دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الأول 1440هـ/6-12-2018م, 01:30 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي المجلس الثالث عشر: مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر من تفسير سورة آل عمران

مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر والأخير من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 187- 200)



اكتب رسالة تفسيرية في واحد مما يلي:
1: قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}.

2: قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.


والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.




تنبيه:
يذكر نوع الأسلوب المختار، كذلك مراجع الرسالة.


تعليمات:
- دراسة تفسير سورة آل عمران سيكون من خلال مجالس المذاكرة ، وليست مقررة للاختبار.
- مجالس المذاكرة تهدف إلى تطبيق مهارات التفسير التي تعلمها الطالب سابقا.
- لا يقتصر تفسير السورة على التفاسير الثلاثة الموجودة في المعهد.
- يوصى بالاستفادة من التفاسير الموجودة في جمهرة العلوم، وللطالب أن يستزيد من غيرها من التفاسير التي يحتاجها.

- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28 ربيع الأول 1440هـ/6-12-2018م, 07:06 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

اكتب رسالة تفسيرية في:
قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)} بالأسلوب الوعظي.


بسم الله خالق الكون والإنسان, المتفضل على عباده بالخير والإحسان, الذي وهبهم من النعم ما لا يعد ولا يحصى, وكانت نعمة العقل من أعظم ما وهب وأعطى, وبعد:
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث كريب مولى عبد الله بن عباس أن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي خالته قال: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. الحديث
وروى ابن حبان في صحيحه من حديث عبيد بن عمير أنه سأل أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قال: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسكتت ثم قالت: لما كان ليلة من الليالي قال: «يَا عَاِئشَةُ، ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي»، قُلْتُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ وَأُحِبُّ مَا يَسُرُّكَ. قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزلْ يَبْكِيِ حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزلْ يَبْكِيِ حَتَّى بَلَّ لِحيَتَهُ، قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزلْ يَبْكِيِ حَتَّى بَلَّ الأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤذِنَهُ بالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ تَبْكِي، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَاتٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا:﴿ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... ﴾ الآية كلها».
قال الألباني في السلسلة الصحيحة -: «وفي الحديث فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكثرة خشيته وخوفه من ربِّه، وإكثاره من عبادته مع أنه تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فهو المنتهى في الكمال البشري، ولا جرم في ذلك فهو سيد البشر - صلى الله عليه وسلم - ».
وبعد ذكر ما ورد من أحاديث في فضل هذه الآيات وأهمية القراءة بها, نفيء إلى شرح سريع لها, لندلف بعدها إلى رؤوس موضوعاتها, والفوائد المكتنزة تحت ظلها:
قوله تعالى: ﴿ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ قال العيني في عمدة القاري: أي هذه في ارتفاعها واتساعها، وهذه في انخفاضها وكثافتها، وما فيهما من الآيات المشاهدة العظيمة: كواكب سيارات وثوابت، وبحار، وجبال، وقفار، وأشجار، ونبات، وزروع، وثمار، وحيوان، ومعادن، ومنافع مختلفة الألوان والطعوم والروائح والخواص.
﴿ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ أي: تعاقبهما وتقارضهما الطول والقصر، فتارة يطول هذا ويقصر هذا، ثم يعتدلان، ثم يأخذ هذا من هذا فيطول الذي كان قصيرًا، ويقصر الذي كان طويلًا، كل هذا تقدير العزيز الحكيم، ولهذا قال تعالى: ﴿ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ أي: العقول التامة الزكية، التي تدرك الأشياء بحقائقها على جلياتها، وليسوا كالصم البكم الذين لا يعقلون، الذين قال الله فيهم ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾.
قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». أي: لا يقطعون ذكره في جميع أحوالهم، بسرائرهم، وضمائرهم، وألسنتهم.
قوله تعالى: ﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ قال أبو سليمان الداراني: «إني لأخرج من منزلي، فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة، ولي فيه عبرة»، وقال الحسن البصري: «تفكُّر ساعة خير من قيام ليلة».
قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا ﴾ أي: ما خلقت هذا الخلق عبثًا، بل بالحق ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، ثم نزهوه عن العبث وخلق الباطل فقالوا ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ أي: عن أن تخلق شيئًا باطلًا ﴿ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ أي: يا من خلق الخلق بالحق والعدل، يا من هو منزه عن النقائص، والعيب، والعبث، قنا من عذاب النار بحولك وقوتك، وقيضنا لأعمال ترضى بها عنا، ووفقنا لعمل صالح تهدنا به إلى جنات النعيم، وتجيرنا به من عذاب الأليم.

*مفاتيح وعناوين تحت ظلال الآيات:
*التفكر والتأمل في ميزان الشريعة:
-التفكر لغة:
التفكر مأخوذ من مادة (ف ك ر) التي تدل على تردد القلب في الشيء.
ومن الناحية الاصطلاحية نجد التفكر يشير إلى جولان الفكرة وهي القوة المطرقة للعلم بحسب نظر العقل وذلك للإنسان دون الحيوان كما يقول الراغب ، ولا يقال هذا إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب، ولهذا روي: "تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله" كما ذكر القسطلاني.
وقد عرفه الجرجاني بأنه تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب، ونقل عن بعضهم: أن الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني وهو فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى الحقيقة، أما الفرك فيكون في الأمور الحسية لا المعنوية.
ومن هذا يعلم أن مادة الفكر تدل على عدة أمور محورية:
-تردد القلب وتقليبه للأمر حتى يصل لحقيقة.
-أن يحصل له صورة في القلب, فالتفكر إذن متعلق بالقلب والمعاني لا الأمور الحسية.
وبالتالي فإن هذا يطرح الإجابة على سؤال عصري, طرحته الحداثة وبلورته حتى أظهرته بصفة شرعية, وقد وجدت سوء فهمه أكسب الناس فهما مغلوطا للمعنى الإلهي في الآية الكريمة التي تدعو للتفكر هي وغيرها من الآيات, والسؤال هو:
* هل كل تفكر هو بالضرورة شرعي؟ ونعني بالشرعي هنا أنه المقصود بالخطاب الإلهي والنبوي, وأنه يترتب عليه الأجر والثواب.
-الإجابة: طبعا لا, فما يشاع في عصرنا وبعد انتشار العلوم العقلية والتجريبية من نشر لفكرة التفكر والتأمل, والتي هي في أصلها فكرة حسنة, لا تعني بالضرورة الإيصال إلى المراد الإلهي, فالتفكر الذي يقصد به الوصول لمخترع حديث, أو فكرة فلسفية معينة, هو في أصله مباح ما لم يؤد لمحرم, وقد يكتسب صبغة شرعية إن أدى لخير ونوى صاحبه إفادة البشرية والإحسان للناس, وقد يكون في أصله محرما, كالتأمل المأخوذ عن عقيدة مخالفة (كاليوغا مثلا), ولكن المقصود في الآية وغيرها من الآيات, هو التفكر الموصل لله, الذي به يزداد إيمانك, وتزيد معرفتك بالخالق, وخوفك ورجاؤك ومحبتك له, وهذه هي أجنحة الإيمان وأركانه.

*أنواع التفكر المطروح في الخطاب القرآني:
-التفكر في أحوال الأمم السابقة: وهذا مما دعا إليه القرآن في أكثر من موضع, وكان الهدف منه أخذ العبرة من أحوال الأمم السابقة, والاتعاظ بمآلاتها, وعدم تكرار أخطائها, وأخذ ما زاد من علوها وشرفها.
ومن الأمثلة القرآنية على ذلك قوله: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون".
-التفكر في نعم الله: وذلك لمعرفة جليل ما أنعم به علينا, فنشكره ولا نكفره, ولنحافظ على النعم بمستوجبات حفظها.
ومن الأمثلة القرآنية على ذلك قوله: " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون".
-التفكر في أحكام الله وشرائعه: والتفكر في الأحكام الشرعية, والنظم التي جاء بها القرآن, تبين لك أولا دقة مشرعها, ثم إنها توصلك إلى مقاصد الشريعة, فعلم المقاصد كله مبني على هذا التفكر! فتأمل يا رعاك الله..
ومن الأمثلة القرآنية على ذلك قوله: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
-التفكر في خلق الله: كالتفكر في خلق السماوات والأرض -كما في آياتنا هنا-, و الإنسان, والطير, والنبات, وغيرها من مخلوقات البارئ سبحانه, والتي تزيد من إيمان العبد بربه, ومعرفته بقدرته وعظمته, بل ومن عرف بإطالة تأمله في مخلوقات الله تجده دائما ما يمتاز بحسن الإدراك, إذ تأمل مخلوقات الله يتيح لك التعرف على الله عن طريق آثاره, فمشاهدة التصميم العظيم للسماوات ينبيك عن عظمة خالقها, ومشاهدة دقة التصميم في الحشرات ينبيك عن دقيق صنع بارئها, ومعرفتك للأسلوب الذي تتبعه الحيوانات في مسكنها ومأكلها ومشربها ينبيك عن حسن تدبيره, ومن ثم الاستفادة من ذلك في حياتك, فكم من حكمة أخذها حكيم من أسلوب ذلك الحيوان وذاك, وكم من فكرة خطرت على عاقل من تأمله لمشهد حيوي أو نباتي, وهذا مشاهد محسوس, بل ووجدت المؤلفات في ذلك بكثرة, وصورت الوثائقيات عنه بما يزيد من تعجب الإنسان وتقديره لعظيم صنع ربه.
ومن الأمثلة القرآنية على الدعوة للتفكر في الخلق غير ما ذكرنا من الآية الكريمة قوله: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون".
*وهنا قد يطرح سؤال: ما الذي يوصلنا إليه التأمل في مخلوقات الله؟
والإجابة ستكون قرآنية استدلالية, عن طريق ذكر آيات أجابت عن ذلك, فمثلا:
-"إن في خلق السماوات والأرض" فسعتها تبين لك عظمة خالقها, واحتواؤها على أنواع مختلفة ومتباينة من المخلوقات, يوصلك إلى اسم الله الواسع, والقادر, ونحو ذلك من الصفات.
-"واختلاف الليل والنهار" يوصلك إلى معرفة تبدل الأحوال, فإذا كان الليل والنهار متبدلان, فإن الحياة كذلك لا تقف على حال, فهي متقلبة متبدلة ما بين ظلمة ونور, ضيق وفرج, فرح وحزن, وهذا يجعلك تصل لمرحلة من الفهم والرضا بالقضاء والقدر.
-"أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم" وهذه الآية تدلك على أن قدرة الله على الخلق, من باب أولى تدل على قدرته على إعادته من جديد, وهذا التأمل يوصلنا إلى مفهوم عظيم في أبواب الإيمان, وهو باب الإيمان باليوم الآخر.
-"أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون" المصمم الجيد حينما يشاهد تصاميم عديدة لمصمم واحد, فإنه يعلم أنها جميعا تعود لواحد لا لمتعددين, وهذا ينطبق على مخلوقات الله -ولله المثل الأعلى-, فالمشاهد المتأمل في خلق الله يعلم بالضرورة أن خالقها واحد سبحانه لا شريك له.
-"هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه" التفكر في خلق الله بالإضافة إلى أنه يوصلك إلى أن خلف هذا الخلق خالقا واحدا, هو كذلك يبين لك البون الشاسع بين صنع الله وخلقه, فناهيك عن السخف في المقارنة بينهما إذ كل ما صنع الإنسان هو بالضرورة عائد لله إذ الإنسان من خلق الله, فإن هذا لا ينفي كذلك أنه ومهما حاول الإنسان أن يشابه خلق الله, فإنه ينقلب خاسئا وهو حسير, والواقع يشهد بالفروقات الشاسعة بين من يملك نعمة إلهية خالصة كاليد البشرية مثلا, ومن يملك يدا صناعية من صنع الإنسان, وكل هذا لا يزيد المؤمن إلا إيمانا بربه, وتحقيرا لعمله ونفسه أمام ربه, وهذا عكس ما يقع اليوم من طغيان للبشر بتقدمهم العلمي, وهذا يؤكد ما ذكرنا سابقا من الفرق بين التفكر المراد بالآيات وغيره, إذ النتيجة التي توصلك إلى الله هي الصحيحة, وما أوصلك للضلال والزيغ, فإنه لا يدل إلا على سخف عقلك, وسوء استخدامك لما وهبك الله من ملكات.
-" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير" وهذه الآية توصلك إلى أن الذي قدر على جعل الأرض مخضرة, قادر على أن يهدي قلبك, وينير بصيرتك, فاتجه إليه, وفر منه إليه.
-"أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" وهذه الآية بالإضافة إلى أن فيها إثباتا على أن هذا القرآن من الله, إذ لا يعلم دقائق خلق الإنسان إلاه, فإنها كذلك تستدل لك ببدء خلقك على ضعفك أيها الإنسان لولا رعاية الله لك, فكيف بعد معرفتك لذلك تجابه الله في حكمه! وتجحده حق ربوبيته وألوهيته! بل وتخاصم في ذلك, كما نرى مما يحدث في الساحات العلمية اليوم, والذي يبين كيف أن التفكر والتعلم قد يوصل إلى الكبر, كما قد يوصل إلى الله ومعرفته, والمحك في ذلك, صحة النية بعد توفيق الله.
-"أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير" معرفتك بأن الله هو الممسك لها, يوصلك إلى معرفة أنه هو المدبر للأمور والمتصرف فيها, فما يشغل بالك, ويقض مضجعك, لا تتوجه بالشكوى منه إلى غير الله, إذ كيف يشكو المرء الحال لمن لا يملك الحال, وينسى من خلقه ورعاه ودبر أموره؟!
والأمثلة على ذلك كثيرة عديدة, لكننا لا نهدف إلى الإطالة, وإنما المراد هو إيصال الفكرة, والاستدلال عليها, لتتبين الصورة, ويتضح المعنى.

*من هم المتفكرون؟
وللإجابة على هذا السؤال, فإن هذا يحيلنا للآية الكريمة, فكما ذكرنا سابقا ليس كل متفكر هو بالضرورة المقصود في الخطاب الشرعي, كما أن ليس كل عالم هو بالضرورة مثاب وينطبق عليه الثناء القرآني في قوله :"إنما يخشى الله من عباده العلماء", والتي كذلك أسيء فهمها واستخدامها وإسقاطها على كل عالم بأي علم كان, وإن لم يوصله هذا العلم لله وخشيته, والذي هو المعيار الحقيقي لمعرفة العالم الذي تنطبق عليه الآية, فهنا نقول كذلك:
*ما هو المعيار الذي به ننال شرف الدخول تحت قوله "أولي الألباب"؟
أولوا الألباب, وأصحاب العقول, والذين تنطبق عليهم هذه الآية, هم من نعرفهم بتحقق ثمارها, وهي كالتالي:
-"الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم" فمن علامات المتفكر والمتدبر كثرة ترداده للذكر, وصلاته على كل الأحوال, قائما أو قاعدا أو مضطجعا –وهذا هو التفسير الذي اختاره علي, وابن عباس, والنخعي, وقتادة-, وهذا يدل على عدم تركهم للصلاة في كل الأحوال, وعدم استغنائهم عنها, وإن ضعفت قدرتهم, وصعبت عليهم, لماذا؟ لأن المتأمل في الخلق لا يسعه بعد معرفة عظمة هذا الخالق أن لا يلهج بغير ذكره, وأن يترك صلته ودعاءه وإظهار ضعفه وحاجته له, فهذه من أهم وأعظم ثمار تأمله.
-"ويتفكرون في خلق السماوات والأرض" فالتفكر في الخلق, والتأمل في عظيم صنع الخالق, إحدى أبرز علاماتهم, بل لقد عرف عن النبي اعتزاله الناس, وتفكره في هذا العالم قبل بعثته, وكذلك عرف عن إبراهيم –عليه السلام- استدلاله بالكون على خالقه "وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين", واتخاذه لهذا المنهج في دعوته لقومه, فالتفكر صفة الأنبياء, ورياضة العقلاء.
-"ربنا ما خلقت هذا باطلا" استدلال العاقل بالخلق على وجود غاية منه, هي إحدى أبرز الدلائل عليهم, فكل من اشتهر بين الناس بعلمه وإن اخترع وابتكر, إن لم يوصله ذلك إلى معرفة الغاية, فإن عجوزا أمية في جبال السند تعبد ربها, وتصل إليه بما ترى من عظيم صنعه, لهي أفقه منه وأعلم وإن لم يعي الناس ذلك ويقروه, فما فائدة العقل إن أوصلك لمعرفة الدنيا لا الآخرة, وتعظيم نفسك لا خالقها؟
-"سبحانك" تسبيح المولى وتنزيهه عن النقائص هي من سمات المتفكر والعاقل, لأن من وعى عظمته وسعته وقدرته, كان لزاما عليه الإقرار بجلاله وهيبته وعظمته.
-"فقنا عذاب النار" وهذه هي مطلوب العاقل من ربه, وحقه على ربه أن يقيه شر النار إن هو أتى بحق مولاه عليه فعبده وعرفه حق المعرفة, فانظر كيف أن هذه الآية أقرت تلك القاعدة العقدية العظيمة التي نشأنا على تعلمها منذ صغرنا, ألا وهي : "أن حق الله على العباد أن يطيعوه, وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا".

*من آثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في التفكر-نقلت أغلبها عن ابن كثير-:
-عن عبد الله بن عتبة قال: سألت أم الدرداء، ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء، قالت: «التفكر والاعتبار».
-عن عامر بن عبد قيس قال: سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر.
-كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز- رحمه الله-: اعلم أن التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، والندم على الشر، يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى- وإن كان كثيرا- يعدل ما يبقى، وإن كان طلبه عزيزا، واحتمال المؤونة المنقطعة التي تعقب الراحة الطويلة خير من تعجيل راحة منقطعة تعقب مؤونة باقية.
-قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله-:التأمل في نعم الله- عز وجل- من أفضل العبادة.
-قال سفيان بن عيينة- رحمه الله-:إذا المرء كانت له فكرة ... ففي كل شيء له عبرة.
-قال أبو نواس:
تأمل في نبات الأرض وانظر ... إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات ... بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات ... بأن الله ليس له شريك
-قال بشر بن الحارث الحافي: «لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوا الله عز وجل».
-قال الغزالي- رحمه الله-: كثر الحث في كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر والافتكار، ولا يخفى أن الفكر هو مفتاح الأنوار ومبدأ الاستبصار، وهو شبكة العلوم ومصيدة المعارف والفهوم، وأكثر الناس قد عرفوا فضله، ورتبته لكن جهلوا حقيقته وثمرته ومصدره.
-وقال رحمه الله: اعلم أن كل ما في الوجود مما سوى الله تعالى فهو فعل الله وخلقه، وكل ذرة من الذرات، فيها عجائب وغرائب تظهر بها حكمة الله وقدرته وجلاله وعظمته، وإحصاء ذلك غير ممكن؛ لأنه لو كان البحر مدادا لذلك لنفد البحر قبل أن ينفد عشر عشيره، ولكنا نشير إلى جمل منه ليكون ذلك كالمثال لما عداه.

*من فوائد التفكر:
-أنه نافع للعبد في معاشه ومعاده، حيث يعرف به العبد معالم الخير والشر..
-يُقّر العبد بوحدانية الله تعالى.
-يزيد قرب العبد من الله تعالى.
-يكشف عن بديع صنع الخالق العظيم ودقته وروعته.
-يزرع في النفس الخوف والخشية من الله عز وجل.
-يزيد من تواضع المرء لمولاه جلّ في علاه.
-يزيد من محاسبة النفس على أخطائها.
-يُكسب الروح صفاءً ونقاءً.
-يحيي القلب ويزيد من إيمانه ويقينه بقدرة الله تعالى وعظمته.
-يورث الحكمة والرأي السديد.
-يُبعد النفس عن عصيان الله تعالى ومخالفة أمره.
-يملأ النفس راحةً وسعادةً.
-يفتح الأبواب لطلب العلم والمعرفة، فيكتسب المرء علوماً جديدةً تنفعه في شتى المجالات.
-يزيد اليقين بمجيء يوم القيامة، والوقوف بيد يدي الخالق العظيم.
-يبعث على العمل الدؤوب الصالح ليكون زاداً يوم القيامة.
-خير معين على التقوى والموعظة.
-قيمة عقلية كبرى تجعل صاحبها في مأمن من تقلب الأيام وصروف الزمان.
-يؤدي بالمسلم أن يكون إيمانه عن اقتناع ويخرجه من دائرة العامة إلى الخاصة.
-دليل البصر.
-رأس رجاحة العقل.

*وصايا وتقريرات ختامية في ظلال هذه الآيات:
-اعلم أن التفكر هو الطريق لمعرفة الرب, فإذا عرفت الرب عرفت مقصوده, وتقربت إليه بعبادته, لذا فإنه كذلك في باب الدعوة لا طريق أحسن من دعوة الناس إلى التفكر كطريق للحق, ومن دعا إلى إيجاد معجزة خارقة تخالف المعتاد ليؤمن بالله, فهذا قوله مردود, إذ من سخف عقله أن ينسف كل تلك الأدلة على الله, وكل ذلك النظام الكامل في سير الكون وتدبيره, والذي من نعم الله أن كان بالصورة المعتادة, إذ بثباته دليل على الخالق وعنايته بخلقه, لا عن طريق الأمور الخارقة والغير معتادة, فهي وإن أوجدها الله لبعض الأمم, فإنها ليست دليلا دائما وثابتا لنا ولمن بعدنا, كما أنها تلهي المرء عن عظيم ما حوله من الخلق, والذي هو برهان واضح على الله, وذلك لاعتياد المرء عليه, فعلى المرء بدل المطالبة بالغرائب والعجائب, أن ينزع عنه غشاء العادة بتكرار التفكر والتأمل, فإنهما مما يزيل عن المرء غشاوته, ويتيح له معرفة عظيم ما يحيط به لولا اعتياده عليه, وقد روى الطّبرانيّ بإسناده إلى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. قال: أتت قريش اليهود فقالوا: بما جاءكم موسى عليه السّلام؟ قالوا: عصاه ويده البيضاء للناظرين، وأتوا النّصارى فقالوا: كيف كان عيسى عليه السّلام؟ قالوا: كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا النّبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ادع لنا أن يجعل لنا الصّفا ذهبا. فدعا به فنزلت هذه الآية: {إن في خلق السّماوات والأرض} الآية. فليتفكروا فيها. قال العيني: هذا مشكل لأن هذه الآية مدنيّة وسؤالهم أن يكون الصّفا ذهبا كان بمكّة. وبغض النظر عن صحة الأثر من ضعفه, فإن المعنى صحيح, إذ الآية دليل على أن أدلة ألوهية الخالق موجودة في واقع الناس, فلا حاجة للتلكؤ والتطلب.
-يجب على طالب العلم والفكر, أن لا يغفل أبدا عبادة التفكر, فالواقع الحالي الآن وفي ظل انغماسنا في الأعمال المكتبية, وانخراطنا في المباني السكنية, والعالم الحداثي الجديد, أنسينا عبادة التفكر, وليست هذه معاناة العامة من الناس بل ونخبهم, إذ إن عبادة التفكر أضحت عبادة منسية, وربما للثورة الصناعية دور في إدخالنا في معمعتها, وإبعادنا عن الريف والخلاء اللذان يعينان على التأمل والبعد عن مشوشات التفكير, ولكن هذا لا يمنع من حرص المرء ما بين الفينة والأخرى على إعمال عقله, والتفكر فيما حوله, بل لا يبعد المرء الطلب والبحث, فإجالته النظر في دقائق نفسه, والمخلوقات من حوله, لا يترك له عذرا في ترك ذلك.
-معرفتك بأن ذكر الله من مزايا أهل العقول, يستحثك على إدامة ترديد ذكره, وترطيب لسانك به, فالذكر –ولله الحمد- عبادة سهلة ميسورة على من يسرها الله عليه, فإن قلت عباداتك ككثرة الصلاة, أو صعب عليك بعضها كالحج, فلا تغفل الذكر, ففي إغفاله إضاعة –والله- كبيرة لخير سهل ميسور وعظيم, والأدلة في مدح الذكر وتعظيم أجوره كثيرة, ومنها: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل» (سنن الترمذي).
-عليك باتباع هدي نبيك ولو مرة, وذلك في أن تقوم بهذه الآيات في ثلث الليل الأخير-كما أوردنا في مستهل حديثنا-, ففي اجتماع وقت الليل الأخير بآيات التفكر مدعاة لتهذيب النفس وتزكيتها, فلا تحرم نفسك هذا الفضل العظيم.
-حاول قدر الإمكان تلاوة الآيات تلاوة الخاشع المتأمل, وإن لم تبك فتباك, فالحديث المذكور في مستهل حديثنا في تحذير النبي لمن قرأها ولم يتفكر فيها "ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها" دليل على أهمية العناية بمعنى الآيات ومقصودها, فلا يفوتنك المقصود, فتفوت الثمرة, وتدخل في الويل والتحذير.
-التفكر عبادة, والمتأمل في العبادات يعي أن كل عبادة هي في حقيقتها طلب ودعاء, وهذا متحقق حتى في عبادة التفكر, انظر كيف أتبع الله الدعوة إلى التفكر بتذكيرنا بدعائه والتبهل إليه "فقنا عذاب النار ....".

*أخيرا: ربنا لا تحرمنا لذيذ التأمل في خلقك بسوء استغلالنا لما وهبتنا من عقل ونظر, وأتبع ذلك اللهم الاهتداء إليك, والتعرف عليك, وزيادة خشيتك ورجائك, وحلاوة حبك ومناجاتك, إنك ولي ذلك والقادر عليه, وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 1 ربيع الثاني 1440هـ/9-12-2018م, 02:19 AM
سارة المشري سارة المشري غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 544
افتراضي

قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.

الحمد لله الذي فضّل الآخرة على الأولى ، وادّخر للأبرار عنده نزلا ، و الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيرا .
وبعد ،
ففي ظلّ هيمنة الكفار بدنياهم ، و استعلائهم بما آتاهم الله تعالى من طبيعة خلابة ، وما فتح عليهم من أمور دنيوية ، جعلت بعضا من المسلمين يحسبون أنّ أعدائهم على الحق ، لظنهم بأنّ العطاء يعني الرضا والصواب ، و المنع يعني السخط و حصول الضلال ، مع ما جُبلت عليه النفوس من حبّ الشهوات والراحة ، والافتتان بالدنيا ، تأتي هذه الآيات بلسما شافيا ، وهدى للقلوب ونورا للبصائر ، {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) ،
والخطاب فيها لأكرم الناس و أمّته تبع له عليه الصلاة والسلام ، ولا شك أنه لم يغتر لحظة عليه الصلاة والسلام ، لكنها طمأنينة لمن معه من المؤمنين ، وهداية لهم ، و مما جاء في سبب نزولها ما ذكره الثعلبي أنها نزلت في مشركي العرب وذلك لأنهم كانوا في رخاء من العيش فقال بعض المؤمنين أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع فنزلت الآيات .
والتعبير بلفظ الغرور من أدق و أحكم ما يكون ، فالغرور الخديعة ، والأمر الذي يُغتر به مخالف للحقيقة ، و الحقيقة بأنه متاعٌ قليل يُمتعون به - فيما لو متُّعوا - مع ما يتخلل متاع الدنيا من الألم والحزن والنقص ، ثم مآلهم إلى جهنم ، وبئس المضجع والمأوى الذي يأوون إليه ، بما مهدوا لأنفسهم من أعمال سيئة ، وهل في وصف الحال والمآل أبلغ من هذا الوصف ، فلا يغرنّكم أيها المؤمنون حالهم ، فتغتمّوا لذلك ، أو تنافسوهم فيه ، ولا تحسبوا أن هذا العطاء لهم خيرا ، بل هو شرّ واستدراج وزيادة في الحساب و العذاب ، قال تعالى : ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55- 56] ، و قال تعالى : ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [آل عمران: 178] ،
وروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رأيتَ الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب، فإنما هو استدراج))، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44] .

وفي الآيات بيان لحقارة الدنيا ، وأنها لا تعدو أن تكون متاع قليل ، ناقص ، زائل ، جُعل للابتلاء ، فيدرك به الموفق عظمة خالقه وجماله وجلاله فيخبت له ، و يذلّ ويطمع بفضله ورحمته ، و يضل به المخذول تعلقا به ، وكبرا وغرورا ، قال تعالى : ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]، وقال - تعالى -: ﴿ وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 35].
ومن أراد صورة حيّة للمقارنة بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة فلن يجد أفصح تعبيرا ولا أبلغ صورة مما رواه مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يؤتَى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا، من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرَّ بك شدَّة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بُؤس قط، ولا رأيتُ شدة قط)) .
ومع ما نراه اليوم من شبهات وشهوات ، فالشبهة تزال بما سبق ، والشهوة تعالج بإدراك قيمة الدنيا ، وموازنتها بالآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لو كانت الدُّنيا تعدل عند الله جناحَ بعوضة، ما سقى كافرًا منها شربة ماء)) .
وروى مسلم في صحيحه من حديث مستورد أخي بني فهر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه - وأشار يحيى بالسبابة - في اليمِّ، فلينظر بِمَ يرجع؟!))

ولا نغفل أن نستشهد بهذه الآية على الملحدين ، الذين يحتجون بوجود الظلم على إلحادهم ، لما يرونه من ظلم الجبابرة وتسلطهم مع إستدراج الله لهم بالنعم ، و ضعف المؤمنين وقهرهم و فقرهم ، فعليهم أن يعلموا أن الميزان عند الله مختلف ، والدنيا للابتلاء لا للجزاء ، ويوم القيامة تستبين الحقائق ، ويدرك المؤمن ما آل إليه من النعيم ، ويدرك الكافر ما كان فيه من الغرور ، فلا يليق بالمؤمن أن يبيع الفاني بالباقي ، ولا يبيع دينه بلعاعة من الدنيا .
وتأتي الآيات بعدها مستدركة ما للمتقين من جزاء كريم ، قال تعالى ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.
والتقوى : هي أن يجعل المرء بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع أمره و اجتناب نهيه ، ولا بدّ فيه من الاستعانة و الصبر ، فالمرء ضعيف بنفسه قوي بربه ، يصدق بقلبه ، ويهمّ بفعله والله المعين والميسر ، يفتح عليه ويهديه سبل الرشاد في الدنيا ، ويجزيه نعم النزل في الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
وفي الآيات مقابلة بين نعيمين ، جنات وأنهار و رزق و خلود لأهل الجنة ، ومتاع زائل للكفار في الدنيا ، مع مافيها من المنغصات .
ليزن العاقل الأمور بميزان الحكمة ، فلا يلتفت لشيء من أهواء الدنيا مقابل نقصان الآخرة ، و ليحرص على الاتصاف بالبر والتقوى .
ونزلا : أي ثوابا ورزقا ، وهو ما يهيأ للنزيل وهو الضيف ، أو تكون من باب التأكيد، لأن خلودهم فيها إنزالهم فيها.
و الأبرار : قيل أنهم الذين يبرون آبائهم وأبنائهم ، وقيل الذين سلم منهم الناس ، ومن أجمع ما قيل : هم الذين برت قلوبهم، فبرت أقوالهم وأفعالهم، فأثابهم البر الرحيم من بره أجرا عظيما، وعطاء جسيما، وفوزا دائما.
فهم أصحاب كل برّ وتقوى ، وكأن الأول أقرب للترك ، والثاني أقرب للفعل ، فهم تركوا المعاصي والذنوب في حق الخلق والخالق ، وزادوا على ذلك أعمال البر والإحسان ، فاستحقوا أن ينزلهم الله خير المنازل .
وفي قوله تعالى ( خير ) : يحتمل أن يراد : خير مما فيه الكفار من التقلب والتنعم، ويحتمل أن يراد: خير مما هم فيه في الدنيا .
وروى مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، و ذكر العلماء بأن هذا بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في الآخرة، فالدنيا على المؤمن المنعم سجن بالإضافة إلى الجنة، والدنيا للكافر الفقير المضيق عليه في حاله وصحته جنة بالإضافة إلى جهنم، وقيل: المعنى أنها سجن المؤمن لأنها موضع تعبه في الطاعات وصومه وقيامه، فهو فيها كالمعنت المنكل، وينتظر الثواب في الأخرى التي هي جنته، والدنيا جنة الكافر، لأنها موضع ثوابه على ما عسى أن يعمل من خير، وليس ينتظر في الآخرة ثوابا، فهذه جنته .

نسأل الله تعالى أن يبلغنا منازل المتقين الأبرار بمنه وجوده ، إنه واسع كريم .

المراجع :
أسباب النزول للواحدي
العجاب في بيان الأسباب لابن حجر
صحيح البخاري
فتح الباري
عمدة القاري
جامع البيان لابن جرير الطبري
تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم
الدر المنثور للسيوطي
تفسير غريب القرآن لابن قتيبة
معاني القرآن للزجاج
معاني القرآن للنحاس
المحررالوجيز لابن عطية
تفسير ابن كثير
التحرير والتنوير لابن عاشور
تفسير الماوردي
تفسير السعدي


استخدمت الأسلوب الوعظي .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12 ربيع الثاني 1440هـ/20-12-2018م, 05:59 PM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 187-200)
رسالة بالأسلوب الوعظي في تفسير
قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي ارتضى لنا الإسلام دين، وفضل أمة محمد على سائر أمم المرسلين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، المرسل رحمة للعالمين، المكرم بالقرآن المبين المعجز على مدار السنين وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في تفسير آيتين من كتاب ربنا العزيز وهما قوله تعالى في سورة آل عمران:
قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}.
وسيكون التفسير باستخدام الأسلوب الوعظي
والله المسؤول المؤمل أن يعفو ويتقبل.

يقول الله تعالى (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ)
أي لا يغرنك يا محمد تقلب الذين كفروا في البلاد يعني: تصرفهم في الأرض وضربهم فيها، بالتجارات والأرباح وسائر الأعمال، وقيل تقلب ليلهم ونهارهم وما يجري عليهم من النعم، والمعنى واحد
فهم مع كفرهم وشركهم وجحودهم لحق الله عليهم وهو عبادته وحده، وعدم الإشراك به، إلا أن الله يمهلهم ولم يأخذهم بعد، بل يزدادون من متع الحياة الفانية، فجاء النهي عن الاغترار بإمهال الله لهؤلاء الظالمين،
وقد قال الزجاج في تفسيره عند هذا الموضع : ويروى أن قوماً من الكفار كانوا يتجرون ويربحون في أسفار كانوا
يسافرونها، فأعلم اللَّه عزَّ وجلَّ - أن ذلك مما لا ينبغي أن يُغْبَطوا به، لأن
مصيرهم بكفرهم إلى النار ولا خيرَ بخير بعده النار.ا.ه.
وفي سنن سعيد ابن منصور أنهم اليهود كانوا يصيبون الأموال.
ونظير هذه الآية قوله تعالى:
{مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ} [غَافِرٍ:4] ،
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [يُونُسَ:69، 70] ،
وَقَالَ تَعَالَى: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} [لُقْمَانَ:24] ،
وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} [الطَّارِقِ:17] ، أَيْ: قَلِيلًا
وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [الْقَصَصِ:61] .
ونظيره قول عمر لحفصة: لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المعنى: لا تغتري بما لها من المعاملة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقعي فيه، فيطلقك النبي صلى الله عليه وسلم،
والأمر موجه للنبي صلى الله عليه وسلم ولكن المراد به والمعني به هم أتباعه وأصحابه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان عالماً بأن ما هم فيه باطل وأن عاقبته السوء والخسارة في الدنيا والآخرة، ولذلك كان يصدع بالحق عندهم ويدعوهم إليه،
وهذا هو الذي ورد عن السلف فقد قال قتادة: قوله: "لا يغرَّنك تقلب الذين كفروا في البلاد"، والله ما غرُّوا نبيَّ الله، ولا وكل إليهم شيئًا من أمر الله، حتى قبضه الله على ذلك.


ثم قال تعالى " مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ "
فبين سبحانه وتعالى حقيقة أمرهم وأن ما هم فيه من التقلب في البلاد متعة يتمتعون بها قليلاً ثم يبلغوا آجالهم فهذه المتعة إلى زوال، فيموتوا وتنتهي هذه المتع وينتهي تكبرهم وسعيهم في الأرض فساداً ثم "مأواهم جهنم" بعد موتهم تكون المأوى والمصير الذي يصيرون إليه يوم القيامة
وهذا المعنى تكرر في مواضع كثيرة من كتاب ربنا كقوله تعالى:
- وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
-وقوله: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ۝ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف:182-183]،
-وقوله تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [إبراهيم:42]،

وجاء أيضا في السنة كالمروي:
عن أَبي موسى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
ويقول النبي ﷺ: إنَّ الله ليُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته يعني: إذا أخذه أجرى عليه العقوبة


قوله تعالى: "وبئس المهاد"
المهاد هو الفراش والمضجع الذي يستريح فيه الإنسان، وهذا من التبكيت والتقريع ليهم أن يشبه حالهم في النار بالمستريح على المهاد ثم يبن أن هذا المهاد هو الأسوء
وقَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: أَي بئس الْمنزل
وعَنْ مجاهد " {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} ، قَالَ: بئس مَا مهدوا لأنفسهم "

وقوله تعالى "لكن الذين اتقوا ربهم"، لكن الذين اتقوا الله"
بعد أن بين الله لنا حال المعاندين المتكبرين عن قبول الحق شرع يبين لنا حال المؤمنين الطائعين القائمين بما خلقوا من أجله وهو عبادة الله وحده لا شريك له فقال "لكن الذي اتقوا" أي كانوا على التقوى، وهي أن يتخذ العبد بينه وبين ما يخشاه وقاية ،
وهذا يشمل أن يقوم بالطاعات لأنه يخشى العقاب إن تركها فيجعل بينه وبين العقاب حجاب بأن يمتثل ما أمره الله به ،
ويشمل فعل النوافل والمستحبات لأنه يخشى أن يفوته أجرها فيحرص عليها ويزيد منها لئلا يفوته أجرها فيكون من التقوى الإكثار من فعل الخير والبر

وقوله تعالى : "لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها"
يقول تعالى: لهم جنات أي بساتين، باقين فيها أبدًا، وهذا هو الفلاح والفوز المبين كما قال تعالى:
وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108)
أي غير منقطع بل هو دائم مستمر.
وقال تعالى:
أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
وقال تعالى:
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ


ثم قال تعالى: "نزلا من عند الله"
يعني: إنزالا من الله إياهم فيها، ويجوز ثوابا كما جاء عن أبي عبيدة، فهذا هو ثوابهم على ما قدموا في الدنيا الأعمال الصالحة التي أمروا بها ، والمعنى واحد.

ثم ختم الله سبحانه وتعالى الآية بما يؤكد ما سبق من جميل الثواب لمن كان من أهل الطاعة فقال تعالى: "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ"

عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا سُمّوا الْأَبْرَارَ لِأَنَّهُمْ بَرّوا الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ، كَمَا أَنَّ لِوَالِدَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ".
عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الْأَبْرَارُ الَّذِينَ لَا يُؤْذُونَ الذَّرّ.
فتأمل بارك الله فيك هذا واجعله أمام عينيك في تعاملك سواء مع الخالق فتقوم بتوحيد وطاعته وفعل أوامره واجتناب نواهيه، ومع المخلوقين فتحسن معاشرتهم وتحفظ حقوقهم ولا تظلم ولا تتعدى عليهم.

وفي الآيتين مقابلة بديعة بين حال أهل الكفر وحال أهل الإيمان في الدنيا وفي الآخرة وهذا من جمال القرآن، ومن كلام الصحابة وأهل العلم في ذلك ما:
-قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ-: مَا مِنْ نَفْس بَرّة وَلَا فَاجِرَةٍ إِلَّا الْمَوْتُ خيرٌ لَهَا، لَئِنْ كَانَ بَرًّا لَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأبْرَارِ}
-وعنه أيضا رضي الله عنه: ما من مؤمن ولا كافر إلا والموت خير له، أما الكافر فلئلا يزداد إثما، وأما المؤمن فلأن ما عند الله خير للأبرار.
-وعن أبي الدرداء أنه كان يقول: ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، ومن لم يصدقني فإن الله يقول:"وما عند الله خير للأبرار"، ويقول: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا)
-وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فقال القاضي ابن الطيب: هذا هو بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في الآخرة، فالدنيا على المؤمن المنعم سجن بالإضافة إلى الجنة، والدنيا للكافر الفقير المضيق عليه في حاله وصحته جنة بالإضافة إلى جهنم،
-وعن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
جِئْتُ فإذا رسول الله فِي مَشْرُبَةٍ وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا [5] مَصْبُورًا [6] وَعِنْدَ رَأْسِهِ أُهُبٌ [7] مُعَلَّقَةٌ فَرَأَيْتُ أَثَرَ الْحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ» ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟ فَقَالَ:
«أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخرة» ؟


فيالها من مكانة عظيمة ينالها من كان من أهل الطاعة والبر، نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .



ذكر مراجع الرسالة.
تم الرجوع فيها إلى الكتب التالية :
أولا من المصادر الأصلية:
-من المرتبة الأولى: كتب دواوين السنة.
بحثت في بعضها كالصحيحين والسنن الأربع ومسند أحمد ومستدرك الحاكم وسنن سعيد بن منصور وتفسيره، ومصنف عبد الرزاق
- من المرتبة الثانية: كتب التفسير في جوامع الأحاديث.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي(ت:911هـ)
- من المرتبة الثالثة: التفاسير المسندة المطبوعة :
1- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري (ت: 310هـ)
2- تفسير القرآن العظيم، عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي (ت: 327هـ)
3- معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي (ت: 516هـ)
- ومن المرتبة الرابعة : التفاسير المسندة التي طُبع شيء منها .
-1تفسير سفيان الثوري (161 ه)
-2تفسير ابن المنذر النيسابوري(ت:318هـ)
- من المرتبة السادسة: التفاسير التي تنقل أقوال السلف في التفسير :
.6. الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب (ت: 427 ه)
1. النكت والعيون للماوري(ت:450هـ).
2. المحرر الوجيز لابن عطية(ت:542هـ).
3. زاد المسير لابن الجوزي (ت:597هـ).
4. تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير الدمشقي(ت:774هـ)
.5 أحكام القرآن للقرطبي (ت671)


ومن التفاسير اللغوية :
-معاني القرآن لإِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ)

تفاسير أخرى
-تفسير السعدي.
-أضواء البيان للشنقيطي.



وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 ربيع الثاني 1440هـ/23-12-2018م, 10:43 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

رسالة تفسيرية بالأسلوب الوعظي
في تفسير قوله تعالى :
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)}


نزول الآيات :
- روى ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: أتت قريشٌ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: ادع لنا ربّك أن يجعل لنا الصّفا ذهباً، فدعا ربّه، فنزلت: إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لّأولي الألباب) .
قال ابن كثير : وهذا مشكل، فإنّ هذه الآية مدنيّةٌ. وسؤالهم أن يكون الصّفا ذهبًا كان بمكّة. واللّه أعلم.

فضل الآيات وما ورد فيها
ثبت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرأ هذه الآيات العشر من آخر آل عمران إذا قام من اللّيل لتهجّده .
- روى البخاري في صحيحه في كتاب التفسير : باب قوله: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} بسنده عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: بتّ عند خالتي ميمونة، فتحدّث رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم مع أهله ساعةً، ثمّ رقد، فلمّا كان ثلث اللّيل الآخر، قعد فنظر إلى السّماء، فقال: {إنّ في خلق السّموات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لآياتٍ لأولي الألباب} ، ثمّ «قام فتوضّأ واستنّ فصلّى إحدى عشرة ركعةً» ، ثمّ أذّن بلالٌ، «فصلّى ركعتين ثمّ خرج فصلّى الصّبح»).

تفسير الآيات :
في خواتيم آل عمران ... وعند النهايات تختم الآيات بما يعين على الثبات في البدايات ... على الحماية من الزيغ والضلال ؛ وثبات الأقدام عند لقاء الأعداء ؛ ما يعين على الصبر والمصابرة والمرابطة ... ما يعين على رسوخ الإيمان وتعميق جذوره لتضرب في القلب فتوقظ العقل ...
هذه الخواتيم تخاطبك أنت ... تخاطب كل ذي لب وعقل .. وتنصب نفسها حجة لمن يجادل في آيات الله ويطلب الأدلة والبراهين لتقول له :
( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) ...
تطلب الأدلة وهي منتصبة أمامك ، ماثلة حاضرة في كل نفس من أنفاس حياتك ...
هذا الخلق الذي خلق ووزن بميزان دقيق ؛ لا يميل عنه ولا يحيد
هذا الخلق الذي يعجز الناظر إليه ويبهره ؛ السماء على اتساعها وعظمة خلقها وما أودع الله فيها من الأجرام السائرة ( كل في فلك يسبحون ) فلا تتصادم ولا تخرج عن مداراتها ؛ وما زينها بالكواكب والنجوم التي جعلها ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون )
ولو بحث إنسان عن خرق أو عيب فيها ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ؛ ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير )
فهو سبحانه الذي أحسن كل شيء خلقه ؛ وأحكم خلقه و ( أعطى كل شيء خلقه ثم هدى )

وهذه الأرض التي خلقها الله فبسطها ومهدها ليعتاش عليها الخلق ، ويسيروا في مناكبها ... وأودع فيها كنوزا وخيرات ؛ وبث فيها من الخلائق المسخرة لك أيها الإنسان ، وأخرج منها من كل الثمرات ليستطيب المرء فيختار ما حلا له ... وأودع فيها من الجمال ما يشد الأبصار و تحار في وصفه الألباب ...
خلق هذا الخلق لتتفكر فيه ؛ لتديم فيه النظر وتديم الفكرة ...تنظر في كتاب الله المنظور ليعينك على فهم كتابه المتلو ...
🔹( إن في خلق السماوات والأرض )
وفي هذا التركيب يلفتك القرآن للتفكر في خلق الله لا في ذاته سبحانه ؛ فذاته لا يدرك كنهها ويعجز عنها كل عقل وإدراك ...
ولذلك روى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الله ابن سلامٍ قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أصحابه، وهم يتفكّرون في خلق اللّه فقال: فيم تفكّرون؟ قالوا: نتفكّر في خلق اللّه: قال: لا تفكّروا في اللّه، ولكن تفكّروا فيما خلق اللّه) ...

🔹( واختلاف الليل والنهار )
ثم يأخذك القرآن لذلك المشهد المكرور المألوف الذي تراه كل يوم حتى لم يعد يلفتك أو يحرك فكرك فيه ؛ يطرق القرآن قلبك وعقلك لتكسر الإلف والعادة ؛لتعيد النظر مرة أخرى ، ولكن هذه المرة بعين المتأمل المتفكر الباحث عما وراء هذا التعاقب من بديع صنع وإحكام ؛ الباحث عن الخالق البارئ المصور الذي أبدع ما ترى ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكورا )
فجعل الليل والنهار يتعاقبان عليك ويعملان فيك لتعمل فيهما ، وليكون تعاقبهما علامة على مضي زمانك وأيامك في هذه الدنيا ... هذا التعاقب الذي تراه إذ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) في تناسق بديع ، وفي تدرج مهيب ... لترى تلون السماء وانتقالها من الظلمة إلى النور ، ثم من النور إلى الظلمة وحلكة السواد ... وهذا منذ خلق الله السماوات والأرض وأودع فيها هذه الأجرام ، لا يتخلف يوم عن موعده ، ولا يختل نظام ، تشرق الشمس في موعد محدد دقيق ، وتغرب في موعد حدد لها بحسبان ... ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ) ...
هذا المشهد المألوف عندما يعيد القرآن رسمه أمامك ، لترى اختلافهما وتعاقبهما ... لتتأمل الخلق المبثوث حولك في الأرض وفوقك في السماء ؛ يخرجك من دائرة العادة ليحولها إلى عبادة ... ليقول لك تأمل لو كنت ذا لب وعقل مستنير ... تأمل وتفكر لو كان قلبك موصولا بفكرك ... واغتنم لحظة الاندهاش والانشداه عندما يؤخذ بصرك بالجمال وينطق لسانك ( تبارك الله ) ...
فإن كنت من أولي الألباب فقد جعلت هذه الآيات لك ( لآيات لأولي الألباب )
ولكن ليس لمجرد الانبهار والاندهاش ثم تمضي كأن شيئا لم يكن ..
ليس لتقول ما شاء الله ثم تمضي في دنياك دون أن يكون لروعة هذا الخلق أثر في حياتك ...
هذا الخلق الذي يناديك لتتأمل فيه يقول لك أن تفكر فيّ أكثر لتتلمس آثار القدرة في كل ذرة في تكويني ؛ ولتتلمس الجمال من مبدع الجمال ... ليأخذك الإبداع في تكويني للمبدع الذي خلق فأحسن وسوى ... ليأخذك كل شيء في هذا الكون لخالق الخلق فتسبحه كثيرا وتذكره كثيرا ...
لتتجاوز مرحلة ذكر اللسان إلى عمل القلب والجوارح ليقودك التأمل في الخلق إلى تنزيه الخالق وعبادته ، لتدرك عند رؤيتك هذا النظام الدقيق المبثوث في كل ما حولك أن وراءه خالقا مدبرا محكما ، وأنه ما خلقك عبثا ، وأنك في هذه الدنيا مبتلى ؛ وأن وراءها يوما ثقيلا تحاسب فيه على عملك وتسأل فيه عن أثر تأمل الخلق فيك ...فتتحقق فيك صفة أولي الألباب ... أولو الألباب الذين اختصهم الله بالانتفاع بآياته فبين حالهم وصفتهم :
🔹( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )
هذا هو حالهم ؛ وهذا دأبهم ... يذكرون الله
قياما وهم قائمون في أعمالهم وأشغالهم لا يفتر قلبهم ولسانهم عن الذكر والعبادة
وقعودا إذا ما استراحوا
وعلى جنوبهم مضطجعين
ولا يخلو حال الإنسان في يومه وليله من واحد من هذه الأحوال ... فهم يذكرون الله على كل حال ... وذكرهم له سبحانه ذكر حي من قلب عمره الإيمان ... ذكر يبدأ من القلب ليظهر على الجوارح ... فهم يعلمون أن حياة قلوبهم بالذكر ، فهو عمار للقلب بالطمأنينة والسكينة في كل خطواته ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ... وهو من أعظم ما يجعلهم يتفاضلون في أعمالهم فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله ( سبق المفردون ، قالوا وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم
ولذلك روي عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ يَتَحَسَّرُ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى سَاعَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ لَمْ يَذْكُرُوا اللهَ فِيهَا
” رواه البيهقي في الشعب

و قال ابن القيم في مدارج السالكين عن الذكر : " مَنْزِلَةُ الذِّكْرِ وَهِيَ مَنْزِلَةُ الْقَوْمِ الْكُبْرَى الَّتِي مِنْهَا يَتَزَوَّدُونَ وَفِيهَا يَتَّجِرُونَ، وَإِلَيْهَا دَائِمًا يَتَرَدَّدُونَ.
وَالذِّكْرُ مَنْشُورُ الْوِلَايَةِ الَّذِي مِنْ أُعْطِيَهُ اتَّصَلَ وَمَنْ مُنِعَهُ عُزِلَ، وَهُوَ قُوتُ قُلُوبِ الْقَوْمِ الَّذِي مَتَى فَارَقَهَا صَارَتِ الْأَجْسَادُ لَهَا قُبُورًا، وَعِمَارَةُ دِيَارِهِمُ الَّتِي إِذَا تَعَطَّلَتْ عَنْهُ صَارَتْ بُورًا، وَهُوَ سِلَاحُهُمُ الَّذِي يُقَاتِلُونَ بِهِ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ، وَمَاؤُهُمُ الَّذِي يُطْفِئُونَ بِهِ الْتِهَابَ الطَّرِيقِ وَدَوَاءُ أَسْقَامِهِمُ الَّذِي مَتَى فَارَقَهُمُ انْتَكَسَتْ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ، وَالسَّبَبُ الْوَاصِلُ وَالْعَلَاقَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَلَّامِ الْغُيُوبِ.”

وقال عن الذكر : “يَدَعُ الْقَلْبَ الْحَزِينَ ضَاحِكًا مَسْرُورًا، وَيُوصِّلُ الذَّاكِرَ إِلَى الْمَذْكُورِ، بَلْ يَدَعُ الذَّاكِرَ مَذْكُورًا.


- قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: تَفَقَّدُوا الْحَلَاوَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: فِي الصَّلَاةِ وَفِي الذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الْبَابَ مُغْلَقٌ.

🔹( ويتفكرون في خلق السماوات والأرض )
أي: يفهمون ما فيهما من الحكم الدّالّة على عظمة الخالق وقدرته، وعلمه وحكمته، واختياره ورحمته.

- قال وهب بن منبّه: ما طالت فكرة امرئ قطّ إلّا فهم، وما فهم امرؤٌ قطّ إلّا علم، وما علم امرؤٌ قطّ إلا عمل.

- وقال عمر بن عبد العزيز: الكلام بذكر اللّه عزّ وجلّ، حسن، والفكرة في نعم اللّه أفضل العبادة.
ذكر ذلك ابن عطية


فأولو الألباب قلوبهم وأبصارهم متأملة متفكرة ؛ والتفكر إدامة النظر والفكرة فيما تراه ، ليكون التأمل ليس مجرد نظر واندهاش ، بل ليتحول إلى إجالة الفكر وتحريك العقل واللب فيه .. ثم يحرك هذا التفكر القلب والعقل ؛ فيقود التأمل والنظر والتفكر العقل للإيمان ، ويأخذ الإيمان القلب للاستزادة من الفكرة ... ثم تنطق الجوارح بالذكر في كل حال من أحوال الإنسان ... قائما وقاعدا وعلى جنبه ؛ ثم ليكون الذكر والفكر سبيلا إلى اليقين فينطق اللسان
🔹( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك )
بل هو الحق ... خلقته بالحق وللحق ... خلقته ليكون دليلا منظورا مفتوحا لمن أراد أن يذكر .. خلقته آيات لأولي الألباب ... ما خلقته عبثا ولا باطلا ... بل خلقته لغاية ...
فتفكر يا من غفلت ولهوت وسهوت ؛ يا من تمر بك الآيات كل يوم ، في أي مكان كنت ومهما كانت طبيعة المكان الذي تسكن فيه فأنت ترى تعاقب الليل والنهار ، وترى السماء بأجرامها وأفلاكها والأرض بنباتها وزينتها ... فإن كنت ذا لب يعقل ويدرك من جمال الخلق جمال الخالق ومن إحكامه وإتقانه وعظمته عظمة الخالق ليعلم أنه ما خلق الخلق باطلا ولا عبثا ولا سدى ...
بل خلقه ليعبد ، وسخره لك ليكون معينا لك في سعيك في هذه الدنيا لأن وراء هذا النظام يوم تختل فيه الموازين ، ويزول فيه كل ما ترى أمامك ولا يبقى إلا الحق ذو الجلال والإكرام ( كل شيء هالك إلا وجهه )
في ذلك اليوم تحاسب على كل ما قدمت وأخرت ؛
في ذلك اليوم تسأل عن أثر تلك الآيات المنصوبة أمامك ليل نهار تراها وتشاهدها وتحسها ما فعلت بك وهل قادتك إلى الإيمان بالله الواحد القهار فوحدته وعبدته حق عبادته ؟ هل قادتك لتعلم أنه ما خلقها إلا بالحق ، وما جعلها عبثا ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما باطلا ) ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) ...
فأما أولوا الألباب الذين صار فكرهم ذكرا ويقينا وإيمانا فيقولون ( سبحانك فقنا عذاب النار )
فكان فكرهم دليلا لهم وآية للإيمان الذي يدرك أن الخلق بالحق يستلزم العودة للحق في دار الحق ... فلا شيء باطلا في هذا الخلق ؛ بل هو الحق ؛ الحق وفقط ...
فلذلك لهجت ألسنتهم بالدعاء وقلوبهم بالضراعة لخالق الخلق ومالك الملك :
🔹( سبحانك فقنا عذاب النار )
يا رب آمنا بك ونحن لك عابدون مخلصون ؛ سبحانك ما عبدنا حق عبادتك ؛ لكننا نطمع في جودك وكرمك وعفوك فاجعل بيننا وبين غضبك وعقابك وقاية وسترا .. وحرم وجوهنا على النار .. واحمنا من عذابها ...
( إنك من تدخل النار فقد أخزيته ) فأبعدنا عن ذلك الخزي ، ( ولا تخزني يوم يبعثون ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم )
قلب سليم يقرأ ويتأمل فيتأثر ويعمل ؛
- وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، أنّه بكى يومًا بين أصحابه، فسئل عن ذلك، فقال: فكّرت في الدّنيا ولذّاتها وشهواتها، فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتّى تكدّرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرةٌ لمن اعتبر إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر.

فتأمل كيف قادتهم آيات الكون إلى اليقين باليوم الآخر ... وكيف انتقلت الآيات لتصور تلك الحركة التي ينبغي للتفكر أن يفعلها فيك ... فكان تفكرهم تعقلا وفهما ...

- قال أبو سليمان الدّارانيّ: إنّي لأخرج من منزلي، فما يقع بصري على شيءٍ إلّا رأيت للّه علي فيه نعمة، أو لي فيه عبرة. رواه ابن أبي الدّنيا في كتاب "التّفكّر والاعتبار".

فمن كان تفكره مجرد انبهار وبحث علمي مجرد لم يتجاوز ذلك كان فكره وعلمه وبالا عليه ،.. وكان بعيدا عن أولي الألباب ؛
- قال بعض الحكماء: من نظر إلى الدّنيا بغير العبرة انطمس من بصر قلبه بقدر تلك الغفلة.
وقال بشر بن الحارث الحافي: لو تفكّر النّاس في عظمة اللّه تعالى لما عصوه
. ذكره ابن عطية

ذلك أن صاحب العقل المستنير لا بد أن تقوده الفكرة في الصنع إلى الصانع ، ثم توحيده والتوجه إليه وعبادته ، والإدراك أن ثمة يوم يرجع فيه الخلق إلى الحق لأن كل ما في الكون يسير بميزان دقيق ، لا يخرج عن هذا الميزان ولا يخالف الحق إلا الإنسان الذي منحه الله الاختيار ؛ ليكون ثم يوم الحق الذي تنصب فيه الموازين الحق ليستقيم الحق الذي خالفه هذا المخلوق في الدنيا ... فاحرص على أن يكون تأملك فكرا وصمتك ذكرا ...
وليكن تفكرك كما ذكر ابن عطية قال : عن الفضيل: قال الحسن: الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيّئاتك.
وقال سفيان بن عيينة: الفكرة نورٌ يدخل قلبك


وكما ذكر الثعلبي عن ابن أعور أنه كان يقول : ( الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء الزرع والنبات ؛ وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكرة . )
ولذلك كانت عبادة التفكر عندهم خير من قيام ليلة ...
-عن ابن عباس وأبو الدرداء: فكرة ساعة خير من قيام ليلة، وقال سري السقطي: فكرة ساعة خير من عبادة سنة،
وأورد ابن عطية عن الحسن بن أبي الحسن: الفكرة مرآة المؤمن، ينظر فيها إلى حسناته وسيئاته،
وعن الحسن البصريّ أنّه قال: تفكّر ساعة خيرٌ من قيام ليلةٍ.


هذا إذا كان تفكر أولي الألباب الذي يحرك الإيمان حيا فاعلا في قلوبهم وعلى جوارحهم عند إدامة النظر والفكر في الخلق ... ولذلك ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عطاءعن عائشة وهي تذكر من أعجب أمر رسول الله ( حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة فقلت: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد أنزل علي هذه الليلة {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} إلى قوله {سبحانك فقنا عذاب النار} ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها. ) رواه عبد ابن حميد وابن حبان وابن مردويه

وورد في صحيح البخاري في حديث ابن عباس المذكور سابقا أنه كان عليه السلام يقرأ بهذه الآيات في قيام الليل .. وفي رواية أخرى ( قال فنام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليها حتّى سمعت غطيطه، ثمّ استوى على فراشه قاعدًا، قال: فرفع رأسه إلى السّماء فقال: "سبحان الملك القدّوس" ثلاث مرّاتٍ، ثمّ تلا هذه الآيات من آخر سورة آل عمران حتّى ختمها.)

جعلنا الله وإياكم من أولي الألباب الذين يذكرون الله في كل حال ويتفكرون في خلقه تفكر العبادة الموصل إلى اليقين والمحرك للجوارح بالعبادة والطاعات ...

📚المراجع والمصادر :
- صحيح أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري 256 هـ
- صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري 261 هـ
- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 276 هـ
- تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 276 هـ دار الكتب العلمية
- جامع البيان لابن جرير الطبري 310 هـ
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج 311 هـ ، تحقيق عبد الجليل عبده / عالم الكتب - بيروت ط1
- تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي 327 هـ تحقيق أسعد محمد الطيب / مكتبة نزار - المملكة العربية السعودية ط3 : 1419 هـ
- تفسير مجاهد للهمذاني 352 هـ
- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس 338 هـ / جامعة أم القرى - مكة ط1
- الكشف والبيان للثعلبي 427 هـ
- النكت والعيون للماوردي 450 هـ
- شعب الإيمان للبيهقي 458 هـ / مكتبة السوادي جدة
- المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني 502 هـ
- تفسير الكشاف للزمخشري 538 هـ مذيلا بالانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال للإمام أحمد بن منير الإسكندري ( 683 هـ ) / دار الكتاب العربي - بيروت ط1 :1427
- المحرر الوجيز لابن عطية 546 هـ
- زاد المسير لابن الجوزي 597 هـ
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ
- التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الغرناطي 741هـ / الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت ط1 1416هـ
- طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم 751 هـ
- مدارج السالكين لابن القيم 751هـ
- الدر المصون للسمين الحلبي 756 هـ
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
- عمدة القاري لبدر الدين العيني 855هـ
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي 885 هـ
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 911 هـ
- فتح القدير للشوكاني 1250 هـ
- روح المعاني في تفسير القرآن لشهاب الدين الآلوسي 1270 هـ / دار الكتب العلمية - بيروت ط1
- المنار ( تفسير القرآن الحكيم ) محمد رشيد رضا 1282 هـ / الهيئة المصرية العامة للكتاب 1990
- محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ
- تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن للسعدي
- تفسير السعدي 1376 هـ / المكتبة العصرية - بيروت
- التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ
في ظلال القرآن لسيد قطب 1393 هـ / دار الشروق
- خواطر محمد متولي الشعراوي / 1419 هـ


أعتذر لتقديمي هذا المجلس وهو المجلس الأخير من آل عمران
ولكنني لشدة انشغالي وانشغال ذهني لم اركز أنه المجلس الأخير في سورة آل عمران ، وقمت بحله وأنا أرجع للمجالس مجلسا مجلسا ، فلما أنهيته انتبهت أنه للمجموعة الأولى وليس لي ، ولكني وجدت أن لا بأس بإرساله فاعذروني .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 23 جمادى الأولى 1440هـ/29-01-2019م, 03:41 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


تقويم مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر والأخير من تفسير سورة آل عمران
(الآيات 187- 200)




أحسنتم، زادكم الله من فضله ونفع بعلمكم وزادكم علما.
ونذكّر دوما بضرورة استخلاص مسائل الآيات موضوع الرسائل بدقّة قبل البدء في كتابة الرسالة -أيّا كان نوعها- ، كذلك استخلاص المسائل بالنظر دون الرجوع للتفاسير مهمّ جدا لبعض الأساليب، لأن الملاحظ أن بعض الطلاب أصبح يتعامل مع المسائل الظاهرة للآيات دون الانتباه للمسائل الدقيقة، وهو بذلك لا يكون قد أوفى الآية حقها من التفسير والبيان وإن طالت رسالته، فنحن نفسّر الآيات وفق نظام محدّد هو هذه المسائل التي اشتملت عليها الآية.
كما ننبّه إلى أمر مهم وهو الانتباه إلى المسائل البيانية وإحسان توظيفها في الرسائل الوعظية على وجه الخصوص بطريقة سهلة قريبة للمخاطبين، فإن كثيرا من الطلاب يعتقد البعد بين هذه المسائل وبين الرسائل الوعظية، وهي من أنفع المسائل فيها، إذ لا أسلوب أعظم من أسلوب القرآن في الوعظ، وإنما كانت وظيفة الواعظ هو الكشف عن تلك الأساليب وتقريبها بحسب المقام.


قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.


1: نورة الأمير ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وأشكر لك جهدك المبذول في هذه الرسالة، ولكنها بحاجة إلى بعض التنظيم، وإليك بعض الإرشادات أرجو أن تؤخذ بعين الاعتبار.
- فسّرتِ الآية باختصار أولا ثمّ عنونتِ لما بعده بعنوان "مفاتيح وعناوين تحت ظلال الآيات" وهو في الواقع تفسير مفصّل للآية، لكنه بعنوان مختلف، فحصل تكرار لا داعي له، وكان يكفيك التقديم للرسالة في سطر أو سطرين.
- قسّمي التفسير على أجزاء الآيات بحيث تبرز مسائل كل فقرة بصورة جيدة، ففقرة "ما الذي يوصلنا إليه التأمل في مخلوقات الله؟" هي في الحقيقة داخلة في تفسير قوله تعالى: {لآيات}، لكنك لم تربطي بينها وبين موضعها في الآية، فلا يدري القاريء هل دلّت الآية على هذه المسألة أم هي مسألة خارجية من اجتهاد الكاتب.
- التزمي التسمية التي تعودتم عليها للمسائل بربطها بألفاظ الآية، ولا تستعملي العناوين العامّة، فهذا أبعد عن الخطأ وأقوى في ربط القاريء بالآية.
- مسألة "من هم المتفكرون" خطأ والصواب: "من هم أولو الألباب؟".
- يجب أن يفصل الطالب بين ما ينقله من أقوال أهل العلم بأسلوبه في تفسير الآية وبين ما يستنبطه بنظره وتأمّله، وهذا كفقرة "فوائد التفكر" فإن كان لها أصل من كلام أهل العلم بيّن ذلك وأحال، وما كان من اجتهاده فيجب أن يبيّن لأنه قول في كتاب الله، ولا يفوتك الاستدلال للفوائد حتى تطمئني لصحتها.
- فقرة "أقوال السلف في التفكر" كان الأنسب أن تنثر في الرسالة ولا تسرد في موطن واحد، لأن الغرض هو التأثير في نفس السامع فيتحيّن في مواضع متنوّعة.
- اقتدي بعبارات وألفاظ أهل العلم في بيان القرآن، فألفاظ كـ "توصيات .. تقريرات" بعيدة عن مقام التفسير الذي هو أجلّ وأعظم المقامات، وإن كانت مناسبة لمواطن أخرى.
- توجد عبارة تحتاج إلى مراجعة وهي قولك: "يوصلك إلى أن خلف هذا الخلق خالقا واحدا" فهذ الوصف لا يصلح في حقّه تبارك وتعالى.
وأكرر ثنائي على رسالتك وما حوت من مسائل نافعة، كتب الله أجرك وسدّدك.


2: هناء محمد علي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- انتبهي إلى المقدار المحتاج إليه من المسائل المتعلّقة بالآية في الرسائل الوعظية، فإدخال رواية ضعيفة في سبب النزول لا تظهر فائدته في الرسالة خاصّة إذا كانت موجّهة للعامّة، بخلاف ما لو كانت الرواية صحيحة.




قوله تعالى: {196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ}

3: سارة المشري ب
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

- تفسيرك جيد -بارك الله فيك- ولكنه بحاجة إلى بسط أفضل واستثارة أحسن للمشاعر، وألفاظ الآية نفسها تنبيء بعظمة الوعد والوعيد، فلو أنك وقفت مع ألفاظ الآية بتأنّ أكبر لظهرت لك من اللفتات البيانية المؤثّرة، وهنا تظهر أهمية استخلاص مسائل الآية بجميع أنواعها.
- توجد بعض المسائل لم تأخذ حقّها من البيان ومن أظهرها معنى البرّ، وإنما غلب على الرسالة بيان المعنى بصورة إجمالية، والظاهر أن السبب في اختصار بعض المسائل هو وضوحها، كقوله تعالى: {جنات تجري من تحتها الآنهار} وهذا لا يصلح، فليس معنى وضوح اللفظ ألا يوقف معه ويستخرج ما وراءه.


4: علاء عبد الفتاح أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.




نسأل الله أن يجعلكم ممن أصحاب الزهراوين وأن تكونوا ممن نال بركتهما في الدنيا والآخرة.
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات






رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir