نبتين من النار، أو من جوهر لا تأكله النار.
وكذلك سلاسل النار وأغلالها، وأنكالها وعقاربها وحيّاتها- لو كانت على ما نعلم، لم تبق على النار، وإنما دلّنا الله سبحانه على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماء متفقة للدلالة، والمعاني مختلفة.
وما في الجنة من شجرها وثمرها وفرشها، وجميع آلاتها- على مثل ذلك.
قال ابن عباس: نخل الجنة، جذوعها من زمرّد أخضر، وكربها من ذهب أحمر، وسعفها كسوة لأهل الجنة، منها مقطّعاتهم وحللهم وتمرها أمثال القلال والدّلاء، أشدّ بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ليس له عجم ” ( تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة )

🔹قال هود بن محكم الهواري ( ق3 هـ )
( ليس لهم طعام إلا من ضريع )
قال مجاهد : الضريع اليابس
قال الكلبي : نبت ينبت في الربيع فإذا كان الصيف يبس فاسمه إن كان عليه ورقه ( شبرق ) ، وإذا تساقط فهو فهو الضريع .
تفسير هود بن محكم الهواري

🔹قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):
- ({ليس لهم طعام إلّا من ضريع (6)} يعني لأهل النار، والضريع الشبرق؛ وهو جنس من الشوك، إذا كان رطبا فهو شبرق، فإذا يبس فهو الضّريع، قال كفار قريش: إنّ الضريع لتسمن عليه إبلنا، فقال اللّه - عزّ وجلّ - {لا يسمن ولا يغني من جوع (7)}). [معاني القرآن: 5/ 318]

🔹 قال محمد بن الحسين بن دريد الأزدي ( 321هـ)
والضَّرْع: ضرْع الشَّاة، وَالْجمع ضُروع. وَامْرَأَة ضَرْعاءُ: عَظِيمَة الثّديين، وَالشَّاة كَذَلِك.
وضَرعَ الرجلُ يضرَع ضَرَعاً وضَراعةً، إِذا استكان وذل، فَهُوَ ضارع بيِّن الضَّراعة.
والضَّريع: يبيس من يبيس الشّجر لَا يُشبع، وَزعم قوم أَنه يبيس الشبْرِق خاصّةً، وَقَالَ قوم: بل هُوَ نبت يلفظه الْبَحْر، وَالله أعلم بكتابه. ( جمهرة اللغة لابن دريد / باب الراء والضاد وما معهما من الحروف )

🔹قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328هـ): -
وفي المسألة جواب ثالث؛ وهو أصحاب الجنة: لو كان لأصحاب النار وأصحابها مستقر فيه خير، لكان مستقر أصحاب الجنة خيرا منه لاتصال نعيمهم؛ ولانقطاع الراحة التي يجدها أهل النار في النار إن كانت؛ وهي مما لا يكون، فجرى مجرى قول العرب: ما لفلان عيب إلا السخاء، أي من السخاء عيبه فلا عيب له.
وقد خرج بعضهم قول الله عز وجل: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}، من هذا المعنى فقال: التأويل: من الضريع طعامه فلا طعام له. ومنه قول العرب: ما لفلان راحة إلا السير والعمل؛ أي من هذان راحته فهو غير مستريح). [كتاب الأضداد: 316-318] (م)

🔹قال أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني ( 330هـ) :
ضريع : نبت بالحجاز يقال لرطبه الشبرق ، فإذا يبس لم يأكله حيوان ( نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز برواية أبي أحمد عبدالله بن الحسين البغدادي / باب الضاد المفتوحة )

🔹قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت: 345هـ):
- (والضريع العوسج الرطب، وهو نبات في النار، شبيه العوسج). [ياقوتة الصراط : 573]

🔹 قال أبو منصور الأزهري ( 370 هـ)
“وَقَالَ الله تَعَالَى: {ءَانِيَةٍ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ} (الغَاشِيَة: 6) قَالَ الْفراء: الضريع: نبتٌ يُقَال لَهُ الشِّبرِق، وَأهل الْحجاز يسمُّونه الضَّريعَ إِذا يَبِس. وَهُوَ اسمٌ. وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن الكفَّار قَالُوا: إنَّ الضَّريع لتَسمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا. فَقَالَ الله: {ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ} (الغَاشِيَة: 7) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للجِلدة الَّتِي على الْعظم تَحت اللَّحم من الضَّلَع: هِيَ الضَّريع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضَّريع: العَوسَج الرَّطب، فَإِذا جفَّ فَهُوَ عَوسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفُه فَهُوَ الخَزيز.” ( تهذيب اللغة )

🔹قال أ بو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ).
ضرع : الضَرْعُ لكل ذات خفٍّ أو ظِلْفٍ. وأضْرَعَتِ الشاة، أي نزل لبنُها قُبَيل النتاج. وشاةٌ ضَريعٌ وضَريعةٌ، أي عظيمة الضَرْع. والضَريع: يبيسُ الشِبْرِقِ، وهو نبت.
قال الشاعر يذكر إبلاً وسوء مرعاها :
وحبسن في هزم الضريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
( الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية / باب العين ، فصل الضاد )

🔹 قال ابن أبي زمنين ( 399هـ)
( ليس لهم طعام إلا من ضريع )
قال الكلبي : نبت ينبت في الربيع فإذا كان الصيف يبس فاسمه إن كان عليه ورقه ( شبرق ) ، وإذا تساقط فهو فهو الضريع ، فالإبل تأكله رطبا ، فإذا يبس لم تذقه
( تفسير ابن أبي زمنين )

🔹قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ):
- ( (الضَّرِيع): نبت بالحجاز، يقال لرطبه الشِّبْرِق). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 300]

🔹قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): -
(الضَرِيعٍ): نبت). [العمدة في غريب القرآن: 344]

🔹قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ]
- قال في باب : نُعُوت الْإِبِل فِي ضُرُوعِها
- الضَّرْع أصلُهُ للغَنَم وَقد يُسْتعمل فِي الْإِبِل وَالْجمع ضُرُوع وَإِنَّمَا الأَعْرَف فِيهَا الخِلْف وناقة ضَرْعَاء وضَرِيعة عَظيمة الضَّرْع. أبو عبيد
الكَمْشة : الصَّغِيرة الضَّرْع وَقد كَمُشَت كَمَاشَة وَقد تقدَّم أَنَّهَا الصَّغيرة الثَّدْي من النِّساء صَاحب الْعين
ضَرْعٌ كَمُش صَغِير أَبُو زيد
ناقةٌ مُصَرَّمة مَقْطُوعة الطُبْيينِ أَبُو عبيد
الشَّكِرة المُمْتَلِئَة الضَّرْع وَأنْشد :
(إِذا لم تَكُنْ إِلى الأَمَالِيسُ أصْبَحَتْ ...
لَهَا حُلَّقُ ضَرَّاتُها شَكِرَاتِ)”

- باب مالا ينبت إلا على ماء أو قريبا منه :
“والشِبرِق واحدته شِبرِقة وَبهَا سمي الرجل - وَهِي عشبة أطرافها كأطراف الأسَل فِيهَا حمرَة وَهُوَ مرعًى غيرُ. ناجع فِي راعيته وَلَا نَافِع.
وَهُوَ الضّريع الَّذِي ذكر الله تبَارك وَتَعَالَى وَقيل هُوَ شَبيه بالأسَلة فَأَما الشُبارق فشجر عالٍ لَهُ ورق أحرش مثل ورق التوت وعود صلب جدا يتَّخذ مِنْهُ كالعوَذ فتقلَّدها الْخَيل وَالْبَقر وَالْغنم وكل مَا خِيفت عَلَيْهِ الْعين ويُتّخذ مِنْهُ الأرعوّة”

وقال في باب يبيس العشب :
“وَقَالَ سفته الرّيح فَهُوَ سفيٌ - والهزم والهزيم - مَا تهشم فذرته الرّيح وسفته
وَأنْشد: فحبسن فِي هزم الضريع فَكلهَا حدباء بادية الضلوع حرود وَهُوَ الحطام”

وقال في باب الأسماء المؤنثة على وزن فعول :
“وَحكى الْفَارِسِي: شَاةٌ ضَرِيعٌ - عَظِيمةُ الضَّرع وَلَا أَدْرِي أَيْن ذكرهَا فَأَما أَبُو عبيد فَقَالَ شاةٌ ضَرِيعة - عظيمَةُ الضَّرع بالهاءِ” المخصص لابن سيدة

🔹قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ]
“والضَّرِيعَة، والضَّرْعاء جَمِيعًا: الْعَظِيمَة الضَّرْع من الشَّاء وَالْإِبِل. وشَاة ضَرِيع: حَسَنَة الضَّرْع.”
“والضَّريع: نَبَات أَخْضَر منتن خَفِيف، يرْمى بِهِ الْبَحْر، وَله جَوف. وَقيل: هُوَ يبيس العرفج والخلة. وَقيل: مَا دَامَ رطبا فَهُوَ ضَرِيع، فَإِذا يبس فَهُوَ الشبرق. قَالَ الزّجاج: وَهُوَ “شوك كالعوسج. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الضَّريع: الشبرق، وَهُوَ مرعى سوء، لَا تعقد عَلَيْهِ السَّائِمَة شحما وَلَا لَحْمًا، وَإِن لم تُفَارِقهُ إِلَى غَيره ساءت حَالهَا. وَفِي التَّنْزِيل: (ليسَ لهُمْ طَعامٌ إلاَّ مِنْ ضَرِيع، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي من جُوع) وَقَالَ ابْن عيزارة الْهُذلِيّ:
وحُبِسْن فِي هَزْم الضَّريع فكلُّها ... حَدْباءُ دَاميةُ اليَدَيْنِ حَرُودُ
وَقيل: الضَّريع: طَعَام أهل النَّار. وَهَذَا لَا تعرفه الْعَرَب. والضَّرِيعُ: القشر الَّذِي على الْعظم، تَحت اللَّحْم. وَقيل: هُوَ جلد على الضلع.
وتَضْروع: بَلْدَة. قَالَ:
ونِعْمَ أُخو الصُّعْلوكِ أمْسِ تركْتُه ... بتَضْرُوعَ يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ
وتُضارِعُ: مَوضِع، أَو جبل. وَفِي الحَدِيث: " إِذا أخْصَبَتْ تُضارِعُ، أخْصَبَتْ الْبِلَاد ". قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
كأنَّ ثِقالَ المُزْن بَينَ تُضارِعٍ ... وشابَةَ بَرْكٌ مِن جُذامَ لبِيجُ
وأَضْرُع: مَوضِع.
وَأما قَول الرَّاعِي:
فأبْصَرْتُهُمْ حَتَّى تَوَارَتْ حُمُوُلُهمْ ... بأنْقاءِ يَحْمُومٍ ووَرَّكْنَ أضْرُعا
فَإِن أضْرُعاً هَاهُنَا جبال أَو قارات بِنَجْد. وَقَالَ خَالِد بن جبلة: هِيَ أكيمات صغَار، وَلم يذكر لَهَا وَاحِدًا.
المحكم والمحيط الأعظم./ باب العين والضاد والراء / مقلوبه ( ض رع ) ”

🔹قال الراغب الأصفهاني ( 502 هـ)
وأما قوله ( لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) [الغاشية/ 6] ، فقيل: هو يَبِيسُ الشَّبْرَقِ ، وقيل: نباتٌ أحمرُ منتنُ الرّيحِ يرمي به البحر، وكيفما كان فإشارة إلى شيء منكر.
( المفردات في غريب القرآن )

🔹قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
- الضريع. :يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل.
- قال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ...وعاد ضريعا بان عنه النّحائص
- وقال:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود

▪فإن قلت: كيف قيل لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ وفي الحاقة وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ؟
قلت: العذاب ألوان، والمعذبون طبقات، فمنهم. أكلة الزقوم. ومنهم أكلة الغسلين، ومنهم أكلة الضريع: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ.
لا يُسْمِنُ : مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام. أو ضريع، يعنى: أنّ طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به. وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه.

▪ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه: وهما
إماطة الجوع، وإفادة القوّة والسمن في البدن.
أو أريد: أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد: نفى الظل على التوكيد.

- وقيل: قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت لا يُسْمِنُ فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر، فيردّ قولهم بنفي السمن والشبع، وإما أن يصدقوا فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع. ( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل )

🔹 قال شرف الدين الطيبي ( 743هـ) في حاشيته على الكشاف :
“قوله: (رعى الشِّبرق) البيت، إذا ذوى: أي ذبل. النحوص: الأتان الحائل.
قوله: (وحبسن)، البيت، الهزم: ما يبس وتكسر من الضريع. وناقة حدباء: إذا بدا عظم وركها، والحرود: قليلة اللبن؛ يصف نوقاً حُبسن في مرعى سوء غير ناجع، وهزلن، وكلهن داميات الأيدي من وضعها على الضريع ذي الشوك، عُصبن من سوء الحال، أو قليلة اللبن.”
“قوله: (فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك) إلى آخره، الانتصاف: "فعلى الأول يكون صفة لازمة شارحة لحقيقة الضريع، وعلى الثاني صفة مخصصة".”
( فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب / حاشية الطيبي على الكشاف )

🔹قال جمال الدين ابن منظور ( 711هـ)
- والضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ،
- وَقِيلَ: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ،
- وَقِيلَ: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُو ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا.
- وَفِي التنزيل:{ ليْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَل يُغْنِي مِنْ جُوعٍ}
- قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ،
- وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ،
- وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ.
- وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ: فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
؛
- قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛
- وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: مَا تَكَسَّر مِنْهُ، والحَرُودُ: الَّتِي لَا تَكَادُ تَدِرُّ؛ وَصَفَ الإِبل بشدَّة الهُزال؛

- وَقِيلَ: الضرِيعُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ.
- والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ،
- وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ.
( لسان العرب / كتاب العين فصل الضاد )

🔹 قال أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت: 745هـ)
- والضريع،
قال ابن عباس: شجر من نار.
وقال الحسين: وجماعة الزقوم.
وقال ابن جبير: حجارة من نار.
وقال ابن عباس أيضاً وقتادة وعكرمة ومجاهد: شبرق النار.
وقيل: العبشرق.
وقيل: رطب العرفج،
وتقدم ما قيل فيه في المفردات.
وقيل: واد في جهنم.
والضريع، إن كان الغسلين والزقوم، فظاهر ولا يتنافى الحصر في ((إلا من غسلين))تفسير : [الحاقة: 36] و((إلا من)) ضريع. وإن كانت أغياراً مختلفة، والجمع بأن الزقوم لطائفة، والغسلين لطائفة، والضريع لطائفة.
- وقال الزمخشري: ((لا يسمن)) مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع، يعني أن طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس وإنما هو شوك، والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به، وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه، ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه، وهما إماطة الجوع وإفادة القوة، والسمن في البدن، انتهى.

- فقوله: مرفوع المحل أو مجروره على وصف طعام أو ضريع. أما جره على وصفه لضريع فيصح، لأنه مثبت منفي عنه السمن والإغناء من الجوع.
وأما رفعه على وصفه لطعام فلا يصح، لأن الطعام منفي ولا يسمن، منفي فلا يصح تركيبه، إذ يصير التقدير: ليس لهم طعام لا يسمن ولا يغني من جوع إلا من ضريع، فيصير المعنى: أن لهم طعاماً يسمن ويغني من جوع من غير ضريع، كما تقول: ليس لزيد مال لا ينتفع به إلا من مال عمرو، فمعناه أن له مالاً ينتفع به من غير مال عمرو.
- ولو قيل: الجملة في موضع رفع صفة للمحذوف المقدر في ((إلا من ضريع)) كان صحيحاً، لأنه في موضع رفع على أنه بدل من اسم ليس، أي ليس لهم طعام إلا كائن من ضريع، إذ الإطعام من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع، وهذا تركيب صحيح ومعنى واضح،
- وقال الزمخشري: أو أريد أن لا طعام لهم أصلاً، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلاً عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع وأسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول: ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد نفي الظل على التوكيد. انتهى. فعلى هذا يكون الاستثناء منقطعاً، إذ لم يندرج الكائن من الضريع تحت لفظة طعام، إذ ليس بطعام. والظاهر الاتصال فيه. وفي قوله: ((أية :
ولا طعام إلا من غسلين))تفسير : [الحاقة: 36] لأن الطعام هو ما يتطعمه الإنسان، وهذا قدر مشترك بين المستلذ والمكروه وما لا يستلذ ولا يستكره. ( البحر المحيط )

🔹 قال أبو العباس، أحمد بن يوسف السمين الحلبي (ت: 756هـ)
تفسير : قوله: ((ضَرِيعٍ)): هو شجرٌ في النار.
وقيل: حجارةٌ.
وقيل: هو الزَّقُّوم.
وقال أبو حنيفة: "هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً.
- قال الهذليُّ:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
- وقال أبو ذؤيب:
رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
- وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم.
- وقال الخليل: "نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك.
( الدر المصون )


🔹قال محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي ( 817 هـ)
- والضَّريعُ، كأميرٍ: الشِّبْرِقُ، أو يَبيسُهُ، أو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُهُ ضَريعاً، لا تَقْرَبُه دابَّةٌ لخُبْثِهِ،
وـ: السُّلاَّءُ، والعَوْسَجُ الرَّطْبُ، أو نَباتٌ في الماءِ الآجِنِ، له عُروقٌ لا تَصِلُ إلى الأرضِ، أو شيءٌ في جَهَنَّمَ، أَمَرُّ من الصَّبِرِ، وأنْتَنُ من الجِيفَةِ، وأحَرُّ من النارِ، ونَباتٌ مُنْتِنٌ يَرْمي به البَحْرُ، ويَبيسُ كلِّ شجرةٍ، والخَمْرُ أو رَقِيقُها، والجِلْدَةُ على العَظْمِ تَحْتَ اللحمِ.
( القاموس المحيط / باب العين فصل الضاد )

🔹قال أبو السعود العمادي ( 982هـ )
(( لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ)) بـيانٌ لطعامِهم إثرَ بـيانِ شرابِهم، والضريعُ يبـيسُ الشبرقِ وهو شوكٌ ترعاهُ الإبلُ ما دامَ رطباً وإذا يبسَ تحامتْهُ وهو سمٌّ قاتلٌ، وقيلَ: هي شجرةٌ ناريةٌ تشبهُ الضريعَ وقال ابنُ كيسانٍ: هو طعامٌ يُصرعونَ عندَهُ ويذلُّونَ ويتضرعونَ إلى الله تعالى طلباً للخلاصِ منه فسمِّيَ بذلكَ وهذا طعامٌ لبعضِ أهلِ النارِ، والزقومُ والغسلينُ لآخرينِ . ( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم )

🔹قال محمد بن محمد بن المرتضى الزبيدي ( 1205هـ)
قَالَ تَعَالَى: { لَيْسَ لهُم طَعامٌ إلاّ مِنْ ضَريعٍ، لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ الضَّريعُ}، كأَميرٍ: الشِّبْرِقُ، قَالَه أَبو حنيفةَ،

- وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: هُوَ نَبْتٌ بالحِجازِ، لَهُ شَوكٌ كِبارٌ يُقَال لَهُ: الشِّبرِق، أَو يَبيسُه، نَقله الجَوْهَرِيّ،
- أَو نَباتٌ رَطْبُهُ يُسَمَّى شِبْرِقاً، ويابِسُه يُسَمَّى ضَريعاً، عندَ أَهل الحِجازِ، قَالَه الفَرَّاءُ، لَا تَقرَبُه دابَّةٌ لِخُبْثِه،
- قَالَ أَبو حنيفةَ: هُوَ مَرعى سَوْء، لَا تَعقِدُ عَلَيْهِ السَّائمَةُ شَحماً وَلَا لَحْماً، فإنْ لَمْ تُفارِقْه إِلَى غيرِه ساءَ حالُها،
- قَالَ قيسُ بنُ العَيزارَةِ يصف الإبِلَ وسوءَ مَرعاها:
(وحُبِسْنَ فِي هَزَمِ الضَّريع وكُلُّها ... حَدباءُ داميَةُ اليَدَينِ حَرودُ)
- قَالَ أَبو الجَوزاءِ: الضَّريعُ: السُّلاّءُ،
- وجاءَ فِي التَّفسير: أَنَّ الكُفَّارَ قَالُوا: إنَّ الضَّريعَ تَسْمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا، فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغني من جُوعٍ.
- قَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ: الضَّريعُ: العَوْسَجُ الرَّطْبُ، فَإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزيزُ،
- قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: نَباتٌ فِي الماءِ الآجِنِ، لَهُ عُروقٌ لَا تَصلُ إِلَى الأَرضِ. أَو هُوَ شيءٌ فِي جهنَّمَ أَمَرُّ من الصَّبْرِ، وأَنتَنُ من الجيفَةِ، وأَحرُّ من النّارِ، وَهَذَا لَا يعرِفُه العَرَبُ، وَهُوَ طَعامُ أَهلِ النّارِ.
- قيل: هُوَ نباتٌ أَخضَرُ، كَمَا فِي اللِّسان،
- وَفِي المُفرداتِ: أَحمَرُ مُنتِن الرِّيحِ خفيفٌ يَرمي بِهِ البَحرُ، وَله جَوفٌ.
- قَالَ ابْن عَبّادٍ: الضَّريعُ: يَبيسُ كلِّ شَجرَةٍ، وخَصَّه بعضُهُم بيبيسِ العَرْفَجِ والخُلَّةِ.
- قيل: الضَّريعُ: الخَمْرُ أَو رَقيقُها، وَهَذِه عَن ابْن عبادٍ،
- قَالَ الليثُ: الضَّريعُ: الجِلدَةُ الَّتِي على العَظْمِ تحتَ اللَّحمِ من الضِّلْعِ. وَيُقَال: هُوَ القِشْرُ الَّذِي عَلَيْهِ.
( تاج العروس من جواهر القاموس )

🔹 قال محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت: 1393هـ)
والضريع: يابس الشِّبْرِق (بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء) وهو نبت ذو شَوك إذا كان رطباً فإذا يبس سمي ضَريعاً وحينئذ يصير مسموماً وهو مرعى للإِبل ولحُمُر الوحش إذا كان رطباً، فما يعذب أهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه وسوء مَغبته.

- وقيل: الضريع اسم سَمّى القرآن به شجراً في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغِسلين الوارد في قوله تعالى: (( فليس له اليوم ههنا حميم ولا طعام إلا من غِسلين )) تفسير : [الحاقة: 35، 36] وعليه فحرف ((مِن)) للابتداء، أي ليس لهم طعام إلا ما يخرج من الضريع والخارج هو الغسلين وقد حصل الجمع بين الآيتين.

- ووصفُ ضريع بأنه لا يُسمن ولا يغني من جوع لتشويهه وأنه تمحض للضر فلا يعود على آكليه بسمن يصلح بعض ما التفح من أجسادهم، ولا يغني عنهم دفع ألم الجوع، ولعل الجوع من ضروب تعذيبهم فيسألون الطعام فيُطعمون الضريع فلا يدفع عنهم ألم الجوع.

- والسِمن، بكسر السين وفتح الميم: وفرة اللحم والشحم للحيوان يقال: أسمنه الطعامُ، إذا عاد عليه بالسمن.
والإِغناء: الإِكفاء ودفع الحاجة. و((من جوع)) متعلق بــــ ((يغني)) وحرف ((من)) لمعنى البدلية، أي غناء بدلاً عن الجوع.
والقصر المستفاد من قوله: ((ليس لهم طعام إلا من ضريع)) مع قوله تعالى: (( ولا طعام إلا من غسلين )) تفسير : [الحاقة: 36] يؤيد أن الضريع اسم شجر جهنم يسيل منه الغسلين. ( التحرير والتنوير )

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 16 صفر 1439هـ/5-11-2017م, 02:00 AM
سها حطب سها حطب غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السابع - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 447
افتراضي

معنى "ضريع" في قول الله تعالى: {ليس لهم طعام إلا من ضريع}

النقول من تفسير السلف:
قال محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) في جامع البيان في تأويل القرآن:
والضريع عند العرب: نبت يُقال له الشِّبْرِق، وتسميه أهل الحجاز الضَّريع إذا يبس، ويسميه غيرهم: الشِّبْرق، وهو سمّ. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الضريع: الشِّبْرق.
حدثني محمد بن عُبيد المحاربيّ، قال: ثنا عباد بن يعقوب الأسديّ، قال محمد: ثنا، وقال عباد: أخبرنا محمد بن سليمان، عن عبد الرحمن الأصبهانيّ، عن عكرِمة في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشِّبرق.
حدثني يعقوب، قال: ثنا إسماعيل بن عُلَية، عن أبي رجاء، قال: ثني نجدة، رجل من عبد القيس عن عكرمة، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: هي شجرة ذات شوك، لاطئة بالأرض، فإذا كان الربيع سمَّتها قريش الشِّبرق، فإذا هاج العود سمتها الضَّريع.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مِهران، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن؛ قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (ضَرِيعٍ) قال: الشِّبرق اليابس.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة (إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: هو الشبرق إذا يبس يسمى الضريع.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) يقول: من شرّ الطعام، وأبشعه وأخبثه.
حدثني محمد بن عبيد، قال: ثنا شريك بن عبد الله، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْطَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الشبرق.
وقال آخرون: الضَّرِيع: الحجارة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الحجارة.
وقال آخرون: الضَّرِيع: شجر من نار.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) يقول: شجر من نار.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ) قال: الضريع: الشَّوك من النار. قال: وأما في الدنيا فإنَّ الضريع: الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار (24/384، 385)

قال أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي، الحنظلي، الرازي ابن أبي حاتم (المتوفى: 327هـ) في تفسير القرآن العظيم :
19250 - عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ: حَدِيثُ السَّاعَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ قَالَ: ذَلِيلَةٌ فِي النَّارِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: إِنَاءٌ طَبَخَهَا مِنْذُ خلق الله السموات وَالْأَرْضَ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ شَرُّ الطَّعَامِ وَأَبْشَعُهُ وَأَخْبَثُهُ «2» .
19254 - عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ قَالَ: عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي، تَنْصَبُ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ «6» .
19255 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً قَالَ: حَارَّةً تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: انْتَهَى حَرُّهَا لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ يَقُولُ: من شجر من نار.
19256 - عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قَالَ: قَدْ بَلَغَتْ إِنَاهَا وحان شُرْبُهَا، وَفِي قَوْلِهِ: إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الشِّبْرَقُ الْيَابِسُ «1» .
19259 - عَنْ قَتَادَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ فِي الرَّبِيعِ الشِّبْرَقُ وَفِي الصَّيْفِ الضَّرِيعُ «4» .
19260 - عَنْ عِكْرَمَةَ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: الضَّرِيعُ الشِّبْرَقُ شَجْرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ لاطِئَةٍ بِالْأَرْضِ «5» .
19261 - عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ قَالَ: الضَّرِيعُ السُّلَمُ، وَهُوَ الشَّوْكُ، وَكَيْفَ يَسْمَنُ مَنْ كَانَ طَعَامَهُ الشَّوْكُ «6» .
19262 - عَنْ سَعيِدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا من ضريع قَالَ: مِنْ حِجَارَةٍ «7» .
19263 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: الزَّقُّومُ. (10 / 3420، 3421)


قال أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق (المتوفى: 427هـ) في الكشف والبيان عن تفسير القرآن:
قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطئ بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.
وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع،
وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّا من النار»
[138] «1» سمّاه النبيّ ضريعا، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئا، إلّا أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع. (10 /187، 188)

قال أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ) في الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه:

قال ابن عباس: " الضريع: شجر من نار ".
وقال ابن زيد: الضريع: الشوك من النار، والضريع عند العرب شوك يابس [ولا ورق فيه].
وقال عكرمة: الضريع: الحجارة.
وقال الحسن: الضريع: الزقوم وعنه أيضاً: الضريع: الذي يضرع ويذل من أكله لمرارته وخشونته.
وقال عطاء: الضريع: الشبرق. وروي ذلك أيضاً عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعلى هذا القول كثير من أهل اللغكة، والشبرق: [شجر] كثير الشوك تعافه الإبل، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس، ويسميه غيرهم الشبرق.
وقيل: الضريع واد في جهنم. ( 12 / 8221 ،8222 )

قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ) في النكت والعيون:
{ليس لَهُمْ طعامٌ إلاّ مِن ضَريعٍ} فيه ستة أقاويل: أحدها: أنها شجرة تسميها قريش الشبرق , كثيرة الشوك , قاله ابن عباس , قال قتادة وإذا يبس في الصيف فهو ضريع , قال الشاعر:
(رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعاً نازعته النحائص)
الثاني: السّلم , قال أبو الجوزاء: كيف يسمن من يأكل الشوك. الثالث: أنها الحجارة , قاله ابن جبير.
الرابع: أنه النوى المحرق , حكاه يوسف بن يعقوب عن بعض الأعراب. الخامس: أنه شجر من نار , قاله ابن زيد. السادس: أن الضريع بمعنى المضروع , أي الذي يضرعون عنده طلباً للخلاص منه , قاله ابن حر. (6/ 259، 260)

قال أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ) في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز:
واختلف الناس في «الضريع» ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين: هو الزقوم، لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم، وقال سعيد بن جبير «الضريع» : الحجارة. وقال مجاهد وابن عباس وقتادة وعكرمة:
«الضريع» شبرق النار، وقال أبو حنيفة: «الضريع» الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي: [الطويل]
وحبسن في هزم الضريع فكلها ... جرباء دامية اليدين حرود
وقال أبو ذؤيب:
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان منه الخائض
وقيل «الضريع» : العشرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الضريع» : شوك في النار، وقال بعض اللغويين: «الضريع» يبيس العرفج إذا تحطم، وقال آخرون: هو رطب العرفج، وقال الزجاج: هو نبت كالعوسج، وقال بعض المفسرين: «الضريع» نبت في البحر أخضر منتن مجوف مستطيل له بورقية كثيرة، وقال ابن عباس: «الضريع» : شجر من نار. وكل من ذكر شيئا مما ذكرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد، وكل ما في النار فهو نار. وقال قوم: ضَرِيعٍ واد في جهنم، وقال جماعة من المتأولين:
«الضريع» طعام أهل النار ولم يرد أن يخصص شيئا مما ذكرناه، وقال بعض اللغويين: وهذا لا تعرفه العرب، وقيل: «الضريع» : الجلدة التي على العظم تحت اللحم، ولا أعرف من تأول الآية بهذا، وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة، واختلف في المعنى الذي سمي ضريعا فقيل هو ضريع بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ولد جعفر بن أبي طالب: «ما لي أراهما ضارعين» ؟ يريد هزيلين، ومن فعيل بمعنى مفعل قول عمرو بن معد يكرب: [الوافر]
أمن ريحانة الداعي السميع ... يؤرقني وأصحابي هجوع
يريد السمع، وقيل ضَرِيعٍ فعيل من المضارعة، أي الاشتباه لأنه يشبه المرعى الجيد ويضارعه في الظاهر وليس به.( 5 / 472 ،473)

قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ) في الجامع لأحكام القرآن:
. قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: الضَّرِيعُ: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ لَاصِقٌ بِالْأَرْضِ، تُسَمِّيهِ قُرَيْشٌ الشِّبْرِقَ إِذَا كَانَ رَطْبًا، فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ الضَّرِيعُ، لَا تَقْرَبُهُ دَابَّةٌ وَلَا بَهِيمَةٌ وَلَا تَرْعَاهُ، وَهُوَ سَمٌّ قَاتِلٌ، وَهُوَ أَخْبَثُ الطَّعَامِ وَأَشْنَعُهُ، عَلَى هَذَا عَامَّةُ الْمُفَسِّرِينَ. إِلَّا أَنَّ الضَّحَّاكَ رَوَى عن ابن عباس قال: هو شي يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ، يُسَمَّى الضَّرِيعَ، مِنْ أَقْوَاتِ الانعام
لَا النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ فِيهِ الْإِبِلُ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا. وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ نَبْتٌ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: «1»
رَعَى الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى إِذَا ذَوَى ... وَعَادَ ضَرِيعًا بَانَ مِنْهُ «2» النَّحَائِصُ
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ «3» وَذَكَرَ إِبِلًا وَسُوءَ مَرْعَاهَا:
وَحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ «4»
وَقَالَ الْخَلِيلُ: الضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخْضَرُ مُنْتِنُ الرِّيحِ، يَرْمِي بِهِ الْبَحْرُ. وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ شَجَرٌ مِنْ نَارٍ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا لَأَحْرَقَتِ الْأَرْضَ وَمَا عَلَيْهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الْحِجَارَةُ، وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ حَسَبَ مَا هُوَ فِي الدُّنْيَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (الضريع: شي يَكُونُ فِي النَّارِ، يُشْبِهُ الشَّوْكَ، أَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الصَّبْرِ، وَأَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَحَرُّ مِنَ النَّارِ، سَمَّاهُ اللَّهُ ضَرِيعًا (. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ الْمُتَوَكِّلَ بْنَ حَمْدَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ الضَّرِيعَ شَجَرَةٌ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، حَمْلُهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ، أَشَدُّ مَرَارَةً مِنَ الصَّبْرِ، فَذَلِكَ طَعَامُهُمْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ بَعْضُ مَا أَخْفَاهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُوَ طَعَامٌ يَضْرَعُونَ عِنْدَهُ وَيَذِلُّونَ، وَيَتَضَرَّعُونَ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، طَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْهُ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ آكِلَهُ يَضْرَعُ فِي أَنْ يُعْفَى مِنْهُ، لِكَرَاهَتِهِ وَخُشُونَتِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: قَدْ يَكُونُ مُشْتَقًّا مِنَ الضَّارِعِ، وَهُوَ الذَّلِيلُ، أَيْ ذُو ضَرَاعَةٍ، أَيْ مَنْ شَرِبَهُ ذَلِيلٌ تَلْحَقُهُ ضَرَاعَةٌ. وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: هُوَ الزَّقُّومُ. وَقِيلَ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ ( 20/ 29 ، 30)

(زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الضَّرِيعَ بِعَيْنِهِ لَا يَنْبُتُ فِي النَّارِ، وَلَا أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَهُ. فَالضَّرِيعُ مِنْ أَقْوَاتِ الْأَنْعَامِ، لَا مِنْ أَقْوَاتِ النَّاسِ. وَإِذَا وَقَعَتِ الْإِبِلُ فِيهِ لَمْ تَشْبَعْ، وَهَلَكَتْ هَزْلًا، فَأَرَادَ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَقْتَاتُونَ بِمَا لَا يُشْبِعُهُمْ، وَضَرَبَ الضَّرِيعَ لَهُ مَثَلًا، أَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ بِالْجُوعِ كَمَا يُعَذَّبُ مَنْ قُوتُهُ الضَّرِيعُ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ: وَهَذَا نَظَرٌ سَقِيمٌ مِنْ أَهْلِهِ وَتَأْوِيلٌ دنئ، كَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ تَحَيَّرُوا فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الَّذِي أَنْبَتَ فِي هَذَا التُّرَابِ هَذَا الضَّرِيعَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْبِتَهُ فِي حَرِيقِ النَّارِ، جَعَلَ لَنَا فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا، فَلَا النَّارُ تُحْرِقُ الشَّجَرَ، وَلَا رُطُوبَةُ الْمَاءِ فِي الشَّجَرِ تُطْفِئُ النَّارَ، فَقَالَ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ «3» [يس: 80]. وَكَمَا قِيلَ حِينَ نَزَلَتْ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ «4» [الاسراء: 97]: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وجوههم؟ فقال: [الذي أَمْشَاهُمْ عَلَى أَرْجُلِهِمْ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ [. فَلَا يَتَحَيَّرُ فِي مِثْلِ هَذَا إلا ضعيف القلب. أو ليس قَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً «1» غَيْرَها [النساء: 56]، وقال: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ «2» [إبراهيم: 50]، وقال: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا «3» [المزمل: 12] أَيْ قُيُودًا. وَجَحِيماً (12) وَطَعاماً ذَا غُصَّةٍ (13) قِيلَ: ذَا شَوْكٍ. فَإِنَّمَا يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ بِهَذِهِ الأشياء.( 20/ 31)



قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ) في تفسير القرآن العظيم:
وقوله: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: شجر من نار.
وقال سعيد بن جبير: هو الزقوم. وعنه: أنها الحجارة.
وقال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبو الجوزاء، وقتادة: هو الشبرق. قال قتادة: قريش تسميه في الربيع الشبرق، وفي الصيف الضريع. قال عكرمة: وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض.
وقال البخاري: قال مجاهد: الضريع نبت يقال له: الشبرق، يسميه أهل الحجاز: الضريع إذا يبس، وهو سم (5) .
وقال معمر، عن قتادة: {إلا من ضريع} هو الشبرق، إذا يبس سمي الضريع.
وقال سعيد، عن قتادة: {ليس لهم طعام إلا من ضريع} من شر الطعام وأبشعه وأخبثه. (8 / 385)


قال عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) في الدر المنثور:
- أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} قَالَ: السَّاعَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة عاملة ناصبة} قَالَ: تعْمل وتنصب فِي النَّار {تسقى من عين آنِية} قَالَ: هِيَ الَّتِي قد طَال أنيها {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق
- وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} قَالَ: حَدِيث السَّاعَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة} قَالَ: ذليلة فِي النَّار {عاملة ناصبة} قَالَ: تكبرت فِي الدُّنْيَا عَن طَاعَة الله فأعملها وأنصبها فِي النَّار {تسقى من عين آنِية} قَالَ: إِنَاء طبخها مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات الأَرْض {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق شَرّ الطَّعَام وأبشعه وأخبثه

- وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عاملة ناصبة} قَالَ: عاملة فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي تنصب فِي النَّار يَوْم الْقِيَامَة {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق
- وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تصلى نَارا حامية} قَالَ: حارة {تسقى من عين آنِية} قَالَ: انْتهى حرهَا {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} يَقُول: من شجر من نَار
- وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {من عين آنِية} قَالَ: قد أَنى طبخها مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من عين آنِية} قَالَ: قد بلغت إناها وحان شربهَا وَفِي قَوْله: {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق الْيَابِس
- وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق الْيَابِس
- وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الضريع بلغَة قُرَيْش فِي الرّبيع الشبرق وَفِي الصَّيف الضريع
- وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الضريع الشبرق شَجَرَة ذَات شوك لاطئة بِالْأَرْضِ
- وَأخرج ابْن شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء قَالَ: الضريع السّلم وَهُوَ الشوك وَكَيف يسمن من كَانَ طَعَامه الشوك
- وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: من حِجَارَة
- وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الزقوم
- وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَيْء يكون فِي النَّار شبه الشوك أَمر من الصَّبْر وأنتنمن الجيفة وَأَشد حرا من النَّار سَمَّاهُ الله الضريع إِذا طعمه صَاحبه لَا يدْخل الْبَطن وَلَا يرْتَفع إِلَى الْفَم فَيبقى بَين ذَلِك وَلَا يُغني من جوع (8 / 491،492)



النقول عن أهل اللغة:

قال أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ) في معاني القرآن:
وقوله عزَّ وجلَّ: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) وهو نبت يُقال لَهُ: الشِّبْرِق، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إِذَا يبس، وهو «4» سم. ( 3 / 257)

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمى البصري (المتوفى: 209هـ) في مجاز القرآن:
«إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ» (6) الضريع عند العرب الشّبرق شجر.(2 / 296)

قال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ) في تأويل مشكل القرآن:
والضّريع: نبت يكون بالحجاز، يقال لرطبه: الشّبرق، لا يسمن ولا يشبع، قال امرؤ القيس «2» : فأتبعتهم طرفي وقد حال دونهم ... غوارب رمل ذي ألاء وشبرق
والعرب تصفه بذلك. (1/ 48)

وقال في غريب الحديث: وأخبرنى أَبُو حَاتِم عَن أَبى ض عُبَيْدَة أَنه قَالَ فِي قَول الله تبَارك وَتَعَالَى: {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} الضريع عِنْد الْعَرَب يَابِس الشبرق. وَهُوَ يُؤْكَل غير أَنه كَمَا ذكر الله تبَارك وَتَعَالَى: {لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع} .
وَقَالَ الهذلى يصف إبِلا بِسوء الْحَال: من الطَّوِيل. ... وحبسن فِي هزم الضريع فَكلهَا ... حد بَاء دامية الْيَدَيْنِ حرود ...
وهزمه: مَا تكسر مِنْهُ. والحرود: الَّتِي لَا تدر. وَقَالَ الهذلى أَيْضا: من الطَّوِيل .. ترى الْقَوْم صرعى جثوَة أضجعوا مَعًا ... كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق ...
وَفِي الشبرق حمرَة فَشبه الدَّم بِهِ (3 / 664)


قال إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ) في معاني القرآن وإعرابه
والضريع الشبرق. وهو جنس من الشوك، إذا كان رطباً فهو شبرق، فإذا يبس فهوَ الضَّرِيعُ


قال محمد بن عُزير السجستاني، أبو بكر العُزيري (المتوفى : 330هـ) في غريب القرآن المسمى بنزهة القلوب:
ضَرِيع: نبت بالحجاز يُقَال لرطبه الشبرق. (1 / 314)

قال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ) في تهذيب اللغة:
والضَّريع: الشَّراب الرَّقِيق. وَقَالَ يصف ثغراً:
حَمشُ اللِّثاتِ شتيتٌ وَهُوَ معتدلٌ
كأنّه بضريع الدَّنِّ مصقولُ
والضريع: لغةٌ فِي الضرَع الضَّعِيف. وَقَالَ:
ومطويّةٍ طيَّ القَليبِ رفعتُها
بمستنبِحٍ جِنْحَ الظلام ضريعِ
المطويّة عَنى بِهِ الأُذن. والمستنبح: الَّذِي ينبح نبحَ الْكلاب طلبا للقِرى.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ضرّعت الشمسُ أيْ دنت للغروب. وَقَالَ غَيره: رجلٌ ضارع، أَي نحيف ضاويّ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ رأى ولدَيْ جعفرٍ الطيّار فَقَالَ: (مَالِي أراهما ضارعين) . الضارع: الضاوِيُّ النحيف. وَمِنْه قَول الْحجَّاج لسَلم بن قُتَيْبَة: (مَالِي أراكَ ضارعَ الْجِسْم؟) .
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الضريعة من الْغنم: الْعَظِيمَة الضَّرع. وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرْع جِماع، وَفِيه الأطْباءُ وَهِي الأخلاف، وَاحِدهَا طِبْيٌ وخِلْف، وَفِي الأطْباء الأحاليل، وَهِي خُروق اللَّبَن.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ قَالَ: ضرَّعتِ القِدرُ تضريعاً، إِذا حانَ أَن تُدرِك. وَقَالَ الأصمعيّ: التضرُّع: التلوّي والاستغاثة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ ضَرَعٌ، وَهُوَ الغُمر من الرِّجَال الضعيفُ. وَأنْشد:
فَمَا أَنا بالواني وَلَا الضَّرَعِ الغُمْرِ
وَيُقَال جسدُك ضارعٌ، وجَنْبك ضارع وَأنْشد:
من الحُسْن إنعاماً وجنبُك ضارعُ
قَالَ: وقومٌ ضَرَع ورجلٌ ضَرَع. وَأنْشد:
وأنتُم لَا أُشاباتٌ وَلَا ضَرَعُ
قَالَ: وأضرعت الناقةُ فَهِيَ مُضْرِعٌ، إِذا قرُبَ نِتاجُها.
قَالَ: والمضارعة للشَّيْء: أَن يضارعَه كأنّه مثلُه أَو شِبْهه. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: والنحويون يَقُول للْفِعْل الْمُسْتَقْبل: مضارِع؛ لمشاكلتِهِ الْأَسْمَاء فِيمَا يلْحقهُ من الْإِعْرَاب.
وَيُقَال هَذَا ضِرْع هَذَا وصِرعه، بالضاد وَالصَّاد، أَي مثله. والضُّروع والصُّروع: قُوَى الحَبْل، وَاحِدهَا ضِرعٌ وصِرعٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَاءَ فلانٌ يتضرَّع لي ويتأرض، ويتصدّى ويتأتّى، أَي يتعرّض.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ءَانِيَةٍ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ} (الغَاشِيَة: 6) قَالَ الْفراء: الضريع: نبتٌ يُقَال لَهُ الشِّبرِق، وَأهل الْحجاز يسمُّونه الضَّريعَ إِذا يَبِس. وَهُوَ اسمٌ. وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن الكفَّار قَالُوا: إنَّ الضَّريع لتَسمَنُ عَلَيْهِ إبلُنا. فَقَالَ الله: {ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن جُوعٍ} (الغَاشِيَة: 7) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للجِلدة الَّتِي على الْعظم تَحت اللَّحم من الضَّلَع: هِيَ الضَّريع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضَّريع: العَوسَج الرَّطب، فَإِذا جفَّ فَهُوَ عَوسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفُه فَهُوَ الخَزيز. قَالَ: والضارع: المتذلِّل الغنيّ. والضَّرَع: الرجُل الجَبان. والضَّرَع: المتهالك من الْحَاجة للغنيّ. والضَّرَع: الْجمل الضَّعِيف.(1/298، 299)



قال أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)في الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية:
[ضرع] الضَرْعُ لكل ذات خفٍّ أو ظِلْفٍ. وأضْرَعَتِ الشاة، أي نزل لبنُها قُبَيل النتاج. وشاةٌ ضَريعٌ وضَريعةٌ، أي عظيمة الضَرْع. والضَريع: يبيسُ الشِبْرِقِ، وهو نبت. قال الشاعر يذكر إبلاً وسوء مرعاها وحبسن في هزم الضريع فكلُّها * حَدباَء داميةُ اليدينِ حَرودُ (3 / 1249)

قال أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ) في معجم مقاييس اللغة:
(ضَرَعَ) الضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْعَيْنُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى لِينٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ ضَرَعَ الرَّجُلُ ضَرَاعَةً، إِذَا ذَلَّ. وَرَجُلٌ ضَرَعٌ. ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ:

أَنَاةً وَحِلْمًا وَانْتِظَارًا بِهِمْ غَدًا ... فَمَا أَنَا بِالْوَانِي وَلَا الضَّرَعِ الْغُمْرِ
وَمِنَ الْبَابِ ضَرْعُ الشَّاةِ وَغَيْرِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ لِينٍ. وَيُقَالُ: أَضْرَعَتِ النَّاقَةُ، إِذَا نَزَلَ لَبَنُهَا عِنْدَ قُرْبِ النَّتَاجِ. فَأَمَّا الْمُضَارَعَةُ فَهِيَ التَّشَابُهُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: اشْتِقَاقُ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْعِ، كَأَنَّهُمَا ارْتَضَعَا مِنْ ضَرْعٍ وَاحِدٍ. وَشَاةٌ ضَرِيعٌ: كَبِيرَةُ الضَّرْعِ، وَضَرِيعَةٌ أَيْضًا. وَيُقَالُ لِنَاحِلِ الْجِسْمِ: ضَارِعٌ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي ابْنَيْ جَعْفَرٍ: «مَا لِي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ؟» .
وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ: الضَّرِيعُ، وَهُوَ نَبْتٌ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَابِ فَيُقَالُ ذَلِكَ لِضَعْفِهِ، إِذَا كَانَ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَقَالَ:
وَتُرِكْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ فَكُلُّهَا ... حَدْبَاءُ دَامِيَةُ الْيَدَيْنِ حَرُودُ (3 / 396)


قال أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (المتوفى: 502هـ)في المفردات في غريب القرآن:
ضرع
الضَّرْعُ: ضَرْعُ الناقةِ، والشاة، وغيرهما، وأَضْرَعَتِ الشاةُ: نزل اللّبن في ضَرْعِهَا لقرب نتاجها، وذلك نحو: أتمر، وألبن: إذا كثر تمره ولبنه، وشاةٌ ضَرِيعٌ: عظيمةُ الضَّرْعِ، وأما قوله: لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ [الغاشية/ 6] ، فقيل: هو يَبِيسُ الشَّبْرَقِ «1» ، وقيل: نباتٌ أحمرُ منتنُ الرّيحِ يرمي به البحر، وكيفما كان فإشارة إلى شيء منكر. وضَرَعَ إليهم: تناول ضَرْعَ أُمِّهِ، وقيل منه: ضَرَعَ الرّجلُ ضَرَاعَةً:
ضَعُفَ وذَلَّ، فهو ضَارِعٌ، وضَرِعٌ، وتَضَرّعَ:
أظهر الضَّرَاعَةَ. قال تعالى: تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً
[الأنعام/ 63] ، لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
[الأنعام/ 42] ، لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
[الأعراف/ 94] ، أي: يَتَضَرَّعُونَ فأدغم، فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا
[الأنعام/ 43] ، والمُضَارَعَةُ أصلُها:
التّشارك في الضَّرَاعَةِ، ثمّ جرّد للمشاركة، ومنه استعار النّحويّون لفظَ الفعلِ المُضَارِعِ. (1/506)


قال محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، ويعرف بتاج القراء (المتوفى: نحو 505هـ) في غرائب التفسير وعجائب التأويل:
هو نبت لاط بالأرض، له شوك يقال لرطبها الشيرق...
الغريب: سعيد، الضريع: الحجارة. الضحاك: شجرة في النار
من جنس النار الحسن: هو ما يضرعون عند أكله لما فيه من الشدة.
العجيب: الضريع سم - المبرد: أشأم طعام وأخسه. ( 2/ 1334)

قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري (المتوفى: 538هـ)في الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل:
الضريع.
يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل ما دام رطبا ، فإذا يبس تحامته الإبل وهو سم قاتل. قال أبو ذؤيب:
رعى الشيرق الرّيّان حتّى إذا ذوى ... وعاد ضريعا بان عنه النّحائص
وقال:
وحبسن في هزم الضّريع فكلّها ... حدباء دامية اليدين حرود
أو ضريع، يعنى: أنّ طعامهم من شيء ليس من مطاعم الإنس، وإنما هو شوك والشوك مما ترعاه الإبل وتتولع به. وهذا نوع منه تنفر عنه ولا تقربه. ومنفعتا الغذاء منتفيتان عنه: وهما إماطة الجوع، وإفادة القوّة والسمن في البدن. أو أريد: أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الإنس، لأن الطعام ما أشبع أو أسمن، وهو منهما بمعزل. كما تقول ليس لفلان ظل إلا الشمس، تريد: نفى الظل على التوكيد. وقيل: قالت كفار قريش: إن الضريع لتسمن عليه إبلنا فنزلت لا يُسْمِنُ فلا يخلو إما أن يتكذبوا ويتعنتوا بذلك وهو الظاهر، فيردّ قولهم بنفي السمن والشبع، وإما أن يصدقوا فيكون المعنى: أن طعامهم من ضريع ليس من جنس ضريعكم، إنما هو من ضريع غير مسمن ولا مغن من جوع. ( 4/ 742، 743)


قال محمود بن أبى الحسن بن الحسين النيسابوري أبو القاسم، نجم الدين (المتوفى: نحو 550هـ) في إيجاز البيان عن معاني القرآن:
و «الضّريع» : شجرة شائكة إذا أكلته الإبل هزلت، أو هو وصف من «الضّراعة» لا اسم، أي: ليس فيها طعام إلّا ما أعدّ للهوان، أو إذا طعموه تضرّعوا عنده. (2 /874 ،875)

قال أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (المتوفى: 756هـ) في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون:
قوله: {ضَرِيعٍ} : هو شجرٌ في النار. وقيل: حجارةٌ. وقيل: هو الزَّقُّوم. وقال أبو حنيفة: «هو الشِّبْرِقُ، وهو مَرْعى سَوْءٍ، لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لَحْماً. قال الهذليُّ:
4553 - وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّريعِ فكلُّها ... حَدْباءُ دامِيَةُ الضُّلوعِ حَرُوْدُ
وقال أبو ذؤيب:
4554 - رَعَى الشِّبْرِقٌ الريَّانَ حتى إذا ذَوَى ... وعادَ ضَريعاً نازَعَتْه النَّحائِصُ
وقيل: هو يَبيس العَرْفَجِ إذا تَحَطَّم. وقال الخليل:» نبتٌ أخضرُ مُنْتِنُ الريح يَرْمي به البحرُ. وقيل: نبتٌ يُشبه العَوْسَج. والضَّراعةُ: الذِّلَّةُ والاستكانةُ مِنْ ذلك. ( 10 / 766)


قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ) في لسان العرب:
والضَّرِيعُ: نَبَاتٌ أَخضَر مُنْتِنٌ خَفِيفٌ يَرْمي بِهِ البحرُ وَلَهُ جوْفٌ، وَقِيلَ: هُوَ يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وَقِيلَ: مَا دَامَ رَطْبًا فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فَهُوَ الشِّبْرِقُ، وَهُوَ مَرْعَى سَوءٍ لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ السائمةُ شَحْماً وَلَا لَحْمًا، وإِن لَمْ تُفَارِقْهُ إِلى غَيْرِهِ ساءَت حَالُهَا. وَفِي التنزيل: يْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الضرِيعُ نَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ الضَّرِيعَ إِذا يَبِسَ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العوْسَجُ الرطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسَجٌ، فإِذا زَادَ جُفوفاً فَهُوَ الخَزِيزُ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْكُفَّارَ قَالُوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عَلَيْهِ إِبلنا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فيُغاثون بِطَعَامٍ مِنْ ضَرِيعٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَبْتٌ بِالْحِجَازِ لَهُ شوْكٌ كِبَارٌ يُقَالُ لَهُ الشِّبْرِقُ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنَ عَيْزارةَ الْهُذَلِيَّ يَذْكُرُ إِبلًا وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ فِي هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها ... حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: مَا تَكَسَّر مِنْهُ، والحَرُودُ: الَّتِي لَا تَكَادُ تَدِرُّ؛ وَصَفَ الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وَقِيلَ: الضرِيعُ طَعَامُ أَهل النَّارِ، وَهَذَا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ. والضَّرِيعُ: القِشْرُ الَّذِي عَلَى الْعَظْمِ تَحْتَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ جِلْدٌ عَلَى الضِّلَعِ. وتَضْرُوعُ: بَلْدَةٌ؛ قَالَ عَامِرُ ابن الطُّفَيْلِ وَقَدْ عُقِرَ فرسُه:
ونِعْمَ أَخُو الضُّعْلُوكِ أَمسِ تَرَكْتُه ... بِتَضْرُوعَ، يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ. (8 / 223)

قال أحمد بن محمد بن عماد الدين بن علي، أبو العباس، شهاب الدين، ابن الهائم (المتوفى: 815هـ) في التبيان في تفسير غريب القرآن:
ضريع : هو نبت بالحجاز يقال لرطبه الشبرق.(1/ 342)

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ) في التحرير والتنوير:
الضريع: يابس الشبرق (بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وكسر الراء) وهو نبت ذو شوك إذا كان رطبا فإذا يبس سمي ضريعا وحينئذ يصير مسموما وهو مرعى للإبل ولحمر الوحش إذا كان رطبا، فما يعذب بأهل النار بأكله شبه بالضريع في سوء طعمه
وسوء مغبته.
وقيل: الضريع اسم سمى القرآن به شجرا في جهنم وأن هذا الشجر هو الذي يسيل منه الغسلين الوارد في قوله تعالى: فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين [الحاقة: 35، 36] (30 /297)



التعليقات:

1- هذه المسألة تفسيرية لغوية تتعلق ببيان معنى مفردة منمفردات القرآن، ولذلك فإنّ البحث في كتب المرتبة الخامسة سيكون في معاجم اللغة، بعداستيفاء كتب المراتب السابقة.

2- النقول عن السلف التي تحصلت لي من الكتب التي تعني بجمع أقوال السلف:
جامع البيان لابن جرير، والكشف والبيان للثعلبي، والهداية لمكي بن ابي طالب، والنكت والعيون للماوردي، والمحرر الوجيز لابن عطية، وتفسير ابن كثير، وتفسير القرطبي، والدر المنثور.

3- ومن نقول أهل اللغة تحصلت على التالي:
من كتب المرتبة الأولى: معاني القرآن للفراء، ومعاني القرآن للزجاج، ومجاز القرآن لأبي عبيدة.
ولم أجد في معاني القرآن للنحاس وللأخفش ولا في تفسير ابن سلام ذكر لهذه المسألة.

ومن كتب المرتبة الثانية: تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة،غرائب التفسير وعجائب التأويل لكرماني، والمفردات في غريب القرآن للأصفهاني، وغريب القرآن المسمى بنزهة القلوب للسجستاني، والتبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم.
ولم أجد في ياقوتة الصراط لغلام ثعلب وغريب القرآن لابن قتيبة .

ومن كتب المرتبة الثالثة: غريب الحديث لابن قتيبة .

ومن كتب المرتبة الرابعة: الكشاف للزمخشري ،والدر المصون للسمين الحلبي، والتحرير والتنوير لابن عاشور.
ولم أجد في البحر المحيط لأبي حيان إلا نقولا عن الزمخشري.

ومن كتب المرتبة الخامسة: تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، والصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للفارابي، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، ولسان لابن منظور.


والله أعلم

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 19 صفر 1439هـ/8-11-2017م, 11:13 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع تقويم التطبيق الخامس من دورة المهارات المتقدمة في التفسير
جمع أقوال علماء اللغة



هناء محمد علي أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك وزادك تسديدا.

سها حطب أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- اختصرت جدا في كتب المرتبة الثالثة، ولم تبيني إن كنت حاولت البحث فيها أو لا.
- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة تابع لكتب المرتبة الأولى وليس الثانية.


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 19 صفر 1439هـ/8-11-2017م, 10:46 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
معنى الحفدة في قوله تعالى: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}
النقول التي تحصّلت لي في هذه المسألة:
من التفاسير التي تنقل أقوال السلف:
· جامع البيان في تأويل القرآن/محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)
· الكشف والبيان عن تفسير القرآن/أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق (المتوفى: 427هـ)
· الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه/أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
· النكت والعيون/أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)
· المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ)
· زاد المسير في علم التفسير/جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
· الجامع لأحكام القرآن /أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)
· تفسير القرآن العظيم/أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
· الدر المنثور/عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)

من كتب المرتبة الأولى :
تفسير القرآن العظيم /يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ)
مجاز القرآن/ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ)
معانى القرآن للأخفش /أبو الحسن المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، المعروف بالأخفش الأوسط (المتوفى: 215هـ)
تأويل مشكل القرآن/عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
معاني القرآن/إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ)
معاني القرآن/أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ)
كتب المرتبة الثانية :
· غريب القرآن وتفسيره /عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ)
· ياقوتة الصراط/غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ)
· العمدة في غريب القرآن /مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ)
· تفسير غريب القرآن/عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)

كتب المرتبة الثالثة :
· الجيم/ أبو عمرو إسحاق بن مرّار الشيباني بالولاء (ت: 206هـ)
· غريب الحديث/أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي (ت: 224هـ)
· الكنز اللغوي في اللَسَن العربي/ابن السكيت، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (ت: 244هـ)
· تفسير غريب القرآن /عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)*
· تأويل مشكل القرآن/عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ)
· الزاهر في معاني كلمات الناس/محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري (ت: 328هـ)
· تهذيب اللغة/محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (ت: 370هـ)
كتب المرتبة الرابعة :
· الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل/ أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله
· البحر المحيط في التفسير/ أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي
· الدر المصون في علوم الكتاب المكنون/شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (ت: 756هـ)
· محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت : 1393هـ) /(التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»
· أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
كتب المرتبة الخامسة :
· كتاب العين /أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (المتوفى: 170هـ)
· تهذيب اللغة/ محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
· مجمل اللغة لابن فارس/ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)
· معجم مقاييس اللغة/ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)
· المحكم والمحيط الأعظم/أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ]
· لسان العرب /محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت: 711هـ)

· القاموس المحيط/مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
· تاج العروس/ محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت: 1205هـ)

........................................................


أولاً: التعرّف على أقوال السلف في المسألة:

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :(القول في تأويل قوله تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً ورزقكم من الطّيّبات، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللّه هم يكفرون}.
يقول تعالى ذكره: {واللّه} الّذي {جعل لكم} أيّها النّاس {من أنفسكم أزواجًا} يعني أنّه خلق من آدم زوجته حوّاء، {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً}.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} أي واللّه خلق آدم، ثمّ خلق زوجته منه، ثمّ جعل لكم بنين وحفدةً ".
واختلف أهل التّأويل في المعني بالحفدة، فقال بعضهم: هم الأختان، أختان الرّجل على بناته.
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا أبو معاوية، قال: حدّثنا أبان بن تغلب، عن المنهال بن عمرٍو، عن ابن حبيشٍ، عن عبد اللّه: {بنين وحفدةً} قال: " الأختان "
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عاصمٍ، عن ورقاء، سألت عبد اللّه: " ما تقول في الحفدة؟ هم حشم الرّجل يا أبا عبد الرّحمن؟ قال: " لا، ولكنّهم الأختان "
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن، وحدّثنا أحمد بن إسحاق قال: حدّثنا أبو أحمد قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زرّ بن حبيشٍ، عن عبد اللّه قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا أبي، عن سفيان بإسناده عن عبد اللّه، مثله
- حدّثنا ابن بشّارٍ، وأحمد بن الوليد القرشيّ، وابن وكيعٍ، وسوّار بن عبد اللّه العنبريّ، ومحمّد بن خالد بن خداشٍ، والحسن بن خلفٍ الواسطيّ، قالوا: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطّان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، قال: " الحفدة: الأختان ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا إسرائيل، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: " الحفدة: الختن "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن عيينة، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه، قال: " الأختان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حفصٌ، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " الأختان "
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وحفدةً} قال: " الأصهار "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا حمّادٌ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن ابن مسعودٍ، قال: " الحفدة: الأختان "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عاصم بن أبي النّجود، عن زرّ بن حبيشٍ، قال: قال لي عبد اللّه بن مسعودٍ: " ما الحفدة يا زرّ؟ قال: قلت: هم حفاد الرّجل من ولده وولد ولده، قال: " لا، هم الأصهار ".
وقال آخرون: هم أعوان الرّجل وخدمه
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن وهب بن حبيبٍ الأسديّ، عن أبي حمزة، عن ابن عبّاسٍ، سئل عن قوله: {بنين وحفدةً} قال: " من أعانك فقد حفدك، أما سمعت قول الشّاعر:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثنا هنّادٌ، قال: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدّام ".
- حدّثني محمّد بن خالد بن خداشٍ، قال: حدّثني سلم بن قتيبة، عن حازم بن إبراهيم البجليّ، عن سماكٍ، عن عكرمة، قال: قال: " الحفدة: الخدّام "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " هم الّذين يعينون الرّجل من ولده وخدمه "
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا محمّد بن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة: {وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك "
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا يحيى بن آدم، عن سلاّم بن سليمٍ، وقيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة قال: " هم الخدم ".
- حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو أحمد قال: حدّثنا سلاّمٌ أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن عكرمة، مثله
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، قال: حدّثني سلم، عن أبي هلالٍ، عن الحسن، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " البنين وبني البنين، من أعانك من أهلٍ وخادمٍ فقد حفدك "
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن منصورٍ، عن الحسن، قال: " هم الخدم "
- حدّثني محمّد بن خالدٍ، وابن وكيعٍ، ويعقوب بن إبراهيم، قالوا: حدّثنا إسماعيل ابن عليّة، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، جميعًا عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {بنين وحفدةً} قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، جميعًا، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {بنين وحفدةً} قال: " أنصارًا، وأعوانًا، وخدّمًا "
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا زمعة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: " الحفدة: الخدم ".
- حدّثنا ابن بشّارٍ، مرّةً أخرى قال: " ابنه وخادمه "
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: " {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} مهنةً يمهنونك ويخدمونك من ولدك، كرامةٌ أكرمكم اللّه بها "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي مالكٍ: " الحفدة، قال: الأعوان "
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة، قال: " الّذين يعينونه "
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، في قوله: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: من خدمك من ولدك وولد ولدك "
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن التّيميّ، عن أبيه، عن الحسن قال: " الحفدة: الخدم "
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو نعيمٍ قال: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن عكرمة: {بنين وحفدةً} قال: " ولده الّذين يعينونه ".
وقال آخرون: هم ولد الرّجل وولد ولده
ذكر من قال ذلك
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الصّمد، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {وحفدةً} قال: " هم الولد، وولد الولد "
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، وسعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ في هذه الآية: {بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: البنون ".
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا غندرٌ، عن شعبة، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي بكرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: " بنوك حين يحفدونك، ويرفدونك، ويعينونك، ويخدمونك " قال جميل:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت = بأكّفّهنّ أزمّة الأجمال "
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} قال: " الحفدة: الخدم من ولد الرّجل هم ولده، وهم يخدمونه، قال: وليس تكون العبيد من الأزواج، كيف يكون من زوجي عبدٌ؟ إنّما الحفدة: ولد الرّجل وخدمه "
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بنين وحفدةً} يعني: " ولد الرّجل يحفدونه ويخدمونه، وكانت العرب إنّما تخدمهم أولادهم الذّكور ".
وقال آخرون: هم بنو امرأة الرّجل من غيره
ذكر من قال ذلك
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} يقول: " بنو امرأة الرّجل ليسوا منه " وقال: الحفدة: الرّجل يعمل بين يدي الرّجل، يقول: فلانٌ يحفد لنا، ويزعم رجالٌ أنّ الحفدة أختان الرّجل.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنّ اللّه تعالى أخبر عباده معرّفهم نعمه عليهم، فيما جعل لهم من الأزواج والبنين، فقال تعالى: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} فأعلمهم أنّه جعل لهم من أزواجهم بنين وحفدةً، والحفدة في كلام العرب: جمع حافدٍ، كما الكذبة: جمع كاذبٍ، والفسقة: جمع فاسقٍ، والحافد في كلامهم: هو المتخفّف في الخدمة والعمل، والحفد: خفّة الرجل العمل، يقال: مرّ البعير يحفد حفدانًا: إذا مرّ يسرع في سيره ومنه، قولهم: " إليك نسعى ونحفد ": أي نسرع إلى العمل بطاعتك، يقال منه: حفد له يحفد حفدًا وحفودًا وحفدانًا، ومنه قول الرّاعي:
كلّفت مجهولها نوقًا يمانيةً = إذا الحداة على أكسائها حفدوا
وإذ كان معنى الحفدة ما ذكرنا من أنّهم المسرعون في خدمة الرّجل المتخفّفون فيها، وكان اللّه تعالى ذكره أخبرنا أنّ ممّا أنعم به علينا أن جعل لنا حفدةً تحفد لنا، وكان أولادنا وأزواجنا الّذين يصلحون للخدمة منّا ومن غيرنا، وأختاننا الّذين هم أزواج بناتنا من أزواجنا، وخدمنا من مماليكنا، إذا كانوا يحفدوننا فيستحقّون اسم حفدةً، ولم يكن اللّه تعالى دلّ بظاهر تنزيله ولا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم ولا بحجّة عقلٍ، على أنّه عنى بذلك نوعًا من الحفدة دون نوعٍ منهم، وكان قد أنعم بكلّ ذلك علينا، لم يكن لنا أن نوجّه ذلك إلى خاصٍّ من الحفدة دون عامٍ، إلاّ ما اجمعت الأمّة عليه أنّه غير داخلٍ فيهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلكلّ الأقوال الّتي ذكرنا عمّن ذكرنا وجهٌ في الصّحّة، ومخرجٌ في التّأويل، وإن كان أولى بالصّواب من القول ما اخترنا لما بيّنّا من الدّليل
وقوله: {ورزقكم من الطّيّبات} يقول: ورزقكم من حلال المعاش والأرزاق والأقوات
{أفبالباطل يؤمنون} يقول تعالى ذكره: يحرّم عليهم أولياء الشّيطان من البحائر والسّوائب والوصائل، فيصدّق هؤلاء المشركون باللّه {وبنعمة اللّه هم يكفرون} يقول: وبما أحلّ اللّه لهم من ذلك وأنعم عليهم بإحلاله، {يكفرون} يقول: ينكرون تحليله، ويجحدون أن يكون اللّه أحلّه).
[جامع البيان: 14/295-304]
قال أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق (المتوفى: 427هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني أنه خلق من آدم زوجته حوّاء وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً.
ابن عبّاس والنخعي وابن جبير وأبو الأضحى: هم الأصهار أختان الرجل على بناته.
روى شعبة عن عاصم: بن بهدلة قال: سمعت زر بن حبيش وكان رجلا غريبا أدرك الجاهلية قال: كنت أمسك على عبد الله المصحف فأتى على هذه الآية قال: هل تدري ما الحفدة، قلت: هم حشم الرجل.
قال عبد الله: لا، ولكنهم الأختان. وهذه رواية الوالبي عن ابن عبّاس.
وقال عكرمة والحسن والضحاك: هم الخدم.
مجاهد وأبو مالك الأنصاري: هم الأعوان، وهي رواية أبي حمزة عن ابن عبّاس قال:
من أعانك حفدك.
وقال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت ... بأكفهنّ أزمّة الإجمال «2»
وقال عطاء: هم ولد الرجل يعينونه ويحفدونه ويرفدونه ويخدمونه.
وقال قتادة: [مهنة يمتهنونكم] ويخدمونكم من أولادكم.
الكلبي ومقاتل: البنين: الصغار، والحفدة: كبار الأولاد الذين يعينونه على عمله.
مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عبّاس: إنهم ولد الولد.
ابن زيد: هم بنو المرأة من الزوج الأوّل. وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس: هم بنو امرأة الرجل الأوّل.
وقال العتبي: أصل الحفد: مداركة الخطر والإسراع في المشي.
فقيل: لكل من أسرع في الخدمة والعمل: حفدة، واحدهم حافد، ومنه يقال في دعاء الوتر: إليك نسعى ونحفد، أي نسرع إلى العمل بطاعتك.
وأنشد ابن جرير [للراعي] :
كلفت مجهولها نوقا يمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا «1»
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ.
قال ابن عبّاس: بالأصنام.
وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ يعني التوحيد الباطل فالشيطان أمرهم بنحر البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ بما أحلّ الله لهم هُمْ يَكْفُرُونَ يجحدون تحليله.
(الكشف والبيان عن تفسير القرآن (6/30-31)
قال أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ):
قال تعالى: {والله جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً}، [أي]: والله خلق زوجة آدم من ضلعه، قاله: قتادة.
وقيل معناه: جعل لكم من جنسكم أزواجاً.
ثم قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً}.
قال ابن مسعود: الحفدة: الاختان. وهو قول ابن عباس وابن جبير. وعن ابن عباس: أنهم الأصهار. وقال محمد بن الحسن: الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه، والصهر من كان من قبل المرأة من الرجل. وقال ابن الأعربي ضد هذا القول في الأختان والأصهار. وقال [الأ] صمعي الختن من كان من الرجال من قبل المرأة والأصهار منهما جميعاً، وقيل: الحفدة أعوان الرجل
وخدمه.
وروي عن ابن عباس أنه سئل عن الحفدة في الآية فقال: من أعانك فقد حفدك. [و] قال عكرمة: الحفدة الخدام.
[و] عنه أيضاً الحفدة من خدمك من ولدك. وعن مجاهد أنه قال: الحفدة ابن الرجل وخادمه وأعوانه. وعن ابن عباس أيضاً هم ولد الرجل وولد ولده. وقال ابن زيد وغيره: هم ولد الرجل [و] الذين يخدمونه. وعن ابن عباس: أنه قال: هم بنو امرأة الرجل من غيره.
والحفدة: جمع حافد كفاسق / وفسقة، والحافد في كلام العرب المتخفف في الخدمة والعمل ومنه قولهم، وإليك نسعى ونحفده، أي: نسرع في العمل بطاعتك.
(الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه(6/4042-4044)
قال أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ):
{والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون} قوله عز وجل: {والّلهُ جَعَل لكُم مِن أنفسِكم أزواجاً} فيه وجهان: أحدهما: يعني جعل لكم من جنسكم مثلكم , فضرب المثل من أنفسكم , قاله ابن بحر. الثاني: يعني آدم خلق منه حوّاء , قاله الأكثرون. {وجعل لكم مِن أزواجكم بنين وحفدة} وفي الحفدة خمسة أقاويل: أحدها: أنهم الأصهار أختان الرجل على بناته , قاله ابن مسعود وأبو الضحى. وسعيد بن جبير وإبراهيم , ومنه قول الشاعر:
(ولو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ... لها حَفَدٌ مما يُعَدّث كثيرُ)
(ولكنها نفس عليَّ أبيّة ... عَيُوفٌ لأَصهارِ للئام قَذور)
الثاني: أنهم أولاد الأولاد , قاله ابن عباس. الثالث: أنهم بنو امرأة الرجل من غيره , وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. الرابع: أنهم الأعوان , قاله الحسن. الخامس: أنهم الخدم , قاله مجاهد وقتادة وطاووس , ومنه قول جميل:
(حفد الولائدُ حولهم وأسلمت ... بأكفهن أزِمّةَ الأجمال)
وقال طرفة بن العبد:
(يحفدون الضيف في أبياتهم ... كرماً ذلك منهم غير ذل)
وأصل الحفد الإسراع , والحفدة جمع حافد , والحافد هو المسرع في العمل , ومنه قولهم في القنوت وإليك نسعى ونحفد , أي نسرع إلى العمل بطاعتك , منه قول الراعي:
(كلفت مجهولها نوقاً ثمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا)
وذهب بعض العلماء في تفسير قوله تعالى {بنين وحفدة} البنين الصغار والحفدة الكبار. {ورزقكم من الطيبات} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: من الفيىء والغنيمة. الثاني: من المباحات في البوادي. الثالث: ما أوتيه عفواً من غير طلب ولا تعب. {أفبالباطِل يؤمنون} فيه وجهان: أحدهما: بالأصنام. الثاني: يجحدون البعث والجزاء. {وبنعمة الله يكفرون} فيها وجهان: أحدهما: بالإسلام. الثاني: بما رزقهم الله تعالى من الحلال آفة من أصنامهم. حكاه الكلبي.
(النكت والعيون (3/ 202- 203)
قال أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ الآية، آية تعديد نعم، و «الأزواج» الزوجات، ولا يترتب في هذه الآية الأنواع ولا غير ذلك، وقوله مِنْ أَنْفُسِكُمْ يحتمل أن يريد خلقته حواء من نفس آدم وجسمه، فمن حيث كانا مبتدأ الجميع ساغ حمل أمرهما على الجميع حتى صار الأمر كأن النساء خلقن من أنفس الرجال، وهذا قول قتادة، والأظهر عندي أن يريد بقوله مِنْ أَنْفُسِكُمْ، أي من نوعكم وعلى خلقتكم، كما قال تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 128] وقوله وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ، ظاهر في تعديد النعمة في الأبناء، واختلف الناس في قوله وَحَفَدَةً فقال ابن عباس: «الحفدة» أولاد البنين، وقال الحسن: هم بنوك وبنو بنيك، وقال ابن مسعود وأبو الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير: «الحفدة» الأصهار وهم قرابة الزوجة، وقال مجاهد: «الحفدة» الأنصار والأعوان والخدم، وحكى الزجاج أن الحفدة البنات في قول بعضهم، قال الزهراوي لأنهن خدم الأبوين لأن لفظة البنين لا تدل عليهن، ألا ترى أنهن ليس في قول الله تعالى: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا [الكهف: 46] وإنما الزينة في الذكور، وقال ابن عباس أيضا: «الحفدة» أولاد زوجة الرجل من غيره، ولا خلاف أن معنى الحفد الخدمة والبر والمشي مسرعا في الطاعة ومنه في القنوت: وإليك نسعى ونحفد، والحفدان خبب فوق المشي، ومنه قول الشاعر وهو جميل بن معمر: [الكامل]
حفد الولائد بينهن وأسلمت ... بأكفهن أرمة الإجمال
ومنه قول الآخر: [البسيط]
كلفت مجهولها نوقا ثمانية ... إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال القاضي أبو محمد: وهذه الفرق التي ذكرت أقوالها إنما بنيت على أن كل أحد جعل له من زوجه بنون وحفدة، وهذا إنما هو في الغالب وعظم الناس، ويحتمل عندي أن قوله: مِنْ أَزْواجِكُمْ إنما هو على العموم والاشتراك، أي من أزواج البشر جعل الله لهم البنين، ومنهم جعل الخدمة فمن لم تكن له قط زوجة فقد جعل الله له حفدة، وحصل تحت النعمة، وأولئك الحفدة هم من الأزواج، وهكذا تترتب النعمة التي تشمل جميع العالم، وتستقيم لفظة «الحفدة» على مجراها في اللغة، إذ البشر بجملتهم لا يستغني أحد منهم عن حفدة، وقالت فرقة: «الحفدة» هم البنون.
قال القاضي أبو محمد: وهذا يستقيم على أن تكون الواو عاطفة صفة لهم، كما لو قال جعلنا لهم بنين وأعوانا أي وهم لهم أعوان، فكأنه قال: وهم حفدة وقوله وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يريد الله: من الأشياء التي تطيب لمن رزقها، ولا يقتصر هنا على الحلال لأنهم كفار لا يكتسبون بشرع، وفي هذه الآية رد على من قال من المعتزلة: إن الرزق إنما يكون الحلال فقط، ولَكُمْ تعلق في لفظة مِنْ إذ هي للتبعيض، فيقولون: ليس الرزق المعدد عليهم من جميع ما بأيديهم إلا ما كان حلالا، وقرأ الجمهور «يؤمنون» ، وتجيء الآية على هذه القراءة توقيفا لمحمد صلى الله عليه وسلم على إيمانهم بالباطل وكفرهم بنعمة الله، وقرأ أبو عبد الرحمن «تؤمنون» بالتاء من فوق، ورويت عن عاصم على معنى قل لهم يا محمد، ويجيء قوله بعد ذلك وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ إخبارا مجردا عنهم وحكما عليهم لا توفيقا، وقد يحتمل التوقيف أيضا على قلة اطراد في القول.
( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز(3/ 408- 409)
قال جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (74)
قوله تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً يعني النساء، وفي معنى «من أنفسكم» قولان:
أحدهما: أنه خلَق آدم، ثم خلَق زوجته منه، قاله قتادة. والثاني: «من أنفسكم» ، أي: من جنسكم من بني آدم، قاله ابن زيد. وفي الحَفَدَة خمسة أقوال: أحدها: أنهم الأصهار، أختان الرجل على بناته، قاله ابن مسعود، وابن عباس في رواية، ومجاهد في رواية، وسعيد بن جبير، والنخعي، وأنشدوا من ذلك:
ولو أنَّ نَفْسِي طاوعتني لأَصْبَحَتْ ... لها حَفَدٌ مِمَّا يُعدُّ كثيرُ «1»
ولكنَّها نَفْسٌ عَلَيَّ أبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لأصهار اللئِام قذورُ
والثاني: أنهم الخدم، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال مجاهد في رواية الحسن، وطاوس وعكرمة في رواية الضحاك، وهذا القول يحتمل وجهين: أحدهما: أنه يراد بالخدم: الأولاد، فيكون المعنى: أن الأولاد يَخدمون. قال ابن قتيبة: الحفدة: الخدم والأعوان، فالمعنى: هم بنون، وهم خدم. وأصل الحَفْد: مداركة الخطو والإِسراع في المشي، وإِنما يفعل الخدم هذا، فقيل لهم: حَفَدَة.
ومنه يقال في دعاء الوتر:
(864) «وإِليك نسعى ونَحفِد» .
والثاني: أن يراد بالخدم: المماليك، فيكون معنى الآية: وجعل لكم من أزواجكم بنين، وجعل لكم حفدة من غير الأزواج، ذكره ابن الأنباري. والثالث: أنهم بنوا امرأة الرجل من غيره، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الضحاك. والرابع: أنهم ولد الولد، رواه مجاهد عن ابن عباس. والخامس:
أنهم: كبار الأولاد، والبنون: صغارهم، قاله ابن السائب، ومقاتل. قال مقاتل: وكانوا في الجاهلية تخدمهم أولادهم. قال الزجاج: وحقيقة هذا الكلام أن الله تعالى جعل من الأزواج بنين، ومن يعاون على ما يُحتاج إِليه بسرعة وطاعة.
قوله تعالى: وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ قال ابن عباس: يريد: من أنواع الثمار والحبوب والحيوان.
قوله تعالى: أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الأصنام، قاله ابن عباس. والثاني: أنه الشريك والصاحبة والولد، فالمعنى: يصدِّقون أن لله ذلك؟! قاله عطاء. والثالث: أنه الشيطان، أمرهم بتحريم البحيرة والسائبة، فصدَّقوا.
وفي المراد ب «نعمة الله» ثلاثة أقوال: أحدها: أنها التوحيد، قاله ابن عباس. والثاني: القرآن، والرسول. والثالث: الحلال الذي أحلَّه الله لهم.
(زاد المسير في علم التفسير(2/571-572)
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ):
وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) جَعَلَ بِمَعْنَى خَلَقَ وَقَدْ تَقَدَّمَ." مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً" يَعْنِي آدَمَ خَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، أَيْ مِنْ جِنْسِكُمْ وَنَوْعِكُمْ وَعَلَى خِلْقَتِكُمْ، كَمَا قَالَ:" لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ «3» " أَيْ مِنَ الْآدَمِيِّينَ. وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَزَوَّجُ الْجِنَّ وَتُبَاضِعُهَا، حَتَّى رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ «4» تَزَوَّجَ منهم غولا وكان يخبؤها عَنِ الْبَرْقِ لِئَلَّا تَرَاهُ فَتَنْفِرَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي لَمَعَ الْبَرْقُ وَعَايَنَتْهُ السِّعْلَاةُ «5» فَقَالَتْ: عَمْرٌو! وَنَفَرَتْ، فَلَمْ يَرَهَا أَبَدًا. وَهَذَا مِنْ أَكَاذِيبِهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي حُكْمِ اللَّهِ وَحِكْمَتِهِ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ ينكرون وجود الجان وَيُحِيلُونَ طَعَامَهُمْ. (أَزْواجاً) زَوْجُ الرَّجُلِ هِيَ ثَانِيَتُهُ، فَإِنَّهُ فَرْدٌ فَإِذَا انْضَافَتْ إِلَيْهِ كَانَا زَوْجَيْنِ، وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْإِضَافَةُ إِلَيْهِ دُونَهَا لِأَنَّهُ أَصْلُهَا في الوجود كما تقدم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ) ظَاهِرٌ فِي تَعْدِيدِ النِّعْمَةِ فِي الْأَبْنَاءِ، وَوُجُودُ الْأَبْنَاءِ يَكُونُ مِنْهُمَا مَعًا، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ خَلْقُ الْمَوْلُودِ فِيهَا وَانْفِصَالُهُ عَنْهَا أُضِيفَ إِلَيْهَا، وَلِذَلِكَ تَبِعَهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَصَارَ مِثْلَهَا فِي الْمَالِيَّةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: سَمِعْتُ إِمَامَ الْحَنَابِلَةِ بِمَدِينَةِ السَّلَامِ أَبَا الْوَفَاءِ عَلِيَّ بْنَ عُقَيْلٍ يَقُولُ: إِنَّمَا تَبِعَ الْوَلَدُ الْأُمَّ فِي الْمَالِيَّةِ وَصَارَ بِحُكْمِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، لِأَنَّهُ انْفَصَلَ عَنِ الْأَبِ نُطْفَةً لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا مَالِيَّةَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ، وَإِنَّمَا اكْتَسَبَ مَا اكْتَسَبَ بِهَا وَمِنْهَا فَلِأَجْلِ ذَلِكَ تَبِعَهَا. كَمَا لَوْ أكل رجل تمر فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَسَقَطَتْ مِنْهُ نَوَاةٌ فِي الْأَرْضِ مِنْ يَدِ الْآكِلِ فَصَارَتْ نَخْلَةً فَإِنَّهَا مِلْكُ صَاحِبِ الْأَرْضِ دُونَ الْآكِلِ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ لِأَنَّهَا انْفَصَلَتْ عَنِ الْآكِلِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" بَنِينَ وَحَفَدَةً" قَالَ: الْحَفَدَةُ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ فِي رَأْيِي. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَحَفَدَةً" قَالَ هُمُ الْأَعْوَانُ، مَنْ أَعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ. قِيلَ لَهُ: فَهَلْ تَعْرِفُ العرب ذلك؟ قال نعم وتقول! أو ما سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ أَسْرَعْنَ الْخِدْمَةَ. وَالْوَلَائِدُ: الْخَدَمُ، الْوَاحِدَةُ وَلِيدَةٌ، قَالَ الْأَعْشَى:
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا «1»
أَيْ أَسْرَعُوا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْأَعْوَانُ، فَكُلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطَاعَ فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ" إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَالْحَفَدَانُ السُّرْعَةُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْحَفْدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: قِيلَ الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ الْأَخْتَانِ، قَالَهُ ابْنُ مسعود وعلقمة وأبو الضحا وسعيد بن جبير وإبراهيم، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ «1»:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفَدٌ مَا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِإِصْهَارِ «2» اللِّئَامِ قَذُورُ
وَرَوَى زِرٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: الْحَفَدَةُ الْأَصْهَارُ، وَقَالَهُ إِبْرَاهِيمُ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْخَتَنُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، مِثْلُ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا، وَالْأَصْهَارُ مِنْهَا جَمِيعًا. يُقَالُ: أَصْهَرَ فُلَانٌ إِلَى بَنِي فُلَانٍ وَصَاهَرَ. وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ هُمُ الْأَخْتَانُ، يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَبَا الْمَرْأَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ أَقْرِبَائِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ تُزَوِّجُونَهُنَّ، فَيَكُونُ لَكُمْ بِسَبَبِهِنَّ أَخْتَانٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحفدة من نفع الرجال مِنْ وَلَدِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ حَفَدَ يَحْفِدُ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ) إِذَا أَسْرَعَ فِي سَيْرِهِ، كَمَا قَالَ كَثِيرٌ «3»:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ بَيْنَهُنَّ ...

الْبَيْتَ.
وَيُقَالُ: حَفَدَتْ وَأَحْفَدَتْ، لُغَتَانِ إِذَا خَدَمَتْ. وَيُقَالُ: حَافِدٌ وَحَفَدٌ، مِثْلَ خَادِمٍ وَخَدَمٌ، وَحَافِدٌ وَحَفَدَةٌ مِثْلَ كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ جَعَلَ الْحَفَدَةَ الْخَدَمَ جَعَلَهُ مُنْقَطِعًا مِمَّا قَبْلَهُ يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيمَ، كَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ لَكُمْ حَفَدَةً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بنين. قلت: ما قال الْأَزْهَرِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَفَدَةَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ هُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بَلْ نَصُّهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ:" وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً" فَجَعَلَ الْحَفَدَةَ وَالْبَنِينَ مِنْهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ" بَنِينَ وَحَفَدَةً" أَنَّ الْبَنِينَ أَوْلَادُ الرَّجُلِ لِصُلْبِهِ وَالْحَفَدَةَ أَوْلَادُ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ اللَّفْظِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَمِنَ الْبَنِينِ حَفَدَةً. وَقَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ. الثَّالِثَةُ- إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَالِكٍ وَعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْحَفَدَةَ الْخَدَمُ وَالْأَعْوَانُ، فَقَدْ خَرَجَتْ خِدْمَةُ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِأَبْدَعِ بَيَانٍ، قاله ابن العربي رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْسِهِ فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ ... الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ" هُودٍ «1» ". وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي. الْحَدِيثَ. وَلِهَذَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا: عَلَيْهَا أَنْ تَفْرِشَ الْفِرَاشَ وَتَطْبُخَ الْقِدْرَ وَتَقُمَّ الدَّارَ، بِحَسَبِ حَالِهَا وَعَادَةِ مِثْلِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها «2» " فَكَأَنَّهُ جَمَعَ لَنَا فِيهَا السَّكَنَ وَالِاسْتِمْتَاعَ وَضَرْبًا مِنَ الْخِدْمَةِ بِحَسَبِ جَرْيِ الْعَادَةِ. الرَّابِعَةُ- وَيَخْدِمُ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فِيمَا خَفَّ مِنَ الْخِدْمَةِ وَيُعِينُهَا، لِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ فَإِذَا سَمِعَ الْأَذَانَ خَرَجَ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ: وَيُعِينُهَا. وَفِي أَخْلَاقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ يَخْصِفُ النعل ويقم البيت ويخيط الصوب. وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ قِيلَ لَهَا: مَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي «3» ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ. الْخَامِسَةُ- وَيُنْفِقُ عَلَى خَادِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: عَلَى أَكْثَرَ، على قدر الثروة والمزلة. وَهَذَا أَمْرٌ دَائِرٌ عَلَى الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ، فَإِنَّ نِسَاءَ الْأَعْرَابِ وسكان البوادي يخدمن أزواجهن (حتى «4» فِي اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ وَسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ، وَنِسَاءَ الْحَوَاضِرِ يَخْدُمُ الْمُقِلُّ مِنْهُمْ زَوْجَتَهُ فِيمَا خَفَّ وَيُعِينُهَا، وأما أهل الثروة فيخدمون «5» أزواجهم وَيَتَرَفَّهْنَ مَعَهُمْ إِذَا كَانَ لَهُمْ مَنْصِبُ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا مُشْكِلًا شَرَطَتْ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ ذَلِكَ، فَتُشْهِدُ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ أَنَّهَا مِمَّنْ لا تخدم نفسها فالتزم أحد أمها، فَيُنَفَّذُ ذَلِكَ وَتَنْقَطِعُ الدَّعْوَى فِيهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أَيْ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَالْحَيَوَانِ. (أَفَبِالْباطِلِ) يَعْنِي الْأَصْنَامَ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. (يُؤْمِنُونَ) قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالْيَاءِ. وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرحمن بالتاء (وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ) أي بالإسلام. (هُمْ يَكْفُرُونَ).
(الجامع لأحكام القرآن (10/ 142- 145)
قال أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ):
{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) }
يَذْكُرُ تَعَالَى نِعَمَهُ عَلَى عَبِيدِهِ، بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَزْوَاجًا مِنْ جِنْسِهِمْ وَشِكْلِهِمْ [وَزِيِّهِمْ] ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَزْوَاجَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ لَمَا حَصَلَ ائْتِلَافٌ وَمَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَتِهِ خَلَقَ مِنْ بَنِي آدَمَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَجَعَلَ الْإِنَاثَ أَزْوَاجًا لِلذُّكُورِ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ جَعَلَ مِنَ الْأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْحَفَدَةَ، وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنِينَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالضَّحَّاكُ، وَابْنُ زَيْدٍ.
قَالَ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} هُمُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ.
وَقَالَ سُنَيْد: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَنُوكَ حِينَ يَحْفِدُونَكَ وَيَرْفِدُونَكَ وَيُعِينُونَكَ وَيَخْدِمُونَكَ. قَالَ جَمِيلٌ:
حفَد الْوَلَائِدُ حَوْلهُن وأسلمت ... بِأكُفِّهن أزِمَّةَ الأجْمَال
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} ابْنَهُ وَخَادِمَهُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: الْحَفَدَةُ: الْأَنْصَارُ وَالْأَعْوَانُ وَالْخُدَّامُ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: الْحَفَدَةُ: الْخَدَمُ وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَأَبُو مَالِكٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَر، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْحَفَدَةُ: مَنْ خَدَمَك مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ
قَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ يَخْدِمُهَا بَنُوهَا.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} يَقُولُ: بَنُو امْرَأَةِ الرَّجُلِ، لَيْسُوا مِنْهُ. وَيُقَالُ: الْحَفَدَةُ: الرَّجُلُ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفِدُ لَنَا قَالَ: وَيَزْعُمُ رِجَالٌ أَنَّ الْحَفَدَةَ أخْتَان الرَّجُلِ.
وَهَذَا [الْقَوْلُ] الْأَخِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو الضُّحى، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعيّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، وَمُجَاهِدٌ، والقُرَظي. وَرَوَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الْأَصْهَارُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى: "الحَفْد" وَهُوَ الْخِدْمَةُ، الَّذِي مِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْقُنُوتِ: "وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ"، وَلَمَّا كَانَتِ الْخِدْمَةُ قَدْ تَكُونُ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَصْهَارِ وَالْخَدَمِ (5) فَالنِّعْمَةُ حَاصِلَةٌ بِهَذَا كُلِّهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}
قُلْتُ: فَمَنْ جَعَلَ {وَحَفَدَةً} مُتَعَلِّقًا بِأَزْوَاجِكُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَوْلَادَ، وأولاد الأولاد، والأصها ر؛ لِأَنَّهُمْ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ، وَأَوْلَادُ الزَّوْجَةِ، وَكَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ، فَإِنَّهُمْ غَالِبًا يَكُونُونَ تَحْتَ كَنَفِ الرَّجُلِ وَفِي حجْره وَفِي خِدْمَتِهِ. وَقَدْ يَكُونُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ [عَلَيْهِ الصَّلَاةُ] وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ بَصرة بْنِ أَكْثَمَ: "وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الحَفَدة هُمُ الْخَدَمُ فَعِنْدَهُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} أَيْ: وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ
{وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} مِنَ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنْكِرًا عَلَى مَنْ أَشْرَكَ فِي عِبَادَةِ الْمُنْعِمِ غَيْرَهُ: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ} وَهُمُ: الْأَصْنَامُ وَالْأَنْدَادُ، {وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} أَيْ: يَسْتُرُونَ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَيُضِيفُونَهَا إِلَى غَيْرِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ممتنا عليه" ألم أزوجك؟ ألم أُكْرِمْكَ؟ أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَأَذَرْكَ ترأس وتَرْبع )
(تفسير القرآن العظيم (4/586-588)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 72.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال: خلق آدم ثم خلق زوجته منه). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن ابن مسعود في قوله: {بنين وحفدة} قال الحفدة الأختان). [الدر المنثور: 9/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الأصهار). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة الولد وولد الولد). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحفدة بنو البنين). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وحفدة} قال: ولد الولد وهم الأعوان قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن أبي حمزة قال: سئل ابن عباس عن قوله: {بنين وحفدة} قال: من أعانك فقد حفدك أما سمعت قول الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت * بأكفهن أزمة الاجمال). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قالك الحفدة بنو امرأة الرجل ليسوا منه). [الدر المنثور: 9/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: الحفدة الأعوان). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الحفدة الخدم). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: الحفدة البنون وبنو البنون ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشرك). [الدر المنثور: 9/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {أفبالباطل يؤمنون} قال: الشيطان {وبنعمة الله} قال: محمد).
[الدر المنثور: 9/84]



ثانياً: جمع أقوال اللغويين في هذه المسألة:


المؤلف: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (المتوفى: 170هـ):
حفد: الحَفْدُ: الخِفَّة في العمل والخِدمة «1» ، قال:
حَفَدَ الولائدُ بينَهُنَّ وأُسلِمَتْ ... بأكُفّهِنَّ أزِمَّةُ الأجمالِ «2»
وسَمِعتُ في شعْرٍ مُحدَث حُفَّداً أقدامُها «3» أي سِراعاً خِفافاً. وفي سورة القُنوت:
وإليك نَسعَى ونحفد «4»
أي نخفّ في مَرْضاتك. والاحتفاد: السُرعة في كلّ شيء، قال الأعشى:
وُمْحَتفد الوَقْعِ ذو هَبَّةٍ ... أجاد جلاه يد الصيقل
وقول الله- عز وجل-: بَنِينَ وَحَفَدَةً
«5» يعني البنات [و] هنَّ خَدَم الأبَوَيْن في البيت، ويقال: الحَفَدة: «6» وعند العَرَب الحَفَدة الخَدَم. والمَحْفِدُ: شَيءٌ يُعلَف فيه، قال: «7»
وسَقْيي وإطِعامي الشَّعيرَ بمحفد «8»
والحَفَدان فوق المَشْي كالخَبَب. والمحَافِد: وشْيُ الثوب، الواحد مَحْفِد.
فدح: الفَدْح: إثقال الأمر والحِمْل، وصاحبُه مفدوح، تقول: نَزَلَ بهم أمرٌ فادِحٌ، قال الطرماح:
فمثلكَ ناحَتْ عليه النِّساءُ ... لعُظْمِ مُصيبتك الفادِحْه
(كتاب العين (3/185-186))
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ):(قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنون والحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ):(قوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجًا} ، يعني: النّساء.
والنّساء من الرّجال.
سعيدٌ عن قتادة قال: خلق آدم ثمّ خلق زوجته منه.
قال: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدةً} والحفدة الخدم يعني: ولدًا يخدمونه، وولد ولده في تفسير الحسن.
عمّارٌ عن أبي هلالٍ الرّاسبيّ عن الحسن، قال: بنوك وبنو بنيك، البنون والحفدة كلّ شيءٍ يحفدونك ويخدمونك.
سعيدٌ عن قتادة قال: مهنّةٌ يمهنونك ويخدمونك من ولدك.
- المعلّى عن عاصم بن بهدلة عن زرّ بن حبيشٍ عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: الحفدة الأختان.
قوله: {ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون} على الاستفهام، أي: قد آمنوا بالباطل، والباطل إبليس.
وقال السّدّيّ: {أفبالباطل يؤمنون} يعني: بعبادة الشّيطان، الشّرك، يصدّقون.
قوله: {وبنعمة اللّه هم يكفرون} هو كقوله: {ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت اللّه كفرًا} وكقوله: {وتجعلون رزقكم أنّكم تكذّبون}،
يقول: تجعلون مكان الشّكر التّكذيب). [تفسير القرآن العظيم: 1/76-75]
قال أبو عمرو إسحاق بن مرّار الشيباني بالولاء (المتوفى: 206هـ):
والحوافد، حفد يحفد حفدانا، وهو مثل الرسيم؛ وأنشد:
إليك أَقْبَلْنا مع الحَوافِد ... نُمارس الدَّهْرَ مع الصُّلاَخِدِ
(الجيم1/194)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقوله: {وحفدةً...}
والحفدة الأختان، وقالوا الأعوان. ولو قيل: الحفد: كان صواباً؛ لأن واحدهم حافد فيكون بمنزلة الغائب والغيب والقاعد والقعد). [معاني القرآن: 2/110]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بنين وحفدةً} أعواناً وخدّاماً،
قال جميل:
حفد الولائد بينهنّ وأسلمتبــأكــفّـــهـــن أزمّـــــــــــة الأجـــــمــــــال
واحدهم: حافد، خرج مخرج كامل والجميع كملة). [مجاز القرآن: 1/364]
قال أبو الحسن المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، المعروف بالأخفش الأوسط (المتوفى: 215هـ):{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}
وقال {بَنِينَ وَحَفَدَةً} وواحدهم "الحافِدُ".
(2/ 417) معانى القرآن للأخفش
قال أبو عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي البغدادي (المتوفى: 224هـ)
حفد لحق وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر [رَضِي اللَّه عَنهُ -] فِي قنوت الْفجْر قَوْله: وَإِلَيْك نسعى ونَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذابَكَ إنّ عَذابَكَ بِالكُفَّارِ مُلْحِقٌ. قَوْله: نَحْفِدُ أصل الحَفْد الْخدمَة وَالْعَمَل يُقَال: حَفَد يَحفِدُ حَفْداً وَقَالَ الأخطل: [الْكَامِل]
حَفَدَ الولائِدُ حولَهن وأسلمتْ ... بأكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأجْمالِ ... أَرَادَ خدمهن الولائد وَقَالَ الشَّاعِر: [الْبَسِيط]
كَلّفتُ مجهولَها نوقا يمانِية ... إِذا الحُداة على أكسائها حَفَدُوا ... وَقد رُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله [عزّ وَعلا -] {بَنِيْنَ وَحَفَدَةً} أَنهم الخدم وَعَن عبد الله أَنهم الأصهار وَأما الْمَعْرُوف فِي كَلَامهم فَأن الحفد [هُوَ -] الْخدمَة فَقَوله: نَسْعَى ونَحْفِدُ هُوَ من ذَاك يَقُول: إِنَّا نَعْبدُك ونَسعى فِي طلب رضاك. وفيهَا لغةٌ أُخْرَى: أحْفَدَ إحفاداً قَالَ الرَّاعِي: [الطَّوِيل]
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيْفَةٍ ... أخَبَّ بِهن المُخْلِفانِ وأحْفَدا ... فقد يكون قَوْله: أحفدا أخدما وَقد يكون أحفدا غَيرهمَا أعمَلا بَعيرهما فَأَرَادَ عمر بقوله: وَإِلَيْك نسعى ونَحْفِد الْعَمَل لله بِطَاعَتِهِ. وَأما قَوْله: بالكفار مُلْحِقٌ [فَهَكَذَا يرْوى الحَدِيث فَهُوَ جَائِز فِي الْكَلَام أَن يَقُول: مُلِحق -] يُرِيد لاحِق لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ. يُقَال: لحقت الْقَوْم وأَلْحَقتهم بِمَعْنى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بقوله: / مُلْحِق لَاحق قَالَه الْكسَائي [وَغَيره -] . 6 / الف
3/375غريب الحديث
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( (والحفدة): الأعوان والخدم واحدهم حافد وقالوا الأختان في التفسير ويقال: مر فلان يحفد حفدانا ومنه" وإليك نسعى ونحفد " أي نسرع). [غريب القرآن وتفسيره: 208]
قال ابن السكيت، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق (المتوفى: 244هـ)
ومما يذكر من سير الإبل.
العنق الفسيح والمسبطر، قال [أمية بن أبي عائذ] الهذلي ومن سيرها العنق المسبطر والعجرفية بعد الكلال فإذا ارتفع عن العنق قليلا قيل هو يمشي التزيد، قال الشاعر [وهو الأعشى]
وأتلع نهاض إذا ما تزيدت ... به مد أثناء الجديل المضفر
فإذا ارتفع عن ذلك قليلا فهو الذميل يقال ذمل يذمل ذميلا، فإذا قارب الخطو ودارك النقال فهو الرتك يقال رتك يرتك رتكا ورتكانا، فإذا مشى مشي المجموع وظيفاه في قيد فهو الرسف يقال رسف يرسف رسيفا ورسفانا، قال الشاعر:
رسف المقيد ما يكاد يريم
فإذا دارك المشي وفيه قرمطة فهو الحفد يقال حفد يحفد حفدا، قال الشاعر:
نفسي الفداء لمن أداكم رقصا ... إلى المقاري سراعا مشيكم حفد
وقال الراعي:
إذا الحداة على أكسائها حفدوا
قال وأنشدني عيسى بن عمر وزعم أنه سمع بعض العرب يقول:
يا ابن التي على قعود حفاد
1/ 123 الكنز اللغوي في اللَسَن العربي
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {بنين وحفدةً} الحفدة: الخدم والأعوان. ويقال: هم بنون وخدم.
ويقال: الحفدة الأصهار. وأصل الحفد: مداركة الخطو والإسراع في المشي. وإنما يفعل هذا الخدم. فقيل لهم: حفدة، واحدهم حافد، مثل كافر وكفرة. ومنه
يقال في دعاء الوتر: وإليك نسعى ونحفد). [تفسير غريب القرآن: 247-246]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ( {لعمرك}، ولعمر الله: هو العمر. ويقال: أطال الله عمرك، وعمرك، وهو قسم بالبقاء). [تأويل مشكل القرآن: 562]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واللّه جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطّيّبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمت اللّه هم يكفرون}
جاء في التفسير أن الله خلق حواء من ضلع من أضلاع آدم، فهو معنى جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
وقوله: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
اختلف الناس في تفسير الحفدة، فقيل الأولاد، وقيل البنات وقيل الأختان، وقيل الأصهار، وقيل الأعوان.
وحقيقة هذا أن اللّه عزّ وجلّ جعل من الأزواج بنين ومن يعاون على ما يحتاج إليه بسرعة وطاعة، يقال حفد يحفد حفدا وحفدا وحفدانا إذا أسرع.
قال الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمتبــأكـــفّـــهـــنّ أزمّــــــــــــة الأجــــــمــــــال
معناه أسرعوا في الخدمة). [معاني القرآن: 3/213-212]
قال محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري (المتوفى: 328هـ)
- قولهم: واليكَ نسعى ونَحْفِدُ
(243)
قال أبو بكر: معناه: ونخدمك ونعمل لك. يقال: قد حَفَدَ العبد يَحْفِدُ حَفْداً: إذا خدم. قال (244) الشاعر:
(حَفَدَ الولائدُ بينهنّ وأُسْلِمَتْ ... بأكفِّهنّ أَزِمَّةُ الأجمالِ) (245)
أراد: خدم الولائد (246) . وقال الآخر (247) :
(كلفت مجهولَها نوقاً ثمانيةً ... إذا الحُداةُ على أكسائها حَفَدُوا)
أراد: خدموا. وقال أبو عبيد: يقال حَفَد يحفِد، وأَحْفَد يُحفِد؛ وأنشد (165) للراعي (248) :
(مزايدُ خرقاءِ اليدينِ مُسيفةٍ ... أَخَبَّ بهن المُخلفانِ وأَحْفَدا)
وقال الله عز وجل: {وجَعَلَ لكم من أزواجكم بنينَ وحَفَدَةً} (249) :
قال عبد الله بن مسعود: الحفدة: الأختان. وقال عِكْرِمة (250) : الحفدة: بنو الرجل، مَنْ نفعه منهم. وقال الضحاك (251) : الحفدة: بنو المرأة من زوجهاالأول. وقال طاووس (252) : الحفدة: الخدم؛ فهذا مطابق للغة، والأقوالُ الأُخَرُ غير خارجة (253) عن الصواب.
قال أبو بكر: وقال الفراء (254) : واحد الحفدة: حافد؛ قال: وهو بمنزلة قولك: [رجل] كامل وكملة؛ قال: ويجوز أن يقال في جمع حافِد: حَفَدٌ، كما تقول: غائب وغَيَبٌ؛ قال (255) الشاعر (256) :
(فلو أنّ نفسي طاوعتني لأَصْبَحَتْ ... لها حَفَدٌ مما يُعَدُّ كثيرُ)
1/70الزاهر في معاني كلمات الناس


قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} قال خلق حواء من ضلع آدم
وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم). [معاني القرآن: 4/87]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {بنين وحفدة} اختلف الناس، فقالت طائفة: هم الأعوان والأختان، وقالت طائفة: كل من أسرع في حاجتك، فهو حافد، قرابة كان أو غير قرابة،
يقال حافد وحفدة، مثل: كاتب وكتبة). [ياقوتة الصراط: 296]
قال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
ح د ف
اسْتعْمل من وجوهها: حفد، فدح، فحد.
حفد: قَالَ اللَّيْث: الْحَفْدُ فِي الخِدْمَةِ والعَمَل: الْخِفَّةُ والسُّرْعَةُ، وَأنْشد:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ
بأكفّهِنّ أَزِمَّةُ الأَجَمَالِ
وَرُوِيَ عَن عُمَر أَنه قَرَأَ قُنُوت الْفجْر: وإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد. قَالَ أَبُو عُبَيد: أَصْلُ الْحَفْدِ: الْخِدْمَة والعَمل. قَالَ: ورُوِي عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) أَنّهم الخدم، وَرُوِيَ عَن عبد الله أَنَّهُم الأصْهارُ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَفِي الْحَفْد لُغَة أُخْرى: أَحْفَدَ إحْفَاداً، وَقَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليَدَيْن مُسِيفَةٍ
أَخَبَّ بِهن المُخْلِفَان وَأَحْفَدَا
قَالَ فَيكون أَحْفَدَا خَدَمَا، وَقد يَكُون أَحْفَدَا غَيرهمَا. قَالَ: وَأَرَادَ بقوله: وإلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِد: نَعْمَلُ لله بطاعَتِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الاحْتِفادُ: السُّرْعَةُ فِي كلِّ شَيْء، وَقَالَ الأعْشَى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوَقْعِ ذُو هَبَّةٍ
أَجَادَ جِلاَهُ يَدُ الصَّيْقَل
قُلْتُ: وروَاه غَيرُه: ومُحْتَفِل الوقع بِاللَّامِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
حَدَّثنا أَبُو زيد عَن عبد الْجَبّار عَن سُفْيَان قَالَ: حَدَّثنا عَاصِم عَن زِرّ قَالَ: قَالَ عبد الله: يَا زِرّ، هَل تَدْرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفّادُ الرَّجْلِ: من وَلَده وَوَلد وَلَده، قَالَ: لَا، وَلَكنهُمْ الأَصْهَارُ قَالَ عَاصِم: وَزعم الكَلْبِيّ أَنَّ زِرّاً قَدْ أَصَابَ، قَالَ سُفْيَان: قَالُوا: وكَذبَ الكَلْبِيّ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَنْ قَالَ الحَفَدَةُ: الأَعْوَانُ فَهُوَ أَتْبَعُ لكَلَام العَرَب مِمَّنْ قَالَ الأَصْهار. وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَقَالَ: وَيُقَال: الأَعْوَان، وَلَو قيل الحَفَدُ لكَانَ صَوَابا، لِأَن الْوَاحِد حَافِد مثل القَاعِد والقَعَد.
وَقَالَ الحَسَنُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) ، قَالَ: البَنُون: بَنُوك وبَنُو بَنِيك، وأَمَّا الحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَك من شَيْء وعَمِلَ لَك وأَعَانَك. وروى أَبُو حَمْزَة عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: مَنْ أعَانَكَ فَقَدْ حَفَدَكَ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْله:
حَفَدَ الوَلاَئِدُ حَوْلَهُنَّ وأُسْلِمَتْ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النّحل: 72) قَالَ: بَنُو المَرْأَةِ من زَوْجها الأوَّل، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الحَفَدَةُ: مَنْ خَدَمَك من وَلَدِكَ وَوَلد، ولدك، وَقَالَ اللَّيْث: الحَفَدَةُ: البَنَاتُ، وهُنَّ خَدَمُ الأبَوَيْنِ فِي البَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الحَفَدَةُ: وَلَدُ الوَلَد.
والحَفَدَانُ: فَوْق المَشْيِ كالخَبَبِ.
قَالَ: والمَحْفِدُ: شيءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الدَّابَّة، وَقَالَ الأعْشَى:
وسَقْيي وإطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
قَالَ: والمَحْفِدُ: السَّنَامُ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: المَحَافِدُ فِي الثَّوْبِ: وَشْيُه، واحِدُها مَحْفِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَفَدَةُ:
صُنَّاعُ الوَشْي. والْحَفْدُ: الوَشْيُ.
وَقَالَ شَمِر: سَمِعْتُ الدَّارِمي يَقُول: سَمِعْتُ ابْن شُمَيْل يَقُول لطرف الثَّوْب مِحْفَد بِكَسْر الْمِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَحْتِدُ والمَحْفِدُ والمَحْقِدُ والمَحْكِد: الأصْلُ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب: احْتَفَد واحْتَمَد واحْتَفَل بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبُو قَيْس: مِكْيالٌ واسْمه المِحْفَد، وهُوَ القَنْقَلُ.
فدح: اللَّيْث: الفَدْحُ: إثْقَالُ الأَمْرِ والحِمْلِ صَاحِبَه، تَقول: نَزَل بهم أَمْرٌ فَادِحٌ. وَفِي الحَدِيث (وعَلَى الْمُسلمين ألاَّ يتْركُوا فِي الإسْلاَمِ مَفْدُوحاً فِي فِدَاءٍ أَو عَقْلٍ) ، قَالَ أَبُو عُبَيد: وَهُوَ الَّذِي فَدَحَهُ الدَّيْنُ أَي أَثْقَلَه.
فحد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: واحِدٌ فاحِدٌ، قلتُ: هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو بِالْفَاءِ، وقرأتُ بِخَط شَمِر لِابْنِ الأعرابيّ قَالَ: القَحَّادُ: الرجلُ الفردُ الَّذِي لَا أَخَ لَهُ وَلاَ وَلَد، يُقَال: واحِدٌ قَاحِدٌ صَاخِدٌ، وَهُوَ الصُّنْبُورُ، قلتُ: وأنَا واقِف فِي هَذَا الحَرْفِ، وخَطُّ شَمر أقربُهما إِلَى الصَّوَاب، كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَحَدَةِ السَّنَام، وَهُوَ أَصله.
( تهذيب اللغة4/ 247- 248)

قال أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ):
حفد: الحفدةُ: الأعوند، واحدهم حافد.
والسرعة إلى الطاعة: حفدٌ. و (منه قوله) في الدعاء: إليك نسعى ونحفدُ.
قال:
يا آبن التي على قعود حفادْ
وقيل: الحفدةُ: الأختان، وقيل: ولد الولدِ.
والمحفدُ في الثوب: وشيه، والجميع محافَدٌ.
والمحفدُ: مكيال.
وسيف محتفدٌ، أي: سريع القطع.
(قال) : والمحفدُ لغة في المحتد، وهو الأصل.
والحفدان: تداركُ السيرِ.
1/243مجمل اللغة لابن فارس
قال أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ)
(حَفَدَ) الْحَاءُ وَالْفَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْخِفَّةِ فِي الْعَمَلِ، وَالتَّجَمُّعِ. فَالْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ; لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيهِمُ التَّجَمُّعُ وَالتَّخَفُّفُ، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وَالسُّرْعَةُ إِلَى الطَّاعَةِ حَفْدٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: " إِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ". قَالَ:
يَا ابْنَ الَّتِي عَلَى قَعُودٍ حَفَّادْ
وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً} [النحل: 72] ، إِنَّهُمُ الْأَعْوَانُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - وَيُقَالُ الْأَخْتَانُ، وَيُقَالُ الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَالْمِحْفَدُ: مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ. وَيُقَالُ فِي بَابِ السُّرْعَةِ وَالْخِفَّةِ سَيْفٌ مُحْتَفِدٌ، أَيْ سَرِيعُ الْقَطْعِ. وَالْحَفَدَانُ: تَدَارُكُ السَّيْرِ.
2/ 84معجم مقاييس اللغة
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الحَفَدَةُ}: الأحفاد، الخدم). [العمدة في غريب القرآن: 178]

قال أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي [ت: 458هـ]:
الْحَاء وَالدَّال وَالْفَاء
حَفَدَ يحْفِدُ حَفْداً وحَفَدانا، واحتَفَد: خف فِي الْعَمَل وأسرع. وحَفَدَ يحْفِدُ حَفداً: خدم. والحَفَدُ والحَفَدَةُ: الأعوان والخدمة، واحدهم حافِدٌ.
وحَفَدَةُ الرجل بَنَاته، وَقيل أَوْلَاد أَوْلَاده، وَقيل الأصهار، وَقيل الأعوان. والحفيد: ولد الْوَلَد، وَالْجمع حُفَدَاءُ.
والحفَدُ والحفَدانُ والإحْفادُ فِي الْمَشْي: دون الخبب، وَقيل هُوَ إبطاء الرتك، وَالْفِعْل كالفعل.
والمِحْفَدُ والمَحْفَدُ: شَيْء يعلف فِيهِ، وَقيل هُوَ مكيال يُكَال بِهِ، وَقد رُوِيَ بَيت الْأَعْشَى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَناها السواديُّ الرَّضيخُ مَعَ النَّوَى ... وفَتٌّ وإعطاءُ الشَّعيرِ بمِحْفَدِ
ويرُوى بمَحْفِدِ، فَمن كسر الْمِيم عده مِمَّا يعتمل بِهِ، وَمن فتحهَا فعلى توهم الْمَكَان أَو الزَّمَان.
ومَحْفِدُ الثَّوْب: وشيه.
والمَحْفِدُ: الأَصْل عَامَّة، عَن ابْن الْأَعرَابِي.
والمَحْفِدُ: أصل السنام، عَن يَعْقُوب أنْشد لزهير:
على ظهرِها من نيِّها غيرَ مَحْفِدِ
3/263المحكم والمحيط الأعظم
قال أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (ت: 538هـ) :(وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)
مِنْ أَنْفُسِكُمْ من جنسكم. وقيل: هو خلق حواء من ضلع آدم. والحفدة: جمع حافد، وهو الذي يحفد، أى يسرع في الطاعة والخدمة. ومنه قول القانت. وإليك نسعى ونحفد وقال:
حَفَدَ الْوَلَائِدَ بَيْنَهُنَّ وَأُسْلِمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أزِمَّةَ الأَجْمَالِ
واختلف فيهم فقيل: هم الأختان على البنات «4» وقيل: أولاد الأولاد. وقيل: أولاد المرأة من الزوج الأوّل. وقيل: المعنى وجعل لكم حفدة، أى خدما يحفدون في مصالحكم ويعينونكم ويجوز أن يراد بالحفدة: البنون أنفسهم، كقوله سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً كأنه قيل: وجعل لكم منهنّ أولاداً هم بنون وهم حافدون، أى جامعون بين الأمرين مِنَ الطَّيِّباتِ يريد بعضها، لأنّ كل الطيبات في الجنة، وما طيبات الدنيا إلا أنموذج منها
( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل(621/2)
قال محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت: 711هـ):حفد: حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً وَاحْتَفَدَ: خفَّ فِي الْعَمَلِ وأَسرع. وحَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً: خَدَم. الأَزهري: الحَفْدُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ الْخِفَّةُ؛ وأَنشد:
حَفَدَ الولائدُ حَوْلَهُنَّ، وأَسلمتْ ... بأَكُفِّهِنَّ أَزمَّةَ الأَجْمالِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قرأَ فِي قُنُوتِ الْفَجْرِ:
وإِليك نَسْعَى ونَحْفِدُ
أَي نُسْرِعُ فِي الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصل الحَفْد الْخِدْمَةُ وَالْعَمَلُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَعْمَلُ لِلَّهِ بِطَاعَتِهِ. اللَّيْثُ: الِاحْتِفَادُ السُّرْعَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ السَّيْفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقعِ ذُو هَبَّةٍ، ... أَجاد جِلاه يَدُ الصَّيْقَل
قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ غَيْرُهُ وَمُحْتَفِلُ الْوَقْعِ، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، وَذُكِرَ لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ قَالَ: أَخشى حفْدَه
أَي إِسراعه فِي مَرْضَاةِ أَقاربه. والحَفْدُ: السُّرْعَةُ. يُقَالُ: حَفَدَ البعيرُ وَالظَّلِيمُ حَفْداً وحَفَداناً، وَهُوَ تَدَارُكُ السَّيْرِ، وَبَعِيرٌ حَفَّادٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِي الْحَفْدِ لُغَةٌ أُخرى أَحْفَدَ إِحْفاداً. وأَحفدته: حَمَلْتَهُ عَلَى الحَفْدِ والإِسراع؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَزايدُ خَرْقاءِ اليَدَينِ مُسِيفَةٍ، ... أَخَبَّ بِهِنَّ المُخْلِفانِ وأَحْفَدا
أَي أَحفدا بَعِيرَيْهِمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَي أَسرعا، وَجَعَلَ حَفَدَ وأَحفد بِمَعْنًى. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحفدا خَدَمَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ أَحفدا غَيْرَهُمَا. والحَفَدُ والحَفَدَة: الأَعوان والخدَمة، وَاحِدُهُمْ حَافِدٌ. وحفَدة الرَّجُلِ: بَنَاتُهُ، وَقِيلَ: أَولاد أَولاده، وَقِيلَ: الأَصهار. وَالْحَفِيدُ: وَلَدُ الْوَلَدِ، وَالْجَمْعُ حُفَداءُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ بَنِينَ وَحَفَدَةً
أَنهم الْخَدَمُ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنهم الأَصهار، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَفَدة الأَختان وَيُقَالُ الأَعوان، وَلَوْ قِيلَ الحَفَدُ كَانَ صَوَابًا، لأَن الْوَاحِدَ حَافِدٌ مِثْلُ الْقَاعِدِ والقَعَد. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْبَنُونَ بَنُوكَ وَبَنُو بَنِيكَ، وأَما الْحَفَدَةُ فَمَا حَفَدَكَ مِنْ شَيْءٍ وَعَمِلَ لَكَ وأَعانك. وَرَوَى
أَبو حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَنِينَ وَحَفَدَةً
، قَالَ: مَنْ أَعانك فَقَدْ حَفَدَكَ
؛ أَما سَمِعْتَ قَوْلَهُ:
حَفَدَ الولائدُ حولهنَّ وأَسلمت
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَفَدَةُ بَنُو المرأَة مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْحَفَدَةُ مَنْ خَدَمَكَ مِنْ وَلَدِكَ وَوَلَدِ وَلَدِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْحَفَدَةُ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَقِيلَ: الْحَفْدَةُ الْبَنَاتُ وهنَّ خَدَمُ الأَبوين فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الحفَدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الأَعوان، فَكُلُّ مِنْ عَمِلَ عَمَلًا أَطاع فِيهِ وَسَارَعَ فَهُوَ حَافِدٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ وإِليك نَسْعَى وَنَحْفِدُ. قَالَ: والحَفَدانُ السُّرْعَةُ. وَرَوَى
عَاصِمٌ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا زِرُّ هَلْ تَدْرِي مَا الْحَفَدَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، حُفَّادُ الرَّجُلِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُمُ الأَصهار
؛ قَالَ عَاصِمٌ: وَزَعَمَ الْكَلْبِيُّ أَن زِرًّا قَدْ أَصاب؛ قَالَ سُفْيَانُ: قَالُوا وَكَذَبَ الْكَلْبِيُّ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ الْحَفَدَةُ الأَعوان فَهُوَ أَتبع لِكَلَامِ الْعَرَبِ مِمَّنْ قَالَ الأَصهار؛ قَالَ:
فَلَوْ أَن نَفْسِي طَاوَعَتْنِي، لأَصبحت ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
أَي خَدَم حَافِدٌ وحَفَدٌ وحَفَدَةٌ جَمِيعًا. وَرَجُلٌ مَحْفُودٌ أَي مَخْدُومٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ
؛ الْمَحْفُودُ: الَّذِي يَخْدِمُهُ أَصحابه وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُسْرِعُونَ فِي طَاعَتِهِ. يُقَالُ: حَفَدْتُ وأَحْفَدْتُ وأَنا حَافِدٌ وَمَحْفُودٌ. وحَفَدٌ وحَفَدة جَمْعُ حَافِدٍ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمية: بِالنِّعَمِ مَحْفُودٌ.
وَقَالَ: الحَفْدُ والحَفدان والإِحفاد فِي الْمَشْيِ دُونَ الخَبَبِ؛ وَقِيلَ: الحَفَدان فَوْقَ الْمَشْيِ كَالْخَبَبِ، وَقِيلَ: هُوَ إِبطاء الرَّكَكِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. والمَحْفِدُ والمِحْفَدُ: شَيْءٌ تُعْلَفُ فِيهِ الإِبل كالمِكْتَلِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ نَاقَتَهُ:
بَنَاهَا الغَوادي الرضِيخُ مَعَ الخَلا، ... وسَقْيِي وإِطعامي الشعيرَ بِمَحْفِدِ «1»
الْغَوَادِي: النَّوَى. وَالرَّضِيخُ: الْمَرْضُوخُ وَهُوَ النَّوَى يُبَلُّ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُرْضَخُ، وَقِيلَ: هُوَ مِكْيَالٌ يُكَالُ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الأَعشى بِالْوَجْهَيْنِ مَعًا:
بَنَاهَا السَّوَادِيُّ الرضيخُ مَعَ النَّوَى، ... وقَتٍّ وإِعطاء الشعيرِ بِمِحْفَدِ
وَيُرْوَى بِمَحْفِد، فَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ عَدَّهُ مِمَّا يُعْتَمَلُ بِهِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَعَلَى تَوَهُّمِ الْمَكَانِ أَو الزَّمَانِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو قَيْسٍ مِكْيَالٌ وَاسْمُهُ المِحْفَدُ وَهُوَ القَنْقَلُ. ومَحافِدُ الثَّوْبِ: وشْيُهُ، وَاحِدُهَا مَحْفِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَفَدَةُ صُناع الْوَشْيِ وَالْحَفْدُ الوَشْيُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِطَرَفِ الثَّوْبِ مِحفد، بِكَسْرِ الْمِيمِ، والمَحْفِد: الأَصل عَامَّةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ المَحْتِدُ والمَحفِد والمَحْكِد والمَحْقِدُ: الأَصل. ومَحْفِدُ الرَّجُلِ: مَحْتِدُه وأَصله. وَالْمَحْفِدُ: السَّنَامُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَصل السَّنَامِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وأَنشد لِزُهَيْرٍ:
جُمالِيَّة لَمْ يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلَتي ... عَلَى ظَهْرِهَا، مِنْ نَيِّها، غيرَ مَحْفِد
وَسَيْفٌ مُحتفِدٌ: سَرِيعُ الْقَطْعِ.
( لسان العرب (153 / 3)

قال أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (ت: 745هـ): الْحَفَدَةُ: الْأَعْوَانُ وَالْخَدَمُ، وَمَنْ يُسَارِعُ فِي الطَّاعَةِ حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْدًا وَحُفُودًا وَحَفَدَانًا، وَمِنْهُ: وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَيْ:
نُسْرِعُ فِي الطَّاعَةِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
حَفَدَ الْوَلَائِدُ حَوَّلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةُ الْأَجْمَالِ
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَلَّفَتْ مَجْهُودَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
وَتَتَعَدَّى فَيُقَالُ: حَفَدَنِي فَهُوَ حَافِدِي. قَالَ الشَّاعِرُ:
يَحْفِدُونَ الضَّيْفَ فِي أَبْيَاتِهِمْ ... كَرَمًا ذَلِكَ مِنْهُمْ غَيْرَ ذُلِّ
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى، أَحْفَدَ إِحْفَادًا، وَقَالَ: الْحَفَدُ الْعَمَلُ وَالْخِدْمَةُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْحَفَدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْخَدَمُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَفَدَةُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، وَقِيلَ:
الْأَخْتَانُ. وَأَنْشَدَ:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفَدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِأَصْحَابِ اللِّئَامِ قَذُورُ
(البحر المحيط في التفسير543/6)
قال أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي (ت: 756هـ):قوله تعالى: {وَحَفَدَةً} : في «حَفَدَة» أوجهٌ. أظهرُها: أنه معطوفٌ على «بنين» بقيدِ كونِه من الأزواج، وفُسِّر هنا بأنه
أولادُ الأولادِ. الثاني: أنه مِنْ عطفِ الصفاتِ لشيءٍ واحدٍ، أي: جَعَلَ لكم بنينَ خَدَماً، والحَفَدَةُ: الخَدَمُ. الثالث: أنه منصوبٌ ب «جَعَلَ» مقدرةً، وهذا عند مَنْ يُفَسِّر الحَفَدة بالأعوان والأَصْهار، وإنما احتيج إلى تقدير «جَعَلَ» لأنَّ «جَعَلَ» الأولى مقيدةٌ بالأزواج، والأعوانُ والأصهارُ ليسوا من الأزواج.
والحَفَدَةُ: جمع حافِد كخادِم وخَدَم. وفيهم للمفسرين أقوالٌ كثيرةٌ، واشتقاقُهم مِنْ قولِهم: حَفَد يَحْفِد حَفْداً وحُفوداً وحَفَداناً، أي: أسرع في الطاعة. وفي الحديث: «وإليك نَسْعَى ونَحْفِدُ» ، أي: نُسْرِعِ في طاعتِك. قال الأعشى:
300 - 1- كَلَّفْتُ مجهولَها نُوْقاً يَمانيةً ... إذا الحُداة على أَكْسائها حَفَدُوا
وقال الآخر:
300 - 2- حَفَدَ الولائدُ حولَهُنَّ وأَسْلَمَتْ ... بأكفِّهنَّ أَزِمَّةَ الأجْمالِ
ويستعمل «حَفَدَ» أيضاً متعدياً. يقال: حَفَدَني فهو حافِدٌ، وأُنْشِد:
300 - 3- يَحْفِدون الضيفَ في أبياتِهمْ ... كَرَماً ذلك منهم غيرَ ذُلّْ
وحكى أبو عبيدة أنه يقال: «أَحْفَدَ» رباعياً. وقال بعضهم: «الحَفَدَةُ: الأَصْهار، وأنشد:
300 - 4- فلو أنَّ نفسي طاوَعَتْني لأصبحَتْ ... لها حَفَدٌ ممَّا يُعَدُّ كثيرُ
ولكنها نَفسٌ عليَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لإِصهارِ اللِّئامِ قَذْوْرُ
ويقال: سيفٌ مُحْتَفِدٌ، أي: سريعُ القطع. وقال الأصمعيُّ:» أصلُ الحَفْدِ: مقارَبَةُ الخَطْوِ «.
( الدر المصون في علوم الكتاب المكنون(266/7)

قال مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ):
حَفَدَ يَحْفِدُ حَفْداً وحَفَداناً: خَفَّ في العَمَلِ، وأسْرَعَ،
كاحْتَفَدَ، وخَدَمَ.
والحَفَدُ، محرَّكةً: الخَدَمُ، والأَعْوانُ،
جَمْعُ حافِدٍ، ومشيٌ دونَ الخَبَبِ،
كالحَفَدانِ والإِحْفادِ.
وحَفَدَةُ الرَّجُلِ: بَناتُه، أو أولادُ أولادِه،
كالحَفيدِ، أو الأَصْهارُ، وصُنَّاعُ الوَشْيِ.
والمَحْفِدُ، كمَجْلِسٍ أو مِنْبَرٍ: شيءٌ يُعْلَفُ فيه الدَّوابُّ. وكمِنْبَرٍ: طَرَفُ الثَّوْبِ، وقَدَحٌ يُكالُ به. وكمَجْلسٍ: الأَصْلُ، وأصْلُ السَّنامِ، ووَشْيُ الثَّوْبِ،
وة باليَمَنِ.
وكمَقْعَدٍ: ة بالسَّحولِ.
وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سريعُ القَطْعِ.
وأحْفَدَه: حَمَلَه على الإِسْراعِ.
ورجُلٌ مَحْفودٌ: مَخْدومٌ.
(القاموس المحيط(1/ 277)
قال محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت: 1205هـ) :حفد: (حَفَد يَحْفِد) من حَدّ ضَرَبَ،
(حَفْداً) ، بِفَتْح فَسُكُون، (وحَفَدَاناً) . محرّكةً: (خَفَّ فِي العَمَلِ وأَسْرَعَ) .
وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ، وذُكِرَ (لَهُ) عثمانُ للخلافَةِ، قَالَ: (أَخْشَى حَفْدَه) أَي إِسراعَه فِي مَرْضَاةِ أَقارِبه. (كاحْتَفَد) .
قَالَ اللَّيْث: الاحْتِفَادُ: السُّرعةُ فِي كلِّ شيْءٍ.
وحفَد واحْتَفَدَ بِمَعْنى الإِسراع، من الْمجَاز، كَمَا فِي الأَساس.
(و) من الْمجَاز أَيضاً: حَفَدَ يَحْفِد حَفْداً: (خَدَمَ) ، قَالَ الأَزهريّ: الحَفْد فِي الخِدْمة والعَمَلِ: الخِفَّةُ.
وَفِي دعاءِ القُنُوتِ: (وإِليكَ نَسْعَى ونَحْفِد) أَي نُسْرِع فِي العَمل والخِدْمَة.
وَقَالَ أَبو عُبَيْد: أَصلُ الحَفْدِ: الخِدْمَةُ والعَمَلُ.
(والحَفَدُ، محرَّكةً) والحَفَدَةُ: (الخَدَمُ والأَعوانُ، جمْعُ حافِد) ، قَالَ بن عَرفة: الحَفَدُ عِنْد الْعَرَب: الأَعوانُ، فكلّ من عَمِل عَمَلاً أَطاعَ فِيهِ وسارَ، فَهُوَ حافدٌ.
(و) الحَفَدُ، محرّكةً (مَشْيٌ دُونَ الخَبَبِ) ، وَقد حَفَدَ البَعِيرُ والظَّلِيمُ، وَهُوَ تَدارُكُ السَّيْرِ، (كالحَفَدَانِ) ، محرَّكةً، والحَفْدِ، بِفَتْح فَسُكُون، وبعيرٌ حَفَّادٌ.
(و) قَالَ أَبو عُبَيْد: وَفِي الحَفَد لُغَة أُخْرَى، وَهُوَ (الإِحفادُ) ، وَقد أَحْفَد الظَّلِيمُ.
وَقيل: الحَفَدَانُ فَوْقَ المَشْيِ كالخَبَب.
(و) من الْمجَاز: (حَفَدَةُ الرَّجُلِ: بناتُه أَوْ أَولادُ أَولادِه، كالحَفِيد) وَهُوَ واحدُ الحَفَدَةِ، وَهُوَ وَلَدُ الوَلَدِ، والجمعُ حُفَدَاءُ.
ورُوِيَ عَن مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) أَنهم الخَدَمُ (أَو الأَصهارُ) . رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود، أَنه قَالَ لزِرَ: هلْ تَدرِي مَا الحَفَدَةُ؟ قَالَ: نعم، حُفَّاد الرّجُلٍ من وَلَدِه ووَلَدِ وَلَدِه. قَالَ: لَا ولاكنَّهم الأَصهارُ. قَالَ عاصمٌ: وزعَمَ الكَلْبِيٌّ أَن زِرًّا قد أَصاب. قَالَ سُفيانُ: قَالُوا وكَذَب الكَلْبِيّ. وَقَالَ الفرَّاءُ: الحَفَدَةُ: الأَخْتَانُ، وَيُقَال: الأَعوانُ.
وَقَالَ الحَسَن. (البَنِينَ) : بَنُوك وَبَنُو بَنِيكَ.
وأَما الحَفَدة فَمَا حَفَدَك مِن شيْءٍ، وعَمِل لَك وأَعانك. وروى أَبو حمزةَ عَن ابْن عبّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} (النَّحْل: 72) . قَالَ: مَن أَعانك فقَدْ حفَدَك. وَقَالَ الضّحّاك: الحَفَدَةُ: بَنو المرأَةِ من زوْجها الأَوَّل. وَقَالَ عِكْرِمةُ: الحفدة منْ خدَمكَ من وَلَدِكَ، وولَدِ وَلَدِكَ. وَقيل: المُرَاد بالبنات فِي قَول المصنِّف هُنَّ خَدمُ الأَبَوَيْن فِي البَيْت.
(و) عَن ابْن الأَعرابيّ: الحَفَدَةُ (صُنَّاعُ الوَشْيِ) والحَفْد: الوَشْيُ.
(والمحْفد، كمَجْلِسَ أَو مِنْبَر) ، وعَلى هاذه اقْتصر الصاغانيّ: (شَيْءٌ يُعْلَف فِيهِ الدَّوَابُّ) كالمِكْتَلِ. وَمِنْهُم مَنْ خَصَّ الإِبلَ، قَالَ الأَعشى، يَصِفُ ناقَتَه:
بَناها الغواديّ الرِّضِيخُ مَع الخَلَا
وسَقْيِي وإِطْعَامِي الشَّعِيرَ بِمَحْفِدِ
الغواديّ: النَّوَى، والرّضيخ: المرضوخ، وَهُوَ النَّوى يُبَلُّ بالماءِ ثمَّ يُرْضَخ. وَقد رُوِيَ بيتُ الأَعشى بالوجْهيْن مَعاً، فَمن كسر الْمِيم عَدَّه مِمَّا يُعْتَملُ بِهِ، وَمن فَتَحها فعلَى توَهُّمِ المكانِ أَو الزَّمان.
(و) المِحْفَد (كمِنْبَر: طَرفُ الثَّوبِ) ، عَن ابْن شُميل.
(و) رَوى ابنُ الأَعرابيّ عَن أَبي قَيس: (قَدَحٌ يُكالُ بِهِ) واسْمه المِحْفَد وَهُوَ القَنْقَلُ.
(و) المَحْفِد (كمَجْلِس) الأَصْلُ) عامَّةً، كالمَحْتِد، والمَحْكِد، والمَحْقِد، عَن ابْن الأَعرابيّ والمَحْفِدُ: السَّنَامُ (و) فِي الْمُحكم: (أَصلُ السَّنَامِ) ، عَن يَعْقُوب، وأَنشد لزُهَيْرٍ:
جُمَالِيَّةٌ لم يُبْقِ سَيْرِي ورِحْلتي
على ظهْرِها مِنْ نِيّهَا غيرَ مَحْفِدِ.
(و) المَحْفِد: (وَشْيُ الثَّوْبِ) ، جمْعه: المحافِدُ.
(و) مَحْفِد كمجْلِس (ة بِالْيمن) من مَيْفَعة.
(و) المَحْفَد (كمَقْعَد: ة بالسَّحُول) بأَسفَلها.
(وسَيْفٌ مُحْتَفِدٌ: سَرِيعُ القَطْعِ) ، قَالَ الأَعشَى، يَصِف السَّيفَ:
ومُحْتَفِدُ الوقْع ذُو هَبَّةٍ
أَجادَ جِلَاهُ يَدُ الصَّيْقَلِ
قَالَ الأَزهريُّ: وروى: ومُحْتَفِل الوَقْع، بِاللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الصّوَابُ.
(وأَحفَدَهُ: حمَلَهُ على) الحَفْدِ وَهُوَ (الإِسْرَاعُ) قَالَ الرَّاعِي:
مَزَايِدُ خَرْقَاءِ اليدَيْنِ مُسِيفةٍ
أَخَبَّ بهِنَّ المُخْلِفَانِ وأَحفَدَا
وَفِي التَّهْذِيب. أَحفدا، خَدَما، قَالَ: وَقد يكون أَحفدَا غيرَهما.
(و) من الْمجَاز: (رجل مَحْفُودٌ) أَي (مَخْدُوم) ، يخدُمه أَصحابُه ويُعظِّمونه، ويُسْرِعُون فِي طَاعَته، يُقَال: حَفَدْت وأَحفدْت، وأَنا حافِدٌ ومَحْفُودٌ. وَقد جاءَ ذِكْرُه فِي حَدِيثِ أُمّ مَعْبد.
وممَّن اشتَهر بالحفِيدِ: أَبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله بن يُوسفَ، النَّيْسَابُوريُّ، ابنُ بنت العبَّاس بن حَمْزَة، الْفَقِيه الواعظِ.
( تاج العروس من جواهر القاموس (32 / 8)

قال محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (ت : 1393هـ)
:وَالْحَفَدَةُ: جَمْعُ حَافِدٍ، مِثْلُ كَمَلَةٍ جَمْعُ كَامِلٍ. وَالْحَافِدُ أَصْلُهُ الْمُسْرِعُ فِي الْخِدْمَةِ.
وَأُطْلِقَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ أَنْ يَخْدِمَ جَدَّهُ لِضَعْفِ الْجَدِّ بِسَبَبِ الْكِبَرِ، فَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى
الْإِنْسَانِ بِحِفْظِ سِلْسِلَةِ نَسَبِهِ بِسَبَبِ ضَبْطِ الْحَلْقَةِ الْأُولَى مِنْهَا،وَهِيَ كَوْنُ أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجِهِ ثُمَّ كَوْنُ أَبْنَاءِ أَبْنَائِهِ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، فَانْضَبَطَتْ سِلْسِلَةُ الْأَنْسَابِ بِهَذَا النِّظَامِ الْمُحْكَمِ الْبَدِيعِ.
وَغَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ لَا يَشْعُرُ بِحَفَدَتِهِ أَصْلًا- لَا يَشْعُرُ بِالْبُنُوَّةِ إِلَّا أُنْثَى الْحَيَوَانِ مُدَّةً قَلِيلَةً قَرِيبَةً مِنَ الْإِرْضَاعِ. وَالْحَفَدَةُ لِلْإِنْسَانِ زِيَادَةٌ فِي مَسَرَّةِ الْعَائِلَةِ، قَالَ تَعَالَى: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [سُورَة هود: 71] . وَقَدْ عَمِلَتْ مِنْ الِابْتِدَائِيَّةُ فِي حَفَدَةً بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ يَكُونُ مُبَاشَرَةً وَبِوَاسِطَةٍ.
(التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد» (219/14)
قال محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ):قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً الْآيَةَ، ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ امْتَنَّ عَلَى بَنِي آدَمَ أَعْظَمَ مِنَّةٍ بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَزْوَاجًا مِنْ جِنْسِهِمْ وَشَكْلِهِمْ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَزْوَاجَ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ مَا حَصَلَ الْائْتِلَافُ وَالْمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ.
وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَتِهِ خَلَقَ مِنْ بَنِي آدَمَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَجَعَلَ الْإِنَاثَ أَزْوَاجًا لِلذُّكُورِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمِنَنِ، كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - هُوَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ.
وَأَوْضَحَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: أَنَّ هَذِهِ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ، وَأَنَّهَا مِنْ آيَاتِهِ - جَلَّ وَعَلَا - ; كَقَوْلِهِ: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [30 \ 21] ، وَقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى [75 \ 36 - 39] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا الْآيَةَ [7 \ 189] .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْحَفَدَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ; فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْحَفَدَةُ: أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ، أَيْ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ، وَمِنَ الْبَنِينَ حَفَدَةً. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْحَفَدَةُ الْأَعْوَانُ وَالْخَدَمُ مُطْلَقًا ; وَمِنْهُ قَوْلُ جَمِيلٍ:
حَفَدُ الْوَلَائِدُ حَوْلَهُنَّ وَأَسْلَمَتْ ... بِأَكُفِّهِنَّ أَزِمَّةَ الْأَجْمَالِ
أَيْ: أَسْرَعَتِ الْوَلَائِدُ الْخِدْمَةَ، وَالْوَلَائِدُ الْخَدَمُ. الْوَاحِدَةُ وَلِيدَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
كَلَّفْتُ مَجْهُولَهَا نُوقًا يَمَانِيَةً ... إِذَا الْحُدَاةُ عَلَى أَكْسَائِهَا حَفَدُوا
أَيْ: أَسْرَعُوا فِي الْخِدْمَةِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْحَفْدِ الَّتِي نُسِخَتْ: وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، أَيْ: نُسْرِعُ فِي طَاعَتِكَ. وَسُورَةُ الْخُلْعِ وَسُورَةُ الْحَفْدِ اللَّتَانِ نُسِخَتَا يُسَنُّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الْقُنُوتُ بِهِمَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ.
وَقِيلَ: الْحَفَدَةُ الْأَخْتَانُ، وَهُمْ أَزْوَاجُ الْبَنَاتِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ أَنَّ نَفْسِي طَاوَعَتْنِي لَأَصْبَحَتْ ... لَهَا حَفْدٌ مِمَّا يُعَدُّ كَثِيرُ
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ عَلَيَّ أَبِيَّةٌ ... عَيُوفٌ لِأَصْهَارِ اللِّئَامِ قَذُورُ
وَالْقَذُورُ: الَّتِي تَتَنَزَّهُ عَنِ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي، تَبَاعُدًا عَنِ التَّدَنُّسِ بِقَذَرِهِ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَفَدَةُ: جَمْعُ حَافِدٍ، اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْحَفْدِ وَهُوَ الْإِسْرَاعُ فِي الْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ: أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الْآيَةِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ. فَنُبَيِّنُ ذَلِكَ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْحَفَدَةَ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً [16 \ 72] ، دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى اشْتِرَاكِ الْبَنِينَ وَالْحَفَدَةِ فِي كَوْنِهِمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ أَزْوَاجِهِمْ. وَدَعْوَى أَنَّ قَوْلَهُ: «وَحَفَدَةً» مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: «أَزْوَاجًا» [16 \ 72] ، غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. كَمَا أَنَّ دَعْوَى أَنَّهُمُ الْأَخْتَانُ، وَأَنَّ الْأَخْتَانَ أَزْوَاجُ بَنَاتِهِمْ، وَبَنَاتُهُمْ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَقْوَالِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ هُوَ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيِّ وَالْقُرْطُبِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَمَعْلُومٌ: أَنَّ أَوْلَادَ الرَّجُلِ، وَأَوْلَادَ أَوْلَادِهِ: مِنْ خَدَمِهِ الْمُسْرِعِينَ فِي خِدْمَتِهِ عَادَةً. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
(أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن(2/412-413)
ملاحظة : تأخرت في تسليم الواجب بسبب ظروف خارجة عن إرادتي

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 1 ربيع الأول 1439هـ/19-11-2017م, 09:53 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع تقويم التطبيق الخامس من دورة المهارات المتقدمة في التفسير
جمع أقوال علماء اللغة



منى محمد مدني أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir