دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب الزكاة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ذو القعدة 1429هـ/24-11-2008م, 02:47 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي من لا تحل لهم الزكاة

( فصلٌ ) ولا تُدْفَعُ إلى هاشميٍّ ومُطَّلِبِيٍّ ومَوالِيهِما، ولا إلى فقيرةٍ تحتَ غَنِيٍّ مُنْفِقٍ، ولا إلى فَرْعِه وأَصْلِه، ولا إلى عبدٍ وزَوجٍ، وإن أَعطاهَا لِمَنْ ظَنَّه غيرَ أهلٍ فَبَانَ أَهلاً أو بالعكْسِ لم يُجِزْهُ، إلا لغَنِيٍّ ظَنَّه فقيرًا.


  #2  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 03:05 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.................

  #3  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 03:06 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فَصْلٍ
(ولا) يُجْزِئُ أن (تُدْفَعَ إلى هاشِمِيٍّ)؛ أي: مَن يُنْسَبُ إلى هَاشِمٍ بأن يكونَ مِن سُلالَتِه فدخلَ فيهِم آلُ عَبَّاسٍ وآلُ عَلِيٍّ وآلُ جَعْفَرٍ وآلُ عَقِيلٍ وآلُ الحَارِثِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وآلُ أَبِي لَهَبٍ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((إِنَّ الصَّدَقَةَ لا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِي أَوْسَاخُ النَّاسِ)) أخرجَهُ مُسْلِمٌ. لكنْ تُجْزِئُ إليه إن كانَ غَازِياً أو غَارِماً لإصلاحِ ذاتِ البَيْنِ أو مُؤَلَّفاً. (و) لا إلى (مُطَّلِبِيٍّ) لمُشَارَكَتِهم لبَنِي هَاشِمٍ في الخُمْسِ، اختَارَهُ القَاضِي وأَصْحَابُه وصحَحَّهُ ابنُ المُنَجَّا وجزَمَ به في (الوَجِيزِ) وغَيْرِه.والأصَحُّ تُجْزِئُ إليهم. اختارَهُ الخَرَقِيُّ والشَّيْخَانِ وغَيْرُهُم؛ لأنَّ آيَةَ الأَصْنَافِ وغَيْرَها مِن العُمُومَاتِ تَتَنَاوَلُهُم، ومُشَارَكَتُهُم لبَنِي هَاشِمٍ في الخُمْسِ ليسَ لمُجَرَّدِ قَرَابَتِهم بدليلِ أنَّ بَنِي نَوْفَلٍ وبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ مِثْلُهُم ولم يُعْطَوْا شَيْئاً مِن الخُمْسِ، وإنَّمَا شَارَكُوهُم بالنُّصْرَةِ معَ القَرَابَةِ كما أَشَارَ إليه عليه السَّلامُ بقَوْلِه: ((لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلامٍ)). والنُّصْرَةُ لا تَقْتَضِي حِرْمَانَ الزَّكَاةِ. (و) لا إلى (مَوَالِيهِمَا) لقَوْلِه عليه السَّلامُ: ((وَإِنَّ مَوْلَى القَوْمِ مِنْهُم)) رواهُ أَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ. لكنْ على الأصَحِّ تُجْزِئُ إلى مَوَالِي بَنِي المُطَّلِبِ كإِلَيْهِم. ولكُلٍّ أَخْذُ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ ووَصِيَةٍ أو نَذْرٍ لفَقْرٍ لا كَفَّارَةٍ. (ولا إلى فَقِيرَةٍ تَحْتَ غَنِيٍّ مُنْفِقٍ) ولا إلى فَقِيرٍ يُنْفِقُ عليه مَن وَجَبَت عليه نَفَقَتُه مِن أَقَارِبِه لاستِغْنَائِه بذلك، (ولا إلى فَرْعِه)؛ أي: وَلَدِه وإن سَفِلَ مِن وَلَدِ الابنِ أو وَلَدِ البِنْتِ، (و) لا إلى (أَصْلِه) كأبيه وأُمِّه وجَدِّه وجَدَّتِه مِن قِبَلِهِمَا وإن عَلَوْا إلاَّ أن يَكُونُوا عُمَّالاً أو مُؤَلَّفِينَ أو غُزَاةً أو غَارِمِينَ لذَاتِ بَيْنٍ، ولا يُجْزِئُ أَيْضاً إلى سَائِرِ مَن تَلْزَمُه نَفَقَتُه ما لم يَكُنْ عَامِلاً أو غَازِيا أو مُؤَلَّفاً أو مُكَاتَباً أو ابنَ سَبِيلٍ أو غَارِماً لإصلاحِ ذاتِ بَيْنٍ، وتُجْزِئُ إلى مَن تَبَرَّعَ بنفقَتِه بضَمِّه إلى عِيَالِه أو تَعَذَّرَت نَفَقَتُه مِن زوجٍ أو قريبٍ بنَحْوِ غَيْبَةٍ أو امتناعٍ، (ولا) تُجْزِئُ (إلى عبدٍ) كامِلِ رِقٍّ غَيْرِ عَامِلٍ أو مُكَاتَبٍ. (و) لا إلى (زوجٍ) فلا يُجْزِئُها دفعُ زَكَاتِها إليه، ولا بالعَكْسِ، وتُجْزِئُ إلى ذَوِي أَرْحَامِه مِن غيرِ عَمُودَيِ النَّسَبِ. (وإنْ أَعْطَاهَا لمَن ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ) لأَخْذِهَا (فبانَ أَهْلاً) لم تُجْزِئْهُ لعدمِ جَزْمِه بنِيَّةِ الزَّكَاةِ حالَ دَفْعِهَا لمَن ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ لها (أو بالعَكْسِ) بأن دَفَعَها لغيرِ أَهْلِها ظَانًّا أنَّهُ أَهْلُها (لم تُجْزِئْه)؛ لأنَّه لا يَخْفَى حَالُه غالباً وكدَيْنِ الآدَمِيِّ، (إلا) إذا دَفَعَها (لغَنِيٍّ ظنَّهُ فَقِيراً) فتَجْزِيه؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أَعْطَى الرَّجُلَيْنِ الجَلْدَيْنِ وقالَ: ((إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا مِنْهَا وَلاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ)).


  #4  
قديم 29 ذو القعدة 1429هـ/27-11-2008م, 03:08 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])
(ولا) يجزئ أن (تدفع إلى هاشمي) ([2]) أي من ينسب إلى هاشم، بأَن يكون من سلالته([3]) فدخل فيهم آل عباس، وآل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل الحارث بن عبد المطلب، وآل أبي لهب([4]) لقوله عليه السلام: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أَوساخ الناس» أخرجه مسلم([5]).لكن تجزئ إليه إن كان غازيًا، أو غارمًا لإصلاح ذات البيت، أو مؤلفًا([6]) (و) لا إلى (مطلبي) لمشاركتهم لبني هاشم في الخمس، اختاره القاضي وأصحابه، وصححه ابن المنجا، وجزم به في الوجيز وغيره([7]). والأَصح: تجزئ إليهم، اختاره الخرقي، والشيخان، وغيرهم([8]).لأَن آية الأَصناف – وغيرها من العمومات – تتناولهم([9]) ومشاركتهم لبني هاشم في الخمس، ليس لمجرد قرابتهم، بدليل أَن بني نوفل وبني عبد شمس مثلهم، ولم يعطوا شيئًا من الخمس([10]) وإنما شاركوهم بالنصرة مع القرابة، كما أَشار إليه عليه السلام بقوله «لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام»([11]) والنصرة لا تقتضي حرمان الزكاة([12]) (و) لا إلى (مواليهما)([13]) لقوله عليه السلام «وإن مولى القوم منهم» رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي وصححه([14]) لكن على الأَصح، تجزئ إلى موالي بني المطلب كإليهم([15]) ولكل أَخذ صدقة التطوع([16]) ووصية أَو نذر لفقراء([17]) لا كفارة([18]) (ولا إلى فقيرة تحت غني منفق) ([19]).ولا إلى فقير ينفق عليه من وجبت عليه نفقته من أَقاربه، لاستغنائه بذلك ([20]) (ولا إلى فرعه) أَي ولده وإِن سفل، من ولد الابن([21]) أَو ولد البنت ([22]) (و) لا إلى (أَصله) كأَبيه، وأُمه، وجده، وجدته، من قبلهما وإن علوا([23]).إلا أن يكونوا عمالاً، أو مؤلفين، أو غزاة، أو غارمين لذات بين ([24]) ولا يجزئ أيضًا إلى سائر من تلزمه نفقته ([25]) ما لم يكن عاملاً، أو غـازيًا، أو مـؤلفًا أو مـكاتبًا، أو ابـن سبيل، أو غارمًا لإصلاح ذات بين ([26]) ويجزئُ إلى من تبرع بنفقته، بضمه إلى عياله([27]) أو تعذرت نفقته من زوج، أو قريب، بنحو غيبة أو امتناع([28]) (ولا) تجزئُ (إلى عبد) كامل رق([29]) غير عامل أو مكاتب([30]) (و) لا إلى (زوج) فلا يجزئها دفع زكاتها إليه، ولا بالعكس([31]).وتجزئ إلى ذوي أرحامه، من غير عمودي النسب([32]).(إن أعطاها لمن ظنه غير أهل) لأخذها (فبان أهلاً) لم تجزئه، لعدم جزمه بنية الزكاة، حال دفعها لمن ظنه غير أهل لها([33]) (أو بالعكس) بأن دفعها لغير أهلها، ظانًا أنه أهلها (لم تجزئه) ([34]) لأنه لا يخفى حاله غالبًا([35]) وكدين الآدمي([36]) (إلا) إذا دفعها (لغني ظنه فقيرًا) فتجزئه ([37]).لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجلدين، وقال «إن شئتما أعطيتكما منها، ولاحظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب»([38])


([1]) فيمن لا يجزئ دفع الزكاة إليه، وفضل صدقة التطوع.
([2]) حكاه الوزير وغيره اتفاق الأئمة، وكذا لا تجزئ إلى هاشمية.
([3]) بضم السين ما انسل من الولد.
([4]) ابن عبد المطلب، قال الشارح وغيره: لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة. وحكى الاتفاق على خمسة البطون غير واحد من أهل العلم، وأخرج بعض أهل العلم آل أبي لهب، لأن حرمة الصدقة عليهم كرامة لهم، ولذريتهم، حيث نصروه، في جاهليتهم وإسلامهم، وأبو لهب كن حريصًا على أذاه، فلم يستحقها بنوه، وعتبة ومعتب ابناه أسلما عام الفتح، وشهدا حنينًا، والطائف، ولهما عقب.
([5]) وأول الحديث: أن المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، والفضل ابن العباس انطلقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال المطلب: ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله جئنا لتؤمرنا على هذه الصدقات، فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة، ونؤدي إليك ما يؤدي الناس. فقال «إن الصدقة لا تحل لآل محمد» الحديث، وعن أبي هريرة قال: أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كخ كخ، إرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة» وفي رواية «إنا لا تحل لنا الصدقة» يعني المفروضة، متفق عليه، وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة، فكل من حرمت عليه الزكاة، فله أخذها هدية وفاقًا، لأكله مما تصدق به على أم عطية، ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي، وفي الصحيحين «كل معروف صدقة».
([6]) لجواز الأخذ بذلك مع الغنى، وعدم المنة فيه، واختار الشيخ، والقاضي، وأبو البقاء، وأبو صالح، وأبو طالب البصري، وأبو يوسف، والإصطخري، وغيرهم: جواز الأخذ لبني هاشم إذا منعوا الخمس، لأنه محل حاجة وضرورة. وقال الشيخ: يجوز لهم الأخذ من زكاة الهاشمي.
([7]) وفاقًا لمالك والشافعي.
([8]) كشيخ الإسلام وجزم به ابن البناء، وصاحب المنور، والمنتهى، والإقناع قال في العمدة: وآل محمد، بنو هاشم وموالهيم، وإذا أطلق الأصحاب الشيخين، فالمراد بهما الموفق والمجد، وفي العصور الأخيرة المراد بالشيخ: شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمهم الله تعالى.
([9]) وخرج بنو هاشم بالنص، فبقي من عداهم على الأصل.
([10]) ولأن بني المطلب في درجة بني أمية، وهم لا تحرم عليهم الزكاة إجماعًا، فكذا هم، وقياسهم على بني هاشم لا يصح، لأنهم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف.
([11]) رواه أبو داود وغيره وفيه «وإنما نحن وهم شيء واحد».
([12]) وتقدم أنه كرامة لهم، وعلله صلى الله عليه وسلم بكونها أوساخ الناس، فحرمت عليه صلى الله عليه وسلم، وآله بني هاشم، ومواليهم فقط، لشرفهم.
([13]) وهم الذين أعتقهم بنو هاشم، يعني وبنو المطلب، أما موالي بن هاشم. فهو المذهب، وفاقًا لأبي حنيفة، وأكثر الشافعية، والصحيح من مذهب مالك، وتحريم الصدقة على موالي بني هاشم، كتحريمها عليهم، قال الطحاوي: تواترت عنه صلى الله عليه وسلم الآثار بذلك. ولم يذكر بعض الأصحاب موالي آل بني المطلب، والأكثر ذكرهم، وأومأ أحمد في رواية إلى الجواز، وهو مذهب مالك، لأنهم ليسوا من آل محمد.
([14]) من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة، فقال لأبي رافع: اصحبني، كيما تصيب منها، فقال: لا، حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسأله. فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال «إنا لا تحل لنا الصدقة، وإن مولى القوم منهم» وتجوز لموالي مواليهم، لأنهم ليسوا من القوم، ولا من مواليهم.
([15]) ولم يتعرض الموفق لمواليهم، قال القاضي: لا نعرف فيهم رواية. والمراد «بالأصح» ما اصطلحوه وتقدم.
([16]) أي ممن سبق أنه لا يجوز دفع الزكاة إليهم، من بني هاشم وغيرهم إجماعًا، لقوله «كل معروف صدقة» وقوله «إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة» قال في المبدع: ولا خلاف في جواز اصطناع المعروف إليهم. وفي الفروع: موادهم بجواز المعروف: الاستحباب؛ ولهذا احتجوا بقوله «كل معروف صدقة» ولأنهم إنما منعوا من الزكاة، لأنها من أوساخ الناس، والتطوع ليس كذلك.
([17]) إجماعًا، لأنه لا يقع عليهما اسم الزكاة، قال في الفروع: ومعلوم أن هذا للاستحباب إجماعًا، وإنما عبروا بالجواز، لأنه أصل لم يختلف في تحريمه.
([18]) لأنها صدقة واجبة بالشرع، أشبهت الزكاة، بل أولى، لأن مشروعيتها لمحو الذنب، فهي من أشد أوساخ الناس.
([19]) وهو مذهب مالك والشافعي، كغناها بدينها عليه، وفاقًا، وكولد صغير فقير، أبوه موسر وفاقًا، بل أولى، للمعاوضة.
([20]) أي بتلك النفقة، فلم يجز دفعها إليه، قال في الإنصاف: لا يجوز دفعها إلى غني، بسبب نفقة لازمة، على الصحيح من المذهب، وأختاه الأكثر، وحكي إجماعًا، في الولد الصغير.
([21]) في حال تجب نفقتهما إجماعًا، وكذا إن لم تجب، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، لاتصال منافع الملك بينهما عادة، فيكون صارفًا لنفسه، وجوزها مالك، لسقوط نفقتهم عنده، وشيخ الإسلام وغيره، مع حاجتهم وعجزه و «سفل» أي نزل، بفتح الفاء من النزول، وبضمها، اتضع قدره بعد رفعة.
([22]) نص عليه، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي.
([23]) لأن ملك أحدهما في حكم ملك الآخر. وإذا كان كذلك لم يزل ملكه عنه، ومن شرط الزكاة زوال الملك، ولأن الإجماع قد انعقد على أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى والديه، في الحال التي تجب عليه نفقتهما، وإن كانت لا تجب لم تجز على الصحيح من المذهب، وقال شيخ الإسلام: يجوز دفع الزكاة إلى الوالدين والولد، إذا كانوا فقراء، وهو عاجز عن الإنفاق عليهم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، ويشهد له العمومات. وقال: الأقوى جواز دفعها إليهم في هذه الحال، لأن المقتضى موجود، والمانع مفقود، فوجب العمل بالمقتضى، السالم عن المعارض المقاوم. وقال أيضًا: إن كان محتاجًا إلى النفقة، وليس لأبيه ما ينفق عليه، ففيه نزاع، والأظهر أنه يجوز له أخذ زكاة أبيه، وأما إن كان مستغنيًا بنفقة أبيه، فلا حاجة به إلى زكاته. وقال: إذا كانت الأم فقيرة، ولها أولاد صغار، ولهم مال، ونفقتها تضر بهم، أعطيت من زكاتهم، وإذا كان على الولد دَيْنٌ لا وفاء له، جاز أن يأخذ النفقة من زكاة أبيه، في أظهر القولين، في مذهب أحمد وغيره. وفي الصحيح – في الرجل الذي وضع صدقته عند رجل، فجاء ولد المتصدق فأخذها ممن هي عنده – فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمتصدق «لك ما نويت» وقال للآخذ «لك ما أخذت».
قال ابن رجب: إنما يمنع من دفع زكاته إلى ولده، خشية أن تكون محاباة، وإذا وصلت إليه من حيث لا يشعر، كانت المحاباة منتفية، وهو من أهل الاستحقاق.
([24]) لأنهم إذا كانوا عمالاً، إنما يعطون أجرة عملهم، أو مؤلفين فللتأليف، أشبه ما لو كانوا أجانب.
([25]) من أقاربه، أو مواليه، ممن يرثه بفرض أو تعصيب، كأخت، وعم، وعتيق، حيث لا حاجب، لغناه بوجوب النفقة، ولأن نفعها يعود إلى الدافع، وفي المبدع: ظاهر المذهب – وقدمه في الفروع – أنه يجوز دفعها إلى غر عمودي نسبه، ممن يرثه بفرض أو تعصيب، لقوله «والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة» فلم يفرق بين الوارث وغيره، وذكر الرواية الثانية، وأنها الأشهر.
ثم قال: وظاهره: أن من لا تلزمه نفقته – ولو ورثه – يجزئ الدفع إليه، قال في الإنصاف، وهو المذهب، نقله الجماعة، وكذا إذا لم يفضل عنه ما ينفقه عليهم، فأما ذووا الأرحام فالأصح أنه يدفع إليهم، لضعف قرابتهم.
([26]) فتجزئ، لا تختلف الرواية في ذلك، لأنه يعطى لغير النفقة الواجبة، وتقدم أن عمودي النسب يعطون لذلك، فهؤلاء أولى.
([27]) كيتيم غير وارث، اختاره الأكثر، منهم الموفق، والشارح، والشيخ وغيرهم، وفاقًا لأبي حنيفة والشافعي، لوجود المقتضي، ولدخوله في العمومات، ولا نص ولا إجماع يخرجه، وفي الصحيح أن امرأة عبد الله سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن بني أخ لها، أيتام في حجرها، أفتعطيهم زكاتها؟ قال «نعم» ولهذا لو دفع إليه شيئًا في غير مؤنته التي عوده إياها، جاز وفاقًا.
([28]) كمن غصب له مال وفاقًا، وكذا من تعطلت منافع عقاره، جاز له الأخذ، لوجود المقتضي مع عدم المانع.
([29]) من قن ومدبَّرٍ، ومعلق عتقه بصفة، وقال أبو محمد: لا أعلم فيه خلافًا، لأن نفقته واجبة على سيده، فهو غني بغناه. وظاهره: ولو كان سيده فقيرًا، وذكره في الإنصاف الصحيح من المذهب، ومفهومه أن من بعضه حر يأخذ بقدر حريته، بنسبته من كفايته.
([30]) لأن المكاتب في الرقاب، والعامل يأخذ أجرة عمله.
([31]) أي ولا يجزئ دفع زكاته إليها، حكاه ابن المنذر وغيره إجماعًا، لأنها مستغنية بنفقتها عليه، كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها، وحكاه الأصحاب قولاً واحدًا فيهما، لأن كل واحد منهما يتبسط في مال الآخر، وعنه: يجوز؛ اختاره القاضي، وأصحابه، وأبو محمد، وهو مذهب الشافعي، لدخولها في عموم{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}ولحديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تصدقن يا معشر النساء، ولو من حليكن» قالت: فرجعت إلى عبد الله، فقلت: إنك رجل خفيف ذات اليد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالصدقة، فأته فاسأله: إن كان ذلك يجزئ عني، وإلا صرفتها إلى غيركم. قالت: فقال عبد الله: بل ائتيه أنت. قالت: فانطلقت، فإذا امرأة من الأنصار، حاجتها حاجتي، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة؛ قالت: فخرج علينا بلال، فقلنا: ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن امرأتين بالباب، يسألانك أتجزئ الصدقة عنهما، على أزواجهما، وعلى أيتام في حجورهما، ولا تخبر من نحن. قالت: فدخل بلال، فسأله فقال له «من هما؟» قال: امرأة من الأنصار، وزينب. قال «أي الزينبات؟» قال: امرأة عبد الله. فقال «لها أجران، أجر القرابة، وأجر الصدقة» متفق عليه، وقال مالك: إن كان يصرفه في غير نفقتها، لأولاد فقراء عنده من غيرها، أو نحو ذلك جاز.
([32]) ممن لا يرثه بفرض، أو تعصيب، بنسب أو ولاء، كأخ، وابن عم، لأن الوارث منهما تلزمه مؤنته، فلا يدفع زكاته إليه، وغير الوارث يجوز بلا نزاع، قال ابن عباس: إذا كان ذو قرابة لا يعولهم، يعطيهم من زكاة ماله، وإلا فلا يعطهم. اهـ. ومن سواهم يجوز إعطاؤه، كعمته وبنت أخيه، ولو ورثه، لضعف قرابتهم، وعنه: يجوز ولو لعمودي نسبه، لعموم قوله «الصدقة على المسكين صدقة، وهي لذي الرحم ثنتان صدقة وصلة» رواه أحمد، والترمذي وغيرهما، والصدقة والرحم عامان، ولأحمد وغيره عن أبي أيوب «أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح».
([33]) كما لو هجم وصلى، فبان في الوقت، وفي الفروع: ويتوجه تخريج من الصلاة، إذا أصاب القبلة، ولأن العبرة المواساة وقد حصلت.
([34]) بأن دفعها لهاشمي، أو عبده، أو وارثه، أو كافر، وهو لا يعلم، لم تجزئه، وتقدم، وأما الكافر فحكى ابن المنذر وغيره: أنها لا تجزئ الكافر إجماعًا، وفي الصحيحين «أخبرهم أن الله افترض عليهم صدقةـ تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» والكافر ليس منهم، لأنها مواساة تجب للمسلم على المسلم، فلم تجب للكافر كالنفقة، ويستثنى منه ما إذا كان مؤلفًا، أو عاملاً، على رواية، زاد في المستوعب: أو غارمًا لذات البين، أو غازيًا، وذلك بخلاف صدقة التطوع، لقصة أسماء.
([35]) ولا يعذر بالجهالة، قال الشارح: رواية واحدة، ولأنه ليس بمستحق لها، ولأنه لا يبرأ بالدفع إلى من ليس من أهلها، فاحتاج إلى العلم به، لتحصل البراءة، والظن يقوم مقام العلم، لتعذره، أو عسر الوصول إليه.
([36]) إذا دفع مدِينُه دَيْنَه الذي عليه، إلى غير ربه، ظانًا أنه ربه، فبان أنه غيره، ضمن، لاشتراط تمليك المعطى.
([37]) وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد القولين عن الشافعي، واختاره أكثر الأصحاب، وجزم به في الوجيز، للمشقة، ولخفاء ذلك عادة.
([38]) رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي وغيرهم، من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر، ورآهما جلدين، الحديث، وللنسائي، في الذي وضعها في يد غني قال «قد تقبلت» وتقدم حديث الذي أخذ ولده صدقته، فقال صلى الله عليه وسلم «لك ما نويت، وله ما أخذ» قال ابن رجب وغيره: ولهذا لو دفع صدقته إلى من يظنه فقيرًا، وكان غنيًا في نفس الأمر، أجزأته على الصحيح، لأنه إنما دفع إلى من يعتقد استحقاقه، والفقر أمر خفي، لا يكاد يطلع على حقيقته، وعنه: لا تجزئه، اختاره الآجري، والمجد وغيرهما، وفاقًا لمالك والشافعي، كما لو بان عبده ونحوه. وكحق الآدمي، ولبقاء ملكه، لتحريم الأخذ، ويرجع على الغني، بها أو بقيمتها ذكره القاضي وغيره رواية واحدة، لأن الله حصرها في الفقراء، وللترمذي وأبي داود، عن عمر مرفوعًا «لا تحل الصدقة لغني ولا للذي مرة سوي»، وفي رواية له «ولا لذي مرة قوي» وللنسائي عن أبي هريرة قال «لاحظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب» وتقدم: «لا تحل لغني إلا لخمسة عامل، أو غاز، أو غارم، أو مشتريها بماله، أو مهداة إليه» قال الباجي: فإن دفعها لغني غير هؤلاء، عالمًا بغناه، لم تجزئه بلا خلاف، وقال أحمد: الغني المانع من أخذ الزكاة، أن يكون له كفاية على الدوم، بتجارة، أو صناعة، أو أجرة عقار وغيره، وإلا فلا، وإن ملك نصبًا.


  #5  
قديم 6 ذو الحجة 1429هـ/4-12-2008م, 08:53 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الشرح الممتع للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

وَلاَ تُدْفَعُ إِلَى هَاشِمِيٍّ ..........
قوله: «فصل» أي: في بيان موانع الزكاة.أي: موانع استحقاق من هو من أهل الزكاة فلا تصرف الزكاة إليه، أي: ما الذي يمنع من إعطائها له وهو من أهلها؟ هذا هو المراد بهذا الفصل، والأصل أن الأشياء لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها.فالقرابة ـ مثلاً ـ سبب من أسباب الإرث، إذا وجد مانع لاختلاف الدين امتنع الإرث، وهكذا أيضاً الوصف الذي يستحق به الإنسان الزكاة، فقد توجد موانع تمنع من إعطاء الزكاة.

قوله: «ولا تدفع إلى هاشمي» أي لا تدفع الزكاة.وقوله: «هاشمي» أي ذرية هاشم بن عبد مناف؛ لأنهم من آل محمد صلّى الله عليه وسلّم، وآل محمد أشرف الناس نسباً، ولشرفهم لا يعطون من الزكاة، لا احتقاراً لهم، بل إكراماً لهم؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم للفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ـ رضي الله عنهم ـ حين سألاه الزكاة: «إنها لا تحل لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس» ، فبين الرسول صلّى الله عليه وسلّم الحكم والعلة.
الحكم أنها لا تحل لهم.
العلة أنها أوساخ الناس، وهم أكمل وأشرف من أن يتلقوا أوساخ الناس.فالزكاة من أي صنف كان أوساخ ذلك الصنف؛ لأن الزكاة تطهر، والطهور يتسخ بما يطهره؛ ودليل ذلك قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ}[التوبة: 103] .فإذا كان بين يديك إناء وسخ فغسلته بالماء صار الماء يحمل هذه الأوساخ؛ فلذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما هي أوساخ الناس» .وهاشم منزلته بالنسبة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم الجد الثاني، والأب الثالث.وأجاز بعض العلماء أن يعطى الهاشمي من الزكاة، إذا كان مجاهداً، أو غارماً لإصلاح ذات البين، أو مؤلفاً قلبه، وظاهر النصوص المنع؛ للعموم.واختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ هل يصح دفع زكاة هاشمي لهاشمي؛ لقوله: «إنما هي أوساخ الناس» أي: الناس الذين سواهم أو لا؟قال بعض العلماء: إنه يصح أن تدفع زكاة الهاشمي لهاشمي مثله؛ لأنهما في الشرف سواء، فإذا كانا سواء فإنه لا يعد مثلبة، إذا أعطى زكاته نظيره.ولكن إذا نظرنا إلى عموم الأحاديث، وجدنا أنه لا فرق بين أن تكون زكاة هاشمي أو غيره؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أوساخ الناس» والهاشميون من الناس فلا تحل لهم.لكن لو فرض أنه لا يوجد لإنقاذ حياة هؤلاء من الجوع إلا زكاة الهاشميين، فزكاة الهاشميين أولى من زكاة غير الهاشميين.وقال بعض أهل العلم: يجوز أن يعطوا من الزكاة إذا لم يكن خمس؛ أو وجد ومنعوا منه.
والخمس: هو أن الغنائم تقسم خمسة أسهم، أربعة أسهم للغانمين، وسهم واحد يقسم خمسة أسهم أيضاً:
الأول: لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم يكون في مصالح المسلمين، وهو ما يعرف بالفيء أو بيت المال.
الثاني: لذي القربى، هم قرابة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب؛ لأن بني عبد المطلب يشاركون بني هاشم في الخمس.
الثالث: لليتامى.
الرابع: للمساكين.
الخامس: لابن السبيل.فإذا منعوا أو لم يوجد خمس، كما هو الشأن في وقتنا هذا فإنهم يعطون من الزكاة دفعاً لضرورتهم إذا كانوا فقراء، وليس عندهم عمل، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح.وأما صدقة التطوع فتدفع لبني هاشم وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الراجح؛ لأن صدقة التطوع كمال، وليست أوساخ الناس، فيعطون من صدقة التطوع.
والقول الثاني: لا تحل لهم صدقة التطوع؛ لأن صدقة التطوع من أوساخ الناس؛ ولذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» ، والتطهير كما يحصل بالواجب يحصل بالمستحب وهذا القول مال إليه الشوكاني وجماعة من أهل العلم؛ لعموم الحديث.وبهذا نعرف أن بني هاشم ينقسمون إلى قسمين:
الأول: من لا تحل له صدقة التطوع، ولا الزكاة الواجبة، وهو شخص واحد، وهو محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم فهو لا يأكل الصدقة الواجبة ولا التطوع.
الثاني: البقية من بني هاشم يأكلون من صدقة التطوع، ولا يأكلون من الصدقة الواجبة.

وَمُطَّلِبيٍّ ........
قوله: «ومطلبي» .والمطلبيون المنتسبون إلى المطلب، والمطلب أخو هاشم وأبوهما عبد مناف، وله أربعة أولاد وهم هاشم، والمطلب، ونوفل، وعبد شمس.«بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ أي: في النصرة، حتى إن قريشاً لما حاصرت بني هاشم انضم إليهم بنو المطلب، وقصة المحاصرة في الشعب مشهورة في التاريخ، ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لما احتج عليه رجال من بني عبد شمس في إعطائه بني المطلب من الخمس ولم يعطهم: «إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد» .وبناء على ذلك قال المؤلف: إنها لا تدفع الزكاة إلى بني المطلب؛ لا لأنهم من آل البيت، ولكن لأنهم مشاركون لآل البيت في الخمس فيستغنون بما يأخذون من الخمس عن الزكاة، وهذا التعليل يدل على أنهم إذا لم يكن خمس فهم يستحقون الزكاة قطعاً، ولا إشكال فيه، خلاف بني هاشم.إذاً بنو المطلب حكمهم في منع الزكاة حكم بني هاشم، وحكمهم في استحقاق الخمس كبني هاشم.وبنو عمهم النوفليون والعبشميون كانوا مع قريش على بني هاشم ولذا دعا عليهم أبو طالب في لاميته المشهورة:

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلاً
=
عقوبة شر عاجلاً غير آجل
فليس لهؤلاء حق في الخمس، ولهم الأخذ من الزكاة.وهذا الذي مشى عليه المؤلف رواية عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ والصحيح الرواية الأخرى ـ وهي المذهب ـ أنه يصح دفع الزكاة إلى بني المطلب؛ لأنهم ليسوا من آل محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولعموم الأدلة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}...} [التوبة: 60] فيدخل فيهم بنو المطلب.
ويجاب عن تشريكهم في الخمس بأنه مبني على المناصرة والمؤازرة بخلاف الزكاة، فإنهم لما آزروا بني هاشم وناصروهم أعطوا جزاءً لفضلهم من الخمس، أما الزكاة فهي شيء آخر.

وَمَوَالِيهِمَا ........
قوله: «ومواليهما» أي: عتقائهم، أي: العبيد الذين أعتقهم بنو هاشم، أو أعتقهم بنو المطلب، فلا تدفع الزكاة إليهم؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن مولى القوم منهم» .فإذا قلنا: بدفع الزكاة لبني المطلب جاز دفع الزكاة إلى مواليهم.إذا قال قائل: هل هؤلاء موجودون؟ أعني بني هاشم والمطلب؟قلنا: نعم موجودون، وقد ذكروا أن مِنْ أثبت الناس نسباً لبني هاشم، ملوك اليمن الأئمة، الذين انتهى ملكهم بثورة الجمهوريين عليهم قريباً، فهم منذ أكثر من ألف سنة متولون على اليمن، ونسبهم مشهور معروف بأنهم من بني هاشم.ويوجد ناس كثيرون أيضاً ينتمون إلى بني هاشم، فمن قال: أنا من بني هاشم! قلنا: لا تحل لك الزكاة؛ لأنك من آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم.

وَلاَ إِلَى فَقِيرَةٍ تَحْتَ غَنِيٍّ مُنْفِقٍ .......
قوله: «ولا إلى فقيرة تحت غني منفق» .
«فقيرة» هذه صفة لموصوف محذوف، التقدير امرأة فقيرة.واشترط المؤلف شرطين هما:
الأول: أن تكون تحت غني.
الثاني: أن يكون منفقاً باذلاً للنفقة، فلا تدفع إليها؛ لأنها في الحقيقة غير فقيرة، إذ إن زوجها الذي ينفق عليها قد استغنت به، فإن كانت تحت فقير، فتحل لها، وتحل لزوجها؛ لأن الوصف منطبق عليها، وإذا كانت تحت غني، لكنه من أبخل الناس فتعطى من الزكاة؛ لأنها فقيرة، ولم تستغن بزوجها، فتدخل في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}..}.
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون لها: طالبي الزوج وارفعيه إلى المحكمة؟
قلنا: لا نقول لها ذلك؛ لأن هذا يترتب عليه مشاكل، فقد يفضي إلى أن يطلقها، وهذا ضرر عليها، ودفع حاجتها لدفع هذا الضرر لا شك أنه مما جاءت به الشريعة.

وَلاَ إِلَى فَرْعِهِ وأصْلِهِ .........
قوله: «ولا إلى فرعه وأصله» .
فرعه: من كان هو أصلاً له.
وأصله: من كان هو فرعاً له.
فالأصل هم الآباء، والأمهات، وإن علوا.والفرع هم الأبناء، والبنات، وإن نزلوا، سواء كانوا وارثين أم غير وارثين.وعلى هذا فلا يدفع زكاته إلى جدته لا من قبل أبيه ولا من قبل أمه، ولا إلى بنته ولا بنت ابنه، ولا بنت ابنته؛ لأن كل هؤلاء أصول وفروع، والمؤلف ـ رحمه الله ـ لم يقيد الأصل والفرع.أي: لم يقل إلى فرعه الوارث، أو أصله الوارث، فيشمل الوارث وغير الوارث؛ لأن الأصل والفرع تجب النفقة لهما بكل حال إذا كانوا فقراء وهو غني، سواء كانوا وارثين أم غير وارثين.وقال شيخ الإسلام: يجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا وإلى الولد وإن سفل إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم.
ويقال: استحقاق الزكاة مقيد بوصف كالفقر، والمسكنة، والعمالة، فكل من انطبق عليه هذا الوصف فهو من أهل الزكاة.ومن ادعى خروجه فعليه الدليل، وليس في المسألة دليل، ولهذا فالقول الراجح الصحيح، أنه يجوز أن يدفع الزكاة لأصله وفرعه ما لم يدفع بها واجباً عليه، فإن وجبت نفقتهم عليه، فلا يجوز أن يدفع لهم الزكاة؛ لأن ذلك يعني أنه أسقط النفقة عن نفسه.وعلى هذا فإذا كان له جد وأب كلاهما فقير، لكن الأب يتسع ماله للإنفاق عليه فهو ينفق عليه، فهنا لا يجوز أن يعطي والده الزكاة.
والجد لا يتسع ماله للإنفاق عليه وهو فقير، فيجوز أن يعطيه منها.
مثال آخر: عنده أم وجدة فهو ينفق على الأم، ولكن لا يتسع ماله للإنفاق على الجدة، فيجوز أن يعطيها من الزكاة.والمذهب لا يجوز، فتأخذ الزكاة من غيره، وهذا ضعيف جداً؛ قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الصدقة على ذي القرابة صدقة وصلة» وأنا الآن لا أسقط عن نفسي واجباً حتى يقال: إني حميت نفسي.
مثال آخر: لو كان غنياً ينفق على أبيه، وأبوه مستغن، إما بنفسه، أو بإنفاق ولده، لكن عليه دين يستطيع الولد أن يؤدي الدين عنه، لكن يقول: أنا أؤدي الدين من زكاتي.فيجوز؛ لأنه لا يجب على الابن وفاء دين أبيه، اللهم إلا إذا كان هذا الدين بسبب النفقة، أي: أن الأب يحتاج، ويشتري في ذمته فلحقه الدين لشراء مؤونته، ففي هذه الحال نقول: لا تقض دين أبيك من زكاتك؛ لأن هذا يؤدي إلى أن يضيق الإنسان على أبيه، حتى يستدين للنفقة، ثم يقول: أبي عليه دين فأقضي دينه من زكاتي، فيجوز أن يقضي الدين عن أبيه، أو أمه، أو ابنه وابنته، بشرط ألا يكون هذا الدين استدانة لنفقة واجبة على الابن، فإن كان لنفقة واجبة فلا يجوز.

وَلاَ إِلَى عَبْدٍ وَزَوْجٍ .........
قوله: «ولا إلى عبد وزوج» .أي: لا تدفع الزكاة إلى العبد؛ لأن العبد إذا أعطيناه الزكاة انتقل ملك الزكاة فوراً إلى سيده، فإن مال العبد ملك لسيده، فلا يجوز أن نعطي العبد؛ لأنه لا يملك وملكه لسيده، والله يقول: {لِلْفُقَرَاءِ}.ويستثنى من هذا المكاتب، وقد سبق أن المكاتب من أهل الزكاة داخل في قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] فيعطى المكاتب ما يقضي به دين الكتابة.ولكن هل المكاتب عبد؟
الجواب: نعم هو عبد، فيعطى ليعتق، والمكاتبة أن يشتري العبد نفسه من سيده بثمن مؤجل، فيعطى هذا العبد الذي اشترى نفسه من سيده ما يوفي سيده ليعتق، فهو قبل أن يؤدي عبد، ولهذا جاء في الحديث «المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم» .واستثنى بعض العلماء ما إذا كان العبد عاملاً على الزكاة، فإنه يعطى على عمالته كما لو كان أجيراً، ومعلوم أنه يصح أن يستأجر العبد من سيده، فيصح أن يجعل عاملاً على الزكاة بإذن سيده.إذاً يستثنى من ذلك مسألتان:
الأولى: المكاتب.
الثانية: العامل؛ لأنه كأجير، والعبد يجوز أن يستأجر بإذن سيده.
وقوله: «وزوج» فلا يصح أن تدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها، لقوة الصلة بينهما، فيشبه الأصل مع الفرع، لكن هذا التعليل عليل.والصواب جواز دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان من أهل الزكاة.
مثال ذلك: امرأة موظفة وعندها مال وزوجها فقير محتاج، إما أنه مدين، أو أنه ينفق على أولاده، أو ما أشبه ذلك، فللزوجة أن تؤدي زكاتها إليه.
وقولنا أو أنه ينفق على أولاده، المراد بأولاده من غيرها؛ لأن أولاده منها إذا كان أبوهم فقيراً، يلزمها أن تنفق عليهم؛ لأنهم أولادها، لكن إذا كان له أولاد من غيرها وهو فقير، فللزوجة أن تعطيه زكاتها وربما يستدل لذلك بحديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلّى الله عليه وسلّم «حث على الصدقة، فقال ابن مسعود لزوجته: أعطيني وأولادي أنا أحق من تصدقت عليه».فقالت: لا حتى أسأل النبي صلّى الله عليه وسلّم فسألت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «صدق عبد الله، زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم» فيمكن أن نقول: قوله: «من تصدقت عليهم» يشمل الفريضة والنافلة.وعلى كل حال إن كان في الحديث دليل فهو خير، وإن قيل هو خاص بصدقة التطوع، فإننا نقول في تقرير دفع الزكاة إلى الزوج: الزوج فقير ففيه الوصف الذي يستحق به من الزكاة، فأين الدليل على المنع؟ لأنه إذا وجد السبب ثبت الحكم، إلا بدليل، وليس هناك دليل لا من القرآن ولا من السنة، على أن المرأة لا تدفع زكاتها لزوجها، وهذه قاعدة: «الأصل فيمن ينطبق عليه وصف الاستحقاق أنه مستحق، وتجزئ الزكاة إليه إلا بدليل» ولا نعلم مانعاً من ذلك إلا مَنْ كان إذا أعطاها له أسقط عن نفسه بذلك واجباً.
مسألة: هل يجوز أن يعطي الزوج زوجته من زكاته؟
الجواب: أنها تجزئ الزكاة إذا دفعها إلى زوجته على ما اخترناه، أما على المذهب فلا يجزئ أن يدفع الزوج زكاته إلى زوجته لقوة الصلة والرابطة.
ولكن القول الراجح يجوز بشرط ألا يسقط به حقاً واجباً عليه؛ فإذا أعطاها من زكاته للنفقة لتشتري ثوباً أو طعاماً، فإن ذلك لا يجزئ، وإن أعطاها لقضاء دين عليها فإن ذلك يجزئ؛ لأن قضاء الدين عن زوجته لا يلزمه.

وَإِنْ أَعْطَاهَا لِمَنْ ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ فَبَانَ أهْلاً، أوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يُجْزِهِ،........
قوله: «وإن أعطاها لمن ظنه غير أهل فبان أهلاً أو بالعكس لم يجزه» لأنه حين دفعها يعتقد أنها وضعت في غير موضعها؛ ولأنه متلاعب؛ إذْ كيف يعطي زكاته لشخص يظنه غنياً ثم تبين أنه فقير؟! فلا تجزئه.
وقوله: «أو بالعكس» أي: أعطاها لمن ظن أنه أهل فبان غير أهل فلا تجزئه أيضاً؛ لأن العبرة بما في نفس الأمر لا بما في ظنه.
مثاله: أعطى رجلاً يظنه غارماً فبان أنه غير غارم، فإنها لا تجزئ؛ لأن العبرة بما في نفس الأمر، أي: بالواقع، والواقع أنه غير أهل.
مثال آخر: أعطاها لشخص يظنه ابن سبيل فتبين أنه غير ابن سبيل فإنها لا تجزئه.
مثال آخر: أعطاها لقريب يظن أنها تجزئه فتبين أنه لا يجزئه إعطاء هذا القريب؛ لوجوب الإنفاق عليه.

إِلاَّ لِغَنِيٍّ ظَنَّهُ فَقِيراً فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ. ...........
قوله: «إلا لغني ظنه فقيراً فإنه يجزئه» . هذا مستثنى من قوله: «أو بالعكس» .
مثل: رجل جاء يسأل؛ وعليه علامة الفقر فأعطيته من الزكاة فجاءني شخص فقال: ماذا أعطيته؟ قلت: زكاة، قال: هذا أغنى منك، فتجزئ؛ لأنه ليس لنا إلا الظاهر، ومثل ذلك الذين يسألون في المدارس والمساجد ثم نعطيهم بناء على الظاهر.والدليل على ذلك: قصة الرجل الذي تصدق ليلة من الليالي فخرج بصدقته فدفعها إلى شخص فأصبح الناس يتحدثون: تصدق اليلة على غني، فقال: الحمد لله على غني ـ يرى أنها مصيبة ـ ثم خرج مرة أخرى فتصدق على بغي ـ زانية ـ فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على بغي، فقال: الحمد لله؛ على غني وبغي، ثم خرج مرة ثالثة فتصدق فوقعت الصدقة في يد سارق، فأصبح الناس يتحدثون: تصدق الليلة على سارق، فقال: الحمد لله على غني وبغي وسارق، فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت؛ أما الغني فلعله يتذكر ويتصدق، وأما البغي فلعلها تستعف، وأما السارق فلعله يكتفي بما أعطيته عن السرقة.فهذا الرجل نيته طيبة، ولحسن نيته وقعت صدقته في محلها، وصارت مفيدة مقبولة عند الله، ونافعة لمن تصدق عليهم، فيؤخذ منه أنه إذا تصدق على فقير فبان غنياً أنها تجزئه.وذهب بعض أهل العلم: إلى أنه إذا دفعها إلى من يظن أنه أهل بعد التحري، فبان أنه غير أهل فإنها تجزئه؛ حتى في غير مسألة الغني؛ أي: عموماً؛ لأنه اتقى الله ما استطاع لقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286] والعبرة في العبادات بما في ظن المكلف بخلاف المعاملات فالعبرة بما في نفس الأمر، ويصعب أن نقول له: إن زكاتك لم تقبل مع أنه اجتهد، والمجتهد إن أخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران.وهذا القول أقرب إلى الصواب أنه إذا دفع إلى من يظنه أهلاً مع الاجتهاد والتحري فتبين أنه غير أهل فزكاته مجزئة؛ لأنه لما ثبت أنها مجزئة إذا أعطاها لغني ظنه فقيراً، فيقاس عليه بقية الأصناف.
مسألة: إذا جاءك سائل يسأل الزكاة، ورأيته جلداً قوياً، فهل تعطيه أم لا؟
الجواب: نقول: عظه أولاً، وقل: إن شئت أعطيتك ولا حظ فيها لغني ولا قوي مكتسب، كما فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم في الرجلين اللذين أتيا إليه يسألانه من الصدقة فرآهما جلدين، وقال: «إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» .
فإن قال قائل: أحوال الناس اليوم فسدت، فإنك لو وعظته بهذا الكلام لم يتعظ فما الجواب؟
الجواب: أن لنا في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسوة حسنة فنعظه بما وعظه النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإذا أصر ونحن لا نعلم خلاف ما يدعي، فإننا نعطيه، أما إذا أصر على السؤال، ونحن نعلم خلاف ما يدعي فإننا لا نعطيه.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ما, من

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir