دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 ربيع الثاني 1436هـ/28-01-2015م, 07:48 PM
خولة حافظ خولة حافظ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 239
افتراضي صفحة الطالبة ( خولة حافظ) للقراءة المنظمة

صفحة الطالبة ( خولة حافظ) للقراءة المنظمة

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 شعبان 1436هـ/26-05-2015م, 01:57 AM
خولة حافظ خولة حافظ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 239
افتراضي المقصد الكلي لكتاب التبيان في آداب حملة القرآن

المقصد الكلي لكتاب التبيان في آداب حملة القرآن

بيان فضل القرآن وأصحابه وإكرام الله لحملته والتحذير من آذاهم، وذكر جملة من آداب تعلّمه وتلاوته وتعليمه وأحكام متفرقة في إكرام واحترام المصحف.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 شعبان 1436هـ/26-05-2015م, 02:10 AM
خولة حافظ خولة حافظ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 239
افتراضي تلخيص مقاصد كتاب التبيان في آداب حملة القرآن

المقاصد الفرعية للكتاب :

1: بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن.
2: فضل تلاوة القرآن على غيره من الأذكار، وتقديم قارئ القرآن في الشؤون الدينية والدنيوية.
3: بيان إكرام الله لحملة القرآن ،والتحذير من آذاهم.
4:بيان في آداب معلم القرآن ومتعلمه
5:آداب حامل القرآن في أخلاقه وعبادته وتعامله مع القرآن وتعامله مع الناس
6: بيان آداب تلاوة القرآن.
7:الآداب والأحكام المتعلقة بالناس عامة مع القرآن.
8:بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة.
9:أحكام متفرقة في إكرام واحترام المصحف وحكم بعض الصور التي تُخالف إكرام المصاحف.
خصص المؤلف -رحمه الله - في نهاية الكتاب بابا في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها.




التلخيص :


"]المقصد الأول :بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن. [/
المقاصد الفرعية:

بيان فضل القرآن
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله؛ فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)) رواه الدارمي.

بيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري.
- قال الحميدي الجمالي: سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن؟ فقال: "يقرأ القرآن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))".

بيان فضل تلاوة القرآن
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {ألم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يقول سبحانه وتعالى: [من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين] وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

بيان فضل صاحب القرآن
- قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذّب قلباً وعى القرآن)) رواه الدارمي.

فضل الماهر بالقرآن، وبيان ثواب الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق
- وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري وأبو الحسين مسلم بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما.

رفعة أهل القرآن في الدنيا والآخرة
- عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.

غبطة صاحب القرآن
- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في إثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم.

ذمّ من ليس في جوفه شيء من القرآن
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح .

"]المقصد الثاني : فضل تلاوة القرآن على غيره من الأذكار، وتقديم قارئ القرآن في الشؤون الدينية والدنيوية.
[/



المقاصد الفرعية:

-تقديم القارئ على غيره في أمور الدين مثل:الإمامة
الدليل:عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.

-تقديم القارئ على غيره في أمور الدنيا مثل :المشورة
الدليل:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه

-أفضلية القرآن على ما سواه من الذكر مطلقا:
قال الامام النووي -رحمه الله-:واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.

"]المقصد الثالث : بيان إكرام الله لحملة القرآن ،والتحذير من آذاهم.
[/]

المقاصد الفرعية:

أسباب تعظيم أهل القرآن:
1-من تعظيم شعائر الله ،قال الله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
2-من تعظيم حرمات الله. وقال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}.
3-فيه إجلال لله تعالى ،عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
4- أن العلماء داخلون في معنى الحديث : " من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب "


-عقاب آذية أهل القرآن
1-الإثم والمعصية:قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}.
2- حرب من الله ،عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: [من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب])) رواه البخاري.
3- أن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}كما ذكره ابن عساكر


-كيفية إكرام أهل القرآن
1-خفض الجناح،قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
2-عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده.
3- يقدم أهل القرآن عند الدفن ،عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

مكانة أهل القرآن
1- أنهم من أولياء الله ،عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الرابع : بيان الآداب التي يجب أن يتحلى بها معلم القرآن ومتعلمه.

المقاصد الفرعية:

-آداب عامة لمعلم القرآن ومتعلمه
- التحلي بالإخلاص
* الإخلاص شرط كل عبادة ومنها تعلم القرآن وتعليمه
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} أي: الملة المستقيمة.
- وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.

* الإخلاص سبب في العطاء الرباني ومنه العطاء في القرآن
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"،وعن غيره:"إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".

* عقوبة انتفاء الإخلاص عن المعلم والمتعلم
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
- وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).

* مظاهر الإخلاص في الإقراء
- أن لا يبتغي بإقراءه عرضا من الدنيا.
- أن لا يطمع في رفقة من يقرأ عليه.
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}، وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} الآية.
- أن لا يقصد بإقراءه تكثير المشتغلين به.
- أن لا يكره قراءة أصحابه على غيره.
قال النووي في التبيان: (وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم...).

- آداب المعلم والمتعلم في نفسه
* أن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته، وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى.
* الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها.
* ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع.
* أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره.
- فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
* الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
قال النووي في التبيان: (وطريقه في نفي العجب: أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه،
وطريقه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها).
* السخاء والجود ومكارم الأخلاق.
* طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة.

آداب خاصة بمعلم القرآن
- آداب المعلم مع العلم عامة ومع القرآن خاصة.
* أن لا يذل العلم.
قال الإمام النووي في التبيان: (أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة).أ.ه

- آداب المعلم مع طلابه
*الرفق والترحيب بهم.
فعن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

* بذل النصيحة لهم
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))رواه مسلم.
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه: إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته.

* الشفقة عليهم، والاعتناء بهم.
قال الإمام النووي في التبيان: (وينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه...).

* أن يحب لهم ما يحب لنفسه.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت"وفي رواية:"إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني".

* التواضع واللين لهم.
فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله، قال: "ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل".

* تأديبه لهم.
قال الإمام النووي في التبيان: (وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية...).

* حرصه على تعليمهم.

* أن لا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية.
قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

* تقديمه الأول فالأول.
قال الإمام النووي في التبيان: (ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه).

* يتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

- آداب المعلم في الحلقة
* يصلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره.
* يقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار.
* يجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
* يصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة.
* أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سننه.

آداب خاصة بمتعلم القرآن
آداب الطالب مع العلم عامة ومع القرآن خاصة
* أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة.

* يتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:

العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي

* أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها.
* أن يجتهد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا".
* أن لا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير.
* أن لا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل.
* وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه.
* أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب.
* أن لا يأخذ العلم إلا ممن ظهرت أهليته وديانته.
فعن محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم".

آداب الطالب مع شيخه
* أن يتواضع لمعلمه.

* أن يتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا.
وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".

* أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله.

* أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلبه، وأن يغتنم أوقات نشاطه.

* أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته.

* وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إليه.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
وقد أحسن من قال:
من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا
* أن يرد غيبة شيخه إن قدر، فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.

* أن لا يفتش عن عيوب شيخه.
فقد كان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني".

آداب الطالب مع زملائه
* أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه.
* ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها.

آداب الطالب في الحلقة
* أن يبكر إلى الحلقة أول النهار.
لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).

* أن يكون فارغ القلب من الأمور الشاغلة.

* أن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان.

* أن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخص شيخه دونهم بالتحية.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية.."

* أن لا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم.

* أن لا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك.

* أن لا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.
* أن لا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة.
* أن لا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة.
* أن لا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة.
* أن يقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين.

المقصد الخامس :آداب حامل القرآن في أخلاقه وعبادته وتعامله مع القرآن وتعامله مع الناس

المقاصد الفرعية:

الصفات والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها صاحب القرآن
1- أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن.
2- وأن يكون مصونا عن دني الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا
3- متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار، فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
4- أن يظهر أثر القرآن على حامله في جميع أحواله من نوم وصوم وفرح وحزن ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".
5-تدبر القرآن، عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
6-أن يكون مترفع عن الأمور الدنيوية من لهو وسهر ولغو، عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".


النهي والحذر من أخذ الأجرة والتكسب بالقرآن
- أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها، فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
-وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
-وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع، فإن الفضل بن عمرو لم يسمع الصحابة.

وفيه مسألة:
حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه:
ق1: فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة.
الدليل :واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف.
ق2: وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين.
الدليل:أجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.
ق3: وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.

المحافظة على القراءة بالليل

-ينبغي أن يكون اعتناؤه بقراءة الليل أكثر، قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
- وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
- وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- وروى الطبراني وغيره، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.
- وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن إبراهيم النخعي، كان يقول: "اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".

-سبب ترجيح صلاة الليل وقراءته:
وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات روى والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
وروى صاحب بهجة الأسرار بإسناده، عن سليمان الأنماطي، قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام يقول شعرا:
لولا الذين لهم ورد يقومونا ........ ولم وآخرون لهم سرد يصومونا
لدككت أهل أرضكم من تحتكم سحرا ....... حديث لأنكم قوم سوء ما تطيعونا

-بما تحصل فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه:
واعلم أن فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر كان أفضل،ومما يدل على حصوله بالقليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما".

-حكم استيعاب الليل كله :
استيعاب الليل كله فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.

تعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان
- ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري.

-عقوبة من نسي القرآن ولو آية:
- أعظم الذنوب :عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.

- الإصابة بالجذام يوم القيامة :عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.

من نام عن ورده من القرآن

- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.
- وعن سليمان بن يسار، قال: قال أبو أسيد رضي الله عنه: "نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني" رواه ابن أبي داود.
- وعن ابن أبي الدنيا، عن بعض حفاظ القرآن، أنه نام ليلة عن حزبه فأري في منامه كأن قائلا يقول له:
عجبت من جسم ومن صحة ....... لو ومن فتى نام إلى الفجر
والموت لا يؤمن خطفاته ....... يكون في ظلم الليل إذا يسري

المقصد السادس: بيان آداب تلاوة القرآن

المقاصد الفرعية:


آداب تلاوة القرآن المتعلقة بالقارئ

1: السواك ،وفيه عدة مسائل :
- ماهو السواك: والاختيار في السواك: أن يكون بعود من أراك.
-ما يقوم مقام السواك: ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك.
-حكم التسوك بالإصبع:وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى:
أشهرها: أنه لا يحصل.
والثاني: يحصل.
الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد.
-طريقة التسوك :ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، وينوي به الإتيان بالسنة.قال الماوردي من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا.
-الذكر المشروع عند التسوك: قال بعض العلماء: يقول عند الاستياك: اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين.
-نوع السواك من حيث الرطوبة واليبوسة: ينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة، قال: فإن اشتد يبسه لينه بالماء.
-حكم استعمال سواك غيره:ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.
-حكم قراءة القرآن إن كان فمه نجسا بدم أوغيره:وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم؟ قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده: يحتمل وجهين، والأصح لا يحرم.


2:الطهارة،وفيه مسائل:
-حكم قراءة القرآن على طهارة:يستحب أن يقرأ وهو على طهارة
-حكم قراءة القرآن وهو محدث:فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين، والأحاديث فيه كثيرة معروفة، قال إمام الحرمين: ولا يقال: ارتكب مكروها، بل هو تارك للأفضل.
-حكم من لم يجد الماء للتطهر: فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث.
-حكم قراءة الجنب والحائض للقرآن :وأما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به، ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب.
-حكم ترديد الأذكار للجنب والحائض: أجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار، للجنب والحائض.
-حكم قول آي القرآن من غير قصد للقراءة للحائض والجنب: إن قالا لإنسان: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" وقصد به غير القرآن فهو جائز، وكذا ما أشبهه، ويجوز لهما أن يقولا عند المصيبة: "إنا لله وإنا إليه راجعون" إذا لم يقصدا القراءة.
ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"، وعند الدعاء: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" إذا لم يقصدا القراءة.
قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب: بسم الله والحمد لله، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته، كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة".
-حكم إذالم يجد الجنب أو الحائض ماء : تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما، فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث.
-حكم إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا : فإنه لا يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب.
-هل يحرم عليه قراءة الفاتحة؟ فيه وجهان:
الصحيح المختار: أنه لا يحرم، بل يجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة.
والثاني: لا يجوز، بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا، والصواب الأول.

3:الخشوع والسكينة والوقار، ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه فهذا هو الأكمل.
-حكم القراءة قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال : جاز وله أجر ولكن دون الأول،
قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
وثبت في الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "إني أقرأ القرآن في صلاتي، وأقرأ على فراشي".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير".


آداب تلاوة القرآن المتعلقة بالمكان
1:نظافة المكان،وفيه عدة مسائل:
-يستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار.
-سبب فضيلة قراءة القرآن في المسجد: استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة، ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف.
-نية الأعتكاف عند دخول المسجد: ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
-حكم القراءة في الحمام:
فقد اختلف السلف في كراهيتها،ق1: لا يكره، ونقله الإمام المجمع على جلالته أبو بكر بن المنذر في الأشراف، عن إبراهيم النخعي ومالك، وهو قول عطاء،
ق2:وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه عنه ابن أبي داود.
الدليل: قال الشعبي:"تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات والحشوش وبيوت الرحى وهي تدور"، وعن أبي ميسرة، قال: "لا يذكر الله إلا في مكان طيب"، والله أعلم.

-حكم القراءة في الطريق:فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط،
الدليل :وروى أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق، وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.

2:استقبال القبلة:
-يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقل القبلة.
الدليل :فقد جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة)).



آداب تلاوة القرآن المتعلقة حال القراءة
1:الاستعاذة:وفيه مسائل:
-مكان الاستعاذة:
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء.
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ،
-صيغة التعوذ :
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء،وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ولا بأس بهذا، ولكن الاختيار هو الأول.
حكم التعوذ :
مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.
-حكم قراءة البسملة:
يجب أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين.


2:التدبر والخشوع عند القراءة.

-إذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، وأشهر وأظهر من أن تذكر، فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة، وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة.

استحباب ترديد الآية للتدبر:
الأدلة:
-عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
-وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
-عن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو، ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها.

3:البكاء
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف،
- فمن ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)).
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فتدل على تكريره منه، وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف.
- وعن أبي رجاء، قال: "رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع".
- وعن أبي صالح، قال: قدم ناس من أهل اليمن على ابي بكر الصديق رضي الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هكذا كنا".
- وعن هشام، قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة".
والآثار في هذا كثيرة لا يمكن حصرها.

- حكم البكاء مع القراءة وعندها :
قال الإمام أبو حامد الغزالي: البكاء مستحب مع القراءة وعندها،
-طريقه في تحصيله:
أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.

4:الترتيل، وفيه مسائل:
-حكم الترتيل:
وقد اتفق العلماء -رضي الله عنهم- على استحباب الترتيل، قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}.
وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن معاوية بن قرة رضي الله عنه، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته) رواه البخاري ومسلم.
وعن مجاهد، أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران، والآخر البقرة وحدها، وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء، فقال: (الذي قرأ البقرة وحدها أفضل).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله".

-حكم الإسراع في القراءة وما يسمى:
وقد نهي عن الإفراط في الإسراع، ويسمى الهذرمة، فثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال عبد الله بن مسعود: (هكذا هكذا الشعر، إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع القلب فرسخ فيه نفع) رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم في إحدى رواياته.
-حكم الترتيل للأعجمي مع ذكر السبب:
يستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه، لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب.


-السؤال عند آية رحمة أو عذاب:
1:حكمه :
يستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلت عظمة ربنا.
2:الدليل:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ ترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ) رواه مسلم في صحيحه، وكانت سورة النساء في ذلك الوقت مقدمة على آل عمران.


احترام القرآن
-اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه، وليمتثل قد قول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
-عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه، ذكره في كتاب التفسير في قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم}.
- العبث باليد وغيرها، فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
-النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن.

بعض مسائل قراءة القرآن

1:حكم قراءة القرآن بالعجمية:
ق1:لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها، سواء كان في الصلاة أم في غيرها، فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته هذا مذهبنا.
ق2: مذهب مالك وأحمد وداود وأبو بكر بن المنذر.
ق3: قال أبو حنيفة: يجوز ذلك وتصح به الصلاة.
ق4: قال أبو يوسف ومحمد: يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية، ولا يجوز لمن يحسنها.

2:حكم قراءة بالقراءات السبع
وتجوز قراءة القرآن بالقراءات السبع المجمع عليها.
حكم القراءة بالروايات الشاذة:
ولا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة.



3:أفضلية قراءة القرآن من المصحف:
إنه يختلف باختلاف الأشخاص، فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهر القلب، ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن لم يكمل بذلك خشوعه ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف، لكان هذا قولا حسنا>

4:استحباب قراءة الجماعة مجتمعين
قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، أنه قال: ((ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده)) صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

-السلام أثناء قراءة القرآن:
- إذا كان يقرأ ماشيا فمر على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع إلى القراءة، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ولو كان يقرأ جالسا فمر عليه غيره؛ فقد قال الإمام أبو الحسن الواحدي: الأولى ترك السلام على القارئ لاشتغاله بالتلاوة، قال: فإن سلم عليه إنسان كفاه الرد بالإشارة، قال: فإن أراد الرد باللفظ رده ثم استأنف الاستعاذة وعاود التلاوة، وهذا الذي قاله ضعيف، والظاهر وجوب الرد باللفظ، فقد قال أصحابنا: إذا سلم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة وقلنا الإنصات سنة وجب له رد السلام على أصح الوجهين، فإذا قالوا هذا في حال الخطبة مع الاختلاف في وجوب الإنصات وتحريم الكلام، ففي حال القراءة التي لا يحرم الكلام فيها بالإجماع أولى، مع أن رد السلام واجب بالجملة، والله أعلم.

-العطس أثناء القراءة:
- وأما إذا عطس في حال القراءة فإنه يستحب أن يقول: الحمد لله، وكذا لو كان في الصلاة، ولو عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة وقال: الحمد لله يستحب للقارئ أن يشمته فيقول: يرحمك الله،
-ترديد الآذان أثناء القراءة:
ولو سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته، وهذا متفق عليه عند أصحابنا.
-إجابة السؤال أثناء القراءة:
- وأما إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة وأمكنه جواب السائل بالإشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا يحصل عليه شيء من الأذى للأنس الذي بينها بينهما ونحوه فالأولى أن يجيبه بالإشارة ولا يقطع القراءة، فإن قطعها جاز، والله أعلم.

في الأوقات المختارة للقراءة
الأوقات المختارة للقراءة في الصلاة وخارجها:
-أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود.
-أما القراءة في غير الصلاة؛ فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة.
الأوقات المختارة للقراءة في اليوم والليلة:
-القراءة في النهار؛ فأفضلها بعد صلاة الصبح، ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه، وأما ما رواه ابن أبي داود، عن معاذ بن رفاعة، عن مشايخه، أنهم كرهوا القراءة بعد العصر، وقالوا: هي دراسة اليهود، فغير مقبول ولا أصل له.
الأوقات المختارة للقراءة في الأيام والأعشار والشهور :
ويختار من الأيام: الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة، ومن الأعشار: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة، ومن الشهور: رمضان.

بعض الآداب المتعلقة بالقراءة:
-إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي وبشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم، قالوا: (إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت، ولا يقول: كيف كذا وكذا، فإنه يلبس عليه).

-إذا أراد أن يستدل بآية فله أن يقول: قال الله تعالى كذا، وله أن يقول: الله تعالى يقول كذا، ولا كراهة في شيء من هذا، هذا هو الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف.
وروى ابن أبي داود، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي المشهور، قال: "لا تقولوا: إن الله تعالى يقول، ولكن قولوا: إن الله تعالى قال"، وهذا الذي أنكره مطرف رحمه الله خلاف ما جاء به القرآن والسنة وفعلته الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم، فقد قال الله تعالى: {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.
وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله سبحانه وتعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)).

الإدارة بالقرآن
وفيه مسائل:
-معناه:
وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك ثم يسكت، ويقرأ الأخر من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر

حكمه :
جائز حسن، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه، فقال: لا بأس به.

رفع الصوت بالقراءة وخفضه

1:الجمع بين أدلة استحباب رفع الصوت واستحباب خفض الصوت
وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا: أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر ورفع الصوت أفضل، لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والمتعدي أفضل من اللازم، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه، قالوا: فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر،
وأما الآثار المنقولة فكثيرة، وأنا أشير إلى أطراف من بعضها.
2:الأدلة:
- ثبت في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) رواه البخاري ومسلم، ومعنى ((أذن)): استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة))، ورواه مسلم من رواية بريد بن الحصيب.

: استحباب تحسين الصوت بالقراءة
1:حكمه:
أجمع العلماء رضي الله عنهم من السلف والخلف من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار أئمة المسلمين، على استحباب تحسين الصوت بالقرآن
2:الأدلة:
حديث: ((زينوا القرآن بأصواتكم))، وحديث: ((لقد أوتي هذا مزمارا))، وحديث: ((ما أذن الله))، وحديث: ((لله أشد أذنا)).

أحوال تكره فيها القراءة

- فتكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام،
- وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام،
- وتكره حالة القعود على الخلاء،
- وفي حالة النعاس،
- وكذا إذا استعجم عليه القرآن،
- وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها، ولا تكره لمن لم يسمعها بل تستحب، هذا هو المختار الصحيح،

مسائل غريبة تدعو الحاجة إليها
- منها: أنه إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي أن يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ثم يعود إلى القراءة ، كذا رواه ابن أبي داود وغيره عن عطاء، وهو أدب حسن.
- ومنها: أنه إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ، قال مجاهد، وهو حسن، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل)) رواه مسلم.
- ومنها: أنه إذا قرأ قول الله عز وجل: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصاري المسيح ابن الله}، {وقالت اليهود يد الله مغلولة}، {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} ونحو ذلك من الآيات، ينبغي أن يخفض بها صوته، كذا كان إبراهيم النخعي رضي الله عنه يفعل،


آداب الختم وما يتعلق به
فيه مسائل:
1: وقته؛
الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة، وأنه قيل: يستحب أن يكون في ركعتي سنة الفجر وركعتي سنة المغرب، وفي ركعتي الفجر أفضل، وأنه يستحب أن يختم ختمة في أول النهار في دور، ويختم ختمة أخرى في آخر النهار في دور آخر، وأما من يختم في غير الصلاة والجماعة الذين يختمون مجتمعين فيستحب أن تكون ختمتهم يقول أول النهار أو في أول الليل كما تقدم، وأول النهار أفضل عند بعض العلماء.
2:حكم صيام يوم الختم
يستحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه، وقد روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن طلحة بن مطرف وحبيب بن أبي ثابت والمسيب بن رافع التابعيين الكوفيين رضي الله عنهم أجمعين، كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياما.

3: حضور مجلس الختم
يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن، فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس، فيشهد ذلك.
وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين، عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي الله عنه، قال: "كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا".

4:الدعاء عند ختم القرآن
حكمه :الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا، عن حميد الأعرج، قال: "من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربعة آلاف ملك".
آدابه :
ينبغي أن يلح في الدعاء وأن يدعو بالأمور المهمة، وأن يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري بإسناده، أن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمنين والمؤمنات، وقد قال نحو ذلك غيره،
بعض الأدعية المستحبة أن تقال عند الختم :
يختار الداعي الدعوات الجامعة، كقوله: اللهم أصلح قلوبنا وأزل عيوبنا وتولنا بالحسنى وزينا بالتقوى واجمع لنا خير الآخرة والأولى وارزقنا طاعتك ما أبقيتنا ، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعذنا من عذاب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى، اللهم إنا نستودعك أدياننا وأبداننا وخواتيم أعمالنا وأنفسنا وأهلينا وأحبابنا وسائر المسلمين وجميع ما أنعمت علينا وعليهم من أمور الآخرة والدنيا ، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة واجمع بيننا وبين أحبابنا في دار كرامتك بفضلك ورحمتك ، اللهم أصلح ولاة المسلمين ووفقهم للعدل في رعاياهم والإحسان إليهم والشفقة عليهم والرفق بهم والاعتناء بمصالحهم وحببهم إلى الرعية وحبب الرعية إليهم ووفقهم لصراطك الذي المستقيم والعمل بوظائف دينك القويم ، اللهم الطف بعبدك سلطاننا ووفقه لمصالح الدنيا والآخرة وحببه إلى رعيته وحبب الرعية إليه.
-فتح الدعاء وختمه:
يفتح دعاءه ويختمه بقوله: الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

-حكم تكرار ختم القرآن:
يستحب إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختمة، فقد استحبه السلف واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الأعمال الحل والرحلة))، قيل: وما هما؟ قال: ((افتتاح القرآن وختمه)).


المقصد السابع :الآداب والأحكام المتعلقة بالناس عامة مع القرآن.

المقاصد الفرعية:

مذهب أهل السنة والجماعة في القرآن:
وجوب الإيمان بالقرآن على أنه المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق:وقد أجمع المسلمون على ذلك.

وجوب النصيحة للقرآن:

ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه، عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))،قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
*تتحقق النصيحة لكتاب الله عبر المقاصد التالية:
قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي
1-الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم.
2-تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة
3-الذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين
4-التصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه
5-العمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه
6-نشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.

وجوب تعظيم القرآن:

أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته.

- كفر من جحد حرفا من القران أو زاد حرفا وهو عالم بذلك:
أجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر.
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين ، وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل أو كتب الله المنزلة أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر.
وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر، قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر.
وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة

-كفر من استهزأ بالقرآن أو سبه ولعنه:
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين
وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.

حرمة تفسير القرآن بغير علم:

ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه، وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه، فمن كان أهلا للتفسير جامعا للأدوات حتى التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك، وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.

- تفسير القرآن بالرأي وأقسام المفسرين برأيهم :

المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام:
1-منهم من يحتج بأنه على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه ،
2-منهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله ،
3-منهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.
ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به، فهذا كله تفسير بالرأي، وهو حرام، والله أعلم.

حرمة المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق:

يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق، فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر))، قال الخطابي: المراد بالمراء الشك، وقيل: الجدال المشكك فيه، وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها.

آداب عامة متعلقة بالقرآن :
*ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟
*كراهة قول نسيت آية كذا:يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
فقد ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).
وأما ما رواه ابن أبي داود، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل، أنه قال: "لا تقل: أسقطت آية كذا، قل: أغفلت"، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح، فالاعتماد على الحديث، وهو جواز (أسقطت) وعدم الكراهة فيه أولى.

*جواز قول سورة البقرة وآل عمران وكذا:
يجوز أن يقال: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا وقال: يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذا البواقي، والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.
*جواز قول قراءة فلان:
ولا يكره أن يقال: هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم، هذا هو المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار، وروى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان"، والصحيح ما قدمناه.

أحكام متعلقة بالكافر مع القرآن:
*جواز سماع الكافر للقرآن وامتناع مسه للمصحف:
لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}، ويمتنع من مس المصحف

*حكم تعليم القرآن للكافر:
هل يجوز تعليمه القرآن؟ قال أصحابنا: إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه، وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان.

المقصد الثامن: بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة.

المقاصد الفرعية:

-الآيات المستحبة قراءتها في الصلاة

-أ-في الصلوات المفروضة:
1-السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة {ألم تنزيل} بكمالها، وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} بكمالها، ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة، بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما ويدرج قراءته مع ترتيل.
2-السنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها، وإن شاء {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية {هل أتاك حديث الغاشية}، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليتجنب الاقتصار على البعض، وليفعل ما قدمناه.

-ب- في الصلوات الغير مفروضة:
السنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق، وفي الثانية سورة الساعة بكمالها، وإن شاء "سبح"، و"هل أتاك"، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليجتنب الاقتصار على البعض.

-ج-في السنن:
-يقرأ في ركعتي سنة الفجر بعد الفاتحة الأولى {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثانية {قل هو الله أحد}، وإن شاء قرأ في الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية، وفي الثانية {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}، فكلاهما صحيح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-يقرأ في سنة المغرب {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}، ويقرأ بهما أيضا في ركعتي الطواف، وركعتي الاستخارة.
-يقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.

الآيات المستحبة قراءتها عند المريض
-قراءة سورة الفاتحة:
يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيها: ((وما أدراك أنها رقية)).

-قراءة سورة الإخلاص والفلق والناس :
يستحب أن يقرأ عنده {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} مع النفث في اليدين، فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الآيات المستحبة قراءتها عند الميت
- قراءة سورة يس:
مستحب، لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا يس على موتاكم))، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجه بإسناد ضعيف.
-قراءة سورة البقرة :
وروى مجالد، عن الشعبي، قال: كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرؤوا سورة البقرة، ومجالد ضعيف، والله أعلم.

الآيات المستحبة قراءتها عند النوم

يستحب أن يقرأ عند النوم آية الكرسي و{قل هو الله أحد} والمعوذتين وآخر سورة البقرة، فهذا مما يهتم له ويتأكد الاعتناء به، فقد ثبت فيه أحاديث صحيحة عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه))، قال جماعة من العلماء: كفتاه من قيام الليل، وقال آخرون: كفتاه المكروه في ليلته.
وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يقرأ {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، وقد قدمناه في فصل النفث بالقرآن.
وروى عن أبي داود بإسناده، عن علي كرم الله وجهه، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي).
وعن علي رضي الله عنه أيضا، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة) إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمر بك ليلة إلا قرأت فيها {قل هو الله أحد} والمعوذتين))، فما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤهن.
وعن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات: {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، إسناده صحيح على شرط مسلم.
وعن إبراهيم أيضا: (كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين).
وعن عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل)، رواه الترمذي، وقال: حسن.

الآيات المستحبة قراءتها في اليوم والليلة

1-يستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن، وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه.
2- أن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة، فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة)، رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3-يستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وغيره فيه.
قال الإمام الشافعي في الأم: ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة، ودليل هذا ما رواه أبو محمد الدارمي بإسناده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق).
وذكر الدارمي حديثا في استحباب قراءة سورة هود يوم الجمعة، وعن مكحول التابعي الجليل استحباب قراءة آل عمران يوم الجمعة.

الأحوال التي ينبغي الاعتناء بها والسور التي ينبغي الإكثار من قراءتها
فمن ذلك: السنة كثرة الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي العشر آكد، وليالي الوتر منه آكد، ومن ذلك العشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة، وبعد الصبح، وفي الليل.
وينبغي أن يحافظ على قراءة "يس" والواقعة وتبارك الملك.


المقصد التاسع : أحكام متفرقة في كتابة القرآن وإكرام واحترام المصحف وحكم بعض الصور التي تُخالف إكرام المصاحف.

المقاصد الفرعية:

كتابة القرآن
-اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه.

1-حكم تنقيط المصحف وتشكيله :
يستحب نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه، وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك، والله أعلم.
2-مسائل كتابة القرآن:
-حكم كتابة القرآن بشيء نجس:
لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس.

-حكم كتابة القرآن على الجدران:
وتكره كتابته على الجدران عندنا.

-حكم كتابة القرآن على الأطعمة:
إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها.

-حكم كتابة القرآن على خشبة:
إذا كتب على خشبة كره إحراقها.


-حكم كتابة القرآن في لوح :
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

في إكرام واحترام القرآن

-حكم امتهان المصحف:
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه، قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا.

-حكم توسد المصجف وآحاد كتب العلم:
قالوا: ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.

-حكم القيام للمصحف:
ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: (كتاب ربي، كتاب ربي).

-حكم السفر بالمصحف لأرض العدو:
تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.

أحكام المحدث والحائض والجنب والمجنون والصبي غير المميز في مس المصحف

-حكم مس المجنون والصبي الغير مميز للمصحف:
ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله.

-حكم مس المحدث المصحف وحمله:
يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وهو ضعيف.

حكم تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه:
ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أظهرهما: جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل، والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع،
وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.


-حكم إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة:
فحرام، وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.



-حكم مس المحدث والجنب والحائض شيء فيه آيات القرآن من ثوب أو كتب أو دنانير أو غيره.
إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض الثياب المطرزة بالقرآن
وقال أقضى القضاة أبو حسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن، ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته، بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها، وهذا هو الصواب، والله أعلم.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض كتب تفسير القرآن"
فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض كتب الحديث
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة، وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب، وفيه وجه أنه يحرم، وهو الذي في كتب الفقه.
-حكم مس المحدث والجنب والحائض الآيات المنسوخ تلاوته
وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله، قال أصحابنا: وكذلك التوراة والإنجيل.

لطهارة لحمل المصحف

-حكم من لم يجد الماء للطهارة.
من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف، سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز التيمم له.
وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له مس المصحف لأنه محدث جوزنا له الصلاة للضرورة، ولو كان معه مصحف .

-حكم حمل المصحف لغير طاهر للضرورة.
ولم يجد من يودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة، قال القاضي أبو الطيب: ولا يلزمه التيمم، وفيما قاله نظر، وينبغي أن يلزمه التيمم، أما إذا خاف على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع في نجاسة أو حصوله في يد كافر فإنه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.


-حكم تعليم الصبي الطهارة لحمل المصحف ؟
فيه وجهان مشهوران، أصحهما عند الأصحاب: لا يجب للمشقة.

بيع المصحف وشراؤه
-حكم بيع المصحف وشراؤه؟
ق1:يصح بيع المصحف وشراؤه، ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا، أصحهما وهو نص الشافعي: أنه يكره،
ومن قال لا يكره بيعه وشراؤه: الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس.
ق2:وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد.
وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.
ق3:وذهبت طائفة إلى الترخيص في الشراء وكراهة البيع، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله عنهم أجمعين، والله أعلم.


-حكم بيع المصحف من الذمي:
ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه.

خصص المؤلف - رحمه الله - في نهاية الكتاب بابا في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 شعبان 1436هـ/26-05-2015م, 11:53 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة حافظ مشاهدة المشاركة
المقصد الكلي لكتاب التبيان في آداب حملة القرآن

بيان فضل القرآن وأصحابه وإكرام الله لحملته والتحذير من آذاهم، وذكر جملة من آداب تعلّمه وتلاوته وتعليمه وأحكام متفرقة في إكرام واحترام المصحف.

درجة المقصد الكلي = 10 / 10
أحسنتِ أختي الفاضلة ، زادكِ الله من فضله.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 12:23 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة حافظ مشاهدة المشاركة
المقاصد الفرعية للكتاب :

1: بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن.
2: فضل تلاوة القرآن على غيره من الأذكار، وتقديم قارئ القرآن في الشؤون الدينية والدنيوية.
3: بيان إكرام الله لحملة القرآن ،والتحذير من آذاهم. [ أذاهم ]
4:بيان في آداب معلم القرآن ومتعلمه
5:آداب حامل القرآن في أخلاقه وعبادته وتعامله مع القرآن وتعامله مع الناس
6: بيان آداب تلاوة القرآن.
7:الآداب والأحكام المتعلقة بالناس عامة مع القرآن.
8:بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة.
9:أحكام متفرقة في إكرام واحترام المصحف وحكم بعض الصور التي تُخالف إكرام المصاحف.
خصص المؤلف -رحمه الله - في نهاية الكتاب بابا في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها.




التلخيص :


"]المقصد الأول :بيان فضل القرآن، وفضل تعلّمه وتلاوته وتعليمه، وفضل أصحاب القرآن. [/
المقاصد الفرعية:
[ في العرض النهائي للكتاب ككل ، تكون مقاصد الأبواب الكلية = مقاصد فرعية للكتاب ، والمقاصد الفرعية للأبواب = مسائل تحت المقاصد الفرعية للكتاب ؛ أي أن " بيان فضل القرآن " هنا مسألة بالنسبة للكتاب ككل ]
بيان فضل القرآن
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذب قلبا وعي القرآن، وإن هذا القرآن مأدبة الله؛ فمن دخل فيه فهو آمن، ومن أحب القرآن فليبشر)) رواه الدارمي.

بيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري.
- قال الحميدي الجمالي: سألت سفيان الثوري عن الرجل يغزو أحب إليك أو يقرأ القرآن؟ فقال: "يقرأ القرآن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))".

بيان فضل تلاوة القرآن
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول {ألم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يقول سبحانه وتعالى: [من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين] وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه)) رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

بيان فضل صاحب القرآن
- قال الله عز وجل: {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور * ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور}.
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا)) رواه أبو داود.
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا القرآن؛ فإن الله تعالى لا يعذّب قلباً وعى القرآن)) رواه الدارمي.

فضل الماهر بالقرآن، وبيان ثواب الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق
- وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران)) رواه البخاري وأبو الحسين مسلم بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما.

رفعة أهل القرآن في الدنيا والآخرة
- عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين)) رواه مسلم.
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

شفاعة القرآن لأصحابه يوم القيامة
- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم.

غبطة صاحب القرآن
- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في إثنتين؛ رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) رواه البخاري ومسلم.

ذمّ من ليس في جوفه شيء من القرآن
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح .

"]المقصد الثاني : فضل تلاوة القرآن على غيره من الأذكار، وتقديم قارئ القرآن في الشؤون الدينية والدنيوية.
[/



المقاصد الفرعية:

-تقديم القارئ على غيره في أمور الدين مثل:الإمامة
الدليل:عن أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى)) رواه مسلم.

-تقديم القارئ على غيره في أمور الدنيا مثل :المشورة
الدليل:عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته كهولا وشبابا) رواه البخاري في صحيحه

-أفضلية القرآن على ما سواه من الذكر مطلقا:
قال الامام النووي -رحمه الله-:واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه من يعتمد من العلماء: أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل وغيرهما من الأذكار، وقد تظاهرت الأدلة على ذلك، والله أعلم.

"]المقصد الثالث : بيان إكرام الله لحملة القرآن ،والتحذير من آذاهم.
[/]

المقاصد الفرعية:

أسباب تعظيم أهل القرآن:
1-من تعظيم شعائر الله ،قال الله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}.
2-من تعظيم حرمات الله. وقال الله تعالى: {ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}.
3-فيه إجلال لله تعالى ،عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
4- أن العلماء داخلون في معنى الحديث : " من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب "
[ لو بينتِ وجه الاستدلال بكل دليل أعلاه لكان ذلك أفضل ؛ بمثل ما فعلتِ في الدليل الرابع ]

-عقاب آذية [ أذية ] أهل القرآن
1-الإثم والمعصية:قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}.
2- حرب من الله ،عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل قال: [من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب])) رواه البخاري.
3- أن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}كما ذكره ابن عساكر
[ أحسنتِ ]


-كيفية إكرام أهل القرآن
1-خفض الجناح،قال تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
2-عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) رواه أبو داود في سننه، والبزار في مسنده.
3- يقدم أهل القرآن عند الدفن ،عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذا للقرآن؟))، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد، رواه البخاري.

مكانة أهل القرآن
1- أنهم من أولياء الله ،عن الإمامين الجليلين أبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهما، قالا: "إن لم يكن العلماء أولياء الله فليس لله ولي".

المقصد الرابع : بيان الآداب التي يجب أن يتحلى بها معلم القرآن ومتعلمه.

المقاصد الفرعية:

-آداب عامة لمعلم القرآن ومتعلمه
- التحلي بالإخلاص
* الإخلاص شرط كل عبادة ومنها تعلم القرآن وتعليمه
أول ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} أي: الملة المستقيمة.
- وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.

* الإخلاص سبب في العطاء الرباني ومنه العطاء في القرآن
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"،وعن غيره:"إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".

* عقوبة انتفاء الإخلاص عن المعلم والمتعلم
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح.
- وعن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).

* مظاهر الإخلاص في الإقراء
- أن لا يبتغي بإقراءه عرضا من الدنيا.
- أن لا يطمع في رفقة من يقرأ عليه.
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}، وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد} الآية.
- أن لا يقصد بإقراءه تكثير المشتغلين به.
- أن لا يكره قراءة أصحابه على غيره.
قال النووي في التبيان: (وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به، وهذه مصيبة يبتلى بها بعض المعلمين الجاهلين، وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته، بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم...).

- آداب المعلم والمتعلم في نفسه
* أن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته، وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى.
* الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها.
* ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع.
* أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره.
- فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
* الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
قال النووي في التبيان: (وطريقه في نفي العجب: أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله، ولا ينبغي أن يعجب بشيء لم يخترعه بل أودعه الله تعالى فيه،
وطريقه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها).
* السخاء والجود ومكارم الأخلاق.
* طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة.

آداب خاصة بمعلم القرآن
- آداب المعلم مع العلم عامة ومع القرآن خاصة.
* أن لا يذل العلم.
قال الإمام النووي في التبيان: (أن لا يذل العلم فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة).أ.ه

- آداب المعلم مع طلابه
*الرفق والترحيب بهم.
فعن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.

* بذل النصيحة لهم
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))رواه مسلم.
ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه: إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته.

* الشفقة عليهم، والاعتناء بهم.
قال الإمام النووي في التبيان: (وينبغي أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه...).

* أن يحب لهم ما يحب لنفسه.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت"وفي رواية:"إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني".

* التواضع واللين لهم.
فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله، قال: "ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل".

* تأديبه لهم.
قال الإمام النووي في التبيان: (وينبغي أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية، ويعوده الصيانة في جميع أموره الباطنة والجلية...).

* حرصه على تعليمهم.

* أن لا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية.
قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

* تقديمه الأول فالأول.
قال الإمام النووي في التبيان: (ويقدم في تعليمهم إذا ازدحموا الأول فالأول، فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه).

* يتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

- آداب المعلم في الحلقة
* يصلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره.
* يقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار.
* يجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
* يصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة.
* أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سننه.

آداب خاصة بمتعلم القرآن
آداب الطالب مع العلم عامة ومع القرآن خاصة
* أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة.

* يتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:

العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي

* أن يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها.
* أن يجتهد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا".
* أن لا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير.
* أن لا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل.
* وينبغي أن يحافظ على قراءة محفوظه.
* أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القرب.
* أن لا يأخذ العلم إلا ممن ظهرت أهليته وديانته.
فعن محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم".

آداب الطالب مع شيخه
* أن يتواضع لمعلمه.

* أن يتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا.
وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".

* أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله.

* أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلبه، وأن يغتنم أوقات نشاطه.

* أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته.

* وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إليه.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
وقد أحسن من قال:
من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا
* أن يرد غيبة شيخه إن قدر، فإن تعذر عليه ردها فارق ذلك المجلس.

* أن لا يفتش عن عيوب شيخه.
فقد كان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني".

آداب الطالب مع زملائه
* أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه.
* ألا يحسد أحدا من رفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه الله إياها.

آداب الطالب في الحلقة
* أن يبكر إلى الحلقة أول النهار.
لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).

* أن يكون فارغ القلب من الأمور الشاغلة.

* أن لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان.

* أن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخص شيخه دونهم بالتحية.
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية.."

* أن لا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم.

* أن لا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك.

* أن لا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.
* أن لا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة.
* أن لا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة.
* أن لا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة.
* أن يقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين.
[ أحسنتِ أختي الفاضلة ، ولو لونتِ كل عنوان فرعي للمسألة السابقة بلون مميز لكان أفضل ]

المقصد الخامس :آداب حامل القرآن في أخلاقه وعبادته وتعامله مع القرآن وتعامله مع الناس

المقاصد الفرعية:

الصفات والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها صاحب القرآن
1- أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن.
2- وأن يكون مصونا عن دني الاكتساب شريف النفس مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا
3- متواضعا للصالحين وأهل الخير والمساكين، وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار، فقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: "يا معشر القراء! ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق، فاستبقوا الخيرات لا تكونوا عيالا على الناس".
4- أن يظهر أثر القرآن على حامله في جميع أحواله من نوم وصوم وفرح وحزن ،عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصحته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون".
5-تدبر القرآن، عن الحسن بن علي رضي الله عنه، قال: "إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها في النهار".
6-أن يكون مترفع عن الأمور الدنيوية من لهو وسهر ولغو، عن الفضيل بن عياض، قال: "ينبغي لحامل القرآن أن لا تكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم"، وعنه أيضا، قال: "حامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن".


النهي والحذر من أخذ الأجرة والتكسب بالقرآن
- أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن معيشة يكتسب بها، فقد جاء عن عبد الرحمن بن شبيل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن، ولا تأكلوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه)).
-وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)) رواه بمعناه من رواية سهل بن سعد، معناه: يتعجلون أجره إما بمال وإما سمعة ونحوها.
-وعن فضيل بن عمرو رضي الله عنه، قال: دخل رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا، فلما سلم الإمام، قام رجل فتلا آيات من القرآن ثم سأل، فقال أحدهما: إنا لله وإنا إليه راجعون، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيجيء قوم يسألون بالقرآن، فمن سأل بالقرآن فلا تعطوه))، وهذا الإسناد منقطع [ هنا نقول : قال النووي : وهذا الإسناد منقطع ؛ فلابد من بيان من حكم على الحديث تصحيحًا أو تضعيفًا ] ، فإن الفضل بن عمرو لم يسمع الصحابة.

وفيه مسألة:
حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه:
ق1: فحكى الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه من جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة.
الدليل :واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت، أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن، فأهدى له قوسا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها))، وهو حديث مشهور رواه أبو داود وغيره، وبآثار كثيرة عن السلف.
ق2: وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه، وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سيرين.
الدليل:أجاب المجوزون عن حديث عبادة بجوابين:
أحدهما: أن في إسناده مقالا.
والثاني: أنه كان تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا، ثم أهدي إليه على سبيل العوض، فلم يجز له الأخذ، بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم، والله أعلم.
ق3: وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلى جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة، وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة.

المحافظة على القراءة بالليل

-ينبغي أن يكون اعتناؤه بقراءة الليل أكثر، قال الله تعالى: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين}.
- وثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)).
- وفي الحديث الآخر من الصحيح، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه)).
- وروى الطبراني وغيره، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((شرف المؤمن قيام الليل))، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة.
- وقد جاء عن أبي الأحوص الحبشي، قال: "إن كان الرجل ليطرق الفسطاط طروقا -أي: يأتيه ليلا- فيسمع لأهله دويا كدوي النحل"، قال: "فما بال هؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
- وعن إبراهيم النخعي، كان يقول: "اقرؤوا من الليل ولو حلب شاة".
- وعن يزيد الرقاشي، قال: "إذا أنا نمت ثم استيقظت ثم نمت فلا نامت عيناي".

-سبب ترجيح صلاة الليل وقراءته:
وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات روى والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث: ((ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل، فيقول: [هل من داع فأستجيب له])) الحديث.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة)).
وروى صاحب بهجة الأسرار بإسناده، عن سليمان الأنماطي، قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام يقول شعرا:
لولا الذين لهم ورد يقومونا ........ ولم وآخرون لهم سرد يصومونا
لدككت أهل أرضكم من تحتكم سحرا ....... حديث لأنكم قوم سوء ما تطيعونا

-بما تحصل فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه:
واعلم أن فضيلة القيام بالليل والقراءة فيه تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر كان أفضل،ومما يدل على حصوله بالقليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقسطين)) رواه أبو داود وغيره.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما".

-حكم استيعاب الليل كله :
استيعاب الليل كله فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.

تعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان
- ثبت عن أبي موسى الأشرعي يا رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((تعاهدوا هذا القرآن؛ فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها)) رواه البخاري ومسلم.
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) رواه مسلم والبخاري.

-عقوبة من نسي القرآن ولو آية:
- أعظم الذنوب :عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه أبو داود والترمذي وتكلم فيه.

- الإصابة بالجذام يوم القيامة :عن سعد بن عبادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو أجذم)) رواه أبو داود والدارمي.

من نام عن ورده من القرآن

- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنه قرأه من الليل)) رواه مسلم.
- وعن سليمان بن يسار، قال: قال أبو أسيد رضي الله عنه: "نمت البارحة عن وردي حتى أصبحت فلما أصبحت استرجعت وكان وردي سورة البقرة فرأيت في المنام كأن بقرة تنطحني" رواه ابن أبي داود.
- وعن ابن أبي الدنيا، عن بعض حفاظ القرآن، أنه نام ليلة عن حزبه فأري في منامه كأن قائلا يقول له:
عجبت من جسم ومن صحة ....... لو ومن فتى نام إلى الفجر
والموت لا يؤمن خطفاته ....... يكون في ظلم الليل إذا يسري

المقصد السادس: بيان آداب تلاوة القرآن

المقاصد الفرعية:


آداب تلاوة القرآن المتعلقة بالقارئ

1: السواك ،وفيه عدة مسائل :
- ماهو السواك: والاختيار في السواك: أن يكون بعود من أراك.
-ما يقوم مقام السواك: ويجوز بسائر العيدان وبكل ما ينظف كالخرقة الخشنة والأشنان وغير ذلك.
-حكم التسوك بالإصبع:وفي حصوله بالأصبع الخشنة ثلاثة أوجه لأصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى:
أشهرها: أنه لا يحصل.
والثاني: يحصل.
الثالث: يحصل إن لم يجد غيرها، ولا يحصل إن وجد.
-طريقة التسوك :ويستاك عرضا مبتدئا بالجانب الأيمن من فمه، وينوي به الإتيان بالسنة.قال الماوردي من أصحاب الشافعي: ويستحب أن يستاك في ظاهر الأسنان وباطنها، ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه وسقف حلقه إمرارا رفيقا.
-الذكر المشروع عند التسوك: قال بعض العلماء: يقول عند الاستياك: اللهم بارك لي فيه يا أرحم الراحمين.
-نوع السواك من حيث الرطوبة واليبوسة: ينبغي أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبوسة ولا شديد الرطوبة، قال: فإن اشتد يبسه لينه بالماء.
-حكم استعمال سواك غيره:ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه.
-حكم قراءة القرآن إن كان فمه نجسا بدم أوغيره:وأما إذا كان فمه نجسا بدم أو غيره فإنه يكره له قراءة القرآن قبل غسله، وهل يحرم؟ قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده: يحتمل وجهين، والأصح لا يحرم.


2:الطهارة،وفيه مسائل:
-حكم قراءة القرآن على طهارة:يستحب أن يقرأ وهو على طهارة
-حكم قراءة القرآن وهو محدث:فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين، والأحاديث فيه كثيرة معروفة، قال إمام الحرمين: ولا يقال: ارتكب مكروها، بل هو تارك للأفضل.
-حكم من لم يجد الماء للتطهر: فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهر حكمها حكم المحدث.
-حكم قراءة الجنب والحائض للقرآن :وأما الجنب والحائض فإنه يحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلبهما من غير تلفظ به، ويجوز لهما النظر في المصحف وإمراره على القلب.
-حكم ترديد الأذكار للجنب والحائض: أجمع المسلمون على جواز التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار، للجنب والحائض.
-حكم قول آي القرآن من غير قصد للقراءة للحائض والجنب: إن قالا لإنسان: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة" وقصد به غير القرآن فهو جائز، وكذا ما أشبهه، ويجوز لهما أن يقولا عند المصيبة: "إنا لله وإنا إليه راجعون" إذا لم يقصدا القراءة.
ويجوز أن يقولا عند ركوب الدابة: "سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين"، وعند الدعاء: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" إذا لم يقصدا القراءة.
قال إمام الحرمين: فإذا قال الجنب: بسم الله والحمد لله، فإن قصد القرآن عصى وإن قصد الذكر أو لم يقصد شيئا لم يأثم، ويجوز لهما قراءة ما نسخت تلاوته، كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة".
-حكم إذالم يجد الجنب أو الحائض ماء : تيمم، ويباح له القراءة والصلاة وغيرهما، فإن أحدث حرمت عليه الصلاة ولم تحرم القراءة والجلوس في المسجد وغيرهما مما لا يحرم على المحدث، كما لو اغتسل ثم أحدث.
-حكم إذا لم يجد الجنب ماء ولا ترابا : فإنه لا يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله، ويحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم عليه أن يقرأ في الصلاة ما زاد على فاتحة الكتاب.
-هل يحرم عليه قراءة الفاتحة؟ فيه وجهان:
الصحيح المختار: أنه لا يحرم، بل يجب، فإن الصلاة لا تصح إلا بها، وكلما جازت الصلاة لضرورة مع الجنابة يجوز القراءة.
والثاني: لا يجوز، بل يأتي بالأذكار التي يأتي بها العاجز الذي لا يحفظ شيئا من القرآن، لأن هذا عاجز شرعا فصار كالعاجز حسا، والصواب الأول.

3:الخشوع والسكينة والوقار، ويكون جلوسه وحده في تحسين أدبه وخضوعه كجلوسه بين يدي معلمه فهذا هو الأكمل.
-حكم القراءة قائما أو مضطجعا أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال : جاز وله أجر ولكن دون الأول،
قال الله عز وجل: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض}.
وثبت في الصحيح، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن"، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية: "يقرأ القرآن ورأسه في حجري".
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: "إني أقرأ القرآن في صلاتي، وأقرأ على فراشي".
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: "إني لا أقرأ حزبي وأنا مضطجعة على السرير".


آداب تلاوة القرآن المتعلقة بالمكان
1:نظافة المكان،وفيه عدة مسائل:
-يستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف مختار.
-سبب فضيلة قراءة القرآن في المسجد: استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعا للنظافة وشرف البقعة، ومحصلا لفضيلة أخرى وهي الاعتكاف.
-نية الأعتكاف عند دخول المسجد: ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف، وهذا الأدب ينبغي أن يعتني به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه.
-حكم القراءة في الحمام:
فقد اختلف السلف في كراهيتها،ق1: لا يكره، ونقله الإمام المجمع على جلالته أبو بكر بن المنذر في الأشراف، عن إبراهيم النخعي ومالك، وهو قول عطاء،
ق2:وذهب إلى كراهته جماعات منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رواه عنه ابن أبي داود.
الدليل: قال الشعبي:"تكره القراءة في ثلاثة مواضع: في الحمامات والحشوش وبيوت الرحى وهي تدور"، وعن أبي ميسرة، قال: "لا يذكر الله إلا في مكان طيب"، والله أعلم.

-حكم القراءة في الطريق:فالمختار أنها جائزة غير مكروهة إذا لم يلته صاحبها، فإن التهى عنها كرهت، كما كره النبي صلى الله عليه وسلم القراءة للناعس مخافة من الخلط،
الدليل :وروى أبو داود، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه كان يقرأ في الطريق، وروى عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أذن فيها.

2:استقبال القبلة:
-يستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقل القبلة.
الدليل :فقد جاء في الحديث: ((خير المجالس ما استقبل به القبلة)).



آداب تلاوة القرآن المتعلقة حال القراءة
1:الاستعاذة:وفيه مسائل:
-مكان الاستعاذة:
فإن أراد الشروع في القراءة استعاذ، فقال: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء.
وقال بعض العلماء: يتعوذ بعد القراءة، لقوله تعالى: {فإذا قرأت فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}، وتقدير الآية عند الجمهور: إذا أردت القراءة فاستعذ،
-صيغة التعوذ :
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" هكذا قال الجمهور من العلماء،وكان جماعة من السلف يقولون: "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ولا بأس بهذا، ولكن الاختيار هو الأول.
حكم التعوذ :
مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو في غيرها، ويستحب في الصلاة في كل ركعة على الصحيح من الوجهين عند أصحابنا، وعلى الوجه الثاني إنما يستحب في الركعة الأولى، فإن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويستحب التعوذ في التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة على أصح الوجهين.
-حكم قراءة البسملة:
يجب أن يحافظ على قراءة "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول كل سورة سوى براءة ،فإن أكثر العلماء قالوا إنها آية حيث تكتب في المصحف.
وقد كتبت في أوائل السور سوى براءة، فإذا قرأها كان متيقنا قراءة الختمة أو السورة، فإذا أخل بالبسملة كان تاركا لبعض القرآن عند الأكثرين.


2:التدبر والخشوع عند القراءة.

-إذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة، والدلائل عليه أكثر من أن تحصر، وأشهر وأظهر من أن تذكر، فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: {أفلا يتدبرون القرآن}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، والأحاديث فيه كثيرة وأقاويل السلف فيه مشهورة، وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة يتدبرونها ويرددونها إلى الصباح، وقد صعق جماعة من السلف عند القراءة، ومات جماعات حال القراءة.

استحباب ترديد الآية للتدبر:
الأدلة:
-عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: "قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية يرددها حتى أصبح"، والآية: {إن تعذبهم فإنهم عبادك} الآية، رواه النسائي وابن ماجه.
-وعن تميم الداري رضي الله تعالى عنه، أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سوآء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
-عن عبادة بن حمزة، قال: دخلت على أسماء رضي الله عنها وهي تقرأ {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} فوقفت عندها فجعلت تعيدها وتدعو، فطال علي ذلك فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي تعيدها وتدعو، ورويت هذه القصة عن عائشة رضي الله تعالى عنها.

3:البكاء
وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف،
- فمن ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)).
- وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته. وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فتدل على تكريره منه، وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف.
- وعن أبي رجاء، قال: "رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع".
- وعن أبي صالح، قال: قدم ناس من أهل اليمن على ابي بكر الصديق رضي الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هكذا كنا".
- وعن هشام، قال: "ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة".
والآثار في هذا كثيرة لا يمكن حصرها.

- حكم البكاء مع القراءة وعندها :
قال الإمام أبو حامد الغزالي: البكاء مستحب مع القراءة وعندها،
-طريقه في تحصيله:
أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد الشديد والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص، فليبك على فقد ذلك، فإنه من أعظم المصائب.

4:الترتيل، وفيه مسائل:
-حكم الترتيل:
وقد اتفق العلماء -رضي الله عنهم- على استحباب الترتيل، قال الله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}.
وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة حرفا حرفا، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن معاوية بن قرة رضي الله عنه، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة الفتح يرجع في قراءته) رواه البخاري ومسلم.
وعن مجاهد، أنه سئل عن رجلين قرأ أحدهما البقرة وآل عمران، والآخر البقرة وحدها، وزمنهما وركوعهما وسجودهما وجلوسهما واحد سواء، فقال: (الذي قرأ البقرة وحدها أفضل).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله".

-حكم الإسراع في القراءة وما يسمى:
وقد نهي عن الإفراط في الإسراع، ويسمى الهذرمة، فثبت عن عبد الله بن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال عبد الله بن مسعود: (هكذا هكذا الشعر، إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع القلب فرسخ فيه نفع) رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ مسلم في إحدى رواياته.
-حكم الترتيل للأعجمي مع ذكر السبب:
يستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه، لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب.


-السؤال عند آية رحمة أو عذاب:
1:حكمه :
يستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلت عظمة ربنا.
2:الدليل:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ ترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ) رواه مسلم في صحيحه، وكانت سورة النساء في ذلك الوقت مقدمة على آل عمران.


احترام القرآن
-اجتناب الضحك واللغط والحديث في خلال القراءة إلا كلاما يضطر إليه، وليمتثل قد قول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
-عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قرأ القرآن لا يتكلم حتى يفرغ منه، ذكره في كتاب التفسير في قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم}.
- العبث باليد وغيرها، فإنه يناجي ربه سبحانه وتعالى، فلا يعبث بين يديه.
-النظر إلى ما يلهي ويبدد الذهن.

بعض مسائل قراءة القرآن

1:حكم قراءة القرآن بالعجمية:
ق1:لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أو لم يحسنها، سواء كان في الصلاة أم في غيرها، فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته هذا مذهبنا.
ق2: مذهب مالك وأحمد وداود وأبو بكر بن المنذر.
ق3: قال أبو حنيفة: يجوز ذلك وتصح به الصلاة.
ق4: قال أبو يوسف ومحمد: يجوز ذلك لمن لم يحسن العربية، ولا يجوز لمن يحسنها.

2:حكم قراءة بالقراءات السبع
وتجوز قراءة القرآن بالقراءات السبع المجمع عليها.
حكم القراءة بالروايات الشاذة:
ولا يجوز بغير السبع ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة.



3:أفضلية قراءة القرآن من المصحف:
إنه يختلف باختلاف الأشخاص، فيختار القراءة في المصحف لمن استوى خشوعه وتدبره في حالتي القراءة في المصحف وعن ظهر القلب، ويختار القراءة عن ظهر القلب لمن لم يكمل بذلك خشوعه ويزيد على خشوعه وتدبره لو قرأ من المصحف، لكان هذا قولا حسنا>

4:استحباب قراءة الجماعة مجتمعين
قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، أنه قال: ((ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده)) صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

-السلام أثناء قراءة القرآن:
- إذا كان يقرأ ماشيا فمر على قوم يستحب أن يقطع القراءة ويسلم عليهم ثم يرجع إلى القراءة، ولو أعاد التعوذ كان حسنا، ولو كان يقرأ جالسا فمر عليه غيره؛ فقد قال الإمام أبو الحسن الواحدي: الأولى ترك السلام على القارئ لاشتغاله بالتلاوة، قال: فإن سلم عليه إنسان كفاه الرد بالإشارة، قال: فإن أراد الرد باللفظ رده ثم استأنف الاستعاذة وعاود التلاوة، وهذا الذي قاله ضعيف، والظاهر وجوب الرد باللفظ، فقد قال أصحابنا: إذا سلم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة وقلنا الإنصات سنة وجب له رد السلام على أصح الوجهين، فإذا قالوا هذا في حال الخطبة مع الاختلاف في وجوب الإنصات وتحريم الكلام، ففي حال القراءة التي لا يحرم الكلام فيها بالإجماع أولى، مع أن رد السلام واجب بالجملة، والله أعلم.

-العطس أثناء القراءة:
- وأما إذا عطس في حال القراءة فإنه يستحب أن يقول: الحمد لله، وكذا لو كان في الصلاة، ولو عطس غيره وهو يقرأ في غير الصلاة وقال: الحمد لله يستحب للقارئ أن يشمته فيقول: يرحمك الله،
-ترديد الآذان أثناء القراءة:
ولو سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته، وهذا متفق عليه عند أصحابنا.
-إجابة السؤال أثناء القراءة:
- وأما إذا طلبت منه حاجة في حال القراءة وأمكنه جواب السائل بالإشارة المفهمة وعلم أنه لا ينكسر قلبه ولا يحصل عليه شيء من الأذى للأنس الذي بينها بينهما ونحوه فالأولى أن يجيبه بالإشارة ولا يقطع القراءة، فإن قطعها جاز، والله أعلم.

في الأوقات المختارة للقراءة
الأوقات المختارة للقراءة في الصلاة وخارجها:
-أفضل القراءة ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعي وغيره أن تطويل القيام في الصلاة أفضل من تطويل السجود.
-أما القراءة في غير الصلاة؛ فأفضلها قراءة الليل، والنصف الأخير من الليل أفضل من النصف الأول، والقراءة بين المغرب والعشاء محبوبة.
الأوقات المختارة للقراءة في اليوم والليلة:
-القراءة في النهار؛ فأفضلها بعد صلاة الصبح، ولا كراهية في القراءة في وقت من الأوقات لمعنى فيه، وأما ما رواه ابن أبي داود، عن معاذ بن رفاعة، عن مشايخه، أنهم كرهوا القراءة بعد العصر، وقالوا: هي دراسة اليهود، فغير مقبول ولا أصل له.
الأوقات المختارة للقراءة في الأيام والأعشار والشهور :
ويختار من الأيام: الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة، ومن الأعشار: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة، ومن الشهور: رمضان.

بعض الآداب المتعلقة بالقراءة:
-إذا أرتج على القارئ ولم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي أن يتأدب بما جاء عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي وبشير بن أبي مسعود رضي الله عنهم، قالوا: (إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت، ولا يقول: كيف كذا وكذا، فإنه يلبس عليه).

-إذا أراد أن يستدل بآية فله أن يقول: قال الله تعالى كذا، وله أن يقول: الله تعالى يقول كذا، ولا كراهة في شيء من هذا، هذا هو الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف.
وروى ابن أبي داود، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي المشهور، قال: "لا تقولوا: إن الله تعالى يقول، ولكن قولوا: إن الله تعالى قال"، وهذا الذي أنكره مطرف رحمه الله خلاف ما جاء به القرآن والسنة وفعلته الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم، فقد قال الله تعالى: {والله يقول الحق وهو يهدي السبيل}.
وفي صحيح مسلم، عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله سبحانه وتعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)).

الإدارة بالقرآن
وفيه مسائل:
-معناه:
وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا أو جزءا أو غير ذلك ثم يسكت، ويقرأ الأخر من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر

حكمه :
جائز حسن، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه، فقال: لا بأس به.

رفع الصوت بالقراءة وخفضه

1:الجمع بين أدلة استحباب رفع الصوت واستحباب خفض الصوت
وطريق الجمع بين الأحاديث والآثار المختلفة في هذا: أن الإسرار أبعد من الرياء فهو أفضل في حق من يخاف ذلك، فإن لم يخف الرياء فالجهر ورفع الصوت أفضل، لأن العمل فيه أكثر، ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والمتعدي أفضل من اللازم، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم وغافل وينشطه، قالوا: فمهما حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، فإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر،
وأما الآثار المنقولة فكثيرة، وأنا أشير إلى أطراف من بعضها.
2:الأدلة:
- ثبت في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به)) رواه البخاري ومسلم، ومعنى ((أذن)): استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
- وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((لقد رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة))، ورواه مسلم من رواية بريد بن الحصيب.

: استحباب تحسين الصوت بالقراءة
1:حكمه:
أجمع العلماء رضي الله عنهم من السلف والخلف من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء الأمصار أئمة المسلمين، على استحباب تحسين الصوت بالقرآن
2:الأدلة:
حديث: ((زينوا القرآن بأصواتكم))، وحديث: ((لقد أوتي هذا مزمارا))، وحديث: ((ما أذن الله))، وحديث: ((لله أشد أذنا)).

أحوال تكره فيها القراءة

- فتكره القراءة في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة سوى القيام،
- وتكره القراءة بما زاد على الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام،
- وتكره حالة القعود على الخلاء،
- وفي حالة النعاس،
- وكذا إذا استعجم عليه القرآن،
- وكذا في حالة الخطبة لمن يسمعها، ولا تكره لمن لم يسمعها بل تستحب، هذا هو المختار الصحيح،

مسائل غريبة تدعو الحاجة إليها [ أعيدي صياغة عنوان المسألة بما يوضح ما ورد تحتها : مثل : أحوال الاضطرار للتوقف عن القراءة ، مسألة أخرى:الشهادة للآيات ]
- منها: أنه إذا كان يقرأ فعرض له ريح فينبغي أن يمسك عن القراءة حتى يتكامل خروجها ثم يعود إلى القراءة ، كذا رواه ابن أبي داود وغيره عن عطاء، وهو أدب حسن.
- ومنها: أنه إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ، قال مجاهد، وهو حسن، ويدل عليه ما ثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فمه فإن الشيطان يدخل)) رواه مسلم.
- ومنها: أنه إذا قرأ قول الله عز وجل: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصاري المسيح ابن الله}، {وقالت اليهود يد الله مغلولة}، {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا} ونحو ذلك من الآيات، ينبغي أن يخفض بها صوته، كذا كان إبراهيم النخعي رضي الله عنه يفعل،


آداب الختم وما يتعلق به
فيه مسائل:
1: وقته؛
الختم للقارئ وحده يستحب أن يكون في الصلاة، وأنه قيل: يستحب أن يكون في ركعتي سنة الفجر وركعتي سنة المغرب، وفي ركعتي الفجر أفضل، وأنه يستحب أن يختم ختمة في أول النهار في دور، ويختم ختمة أخرى في آخر النهار في دور آخر، وأما من يختم في غير الصلاة والجماعة الذين يختمون مجتمعين فيستحب أن تكون ختمتهم يقول أول النهار أو في أول الليل كما تقدم، وأول النهار أفضل عند بعض العلماء.
2:حكم صيام يوم الختم
يستحب صيام يوم الختم إلا أن يصادف يوما نهى الشرع عن صيامه، وقد روى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن طلحة بن مطرف وحبيب بن أبي ثابت والمسيب بن رافع التابعيين الكوفيين رضي الله عنهم أجمعين، كانوا يصبحون في اليوم الذي يختمون فيه القرآن صياما.

3: حضور مجلس الختم
يستحب حضور مجلس ختم القرآن استحبابا متأكدا، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان يجعل رجلا يراقب رجلا يقرأ القرآن، فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس، فيشهد ذلك.
وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين، عن قتادة التابعي الجليل صاحب أنس رضي الله عنه، قال: "كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا".

4:الدعاء عند ختم القرآن
حكمه :الدعاء مستحب عقيب الختم استحبابا متأكدا، عن حميد الأعرج، قال: "من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربعة آلاف ملك".
آدابه :
ينبغي أن يلح في الدعاء وأن يدعو بالأمور المهمة، وأن يكثر في ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وقد روى الحاكم أبو عبد الله النيسابوري بإسناده، أن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن كان أكثر دعائه للمسلمين والمؤمنين والمؤمنات، وقد قال نحو ذلك غيره،
بعض الأدعية المستحبة أن تقال عند الختم :
يختار الداعي الدعوات الجامعة، كقوله: اللهم أصلح قلوبنا وأزل عيوبنا وتولنا بالحسنى وزينا بالتقوى واجمع لنا خير الآخرة والأولى وارزقنا طاعتك ما أبقيتنا ، اللهم يسرنا لليسرى وجنبنا العسرى وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعذنا من عذاب النار وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ، اللهم إنا نسألك الهدى والتقوى والعفاف والغنى، اللهم إنا نستودعك أدياننا وأبداننا وخواتيم أعمالنا وأنفسنا وأهلينا وأحبابنا وسائر المسلمين وجميع ما أنعمت علينا وعليهم من أمور الآخرة والدنيا ، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة واجمع بيننا وبين أحبابنا في دار كرامتك بفضلك ورحمتك ، اللهم أصلح ولاة المسلمين ووفقهم للعدل في رعاياهم والإحسان إليهم والشفقة عليهم والرفق بهم والاعتناء بمصالحهم وحببهم إلى الرعية وحبب الرعية إليهم ووفقهم لصراطك الذي المستقيم والعمل بوظائف دينك القويم ، اللهم الطف بعبدك سلطاننا ووفقه لمصالح الدنيا والآخرة وحببه إلى رعيته وحبب الرعية إليه.
-فتح الدعاء وختمه:
يفتح دعاءه ويختمه بقوله: الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

-حكم تكرار ختم القرآن:
يستحب إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختمة، فقد استحبه السلف واحتجوا فيه بحديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الأعمال الحل والرحلة))، قيل: وما هما؟ قال: ((افتتاح القرآن وختمه)).


المقصد السابع :الآداب والأحكام المتعلقة بالناس عامة مع القرآن.

المقاصد الفرعية:

مذهب أهل السنة والجماعة في القرآن:
وجوب الإيمان بالقرآن على أنه المتلو في الأقطار المكتوب في الصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول: {الحمد لله رب العالمين} إلى آخر {قل أعوذ برب الناس} كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق:وقد أجمع المسلمون على ذلك.

وجوب النصيحة للقرآن:

ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه، عن تميم الداري رضي الله عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة))،قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
*تتحقق النصيحة لكتاب الله عبر المقاصد التالية:
قال العلماء رحمهم الله: النصيحة لكتاب الله تعالى هي
1-الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق ولا يقدر على مثله الخلق بأسرهم.
2-تعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها وإقامة حروفه في التلاوة
3-الذب عنه لتأويل المحرفين وتعرض الطاغين
4-التصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله والاعتناء بمواعظه والتفكر في عجائبه
5-العمل بمحكمه والتسليم بمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه وناسخه ومنسوخه
6-نشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته.

وجوب تعظيم القرآن:

أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العزيز على الإطلاق وتنزيهه وصيانته.

- كفر من جحد حرفا من القران أو زاد حرفا وهو عالم بذلك:
أجمعوا على أن من جحد منه حرفا مما أجمع عليه أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر.
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين ، وكذلك إذا جحد التوراة والإنجيل أو كتب الله المنزلة أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر.
وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع فيه الإجماع وأجمع على أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر، قال أبو عثمان بن الحذاء: جميع أهل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر.
وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتوبة سجلا أشهدوا فيه على نفسه في مجلس الوزير أبي علي بن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة

-كفر من استهزأ بالقرآن أو سبه ولعنه:
قال الإمام الحافظ أبو الفضل القاضي عياض رحمه الله: اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما أو جحد حرفا منه أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو يشك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين
وأفتى محمد بن أبي زيد فيمن قال لصبي: لعن الله معلمك وما علمك، قال: أردت سوء الأدب ولم أرد القرآن، قال: يؤدب القائل، قال: وأما من لعن المصحف فإنه يقتل، هذا آخر كلام القاضي عياض رحمه الله.

حرمة تفسير القرآن بغير علم:

ويحرم تفسيره بغير علم، والكلام في معانيه لمن ليس من أهلها، والأحاديث في ذلك كثيرة والإجماع منعقد عليه، وأما تفسيره للعلماء فجائز حسن والإجماع منعقد عليه، فمن كان أهلا للتفسير جامعا للأدوات حتى التي يعرف بها معناه وغلب على ظنه المراد فسره إن كان مما يدرك بالاجتهاد كالمعاني والأحكام الجلية والخفية والعموم والخصوص والإعراب وغير ذلك، وإن كان مما لا يدرك بالاجتهاد كالأمور التي طريقها النقل وتفسير الألفاظ اللغوية فلا يجوز الكلام فيه إلا بنقل صحيح من جهة المعتمدين من أهله، وأما من كان ليس من أهله لكونه غير جامع لأدواته فحرام عليه التفسير، لكن له أن ينقل التفسير عن المعتمدين من أهله.

- تفسير القرآن بالرأي وأقسام المفسرين برأيهم :

المفسرون برأيهم من غير دليل صحيح أقسام:
1-منهم من يحتج بأنه على تصحيح مذهبه وتقوية خاطره مع أنه لا يغلب على ظنه أن ذلك هو المراد بالآية وإنما يقصد الظهور على خصمه ،
2-منهم من يقصد الدعاء إلى خير ويحتج بآية من غير أن تظهر له دلالة لما قاله ،
3-منهم من يفسر ألفاظه العربية من غير وقوف على معانيها عند أهلها وهي مما لا يؤخذ إلا بالسماع من أهل العربية وأهل التفسير كبيان معنى اللفظ وإعرابها وما فيها من الحذف والاختصار والإضمار والحقيقة والمجاز والعموم والخصوص والتقديم والتأخير والإجمال والبيان وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر.
ولا يكفي مع ذلك معرفة العربية وحدها بل لا بد معها من معرفة ما قاله أهل التفسير فيها، فقد يكونون مجتمعين على ترك الظاهر أو على إرادة الخصوص أو الإضمار وغير ذلك مما هو خلاف الظاهر، وكما إذا كان اللفظ مشتركا في معان فعلم في موضع أن المراد أحد المعاني ثم فسر كل ما جاء به، فهذا كله تفسير بالرأي، وهو حرام، والله أعلم.

حرمة المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق:

يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق، فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه، ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول، وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المراء في القرآن كفر))، قال الخطابي: المراد بالمراء الشك، وقيل: الجدال المشكك فيه، وقيل: وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها.

آداب عامة متعلقة بالقرآن :
*ينبغي لمن أراد السؤال عن تقديم آية على آية في المصحف أو مناسبة هذه الآية في هذا الموضع ونحو ذلك أن يقول: ما الحكمة في كذا؟
*كراهة قول نسيت آية كذا:يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها أو أسقطتها.
فقد ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم: نسيت آية كذا وكذا، بل هو شيء نسي))، وفي رواية في الصحيحين أيضا: ((بئسما لأحدكم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
وثبت في الصحيحين أيضا، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ فقال: ((رحمه الله، لقد ذكرني آية كنت أسقطتها))، وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)).
وأما ما رواه ابن أبي داود، عن أبي عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل، أنه قال: "لا تقل: أسقطت آية كذا، قل: أغفلت"، فهو خلاف ما ثبت في الحديث الصحيح، فالاعتماد على الحديث، وهو جواز (أسقطت) وعدم الكراهة فيه أولى.

*جواز قول سورة البقرة وآل عمران وكذا:
يجوز أن يقال: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء وسورة المائدة وسورة الأنعام وكذا الباقي، لا كراهة في ذلك، وكره بعض المتقدمين هذا وقال: يقال: السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذا البواقي، والصواب الأول، فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((سورة البقرة)) و((سورة الكهف))، وغيرهما مما لا يحصى، وكذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن مسعود: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة"، وعنه، في الصحيحين: "قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النساء"، والأحاديث وأقوال السلف في هذا أكثر من أن تحصر.
*جواز قول قراءة فلان:
ولا يكره أن يقال: هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة نافع أو حمزة أو الكسائي أو غيرهم، هذا هو المختار، الذي عليه السلف والخلف من غير إنكار، وروى ابن أبي داود، عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "كانوا يكرهون أن يقال: سنة فلان وقراءة فلان"، والصحيح ما قدمناه.

أحكام متعلقة بالكافر مع القرآن:
*جواز سماع الكافر للقرآن وامتناع مسه للمصحف:
لا يمنع الكافر من سماع القرآن لقول الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله}، ويمتنع من مس المصحف

*حكم تعليم القرآن للكافر:
هل يجوز تعليمه القرآن؟ قال أصحابنا: إن كان لا يرجى إسلامه لم يجز تعليمه، وإن رجي إسلامه ففيه وجهان:
أصحهما: يجوز رجاء إسلامه.
والثاني: لا يجوز، كما لا يجوز بيع المصحف منه وإن رجي إسلامه،
وأما إذا رأيناه يتعلم فهل يمنع؟ فيه وجهان.

المقصد الثامن: بيان الآيات والسور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة.

المقاصد الفرعية:

-الآيات المستحبة قراءتها في الصلاة

-أ-في الصلوات المفروضة:
1-السنة أن يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة {ألم تنزيل} بكمالها، وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} بكمالها، ولا يفعل ما يفعله كثير من أئمة المساجد من الاقتصار على آيات من كل واحدة منهما مع تمطيط القراءة، بل ينبغي أن يقرأهما بكمالهما ويدرج قراءته مع ترتيل.
2-السنة أن يقرأ في صلاة الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة بكمالها، وإن شاء {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية {هل أتاك حديث الغاشية}، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليتجنب الاقتصار على البعض، وليفعل ما قدمناه.

-ب- في الصلوات الغير مفروضة:
السنة في صلاة العيد في الركعة الأولى سورة ق، وفي الثانية سورة الساعة بكمالها، وإن شاء "سبح"، و"هل أتاك"، فكلاهما صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليجتنب الاقتصار على البعض.

-ج-في السنن:
-يقرأ في ركعتي سنة الفجر بعد الفاتحة الأولى {قل يا أيها الكافرون}، وفي الثانية {قل هو الله أحد}، وإن شاء قرأ في الأولى {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية، وفي الثانية {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}، فكلاهما صحيح من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-يقرأ في سنة المغرب {قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}، ويقرأ بهما أيضا في ركعتي الطواف، وركعتي الاستخارة.
-يقرأ من أوتر بثلاث ركعات في الركعة الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.

الآيات المستحبة قراءتها عند المريض
-قراءة سورة الفاتحة:
يستحب أن يقرأ عند المريض بالفاتحة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح فيها: ((وما أدراك أنها رقية)).

-قراءة سورة الإخلاص والفلق والناس :
يستحب أن يقرأ عنده {قل هو الله أحد} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} مع النفث في اليدين، فقد ثبت في الصحيحين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الآيات المستحبة قراءتها عند الميت
- قراءة سورة يس:
مستحب، لحديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((اقرؤوا يس على موتاكم))، رواه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وابن ماجه بإسناد ضعيف.
-قراءة سورة البقرة :
وروى مجالد، عن الشعبي، قال: كانت الأنصار إذا حضروا عند الميت قرؤوا سورة البقرة، ومجالد ضعيف، والله أعلم.

الآيات المستحبة قراءتها عند النوم

يستحب أن يقرأ عند النوم آية الكرسي و{قل هو الله أحد} والمعوذتين وآخر سورة البقرة، فهذا مما يهتم له ويتأكد الاعتناء به، فقد ثبت فيه أحاديث صحيحة عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه))، قال جماعة من العلماء: كفتاه من قيام الليل، وقال آخرون: كفتاه المكروه في ليلته.
وعن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كل ليلة يقرأ {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، وقد قدمناه في فصل النفث بالقرآن.
وروى عن أبي داود بإسناده، عن علي كرم الله وجهه، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي).
وعن علي رضي الله عنه أيضا، قال: (ما كنت أرى أحدا يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة) إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تمر بك ليلة إلا قرأت فيها {قل هو الله أحد} والمعوذتين))، فما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤهن.
وعن إبراهيم النخعي قال: (كانوا يستحبون أن يقرؤوا هذه السور كل ليلة ثلاث مرات: {قل هو الله أحد} والمعوذتين)، إسناده صحيح على شرط مسلم.
وعن إبراهيم أيضا: (كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين).
وعن عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل)، رواه الترمذي، وقال: حسن.

الآيات المستحبة قراءتها في اليوم والليلة

1-يستحب الإكثار من تلاوة آية الكرسي في جميع المواطن، وأن يقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه.
2- أن يقرأ المعوذتين عقب كل صلاة، فقد صح عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذتين دبر كل صلاة)، رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
3-يستحب أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وغيره فيه.
قال الإمام الشافعي في الأم: ويستحب أن يقرأها أيضا ليلة الجمعة، ودليل هذا ما رواه أبو محمد الدارمي بإسناده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له النور فيما بينه وبين البيت العتيق).
وذكر الدارمي حديثا في استحباب قراءة سورة هود يوم الجمعة، وعن مكحول التابعي الجليل استحباب قراءة آل عمران يوم الجمعة.

الأحوال التي ينبغي الاعتناء بها والسور التي ينبغي الإكثار من قراءتها
فمن ذلك: السنة كثرة الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي العشر آكد، وليالي الوتر منه آكد، ومن ذلك العشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة، وبعد الصبح، وفي الليل.
وينبغي أن يحافظ على قراءة "يس" والواقعة وتبارك الملك.


المقصد التاسع : أحكام متفرقة في كتابة القرآن وإكرام واحترام المصحف وحكم بعض الصور التي تُخالف إكرام المصاحف.

المقاصد الفرعية:

كتابة القرآن
-اتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبيينها وإيضاحها وتحقق الخط دون مشقة وتعليقه.

1-حكم تنقيط المصحف وتشكيله :
يستحب نقط المصحف وشكله، فإنه صيانة من اللحن فيه وتصحيفه، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفا من التغيير فيه، وقد أمن ذلك اليوم فلا منع، ولا يمتنع من ذلك لكونه محدثا فإنه من المحدثات الحسنة، فلم يمنع منه كنظائره مثل تصنيف العلم وبناء المدارس والرباطات وغير ذلك، والله أعلم.
2-مسائل كتابة القرآن:
-حكم كتابة القرآن بشيء نجس:
لا تجوز كتابة القرآن بشيء نجس.

-حكم كتابة القرآن على الجدران:
وتكره كتابته على الجدران عندنا.

-حكم كتابة القرآن على الأطعمة:
إذا كتب على الأطعمة فلا بأس بأكلها.

-حكم كتابة القرآن على خشبة:
إذا كتب على خشبة كره إحراقها.


-حكم كتابة القرآن في لوح :
ولو كتب القرآن في لوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر، حتى لو كان بعض آية كتب للدراسة حرم مس اللوح.

في إكرام واحترام القرآن

-حكم امتهان المصحف:
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه، قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى صار الملقي كافرا.

-حكم توسد المصجف وآحاد كتب العلم:
قالوا: ويحرم توسده، بل توسد آحاد كتب العلم حرام.

-حكم القيام للمصحف:
ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه، لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى، عن ابن أبي مليكة، أن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يضع المصحف على وجهه، ويقول: (كتاب ربي، كتاب ربي).

-حكم السفر بالمصحف لأرض العدو:
تحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو إذا خيف وقوعه في أيديهم، للحديث المشهور في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى ارض العدو.

أحكام المحدث والحائض والجنب والمجنون والصبي غير المميز في مس المصحف

-حكم مس المجنون والصبي الغير مميز للمصحف:
ويمنع المجنون والصبي الذي لا يميز من مس المصحف مخافة من انتهاك حرمته، وهذا المنع واجب على الولي وغيره ممن رآه يتعرض لحمله.

-حكم مس المحدث المصحف وحمله:
يحرم على المحدث مس المصحف وحمله، سواء حمله بعلاقته أو بغيرها، سواء مس نفس الكتابة أو الحواشي أو الجلد، ويحرم مس الخريطة والغلاف والصندوق إذا كان فيهن المصحف، هذا هو المذهب المختار، وقيل: لا تحرم هذه الثلاثة، وهو ضعيف.

حكم تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود أو شبهه:
ففي جوازه وجهان لأصحابنا:
أظهرهما: جوازه، وبه قطع العراقيون من أصحابنا، لأنه غير ماس ولا حامل، والثاني: تحريمه، لأنه يعد حاملا للورقة والورقة كالجميع،
وأما إذا لف كمه على يده وقلب الورقة فحرام بلا خلاف، وغلط بعض أصحابنا فحكى فيه وجهين، والصواب القطع بالتحريم، لأن القلب يقع باليد لا بالكم.


-حكم إذا كتب الجنب أو المحدث مصحكان يحمل الورقة أو جسها حال الكتابة:
فحرام، وإن لم يحملها ولم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
الصحيح: جوازه، والثاني: تحريمه، والثالث: يجوز للمحدث، ويحرم على الجنب.



-حكم مس المحدث والجنب والحائض شيء فيه آيات القرآن من ثوب أو كتب أو دنانير أو غيره.
إذا مس المحدث أو الجنب أو الحائض أو حمل كتابا من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوبا مطرزا بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة به أو حمل متاعا في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش به فالمذهب الصحيح جواز هذا كله، لأنه ليس بمصحف، وفيه وجه أنه حرام.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض الثياب المطرزة بالقرآن
وقال أقضى القضاة أبو حسن الماوردي في كتابه الحاوي: يجوز مس الثياب المطرزة بالقرآن، ولا يجوز لبسها بلا خلاف، لأن المقصود بلبسها التبرك بالقرآن، وهذا الذي ذكره أو قاله ضعيف لم يوافقه أحد عليه فيما رأيته، بل صرح الشيخ أبو محمد الجويني وغيره بجواز لبسها، وهذا هو الصواب، والله أعلم.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض كتب تفسير القرآن"
فإن كان القرآن فيها أكثر من غيره حرم مسها وحملها، وإن كان غيره أكثر كما هو الغالب ففيها ثلاثة أوجه:
أصحها: لا يحرم.
والثاني: يحرم.
والثالث: إن كان القرآن بخط متميز بغلظ أو حمرة أو غيرها حرم، وإن لم يتميز لم يحرم.

-حكم مس المحدث والجنب والحائض كتب الحديث
وأما كتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن لم يكن فيها آيات من القرآن لم يحرم مسها، والأولى أن لا تمس إلا على طهارة، وإن كان فيها آيات من القرآن لم يحرم على المذهب، وفيه وجه أنه يحرم، وهو الذي في كتب الفقه.
-حكم مس المحدث والجنب والحائض الآيات المنسوخ تلاوته
وأما المنسوخ تلاوته كـ"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" وغير ذلك، فلا يحرم مسه ولا حمله، قال أصحابنا: وكذلك التوراة والإنجيل.

لطهارة لحمل المصحف

-حكم من لم يجد الماء للطهارة.
من لم يجد ماء فتيمم حيث يجوز التيمم له مس المصحف، سواء كان تيممه للصلاة أو لغيرها مما يجوز التيمم له.
وأما من لم يجد ماء ولا ترابا فإنه يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له مس المصحف لأنه محدث جوزنا له الصلاة للضرورة، ولو كان معه مصحف .

-حكم حمل المصحف لغير طاهر للضرورة.
ولم يجد من يودعه عنده وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة، قال القاضي أبو الطيب: ولا يلزمه التيمم، وفيما قاله نظر، وينبغي أن يلزمه التيمم، أما إذا خاف على المصحف من حرق أو غرق أو وقوع في نجاسة أو حصوله في يد كافر فإنه يأخذه ولو كان محدثا للضرورة.


-حكم تعليم الصبي الطهارة لحمل المصحف ؟
فيه وجهان مشهوران، أصحهما عند الأصحاب: لا يجب للمشقة.

بيع المصحف وشراؤه
-حكم بيع المصحف وشراؤه؟
ق1:يصح بيع المصحف وشراؤه، ولا كراهة في شرائه وفي كراهة بيعه وجهان لأصحابنا، أصحهما وهو نص الشافعي: أنه يكره،
ومن قال لا يكره بيعه وشراؤه: الحسن البصري وعكرمة والحكم بن عيينة وهو مروي عن ابن عباس.
ق2:وكرهت طائفة من العلماء بيعه وشراؤه، وحكاه ابن المنذر عن علقمة وابن سيرين والنخعي وشريح ومسروق وعبد الله بن يزيد.
وروي عن ابن عمر وأبي موسى الأشعري التغليظ في بيعه.
ق3:وذهبت طائفة إلى الترخيص في الشراء وكراهة البيع، حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وسعيد بن جبير وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه رضي الله عنهم أجمعين، والله أعلم.


-حكم بيع المصحف من الذمي:
ويحرم بيع المصحف من الذمي، فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي:
أصحهما: لا يصح،
والثاني: يصح، ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه.

خصص المؤلف - رحمه الله - في نهاية الكتاب بابا في ضبط الأسماء واللغات المذكورة في الكتاب على ترتيب وقوعها.

أحسنتِ وتميزتِ جدًا أختي الفاضلة ، زادكِ الله من فضله.
الملحوظة الأساسية :
1: تمييز العناوين الفرعية تحت المسائل بألوان تبرزها.
2: تجنب بعض الأخطاء الإملائية مثل : أذاهم ، أذية ؛ بألف قطع.


تقييم التلخيص :

الشمول : 20 / 20
الترتيب : 20 / 20
التحرير العلمي : 20 / 20
الصياغة : 14
/ 15
العرض : 14 / 15
المقصد الكلي : 10 / 10
______________
المجموع الكلي = 98 %
بارك الله فيكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 شعبان 1436هـ/28-05-2015م, 04:21 AM
خولة حافظ خولة حافظ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 239
افتراضي المقصد الكلي لمقدمة التفسير ابن كثير

المقصد الكلي لمقدمة تفسير ابن كثير

بيان فضل القرآن وآداب تلاوته و عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف مع بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسيرو علوم القرآن الكريم.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 شعبان 1436هـ/28-05-2015م, 04:25 AM
خولة حافظ خولة حافظ غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
الدولة: السعودية - الرياض
المشاركات: 239
افتراضي تلخيص مقاصد مقدمة تفسير ابن كثير

المقاصد الفرعية للكتاب :

1: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
2: بيان فضل القرآن
3: عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
4:بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف
5:بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها
6: ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم



التلخيص:

المقصد الأول: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير

المسائل :

1: وجوب الإيمان بالقرآن ووعيد من كذّب به
- قال الله تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}، وقال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}.
- قال ابن كثير: (فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده بنصِّ الله تعالى).

2: الإنذار بالقرآن من مقاصد إرسال الرسل.
- قال الله تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ}
قال ابن كثير: (فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم، وأسود وأحمر، وإنس وجان، فهو نذير له).

3: عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين
- قال الله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت إلى الأحمر والأسود)). قال مجاهد: يعني: الإنس والجن.
- قال ابن كثير: (فهو -صلوات الله وسلامه عليه- رسول الله إلى جميع الثقلين: الإنس والجن، مبلغا لهم عن الله ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}).

4: الأمر بتدبّر القرآن
- قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.

5: حكم تفسير القرآن وبيان معانيه للناس
- قال ابن كثير: (فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه).
- قال الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}.

6: ذمّ المعرضين عن تدبّر كتاب الله
- قال ابن كثير: (ذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله، فعلينا -أيها المسلمون- أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه).
- قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون}.
لطيفة:
قال ابن كثير: (ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كريم).


6: أحسن طرق التفسير
أ: تفسير القرآن بالقرآن.
- ما أجمل في موضع من القرآن فإنه قد فسر في موضع آخر.
ب: تفسير القرآن بالسنّة.
- السنّة مبيّنة للقرآن وشارحة له.
- قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
- السنّة وحي من الله إلا أنها لا تُتلى كما يُتلى القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) يعني: السنة.
- قال الشافعي: (كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} ).

-ج: تفسير القرآن بأقوال الصحابة رضي الله عنهم.
- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنّة رجعنا إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم
- الصحابة أعلم الناس بالقرآن لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح.
- علماء الصحابة وكبراؤهم لهم مزيد عناية بالعلم بالقرآن كالخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس.
علم ابن مسعود رضي الله عنه بتفسير القرآن
- قال ابن مسعود: (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته). رواه ابن جرير.
- وقال أبو عبد الرحمن السلمي: (حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا).
علم ابن عباس رضي الله عنهما بتفسير القرآن
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (نعم ترجمان القرآن ابن عباس). رواه ابن جرير وصحّحه ابن كثير وقال: (وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة؛ فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنه؟!!).

7: حكم رواية الإسرائيليات
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) رواه البخاري.
- كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.
- الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد.
-أ: أقسام الإسرائيليات
- الإسرائيليات على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
ب: من أسباب اختلاف المفسّرين اختلاف الأخبار المرويّة عن بني إسرائيل
قال ابن كثير: (ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعددهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم ).
-ج: حكم نقل الخلاف عن بني إسرائيل
- قال ابن كثير: (نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا} [الكهف: 22]).
- اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما.
- ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم} فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب.
-د: أصول وآداب حكاية الخلاف في المسائل العلمية
- أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم.
- من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه. أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضا.
- مَن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ.
- مَن نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثوبي زور.


8: تفسير القرآن بأقوال التابعين
- قال ابن كثير: (إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة؛ فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين).
- من أئمة التابعين في التفسير: مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية الرياحي، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم.
- إذا أجمع التابعون على تفسير فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم.
- من أقوال التابعين في التفسير أقوال فيها تنوّع في الدلالة على المراد ويقع بسبب ذلك تباين في الألفاظ وهي ترجع إلى معنى واحد في حقيقة الأمر ؛ فقد يظنّها الظان اختلافاً وليست كذلك.
- بيان ذلك: أن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من المواضع.

9: علم مجاهد بن جبر بالتفسير
- قال مجاهد: (عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها). رواه ابن إسحاق.
- قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله).
- قال ابن كثير: (ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به).


10: هل تفسير التابعي حجّة؟

- قال شعبة بن الحجاج وغيره: (أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون حجة في التفسير؟)
- قال ابن كثير: (يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة).

11: حكم التفسير بالرأي
- تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام.
- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)). رواه الترمذي والنسائي وابن جرير.
- عن جندب بن جنادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ)). رواه أبو داوود والترمذي والنسائي، وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)).
- قال ابن كثير: (لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه).

12: تحرّج بعض السلف عن التفسير خشية القول فيه بغير علم
- قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم؟!).
- عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها). رواه ابن جرير وقال ابن كثير: (إسناده صحيح).
- قال عبيد الله بن عمر: (لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع). رواه ابن جرير.
- قال محمد بن سيرين: سألت عَبيدة يعني السلماني عن آية من القرآن فقال: (ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن فاتق الله، وعليك بالسداد).
- قال مسروق بن الأجدع: (اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله). رواه أبو عبيد.
- قال إبراهيم النخعي: (كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه). رواه أبو عبيد.
- وقال الليث، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: (إنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن).
- عن يزيد بن أبي يزيد قال: (كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع).

13: توجيه الآثار المرويّة عن بعض السلف في التحرّج من التفسير
- قال ابن كثير: (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد).
- كما يجب سكوت المرء عما لا علم له به، فكذلك يجب عليه القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}، ولما جاء في الحديث المروى من طرق: ((من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار)).

14: تنبيه على ضعف حديث في التفسير النبوي
- ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعددٍ علَّمهن إياه جبريل عليه السلام). رواه ابن جرير.
- قال عنه ابن كثير: (حديث منكر غريب).
- وجّه ابن جرير هذا الحديث بأنّه محمول على ما لا يُعلم إلا بالتوقيف من أمور الغيب مما علّمه إيّاه جبريل.
- قال ابن كثير: (وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث؛ فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، كما صرح بذلك ابن عباس).
- عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله). رواه ابن جرير.



المقصد الثاني: بيان فضل القرآن
ذكر ابن كثير رحمه الله تحت هذا المقصد جملة من المسائل والأدلة هذا تلخيصها.
المسائل :


1: هيمنة القرآن على ما قبله من الكتب
قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}.
- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: (المهيمن: الأمين). قال: (القرآن أمين على كل كتاب قبله). وفي رواية: (شهيدا عليه). رواه ابن جرير وعلقه البخاري.
- وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
- قال ابن كثير: (وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف).
- أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.
- قدم ابن كثير الفضائل قبل التفسير وذكر فضل كل سورة قبل تفسيرها ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه.

2: الأحاديث الواردة في فضل القرآن
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)). رواه البخاري.
- في هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء؛ لأنها معجزة باقية مؤثّرة.
- عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟
قال: (( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). رواه أحمد والترمذي واللفظ له، وفي إسناده الحارث الأعور متكلّم فيه، قال ابن كثير: (قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما أنه تعمد الكذب في الحديث).
- قال ابن كثير: (وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم).
- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). رواه أبو عبيد، وفي إسناده مقال.

3: من فضائل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله
- من فضل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
- تحدّى الله العرب أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وهو أهل الفصاحة والبلاغة ؛ قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}


4: مدّة نزول الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم
- عن أبي سلمة قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا: (لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا) رواه البخاري والنسائي.
- قال ابن كثير: (أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه، وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة؛ لأنه، عليه الصلاة والسلام، أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح).
- يحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام على عادة العرب في حذف الكسور، أنهما إنما اعتبرا قرن جبريل به عليه السلام ؛ لما روى الإمام أحمد أنه قرن به ميكائيل في ابتداء الأمر يلقي إليه الكلمة والشيء، ثم قرن به جبريل.
- ابتُدئ نزول القرآن في مكان شريف وهو البلد الحرام، وفي زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان.


5: الملَك الموكّل بنزول الوحي
- قال معتمر بن سليمان: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل، أو كما قال.
قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام).
- جبريل عليه السلام ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} ، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات.


6: تتابع الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم
- عن ابن شهاب الزهري قال: (أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد). رواه البخاري ومسلم.
- تابع الله نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه.
- فتر الوحي بعد نزول: {اقرأ باسم ربك} واختلف في مدة هذه الفترة حتى قيل إنها قريب من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع.
- أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر}.
- عن جندب بن عبد الله البجلي قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} ). رواه البخاري ومسلم.
- في الحديث دلالة على محبّة الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم وعنايته به إذ جعل الوحي عليه متتابعاً.
- إنما أنزل القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.

7: شدّة نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم
- روى البخاري حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي. فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب وعليه جبة، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم فجئه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أي: تعال، فجاء يعلى، فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: ((أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟)) فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب.

8: معرفة المكّي والمدنيّ
- القرآن منه مكّي ومدني؛ فالمكي: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعد الهجرة، سواء أكان بالمدينة أم بغيرها من البلاد، حتى ولو كان بمكة أو عرفة.
- أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني، واختلفوا في أخر.
- أراد بعض العلماء ضبط الفروق بين المكّي والمدني بضوابط كليّة، وفيما ذكروه عًسرٌ ونظر.
- قال بعضهم: كل سورة في أولها شيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، كما أن كل سورة فيها: {يا أيها الذين آمنوا} فهي مدنية.
- وقال علقمة: (كل شيء في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه أنزل بالمدينة، وما كان {يا أيها الناس} فإنه أنزل بمكة) رواه أبو عبيد.
- وقال ميمون بن مهران: (ما كان في القرآن: {يا أيها الناس} و {يا بني آدم} فإنه مكي، وما كان: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه مدني). رواه أبو عبيد.
- قال بعض العلماء بتكرر نزول بعض السور مرّة بمكة ومرّة بالمدينة.
- بعض العلماء يقول بالاستثناء في بعض السور؛ فيستثني من بعض السور المكيّة آيات يدّعي أنها من المدني.
- الصواب أن تمييز المكيّ من المدني يرجع فيه إلى ما دلّ عليه الدليل الصحيح.
- قال علي بن أبي طلحة: (نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون، والتغابن، و{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} و{يا أيها النبي لم تحرم} والفجر، {والليل إذا يغشى} و {إنا أنزلناه في ليلة القدر} و {لم يكن الذين كفروا} و {إذا زلزلت} و {إذا جاء نصر الله} وسائر ذلك بمكة).
- ذكر علي بن أبي طلحة في المدني سورا في كونها مدنية نظر، وفاته الحجرات والمعوذات.

9: نزول القرآن باللسان العربي
- قال الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين}، وقال تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.
- عن أنس بن مالك قال: (فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: (إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم) ففعلوا). رواه البخاري.
- عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: (لا يُمْلِيَنَّ في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف). رواه ابن أبي داوود، وقال ابن ثير: (هذا إسناد صحيح).
- عن عبد الله بن فضالة قال: (لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: (إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر). رواه البخاري.
- القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب.

10: نزول السكينة والملائكة عند القراءة
- قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} ، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم .
- عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)). رواه البخاري ومسلم.
- عن أسيد بن الحضير قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)). رواه البخاري معلّقاً.
- عن أسيد بن حضير أنه كان على ظهر بيته يقرأ القرآن وهو حسن الصوت..) رواه أبو عبيد. ، ثم ذكر مثل هذا الحديث أو نحوه.
- عن أسيد بن حضير قال: قلت: يا رسول الله، بينما أنا أقرأ البارحة بسورة، فلما انتهيت إلى آخرها سمعت وجبة من خلفي، حتى ظننت أن فرسي تطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)) مرتين قال: فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)). فقال: والله ما استطعت أن أمضي فقال: ((تلك الملائكة تنزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب)) ". رواه أبو عبيد.



11: القرآن أعظم إرث النبي صلى الله عليه وسلم

- عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين).
قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين). تفرد به البخاري.
- معناه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يرّث شيئاً من الدنيا، وإنما ترك لنا القرآن، والسنّة مفسّرة للقرآن مبيّنة له.
- قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا).
- وفي حديث أبي الدرداء: ((إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))


12: فضل القرآن على سائر الكلام
- عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)). رواه البخاري.
- طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما؛ فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.
- كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه.


13: الوصايا بكتاب الله
- قال طلحة بن مصرف: سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ( لا )؛ فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟ قال: (أوصى بكتاب الله عز وجل). رواه البخاري.
- المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الناس باتّباع كتاب الله عز وجل.
- النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا من الدنيا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك.
- لم يوصِ النبي صلى الله عليه وسلم إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ لحديث ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)).


14: معنى التغنّي بالقرآن وفضل حسن الصوت بالقرآن
- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري.
- قال حرملة: (سمعت ابن عيينة يقول: معناه: (يستغني به) فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به).
- قال ابن كثير: (معناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك).
- عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)). رواه ابن ماجة بسند جيّد.
- الله تعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم لكن استماع الله لقراءة النبي والمؤمنين استماع تشريف.
- عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبت أنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل)). رواه أبو عبيد، وفي رواية له: ((واقتنوه وتغنوا به)) ولم يشك، وهكذا رواه أحمد والنسائي.
- عن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار، وتغنوه واقتنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون))
- قال ابن كثير: (وهذا مرسل).
- قال أبو عبيد: (قوله: ((تغنوه)): يعني: اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا. وقوله: ((واقتنوه))، يقول: اقتنوه، كما تقتنون الأموال: اجعلوه مالكم).
- عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)) رواه أبو عبيد وابن ماجة.
- قال أبو عبيد: (يعني: الاستماع. وقوله في الحديث الآخر: ((ما أذن الله لشيء)) أي: ما استمع).
- عن السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)). رواه أبو القاسم البغوي.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). رواه أبو داوود.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)). رواه ابن ماجة.
- قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرَّ بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع). رواه أبو داود.
- قال ابن كثير: (فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله).
- واستدلّ لذلك بحديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه.
- المراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به،
- عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود )). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا). رواه مسلم.
- قال ابن كثير: (والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه).

15: من عُرف بحسن الصوت من الصحابة
- عن أبي سلمة قال: (كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده). رواه أبو عبيد.
- قال أبو عثمان النهدي: (كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط، ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته).
- عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ". رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
- عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قال: قراءة منه). متفق عليه.
- أحسن القراءة ما كان عن خشوع القلب.

16: أحسن الناس صوتاً بالقرآن أخشاهم لله
قال طاووس بن كيسان: (أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله). رواه أبو عبيد.
- عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله)) ". رواه أبو عبيد.
17: تحسين الصوت بالقرآن وحكم القراءة بالألحان
- قال ابن كثير: (المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك).
- عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)). رواه أبو عبيد.
- عن عُلَيم قال: (كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين). رواه أبو عبيد.
- قال ابن كثير: (وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه).

18: اغتباط صاحب القرآن
- عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)). رواه البخاري.
- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار))، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق))، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل". رواه البخاري ومسلم.
- ينبغي أن يكون صاحب القرآن شديد الاغتباط بما هو فيه، وينبغي لغيره أن يغبطه على ذلك بأن يتمنّى مثل ما هو فيه من النعمة.
- الغبطة غير الحسد المذموم الذي هو تمنّي زوال النعمة.
- ورد في فضل الغبطة أحاديث من أصحّها حديث أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الوزر سواء)). رواه الإمام أحمد ، وقال ابن كثير: (إسناد صحيح).

19: فضل من تعلَّم القرآن وعلمه
-قال سعد بن عبيدة: عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاج قال: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (كان أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي أحد أئمة الإسلام ومشايخهم من رغب في هذا المقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعين سنة، رحمه الله، وآتاه الله ما طلبه).
- من شأن خيار الأبرار أن يكمل المرء نفسه ويسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وكما قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}
- ومن شأن الفجار أنهم لا ينتفعون بالهدى، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع به، كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب}، وكما قال تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}، في أصح قولي المفسرين في هذا.

20: تزويج الخاطب بما معه من القرآن
- عن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)). متفق عليه.
- في رواية لمسلم: (فعلّمها)، وهذا سبب إيراد البخاري لهذا الحديث بعد حديث : ( خيركم من تعلّم القرآن القرآن وعلّمه).


21: وصايا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالقرآن
- قال ابن كثير: (وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد، عبد الله بن مسعود أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم).
- قال ابن مسعود: (كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض). رواه الطبراني.
- وقال: (من أراد العلم فليثوّر من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين).
- وقال: (أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر).
وقال: (أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم.
قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟
- وقال: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز). رواه الطبراني.
- عن أبي وائل قال: كان عبد الله بن مسعود يقل الصوم، فيقال له في ذلك، فيقول: (إني إذا صمت ضعفت عن القراءة والصلاة، والقراءة والصلاة أحب إلي).



المقصد الثالث :عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف


المسائل :


:1 الجمع النبوي :

(1)معارضة النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بالقرآن

-المراد من معارضة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل سنة:
مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا.

-عدد مرات عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام:

*كل عام مرة إلا العام الذي قبض فيه فمرتين
الأدلة :
-عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه".

-عن فاطمة، رضي الله عنها: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. هكذا ذكره البخاري معلقا وقد أسنده في موضع آخر.

-سبب معارضة القرآن في السنة الأخيرة من عمره مرتين:
دلالة على اقتراب أجله ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله، وعثمان، رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه .وقد سبق ذكر الأدلة على ذلك.

-سبب تخصيص بذلك رمضان من بين الشهور:

لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن، كما تقدم ذكرنا لذلك.
الدليل: عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، متفق عليه.


2:القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم


عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.

عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد.
قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم من حديث همام.


-جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق:

عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
فهذا الحديث ظاهره أنه لم يجمع القرآن من الصحابة سوى هؤلاء الأربعة فقط، وليس هذا هكذا، بل الذي لا شك فيه أنه جمعه غير واحد من المهاجرين أيضا، ولعل مراده: لم يجمع القرآن من الأنصار؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وكلهم مشهورون إلا أبا زيد هذا، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، وقد اختلف في اسمه فقال الواقدي: اسمه قيس بن السكن بن قيس بن زعواء بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.

-لهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة، فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته، ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها، حتى أخذها منها أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

3:فضل ابن عباس في تفسير القرآن:
وقد تقدم عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها. ومنهم عبد الله بن عمرو، كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)). وذكر تمام الحديث.



4:جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن
وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)). وكان السبب في هذا حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه فإنه لما كان غازيا في فتح أرمينية وأذربيجان، وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروف شتى، ورأى منهم اختلافا كثيرا وافتراقا، فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.

5:ترتيب سور وآيات القرآن
- ترتيب عثمان لسور القرآن

كان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.


ترتيب الآيات والسور توقيفي أم اجتهادي:


ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
-حكم تقديم بعض السور على بعض مع الدليل:
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.

6:تأليف القرآن وترتيبه
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك.
والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمان رضي الله عنه، وذلك ظاهر في سؤال ابن عباس له عن ترك البسملة في أول براءة، وذكره الأنفال من الطول، والحديث في الترمذي وغيره بإسناد جيد وقوي.
ولهذا حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان: {اقرأ باسم ربك الأكرم} وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين} ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف، وأول مصحف أبي: {الحمد لله} ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد، ثم قال القاضي: ويحتمل أن ترتيب السور في المصحف على ما هو عليه اليوم من اجتهاد الصحابة، رضي الله عنهم، وكذا ذكره مكي في تفسير سورة براءة قال: فأما ترتيب الآيات والبسملة في الأوائل فهو من النبي صلى الله عليه وسلم.


7:تنقيط المصحف وشكله وتقسيمه

الأقوال فيمن أول من أمر بتنقيط المصحف وشكله:
-فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك.
-يقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي.
- وقيل أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

تنقيط المصحف:

قال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.
ورأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه. قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.

8:كتابة الأعشار:

- كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا.
-قيل: بل أول من فعله المأمون.


المقصد الرابع :بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

المسائل :


1:معنى الأحرف السبعة:
أن القرآن نزل بسبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين في أحاديث تترى، عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.

- اللغات السبع:
عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
-قال أبو عبيد: والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن
قال ابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة .

-الخلاف في معنى الأحرف السبعة:
اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال نذكر منها خمسة.

ق1:- أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:أقبل وتعال وهلم.وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي.
الأدلة:
1-عن أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
2- عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]: "للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".

ق2: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.

الأدلة:
1- لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز،وهذا قول ابن عبد البر.
2-قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.
ق3: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.

ق4: وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".

ق5: أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني.


-الأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
-عن عبيد الله بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)).

-عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقيت جبريل عند أحجار المراء، فقلت: يا جبريل، إني أرسلت إلى أمة أمية؛ الرجل، والمرأة، والغلام، والجارية، والشيخ الفاني، الذي لم يقرأ كتابا قط فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)).

-عن أم أيوب- يعني امرأة أبي أيوب الأنصارية- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أجزأك)). وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة.

-عن أبي بن كعب، أنه قال: سمعت رجلا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي، ثم سمعت آخر يقرؤها بخلاف ذلك، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذين يقرآن في سورة النحل فسألتهما: من أقرأكما؟ فقالا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خالفتما ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما: ((اقرأ)). فقرأ، فقال: ((أحسنت)) ثم قال للآخر: ((اقرأ)). فقرأ، فقال: ((أحسنت)). قال أبي: فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي، فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي، فضرب يده في صدري ثم قال: ((اللهم أخسئ الشيطان عنه، يا أبي، أتاني آت من ربي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثالثة، فقال: مثل ذلك وقلت له مثل ذلك، ثم أتاني الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة، فقلت: يا رب، اللهم اغفر لأمتي، يا رب، اغفر لأمتي، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة)). إسناده صحيح.

2:هل القراءت السبع هي الأحرف السبع:
- هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره.



المقصد الخامس :بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها


المسائل :

1: وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن
-التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب:
الدليل: الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.
*المراءاة من صفات الخوارج:
الخوارج: هم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، الدليل ((يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم، وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم)). ومع هذا أمر بقتلهم لأنهم مراؤون في أعمالهم في نفس الأمر، وإن كان بعضهم قد لا يقصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح، فكانوا في ذلك كالمذمومين في قوله: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة: 109].

- أصناف في قراءة القرآن:
عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).

والمنافق المشبه بالريحانة التي لها ريح ظاهر وطعمها مر هو المرائي بتلاوته، كما قال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء: 142].

بعض الأحاديث المتعلقة بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله:

عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".
عن ابن عباس قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: ((الحال المرتحل)). قال: يا رسول الله، ما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله)) ".
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)).
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة)).

3: فضل حفظ القرآن
-مسألة هل القراءة عن ظهر قلب أفضل أم القراءة من المصحف:

ق1: قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم.
الدليل :حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
ق2: الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛
السبب :لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه.
و لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال.

الأدلة:
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) وهذا الإسناد ضعيف فإن معاوية بن يحيى هو الصدفي أو الأطرابلسي، وأيهما كان فهو ضعيف.
وقال الثوري عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ. وقال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

الجواب عن استدلال حديث البخاري:
البخاري، رحمه الله، أراد بذكر حديث سهل للدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل منها في المصحف، ففيه نظر؛ لأنها قضية عين، فيحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل مطلقا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذ لو دل هذا لكان ذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلاوته عن ظهر قلب -لأنه أمي لا يدري الكتابة- أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.
الثاني: أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد هاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه والله سبحانه وتعالى أعلم.

استذكار القرآن وتعاهده
الأحاديث الدالة على الترغيب في كثرة تلاوة القرآن واستذكاره وتعاهده؛ لئلا يعرضه حافظه للنسيان:
-عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) هكذا رواه مسلم والنسائي من حديث مالك به.
-عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)). وهكذا رواه مسلم

عقوبة نسيان القرآن:
-عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجذم))
-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها))
-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها)).

عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به. وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: ((فإنما هو نسي))، بالتخفيف، هذا لفظه.

أسباب نسيان القرآن:

وفي هذا الحديث دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24] وهو، والله أعلم، من باب المجاز السائغ بذكر المسبب وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنما يكون عن سبب قد يكون ذنبا.

*الأدعية المأثورة لحفظ القرآن وطرد النسيان:
عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.

4: ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
الحث على ترتيل القرآن:
قول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)).

قراءة النبي صلى الله عليه وسلم:
- عن ابن عباس في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه. متفق عليه، وفيه دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].

- سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
الترجيع
- قال البخاري رحمه الله : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع.
وقد تقدم هذا الحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح، وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آ آ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته.

حسن الصوت بالقراءة والاستماع من الغير وقول حسبك للقارئ

حسن الصوت بالقراءة
عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) وهكذا رواه الترمذي عن موسى بن عبد الرحمن الكندي، عن أبي يحيى الحماني -واسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن- وقال: حسن صحيح.

من أحب أن يسمع القرآن من غيره
عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) ".
عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.

قول المقرئ للقارئ: حسبك
عن عبد الله قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

5: أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن
القراءة على الدابة

حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، أخبرني أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".


تعليم الصبيان القرآن
-جواز تعليم الصبي القرآن:
قال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين ....الحديث.
انفرد بإخراجه البخاري، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان جمع المفصل، وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره آنذاك عشر سنين. وقد روى البخاري أنه قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مختون. وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم، فيحتمل أنه تجوز في هذه الرواية بذكر العشر، وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.

-حكم تعليم الصبي القرآن :
يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس.
ق1: وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة
السبب: لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب.
ق2: وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمس آيات، رويناه عنه بسند جيد.

حكم قول سورة البقرة، وسورة كذا وكذا
ق1: الجواز:عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا)).
ق2:كره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، كما تقدم من رواية يزيد الفارسي عن ابن عباس، عن عثمان أنه قال: إذا نزل شيء من القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)).
الترجيح: ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر، وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم، وبالله التوفيق.

البكاء عند القراءة
عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان ".
وهذا من المتفق عليه .

معنى حديث: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم...)
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل))

المقصد السادس : فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم


المسائل :

1:الأقوال في سبب تسمية السورة بهذا الإسم:
ق1: من الإبانة والارتفاع. قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة.
ق2: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان.
ق3: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها.
ق4: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
ق5: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.

وجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات.


2: السور المدنية والمكية:
عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة".

3:الآية ،والأقوال في تسمية الآية بهذا الإسم:
ق1: العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]، وقال النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
ق2:: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
ق3: سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.
قال سيبويه: وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة.

- الخلاف في عدد آيات القرآن العظيم :
فستة آلاف آية، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال، فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة، وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: مائتان وست وثلاثون آية. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.

4: الكلمة:
فهي اللفظة الواحدة، وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك، وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف.
-أ مثلة :{ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22].
-هل تكون الكلمة الواحدة آية؟
وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى: {مدهامتان} بسورة الرحمن.

- عدد كلمات القرآن:
عن عطاء بن يسار: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.

5:حروف القرآن:
عن مجاهد: هذا ما أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا.
عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.


6:التحزيب والتجزئة:

فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها، عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم.

7:وجود التركيب الأعجمية في القرآن:
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط، واختلفوا: هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 01:33 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة حافظ مشاهدة المشاركة
المقصد الكلي لمقدمة تفسير ابن كثير

بيان فضل القرآن وآداب تلاوته و عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف مع بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسيرو علوم القرآن الكريم.

أحسنتِ أختي الفاضلة
ومن المهم بيان أن ابن كثير قصد بذلك تهيئة طالب التفسير للاستفادة من تفسيره علمًا وعملاً
وقد أشار لذلك في بداية شرحه لفضائل القرآن من مقدمته.

درجة المقصد الكلي : 10 / 10
وفقكِ الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11 شعبان 1436هـ/29-05-2015م, 01:59 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خولة حافظ مشاهدة المشاركة
المقاصد الفرعية للكتاب :

1: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير
2: بيان فضل القرآن
3: عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف
4:بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف
5:بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها
6: ذكر فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم



التلخيص:

المقصد الأول: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير

المسائل :

1: وجوب الإيمان بالقرآن ووعيد من كذّب به
- قال الله تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}، وقال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده}.
- قال ابن كثير: (فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده بنصِّ الله تعالى).

2: الإنذار بالقرآن من مقاصد إرسال الرسل.
- قال الله تعالى: {لأنذركم به ومن بلغ}
قال ابن كثير: (فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم، وأسود وأحمر، وإنس وجان، فهو نذير له).

3: عموم رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين
- قال الله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}
- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت إلى الأحمر والأسود)). قال مجاهد: يعني: الإنس والجن.
- قال ابن كثير: (فهو -صلوات الله وسلامه عليه- رسول الله إلى جميع الثقلين: الإنس والجن، مبلغا لهم عن الله ما أوحاه إليه من هذا الكتاب العزيز الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد}).

4: الأمر بتدبّر القرآن
- قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}، وقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}، وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.

5: حكم تفسير القرآن وبيان معانيه للناس
- قال ابن كثير: (فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله وتفسير ذلك وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه).
- قال الله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}.

6: ذمّ المعرضين عن تدبّر كتاب الله
- قال ابن كثير: (ذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله، فعلينا -أيها المسلمون- أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه).
- قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون}.
لطيفة:
قال ابن كثير: (ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كريم).


6: أحسن طرق التفسير
أ: تفسير القرآن بالقرآن.
- ما أجمل في موضع من القرآن فإنه قد فسر في موضع آخر.
ب: تفسير القرآن بالسنّة.
- السنّة مبيّنة للقرآن وشارحة له.
- قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
- السنّة وحي من الله إلا أنها لا تُتلى كما يُتلى القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)) يعني: السنة.
- قال الشافعي: (كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما} ).

-ج: تفسير القرآن بأقوال الصحابة رضي الله عنهم.
- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنّة رجعنا إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم
- الصحابة أعلم الناس بالقرآن لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح.
- علماء الصحابة وكبراؤهم لهم مزيد عناية بالعلم بالقرآن كالخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس.
علم ابن مسعود رضي الله عنه بتفسير القرآن
- قال ابن مسعود: (والذي لا إله غيره، ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته). رواه ابن جرير.
- وقال أبو عبد الرحمن السلمي: (حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا).
علم ابن عباس رضي الله عنهما بتفسير القرآن
- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (نعم ترجمان القرآن ابن عباس). رواه ابن جرير وصحّحه ابن كثير وقال: (وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة؛ فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنه؟!!).

7: حكم رواية الإسرائيليات
- عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) رواه البخاري.
- كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قد أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.
- الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد.
-أ: أقسام الإسرائيليات
- الإسرائيليات على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
ب: من أسباب اختلاف المفسّرين اختلاف الأخبار المرويّة عن بني إسرائيل
قال ابن كثير: (ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرا، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعددهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دينهم ولا دنياهم ).
-ج: حكم نقل الخلاف عن بني إسرائيل
- قال ابن كثير: (نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز كما قال تعالى قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا} [الكهف: 22]).
- اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما.
- ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم} فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب.
-د: أصول وآداب حكاية الخلاف في المسائل العلمية
- أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم.
- من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه. أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضا.
- مَن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ.
- مَن نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثوبي زور.


8: تفسير القرآن بأقوال التابعين
- قال ابن كثير: (إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة؛ فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين).
- من أئمة التابعين في التفسير: مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية الرياحي، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم.
- إذا أجمع التابعون على تفسير فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم.
- من أقوال التابعين في التفسير أقوال فيها تنوّع في الدلالة على المراد ويقع بسبب ذلك تباين في الألفاظ وهي ترجع إلى معنى واحد في حقيقة الأمر ؛ فقد يظنّها الظان اختلافاً وليست كذلك.
- بيان ذلك: أن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من المواضع.

9: علم مجاهد بن جبر بالتفسير
- قال مجاهد: (عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها). رواه ابن إسحاق.
- قال ابن أبي مليكة: (رأيت مجاهدا سأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه، قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله).
- قال ابن كثير: (ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به).


10: هل تفسير التابعي حجّة؟

- قال شعبة بن الحجاج وغيره: (أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون حجة في التفسير؟)
- قال ابن كثير: (يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة).

11: حكم التفسير بالرأي
- تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام.
- عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)). رواه الترمذي والنسائي وابن جرير.
- عن جندب بن جنادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ)). رواه أبو داوود والترمذي والنسائي، وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)).
- قال ابن كثير: (لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه).

12: تحرّج بعض السلف عن التفسير خشية القول فيه بغير علم
- قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: (أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم؟!).
- عن ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها). رواه ابن جرير وقال ابن كثير: (إسناده صحيح).
- قال عبيد الله بن عمر: (لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظمون القول في التفسير، منهم: سالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وسعيد بن المسيب، ونافع). رواه ابن جرير.
- قال محمد بن سيرين: سألت عَبيدة يعني السلماني عن آية من القرآن فقال: (ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن فاتق الله، وعليك بالسداد).
- قال مسروق بن الأجدع: (اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية عن الله). رواه أبو عبيد.
- قال إبراهيم النخعي: (كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه). رواه أبو عبيد.
- وقال الليث، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: (إنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن).
- عن يزيد بن أبي يزيد قال: (كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع).

13: توجيه الآثار المرويّة عن بعض السلف في التحرّج من التفسير
- قال ابن كثير: (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد).
- كما يجب سكوت المرء عما لا علم له به، فكذلك يجب عليه القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}، ولما جاء في الحديث المروى من طرق: ((من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار)).

14: تنبيه على ضعف حديث في التفسير النبوي
- ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعددٍ علَّمهن إياه جبريل عليه السلام). رواه ابن جرير.
- قال عنه ابن كثير: (حديث منكر غريب).
- وجّه ابن جرير هذا الحديث بأنّه محمول على ما لا يُعلم إلا بالتوقيف من أمور الغيب مما علّمه إيّاه جبريل.
- قال ابن كثير: (وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث؛ فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، كما صرح بذلك ابن عباس).
- عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله). رواه ابن جرير.



المقصد الثاني: بيان فضل القرآن
ذكر ابن كثير رحمه الله تحت هذا المقصد جملة من المسائل والأدلة هذا تلخيصها.
المسائل :


1: هيمنة القرآن على ما قبله من الكتب
قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه}.
- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: (المهيمن: الأمين). قال: (القرآن أمين على كل كتاب قبله). وفي رواية: (شهيدا عليه). رواه ابن جرير وعلقه البخاري.
- وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن أبي إسحاق السبيعي، عن التميمي، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
- قال ابن كثير: (وبنحو ذلك قال مجاهد والسدي وقتادة وابن جريج والحسن البصري وغير واحد من أئمة السلف).
- أصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه.
- قدم ابن كثير الفضائل قبل التفسير وذكر فضل كل سورة قبل تفسيرها ليكون ذلك باعثا على حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه.

2: الأحاديث الواردة في فضل القرآن
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)). رواه البخاري.
- في هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء؛ لأنها معجزة باقية مؤثّرة.
- عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟
قال: (( كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). رواه أحمد والترمذي واللفظ له، وفي إسناده الحارث الأعور متكلّم فيه، قال ابن كثير: (قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما أنه تعمد الكذب في الحديث).
- قال ابن كثير: (وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم).
- عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). رواه أبو عبيد، وفي إسناده مقال.

3: من فضائل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله
- من فضل القرآن أنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، قال الله تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا}.
- تحدّى الله العرب أن يأتوا بسورة واحدة من مثله فعجزوا وهو أهل الفصاحة والبلاغة ؛ قال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين}


4: مدّة نزول الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم
- عن أبي سلمة قال: أخبرتني عائشة وابن عباس قالا: (لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن، وبالمدينة عشرا) رواه البخاري والنسائي.
- قال ابن كثير: (أما إقامته بالمدينة عشرا فهذا مما لا خلاف فيه، وأما إقامته بمكة بعد النبوة فالمشهور ثلاث عشرة سنة؛ لأنه، عليه الصلاة والسلام، أوحي إليه وهو ابن أربعين سنة، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح).
- يحتمل أنه حذف ما زاد على العشرة اختصارا في الكلام على عادة العرب في حذف الكسور، أنهما إنما اعتبرا قرن جبريل به عليه السلام ؛ لما روى الإمام أحمد أنه قرن به ميكائيل في ابتداء الأمر يلقي إليه الكلمة والشيء، ثم قرن به جبريل.
- ابتُدئ نزول القرآن في مكان شريف وهو البلد الحرام، وفي زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان.


5: الملَك الموكّل بنزول الوحي
- قال معتمر بن سليمان: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل، أو كما قال.
قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام).
- جبريل عليه السلام ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} ، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات.


6: تتابع الوحي على النبيّ صلى الله عليه وسلم
- عن ابن شهاب الزهري قال: (أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد). رواه البخاري ومسلم.
- تابع الله نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه.
- فتر الوحي بعد نزول: {اقرأ باسم ربك} واختلف في مدة هذه الفترة حتى قيل إنها قريب من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع.
- أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر}.
- عن جندب بن عبد الله البجلي قال: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى} ). رواه البخاري ومسلم.
- في الحديث دلالة على محبّة الله تعالى لنبيّه صلى الله عليه وسلم وعنايته به إذ جعل الوحي عليه متتابعاً.
- إنما أنزل القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.

7: شدّة نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم
- روى البخاري حديث يعلى بن أمية أنه كان يقول: ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي. فذكر الحديث الذي سأل عمن أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب وعليه جبة، قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم فجئه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أي: تعال، فجاء يعلى، فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة، ثم سري عنه، فقال: ((أين الذي سألني عن العمرة آنفا؟)) فذكر أمره بنزع الجبة وغسل الطيب.

8: معرفة المكّي والمدنيّ
- القرآن منه مكّي ومدني؛ فالمكي: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعد الهجرة، سواء أكان بالمدينة أم بغيرها من البلاد، حتى ولو كان بمكة أو عرفة.
- أجمعوا على سور أنها من المكي وأخر أنها من المدني، واختلفوا في أخر.
- أراد بعض العلماء ضبط الفروق بين المكّي والمدني بضوابط كليّة، وفيما ذكروه عًسرٌ ونظر.
- قال بعضهم: كل سورة في أولها شيء من الحروف المقطعة فهي مكية إلا البقرة وآل عمران، كما أن كل سورة فيها: {يا أيها الذين آمنوا} فهي مدنية.
- وقال علقمة: (كل شيء في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه أنزل بالمدينة، وما كان {يا أيها الناس} فإنه أنزل بمكة) رواه أبو عبيد.
- وقال ميمون بن مهران: (ما كان في القرآن: {يا أيها الناس} و {يا بني آدم} فإنه مكي، وما كان: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه مدني). رواه أبو عبيد.
- قال بعض العلماء بتكرر نزول بعض السور مرّة بمكة ومرّة بالمدينة.
- بعض العلماء يقول بالاستثناء في بعض السور؛ فيستثني من بعض السور المكيّة آيات يدّعي أنها من المدني.
- الصواب أن تمييز المكيّ من المدني يرجع فيه إلى ما دلّ عليه الدليل الصحيح.
- قال علي بن أبي طلحة: (نزلت بالمدينة سورة البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنفال، والتوبة، والحج، والنور، والأحزاب، والذين كفروا، والفتح، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والحواريون، والتغابن، و{يا أيها النبي إذا طلقتم النساء} و{يا أيها النبي لم تحرم} والفجر، {والليل إذا يغشى} و {إنا أنزلناه في ليلة القدر} و {لم يكن الذين كفروا} و {إذا زلزلت} و {إذا جاء نصر الله} وسائر ذلك بمكة).
- ذكر علي بن أبي طلحة في المدني سورا في كونها مدنية نظر، وفاته الحجرات والمعوذات.

9: نزول القرآن باللسان العربي
- قال الله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين}، وقال تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون}.
- عن أنس بن مالك قال: (فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: (إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم) ففعلوا). رواه البخاري.
- عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: (لا يُمْلِيَنَّ في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف). رواه ابن أبي داوود، وقال ابن ثير: (هذا إسناد صحيح).
- عن عبد الله بن فضالة قال: (لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: (إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر). رواه البخاري.
- القرآن نزل بلغة قريش، وقريش خلاصة العرب.

10: نزول السكينة والملائكة عند القراءة
- قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} ، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم .
- عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)). رواه البخاري ومسلم.
- عن أسيد بن الحضير قال: (بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت، ثم قرأ فجالت الفرس، فانصرف، وكان ابنه يحيى قريبا منها، فأشفق أن تصيبه، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأ يابن حضير، اقرأ يابن حضير)). قال: فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى وكان منها قريبا، فرفعت رأسي وانصرفت إليه، فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة، فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها قال: ((أو تدري ما ذاك؟)). قال: لا قال: (( تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم)). رواه البخاري معلّقاً.
- عن أسيد بن حضير أنه كان على ظهر بيته يقرأ القرآن وهو حسن الصوت..) رواه أبو عبيد. ، ثم ذكر مثل هذا الحديث أو نحوه.
- عن أسيد بن حضير قال: قلت: يا رسول الله، بينما أنا أقرأ البارحة بسورة، فلما انتهيت إلى آخرها سمعت وجبة من خلفي، حتى ظننت أن فرسي تطلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)) مرتين قال: فالتفت إلى أمثال المصابيح ملء بين السماء والأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ أبا عتيك)). فقال: والله ما استطعت أن أمضي فقال: ((تلك الملائكة تنزلت لقراءة القرآن، أما إنك لو مضيت لرأيت الأعاجيب)) ". رواه أبو عبيد.



11: القرآن أعظم إرث النبي صلى الله عليه وسلم

- عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين).
قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: (ما ترك إلا ما بين الدفتين). تفرد به البخاري.
- معناه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يرّث شيئاً من الدنيا، وإنما ترك لنا القرآن، والسنّة مفسّرة للقرآن مبيّنة له.
- قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: (ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا).
- وفي حديث أبي الدرداء: ((إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا نورث ما تركنا فهو صدقة))


12: فضل القرآن على سائر الكلام
- عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)). رواه البخاري.
- طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما؛ فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.
- كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله عليه.


13: الوصايا بكتاب الله
- قال طلحة بن مصرف: سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ( لا )؛ فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أُمروا بها ولم يوص؟ قال: (أوصى بكتاب الله عز وجل). رواه البخاري.
- المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى الناس باتّباع كتاب الله عز وجل.
- النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا من الدنيا يورث عنه، وإنما ترك ماله صدقة جارية من بعده، فلم يحتج إلى وصية في ذلك.
- لم يوصِ النبي صلى الله عليه وسلم إلى خليفة يكون بعده على التنصيص؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارته وإيمائه إلى الصديق؛ لحديث ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)).


14: معنى التغنّي بالقرآن وفضل حسن الصوت بالقرآن
- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، وقال صاحب له: يريد يجهر به. رواه البخاري.
- قال حرملة: (سمعت ابن عيينة يقول: معناه: (يستغني به) فقال لي الشافعي: ليس هو هكذا، ولو كان هكذا لكان يتغانى به، وإنما هو يتحزن ويترنم به).
- قال ابن كثير: (معناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك).
- عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)). رواه ابن ماجة بسند جيّد.
- الله تعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم لكن استماع الله لقراءة النبي والمؤمنين استماع تشريف.
- عن عقبة بن عامر قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في المسجد نتدارس القرآن، فقال: ((تعلموا كتاب الله واقتنوه)). قال: وحسبت أنه قال: ((وتغنوا به، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتا من المخاض من العقل)). رواه أبو عبيد، وفي رواية له: ((واقتنوه وتغنوا به)) ولم يشك، وهكذا رواه أحمد والنسائي.
- عن المهاصر بن حبيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أهل القرآن، لا توسدوا القرآن، واتلوه حق تلاوته آناء الليل والنهار، وتغنوه واقتنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون))
- قال ابن كثير: (وهذا مرسل).
- قال أبو عبيد: (قوله: ((تغنوه)): يعني: اجعلوه غناءكم من الفقر، ولا تعدوا الإقلال منه فقرا. وقوله: ((واقتنوه))، يقول: اقتنوه، كما تقتنون الأموال: اجعلوه مالكم).
- عن فضالة بن عبيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)) رواه أبو عبيد وابن ماجة.
- قال أبو عبيد: (يعني: الاستماع. وقوله في الحديث الآخر: ((ما أذن الله لشيء)) أي: ما استمع).
- عن السائب قال: قال لي سعد: يابن أخي، هل قرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: غن به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غنوا بالقرآن، ليس منا من لم يغن بالقرآن، وابكوا، فإن لم تقدروا على البكاء فتباكوا)). رواه أبو القاسم البغوي.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). رواه أبو داوود.
- عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)). رواه ابن ماجة.
- قال عبيد الله بن أبي يزيد: مرَّ بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت، رث الهيئة، فانتسبنا له، فقال: تجار كسبة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). قال: فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت قال: يحسنه ما استطاع). رواه أبو داود.
- قال ابن كثير: (فقد فهم من هذا أن السلف، رضي الله عنهم، إنما فهموا من التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله).
- واستدلّ لذلك بحديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داوود والنسائي وابن ماجه.
- المراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به،
- عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود )). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا). رواه مسلم.
- قال ابن كثير: (والغرض أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه).

15: من عُرف بحسن الصوت من الصحابة
- عن أبي سلمة قال: (كان عمر إذا رأى أبا موسى قال: ذكرنا ربنا يا أبا موسى، فيقرأ عنده). رواه أبو عبيد.
- قال أبو عثمان النهدي: (كان أبو موسى يصلي بنا، فلو قلت: إني لم أسمع صوت صنج قط، ولا بربط قط، ولا شيئا قط أحسن من صوته).
- عن عائشة قالت: "أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بعد العشاء، ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)). قلت: كنت أستمع قراءة رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام فقمت معه حتى استمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالم مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)) ". رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
- عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قال: قراءة منه). متفق عليه.
- أحسن القراءة ما كان عن خشوع القلب.

16: أحسن الناس صوتاً بالقرآن أخشاهم لله
قال طاووس بن كيسان: (أحسن الناس صوتا بالقرآن أخشاهم لله). رواه أبو عبيد.
- عن طاوس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحسن صوتا بالقرآن؟ فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله)) ". رواه أبو عبيد.
17: تحسين الصوت بالقرآن وحكم القراءة بالألحان
- قال ابن كثير: (المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك).
- عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)). رواه أبو عبيد.
- عن عُلَيم قال: (كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين). رواه أبو عبيد.
- قال ابن كثير: (وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه).

18: اغتباط صاحب القرآن
- عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)). رواه البخاري.
- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار))، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل، ((ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق))، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل". رواه البخاري ومسلم.
- ينبغي أن يكون صاحب القرآن شديد الاغتباط بما هو فيه، وينبغي لغيره أن يغبطه على ذلك بأن يتمنّى مثل ما هو فيه من النعمة.
- الغبطة غير الحسد المذموم الذي هو تمنّي زوال النعمة.
- ورد في فضل الغبطة أحاديث من أصحّها حديث أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الوزر سواء)). رواه الإمام أحمد ، وقال ابن كثير: (إسناد صحيح).

19: فضل من تعلَّم القرآن وعلمه
-قال سعد بن عبيدة: عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاج قال: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا). رواه البخاري.
- قال ابن كثير: (كان أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي أحد أئمة الإسلام ومشايخهم من رغب في هذا المقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث فيه يعلم القرآن سبعين سنة، رحمه الله، وآتاه الله ما طلبه).
- من شأن خيار الأبرار أن يكمل المرء نفسه ويسعى في تكميل غيره كما قال عليه السلام: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، وكما قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}
- ومن شأن الفجار أنهم لا ينتفعون بالهدى، ولا يتركون أحدا ممن أمكنهم أن ينتفع به، كما قال تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب}، وكما قال تعالى: {وهم ينهون عنه وينأون عنه}، في أصح قولي المفسرين في هذا.

20: تزويج الخاطب بما معه من القرآن
- عن سهل بن سعد قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ورسوله، فقال: ((ما لي في النساء من حاجة)). فقال رجل: زوجنيها قال: ((أعطها ثوبا))، قال: لا أجد، قال: ((أعطها ولو خاتما من حديد))، فاعتل له، فقال: ((ما معك من القرآن؟)). قال: كذا وكذا. فقال: ((قد زوجتكها بما معك من القرآن)). متفق عليه.
- في رواية لمسلم: (فعلّمها)، وهذا سبب إيراد البخاري لهذا الحديث بعد حديث : ( خيركم من تعلّم القرآن القرآن وعلّمه).


21: وصايا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بالقرآن
- قال ابن كثير: (وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد، عبد الله بن مسعود أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم).
- قال ابن مسعود: (كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض). رواه الطبراني.
- وقال: (من أراد العلم فليثوّر من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين).
- وقال: (أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر).
وقال: (أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم.
قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟
- وقال: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز). رواه الطبراني.
- عن أبي وائل قال: كان عبد الله بن مسعود يقل الصوم، فيقال له في ذلك، فيقول: (إني إذا صمت ضعفت عن القراءة والصلاة، والقراءة والصلاة أحب إلي).



المقصد الثالث :عرض لتاريخ جمع القرآن وكتابة المصاحف


المسائل :


:1 الجمع النبوي :

(1)معارضة النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بالقرآن

-المراد من معارضة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل سنة:
مقابلته على ما أوحاه إليه عن الله تعالى، ليبقى ما بقي، ويذهب ما نسخ توكيدا، أو استثباتا وحفظا.

-عدد مرات عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام:

*كل عام مرة إلا العام الذي قبض فيه فمرتين
الأدلة :
-عن أبي هريرة قال: "كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه".

-عن فاطمة، رضي الله عنها: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي. هكذا ذكره البخاري معلقا وقد أسنده في موضع آخر.

-سبب معارضة القرآن في السنة الأخيرة من عمره مرتين:
دلالة على اقتراب أجله ولهذا فهم، عليه السلام، اقتراب أجله، وعثمان، رضي الله عنه، جمع المصحف الإمام على العرضة الأخيرة، رضي الله عنه وأرضاه .وقد سبق ذكر الأدلة على ذلك.

-سبب تخصيص بذلك رمضان من بين الشهور:

لأن ابتداء الإيحاء كان فيه؛ ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه، ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة فيه في تلاوة القرآن، كما تقدم ذكرنا لذلك.
الدليل: عن ابن عباس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"، متفق عليه.


2:القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم


عن مسروق: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب))، رضي الله عنهم.
فهؤلاء الأربعة اثنان من المهاجرين الأولين عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة، وقد كان سالم هذا من سادات المسلمين وكان يؤم الناس قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واثنان من الأنصار معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وهما سيدان كبيران، رضي الله عنهم أجمعين.

عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد)). وهكذا رواه الإمام أحمد.
قال البخاري: حدثنا حفص بن عمر، حدثنا همام، حدثنا قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. ورواه مسلم من حديث همام.
اختصار الأثر : عن أنس بن مالك قال : " .... " متفق عليه. [ متفق عليه = رواه البخاري ومسلم ]

-جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق:

عن أنس بن مالك قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد. قال: ونحن ورثناه.
فهذا الحديث ظاهره أنه لم يجمع القرآن من الصحابة سوى هؤلاء الأربعة فقط، وليس هذا هكذا، بل الذي لا شك فيه أنه جمعه غير واحد من المهاجرين أيضا، ولعل مراده: لم يجمع القرآن من الأنصار؛ ولهذا ذكر الأربعة من الأنصار، وهم أبي بن كعب في الرواية الأولى المتفق عليها وفي الثانية من أفراد البخاري: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد، وكلهم مشهورون إلا أبا زيد هذا، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث، وقد اختلف في اسمه فقال الواقدي: اسمه قيس بن السكن بن قيس بن زعواء بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار.

-لهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة، فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله في الصحف؛ لئلا يذهب منه شيء بموت من تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته، ثم أخذها عمر بعده فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته وكانت عند أم المؤمنين رضي الله عنها، حتى أخذها منها أمير المؤمنين عثمان بن عفان.

3:فضل ابن عباس في تفسير القرآن:
وقد تقدم عن مجاهد أنه قال: قرأت القرآن على ابن عباس مرتين، أقفه عند كل آية وأسأله عنها. ومنهم عبد الله بن عمرو، كما رواه النسائي وابن ماجة من حديث ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اقرأه في شهر)). وذكر تمام الحديث. [ ما مناسبة هذه المسألة لجمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ثم فيما أوردتِ حديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص ! ]



4:جمع عثمان رضي الله عنه للقرآن
وهذا -أيضا- من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فإن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة؛ لئلا يختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة، وإنما روي عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر أصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام، ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا. فاتفق الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، على أن ذلك من مصالح الدين، وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)). وكان السبب في هذا حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه فإنه لما كان غازيا في فتح أرمينية وأذربيجان، وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراءات على حروف شتى، ورأى منهم اختلافا كثيرا وافتراقا، فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان: أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.

5:ترتيب سور وآيات القرآن
- ترتيب عثمان لسور القرآن

كان عثمان -والله أعلم- رتب السور في المصحف، وقدم السبع الطوال وثنى بالمئين؛ ولهذا روى ابن جرير وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث غير واحد من الأئمة الكبار، عن عوف الأعرابي، عن يزيد الفارسي، عن ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينها ولم تكتبوا بينها سطر "بسم الله الرحمن الرحيم"، ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: كان رسول الله مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا أنزلت عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، وحسبت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" فوضعتها في السبع الطوال.


ترتيب الآيات والسور توقيفي أم اجتهادي:


ترتيب الآيات في السور أمر توقيفي متلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب السور فمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه؛ ولهذا ليس لأحد أن يقرأ القرآن إلا مرتبا آياته؛ فإن نكسه أخطأ خطأ كبيرا. وأما ترتيب السور فمستحب اقتداء بعثمان، رضي الله عنه، والأولى إذا قرأ أن يقرأ متواليا كما قرأ، عليه الصلاة والسلام، في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين وتارة بسبح و{هل أتاك حديث الغاشية}، فإن فرق جاز، كما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيد بقاف و{اقتربت الساعة}، رواه مسلم عن أبي واقد في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، و{هل أتى على الإنسان}.
-حكم تقديم بعض السور على بعض مع الدليل:
وإن قدم بعض السور على بعض جاز أيضا، فقد روى حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران. أخرجه مسلم. وقرأ عمر في الفجر بسورة النحل ثم بيوسف.

6:تأليف القرآن وترتيبه [ تأليف القرآن = ترتيب القرآن ،= ترتيب آياته وسوره ؛ ففي ذلك تكرار ]
فأما ترتيب الآيات في السور فليس في ذلك رخصة، بل هو أمر توقيفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقرير ذلك.
والظاهر أن ترتيب السور فيه منه ما هو راجع إلى رأي عثمان رضي الله عنه، وذلك ظاهر في سؤال ابن عباس له عن ترك البسملة في أول براءة، وذكره الأنفال من الطول، والحديث في الترمذي وغيره بإسناد جيد وقوي.
ولهذا حكى القاضي الباقلاني: أن أول مصحفه كان: {اقرأ باسم ربك الأكرم} وأول مصحف ابن مسعود: {مالك يوم الدين} ثم البقرة، ثم النساء على ترتب مختلف، وأول مصحف أبي: {الحمد لله} ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم المائدة، ثم كذا على اختلاف شديد، ثم قال القاضي: ويحتمل أن ترتيب السور في المصحف على ما هو عليه اليوم من اجتهاد الصحابة، رضي الله عنهم، وكذا ذكره مكي في تفسير سورة براءة قال: فأما ترتيب الآيات والبسملة في الأوائل فهو من النبي صلى الله عليه وسلم.


7:تنقيط المصحف وشكله وتقسيمه

الأقوال فيمن أول من أمر بتنقيط المصحف وشكله:
-فيقال: إن أول من أمر به عبد الملك بن مروان، فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط، فأمر الحسن البصري ويحيى بن يعمر ففعلا ذلك.
-يقال: إن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي.
- وقيل أنه كان لمحمد بن سيرين مصحف قد نقطه له يحيى بن يعمر والله أعلم.

تنقيط المصحف:

قال قتادة: بدؤوا فنقطوا، ثم خمسوا، ثم عشروا. وقال يحيى بن أبي كثير: أول ما أحدثوا النقط على الباء والتاء والثاء، وقالوا: لا بأس به، هو نور له، أحدثوا نقطا عند آخر الآي، ثم أحدثوا الفواتح والخواتم.
ورأى إبراهيم النخعي فاتحة سورة كذا، فأمر بمحوها وقال: قال ابن مسعود: لا تخلطوا بكتاب الله ما ليس فيه. قال أبو عمرو الداني: ثم قد أطبق المسلمون في ذلك في سائر الآفاق على جواز ذلك في الأمهات وغيرها.

8:كتابة الأعشار:

- كتابة الأعشار على الحواشي فينسب إلى الحجاج أيضا.
-قيل: بل أول من فعله المأمون.


المقصد الرابع :بيان معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

المسائل :


1:معنى الأحرف السبعة:
أن القرآن نزل بسبع لغات متفرقة في جميع القرآن من لغات العرب، فيكون الحرف الواحد منها بلغة قبيلة والثاني بلغة أخرى سوى الأولى، والثالث بلغة أخرى سواهما، كذلك إلى السبعة، وبعض الأحياء أسعد بها وأكثر حظا فيها من بعض، وذلك بين في أحاديث تترى، عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.

- اللغات السبع:
عن ابن عباس قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن.
-قال أبو عبيد: والعجز هم بنو أسد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف هم عليا هوازن
قال ابن جرير: واللغتان الأخريان: قريش وخزاعة .

-الخلاف في معنى الأحرف السبعة: [ المسألة الأولى في هذا المقصد توحي أنه اتُفق على أنها اللغات السبعة ، لذا الأفضل أن تقدمي الخلاف في معنى الأحرف السبعة ثم تبيني ما رجحه ابن كثير منها ]
اختلف العلماء في معنى هذه السبعة الأحرف وما أريد منها على أقوال نذكر منها خمسة.

ق1:- أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة نحو:أقبل وتعال وهلم.وهو قول أكثر أهل العلم، منهم سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وأبو جعفر بن جرير، والطحاوي.
الأدلة:
1-عن أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال وأقبل واذهب وأسرع وعجل".
2- عن أبي بن كعب: أنه كان يقرأ: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} [الحديد: 13]: "للذين آمنوا أمهلونا" "للذين آمنوا أخرونا" "للذين آمنوا ارقبونا"، وكان يقرأ: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} [البقرة: 20] "مروا فيه" "سعوا فيه".

ق2: أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وليس المراد أن جميعه يقرأ على سبعة أحرف، ولكن بعضه على حرف وبعضه على حرف آخر. ذهب إلى هذا القول أبو عبيد، واختاره ابن عطية.

الأدلة:
1- لأن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراءات كتحقيق الهمزات، فإن قريشا لا تهمز،وهذا قول ابن عبد البر.
2-قال ابن عباس: ما كنت أدري ما معنى: {فاطر السماوات والأرض} [فاطر: 1]، حتى سمعت أعربيا يقول لبئر ابتدأ حفرها: أنا فطرتها.
ق3: أن لغات القرآن السبع منحصرة في مضر على اختلاف قبائلها خاصة؛ لقول عثمان: إن القرآن نزل بلغة قريش، وقريش هم بنو النضر بن الحارث على الصحيح من أقوال أهل النسب، كما نطق به الحديث في سنن ابن ماجه وغيره.

ق4: وحكاه الباقلاني عن بعض العلماء- : أن وجوه القراءات ترجع إلى سبعة أشياء، منها ما تتغير حركته ولا تتغير صورته ولا معناه مثل: {ويضيقُ صدري} [الشعراء: 13] و "يضيقَ"، ومنها ما لا تتغير صورته ويختلف معناه مثل: {فقالوا ربنا باعِد بين أسفارنا} [سبأ: 19] و "باعَد بين أسفارنا"، وقد يكون الاختلاف في الصورة والمعنى بالحرف مثل: {ننشزها} [البقرة: 259]، و"ننشرها" أو بالكلمة مع بقاء المعنى مثل {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5]، أو "كالصوف المنفوش" أو باختلاف الكلمة واختلاف المعنى مثل: {وطلح منضود} "وطلع منضود" أو بالتقدم والتأخر مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19]، أو "سكرة الحق بالموت"، أو بالزيادة مثل "تسع وتسعون نعجة أنثى"، "وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين". "فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم".

ق5: أن المراد بالأحرف السبعة معاني القرآن وهي: أمر، ونهي، ووعد، ووعيد، وقصص، ومجادلة، وأمثال. قال ابن عطية: وهذا ضعيف؛ لأن هذه لا تسمى حروفا، وأيضا فالإجماع أن التوسعة لم تقع في تحليل حلال ولا في تغيير شيء من المعاني.


-الأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
-عن عبيد الله بن عبد الله؛ أن عبد الله بن عباس حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)).

- عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: خفف عن أمتي، فقال اقرأه على حرفين، فقلت: اللهم رب خفف عن أمتي، فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف)).

-عن حذيفة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقيت جبريل عند أحجار المراء، فقلت: يا جبريل، إني أرسلت إلى أمة أمية؛ الرجل، والمرأة، والغلام، والجارية، والشيخ الفاني، الذي لم يقرأ كتابا قط فقال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)).

-عن أم أيوب- يعني امرأة أبي أيوب الأنصارية- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، أيها قرأت أجزأك)). وهذا إسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة.

-عن أبي بن كعب، أنه قال: سمعت رجلا يقرأ في سورة النحل قراءة تخالف قراءتي، ثم سمعت آخر يقرؤها بخلاف ذلك، فانطلقت بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذين يقرآن في سورة النحل فسألتهما: من أقرأكما؟ فقالا: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: لأذهبن بكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خالفتما ما أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحدهما: ((اقرأ)). فقرأ، فقال: ((أحسنت)) ثم قال للآخر: ((اقرأ)). فقرأ، فقال: ((أحسنت)). قال أبي: فوجدت في نفسي وسوسة الشيطان حتى احمر وجهي، فعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي، فضرب يده في صدري ثم قال: ((اللهم أخسئ الشيطان عنه، يا أبي، أتاني آت من ربي فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد، فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرفين فقلت: رب، خفف عن أمتي، ثم أتاني الثالثة، فقال: مثل ذلك وقلت له مثل ذلك، ثم أتاني الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة، فقلت: يا رب، اللهم اغفر لأمتي، يا رب، اغفر لأمتي، واختبأت الثالثة شفاعة لأمتي يوم القيامة)). إسناده صحيح.

2:هل القراءت السبع هي الأحرف السبع:
- هذه القراءات السبع التي تنسب لهؤلاء القراء السبعة ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها، وإنما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النحاس وغيره.



المقصد الخامس :بيان آداب تلاوة القرآن وأحكامها


المسائل :

1: وجوب الإخلاص في تلاوة القرآن
-التحذير من المراءاة بتلاوة القرآن التي هي من أعظم القرب:
الدليل: الحديث: ((واعلم أنك لن تتقرب إلى الله بأعظم مما خرج منه)) يعني: القرآن.
*المراءاة من صفات الخوارج:
الخوارج: هم الذين لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، الدليل ((يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم، وصلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم)). ومع هذا أمر بقتلهم لأنهم مراؤون في أعمالهم في نفس الأمر، وإن كان بعضهم قد لا يقصد ذلك، إلا أنهم أسسوا أعمالهم على اعتقاد غير صالح، فكانوا في ذلك كالمذمومين في قوله: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة: 109].

- أصناف في قراءة القرآن:
عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر أو خبيث وريحها مر)).

والمنافق المشبه بالريحانة التي لها ريح ظاهر وطعمها مر هو المرائي بتلاوته، كما قال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا} [النساء: 142].

بعض الأحاديث المتعلقة بتلاوة القرآن وفضائله وفضل أهله:
[ نستخلص من هذه الأحاديث فضل أهل القرآن في نقاط وتحت كل نقطة دليلها كما سأبين لكِ أدناه - بإذن الله - ]
عن أبي سعيد قال: قال نبي الله عليه الصلاة والسلام: ((يقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه)).
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: من شغله قراءة القرآن عن دعائي أعطيته أفضل ثواب السائلين)).
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) ".
عن ابن عباس قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: ((الحال المرتحل)). قال: يا رسول الله، ما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله)) ".
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)).
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة يوم القيامة)).

3: فضل حفظ القرآن

-مسألة هل القراءة عن ظهر قلب أفضل أم القراءة من المصحف:

ق1: قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم.
الدليل :حديث أبي حازم عن سهل بن سعد، وفيه أنه، عليه السلام، قال لرجل: ((فما معك من القرآن؟)). قال: معي سورة كذا وكذا، لسور عددها. قال: ((أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟)). قال: نعم. قال: ((اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن)).
ق2: الذي صرح به كثيرون من العلماء أن قراءة القرآن من المصحف أفضل؛
السبب :لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهو عبادة، كما صرح به غير واحد من السلف، وكرهوا أن يمضي على الرجل يوم لا ينظر في مصحفه.
و لئلا يعطل المصحف فلا يقرأ منه، ولعله قد يقع لبعض الحفظة نسيان فيستذكر منه، أو تحريف كلمة أو آية أو تقديم أو تأخير، فالاستثبات أولى، والرجوع إلى المصحف أثبت من أفواه الرجال.

الأدلة:
عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا، كفضل الفريضة على النافلة)) وهذا الإسناد ضعيف فإن معاوية بن يحيى هو الصدفي أو الأطرابلسي، وأيهما كان فهو ضعيف.
وقال الثوري عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف.
عن ابن عباس، عن عمر: أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
عن ابن مسعود: أنه كان إذا اجتمع إليه إخوانه نشروا المصحف، فقرؤوا، وفسر لهم. إسناد صحيح.
عن ابن عمر قال: إذا رجع أحدكم من سوقه فلينشر المصحف وليقرأ. وقال الأعمش عن خيثمة: دخلت على ابن عمر وهو يقرأ في المصحف فقال: هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة.

الجواب عن استدلال حديث البخاري:
البخاري، رحمه الله، أراد بذكر حديث سهل للدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل منها في المصحف، ففيه نظر؛ لأنها قضية عين، فيحتمل أن ذلك الرجل كان لا يحسن الكتابة ويعلم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، فلا يدل على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل مطلقا في حق من يحسن ومن لا يحسن، إذ لو دل هذا لكان ذكر حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلاوته عن ظهر قلب -لأنه أمي لا يدري الكتابة- أولى من ذكر هذا الحديث بمفرده.
الثاني: أن سياق الحديث إنما هو لأجل استثبات أنه يحفظ تلك السور عن ظهر قلب؛ ليمكنه تعليمها لزوجته، وليس المراد هاهنا: أن هذا أفضل من التلاوة نظرا، ولا عدمه والله سبحانه وتعالى أعلم.

استذكار القرآن وتعاهده
الأحاديث الدالة على الترغيب في كثرة تلاوة القرآن واستذكاره وتعاهده؛ لئلا يعرضه حافظه للنسيان:
-عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)) هكذا رواه مسلم والنسائي من حديث مالك به.
-عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفصيا من الإبل في عقلها)). وهكذا رواه مسلم

عقوبة نسيان القرآن:
[ نفس الملحوظة :
نستخلص العقوبات من الأحاديث ثم نضع الدليل تحت كل عقوبة ]

-عن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أمير عشرة إلا ويؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلا لقي الله يوم القيامة يلقاه وهو أجذم))
-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها))
-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله أوتيها رجل فنسيها)).

عن عبد الله، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)) ورواه مسلم والنسائي، من حديث منصور به. وقد تقدم. وفي مسند أبي يعلى: ((فإنما هو نسي))، بالتخفيف، هذا لفظه.

أسباب نسيان القرآن:

وفي هذا الحديث دليل على أن حصول النسيان للشخص ليس بنقص له إذا كان بعد الاجتهاد والحرص، وفي حديث ابن مسعود أدب في التعبير عن حصول ذلك، فلا يقول: نسيت آية كذا، فإن النسيان ليس من فعل العبد، وقد يصدر عنه أسبابه من التناسي والتغافل والتهاون المفضي إلى ذلك، فأما النسيان نفسه فليس بفعله؛ ولهذا قال: ((بل هو نسي))، مبني لما لم يسم فاعله، وأدب -أيضا- في ترك إضافة ذلك إلى الله تعالى، وقد أسند النسيان إلى العبد في قوله: {واذكر ربك إذا نسيت} [الكهف: 24] وهو، والله أعلم، من باب المجاز السائغ بذكر المسبب وإرادة السبب؛ لأن النسيان إنما يكون عن سبب قد يكون ذنبا.

*الأدعية المأثورة لحفظ القرآن وطرد النسيان:
عن ابن عباس قال: "قال علي بن أبي طالب: يا رسول الله، القرآن يتفلت من صدري، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته)). قال: قال: نعم بأبي وأمي، قال: ((صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب ويس، وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الثالثة بفاتحة الكتاب والم تنزيل السجدة، وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبيين، واستغفر للمؤمنين، ثم قل: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني، وارحمني من أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام، أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني، وأسألك أن تنور بالكتاب بصري، وتطلق به لساني، وتفرج به عن قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك وتعينني على ذلك فإنه لا يعينني على الخير غيرك، ولا يوفق له إلا أنت، فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا تحفظه بإذن الله وما أخطأ مؤمنا قط)). فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بسبع جمع فأخبره بحفظ القرآن والحديث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مؤمن ورب الكعبة))، علم أبو الحسن علم أبو الحسن" هذا سياق الطبراني.
[ ذكر ابن كثير بعد إيراده لهذا الحديث رأيه فيه:
فقال : في المتن غرابة بل نكارة ؛ ومن المهم إيراد هذا الحكم ونسبته إلى قائله ]

4: ترتيل القرآن وتجويد تلاوته
الحث على ترتيل القرآن:
قول الله عز وجل: {ورتل القرآن ترتيلا} [المزمل: 4]، وقوله: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث} [الإسراء: 106]، يكره أن يهذ كهذ الشعر، يفرق: يفصل، قال ابن عباس: {فرقناه}: فصلناه.
عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها)).

قراءة النبي صلى الله عليه وسلم:
- عن ابن عباس في قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه. متفق عليه، وفيه دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة، بل بتأمل وتفكر، قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته} [ص: 29].

- سئل أنس بن مالك: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. يمد بسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم. انفرد به البخاري من هذا الوجه
الترجيع
- قال البخاري رحمه الله : حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته -أو جمله- وهي تسير به، وهو يقرأ سورة الفتح قراءة لينة وهو يرجع.
وقد تقدم هذا الحديث في القراءة على الدابة وأنه من المتفق عليه، وفيه أن ذلك كان يوم الفتح، وأما الترجيع: فهو الترديد في الصوت كما جاء -أيضا- في البخاري أنه جعل يقول: (آ آ آ)، وكأن ذلك صدر من حركة الدابة تحته.

حسن الصوت بالقراءة والاستماع من الغير وقول حسبك للقارئ

حسن الصوت بالقراءة
عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود)) وهكذا رواه الترمذي عن موسى بن عبد الرحمن الكندي، عن أبي يحيى الحماني -واسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن- وقال: حسن صحيح.

من أحب أن يسمع القرآن من غيره
عن عبد الله قال: "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي القرآن)). قلت: عليك أقرأ وعليك أنزل؟! قال: ((إني أحب أن أسمعه من غيري)) ".
عن أبي موسى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا أبا موسى، لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة)). فقال: أما والله لو أعلم أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا.

قول المقرئ للقارئ: حسبك
عن عبد الله قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). فقلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ((نعم))، فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال: ((حسبك الآن)) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

5: أحكام متفرّقة في تلاوة القرآن
القراءة على الدابة
[ ما حكمها ؟ ]
حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، أخبرني أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح".


تعليم الصبيان القرآن
-جواز تعليم الصبي القرآن:
قال ابن عباس: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين ....الحديث.
انفرد بإخراجه البخاري، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان جمع المفصل، وهو من الحجرات، كما تقدم ذلك، وعمره آنذاك عشر سنين. وقد روى البخاري أنه قال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مختون. وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم، فيحتمل أنه تجوز في هذه الرواية بذكر العشر، وترك ما زاد عليها من الكسر، والله أعلم.

-حكم تعليم الصبي القرآن :
يكون مستحبا أو واجبا؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت، كما هو المعهود من حال الناس.
ق1: وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب، ثم توفر همته على القراءة
السبب: لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب.
ق2: وكره بعضهم تعليمه القرآن وهو لا يعقل ما يقال له، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه، واستحب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يلقن خمس آيات خمس آيات، رويناه عنه بسند جيد.

حكم قول سورة البقرة، وسورة كذا وكذا
ق1: الجواز:عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئا يقرأ من الليل في المسجد، فقال: ((يرحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية، كنت أسقطتهن من سورة كذا وكذا)).
ق2:كره بعض السلف ذلك، ولم يروا إلا أن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، كما تقدم من رواية يزيد الفارسي عن ابن عباس، عن عثمان أنه قال: إذا نزل شيء من القرآن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اجعلوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا)).
الترجيح: ولا شك أن هذا أحوط وأولى، ولكن قد صحت الأحاديث بالرخصة في الآخر، وعليه عمل الناس اليوم في ترجمة السور في مصاحفهم، وبالله التوفيق.

البكاء عند القراءة
عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري)). قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء: 41]، قال لي: ((كف أو أمسك))، فرأيت عيناه تذرفان ".
وهذا من المتفق عليه .

معنى حديث: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم...)
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه، متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل))

المقصد السادس : فوائد متفرّقة في علوم القرآن الكريم


المسائل :

1:الأقوال في سبب تسمية السورة بهذا الإسم:
ق1: من الإبانة والارتفاع. قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة.
ق2: لشرفها وارتفاعها كسور البلدان.
ق3: سميت سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا، وإنما خففت الهمزة فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها.
ق4: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سورة.
ق5: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما يسمى سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره.

وجمع السورة سور بفتح الواو، وقد تجمع على سورات وسورات.


2: السور المدنية والمكية:
عن قتادة قال: "نزل في المدينة من القرآن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، وبراءة، والرعد، والنحل، والحج، والنور، والأحزاب، ومحمد، والفتح، والحجرات، والرحمن، والحديد، والمجادلة، والحشر، والممتحنة، والصف، والجمعة والمنافقون، والتغابن، والطلاق، ويا أيها النبي لم تحرم، إلى رأس العشر، وإذا زلزلت، وإذا جاء نصر الله. هؤلاء السور نزلت بالمدينة، وسائر السور نزل بمكة".

3:الآية ،والأقوال في تسمية الآية بهذا الإسم:
ق1: العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصالها، أي: هي بائنة عن أختها ومنفردة. قال الله تعالى: {إن آية ملكه} [البقرة: 248]، وقال النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
ق2:: لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
ق3: سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها.
قال سيبويه: وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة.

- الخلاف في عدد آيات القرآن العظيم :
فستة آلاف آية، ثم اختلف فيما زاد على ذلك على أقوال، فمنهم من لم يزد على ذلك، ومنهم من قال: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة آية، وقيل: ومائتان وتسع عشرة، وقيل: ومائتان وخمس وعشرون آية، أو ست وعشرون آية، وقيل: مائتان وست وثلاثون آية. حكى ذلك أبو عمرو الداني في كتابه البيان.

4: الكلمة:
فهي اللفظة الواحدة، وقد تكون على حرفين مثل: ما ولا وله ونحو ذلك، وقد تكون أكثر. وأكثر ما تكون عشرة أحرف.
-أ مثلة :{ليستخلفنهم} [النور: 55]، و {أنلزمكموها} [هود: 28]، {فأسقيناكموه} [الحجر: 22].
-هل تكون الكلمة الواحدة آية؟
وقد تكون الكلمة الواحدة آية، مثل: والفجر، والضحى، والعصر، وكذلك: الم، وطه، ويس، وحم -في قول الكوفيين- وحم، عسق عندهم كلمتان. وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول: هي فواتح السور. وقال أبو عمرو الداني: لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله تعالى: {مدهامتان} بسورة الرحمن.

- عدد كلمات القرآن:
عن عطاء بن يسار: سبع وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة.

5:حروف القرآن:
عن مجاهد: هذا ما أحصينا من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وأحد وعشرون ألف حرف ومائة وثمانون حرفا.
عن عطاء بن يسار: ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألفا وخمسة عشر حرفا.


6:التحزيب والتجزئة:

فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها، عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلث وخمس وسبع وتسع وأحد عشرة وثلاث عشرة، وحزب المفصل حتى تختم.

7:وجود التركيب الأعجمية في القرآن:
قال القرطبي: أجمعوا على أنه ليس في القرآن شيء من التراكيب الأعجمية وأجمعوا أن فيه أعلاما من الأعجمية كإبراهيم ونوح، ولوط، واختلفوا: هل فيه شيء من غير ذلك بالأعجمية؟ فأنكر ذلك الباقلاني والطبري وقالا ما وقع فيه مما يوافق الأعجمية، فهو من باب ما توافقت فيه اللغات.

أحسنتِ أختي الفاضلة ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ.
- أؤكد على أنه ليس المطلوب مجرد تصنيف الأدلة تحت المسائل وإنما تلخيص ما استنبطته من هذه الأدلة وبيان المقصود من إيرادها.
مثال :
فضل حفظ القرآن :


اقتباس:
1: من أحب الأعمال إلى الله تعاهد قراءة القرآن :
عن ابن عباس قال: "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: ((الحال المرتحل)). قال: يا رسول الله، ما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب في أوله حتى يبلغ آخره، وفي آخره حتى يبلغ أوله)) ". رواه الطبراني.

2: يكون من أهل الله وخاصته
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله أهلين من الناس)). قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) " رواه الإمام أحمد.


- أؤكد على أهمية عزو الأدلة ، عند مراجعتك لتلخيصكِ والرغبة في التأكد هل هذا الحديث صحيح أو غير صحيح ، كيف يمكنكِ ذلك إذا لم تبيني مصدر هذه الأحاديث ؟!
- إذا ذكرتِ حكمًا على حديث:
ينبغي أن تذكري من قال بهذا الحكم ؛ فلا نقول إسناده صحيح ، وإنما نقول : قال فلان : إسناده صحيح.



تقييم التلخيص :

الشمول : 20 / 20
الترتيب : 18 / 20
التحرير العلمي : 17 / 20
الصياغة : 14
/ 15
العرض : 15 / 15
المقصد الكلي : 10 / 10
______________
المجموع الكلي = 94 %


وفقكِ الله وسدد خطاكِ ونفع بكِ الإسلام والمسلمين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir