دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > النحو والصرف > لامية الأفعال

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 محرم 1430هـ/16-01-2009م, 03:34 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي فصل في فعل الأمر

فَصْلٌ في فِعْلِ الأمْرِ

مِنْ أَفْعَلَ الْأَمْرُ أَفْعِلْ وَاعْزُهُ لِسِوَا = هُ كالمُضَارِعِ ذِي الْجَزْمِ الَّذِي اخْتُزِلَا
أَوَّلُهُ وَبِهَمْزِ الْوَصْلِ مُنْكَسِرًا = صِلْ سَاكِنًا كَانَ بِالْمَحْذُوفِ مُتَّصِلَا
وَالْهَمْزَ قَبْلَ لِزُومِ الضَّمِّ ضُمَّ وَنَحْـ = ـوُ اغْزِي بِكَسْرٍ مُشَمُّ الضَّمِّ قَدْ قُبِلَا
وَشَذَّ بِالْحَذْفِ خُذْ وَكُلْ وَمُرْ وَفَشَا = وَأْمُرْ وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ خُذْ وَكُلَا


  #2  
قديم 30 محرم 1430هـ/26-01-2009م, 12:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي زبدة الأقوال لابن الناظم: بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن مالك الطائي

فصلٌ في فعلِ الأمرِ
ص

مِن: أَفْعَلَ الأمرُ: أَفْعِلْ، واعْزُهُ لِسِوا = هُ كالمضارِعِ الجزْمِ الذي اخْتُزِلاَ
أوَّلُهُ وبهمزِ الوَصْلِ مُنْكَسِرَا = صِلْ ساكناً كان بالمحذوفِ مُتَّصِلاَ
والهمزَ قبلَ لُزومِ الضمِّ ضُمَّ ونحـ = ـو اغْزِي بكسرٍ مُشِمَّ الضمِّ قد قُبِلاَ
ش
مثالُ الأمرِ مِن كلِّ فعلٍ سِوَى: أَمَرَ، وأَخَذَ، وأَكَلَ، على زِنةِ المضارِعِ المجزومِ محذوفاً منه حرفُ المضارَعَةِ مَجعولاً، مكانَه إن بُنِيَ مِن: أَفْعَلَ همزتُه، أو مِن غيرِه، وسُكِّنَ ثاني المضارِعِ هَمْزَةُ وصلٍ ومُقْتَصِراً، على الحذْفِ إن لم يُبْنَ مِن ذلك.
فالأمرُ مِن كلِّ فعلٍ اتَّصَلَ به ألِفُ اثنينِ، أو واوُ جَمْعٍ، أو ياءُ مخاطَبَةٍ، مُجَرَّدٌ مِن النونِ، نحوَ: افْعَلاَ، وافْعَلُوا، وافْعَلِي، ومما لم يَتَّصِلْ به مُسَكَّنُ الآخِرِ إن كان صحيحاً، نحوَ: افْعَلْ، ومحذوفُه إن كان مُعْتَلاًّ نحوَ: اخْشَ، وارْمِ، واغْزُ.
وبناؤُه مِن: أَفْعَلَ على: أَفْعِلْ ـ بقَطْعِ الهمزةِ ـ كقولِك في: أَكْرَمَ، وأَعْلَمَ، وأقامَ، وأَعْطَى: أَكْرِمْ، وأَعْلِمْ، وأَقِمْ، وأَعْطِ.
ومِن غيرِ: أَفْعَلَ على زِنةِ المضارِعِ المجزومِ محذوفاً أوَّلُه، فإن سُكِّنَ ثانيهِ جِيءَ في الأمرِ مِن غيرِ الأفعالِ الثلاثةِ بهمزةِ الوَصلِ، كقولِك في نحوِ: ضَرَبَ يَضرِبُ، وانطلَقَ يَنطلِقُ، واستخرَجَ يَستخرِجُ، وارْعَوَى يَرْعَوِي:
اضْرِبْ، وانطَلِقْ واسْتَخْرِجْ، وارْعَوِ.
وإن لم يُسَكَّنِ اقْتُصِرَ على الحذْفِ، كقولِك في نحوِ: وَعَدَ يَعِدُ، وقامَ يقومُ، ودَحْرَجَ يُدَحْرِجُ، ووَالَى يُوَالِي:
عِدْ، وقُمْ، ودَحْرِجْ، ووَالِ.
وهمزةُ الوصلِ مكسورةٌ ما لم تكنْ قَبْلَ ضَمَّةٍ أصليَّةٍ أو كسرةٍ عارضةٍ، وذلك أن يكونَ قبلَ فتحةٍ، نحوَ:
اذهَبْ، واعلَمْ، أو كسرةٍ أصليَّةٍ، نحوَ:
اضْرِبْ واكْسِرْ، أو ضَمَّةٍ عارضةٍ نحوَ: امْشُوا، وارْمُوا.
فإن كانت قبلَ ضَمَّةٍ أصلِيَّةٍ وَجَبَ ضَمُّها، نحوَ: اخْرُجْ، واكتُبْ. وإن كانت قبلَ كسرةٍ عارضةٍ جازَ فيها وَجهانِ.
الضمُّ الخالصُ، نحوَ: اغْزِي يا هندُ، وإشمامُه بالكسرِ.
نحوَ: أُغْزِي، بضمَّةٍ تَنْحُو بها نحوَ الكسرةِ.
وأمَّا: أَمَرَ، وأَخَذَ، وأَكَلَ، فنَبَّهَ على حالِ أمثلةِ الأمرِ منها، بقولِه:
ص

وشَذَّ بالحذفِ: مُرْ، وخُذْ، وكُلْ، وفَشَا: = وأَفْرم ومُسْتَنْدَرٌ تَتميمُ: خُذْ وكُلاَ.


ش
شَذَّتْ هذه الأفعالُ مِن قياسِ نظائرِها مِمَّا سَكَنَ ثاني مضارِعِهِ فلم يُجْلَبْ قَبلَ أوائلِها همزةُ الوصْلِ، بل اكْتُفِيَ عن ذلك بحذْفِ أوائلِها تَخفيفاً، لكثرةِ الاستعمالِ، وربما جاءتْ على القياسِ، فقيلَ: أُومِرَ وأُوخِذَ وأُوكِلَ.
وكَثُرَ ذلك في: مُرْ، مع واوِ العطفِ، كقولِه تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} وقولِه تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}.


  #3  
قديم 30 محرم 1430هـ/26-01-2009م, 12:25 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي فتح الأقفال لجمال الدين محمد بن عمر المعروف ببحرَق

فَصْلٌ في فِعْلِ الأَمْرِ

أيْ: صيغةِ بِنَائِهِ مِنْ أيِّ فِعْلٍ كانَ. وَذلكَ على قِسْمَيْنِ:
مَقِيسٌ وَشَاذٌّ.
فالمقيسُ على ثلاثِ أَضْرُبٍ؛ لأنَّهُ إِمَّا رُبَاعِيٌّ بزيادةِ همزةِ القطعِ كَأَكْرِمْ، وَإِذا لَمْ يَكُنْ كذلكَ فإِمَّا أَنْ يَكُونَ الحرفُ الذي يَلِي حَرْفَ المضارعةِ مُتَحَرِّكاً كَيَقُومُ وَيُدَحْرِجُ وَيَتَعَلَّمُ، أَوْ ساكِناً كَيَضْرِبُ وَيَنْطَلِقُ وَيَسْتَخْرِجُ.
أمَّا الضَّرْبُ الأوَّلُ: وَهوَ ما مَاضِيهِ رُبَاعِيٌّ بزيادةِ همزةِ القطعِ، فَأَشَارَ إِليهِ بِقَوْلِهِ:
مِنْ أَفْعَلَ الأَمْرُ أَفْعِلْ
أيْ: صيغةُ الأمرِ مِنْ أَفْعَلَ، وَهوَ كلُّ رُبَاعِيٍّ بزيادةِ همزةِ القطعِ، على وَزنِ أَفْعِلْ بهمزةِ قَطْعٍ معَ كَسْرِ عَيْنِهِ، كقولِكَ: أَكْرِمْ زَيْداً، وَأَعْلِمْ عَمْراً، {وَأَدْخِلْ يَدَكَ}، {وَأَلْقِ عَصَاكَ}.
وأمَّا الضربُ الثاني: وَهوَ ما ليسَ على وَزنِ أَفْعَلَ، وَالحرفُ الذي يَلِي حَرْفَ المضارعةِ مِنْهُ مُتَحَرِّكاً، فَأَشَارَ إِليهِ بِقَوْلِهِ:

....... وَاعْزُهُ لِسِوَا = هُ كالمُضَارِعِ ذِي الْجَزْمِ الَّذِي اخْتُزِلا
أَوَّلُهُ........
أيْ: وَاعْزُ الأمرَ، أي: انْسِبْهُ لِسِوَى أَفْعَلَ؛ كصيغةِ المضارعِ المجزومِ الذي اخْتُزِلَ؛ أيْ: قُطِعَ منهُ حَرْفُ المضارعةِ، وَهوَ بالخاءِ المعجمةِ وَالزَّايِ، وَالمَعْنَى أنَّ صيغةَ الأمرِ منهُ كمُضَارِعِهِ المجزومِ الذي حُذِفَ منهُ حرفُ المضارعةِ؛ كقولِكَ في يَقُومُ وَيَبِيعُ وَيَخَافُ وَيُدَحْرِجُ وَيَتَعَلَّمُ: قُمْ، وَبِعْ، وَخَفْ، وَدَحْرِجْ، وَتَعَلَّمْ، كَمَا تَقُولُ: لَمْ يَقُمْ، وَلم يَبِعْ، وَلمْ يَخَفْ.
وَشَمَلَتْ عِبَارَتُهُ: ما الحرفُ الذي يَلِي حَرْفَ المضارعةِ منهُ سَاكِنٌ، وَهوَ الضربُ الثالثُ، لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ:
...... وَبِهَمْزِ الْوَصْلِ مُنْكَسِراً = صِلْ سَاكِناً كَانَ بِالْمَحْذُوفِ مُتَّصِلا
أيْ: وَصِلِ السَّاكِنَ المُتَّصِلَ بحرفِ المضارعةِ بعدَ حَذْفِهِ بِهَمْزِ الوصلِ حالَ كَوْنِ همزِ الوصلِ مُنْكَسِراً إِذا ابْتَدَأْتَ بهِ كَقَوْلِكَ في يَضْرِبُ وَيَنْطَلِقُ وَيَسْتَخْرِجُ: اضْرِب انْطَلِق اسْتَخْرِجْ. وَإِنَّمَا جَلَبُوا لهُ همزةَ الوصلِ لِيُتَوَصَّلَ بهِ إِلى النُّطْقِ، إِذْ لا يُمْكِنُ ابتداءُ النطقِ بِسَاكِنٍ؛ وَلهذا تَسْقُطُ الهمزةُ في الدَّرْجِ.
وَشَمِلَتْ عبارتُهُ في قولِهِ: مُنْكَسِراً، ما ثَالِثُهُ مَكْسُورٌ كَاضْرِبْ، أَوْ مَفْتُوحٌ كَاذْهَبْ وَاشْرَبْ وَانْطَلِقْ وَاسْتَخْرِجْ، أَوْ مَضْمُومٌ كاخْرُجْ وَادْعُ. وَهوَ كذلكَ، إلاَّ فيمَا ثَالِثُهُ مَضْمُومٌ كَاخْرُجْ؛ فإِنَّ همزةَ الوصلِ تَكُونُ منهُ إِذا ابْتُدِئَ بهِ مَضْمُومَةً، وَقدْ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ:
وَالْهَمْزَ قَبْلَ لِزُومِ الضَّمِّ ضُمَّ
أيْ: وَضُمَّ هَمْزةَ الوصلِ إِذا كانَ قَبْلَ ضَمَّةٍ أصليَّةٍ لازِمَةٍ كما مَثَّلْنَا بهِ، فلوْ كَانَ مَضْمُوماً في الأصلِ، لَكِنْ زَالَت الضَّمَّةُ لِعِلَّةٍ، وَصَارَتْ مَكْسُورَةً بِكَسْرَةٍ لازمةٍ كما في: اغْزِي وَادْعِي يا هِنْدُ، جَازَ في هَمْزَتِهِ وَجْهَانِ: الكَسْرُ كما قَدْ شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ، أَوْ لا نَظَراً إِلى الحالِ، وَهوَ كَسْرُ ثالثِهِ. وَإِشْمَامُ الكسرِ الضمَّ دلالةٌ على أَنَّ أَصْلَهُ الضَّمُّ، وَقدْ أَشَارَ إِلى ذلكَ بِقَوْلِهِ:
............... وَنَحْـ = ـوُ اغْزِي بِكَسْرٍ مُشَمِّ الضَّمِّ قَدْ قُبِلا
أيْ: وَقدْ قُبِلَ إِشْمَامُ الكسرِ الضمَّ في نَحْوِ: اغْزِي يا هندُ، وَهوَ أَمْرُ المُؤَنَّثَةِ مِمَّا ثَالِثُهُ مَضْمُومٌ، وَهوَ مُعْتَلُّ اللامِ. وَفُهِمَ مِنْ قولِهِ: (قَدْ قُبِلا) أنَّ الكسرَ أَفْصَحُ مِن الإِشمامِ نَظَراً إِلى الكسرةِ اللازمةِ، وَهوَ كَذَلِكَ، وَأَصْلُ اغْزِي اغْزُوِي على وَزْنِ ادْخُلِي، اسْتُثْقِلَت الكسرةُ على الواوِ فَسُكِّنَتْ، (ثمَّ نُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلى ما قَبْلَهَا) فَالْتَقَى سَاكِنَانِ الواوُ وَالياءُ، فَحُذِفَت الواوُ فَصَارَ اغْزِي، فَكَسْرَةُ الزَّايِ الذي هوَ ثالِثُ الفعلِ عارضةٌ؛ لأنَّ أصلَهَا الضمُّ لَكِنَّهَا صَارَتْ لازمةً لضرورةِ كَسْرِ ما قبلَ ياءِ المُؤَنَّثَةِ.
تَنْبِيهَاتٌ:
أحدُهَا: لَوْ كانَ ثالِثُ الفعلِ مَضْمُوماً بِضَمَّةٍ لازمةٍ، لَكِنَّهَا عَارِضَةٌ غيرُ أَصْلِيَّةٍ عَكْسَ ما قَبْلَهَا وَجَبَ كَسْرُ همزةِ الوصلِ نَظَراً إِلى الأَصْلِ، وَلم يَجِئْ فِيهِ الإِشْمَامُ وَلا الضَّمُّ، نَظَراً إِلى الحالِ. وَبهذا قَيَّدْتُهُ بِقَوْلِي: أَصْلِيَّةٍ.
وَقدْ يَرِدُ ذلكَ على إِطلاقِهِ فَتَقُولُ: إِذا ابْتَدَأْتَ بِنَحْوِ قولِهِ تَعَالَى: {أَنِ امْشُوا}، {ثمَّ ائْتُوا صَفًّا}، ( اِمْشُوا )، ( اِئْتُوا صَفًّا ) بِكَسْرِ الهمزةِ، وَإِنْ كانَ ثالثُ الفعلِ في اللفظِ مَضْمُوماً؛ لأنَّ أَصْلَهُ: امْشِيُو، ائْتِيُوا على وَزنِ اضْرِبُوا، لكن اسْتُثْقِلَت الضمَّةُ على حرفِ العلَّةِ وَهوَ الياءُ فَسُكِّنَ، (ثمَّ نُقِلَتْ حَرَكَتُهُ إِلى ما قَبْلَهُ لِضَرُورَةِ ضَمِّ ما قَبْلَ وَاوِ الجمعِ)، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ؛ الياءُ وَالواوُ، فَحُذِفَ حَرْفُ العلَّةِ وَهوَ الياءُ.
ثانِيهَا: لَعَلَّ الناظمَ رَحِمَهُ اللَّهُ إِنَّمَا أَطْلَقَ قولَهُ أَوَّلاً: (وَبِهَمْزِ الوَصْلِ مُنْكَسِراً) لِيُشِيرَ إِلى أنَّها زِيدَتْ ساكنةً، ثمَّ حُرِّكَتْ حركةَ التقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَهوَ الكسرُ، وَإِنَّمَا عَوَّضَ الضَّمُّ فيما ثَالِثُهُ مَضْمُومٌ للمناسبةِ؛ لاسْتِثْقَالِ الانتقالِ مِنْ كسرةٍ إِلى ضمَّةٍ، وَهذا هوَ مَذْهَبُ الجمهورِ غيرِ سِيبَوَيْهِ. وَعندَ سِيبَوَيْهِ أنَّها زِيدَت ابْتِدَاءً مُتَحَرِّكَةً بما حُرِّكَتْ بهِ مِنْ كسرةٍ أَوْ ضمةٍ، وَهوَ ظاهرُ عبارةِ الناظِمِ.
ثالِثُهَا: إِنَّمَا لمْ يَفْتَحُوا همزةَ الوصلِ فيما ثَالِثُهُ مَفْتُوحٌ خَشْيَةَ الْتِبَاسِهَا بهمزةِ المضارعِ المبدوءِ بهمزةِ المُتَكَلِّمِ، فلوْ قُلْتَ: اَذْهَبْ يا زَيدُ بِفَتْحِ الهمزةِ، الْتَبَسَ بِقَوْلِكَ: أَنَا أَذْهَبُ.
رَابِعُهَا: لا يَخْفَى أنَّ مُضَارِعَ أَفْعَلَ بزيادةِ همزةِ القطعِ يَكُونُ ما يَلِي حَرْفَ المضارعةِ سَاكِناً، فهوَ دَاخِلٌ في عُمُومِ قولِهِ:
...... وَبِهَمْزِ الْوَصْلِ مُنْكَسِراً = صِلْ سَاكِناً كَانَ بِالْمَحْذُوفِ مُتَّصِلا
ومعَ ذلكَ فَلَمْ يُوصَلْ عِنْدَ بِنَاءِ صيغةِ الأمرِ منهُ بهمزةِ الوصلِ، لكنْ لا يُرَدُّ عَلَيْهِ لإِفرادِهِ إِيَّاهُ أوَّلاً بالذِّكْرِ، وَإِنَّمَا لمْ يُوصَلْ بهمزةِ وَصْلٍ؛ لأَنَّا قَدْ نَبَّهْنَا على أنَّ أصلَ يُكْرِمُ يُؤَكْرِمُ كَيُدَحْرِجُ، فالساكنُ ثالثُهُ لا ثانِيهِ، وَأنَّهُ إِنَّمَا حُذِفَ ثَانِيهِ لِمَا سَبَقَ مِنَ استِثْقَالِ اجْتِمَاعِ هَمْزَتَيْنِ في قولِكَ:
أَنَا أُؤَكْرِمُكَ
فَلَمَّا كانَ أصلُ ثانِيهِ التحريكَ كَثَانِي يُدَحْرِجُ، لم يُحْتَجْ عندَ بناءِ الأمرِ منهُ إِلى اسْتِجْلابِ همزةِ وَصْلٍ، بلْ رَدُّوا إِليهِ عِنْدَ بِنَاءِ الأمرِ ثَانِيَهُ المحذوفَ منهُ في المضارعِ، وَهوَ هَمْزَةُ القطعِ الزائدةُ. هذا كُلُّهُ حُكْمُ صيغةِ الأمرِ المَقِيسَةِ.
وَأمَّا القِسْمُ الثاني وَهوَ الشَّاذُّ، فهوَ ثلاثةُ أفعالٍ فَقَطْ: خُذْ وَكُلْ وَمُرْ، وَقدْ أَشَارَ إِليها بِقَوْلِهِ:
وَشَذَّ بِالْحَذْفِ خُذْ وَكُلْ وَمُرْ
أيْ: إِنَّها شَذَّتْ عَنْ قِيَاسِ نَظَائِرِهَا مِنْ حيثُ إِنَّ ثَانِيَ مُضَارِعِهَا ساكِنٌ، وَلم يَتَوَصَّلُوا إِليها بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، بلْ حَذَفُوا ثَانِيَهَا الساكنَ أيضاً، فَقَالُوا في الأمرِ مِنْ نَأْخُذُ وَمِنْ نَأْمُرُ وَنَأْكُلُ الَّتِي هيَ على وَزنِ نَدْخُلُ وَنَخْرُجُ: خُذْ وَمُرْ وَكُلْ؛ تَخْفِيضاً لكثرةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لهذهِ الكلماتِ، وَكانَ قِيَاسُهَا: اُؤْمُرْ اُؤْخُذْ اُؤْكُلْ، بهمزةِ وَصْلٍ مضمومةٍ ثمَّ هَمْزَةٍ ساكنةٍ، هيَ فاءُ الكلمةِ؛ لأنَّها على وَزنِ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ، وَصيغةُ الأمرِ منها ادْخُل اخْرُجْ، وَهذا إِذا لمْ يُسْتَعْمَلْ معَ مُرْ حُرُوفُ العطفِ، فَإِن اسْتُعْمِلَ مَعَهُ جَازَ فيهِ وَجْهَانِ: الحَذْفُ فَتَقُولُ: وَمُرْ بِكَذَا، وَالتَّتْمِيمُ على الأصلِ، نَحْوُ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ}، مِثْلُ: وَادْخُلْ وَاخْرُجْ، وَإِلى ذلكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
..................... وَفَشَا = وَأْمُرْ...............

أيْ: وَفَشَا تَتْمِيمُ كلمةِ (مُرْ) معَ حَرْفِ العطفِ، وَمعَ كَوْنِهِ فَاشِياً، فالحذفُ أَكْثَرُ منهُ. وَأمَّا (خُذْ وَكُلْ) فَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُمَا معَ العطفِ وَدُونَهُ تَامَّيْنِ إلاَّ في النُّدُورِ، وَهوَ مَعْنَى قولِهِ:
أيْ: تَتْمِيمُهُمَا بِهَمْزَةِ وَصْلٍ مضمومةٍ على قياسِ نَظَائِرِهِمَا نَادِرٌ. وَالأَلِفُ في قَوْلِهِ: وَكُلا، بَدَلٌ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ الخَفِيفَةِ.
تَتِمَّاتٌ:
الأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الكلمةِ وَرَدَتْ عَن العَرَبِ شَاذَّةً عَن القياسِ لا يُنَافِي فَصَاحَتَهَا، كَمَا في: حَسِبَ يَحْسِبُ، وَأَكْرَمَ يُكْرِمُ، وَمُرْ، وَخُذْ، وَكُلْ؛ لأنَّ المرادَ بالشاذِّ مَا جاءَ على خلافِ القياسِ، وَبالفصيحِ ما كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لهُ.
وَأمَّا النادرُ فهوَ ما يَقِلُّ وُجُودُهُ في كلامِهِم، سَوَاءٌ خَالَفَ القياسَ أمْ وَافَقَهُ.
وَالضعيفُ ما في ثُبُوتِهِ عَنْهُم نِزَاعٌ بينَ عُلَمَاءِ العَرَبِيَّةِ.
وَقدْ يُرْشِدُ إِلى ما ذَكَرْنَاهُ مُغَايَرَةُ الناظمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في العبارةِ بِقَوْلِهِ: وَشَذَّ وَفَشَا وَمُسْتَنْدَرٌ؛ فإِنَّ الحذفَ لَمَّا كانَ في هذهِ الثلاثةِ الأفعالِ مُخَالِفاً للقياسِ كانَ شَاذًّا، وَلكنَّهُ معَ شُذُوذِهِ أَفْصَحُ مِن التَّتْمِيمِ.
فَلِهَذَا قَالَ: وَشَذَّ بِالحَذْفِ مُرْ وَخُذْ وَكُلْ. وَلَمَّا كانَ تَتْمِيمُ (مُرْ) معَ حَرْفِ العطفِ كَثِيراً مُسْتَعْمَلاً، لَكِنَّ الحذفَ أَكْثَرُ منهُ قَالَ: وَفَشَا (وَأْمُرْ). وَلَمَّا كانَ تَتْمِيمُ كُلْ وَخُذْ قَلِيلَ الوجودِ في اسْتِعْمَالِهِمْ، قَالَ: وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ خُذْ وَكُلاً.
الثانيةُ: ما ذَكَرَهُ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الفَصْلِ هوَ الأمرُ بالصيغةِ، وَهوَ يَخْتَصُّ بالمُخَاطَبِ. فإِنْ أُرِيدَ أَمْرُ الغائبِ أُدْخِلَ على الفعلِ المضارعِ لامُ الأمرِ معَ بقاءِ حرفِ المضارعةِ، وَصَارَ حِينَئِذٍ مُعْرَباً بالجَزْمِ.
وَلمْ يَأْتِ فيهِ شيءٌ مِمَّا سَبَقَ في هذا الفصلِ مِنْ حَذْفِ حَرْفِ المضارعةِ، وَلا زيادةِ همزةِ الوصلِ، وَلا شُذُوذٍ في مُرْ وَخُذْ وَكُلْ، وَذلكَ نَحْوُ: لِيَضْرِبْ، وَلْيُكْرِمْ، وَلْيَقُمْ، وَلْيَنْطَلِقْ، وَلْيَسْتَخْرِجْ، وَلْيَأْخُذْ، وَلْيَأْكُلْ.
الثالثةُ: الأَمْرُ بالصيغةِ مَبْنِيٌّ على الراجحِ، وَهوَ مذهبُ البَصْرِيِّينَ، إلاَّ أَنَّهُ أُجْرِيَ في بِنَائِهِ مُجْرَى المضارعِ المجزومِ. وَمَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ أَنَّهُ مُعْرَبٌ بالجزمِ، وَاسْتَدَلُّوا بإِعْطَائِهِ حُكْمَ المُضَارِعِ المجزومِ مِنْ حَذْفِ الحركةِ في الصحيحِ، وَحذفِ الآخِرِ في المُعْتَلِّ، وَحذفِ النونِ التي هيَ علامةُ الرفعِ في الأمثلةِ الخمسةِ، كَافْعَلا وَافْعَلُوا وَافْعَلِي.
وَعِنْدَهُم أنَّ الجازمَ لهُ لامُ الأمرِ مُقَدَّرَةً. وَرَدَّهُ البَصْرِيُّونَ بِأَنَّ إِضْمَارَ الجازمِ ضَعِيفٌ كإِضْمَارِ الجارِّ، وَبِأَنَّ الأصلَ في الفعلِ البناءُ، وَالأمرُ لمْ يُشْبِه الاسمَ كَمَا أَشْبَهَهُ المضارعُ فَيُعْرَبُ، وَإِنَّمَا حُذِفَتْ مِنْهُ الحَرَكَةُ وَنُونُ الرفعِ؛ لأنَّها علاماتُ الإِعرابِ، وَهوَ غيرُ مُعْرَبٍ.


  #4  
قديم 30 محرم 1430هـ/26-01-2009م, 12:26 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي مناهل الرجال للشيخ: محمد أمين بن عبد الله الأثيوبي الهرري

قالَ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ونَفَعَنَا بعُلومِهِ آمِينَ:
فَصْلٌ في فِعْلِ الأَمْرِ
أيْ: هذا الفصلُ موضوعٌ في بيانِ الصيغةِ التي يُبْنَى عليها الأمرُ على أيِّ وزنٍ كانَ مَاضِيهِ , لا في بيانِ عَمَلِهِ، فإنَّ مَحَلَّهُ عِلْمُ النحوِ. وتلكَ الصيغةُ على قِسْمَيْنِ: مَقِيس وشاذٌّ، فالمقيسُ قسمانِ أيضاً. الأوَّلُ: ما كانَ مَاضيهِ رُبَاعِيًّا بزيادةِ همزةِ القطعِ، سواءٌ كانَ صحيحَ اللامِ أمْ مُعْتَلَّهُ، كأَكْرَمَ وأَعْلَمَ وأَلْقَى، فقِيَاسُهُ أنْ يكونَ على وزنِ أَفْعِلْ بهمزةِ قطعٍ معَ كسرِ ما قبلَ آخرِهِ كأَكْرِمْ وأَعْلِمْ وأَلْقِ. والثاني: ما ليسَ مَاضيهِ رُباعيًّا بهمزةِ قطعٍ، وهذا القسمُ الثاني قسمانِ أيضاً. الأوَّلُ: ما ثاني مُضَارِعِهِ مُتَحَرِّكٌ، ثلاثيًّا كانَ كَيَقُومُ ويَبِيعُ ويَخَافُ، أوْ رُباعيًّا مُجَرَّداً كَيُدَحْرِجُ، أوْ رُباعيًّا مَزِيداً كيُضَارِبُ ويُوَالِي، أوْ خُماسيًّا بتاءٍ مزيدةٍ كيَتَعَلَّمُ ويَتَغَافَلُ ويَتَدَحْرَجُ، فقِيَاسُهُ أنْ يكونَ على وزنِ المضارعِ المجزومِ الذي حُذِفَ منهُ الجازمُ وحرفُ المضارعةِ، فتقولُ في الأفعالِ المذكورةِ: قُمْ، وَبِعْ، وَخَفْ، وَدَحْرِجْ، وضَارِبْ، وَوَالِ، وَتَعَلَّمْ، وتَغَافَلْ، وَتَدَحْرَجْ. والثاني ما ثاني مُضارعِهِ ساكنٌ، وهذا الثاني ينقسمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ. الأوَّلُ: ما كانَ الحرفُ الذي قبلَ آخرِ مُضارعِهِ مفتوحاً، كَيَذْهَبُ ويَعْلَمُ، أوْ مكسوراً بكسرةٍ أصْلِيَّةٍ، كَيَضْرِبُ ويَنْطَلِقُ ويَسْتَخْرِجُ، أوْ مَضْمُوماً بضَمَّةٍ عارضةٍ كيَمْشُونَ ويَرْمُونَ، فقِيَاسُهُ أنْ يكونَ بهمزةِ وصلٍ مكسورةٍ، فتقولُ في الأفعالِ المذكورةِ: اذْهَبْ، واعْلَمْ، واضْرِبْ، وانْطَلِقْ، واسْتَخْرِجْ، وَامْشُوا، وَارْمُوا. والثاني: ما كانَ الحرفُ الذي قبلَ آخرِ مُضَارِعِهِ مضموماً بضمَّةٍ أصليَّةٍ، سواءٌ كانَ صحيحَ اللامِ كيَدْخُلُ ويَخْرُجُ، أوْ مُعْتَلَّهُ كيَدْعُو ويَغْزُو، فقِيَاسُهُ أنْ يكونَ بهمزةِ وصلٍ مضمومةٍ، فتقولُ في الأفعالِ المذكورةِ: اخْرُجْ، وادْخُلْ، وَادْعُ، وَاغْزُ. والثالثُ: ما كانَ الحرفُ الذي قبلَ آخرِ مُضَارِعِهِ مكسوراً بكسرةٍ عارضةٍ، نحوُ: أَنْتِ تَدْعِينَ يا هِنْدُ، وتَغْزِينَ يا دَعْدُ، فقِيَاسُهُ أنْ يكونَ بهمزةِ وصلٍ مكسورةٍ كسراً خالصاً، أوْ كسراً مُشَمًّا الضمَّ، فتقولُ في ذلكَ: إِدْعِي يا هِنْدُ، وإِغْزِي يا دَعْدُ، بكسرةٍ خالصةٍ، أوْ بكسرةٍ مَنْحُوٍّ بها نَحْوَ الضمَّةِ.
والشاذُّ ثلاثةُ أفعالٍ فقطْ، وهيَ: خُذْ، ومُرْ، وكُلْ. والشاذُّ منْ حيثُ هوَ ثلاثةُ أقسامٍ: شاذٌّ وافقَ الاستعمالَ دونَ القياسِ، كَخُذْ، ومُرْ، وكُلْ. وشاذٌّ وافقَ القياسَ دونَ الاستعمالِ، كَاأْخُذْ واأْكُلْ، وشاذٌّ خالفَ القياسَ والاستعمالَ، ولمْ يُوجَدْ لهُ مثالٌ، وهذا الأخيرُ مردودٌ، والأوَّلانِ مقبولانِ.
الإعرابُ:
(فَصْلٌ): خبرٌ لمحذوفٍ تقديرُهُ: هذا فصلٌ، والجملةُ مُستأنفةٌ، (في): حرفُ جرٍّ، (فِعْلِ): مجرورٌ بفي، وهوَ مضافٌ، (الأمْرِ): مضافٌ إليهِ، الجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بمحذوفٍ صفةٍ لفصلٌ، تقديرُهُ: هذا فصلٌ موضوعٌ في فعلِ الأمرِ، واللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى أعْلَمُ.
قالَ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ونَفَعَنَا بعُلومِهِ آمِينَ:


مِنْ أَفْعَلَ الأمرُ أَفْعِلْ وَاعْزُهُ لِسِوَا = هُ كالمضارعِ ذِي الجَزْمِ الَّذِي اخُتْزِلا
أَوَّلُهُ وبهَمْزِ الوصلِ مُنْكَسِراً = صِلْ سَاكِناً كانَ بالمَحْذُوفِ مُتَّصِلا
ثمَّ أشارَ الناظمُ إلى القسمِ الأوَّلِ، وهوَ ما ماضيهِ رباعيٌّ بزيادةِ همزةِ القطعِ بقولِهِ: (مِنْ أَفْعَلَ الأمرُ أَفْعِلْ)، أيْ: بناءُ الأمرِ وصِيغَتُهُ التي يُبْنَى عليها حالةَ كونِهِ مَصُوغاً منْ مصدرِ أَفْعَلَ الرباعيِّ بزيادةِ همزةِ القطعِ، سواءٌ كانَ صحيحَ اللامِ كأَعْلَمَ وأَكْرَمَ، أوْ مُعتلَّها كَأَلْقَى وأَعْطَى، كائنٌ على وزنِ أَفْعِلْ بهمزةِ قطعٍ مفتوحةٍ معَ كسرِ ما قبلَ آخرِهِ كَقَوْلِكَ: أَكْرِمْ زيداً، وأَعْلِمْ عَمْراً، وأَعْطِ بَكْراً، وأَلْقِ عَصَاكَ.
وإنَّما لمْ يَتَوَصَّلُوا بهمزةِ وصلٍ في بناءِ الأمرِ منْ أَفْعَلَ الرباعيِّ معَ كونِ ما يَلِي حرفَ المضارعةِ ساكناً فيهِ؛ لأنَّ أصلَ نحْوِ: يُكْرِمُ يُؤَكْرِمُ كَيُدَحْرِجُ، فالساكنُ فيهِ ثَالِثُهُ لا ثَانِيهِ، فَحَذَفُوا ثَانِيَهُ لاستثقالِ اجتماعِ همزتَيْنِ في نَحْوِ قَوْلِكَ: أنا أَأَكْرِمُكَ، وحَمَلُوا الباقيَ عليهِ، فَلَمَّا كانَ أصلُ ثَانِيهِ التَّحْرِيكَ كثاني يُدَحْرِجُ، لمْ يُحْتَجْ عندَ بناءِ الأمرِ منهُ إلى استجلابِ همزةِ وصلٍ، بلْ رَدُّوا إليهِ عندَ بناءِ الأمرِ منهُ ثَانِيَهُ المحذوفَ في المضارعِ، وهوَ همزةُ القطعِ الزائدةُ.
وأشارَ إلى القسمِ الثاني، وهوَ ما ليسَ على وزنِ أَفْعَلَ، وتالي حرفِ المضارعةِ منهُ مُتَحَرِّكٌ، بقولِهِ: (وَاعْزُهُ لِسِوَاهُ)، أيْ: وَاعْزُ الأمرَ وانْسِبْهُ لماضِ سِوَى أَفْعَلَ الرباعيِّ وغيْرِهِ حالةَ كوْنِ بناءِ ذلكَ الأمرِ وصِيغَتِهِ (كالمضارعِ ذي الجزْمِ)، أيْ: حالةَ كونِ صِيغَتِهِ مُشابهةً بصيغةِ المضارعِ (الذي اخْتُزِلا) وقُطِعَ منهُ (أوَّلُهُ)، أيْ: حرفُ المضارعةِ، يعني أنَّ صيغةَ الأمرِ منْ سِوَى أَفْعَلَ الرباعيِّ والحالُ أنَّ ثانيَ مضارِعِهِ مُتحرِّكٌ كائنٌ كصيغةِ مُضَارِعِهِ المجزومِ الذي حُذِفَ منهُ حرفُ المضارعةِ، فتقولُ في بناءِ الأمرِ المَصُوغِ منْ مصدرِ يَقُومُ، وَيَبِيعُ، ويَخَافُ، ويُدَحْرِجُ، ويَتَعَلَّمُ: قُمْ، وَبِعْ، وَخَفْ، ودَحْرِجْ، وتَعَلَّمْ، كما تقولُ في المضارعِ المجزومِ منْ هذهِ الأفعالِ: لَمْ يَقُمْ، ولَمْ يَبِعْ، ولَمْ يَخَفْ، ولمْ يُدَحْرِجْ، ولمْ يَتَعَلَّمْ.
وقولُهُ: (وَاعْزُهُ)، أمرٌ منْ عَزَى الشيءَ إلى فلانٍ يَعْزُوهُ عَزْواً، إذا نَسَبَهُ إليهِ، وقولُهُ: (اخْتُزِلا) بالبناءِ للمفعولِ وبألفِ الإطلاقِ منْ قولِهِم: اخْتَزَلَ الشيءَ اختزالاً، إذا حَذَفَهُ وقَطَعَهُ.
وأشارَ إلى القسمِ الثالثِ، وهوَ الأمرُ المَصُوغُ مِمَّا ثاني مُضارعِهِ ساكنٌ وثَالِثُهُ مفتوحٌ أوْ مكسورٌ بكسرةٍ أصليَّةٍ ولمْ يُحْذَفْ منهُ شيءٌ بقولِهِ: (وبِهَمْزِ الوصلِ مُنْكَسِراً صِلْ ساكناً كانَ بالمحذوفِ مُتَّصِلا)، أيْ: وَصِلْ ساكناً كانَ مُتَّصِلاً بحرفِ المضارعةِ بعدَ حذفِ حرفِ المضارعةِ بهمزةِ الوصلِ لتَعَذُّرِ الابتداءِ بالساكنِ حالةَ كونِ همزِ الوصلِ منكسراً على أصلِ حركةِ التخَلُّصِ، فتقولُ في بناءِ الأمرِ منْ يَضْرِبُ، ويَذْهَبُ، ويَنْطَلِقُ، ويَسْتَخْرِجُ: اضْرِبْ، واذْهَبْ، وانْطَلِقْ، واسْتَخْرِجْ، وانْكِسَارُ همزةِ الوصلِ في الأمرِ مخصوصٌ بالأمرِ المَصُوغِ مِمَّا ثالثُ مُضَارِعِهِ مكسورٌ أوْ مفتوحٌ لا مضمومٌ، بدليلِ ما سيأتي في البيتِ الآتي، وإنَّما خَصُّوا همزةَ الوصلِ بالزيادةِ هنا دونَ غيْرِها منْ حروفِ الزيادةِ؛ لأنَّها أقْوَى الحروفِ، والابتداءُ بالأَقْوَى أَوْلَى. وسُمِّيَتْ همزةَ وصلٍ للتوَصُّلِ بها إلى النُّطْقِ بالساكنِ، ولذلكَ يُسَمِّيهَا الخليلُ سُلَّمَ اللسانِ، وقالَ الكُوفِيُّونَ: سُمِّيَتْ بذلكَ لسُقُوطِهَا في الوصلِ، وتكونُ مكسورةً في جميعِ الأحوالِ إلاَّ فيما سيأتي.
وإنَّما تَعَذَّرَ الابتداءُ بالساكنِ؛ لأنَّ الحرفَ الذي يُبْتَدَأُ بهِ لا يكونُ إلاَّ مُتَحَرِّكاً؛ لأنَّ الحرفَ المنطوقَ بهِ إمَّا مُعْتَمِدٌ على حَرَكَتِهِ كَبَاءِ بَكْرٍ، أوْ على حركةِ مُجَاوِرِهِ كميمِ عَمْرٍو، أوْ على لَيِّنٍ قبْلَهُ يجري مَجْرَى الحركةِ كَبَاءِ دَابَّةٍ، فمَتَى فُقِدَتْ هذهِ الاعتماداتُ تَعَذَّرَ التَّكَلُّمُ، ودَلِيلُهُ التجرِبةُ.
والمرادُ بالابتداءِ الأخذُ بالنطقِ بالحروفِ بعدَ الصمتِ، لا الأخذُ في النطقِ بالحرفِ بعدَ ذهابِ الذي قبْلَهُ كما وَهِمَهُ بعْضُهم، فأَلْزَمَ بعْضُهم وقوعَ الابتداءِ بالساكنِ.
الإعرابُ:
(مِنْ أَفْعَلَ): جارٌّ ومجرورٌ مَحْكِيٌّ حالٌ منْ قَوْلِهِ: (الأمْرُ)، وهوَ مبتدأٌ، (أَفْعِلْ): خبرٌ مَحْكِيٌّ، والتقديرُ صيغةُ الأمرِ حالةَ كونِهِ مَصُوغاً منْ أَفْعَلَ الرباعيِّ كائنةٌ على وزنِ أَفْعِلْ، والجملةُ مُستأنفةٌ، (وَاعْزُهُ): الواوُ عاطفةٌ، اعْزُ فعلُ أمرٍ مبنيٌّ على حذفِ حرفِ العلَّةِ، وفاعِلُهُ مُستترٌ وجوباً تقديرُهُ: (أنتَ)، والهاءُ ضميرٌ مُتَّصلٌ في محلِّ النصبِ مفعولٌ بهِ، والجملةُ الفعليَّةُ معطوفةٌ على الجملةِ الاسْمِيَّةِ، (لِسِوَاهُ): اللامُ حرفُ جرٍّ، سِوَى: مجرورٌ باللامِ، وهوَ مضافٌ، والهاءُ ضميرٌ مُتَّصلٌ في محلِّ الجرِّ مضافٌ إليهِ، الجارُّ والمجرورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ (اعْزُ)، (كالمضارِعِ): جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ منْ مفعولِ اعْزُهُ، تقديرُهُ: وَاعْزُ الأمرَ وانْسِبْهُ لِسِوَى أَفْعَلَ الرباعيِّ حالةَ كونِ صِيغَتِهِ كائنةً كصيغةِ المضارعِ، (ذِي الجَزْمِ): ذي صفةٌ أُولَى للمضارعِ مجرورٌ بالياءِ، وهوَ مضافٌ، الجزمِ: مضافٌ إليهِ، (الَّذِي): اسمٌ موصولٌ في محلِّ الجرِّ صفةٌ ثانيَةٌ للمضارعِ.
(اخْتُزِلا): فعلٌ ماضٍ مُغَيَّرُ الصيغةِ، والألفُ حرفُ إطلاقٍ، (أوَّلُهُ): أوَّلُ نائبُ فاعلٍ لاخْتُزِلَ، وهوَ مضافٌ، والهاءُ ضميرٌ مُتَّصلٌ في محلِّ الجرِّ مضافٌ إليهِ، والجملةُ الفعليَّةُ صلةُ الموصولِ، (وبِهَمْزِ الوصْلِ): الواوُ عاطفةٌ، بِهَمْزِ جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بِـ (صِل) الآتي، وهوَ مضافٌ، الوصْلِ: مضافٌ إليهِ، (منكسراً): حالٌ منْ همزِ الوصلِ.
(صِلْ): فعلُ أمرٍ وفاعِلُهُ مُستترٌ وجوباً تقديرُهُ: (أنتَ)، والجملةُ الفعليَّةُ معطوفةٌ على الجملةِ الاسْمِيَّةِ أيضاً، (ساكناً): مفعولٌ بهِ لِـ (صِلْ)، (كانَ): فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، واسْمُها مستترٌ جوازاً تقديرُهُ: هوَ، يعودُ على ساكناً، (بالمَحْذُوفِ): جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بقولِهِ: (مُتَّصِلا)، وهوَ خبرُ كانَ، وجملةُ كانَ في محلِّ النصبِ صفةٌ لساكناً، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: كانَ زائدةٌ بينَ الصفةِ والموصوفِ لضرورةِ تكميلِ تفاعيلِ البيتِ، ومُتَّصِلاً صفةٌ لساكناً، واللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى أعْلَمُ.
قالَ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ونَفَعَنَا بعُلومِهِ آمِينَ:
والْهَمْزَ قَبْلَ لُزُومِ الضمِّ ضُمَّ ونَحْـ = ـوُ اغْزِي بكَسْرٍ مُشَمِّ الضمِّ قدْ قُبِلا
وأشارَ إلى القسمِ الرابعِ، وهوَ الأمرُ المَصُوغُ مِمَّا ثاني مُضارعِهِ ساكنٌ، وثَالِثُهُ مضمومٌ بضمَّةٍ لازمةٍ بقولِهِ: (والهمزَ قبلَ لُزُومِ الضمِّ ضُمَّ)، أيْ: وضُمَّ همزَ الوصلِ ضَمًّا خالصاً قبلَ لُزُومِ الضمِّ، أيْ: إذا كانَ قبلَ ضمَّةٍ أصليَّةٍ لازمةٍ في ثالثِ الفعلِ. والإضافةُ في قولِهِ: قبلَ لُزُومِ الضمِّ، منْ إضافةِ الصفةِ إلى الموصوفِ، فتقولُ في الأمرِ المَصُوغِ مِنْ يَخْرُجُ ويَنْظُرُ: اخْرُجْ وانْظُرْ، بضمِّ همزةِ الوصلِ بخلافِ الأمرِ المَصُوغِ مِمَّا ثَالِثُهُ مكسورٌ أوْ مفتوحٌ كَيَضْرِبُ ويَذْهَبُ؛ فإنَّ همزةَ الوصلِ فيهِ مكسورةٌ كما سبقَ، وإنَّما عُوِّضَ عن الكسرِ ضَمُّ همزةِ الوصلِ فيما ثَالِثُهُ مضمومٌ للمناسبةِ لاستثقالِ الانتقالِ منْ كسرٍ إلى ضمٍّ بِنَاءً على مذهبِ الجمهورِ منْ أنَّها زِيدَتْ سَاكِنَةً لِمَا فيهِ منْ تقليلِ الزيادةِ، ثمَّ لَمَّا احْتِيجَ إلى تحْرِيكِها حُرِّكَتْ بالكسرِ على الأصلِ في حركةِ التَّخَلُّصِ خلافاً لمذهبِ سِيبَوَيْهِ منْ أنَّها زِيدَتْ مُتَحَرِّكَةً ابتداءً بما حُرِّكَتْ بهِ منْ كسرٍ أوْ ضَمٍّ وهوَ ظاهرُ كلامِ الناظمِ، وإنَّما لمْ يَفْتَحُوهَا فيما ثَالِثُهُ مفتوحٌ نظراً للمناسبةِ لالْتِبَاسِهِ حينئذٍ بمضارعِ المُتَكَلِّمِ، فلوْ قُلْتَ: أَذْهَبْ يَا زَيْدُ، لالْتَبَسَ بقَوْلِكَ: أنا أَذْهَبُ.
فخرجَ بقَيْدِ الأصليَّةِ ما لوْ كانَ ثالثُ الفعلِ مضموماً بضمَّةٍ لازمةٍ، لكِنَّها عارضةٌ غيرُ أصليَّةٍ؛ فإنَّهُ يَجِبُ كسرُ همزةِ الوصلِ نظراً إلى الأصلِ، نحوُ: امْشُوا، وارْمُوا؛ فإنَّ أصْلَهُ امْشِيُوا، وَارْمِيُوا، على وزنِ اضْرِبُوا، فاسْتُثْقِلَت الضمَّةُ على حرفِ العلَّةِ وهوَ الياءُ، فنُقِلَتْ إلى ما قبْلَهُ بعدَ سَلْبِ حَرَكَتِهِ لضرورةِ ضمِّ ما قبلَ واوِ الجمعِ، فالتقى ساكنانِ ؛ الياءُ والواوُ، فحُذِفَت الياءُ لالتقاءِ الساكنَيْنِ.
وخَرَجَ بقيدِ اللازمةِ ما لوْ كانَ ثالثُ الفعلِ مضموماً في الأصلِ، لكنْ زَالَتِ الضمَّةُ لضرورةِ كَسْرِ ما قبلَ ياءِ المُؤَنَّثَةِ، وصارَ مكسوراً بكسرةٍ لازمةٍ، نحوُ: اغْزِي وَادْعِي يا هندُ؛ فإنَّهُ يجوزُ في هَمْزَتِهِ وجهانِ: الكسرُ الخالصُ كما قدْ شَمِلَتْهُ عِبَارَتُهُ أوَّلاً نظراً إلى الحالةِ الراهنةِ، وهوَ كسرُ ثَالِثِهِ وإشمامُ الكسرِ الضمَّ دلالةً على أنَّ أصلَ ثَالِثِهِ الضمُّ. وإلى هذا الأخيرِ أشارَ بقولِهِ: (ونحوُ: اغْزِي بكسرٍ مُشَمِّ الضمِّ قدْ قُبِلا)، أيْ: وَاغْزِي ونحْوُهُ منْ كلِّ فعلٍ ثالِثُهُ مضمومٌ وهوَ مُعتلُّ اللامِ مُسْنَدٌ إلى المُؤَنَّثةِ كَادْعِي اللَّهَ يا هِنْدُ قدْ قُبِلَ، ونُقِلَ عن العربِ حالةَ كونِهِ مُلْتَبِساً بكسرٍ مخلوطٍ بهِ شيءٌ منْ صوتِ الضمَّةِ، واسْتُفِيدَ منْ قَوْلِهِ: قدْ قُبِلا، أنَّ الكسرَ الخالصَ أفصحُ من الإشمامِ، وهوَ كذلكَ. وأصلُ اغْزِي اغْزُوِي بوزنِ ادْخُلِي، اسْتُثْقِلَت الكسرةُ على الواوِ، ثمَّ نُقِلَتْ إلى ما قَبْلَهَا بعدَ سَلْبِ حَرَكَتِهِ، فالتَقَى ساكنانِ وهما الواوُ والياءُ، ثمَّ حُذِفَتِ الواوُ لالتقاءِ الساكنَيْنِ فصارَ اغْزِي بكسرِ ثَالِثِهِ الذي هوَ الزايُ كسرةً عارضةً؛ لأنَّ أصْلَهُ الضمُّ، لكِنَّها قدْ صارتْ لازمةً لضرورةِ كسرِ ما قبلَ ياءِ المُؤَنَّثةِ.
الإعرابُ:
(وَالْهَمْزَ): الواوُ عاطفةٌ، الهمزَ مفعولٌ بهِ لضُمَّ الآتي على أنَّهُ فعلُ أمرٍ، أوْ مبتدأٌ خَبَرُهُ ضُمَّ على أنَّهُ ماضٍ مُغَيَّرُ الصيغةِ، (قَبْلَ): منصوبٌ على الظرفيَّةِ المكانيَّةِ، والظرفُ متعلِّقٌ بمحذوفٍ حالٍ من (الهَمْزَ) إنْ قُلْنَا: إنَّهُ مفعولٌ بهِ، تقديرُهُ: وضُمَّ الهمزَ حالةَ كونِهِ واقعاً قبلَ الضمَّةِ اللازمةِ في ثالثِ الفعلِ، أوْ بمحذوفٍ حالٍ منهُ أيضاً على رَأْيِ سِيبَوَيْهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ مبتدأٌ، وهوَ مضافٌ، (لُزُومِ): مضافٌ إليهِ، وهوَ مضافٌ.
(الضَّمِّ): مضافٌ إليهِ، (ضُمَّ): فعلُ أمرٍ، وفاعِلُهُ مُستترٌ وجوباً تقديرُهُ: (أنتَ)، والجملةُ الفعليَّةُ معطوفةٌ على الجملةِ الاسمِيَّةِ أيضاً، أوْ ماضٍ مُغَيَّرُ الصيغةِ، ونائبُ فاعلِهِ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ: هوَ، يعودُ على (الهَمْزُ)، والجملةُ الفعليَّةُ في محلِّ الرفعِ خبرُ المبتدأِ، تقديرُهُ: والهمزُ حالةَ كونِهِ واقعاً قبلَ الضمَّةِ اللازمةِ في ثالثِ الفعلِ مضمومٌ لمناسبةِ ضمِّ الثالثِ، والجملةُ الاسميَّةُ معطوفةٌ على الجملةِ الاسْمِيَّةِ أيضاً، (ونحوُ: اغْزِي): الواوُ عاطفةٌ، نحوُ: مبتدأٌ، وهوَ مضافٌ، اغْزِي مضافٌ إليهِ مَحْكِيٌّ، (بكَسْرٍ): جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بقبلَ الآتي، أوْ حالٌ منْ نائبِ فَاعِلِهِ، (مُشَمِّ): بصيغةِ اسمِ المفعولِ صفةٌ لكَسْرٍ، وهوَ مضافٌ، (الضمِّ): مضافٌ إليهِ، (قَدْ): حرفُ تحقيقٍ.
(قُبِلا): فعلٌ ماضٍ مُغَيَّرُ الصيغةِ، والألفُ حرفُ إطلاقٍ، ونائبُ فاعلِهِ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ: هوَ، يعودُ على (نَحْوُ اغْزِي)، والجملةُ الفعليَّةُ في محلِّ الرفعِ خبرُ المبتدأِ تقديرُهُ: ونحوُ اغْزِي مقبولٌ ومنقولٌ عنهم حالةَ كونِهِ مُلْتَبِساً بكسرٍ مشمومٍ بالضمِّ، والجملةُ الاسميَّةُ معطوفةٌ على الجُمْلَةِ الاسمِيَّةِ أيضاً، واللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى أعْلَمُ.
قالَ الناظمُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى ونَفَعَنَا بعُلومِهِ آمِينَ:

وشَذَّ بالحذفِ مُرْ وخُذْ وكُلْ وفَشَا = وَأْمُرْ ومُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ خُذْ وَكُلا
وأمَّا الشاذُّ، وهوَ ثلاثةُ أفعالٍ فقطْ: مُرْ، وخُذْ، وكُلْ، فقدْ أشارَ إليهِ بقولِهِ: (وشَذَّ بالحذفِ مُرْ وخُذْ وكُلْ)، أيْ: خَرَجَتْ هذهِ الأفعالُ الثلاثةُ عنْ قياسِ نَظَائِرِها من الأفعالِ التي ثاني مُضارِعِها ساكنٌ كيَخْرُجُ ويَدْخُلُ؛ حيثُ لمْ يَتَوَصَّلُوا في صَوْغِ الأمرِ منها بهمزةِ وصلٍ مضمومةٍ معَ أنَّ ثانيَ مُضارِعِها ساكنٌ وثَالِثَهُ مضمومٌ، بلْ أعْرَضُوا عن الإتيانِ بالهمزةِ، وحَذَفُوا ثانِيَها الساكنَ أيضاً تخفيفاً لكثرةِ استِعْمَالِهِم لها، فقَالُوا في بناءِ الأمرِ منْ يَأْمُرُ، ويَأْخُذُ، ويَأْكُلُ، التي هيَ على وزنِ يَخْرُجُ: مُرْ، وخُذْ، وكُلْ، وقياسُ استِعْمَالِهم في نَظَائِرِهَا أنْ يُقالَ فيها: اأْمُرْ، اأْخُذْ، اأْكُلْ، بهمزةِ وصلٍ مضمومةٍ، فهمزةٌ ساكنةٌ هيَ فاءُ الكلمةِ مثلُ ادْخُلْ واخْرُجْ. وهذا المذكورُ منْ حذفِ همزةِ الوصلِ في هذهِ الأفعالِ الثلاثةِ هوَ الأكثرُ في استِعْمَالاتِهِم لها، وأمَّا تَتْمِيمُها بهمزةِ وصلٍ مضومةٍ فكثيرٌ في وَأْمُرْ حيثُ اقْتُرِنَ بعاطفٍ، ونادرٌ في خُذْ وكُلْ مطلقاً، أيْ: سواءٌ اقْتَرَنَا بعاطفٍ أمْ لا كما ذكَرَهُ بقولِهِ: (وَفَشَا)، أيْ: كَثُرَ في كَلامِهم تَتْمِيمُ مُرْ على القياسِ إذا اقْتُرِنَ بعاطفٍ، وذلكَ كقولِهِ تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ}، ومعَ هذا الاقترانِ فالأكثرُ فيهِ الحذفُ كَأَنْ تقولَ فيهِ: ومُرْهُ بكذا، وأمَّا خُذْ وكُلْ فلمْ يَسْتَعْمِلُوهُما معَ العاطفِ وغَيْرِهِ تَامَّيْنِ إلاَّ في النُّدُورِ، كما أشارَ إليهِ بقولِهِ: (وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ خُذْ وكُلا)، أيْ: تَتْمِيمُهُما بهمزةِ وصلٍ مضمومةٍ على قياسِ نَظَائِرِهِمَا معدودٌ من النَّادِرِ والقليلِ في كَلامِهم ومجعولٌ منهُ، من اسْتَنْدَرَ الشيءَ إذا رَآهُ نَادِراً وَعَدَّهُ منهُ، والألفُ في قولِهِ: وَكُلا، بدلٌ منْ نونِ التوكيدِ الخفيفةِ.
(فائدَةٌ): قالَ اليَمَنِيُّ في كَبيرِهِ: واعْلَمْ أنَّ وُرُودَ الكلمةِ عن العربِ شاذَّةً خارجةً عن القياسِ لا يُنَافِي فَصَاحَتَها وكَثْرَتَها في كَلامِهِم كما في حَسِبَ يَحْسِبُ، وأَكْرَمَ يُكْرِمُ، ومُرْ، وخُذْ، وكُلْ؛ لأنَّ المرادَ بالشاذِّ: ما جاءَ على خلافِ القياسِ وإنْ كانَ كثيراً في كَلامِهِم، وبالفصيحِ: ما كَثُرَ استِعْمَالُهم لهُ وإنْ خالفَ القياسَ، وذلكَ كَمُرْ، وخُذْ، وكُلْ؛ لأنَّ كُلاًّ منها شَاذَّةٌ فصيحةٌ، وأمَّا النادرُ: فهوَ ما يَقِلُّ وجُودُهُ في كَلامِهِم، سواءٌ خالفَ القياسَ كَأَبَى أوْ وَافَقَهُ كَتَتْمِيمِ خُذْ وكُلْ، والضعيفُ: ما في ثُبُوتِهِ عنهم نزاعٌ بينَ علماءِ العَرَبِيَّةِ. انتهى باختصارٍ وزيادةٍ وبعضِ تَصَرُّفٍ.
الإعرابُ:
(وشَذَّ): الواوُ استئنافيَّةٌ، شَذَّ: فعلٌ ماضٍ، (بالحَذْفِ): جارٌّ ومجرورٌ متعلِّقٌ بشَذَّ، (مُرْ) وما عُطِفَ عليهِ فاعلٌ مَحْكِيٌّ، والجملةُ الفعليَّةُ مُستأنفةٌ، (وخُذْ): الواوُ عاطفةٌ، خُذْ معطوفٌ مَحْكِيٌّ على مُرْ، (وكُلْ): الواوُ عاطفةٌ، كُلْ معطوفٌ على مُرْ، (وفَشَا): الواوُ عاطفةٌ، فَشَا: فعلٌ ماضٍ مُعتلٌّ، (وَأْمُرْ): فاعلٌ مَحْكِيٌّ لِفَشَا، والجملةُ معطوفةٌ على جملةِ شَذَّ، (ومُسْتَنْدَرٌ): الواوُ عاطفةٌ، مُسْتَنْدَرٌ خبرٌ مُقدَّمٌ لقولِهِ: (تَتْمِيمُ)، وهوَ مبتدأٌ مُؤَخَّرٌ، وهوَ مضافٌ، (خُذْ): مضافٌ إليهِ محكيٌّ،
(وَكُلا): الواوُ عاطفةٌ، كُلا معطوفٌ مَحْكِيٌّ على خُذْ، والجملةُ الاسميَّةُ معطوفةٌ على جملةِ شَذَّ، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: مُسْتَنْدَرٌ مبتدأٌ مرفوعٌ، وَجَوَّزَ الابتداءَ بالنكرةِ عَمَلُهُ فيما بَعْدَهُ، تَتْمِيمُ: نائبُ فاعلٍ سَدَّ مَسَدَّ الخبرِ بناءً على مذهبِ الكِسائِيِّ وابنِ هشامٍ منْ جوازِ إعمالِ المفعولِ إذا كانَ مُجَرَّداً بمعنى الماضي كاسمِ الفاعلِ، والجملةُ من المبتدأِ ونائبِ فاعلِهِ معطوفةٌ على جملةِ شَذَّ أيضاً، والمعنى على هذا الوجهِ: وَاسْتُنْدِرَ في كَلامِهِم تتميمُ خُذْ وكُلا، أيْ: عُدَّ تَتْمِيمُهَما نادراً قليلاً في كَلامِهِم، واللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى أعْلَمُ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:31 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir