دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > فضائل القرآن > فضائل القرآن لابن كثير

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ربيع الثاني 1431هـ/1-04-2010م, 08:11 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي فضائل القرآن


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت:774هـ):(فضائل القرآن
قال البخاري رحمه الله كيف نزل الوحي وأول ما نزل قال ابن عباس: المهيمن الأمين القرآن أمين على كل كتاب قبله حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى عن أبي سلمه قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا: [لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا]
ذكر البخاري رحمه الله كتاب فضائل القرآن بعد كتاب التفسير لأن التفسير أهم فلهذا بدأ به فجرينا على منواله وسننه مقتضين به وقول ابن عباس في المهيمن: إنما يريد به البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله: ثنا المثنى ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية عن علي يعني ابن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {ومهيمنا عليه} قال: المهيمن الأمين قال: [القرآن أمين على كل كتاب قبله وفي رواية شهيدا عليه] وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي عن التميمي عن ابن عباس {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب يقال إذا ارقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه فهو مهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن وفي أسماء الله تعالى المهيمن وهو الشهيد على كل شيء الرقيب الحفيظ بكل شيء
وأما الحديث الذي أسنده البخاري أنه عليه السلام أقام بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا فهو مما انفرد به البخاري دون مسلم وإنما رواه النسائي من حديث شيبان وهو ابن عبد الرحمن عن يحيى وهو ابن كثير عن أبي سلمة عنهما وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ثنا يزيد عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: أنزل القران جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ثم قرأ {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} هذا إسناد صحيح أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة لأنه عليه السلام أوحى إليه وهو ابن أربعين سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح ويحتمل أنه حذف ما زاد على العشر اختصارا في الكلام لأن العرب كثيرا ما يحذفون الكسور في كلامهم أو أنهما اعتبرا قرن جبريل عليه السلام فإنه قد روى الإمام أحمد أنه قرن به عليه السلام ميكائيل في ابتداء الأمر يلقى إليه الكلمة وشيء ثم قرن به جبريل ووجه مناسبة هذا الحديث بـ فضائل القرآن أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف وهو البلد الحرام كما أنه في زمن شريف وهو شهر رمضان فاجتمع له شرف الزمان والمكان
ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان لأنه ابتدئ بنزوله ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله في كل سنة في شهر رمضان فلما كانت السنة التي توفي فيها عارضه مرتين تأكيدا وتثبيتا وأيضا ففي الحديث بيان أنه من القرآن مكي ومنه مدني فالمكي ما نزل قبل الهجرة والمدني ما نزل بعد الهجرة سواء كان بالمدينة أو بغيرها من أي البلاد كان حتى ولو كان بمكة أو عرفة
وقد أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني واختلفوا في أخر وأراد بعضهم ضبط ذلك بضوابط في تقييدها عسر ونظر ولكن قال بعضهم: كل سورة في أولها شيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران كما أن كل سورة فيها {يا أيها الذين آمنوا} فهي مدنية وما فيه {يا أيها الناس} فيحتمل أن تكون من هذا ومن هذا والغالب أنه مكي وقد يكون مدنيا كما في البقرة: {يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} - {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}
قال أبو عبيد: ثنا أبو معاوية ثنا من سمع الأعمش يحدث عن إبراهيم عن علقمة: كل شيء في القرآن {يا أيها الذين آمنوا} فانه أنزل بالمدينة وما كان منها {يا أيها الناس} فانه أنزل بمكة ثم قال: ثنا على بن معبد عن أبي المليح عن ميمون بن مهران قال: ما كان في القرآن {يا أيها الناس} و{يا بني آدم} فإنه مكي وما كان {يا أيها الذين آمنوا} فإنه مدني
ومنهم من يقول: إن بعض السور نزل مرتين: مرة بالمدينة ومرة بمكة والله أعلم ومنهم من يستثنى من المكي آيات يدعى أنها من المدني كما في سورة الحج وغيرها
والحق في ذلك ما دل عليه الدليل الصحيح فالله أعلم
وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة قال: نزلت بالمدينة سورة البقرة وال عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والحج والنور والأحزاب والذين كفروا والفتح والحد يد والمجادلة والحشر والممتحنة والحواريون والتغابن و{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} و{يا أيها النبي لم تحرم} و{الفجر} و{الليل إذا يغشي} و{إنا أنزلناه في ليلة القدر} و{لم يكن} و{إذا زلزلت} و{إذا جاء نصر الله والفتح} وسائر ذلك بمكة هذا إسناد صحيح عن ابن أبي طلحة مشهور وهو أحد أصحاب ابن عباس الذين رووا عنه التفسير
وقد ذكر في المدني سورا في كونها مدنية نظر وما به الحجرات المعوذات
الحديث الثاني
وقال البخاري: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا معتمر قال: سمعت أبي عن أبي عثمان قال قال: [أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة فجعل يتحدث فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: من هذا أو كما قال قالت: هذا دحيه فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل أو كما قال] قال أبي: قلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ قال: من أسامة بن زيد رضي الله عنه
وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان به والغرض من إيراده هذا الحديث ههنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال تعالى: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات
فمدح الرب تبارك وتعالى عبد يه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله وسلم عليهما وسنستقصي الكلام على تفسير هذا المكان في موضعه إذا وصلنا إليه إن شاء الله تعالى وبه الثقة وفي الحديث فضيلة عظيمة لأم سلمة رضي الله عنها - كما بينه مسلم رحمه الله لرؤيتها هذا الملك العظيم وفضيلة أيضا لدحية بن خليفة الكلبي وذلك أن جبريل عليه السلام كان كثيرا ما يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على صورة دحية وكان جميل الصورة رضي الله عنه وكان من قبيلة أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي وهم من قبيلة قضاعة وقضاعة قيل: إنهم من عدنان وقيل من قحطان كلهم ينسبون إلى كلب بن وبره وقيل بطن مستقل بنفسه والله أعلم
الحديث الثالث
حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا الليث ثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ما من الأنبياء نبي إلا أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلى فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة] ورواه أيضا في الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم والنسائي عن قتيبة جميعا عن الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه واسمه كيسان المقبري به
وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء وعلى كل كتاب أنزله وذلك أن معنى الحديث: ما من نبي إلا أعطي - أي من المعجزات - ما آمن عليه البشر أي ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر ثم لما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه في زمانه
وأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فإنما كان معظم
ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا إلى الناس بالتواتر ففي كل حين هو كما أنزل فلهذا قال: [فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا] وكذلك وقع فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة واستمرار معجزته ولهذا قال الله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبد ه ليكون للعالمين نذيرا} وقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}
ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال {أم يقولون افتراه قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا فقال {أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} وقصر التحدي على هذا المقام في السور المكية - كما ذكرنا في المدنية أيضا كما في سورة البقرة حيث قال تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} وأخبرهم أنهم عاجزون عن معارضته بمثله وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضا
هذا وهم أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه لكن جاءهم من الله مالا قبل لأحد من البشر به من الكلام الفصيح البليغ الوجيز المحتوى على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة والأخبار الصادقة عن الغيوب الماضية والآتية والأحكام العادلة المحكمة كما قال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا}
وقال الإمام أحمد بن حنبل: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي ثنا محمد بن إسحاق قال: ذكر محمد بن كعب القرظي عن الحارث بن عبد الله الأعور قال: قلت لآتين أمير المؤمنين فلأسألنه عما سمعت العشية قال: فجئته بعد العشاء فدخلت عليه فذكر الحديث قال ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [أتاني جبريل فقال: يا محمد إن أمتك مختلفة بعدك - قال - فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟ قال: فقال: كتاب الله به يقصم الله كل جبار من اعتصم به نجا ومن تركه هلك - مرتين - قول فصل وليس بالهزل لا تخلقه الألسن ولا تفنى عجائبه فيه نبأ من كان قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما هو كائن بعدكم] رواه الإمام أحمد
وقد قال أبو عيسى الترمذي: ثنا عبد بن حميد ثنا حسين بن علي الجعفي ثنا حمزة الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث الأعور قال: [مررت إلى المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم قال: أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألا إنها ستكون فتنة فقلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمة الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم هو التي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور] ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال
قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات بل قد رواه محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي عن الحارث الأعور فبرئ حمزة من عهدته على أنه وإن كان ضعيف الحديث فإنه إمام في القراءة والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده أما أنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم
وقصارى هذا الحديث أنما يكون من كلام أمير المؤمنين على رضي الله عنه وقد وهم بعضهم في رفعه وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روى له شاهد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال الإمام العلم أبو عبيد الله القاسم بن سلام رحمه الله في كتابة فضائل القرآن: ثنا أبو اليقظان عمار بن محمد الثوري أو غيره عن أبي إسحاق الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله وهو النور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات أما أني لا أقول: الم حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر]
وهذا غريب من هذا الوجه ورواه محمد بن تفضيل عن أبي إسحاق الهجري واسمه إبراهيم بن مسلم وهو أحد التابعين ولكن تكلموا فيه كثيرا وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي وقال أبو الفتح الأزدي: رفاع كثير الوهم
قلت: فيحتمل - والله أعلم - أن يكون وهم في رفع هذا الحديث وإنما هو من كلام بن مسعود ولكن له شاهد من وجه أخر والله أعلم
وقال أبو عبيد أيضا: ثنا حجاج عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: لا يسأل عبد عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله
الحديث الرابع
قال البخاري: ثنا عمرو بن محمد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده
وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد هكذا وهو الناقد وحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن إسحاق بن منصور الكوسج أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به
ومعناه أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله تعالى {اقرأ باسم ربك} فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال قريبا من سنتين أو أكثر ثم حمى الوحي وتتابع وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر}
الحديث الخامس
قال البخاري: حدثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبا يقول: [اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا تركك] فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى}
وقد رواه البخاري في غير موضع ومسلم والترمذي والنسائي من طرق أخر عن سفيان وهو الثوري وشعبة بن الحجاج كلاهما عن قيس العبد ي عن جندب بن عبد الله البجلي به وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في تفسير سورة الضحى
والمناسبة في ذكر هذا الحديث والذي قبله في فضائل القرآن أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة حيث جعل الوحي متابعا عليه ولم يقطعه عنه ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام
قال البخاري رحمه الله: نزل القرآن بلسان قريش والعرب قرآنا عربيا بلسان عربي مبين
حدثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهري أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن الحارث بن هشام أن ينسخوها من المصاحف وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش فإن القرآن نزل بلسانهم ففعلوا
هذا الحديث قطعة من حديث سيأتي قريبا الكلام عليه ومقصود البخاري منه ظاهر وهو أن القرآن الكريم نزل بلغة قريش وقريش خلاصة العرب ولهذا قال: أبو بكر بن أبي داود: حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد ثنا يزيد أخبرنا شيبان عن عبد المالك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف وهذا إسناد صحيح
وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن أسد ثنا هوذة ثنا عوف عن عبد الله ابن فضالة قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر فإن القرآن نزل بلغة رجل من مصر وقد قال الله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} وقال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} وقال تعالى: {وهذا لسان عربي مبين} وقال تعالى: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} الآية إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك
ثم ذكر البخاري رحمه الله حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي فذكر الحديث في الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب وعليه جبة قال: [فنظر رسول الله ساعة ثم فجأة الوحي فأشار عمر إلى يعلى - أي تعال - فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه فقال:
أين الذي سألني عن العمرة آنفا فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب]
وهذا الحديث رواه جماعة من طرق عديدة والكلام عليه في كتاب الحج ولا تظهر مناسبة ما بينه وبين هذه الترجمة ولا يكاد ولو ذكر في الترجمة التي قبلها لكان أظهر وأبين والله أعلم


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, فضائل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir