دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 23 شعبان 1436هـ/10-06-2015م, 09:37 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان عبدالله مشاهدة المشاركة
بإذن الله استخرج المقصد الكلي
جزاك الله خيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
لا أريد أن أثقل عليكِ لكن حبذا لو جمعت المقاصد الفرعية كلها بعد المقصد الرئيس ثم تلخيص مقاصد الأبواب وتنسيقها تنسيق موحد فعلت كما الأخت هبة هنا لكان خيرًا
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...6#.VXiC4kYTG8M

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 23 شعبان 1436هـ/10-06-2015م, 09:40 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

وهنا تجدي تلخيص مقاصد الباب الأول
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...00&postcount=2

وهنا الثاني
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...11&postcount=2

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 13 شوال 1436هـ/29-07-2015م, 03:37 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

هل من جديد ؟

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 14 شوال 1436هـ/30-07-2015م, 03:43 PM
حنان عبدالله حنان عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 319
افتراضي

السلام عليكم أنا انهيت التلخيص فقط أريد من تعرف ترفع ملف تعطيني إيميلها أرسله لها لترفعه لأني كلما رفعته ذكر لي ملف خاطئ

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 14 شوال 1436هـ/30-07-2015م, 04:37 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان عبدالله مشاهدة المشاركة
السلام عليكم أنا انهيت التلخيص فقط أريد من تعرف ترفع ملف تعطيني إيميلها أرسله لها لترفعه لأني كلما رفعته ذكر لي ملف خاطئ
انسخيه وضعيه بمشاركة، ولا داعي لرفعه كملف.

رد مع اقتباس
  #31  
قديم 14 شوال 1436هـ/30-07-2015م, 06:06 PM
حنان عبدالله حنان عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 319
افتراضي

طويل جدا ياأختي إسراء

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 14 شوال 1436هـ/30-07-2015م, 07:08 PM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

قسميه على مشاركات إن لم تستطيعي وضعها بمشاركة واحدة

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 16 شوال 1436هـ/1-08-2015م, 01:58 PM
حنان عبدالله حنان عبدالله غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 319
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


تلخيص مقاصد كتاب


المرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي


لطلاب: المجموعة السادسة

●المقصد الكلي للكتاب:
بيان وقت ومعنى نزوله نزول القرآن جملة ونجوما وفوائد ذلك، ، ومعارضة جبريل للنبي القرآن، وأول وآخر ما نزل، وكتابة القرآن وجمعه وترتيبه ونسخه والأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف ومعاني الأحاديث في ذلك ، بيان معنى القراءات المشهورة الآن وتعريف الأمر في ذلك كيف كان، واختلاف الناس في القراءات، وأنواعها، وأقسامها، و الحث على الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل به والتمسك بما جاء فيه وحسن تلاوته وترك الغلو والتنطع في تلاوته ، وبيان الغاية من قراءة القرآن وتدبره .
الباب الأول: كيفية نزول القرآن وتلاوته وذكر حفاظه في ذلك الأوان
للطالبة: إسراء خليفة
المقصد الرئيس للباب
بيان وقت ومعنى نزوله نزول القرآن، وبيان نزوله جملة ونجوما وفوائد ذلك، ومعارضة جبريل النبي القرآن، وأول وآخر ما نزل، وكتابة القرآن وجمعه وترتيبه ونسخه.
المقاصد الفرعية للباب
وقت نزول القرآن.
المقصود بإنزاله في ليلة القدر .
إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا.
فوائد نزول القرآن مفرقا.
معارضة جبريل النبي القرآن.
أول وآخر ما نزل من القرآن وما بينهما.
كتابة القرآن في عهد النبي.
جمع القرآن.
ترتيب الآيات والسور وفصل السور.
النسخ في القرآن.
الباب الثاني: في جمع الصحابة القرآن وإيضاح ما فعله أبو بكر وعمر وعثمان
للطالبة: إسراء خليفة
المقصد الرئيس للباب
جمع أبو بكر وعثمان وعمل مروان في المصاحف
المقاصد الفرعية
جمع أبي بكر الصديق للقرآن.
جمع عثمان للقرآن.
عمل مروان بن عبد الملك في المصاحف
الباب الثالث: في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف)للطالبة: إسراء خليفة
المقصد الرئيس للباب
الأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف ومعنى حديث سمرة بن جندب ((أنزل القرآن على ثلاثة أحرف))
ومعنى نزول القرآن على سبعة أحرف والأقوال في ذلك .
المقاصد الفرعية
الأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
معنى حديث سمرة بن جندب ((أنزل القرآن على ثلاثة أحرف))
معنى نزول القرآن على سبعة أحرف .
القول الأول: سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب
القول الثاني : سبع لغات من قريش فقط.
القول الثالث: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب.
القول الرابع: هذه الأحرف في لغة واحدة.
القول الخامس: هي سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة
القول السادس: أن القرآن أنزل مرخصا للقارئ، وموسعا عليه أن يقرأه على سبعة أحرف
القول السابع: أن المراد بسبعة أحرف التوسعة، وليس حصرا للعدد
القول الثامن: أي مشكل لا يدرى معناه
القول التاسع: أي سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه.
القول العاشر: أنها سبعة أوجه للاختلاف في القراءة:
القول الحادي عشر: الاختلاف الواقع في القرآن يجمع ذلك سبعة أوجه
القول الثاني عشر: أنها على أوجه
مما قيل في الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف
حكم القراءة بالأحرف السبعة
وقت جواز القراءة بالأحرف السبعة
الحرف الذي عليه المصحف الإمام
هل في القرآن لغة غير لغة قريش؟ اللغة المختارة لغير العربي لقراءة القرآن
الباب الرابع: في معنى القراءات المشهورة الآن، وتعريف الأمر في ذلك كيف كان
للطالبة: حنان عبدالله
المقصد الرئيسي للباب :
بيان معنى القراءات المشهورة الآن وتعريف الأمر في ذلك كيف كان
المقاصد الفرعية :
1- المعنى الصحيح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على أحرف )
2- الفهم الخاطئ في معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف )
3- اﻷمر بقراءة القرآن على سبعة أحرف أمر تخيير وثبات اﻷمة على حرف واحد
4- الاختلاف الواقع عند أئمة القراءات
5- المماري بكل حرف من الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن
6- سبب اختلاف أئمة القراءات بعد المرسوم لهم
7- معنى قول الناس قرأ فلان بالأحرف السبعة
8- القول في القراءات السبع التي ألفت في الكتب
9- المصحف والقراءات الموجودة بين أيدينا
10- مقولة النسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف والرد عليه
11- العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن هؤلاء الأئمة، وكل واحد منهم قد انفرد بقراءة اختارها مما قرأ به على أئمته.
12-العلة في اشتهار السبعة في القراءات دون غيرهم .
13-الضابط في اختيار القراءة عند الطبري وغيره .
14-الضابط عند العامة
15 -القراءات السبع باب واسع فالمعتمد علية في ثبوت هذا اﻷصل
16- أول من اقتصر على القراء السبعة، وصنف كتابه في قراءاتهم، واتبعه الناس على ذلك، ولم يسبقه أحد إلى تصنيف .
17 -القراء بعد أبي بكر بن مجاهد
18- الطعن في قراءة ابن عامر
الباب الخامس: في الفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة الضعيفة المروية
للطالبة: مها شتا
المقصد الرئيسي للباب:
اختلاف الناس في القراءات، وأنواعها، وأقسامها.
المقاصد الفرعية للباب:
أ)اختلاف الناس في القراءات
*الحكمة من اختلاف الناس في القراءات.
*تفاضل حملة القرآن في حمله ونقله ،ومنازل في نقل حروفه.
*الآثار التي رويت في الأحكام.
*الآثار التي رويت في حروف القرآن.
ب)أنواع القراءات.
*كيفية تلقي القراءة.
* المقصود بالقراءة.
*قراءة الناس الحالية.
*شروط القراءة الصحيحة.
*ملاحظات.
*أصح القراءات سنداً وأفصحها في العربية.
ج) أقسام القراءات.
*القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
*مسائل والرد عليها.
*القراءات الشاذة.
*تعريف الشاذ لغة واصطلاحاً.
*حكمه.
*حكم من بدل كلمة بمعناها.
*حكم من قراءة القراءات المختلفة في آي العشر الواحد.
*حكم من قرأ بالقراءة الشاذة.
الباب السادس: في الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل بها وترك التعمق في تلاوة ألفاظه والغلو بسببها

للطالبة: تماضر

المقصد الرئيسي للباب :
الحث على الإقبال على ما ينفع من علوم القرآن والعمل به والتمسك بما جاء فيه وحسن تلاوته وترك الغلو والتنطع في تلاوته .
المقاصد الفرعية:
1-الغاية الأساسية من تلاوة القرآن وحفظه.
2-معنى تلاوة القران.
3-معنى تدبر القرآن.
4-المراد بنبذ القرآن وتركه.
5-آداب تلاوة القرآن:
1-تكرار الآية وتدبرها.
2-ترتيل الآيات وقراءته بتدبر والوقوف عند عجائبه.
3-تحسين الصوت عند قراءة القرآن.
-ضابط تحسين الصوت بالقراءة وتلحينه.
4- استحباب التحزن عند قراءة القرآن.
5- كراهية سرعة القراءة وكثرتها من غير تدبر.
6-كراهية التكلف في قراءة القران.
-ضابط القراءة الصحيحة للقرآن الكريم.
6- أصناف قراء القرآن.
7-صفات أهل القرآن :
1-اتباعه والعمل به.
2-الخشوع عند تلاوته وتدبر معانيه.
3-صيانة القرآن عن أمر الدنيا.
4-تهذيب القرآن لقلوبهم وتعلقها بالآخرة.
5-تميزهم عن غيرهم بقيام الليل وكثرة تلاوة القرآن.
8-ما جاء في فضل أهل القرآن.
9-الأسباب المؤدية إلى عدم الانتفاع من تلاوة القرآن.
10-الجهر بالقراءة في الصلاة السرية من البدعة.

تلخيص المقاصد




● تلخيص مقاصد الباب الأول
وقت نزول القرآن
-أنزل القرآن في ليلة مباركة وهي ليلة القدر وهي في شهر رمضان وهذا هو القول الصحيح الظاهر من الأدلة
فمن أدلة الكتاب:قال الله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقال جلت قدرته: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وبجمع هذه الآيات يثبت أن ليلة القدر بشهر رمضان.
-وقد دلت الأحاديث الصحيحةعلى أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتماسها في العشر الأخير منه، ولا ليلة أبرك من ليلة، هي خير من ألف شهر. فتعين حمل قوله سبحانه: {في ليلة مباركة} على ليلة القدر. كيف، وقد أرشد إلى ذلك قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، فهو موافق لمعنى تسميتها بليلة القدر؛ لأن معناه التقدير.
-وكان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، وذلك بحراء عند ابتداء نبوته، ويجوز أن يكون قوله: {أنزل فيه القرآن} إشارة إلى كونه أنزل جملة إلى السماء الدنيا وإلى أن أول نزوله إلى الأرض وعرضه وإحكامه في شهر رمضان، فقويت ملابسة شهر رمضان للقرآن، إنزالا جملة وتفصيلا وعرضا وإحكاما، فلم يكن شيء من الأزمان تحقق له من الظرفية للقرآن ما تحقق لشهر رمضان، فلمجموع هذه المعاني قيل: {أنزل فيه القرآن}.
- ومن السنة:ما رواه قتادة عن أبي المليح عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام أول ليلة من شهر رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من شهر رمضان، وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من شهر رمضان)). هكذا أخرجه البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات" و"شعب الإيمان" له، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره وغيره.
قال البيهقي في معنى قوله: ((أنزل القرآن لأربع وعشرين)): إنما أراد -والله أعلم- نزول الملك بالقرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
- ومن آثار السلف: ورد الخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم المشهود له بأنه حبر الأمة وترجمان القرآن.
أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي في "كتاب الأسماء والصفات"، من حديث السري عن محمد بن أبي المجالد عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سأله عطية بن الأسود فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول الله عز وجل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، وقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، وقوله سبحانه: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، وقد أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة... يعني وغير ذلك من الأشهر.
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه أنزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم رسلاً في الشهور والأيام."
قال أبي شامة المقدسي:رسلاً أي رفقًا، وقوله على مواقع النجوم، أي على مثل مواقع النجوم، ومواقعها مساقطها، يريد أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق، فقوله على مواقع النجوم في موضع نصب على الحال، ورسلا أي ذا رسل يريد مفرقا رافقا.
- وإذا ثبت ما سبق تبين بطلان القول بنزولها في ليلة النصف من شعبان وبطلان القول قوله تعالى: {أنزل فيه القرآن} معناه: أنزل في شأنه وفضل صيامه وبيان أحكامه، وبطلان القول بأن ليلة القدر توجد في جميع السنة لا تختص بشهر رمضان، بل هي منتقلة في الشهور على ممر السنين، واتفق أن وافقت زمن إنزال القرآن ليلة النصف من شعبان:
وإبطال هذه الأقوال متحقق بالأحاديث الصحيحة الواردة في بيان ليلة القدر وصفاتها وأحكامها.
المقصود بإنزاله في ليلة القدر
أحدها: أنه ابتدئ إنزاله فيها.
أن الله عز وجل ابتدأ بإنزاله في ليلة القدر، وهذا قول الشعبي.
قال صاحب المرشد الوجيز: هو إشارة إلى ابتداء إنزال القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك كان وهو متحنث بحراء في شهر رمضان، ثم قال: وهذا وإن كان الأمر فيه كذلك إلا أن تفسير الآية به بعيد مع ما قد صح من الآثار عن ابن عباس: أنه نزل جملة إلى سماء الدنيا.
الثاني: أنه أنزل فيها جملة واحدة.
-روى الحاكم في"المستدرك" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر}، قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا وكان بمواقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا}، صحيح على شرطهما.
-أسند البيهقي في "كتاب الشعب" عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال: وتلا الآية {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قال: نزل متفرقا.
وفي "تفسير الثعلبي" عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ في ليلة القدر من شهر رمضان فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما عشرين سنة، فذلك قوله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}.
الثالث: أنه أنزل في عشرين ليلة من عشرين سنة.
-وفي "كتاب المنهاج" لأبي عبد الله الحليمي: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة، قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام ذلك نجوما بأمر الله تعالى فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.
الرابع: أنه أنزل إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي مفرقا عشرين ليلة بعشرين سنة
وذكر أبو الحسن الماوردي في تفسيره قال: نزل القرآن في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة من عند الله تعالى من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عليه السلام عشرين ليلة، ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم عشرين سنة، فكان ينزل على مواقع النجوم أرسالا في الشهور والأيام.
وهذا القول يجمع بين القول الثاني والثالث؛فإن قوله: نزل جملة واحدة، هو القول الأول، وقوله: فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة، هو القول الثاني، كأنه فسر قول من قال: نزل في عشرين ليلة بأن المراد بهذا الإنزال تنجيم السفرة ذلك على جبريل.
القول الخامس: عرضه وإحكامه
-قال أبو عبيد: حدثنا ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند قال: قلت للشعبي: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، أما نزل عليه القرآن في سائر السنة إلا في شهر رمضان؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض محمدا عليهما السلام بما ينزل عليه في سائر السنة في شهر رمضان.
زاد الثعلبي في تفسيره: فيحكم الله ما يشاء ويثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء وينسيه ما يشاء.
قال صاحب المرشد الوجيز تعليقا على كلام الشعبي:"وكأنه نزل عرضه وإحكامه في رمضان من كل سنة منزلة إنزاله فيه، مع أنه قد لا ينفك من إحداث إنزال ما لم ينزل أو تغيير بعض ما نزل بنسخ أو إباحة تغيير بعض ألفاظه على ما سيأتي، وإن ضم إلى ذلك كونه ابتدأ نزوله في شهر رمضان ظهرت قوته."
من حاصل الأقوال الخمسة السابقة يتضح الآتي:
-أن أول نزوله كان بليلة القدر
-وأنه أنزل فيها جملة إلي السماء الدنيا
-ثم أنزل بعد ذلك عشرين ليلة بعشرين سنة على النبي صلى الله عليه وسلم
- وكان بهذه العشرين ليلة عرضه وإحكامه.
الأقوال في المراد بقوله تعالى:"{وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
قيل: فرقناه أي جعلناه آية آية وسورة سورة.
وقيل: فصلناه أحكاما، كقوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}، أي يفصل.
وقيل: "فرقناه" بالتشديد أي أنزلناه مفرقا.
{على مكث} على تؤدة وترسل.
{ونزلناه تنزيلا}: أي نجما بعد نجم.
وقيل: جعلناه منازل ومراتب ينزل شيئا بعد شيء ولو أخذوا بجميع الفرائض في وقت واحد لنفروا.
إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا
فائدة إنزال القرآن جملة إلى السماء الدنيا
فيه تفخيم لأمره وأمر من أنزل عليه.
زمان نزول القرآن إلى السماء الدنيا
أبعد ظهور نبوة محمد صلى الله عليه وسلم أم قبلها؟
قال صاحب المرشد الوجيز: الظاهر أنه قبلها، وكلاهما محتمل، فإن كان بعدها، فالأمر على ما ذكرناه من التفخيم له ولمن أنزل عليه، وإن كان قبلها، ففائدته أظهر وأكثر؛ لأن فيه إعلام الملائكة بقرب ظهور أمة أحمد المرحومة الموصوفة في الكتب السالفة، وإرسال نبيهم خاتم الأنبياء كما أعلم الله سبحانه وتعالى الملائكة قبل خلق آدم بأنه جاعل في الأرض خليفة، وكما أعلمهم أيضا قبل إكمال خلق آدم عليه السلام بأنه يخرج من ذريته محمد وهو سيد ولده.
وقال أيضا أن في حديث الإسراء، لما كان جبريل يستفتح له السماوات سماء سماء؟ كان يقال له: من هذا؟ فيقول: جبريل، يقال: من معك؟ فيقول: محمد، فيقال: وقد بعث إليه؟ فيقول: نعم. فهذا كلام من كان عنده علم بذلك قبل ذلك.
فوائد نزول القرآن مفرقا
-أنزله الله مفرقا لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليه، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملك عليه وتجديد العهد به وبما معه من الرسالة الواردة من ذلك الجناب العزيز فيحدث له من السرور ما تقصر عنه العبارة، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة نزول جبريل عليه السلام عليه فيه .
-

ليكون فؤاد النبي ثابتا به غير مضطرب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ، ففرق عليه القرآن ليتيسر عليه حفظه، ولو نزل جملة لتعذر عليه حفظه في وقت واحد.
-

وإذا قال قائل: كان في القدرة إذا أنزله جملة أن يسهل عليه حفظه دفعة واحدة.
أجاب صاحب المرشد الوجيز عن هذا فقال:"ما كل ممكن في القدرة بلازم وقوعه، فقد كان في قدرته تعالى أن يعلمه الكتابة والقراءة في لحظة واحدة، وأن يلهمهم الإيمان به، ولكنه لم يفعل، ولا معترض عليه في حكم. {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى}، {ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد}"
-



وأيضا في القرآن ما هو جواب عن أمور سألوه عنها، فهو سبب من أسباب تفريق النزول، ولأن بعضه منسوخ وبعضه ناسخ ولا يتأتى ذلك إلا فيما أنزل مفرقا.
معارضة جبريل النبي القرآن
-كان جبريل يعارضه القرآن كل سنة مرة برمضان.
-وعارضه مرتين سنة وفاته.
في الصحيحين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه، فكان ذلك يعرف منه، فأنزل الله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أخذه {إن علينا جمعه وقرآنه}، إن علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه فتقرؤه، {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه}، قال: أنزلناه فاستمع له {ثم إن علينا بيانه} أن نبينه بلسانك، فكان إذا أتاه جبريل عليه السلام أطرق، فإذا ذهب قرأه كما وعده الله تعالى.
أول وآخر ما نزل من القرآن وما بينهما
أول ما نزل من القرآن
-أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن أول سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}
- ثم نزل {يا أيها المدثر} ثم صار ينزل منه شيء فشيء بحسب الوقائع والنوازل مكيا، ومدنيا حضرا وسفرا.
آخر ما نزل من القرآن
قيل: آخر ما نزل من الآيات {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} الآية.
وقيل: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخرها.
وقيل: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} إلى آخر الآيتين.
وقيل آيات الربا، وهو الموافق للقول الأول؛ لأن {واتقوا يوما} هي آخرهن.
ونزل يوم عرفة في حجة الوداع: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية.
بين أول نزوله وآخر نزوله
قال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، ولهذا قال: {لتقرأه على الناس على مكث}.
كتابة القرآن في عهد النبي
-كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته.
-وكانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب.
ترتيب الآياتوالسور والفصل بين السور
ترتيب الآيات
كان ترتيبها توقيفا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل عليه شئ من القرآن يأمرهم بوضعها في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.فالأمة ضبطت عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب آي كل سورة ومواضعها وعرفت مواقعها، كما ضبطت عنه نفس القرآن وذات التلاوة.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.
ترتيب السور
على قولين ذكرهما القاضي أبو بكر بن الطيب:
الأول:أنه قد يمكن أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد رتب سوره على ما انطوى عليه مصحف عثمان، كما رتب آيات سوره.
الثاني:يمكن أن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم.
ورجح القاضي القول الثاني
قال مالك: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فصل السور
كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعرفون ختم السورة حتى تنزل البسملة فتفصل بين السور.
جمع القرآن
من جمع القرآن من الصحابة في عهد النبي
-من المهاجرين: أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وطلحة وسعدا وابن مسعود وسالما مولى أبي حذيفة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعمرو بن العاص وأبا هريرة ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن السائب، قارئ مكة.
-ومن الأنصار:أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبا الدرداء وزيد بن ثابت ومجمع بن جارية وأنس بن مالك.
-ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: عائشة وحفصة وأم سلمة.
-عن مسروق قال: ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال: لا أزال أحبه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((خذوا القرآن من أربعة؛ من عبد الله بن مسعود، وسالم، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب)).
-

وعن قتادة قال: سألت أنس بن مالك: من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربعة، كلهم من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد. وفي رواية: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد، قال: ونحن ورثناه، وفي رواية: أحد عمومتي.


ملحوظة:قد أشبع القاضي أبو بكر محمد بن الطيب رحمه الله في "كتاب الانتصار" الكلام في حملة القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أدلة كثيرة على أنهم كانوا أضعاف هذه العدة المذكورة، وأن العادة تحيل خلاف ذلك، ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ، وذلك في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وما في الصحيح من قتل سبعين من الأنصار يوم بئر معونة كانوا يسمون القراء. وقد قال عبد الله بن عمرو بن العاص: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأه في شهر))، الحديث.


وعبد الله بن عمرو غير مذكور في هذه الآثار المتقدمة فيمن جمع القرآن، فدل على أنها ليست للحصر، وما كان من ألفاظها للحصر فله تأويل، وليس محمولا على ظاهره.
وقد ذكر القاضي لذلك تأويلات سائغة:
منها: أنه لم يجمعه على جميع الوجوه والأحرف والقراءات التي نزل بها، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كلها شاف كاف، إلا أولئك النفر فقط.
ومنها: أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته، إلا تلك الجماعة.
ومنها: أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذه من فيه تلقيا، غير تلك الجماعة، فإن أكثرهم أخذوا بعضه عنه، وبعضه عن غيره.
ومنها: أنه لم يجمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ظهر به وأبدى ذلك من أمره وانتصب لتلقينه، غير تلك الجماعة مع جواز أن يكون فيهم حفاظ لا يعرفهم الراوي إذا لم يظهر ذلك منهم.
ومنها: أنه لم يجمعه عنده شيئا بعد شيء كلما نزل حتى تكامل نزوله، إلا هؤلاء، أي أنهم كتبوه وغيرهم حفظه وما كتبه، أو كتب بعضا.
ومنها: أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام النبي صلى الله عليه وسلم حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله، واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل أيضا أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، واحتياطا على النيات كما يفعل الصالحون في كثير من العبادة، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأي اقتضى ذلك عندهم.
قال المازري: وكيف يعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة، وكيف تتصور الإحاطة بهذا، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقون في البلاد؟ وهذا لا يتصور، حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن. وهذا بعيد تصوره في العادة.
وإن لم يكمل القرآن سوى أربعة، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون، وما من شرط كونه متواترا أن يحفظ الكل الكل، بل الشيء الكثير إذا روى كل جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواترا.




جمع أبوبكر للقرآن
أمر أبو بكر بجمع القرآن بعد إشارة عمر عليه في مصحف واحد، وكانت الآياتكانت مثبتة في الصدور مكتوبة في الرقاع واللخاف والعسب.




جمع عثمان للقرآن


جمع الناس على مصحف وواحد، ونسخه، ونشره في الآفاق.



النسخ في القرآن


على ثلاثة أضرب:


الأول: ما نسخت تلاوته وبقي حكمه.


مثاله: آية رجم الشيخ الزاني.


ففي صحيح البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها.
الثاني: ما نسخت تلاوته وحكمه.



مثاله: آية الرضاع
ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس مما نسخ رسمه بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.
قال: وقولها "... وهن مما يقرأ من القرآن"، يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا.
الضرب الثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته.



مثاله: كآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه.



● تلخيص مقاصد الباب الثاني :

جمع أبي بكر الصديق للقرآن
-لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في مصحف واحد، لما كان يعلم من جواز ورود النسخ على أحكامه، ورسومه.
- لكن لما استحر القتل بالقراء بموقعة اليمامة خشي عمر أن يذهب كثير من القرآن بموت حفظته.
-فأشار عمر على أبي بكر بجمعه فتردد أبو بكر في البداية في قبول عرض عمر عليه لتخوفه من فعل شئ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم شرح الله صدر أبا بكر لرأي عمر.
- أرسل أبو بكر لزيد بن ثابت ليجمعه فتردد زيد في البداية ثم شُرح صدره لذلك. وكان اختيار أبي بكر لزيد بن ثابت لأنه كان يكتب الوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد شهد العرضة الأخيرة وقرأه زيد على رسول الله في عام وفاته مرتين.
-كان زيد يتتبع القرآن فيجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور الرجال، وكان أبو بكر قد أمره إذا جاءه أحد بشئ ينكره أن يكون معه شاهدان.
-وجد زيد آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم يجدها مع أحد غيره: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}، وهو رجل كان رسول الله قد أخبر أن شهادته تعدل شهادة رجلين.
- فقد زيد آية من الأحزاب حين نسخت الصحف، وكان قد سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتمسها فوجدها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، فألحقها في سورتها في المصحف.
قال أبو شامة المقدسي: "خزيمة هذا غير أبي خزيمة الذي وجد معه الآيتين آخر "سورة براءة"، ذاك أبو خزيمة بن أوس بن زيد من بني النجار، شهد بدرا وما بعدها، وتوفي في خلافة عثمان، وهذا خزيمة بن ثابت بن الفاكه من الأوس، شهد أحدا وما بعدها، وقتل يوم صفين، وقيل غير ذلك. ومعنى قوله: "فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان..." أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ما كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجد كتابة تلك الآية مع ذلك الشخص، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره، وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره: أنهم كانوا يحفظون الآية، لكنهم أنسوها فوجدوها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها لسماعهم إياها من النبي صلى الله عليه وسلم."
-وفي بعض الروايات أن عمر قعد مع زيد عند باب المسجد وهو يجمع القرآن من الناس.
- وكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر، ثم عند عبد الله بن عمر.
- وقد حكى القاضي أبو بكر في "كتاب الانتصار" خلافا في أن أبا بكر جمع القرآن بين لوحين أو في صحف وأوراق متفرقة، وبكل معنى من ذلك قد وردت الآثار. وقيل: كتبه أولا في صحف ومدارج نسخت ونقلت إلى مصاحف جعلت بين لوحين، وقيل: معنى قول علي: "أبو بكر أول من جمع القرآن بين اللوحين": أي جمع القرآن الذي هو الآن بين اللوحين، وكان هذا أقرب إلى الصواب جمعا بين الروايات.
-كان عمل أبي بكر في جمع القرآن أن جمعه في مصحف واحد من غير أن يزيد أو ينقص أو يغير ترتيب الآيات إذ كان ترتيبها على ما كان رسول الله قد أملاه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه آية قال ضعوا هذه الآية في موضع كذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ختم السورة حتى تنزل "بسم الله الرحمن الرحيم". (وكان جمع أبو بكر غير مرتب السور)
-قال عليّ بن أبي طالب:" رحم الله أبا بكر كان اعظم الناس أجرا في المصاحف"

جمع عثمان للقرآن
-شهد حذيفة بن اليمان فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق والشام فأفزعه اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
- فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان.
- فأمر عثمانُ زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم.
-ومعنى قول عثمان رضي الله عنه، "إن القرآن أنزل بلسان قريش" أي معظمه بلسانهم، فإذا وقع الاختلاف في كلمة فوضعها على موافقة لسان قريش أولى من لسان غيرهم. أو المراد: نزل في الابتداء بلسانهم، ثم أبيح بعد ذلك أن يقرأ بسبعة أحرف.
- عثمان رضي الله عنه نسخ من تلك الصحف مصحفا جامعا لها، مرتبة سورة سورة على هذا الترتيب، ويدل على ذلك ظاهر حديث يزيد الفارسي عن ابن عباس قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عمدتم إلى "براءة" و"الأنفال" فقرنتم بينهما؟ الحديث.
- ثم رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
- لما كتب عثمان رضي الله عنه المصاحف حين جمع القرآن كتب سبعة مصاحف، فبعث واحدا إلى مكة، وآخر إلى الشام، وآخر إلى اليمن، وآخر إلى البحرين، وآخر إلى البصرة، وآخر إلى الكوفة، وحبس بالمدينة واحدا.
- كان اختيار زيد ابن ثابت لأنه كانت أكتب الناس، واختيار سعيد بن العاص لأنه كان أفصح الناس، فكان سعيد يملي وزيد يكتب.
- قد ذكر في بعض الروايات أن الذي نصبه عثمان لإملاء المصحف أبان بن سعيد بن العاص. والسيرة تشهد بأن ذلك غلط؛ لأن أهلها قد رووا أن أبان بن سعيد متقدم الموت، وأنه قد هلك قبل جمع عثمان المصحف بزمان طويل، وأنه قتل بالشام في وقعة أجنادين في سنة ثلاث عشرة، وإنما المنصوب لإملاء المصحف الذي أقامه عثمان لذلك سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص، وهو ابن أخي أبان بن سعيد بن العاص.
-وكان ممن تتبع القرآن أيضا فأملاه أبي بن كعب، فهو كان من أعلم الناس بما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقرأه في زمانه، وكان عمر بن الخطاب يأمر الناس به.
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب:" ولا يمتنع أن يمله سعيد ويمله أيضا أبي، فيحتاج إلى أبي لحفظه وإحاطته علما بوجوه القراءات المنزلة التي يجب إثبات جميعها، وأن لا يطرح شيء منها، ويجب نصب سعيد بن العاص لموضع فصاحته وعلمه بوجوه الإعراب وكونه أعربهم لسانا، قال: وقد قيل: إن سعيدا كان أفصح الناس وأشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس يجب أن تتعارض هذه الأخبار؛ لأنه قد ذكر في كل واحد منها ممل غير الذي ذكر في غيره؛ لأنه لا يمتنع أن ينصب لإملائه قوم فصحاء، حفاظ يتظاهرون على ذلك، ويذكر بعضهم بعضا، ويستدرك بعضهم ما لعله يسهو عنه غيره. وهذا من أحوط الأمور وأحزمها في هذا الباب".
- وروي أن أبي يكان يكتب وسعيد وزيد ينسخان.
- عثمان قصد أن يقتصر الناس على تلاوته على اللفظ الذي كتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يتعدوه إلى غيره من القراءات التي كانت مباحة لهم، المنافية لخط المصحف من الزيادة والنقصان وإبدال الألفاظ.
-مع العلم أن القرآن كان مجموعا كله في صدور الرجال مرتبة آياته أيام حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا "سورة براءة"، فإنها كانت من آخر ما نزل من القرآن، ولم يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه موضعها من التأليف حتى خرج من الدنيا، فقرنها الصحابة رضي الله عنهم بـ"الأنفال". وبيان ذلك في حديث ابن عباس قال: قلت لعثمان رضي الله عنه: ما حملكم على أن عمدتم إلا "براءة" وهي من المئين، وإلى "الأنفال" وهي من المثاني، فقرنتم بينهما، ولم تجعلوا بينهما سطرا فيه {بسم الله الرحمن الرحيم}، ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال: كانت "الأنفال" من أول ما نزل عليه بالمدينة، وكانت "براءة" من آخر القرآن نزولا، وكانت قصتها تشبه قصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين أمرها، فظننت أنها منها.
-وروي أن عثمان جمع القرآن أيضا من الرقاع كما فعل أبو بكر لكن الرواية لم تثبت، ولم يكن له إلى ذلك حاجة، وقد كفيه بغيره، وجمعا لما روي في ذلك، ويمكن أن يقال: إن عثمان طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده، وجمع منها، وعارض بما جمعه أبو بكر، أو نسخ مما جمعه أبو بكر، وعارض بتلك الرقاع، أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ، ففعل كل ذلك أو بعضه، استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف الصواب، وسدا لباب القالة: إن الصحف غيرت أو زيد فيها ونقص.
-قال حماد بن سلمة: كان عثمان في المصحف كأبي بكر في الردة.
-قال عبد الرحمن بن مهدي: كان لعثمان شيئان ليس لأبي بكر ولا عمر مثلهما: صبره نفسه حتى قتل مظلوما، وجمعه الناس على المصحف.

-روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرؤون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان علي رضي الله عنه طول أيامه يقرأ مصحف عثمان، ويتخذه إماما.


عمل مروان بن عبد الملك في المصاحف
- أرسل إلي حفصة لترسل له الصحف فأبت.
-بعد وفاة حفصة أرسل مروان إلي عبد الله بن عمر بعزيمة أن يرسل له الصحف، فأرسلها له فمزقها.
وإن صح الخبر فلم يكن لمخالفة بين جمع أبي بكر وجمع عثمان، إلا فيما يتعلق بترتيب السور، فخشي أن يتعلق متعلق بأنه في جمع الصديق غير مرتب السور، فسد الباب جملة. هذا إن قلنا إن عين ما جمعه عثمان هو عين ما جمعه أبو بكر، ولم يكن لعثمان فيه إلا حمل الناس عليه مع ترتيب السور، وأما إن قلنا بقول من زعم أن عثمان اقتصر مما جمعه أبو بكر على حرف واحد من بين تلك القراءات المختلفة فأمر ما فعله مروان ظاهر.



● تلخيص مقاصد الباب الثالث :


الأدلة على نزول القرآن على سبعة أحرف
- الدليل الأول: عن ابن العباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل عليه السلام على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)). متفق عليه
-الدليل الثاني: روى ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني سمعت هذا يقرأ "سورة الفرقان" على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((أرسله))، فأرسله عمر فقال لهشام: ((اقرأ يا هشام))، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت))، ثم قال: ((اقرأ يا عمر))، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)). واللفظ للبخاري.
زاد مسلم: قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا، لا يختلف في حلال ولا حرام.
- الدليل الثالث: عن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد، فدخل رجل فصلى فقرأ قراءة أنكرتها، ثم دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ -وفي رواية: ثم قرأ هذا- سوى قراءة صاحبه، فأقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من التكذيب، ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا فقال: ((يا أبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه يهون على أمتي فرد إلي في الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم)). رواه مسلم.
-الدليل الرابع: عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله تعالى يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم جاءه الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال: ((أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك))، ثم جاءه الرابعة فقال:" إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا". رواه مسلم
-الدليل الخامس:عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبي، إني أقرئت القرآن، فقال لي: على حرف؟ فقال الملك الذي معي: قل على حرفين، قلت: على حرفين، فقيل لي: على حرفين؟ فقال الملك الذي معي: قل على ثلاث، فقلت: على ثلاث، حتى بلغت سبعة أحرف))، ثم قال: ((ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت سميعا عليما، عزيزا حكيما، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب)). رواه أبو داود
-الدليل السادس:عن أبي بن كعب قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: ((يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط قال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف)). قال: هذا حديث حسن صحيح. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
الدليل السابع:عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن رجلا قرأ آية من القرآن فقال له عمرو بن العاص: إنما هي كذا وكذا، بغير ما قرأ الرجل، فقال الرجل: هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف فأي ذلك قرأتم أصبتم فلا تماروا في القرآن فإن مراء فيه كفر)).
الدليل الثامن: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف فالمراء في القرآن كفر -ثلاث مرات- فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم فردوه إلى عالمه)). رواه الطبري
الدليل التاسع: عن علقمة عن عبد الله قال: لقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا فنقرأ عليه، فيخبرنا أن كلنا محسن، ولقد كنت أعلم أنه يعرض عليه القرآن في كل رمضان، حتى كان عام قبض فعرض عليه مرتين، فكان إذا فرغ أقرأ عليه، فيخبرني أني محسن، فمن قرأ على قراءتي فلا يدعنها رغبة عنها، ومن قرأ على شيء من هذه الحروف فلا يدعنه رغبة عنه، فإنه من جحد بآية -وفي رواية: بحرف- منه جحد به كله.
الدليل العاشر:عن عبد الله قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم "سورة حم" ورحت إلى المسجد عشية، فجلس إلي رهط، فقلت لرجل من الرهط: اقرأ علي، فإذا هو يقرأ حروفا لا أقرؤها، فقلت له: من أقرأكها؟ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا عنده رجل فقلت: اختلفنا في قراءتنا وإن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تغير، ووجد في نفسه حين ذكرت له الاختلاف فقال: ((إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف)) ثم أسر إلى علي، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم، قال: فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حروفا، لا يقرؤها صاحبه. اخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح.
وكل هذه الأحاديث دالة على نزول القرآن على سبعة أحرف.
معنى حديث سمرة بن جندب ((أنزل القرآن على ثلاثة أحرف))
-روي عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أنزل القرآن على ثلاثة أحرف))
عقب على هذا الحديث أبو عبيد فقال: لا نرى المحفوط إلا السبعة لأنها المشهورة.
لكن أجاب عنه أبو شامة المقدسي فقال:
يجوز أن يكون معناه: أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف كـ {جذوة} و {الرهب} و {الصدفين}، يقرأ كل واحد على ثلاثة أوجه في هذه القراءات المشهورة، أو أراد: أنزل ابتداء على ثلاثة، ثم زيد إلى سبعة، والله أعلم. ومعنى جميع ذلك أنه نزل منه ما يقرأ على حرفين وعلى ثلاثة وعلى أكثر من ذلك إلى سبعة أحرف توسعة على العباد باعتبار اختلاف اللغات والألفاظ المترادفة وما يقارب معانيها، وقد جاء عن ابن مسعود: ليس الخطأ أن يدخل بعض السورة في الأخرى ولا أن تختم الآية بحكيم عليم، أو عليم حكيم، ولكن الخطأ أن تجعل فيه ما ليس فيه، وأن تختم آية رحمة بآية عذاب أو آية عذاب بآية رحمة.
معنى نزول القرآن على سبعة أحرف
القول الأول: سبعة أحرف يعني سبع لغات من لغات العرب؛ لغة قريش وهذيل وثقيف وهوازن وكنانة وتميم واليمن، وقيل: خمس لغات في أكناف هوازن: لسعيد وثقيف وكنانة وهذيل وقريش ولغتان على جميع ألسنة العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه بل يجوز أن يأتي في حرف وجهان أو ثلاثة أو أكثر، ولم تأت سبعة أحرف إلا في كلمات يسيرة، مثل: "أف" بالضم والفتح والكسر مع التنوين وبغير تنوين مع الحركات الثلاث وبالسكون.
والأدلة على ذلك:
منها: أن عثمان رحمة الله عليه قال للرهط القرشيين الثلاثة حين أمرهم أن يكتبوا المصاحف: ما اختلفتم فيه أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم.
ومنها: قول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم هلم وتعال"، وكذلك قال ابن سيرين: "إنما هو كقولك هلم وتعال وأقبل"، ثم فسره ابن سيرين فقال: في قراءة ابن مسعود (إن كانت إلا زقية واحدة)، وفي قراءتنا: {صيحة واحدة}، فالمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات.
ومنها: ما روي عن ابن عباس أنه قال: نزل القرآن على سبع لغات، منها خمس بلغة العجز من هوازن. والعجز هم سعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، قاله أبو عبيد.
ومنها: ما روي عن ابن عباس أنه قال: نزل القرآن بلغة الكعبين، كعب بن قريش وكعب بن خزاعة قيل: وكيف ذاك؟ قال: لأن الدار واحدة.
القول الثاني : سبع لغات من قريش فقط.
القول الثالث: نزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب.
والدليل عليه: ما روي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل جبريل فقال: يا محمد، أقرئ كل قوم بلغتهم.
_ضعف الأهوازي تفسير الأحرف السبعة باللغات، قال: لأن اللغات في القبائل كثير عددها.
القول الرابع: هذه الأحرف في لغة واحدة.
القول الخامس: هي سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم. ذكره أبو عمر
واستدل على قوله هذا : بأنه لو كان على سبعة لغات كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر؛ لأنه من كانت لغته شيئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه، وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي مكي، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا.
القول السادس: أن القرآن أنزل مرخصا للقارئ، وموسعا عليه أن يقرأه على سبعة أحرف، أي يقرأ بأي حرف شاء منها على البدل من صاحبه؛ ولهذا قيل "على سبعة أحرف" وما قيل "أنزل سبعة أحرف" ليعلم أنه أريد به هذا المعنى، أي كأنه أنزل على هذا من الشرط، أو على هذا من الرخصة والتوسعة، وذلك لتسهل قراءته على الناس، ولو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم، ولكان ذلك داعية إلى الزهادة فيه وسببا للنفور عنه".
القول السابع: أن المراد بسبعة أحرف التوسعة، وليس حصرا للعدد.
ومما يعضد هذا القول: ما قيل في معنى قوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فإنه إنما جرى كالمثل في التعبير عن التكثير، لا حصرا في هذا العدد.
القول الثامن: أي مشكل لا يدرى معناه؛ لأن العرب تسمي الكلمة المنظومة حرفا، وتسمي القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على الحرف المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة كقوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على جهة من الجهات ومعنى من المعاني. حكاه بن سعدان النحوي.
القول التاسع: أي سبعة أنحاء وأصناف، فمنها زاجر، ومنها آمر، ومنها حلال، ومنها حرام، ومنها محكم، ومنها متشابه.
ودليل هذا القول: حديث يرويه سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف: زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا: آمنا به كل من عند ربنا)).
لكن بعض أهل العلم أنكر هذا القول منهم:
-الأهوازي أبطل تفسيرها بالأصناف؛ لأن أصنافه أكثر من ذلك، منها الإخبار، والاستخبار على وجه التقرير والتقريع، ومنها الوعد، والوعيد، والخبر بما كان وبما يكون، والقصص، والمواعظ، والاحتجاج، والتوحيد، والثناء، وغير ذلك.
-وابن عبد البر أجاب عن هذا الحديث فقال: هذا حديث عند أهل العلم لم يثبت، وأبو سلمة لم يلق ابن مسعود، وابنه سلمة ليس ممن يحتج به، وهذا الحديث مجتمع على ضعفه من جهة إسناده، وقد رده قوم من أهل النظر، منهم أحمد بن أبي عمران فيما سمعه الطحاوي منه قال: من قال في تأويل السبعة الأحرف هذا القول فتأويله فاسد؛ لأنه محال أن يكون الحرف منها حراما لا ما سواه، أو يكون حلالا لا ما سواه؛ لأنه لا يجوز أن يكون القرآن يقرأ على أنه حلال كله، أو حرام كله، أو أمثال كله. قال أبو عمر: ويرويه الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سلمة بن أبي سلمة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا".
لكن أبو شامة المقدسي عقب على هذا الحديث فقال:
1- رواه البيهقي في "كتاب المدخل" وقال: هذا مرسل جيد، أبو سلمة لم يدرك ابن مسعود. ثم رواه موصولا وقال: فإن صح فمعنى قوله: "سبعة أحرف": أي سبعة أوجه، وليس المراد به ما ورد في الحديث الآخر من نزول القرآن على سبعة أحرف، ذاك المراد به اللغات التي أبيحت القراءة عليها، وهذا المراد به الأنواع التي نزل القرآن عليها.
2- أن قوله "زاجر وآمر" إلى آخره استئناف كلام آخر، أي هو كذلك، ولم يرد به تفسير الأحرف السبعة، وإنما توهم ذلك من توهمه، لاتفاقهما في العدد وهو السبعة، وروي "زاجرا وآمرا..." بالنصب، أي نزل على هذه الصفة من سبعة أبواب على سبعة أحرف، ويكون المراد بالأحرف غير ذلك.
3- أن يكون ذلك تفسيرًا للأبواب، لا للأحرف، أي هذه سبعة أبواب من أبواب الكلام وأقسامه وأنواعه، أي أنزله الله تعالى كائنا من هذه الأصناف، لم يقتصر به على صنف واحد، بخلاف ما يحكى أن الإنجيل كله مواعظ وأمثال، والله أعلم.
القول العاشر: أنها سبعة أوجه للاختلاف في القراءة:
-منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته: مثل {هن أطهر لكم} , (أطهر لكم)، {ويضيق صدري} (ويضيق صدري) بالرفع والنصب فيهما.
ويدخل في هذا القسم: ما اختلف فيه القراء من الإمالة والفتح والإدغام والإظهار والقصر والمد والتشديد والتخفيف وشبه ذلك، فهو من القسم الأول لأن القراءة بما يجوز منه في العربية، وروي عن أئمة وثقات: جائزة في القرآن؛ لأن كله موافق للخط.
-ومنها ما يتغير معناه ويزول بالإعراب ولا تتغير صورته: مثل (ربنا باعد بين أسفارنا) و {ربنا باعد بين أسفارنا}.
-ومنها ما يتغير معناه بالحروف واختلافها باللفظ ولا تتغير صورته في الخط: مثل (إلى العظام كيف ننشرها) بالراء والزاي.
-ومنها ما تتغير صورته ولا يتغير معناه: مثل {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش).
-ومنها ما تتغير صورته ومعناه، مثل {وطلح منضود} "وطلع منضود".
-ومنها التقديم والتأخير، مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} "وجاء سكرة الحق بالموت".
-ومنها الزيادة والنقصان: نحو "نعجة أنثى"، و"من تحتها" في آخر التوبة، و"هو الغني الحميد" في الحديد.
القول الحادي عشر:
الاختلاف الواقع في القرآن يجمع ذلك سبعة أوجه:
-الجمع والتوحيد، كقوله تعالى: {وكتبه} "وكتابه".
-والتذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {لا يقبل} و"لا تقبل".
-والإعراب، كقوله تعالى: "المجيد" و {المجيد}.
-والتصريف، كقوله تعالى: "يعرشون" و {يعرشون}.
-والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، كقوله تعالى: "ولكن الشياطين" {ولكن الشياطين}. واللغات، كالهمز وتركه، والفتح، والكسر، والإمالة، والتفخيم، وبين بين، والمد، والقصر، والإدغام، والإظهار.
-وتغيير اللفظ والنقط بالتفاق الخط، كقوله تعالى: "ننشرها" و {ننشزها}، ونحو ذلك.
واختار هذا القول الأهوازي.
القول الثاني عشر:له أوجه:

"أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد، تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل {تعملون} و"يعملون".
"الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظتين مختلفتين، مثل قوله تعالى: {فاسعوا} و"فامضوا".
"والثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ، إلا أن المعنيين متفرقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: "ملك" و {مالك}.
"والرابع: أن تكون في الحرف لغتان، والمعنى واحد وهجاؤها واحد، مثل قوله تعالى: "الرشد" والرشد".
"والخامس: أن يكون الحرف مهموزا وغير مهموز، مثل "النبيء" و {النبي}.
"والسادس: التثقيل والتخفيف، مثل {الأكل} و"الأكل".
"والسابع: الإثبات والحذف، مثل "المنادي" و {المناد} ".
القول الثالث عشر: أنها على أوجه:
الأول منها يشمل ما يلي:
-تحقيق الهمز وتخفيفه في القرآن كله، في مثل {يؤمنون}، و"مؤمنين"، {والنبيين}، و {النسيء}، و {الصابئين}، و {البرية}، و {سأل سائل}، وما أشبه ذلك، فتحقيقه وتخفيفه بمعنى واحد، وقد يفرقون بين الهمز وتركه بين معنيين، في مثل {أو ننسها} من "النسيان" "أو ننسأها" من "التأخير"، ومثل {كوكب دري} و"دريء".
-ومنه إثبات الواو وحذفها في آخر الاسم المضمر، نحو: "ومنهمو أميون" .
-ومنه أن يكون باختلاف حركة وتسكينها، في مثل {غشاوة}، و"غشوة"، و {جبريل}، و {ميسرة}، و {البخل}، و {سخريا} ".
-ومنه أن يكون بتغيير حرف، نحو "ننشرها"، و"يقض الحق"، و {بضنين} ".
-ومنه أن يكون بالتشديد والتخفيف، نحو {يبشرهم}، و"يبشرهم".
-ومنه أن يكون بالمد والقصر، نحو "زكرياء" و {زكريا} ".
-ومنه أن يكون بزيادة حرف من "فعل" و"أفعل"، مثل (فاسر بأهلك)، و {نسقيكم} ".
الثاني:اختلاف الصورة والمعنى، نحو {وطلح منضود}، "وطلع منضود"، وقيل هما اسمان لشيء واحد، بمنزلة {العهن} و"الصوف"، و {الأثيم} و"الفاجر"، فيكون مما تختلف صورته في النطق والكتاب، ولا يختلف معناه، قال:
"وقال الجمهور من الناس غير هذا، فزعم بعض أهل التفسير أن الطلح هو زينة أهل الجنة، وأنه ليس من الطلع في شيء، وقال كثير منهم: إن الطلح هو الموز، وقال آخرون: هو الشجر العظام الذي يظل ويعرش، وإن قريشا وأهل مكة كان يعجبهم طلحات وج -وهو واد بالطائف- لعظمها وحسنها، فأخبروا على وجه الترغيب أن في الجنة طلحا منضودا، يراد أنه متراكم كثير، وقالوا: إن العرب تسمي الرجل طلحة، على وجه التشبيه له بالشجرة العظيمة المستحسنة، وإذا كان كذلك ثبت أن الطلح والطلع إذا قرئ بهما كان مما تختلف صورته ومعناه"."
الثالث: أن يكون الاختلاف في القراءتين، اختلافا في حروف الكلمة بما يغير معناها ولفظها من السماع، ولا يغير صورتها في الكتاب، نحو "ننشرها" و {ننشزها}.
"الرابع: الاختلاف في بناء الكلمة بما لا يزيلها عن صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، نحو "البخل" و"البخل"، و"ميسرة"، و"ميسرة"، "يعكفون"، و{هل نجازي إلا الكفور} ".
"الخامس: تغيير الصورة دون المعنى، نحو "العهن" و"الصوف"، و {صيحة} و"زقية"، {فومها} و"ثومها".
"السادس:اختلاف حركات الإعراب والبناء، بما يغير المعنى، والصورة واحدة، نحو "باعد، وباعد بين أسفارنا"، و"لقد علمت ما أنزل هؤلاء" بالضم والفتح"
الراجح من هذه الأقوال: القول الثالث
وهذا القول اختاره أبو شامة وعلل ذلك بقوله: " إنما أبيح أن يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي أن يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد إلا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الإمالة، أو تخفيف الهمز، أو الإدغام، أو ضم ميم الجمع، أو صلة هاء الكناية، أو نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ وكذا كل من كان من لغته أن ينطق بالشين التي كالجيم، في نحو أشدق، والصاد التي كالزاي كنحو مصدر، والكاف التي كالجيم، والجيم التي كالكاف، ونحو ذلك، فهم في ذلك بمنزلة الألثغ والأرت، لا يكلف ما ليس في وسعه، وعليه أن يتعلم ويجتهد، والله أعلم.".

مما قيل في الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف
منها: أن الله أنزل القرآن بلغة قريش ومن جاورهم من فصحاء العرب، ثم أباح للعرب المخاطبين به المنزل عليهم أن يقرءوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف بعضهم الانتقال من لغة إلى غيرها لمشقة ذلك عليهم، ولأن العربي إذا فارق لغته التي طبع عليها يدخل عليه الحمية من ذلك، فتأخذه العزة، فجعلهم يقرءونه على عاداتهم وطباعهم ولغاتهم منا منه عز وجل لئلا يكلفهم ما يشق عليهم، فيتباعدوا عن الإذعان، وكان الأصل على ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الألفاظ والإعراب جميعا مع اتفاق المعنى، فمن أجل ذلك جاء في القرآن ألفاظ مخالفة ألفاظ المصحف المجمع عليه، كالصوف وهو "العهن"، وزقية وهي "صيحة"، وحططنا وهي "وضعنا"، وحطب جهنم وهي "حصب" ونحو ذلك.
حكم القراءة بالأحرف السبعة
جمع الله تعالى الأمة بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد، وهو آخر العرضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر بكتبته، جمعا بعد ما كان مفرقا في الرقاع ليكون أصلا للمسلمين، يرجعون إليه ويعتمدون عليه، وأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع القوم عليه، وأمر بتحريق ما سواه قطعا لمادة الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه في حكم المنسوخ والمرفوع، كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق الصحابة، والمكتوب بين اللوحين هو المحفوظ من الله عز وجل للعباد وهو الإمام للأمة، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج من رسم الكتابة والسواد".
-أما القراءة باللغات المختلفة مما يوافق الخط والكتاب فالفسحة فيه باقية، والتوسعة قائمة بعد ثبوتها وصحتها، بنقل العدول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-ولا يلزم في ذلك تواتر، بل تكفي الآحاد الصحيحة من الاستفاضة وموافقة خط المصحف وعدم المنكرين لها نقلا وتوجيها من حيث اللغة، والله أعلم.
وقت جواز القراءة بالأحرف السبعة
قال أبو جعفر الطحاوي: كانت هذه السبعة للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غيرها؛ لأنهم كانوا أميين، لا يكتبون إلا القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلا بمشقة عظيمة، فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقا، فكانوا كذلك، حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرءوا بذلك على تحفظ ألفاظه، ولم يسعهم حينئذ أن يقرؤوا بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف إنما كانت في وقت خاص، لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد.
قال أبو عمر: وهو - أي القراءة على حرف واحد وهو الذي عليه رسم مصحف عثمان- الذي عليه الناس في مصاحفهم وقراءاتهم من بين سائر الحروف؛ لأن عثمان رضي الله عنه جمع المصاحف عليه". قال: "وهذا الذي عليه جماعة الفقهاء فيما يقطع عليه، وتجوز الصلاة به.
الحرف الذي عليه المصحف الإمام
· أنزل القرآن علة سبعة أحرف توسعة على العباد باعتبار اختلاف اللغات والألفاظ المترادفة وما يقارب معانيها.
· لكن الصحابة بعد كثرة الحفاظ خافوا من كثرة الاختلاف، وألهموا، وفهموا أن تلك الرخصة قد استغني عنها.
· فحسموا مادة ذلك بنسخ القرآن على اللفظ المنزل غير اللفظ المرادف له، وصار الأصل ما استقرت عليه القراءة في السنة التي توفي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما عارضه به جبريل عليه السلام في تلك السنة مرتين.
· اجتمع الصحابة على إثبات ما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في سنة وفاته، وبقي من الأحرف السبعة التي كان أبيح قراءة القرآن عليها ما لا يخالف المرسوم، وهو ما يتعلق بتلك الألفاظ من الحركات والسكنات والتشديد والتخفيف وإبدال حرف بحرف يوافقه في الرسم، ونحو ذلك؛ وما لا يحتمله المرسوم الواحد فرق في المصاحف فكتب بعضها على رسم قراءة، وبعضها على رسم قراءة أخرى، وأمثلة ذلك كله معروفة عند العلماء بالقراءات.
هل في القرآن لغة غير لغة قريش؟
- الصحيح أن القرآن به لغات غير لغة قريش لأنه موجود في صحيح القراءات تحقيق لهمزات ونحوها وقريش لا تهمز، قاله ابن عبد البر في التمهيد.
-لكن البعض أنكر ذلك ومنهم أبو قتيبة أن في القرآن لغة غير لغة قريش، وقالوا أن هذا غير جائز لقوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه}، واستثنوا من ذلك أن يكون مراد القائل بجواز ذلك ما وافق من هذه اللغات لغة قريش.
ولكن إنكارهم هذا غير صحيح؛ لأن معنى قوله تعالى: {إلا بلسان قومه} أي العرب كلهم، كما روي عن أيوب السختياني.
اللغة المختارة لغير العربي لقراءة القرآن
من أراد من غير العرب حفظه فالمختار له أن يقرأه على لسان قريش، وهذا إن شاء الله تعالى هو الذي كتب فيه عمر إلى ابن مسعود رضي الله عنهما: "أقرئ الناس بلغة قريش"؛ لأن جميع لغات العرب بالنسبة إلى غير العربي مستوية في التعسر عليه، فإذا لا بد من واحدة منها، فلغة النبي صلى الله عليه وسلم أولى له، وإن أقرى بغيرها من لغات العرب، فجائز فيما لم يخالف خط المصحف، وأما العربي المجبول على لغة فلا يكلف لغة قريش لتعسرها عليه، وقد أباح الله تعالى القراءة على لغته، والله أعلم، ذكره أبو شامة المقدسي.

● تلخيص مقاصد الباب الرابع :
1- المعنى الصحيح لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على أحرف )
أنهن سبع لغات وهو معدوم اليوم غير مأخوذ به.
بدلالة قول ابن مسعود رضي الله عنه وغيره: إن ذلك كقولك هلم وتعال وأقبل".
"فكان ذلك جاريا مجرى قراءة عبد الله: (إن كانت إلا زقية واحدة) و(كالصوف المنفوش).
وقراءة أبي رضي الله عنه: (أن بوركت النار ومن حولها)، (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار).
وكقراءة ابن عباس رضي الله عنهما: (وعلى كل ضامر يأتون).
بل هو اليوم متلو على حرف واحد متفق الصورة في الرسم غير متناف في المعاني إلا حروفا يسيرة اختلفت صور رسمها في مصاحف الأمصار واتفقت معانيها فجرى مجرى ما اتفقت صورته.
2- الفهم الخاطئ في معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم (أنزل القرآن على سبعة أحرف )
أن قراءة هؤلاء الأئمة السبعة هي التي عبر عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف))، فقراءة كل واحد من هؤلاء حرف من تلك الأحرف، ونسب ذلك إلى أبي بكر بن مجاهد وهو برئ منه .
3- اﻷمر بقراءة القرآن على سبعة أحرف أمر تخيير وثبات اﻷمة على حرف واحد
ثبتت الأمة على حرف واحد من السبعة التي خيروا فيها، وكان سبب ثباتهم خوف على الأمة من تكفير بعضهم بعضا أن يستطيل ذلك إلى القتال وسفك الدماء وتقطيع الأرحام، فرسموا لهم مصحفا، أجمعوا جميعا عليه وعلى نبذ ما عداه لتصير الكلمة واحدة، فكان ذلك حجة قاطعة وفرضا لازما.
4- الاختلاف الواقع عند أئمة القراءات
الاختلاف وقع في النصب والرفع والتحريك والإسكان والهمز وتركه والتشديد والتخفيف والمد والقصر وإبدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
5- المماري بكل حرف من الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن
اثبت النبي صلى الله عليه وسلم الكفر لمن يماري بالأحرف ،وأما الممارى فيما اختلف فيه أئمة القراء فلايوجب الكفر .
6- سبب اختلاف أئمة القراءات بعد المرسوم لهم
لما كانت المصاحف خالية من الشكل والإعجام وحصر الحروف المحتملة على أحد الوجوه وكان أهل كل ناحية من النواحي التي وجهت إليها المصاحف قد كان لهم في مصرهم ذلك من الصحابة معلمون كأبي موسى بالبصرة وعلي وعبد الله بالكوفة وزيد وأبي بن كعب بالحجاز ومعاذ وأبي الدرداء بالشام، فانتقلوا عما بان لهم أنهم أمروا بالانتقال عنه مما كان بأيديهم، وثبتوا على ما لم يكن في المصاحف الموجهة إليهم مما يستدلون به على انتقالهم عنه.
7- معنى قول الناس قرأ فلان بالأحرف السبعة
معناه أن قراءة كل إمام تسمى حرفا.
8- القول في القراءات السبع التي ألفت في الكتب
أرسل أمير المؤمنين المصاحف إلى الأمصار الخمسة بعد أن كتبت بلغة قريش، فإن القرآن إنما نزل بلغتها ثم أذن رحمة من الله تعالى لكل طائفة من العرب أن تقرأ بلغتها على قدر استطاعتها، فلما صارت المصاحف في الآفاق غير مضبوطة ولا معجمة قرأها الناس فما أنفذوه منها نفذ، وما احتمل وجهين طلبوا فيه السماع حتى وجدوه".
"فلما أراد بعضهم أن يجمع ما شذ عن خط المصحف من الضبط جمعه على سبعة أوجه اقتداء بقوله: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)).
وليست هذه الروايات بأصل في التعيين، بل ربما خرج عنها ما هو مثلها أو فوقها كحروف أبي جعفر المدني وغيره.
9- المصحف والقراءات الموجودة بين أيدينا
الذي في أيدينا من القرآن هو ما في مصحف عثمان رضي الله عنه الذي أجمع المسلمون عليه.
والذي في أيدينا من القراءات هو ما وافق خط ذلك المصحف من القراءات التي نزل بها القرآن وهو من الإجماع أيضا. وسقط العمل بالقراءات التي تخالف خط المصحف، فكأنها منسوخة بالإجماع على خط المصحف"
10-مقولة النسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف والرد عليه
النسخ للقرآن بالإجماع فيه اختلاف، فلذلك تمادى بعض الناس على القراءة بما يخالف خط المصحف مما ثبت نقله، وليس ذلك بجيد ولا صواب؛ لأن فيه مخالفة الجماعة، وفيه أخذ القرآن بأخبار الآحاد، وذلك غير جائز عند أحد من الناس".
قلت: مثال هذا ما ثبت في الصحيحين من قراءة عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: (والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * والذكر والأنثى). وقراءة الجماعة على وفق خط المصحف: {وما خلق الذكر والأنثى}.
الرد على هذا القول إن نسخ القرآن بالإجماع فيه اختلاف"، فالمحققون من الأصوليين لا يرضون هذه العبارة، بل يقولون: الإجماع لا ينسخ به؛ إذ لا نسخ بعد انقطاع الوحي، وما نسخ بالإجماع، فالإجماع يدل على ناسخ قد سبق في زمن نزول الوحي من كتاب أو سنة.
11 العلة التي من أجلها كثر الاختلاف عن هؤلاء الأئمة، وكل واحد منهم قد انفرد بقراءة اختارها مما قرأ به على أئمته.
أن كل واحد من الأئمة قرأ على جماعات بقراءات مختلفة فنقل ذلك على ما قرأ، فكانوا في برهة من أعمارهم، يقرءون الناس بما قرءوا، فمن قرأ عليهم بأي حرف كان لم يردوه عنه؛ إذ كان ذلك مما قرءوا به على أئمتهم".
12-العلة في اشتهار السبعة في القراءات دون غيرهم .
أن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد، كثيرا في الاختلاف. فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل وحسن الدين وكمال العلم، واشتهر أمره وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل، وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان رضي الله عنه مصحفا إماما، هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك المصر.
13-الضابط في اختيار القراءة عند الطبري وغيره
إذا اجتمع في الحرف ثلاثة أشياء:
1قوة وجهه في العربية.
2 وموافقته للمصحف.
3اجتماع اﻷمة .
14 الضابط عند العامة
ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة، فذلك عندهم حجة قوية توجب الاختيار".
وربما جعلوا العامة ما اجتمع عليه أهل الحرمين، وربما جعلوا الاختيار ما اتفق عليه نافع وعاصم، فقراءة هذين الإمامين أوثق القراءات وأصحها سندا وأفصحها في العربية، ويتلوها في الفصاحة خاصة قراءة أبي عمرو والكسائي رحمهم الله".
15 سبب جعل القراء الذين اختيروا للقراءة سبعة فقط
أنهم جعلوا سبعة لعلتين:
"إحداهما: أن عثمان رضي الله عنه كتب سبعة مصاحف ووجه بها إلى الأمصار، فجعل عدد القراء على عدد المصاحف".
"والثانية: أنه جعل عددهم على عدد الحروف التي نزل بها القرآن، وهي سبعة على أنه لو جعل عددهم أكثر أو أقل لم يمتنع ذلك؛ إذ عدد الرواة الموثوق بهم أكثر من أن يحصى".
16 -القراءات السبع باب واسع فالمعتمد علية في ثبوت هذا اﻷصل
الأصل الذي يعتمد أن ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط المصحف فهو من السبعة المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفا، مفترقين أو مجتمعين، فهذا هو الأصل الذي بني عليه في ثبوت القراءات عن سبعة أو عن سبعة آلاف، فاعرفه وابن عليه".
17- أول من اقتصر على القراء السبعة، وصنف كتابه في قراءاتهم، واتبعه الناس على ذلك، ولم يسبقه أحد إلى تصنيف .
أول من اقتصر على الأئمة السبعة أبو بكر بن مجاهد، قبل سنة ثلاثمائة أو في نحوها وتابعه على ذلك من أتى بعده إلى الآن، ولم تترك القراءة برواية غيرهم واختيار من أتى بعدهم إلى الآن".
18 القراء بعد أبي بكر بن مجاهد
أضاف قوم بعد ابن مجاهد إلى هؤلاء السبعة يعقوب الحضرمي، وكان فاعل ذلك نسب ابن مجاهد إلى التقصير في اقتصاره على السبعة، ولم يكن عالما بغرض ابن مجاهد، وقراءة يعقوب خارجة عن غرضه لنزول الإسناد؛ لأنه قرأ على سلام بن سليمان وقرأ سليمان على عاصم، ولما فيها من الخروج عن قراءة العامة، وكذلك من صنف العشرة".
ثم قام من بعدهم بالقرآن قوم، ليست لهم أسنان من ذكرنا ولا قدمهم، غير أنهم تجردوا في القراءة، فاشتدت بها عنايتهم، ولها طلبهم، حتى صاروا بذلك أئمة يأخذها الناس عنهم ويقتدون بهم فيها، وهم خمسة عشر رجلا من هذه الأمصار، في كل مصر منهم ثلاثة رجال
ثم إن القراء بعد هؤلاء كثروا، وتفرقوا في البلاد، وانتشروا، وخلفهم أمم بعد أمم، عرفت طبقاتهم واختلفت صفاتهم، فمنهم المحكم للتلاوة المعروف بالرواية والدراية، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف، وكثر بسبب ذلك بينهم الاختلاف، وقل الضبط، واتسع الخرق، والتبس الباطل بالحق، فميز جهابذة العلماء وذلك بتصانيفهم، وحرروه وضبطوه في تواليفه.
19- الطعن في قراءة ابن عامر
من طعن على قراءة ابن عامر، وإنما حاصله أنه استبعد قراءته على عثمان بن عفان رضي الله عنه على ما جاء في بعض الروايات عنه،فهب أنه لم يصح أنه قرأ على عثمان، فقد قرأ على غيره من الصحابة، وكان يقول: هذه حروف أهل الشام التي يقرءونها.
- قال أبو جعفر:
"ولعله أراد أنه أخذ ذلك عن جماعة من قرائها، فقد كان أدرك منهم من الصحابة وقدماء السلف خلقا كثيرا".
- ثم قال أبو طاهر:
"وأحسن الوجوه عندي أن يقال: إن قراءة ابن عامر قراءة اتفق عليها أهل الشام وإنها مسندة إلى أحد من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
قال: "ولم يتفقوا إن شاء الله عليها، إلا ولها مادة صحيحة من بعض الصحابة تتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كنا لا نعلمها كعلمنا بمادة قراءة أهل الحرمين والعراقين".
● تلخيص مقاصد الباب الخامس :
أ:اختلاف الناس في القراءات:
*الحكمة من اختلاف الناس في القراءات
رويت الآثار باختلاف الناس في القراءات عن الصحابة والتابعين كما اختلفوا في الأحكام ،وذلك توسعة ورحمة للمسلمين وبعضها قريب من بعض.
*تفاضل حملة القرآن في حمله ونقله ،ومنازل في نقل حروفه:
1- المعرب العالم بوجوه الإعراب في القراءات، العارف باللغات ومعاني الكلام، البصير بعيب القراءة المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين".
2-الذييعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر على تحويل لسانه، فهو مطبوع على كلامه.
3- الذي يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه،فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بنقله، وليس عنده إلا الأداء لما تعلم، لا يعرف الإعراب ولا غيره، فذلك الحافظ ولا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده، فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه، وعسى أن يكون عند الناس مصدقا.
4- الذي يعرب قراءته ويبصر المعنى ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس في الآثار، فربما دعاه بصره بالإعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين، فيكون بذلك مبتدعا.
*الآثار التي رويت في الأحكام:
1- السائر المعروف المجتمع عليه.
2-المتروك المكروه عند الناس ،المعيب من أخذ به، وإن كان روي عند الناس.
3- المتوهم فيه من رواه فضيع روايته ونسي سماعه لطول عهده، فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه وردوه على من حمله.
ولعل كثيرا ممن ترك حديثه واتهم في روايته كانت هذه علته، وإنما ينتقد ذلك أهل العلم بالأخبار والحلال والحرام والأحكام، وليس انتقاد ذلك إلى من لا يعرف الحديث ولا يبصر الرواية والاختلاف
*الآثار التي رويت في حروف القرآن:
1- اللغة الشاذة القليلة.
2-الضعيف المعنى في الإعراب، غير أنه قد قرئ به.
3-ما توهم فيه فغلط به، فهو لحن غير جائز عند من لا يبصر من العربية غير اليسير.
4-اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا العالم النحرير.
ب-أنواع القراءات
*كيفية تلقي القراءة:
القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول، فاقرءوا كما علمتموه،قاله
عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما من الصحابة، وعن ابن المنكدر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي من التابعين وأيضا قاله زيد،وهي القراءة التي كان عليها
الناس بالمدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوليهم تلقيا، وقام بها في كل مصر من هذه الأمصار رجل ممن أخذ عن التابعين، اجتمعت الخاصة والعامة على قراءته وسلكوا فيها طريقه وتمسكوا بمذاهبه على ما روي ،وهي ما ثبت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم نصاً أنه قرأه وأذن فيه علي ما صح عنه:(إن القرآن نزل علي سبعة أحرف)
*المقصود بالقراءة
هي القراءة التي جمعت في المصحف.قاله إسماعيل القاضي.
*قراءة الناس الحالية
"القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه، هي التي يقرؤها الناس اليوم". قاله بن سيرين وعبيدة السلماني وأخرجه أبو عبيد وغيره وابن أبي شيبة
والدليل: قالمحمد بن سيرين:
"نبئت أن القرآن كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم كل عام مرة في شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه مرتين".
*شروط القراءة الصحيحة
1- ثبوت النقل الصحيح بالنصوص عن النبي صلي الله عليه وسلم بالتواتر أو بخبر الآحاد.
2- أن يكون موافق لرسم المصحف.
3- أن يوافق وجهه من أوجه اللغة العربية.
فإن اختلت هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنها شاذة وضعيفة.ذكر ذلك الشيخ المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد صنفه في معاني القراءات السبع،
ذكره أيضا شيخنا أبو الحسن رحمه الله في كتابه "جمال القراء" في باب مراتب الأصول وغرائب الفصول.
*ملاحظات:
-قراءة العامة: هي ما اتفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة،وربما اختاروا ما اجتمع عليه أهل الحرمين.
- ولعل مرادهم بموافقة خط المصحف ما يرجع إلى زيادة الكلم ونقصانها.
-ما يرجع إلى الهجاء وتصوير الحروف، فلا اعتبار بذلك في الرسم، فإنه مظنة الاختلاف، وأكثره اصطلاح، وقد خولف الرسم بالإجماع في مواضع من ذلك، كالصلاة والزكاة والحياة، فهي مرسومات بالواو ولم يقرأها أحد على لفظ الواو.
فليكتف في مثل ذلك بالأمرين الآخرين، وهما صحة النقل والفصاحة في لغة العرب.
*أصح القراءات سنداً وأفصحها في العربية:
قراءة عاصم ونافع ، وبعدهما في الفصاحة قراءة أبي عمرو والكسائي.
ج- أقسام القراءات:
- القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
- القراءات الشاذة.
1-القراءات الصحيحة المعتبرة المجمع عليها.
-قد انتهت إلى السبعة القراء المقدم ذكرهم، واشتهر نقلها عنهم لتصديهم لذلك وإجماع الناس عليهم.
-إن من القراءات المعتبرة المنقولة عن السبعة القراء ما يطلق عليه أنه ضعيف وشاذ بخروجه عن الضابط المذكور باختلال بعض الأركان الثلاثة، ولهذا ترى كتب المصنفين في القراءات السبع مختلفة في ذلك، ففي بعضها ذكر ما سقط في غيرها، والصحيح بالاعتبار الذي ذكرناه موجود في جميعها إن شاء الله تعالى.
-لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هؤلاء الأئمة السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة،وإن هكذا أنزلت إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف، لا عمن تنسب إليه.
- القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم، فوق ما ينقل عن غيرهم.
-مما نسب إليهم فيه إنكار لأهل اللغة عليه مثل
الجمع بين الساكنين في تاءات البزي، وإدغام أبي عمرو، وقراءة حمزة "فما اسطاعوا" إلي غير ذلك من الأمثلة.وكل هذا محمول علي قلة ضبط الرواة فيه كما قاله ابن مجاهد ،وإن صح فيه النقل فهو من بقايا الأحرف السبعة التي كانت القراءة مباحة عليها ، وعلي ما هو جائز في العربية ،فصيحا كان أو دون ذلك.
-مسألة:
قد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن القراءات السبع كلها متواترة.
الرد:
نحن بهذا نقول، ولكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض، فلا أقل من اشتراط ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها.إن القراءات السبع المراد بها ما روي عن الأئمة السبعة القراء المشهورين، وذلك المروي عنهم منقسم إلى ما أجمع عليه عنهم لم يختلف فيه الطرق، وإلى ما اختلف فيه بمعنى أنه نفيت نسبته إليهم في بعض الطرق.
فالمصنفون لكتب القراءات يختلفون في ذلك اختلافا كثيرا
-مسألة:
هل القراءات السبع المتواترة لأن القرآأنزل علي سبعة أحرف؟
الرد:
هذا خطأ ، لأن الأحرف السبعة المراد بها غير القراءات السبع على ما سبق تقريره في الأبواب المتقدمة.
مسأله:
هل قراءة من لم يبسمل بين السورتين ينبغي أن تكون ضعيفة لمخالفتها الرسم.
الرد:
لا، فإنه يبسمل إذا ابتدأ كل سورة، فهو يرى أن البسملة إنما رسمت في أوائل السور لذلك على أنا نقول الترجيح مع من بسمل مطلقا بين السورتين وعند الابتداء،وذلك على وفق مذهب إمامنا الشافعي رحمه الله.
2- القراءة الشاذة
-تعريف الشاذ
لغة:يقال شذ الرجل يشذ ويشذ شذوذا، إذا انفرد عن القوم واعتزل عن جماعتهم.
اصطلاحاً:هو ماخالف شروط القراءة الصحيحة المعتبرة.وقالابن جني "والقراءة الشاذة ما نقل قرآنا منغير تواتر واستفاضة،متلقاة بالقبول من الأمة".
-حكمة:" يجب اجتناب الشاذ واتباع القراءة المشهورة ولزوم الطرق المعروفة في الصلاة وغيرها".
وأيضاقال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من أخذ بالشاذ من العلم أو روى عن كل أحد أو روى كل ما سمع".
والأدلةعلي ذلك كثيرة:
1- قال مالك:
"من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف، لم يصل وراءه".
2- -قال أبو عمر:
"علماء المسلمين مجمعون على ذلك إلا قوما شذوا لا يعرج عليهم "
3-قدذكر الإمام أبو بكر الشاشي فيكتابه المسمى بالمستظهري نقلا عن القاضي الحسين وهو من كبارفقهاء الشافعيةالمراوزة: "إن الصلاة بالقراءة الشاذة لا تصح".
ثم قال أبو بكر: "هذا فيما يحيل المعنى عن المشهور، فإن لم يحل صحت".
4-وقال شيخ المالكية رحمه الله:
لا يجوز أن يقرأ بالقراءة الشاذة في صلاة ولا غيرها، عالما كان بالعربية أو جاهلا. وإذا قرأ بها قارئ فإن كان جاهلا بالتحريم عرف به وأمر بتركها، وإن كان عالما أدب بشرطه، وإن أصر على ذلك أدب على إصراره وحبس إلى أن يرتدع عن ذلك".
*حكم من بدل كلمة بمعناها:
مثل"أتينا "بأعطينا و"سولت"بزينت ونحوه
-فليس هذا من الشواذ، وهو أشد تحريماً، والتأديب عليه أبلغ، والمنع منه أوجب".
*حكم من قراءة القراءات المختلفة في آي العشر الواحد.
-فالأولى أن لا يفعل، نعم، إن قرأ بقراءتين في موضع إحداهما مبنية على الأخرى، مثل أن يقرأ "نغفر لكم" بالنون و"خطيئاتكم" بالرفع، ومثل "إن تضل إحديهما" بالكسر "فتذكر إحديهما" بالنصب، فهذا أيضا ممتنع، وحكم المنع كما تقدم، والله أعلم".
رد المؤلف:المنع من هذا ظاهر، وأما ما ليس كذلك فلا منع منه، فإن الجميع جائز، والتخيير في هذا، وأكثر منه كان حاصلا بما ثبت من إنزال القرآن على سبعة أحرف توسعة على القراء، فلا ينبغي أن يضيق بالمنع من هذا ولا ضرر فيه، نعم، أكره ترداد الآية بقراءات مختلفة كما يفعله أهل زماننا في جميع القراءات لما فيه من الابتداع، ولم يرد فيه شيء عن المتقدمين. وقد بلغني كراهته عن بعض متصدري المغاربة المتأخرين، والله أعلم.
حكم من قرأ بالقراءة الشاذة :
-إذا قرأ بها الجاهل بالحكم علم.
-إذا كان عالماً عزر بالرفق والمدارة لأن له حرمة أهل القرآن.
- وإذا أصر حبس وضرب حتي يرتدع.
-كما فعل في ابن شنبوذيقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويتتبع الشواذ فيقرأ بها ويجادل، حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس،وقبض عليهالوزير بن مقله وناظرة ثم عاقبه وضربه حتي تاب عن فعلته
قاله إسماعيل الخطبي في كتاب التاريخ.

● تلخيص مقاصد الباب السادس :
-الغاية الأساسية من تلاوة القرآن وحفظه :
فهم معانيه والتفكر فيه والعمل بمقتضاه والوقوف عند حدوده واستحضار الإخلاص والخشية من الله .
-معنى تلاوة القران:
فالمراد من تلاوته هو اتباعه والعمل به كما أخرج أبو عبيد القاسم بن سلام في "كتاب فضائل القرآن" عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة في قوله تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته}، قال: يتبعونه حق إتباعه.
قال الغزالي : "وتلاوة القرآن حق تلاوته أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر والانزجار والائتمار. فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ".

-معنى تدبر القرآن:
عن الحسن البصري قال: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان، لا علم لهم بتلاوته، ولم ينالوا الأمر من أوله. قال الله عز وجل: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، أما تدبر آياته، اتباعه والعمل بعلمه، أما والله ما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قد قرأت القرآن كله، فما أسقط منه حرفا، وقد والله أسقطه كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نفس واحد، والله ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الورعة، متى كانت القراء تقول مثل هذا، لا كثر الله في الناس مثل هؤلاء.
-المراد بنبذ القرآن وتركه:
وعن الشعبي في قوله تعالى: {فنبذوه وراء ظهورهم}، قال: أما إنه ما كان بين أيديهم، ولكن نبذوا العمل به.
-آداب تلاوة القرآن:
1-تكرار الآية وتدبرها :
*عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ليلة من الليالي يقرأ آية واحدة الليل كله، حتى أصبح، بها يقوم وبها يركع وبها يسجد: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}.
* وعن تميم الداري: أنه أتى المقام ذات ليلة، فقام يصلي، فافتتح السورة التي تذكر فيها الجاثية، فلما أتى على هذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}، لم يزل يرددها حتى أصبح.
*وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه يردد: {وقل رب زدني علما}، حتى أصبح.
2-ترتيل الآيات وقراءته بتدبر والوقوف عند عجائبه:
*عن مجاهد في قوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: ترسل فيه ترسلا.
*عن ابن عباس {ورتل القرآن ترتيلا}، قال: بينه تبيينا. وعن مجاهد قال: بعضه في إثر بعض.
* وعن إبراهيم عن علقمة قال: قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.
3-تحسين الصوت عند قراءة القرآن:
*قال أبو عبيد: حدثنا أبو النضر عن شعبة قال: حدثني معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل يقول: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح على ناقته أو جمله يسير، وهو يقرأ سورة الفتح -أو قال: من سورة الفتح- ثم قرأ معاوية قراءة لينة، فرجع ثم قال: لولا أخشى أن يجتمع الناس علينا، لقرأت ذلك اللحن.
-ضابط تحسين الصوت بالقراءة وتلحينه:
أن لا يكون ذلك اللحن من الألحان المطربة الملهية إنما هو طريق الحزن والتخويف والتشويق.
وقد روي في ذلك أحاديث مفسرة مرفوعة وغير مرفوعة، منها عن طاوس قال:
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحسن صوتا بالقرآن -أو أحسن قراءة- فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)).
وعنه: ((أحسن الصوت بالقرآن أخشاهم لله تعالى)).
*وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
*وعن أنس: أنه سمع رجلا يقرأ بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك ونهى عنه.
4- استحباب التحزن عند قراءة القرآن:
*عن سعد بن مالك قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن هذا القرآن نزل بحزن، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا)):
*عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقرءوا القرآن بحزن فإنه نزل بحزن)).
* وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن أحسن الناس صوتا بالقرآن من إذا سمعته يقرأ، حسبته يخشى الله عز وجل)).
5- كراهية سرعة القراءة وكثرتها من غير تدبر:
*عن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة، فأدبرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ كما تقول.
*وسئل مجاهد عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة، قيامهما واحد وركوعهما واحد وسجودهما واحد وجلوسهما واحد، أيهما أفضل؟ فقال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا}.
* وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: إياكم والهذاذين الذين يهذون القرآن ويسرعون بقراءته، فإنما مثل ذلك كمثل الأكمة التي لا أمسكت ماء ولا أنبتت كلأ.
6-كراهية التكلف في قراءة القران:
قال الغزالي : "فأما ما يذهب إليه بعض أهل الغباوة من القراء من الإفراط في التمطيط، والتعسف في التفكيك، والإسراف في إشباع الحركات إلى غير ذلك من الألفاظ المستبشعة والمذاهب المكروهة فخارج عن مذاهب الأئمة وجمهور سلف الأمة، وقد وردت الآثار عنهم بكراهة ذلك".
-ضابط القراءة الصحيحة للقرآن الكريم :
قال أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني الحافظ المقرئ رحمه الله:
"التحقيق الوارد عن أئمة القراءة حده أن يوفي الحروف حقوقها من المد والهمز والتشديد والإدغام والحركة والسكون والإمالة والفتح، إن كانت كذلك من غير تجاوز ولا تعسف ولا إفراط ولا تكلف".
وأنشدنا شيخنا أبو الحسن علي بن محمد السخاوي رحمه الله تعالى قصيدة من نظمه في علم التجويد، يقول فيها:
لا تحسب التجويد مدا مفرطا أو مد ما لا مد فيه لوان
أو أن تشدد بعد مد همزة أو أن تلوك الحرف كالسكران
أو أن تفوه بهمزة متهوعا فيفر سامعها من الغثيان
للحرف ميزان، فلا تك طاغيا فيه، ولا تك مخسر الميزان
فإذا همزت فجئ به متلطفا من غير ما بهر وغير توان
وامدد حروف المد عند مسكن أو همزة حسنا أخا إحسان
- أصناف قراء القرآن :
قال الحسن: قراء القرآن على ثلاثة أصناف:
صنف اتخذوه بضاعة يأكلون به، وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستدروا به الولاة، كثير هذا الضرب من حملة القرآن، لا كثرهم الله، وصنف عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم واستشعروا الخوف وارتدوا الحزن، فأولئك يسقي الله بهم الغيث وينصرهم على الأعداء، والله لهذا الضرب من حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر".
عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم)).
- وقال حذيفة: إن من أقرأ الناس المنافق الذي لا يدع واوا ولا ألفا، يلفت كما تلفت البقرة بلسانها، لا يجاوز ترقوته.
- قال صاحب الغريبين في الحديث: ((هلك المتنطعون...)).
"هم المتعمقون الغالون"، قال: "ويكون الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم، مأخوذ من النطع، وهو الغار الأعلى". قال: "وفي حديث حذيفة: من أقرأ الناس منافق لا يدع منه واوا ولا ألفا يلفته بلسانه، كما تلفت البقرة الخلاء بلسانها، أي تلويه، يقال: لفته وفتله، أي لواه" والخلاء الرطب من الكلأ.
"وعن أبي الأحوص قال: إن كان الرجل ليطرق الخباء فيسمع فيه كدوي النحل، فما لهؤلاء يأمنون ما كان أولئك يخافون".
-صفات أهل القرآن :
1-اتباعه والعمل به :
عن أبي الزاهرية: أن رجلا أتى أبا الدرداء بابنه فقال: با أبا الدرداء، إن ابني هذا جمع القرآن، فقال: ((اللهم اغفر، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاعه)).
وروي مرفوعا وموقوفا: ((اقرءوا القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه)).
وعن الحسن: أن أولى الناس بالقرآن من اتبعه وإن لم يكن يقرؤه.
2-الخشوع عند تلاوته وتدبر معانيه :
عن سليمان بن سحيم قال: أخبرني من رأى ابن عمر وهو يصلي ويترجح ويتمايل ويتأوه، حتى لو رآه من يجهله لقال: أصيب الرجل، وذلك لذكر النار إذا مر بقوله تعالى: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا}، أو شبه ذلك.
عن عبد الأعلى التيمي قال: من أوتي من العلم ما لا يبكيه: فليس بخليق أن يكون أوتي علما ينفعه؛ لأن الله تبارك وتعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا}.
* وعن عبد الملك بن شبيب عن رجل من ولد ابن أبي ليلى قال: دخلت على امرأة وأنا أقرأ سورة هود، فقالت لي: يا أبا عبد الرحمن، هكذا تقرأ سورة هود، والله إني فيها منذ ستة أشهر، وما فرغت من قراءتها, قال ابن أبي مليكة: صحبت ابن عباس -يعني في السفر- فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن، يقرأ حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب.
* وقال عبد الله بن عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سمعوا القرآن؟ قالت: تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله.
3-صيانة القرآن عن أمر الدنيا :
*قال أبو عبيد: جلست إلى معمر بن سليمان بالرقة، وكان من خير من رأيت، وكانت له حاجة إلى بعض الملوك، فقيل له: لو أتيته فكلمته، فقال: قد أردت إتيانه، ثم ذكرت القرآن والعلم، فأكرمتهما عن ذلك.
* وقال أبو بكر بن أبي شيبة في "كتاب ثواب القرآن".
عن إبراهيم قال: كان يكره أن يقرأ القرآن عند الأمر يعرض من أمر الدنيا.
*وقال الفضيل بن عياض: ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد من الخلق حاجة، إلى الخليفة فمن دونه، وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه".
"قال سفيان بن عيينة: من أعطى القرآن فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن، فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله سبحانه وتعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم}. وقال: {ورزق ربك خير وأبقى}، يعني القرآن".
- قال الشيخ رحمه الله: "أي ما رزقك الله من القرآن خير وأبقى مما رزقهم من الدنيا".
4-تهذيب القرآن لقلوبهم وتعلقها بالآخرة:
حدثنا حفص عن هشام بن عروة قال: كان إذا رأى شيئا من أمر الدنيا يعجبه، قرأ: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم}الآية.
5-تميزهم عن غيرهم بقيام الليل وكثرة تلاوة القرآن :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان القرآن له حجيجا)).
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبورعه إذا الناس يخلطون، وبتواضعه إذا الناس يختالون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون.
-ما جاء في فضل أهل القرآن:
*حدثنا معاذ عن عوف عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: إن من إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه.
ورواه البيهقي في "الشعب" عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من إجلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط)).
الأسباب المؤدية إلى عدم الانتفاع من تلاوة القرآن :
قال الغزالي في كتاب تلاوة القرآن: "أكثر الناس منعوا من فهم القرآن لأسباب وحجب سدلها الشيطان على قلوبهم، فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن: أولها أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، وهذا يتولى حفظه شيطان وكل بالقراء ليصرفهم عن معاني كلام الله تعالى، فلا يزال يحملهم على ترديد الحرف، يخيل إليهم أنه لا يخرج من مخرجه، فهذا يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف، فأنى تنكشف له المعاني؟ وأعظم ضحكة الشيطان لمن كان مطيعا لمثل هذا التلبيس".
-الجهر بالقراءة في الصلاة السرية من البدعة :
* وعن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أن يرفع الرجل صوته بالقرآن في الصلاة قبل العشاء الآخرة وبعدها ويغلط أصحابه.
* وعن يحيى بن أبي كثير قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ههنا قوما يجهرون بالقراءة في صلاة النهار، فقال: ((ارموهم بالبعر)).

تم بحمد الله


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 17 شوال 1436هـ/2-08-2015م, 12:25 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي حنان وبارك فيكِ

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجموعة, صفحة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir