دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > سِيَر أعلام المفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 ذو الحجة 1439هـ/29-08-2018م, 10:41 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي سيرة معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري (ت:18هـ) رضي الله عنه

5: سيرة معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الخزرجي الأنصاري (ت:18هـ)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:53 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

اسمه ونسبه:
هو معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أُدَي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج.
ذكر نسبه الكلبي، وابن إسحاق، وخليفة بن خياط، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم، ومنهم من لا يذكر أوساً، ومنهم وقع في الرواية عنه تصحيف، ووقع في بعض كتب الأنساب والتراجم خلاف في جرّ نسبه، لكن المعتمد وهو قول جمهورهم أنه من بني أديّ بن سعد بن علي، من الخزرج.
-قال أحمد بن عبد الجبار: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق في تسمية من شهد العقبة: (معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن غنم بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم، وكان في بني سلمة). رواه الحاكم في المستدرك.
قوله: (ابن غنم) هذا تصحيف، وصوابه: (ابن أُدَيّ).
- وقال خليفة بن خياط: (معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عمرو بن أُدَي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم).
- وقال يعقوب بن سفيان: (معاذ بن جبل بن عمرو بن عائذ بن عدي بن كعب بن أُدَي بن سعد بن علي ابن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم، عقبي بدري).
-وقال إبراهيم الحزامي: حدثني محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة قال: «معاذ بن جبل بن عمرو أحد بني سَلِمَة بن الخزرج، يكنى أبا عبد الرحمن». رواه الحاكم في المستدرك.
قلت: قوله: (أحد بني سلمة) فيه تجوّز، فسلمة وأدي أخوان، وهما ابنا سعد بن علي بن أسد، لكن كان بنو أُدي بطن قليل العدد، ويجمعهم مع أبناء عمومتهم منازل متقاربة، وكان معاذ بن جبل يؤمّهم في الصلاة.
- وقال ابن إسحاق: (وإنما ادّعته بنو سلِمة أنه كان أخا سهل بن محمد بن الجدّ بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة لأمّه).
- وقال ابن سعد: (وأخوه لأمّه عبد الله بن الجدّ بن قيس من أهل بدر).
فالأقرب أن يكون زوج أمّه الجدّ بن قيس.
- وقال خليفة بن خياط: (أمّه هند بنت سهل من بني رفاعة من جهينة).
ولمعاذ أخت اسمها الصعبة بنت جبل، ذكرها ابن سعد في المبايعات.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:54 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مولده ونشأته
ولد معاذ قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو سبع سنين على أرجح الأقوال، ونشأ في المدينة على قلّة في خاصة قومه بني أُدي بن سعد، وكانت الكثرة لأبناء أعمامهم من بني سلمة بن سعد، رهط البراء بن معرور، وأبي اليَسَر، وكعب بن مالك، وجابر بن عبد الله، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، رضي الله عنهم.
ولم أجد لجَبلٍ والد معاذ ذكراً في كتب السير والأخبار، ولعله مات قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

سبقه إلى الإسلام
كان معاذ بن جبل من السابقين الأولين إلى الإسلام من الأنصار، أسلم مع أوّل من أسلم منهم قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وهو شابّ حدَث السنّ، وكان ممن يكسر أصنام قومه.
- قال ابن إسحاق: (والذين كسروا آلهة بني سلمة: معاذ بن جبل، وعبد الله بن أنيس، وثعلبة بن غنمة، وهم في بني سواد بن غنم).
- قال ابن هشام: (وإنما نسب ابنُ إسحاق معاذ بن جبل في بني سواد، وليس منهم، لأنه فيهم).
قلت: أي نشأ فيهم، وهم قرابته.
- وقال ابن سعد: (وكان معاذ بن جبل لما أسلم يكسر أصنام بني سلمة هو وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن أنيس).


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مشاهده وجهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده
شهد معاذ بيعة العقبة الثانية وهو ابن ثمان عشرة سنة، ثم شهد بدراً وهو ابن عشرين سنة أو إحدى وعشرين، ثم شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك إلى اليمن معلّماً وقاضياً وأميراً؛ فمكث فيها إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعث إلى أبي بكر يستأذنه في الرجوع؛ فأذن له؛ فمكث في المدينة مدة يسيرة ثم خرج إلى الجهاد في الشام والتعليم والقضاء فيها، وبقي فيها إلى أن مات في طاعون عَمَواس.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:55 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

علمه وفقهه
أوتي معاذ بن جبل قلباً واعياً، ونفساً زكية، وخلقاً سمحاً، وهمّة عالية، ونهمة في طلب العلم، وحرصاً على أبواب الخير، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان أحرص ما يكون على قراءة القرآن؛ فقرأ على ابن مسعود في أوّل الأمر حتى حذق ما لديه، ثمّ قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم حتى جمع القرآن في عهده، وكان من المعلّمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله بن مسعود قال: (جاء معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أقرئني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقرئه»، فأقرأته ما كان معي، ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه معاذ، فكان معلّما من المعلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبة.
-وقال شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي)متفق عليه.
- وقال إبراهيم النخعي، عن مسروق، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «استقرئوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبيّ، ومعاذ بن جبل». رواه البخاري.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يرجع فيؤمّ قومه». رواه البخاري، ورواه مسلم من طريق منصور بن المعتمر عن عمرو عن جابر أنَّ معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه، فيصلي بهم تلك الصلاة.
- وقال زائدة الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: ((كيف تقول في الصلاة؟))
قال: أتشهد ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((حولها ندندن)). رواه أحمد وأبو داوود، ورواه ابن ماجه، وابن خزيمة وغيرهما من طريق جرير بن حازم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.
قال ابن خزيمة: (الدندنة الكلام الذي لا يفهم).
- وقال معمر، عن عاصم، عن أبي وائل، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت قريباً منه ونحن نسير، فقلت: يا نبي الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويبعدني عن النار.
قال: « لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت».
ثم قال: «ألا أدلك على أبواب الخير؟! الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل» ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى {يعملون}.
ثم قال: « ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟».
قلت: بلى يا رسول الله!
قال: « رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد».
ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟!».
قلت: بلى يا رسول الله!
فأخذ بلسانه فقال: «كفَّ عليك هذا».
قلت: يا رسول الله! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟!!
قال: « ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟ ». رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي في الكبرى.
وقد رواه أحمد أيضاً وغيره من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عروة بن النزال وعن ميمون بن أبي شبيب، والحديث صحيح بمجموع هذه الطرق.
- وقال حرملة بن عمران التجيبي، عن أبي السِّمط سعيد بن أبي سعيد المهري، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ معاذ بن جبل أراد سفراً فقال: يا نبي الله أوصني؟
قال: (( اعبد الله ولا تشرك به شيئاً )).
قال: يا نبي الله زدني؟
قال: (( إذا أسأت فأحسن )).
قال: يا نبي الله زدني؟
قال: (( استقم وأحسن خلقك للناس)). رواه يعقوب بن سفيان، وابن حبان، والطبراني، والحاكم في المستدرك.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

إمامته وتعليمه
انتدبه النبي صلى الله عليه وسلم مراراً لتعليم القرآن والتفقيه في شرائع الدين، فعلّم في المدينة، وفي مكة بعد الفتح، وفي اليمن بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إليها معلّماً قاضياً وأميراً، ثمّ عاد إلى المدينة في خلافة أبي بكر، ثمّ انتدبه عمر إلى حمص وفلسطين ليقرئ أهلها ويعلّمهم؛ فعلّم في حمص حتى رضي، ثم انتقل إلى فلسطين؛ فبقي فيها معلّماً حتى مات في طاعون عمواس سنة 18هـ وهو ابن ثمانية وثلاثين.
-قال ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف معاذ بن جبل رضي الله عنه على أهل مكة حين خرج إلى حنين، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس القرآن وأن يفقههم في الدين، ثم صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عامدا إلى المدينة، وخلف معاذ بن جبل على أهل مكة». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال مسلم بن خالد الزنجي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي، قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: (يا بني أود! إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، تعلمون أن المعاد إلى الله عز وجل، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامة لا ظعن، وخلود لا موت، في أجساد لا تموت). رواه الحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في البعث والنشور.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

بعثته إلى اليمن
- قال يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم، فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك، فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب». رواه البخاري.
- وقال شعبة بن الحجاج: حدثنا سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جده أبا موسى ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا».
فقال أبو موسى: يا نبي الله إنَّ أرضنا بها شراب من الشعير المزر، وشراب من العسل البتع.
فقال: «كل مسكر حرام».
فانطلقا؛ فقال معاذ لأبي موسى: كيف تقرأ القرآن؟
قال: قائماً وقاعداً وعلى راحلتي، وأتفوّقه تفوّقاً.
قال: (أما أنا فأنام وأقوم، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي).
وضرب فسطاطا، فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا؟ فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ: (لأضربن عنقه). رواه البخاري في صحيحه.
- وقال أبو اليمان الحكم بن نافع: حدثنا صفوان بن عمرو، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حميد السكوني أنَّ معاذاً لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم خرج معه النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: (( يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمرَّ بمسجدي وقبري))
فبكى معاذ بن جبل جشعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تبك يا معاذ، البكاء، أو إن البكاء من الشيطان )). رواه أحمد في المسند، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى.
قال البيهقي: (وهذا في بعثته الثانية).
- وقال أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي: حدثنا أبو معاوية شيبان، عن أشعث، عن الأسود بن يزيد، قال: (أتانا معاذ بن جبل باليمن معلّماً وأميراً؛ فسألناه عن رجل توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف والأخت النصف). رواه البخاري.
- وقال الأوزاعي: حدثني حسان بن عطية، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلينا، قال: فسمعت تكبيرةً مع الفجر لرجلٍ أجشّ الصوت.
قال: فألقيت عليه محبَّتي.
قال: (فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتاً، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والبيهقي في السنن الكبرى.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:56 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

سماحته وورعه
- قال معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: كان معاذ بن جبل رجلاً سمحاً شاباً جميلاً من أفضل شباب قومه، وكان لا يمسكُ شيئاً؛ فلم يزل يدّان حتى أغلق ماله كله من الدين، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يطلب إليه أن يسأل غرماءَه أن يضعوا له، فأبوا، فلو تركوا لأحد من أجل أحد، تركوا لمعاذ بن جبل من أجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فباع النبي صلى الله عليه وسلم كلَّ ماله في دينه، حتى قام معاذ بغير شيء، حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميراً ليجبره؛ فمكث معاذ باليمن وكان أوَّل من اتّجر في مال الله هو، ومكث حتى أصاب، وحتى قُبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قبض قال عمر لأبي بكر: (أرسل إلى هذا الرجل، فدع له ما يعيّشه، وخذ سائره منه).
فقال أبو بكر: (إنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ليجبره، ولست بآخذٍ منه شيئاً إلا أن يعطيني).
فانطلق عمر إلى معاذ إذ لم يطعه أبو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ، فقال معاذ: (إنما أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجبرني، ولست بفاعلٍ).
ثم لقي معاذ عمر فقال: (قد أطعتك، وأنا فاعل ما أمرتني به، إني أريت في المنام أني في حومة ماء، قد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر).
فأتى معاذٌ أبا بكر فذكر ذلك له، وحلف له أنه لم يكتمه شيئاً حتى بيَّن له سوطه.
فقال أبو بكر: (لا والله لا آخذه منك، قد وهبته لك).
قال عمر: (هذا حين طاب وحلَّ).
قال: (فخرج معاذ عند ذلك إلى الشام). رواه عبد الرزاق في مصنفه، والبيهقي في دلائل النبوة.
وأما قوله: (حتى إذا كان عام فتح مكة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم على طائفة من اليمن أميراً) إن كانت هذه العبارة محفوظة ففيها تجوّز؛ لأنه ثبت شهوده لغزوة تبوك، وإنما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة تبوك البعثة الأولى وذلك عام تسع للهجرة، ثم بعثه ثانية بعد ذلك بعام.
- وقال عبيد بن غنام بن حفص بن غياث النخعي: حدثني أبي، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله رضي الله عنه قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فاستعمل أبو بكر رضي الله عنهما عمر على الموسم، فلقي معاذاً بمكة ومعه رقيق، فقال: ما هؤلاء؟
فقال: «هؤلاء أهدوا لي، وهؤلاء لأبي بكر».
فقال له عمر: إني أرى لك أن تأتي بهم أبا بكر.
قال: فلقيه من الغد، فقال: «يا ابن الخطاب، لقد رأيتني البارحة وأنا أنزو إلى النار وأنت آخذ بحجزتي، وما أراني إلا مطيعك».
قال: فأتى بهم أبا بكر، فقال: «هؤلاء أُهْدوا لي وهؤلاء لك».
قال: فإنا قد سلمنا لك هديتك، فخرج معاذ إلى الصلاة، فإذا هم يصلون خلفه، فقال معاذ: «لمن تصلون؟»
قالوا: لله عز وجل.
فقال: «فأنتم له، فأعتقهم». رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في دلائل النبوة.
وروى ابن سعد والحاكم أيضاً نحوه من طريق شيبان بن عبد الرحمن عن الأعمش، عن شقيق.
- وقال أبو إسحاق السبيعي، عن سعيد بن وهب الخيواني قال: جلب أعرابيٌّ غنماً فمرَّ به معاذ بن جبل فساومه، فحلف الأعرابي أن لا يبيعه بذلك، ثم مرَّ به الأعرابي بعد ذلك، فقال لمعاذ: هل لك فيها؟
قال: «بكم؟»
قال: بالثمن الذي أعطيتني.
فقال معاذ: « ما كنت لأوثمك ». رواه عبد الرزاق.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:57 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

صفاته وشمائله
- قال جعفر بن برقان الكلابي: أخبرنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني قال: دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من أصحاب النبي عليه السلام، وإذا فيهم شاب أكحل العينين، برّاق الثنايا، ساكت لا يتكلم، فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه.
فقلت لجليس لي: من هذا؟
قال: (معاذ بن جبل). رواه ابن سعد، وابن عساكر، وزاد: (فوقع له في نفسي حبّ؛ فكنت معهم حتى تفرّقوا، ثم هجَّرتُ إلى المسجد؛ فإذا معاذ بن جبل قائمٌ يصلّي إلى سارية؛ فسكتّ لا يكلمني؛ فصليت ثم جلست بيني وبينه السارية؛ فاحتبيت بردائي، ثم جلس فسكت، لا يكلمني، وسكت لا أكلمه، ثم قلت: (والله إني لأحبك).
قال: (فيم تحبني؟).
قال: قلت: (في الله).
قال: فأخذ بحبوتي؛ فجرَّني إليه هنية ثم قال: (أبشر إن كنت صادقاً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء)).
قال: فخرجت فلقيت عبادة بن الصامت فقلت: يا أبا الوليد ألا أحدثك بما حدثني به معاذ بن جبل في المتحابين؟!
قال: فأنا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه إلى الربّ تعالى قال: [حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتواصلين في].
ورواه أحمد وابن حبان بنحوه من طريق أبي المليح الرقي عن حبيب بن أبي مرزوق به.
-وقال أبو حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخولاني أنه قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه، وصدروا عن قوله، فسألت عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجّرتُ فوجدتُه قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي.
قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه، فسلمت عليه، ثم قلت: والله
إني لأحبك لله
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
فقال: أالله؟
فقلت: أالله.
قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه، وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ)). رواه مالك في الموطأ، وأحمد في المسند، وابن سعد في الطبقات، والبيهقي في شعب الإيمان.
قلت: كان عمر أبي إدريس الخولاني عشر سنين حين رآه، وذلك أنه ولد عام حنين.
- وقال ابن وهب: أخبرني مالك بن أنس، عن أبي حازم بن دينار، عن أبي إدريس الخولاني قال: (دخلت مسجد دمشق فإذا أنا برجل براق الثنايا، طويل الصمت، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه، فسألت عنه فقيل: معاذ بن جبل رضي الله عنه). رواه الحاكم في المستدرك.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:57 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

بعض أخباره
- وقال عبد المؤمن بن خالد الحنفي: حدثنا عبد الله بن بريدة الأسلمي، عن أبي الأسود الديلي، قال: قلت لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: حدثني عن قصة الشيطان حين أخذته، فقال: جعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقة المسلمين فجعلت الثمر في غرفة، فوجدت فيه نقصانا، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «هذا الشيطان يأخذه» قال: فدخلت الغرفة فأغلقت الباب علي فجاءت ظلمة عظيمة فغشيت الباب، ثم تصور في صورة فيل، ثم تصور في صورة أخرى، فدخل من شق الباب فشددت إزاري علي فجعل يأكل من التمر، قال: فوثبت إليه فضبطته فالتقت يداي عليه فقلت: يا عدو الله، فقال: خل عني فإني كبير ذو عيال كثير وأنا فقير وأنا من جن نصيبين وكانت لنا هذه القرية قبل أن يبعث صاحبكم، فلما بعث أخرجنا عنها فخل عني، فلن أعود إليك فخليت عنه، وجاء جبريل عليه السلام فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فنادى مناديه أين معاذ بن جبل، فقمت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما فعل أسيرك يا معاذ؟» فأخبرته فقال: «أما إنه سيعود» فعاد، قال: فدخلت الغرفة، وأغلقت علي الباب فدخل من شق الباب، فجعل يأكل من التمر فصنعت به كما صنعت في المرة الأولى، فقال: خل عني فإني لن أعود إليك، فقلت: يا عدو الله ألم تقل: لا أعود؟ قال: فإني لن أعود وآية ذلك علي أن لا يقرأ أحد منكم خاتمة البقرة فيدخل أحد منا في بيته تلك الليلة). رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان، قائد كعب من بنيه حين عمي، قال: سمعت كعب بن مالك، يحدث حين تخلَّف عن قصة تبوك ؛ فذكر الحديث بطوله، وفيه: قال كعب: ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك؛ فقال: وهو جالس في القوم بتبوك: «ما فعل كعب؟»
فقال رجل من بني سلمة: (يا رسول الله! حبسه برداه، ونظره في عطفه).
فقال معاذ بن جبل: (بئس ما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه البخاري.
- وقال معاذ بن هشام الدستوائي: حدثني أبي، حدثني القاسم بن عوف الشيباني قال: حدثنا معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم وقسيسيهم وبطارقتهم، ورأى اليهود يسجدون لأحبارهم ورهبانهم وربانيهم وعلمائهم وفقهائهم، فقال: لأي شيء تفعلون هذا؟
قالوا: هذه تحية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قلت: فنحن أحق أن نصنع بنبينا.
فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم، لو أمرتُ أحداً أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأةَ أن تسجد لزوجها من عظيم حقه عليها، ولا تجد امرأةٌ حلاوةَ الإيمان حتى تؤدّي حقَّ زوجها ولو سألها نفسها وهي على ظهر قتب». رواه الحاكم في المستدرك.
ورواه بن ماجه وابن حبان والبيهقي بنحوه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى.
ورواه البزار والطبراني في الكبير من طريق قتادة عن القاسم الشيباني عن زيد بن أرقم.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:58 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مناقبه وفضائله
مناقب معاذ كثيرة جداً؛ فقد كان من السابقين الأولين إلى الإسلام، شهد بيعة العقبة، وغزوة بدر، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من علماء الصحابة وقرائهم، بل كان من المعلّمين في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر وعمر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينتدبه للتعليم والقضاء.
وكان مع كلّ ذلك حسَن الخَلقِ والخُلُق، كريماً مفضالاً، وكان من أحبّ الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل حلف له أنّه يحبّه.
-قال عقبة بن مسلم التجيبي: حدثني أبو عبد الرحمن الحبُلّي، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً ثم قال:(( يا معاذ! والله إني لأحبك )).
فقال له معاذ: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبك).
قال: ((أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داوود والنسائي في السنن الكبري.
-وقال خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( أرحم أمتي بأمّتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبيّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكلّ أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح).رواه الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي في الكبرى.
- وقال سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح، بئس الرجل فلان وفلان» حتى عدّ سبعة، رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والترمذي، والنسائي في السنن والكبرى، وغيرهم.
ورواه الحاكم من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل به، وزاد قال عبد العزيز بن أبي حازم: (سبعة رجال سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يسمهم لنا سهيل).
-وقال يحيى بن أبي عمرو السَّيباني عن أبي العَجْفَاء عن عمر بن الخطاب مرفوعاً:(يأتي معاذ بين يدي العلماء رتوة).رواه أبو نعيم وابن أبي عاصم، وروي من طرق أخرى يشدّ بعضها بعضاً، وفي لفظ: (( معاذ بن جبل أمام العلماء برتوة يوم القيامة )).
والسيباني بالسين المهملة بطنٌ من حِمْيَر.
واختلف في تفسير الرتوة؛ فقيل: هي الخطوة أو أقرب، وقيل: مقدار رمية بسهم، وقيل غير ذلك، والقول الأول أحظى بالشواهد.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 11:58 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

استفاضة ثناء علماء الصحابة والتابعين عليه
- وقال موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس بالجابية فقال: «من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني، فإنَّ الله تعالى جعلني خازناً». رواه سعيد بن منصور في سننه، والحاكم في مستدركه.
- وقال حيوة بن شريح: أخبرني أبو صخرٍ أن زيد بن أسلم حدثه، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: «تمنوا».
فقال بعضهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله وأتصدق.
وقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة زبرجداً وجوهراً؛ فأنفقه في سبيل الله وأتصدق.
ثم قال عمر: «تمنوا».
فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين!
فقال عمر: «أتمنى لو أنها مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان». رواه أحمد في فضائل الصحابة، وأبو نعيم في الحلية، والحاكم في المستدرك.
- قال شعبة بن الحجاج: حدثنا فراس [بن يحيى الهمداني] عن الشعبي عن مسروق قال: كنا عند بن مسعود فقرأ: (إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين)
فقال فروة بن نوفل: نسي.
فقال عبد الله: (من نسي أنا كنا نشبهه بإبراهيم عليه السلام). رواه مسدد بن مسرهد كما في إتحاف الخيرة، والحاكم في مستدركه.
- وقال سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان الكلاعي، قال: كان عبد الله بن عمرو يقول: (حدثونا عن العاقِلَين).
فيقال: من العاقلان؟
فيقول: (معاذ وأبو الدرداء). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
- وقال مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق قال: (انتهى علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هؤلاء الستة: إلى عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت). رواه الحاكم وابن عساكر.
- وقال أبو زرعة الدمشقي: حدثنا أبو مسهر، أخبرنا سعيد بن عبد العزيز قال: (كان العلماء بعد معاذ بن جبل: عبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وسلمان، وعبد الله بن سلام، ثم كان العلماء بعد هؤلاء: زيد، ثم كان بعد زيد بن ثابت: ابن عمر، وابن عباس، ثم كان بعد سعيد بن المسيب). رواه ابن عساكر.
- قال الحافظ ابن عساكر: (كان ابن مسعود يسمّيه الأمة القانت، كان من أفضل شباب الأنصار حلماً وحياءً وبذلاً وسخاءً، وضيء الوجه، أكحل العينين، براق الثنايا، جميلاً وسيماً، أردفه النبي صلى الله عليه وسلم وراءه؛ فكان رديفه، وشيَّعه النبي صلى الله عليه وسلم ماشياً في مخرجه إلى اليمن وهو راكب، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عامله على اليمن، مات شهيداً بالشام في طاعون عمواس، لم يعقب).


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 12:03 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مواعظه ووصاياه
لمعاذ بن جبل وصايا جليلة نافعة تدل على ما يكتنز وراءها من العلم والفهم والنصح، وسأذكر طائفة منها هنا وطائفة منها في خبر وفاته رضي الله عنه.
- قال معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن يزيد بن عميرة قال: لما حضر معاذا الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا!
قال: أجلسوني.
فقال: إن العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما، يقولها ثلاث مرات فالتمسوا العلم عند أربعة رهط، عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه عاشر عشرة في الجنة» رواه أحمد، والترمذي، والنسائي في السنن الكبرى، وأبو بشر الدولابي في الكنى، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم.
وفي رواية: ((إنَّ العلمَ والإيمانَ مكانهما إلى يوم القيامة، ومَنِ ابتغاهما وَجَدَهما)).
- وقال حماد بن سلمة: حدثنا أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن يزيد بن أبي عميرة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (تكون فتن فيكثر فيها المال، ويفتح القرآن حتى يقرأ الرجل والمرأة والصغير والكبير والمنافق والمؤمن، فيقرأه الرجل فلا يتبع، فيقول: والله لأقرأنه علانية، فيقرأه علانية فلا يتبع، فيتخذ مسجداً، ويبتدع كلاماً ليس من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإياكم وإياه؛ فإنه بدعة وضلالة). رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال ابن شهاب الزهري: حدثني أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني أن يزيد بن عميرة - وكان من أصحاب معاذ بن جبل - أخبره قال: كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: «الله حكم قسط هلك المرتابون».
فقال معاذ بن جبل يوماً: (إنَّ من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائلٌ أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟!! ما هم بمتبعيّ حتى أبتدع لهم غيره، فإيّاكم وما ابتدع، فإنَّ ما ابتدع ضلالة، وأحذّركم زيغة الحكيم، فإنَّ الشيطانَ قد يقول كلمة الضلالةِ على لسانِ الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق).
قال: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أنَّ الحكيمَ قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟!
قال: «بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها: ما هذه؟!! ولا يثنينّك ذلك عنه، فإنَّه لعله أن يراجع، وتلقَّ الحقَّ إذا سمعتَه فإنَّ على الحقِّ نوراً». رواه أبو داوود في سننه، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والبيهقي في السنن الكبرى من طرق عن الزهري.
قال أبو داود: (قال معمر عن الزهري في هذا الحديث: "ولا ينئينَّك ذلك عنه" مكان "يثنينك"، وقال صالح بن كيسان عن الزهري في هذا: "المشبهات" مكان "المشتهرات"، وقال: "لا يثنينك" كما قال عقيل، وقال ابن إسحاق عن الزهري قال: "بلى ما تشابه عليك من قول الحكيم حتى تقول: ما أراد بهذه الكلمة؟!!").
- وقال أحمد بن حنبل: حدثنا أبو المغيرة الحمصي، قال: حدثنا صفوان بن عمرو، قال: حدثني عمرو بن قيس السكوني، قال: حدثني عاصم بن حميد قال: سمعت معاذاً يقول: (إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمراً يهولكم أو يشتدّ عليكم إلا حقَّره بعده ما هو أشد منه).
قال أحمد بن حنبل: (اللهم رضينا . اللهم رضينا). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة.
- وقال محمد بن المبارك الصوري: حدثنا صدقة بن خالد، عن ابن جابر، حدثنا شيخ يكنى أبا عمرو، عن معاذ بن جبل، قال: (سيبلى القرآن في صدور أقوامٍ كما يبلى الثوب فيتهافت، يقرأونه لا يجدون له شهوة ولا لذة، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف، إن قصروا قالوا: سنبلغ، وإن أساءوا قالوا: سيغفر لنا، إنا لا نشرك بالله شيئاً). رواه الدارمي موقوفاً على معاذ، وله شواهد.
- وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سَلِمة عن معاذ بن جبل أنه قال: (كيف أنتم عند ثلاث: دنيا تقطع رقابكم، وزلة عالم، وجدال منافق بالقرآن؟)
فسكتوا.
فقال معاذ بن جبل: (أما دنيا تقطع رقابكم، فمن جعل الله غناه في قلبه فقد هُدي، ومن لا فليس بنافعته دنياه.
وأما زلة عالم؛ فإن اهتدى فلا تقلّدوه دينكم، وإن فتن فلا تقطعوا منه أناتكم، فإن المؤمن يفتن ثم يفتن ثم يتوب.
وأما جدال منافق بالقرآن، فإن للقرآن منارا كمنار الطريق لا يكاد يخفى على أحد، فما عرفتم فتمسّكوا به، وما أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه)
. رواه وكيع في الزهد، وأبو داوود في الزهد، والطبراني في الأوسط، أبو نعيم في الحلية، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله كلهم من طريق شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة به، وألفاظهم متقاربة.
- وقال جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال المحاربي قال: قال معاذ بن جبل لرجل: (اجلس بنا نؤمن ساعة) يعني نذكر الله. رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان، وابن أبي شيبة في المصنف، وعلّقه البخاري في صحيحه.
- وقال محمد بن سيرين: جاء رجل معاذ بن جبل معه أصحابه يسلمون عليه ويودعونه ويوصونه فقال له معاذ: (إني موصيك بأمرين إن حفظتهما حفظت ما قال لك أصحابك: إنه لا غنى بك عن نصيبك من الدنيا وأنت إلى نصيبك من الآخرة أحوج فآثر نصيبك من الآخرة على نصيبك من الدنيا فإنه يأتي بك أو يمر بك على نصيبك من الدنيا فيتنظمه لك انتظاما فيزول معك أينما زلت). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال عبد الوهاب: حدثنا عبيد الله، عن سليمان بن حبيب، عن سعيد بن عشارة قال: كنت أرعى غنما نحو الشام، فذكر لي ركب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعرضت لهم فقلت: علموني، فقدموا إليَّ كلاماً كلّهم يأمرني بخير، وورائهم رجل على ناقة له فقال: مسألتك؟ وإني أراهم قد أكثروا عليك.
قال: أجل، والله لقد أكثروا علي حتى ما حفظت شيئاً مما قالوا.
قال: إني سأجمع لك ذلك في أمرين: إنه لا غنى بك عن حظك من الدنيا، وأنت إلى حظك من الآخرة أفقر، فإذا عرض لك أمران أحدهما لله، والآخر للدنيا فخذ الذي لله يأتي على حاجتك من الدنيا فينتظمها انتظام الدمية، ثم يزول معك حيث مازلت). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال مسعر، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة قال: قال معاذ: «صل ونم، وصم وأفطر، واكتسب ولا تأثم، ولا تموتن إلا وأنت مسلم، وإياك ودعوات أو دعوة مظلوم».رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، أن أبا الزاهرية، حدثه عن جبير بن نفير، عن معاذ بن جبل، أنه قال: (إذا أحببتَ أخاً فلا تماره، ولا تشاره، ولا تسأل عنه، فعسى أن توافق له عدواً فيخبرك بما ليس فيه فيفرّق بينك وبينه). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال الوليد بن مسلم: سمعت يزيد بن أبي مريم قال: سمعت أبا إدريس الخولاني، يقول: قال معاذ بن جبل رحمه الله: إنك مجالس قوما لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا فارغب إلى ربك عز وجل عند ذلك رغبات، قال الوليد: فذكرت لعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فقال: نعم حدثني أبو طلحة حكيم بن دينار أنهم كانوا يقولون: (آية الدعاء المستجاب إذا رأيت الناس غفلوا، فارغب إلى ربك عز وجل عند ذلك رغبات). رواه أحمد في الزهد.
- وقال حماد بن زيد: حدثنا الصلت بن راشد قال: سألت طاووسا عن شيء؛ فانتهرني.
وقال: أكان هذا؟
قلت: نعم.
قال: آلله؟
قلت: آلله.
قال: إن أصحابنا أخبرونا عن معاذ بن جبل أنه قال: (أيها الناس! لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله فيذهب بكم هاهنا وهاهنا، فإنكم إن لم تعجلوا بالبلاء قبل نزوله لم ينفك المسلمون أن يكون فيهم من إذا سئل سُدّد، أو قال: وُفّق). رواه الدارمي في سننه، وأبو بكر الآجري في أخلاق العلماء، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن.


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 12:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

وفاته
- قال عبد الله بن العلاء بن زبر: سمعت بسر بن عبيد الله، أنه سمع أبا إدريس، قال: سمعت عوف بن مالك، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فقال: (( اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً). رواه البخاري.
- وقال أبو أحمد الزبيري: حدثنا مَسَرَّة بن معبد، عن إسماعيل بن عبيد الله قال: قال معاذ بن جبل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ستهاجرون إلى الشام فيفتح لكم ويكون فيكم داء كالدمل أو كالحرة يأخذ بمراقّ الرجل يستشهد الله به أنفسهم، ويزكي به أعمالهم )).
اللهم إن كنت تعلم أن معاذ بن جبل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه، فأصابهم الطاعون فلم يبق منهم أحد فطعن في أصبعه السبابة، فكان يقول: (ما يسرني أن لي بها حمر النعم). رواه أحمد، وإسماعيل بن عبيد الله لم يدرك معاذاً، لكن يشهد له ما بعده.
- قال هشام بن خالد الدمشقي: الحسن بن يحيى الخشني، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تنزلون منزلا يقال له: الجابية يصيبكم فيه داءٌ مثل غدَّة الجمل، يستشهد الله به أنفسكم وذراريكم، ويزكّي به أعمالكم)). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال موسى بن عبيدة الربذي، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع مولى أمّ سلمة قال: لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس استخلف معاذَ بن جبل، واشتد الوجع؛ فقال الناس: (يا معاذ! ادع الله يرفع عنا هذا الرجز).
فقال: « إنه ليس برجز، ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يختص الله بها من يشاء منكم». رواه الطبراني في المعجم الكبير، وفيه انقطاع.
- وقال ثابت بن يزيد الأحول: حدثنا عاصم، عن أبي منيب الأحدب قال: خطب معاذ بالشام، فذكر الطاعون فقال: «إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وقبض الصالحين قبلكم. اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم من هذه الرحمة» ثم نزل من مقامه ذلك، فدخل على عبد الرحمن بن معاذ فقال: عبد الرحمن: {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} فقال معاذ: ({ستجدني إن شاء الله من الصابرين}). رواه أحمد في المسند.
- وقال معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن يزيد بن عميرة الزبيدي أنه لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا؟
قال: أجلسوني.
قال: (إنَّ العلم والإيمان مكانهما فمن ابتغاهما وجدهما، إن العلم والإيمان مكانهما فمن ابتغاهما وجدهما، فالتمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه عاشر عشرة في الجنة)). رواه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، وأبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال حماد بن سلمة: حدثنا أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن يزيد بن أبي عميرة قال: ولما مرض معاذ بن جبل مرضه الذي قبض فيه كان يغشى عليه أحيانا، ويفيق أحيانا، حتى غشي عليه غشية ظننا أنه قد قبض، ثم أفاق وأنا مقابله أبكي، فقال: «ما يبكيك؟»
قلت: والله لا أبكي على دنيا كنت أنالها منك، ولا على نسب بيني وبينك، ولكن أبكي على العلم والحكم الذي أسمع منك يذهب.
قال: (فلا تبكِ فإنَّ العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما؛ فابتغه حيث ابتغاه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فإنه سأل الله تعالى وهو لا يعلم وتلا: {إني ذاهب إلى ربي سيهدين}، وابتغه بعدي عند أربعة نفر، وإن لم تجده عند واحد منهم فسل عن الناس أعيانه: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام، وسلمان، وعويمر أبو الدرداء، وإياك وزيغة الحكيم وحكم المنافق).
قال: قلت: وكيف لي أن أعلم زيغة الحكيم؟
قال: «كلمة ضلالة يلقيها الشيطان على لسان الرجل فلا يحملها ولا يتأمل منه، فإن المنافق قد يقول الحق، فخذ العلم أنى جاءك فإن على الحق نورا، وإياك ومعضلات الأمور». رواه الحاكم في المستدرك.

- وقال يحيى بن عمرو بن راشد الليثي: حدثنا ابن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن شيخ بمكة - يعني ابن سابط - عن عمرو بن ميمون، قال: قدم علينا معاذ بن جبل ونحن باليمن، فقال: يا أهل اليمن أسلموا تسلموا، إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم؛ فوقعت له في قلبي محبة، فلم أفارقه حتى مات؛ فلما حضره الموت بكيتُ.
فقال لي: ما يبكيك؟
فقلت: أما إنه ليس عليك أبكي، إنما أبكي على العلم الذي يذهب معك.
قال: (إنَّ العلم والإيمان ثابتان إلى يوم القيامة، فالتمس العلم عند أربعة، عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن سلام فإنه عاشر عشرة في الجنة، وسلمان الخير، وعويمر أبي الدرداء).
فلحقت بعبد الله بن مسعود فأمرني بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن «صلّ الصلاة لوقتها، واجعل صلاتهم تسبيحاً»
فذكرت فضيلة الجماعة فضرب على فخذي وقال: (ويحك إن الجماعة ما وافق طاعة الله). رواه الطبراني في مسند الشاميين، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
وقوله: (واجعل صلاتهم تسبيحاً). أي: نافلة، وذلك لأنهم كانوا يؤخرون الصلاة.
- وقال معاذ بن هشام الدستوائي: حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن مالك أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاذ رديفه على الرحل، قال: «يا معاذ بن جبل!»، قال: لبيك يا رسول الله وسعديك.
قال: «يا معاذ».
قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً.
قال: «ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صدقاً من قلبه إلا حرَّمه الله على النار».
قال: يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟
قال: «إذا يتكلوا»
قال: (وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً). رواه البخاري.
- وقال حميد بن عبد الله المزني، عن عيسى بن شريح بن حصين، عن ابن مالك بن يخامر، عن أبيه مالك بن يخامر أنه حضر وأصحابٌ له معاذ بن جبل عند وفاته؛ فقال له مالك: يا أبا عبد الرحمن حدثنا حديثا ينفعنا الله به.
فقال: ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لكم فيه منفعة إلا قد حدثتكم به إلا حديثاً واحداً، ولو أعلم أني أقوم من مضجعي هذا لم أحدثكم به، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من مات لا يشرك بالله شيئاً وجبت له الجنة». رواه أبو بشر الدولابي في الكنى.
- وقال سويد بن سعيد الحدثاني: حدثنا زياد بن الربيع، عن هشام، عن ابن سيرين، عن ابن الديلمي، قال: كنت ثالث ثلاثة ممن يخدم معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ فلما حضرته الوفاة قلنا له: يرحمك الله! إنا إنما صحبناك وانقطعنا إليك واتبعناك لمثل هذا اليوم لتحدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من مات وهو موقن بثلاث: أن الله تبارك وتعالى حقّ، وأنَّ الساعة قائمة، وأن الله يبعث من في القبور ))
قال ابن سيرين: فنسيت، إما قال: (( أدخله الجنة )) وإما قال: (( نجا من النار )). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة.
-قال موسى بن عقبة: (مات سنة ثمان عشرة في طاعون عمواس وهو ابن ثمان وثلاثين سنة).
- وقال النووي: (توفي في طاعون عَمَواس بالشام سنة ثمان عشرة، وقيل: سبع عشرة، والصحيح الأول، وقبره في مشاق غور بيان، وعمواس التي نسب إليها الطاعون بالرملة وبيت المقدس، نُسب الطاعون إليها لأنه بدأ بها، هو بفتح العين والميم، وتوفى شهيداً في الطاعون، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقيل: أربع وثلاثين، وقيل: ثمان وثلاثين).


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 12:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

رواة التفسير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه
قرأ عليه جماعة من الصحابة والتابعين في بلدان شتى، ومن أشهر من قرأ عليه:الأسود بن يزيد النخعي قرأ عليه في اليمن قبل أن ينتقل إلى العراق، وفي حمص عبد الله بن قيس السكوني.
وروى عنه من الصحابة: أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، وغيرهم.
ومن التابعين: مالك بن يخامر السكسكي، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وعبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وقيس بن أبي حازم البجلي، وكثير بن مرة الحضرمي، ويزيد بن عميرة الزبيدي، وأبو مسلم الخولاني، وعمرو بن ميمون الأودي، وعاصم بن حميد السكوني، وعبد الله بن سلِمة المرادي، وأبو إدريس الخولاني، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وغيرهم.
واختلف في سماع مسروق منه، وقد أدركه.
وأرسل عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى، وميمون بن أبي شبيب الربعي، وعطاء بن يسار المدني، وسالم بن أبي الجعد، وخالد بن معدان، وطاووس بن كيسان، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص، وشهر بن حوشب، ومكحول، وعبد الرحمن بن جبير بن نفير، وعبادة بن نُسي الكندي، وعمرو بن مرة الجملي، وأبو ظبيان، وابن شهاب الزهري.
وقد قلّت الرواية عنه لتقدّم وفاته.


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 16 صفر 1444هـ/12-09-2022م, 12:04 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي

مما روي عنه في التفسير
أ: قال إبراهيم النخعي عن خاله الأسود بن يزيد عن ابن مسعود أنَّ رجلاً لقي امرأة في بعض طرق المدينة، فأصاب منها ما دون الجماع، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فنزلت:{وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين}، فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله! لهذا خاصة أو لنا عامة؟ قال: (( بل لكم عامة)). رواه عبد الرزاق وأحمد وابن جرير.
ب: وقال سريج بن النعمان الجوهري: حدثنا ابن الرماح عمر بن ميمون [البلخي] قال: حدثنا حميد بن أبي الخزامى قال: سئل معاذ بن جبل عن قول الله: {فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} قال:{لا انفصام لها} يعني: لا انقطاع لها- مرتين- دون دخول الجنة). رواه ابن أبي حاتم، وفيه انقطاع.
ج: وقال مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي حسين، عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود! إني رسول رسول الله إليكم، تعلمون أن المعاد إلى الله؛ إلى الجنة أو إلى النار {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير (29)}).رواه ابن أبي حاتم، والحاكم.
د: وقال الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن سلمة بن سبرة، قال: خطبنا معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه، فقال: (أنتم المؤمنون، وأنتم أهل الجنّة، والله إنّي لأطمع أن يكون عامّة من تصيبون بفارس والرّوم في الجنّة، فإنّ أحدهم يعمل الخير فيقول: أحسنت بارك الله فيك، أحسنت رحمك الله، والله يقول: {ويستجيب الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات ويزيدهم من فضله} ). رواه الحاكم في المستدرك.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
معاذ, سيرة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir