كِتابُ الأَطْعِمَةِ
المُقَدِّمَةُ
واحِدُها: طعامٌ، وهو جَمْعُ قِلَّةٍ، لكِنَّه لَمَّا عُرِّفَ بالألفِ واللامِ أفادَ العمومَ، وهو ما يُؤْكَلُ، وما يُشْرَبُ.
قالَ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249]، قالَ القُرْطُبِيُّ: دَلَّ على أنَّ الماءَ طعامٌ.
قالَ في (تيسيرِ العَلاَّمِ): الأصلُ في الطعامِ والشرابِ واللِّباسِ: الحِلُّ؛ فلا يُحَرَّمُ منها إلاَّ ما حَرَّمَه اللَّهُ ورسولُه؛ لأنَّها داخِلةٌ في عمومِ العاداتِ المبنيَّةِ على الحِلِّ، والمُحَرَّمُ منها محدودٌ ومعدودٌ، مما يَدُلُّ على بقاءِ المتروكِ على أصلِه، وهو العفوُ.
والأصلُ في هذا القولِ وصفُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووَصْفُ شريعتِه: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، وهذا يَتَنَاوَلُ جميعَ الأشياءِ: مِن مَطْعَمٍ، ومَشْرَبٍ، فكلُّ ما ليسَ بخبيثٍ فهو طيِّبٌ حلالٌ، فدَخَلَ فيه أنواعُ الحبوبِ، والثِّمارِ، وهي أوسعُ الأصنافِ حِلاًّ، ودخَلَ فيه الحيواناتُ البحريَّةُ كلُّها، ودَخَلَ فيه الأنعامُالثمانِيَةُ، والخَيْلُ، ودَخَلَ فيه الطيورُ، والدجاجُ، والطواويسُ ونَحْوُها مِن حيوانٍ وطيرٍ، إلاَّ ما كانَ خَبيثاً، والخُبْثُ يُعْرَفُ بأمورٍ:
1- أنْ يَنُصَّ الشارعُ على خُبْثِه؛ كالحُمُرِ الأهليَّةِ.
2- أو يَنُصَّ على حَدِّه؛ ككلِّ ذِي نابٍ مِن السباعِ، وكلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِن الطيرِ.أأأأأأأأأأأاميبتكمنتيبمنتيتبكمتي
3- أو يكونَ خُبْثُه معروفاً؛ كالفأرةِ، والحَيَّةِ، والحَشَرَاتِ.
4- أو يكونَ الشارِعُ أمَرَ بقتلِه، أو يكونَ نَهَى عن قَتْلِهِ.
5- أو يكونَ معروفاً بأكلِ الجِيَفِ؛ كالنَّسْرِ، والرَّخَمِ، ونحوِهما.
6- أو يكونَ مُتَوَلِّداً مِن بينِ حلالٍ وحرامٍ، فيُغَلَّبَ التحريمُ؛ كالبَغْلِ.
7- أو يكونَ خُبْثُه عارضاً؛ كالجَلاَّلَةِ التي تُغَذَّى بالنجاسةِ، والمائعاتِ المُتَنَجِّسَةِ.
8- أو يكونَ مُحَرَّماً لضررِه البدنِيِّ؛ كأنواعِ السُّمومِ.
9- أو يكونَ مُحَرَّماً لضررِه العقليِّ؛ كالخَمْرِ، والمخدِّرَاتِ.
10- أو مُذَكًّى تَذْكِيَةً غيرَ شرعيَّةٍ؛ إما لآلتِه، وإما لمُذَكِّيه، وإمَّا للقَصْدِ مِن تَذْكِيَتِهِ.
وما لم يُوجَدْ فيه سَبَبُ الخُبْثِ فهو حلالٌ.