دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 شعبان 1441هـ/2-04-2020م, 11:35 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي، «وتريدون أن تضلوا»، بالتاء منقوطة من فوق في تريدون. ذكره ابن عطية.
معنى "ألم تر" في الآية:
-ألم تخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ألم تعلم. والمعنى: ألم ينته علمك إلى هؤلاء. والرؤية هنا قلبية. قاله أهل اللغة وذكره الزجاج وابن عطية, وبين تقارب القولين ولم يرجح بينهما.
المراد بـ"الذين":
-علماء أهل الكتاب. ذكره الزجاج.
-اليهود. قاله قتادة وغيره, وذكره ابن كثير وابن عطية وبين أن اللفظ يتناول النصارى بعدهم.
تخريج قول قتادة: رواه الطبري عن بشر بن معاذٍ، عن يزيد، عن سعيدٌ، عنه.
-وقيل: المراد: رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي. قاله ابن عباس. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري عن أبي كريبٍ عن يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عنه.
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سلمة، عن ابن إسحاق بإسناده عن ابن عبّاسٍ، مثله.
والأقوال متظافرة, فقد تكون خصت بشخص أو فئة لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقول القاعدة الشهيرة.
معنى "أوتوا":
-أعطوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
معنى "نصيبا":
-حظا. ذكره ابن عطية.
المراد بالكتاب:
-التوراة والإنجيل. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية وعلل: وإنما جعل المعطى نصيبا في حق كل واحد منفرد، لأنه لا يحصر علم الكتاب واحد بوجه.
المقصود بالنصيب من الكتاب:
-علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه عندهم مكتوب في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ذكره الزجاج وابن كثير.
المراد بالشراء هنا:
-إيثارهم الكفر وتركهم الإيمان. قاله جماعة. وذكره ابن عطية.
-وقيل: الذين كانوا يعطون أموالهم للأحبار على إقامة شرعهم فهذا شراء على وجهه. ذكره ابن عطية.
-وقيل: إيثارهم التكذيب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذوا على ذلك الرشا ويثبت لهم رياسة. ذكره الزجاج.
-الإعراض عما أنزل الله على رسوله وما في أيديهم من صفته في الكتاب ليشتروا به حظا من الدنيا. ذكره ابن كثير.
والأقوال جميعا تتكاتف, فالأول أعم, وما بعده أخص, وكل الأقوال تندرج تحت الأول, فكلها صور من الكفر وترك الإيمان, وإن اختلف سبب إعراضهم وإيثارهم.
معنى السبيل في اللغة:
-الطريق. ذكره الزجاج.
المراد بضلال السبيل في الآية:
-تضييع طريق الهدى. كما ذكر الزجاج. أو الكفر. كما عبر عنه ابن عطية وابن كثير صراحة.
-تركهم الصواب باجتناب اليهود, وحسبانهم أنهم غير أعداء. قاله به ابن عطية.
والقولان يصبان في معنى واحد, لكن أحببت ذكرهما للفروق الدقيقة بينهما, فالأول فيه عمومية, والثاني فيه خصوصية ضيقها ابن عطية في نطاق التحذير من عدم اتخاذ اليهود أعداء, وهو ما يقتضيه المعنى.
ما الذي تقتضيه هذه الآية وما بعدها من الآيات؟
-تقتضي توبيخا للمؤمنين على استنامة قوم منهم إلى أحبار اليهود، في سؤال عن دين، أو في موالاة أو ما أشبه ذلك. ذكره ابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45)}.
ما معنى "والله أعلم بأعدائكم"؟
-أي: هو أعرف بهم فهو يعلمكم ما هم عليه. ذكره الزجاج وابن كثير.
ما تفيده الصياغة في الآية:
-تفيد الإخبار على وجه التحذير. ذكره ابن عطية.
ما تفيده الباء في "بالله":
التوكيد وتبيين معنى الأمر في لفظ الخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده قوله "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا":
-أي: ناصركم عليهم. ذكره الزجاج.
وذكر هذا المعنى ابن كثير مع الاحتراز بأن المقصود بأنه ولي وناصر لمن لجأ إليه.
مقتضى الآية:
-الأمر بالاكتفاء بالله. ذكره الزجاج وابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي وأبو رجاء: يحرفون الكلام بالألف، ومن جعل «من» متعلقة «بنصيرا» جعل «يحرفون» في موضع الحال، ومن جعلها منقطعة جعل «يحرفون» صفة. ذكره ابن عطية.
-"راعنا" في مصحف ابن مسعود «راعونا». ذكره ابن عطية.
المراد بـ"من" في الآية:
- جائز أن تكون: من صلة الذين أوتوا الكتاب. والمعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ويجوز أن يكون: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم, ويكون {يحرفون} صفة، والموصوف محذوف. فتكون من التبعيضية. وهو قول الفراء وسيبويه. وذكره الزجاج وابن عطية ورجحه, لأن إضمار الموصول ثقيل كما في القول الأول.
-وقالت طائفة، هي متعلقة بـ"نصيراً" والمعنى ينصركم من الذين هادوا. ذكره ابن عطية.
-وقالت فرقة: هي لابتداء الكلام، وفيه إضمار تقديره قوم يحرفون، هذا مذهب أبي علي, وذكره ابن عطية.
-وقال ابن كثير: أنها لبيان الجنس.
ولعل أصح الأقوال ما رجحه ابن عطية وهو قول الفراء وسيبويه, لأن أهل اللغة في ذلك أخبر -والله أعلم-, مع بيان عدم تعارض الأقوال, فكلها تصب في معنى صحيح.
معنى "هادوا":
-قيل: مأخوذ من هاد إذا تاب.
-أو من يهود بن يعقوب.
-أو من التهود وهو الرويد من المشي واللين في القول.
ذكر هذه الأقوال كلها الخليل، ونقلها ابن عطية.
أوجه "تحريف الكلم" في الآية:
-إما بتغيير اللفظ، وقد فعلوا ذلك في الأقل. ذكره ابن عطية.
-وإما بتغيير التأويل، وقد فعلوا ذلك في الأكثر، وإليه ذهب الطبري، وابن كثير, وهذا كله في التوراة على قول الجمهور. كما ذكر ذلك ابن عطية.
المراد بـ"الكلم":
-قالت طائفة: هو كلم القرآن. ذكره ابن عطية.
-وقال مكي: كلام النبي محمد عليه السلام، فلا يكون التحريف على هذا إلا في التأويل. ذكره ابن عطية.
معنى "سمعنا وعصينا":
- أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمّد ولا نطيعك فيه. هكذا فسّره مجاهدٌ وابن زيدٍ، وهو المراد، كما ذكره ابن كثير.
تخريج قول مجاهد: رواه الرملي والطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه.
ورواه الطبري عن ابن حميدٍ، عن حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عنه.
تخريج قول ابن زيد: رواه الطبري عن يونس، عن ابن وهبٍ، عنه.
ما يفيده قولهم :"سمعنا وعصينا":
-يبين ذلك مدى عتوهم وطغيانهم, وذلك أنّهم يتولّون عن كتاب اللّه بعد ما عقلوه، وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة. ذكره ابن عطية.
معنى "واسمع غير مسمع":
يتخرج فيه معنيان:
-أحدهما غير مأمور وغير صاغر، كأنه قال: غير أن تسمع مأمورا بذلك. رواه الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ. وذكره ابن عطية وابن كثير, ونقل ترجيح الطبري له.
-والآخر على جهة الدعاء، أي لا سمعت. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية, وبين أن التصريف لا يساعد هذا المعنى (مما يجعلني أرجح القول الأول). وذكر أن الطبري حكاه عن الحسن ومجاهد.
فكانت اليهود إذا خاطبت النبي بغير مسمع، أرادت في الباطن الدعاء عليه، وأرت ظاهرا أنها تريد تعظيمه، قال نحوه ابن عباس وغيره. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق المنجاب عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عنه.
تخريج قول الحسن: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرّزّاق، عن معمرٌ، عنه.
تخريج قول مجاهد: رواه الطبري عن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبى بزة عنه.
ورواه عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه.
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه.
معنى "راعنا" المراد في الآية:
هذه كلمة كانت تجري بين اليهود على حد السّخرية والهزؤ. واختلفوا في معناها:
-فقال بعضهم: كانوا يسبّون النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة. ذكره الزجاج.
-وقال بعضهم: كانوا يقولونها كبرا، كأنّهم يقولون: ارعنا سمعك، أي: اجعل كلامك لسمعنا مرعى. حكاه مكي وذكره الزجاج وابن عطية.
-وقيل: كانوا يريدون منه في نفوسهم معنى الرعونة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
ويظهرون منه معنى المراعاة، فهذا معنى «ليّ اللسان». كما ذكره ابن عطية.
وهذا مما لا تخاطب به الأنبياء - (صلوات الله عليهم) - إنما يخاطبون بالإجلال والإعظام. كما ذكر الزجاج.
ولعل الأقوال جميعا صحيحة, فقول اليهود كان من باب الباب والغطرسة أيا كان معنى "راعنا" في الآية.
معنى "ليا بألسنتهم":
-ليًّا أصله لويا، قلبت الواو ياء وأدغمت. والمعنى: يفعلون ذلك معاندة للحق. ذكره الزجاج. وبين ابن عطية المعنى بذكر الصور السابقة له "اسمع غير مسمع", "سمعنا وعصينا" "راعنا", فهذا كله تفسير لمعنى "ليا بألسنتهم".
معنى "طعناً في الدّين":
-أي: توهينا له وإظهارا للاستخفاف به. ذكره ابن عطية. وخصص ابن كثير الطعن بأنه سبهم للنبي.
معنى "انظرنا":
-انتظرنا، بمعنى: أفهمنا وتمهل علينا حتى نفهم عنك ونعي قولك. قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما. وذكره ابن عطية.
تخريج قول عكرمة ومجاهد: رواه الطبري عن القاسم، عن الحسين، عن أبي تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عنهما.
-انظر إلينا، فكأنه استدعاء اهتبال وتحف. ذكره ابن عطية.
معنى "أقوم":
-أعدل وأصوب. ذكره ابن عطية.
معنى اللعن:
-الإبعاد. ذكره ابن عطية.
المراد باللعن في الآية:
-الإبعاد والطرد من الهدى والخير والإيمان. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق القلة في قوله: "فلا يؤمنون إلا قليلا":
- الإيمان. أي: فلا يؤمنون إلّا إيمانا قليلا، لا يجب به أن يسمّوا المؤمنين. قال به سيبويه وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير, ويبدو هو الأرجح.
- الأفراد. أي: إلا قليلا منهم، فإنهم آمنوا. ذكره الزجاج وابن عطية, وقال: فيه نظر.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 شعبان 1441هـ/3-04-2020م, 02:41 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

القسم السابع من سورة النساء(49-50) بعد مراجعة الملاحظات التي ذكرتها الأستاذة نورة بعد التصحيح
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}
==متعلق نزول الآية.
هذه الآية نزلت في اليهود، وسيأتي في المسألة التالية بيان الأقوال الواردة عن السلف بالتفصيل.

==سبب نزول هذه الآية
قيل في سبب نزولها عدة أقوال منها:
-الأول: أنها نزلت في اليهود حين قالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه}
قاله الحسن وقتادة.
وقد رواه عنهما ابن جرير الطبري في تفسيره، وروى قول الحسن أيضا عبد الرزاق وابن أبي حاتم كلاهما عن معمر عنه، وذكره ابن كثير.
-الثاني: أنها نزلت في اليهود حين قالوا: {نحن أبناء الله وأحبّاؤه} [المائدة:18]، وفي قولهم: {وقالوا لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111].
قاله ابن زيدٍ.
وقد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن يونس عن وهب عنه، وذكره ابن كثير.
-الثالث: أنها نزلت بسبب اليهود الذين كانوا يقدّمون الصّبيان أمامهم في الدّعاء والصّلاة يؤمّونهم، ويزعمون أنّهم لا ذنب لهم.
قاله ابن عباس في أحد الروايات عنه، ومجاهد وعكرمة، وأبو مالكٍ، وقتادة، وأبي مكين، والضحاك
روى ذلك عنهم ابن جريرٍ، وذكره ابن كثير.
أما قول مجاهد فرواه الطبري وابن المنذر كلاهما عن ابن ابي نجيح عنه.
وروى الطبري هذا القول عن حصين عن أبي مالك.
ورواه عن أبي مكين عن عكرمة.
ورواه عن قتادة أيضا ابن المنذر في تفسيره عن سعيد عنه.
وأما رواية ابن عباس فرواها ابن أبي حاتم في تفسيره عن عكرمة عنه، ثم قال:
وروي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، وعكرمة، والضّحّاك -نحو ذلك.
وروايته عن الضحاك قد رواها ابن أبي حاتم في تفسيره عن علي بن الحكم عنه، وهي مهمة لأنها توضح وجه هذا القول وهو أنهم أرادوا بقولهم هذا المساواة بينهم وبين أبنائهم فكما أنهم لا ذنوب لهم فهم كذلك لا ذنوب لهم.
عَنِ الضَّحَّاكِ: أَمَّا قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنفسهم فَإِنَّ اليَهُودَ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا ذُنُوبٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لآبَائِنَا ذُنُوبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ.
-الرابع: أنها نزلت لأنّ اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ، وسيشفعون لنا ويزكّوننا، فأنزل اللّه على محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا}
هذا القول روي عن ابن عباس.
فقد رواه ابن جرير الطبري عن محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس
ورواه ابن أبي حاتم عن عكرمة عنه، وذكرهما ابن كثير.
-الخامس: قيل نزلت في ذمّ التّمادح والتّزكية.
ودليل هذا هو الأصل العام بالنهي عن المدح والتزكية للنفس أو الغير بما يتجاوز الحق وأدلته كثيرة منها:
*ما جاء في الحديث الصّحيح عند مسلمٍ، عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نحثو في وجوه المدّاحين التّراب.
*وفي الحديث الآخر في الصّحيحين من طريق خالدٍ الحذاء، عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلًا يثني على رجلٍ، فقال: "ويحك. قطعت عنق صاحبك". ثمّ قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا ولا يزكّي على اللّه أحدًا".
*وما رواه أحمد وابن مردويه، عن عمر أنّه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنّه مؤمنٌ، فهو كافرٌ، ومن قال: إنّه عالمٌ فهو جاهلٌ، ومن قال: إنّه في الجنّة، فهو في النّار.
*وروى ابن جريرٍ: عن طارق بن شهابٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ، يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا فيقول له: واللّه إنّك كيت وكيت فلعلّه أن يرجع ولم يحلّ من حاجته بشيءٍ وقد أسخط اللّه. ثمّ قرأ {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
وسيأتي بعد قليل الكلام على هذه الأقوال.

==القراءات الواردة في الآية
- قرأت طائفة «ولا تظلمون» بالتاء على الخطاب. ذكره ابن عطية.

==معنى السؤال في قوله تعالى (ألم تر)
معناه كما ذكر أهل اللغة: ألم تعلم
وتأويله سؤال فيه معنى الإعلام، أي أعلم قصتهم وعلى مجرى اللغة ألم ينته علمك إلى هؤلاء المدعون.
هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.

==ومعنى قوله تعالى: : {يزكون أنفسهم}
أي: يزعمون أنهم أزكياء. ذكره الزجاج وابن عطية.

==معنى الزكاء
زكاء الشيء في اللغة: نماؤه في الصلاح. قاله الزجاج في تفسيره

==مرجع الضمير في قوله "أنفسهم"
قال الزجاج عند هذا الموضع:
(وهذا أيضا يعني به اليهود، وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار) انتهى
ومع هذا فإن اللفظ عام كما ذكر ابن عطية عند هذا الموضع.

==الأمر الذي زكوا به أنفسهم
اختلف فيه على أقوال تقدم ذكرها جميعا في المسألة الأولى وهي "سبب النزول" ويمكن تلخيصها في أمرين:
-أحدها: أنهم ادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى.
قال به قتادة والحسن وغيرهما وسبق ذكر وتخريج هذه الأقوال عند سبب النزول.
-وثانيها: أنه قولهم: لا ذنوب لنا وما فعلناه نهارا غفر ليلا، وما فعلناه ليلا غفر نهارا، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب، أو أن لهم أبناء ماتوا وسيشفعوا لهم ما وقع منهم.
قال به الضحاك والسدي وغيرهما وسبق ذكر وتخريج هذه الأقوال عند سبب النزول.

**مناقشة القولين
بالنظر لهذين القولين نجد أنهما يجمعهما أصل كلي وهو أنهم يزكون أنفسهم إما من قبل أنفسهم في الدنيا بادعاء أنهم أبناء الله وأحباؤه، أو من قبل غيرهم وهم أبناؤهم في الآخرة بشفاعتهم لهم.
ويؤيده ما ذكره ابن عطية عن عبد الله بن مسعود: ذلك ثناء بعضهم على بعض، ومدحهم لهم وتزكيتهم لهم.

وقد أورد ابن عطية قولا آخر وهو: تقديمهم أولادهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب لهم، ثم قال عنه أنه بعيد عن مقصد الآية.
وقال الطبري عنه " وأما الذين قالوا: معنى ذلك: "تقديمهم أطفالهم للصلاة"، فتأويل لا تدرك صحته إلا بخبر حجة يوجب العلم.

والذي يظهر لي أن استبعاد هذا القول منهما هو على سبيل استقلاله بأنه المراد، فيكون بعيدا
وأما إذا جمعناه مع القول المروي عن ابن عباس فإنه يتضح الأمر ويكون وجه هذا القول ظاهر، فإنهم لما جعلوا أبناءهم لا ذنوب لهم ترتب على ذلك منهم أمرين :
أحدهما: تقديمهم لهم في الصلاة.
والآخر: أنهم سيشفعون لهم في الآخرة.
وهذا الأمر هو الذي يبين وجه هذا القول وعلاقته بالآية وهو مروي عن ابن عباس وغيره كما تقدم. والله أعلم.

وقد قال أبو جعفر الطبري بعد ذكر الأقوال: (وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال: معنى "تزكية القوم"، الذين وصفهم الله بأنهم يزكون أنفسهم، وَصفهم إياها بأنها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنهم لله أبناء وأحبّاء، كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه. لأن ذلك هو أظهر معانيه، لإخبار الله عنهم أنهم إنما كانوا يزكون أنفسهم دون غيرها.)
وهذا القول منه يندرج فيه كلا القولين

== قوله تعالى: {بل اللّه يزكّي من يشاء}
أي: يجعل من يشاء زاكيا، لأنّه عالمٌ بحقائق الأمور وغوامضها سبحانه وتعالى. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

== {ولا يظلمون فتيلا}
أي أن الله تبارك وتعالى لا يظلمهم مقدار الفتيل. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

==معنى "فتيلا"
قيل في معناه هنا قولان:
-قيل "الفتيل" ما تفتله بين إصبعيك من الوسخ.
قاله ابن عباس في أحد الروايتين عنه وأبو مالك والسدي. وقد ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقول ابن عباس رواه ابن المنذر النيسابوري في تفسيره عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قوله جَلَّ ثَنَاؤُهُ " {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا} ، قَالَ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الأَصَابِعِ " وكذا ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد عنه. ثم قال :
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ- وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي مَالِكٍ، وَالسُّدِّيِّ نَحْوُ ذَلِكَ.
ورواه الطبري في تفسيره عن قابوس عن أبيه، وعن أبي إسحاق الهمداني، عن التيمي، وعن أبي العالية ومجاهد كلهم عن ابن عباس بألفاظ متقاربة.
وقول أبي مالك رواه الطبري في تفسيره عن حصين عنه.
وقول السدي رواه الطبري في تفسيره عن أسباط عنه.

-وقيل: "الفتيل" الخيط الذي في شق نواة التمرة
قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد وغيرهم
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " النَّقِيرُ النَّقْرَةُ تَكُونُ فِي النَّوَاةِ الَّتِي تَنْبُتُ مِنْهَا النَّخْلَةُ، وَالْفَتِيلُ: الَّذِي يَكُونُ فِي شَقِّ النَّوَاةِ، وَالْقِطْمِيرُ: الْقِشْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى النَّوَاةِ "
رواه ابن المنذر في تفسيره عن عكرمة عنه، وابن أبي حاتم والطبري كلاهما عن علي بن أبي طلحة عنه.
وأما قول عطاء فرواه ابن أبي حاتم والطبري كلاهما في تفسيره عن وكيع عن طلحة بن عمرو عنه.
وأما قول مجاهد فقد رواه الطبري وابن المنذر كلاهما في تفسيره عن ابن جريج عنه.
وقال الزجاج: هو ما كان في باطن النّواة من لحائها، قالوا في التفسير: ما كان في ظهرها وهو الذي تنبت منه النخلة.
-ممن ذكر هذين المعنيين الزجاج في تفسيره، وابن عطية، وابن كثير
وقال ابن عطية: "وهذا كله يرجع إلى الكناية عن تحقير الشيء وتصغيره، وأن الله لا يظلمه، ولا شيء دونه في الصغر" وقال ابن كثير عن القولين أنهما متقاربان.


======================================================================================================================
تفسير قوله تعالى: {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

==معنى "يفترون"
-أي: يفعلونه ويختلقونه.
يقال: قد فرى الرجل يفري إذا عمل، قاله الزجاج.

==المراد بالكذب الذي افتروه.
-قيل إنه الكذب في التزكية المتقدمة في الآية السابقة، مثل قولهم ودعواهم أنّهم أبناء اللّه وأحبّاؤه وقولهم: {لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111] وقولهم: {لن تمسّنا النّار إلا أيّامًا معدودةً} [البقرة:80]، وغير ذلك مما تقدم بيانه.
فقد روي عن ابن عباس قَوْلَهُ: يَفْتَرُونَ قَالَ: يَكْذِبُونَ.
وهذا القول رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبي روق عن الضحاك عنه.
-وقيل يشركون
قال به قتادة
وقد رواه ابن ابي حاتم في تفسيره عن يزيد بن زريع عن سعيد عنه.
-وقيل: ادعائهم شفاعة آلهتهم الباطلة يوم القيامة
قاله عكرمه
فقد روي عنه أنه قال: قَالَ النَّضْرُ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَعَتْ لِي اللاتُ وَالْعُزَّى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره.
وهو يفسر القول الذي يسبقه من أن المراد "يشركون"، فالمذكور هنا من الشرك، وهو أيضا راجع للقول الأول فهو كذب فلا إله إلا الله سبحانه وتعالى، ولا شفاعة إلا لمن رضي الله وأذن له ولا تكون إلا لأهل التوحيد، فلن تكون هناك شفاعة للآلهة المزعومة لأن الله لا يرضى عنها، وكذا الكفار لأن الله لا يرضى عنهم ولا يأذن لهم.

==فائدة دخول الباء في قوله تعالى: {وكفى به إثما مبينا}

دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب، فهو خبر وهو متضمن التعجب.

==معنى قوله تعالى "وكفى به إثما"
المعنى أنه يكفي من الإثم هذا الكذب ولا يطلب لهم غيره، فهو موبق ومهلك لهم.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 شعبان 1441هـ/4-04-2020م, 01:47 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

تصحيحي لتطبيق الاستاذة نورة:
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وهذه بعض الملاحظات وهي في الغالب زيادات لتتمة الفائدة أو زيادة ايضاح -سوى مسألة أو مسألتين- حتى يكون تلخيصا للسورة أفضل، ولذا فقد كتبت كل ما يراد كتابته توفيرا للجهد والوقت فإن رأت هيئة التصحيح الصواب فيما علقت به اعتمدناه دون الحاجة لرجوعك إلى البحث مرة ثانية -وهذه وجهة نظري-


تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي، «وتريدون أن تضلوا»، بالتاء منقوطة من فوق في تريدون. ذكره ابن عطية.
معنى "ألم تر" في الآية:
-ألم تخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ألم تعلم. والمعنى: ألم ينته علمك إلى هؤلاء. والرؤية هنا قلبية. قاله أهل اللغة وذكره الزجاج وابن عطية, وبين تقارب القولين ولم يرجح بينهما.
المراد بـ"الذين":
-علماء أهل الكتاب. ذكره الزجاج.
-اليهود. قاله قتادة وغيره, وذكره ابن كثير وابن عطية وبين أن اللفظ يتناول النصارى بعدهم.
تخريج قول قتادة: رواه الطبري عن بشر بن معاذٍ، عن يزيد، عن سعيدٌ، عنه.
-وقيل: المراد: رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي. قاله ابن عباس. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري عن أبي كريبٍ عن يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عنه.[لو ذكر أثر ابن عباس هنا مع تخريجه لزيادة الفائدة]
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سلمة، عن ابن إسحاق بإسناده عن ابن عبّاسٍ، مثله.
والأقوال متظافرة, فقد تكون خصت بشخص أو فئة لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقول القاعدة الشهيرة.
معنى "أوتوا":
-أعطوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
معنى "نصيبا":
-حظا. ذكره ابن عطية.
المراد بالكتاب:
-التوراة والإنجيل. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية وعلل: وإنما جعل المعطى نصيبا في حق كل واحد منفرد، لأنه لا يحصر علم الكتاب واحد بوجه.
المقصود بالنصيب من الكتاب:
-علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه عندهم مكتوب في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ذكره الزجاج وابن كثير.
المراد بالشراء هنا: [لو قيل متعلق الشراء كان أنسب للأقوال لأن كلمة "المراد" هنا يترتب عليها أن يكون المراد به الشراء أو البيع يعني الأخذ أو الإعطاء كما ذكره ابن عطية، وتجعل مسألة منفصلة، ثم بعدها مسألة متعلق الشراء]
-إيثارهم الكفر وتركهم الإيمان. قاله جماعة. وذكره ابن عطية.
-وقيل: الذين كانوا يعطون أموالهم للأحبار على إقامة شرعهم فهذا شراء على وجهه. ذكره ابن عطية.
-وقيل: إيثارهم التكذيب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذوا على ذلك الرشا ويثبت لهم رياسة. ذكره الزجاج.
-الإعراض عما أنزل الله على رسوله وما في أيديهم من صفته في الكتاب ليشتروا به حظا من الدنيا. ذكره ابن كثير.
والأقوال جميعا تتكاتف, فالأول أعم, وما بعده أخص, وكل الأقوال تندرج تحت الأول, فكلها صور من الكفر وترك الإيمان, وإن اختلف سبب إعراضهم وإيثارهم. [ويمكن أن يقال بعد سرد الأقوال الأربعة أنها تنقسم إلى أمرين: أحدهما: الإعراض عن أحكام كتابهم لغرض الدنيا، ويندرج تحت هذا القول القولين الأوليين، والآخر: الإعراض عن دين الإسلام وأوصاف نبيه صلى الله عليه وسلم لغرض الدنيا ، ويندرج تحت هذا القول القولين الآخيرين]
معنى السبيل في اللغة:
-الطريق. ذكره الزجاج.
المراد بضلال السبيل في الآية:
-تضييع طريق الهدى. كما ذكر الزجاج. أو الكفر. كما عبر عنه ابن عطية وابن كثير صراحة.
-تركهم الصواب باجتناب اليهود, وحسبانهم أنهم غير أعداء. قاله به ابن عطية.
والقولان يصبان في معنى واحد, لكن أحببت ذكرهما للفروق الدقيقة بينهما, فالأول فيه عمومية, والثاني فيه خصوصية ضيقها ابن عطية في نطاق التحذير من عدم اتخاذ اليهود أعداء, وهو ما يقتضيه المعنى.
ما الذي تقتضيه هذه الآية وما بعدها من الآيات؟
-تقتضي توبيخا للمؤمنين على استنامة قوم منهم إلى أحبار اليهود، في سؤال عن دين، أو في موالاة أو ما أشبه ذلك. ذكره ابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45)}.
ما معنى "والله أعلم بأعدائكم"؟
-أي: هو أعرف بهم فهو يعلمكم ما هم عليه. ذكره الزجاج وابن كثير.
ما تفيده الصياغة في الآية:
-تفيد الإخبار على وجه التحذير. ذكره ابن عطية.
ما تفيده الباء في "بالله":
التوكيد وتبيين معنى الأمر في لفظ الخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده قوله "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا":
-أي: ناصركم عليهم. ذكره الزجاج.
وذكر هذا المعنى ابن كثير مع الاحتراز بأن المقصود بأنه ولي وناصر لمن لجأ إليه. [لو يقيد بالإيمان ليخرج بذلك أهل الكفر ممن لم يتبع رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء لا تنالهم ولاية الله وإن لجأو إليه طالما يكذبون رسوله]
مقتضى الآية:
-الأمر بالاكتفاء بالله. ذكره الزجاج وابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي وأبو رجاء: يحرفون الكلام بالألف، ومن جعل «من» متعلقة «بنصيرا» جعل «يحرفون» في موضع الحال، ومن جعلها منقطعة جعل «يحرفون» صفة. ذكره ابن عطية.
-"راعنا" في مصحف ابن مسعود «راعونا». ذكره ابن عطية.
المراد بـ"من" في الآية:
- جائز أن تكون: من صلة الذين أوتوا الكتاب. والمعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ويجوز أن يكون: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم, ويكون {يحرفون} صفة، والموصوف محذوف. فتكون من التبعيضية. وهو قول الفراء وسيبويه. وذكره الزجاج وابن عطية ورجحه, لأن إضمار الموصول ثقيل كما في القول الأول.
-وقالت طائفة، هي متعلقة بـ"نصيراً" والمعنى ينصركم من الذين هادوا. ذكره ابن عطية.
-وقالت فرقة: هي لابتداء الكلام، وفيه إضمار تقديره قوم يحرفون، هذا مذهب أبي علي, وذكره ابن عطية.
-وقال ابن كثير: أنها لبيان الجنس.
ولعل أصح الأقوال ما رجحه ابن عطية وهو قول الفراء وسيبويه, لأن أهل اللغة في ذلك أخبر -والله أعلم-, مع بيان عدم تعارض الأقوال, فكلها تصب في معنى صحيح.
معنى "هادوا":
-قيل: مأخوذ من هاد إذا تاب.
-أو من يهود بن يعقوب.
-أو من التهود وهو الرويد من المشي واللين في القول.
ذكر هذه الأقوال كلها الخليل، ونقلها ابن عطية.
أوجه "تحريف الكلم" في الآية:
-إما بتغيير اللفظ، وقد فعلوا ذلك في الأقل. ذكره ابن عطية.
-وإما بتغيير التأويل، وقد فعلوا ذلك في الأكثر، وإليه ذهب الطبري، وابن كثير, وهذا كله في التوراة على قول الجمهور. كما ذكر ذلك ابن عطية.
المراد بـ"الكلم":
-قالت طائفة: هو كلم القرآن. ذكره ابن عطية.
-وقال مكي: كلام النبي محمد عليه السلام، فلا يكون التحريف على هذا إلا في التأويل. ذكره ابن عطية. [هذان القولان هما قول واحد وهو الذي ذكره المفسرون الثلاثة، وهناك قول ثان في المسألة وهو أن المراد التوراة وقد ذكره الطبري عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"يحرفون الكلم عن مواضعه"، تبديل اليهود التوراة. وإنما نبهت عليه لأنه المروي عن السلف وأما القول الأول فلم يرو فيه الطبري أي شيء عن السلف وعليه فيكون هذا القول مهم ذكره]
معنى "سمعنا وعصينا":
- أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمّد ولا نطيعك فيه. هكذا فسّره مجاهدٌ وابن زيدٍ، وهو المراد، كما ذكره ابن كثير.
تخريج قول مجاهد: رواه الرملي والطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه.
ورواه الطبري عن ابن حميدٍ، عن حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عنه.
تخريج قول ابن زيد: رواه الطبري عن يونس، عن ابن وهبٍ، عنه.
ما يفيده قولهم :"سمعنا وعصينا":
-يبين ذلك مدى عتوهم وطغيانهم, وذلك أنّهم يتولّون عن كتاب اللّه بعد ما عقلوه، وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة. ذكره ابن عطية.
معنى "واسمع غير مسمع":
يتخرج فيه معنيان:
-أحدهما غير مأمور وغير صاغر، كأنه قال: غير أن تسمع مأمورا بذلك. رواه الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ. وذكره ابن عطية وابن كثير, ونقل ترجيح الطبري له.
-والآخر على جهة الدعاء، أي لا سمعت. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية, وبين أن التصريف لا يساعد هذا المعنى (مما يجعلني أرجح القول الأول). وذكر أن الطبري حكاه عن الحسن ومجاهد.
[تحرير هذه المسألة وقع فيه شيء من الخلط وبيانها أن يقال:
أن في المعنى المراد قولين:
-أحدهما: أن المعنى: غير مقبول منك [أي لا نسمع ولا نقبل منك أقوالك والحق الذي عندك] وهذا القول مروي عن مجاهدٌ والحسن
-والآخر: أن المعنى: اسمع غير مأمور بذلك [وهذا ظاهر الكلام وهو تعظيم] ومرادهم لا سمعت [وهو دعاء عليه] وهذا القول مروي عن ابن عباس كما ذكرتيه، وهو الذي رجحه الطبري، ويقوي ترجيحه أن هذا من عادتهم اطلاق الألفاظ وإبطان الشر كما في الآية نفسها في قوله "راعنا" فالظاهر أرعنا سمعك والباطن من الرعونة كما بينتيه فيما بعد، ويقويه أيضا قوله تعالى بعد ذلك "ليا بألسنتهم" فهذا مثال عليه]

فكانت اليهود إذا خاطبت النبي بغير مسمع، أرادت في الباطن الدعاء عليه، وأرت ظاهرا أنها تريد تعظيمه، قال نحوه ابن عباس وغيره. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق المنجاب عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عنه.
تخريج قول الحسن: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرّزّاق، عن معمرٌ، عنه.
تخريج قول مجاهد: رواه الطبري عن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبى بزة عنه.
ورواه عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه.
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه.
معنى "راعنا" المراد في الآية:
هذه كلمة كانت تجري بين اليهود على حد السّخرية والهزؤ. واختلفوا في معناها:
-فقال بعضهم: كانوا يسبّون النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة. ذكره الزجاج.
-وقال بعضهم: كانوا يقولونها كبرا، كأنّهم يقولون: ارعنا سمعك، أي: اجعل كلامك لسمعنا مرعى. حكاه مكي وذكره الزجاج وابن عطية.
-وقيل: كانوا يريدون منه في نفوسهم معنى الرعونة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
ويظهرون منه معنى المراعاة، فهذا معنى «ليّ اللسان». كما ذكره ابن عطية.
وهذا مما لا تخاطب به الأنبياء - (صلوات الله عليهم) - إنما يخاطبون بالإجلال والإعظام. كما ذكر الزجاج.
ولعل الأقوال جميعا صحيحة, فقول اليهود كان من باب الباب والغطرسة أيا كان معنى "راعنا" في الآية.
معنى "ليا بألسنتهم":
-ليًّا أصله لويا، قلبت الواو ياء وأدغمت. والمعنى: يفعلون ذلك معاندة للحق. ذكره الزجاج. وبين ابن عطية المعنى بذكر الصور السابقة له "اسمع غير مسمع", "سمعنا وعصينا" "راعنا", فهذا كله تفسير لمعنى "ليا بألسنتهم".
معنى "طعناً في الدّين":
-أي: توهينا له وإظهارا للاستخفاف به. ذكره ابن عطية. وخصص ابن كثير الطعن بأنه سبهم للنبي.
معنى "انظرنا":
-انتظرنا، بمعنى: أفهمنا وتمهل علينا حتى نفهم عنك ونعي قولك. قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما. وذكره ابن عطية.
تخريج قول عكرمة ومجاهد: رواه الطبري عن القاسم، عن الحسين، عن أبي تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عنهما.
-انظر إلينا، فكأنه استدعاء اهتبال وتحف. ذكره ابن عطية.
معنى "أقوم":
-أعدل وأصوب. ذكره ابن عطية.
معنى اللعن:
-الإبعاد. ذكره ابن عطية.
المراد باللعن في الآية:
-الإبعاد والطرد من الهدى والخير والإيمان. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق القلة في قوله: "فلا يؤمنون إلا قليلا":
- الإيمان. أي: فلا يؤمنون إلّا إيمانا قليلا، لا يجب به أن يسمّوا المؤمنين. قال به سيبويه وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير, ويبدو هو الأرجح.
- الأفراد. أي: إلا قليلا منهم، فإنهم آمنوا. ذكره الزجاج وابن عطية, وقال: فيه نظر.[/quote]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ذو الحجة 1441هـ/26-07-2020م, 01:45 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علاء عبد الفتاح محمد مشاهدة المشاركة
القسم السابع من سورة النساء(49-50) بعد مراجعة الملاحظات التي ذكرتها الأستاذة نورة بعد التصحيح
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)}
==متعلق نزول الآية.
هذه الآية نزلت في اليهود، وسيأتي في المسألة التالية بيان الأقوال الواردة عن السلف بالتفصيل.
[لفظ رواية الحسن وقتادة (( في اليهود والنصارى ))، وهذه المسألة يفضل أن تكون صياغتها ( المراد بـ " الذين " )]
==سبب نزول هذه الآية
قيل في سبب نزولها عدة أقوال منها:
-الأول: أنها نزلت في اليهود حين قالوا: {نحن أبناء اللّه وأحبّاؤه}
قاله الحسن وقتادة.
وقد رواه عنهما ابن جرير الطبري في تفسيره، وروى قول الحسن أيضا عبد الرزاق وابن أبي حاتم كلاهما عن معمر عنه، وذكره ابن كثير. [يمكن إجمال صياغة التخريج: رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ..]
-الثاني: أنها نزلت في اليهود حين قالوا: {نحن أبناء الله وأحبّاؤه} [المائدة:18]، وفي قولهم: {وقالوا لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111].
قاله ابن زيدٍ.
وقد رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن يونس عن وهب عنه، وذكره ابن كثير.
-الثالث: أنها نزلت بسبب اليهود الذين كانوا يقدّمون الصّبيان أمامهم في الدّعاء والصّلاة يؤمّونهم، ويزعمون أنّهم لا ذنب لهم.
قاله ابن عباس في أحد الروايات عنه، ومجاهد وعكرمة، وأبو مالكٍ، وقتادة، وأبي مكين، والضحاك
روى ذلك عنهم ابن جريرٍ، وذكره ابن كثير.
أما قول مجاهد فرواه الطبري وابن المنذر كلاهما عن ابن ابي نجيح عنه.
وروى الطبري هذا القول عن حصين عن أبي مالك.
ورواه عن أبي مكين عن عكرمة.
ورواه عن قتادة أيضا ابن المنذر في تفسيره عن سعيد عنه.
وأما رواية ابن عباس فرواها ابن أبي حاتم في تفسيره عن عكرمة عنه، ثم قال:
وروي عن مجاهدٍ، وأبي مالكٍ، والسّدّيّ، وعكرمة، والضّحّاك -نحو ذلك.
وروايته عن الضحاك قد رواها ابن أبي حاتم في تفسيره عن علي بن الحكم عنه، وهي مهمة لأنها توضح وجه هذا القول وهو أنهم أرادوا بقولهم هذا المساواة بينهم وبين أبنائهم فكما أنهم لا ذنوب لهم فهم كذلك لا ذنوب لهم.
عَنِ الضَّحَّاكِ: أَمَّا قَوْلُهُ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنفسهم فَإِنَّ اليَهُودَ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا ذُنُوبٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لآبَائِنَا ذُنُوبٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ.
-الرابع: أنها نزلت لأنّ اليهود قالوا: إنّ أبناءنا توفّوا وهم لنا قربةٌ، وسيشفعون لنا ويزكّوننا، فأنزل اللّه على محمّدٍ [صلّى اللّه عليه وسلّم] {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم بل اللّه يزكّي من يشاء ولا يظلمون فتيلا}
هذا القول روي عن ابن عباس.
فقد رواه ابن جرير الطبري عن محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس
ورواه ابن أبي حاتم عن عكرمة عنه، وذكرهما ابن كثير.
-الخامس: قيل نزلت في ذمّ التّمادح والتّزكية.
ودليل هذا هو الأصل العام بالنهي عن المدح والتزكية للنفس أو الغير بما يتجاوز الحق وأدلته كثيرة منها:
*ما جاء في الحديث الصّحيح عند مسلمٍ، عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن نحثو في وجوه المدّاحين التّراب.
*وفي الحديث الآخر في الصّحيحين من طريق خالدٍ الحذاء، عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم سمع رجلًا يثني على رجلٍ، فقال: "ويحك. قطعت عنق صاحبك". ثمّ قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا ولا يزكّي على اللّه أحدًا".
*وما رواه أحمد وابن مردويه، عن عمر أنّه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه، فمن قال: إنّه مؤمنٌ، فهو كافرٌ، ومن قال: إنّه عالمٌ فهو جاهلٌ، ومن قال: إنّه في الجنّة، فهو في النّار.
*وروى ابن جريرٍ: عن طارق بن شهابٍ قال: قال عبد اللّه بن مسعودٍ: إنّ الرّجل ليغدو بدينه، ثمّ يرجع وما معه منه شيءٌ، يلقى الرّجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًّا فيقول له: واللّه إنّك كيت وكيت فلعلّه أن يرجع ولم يحلّ من حاجته بشيءٍ وقد أسخط اللّه. ثمّ قرأ {ألم تر إلى الّذين يزكّون أنفسهم} الآية.
وسيأتي بعد قليل الكلام على هذه الأقوال.

==القراءات الواردة في الآية
- قرأت طائفة «ولا تظلمون» بالتاء على الخطاب. ذكره ابن عطية.

==معنى السؤال في قوله تعالى (ألم تر)
معناه كما ذكر أهل اللغة: ألم تعلم
وتأويله سؤال فيه معنى الإعلام، أي أعلم قصتهم وعلى مجرى اللغة ألم ينته علمك إلى هؤلاء المدعون.
هذا حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.

==ومعنى قوله تعالى: : {يزكون أنفسهم}
أي: يزعمون أنهم أزكياء. ذكره الزجاج وابن عطية.

==معنى الزكاء
زكاء الشيء في اللغة: نماؤه في الصلاح. قاله الزجاج في تفسيره

==مرجع الضمير في قوله "أنفسهم"
قال الزجاج عند هذا الموضع:
(وهذا أيضا يعني به اليهود، وكانوا جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم فقالوا: يا محمد أعلى هؤلاء ذنوب؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا))، فقالوا كذا نحن، ما نعمل بالليل يغفر بالليل، وما نعمل بالنهار يغفر بالنهار) انتهى
ومع هذا فإن اللفظ عام كما ذكر ابن عطية عند هذا الموضع.

==الأمر الذي زكوا به أنفسهم
اختلف فيه على أقوال تقدم ذكرها جميعا في المسألة الأولى وهي "سبب النزول" ويمكن تلخيصها في أمرين:
-أحدها: أنهم ادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى.
قال به قتادة والحسن وغيرهما وسبق ذكر وتخريج هذه الأقوال عند سبب النزول.
-وثانيها: أنه قولهم: لا ذنوب لنا وما فعلناه نهارا غفر ليلا، وما فعلناه ليلا غفر نهارا، ونحن كالأطفال في عدم الذنوب، أو أن لهم أبناء ماتوا وسيشفعوا لهم ما وقع منهم.
قال به الضحاك والسدي وغيرهما وسبق ذكر وتخريج هذه الأقوال عند سبب النزول.

**مناقشة القولين
بالنظر لهذين القولين نجد أنهما يجمعهما أصل كلي وهو أنهم يزكون أنفسهم إما من قبل أنفسهم في الدنيا بادعاء أنهم أبناء الله وأحباؤه، أو من قبل غيرهم وهم أبناؤهم في الآخرة بشفاعتهم لهم.
ويؤيده ما ذكره ابن عطية عن عبد الله بن مسعود: ذلك ثناء بعضهم على بعض، ومدحهم لهم وتزكيتهم لهم.

وقد أورد ابن عطية قولا آخر وهو: تقديمهم أولادهم الصغار للصلاة لأنهم لا ذنوب لهم، ثم قال عنه أنه بعيد عن مقصد الآية.
وقال الطبري عنه " وأما الذين قالوا: معنى ذلك: "تقديمهم أطفالهم للصلاة"، فتأويل لا تدرك صحته إلا بخبر حجة يوجب العلم.

والذي يظهر لي أن استبعاد هذا القول منهما هو على سبيل استقلاله بأنه المراد، فيكون بعيدا
وأما إذا جمعناه مع القول المروي عن ابن عباس فإنه يتضح الأمر ويكون وجه هذا القول ظاهر، فإنهم لما جعلوا أبناءهم لا ذنوب لهم ترتب على ذلك منهم أمرين :
أحدهما: تقديمهم لهم في الصلاة.
والآخر: أنهم سيشفعون لهم في الآخرة.
وهذا الأمر هو الذي يبين وجه هذا القول وعلاقته بالآية وهو مروي عن ابن عباس وغيره كما تقدم. والله أعلم.

وقد قال أبو جعفر الطبري بعد ذكر الأقوال: (وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال: معنى "تزكية القوم"، الذين وصفهم الله بأنهم يزكون أنفسهم، وَصفهم إياها بأنها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنهم لله أبناء وأحبّاء، كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه. لأن ذلك هو أظهر معانيه، لإخبار الله عنهم أنهم إنما كانوا يزكون أنفسهم دون غيرها.)
وهذا القول منه يندرج فيه كلا القولين
[ونسب ابن عطية لابن عباس قوله بأن المراد: قول اليهود أن أبناءهم الذين ماتوا سيشفعون لهم، ونسب كذلك القول لابن مسعود بأن المراد تزكية بعضهم لبعض
وبالرجوع لتفسير ابن جرير، يمكنك التحقق من صحة استخراج ابن عطية لهذه الأقوال بالنظر لنص الروايات.
وبتأمل عبارة ابن كثير في تفسير الآية التالية، يمكننا القول بالعموم، عموم كل ما زكوا به أنفسهم]
]


== قوله تعالى: {بل اللّه يزكّي من يشاء}
أي: يجعل من يشاء زاكيا، لأنّه عالمٌ بحقائق الأمور وغوامضها سبحانه وتعالى. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.

== {ولا يظلمون فتيلا}
أي أن الله تبارك وتعالى لا يظلمهم مقدار الفتيل. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
[الفتيل فعيل بمعنى المفعول أي كل ما فُتل، وهذا الأمر يعينك بعد ذلك في بحث مسألة المراد بالفتيل، إذ يحمل على العموم]
==معنى "فتيلا" [المراد]
قيل في معناه هنا قولان:
-قيل "الفتيل" ما تفتله بين إصبعيك من الوسخ.
قاله ابن عباس في أحد الروايتين عنه وأبو مالك والسدي. وقد ذكره ابن عطية وابن كثير.
وقول ابن عباس رواه ابن المنذر النيسابوري في تفسيره عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قوله جَلَّ ثَنَاؤُهُ " {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا} ، قَالَ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الأَصَابِعِ " وكذا ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن مجاهد عنه. ثم قال :
وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ- وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي مَالِكٍ، وَالسُّدِّيِّ نَحْوُ ذَلِكَ.
ورواه الطبري في تفسيره عن قابوس عن أبيه، وعن أبي إسحاق الهمداني، عن التيمي، وعن أبي العالية ومجاهد كلهم عن ابن عباس بألفاظ متقاربة.
وقول أبي مالك رواه الطبري في تفسيره عن حصين عنه.
وقول السدي رواه الطبري في تفسيره عن أسباط عنه.

-وقيل: "الفتيل" الخيط الذي في شق نواة التمرة
قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد وغيرهم
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " النَّقِيرُ النَّقْرَةُ تَكُونُ فِي النَّوَاةِ الَّتِي تَنْبُتُ مِنْهَا النَّخْلَةُ، وَالْفَتِيلُ: الَّذِي يَكُونُ فِي شَقِّ النَّوَاةِ، وَالْقِطْمِيرُ: الْقِشْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى النَّوَاةِ "
رواه ابن المنذر في تفسيره عن عكرمة عنه، وابن أبي حاتم والطبري كلاهما عن علي بن أبي طلحة عنه.
وأما قول عطاء فرواه ابن أبي حاتم والطبري كلاهما في تفسيره عن وكيع عن طلحة بن عمرو عنه.
وأما قول مجاهد فقد رواه الطبري وابن المنذر كلاهما في تفسيره عن ابن جريج عنه.
وقال الزجاج: هو ما كان في باطن النّواة من لحائها، قالوا في التفسير: ما كان في ظهرها وهو الذي تنبت منه النخلة.
-ممن ذكر هذين المعنيين الزجاج في تفسيره، وابن عطية، وابن كثير
وقال ابن عطية: "وهذا كله يرجع إلى الكناية عن تحقير الشيء وتصغيره، وأن الله لا يظلمه، ولا شيء دونه في الصغر" وقال ابن كثير عن القولين أنهما متقاربان. [يفضل تخصيص مسألة لهذه الجملة، وهي دلالة التعبير بقوله " فتيلا " أو دلالة تعدية فعل الظلم بـ " فتيلا" ]


======================================================================================================================
تفسير قوله تعالى: {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)}

==معنى "يفترون"
-أي: يفعلونه ويختلقونه.
يقال: قد فرى الرجل يفري إذا عمل، قاله الزجاج.

==المراد بالكذب الذي افتروه.
-قيل إنه الكذب في التزكية المتقدمة في الآية السابقة، مثل قولهم ودعواهم أنّهم أبناء اللّه وأحبّاؤه وقولهم: {لن يدخل الجنّة إلا من كان هودًا أو نصارى} [البقرة:111] وقولهم: {لن تمسّنا النّار إلا أيّامًا معدودةً} [البقرة:80]، وغير ذلك مما تقدم بيانه.
فقد روي عن ابن عباس قَوْلَهُ: يَفْتَرُونَ قَالَ: يَكْذِبُونَ.
وهذا القول رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبي روق عن الضحاك عنه.
-وقيل يشركون
قال به قتادة
وقد رواه ابن ابي حاتم في تفسيره عن يزيد بن زريع عن سعيد عنه.
-وقيل: ادعائهم شفاعة آلهتهم الباطلة يوم القيامة
قاله عكرمه
فقد روي عنه أنه قال: قَالَ النَّضْرُ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَعَتْ لِي اللاتُ وَالْعُزَّى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً
رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره.
وهو يفسر القول الذي يسبقه من أن المراد "يشركون"، فالمذكور هنا من الشرك، وهو أيضا راجع للقول الأول فهو كذب فلا إله إلا الله سبحانه وتعالى، ولا شفاعة إلا لمن رضي الله وأذن له ولا تكون إلا لأهل التوحيد، فلن تكون هناك شفاعة للآلهة المزعومة لأن الله لا يرضى عنها، وكذا الكفار لأن الله لا يرضى عنهم ولا يأذن لهم.

==فائدة دخول الباء في قوله تعالى: {وكفى به إثما مبينا}

دخلت الباء لتدل على معنى الأمر بالتعجب، فهو خبر وهو متضمن التعجب.

==معنى قوله تعالى "وكفى به إثما"
المعنى أنه يكفي من الإثم هذا الكذب ولا يطلب لهم غيره، فهو موبق ومهلك لهم.


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


التقويم: أ
أحسنت، بارك الله فيك، وأشكر لك جهدك في إعادة التلخيص.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 4 ذو الحجة 1441هـ/24-07-2020م, 11:20 PM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44) وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45) مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ (44)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي، «وتريدون أن تضلوا»، بالتاء منقوطة من فوق في تريدون. ذكره ابن عطية.
معنى "ألم تر" في الآية:
-ألم تخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ألم تعلم. والمعنى: ألم ينته علمك إلى هؤلاء. والرؤية هنا قلبية [قدمي هذه العبارة، ثم اذكري الأقوال، فالمقصود التفريق بين رؤية العين، ورؤية القلب التي تأتي بمعنى العلم أو الإخبار ونحو ذلك]. قاله أهل اللغة وذكره الزجاج وابن عطية, وبين تقارب القولين ولم يرجح بينهما.
المراد بـ"الذين":
-علماء أهل الكتاب. ذكره الزجاج.
-اليهود. قاله قتادة وغيره, وذكره ابن كثير وابن عطية وبين أن اللفظ يتناول النصارى بعدهم.
تخريج قول قتادة: رواه الطبري عن بشر بن معاذٍ، عن يزيد، عن سعيدٌ، عنه.
-وقيل: المراد: رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي. قاله ابن عباس. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري عن أبي كريبٍ عن يونس بن بكيرٍ، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة، عنه.
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق سلمة، عن ابن إسحاق بإسناده عن ابن عبّاسٍ، مثله.
والأقوال متظافرة, فقد تكون خصت بشخص أو فئة لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقول القاعدة الشهيرة.
معنى "أوتوا":
-أعطوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
معنى "نصيبا":
-حظا. ذكره ابن عطية.
المراد بالكتاب:
-التوراة والإنجيل. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية وعلل: وإنما جعل المعطى نصيبا في حق كل واحد منفرد، لأنه لا يحصر علم الكتاب واحد بوجه. [هذه العبارة تدخل تحت المسألة التالية، والمراد من قول ابن عطية هو علة التعبير بـ " نصيبًا من الكتاب " وليس الكتاب كله، ابن كثير ذكر أن المقصود به صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وابن عطية ذكر أن السبب أنه لا أحد يحصر علم الكتاب كله]
المقصود بالنصيب من الكتاب:
-علم نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه عندهم مكتوب في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ذكره الزجاج وابن كثير.
المراد بالشراء هنا: [أؤكد على ملحوظة أستاذ علاء هنا، فالمراد بالشراء هو الإيثار، وإنما ما ذكرتيه أدناه هو متعلق الشراء، أو المراد بالضلالة]
-إيثارهم الكفر وتركهم الإيمان. قاله جماعة. وذكره ابن عطية.
-وقيل: الذين كانوا يعطون أموالهم للأحبار على إقامة شرعهم فهذا شراء على وجهه. ذكره ابن عطية.
-وقيل: إيثارهم التكذيب بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذوا على ذلك الرشا ويثبت لهم رياسة. ذكره الزجاج.
-الإعراض عما أنزل الله على رسوله وما في أيديهم من صفته في الكتاب ليشتروا به حظا من الدنيا. ذكره ابن كثير.
والأقوال جميعا تتكاتف, فالأول أعم, وما بعده أخص, وكل الأقوال تندرج تحت الأول, فكلها صور من الكفر وترك الإيمان, وإن اختلف سبب إعراضهم وإيثارهم.
[ومعنى يريديون: يودون]
معنى السبيل في اللغة:
-الطريق. ذكره الزجاج.
المراد بضلال السبيل في الآية:
-تضييع طريق الهدى. كما ذكر الزجاج. أو الكفر. كما عبر عنه ابن عطية وابن كثير صراحة.
-تركهم الصواب باجتناب اليهود, وحسبانهم أنهم غير أعداء. قاله به ابن عطية.
والقولان يصبان في معنى واحد, لكن أحببت ذكرهما للفروق الدقيقة بينهما, فالأول فيه عمومية, والثاني فيه خصوصية ضيقها ابن عطية في نطاق التحذير من عدم اتخاذ اليهود أعداء, وهو ما يقتضيه المعنى.
ما الذي تقتضيه هذه الآية وما بعدها من الآيات؟
-تقتضي توبيخا للمؤمنين على استنامة قوم منهم إلى أحبار اليهود، في سؤال عن دين، أو في موالاة أو ما أشبه ذلك. ذكره ابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا (45)}.
ما معنى "والله أعلم بأعدائكم"؟
-أي: هو أعرف بهم فهو يعلمكم ما هم عليه. ذكره الزجاج وابن كثير.
ما تفيده الصياغة في الآية:
-تفيد الإخبار على وجه التحذير. ذكره ابن عطية.
ما تفيده الباء في "بالله":
التوكيد وتبيين معنى الأمر في لفظ الخبر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده قوله "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا":
-أي: ناصركم عليهم. ذكره الزجاج.
وذكر هذا المعنى ابن كثير مع الاحتراز بأن المقصود بأنه ولي وناصر لمن لجأ إليه.
مقتضى الآية:
-الأمر بالاكتفاء بالله. ذكره الزجاج وابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)}.
القراءات في الآية:
-قرأ النخعي وأبو رجاء: يحرفون الكلام بالألف، ومن جعل «من» متعلقة «بنصيرا» جعل «يحرفون» في موضع الحال، ومن جعلها منقطعة جعل «يحرفون» صفة. ذكره ابن عطية.
-"راعنا" في مصحف ابن مسعود «راعونا». ذكره ابن عطية.
المراد بـ"من" في الآية: [متعلق الجار والمجرور {من الذين هادوا}]
- جائز أن تكون: من صلة الذين أوتوا الكتاب. والمعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا. ذكره الزجاج وابن عطية.
-ويجوز أن يكون: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم, ويكون {يحرفون} صفة، والموصوف محذوف. فتكون من التبعيضية. وهو قول الفراء وسيبويه. وذكره الزجاج وابن عطية ورجحه, لأن إضمار الموصول ثقيل كما في القول الأول.
-وقالت طائفة، هي متعلقة بـ"نصيراً" والمعنى ينصركم من الذين هادوا. ذكره ابن عطية.
-وقالت فرقة: هي لابتداء الكلام، وفيه إضمار تقديره قوم يحرفون، هذا مذهب أبي علي, وذكره ابن عطية.
-وقال ابن كثير: أنها لبيان الجنس.
ولعل أصح الأقوال ما رجحه ابن عطية وهو قول الفراء وسيبويه, لأن أهل اللغة في ذلك أخبر -والله أعلم-, مع بيان عدم تعارض الأقوال, فكلها تصب في معنى صحيح.
معنى "هادوا":
-قيل: مأخوذ من هاد إذا تاب.
-أو من يهود بن يعقوب.
-أو من التهود وهو الرويد من المشي واللين في القول.
ذكر هذه الأقوال كلها الخليل، ونقلها ابن عطية.
أوجه "تحريف الكلم" في الآية:
-إما بتغيير اللفظ، وقد فعلوا ذلك في الأقل. ذكره ابن عطية.
-وإما بتغيير التأويل، وقد فعلوا ذلك في الأكثر، وإليه ذهب الطبري، وابن كثير, وهذا كله في التوراة على قول الجمهور. كما ذكر ذلك ابن عطية.
المراد بـ"الكلم":
-قالت طائفة: هو كلم القرآن. ذكره ابن عطية.
-وقال مكي: كلام النبي محمد عليه السلام، فلا يكون التحريف على هذا إلا في التأويل. ذكره ابن عطية. [حبذا لو قدمتِ هذه الملحوظة، وأؤكد على ملحوظة أستاذ علاء]
معنى "سمعنا وعصينا": [متعلق السماع والعصيان]
- أي يقولون سمعنا ما قلته يا محمّد ولا نطيعك فيه. هكذا فسّره مجاهدٌ وابن زيدٍ، وهو المراد، كما ذكره ابن كثير.
تخريج قول مجاهد: رواه الرملي والطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه. [الرملي راوي كتب، وإنما ننسب إلى الجزء الذي رواه مثلا: جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي]
ورواه الطبري عن ابن حميدٍ، عن حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عنه.
تخريج قول ابن زيد: رواه الطبري عن يونس، عن ابن وهبٍ، عنه.
ما يفيده قولهم :"سمعنا وعصينا":
-يبين ذلك مدى عتوهم وطغيانهم, وذلك أنّهم يتولّون عن كتاب اللّه بعد ما عقلوه، وهم يعلمون ما عليهم في ذلك من الإثم والعقوبة. ذكره ابن عطية.
معنى "واسمع غير مسمع":
يتخرج فيه معنيان:
-أحدهما غير مأمور وغير صاغر، كأنه قال: غير أن تسمع مأمورا بذلك. رواه الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ. وذكره ابن عطية وابن كثير, ونقل ترجيح الطبري له. [الضحاك عن ابن عباس: لاسمعت، بمعنى الدعاء]
-والآخر على جهة الدعاء، أي لا سمعت. ذكره الزجاج وابن كثير وابن عطية, وبين أن التصريف لا يساعد هذا المعنى (مما يجعلني أرجح القول الأول). وذكر أن الطبري حكاه عن الحسن ومجاهد. [قول الحسن ومجاهد: غير مقبول منك، وهو الذي قال فيه ابن عطية لا يساعده التصريف، فلديكِ خلطٌ في هذه المسألة]
فكانت اليهود إذا خاطبت النبي بغير مسمع، أرادت في الباطن الدعاء عليه، وأرت ظاهرا أنها تريد تعظيمه، قال نحوه ابن عباس وغيره. وذكره ابن عطية.
تخريج قول ابن عباس: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق المنجاب عن بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عنه.
تخريج قول الحسن: رواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الحسن بن يحيى، عن عبد الرّزّاق، عن معمرٌ، عنه.
تخريج قول مجاهد: رواه الطبري عن ابن حميد عن حكام عن عنبسة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن أبى بزة عنه.
ورواه عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه.
ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيحٍ، عنه.
معنى "راعنا" المراد في الآية:
هذه كلمة كانت تجري بين اليهود على حد السّخرية والهزؤ. واختلفوا في معناها:
-فقال بعضهم: كانوا يسبّون النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة. ذكره الزجاج.
-وقال بعضهم: كانوا يقولونها كبرا، كأنّهم يقولون: ارعنا سمعك، أي: اجعل كلامك لسمعنا مرعى. حكاه مكي وذكره الزجاج وابن عطية.
-وقيل: كانوا يريدون منه في نفوسهم معنى الرعونة. ذكره ابن عطية وابن كثير.
ويظهرون منه معنى المراعاة، فهذا معنى «ليّ اللسان». كما ذكره ابن عطية.
وهذا مما لا تخاطب به الأنبياء - (صلوات الله عليهم) - إنما يخاطبون بالإجلال والإعظام. كما ذكر الزجاج.
ولعل الأقوال جميعا صحيحة, فقول اليهود كان من باب الباب والغطرسة أيا كان معنى "راعنا" في الآية.
[فرقي بين معنى الكلمة، ومراد اليهود من قولها]
معنى "ليا بألسنتهم":
-ليًّا أصله لويا، قلبت الواو ياء وأدغمت. والمعنى: يفعلون ذلك معاندة للحق. ذكره الزجاج. وبين ابن عطية المعنى بذكر الصور السابقة له "اسمع غير مسمع", "سمعنا وعصينا" "راعنا", فهذا كله تفسير لمعنى "ليا بألسنتهم". [هنا ثلاثة مسائل، معنى اللي، وصور لي اللسان عند اليهود، وسبب لي اللسان عندهم]
معنى "طعناً في الدّين":
-أي: توهينا له وإظهارا للاستخفاف به. ذكره ابن عطية. وخصص ابن كثير الطعن بأنه سبهم للنبي.
معنى "انظرنا":
-انتظرنا، بمعنى: أفهمنا وتمهل علينا حتى نفهم عنك ونعي قولك. قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما. وذكره ابن عطية.
تخريج قول عكرمة ومجاهد: رواه الطبري عن القاسم، عن الحسين، عن أبي تميلة، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عنهما.
-انظر إلينا، فكأنه استدعاء اهتبال وتحف. ذكره ابن عطية.
معنى "أقوم":
-أعدل وأصوب. ذكره ابن عطية.
معنى اللعن:
-الإبعاد. ذكره ابن عطية.
المراد باللعن في الآية:
-الإبعاد والطرد من الهدى والخير والإيمان. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق القلة في قوله: "فلا يؤمنون إلا قليلا":
- الإيمان. أي: فلا يؤمنون إلّا إيمانا قليلا، لا يجب به أن يسمّوا المؤمنين. قال به سيبويه وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير, ويبدو هو الأرجح. [أو أن المراد إيمان قليل، لا يغنيهم فقد آمنوا ببعض أمور الدين فلم ينفعهم لتكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم]
- الأفراد. أي: إلا قليلا منهم، فإنهم آمنوا. ذكره الزجاج وابن عطية, وقال: فيه نظر.


التقويم: ب+
أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, السابع

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir