تصنيف الأقوال في الآية [35]
1- القراءات في قوله {رغدا}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): وقرأ ابن وثاب والنخعي «رغدا» بسكون الغين، والجمهور على فتحها.
2- القراءات في قوله{ هذه }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : قرأ ابن محيصن هذي على الأصل .
1- بيان أن آدم عليه السلام هو أول الأنبياء
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال:«نعم، نبي مكلم»، قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا)
- وأخرج عبد بن حميد والآجري في الأربعين عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول من كان أولهم يعني الرسل-؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله أنبي مرسل؟ قال: (نعم، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبلا).
وأخرج أحمد، وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه عن أبي أمامة أن أبا ذر قال: يا نبي الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قال: أو نبي كان آدم؟ قال: «نعم، نبي مكلم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال له: يا آدم قبلا»، قلت: يا رسول الله كم وفى عدة الأنبياء؟ قال:(مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا)
2- آدم عليه السلام نبي مكلم
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه، من حديث محمّد بن عيسى الدّامغانيّ، حدّثنا سلمة بن الفضل، عن ميكائيل، عن ليثٍ، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍ: قال: قلت: يا رسول اللّه؛ أريت آدم، أنبيًّا كان؟ قال:«نعم، نبيًّا رسولًا كلّمه اللّه قبلا فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة}.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أرأيت آدم نبيا كان؟ قال :(نعم، كان نبيا رسولا كلمه الله قبلا قال له: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة})
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي أمامة الباهلي أن رجلا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال:«نعم، مكلم»، قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: «عشرة قرون»، قال: كم بين نوح وبين إبراهيم؟ قال:«عشرة قرون»، قال: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال:«مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا»، قال: يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا).
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ) : نا معمر، قال: أخبرني شيخ، أن ابن عباس في قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد الله فنسي فسماه الإنسان»، قال ابن عباس:«فبالله ما غابت الشمس حتى أهبط من الجنة»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ) : (نا معمر، قال: أخبرنا عوف الأعرابي، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري أن النبي قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض كلها فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأسود والأحمر وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه):قوله: {وقلنا يا آدم}
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ قال: «وإنّما سمّي آدم لأنّه خلق من أديم الأرض»). [تفسير القرآن العظيم: 1/85 ]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة} ، حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ):وقال الزّهريّ عن عبد الرّحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها» رواه مسلمٌ والنّسائيّ .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {اسكن} معناه لازم الإقامة، ولفظه لفظ الأمر ومعناه الإذن.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {وزوجك} عطف عليه والزوج امرأة الرجل وهذا أشهر من زوجة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- قال ابن عبّاسٍ بما حدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «فأخرج إبليس من الجنّة حين لعن، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها. فنام نومةً فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأةٌ، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء، قالوا: ولم سمّيت حوّاء؟ قال: لأنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ. فقال اللّه له: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما}.
فهذا الخبر ينبئ عن أنّ حوّاء خلقت بعد أن سكن آدم الجنّة فجعلت له سكنًا .
- وقال آخرون: بل خلقت قبل أن يسكن آدم الجنّة. ذكر من قال ذلك :
حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم } . قال: «ثمّ ألقى السّنة على آدم، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ وغيره، ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقّه الأيسر ولأم مكانه لحمًا وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومته حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلمّا كشف عنه السّنة وهبّ من نومته رآها إلى جنبه فقال فيما يزعمون واللّه أعلم: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها. فلمّا زوّجه اللّه تبارك وتعالى وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبلا: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين } .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه) : حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: «أخرج إبليس من الجنّة، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها، فنام نومةً فاستيقظ وعند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ فقالت: امرأةٌ. قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ، قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء. قالوا: ولم حوّاء؟ قال: إنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ فقال اللّه: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 85]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : فقال ابن عباس: «حين أنبأ الملائكة بالأسماء واسجدوا له ألقيت عليه السنة وخلقت حواء، فاستيقظ وهي إلى جانبه فقال فيما يزعمون: لحمي ودمي، وسكن إليها، فذهبت الملائكة لتجرب علمه، فقالوا له يا آدم ما اسمها؟ قال: حواء. قالوا: ولم؟». قال: «لأنها خلقت من شيء حي، ثم قال الله له: اسكن أنت وزوجك الجنّة».
وقال ابن مسعود وابن عباس أيضا: (لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا، فلما نام خلقت حواء من ضلعه القصيرى، ليسكن إليها ويستأنس بها، فلما انتبه رآها، فقال: من أنت؟ قالت: امرأة خلقت من ضلعك لتسكن إلي).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : قال محمد بن اسحاق : قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس، أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم} ، قال:«ثمّ ألقيت السّنة على آدم -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن ابن عبّاسٍ وغيره- ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومه، حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلمّا كشف عنه السّنة وهبّ من نومه، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون واللّه أعلم-: لحمي ودمي وروحي. فسكن إليها. فلمّا زوّجه اللّه، وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبلا{يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} .
- ويقال: إنّ خلق حوّاء كان بعد دخوله الجنّة، كما قال السّدّيّ في تفسيره، ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من الصّحابة: (أخرج إبليس من الجنّة، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليه، فنام نومةً فاستيقظ، وعند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأةٌ. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ. قالت له الملائكة -ينظرون ما بلغ من علمه-: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء. قالوا: ولم سمّيت حوّاء؟ قال: إنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ. قال اللّه: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما} ).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر من طريق السدي بن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: «لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة، فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأة، قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي، قالت له الملائكة ينظرون ما يبلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا: لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من حي، فقال الله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}».- وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال: (نام آدم فخلقت حواء من قصيراه، فاستيقظ فرآها فقال: من أنت؟ فقالت: أنا أثا، يعني امرأة بالسريانية ).
8- معنى الجنةقالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والجنّة البستان عليه حظيرة
9- هل الجنة التي سكنها آدم هي جنة الخلد؟
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): واختلف في الجنة التي أسكنها آدم، هل هي جنة الخلد أو جنة أعدت لهما؟ وذهب من لم يجعلها جنة الخلد إلى أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها، وهذا لا يمتنع، إلا أن السمع ورد أن من دخلها مثابا لا يخرج منها، وأما من دخلها ابتداء كآدم فغير مستحيل ولا ورد سمع بأنه لا يخرج منها
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه)
فإن قيل: فإذا كانت جنّة آدم الّتي أسكنها في السّماء كما يقوله الجمهور من العلماء، فكيف يمكّن إبليس من دخول الجنّة، وقد طرد من هنالك طردًا قدريًّا، والقدريّ لا يخالف ولا يمانع؟
فالجواب: أنّ هذا بعينه استدلّ به من يقول: إنّ الجنّة الّتي كان فيها آدم في الأرض لا في السّماء، وقد بسطنا هذا في أوّل كتابنا البداية والنّهاية، وأجاب الجمهور بأجوبةٍ، أحدها: أنّه منع من دخول الجنّة مكرّمًا، فأمّا على وجه الرّدع والإهانة، فلا يمتنع؛
ولهذا قال بعضهم: كما جاء في التّوراة أنّه دخل في فم الحيّة إلى الجنّة
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: «خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في جنات الفردوس)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وقد اختلف في الجنّة الّتي أسكنها آدم، أهي في السّماء أم في الأرض؟ والأكثرون على الأوّل [وحكى القرطبيّ عن المعتزلة والقدريّة القول بأنّها في الأرض] .
10- متى أخرج إبليس من الجنة ؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} :
- قال أبو جعفرٍ: وفي هذه الآية دلالةٌ واضحةٌ على صحّة قول من قال: إنّ إبليس أخرج من الجنّة بعد الاستكبار عن السّجود لآدم، وأسكنها آدم قبل أن يهبط إبليس إلى الأرض؛ ألا تسمعون اللّه جلّ ثناؤه يقول: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين فأزلّهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه} فقد تبيّن أنّ إبليس إنّما أزلّهما عن طاعة اللّه، بعد أن لعن وأظهر التّكبّر؛ لأنّ سجود الملائكة لآدم كان بعد أن نفخ فيه الرّوح، وحينئذٍ كان امتناع إبليس من السّجود له، وعند الامتناع من ذلك حلّت عليه اللّعنة .
- كما حدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (أنّ عدوّ اللّه إبليس أقسم بعزّة اللّه ليغوينّ آدم وذرّيّته وزوجته، إلاّ عباد الله المخلصين منهم، بعد أن لعنه اللّه، وبعد أن أخرج من الجنّة، وقبل أن يهبط إلى الأرض، وعلّم اللّه آدم الأسماء كلّها)
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: (لمّا فرغ اللّه من إبليس ومعاتبته، وأبى إلاّ المعصية، وأوقع عليه اللّعنة، ثمّ أخرجه من الجنّة؛ أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم}) .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) : وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال:( خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في جنات الفردوس )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه):
- وقال الحاكم: حدّثنا أبو بكر بن بالويه، عن محمّد بن أحمد بن النّضر، عن معاوية بن عمرٍو، عن زائدة، عن عمّار بن معاوية البجلي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ما أسكن آدم الجنّة إلّا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشّمس». ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرجاهـ .
-وقال عبد بن حميدٍ في تفسيره: حدّثنا روح، عن هشامٍ، عن الحسن، قال:(لبث آدم في الجنّة ساعةً من نهارٍ، تلك السّاعة ثلاثون ومائة سنةٍ من أيّام الدّنيا)
-وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: (خرج آدم من الجنّة للسّاعة التّاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنًا من شجر الجنّة، على رأسه تاجٌ من شجر الجنّة وهو الإكليل من ورق الجنّة)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ):
-وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال:(ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)
-وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر عن ابن عباس قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد إليه فنسي فسماه الإنسان»، قال ابن عباس: (فتالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة إلى الأرض ).
-وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن قال: (لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا).
-وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال: (ما كان آدم عليه السلام في الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر).
-وأخرج عبد الله في زوائده عن موسى بن عقبة قال:«مكث آدم في الجنة ربع النهار، وذلك ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة، فبكى على الجنة مائة سنة»). [الدر المنثور: 1/ 274-278]
13- تزيين حواء لآدم الأكل من الشجرة أثر لايصح
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: ثنا عبّاد بن العوام، ثنا سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- قال: «قال اللّه -تعالى- لآدم -عليه السّلام-: ما حملك على أن أكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها؟ فاعتلّ آدم فقال: يا ربّ، زيّنته لي حوّاء. قال: فإنّي عاقبتها أن لا تحمل، إلّا كرهًا، ولا تضع إلّا كرهًا، ودميتها في كلّ شهرٍ مرّتين. فرنّت حوّاء عند ذلك فقيل لها: عليك الرّنّة وعلى بناتك).
هذا إسنادٌ فيه مقالٌ؟ معلّى بن مسلمٍ لم أقف على ترجمته وباقي رواته ثقاتٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 176]
14- المقصود بلفظ الأمر (كلا)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : ولفظ هذا الأمر بـ{كلا} معناه الإباحة، بقرينة قوله: {حيث شئتما}
15- عود الضمير في قوله {منها }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : والضمير في {منها} عائد على الجنّة .
16- معنى قوله تعالى {رغدا}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210ه) قوله{فكلا منها رغداً} الرغد: الكثير الذي لا يعنّيك من ماء أو عيش أو كلأ أو مال، يقال: قد أرغد فلان، أي: أصاب عيشًا واسعاَ، قال الأعشى:
زبداً بمصرٍ يوم يسقى أهلها ....... رغداً تفجّره النبيط خلالها
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237ه): الرغد: الكثير الذي لا يعينك من ماء أو عيش أو كلأ. يقال: "قد ارغد فلان" أي: أصاب عيشا واسعا). [غريب القرآن وتفسيره:68 ]`
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276ه): رزقاً واسعاً كثيراً، يقال: أرغد فلان إذا صار في خصب وسعة). [تفسير غريب القرآن: 46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- قال أبو جعفرٍ: أمّا الرّغد، فإنّه الواسع من العيش، الهنيء الّذي لا يعنّي صاحبه، يقال: أرغد فلانٌ: إذا أصاب واسعًا من العيش الهنيء، كما قال امرؤ القيس بن حجرٍ.
بينما المرؤ تراه ناعمًا ....... يأمن الأحداث في عيشٍ رغد
- وحدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكلا منها رغدًا} قال: الرّغد: الهنيء.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قوله: {رغدًا} قال: لا حساب عليهم.
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، مثله
- وحدّثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {وكلا منها رغدًا حيث شئتما} قال: الرّغد: سعة المعيشة .
فمعنى الآية: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة، وكلا من الجنّة رزقًا واسعًا هنيئًا من العيش حيث شئتما.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): الرغد: الكثير الذي لا يعنيك.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه ) : وقوله تعالى{وكلا منها رغدا حيث شئتما }
حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وكلا منها رغدًا} قال: الرّغد: سعة المعيشة .
حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله{رغدا}قال: .«لا حساب عليهم»
الوجه الثالث
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، عن السّدّيّ: {وكلا منها رغدًا حيث شئتما}:«والرّغد: الهنيء». [تفسير القرآن العظيم: 1/ 85-86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رغدًا}: واسعًا). [تفسير المشكل من غريب القرآن:26 ]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَغَداً}: كثيرا). [العمدة في غريب القرآن:73 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : والرغد العيش الدارّ الهنيّ الذي لا عناء فيه، ومنه قول امرئ القيس
بينما المرء تراه ناعما ....... يأمن الأحداث في عيش رغد
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه ) :
- أخرج ابن جرير، وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: «الرغد: الهني».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «الرغد: سعة العيشة».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وكلا منها رغدا حيث شئتما} قال: «لا حساب عليكم»). [الدر المنثور: 1/ 282] ـ
17- العائد في اسم الإشارة هذه في قوله { ولاتقربا هذه الشجرة }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وتحتمل هذه الإشارة أن تكون إلى شجرة معينة واحدة، أو إلى جنس .
18- الشجرة التي نهي آدم عن الأكل منها
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ) :
أخبرني الليث بن سعد، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، أنه قال: «بلغني أن الشجرة التي أكل منها آدم هي حبلة العنب»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 119]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ) :
قال أبو جعفرٍ: والشّجر في كلام العرب: كلّ ما قام على ساقٍ، ومنه قول اللّه جلّ ثناؤه: {والنّجم والشّجر يسجدان} يعني بالنّجم: ما نجم من الأرض من نبتٍ. وبالشّجر: ما استقلّ على ساقٍ .
ثمّ اختلف أهل التّأويل في عين الشّجرة الّتي نهي عن أكل ثمرها آدم:
فقال بعضهم: هي السّنبلة، ذكر من قال ذلك :
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا عبد الحميد الحمّانيّ، عن النّضر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشّجرة الّتي نهي آدم عنها: السّنبلة .
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، جميعًا، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: هي السّنبلة .
- وحدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن مهديٍّ، وحدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، مثله.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطيّة: في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: السّنبلة.
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم هي السّنبلة.
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني رجلٌ من بني تميمٍ أنّ ابن عبّاسٍ كتب إلى أبي الجلد يسأله عن الشّجرة الّتي أكل منها آدم والشّجرة الّتي تاب عندها، فكتب إليه أبو الجلد: «سألتني عن الشّجرة الّتي نهي عنها آدم، وهي السّنبلة. وسألتني عن الشّجرة الّتي تاب عندها آدم، وهي الزّيتونة .
وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن رجلٍ من أهل العلم، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يقول: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم: البرّ .
وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته السّنبلة.
وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ: أنّه كان يقول: «هي البرّ؛ ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر ألين من الزّبد وأحلى من العسل. وأهل التّوراة يقولون: هي البرّ .
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: أنّه حدّث أنّها الشّجرة الّتي تحنكّ بها الملائكة للخلدة .
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن محارب بن دثارٍ، قال:هي السّنبلة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن محارب بن دثارٍ، قال: هي السّنبلة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، قال: هي السّنبلة الّتي جعلها اللّه رزقًا لولده في الدّنيا .
وقال آخرون: هي الكرمة، ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، قال: هي الكرمة .
حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «هي الكرمة. وتزعم اليهود أنّها الحنطة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: الشّجرة هي الكرم .
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة، قال: هو العنب في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن خلاّدٍ الصّفّار، عن بيانٍ، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
- وحدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة، قال: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم: شجرة الخمر.
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، قال: حدّثنا سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: قوله {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، قال: العنب.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قال: عنبٌ .
- وحدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني الحسين، قال: حدّثنا خالدٌ الواسطيّ، عن بيانٍ، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
وقال آخرون: هي التّينة، ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: تينةٌ .
قال أبو جعفرٍ: والقول في ذلك عندنا أنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عباده أنّ آدم وزوجته أكلا من الشّجرة الّتي نهاهما ربّهما عن الأكل منها، فأتيا الخطيئة الّتي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها، بعد أن بيّن اللّه جلّ ثناؤه لهما عين الشّجرة الّتي نهاهما عن الأكل منها وأشار لهما إليها بقوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} ولم يضع اللّه جلّ ثناؤه لعباده المخاطبين بالقرآن دلالةً على أيّ أشجار الجنّة كان نهيه آدم أن يقربها بنصٍّ عليها باسمها ولا بدلالةٍ عليها. ولو كان للّه في العلم بأيّ ذلك من أيّ رضًا لم يخل عباده من نصب دلالةٍ لهم عليها يصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك في كلّ ما بالعلم به له رضًا ..
فالصّواب في ذلك أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرةٍ بعينها من أشجار الجنّة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما اللّه عنه، فأكلا منها كما وصفهما اللّه جلّ ثناؤه به. ولا علم عندنا بأيّ ذلك من أى؟
وجائزٌ أن تكون واحدةً منها، وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهلٌ لم يضرّه جهله به). [جامع البيان: 1/ 551-557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) :
قوله :{ ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ قال: الشّجرة الّتي نهي آدم عنها الكرم». وكذلك فسّره سعيد بن جبيرٍ والشّعبيّ وجعدة بن هبيرة والسّدّيّ ومحمّد بن قيسٍ .
حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة الأحمس، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، حدثنا النظر أبو عمر الخزّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم السّنبلة». وكذلك فسّره الحسن البصريّ، ووهب بن منبّهٍ، وعطيّة العوفيّ وأبو مالكٍ ومحارب بن دثارٍ، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ أنّه كان يقول: هي البرّ ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر، ألين من الزّبد، وأحلى من العسل.
الوجه الثالث:
حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ أبو زايدة، قال ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال:«تينةٌ». وكذلك فسّره قتادة وابن جريجٍ ..
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: النخلة.
حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: كانت الشّجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ .
حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ عمر بن عبد الرّحمن بن مهربٍ، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: «لمّا أسكن اللّه آدم وزوجه الجنّة نهاه عن الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها في بعضٍ، وكان لها ثمرٌ يأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 86-87]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): واختلف في هذه الشّجرة التي نهى عنها ما هي؟
- فقال ابن مسعود وابن عباس: هي الكرم ولذلك حرمت علينا الخمر .
وقال ابن جريج عن بعض الصحابة: هي شجرة التين .
وقال ابن عباس أيضا وأبو مالك وعطية وقتادة: هي السنبلة وحبها ككلى البقر، أحلى من العسل، وألين من الزبد.
وروي عن ابن عباس أيضا: «أنها شجرة العلم، فيها ثمر كل شيء». قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف لا يصح عن ابن عباس.
وحكى الطبري عن يعقوب بن عتبة: «أنها الشجرة التي كانت الملائكة تحنك بها للخلد». قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أيضا ضعيف .
قال: واليهود تزعم أنها الحنظلة، وتقول: إنها كانت حلوة ومرّت من حينئذ .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس في شيء من هذا التعيين ما يعضده خبر، وإنما الصواب أن يعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في الأكل منها، وفي حظره تعالى على آدم الشجرة ما يدل على أن سكناه في الجنة لا يدوم، لأن المخلد لا يحظر عليه شيء، ولا يؤمر ولا ينهى.
وقيل: إن هذه الشجرة كانت خصت بأن تحوج آكلها إلى التبرز، فلذلك نهي عنها فلما أكل منها ولم تكن الجنة موضع تبرز أهبط إلى الأرض .
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وقد اختلف في هذه الشّجرة ما هي؟
- فقال السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: «الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي الكرم». وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والشّعبيّ، وجعدة بن هبيرة، ومحمّد بن قيسٍ..
- وقال السّدّيّ -أيضًا- في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ -وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من الصّحابة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} هي الكرم، وتزعم يهود أنّها الحنطة .
- وقال ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسيّ، حدّثنا أبو يحيى الحمّاني، حدّثنا النّضر أبو عمر الخرّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي السّنبلة.
-وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا ابن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: هي السّنبلة.
- وقال محمّد بن إسحاق، عن رجلٍ من أهل العلم، عن حجّاجٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: (هي البرّ) .
- وقال ابن جريرٍ: وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا القاسم، حدثني رجلٌ من بني تميمٍ، أنّ ابن عبّاسٍ كتب إلى أبي الجلد يسأله عن الشّجرة الّتي أكل منها آدم، والشّجرة الّتي تاب عندها آدم. فكتب إليه أبو الجلد:(سألتني عن الشّجرة الّتي نهي عنها آدم، عليه السّلام، وهي السّنبلة، وسألتني عن الشّجرة الّتي تاب عندها آدم وهي الزّيتونة)
-وكذلك فسّره الحسن البصريّ، ووهب بن منبّه، وعطيّة العوفي، وأبو مالكٍ، ومحارب بن دثار، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى.
- وقال محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ: أنّه كان يقول ( هي البر، ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر، ألين من الزّبد وأحلى من العسل )
- وقال سفيان الثّوريّ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: النّخلة. وقال ابن جريرٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «تينةٌ». وبه قال قتادة وابن جريجٍ.
- وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: (كانت الشّجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ )
- وقال عبد الرّزّاق: حدّثنا عمر بن عبد الرّحمن بن مهرب قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: لمّا أسكن اللّه آدم وزوجته الجنّة، ونهاه عن أكل الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها من بعضٍ، وكان لها ثمرٌ تأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته) .
فهذه أقوالٌ ستّةٌ في تفسير هذه الشّجرة
قال الإمام العلّامة أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه: والصّواب في ذلك أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرةٍ بعينها من أشجار الجنّة، دون سائر أشجارها، فأكلا منها، ولا علم عندنا بأيّ شجرةٍ كانت على التّعيين؟ لأنّ اللّه لم يضع لعباده دليلًا على ذلك في القرآن ولا من السّنّة الصّحيحة.
وجائزٌ أن تكون واحدةً منها، وذلك علمٌ، إذا علم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهلٌ لم يضرّه جهله به، واللّه أعلم. [وكذلك رجّح الإمام فخر الدّين الرّازيّ في تفسيره وغيره، وهو الصواب]). [تفسير ابن كثير: 1/ 233-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- أ خرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة، وفي لفظ: البر.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم البر، ولكن الحبة منها في الجنة كمكلي البقر، ألين من الزبد وأحلى من العسل.
- وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي مالك الغفاري في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي السنبلة.
- و أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى عنها آدم، الكرم.
- وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود، مثله.
- وأخرج وكيع، وابن سعد، وابن جرير وأبو الشيخ عن جعدة بن هبيرة قال: الشجرة التي افتتن بها آدم الكرم، وجعلت فتنة لولده من بعده، والتي أكل منها آدم العنب .
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: «هي اللوز»، قلت: كذا في النسخة وهي قديمة وعندي إنها تصحفت من الكرم.
- وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: بلغني أنها التينة
- وأخرج ابن جرير عن بعض الصحابة قال: هي تينة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: هي التين.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي النخلة .
- وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: هي الأترج.
- وأخرج أحمد في الزهد عن شعيب الحيائي قال: (كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته شبه البر، تسمى الرعة وكان لباسهم النور).
. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال: (كانت الشجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث)
19- معنى قوله{ولا تقربا هذه الشّجرة }قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ومعنى {لا تقربا} ههنا: لا تأكلا، ودليل ذلك قوله: {وكلا منها رغدا حيث شئتما ولاتقربا هذه الشّجرة} أي: لا تقرباها في الأكل، {ولا تقربا} جزم بالنفي .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وقوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشّجرة} معناه: لا تقرباها بأكل، لأن الإباحة فيه وقعت. قال بعض الحذاق: إن الله لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظة تقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا مثال بين في سد الذرائع
20- تأويل قوله تعالى{ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل العربيّة في تأويل قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}
- فقال بعض نحويّي الكوفيّين: تأويل ذلك: {ولا تقربا هذه الشّجرة} فإنّكما إن قربتماها كنتما من الظّالمين. فصار الثّاني في موضع جواب الجزاء، وجواب الجزاء يعمل فيه أوّله كقولك: إن تقم أقم، فتجزم الثّاني بجزم الأوّل. فكذلك قوله: {فتكونا} لمّا وقعت الفاء في موضع شرط الأوّل نصب بها، وصيّرت بمنزلة كي في نصبها الأفعال المستقبلة للزومها الاستقبال، إذ كان أصل الجزاء الاستقبال.
- وقال بعض نحويّي أهل البصرة: تأويل ذلك: لا يكن منكما قرب هذه الشّجرة فإن تكونا من الظّالمين. غير أنّه زعم أنّ أن غير جائزٍ إظهارها مع لا، ولكنّها مضمرةٌ لابدّ منها ليصحّ الكلام بعطف اسمٍ وهي أن على الاسم، كما غير جائزٍ في قولهم عسى أن يفعل: عسى الفعل، ولا في قولك: ما كان ليفعل: ما كان لأن يفعل.
وهذا القول الثّاني يفسده إجماع جميعهم على تخطئة قول القائل: سرّني تقوم يا هذا، وهو يريد: سرّني قيامك .
فكذلك الواجب أن يكون خطأً على هذا المذهب قول القائل: لا تقم، إذا كان المعنى: لا يكن منك قيامٌ.
وفي إجماع جميعهم على صحّة قول القائل: لا تقم، وفساد قول القائل: سرّني تقوم بمعنى سرّني قيامك، الدّليل الواضح على فساد دعوى المدّعي أنّ مع لا الّتي في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} ضمير أن، وصحّة القول الآخر.
وفي قوله: {فتكونا من الظّالمين} وجهان من التّأويل:
أحدهما: أن يكون {فتكونا} في نيّة العطف على قوله: {ولا تقربا} فيكون تأويله حينئذٍ: ولا تقربا هذه الشّجرة، ولا تكونا من الظّالمين. فيكون {فتكونا} حينئذٍ في معنى الجزم مجزومٌ بما جزم به {ولا تقربا}، كما يقول القائل: لا تكلّم عمرًا ولا تؤذه، وكما قال امرؤ القيس :
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه ....... فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
فجزم (فيذرك) بما جزم به (لا تجهدنّه)، كأنّه كرّر النّهي.
والثّاني: أن يكون: {فتكونا من الظّالمين} بمعنى جواب النّهي، فيكون تأويله حينئذٍ: لا تقربا هذه الشّجرة، فإنّكما إن قربتماها كنتما من الظّالمين؛ كما تقول: لا تشتم عمرًا فيشتمك مجازاةً. فيكون {فتكونا} حينئذٍ في موضع نصبٍ إذ كان حرف عطفٍ على غير شكله لمّا كان في {ولا تقربا} حرفٌ عاملٌ فيه، لا يصلح إعادته في {فتكونا} فنصب على ما قد بيّنت في أوّل هذه المسألة.
21- معنى قوله { فتكونا من الظالمين}
وأمّا تأويل قوله: {فتكونا من الظّالمين} فإنّه يعني به فتكونا من المتعدّين إلى غير ما أذن لهم وأبيح لهم فيه. وإنّما عنى بذلك أنّكما إن قربتما هذه الشّجرة كنتما على منهاج من تعدّى حدودي وعصى أمري واستحلّ محارمي؛ لأنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ، واللّه وليّ المتّقين.
22- المعنى الإجمالي للآية:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : يقول اللّه تعالى إخبارًا عمّا أكرم به آدم بعد أن أمر الملائكة بالسّجود له، فسجدوا إلّا إبليس: إنّه أباحه الجنّة يسكن منها حيث يشاء، ويأكل منها ما شاء رغدًا، أي: هنيئًا واسعًا طيّبًا.
1- الإحتجاج بالقدر عند المصائب
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ) :
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا يعقوب، عن عمرٍو، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «احتجّ آدم وموسى عليهما السّلام، فقال له موسى: يا آدم، خلقك الله بيده، ثمّ نفخ فيك من روحه، ثمّ قال لك: كن فكنت، ثمّ أمر الملائكة فسجدوا لك، ثمّ قال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} فنهاك عن شجرةٍ واحدةٍ فعصيت ربّك، فقال آدم: يا موسى، ألم تعلم أنّ الله قدّر هذا عليّ قبل أن يخلقني؟
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لقد حجّ آدم موسى، لقد حجّ آدم موسى، لقد حجّ آدم موسى ).
- أخبرنا عيسى بن حمّادٍ، أخبرنا اللّيث، عن محمّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: لقي آدم موسى، فقال له موسى: أنت الّذي فعلت بنا الفعل، كنت في الجنّة، فأهبطتنا إلى الأرض؟ فقال له آدم عليه السّلام: أنت موسى الّذي آتاك الله التّوراة؟ قال: نعم، قال: في كم تجد التّوراة كتبت قبل خلقي؟ قال موسى عليه السّلام: بكذا وكذا، قال آدم: فلم تجد فيها خطيئتي؟ قال: بلى، قال: فتلومني في شيءٍ كتبه الله عليّ قبل خلقي؟
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فحجّ آدم موسى، فحجّ آدم موسى». [السنن الكبرى للنسائي:10/8-9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى، فقال موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله كل شيء واصطفاه برسالته، قال: نعم، قال: فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟.
- وأخرج عبد بن حميد في مسنده، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت خلقك الله بيده أسكنك جنته وأسند لك ملائكته، فأخرجت ذريتك من الجنة وأشقيتهم، فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته، تلومني في شيء وجدته قد قدر علي قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى.
- وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى قال: (يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم، فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك، قال: نعم، فقال: ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: موسى، قال: أنت نبي بني إسرائي الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه، قال: نعم، قال: فما وجدت إن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق، قال: نعم، قال: فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (فحج آدم موسى، فحج آدم موسى).
- وأخرج النسائي وأبو يعلى والطبراني والآجري عن جندب البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتج آدم وموسى؛ فقال موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة، فقال آدم: أنت موسى الذي بعثك الله رسالته وكلمك وآتاك التوراة وقربك نجيا، أنا أقدم أم الذكر؟)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى) .
- وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة، قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وأنزل عليك التوراة، وكلمك تكليما، فبكم خطيئتي سبقت خلقي؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى).
- وأخرج ابن النجار عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( «التقى آدم وموسى عليهما السلام، فقال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وأدخلك جنته، ثم أخرجتنا منها، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وقربك نجيا، وأنزل عليك التوراة، فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم تجده كتب علي قبل أن أخلق؟ قال: أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام، فحج آدم موسى»). [الدر المنثور: 1/ 285-294]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ويقال لامرأة الرّجل زوجه وزوجته، والزّوجة بالهاء أكثر في كلام العرب منها بغير الهاء، والزّوج بغير الهاء يقال إنّه لغةٌ لأزد شنوءة. فأمّا الزّوج الّذي لا اختلاف فيه بين العرب فهو زوج المرأة). [جامع البيان: 1/ 547- 549]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وأهل الحجاز يقولون للمرأة: «زوج»، وسائر العرب يقولون: «زوجة»). [المذكور والمؤنث: 97]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {وزوجك} عطف عليه، والزوج امرأة الرجل وهذا أشهر من زوجة .
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وأصل الظّلم في كلام العرب: وضع الشّيء في غير موضعه، ومنه قول نابغة بني ذبيان
إلاّ الأواريّ لأيًا ما أبيّنها ........ والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
فجعل الأرض مظلومةً، لأنّ الّذي حفر فيها النّوى حفر في غير موضع الحفر، فجعلها مظلومةً
ظلم البطاح به انهلال حريصةٍ........ فصفا النّطاف له بعيد المقلع
وظلمه إيّاه: مجيئه في غير أوانه، وانصبابه في غير مصبّه. ومنه: ظلم الرّجل جزوره، وهو نحره إيّاه لغير علّةٍ؛ وذلك عند العرب: وضع النّحر في غير موضعه.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): والظالم في اللغة الذي يضع الشيء غير موضعه، ومنه قولهم: «من أشبه أباه فما ظلم»، ومنه «المظلومة الجلد» لأن المطر لم يأتها في وقته، ومنه قول عمرو بن قمئة:
ظلم البطاح بها انهلال حريصة ....... فصفا النطاف له بعيد المقلع
والظلم في أحكام الشرع على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلم المعاصي وهي مراتب، وهو في هذه الآية يدل على أن قوله: {ولا تقربا} على جهة الوجوب، لا على الندب، لأن من ترك المندوب لا يسمى ظالما، فاقتضت لفظة الظلم قوة النهي). [المحرر الوجيز: 1/ 181-184]
1- مجيء الضمير بصيغة الجمع في قوله {قلنا يآدم}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقلنا يا آدم} هذا شيء تكلمت به العرب، تتكلم بالواحد على لفظ الجميع.
2- رفع الاسم المفرد في باب الدعاء:
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه) : قوله: {يا آدم اسكن} و{يا آدم أنبئهم} و{يا فرعون إني رسولٌ} فكل هذا إنما ارتفع لأنه اسم مفرد، والاسم المفرد مضموم في الدعاء، وهو في موضع نصب، ولكنه جعل كالأسماء التي ليست بمتمكنة.
فإذا كان مضافا انتصب؛ لأنه الأصل، وإنما يريد "أعني فلاناً" و"أدعو"، وذلك مثل قوله: {يا أبانا ما لك لا تأمنّا} و{ربّنا ظلمنا أنفسنا} إنما يريد: "يا ربّنا ظلمنا أنفسنا"، وقوله: {ربّنا تقبّل منّا} هذا باب الفاء.ـ.
قال بن عطية : {أنت} تأكيد للضمير الذي في اسكن
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): وحذفت النون من {كلا} للأمر، والألف الأولى لحركة الكاف حين حذفت الثانية لاجتماع المثلين وهو حذف شاذ .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ):و{رغداً} منصوب على الصفة لمصدر محذوف، وقيل: هو نصب على المصدر في موضع الحال .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : و{حيث} مبنية على الضم، ومن العرب من يبنيها على الفتح، ومن العرب من يعربها حسب موضعها بالرفع والنصب والخفض، كقوله سبحانه: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [الأعراف: 82، القلم: 44] ومن العرب من يقول : (حوث) .
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207ه)
إن شئت جعلت {فتكونا} جواباً نصباً، وإن شئت عطفته على أوّل الكلام فكان جزماً، مثل قول امرئ القيس
:فقلت له صوّب ولا تجهدنّه ....... فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
فجزم، ومعنى الجزم كأنّه تكرير النهى، كقول القائل: لا تذهب ولا تعرض لأحد، ومعنى الجواب والنّصب: لا تفعل هذا فيفعل بك مجازاةً، فلمّا عطف حرف على غير ما يشاكله -وكان في أوّله حادثٌ لا يصلح في الثاني- نصب، ومثله قوله: {ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي} و{لا تفتروا على اللّه كذباً فيسحتكم بعذابٍ} و{لا تميلوا كلّ الميل فتذروها كالمعلّقة} وما كان من نفى ففيه ما في هذا، ولا يجوز الرفع في واحد من الوجهين إلا أن تريد الاستئناف؛ بخلاف المعنيين؛ كقولك للرجل: لا تركب إلى فلان فيركب إليك؛ تريد: لا تركب إليه فإنه سيركب إليك، فهذا مخالف للمعنيين؛ لأنه استئناف، وقد قال الشاعر
ألم تسأل الّربع القديم فينطق ....... وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
أراد: ألم تسأل الربع فإنه يخبرك عن أهله، ثم رجع إلى نفسه فأكذبها.
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه) قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} فهذا الذي يسميه النحويون "جواب الفاء"، وهو ما كان جواباً للأمر والنهي والاستفهام والتمني والنفي والجحود، ونصب ذلك كله على ضمير "أن"، وكذلك الواو وإن لم يكن معناها مثل معنى الفاء.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): وقوله عزّ وجلّ: {فتكونا من الظالمين} نصب، لأن جواب النهي بالفاء نصب، ونصبه عند سيبويه والخليل بإضمار أن، والمعنى: لا يكن منكما قرب لهذه الشجرة فتكونا من الظالمين، ويجوز أن يكون {فتكونا} جزم على العطف، على قوله: ولا تقربا فتكونا). [معاني القرآن: 1/ 114]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : و{شئتما} أصله شيأتما حوّل إلى فعلتما تحركت ياؤه وانفتح ما قبلها جاء شائتما، حذفت الألف الساكنة الممدودة للالتقاء وكسرت الشين لتدل على الياء فجاء شئتما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: هذا تعليل المبرد، فأما سيبويه فالأصل عنده شيئتما بكسر الياء، نقلت حركة الياء إلى الشين، وحذفت الياء بعد.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والهاء في هذه بدل من الياء، وليس في الكلام هاء تأنيث مكسور ما قبلها غير هذه .
1- ماجاء في باب سد الذرائع
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وقوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشّجرة} معناه: لا تقرباها بأكل، لأن الإباحة فيه وقعت. قال بعض الحذاق: إن الله لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظة تقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا مثال بين في سد الذرائع.
2-دلت القرينة (لفظة الظلم) في الآية على أن الأمر للوجوب
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والظلم في أحكام الشرع على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلم المعاصي وهي مراتب، وهو في هذه الآية يدل على أن قوله: {ولا تقربا} على جهة الوجوب، لا على الندب، لأن من ترك المندوب لا يسمى ظالما، فاقتضت لفظة الظلم قوة النهي) [المحرر الوجيز: 1/ 181-184].
1- الحكمة من الأمر والنهي هي سنة الإبتلاء
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة:«قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما} ثمّ أتى البلاء الّذي كتب على الخلق كتب على آدم ، كما ابتلي الخلق قبله .أنّ اللّه جلّ ثناؤه أحلّ له ما في الجنّة أن يأكل منها رغدًا حيث شاء غير شجرةٍ واحدةٍ نهي عنها، وقدّم إليه فيها، فما زال به البلاء حتّى وقع بالّذي نهي عنه»). [جامع البيان: 1/ 549-551]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وأمّا قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} فهو اختبارٌ من اللّه تعالى وامتحانٌ لآدم .
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ):
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: «ابتلى الله آدم كما ابتلى الملائكة قبله، وكل شيء خلق مبتلى، ولم يدع الله شيئا من خلقه إلا ابتلاه بالطاعة، فما زال البلاء بآدم حتى وقع فيما نهي عنه.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: «ابتلى الله آدم فأسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء، ونهاه عن شجرة واحدة أن يأكل منها وقدم إليه فيها، فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه،فبدت له سوءته عند ذلك وكان لا يراها فأهبط من الجنة»). [الدر المنثور: 1/ 282-285]