دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > مقدمات المفسرين > مقدمة تفسير ابن كثير

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 26 ذو القعدة 1435هـ/20-09-2014م, 10:46 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

المقصد الثاني: بيان فضل القرآن
ذكر ابن كثير رحمه الله تحت هذا المقصد جملة من المسائل والأدلة هذا تلخيصها.
1: هيمنة القرآن على ما قبله من الكتب
قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}.
- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: (المهيمن: الأمين). قال: (القرآن أمين على كل كتاب قبله). وفي رواية: (شهيدا عليه). رواه ابن جرير وعلقه البخاري.
- وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
- قال ابن كثير: (وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف).
- أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.

- قدم ابن كثير الفضائل قبل التفسير وذكر فضل كل سورة قبل تفسيرها ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه.
2: الأحاديث الواردة في فضل القرآن
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)). رواه البخاري.
- في هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء؛ لأنها معجزة باقية مؤثّرة.
- عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟
قال: (( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). رواه أحمد والترمذي واللفظ له، وفي إسناده الحارث الأعور متكلّم فيه، قال ابن كثير: (قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما أنه تعمد الكذب في الحديث).
- قال ابن كثير: (وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم).
- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). رواه أبو عبيد، وفي إسناده مقال.


3: من فضائل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله
- من فضل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
- تحدّى الله العرب أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وهم أهل الفصاحة والبلاغة ؛ قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}


4: مدّة نزول الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم
- عن أبي سلمة قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا: (لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا) رواه البخاري والنسائي.
- قال ابن كثير: (أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه، وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة؛ لأنه، عليه الصلاة والسلام، أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح).
- يحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام على عادة العرب في حذف الكسور، أنهما إنما اعتبرا قرن جبريل به عليه السلام ؛ لما روى الإمام أحمد أنه قرن به ميكائيل في ابتداء الأمر يلقي إليه الكلمة والشيء، ثم قرن به جبريل.
- ابتُدئ نزول القرآن في مكان شريف وهو البلد الحرام، وفي زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان.



5: الملَك الموكّل بنزول الوحي
- قال معتمر بن سليمان: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل، أو كما قال.
قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام).

- جبريل عليه السلام ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} ، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات.


6: تتابع الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم

- عن ابن شهاب الزهري قال: (أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد). رواه البخاري ومسلم.
- تابع الله نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه.
- فتر الوحي بعد نزول: {اقرأ باسم ربك} واختلف في مدة هذه الفترة حتى قيل إنها قريب من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع.
- أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر}.
- عن جندب بن عبد الله البجلي قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} ). رواه البخاري ومسلم.
- في الحديث دلالة على محبّة الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم وعنايته به إذ جعل الوحي عليه متتابعاً.

- إنما أنزل القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.

7: شدّة نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم
- روى البخاري حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي. فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب وعليه جبة، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم فجئه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أي: تعال، فجاء يعلى، فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: ((أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟)) فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب.

8: معرفة المكّي والمدنيّ
- القرآن منه مكّي ومدني؛ فالمكي: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعد الهجرة، سواء أكان بالمدينة أم بغيرها من البلاد، حتى ولو كان بمكة أو عرفة.
- أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني، واختلفوا في أخر.

- أراد بعض العلماء ضبط الفروق بين المكّي والمدني بضوابط كليّة، وفيما ذكروه عًسرٌ ونظر.
- قال بعضهم: كل سورة في أولها شيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، كما أن كل سورة فيها: {يا أيها الذين آمنوا} فهي مدنية.
- وقال علقمة: (كل شيء في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه أنزل بالمدينة، وما كان {يا أيها الناس} فإنه أنزل بمكة) رواه أبو عبيد.
- وقال ميمون بن مهران: (ما كان في القرآن: {يا أيها الناس} و {يا بني آدم} فإنه مكي، وما كان: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه مدني). رواه أبو عبيد.
- قال بعض العلماء بتكرر نزول بعض السور مرّة بمكة ومرّة بالمدينة.
- بعض العلماء يقول بالاستثناء في بعض السور؛ فيستثني من بعض السور المكيّة آيات يدّعي أنها من المدني.
- الصواب أن تمييز المكيّ من المدني يرجع فيه إلى ما دلّ عليه الدليل الصحيح.
- قال علي بن أبي طلحة: (نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون، والتغابن، و{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} و{يا أيها النبي لم تحرم} والفجر، {والليل إذا يغشى} و {إنا أنزلناه في ليلة القدر} و {لم يكن الذين كفروا} و {إذا زلزلت} و {إذا جاء نصر الله} وسائر ذلك بمكة).
- ذكر علي بن أبي طلحة في المدني سورا في كونها مدنية نظر، وفاته الحجرات والمعوذات.

9: نزول القرآن باللسان العربي
- قال الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين}، وقال تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.
- عن أنس بن مالك قال: (فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: (إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم) ففعلوا). رواه البخاري.
- عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: (لا يُمْلِيَنَّ في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف). رواه ابن أبي داوود، وقال ابن ثير: (هذا إسناد صحيح).
- عن عبد الله بن فضالة قال: (لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: (إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر). رواه البخاري.
- قال البخاري: (نزل القرآن بلسان قريش والعرب، {قرآنا عربيا}، {بلسان عربي مبين}).
- القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب.



10: نزول السكينة والملائكة عند القراءة
- قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} ، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم .
- عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)). رواه البخاري ومسلم.

- عن أسيد بن الحضير قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)). رواه البخاري معلّقاً.
- عن أسيد بن حضير أنه كان على ظهر بيته يقرأ القرآن وهو حسن الصوت..) رواه أبو عبيد. ، ثم ذكر مثل هذا الحديث أو نحوه.
- عن أسيد بن حضير قال: قلت: يا رسول الله، بينما أنا أقرأ البارحة بسورة، فلما انتهيت إلى آخرها سمعت وجبة من خلفي، حتى ظننت أن فرسي تطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)) مرتين قال: فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)). فقال: والله ما استطعت أن أمضي فقال: ((تلك الملائكة تنزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب)) ". رواه أبو عبيد.



11: القرآن أعظم إرث النبي صلى الله عليه وسلم
- عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين).
قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين). تفرد به البخاري.
- معناه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يرّث شيئاً من الدنيا، وإنما ترك لنا القرآن، والسنّة مفسّرة للقرآن مبيّنة له.
- قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا).
- وفي حديث أبي الدرداء: ((إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))


12: فضل القرآن على سائر الكلام
- عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)). رواه البخاري.
- طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما؛ فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.
- كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه.


13: الوصايا بكتاب الله
- قال طلحة بن مصرف: سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ( لا )؛ فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟ قال: (أوصى بكتاب الله عز وجل). رواه البخاري.
- المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الناس باتّباع كتاب الله عز وجل.
- النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا من الدنيا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك.

- لم يوصِ النبي صلى الله عليه وسلم إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ لحديث ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)).



14: معنى التغنّي بالقرآن وفضل حسن الصوت بالقرآن
- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري.
- قال حرملة: (سمعت ابن عيينة يقول: معناه: (يستغني به) فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به).
- قال ابن كثير: (معناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك).
- عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)). رواه ابن ماجة بسند جيّد.
- الله تعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم لكن استماع الله لقراءة النبي والمؤمنين استماع تشريف.
- عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبت أنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل)). رواه أبو عبيد، وفي رواية له: ((واقتنوه وتغنوا به)) ولم يشك، وهكذا رواه أحمد والنسائي.
- عن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار، وتغنوه واقتنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون))
- قال ابن كثير: (وهذا مرسل).
- قال أبو عبيد: (قوله: ((تغنوه)): يعني: اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا. وقوله: ((واقتنوه))، يقول: اقتنوه، كما تقتنون الأموال: اجعلوه مالكم).
- عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)) رواه أبو عبيد وابن ماجة.
- قال أبو عبيد: (يعني: الاستماع. وقوله في الحديث الآخر: ((ما أذن الله لشيء)) أي: ما استمع).
- عن السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)). رواه أبو القاسم البغوي.

- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). رواه أبو داوود.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)). رواه ابن ماجة.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال وكيع: يعني: يستغنى به). رواه أحمد.
- قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرَّ بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع). رواه أبو داود.
- قال ابن كثير: (فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله).
- واستدلّ لذلك بحديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه.
- المراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به،
- عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود )). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا). رواه مسلم.
- قال ابن كثير: (والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه).

15: من عُرف بحسن الصوت من الصحابة
- عن أبي سلمة قال: (كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده). رواه أبو عبيد.
- قال أبو عثمان النهدي: (كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط، ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته).
- عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ". رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
- عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قال: قراءة منه). متفق عليه.

- أحسن القراءة ما كان عن خشوع القلب.

16: أحسن الناس صوتاً بالقرآن أخشاهم لله
قال طاووس بن كيسان: (أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله). رواه أبو عبيد.
- عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله)) ". رواه أبو عبيد.
17: تحسين الصوت بالقرآن وحكم القراءة بالألحان
- قال ابن كثير: (المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك).
- عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)). رواه أبو عبيد.
- عن عُلَيم قال: (كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين). رواه أبو عبيد.
- قال ابن كثير: (وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه).

18: اغتباط صاحب القرآن
- عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)). رواه البخاري.
- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار))، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق))، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل". رواه البخاري ومسلم.

- ينبغي أن يكون صاحب القرآن شديد الاغتباط بما هو فيه، وينبغي لغيره أن يغبطه على ذلك بأن يتمنّى مثل ما هو فيه من النعمة.
- الغبطة غير الحسد المذموم الذي هو تمنّي زوال النعمة.
- ورد في فضل الغبطة أحاديث من أصحّها حديث أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الوزر سواء)). رواه الإمام أحمد ، وقال ابن كثير: (إسناد صحيح).

19: فضل من تعلَّم القرآن وعلمه
-قال سعد بن عبيدة: عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاج قال: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (كان أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي أحد أئمة الإسلام ومشايخهم من رغب في هذا المقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعين سنة، رحمه الله، وآتاه الله ما طلبه).
- من شأن خيار الأبرار أن يكمل المرء نفسه ويسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وكما قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} .

- ومن شأن الفجار أنهم لا ينتفعون بالهدى، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع به، كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب}، وكما قال تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}، في أصح قولي المفسرين في هذا.

20: تزويج الخاطب بما معه من القرآن
- عن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)). متفق عليه.
- في رواية لمسلم: (فعلّمها)، وهذا سبب إيراد البخاري لهذا الحديث بعد حديث : ( خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه).


21: وصايا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالقرآن
- قال ابن كثير: (وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد، عبد الله بن مسعود أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم).
- قال ابن مسعود: (كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض). رواه الطبراني.
- وقال: (من أراد العلم فليثوّر من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين).
- وقال: (إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع).
- وقال: (أعربوا هذا القرآن فإنه عربي، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم).
- وقال: (أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر).
وقال: (أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم.

قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟
قال: (يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء) ، وفي رواية: (لا يبقى في مصحف منه شيء، ويصبح الناس فقراء كالبهائم). ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا} ). رواه عبد الرزاق.
- وقال: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز). رواه الطبراني.
- عن أبي وائل قال: كان عبد الله بن مسعود يقل الصوم، فيقال له في ذلك، فيقول: (إني إذا صمت ضعفت عن القراءة والصلاة، والقراءة والصلاة أحب إلي).


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تنظيم, قراءة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir