دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > البحوث التفسيرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 صفر 1436هـ/16-12-2014م, 04:44 AM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي بحث تفسيري للآيتين [35-36] من سورة البقرة

بسم الله ..والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 3 ربيع الأول 1436هـ/24-12-2014م, 02:55 PM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي

بحث تفسيري
من سورة البقرة الآيات[35-36]

{وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}
عناصر البحث
الآية [35]
القراءات
1- القراءات في قوله { رغدا}
2- القراءات في قوله { هذه }
المسائل التفسيرية
1- بيان أن آدم عليه السلام هو أول الأنبياء
2- آدم عليه السلام نبي مكلم
3- مم خلق آدم ؟
4- متى خلق آدم ؟
5- معنى قوله { اسكن}
6- معنى قوله {وزوجك}
7- متى خلقت حواء؟
8- معنى الجنة
9- هل الجنة التي سكنها آدم هي جنة الخلد؟
10- متى أخرج إبليس من الجنة ؟
11- متى سكن آدم الجنة ؟
12- كم مكث آدم في الجنة ؟
13- تزيين حواء لآدم الأكل من الشجرة اثر لايصح
14- المقصود بلفظ الأمر {كلا}
15- عود الضمير في قوله {منها}
16- معنى قوله { رغدا}
17- ما العائد في اسم الإشارة (هذه) في قوله { ولاتقربا هذه الشجرة}
18- الشجرة التي نهي آدم عن الأكل منها
19- معنى قوله تعالى { ولاتقربا هذه الشجرة}
20- تأويل قوله تعالى{ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
21- معنى قوله { فتكونا من الظالمين}
22- المعنى الإجمالي للآية
المسائل العقدية
1- الإحتجاج بالقدر عند المصائب
المسائل البلاغية
1- مايقال لامرأة الرجل
2- معنى كلمة الظلم
المسائل النحوية
1- مجيء الضمير بصيغة الجمع في قوله تعالى { قلنا ياآدم}
2- رفع الاسم المفرد في باب الدعاء
الإعراب
1- اعراب { أنت}
2- اعراب {كلا}
3- اعراب { رغدا }
4- اعراب { حيث }
5- اعراب {فتكونا}
المسائل الصرفية
1- أصل كلمة {شئتما}
2- أصل الهاء في {هذه}
المسائل الفقهية
1- ماجاء في باب سد الذرائع
2- دلت القرينة ( لفظة الظلم) في الآية على أن الأمر للوجوب.
الفوائد السلوكية
1-الحكمة من الأمر والنهي هي سنة الإبتلاء


الآية [36]

القراءات
1- القراءات في قوله تعالى { فأزلهما}
2- القراءات في قوله {اهبطوا}
المسائل التفسيرية
1- معنى {فأزلهما }
2- سبب تسمية الشيطان بهذا الاسم
3- الحكمة من اضافة الإخراج إلى إبليس
4- كيف استزل إبليس آدم عليه السلام ؟
5- عود الضمير في قوله تعالى { عنها}
6- معنى قوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه }
7- معنى هبط
8- هل كان هبوط المخاطبن بوقت واحد ؟
9- من المخاطب في قوله الله تعالى { اهبطوا }
10- طبيعة العداوة مابين آدم وزوجته، وابليس والحية
11- مكان هبوط كل من آدم وحواء وإبليس والحية
12- تأويل قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر}
13- معنى قوله تعالى { ومتاع }
المسائل العقدية
1- إثبات المعاد
المسائل النحوية
الإعراب
1- اعراب قوله تعالى { بعضكم لبعض عدو}
المسائل اللغوية
1-تعامل «بعض» معاملة المفرد، وتأتي «عدو» للمفرد والجمع
الفوائد الفقهية
1- حكم قتل الحيات
الفوائد السلوكية
1- شؤم وعقوبة المعصية
2- تسلية آدم عليه السلام والمؤمنين بإخبارجهم برجوعهم إلى الجنة بعد حين

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 3 ربيع الأول 1436هـ/24-12-2014م, 04:29 PM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي

المرحلة الأولى: تصنيف أقوال العلماء في قوله تعالى
{وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}

تصنيف الأقوال في الآية [35]

القراءات
1- القراءات في قوله {رغدا}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): وقرأ ابن وثاب والنخعي «رغدا» بسكون الغين، والجمهور على فتحها.
2- القراءات في قوله{ هذه }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : قرأ ابن محيصن هذي على الأصل .
المسائل التفسيرية
1- بيان أن آدم عليه السلام هو أول الأنبياء
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال:«نعم، نبي مكلم»، قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا)
- وأخرج عبد بن حميد والآجري في الأربعين عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول من كان أولهم يعني الرسل-؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله أنبي مرسل؟ قال: (نعم، خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبلا).
وأخرج أحمد، وابن المنذر والطبراني، وابن مردويه عن أبي أمامة أن أبا ذر قال: يا نبي الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قال: أو نبي كان آدم؟ قال: «نعم، نبي مكلم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال له: يا آدم قبلا»، قلت: يا رسول الله كم وفى عدة الأنبياء؟ قال:(مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا)
2- آدم عليه السلام نبي مكلم
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه، من حديث محمّد بن عيسى الدّامغانيّ، حدّثنا سلمة بن الفضل، عن ميكائيل، عن ليثٍ، عن إبراهيم التّيميّ، عن أبيه، عن أبي ذرٍ: قال: قلت: يا رسول اللّه؛ أريت آدم، أنبيًّا كان؟ قال:«نعم، نبيًّا رسولًا كلّمه اللّه قبلا فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة}.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أرأيت آدم نبيا كان؟ قال :(نعم، كان نبيا رسولا كلمه الله قبلا قال له: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة})
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي أمامة الباهلي أن رجلا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال:«نعم، مكلم»، قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: «عشرة قرون»، قال: كم بين نوح وبين إبراهيم؟ قال:«عشرة قرون»، قال: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال:«مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا»، قال: يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا).
3- مم خلق آدم ؟
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ) : نا معمر، قال: أخبرني شيخ، أن ابن عباس في قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد الله فنسي فسماه الإنسان»، قال ابن عباس:«فبالله ما غابت الشمس حتى أهبط من الجنة»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ) : (نا معمر، قال: أخبرنا عوف الأعرابي، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري أن النبي قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض كلها فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأبيض والأسود والأحمر وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب»). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه):قوله: {وقلنا يا آدم}
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن ابن عبّاسٍ قال: «وإنّما سمّي آدم لأنّه خلق من أديم الأرض»). [تفسير القرآن العظيم: 1/85 ]
4- متى خلق آدم
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة} ، حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ):وقال الزّهريّ عن عبد الرّحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها» رواه مسلمٌ والنّسائيّ .
5- معنى قوله {اسكن}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {اسكن} معناه لازم الإقامة، ولفظه لفظ الأمر ومعناه الإذن.
6- معنى قوله { وزوجك}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {وزوجك} عطف عليه والزوج امرأة الرجل وهذا أشهر من زوجة
7- متى خلقت حواء ؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- قال ابن عبّاسٍ بما حدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «فأخرج إبليس من الجنّة حين لعن، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها. فنام نومةً فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأةٌ، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء، قالوا: ولم سمّيت حوّاء؟ قال: لأنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ. فقال اللّه له: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما}.
فهذا الخبر ينبئ عن أنّ حوّاء خلقت بعد أن سكن آدم الجنّة فجعلت له سكنًا .
- وقال آخرون: بل خلقت قبل أن يسكن آدم الجنّة. ذكر من قال ذلك :
حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم } . قال: «ثمّ ألقى السّنة على آدم، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ وغيره، ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقّه الأيسر ولأم مكانه لحمًا وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومته حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلمّا كشف عنه السّنة وهبّ من نومته رآها إلى جنبه فقال فيما يزعمون واللّه أعلم: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها. فلمّا زوّجه اللّه تبارك وتعالى وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبلا: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين } .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه) : حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: «أخرج إبليس من الجنّة، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها، فنام نومةً فاستيقظ وعند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ فقالت: امرأةٌ. قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ، قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء. قالوا: ولم حوّاء؟ قال: إنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ فقال اللّه: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 85]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : فقال ابن عباس: «حين أنبأ الملائكة بالأسماء واسجدوا له ألقيت عليه السنة وخلقت حواء، فاستيقظ وهي إلى جانبه فقال فيما يزعمون: لحمي ودمي، وسكن إليها، فذهبت الملائكة لتجرب علمه، فقالوا له يا آدم ما اسمها؟ قال: حواء. قالوا: ولم؟». قال: «لأنها خلقت من شيء حي، ثم قال الله له: اسكن أنت وزوجك الجنّة».
وقال ابن مسعود وابن عباس أيضا: (لما أسكن آدم الجنة مشى فيها مستوحشا، فلما نام خلقت حواء من ضلعه القصيرى، ليسكن إليها ويستأنس بها، فلما انتبه رآها، فقال: من أنت؟ قالت: امرأة خلقت من ضلعك لتسكن إلي).
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : قال محمد بن اسحاق : قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس، أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم} ، قال:«ثمّ ألقيت السّنة على آدم -فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن ابن عبّاسٍ وغيره- ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومه، حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلمّا كشف عنه السّنة وهبّ من نومه، رآها إلى جنبه، فقال -فيما يزعمون واللّه أعلم-: لحمي ودمي وروحي. فسكن إليها. فلمّا زوّجه اللّه، وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبلا{يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} .
- ويقال: إنّ خلق حوّاء كان بعد دخوله الجنّة، كما قال السّدّيّ في تفسيره، ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من الصّحابة: (أخرج إبليس من الجنّة، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليه، فنام نومةً فاستيقظ، وعند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأةٌ. قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليّ. قالت له الملائكة -ينظرون ما بلغ من علمه-: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء. قالوا: ولم سمّيت حوّاء؟ قال: إنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ. قال اللّه: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما} ).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر من طريق السدي بن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: «لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة، فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها: ما أنت؟ قالت: امرأة، قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إلي، قالت له الملائكة ينظرون ما يبلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا: لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من حي، فقال الله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}».- وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال: (نام آدم فخلقت حواء من قصيراه، فاستيقظ فرآها فقال: من أنت؟ فقالت: أنا أثا، يعني امرأة بالسريانية ).
8- معنى الجنة
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والجنّة البستان عليه حظيرة
9- هل الجنة التي سكنها آدم هي جنة الخلد؟
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): واختلف في الجنة التي أسكنها آدم، هل هي جنة الخلد أو جنة أعدت لهما؟ وذهب من لم يجعلها جنة الخلد إلى أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها، وهذا لا يمتنع، إلا أن السمع ورد أن من دخلها مثابا لا يخرج منها، وأما من دخلها ابتداء كآدم فغير مستحيل ولا ورد سمع بأنه لا يخرج منها
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه)
فإن قيل: فإذا كانت جنّة آدم الّتي أسكنها في السّماء كما يقوله الجمهور من العلماء، فكيف يمكّن إبليس من دخول الجنّة، وقد طرد من هنالك طردًا قدريًّا، والقدريّ لا يخالف ولا يمانع؟
فالجواب: أنّ هذا بعينه استدلّ به من يقول: إنّ الجنّة الّتي كان فيها آدم في الأرض لا في السّماء، وقد بسطنا هذا في أوّل كتابنا البداية والنّهاية، وأجاب الجمهور بأجوبةٍ، أحدها: أنّه منع من دخول الجنّة مكرّمًا، فأمّا على وجه الرّدع والإهانة، فلا يمتنع؛
ولهذا قال بعضهم: كما جاء في التّوراة أنّه دخل في فم الحيّة إلى الجنّة
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: «خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في جنات الفردوس)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وقد اختلف في الجنّة الّتي أسكنها آدم، أهي في السّماء أم في الأرض؟ والأكثرون على الأوّل [وحكى القرطبيّ عن المعتزلة والقدريّة القول بأنّها في الأرض] .
10- متى أخرج إبليس من الجنة ؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} :
- قال أبو جعفرٍ: وفي هذه الآية دلالةٌ واضحةٌ على صحّة قول من قال: إنّ إبليس أخرج من الجنّة بعد الاستكبار عن السّجود لآدم، وأسكنها آدم قبل أن يهبط إبليس إلى الأرض؛ ألا تسمعون اللّه جلّ ثناؤه يقول: {وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين فأزلّهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه} فقد تبيّن أنّ إبليس إنّما أزلّهما عن طاعة اللّه، بعد أن لعن وأظهر التّكبّر؛ لأنّ سجود الملائكة لآدم كان بعد أن نفخ فيه الرّوح، وحينئذٍ كان امتناع إبليس من السّجود له، وعند الامتناع من ذلك حلّت عليه اللّعنة .
- كما حدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (أنّ عدوّ اللّه إبليس أقسم بعزّة اللّه ليغوينّ آدم وذرّيّته وزوجته، إلاّ عباد الله المخلصين منهم، بعد أن لعنه اللّه، وبعد أن أخرج من الجنّة، وقبل أن يهبط إلى الأرض، وعلّم اللّه آدم الأسماء كلّها)
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: (لمّا فرغ اللّه من إبليس ومعاتبته، وأبى إلاّ المعصية، وأوقع عليه اللّعنة، ثمّ أخرجه من الجنّة؛ أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم}) .
11- متى سكن آدم الجنة
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : حدّثنا عصام بن روّادٍ العسقلانيّ، ثنا آدم ابن أبي إياسٍ، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) : وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال:( خلق الله آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنة يوم الجمعة، فجعله في جنات الفردوس )
12- كم مكث آدم في الجنة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه):
- وقال الحاكم: حدّثنا أبو بكر بن بالويه، عن محمّد بن أحمد بن النّضر، عن معاوية بن عمرٍو، عن زائدة، عن عمّار بن معاوية البجلي، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: «ما أسكن آدم الجنّة إلّا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشّمس». ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرجاهـ .
-وقال عبد بن حميدٍ في تفسيره: حدّثنا روح، عن هشامٍ، عن الحسن، قال:(لبث آدم في الجنّة ساعةً من نهارٍ، تلك السّاعة ثلاثون ومائة سنةٍ من أيّام الدّنيا)
-وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، قال: (خرج آدم من الجنّة للسّاعة التّاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنًا من شجر الجنّة، على رأسه تاجٌ من شجر الجنّة وهو الإكليل من ورق الجنّة)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ):
-وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال:(ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)
-وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر عن ابن عباس قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد إليه فنسي فسماه الإنسان»، قال ابن عباس: (فتالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة إلى الأرض ).
-وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن قال: (لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا).
-وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال: (ما كان آدم عليه السلام في الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر).
-وأخرج عبد الله في زوائده عن موسى بن عقبة قال:«مكث آدم في الجنة ربع النهار، وذلك ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة، فبكى على الجنة مائة سنة»). [الدر المنثور: 1/ 274-278]
13- تزيين حواء لآدم الأكل من الشجرة أثر لايصح
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال أحمد بن منيعٍ: ثنا عبّاد بن العوام، ثنا سفيان بن حسين، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- قال: «قال اللّه -تعالى- لآدم -عليه السّلام-: ما حملك على أن أكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها؟ فاعتلّ آدم فقال: يا ربّ، زيّنته لي حوّاء. قال: فإنّي عاقبتها أن لا تحمل، إلّا كرهًا، ولا تضع إلّا كرهًا، ودميتها في كلّ شهرٍ مرّتين. فرنّت حوّاء عند ذلك فقيل لها: عليك الرّنّة وعلى بناتك).
هذا إسنادٌ فيه مقالٌ؟ معلّى بن مسلمٍ لم أقف على ترجمته وباقي رواته ثقاتٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 176]
14- المقصود بلفظ الأمر (كلا)
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : ولفظ هذا الأمر بـ{كلا} معناه الإباحة، بقرينة قوله: {حيث شئتما}
15- عود الضمير في قوله {منها }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : والضمير في {منها} عائد على الجنّة .
16- معنى قوله تعالى {رغدا}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210ه) قوله{فكلا منها رغداً} الرغد: الكثير الذي لا يعنّيك من ماء أو عيش أو كلأ أو مال، يقال: قد أرغد فلان، أي: أصاب عيشًا واسعاَ، قال الأعشى:
زبداً بمصرٍ يوم يسقى أهلها ....... رغداً تفجّره النبيط خلالها
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237ه): الرغد: الكثير الذي لا يعينك من ماء أو عيش أو كلأ. يقال: "قد ارغد فلان" أي: أصاب عيشا واسعا). [غريب القرآن وتفسيره:68 ]`
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276ه): رزقاً واسعاً كثيراً، يقال: أرغد فلان إذا صار في خصب وسعة). [تفسير غريب القرآن: 46]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- قال أبو جعفرٍ: أمّا الرّغد، فإنّه الواسع من العيش، الهنيء الّذي لا يعنّي صاحبه، يقال: أرغد فلانٌ: إذا أصاب واسعًا من العيش الهنيء، كما قال امرؤ القيس بن حجرٍ.
بينما المرؤ تراه ناعمًا ....... يأمن الأحداث في عيشٍ رغد
- وحدّثني به موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكلا منها رغدًا} قال: الرّغد: الهنيء.
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قوله: {رغدًا} قال: لا حساب عليهم.
- وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، مثله
- وحدّثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدّثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {وكلا منها رغدًا حيث شئتما} قال: الرّغد: سعة المعيشة .
فمعنى الآية: وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة، وكلا من الجنّة رزقًا واسعًا هنيئًا من العيش حيث شئتما.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): الرغد: الكثير الذي لا يعنيك.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه ) : وقوله تعالى{وكلا منها رغدا حيث شئتما }
الوجه الأول
حدّثنا أبو زرعة، ثنا منجابٌ، أنبأ بشرٌ، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {وكلا منها رغدًا} قال: الرّغد: سعة المعيشة .
الوجه الثاني
حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله{رغدا}قال: .«لا حساب عليهم»
الوجه الثالث
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة، عن السّدّيّ: {وكلا منها رغدًا حيث شئتما}:«والرّغد: الهنيء». [تفسير القرآن العظيم: 1/ 85-86]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رغدًا}: واسعًا). [تفسير المشكل من غريب القرآن:26 ]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({رَغَداً}: كثيرا). [العمدة في غريب القرآن:73 ]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : والرغد العيش الدارّ الهنيّ الذي لا عناء فيه، ومنه قول امرئ القيس
بينما المرء تراه ناعما ....... يأمن الأحداث في عيش رغد
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه ) :
- أخرج ابن جرير، وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: «الرغد: الهني».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: «الرغد: سعة العيشة».
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {وكلا منها رغدا حيث شئتما} قال: «لا حساب عليكم»). [الدر المنثور: 1/ 282] ـ
17- العائد في اسم الإشارة هذه في قوله { ولاتقربا هذه الشجرة }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وتحتمل هذه الإشارة أن تكون إلى شجرة معينة واحدة، أو إلى جنس .
18- الشجرة التي نهي آدم عن الأكل منها
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ) :
أخبرني الليث بن سعد، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، أنه قال: «بلغني أن الشجرة التي أكل منها آدم هي حبلة العنب»). [الجامع في علوم القرآن: 2/ 119]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ) :
قال أبو جعفرٍ: والشّجر في كلام العرب: كلّ ما قام على ساقٍ، ومنه قول اللّه جلّ ثناؤه: {والنّجم والشّجر يسجدان} يعني بالنّجم: ما نجم من الأرض من نبتٍ. وبالشّجر: ما استقلّ على ساقٍ .
ثمّ اختلف أهل التّأويل في عين الشّجرة الّتي نهي عن أكل ثمرها آدم:
فقال بعضهم: هي السّنبلة، ذكر من قال ذلك :
- حدّثني محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا عبد الحميد الحمّانيّ، عن النّضر، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشّجرة الّتي نهي آدم عنها: السّنبلة .
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمران بن عيينة، جميعًا، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: هي السّنبلة .
- وحدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن مهديٍّ، وحدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قالا جميعًا: حدّثنا سفيان، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، مثله.
- وحدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطيّة: في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: السّنبلة.
- وحدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، عن سعيدٍ، عن قتادة قال: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم هي السّنبلة.
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدّثنا القاسم، قال: حدّثني رجلٌ من بني تميمٍ أنّ ابن عبّاسٍ كتب إلى أبي الجلد يسأله عن الشّجرة الّتي أكل منها آدم والشّجرة الّتي تاب عندها، فكتب إليه أبو الجلد: «سألتني عن الشّجرة الّتي نهي عنها آدم، وهي السّنبلة. وسألتني عن الشّجرة الّتي تاب عندها آدم، وهي الزّيتونة .
وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن رجلٍ من أهل العلم، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ: أنّه كان يقول: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم: البرّ .
وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: كانت الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته السّنبلة.
وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ اليمانيّ: أنّه كان يقول: «هي البرّ؛ ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر ألين من الزّبد وأحلى من العسل. وأهل التّوراة يقولون: هي البرّ .
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: أنّه حدّث أنّها الشّجرة الّتي تحنكّ بها الملائكة للخلدة .
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن محارب بن دثارٍ، قال:هي السّنبلة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن محارب بن دثارٍ، قال: هي السّنبلة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، قال: هي السّنبلة الّتي جعلها اللّه رزقًا لولده في الدّنيا .
وقال آخرون: هي الكرمة، ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ، قال: هي الكرمة .
حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «هي الكرمة. وتزعم اليهود أنّها الحنطة.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: الشّجرة هي الكرم .
- وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة، قال: هو العنب في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة}.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثني أبي، عن خلاّدٍ الصّفّار، عن بيانٍ، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
- وحدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة، قال: الشّجرة الّتي نهي عنها آدم: شجرة الخمر.
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا عبّاد بن العوّام، قال: حدّثنا سفيان بن حسينٍ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: قوله {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
- وحدّثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن السّدّيّ، قال: العنب.
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قال: عنبٌ .
- وحدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني الحسين، قال: حدّثنا خالدٌ الواسطيّ، عن بيانٍ، عن الشّعبيّ، عن جعدة بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: الكرم .
وقال آخرون: هي التّينة، ذكر من قال ذلك
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن بعض أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: تينةٌ .
قال أبو جعفرٍ: والقول في ذلك عندنا أنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر عباده أنّ آدم وزوجته أكلا من الشّجرة الّتي نهاهما ربّهما عن الأكل منها، فأتيا الخطيئة الّتي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها، بعد أن بيّن اللّه جلّ ثناؤه لهما عين الشّجرة الّتي نهاهما عن الأكل منها وأشار لهما إليها بقوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} ولم يضع اللّه جلّ ثناؤه لعباده المخاطبين بالقرآن دلالةً على أيّ أشجار الجنّة كان نهيه آدم أن يقربها بنصٍّ عليها باسمها ولا بدلالةٍ عليها. ولو كان للّه في العلم بأيّ ذلك من أيّ رضًا لم يخل عباده من نصب دلالةٍ لهم عليها يصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك في كلّ ما بالعلم به له رضًا ..
فالصّواب في ذلك أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرةٍ بعينها من أشجار الجنّة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما اللّه عنه، فأكلا منها كما وصفهما اللّه جلّ ثناؤه به. ولا علم عندنا بأيّ ذلك من أى؟
وقد قيل: كانت شجرة البر
وقيل : كانت شجرة العنب.
وقيل : كانت شجرة التين .
وجائزٌ أن تكون واحدةً منها، وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهلٌ لم يضرّه جهله به). [جامع البيان: 1/ 551-557]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) :
قوله :{ ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
الوجه الأول:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ قال: الشّجرة الّتي نهي آدم عنها الكرم». وكذلك فسّره سعيد بن جبيرٍ والشّعبيّ وجعدة بن هبيرة والسّدّيّ ومحمّد بن قيسٍ .
الوجه الثاني
حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة الأحمس، ثنا أبو يحيى الحمّانيّ، حدثنا النظر أبو عمر الخزّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: «الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم السّنبلة». وكذلك فسّره الحسن البصريّ، ووهب بن منبّهٍ، وعطيّة العوفيّ وأبو مالكٍ ومحارب بن دثارٍ، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن عيسى، ثنا سلمة بن الفضل، حدّثني محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ أنّه كان يقول: هي البرّ ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر، ألين من الزّبد، وأحلى من العسل.
الوجه الثالث:
حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ أبو زايدة، قال ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال:«تينةٌ». وكذلك فسّره قتادة وابن جريجٍ ..
الوجه الرابع
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا أبو أحمد، عن سفيان، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: النخلة.
حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع، عن أبي العالية قال: كانت الشّجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ .
حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ عمر بن عبد الرّحمن بن مهربٍ، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: «لمّا أسكن اللّه آدم وزوجه الجنّة نهاه عن الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها في بعضٍ، وكان لها ثمرٌ يأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 86-87]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): واختلف في هذه الشّجرة التي نهى عنها ما هي؟
- فقال ابن مسعود وابن عباس: هي الكرم ولذلك حرمت علينا الخمر .
وقال ابن جريج عن بعض الصحابة: هي شجرة التين .
وقال ابن عباس أيضا وأبو مالك وعطية وقتادة: هي السنبلة وحبها ككلى البقر، أحلى من العسل، وألين من الزبد.
وروي عن ابن عباس أيضا: «أنها شجرة العلم، فيها ثمر كل شيء». قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا ضعيف لا يصح عن ابن عباس.
وحكى الطبري عن يعقوب بن عتبة: «أنها الشجرة التي كانت الملائكة تحنك بها للخلد». قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا أيضا ضعيف .
قال: واليهود تزعم أنها الحنظلة، وتقول: إنها كانت حلوة ومرّت من حينئذ .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس في شيء من هذا التعيين ما يعضده خبر، وإنما الصواب أن يعتقد أن الله تعالى نهى آدم عن شجرة فخالف هو إليها وعصى في الأكل منها، وفي حظره تعالى على آدم الشجرة ما يدل على أن سكناه في الجنة لا يدوم، لأن المخلد لا يحظر عليه شيء، ولا يؤمر ولا ينهى.
وقيل: إن هذه الشجرة كانت خصت بأن تحوج آكلها إلى التبرز، فلذلك نهي عنها فلما أكل منها ولم تكن الجنة موضع تبرز أهبط إلى الأرض .
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وقد اختلف في هذه الشّجرة ما هي؟
- فقال السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: «الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي الكرم». وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والشّعبيّ، وجعدة بن هبيرة، ومحمّد بن قيسٍ..
- وقال السّدّيّ -أيضًا- في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ -وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من الصّحابة: {ولا تقربا هذه الشّجرة} هي الكرم، وتزعم يهود أنّها الحنطة .
- وقال ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسيّ، حدّثنا أبو يحيى الحمّاني، حدّثنا النّضر أبو عمر الخرّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي السّنبلة.
-وقال عبد الرّزّاق: أنبأنا ابن عيينة وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرٍو، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: هي السّنبلة.
- وقال محمّد بن إسحاق، عن رجلٍ من أهل العلم، عن حجّاجٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: (هي البرّ) .
- وقال ابن جريرٍ: وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا القاسم، حدثني رجلٌ من بني تميمٍ، أنّ ابن عبّاسٍ كتب إلى أبي الجلد يسأله عن الشّجرة الّتي أكل منها آدم، والشّجرة الّتي تاب عندها آدم. فكتب إليه أبو الجلد:(سألتني عن الشّجرة الّتي نهي عنها آدم، عليه السّلام، وهي السّنبلة، وسألتني عن الشّجرة الّتي تاب عندها آدم وهي الزّيتونة)
-وكذلك فسّره الحسن البصريّ، ووهب بن منبّه، وعطيّة العوفي، وأبو مالكٍ، ومحارب بن دثار، وعبد الرّحمن بن أبي ليلى.
- وقال محمّد بن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبّهٍ: أنّه كان يقول ( هي البر، ولكنّ الحبّة منها في الجنّة ككلى البقر، ألين من الزّبد وأحلى من العسل )
- وقال سفيان الثّوريّ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: النّخلة. وقال ابن جريرٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «تينةٌ». وبه قال قتادة وابن جريجٍ.
- وقال أبو جعفرٍ الرّازيّ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية: (كانت الشّجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ )
- وقال عبد الرّزّاق: حدّثنا عمر بن عبد الرّحمن بن مهرب قال: سمعت وهب بن منبّهٍ يقول: لمّا أسكن اللّه آدم وزوجته الجنّة، ونهاه عن أكل الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها من بعضٍ، وكان لها ثمرٌ تأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته) .
فهذه أقوالٌ ستّةٌ في تفسير هذه الشّجرة
قال الإمام العلّامة أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه: والصّواب في ذلك أن يقال: إنّ اللّه جلّ ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرةٍ بعينها من أشجار الجنّة، دون سائر أشجارها، فأكلا منها، ولا علم عندنا بأيّ شجرةٍ كانت على التّعيين؟ لأنّ اللّه لم يضع لعباده دليلًا على ذلك في القرآن ولا من السّنّة الصّحيحة.
وقد قيل: كانت شجرة البرّ
وقيل : كانت شجرة العنب
وقيل : كانت شجرة التين .
وجائزٌ أن تكون واحدةً منها، وذلك علمٌ، إذا علم ينفع العالم به علمه، وإن جهله جاهلٌ لم يضرّه جهله به، واللّه أعلم. [وكذلك رجّح الإمام فخر الدّين الرّازيّ في تفسيره وغيره، وهو الصواب]). [تفسير ابن كثير: 1/ 233-235]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- أ خرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة، وفي لفظ: البر.
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم البر، ولكن الحبة منها في الجنة كمكلي البقر، ألين من الزبد وأحلى من العسل.
- وأخرج وكيع، وعبد بن حميد، وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي مالك الغفاري في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي السنبلة.
- و أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى عنها آدم، الكرم.
- وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود، مثله.
- وأخرج وكيع، وابن سعد، وابن جرير وأبو الشيخ عن جعدة بن هبيرة قال: الشجرة التي افتتن بها آدم الكرم، وجعلت فتنة لولده من بعده، والتي أكل منها آدم العنب .
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: «هي اللوز»، قلت: كذا في النسخة وهي قديمة وعندي إنها تصحفت من الكرم.
- وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: بلغني أنها التينة
- وأخرج ابن جرير عن بعض الصحابة قال: هي تينة.
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: هي التين.
- وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: هي النخلة .
- وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: هي الأترج.
- وأخرج أحمد في الزهد عن شعيب الحيائي قال: (كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته شبه البر، تسمى الرعة وكان لباسهم النور).
. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال: (كانت الشجرة من أكل منها أحدث، ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث)
19- معنى قوله{ولا تقربا هذه الشّجرة }
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): ومعنى {لا تقربا} ههنا: لا تأكلا، ودليل ذلك قوله: {وكلا منها رغدا حيث شئتما ولاتقربا هذه الشّجرة} أي: لا تقرباها في الأكل، {ولا تقربا} جزم بالنفي .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وقوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشّجرة} معناه: لا تقرباها بأكل، لأن الإباحة فيه وقعت. قال بعض الحذاق: إن الله لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظة تقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا مثال بين في سد الذرائع
20- تأويل قوله تعالى{ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
قال أبو جعفرٍ: اختلف أهل العربيّة في تأويل قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}
- فقال بعض نحويّي الكوفيّين: تأويل ذلك: {ولا تقربا هذه الشّجرة} فإنّكما إن قربتماها كنتما من الظّالمين. فصار الثّاني في موضع جواب الجزاء، وجواب الجزاء يعمل فيه أوّله كقولك: إن تقم أقم، فتجزم الثّاني بجزم الأوّل. فكذلك قوله: {فتكونا} لمّا وقعت الفاء في موضع شرط الأوّل نصب بها، وصيّرت بمنزلة كي في نصبها الأفعال المستقبلة للزومها الاستقبال، إذ كان أصل الجزاء الاستقبال.
- وقال بعض نحويّي أهل البصرة: تأويل ذلك: لا يكن منكما قرب هذه الشّجرة فإن تكونا من الظّالمين. غير أنّه زعم أنّ أن غير جائزٍ إظهارها مع لا، ولكنّها مضمرةٌ لابدّ منها ليصحّ الكلام بعطف اسمٍ وهي أن على الاسم، كما غير جائزٍ في قولهم عسى أن يفعل: عسى الفعل، ولا في قولك: ما كان ليفعل: ما كان لأن يفعل.
وهذا القول الثّاني يفسده إجماع جميعهم على تخطئة قول القائل: سرّني تقوم يا هذا، وهو يريد: سرّني قيامك .
فكذلك الواجب أن يكون خطأً على هذا المذهب قول القائل: لا تقم، إذا كان المعنى: لا يكن منك قيامٌ.
وفي إجماع جميعهم على صحّة قول القائل: لا تقم، وفساد قول القائل: سرّني تقوم بمعنى سرّني قيامك، الدّليل الواضح على فساد دعوى المدّعي أنّ مع لا الّتي في قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} ضمير أن، وصحّة القول الآخر.
وفي قوله: {فتكونا من الظّالمين} وجهان من التّأويل:
أحدهما: أن يكون {فتكونا} في نيّة العطف على قوله: {ولا تقربا} فيكون تأويله حينئذٍ: ولا تقربا هذه الشّجرة، ولا تكونا من الظّالمين. فيكون {فتكونا} حينئذٍ في معنى الجزم مجزومٌ بما جزم به {ولا تقربا}، كما يقول القائل: لا تكلّم عمرًا ولا تؤذه، وكما قال امرؤ القيس :
فقلت له صوّب ولا تجهدنّه ....... فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
فجزم (فيذرك) بما جزم به (لا تجهدنّه)، كأنّه كرّر النّهي.
والثّاني: أن يكون: {فتكونا من الظّالمين} بمعنى جواب النّهي، فيكون تأويله حينئذٍ: لا تقربا هذه الشّجرة، فإنّكما إن قربتماها كنتما من الظّالمين؛ كما تقول: لا تشتم عمرًا فيشتمك مجازاةً. فيكون {فتكونا} حينئذٍ في موضع نصبٍ إذ كان حرف عطفٍ على غير شكله لمّا كان في {ولا تقربا} حرفٌ عاملٌ فيه، لا يصلح إعادته في {فتكونا} فنصب على ما قد بيّنت في أوّل هذه المسألة.
21- معنى قوله { فتكونا من الظالمين}
وأمّا تأويل قوله: {فتكونا من الظّالمين} فإنّه يعني به فتكونا من المتعدّين إلى غير ما أذن لهم وأبيح لهم فيه. وإنّما عنى بذلك أنّكما إن قربتما هذه الشّجرة كنتما على منهاج من تعدّى حدودي وعصى أمري واستحلّ محارمي؛ لأنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ، واللّه وليّ المتّقين.
22- المعنى الإجمالي للآية:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : يقول اللّه تعالى إخبارًا عمّا أكرم به آدم بعد أن أمر الملائكة بالسّجود له، فسجدوا إلّا إبليس: إنّه أباحه الجنّة يسكن منها حيث يشاء، ويأكل منها ما شاء رغدًا، أي: هنيئًا واسعًا طيّبًا.

المسائل العقدية
1- الإحتجاج بالقدر عند المصائب
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ) :
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا يعقوب، عن عمرٍو، عن الأعرج، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «احتجّ آدم وموسى عليهما السّلام، فقال له موسى: يا آدم، خلقك الله بيده، ثمّ نفخ فيك من روحه، ثمّ قال لك: كن فكنت، ثمّ أمر الملائكة فسجدوا لك، ثمّ قال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} فنهاك عن شجرةٍ واحدةٍ فعصيت ربّك، فقال آدم: يا موسى، ألم تعلم أنّ الله قدّر هذا عليّ قبل أن يخلقني؟
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لقد حجّ آدم موسى، لقد حجّ آدم موسى، لقد حجّ آدم موسى ).
- أخبرنا عيسى بن حمّادٍ، أخبرنا اللّيث، عن محمّد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: لقي آدم موسى، فقال له موسى: أنت الّذي فعلت بنا الفعل، كنت في الجنّة، فأهبطتنا إلى الأرض؟ فقال له آدم عليه السّلام: أنت موسى الّذي آتاك الله التّوراة؟ قال: نعم، قال: في كم تجد التّوراة كتبت قبل خلقي؟ قال موسى عليه السّلام: بكذا وكذا، قال آدم: فلم تجد فيها خطيئتي؟ قال: بلى، قال: فتلومني في شيءٍ كتبه الله عليّ قبل خلقي؟
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فحجّ آدم موسى، فحجّ آدم موسى». [السنن الكبرى للنسائي:10/8-9]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
- وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى، فقال موسى: أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي أعطاه الله كل شيء واصطفاه برسالته، قال: نعم، قال: فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق؟.
- وأخرج عبد بن حميد في مسنده، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت خلقك الله بيده أسكنك جنته وأسند لك ملائكته، فأخرجت ذريتك من الجنة وأشقيتهم، فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته، تلومني في شيء وجدته قد قدر علي قبل أن أخلق؟ فحج آدم موسى.
- وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى قال: (يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم، فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك، قال: نعم، فقال: ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: موسى، قال: أنت نبي بني إسرائي الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه، قال: نعم، قال: فما وجدت إن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق، قال: نعم، قال: فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (فحج آدم موسى، فحج آدم موسى).
- وأخرج النسائي وأبو يعلى والطبراني والآجري عن جندب البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتج آدم وموسى؛ فقال موسى: يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك جنته، وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة، فقال آدم: أنت موسى الذي بعثك الله رسالته وكلمك وآتاك التوراة وقربك نجيا، أنا أقدم أم الذكر؟)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى) .
- وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة، قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وأنزل عليك التوراة، وكلمك تكليما، فبكم خطيئتي سبقت خلقي؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى).
- وأخرج ابن النجار عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( «التقى آدم وموسى عليهما السلام، فقال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وأدخلك جنته، ثم أخرجتنا منها، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وقربك نجيا، وأنزل عليك التوراة، فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم تجده كتب علي قبل أن أخلق؟ قال: أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام، فحج آدم موسى»). [الدر المنثور: 1/ 285-294]
المسائل اللغوية
1- مايقال لامرأة الرجل
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ويقال لامرأة الرّجل زوجه وزوجته، والزّوجة بالهاء أكثر في كلام العرب منها بغير الهاء، والزّوج بغير الهاء يقال إنّه لغةٌ لأزد شنوءة. فأمّا الزّوج الّذي لا اختلاف فيه بين العرب فهو زوج المرأة). [جامع البيان: 1/ 547- 549]
قال أبو زكريا يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وأهل الحجاز يقولون للمرأة: «زوج»، وسائر العرب يقولون: «زوجة»). [المذكور والمؤنث: 97]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : {وزوجك} عطف عليه، والزوج امرأة الرجل وهذا أشهر من زوجة .
2- المراد بالظلم
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وأصل الظّلم في كلام العرب: وضع الشّيء في غير موضعه، ومنه قول نابغة بني ذبيان
إلاّ الأواريّ لأيًا ما أبيّنها ........ والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
فجعل الأرض مظلومةً، لأنّ الّذي حفر فيها النّوى حفر في غير موضع الحفر، فجعلها مظلومةً
ظلم البطاح به انهلال حريصةٍ........ فصفا النّطاف له بعيد المقلع
وظلمه إيّاه: مجيئه في غير أوانه، وانصبابه في غير مصبّه. ومنه: ظلم الرّجل جزوره، وهو نحره إيّاه لغير علّةٍ؛ وذلك عند العرب: وضع النّحر في غير موضعه.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): والظالم في اللغة الذي يضع الشيء غير موضعه، ومنه قولهم: «من أشبه أباه فما ظلم»، ومنه «المظلومة الجلد» لأن المطر لم يأتها في وقته، ومنه قول عمرو بن قمئة:
ظلم البطاح بها انهلال حريصة ....... فصفا النطاف له بعيد المقلع
والظلم في أحكام الشرع على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلم المعاصي وهي مراتب، وهو في هذه الآية يدل على أن قوله: {ولا تقربا} على جهة الوجوب، لا على الندب، لأن من ترك المندوب لا يسمى ظالما، فاقتضت لفظة الظلم قوة النهي). [المحرر الوجيز: 1/ 181-184]
المسائل النحوية
1- مجيء الضمير بصيغة الجمع في قوله {قلنا يآدم}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ({وقلنا يا آدم} هذا شيء تكلمت به العرب، تتكلم بالواحد على لفظ الجميع.
2- رفع الاسم المفرد في باب الدعاء:
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه) : قوله: {يا آدم اسكن} و{يا آدم أنبئهم} و{يا فرعون إني رسولٌ} فكل هذا إنما ارتفع لأنه اسم مفرد، والاسم المفرد مضموم في الدعاء، وهو في موضع نصب، ولكنه جعل كالأسماء التي ليست بمتمكنة.
فإذا كان مضافا انتصب؛ لأنه الأصل، وإنما يريد "أعني فلاناً" و"أدعو"، وذلك مثل قوله: {يا أبانا ما لك لا تأمنّا} و{ربّنا ظلمنا أنفسنا} إنما يريد: "يا ربّنا ظلمنا أنفسنا"، وقوله: {ربّنا تقبّل منّا} هذا باب الفاء.ـ.
الإعراب
1- اعراب { أنت}
قال بن عطية : {أنت} تأكيد للضمير الذي في اسكن
2- اعراب {كلا}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): وحذفت النون من {كلا} للأمر، والألف الأولى لحركة الكاف حين حذفت الثانية لاجتماع المثلين وهو حذف شاذ .
3- اعراب ( رغداً )
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ):و{رغداً} منصوب على الصفة لمصدر محذوف، وقيل: هو نصب على المصدر في موضع الحال .
4- اعراب ( حيث) :
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : و{حيث} مبنية على الضم، ومن العرب من يبنيها على الفتح، ومن العرب من يعربها حسب موضعها بالرفع والنصب والخفض، كقوله سبحانه: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [الأعراف: 82، القلم: 44] ومن العرب من يقول : (حوث) .
5- إعراب (فتكونا)
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207ه)
إن شئت جعلت {فتكونا} جواباً نصباً، وإن شئت عطفته على أوّل الكلام فكان جزماً، مثل قول امرئ القيس
:فقلت له صوّب ولا تجهدنّه ....... فيذرك من أخرى القطاة فتزلق
فجزم، ومعنى الجزم كأنّه تكرير النهى، كقول القائل: لا تذهب ولا تعرض لأحد، ومعنى الجواب والنّصب: لا تفعل هذا فيفعل بك مجازاةً، فلمّا عطف حرف على غير ما يشاكله -وكان في أوّله حادثٌ لا يصلح في الثاني- نصب، ومثله قوله: {ولا تطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي} و{لا تفتروا على اللّه كذباً فيسحتكم بعذابٍ} و{لا تميلوا كلّ الميل فتذروها كالمعلّقة} وما كان من نفى ففيه ما في هذا، ولا يجوز الرفع في واحد من الوجهين إلا أن تريد الاستئناف؛ بخلاف المعنيين؛ كقولك للرجل: لا تركب إلى فلان فيركب إليك؛ تريد: لا تركب إليه فإنه سيركب إليك، فهذا مخالف للمعنيين؛ لأنه استئناف، وقد قال الشاعر
ألم تسأل الّربع القديم فينطق ....... وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
أراد: ألم تسأل الربع فإنه يخبرك عن أهله، ثم رجع إلى نفسه فأكذبها.
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه) قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين} فهذا الذي يسميه النحويون "جواب الفاء"، وهو ما كان جواباً للأمر والنهي والاستفهام والتمني والنفي والجحود، ونصب ذلك كله على ضمير "أن"، وكذلك الواو وإن لم يكن معناها مثل معنى الفاء.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): وقوله عزّ وجلّ: {فتكونا من الظالمين} نصب، لأن جواب النهي بالفاء نصب، ونصبه عند سيبويه والخليل بإضمار أن، والمعنى: لا يكن منكما قرب لهذه الشجرة فتكونا من الظالمين، ويجوز أن يكون {فتكونا} جزم على العطف، على قوله: ولا تقربا فتكونا). [معاني القرآن: 1/ 114]
المسائل الصرفية :
1- أصل كلمة {شئتما}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : و{شئتما} أصله شيأتما حوّل إلى فعلتما تحركت ياؤه وانفتح ما قبلها جاء شائتما، حذفت الألف الساكنة الممدودة للالتقاء وكسرت الشين لتدل على الياء فجاء شئتما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: هذا تعليل المبرد، فأما سيبويه فالأصل عنده شيئتما بكسر الياء، نقلت حركة الياء إلى الشين، وحذفت الياء بعد.
2- أصل الهاء في {هذه}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والهاء في هذه بدل من الياء، وليس في الكلام هاء تأنيث مكسور ما قبلها غير هذه .
المسائل الفقهية
1- ماجاء في باب سد الذرائع
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وقوله تعالى: {ولا تقربا هذه الشّجرة} معناه: لا تقرباها بأكل، لأن الإباحة فيه وقعت. قال بعض الحذاق: إن الله لما أراد النهي عن أكل الشجرة نهى عنه بلفظة تقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا مثال بين في سد الذرائع.
2-دلت القرينة (لفظة الظلم) في الآية على أن الأمر للوجوب
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : والظلم في أحكام الشرع على مراتب، أعلاها الشرك، ثم ظلم المعاصي وهي مراتب، وهو في هذه الآية يدل على أن قوله: {ولا تقربا} على جهة الوجوب، لا على الندب، لأن من ترك المندوب لا يسمى ظالما، فاقتضت لفظة الظلم قوة النهي) [المحرر الوجيز: 1/ 181-184].
الفوائد السلوكية
1- الحكمة من الأمر والنهي هي سنة الإبتلاء
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : كما حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة:«قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما} ثمّ أتى البلاء الّذي كتب على الخلق كتب على آدم ، كما ابتلي الخلق قبله .أنّ اللّه جلّ ثناؤه أحلّ له ما في الجنّة أن يأكل منها رغدًا حيث شاء غير شجرةٍ واحدةٍ نهي عنها، وقدّم إليه فيها، فما زال به البلاء حتّى وقع بالّذي نهي عنه»). [جامع البيان: 1/ 549-551]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : وأمّا قوله: {ولا تقربا هذه الشّجرة} فهو اختبارٌ من اللّه تعالى وامتحانٌ لآدم .
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ):
- وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} قال: «ابتلى الله آدم كما ابتلى الملائكة قبله، وكل شيء خلق مبتلى، ولم يدع الله شيئا من خلقه إلا ابتلاه بالطاعة، فما زال البلاء بآدم حتى وقع فيما نهي عنه.
- وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: «ابتلى الله آدم فأسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث شاء، ونهاه عن شجرة واحدة أن يأكل منها وقدم إليه فيها، فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه،فبدت له سوءته عند ذلك وكان لا يراها فأهبط من الجنة»). [الدر المنثور: 1/ 282-285]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 4 ربيع الأول 1436هـ/25-12-2014م, 11:07 AM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي

تصنيف أقوال العلماء الواردة في الآية
تفسير قوله تعالى: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}

القراءات
1- القراءات في قوله تعالى { فأزلهما}
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ) : (قال سفيان الثوري : كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها (فأزلهما الشياطين). [تفسير الثوري:44]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه) :(والتضعيف القراءة الجيدة، وبها نقرأ)
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :( وقرأه آخرون: (فأزالهما) بمعنى إزالة الشّيء عن الشّيء، وذلك تنحيته عنه).
ثم قال : وأولى القراءتين بالصّواب قراءة من قرأ: {فأزلّهما}.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه): قد قرئ (فَأَزالهُمَا الشيطان) :من زلت وأزالني غيري، و"أزلهما" من زللت وأزلني غيري) ـ
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ):(وقرأ حمزة: «فأزالهما»، مأخوذ من الزوال، كأنه المزيل لما كان إغواؤه مؤديا إلى الزوال. وهي قراءة الحسن وأبي رجاء)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): (وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما}: فوسوس)
2- القراءات في قوله { اهبطو}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :( قرأ أبو حيوة: «اهبطوا» بضم الباء)

المسائل التفسيرية
1- معنى {فأزلهما }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210ه):{فأزلهما الشيطان } : أي استزلهما
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215ه): أما قوله: {فأزلّهما الشّيطان عنها} فإنما يعني "الزلل"، تقول: "زلّ فلان" و"أزللته" و"زال فلان" و"أزاله فلان وقال بعضهم: (فأزالهما) أخذها من "زال يزول"، تقول: "زال الرجل" و"أزاله فلان".
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ): ({فأزلهما الشيطان}: أي استزلهما).[غريب القرآن وتفسيره]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ({فأزلّهما} من "الزلل"، بمعنى استزلّهما، تقول: زلّ فلان وأزللته، ومن قرأ: (فأزالهما) أراد نحّاهما، من قولك: أزلتك عن موضع كذا، أو أزلتك عن رأيك إلى غيره.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- فقرأته عامّتهم: {فأزلّهما} بتشديد اللاّم، بمعنى استزلّهما؛ من قولك: زلّ الرّجل في دينه: إذا هفا فيه وأخطأ فأتى ما ليس له إتيانه فيه، وأزلّه غيره: إذا سبّب له ما يزلّ من أجله في دينه أو دنياه. ولذلك أضاف اللّه تعالى ذكره إلى إبليس خروج آدم وزوجته من الجنّة فقال: {فأخرجهما} يعني إبليس أخرجهما {ممّا كانا فيه} لأنّه كان الّذي سبّب لهما الخطيئة الّتي عاقبهما اللّه عليها بإخراجهما من الجنّة.
- وقرأه آخرون: (فأزالهما) بمعنى إزالة الشّيء عن الشّيء، وذلك تنحيته عنه.
- وقد روي عن ابن عبّاسٍ في تأويل قوله {فأزلّهما} ما حدّثناه القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: قال: قال ابن عبّاسٍ: في تأويل قوله تعالى: {فأزلّهما الشّيطان} قال: أغواهما.
- وأولى القراءتين بالصّواب قراءة من قرأ: {فأزلّهما} لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر في الحرف الّذي يتلوه بأنّ إبليس أخرجهما ممّا كانا فيه، وذلك هو معنى قوله: فأزالهما، فلا وجه إذ كان معنى الإزالة معنى التّنحية والإخراج أن يقال: فأزالهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه، فيكون كقوله: فأزالهما الشّيطان عنها فأزالهما ممّا كانا فيه، ولكنّ المعنى المفهوم أن يقال: فاستزلّهما إبليس عن طاعة اللّه، كما قال جلّ ثناؤه: {فأزلّهما الشّيطان} وقرأت به القرّاء، فأخرجهما باستزلاله إيّاهما عن الجنّة..
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ): أنهما أزلّا بإغواء الشيطان إياهما، فصار كأنّه أزلّهما، كما تقول -للذي يعمل ما يكون وصلة إلى أن يزلك من حال جميلة إلى غيرها-: أنت أزللتني عن هذا، أي: قبولي منك أزلني، فصرت أنت المزيل لي.
قد قرئ: (فَأَزالهُمَا الشيطان) من زلت وأزالني غيري، و"أزلهما" من زللت وأزلني غيري.
ولـ"زللت" ههنا وجهان:
يصلح أن يكون {فأزلهما الشيطان}: أكسبهما الزلة والخطيئة، ويصلح أن يكون {فأزلهما}: نحّاهما، كلا القراءتين صواب حسن.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): قوله: {فأزلّهما الشّيطان عنها}
الوجه الأول
حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب يعني ابن عطاءٍ، عن أبان العطّار، عن عاصم بن بهدلة: {فأزلّهما} قال: فنحّاهما.
الوجه الثاني
- - حدّثنا الحسن بن محمّد الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب، عن إسماعيل، عن الحسن: {فأزلّهما} قال: من قبل الزّلل.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب، عن أبان العطّار، عن قتادة مثل ذلك.
الوجه الثالث
أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ، عن ابن جريجٍ، عن ابن عبّاسٍ: {فأزلّهما الشّيطان} قال: «فأغواهما»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 87]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437ه): ("فأزالهما" بالألف من الزوال، أي: نحاهما، وبغير ألف من الزلل، أي: استزلهما).
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437ه): {فَأَزَلَّهُمَا}: حملهما على الخطأ. (فَأَزَلََهُمَا): عدل بهما.
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): و«أزلهما» مأخوذ من الزلل، وهو في الآية مجاز، لأنه في الرأي والنظر، وإنما حقيقة الزلل في القدم.
قال أبو علي: {فأزلّهما} يحتمل تأويلين: أحدهما: كسبهما الزلة، والآخر: أن يكون من زل إذا عثر.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : قوله تعالى { فأزلهما الشيطان عنها } معنى الكلام كما قال [حمزة و] عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النّجود، فأزالهما، أي: فنحّاهما.
أو قال الحسن وقتادة {فأزلّهما} أي: من قبيل الزّلل ـ
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ):
-أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأزلهما} قال:فأغواهما.
-وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة {فأزلهما}: فنحاهما.
-وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما}: فوسوس.

2- سبب تسمية الشيطان بهذا الاسم
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):ومعنى "الشيطان" في اللغة: الغالي في الكفر المتبعد فيه من الجن والإنس، والشطن في لغة العرب: الخبل، والأرض الشطون: البعيدة، وإنما الشيطان "فيعال" من هذا.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله: {الشيطان}
- حدّثنا أبي، ثنا خالد بن خداشٍ المهلّبيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ، عن الزّبير ابن خرّيتٍ، عن عكرمة قال: «إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 87]

3- الحكمة من اضافة الإخراج إلى إبليس في قوله { فأخرجهما}
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ ) : وقد بيّنّا أنّ اللّه -جلّ ثناؤه- إنّما أضاف إخراجهما من الجنّة إلى الشّيطان، وإن كان اللّه هو المخرج لهما؛ لأنّ خروجهما منها كان عن سببٍ من الشّيطان، وأضيف ذلك إليه لتسبيبه إيّاه كما يقول القائل لرجلٍ وصل إليه منه أذًى حتّى تحوّل من أجله عن موضعٍ كان يسكنه: ما حوّلني عن موضعي الّذي كنت فيه إلاّ أنت، ولم يكن منه له تحويلٌ، ولكنّه لمّا كان تحوّله عن سببٍ منه جاز له إضافة تحويله إليه. [جامع البيان: 1/ 570-571] .
وقال في تأويل قوله تعالى { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو } وقد أبان هذا القول من اللّه جلّ ثناؤه عن صحّة ما قلنا من أنّ المخرج آدم من الجنّة هو اللّه جلّ ثناؤه، وأنّ إضافة اللّه إلى إبليس ما أضاف إليه من إخراجهما كان على ما وصفنا.

4- كيف استزل إبليس آدم عليه السلام وزوجته؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : فإن قال لنا قائلٌ: وكيف كان استزلال إبليس آدم وزوجته حتّى أضيف إليه إخراجهما من الجنّة؟
قيل: قد قالت العلماء في ذلك أقوالاً سنذكر بعضها .
- فحكي عن وهب بن منبّهٍ في ذلك ما حدّثنا به الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا عمر بن عبد الرّحمن بن مهرّبٍ، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ: يقول:(لمّا أسكن اللّه آدم وذرّيّته، أو زوجته -الشّكّ من أبي جعفرٍ، وهو في أصل كتابه: وذرّيّته- ونهاه عن الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها في بعضٍ، وكان لها ثمرٌ تأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه آدم عنها وزوجته. فلمّا أراد إبليس أن يستزلّهما دخل في جوف الحيّة، وكانت للحيّة أربعة قوائم كأنّها بختيّةٌ من أحسن دابّةٍ خلقها اللّه. فلمّا دخلت الحيّة الجنّة، خرج من جوفها إبليس، فأخذ من الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته، فجاء بها إلى حوّاء، فقال: انظري إلى هذه الشّجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها. فأخذت حوّاء فأكلت منها، ثمّ ذهبت بها إلى آدم، فقالت: انظر إلى هذه الشّجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها. فأكل منها آدم، فبدت لهما سوآتهما، فدخل آدم في جوف الشّجرة، فناداه ربّه: يا آدم أين أنت؟ قال: أنا هذا يا ربّ، قال: ألا تخرج؟ قال: أستحيي منك يا ربّ، قال: ملعونةٌ الأرض الّتي خلقت منها لعنةً تتحوّل ثمرها شوكًا).
- قال: (ولم يكن في الجنّة ولا في الأرض شجرةٌ كان أفضل من الطّلح والسّدر؛ ثمّ قال: يا حوّاء أنت الّتي غرّرت عبدي، فإنّك لا تحملين حملاً إلاّ حملته كرهًا، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارًا. وقال للحيّة: أنت الّتي دخل الملعون في جوفك حتّى غرّ عبدي، ملعونةٌ أنت لعنةً تتحوّل قوائمك في بطنك، ولا يكون لك رزقٌ إلاّ التّراب، أنت عدوّة بني آدم وهم أعداؤك، حيث لقيت أحدًا منهم أخذت بعقبه وحيث لقيك شدخ رأسك) .
- قال عمر: قيل لوهبٍ: وما كانت الملائكة تأكل؟ قال: (يفعل اللّه ما يشاء).
- وقد وروي عن ابن عبّاسٍ نحو هذه القصّة.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرٌو، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:( لمّا قال اللّه لآدم: {اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}، أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنّة فمنعته الخزنة، فأتى الحيّة وهي دابّةٌ لها أربع قوائم كأنّها البعير، وهي كأحسن الدّوابّ، فكلّمها أن تدخله في فقمها حتّى تدخل به إلى آدم، فأدخلته في فقمها -قال أبو جعفرٍ: والفقم: جانب الشدق- فمرّت الحيّة على الخزنة فدخلت ولا يعلمون؛ لما أراد اللّه من الأمر، فكلّمه من فقمها فلم يبال كلامه، فخرج إليه فقال: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى}، يقول: هل أدلّك على شجرةٍ إن أكلت منها كنت ملكًا مثل اللّه عزّ وجلّ، أو تكونا من الخالدين فلا تموتان أبدًا. وحلف لهما باللّه: إنّي لكما لمن النّاصحين، وإنّما أراد بذلك ليبدي لهما ما توارى عنهما من سوآتهما بهتك لباسهما. وكان قد علم أنّ لهما سوأةً لما كان يقرأ من كتب الملائكة، ولم يكن آدم يعلم ذلك، وكان لباسهما الظّفر. فأبى آدم أن يأكل منها، فتقدّمت حوّاء فأكلت ثمّ قالت: يا آدم كل؛ فإنّي قد أكلت فلم يضرّني. فلمّا أكل آدم {بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة}
- وحدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: (حدّثني محدّثٌ أنّ الشّيطان دخل الجنّة في صورة دابّةٍ ذات قوائم، فكان يرى أنّه البعير). قال: (فلعن فسقطت قوائمه، فصار حيّةً).
- وحدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قال: وحدّثني أبو العالية: (أنّ من الإبل، ما كان أوّلها من الجنّ).
قال: (فأبيحت له الجنّة كلّها إلاّ الشّجرة، وقيل لهما: {ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}).}
قال:( فأتى الشّيطان حوّاء فبدأ بها فقال: أنهيتما عن شيءٍ؟ قالت: نعم، عن هذه الشّجرة. فقال:{ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين})
قال:( فبدأت حوّاء فأكلت منها، ثمّ أمرت آدم فأكل منها).
قال:( وكانت شجرةً من أكل منها أحدث). قال: (ولا ينبغي أن يكون في الجنّة حدثٌ)
قال:( {فأزلّهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه})، قال:( فأخرج آدم من الجنّة)
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: حدّثنا ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم: «أنّ آدم، حين دخل الجنّة ورأى ما فيها من الكرامة وما أعطاه اللّه منها، قال:( لو أنّ خلدًا كان). فاغتمز فيها منه الشّيطان لمّا سمعها منه، فأتاه من قبل الخلد.
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا مسلمة، عن ابن إسحاق، قال: (حدّثت أنّ أوّل ما ابتدأهما به من كيده إيّاهما أنّه ناح عليهما نياحةً حزنتهما حين سمعاها، فقالا له: ما يبكيك؟ قال: أبكي عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النّعمة والكرامة. فوقع ذلك في أنفسهما. ثمّ أتاهما فوسوس إليهما، فقال: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى}، وقال: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} أي: تكونا ملكين أو تخلّدا إن لم تكونا ملكين في نعمة الجنّة فلا تموتان، يقول اللّه جلّ ثناؤه: {فدلاّهما بغرورٍ})
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: (وسوس الشّيطان إلى حوّاء في الشّجرة حتّى أتى بها إليها، ثمّ حسّنها في عين آدم) قال:( فدعاها آدم لحاجته، قالت: لا، إلاّ أن تأتي ههنا. فلمّا أتى قالت: لا، إلاّ أن تأكل من هذه الشّجرة
قال:{فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}).
قال: (وذهب آدم هاربًا في الجنّة، فناداه ربّه: يا آدم أمنّي تفرّ؟ قال: لا يا ربّ، ولكن حياءً منك. قال: يا آدم أنّى أتيت؟ قال: من قبل حوّاء أي ربّ. فقال اللّه: فإنّ لها عليّ أن آدميها في كلّ شهرٍ مرّةً كما دمت هذه الشّجرة، وأن أجعلها سفيهةً، فقد كنت خلقتها حليمةً، وأن أجعلها تحمل كرهًا وتضع كرهًا، فقد كنت جعلتها تحمل يسرًا وتضع يسرًا).
قال ابن زيدٍ:( ولولا البليّة الّتي أصابت حوّاء لكان نساء الدّنيا لا يحضن، ولكن حليماتٌ، وكنّ يحملن يسرًا ويضعن يسرًا).
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن محمّد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال -سمعته يحلف باللّه ما يستثني-: (ما أكل آدم من الشّجرة وهو يعقل، ولكنّ حوّاء سقته الخمر حتّى إذا سكر قادته إليها فأكل).
وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ليث بن أبي سليمٍ، عن طاووسٍ اليمانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: (إنّ عدوّ اللّه إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أنّها تحمله حتّى تدخل به الجنّة حتى يكلّم آدم وزوجته، فكلّ الدّوابّ أبى ذلك عليه، حتّى كلّم الحيّة فقال لها: أمنعك من ابن آدم، فأنت في ذمّتي إن أنت أدخلتني الجنّة. فجعلته بين نابين من أنيابها، ثمّ دخلت به. فكلّمهما من فيها، وكانت كاسيةً تمشي على أربع قوائم، فأعراها اللّه، وجعلها تمشي على بطنها).
-قال: بن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال -سمعته يحلف باللّه ما يستثني-: (ما أكل آدم من الشّجرة وهو يعقل، ولكنّ حوّاء سقته الخمر حتّى إذا سكر قادته إليها فأكل)
- وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق:( وأهل التّوراة يدرسون: إنّما كلّم آدم الحيّة، ولم يفسّروا كتفسير ابن عبّاسٍ).
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي معشرٍ، عن محمّد بن قيسٍ، قال: (نهى اللّه آدم وحوّاء أن يأكلا من شجرةٍ واحدةٍ في الجنّة ويأكلا منها رغدًا حيث شاءا. فجاء الشّيطان فدخل في جوف الحيّة، فكلّم حوّاء، ووسوس إلى آدم، فقال: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين}).
قال: (فقطعت حوّاء الشّجرة، فدميت الشّجرة وسقط عنهما رياشهما الّذي كان عليهما {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة وناداهما ربّهما ألم أنهكما عن تلكما الشّجرة وأقل لكما إنّ الشّيطان لكما عدوٌّ مبينٌ} لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا ربّ أطعمتني حوّاء. قال لحوّاء: لم أطعمته؟ قالت: أمرتني الحيّة. قال للحيّة: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال: ملعونٌ مدحورٌ. أمّا أنت يا حوّاء فكما آدميت الشّجرة تدمين في كلّ هلالٍ. وأمّا أنت يا حيّة فأقطع قوائمك فتمشين جرا على وجهك وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر؛ اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ).
- فقد رويت هذه الأخبار عمّن روّيناها عنه من الصّحابة والتّابعين وغيرهم في صفة استزلال إبليس عدوّ اللّه آدم وزوجته حتّى أخرجهما من الجنّة .
قال أبو جعفرٍ: وأولى ذلك بالحقّ عندنا، ما كان لكتاب اللّه موافقًا، وقد أخبر اللّه تعالى ذكره عن إبليس أنّه وسوس لآدم وزوجته ليبدي لهما ما روي عنهما من سوآتهما، وأنّه قال لهما: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلاّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين} وأنّه قاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين مدلّيًا لهما بغرورٍ. ففي إخباره جلّ ثناؤه عن عدوّ اللّه أنّه قاسم آدم وزوجته بقيله لهما: {إنّي لكما لمن النّاصحين} الدّليل الواضح على أنّه قد باشر خطابهما بنفسه، إمّا ظاهرًا لأعينهما، وإمّا مستجنًّا في غيره. وذلك أنّه غير معقولٍ في كلام العرب أن يقال: قاسم فلانٌ فلانًا في كذا وكذا، إذا سبّب له سببًا وصل به إليه دون أن يحلف له. والحلف لا يكون بتسبّب السّبب، فكذلك قوله: فوسوس إليه الشّيطان، لو كان ذلك كان منه إلى آدم على نحو الّذي منه إلى ذرّيّته من تزيين أكل ما نهى اللّه آدم عن أكله من الشّجرة بغير مباشرة خطابه إيّاه بما استزلّه به من القول والحيل، لمّا قال جلّ ثناؤه: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} كما غير جائزٍ أن يقول اليوم قائلٌ ممّن أتى معصيةً: قاسمني إبليس أنّه لي ناصحٌ فيما زيّن لي من المعصية الّتي أتيتها، فكذلك الّذي كان من آدم وزوجته لو كان على النّحو الّذي يكون فيما بين إبليس اليوم وذرّيّة آدم لما قال جلّ ثناؤه: {وقاسمهما إنّي لكما لمن النّاصحين} ولكنّ ذلك كان إن شاء اللّه على نحو ما قال ابن عبّاسٍ ومن قال بقوله .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه): اختلف في الكيفية
- فقال ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء: «أغواهما مشافهة»، ودليل ذلك قوله تعالى: {وقاسمهما} والمقاسمة ظاهرها المشافهة..
- وقال بعضهم: إن إبليس لما دخل إلى آدم كلمه في حاله، فقال: يا آدم ما أحسن هذا لو أن خلدا كان، فوجد إبليس السبيل إلى إغوائه، فقال: هل أدلك على شجرة الخلد؟
- وقال بعضهم: دخل الجنة في فم الحية وهي ذات أربع كالبختية، بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم تدخله إلا الحية، فخرج إلى حواء وأخذ شيئا من الشجرة، وقال: انظري ما أحسن هذا فأغواها حتى أكلت، ثم أغوى آدم، وقالت له حواء: كل فإني قد أكلت فلم يضرني فأكل فبدت لهما سوءاتهما، وحصلا في حكم الذنب. ولعنت الحية وردت قوائمها في جوفها، وجعلت العداوة بينها وبين بني آدم، وقيل لحواء: كما أدميت الشجرة فكذلك يصيبك الدم في كل شهر، وكذلك تحملين كرها، وتضعين كرها، تشرفين به على الموت مرارا. زاد الطبري والنقاش: وتكونين سفيهة، وقد كنت حليمة.
وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بعد أن أخرج منها، وإنما أغوى آدم بشيطانه وسلطانه ووساوسه التي أعطاه الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ): لما قال الله لآدم {اسكن أنت وزوجك الجنة} أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة، فأتى الحية هي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير وهي كأحسن الدواب فكلمها إن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فأدخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة فدخلت، ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه، فخرج إليه فقال: {يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى} وحلف لهما بالله: {إني لكما لمن الناصحين}، فأبى آدم أن يأكل منها، فقعدت حواء فأكلت ثم قالت: يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي، فلما أكل {بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} .
-وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن عباس قال: (إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم، فكل الدواب أبى ذلك عليه، حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها).
-وقال قوم: (أكلا من غير التي أشير إليها فلم يتأولا النهي واقعا على جميع جنسها)
-وقال آخرون: (تأولا النهي على الندب).
وقال ابن المسيب: (إنما أكل آدم بعد أن سقته حواء الخمر فكان في غير عقله)

5- عود الضمير في قوله تعالى{ عنها}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :والضمير في {عنها} عائد على الشّجرة في قراءة من قرأ «أزلهما»، ويحتمل أن يعود على الجنّة فأما من قرأ «أزالهما» فإنه يعود على الجنّة فقط، وهنا محذوف يدل عليه الظاهر، تقديره فأكلا من الشجرة.
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه ):
وقوله تعالى: {فأزلّهما الشّيطان عنها} يصحّ أن يكون الضّمير في قوله: {عنها} عائدًا إلى الجنّة، فيكون معنى الكلام كما قال [حمزة و] عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النّجود، فأزالهما، أي: فنحّاهما .
ويصحّ أن يكون عائدًا على أقرب المذكورين، وهو الشّجرة، فيكون معنى الكلام كما قال الحسن وقتادة {فأزلّهما} أي: من قبيل الزّلل، فعلى هذا يكون تقدير الكلام {فأزلّهما الشّيطان عنها} أي: بسببها، كما قال تعالى: {يؤفك عنه من أفك} [الذّاريات: 9] أي: يصرف بسببه من هو مأفوكٌ .
5- كيفية وصول إبليس إلى الجنة
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
- فأمّا سبب وصوله إلى الجنّة حتّى كلّم آدم بعد أن أخرجه اللّه منها وطرده عنها، فليس فيما روي عن ابن عبّاسٍ ووهب بن منبّهٍ في ذلك معنى يجوز لذي فهمٍ مدافعته، إذ كان ذلك قولاً لا يدفعه عقلٌ ولا خبرٌ يلزم تصديقه من حجّةٍ بخلافه، وهو من الأمور الممكنة .
- والقول في ذلك أنّه قد وصل إلى خطابهما على ما أخبرنا اللّه جلّ ثناؤه، وممكنٌ أن يكون وصل إلى ذلك بنحو الّذي قاله المتأوّلون؛ بل ذلك إن شاء اللّه كذلك لتتابع أقوال أهل التّأويل على تصحيح ذلك.
- وإن كان ابن إسحاق قد قال في ذلك ما حدّثنا به ابن حميدٌ، قال: حدّثنا سلمة، قال: قال ابن إسحاق في ذلك: (اللّه أعلم أكما قال ابن عبّاسٍ وأهل التّوراة، أم خلص إلى آدم وزوجته بسلطانه الّذي جعل اللّه له ليبتلى به آدم وذرّيّته، وأنّه يأتي ابن آدم في نومته وفي يقظته، وفي كلّ حالٍ من أحواله، حتّى يخلص إلى ما أراد منه حتّى يدعوه إلى المعصية، ويوقع في نفسه الشّهوة وهو لا يراه، وقد قال اللّه: {فأزلّهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه}، وقال: {يا بني آدم لا يفتننّكم الشّيطان كما أخرج أبويكم من الجنّة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنّا جعلنا الشّياطين أولياء للّذين لا يؤمنون}، وقد قال اللّه لنبيّه عليه الصّلاة والسّلام: {قل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس} إلى آخر السّورة ).
ثمّ ذكر الأخبار الّتي رويت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (إنّ الشّيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم).
ثم قال ابن إسحاق: (وإنّما أمر ابن آدم فيما بينه وبين عدوّ اللّه، كأمره فيما بينه وبين آدم، فقال اللّه: {فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصّاغرين} ثمّ خلص إلى آدم وزوجته حتّى كلّمهما، كما قصّ اللّه علينا من خبرهما، قال: {فوسوس إليه الشّيطان قال يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى} فخلص إليهما بما خلص إلى ذرّيّته من حيث لا يريانه، واللّه أعلم أيّ ذلك كان؛ فتابا إلى ربّهما .
قال أبو جعفرٍ: وليس في يقين ابن إسحاق لو كان قد أيقن في نفسه أنّ إبليس لم يخلص إلى آدم وزوجته بالمخاطبة بما أخبر اللّه عنه أنّه قال لهما وخاطبهما به ما يجوز لذي فهمٍ الاعتراض به على ما ورد من القول مستفيضًا من أهل العلم مع دلالة الكتاب على صحّة ما استفاض من ذلك بينهم، فكيف بشكّه؟ واللّه نسأل التّوفيق). [جامع البيان: 1/ 560-570] .
-لهذا قال بعضهم: كما جاء في التّوراة أنّه دخل في فم الحيّة إلى الجنّة.
-وقد قال بعضهم: يحتمل أنّه وسوس لهما وهو خارج باب الجنّة،
-وقال بعضهم: يحتمل أنّه وسوس لهما وهو في الأرض، وهما في السّماء، ذكرها الزّمخشريّ وغيره .

6- معنى قوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه }
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : وأمّا تأويل قوله: {فأخرجهما} فإنّه يعني: فأخرج الشّيطان آدم وزوجته ممّا كانا، يعني ممّا كان فيه آدم وزوجته من رغد العيش في الجنّة، وسعة نعيمها الّذي كانا فيه .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله { فأخرجهما مما كانا فيه }
-حدّثنا عليّ بن الحسين بن أشكاب، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرّأس كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتدّ في الجنّة فأخذت شعره شجرةٌ فنازعها، فناداه الرّحمن يا آدم منّي تفرّ؟ فلمّا سمع كلام الرّحمن، قال: يا ربّ لا ولكن استحياءً).
حدّثني جعفر بن أحمد بن الحكم القومسيّ سنة أربعٍ وخمسين ومائتين، ثنا سليم بن منصور بن عمّارٍ، ثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (لمّا ذاق آدم من الشّجرة فرّ هاربًا فتعلّقت شجرةٌ بشعره فنودي: يا آدم، أفرارًا منّي؟ قال: بل حياءً منك، قال: يا آدم اخرج من جواري، فبعزّتي لا أساكن فيها من عصاني، ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقًا ثمّ عصوني لأسكنتهم دار العاصين).
حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، قال الرّبيع بن أنسٍ:( فأخرج آدم من الجنّة للسّاعة التّاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنًا من شجر الجنّة، على رأسه تاجٌ من شجر الجنّة، وهو الإكليل من ورق الجنّة). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 78-88].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه): وقوله تعالى: {فأخرجهما ممّا كانا فيه} يحتمل وجوها :
فقيل: أخرجهما من الطاعة إلى المعصية ، وقيل أخرجهما من نعمة الجنة إلى شقاء الدنيا،وقيل من رفعة المنزلة إلى سفل مكان الذنب .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا كله يتقارب
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : قد قال ابن أبي حاتمٍ هاهنا: حدّثنا عليّ بن الحسن بن إشكاب، حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه خلق آدم رجلًا طوالا كثير شعر الرّأس، كأنّه نخلةٌ سحوق، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنّة، فأخذت شعره شجرةٌ، فنازعها، فناداه الرّحمن: يا آدم، منّي تفرّ! فلمّا سمع كلام الرّحمن قال: يا ربّ، لا ولكن استحياءً)ـ
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) : {فأخرجهما ممّا كانا فيه} أي: من اللّباس والمنزل الرّحب والرّزق الهنيء والرّاحة.

7- معنى هبط
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : يقال: هبط فلانٌ أرض كذا ووادي كذا: إذا حلّ ذلك، كما قال الشّاعر:
ما زلت أرمقهم حتّى إذا هبطت ........ أيدي الرّكاب بهم من راكسٍ فلقا
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه) : الهبوط النزول من علو إلى أسفل .

8- هل كان هبوط المخاطبين بوقت واحد ؟
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): القول في تأويل قوله تعالى: {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}:
ودلّ بذلك أيضًا على أنّ هبوط آدم وزوجته وعدوّهما إبليس كان في وقتٍ واحدٍ. لجمع اللّه إيّاهم في الخبر عن إهباطهم، بعد الّذي كان من خطيئة آدم وزوجته، وتسبّب إبليس ذلك لهما، على ما وصفه ربّنا جلّ ذكره عنهم.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):جمع الله للنبي -صلى الله عليه وسلم قصة هبوطهم، وإنما كان إبليس أُهبِطَ أولاً، والدليل على ذلك قوله عزّ وجل: {اخرج منها فإنّك رجيم}، وأهبط آدم وحواء بعد، فجمع الخبر للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم قد اجتمعوا في الهبوط، وإن كانت أوقاتهم متفرقة فيه .
9-من المخاطب في قوله تعالى { اهبطوا }
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت: 207ه): فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضا: آدم وإبليس، وقال: "اهبطوا" يعنيه ويعني ذرّيته، فكأنه خاطبهم، وهو كقوله: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين} المعنى -والله أعلم-: أتينا بما فينا من الخلق طائعين، ومثله قول إبراهيم: {ربّنا واجعلنا مسلمين لك} ثم قال: {وأرنا مناسكناً} وفي قراءة عبد الله: (وأرهم مناسكهم) فجمع قبل أن تكون ذرّيته، فهذا ومثله في الكلام مما تتبيّن به المعنى، أن تقول للرجل: قد تزوّجت وولد لك فكثرتم وعززتم). [معاني القرآن: 1/ 31]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ): وقال: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} فإنما قال: {اهبطوا} -والله أعلم- لأنّ إبليس كان ثالثهم، فلذلك جمع). [معاني القرآن: 1/ 53]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} يعني: الإنسان وإبليس، ويقال: والحيّة.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بقوله: {اهبطوا} مع إجماعهم على أنّ آدم وزوجته ممّن عني به.
- فحدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن أبي صالحٍ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: آدم، وحوّاء، والحيّة.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، وموسى بن هارون، قالا: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (فلعن الحيّة وقطع قوائمها وتركها تمشي على بطنها وجعل رزقها من التّراب، وأهبط إلى الأرض آدم وحوّاء وإبليس والحيّة).
- وحدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى بن ميمونٍ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قول اللّه: كم لبعضٍ{اهبطوا بعض عدوٌّ} قال:(آدم، وإبليس والحيّة).
- وحدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: «{اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} آدم، وإبليس، والحيّة، ذرّيّةٌ بعضهم أعداءٌ لبعضٍ»
- وحدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (آدم وذرّيّته، وإبليس وذرّيّته).»
وحدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا آدم بن أبي إياسٍ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (يعني، وآدم، إبليس).
- حدّثني المثنّى، قال، حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن ابن عبّاسٍ: في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال:( بعضهم لبعض عدوٌّ: آدم، وحوّاء، وإبليس، والحيّة).
- وحدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، قال: حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال:( آدم، وحوّاء، وإبليس، والحيّة).»
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (لهما ولذرّيّتهما)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه): وقوله {بعضكم لبعض عدوّ}: إبليس عدو للمؤمنين من ولد آدم.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله: {بعضكم لبعضٍ عدوٌّ}
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أخبرني ابن وهب، حدثني عبد الرحمن ابن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، حدّثني من سمع ابن عبّاسٍ يقول: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال: (آدم وحوّاء وإبليس والحيّة»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 89].
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352ه ) : (ثنا إبراهيم، قال: نا آدم، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: {بعضكم لبعض عدو}: «يعني إبليس وآدم»). [تفسير مجاهد: 73].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546ه):واختلف من المخاطب بالهبوط
- فقال السدي وغيره: (آدم وحواء وإبليس والحية).
- وقال الحسن: (آدم وحواء والوسوسة).
- قال غيره: (والحية لأن إبليس قد كان أهبط قبل عند معصيته).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) :وأما قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، -واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال: (آدم وحواء وإبليس والحية).
-وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} قال: (آدم والحية والشيطان).
-وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال: {اهبطوا} قال: (آدم وحواء والحية).
-وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ({اهبطوا} يعني: آدم وحواء وإبليس).

10- طبيعة العداوة مابين آدم وزوجته ، وإبليس والحية
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) :
-وقيل : أمّا عداوة إبليس آدم وذرّيّته، فحسده إيّاه، واستكباره عن طاعة اللّه في السّجود له حين قال لربّه: {أنا خيرٌ منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ}.
- وأمّا عداوة آدم وذرّيّته إبليس، فعداوة المؤمنين إيّاه لكفره باللّه وعصيانه لربّه في تكبّره عليه ومخالفته أمره؛ وذلك من آدم ومؤمني ذرّيّته إيمانٌ باللّه.
- وأمّا عداوة إبليس آدم، فكفرٌ باللّه ..
- وأمّا عداوة ما بين آدم وذرّيّته، والحيّة، فقد ذكرنا ما روي في ذلك عن ابن عبّاسٍ ووهب بن منبّهٍ، وذلك هي العداوة الّتي بيننا وبينها، كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ فمن تركهنّ خشية ثأرهنّ فليس منّا) .
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثني حجّاج بن رشدٍين، قال: حدّثنا حيوة بن شريحٍ، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ، فمن ترك شيئًا منهنّ خيفةً فليس منّا ).
- وأحسب أنّ الحرب الّتي بيننا كان أصله ما ذكره علماؤنا الّذين قدّمنا الرّواية عنهم في إدخالها إبليس الجنّة بعد أن أخرجه اللّه منها حتّى استزلّه عن طاعة ربّه في أكل ما نهي عن أكله من الشّجرة .
- وحدّثنا أبو كريبٍ، قال حدّثنا معاوية بن هشامٍ، وحدّثني محمّد بن خلفٍ العسقلانيّ، قال: حدّثنا آدم، جميعًا، عن شيبان، عن جابرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها»). [جامع البيان: 1/ 571-575] .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه) : ، وعداوته لهم: كفر، والمؤمنون أعداء إبليس، وعداوتهم له: إيمان.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) :
- وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيات، فقال: (خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه، إن رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها).
- يقول ابن عباس:( فاقتلوها حيث وجدتموها اخفروا ذمة عدو الله فيها ) .
11- مكان هبوط كلا من آدم وحواء وابليس والحية
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) :
- حدّثنا أبو هارون محمّد بن خالدٍ الخرّاز، ثنا يحيى بن زيادٍ، حدّثني ابن أبي الخطيب، أخبرني ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، قال: (أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين أصابعه رافعًا رأسه إلى السّماء).
- حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، ثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، ثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن أبي عديٍّ -يعني الزّبير بن عديٍّ-، عن ابن عمر قال: (أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة)
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا المقدّميّ، ثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (إنّ أوّل ما أهبط اللّه آدم إلى الأرض أهبطه بدحنا، أرضٌ بالهند)
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:( أهبط آدم -عليه السّلام- إلى أرضٍ يقال لها: دحنا بين مكّة والطّائف)
حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا هشام بن عمرٍو الغسّانيّ، ثنا عبّاد بن ميسرة، عن الحسن قال: (أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدست ميسان من البصرة على أميالٍ، وأهبطت الحيّة بأصبهان).
حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قال: «قال اللّه: {اهبطوا منها جميعًا} فهبطوا فنزل آدم بالهند، وأنزل معه الحجر الأسود وقبضةٍ من ورق الجنّة فبثّه بالهند فنبتت شجر الطّيب، فإنّما أصل ما يجاء به من الطّيب من الهند من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم حين أخرج من الجنّة أسفًا على الجنّة حين أخرج منها»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 88-89].
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : وروي أن آدم نزل على جبل من جبال سرنديب وأن حواء نزلت بجدة، وأن الحية نزلت بأصبهان، وقيل: بميسان، وأن إبليس نزل على الأبلة). [المحررالوجيز: 1 /184-188] .
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه) :
- وقال السّدّيّ: «قال اللّه تعالى: {اهبطوا منها جميعًا} فهبطوا فنزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضةٌ من ورق الجنّة فبثّه بالهند، فنبتت شجرة الطّيب، فإنّما أصل ما يجاء به من الهند من الطّيب من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم أسفًا على الجنّة حين أخرج منها) .
- وقال عمران بن عيينة، عن عطاء بن السّائب، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: (أهبط آدم من الجنّة بدحنا، أرض الهند)
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جريرٌ، عن عطاءٍ، عن سعيدٍ عن ابن عبّاسٍ قال: (أهبط آدم، عليه السّلام، إلى أرضٍ يقال لها: دحنا، بين مكّة والطّائف)
- عن الحسن البصريّ قال: «أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميالٍ، وأهبطت الحيّة بأصبهان». رواه ابن أبي حاتمٍ
- وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن عمّار بن الحارث، حدّثنا محمّد بن سعيد بن سابقٍ، حدّثنا عمرو بن أبي قيسٍ، عن ابن عديٍّ، عن ابن عمر، قال:( أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة) .
- وقال رجاء بن سلمة: (أهبط آدم، عليه السّلام، يداه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين صابعه رافعًا رأسه إلى السّماء) .
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه)
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:«أهبط آدم إلى أرض يقال لها: دجنا بين مكة والطائف»
- وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: «أهبط آدم بالصفا، وحواء بالمروة»
- وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس: «أن أول ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند»، وفي لفظ: «بدجناء أرض الهند».
- وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، وابن عساكر عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: «أطيب ريح الأرض الهند، أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة».
- وأخرج ابن سعد، وابن عساكر عن ابن عباس قال:«أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، فجاء في طلبها، حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء، فلذلك سميت المزدلفة، واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعا».
- وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال: «أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئا رأسه، وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء».
- وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال: «إنما كره التخصر في الصلاة لأن إبليس أهبط متخصرا».
- وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل آدم عليه السلام بالهند فاستوحش، فنزل جبريل بالأذان: الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمد رسول الله مرتين، فقال: ومن محمد هذا؟ قال: هذا آخر ولدك من الأنبياء»
12- تأويل قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر}
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ):{ولكم في الأرض مستقرٌّ}: موضع استقرار.
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك :
- فقال بعضهم بما حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا آدم العسقلانيّ، قال: حدّثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (هو قوله: {الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}).
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (هو قوله:{جعل لكم الأرض قرارًا})
وقال آخرون: معنى ذلك: ولكم في الأرض قرارٌ في القبور. ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال:(القبور).
-وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، قال: حدّثني من، سمع ابن عبّاسٍ، قال: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (القبور).
- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (مقامهم فيها).
والمستقرّ في كلام العرب هو موضع الاستقرار فإذا كان ذلك كذلك، فحيث كان من الأرض موجودًا حالًّا، فذلك المكان من الأرض مستقرّه ..
وإنّما عنى اللّه جلّ ثناؤه بذلك: أنّ لهم في الأرض مستقرًّا ومنزلاً بأماكنهم ومستقرّهم من الجنّة والسّماء.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311ه):وقوله عزّ وجلّ {ولكم في الأرض مستقرّ} أي: مقام وثبوت.
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327ه) قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ}
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال:( المستقرّ: القبور).
- حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ، ثنا عبيدة بن حميدٍ، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن حميدٍ المدنيّ، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: (مستقرٌّ فوق الأرض، ومستقرٌّ تحت الأرض) .
حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، ثنا أبو جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: «هو قوله: {الّذي جعل لكم الأرض فراشًا}»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 89-90]ـ
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437ه): {مُسْتَقَرّ}: ثبات ـ
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
- {ولكم في الأرض مستقرٌّ} أي: موضع استقرار قاله أبو العالية وابن زيد
- وقال السدي: «المراد الاستقرار في القبور، والمتاع ما يستمتع به من أكل ولبس وحياة، وحديث، وأنس، وغير ذلك». وأنشد سليمان بن عبد الملك حين وقف على قبر ابنه أيوب إثر دفنه :
وقفت على قبر غريب بقفرة ....... متاع قليل من حبيب مفارق
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 ه ): {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ ولكم في الأرض مستقرٌّ ومتاعٌ إلى حينٍ} أي: قرارٌ وأرزاقٌ وآجالٌ .
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) : {ولكم في الأرض مستقر}، قال: (القبور)
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله: {ولكم في الأرض مستقر}: (فوق الأرض ومستقر تحت الأرض) .

13- معنى قوله تعالى { ومتاع إلى حين }
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210ه): إلى غاية ووقت .
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276) : {ومتاعٌ} أي: متعة. {إلى حينٍ} يريد إلى أجل). [تفسير غريب القرآن: 46 ].
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : القول في تأويل قوله تعالى: {ومتاعٌ إلى حينٍ }
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك:
فقال بعضهم: ولكم فيها بلاغٌ إلى الموت. ذكر من قال ذلك:
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: في قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (يقول: بلاغٌ إلى الموت).
- حدّثني المثنى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ عمن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (الحياة).
وقال آخرون: يعني بقوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} إلى قيام السّاعة، ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (إلى يوم القيامة، إلى انقطاع الدّنيا).
وقال آخرون: {إلى حينٍ}: إلى أجلٍ، ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال:(إلى أجلٍ).
المتاع في كلام العرب: كلّ ما استمتع به من شيءٍ فى معاشٍ استمتع به أو رياشٍ أو زينةٍ أو لذّةٍ أو غير ذلك. فإذا كان ذلك كذلك، وكان اللّه جلّ ثناؤه قد جعل حياة كلّ حيٍّ متاعًا له يستمتع بها أيّام حياته، وجعل الأرض للإنسان متاعًا أيّام حياته بقراره عليها، واغتذائه بما أخرج اللّه منها من الأقوات والثّمار، والتذاذه بما خلق فيها من الملاذ وجعلها من بعد وفاته لجثّته كفاتًا، ولجسمه منزلاً وقرارًا، وكان اسم المتاع يشمل جميع ذلك؛ كان أولى التّأويلات بالآية، إذ لم يكن اللّه جلّ ثناؤه وضع دلالةً دالّةً على أنّه قصد بقوله {ومتاعٌ إلى حينٍ} بعضًا دون بعضٍ، وخاصًّا دون عامٍّ في عقلٍ ولا خبرٍ؛ أن يكون ذلك في معنى العامّ، وأن يكون الخبر أيضًا كذلك إلى وقتٍ بطول استمتاع بني آدم وبني إبليس بها، وذلك إلى أن تبدّل الأرض غير الأرض .
فإذ كان ذلك أولى التّأويلات بالآية لما وصفنا، فالواجب إذًا أن يكون تأويل الآية: ولكم في الأرض منازل ومساكن، تستقرّون فيها استقراركم كان في السّموات، وفي الجنّات في منازلكم منها، واستمتاعٌ منكم بها وبما أخرجت لكم منها، وبما جعلت لكم فيها من المعاش والرّياش والزّين والملاذ، وبما أعطيتكم على ظهرها أيّام حياتكم ومن بعد وفاتكم لأرماسكم وأجداثكم، تدفنون فيها وتبلغون باستمتاعكم بها إلى أن أبدلكم بها غيرها). [جامع البيان: 1/ 577-579].
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ):وقوله {إلى حين} قال قوم: معنى الحين ههنا: إلى يوم القيامة، وقال قوم: إلى فناء الآجال، أي: كل مستقر إلى فناء أجله، والحين والزمان في اللغة منزلة واحدة، وبعض الناس يجعل الحين -في غير هذا الموضع-: ستة أشهر، دليله قوله: {تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها}، وإنما {كل حين} ههنا جعل لمدة معلومة، والحين يصلح للأوقات كلها إلا أنه -في الاستعمال- في الكثير منها أكثر، يقال: ما رأيتك منذ حين، تريد منذ حين طويل، والأصل على ما أخبرنا به). [معاني القرآن: 1 /115-116].
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ) : قوله { ومتاع }
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّادٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} يقول: «بلاغٌ إلى الموت»). [تفسير القرآن العظيم: 1/90] .
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): قوله { إلى حين }
-حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبيد اللّه، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال:( الحياة).
-حدّثنا أبي، ثنا محمّد بن حاتمٍ الزّمّيّ، ثنا عبيدة بن حميدٍ، عن عمّارٍ الدّهنيّ، عن حميدٍ المدنيّ، عن كريبٍ، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال:( حتّى يصير إلى الجنّة أو النّار).
-حدّثني عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن سعدٍ، حدّثني أبي -يعني أحمد بن عبد الرّحمن-، عن أبيه، عن إبراهيم -يعني الصّائغ-، عن يزيد النّحويّ، قال: قال عكرمة: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: «الحين الّذي لا يدرك»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 90]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437ه) : {وَمَتَاعٌ}: منافع. {إِلَى حِينٍ}: إلى أجل ومدة. [العمدة في غريب القرآن: 73] .
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) :
واختلف المتأولون في الحين هاهنا :
- فقالت فرقة: إلى الموت، وهذا قول من يقول المستقر هو المقام في الدنيا.
- وقالت فرقة: {إلى حينٍ}: إلى يوم القيامة، وهذا قول من يقول: المستقر هو في القبور.
ويترتب أيضا على أن المستقر في الدنيا أن يراد بقوله: {ولكم} أي: لأنواعكم في الدنيا استقرار ومتاع قرنا بعد قرن إلى يوم القيامة.
والحين المدة الطويلة من الدهر، أقصرها في الأيمان والالتزامات سنة . قال الله تعالى: {تؤتي أكلها كلّ حينٍ بإذن ربّها} [إبراهيم: 25] وقد قيل: أقصرها ستة أشهر، لأن من النخل ما يثمر في كل ستة أشهر، وقد يستعمل الحين في المحاورات في القليل من الزمن.
وفي قوله تعالى: {إلى حينٍ} فائدة لآدم عليه السلام، ليعلم أنه غير باق فيها ومنتقل إلى الجنة التي وعد بالرجوع إليها، وهي لغير آدم دالة على المعاد.
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 ه) :{ومتاع إلى حين} قال: (الحياة)، وقال: {ومتاع إلى حين} حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار.

المسائل العقدية
1- اثبات المعاد
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): في قوله { إلى حين }: وهي لغير آدم دالة على المعاد.

المسائل النحوية
الإعراب
1- اعراب قوله تعالى { بعضكم لبعض عدو}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : جملة في موضع الحال .
المسائل اللغوية
1-تعامل «بعض» معاملة المفرد، وتأتي «عدو» للمفرد والجمع
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : في قوله تعالى { بعضكم لبعض عدو} وإفراد لفظ عدوٌّ من حيث لفظ بعض، وبعض وكل تجري مجرى الواحد، ومن حيث لفظة عدوٌّ تقع للواحد والجمع، قال الله تعالى: {هم العدوّ فاحذرهم} [المنافقون:4]

الفوائد الفقهية
1- حكم قتل الحيات
تقتل في الحال في الحل والحرم ، إلا أنها تنذر وتؤذن إذا كانت في العمران ثلاثة أيام أو ثلاث مرات في اليوم ، ثم إن بدت قتلها.
سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها»). [جامع البيان: 1/ 571- 575] .
يقول ابن عباس: (فاقتلوها حيث وجدتموها اخفروا ذمة عدو الله فيها) ..
الفوائد السلوكية
1- شؤم وعقوبة المعصية
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ):
وقال فخر الدّين: اعلم أنّ في هذه الآيات تهديدًا عظيمًا عن كلّ المعاصي من وجوهٍ :
الأوّل: أنّ من تصوّر ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزّلّة الصّغيرة كان على وجلٍ شديدٍ من المعاصي، قال الشّاعر:
يا ناظرًا يرنو بعيني راقدٍ ....... ومشاهدًا للأمر غير مشاهد
تصل الذّنوب إلى الذّنوب وترتجي ....... درج الجنان ونيل فوز العابد
أنسيت ربّك حين أخرج آدمًا ....... منها إلى الدّنيا بذنبٍ واحد

قال فخر الدّين عن فتحٍ الموصليّ أنّه قال: (كنّا قومًا من أهل الجنّة فسبانا إبليس إلى الدّنيا، فليس لنا إلّا الهمّ والحزن حتّى نردّ إلى الدّار الّتي أخرجنا منها)

2- تسلية آدم عليه السلام والمؤمنين بإخبارهم برجوعهم إلى الجنة بعد حين
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): {إلى حينٍ} فائدة لآدم عليه السلام، ليعلم أنه غير باق فيها ومنتقل إلى الجنة التي وعد بالرجوع إليها، وهي لغير آدم دالة على المعاد .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ربيع الأول 1436هـ/25-12-2014م, 12:38 PM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي

الأحاديث والآثار الواردة في قوله تعالى :
{ وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}

1- أخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال:«نعم، نبي مكلم»، قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا) . وفي رواية الحافظ بن مردويه عن أبي ذرٍ: قال: قلت: يا رسول اللّه؛ أريت آدم، أنبيًّا كان؟ قال:(نعم، نبيًّا رسولًا كلّمه اللّه قبلا فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة} ). وأخرج بن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي أمامة الباهلي نحوه.
2-نا معمر، قال: أخبرني شيخ، أن ابن عباس في قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} قال: «خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد الله فنسي فسماه الإنسان»، قال ابن عباس فلله يقول:«فبالله ما غابت الشمس حتى أهبط من الجنة». [تفسير عبد الرزاق: 1/ 43]. وورد عن أبي موسى الأشعري نحوه.
3: عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها» رواه مسلمٌ والنّسائيّ ، وروى نحوه عن أبي العالية.
4: عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «فأخرج إبليس من الجنّة حين لعن، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها. فنام نومةً فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأةٌ، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حوّاء، قالوا: ولم سمّيت حوّاء؟ قال: لأنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ. فقال اللّه له: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما}. وذكر السدي نحوه
5: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم } . قال: «ثمّ ألقى السّنة على آدم، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ وغيره، ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقّه الأيسر ولأم مكانه لحمًا وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومته حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلمّا كشف عنه السّنة وهبّ من نومته رآها إلى جنبه فقال فيما يزعمون واللّه أعلم: لحمي ودمي وزوجتي. فسكن إليها. فلمّا زوّجه اللّه تبارك وتعالى وجعل له سكنًا من نفسه، قال له قبلا: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشّجرة فتكونا من الظّالمين}
6- عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (أنّ عدوّ اللّه إبليس أقسم بعزّة اللّه ليغوينّ آدم وذرّيّته وزوجته، إلاّ عباد الله المخلصين منهم، بعد أن لعنه اللّه، وبعد أن أخرج من الجنّة، وقبل أن يهبط إلى الأرض، وعلّم اللّه آدم الأسماء كلّها) وروي عن ابن اسحاق نحوه.
7- عن أبي العالية «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)
8- عن ابن عبّاسٍ، قال: «ما أسكن آدم الجنّة إلّا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشّمس». ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين، ولم يخرجاه.
9- المنذر عن الحسن قال: (لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا)
10- عن موسى بن عقبة قال:«مكث آدم في الجنة ربع النهار، وذلك ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة، فبكى على الجنة مائة سنة»). [الدر المنثور: 1/ 274-278]
11- ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وكلا منها رغدًا} قال: الرّغد: الهنيء . وروي عن السدي مثله ،وفي رواية عن مجاهد قال { الرغد} :لاحساب عليهم .
12- فقال السّدّيّ، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاسٍ: «الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي الكرم». وكذا قال سعيد بن جبيرٍ، والسّدّيّ، والشّعبيّ، وجعدة بن هبيرة، ومحمّد بن قيسٍ.
13- وقال ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسيّ، حدّثنا أبو يحيى الحمّاني، حدّثنا النّضر أبو عمر الخرّاز، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: (الشجرة التي نهي عنها آدم، عليه السلام، هي السّنبلة)
14- وقال سفيان الثّوريّ، عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «النّخلة وقال ابن جريرٍ، عن مجاهدٍ: {ولا تقربا هذه الشّجرة} قال: «تينةٌ». وبه قال قتادة وابن جريجٍ.
15- وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة، والبيهقي في الأسماء والصفات، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن موسى قال: (يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله آدم، فقال: أنت أبونا آدم، فقال له آدم: نعم، قال: أنت الذي نفخ الله فيك من روحه، وعلمك الأسماء كلها، وأمر الملائكة فسجدوا لك، قال: نعم، فقال: ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: موسى، قال: أنت نبي بني إسرائي الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه، قال: نعم، قال: فما وجدت إن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق، قال: نعم، قال: فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل) .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (فحج آدم موسى، فحج آدم موسى).
وأخرج نحوه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم وعبد ابن حميد في مسنده وابن مردويه وأبو يعلى والطبراني وابو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن النجار.


الأحاديث والآثار الواردة في قوله تعالى:
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}
1: عن ابن جريجٍ: قال: قال ابن عبّاسٍ: في تأويل قوله تعالى: {فأزلّهما الشّيطان} قال: أغواهما.
2- عن إسماعيل، عن الحسن: {فأزلّهما} قال: من قبيل الزّلل .وقال قتادة مثله
3- ، ثنا عبد الوهّاب يعني ابن عطاءٍ، عن أبان العطّار، عن عاصم بن بهدلة: {فأزلّهما} قال: فنحّاهما. وورد نحوه عن قتادة.
4- وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: (في قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما}: فوسوس).
5- ، عن الزّبير ابن خرّيتٍ، عن عكرمة قال: «إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 87]
6- : أخبرنا عمر بن عبد الرّحمن بن مهرّبٍ، قال: سمعت وهب بن منبّهٍ: يقول:(لمّا أسكن اللّه آدم وذرّيّته، أو زوجته -الشّكّ من أبي جعفرٍ، وهو في أصل كتابه: وذرّيّته- ونهاه عن الشّجرة، وكانت شجرةً غصونها متشعّبٌ بعضها في بعضٍ، وكان لها ثمرٌ تأكله الملائكة لخلدهم، وهي الثّمرة الّتي نهى اللّه آدم عنها وزوجته. فلمّا أراد إبليس أن يستزلّهما دخل في جوف الحيّة، وكانت للحيّة أربعة قوائم كأنّها بختيّةٌ من أحسن دابّةٍ خلقها اللّه. فلمّا دخلت الحيّة الجنّة، خرج من جوفها إبليس، فأخذ من الشّجرة الّتي نهى اللّه عنها آدم وزوجته، فجاء بها إلى حوّاء، فقال: انظري إلى هذه الشّجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها. فأخذت حوّاء فأكلت منها، ثمّ ذهبت بها إلى آدم، فقالت: انظر إلى هذه الشّجرة، ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها. فأكل منها آدم، فبدت لهما سوآتهما، فدخل آدم في جوف الشّجرة، فناداه ربّه: يا آدم أين أنت؟ قال: أنا هذا يا ربّ، قال: ألا تخرج؟ قال: أستحيي منك يا ربّ، قال: ملعونةٌ الأرض الّتي خلقت منها لعنةً تتحوّل ثمرها شوكًا).
قال: (ولم يكن في الجنّة ولا في الأرض شجرةٌ كان أفضل من الطّلح والسّدر؛ ثمّ قال: يا حوّاء أنت الّتي غرّرت عبدي، فإنّك لا تحملين حملاً إلاّ حملته كرهًا، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارًا. وقال للحيّة: أنت الّتي دخل الملعون في جوفك حتّى غرّ عبدي، ملعونةٌ أنت لعنةً تتحوّل قوائمك في بطنك، ولا يكون لك رزقٌ إلاّ التّراب، أنت عدوّة بني آدم وهم أعداؤك، حيث لقيت أحدًا منهم أخذت بعقبه وحيث لقيك شدخ رأسك).
وروي عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وأبو العالية ،و الربيع ، و ابن اسحاق وابن قيس نحو هذه القصة
7- عن بن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللّه بن قسيطٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال -سمعته يحلف باللّه ما يستثني-: (ما أكل آدم من الشّجرة وهو يعقل، ولكنّ حوّاء سقته الخمر حتّى إذا سكر قادته إليها فأكل)
8- عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرّأس كأنّه نخلةٌ سحوقٌ، فلمّا ذاق الشّجرة سقط عنه لباسه، فأوّل ما بدا منه عورته، فلمّا نظر إلى عورته جعل يشتدّ في الجنّة فأخذت شعره شجرةٌ فنازعها، فناداه الرّحمن يا آدم منّي تفرّ؟ فلمّا سمع كلام الرّحمن، قال: يا ربّ لا ولكن استحياءً)
9- حدّثنا عصام بن روّادٍ ثنا آدم ثنا أبو جعفرٍ الرّازيّ، قال الرّبيع بن أنسٍ:«فأخرج آدم من الجنّة للسّاعة التّاسعة أو العاشرة، فأخرج آدم معه غصنًا من شجر الجنّة، على رأسه تاجٌ من شجر الجنّة، وهو الإكليل من ورق الجنّة»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 78-88]
10- حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} قال ( فلعن الحيّة وقطع قوائمها وتركها تمشي على بطنها وجعل رزقها من التّراب، وأهبط إلى الأرض آدم وحوّاء وإبليس والحيّة) وذكر نحوه ابن عباس و سفيان ابن وكيع ومجاهد وقتادة.
11- ، عن أبي هريرة، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ، فمن ترك شيئًا منهنّ خيفةً فليس منّا)
12- ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها». [جامع البيان: 1/ 571-575]
13- عن رجاء بن أبي سلمة، قال: (أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئًا رأسه، وأهبط إبليس مشبّكًا بين أصابعه رافعًا رأسه إلى السّماء)
14- عن ابن عمر قال:(أهبط آدم بالصّفا، وحوّاء بالمروة)
15- عن السّدّيّ قال: «قال اللّه: {اهبطوا منها جميعًا} فهبطوا فنزل آدم بالهند، وأنزل معه الحجر الأسود وقبضةٍ من ورق الجنّة فبثّه بالهند فنبتت شجر الطّيب، فإنّما أصل ما يجاء به من الطّيب من الهند من قبضة الورق الّتي هبط بها آدم، وإنّما قبضها آدم حين أخرج من الجنّة أسفًا على الجنّة حين أخرج منها»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 88-89]
16- عن الحسن البصريّ قال: «أهبط آدم بالهند، وحوّاء بجدّة، وإبليس بدستميسان من البصرة على أميالٍ، وأهبطت الحيّة بأصبهان». رواه ابن أبي حاتم,وروي عن ابن عباس والحسن نحوه
17- ، عن الرّبيع: في قوله: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: «هو قوله:{جعل لكم الأرض قرارًا}
18- وحدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن إسرائيل، عن إسماعيل السّدّيّ، قال: حدّثني من، سمع ابن عبّاسٍ، قال: {ولكم في الأرض مستقرٌّ} قال: ( القبور) وذكر عن السدي نحوه وابن مسعود نحوه
19- عن بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: في قوله: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (يقول: بلاغٌ إلى الموت) .وروي عن ابن عباس نحوه
20- ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (إلى يوم القيامة، إلى انقطاع الدّنيا.) وروى نحوه ابن عباس
21- عن بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع: {ومتاعٌ إلى حينٍ} قال: (إلى أجلٍ)




رد مع اقتباس
  #6  
قديم 4 ربيع الأول 1436هـ/25-12-2014م, 04:46 PM
سهى بسيوني سهى بسيوني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 316
افتراضي

المسائل التفسيرية في قوله تعالى
{وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)}

1: بيان أن آدم عليه السلام هو أول الأنبياء
آدم عليه السلام أبو البشر هو أول أنبياء الله عليهم السلام ،كما ورد ذلك في الأحاديث ومن ذلك ما ورد عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: «آدم»، قلت: يا رسول الله ونبي كان؟ قال:«نعم، نبي مكلم»، قلت: كم كان المرسلون يا رسول الله؟ قال: (ثلاثمائة وخمسة عشر، جما غفيرا). أخرجه البخاري وأحمد.

2: آدم عليه السلام نبي مكلم
مما أكرم الله به آدم عليه السلام أن كلمه قبلا بدون واسطة فقال له :{ اسكن أنت وزوجك الجنة} كما ورد ذلك في رواية الحافظ بن مردويه عن أبي ذرٍ: قال: قلت: يا رسول اللّه؛ أريت آدم، أنبيًّا كان؟ قال:«(نعم، نبيًّا رسولًا كلّمه اللّه قبلا فقال: {اسكن أنت وزوجك الجنّة}).

3: مم خلق آدم ؟
خلق الله نبيه آدم من أديم الأرض – أي وجهها- فسمي آدم ، وجاء بنوه على قدر الأرض التي خلقوا منها، فمنهم الأبيض والأسود والأحمر ومنهم السهل والحزن والخبيث وغير ذلك مما جبلوا عليه من صفات .
روي عن ابن عباس في قوله: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة} قال: (خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم، ثم عهد الله فنسي فسماه الإنسان) ذكره الصنعاني وأورد الرازي نحوه.

4: متى خلق آدم
خلق الله آدم في خير وهو يوم الجمعة ، كما ورد ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم: «خير يومٍ طلعت فيه الشّمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنّة، وفيه أخرج منها» رواه مسلمٌ والنّسائيّ

5: معنى قوله {اسكن}
قال بن عطية : {اسكن} معناه لازم الإقامة، ولفظه لفظ الأمر ومعناه الإذن.

6: معنى قوله { وزوجك}
قال بن عطية : والزوج امرأة الرجل وهذا أشهر من زوجة .

7: متى خلقت حواء؟
فيه قولان :
القول الأول: أنها خلقت بعد أن سكن آدم الجنة.
عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «فأخرج إبليس من الجنّة حين لعن، وأسكن آدم الجنّة، فكان يمشي فيها وحشًا ليس له زوجٌ يسكن إليها. فنام نومةً فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأةٌ قاعدةٌ خلقها اللّه من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأةٌ، قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ..) ذكرهذا القول الطبراني والرازي وابن عطية وابن كثير
القول الثاني : أنها خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة
عن ابن إسحاق، قال: «لمّا فرغ اللّه من معاتبة إبليس أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم } . قال: «ثمّ ألقى السّنة على آدم، فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التّوراة وغيرهم من أهل العلم، عن عبد اللّه بن عبّاسٍ وغيره، ثمّ أخذ ضلعًا من أضلاعه من شقّه الأيسر ولأم مكانه لحمًا وآدم نائمٌ لم يهبّ من نومته حتّى خلق اللّه من ضلعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. ذكرهذا القول الطبراني وابن عطية وابن كثير.

8: معنى الجنة
قال ابن عطية : الجنة البستان عليه حظيرة.

9: هل الجنة التي سكنها آدم عليه السلام هي جنة الخلد ؟
اختلف أهل التأويل في ذلك على قولين
القول الأول: أنها جنة الخلد. وهو قول جمهور العلماء وقال به ابن عطية وهو مايفهم من كلام ابن كثير
القول الثاني : أنها ليست جنة الخلد .وحجتهم في ذلك أن من دخل جنة الخلد فلايخرج منها وكذلك فإن ابليس لايستطيع دخول جنة الخلد. [وحكى القرطبيّ عن المعتزلة والقدريّة القول بأنّها في الأرض]
ورد عليهم أصحاب القول الأول : أن من دخل جنة الخلد مثابا لا يخرج منها، وأما من دخلها ابتداء كآدم فغير مستحيل ولا ورد سمع بأنه لا يخرج منها.
وردوا على الحجة الثانية في امتناع ابليس من دخول الجنة : أنه منع من دخولها مكرّمًا، فأمّا على وجه الرّدع والإهانة، فلا يمتنع . ولهذا ورد في بعض الآثار أنه دخلها في فم الحية.

10- متى أخرج إبليس من الجنة
دلت الأدلة أن إبليس أخرج من الجنة بعد أن استكبر عن السجود لآدم وأبى إلا المعصية وقبل أن يسكنها آدم . كما ذكر ذلك الطبري
عن ابن إسحاق، قال: «لمّا فرغ اللّه من إبليس ومعاتبته، وأبى إلاّ المعصية، وأوقع عليه اللّعنة، ثمّ أخرجه من الجنّة؛ أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلّها، فقال: {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} إلى قوله: {إنّك أنت العليم الحكيم} .

11- متى سكن آدم الجنة
سكن آدم الجنة يوم الجمعة . كما ورد ذلك عن أبي العالية «قال اللّه تبارك وتعالى: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنّة}»، قال: (خلق اللّه آدم يوم الجمعة، وأدخله الجنّة يوم الجمعة، فجعله في جنّات الفردوس)

12- كم مكث آدم في الجنة ؟
اختلف في ذلك
-فقيل : أنه مكث بها ساعة من نهار مابين صلاة العصر للمغرب .هذه الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا. ذكره بن كثير
-وقيل: مكث آدم في الجنة ربع النهار، وذلك ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة.

13- تزيين حواء لآدم الأكل من الشجرة أثر لايصح
وردت آثار كثيرة بهذا الشأن منها ، عن يعلى بن مسلمٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ -رضي اللّه عنهما- قال: «قال اللّه -تعالى- لآدم -عليه السّلام-: ما حملك على أن أكلت من الشّجرة الّتي نهيتك عنها؟ فاعتلّ آدم فقال: يا ربّ، زيّنته لي حوّاء. قال: فإنّي عاقبتها أن لا تحمل، إلّا كرهًا، ولا تضع إلّا كرهًا، ودميتها في كلّ شهرٍ مرّتين. فرنّت حوّاء عند ذلك فقيل لها: عليك الرّنّة وعلى بناتك)
قال فيه البوصيري هذا إسنادٌ فيه مقالٌ؟ معلّى بن مسلمٍ لم أقف على ترجمته وباقي رواته ثقاتٌ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/ 176]

14- المقصود بلفظ الأمر (كلا)
كلا : لفظ أمر لكن معناه الإباحة بقرينة { حيث شئتما}. ذكره ابن عطية

15: عود الضمير في قوله {منها}
الضمير في منها عائد إلى الجنة . ذكره ابن عطية

16- معنى قوله {رغدا}
الرغد: الكثير الذي لا يعينك من ماء أو عيش أو كلأ. ( يقال: "قد ارغد فلان" أي: أصاب عيشا واسعا). [غريب القرآن وتفسيره: 68]
زبداً بمصرٍ يوم يسقى أهلها ....... رغداً تفجّره النبيط خلالها
ذكره اليزيدي .وذكر نحوه التيمي والدينوري وابن عطية والقيسي .وكذلك ذكرقريبا منه ابن جرير والرازي والسيوطي عن ابن مسعود ومجاهد وابن عباس.
ويكون معنى الآية { وكلا منها رغدا } : أي كلا أكلا واسعة هنيئا لاحساب فيه حيث شئتما.

17- العائد في اسم الإشارة هذه في قوله { ولاتقربا هذه الشجرة }
يحتمل أن يكون العائد على شجرة واحدة بعينها أو إلى جنس . قاله بن عطية .

18- الشجرة التي نهي آدم عن الأكل منها
الشجر : كل ما قام على ساق .قاله الطبري
اختلف أهل التأويل في عين الشجرة التي نهي عنها آدم :
-فقيل: أنها شجرة العنب (الكرم).
قاله ابن وهب المصري الطبري والرازي وابن كثيرعن ابن عباس وابن هبيرة وسعيد بن جبير والسدي وابن قيس وابن عطية عن ابن مسعود وابن عباس والسيوطي عن ابن هبيرة وابن عباس .
-وقيل أنها السنبلة (البر) .
ذكره الطبري والرازي وابن عطية وابن كثير والسيوطي عن ابن عباس وأبي مالك وعطية وقتادة وزاد الطبري وابن كثيرعن أبو الجلد وابن دثار والحسن .
-وقيل أنها التينة .
ذكره الطبري والرازي وابن عطية وابن كثيرعن ابن جريج وزاد الرازي والسيوطي عن قتادة
-وقيل : أنها شجرة تحنك منها الملائكة للخلد.
قاله ابن جرير و ذكره ابن عتبة والرازي وابن كثير عن وهب بن منبه. قال القاضي أبو محمد وهذا ضعيف
-وقيل : أنها شجرة النخلة.
ذكرها الرازي وابن كثير عن أبي مالك .
وقيل : أنها شجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث .
ذكره الرازي والسيوطي عن أبي العالية وقاله ابن عطية ونقله عنه ابن كثير .
-وتزعم اليهود أنها الحنظلة .
قال ابن عطية وقاله ابن كثير عن ابن مسعود وابن عباس ومرة .
قال أبو جعفر الطبري : والصواب أن الله نهى آدم وزوجته عن الأكل من شجرة بعينها وقال لهما :{ ولاتقربا هذه الشجرة} فخالفا إلى مانهاهما الله عنه، ولم يعين الله لعباده هذه الشجره ولانصب لهم من الأدلة مايصلون به إليها ، ولو كان في العلم بها لله رضا لدلهم عليها ليطيعوه بمعرفتها.

20- معنى قوله تعالى { ولاتقربا هذه الشجرة}
لا تقربا : أي لاتأكلا . فنهى عن الأكل وعن مايؤدي إليه وهو القرب . قاله الزجاج وابن عطية.

21- تأويل قوله تعالى {ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}
اختلف فيها أهل العربية
القول الأول: ولاتقربا هذه الشجرة ولا تكونا من الظالمين .وعلى هذا تكون { فتكونا من الظالمين} معطوفة على الجملة الأولى ، مجزومة بالعطف .
القول الثاني : ولاتقربا هذه الشجرة فإنكم إن قربتماها كنتما من الظالمين. وعلى هذا القول تكون {فتكونا من الظالمين} بمعنى جواب النهي في موضع نصب.
ذكرهما الطبري في تفسيره.

22- معنى قوله { فتكونا من الظالمين}
أي تكونا ممن تعدى حدودي وعصى أمري ، ونهج منهاج الظالمين .قاله الطبري

23:المعنى الإجمالي للآية
يقول اللّه تعالى إخبارًا عمّا أكرم به آدم بعد أن أمر الملائكة بالسّجود له، فسجدوا إلّا إبليس: إنّه أباحه الجنّة يسكن منها حيث يشاء، ويأكل منها ما شاء رغدًا، أي: هنيئًا واسعًا طيّبًا ، وأمرهما ألا يقربا شجرة بعينها ابتلاء منه سبحانه واختبار لآدم .قاله ابن كثير.

المسائل التفسيرية في قوله تعالى
{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}

1: معنى {فأزلهما}
قيل في معناها قولان
الأول : (فأزلّهما) : بتشديد اللام :أي اغواهما وأكسبهما الخطيئة .
ذكره التيمي واليزيدي والقيسي وابن عطية .
الثاني:( فأزالهما) :أي نحاهما من إزالة الشيء عن الشيء
وهذان القولان ذكرهما البلخي والدينوري و ابن جرير والزجاج والرازي والسيوطي
ورجح ابن جرير قراءة التضعيف {فأزلّهما} وقال : (لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر في الحرف الّذي يتلوه بأنّ إبليس أخرجهما ممّا كانا فيه، وذلك هو معنى قوله: فأزالهما، فلا وجه إذ كان معنى الإزالة معنى التّنحية والإخراج أن يقال: فأزالهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه، فيكون كقوله فأزالهما الشيطان عنها فأزالهما مما كانا فيه).

2: سبب تسمية الشيطان بهذا الاسم
الشيطان في اللغة: الغالي في الكفر من الجن والإنس.وفي لغة العرب الأرض الشطون البعيدة.كما ذكره الزجاج
عن عكرمة قال: «إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 87]
3: الحكمة من اضافة الإخراج إلى إبليس في قوله { فأخرجهما}
أضاف الله إخراج آدم من الجنة إلى الشيطان مع أنه سبحانه هو المخرج لهما ، لأنه قد تسبب في إخراجهما من الجنة بإغوائمها وتزيين المعصية لهما . ذكره الطبري وقال والدليل أن الله هو المخرج لهما على الحقيقة قوله سبحانه :{ وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو}.

4- كيف استزل إبليس آدم عليه السلام وزوجته؟
اختلف في كيفية ذلك
- فروي عن ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء : أن الإغواء كان مشافهة والدليل قوله تعالى { وقاسمهما }.
- وقال بعضهم: إن إبليس لما دخل إلى آدم كلمه في حاله، فقال: يا آدم ما أحسن هذا لو أن خلدا كان، فوجد إبليس السبيل إلى إغوائه، فقال: هل أدلك على شجرة الخلد.
- وقال بعضهم: دخل الجنة في فم الحية وهي ذات أربع كالبختية، بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم تدخله إلا الحية، فخرج إلى حواء وأخذ شيئا من الشجرة، وقال: انظري ما أحسن هذا فأغواها حتى أكلت، ثم أغوى آدم، وقالت له حواء: كل فإني قد أكلت فلم يضرني فأكل فبدت لهما سوءاتهما، وحصلا في حكم الذنب.
- وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بعد أن أخرج منها، وإنما أغوى آدم بشيطانه وسلطانه ووساوسه التي أعطاه الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية ، وذكر نحوها السيوطي.ورجح أبو جعفر أن إبليس قد باشر مخاطبتهما بنفسه إما ظاهرا للعيان وإما مستجنا في غيره ولم يكن خطابه لهما وسوسة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن عباس قال: «إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم، فكل الدواب أبى ذلك عليه، حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها

5- عود الضمير في قوله تعالى{ عنها}
قال ابن عطية : والضمير في {عنها} عائد على الشّجرة في قراءة من قرأ «أزلهما»، ويحتمل أن يعود على الجنّة فأما من قرأ «أزالهما» فإنه يعود على الجنّة فقط .
وقال مثله بن كثير

6- معنى قوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه}
أي مما كانا فيه من رغد العيش وسعة نعيم الجنة إلى شقاء الدنيا، ومن الطاعة إلى المعصية ومن علو المنزلة إلى سفل مكان الذنب . ذكره ابن عطيه وذكر نحوه ابن جرير ،وابن كثير

7- معنى الهبوط
قال ابن عطية : الهبوط النزول لأسفل، وقال ابن جرير : يقال هبط فلانٌ أرض كذا ووادي كذا: إذا حلّ ذلك، كما قال الشّاعر
أيدي الرّكاب بهم من راكسٍ فلقا ما زلت أرمقهم حتّى إذا هبطت

8- من المخاطب في قوله تعالى {اهبطوا}
اختلف فيمن خوطب بالهبوط في الآية مع اتفاقهم أن آدم وزوجته معنيين في الآية
-قيل : آدم وزوجته وإبليس .
( قاله الفراء والبلخي وذكره ابن جرير عن أبي العالة وابن زيد وذكره الهمذاني عن مجاهد وذكه ابن عطية عن الحسن)
-وقال بعضهم :آدم وزوجته والحية .لأن إبليس قد كان أهبط قبل عند معصيته.
( ذكره ابن جرير عن سفيان بن وكيع والسيوطي عن وقتادة)
-وقال الآخرين آدم وزوجته وإبليس والحية.
(قاله الدينوري وذكره ابن جرير عن ابن عباس و مجاهد وذكره الرازي والسيوطي عن ابن عباس وزاد السيوطي عن مجاهد وقتادة و ابن عطية عن السدي)

9- هل كان هبوط المخاطبين بوقت واحد ؟
فيه قولان :
الأول : هبوط آدم وزوجته وعدوهما ابليس كان بوقت واحد ودل على ذلك قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} فجمع الله إياهم في الخبر يدل على أن الهبوط كان بوقت واحد وهو ما ذهب إليه ابن جرير.
الثاني: اهبط إبليس أولا بدليل قوله{ اخرج منها فإنك رجيم} ثم أهبط آدم وزوجته بعد ذلك ، وجمع الله لرسوله عليه الصلاة والسلام قصة هبوطهم لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن كانت أوقاتهم متفرقة . وهذا ما ذهب إليه ابن عطية.

10- طبيعة العداوة مابين آدم وزوجته ، وإبليس والحية
-أما عن عداوة إبليس آدم وذريته فحسده إياه واستكباره عن السجود له ، وعداوته إياه لآدم كفر بالله.
-وأمّا عداوة آدم وذرّيّته إبليس، فعداوة المؤمنين إيّاه لكفره باللّه وعصيانه لربّه في تكبّره عليه ومخالفته أمره؛ وذلك من آدم ومؤمني ذرّيّته إيمانٌ باللّه.ذكر القولين السابقين ابن عطية
-وأمّا عداوة ما بين آدم وذرّيّته، والحيّة
فقيل لما كان منها من إدخال إبليس الجنة ، كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ فمن تركهنّ خشية ثأرهنّ فليس منّا). وهو ما ما ذهب إليه ابن جرير
وقيل لأذاها بني آدم عن ابن عبّاسٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها»). [جامع البيان: 1/ 571-575]
وهذه الأقوال ذكرها ابن جرير والسيوطي عن ابن عباس

11- مكان هبوط كلا من آدم ، وحواء ، وابليس ، والحية
فيه أقول:
- فقيل أن آدم أنزل بدحنا في الهند وحواء في جدة والحية بأصبهان وإبليس بدستيميان من البصرة .( وقيل أن دجنا بين مكة والطائف)
ذكره الرازي عن ابن عباس والسدي وابن كثير عن الحسن البصري ونحوه عن ابن عباس والسدي
- وقيل أن آدم أنزل بالصفا وحواء بالمروة .
ذكره الرازي وابن كثير والسيوطي عن ابن عمر
وروي أن آدم نزل على جبل من جبال سرنديب وأن حواء نزلت بجدة، وأن الحية نزلت بأصبهان، وقيل: بميسان، وأن إبليس نزل على الأبلة). [المحررالوجيز: 1 /184-188]
ذكره ابن عطية

12- تأويل قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر}
المستقر في كلام العرب هو موضع الإستقرار . وقد اختلف في المراد به على قولين
الأول : قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر} كقوله {الذي جعل لكم الأرض فراشا}.أي موضع استقرار وثبات.
ذكره ابن جرير عن الربيع وابن زيد والرازي عن أبي العالية
والثاني : قالوا أي لكم في الأرض قرار في القبور. ذكره ابن جرير عن ابن عباس و السدي والرازي عن ابن عباس
ورجح ابن جرير: أين ماكان موضع الانسان من الأرض فهي مستقره إلى أن يرجع إلى مسكنه من الجنة.

13- معنى قوله تعالى { ومتاع إلى حين}
المتاع ما يستمتع به من أكل ولبس وحياة . ذكره ابن عطية عن السدي.
واختلف في المقصود بالحين
-فقيل : بلاغ إلى الموت . (ذكره ابن جرير والرازي عن ابن عباس)
-وقيل: بلاغ إلى الساعة . (ذكره ابن جرير عن مجاهد والرازي عن ابن عباس)
ورجح ابن جرير هذا القول وحجته أن الله قد جعل الأرض للانسان متاع أيام حياته يستقر عليها ويغتذي بما يخرج منها وبعد مماته لجثته كفاتا .وبما أن الله لم يضع في الاية دلالة تدل على بعض المتاع دون بعض كان الخبر عاما إلى أن تبدل الأرض غير الأرض.
-وقيل: بلاغ إلى أجل . ذكره ابن جرير عن الربيع وذكره القيسي .




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تجب, تفسيري


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir