قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يَكونونَ في حَدٍّ غيرِ حَدِّ المُؤمنِينَ.
ويُقالُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يُعادُونَ اللَّهَ ورسولَه. وقولُه في مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} أيْ: يَكُونُ في شِقٍّ غيرِ شِقِّ المُؤْمِنِينَ.
وقولُه: {كُبِتُوا} أيْ: أُخْزُوا. قالَه قَتَادَةُ, ويُقالُ: أُهْلِكُوا.
قالَ أبو عُبَيْدَةَ: ويُقالُ: لُعِنُوا. قالَه السُّدِّيُّ.
وقولُه: {كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}. أيْ: كما أُخْزِيَ وأُهْلِكَ ولُعِنَ الَّذينَ مِن قَبْلِهِم.
وقولُه: {وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}. أيْ: يُهِينُهم, وهو مِن الْهَوانِ، ومَن عَذَّبَه اللَّهُ فَقَدْ أَهانَهُ.
قولُه تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}. أيْ: يُخْبِرُهم.
وقولُه: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}. أيْ: أحاطَ به عِلْمُ اللَّهِ، {ونَسُوهُ}؛ أيْ: نَسِيَهُ مَن عَمِلَ به.
وقولُه: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. أيْ: شاهِدٌ.
قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاَثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}. ذَكَرَ الزَّجَّاجُ أنَّ السِّرَارَ والنَّجْوَى بمعنًى واحدٍ.
وعن بعضِهم: أنَّ السِّرارَ يكونُ بينَ اثنَيْنِ، والنَّجْوَى تكونُ بينَ ثلاثةٍ وأكثَرَ إذا أُخْفِيَ.
وقولُه: {إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ}. يَعني: بالعِلْمِ والقُدْرَةِ.
وقولُه: {وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ}. هو كما بَيَّنَّا.
وقولُه: {وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}. هو كما بَيَّنَّا.
وقولُه: {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. أيْ: عالِمٌ.
قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى}. نَزلَتِ الآيةُ في قومٍ مِن المُنافقِينَ, كانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذا بَعَثَ سَرِيَّةً قالوا فيما بينَهم: قد أصابَ السَّرِيَّةَ، وكذا قد أُسِرُوا وقُتِلُوا. وما يُشبِهُ ذلك؛ إِرجافاً بالمُسلمِينَ، فنهَاهُم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك، فكانوا يقولونَ: قد نُبِّئْنَا {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ}.
قولُه: {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ}. وهو بالمعنَى الذي بَيَّنَّاهُ مِن قَبْلُ.
وقولُه: {وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}. هذا في اليهودِ.
ويُقالُ: إنَّ أوَّلَ الآيةِ في اليهودِ أيضاً، وتَحِيَّتُهُم أنَّهم كانوا يقولونَ: السَّامُ عليكَ يا محمَّدُ. وكانَ السَّامُ في لُغَتِهم: الموتَ والهلاكَ، وكانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ((وَعَلَيْكُمْ)).
فرُوِيَ في بعضِ الأخبارِ: أنَّ عَائِشَةَ سَمِعَتْهم يَقولُونَ ذلكَ؛ فجَعَلَتْ تَسُبُّهم وتَلْعَنُهم، فزَجَرَها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك وقالَ لها: ((يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ))، وقالَتْ: يا رسولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَسْمَعْ ما قالوا؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ: ((أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ؟ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ. وَإِنَّا نُسْتَجَابُ فِيهِمْ، وَلاَ يُسْتَجَابُونَ فِينَا)).
وقولُه: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}. المعنَى: أنَّهم كانوا يَقولُونَ: لو كانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا لعَذَّبَنَا اللَّهُ بما نَقولُ.
وقولُه: {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ}. أيْ: كافِيهِم عَذابُ جَهَنَّمَ.
وقولُه: {يَصْلَوْنَهَا}. أيْ: يَدْخُلُونَها.
وقولُه: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. أي: المُنْقَلَبُ والْمَرْجِعُ.