دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء قد سمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 04:00 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي تفسير سورة المجادلة (الآيات: 5-8)

{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (5) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (6) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8)}.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 04:39 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي


(5) {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}.
محادة الله ورسوله: مخالفتهما ومعصيتهما خصوصا في الأمور الفظيعة، كمحادة الله ورسوله بالكفر، ومعاداة أولياء الله.
وقوله: {كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: أذلوا وأهينوا كما فعل بمن قبلهم، جزاء وفاقا.
وليس لهم حجة على الله، فإن الله قد قامت حجته البالغة على الخلق، وقد أنزل من الآيات البينات والبراهين ما يبين الحقائق ويوضح المقاصد، فمن اتبعها وعمل عليها، فهو من المهتدين الفائزين، {وَلِلْكَافِرِينَ} بها {عَذَابٌ مُهِينٌ} أي: يهينهم ويذلهم، كما تكبروا عن آيات الله، أهانهم الله وأذلهم.
(6-7) {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} .
يقول الله تعالى: {يوم يبعثهم الله} جميعا "فيقومون من أجداثهم سريعا" فيجازيهم بأعمالهم {فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} من خير وشر، لأنه علم ذلك، وكتبه في اللوح المحفوظ، وأمر الملائكة الكرام الحفظة بكتابته، هذا {و} العاملون قد نسوا ما عملوه، والله أحصى ذلك.
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} بالظواهر والسرائر، والخبايا والخفايا.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .
ولهذا أخبر عن سعة علمه وإحاطته بما في السماوات والأرض من دقيق وجليل.
وأنه {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا} والمراد بهذه المعية معية العلم والإحاطة بما تناجوا به وأسروه فيما بينهم، ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ثم قال تعالى:
(8-9) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .
النَّجْوَى هِيَ التَّنَاجِي بينَ اثنيْنِ فأَكثَرَ، وقدْ تَكُونُ في الْخَيْرِ وتَكُونُ في الشَّرِّ، فأَمَرَ اللَّهُ المُؤمنِينَ أنْ يَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ، وهو اسمٌ جامِعٌ لكلِّ خَيْرٍ وطاعةٍ
وقِيامٍ بحقِّ اللَّهِ وحقِّ عِبادِه.

{والتَّقْوَى} وهي هنا اسمٌ جامِعٌ لتَرْكِ جَميعِ الْمَحارِمِ والْمَآثِمِ؛ فالمُؤمِنُ يَمْتَثِلُ هذا الأمْرَ الإِلَهِيَّ؛ فلا تَجِدُه مُناجِياً ومُتَحَدِّثاً إلاَّ بما يُقَرِّبُه إلى اللَّهِ ويُباعِدُه مِن سَخَطِهِ، والفاجِرُ يَتَهَاوَنُ بأمْرِ اللَّهِ ويُناجِي بالإثْمِ والعُدْوانِ ومَعصيةِ الرَّسولِ؛ كالْمُنافقِينَ الَّذينَ هذا دَأْبُهم وحالُهم معَ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ.
قالَ تعالى: {وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}؛ أيْ: يُسِيئُونَ الأدَبَ في تَحِيَّتِهم لكَ.

{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ}؛ أيْ: يُسِرُّونَ فيها ما ذَكَرَه عالِمُ الغَيْبِ والشَّهادةِ عنهم، وهو قولُهم: {لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}، ومعنَى ذلكَ أنَّهم يَتهاوَنونَ بذلكَ، ويَستَدِلُّونَ بعَدَمِ تَعجيلِ العُقوبةِ عليهم أنَّ ما يَقولُونَه غيرُ مَحذورٍ.
قالَ تعالى في بيانِ أنَّه يُمْهِلُ ولا يُهْمِلُ: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ}؛ أيْ: تَكْفِيهِمْ جَهَنَّمُ التي جَمَعَتْ كلَّ عذابٍ وشَقاءٍ عليهم، تُحيطُ بهم ويُعَذَّبونَ بها؛ فبِئسَ المصيرُ.
وهؤلاءِ الْمَذْكورونَ:
- إمَّا أُناسٌ مِن المُنافقِينَ، يُظْهِرونَ الإيمانَ ويُخاطِبُونَ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ بهذا الْخِطابِ الذي يُوهِمُونَ أنَّهم أَرَدُاوا بهِ خَيْراً، وهم كَذَبَةٌ في ذلكَ.
- وإمَّا أُناسٌ مِن أهْلِ الكتابِ الذينَ إذا سَلَّمُوا على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ قالوا: السَّامُ عليكَ يا مُحَمَّدُ. يَعْنُونَ الموتَ.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 05:00 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الْمُحَادَّةُ: الْمُشَاقَّةُ والْمُعاداةُ والمخالَفَةُ.
{كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أيْ: أُذِلُّوا وأُخْزُوا.
{يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً} أيْ: مُجتمعينَ في حالةٍ واحدةٍ، لا يَبْقَى منهم أحَدٌ لم يُبعثْ.
{فيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} في الدنيا مِن الأعمالِ القَبيحةِ؛ لتكميلِ الْحُجَّةِ عليهم.
{أَحْصَاهُ اللهُ} أَحصاهُ اللهُ جميعاً ولم يَفُتْهُ مِنه شيءٌ.
{وَنَسُوهُ} هم ولم يَحفظوهُ، فوَجَدُوه حاضراً مَكتوباً في صَحَاِئِفهم.
{وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} مُطَّلِعٌ وناظِرٌ.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أيْ: أنَّ عِلْمَه مُحيطٌ بما فيهما، بحيثُ لا يَخْفَى عليه شيءٌ مما فيهما.
{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاَثَةٍ}: ما يُوجَدُ مِن تَناجِي رِجالٍ ثلاثةٍ.
{إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} يُشارِكُهم في الاطِّلاعِ على تِلكَ النَّجْوَى.
{وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} لأنَّه سُبحانَه مع كُلِّ عَددٍ قَلَّ أو كَثُرَ، يَعلَمُ السرَّ والجهْرَ، لا تَخفَى عليه خافيةٌ.
{وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَأَكْثَرَ} أيْ: ولا أقَلَّ مِن العددِ المذكورِ: كالواحدِ، والاثنينِ، ولا أكثَرَ منه، كالستَّةِ والسبعةِ.
{إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ} يَعلَمُ ما يَتناجَوْنَ به لا يَخْفَى عليه منه شيءٌ.
{أَيْنَمَا كَانُوا} في أيِّ مكانٍ مِن الأَمْكِنَةِ.
{ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ} أيْ: يُخْبِرُهم.
{بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أيْ: ليَعْلَموا أنَّ نَجواهُم لم تكنْ عليه خافيةً؛ وليكونَ إعلامُه لمن يَتناجَوْنَ بالسوءِ تَوبيخاً لهم وتَبكيتاً وإلزاماً للحُجَّةِ.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ}: كان اليهودُ إذا مَرَّ بهم الرجُلُ مِن المؤمنينَ، تنَاجَوْا بينَهم حتى يَظُنَّ المؤمنُ شَرًّا، فنَهاهم اللهُ فلم يَنتَهُوا فنَزَلَتْ: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ} أيْ: بغِيبَةِ المؤمنينَ وأَذاهم ونحوِ ذلك؛ كالكَذِبِ والظلْمِ.
{وَالْعُدْوَانِ} ما فيه عُدوانٌ على المؤمنينَ.
{وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ}: مُخالَفَتِهِ.
{وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} المرادُ بها اليهودُ؛ كانوا يَأتونَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيَقولونَ: السَّامُ عليك. يُريدونَبذلك السلامَ ظَاهراً وهم يَعْنُونَ الموتَ باطِناً، فيقولُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ((عَلَيْكُمْ)).
{وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ} أيْ: فيما بينَهم.
{لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللهُ بِمَا نَقُولُ} أيْ يَقولون: لو كان محمَّدٌ نَبيًّا لعَذَّبَنا اللهُ بما يَتضمَّنُه قولُنا مِن الاستخفافِ به. وقيلَ: المعنى: لو كان نَبيًّا لاستُجِيبَ له فينَا حيثُ يقولُ: ((عَلَيْكُمْ)). ولَوَقَعَ علينا الموتُ عندَ ذلك.
{حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ} عَذاباً، أيْ: يَكفيهِمْ عَذابُها عن الموتِ الحاضِرِ.
{يَصْلَوْنَهَا} يَدخلونَها.
{فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أيْ: الْمَرْجِعُ، وهو جَهَنَّمُ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 05:07 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يَكونونَ في حَدٍّ غيرِ حَدِّ المُؤمنِينَ.
ويُقالُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يُعادُونَ اللَّهَ ورسولَه. وقولُه في مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يَكُونُ في شِقٍّ غيرِ شِقِّ المُؤْمِنِينَ.
وقولُه: {كُبِتُوا} أيْ: أُخْزُوا. قالَه قَتَادَةُ, ويُقالُ: أُهْلِكُوا.
قالَ أبو عُبَيْدَةَ: ويُقالُ: لُعِنُوا. قالَه السُّدِّيُّ.
وقولُه: {كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. أيْ: كما أُخْزِيَ وأُهْلِكَ ولُعِنَ الَّذينَ مِن قَبْلِهِم.
وقولُه: {وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}. أيْ: يُهِينُهم, وهو مِن الْهَوانِ، ومَن عَذَّبَه اللَّهُ فَقَدْ أَهانَهُ.
قولُه تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}. أيْ: يُخْبِرُهم.
وقولُه: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}. أيْ: أحاطَ به عِلْمُ اللَّهِ، {ونَسُوهُ}؛ أيْ: نَسِيَهُ مَن عَمِلَ به.
وقولُه: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. أيْ: شاهِدٌ.
قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}. ذَكَرَ الزَّجَّاجُ أنَّ السِّرَارَ والنَّجْوَى بمعنًى واحدٍ.
وعن بعضِهم: أنَّ السِّرارَ يكونُ بينَ اثنَيْنِ، والنَّجْوَى تكونُ بينَ ثلاثةٍ وأكثَرَ إذا أُخْفِيَ.
وقولُه: {إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}. يَعني: بالعِلْمِ والقُدْرَةِ.
وقولُه: {وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ}. هو كما بَيَّنَّا.
وقولُه: {وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}. هو كما بَيَّنَّا.
وقولُه: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. أيْ: عالِمٌ.
قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى}. نَزلَتِ الآيةُ في قومٍ مِن المُنافقِينَ, كانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذا بَعَثَ سَرِيَّةً قالوا فيما بينَهم: قد أصابَ السَّرِيَّةَ، وكذا قد أُسِرُوا وقُتِلُوا. وما يُشبِهُ ذلك؛ إِرجافاً بالمُسلمِينَ، فنهَاهُم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك، فكانوا يقولونَ: قد نُبِّئْنَا {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
قولُه: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ}. وهو بالمعنَى الذي بَيَّنَّاهُ مِن قَبْلُ.
وقولُه: {وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}. هذا في اليهودِ.
ويُقالُ: إنَّ أوَّلَ الآيةِ في اليهودِ أيضاً، وتَحِيَّتُهُم أنَّهم كانوا يقولونَ: السَّامُ عليكَ يا محمَّدُ. وكانَ السَّامُ في لُغَتِهم: الموتَ والهلاكَ، وكانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((وَعَلَيْكُمْ)).
فرُوِيَ في بعضِ الأخبارِ: أنَّ عَائِشَةَ سَمِعَتْهم يَقولُونَ ذلكَ؛ فجَعَلَتْ تَسُبُّهم وتَلْعَنُهم، فزَجَرَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك وقالَ لها: ((يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ))، وقالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ: ((أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ. وَإِنَّا نُسْتَجَابُ فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُونَ فِينَا)).
وقولُه: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}. المعنَى: أنَّهم كانوا يَقولُونَ: لو كانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا لعَذَّبَنَا اللَّهُ بما نَقولُ.
وقولُه: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ}. أيْ: كافِيهِم عَذابُ جَهَنَّمَ.
وقولُه: {يَصْلَوْنَهَا}. أيْ: يَدْخُلُونَها.
وقولُه: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. أي: المُنْقَلَبُ والْمَرْجِعُ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 01:58 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّ الّذين يحادّون اللّه ورسوله كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم وقد أنزلنا آياتٍ بيّناتٍ وللكافرين عذابٌ مهينٌ (5) يوم يبعثهم اللّه جميعًا فينبّئهم بما عملوا أحصاه اللّه ونسوه واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ (6) ألم تر أنّ اللّه يعلم ما في السّماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثةٍ إلّا هو رابعهم ولا خمسةٍ إلّا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلّا هو معهم أين ما كانوا ثمّ ينبّئهم بما عملوا يوم القيامة إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ (7) ألم تر إلى الّذين نهوا عن النّجوى ثمّ يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرّسول وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه بما نقول حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير (8) }
يخبر تعالى عمّن شاقّوا اللّه ورسوله وعاندوا شرعه {كبتوا كما كبت الّذين من قبلهم} أي: أهينوا ولعنوا وأخزوا، كما فعل بمن أشبههم ممّن قبلهم {وقد أنزلنا آياتٍ بيّناتٍ} أي: واضحاتٍ لا يخالفها ولا يعاندها إلّا كافرٌ فاجرٌ مكابرٌ، {وللكافرين عذابٌ مهينٌ} أي: في مقابلة ما استكبروا عن اتّباع شرع اللّه، والانقياد له، والخضوع لديه.
ثمّ قال: {يوم يبعثهم اللّه جميعًا} وذلك يوم القيامة، يجمع اللّه الأوّلين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، {فينبّئهم بما عملوا} أي: يخبرهم بالّذي صنعوا من خيرٍ وشرٍّ {أحصاه اللّه ونسوه} أي: ضبطه اللّه وحفظه عليهم، وهم قد نسوا ما كانوا عليه، {واللّه على كلّ شيءٍ شهيدٌ} أي: لا يغيب عنه شيءٌ، ولا يخفى ولا ينسى شيئًا.
ثمّ قال تعالى مخبرًا عن إحاطة علمه بخلقه واطّلاعه عليهم، وسماعه كلامهم، ورؤيته مكانهم حيث كانوا وأين كانوا، فقال: {ألم تر أنّ اللّه يعلم ما في السّماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثةٍ} أي: من سرّ ثلاثةٍ {إلا هو رابعهم ولا خمسةٍ إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا} أي: يطّلع عليهم يسمع كلامهم وسرّهم ونجواهم، ورسله أيضًا مع ذلك تكتب ما يتناجون به، مع علم اللّه وسمعه لهم، كما قال: {ألم يعلموا أنّ اللّه يعلم سرّهم ونجواهم وأنّ اللّه علام الغيوب} [التّوبة: 78] وقال {أم يحسبون أنّا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون} [الزّخرف: 80]؛ ولهذا حكى غير واحدٍ الإجماع على أنّ المراد بهذه الآية معيّة علم اللّه تعالى ولا شكّ في إرادة ذلك ولكنّ سمعه أيضًا مع علمه محيطٌ بهم، وبصره نافذٌ فيهم، فهو، سبحانه، مطّلعٌ على خلقه، لا يغيب عنه من أمورهم شيءٌ.
ثمّ قال: {ثمّ ينبّئهم بما عملوا يوم القيامة إنّ اللّه بكلّ شيءٍ عليمٌ} قال الإمام أحمد: افتتح الآية بالعلم، واختتمها بالعلم.
قال ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ [في قوله] {ألم تر إلى الّذين نهوا عن النّجوى} قال: اليهود وكذا قال مقاتل بن حيّان، وزاد: كان بين النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبين اليهود موادعةٌ، وكانوا إذا مرّ بهم رجلٍ من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم جلسوا يتناجون بينهم، حتّى يظنّ المؤمن أنّهم يتناجون بقتله-أو: بما يكره المؤمن-فإذا رأى المؤمن ذلك خشيهم، فترك طريقه عليهم. فنهاهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عن النّجوى، فلم ينتهوا وعادوا إلى النّجوى، فأنزل اللّه: {ألم تر إلى الّذين نهوا عن النّجوى ثمّ يعودون لما نهوا عنه}.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، حدّثني سفيان بن حمزة، عن كثيرٍ عن زيدٍ، عن ربيح بن عبد الرّحمن بن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن أبيه، عن جدّه قال: كنّا نتناوب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، نبيت عنده؛ يطرقه من اللّيل أمرٌ وتبدو له حاجةٌ. فلمّا كانت ذات ليلةٍ كثر أهل النّوب والمحتسبون حتّى كنّا أنديةً نتحدّث، فخرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: "ما هذا النّجوى؟ ألم تنهوا عن النّجوى؟ ". قلنا: تبنا إلى اللّه يا رسول اللّه، إنّا كنا في ذكر المسيح، فرقا منه. فقال: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه؟ ". قلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: "الشّرك الخفيّ، أن يقوم الرّجل يعمل لمكان رجلٍ". هذا إسنادٌ غريبٌ، وفيه بعض الضّعفاء
وقوله: {ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرّسول} أي: يتحدّثون فيما بينهم بالإثم، وهو ما يختصّ بهم، والعدوان، وهو ما يتعلّق بغيرهم، ومنه معصية الرّسول ومخالفته، يصرون عليها ويتواصون بها.
وقوله: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه} قال ابن أبي حاتمٍ:
حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا بن نميرٍ، عن الأعمش، [عن مسلمٍ] عن مسروقٍ، عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يهود فقالوا: السّام عليك يا أبا القاسم. فقالت عائشة: وعليكم السام و [اللعنة] قالت: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "يا عائشة، إنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش". قلت: ألا تسمعهم يقولون: السام عليك؟ فقال رسول الله: "أو ما سمعت أقول وعليكم؟ ". فأنزل اللّه: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه}
وفي روايةٍ في الصّحيح أنّها قالت لهم: عليكم السّام والذّام واللّعنة. وأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إنّه يستجاب لنا فيهم، ولا يستجاب لهم فينا"
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا بشرٌ، حدّثنا يزيد، حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بينما هو جالسٌ مع أصحابه، إذ أتى عليهم يهوديٌّ فسلّم عليهم، فردّوا عليه، فقال نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "هل تدرون ما قال؟ ". قالوا: سلّم يا رسول اللّه. قال: "بل قال: سامٌ عليكم، أي: تسامون دينكم". قال رسول اللّه: "ردّوه". فردّوه عليه. فقال نبيّ اللّه: "أقلت: سامٌ عليكم؟ ". قال: نعم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إذا سلّم عليكم أحدٌ من أهل الكتاب فقولوا: عليك" أي: عليك ما قلت
وأصل حديث أنسٍ مخرّجٌ في الصّحيح، وهذا الحديث في الصّحيح عن عائشة، بنحوه
وقوله: {ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه بما نقول} أي: يفعلون هذا، ويقولون ما يحرّفون من الكلام وإيهام السّلام، وإنّما هو شتمٌ في الباطن، ومع هذا يقولون في أنفسهم: لو كان هذا نبيًّا لعذّبنا اللّه بما نقول له في الباطن؛ لأنّ اللّه يعلم ما نسرّه، فلو كان هذا نبيّا حقًّا لأوشك أن يعاجلنا اللّه بالعقوبة في الدّنيا، فقال اللّه تعالى: {حسبهم جهنّم} أي: جهنّم كفايتهم في الدّار الآخرة {يصلونها فبئس المصير}
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الصّمد، حدّثنا حمّادٌ، عن عطاء بن السّائب، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو؛ أنّ اليهود كانوا يقولون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: سامٌ عليك، ثمّ يقولون في أنفسهم: {لولا يعذّبنا اللّه بما نقول}؟، فنزلت هذه الآية: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا اللّه بما نقول حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير} إسنادٌ حسن ولم يخرجوه
وقال العوفي، عن بن عبّاسٍ: {وإذا جاءوك حيّوك بما لم يحيّك به اللّه} قال: كان المنافقون يقولون لرسول اللّه إذا حيّوه: "سامٌ عليك"، قال اللّه: {حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير} ). [تفسير القرآن العظيم: 8/41-44]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تفسير, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir