بيّن فضل التقوى وآثارها على الفرد والمجتمع من خلال دراستك لسورة الطلاق.
من العجيب عندما تتأمل هذا السورة وقد وردت في أحكام الأسرة لاسيما الطلاق تجد تكررا عجيبا لكلمة التقوى والحث عليها والتذكير بها فقد أمر بها في بداية السورة عند قوله (واتقوا الله ربكم) وختم بنفس الأمر عند قوله (فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين امنوا ) وذكر بينهما في ثلاث آيات فضائل التقوى وثمراتها, فإن للتقوى فضائل وآثار عظيمة على الفرد والأسرة والمجتمع ,فعندما تنظر الى أركان الأسرة وهما الزوجان وهما يعيشان هم الطلاق والفراق وتفكك الأسرة يخبر الله جل جلالة إنهما إن اتقيّا الله فيما أمر به بالامتثال وفيما نهى عنه بالاجتناب فسيجعل لهما هن هذه الضائقة مخرجا بان يردهما لبعض أو يعوض أحدهما بخير منه وإن حملا هم الرزق وأن الزوجة مثلا ستنقطع عنها النفقة والسكنى فإن الله سيرزقها من حيث لا تحتسب وهذا ينطبق على الزوج أيضا ,بل أن الأمر يتعدى الى كل مؤمن حقق التقوى والتزم بها فإن الله سيجعل له من ضائقة تعرض له في هذه الدنيا مخرج وسعة وسيرزقه من حيث لا يتوقع ولذلك أثر عن أحد السلف قوله "لا أبالي بكم أصبحت حبة الشعير فعلي أن اعبده كما أمرني وعليه أن يرزقني كما وعدني " قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )ومن ثمرات التقوى تيسير الأمر الصعب وجعل سهلا قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) ومن فضائلها وثمراتها أيضا تكفير الذنوب وتعظيم الثواب والتي هي غاية ما يطمح العبد المؤمن ويصبوا إليه فمن لقي الله وقد غفر ذنبه وأعظم ثوابه فقد رضي عنه وأدخله جنته قال تعالى (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا )
1. بيّن ما يلي
أ: المراد بالطلاق السني والطلاق البدعي، وحكم كل نوع.
الطلاق السني هو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامع فيه أو حاملا قد استبان حملها ففي صحيح البخاري " حدّثنا يحيى بن بكير، حدّثنا اللّيث وعقيلٌ، عن ابن شهابٍ، أخبرني سالمٌ: أنّ عبد اللّه بن عمر أخبره: أنّه طلّق امرأةً له وهي حائضٌ، فذكر عمر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فتغيّظ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال: "ليراجعها، ثمّ يمسكها حتّى تطهر، ثمّ تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلّقها فليطلّقها طاهرًا قبل أن يمسّها، فتلك العدّة الّتي أمر اللّه، عزّ وجلّ" وفي مسلم " "فتلك العدّة الّتي أمر اللّه أن يطلّق لها النّساء" وهو الواجب على الزوج إن اراد تطليق زوجته فعل ذلك ويقع الطلاق , أما الطلاق البدعي فهو أن يطلق الزوج زوجته وهي حائض أو في طهر قد جامع فيه وهو لا يجوز لأنه خلاف ماورد في الشرع وايضا الطلاق بايقاع الثلاث دفعة واحده فهو طلاق بدعي لايجوز , وحكم الطلاق يقع غير أن الزوج يأثم. وهناك طلاق لا يوصف بأنه بدعي أو سني وهو تطليق الغير مدخول بها والآيسة والصغيرة التي لم تحض بعد
ب: المراد بالفاحشة المبيّنة.
فيها قولين:
1- فاحشة الزنى وفعله والعياذ بالله
2- البذاءة باللسان او الأفعال وإيذاء أهل البيت وادخال الضرر عليهم
2. حرر القول في:
معنى "صغت قلوبكما" في قوله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}.
أي مالت وانحرفت عن ما ينبغي لها من الورع والأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحترامه قاله السعدي ,وقال الأشقر أي مالت الى التوبة من التظاهر على النبي صلى الله عليه وسلم
3. فسّر تفسيرا وافيا قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)} التحريم.]
يامن منّ الله عليهم بالايمان التزموا بلوازمه وشروطه وذلك بأن تقوا أنفسكم وأهليكم وتحموها من نار جهنم , ووقاية الأنفس بإلزامها أمر الله امتثالا ونهيه اجتنابا والتوبة من كل ما يسخط الله ويوجب عذابه ,ووقاية الأهل والأولاد بتأديبهم وتعليمهم أوامر الله ونواهيه وإلزامهم بها وتجنيبهم موارد الكفر والنفاق والفسق , فلا يسلم العبد حتى يقوم بما أمره الله في نفسه وفيمن تحت ولايته من الزوجات والأولاد وغيرهم ممن هم تحت ولايته وتصرفه, ثم يخبر الله جل جلاله عن شدة هذه النار وعظمتها بأن وقودها وما تتسع ربه هم بنوا آدم الذين خالفوا أمره وكفروا به بالأصافة الى الحجارة العظيمة سواء كانت تلك الحجار هي الأصنام والأوثان التي كانت تعبد من دون الله حيث وضعت مع من كانوا يعبدونها في الدنيا حتى يروها وتزداد حسرتهم ويقينهم بأن هذه الحجارة لاتدفع الضر عنها بل هي معهم في النار قال تعالى ({إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}. أو كانت الحجارة حجارة أخرى فقد روى بن أبي حاتمٍ، رحمه اللّه، قال: ((حدّثنا أبي، حدّثنا عبد الرّحمن بن سنانٍ المنقريّ، حدّثنا عبد العزيز -يعني ابن أبي راّود-قال: بلغني أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم تلا هذه الآية:{يا أيّها الّذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها النّاس والحجارة} وعنده بعض أصحابه، وفيهم شيخٌ، فقال الشّيخ: يا رسول اللّه، حجارة جهنّم كحجارة الدّنيا؟ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "والّذي نفسي بيده، لصخرة من صخر جهنّم أعظم من جبال الدّنيا كلّها))هذا حديثٌ مرسلٌ غريبٌ.
ويضاف الى عظمة وقودها عظمة خزنتها الذين هم عليها ملائكة غلاظ (طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين)شداد (تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج) وقد ورد في أوصافهم وعظمة أجسامهم أحاديث تنبي عن هول اجسامهم وشدتهم وفزع من يراهم
إلا أنهم مع عظمتهم وشدتهم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون فقط مايؤمرون به في وقته وحينه من غير تأخير ولاعجز وهم زبانية النار عياذا بالله منهم