دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب النكاح

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24 جمادى الأولى 1431هـ/7-05-2010م, 06:12 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي الكفاءة في النكاح

وليست الكَفاءةُ وهي دِينٌ ومَنْصِبٌ ـ وهو النَّسَبُ والْحُرِّيَّةُ ـ شَرْطًا في صِحَّتِه، فلو زَوَّجَ الأبُ عَفيفةً بفاجِرٍ أو عَربيَّةً بعَجَمِيٍّ فلِمَنْ لم يَرْضَ من المرأةِ أو الأولياءِ الفَسْخُ.


  #2  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:36 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

........................

  #3  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:37 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

(ولَيْسَتِ الكَفَاءَةُ، وهي) لُغةً: المساواةُ، وهنا: (دِينٌ)؛ أي: أَدَاءُ الفرائضِ واجتنابُ النَّواهِي، (ومَنْصِبٌ، وهو النسَبُ والحرِّيَّةُ) وصناعةٌ غيرُ زَرِيَّةٍ، ويَسَارٌ بِحَسَبِ ما يَجِبُ لها، (شَرْطاً في صِحَّتِهِ)؛ أي: صِحَّةِ النكاحِ؛ لأمرِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمةَ بِنْتَ قَيْسٍ أنْ تَنْكِحَ أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ، فنَكَحَها بأمرِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، بل شرطٌ لِلُّزُومِ، (فلو زَوَّجَ الأبُ عفيفةً بفاجرٍ أو عربيَّةً بعَجَمِيٍّ) أو حُرَّةً بعَبدٍ، (فلِمَن لم يَرْضَ مِن المرأةِ أو الأولياءِ) حتى مِن حَدَثٍ، (الفَسْخُ)، فيَفْسَخُ أخٌ مِن رِضَا أبٍ؛ لأنَّ العارَ عليهم أجْمَعِينَ، وخيارُ الفسخِ على التراخِي لا يَسْقُطُ إلاَّ بإسقاطِ عَصَبَةٍ أو بما يَدُلُّ على رِضَاها من قولٍ أو فِعْلٍ.


  #4  
قديم 28 جمادى الأولى 1431هـ/11-05-2010م, 10:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

(وليست الكفاءة - وهي) لغة: المساواة([1]).
وهنا (دين) ([2]) أي أَداء الفرائض، واجتناب النواهي([3]) (ومنصب، وهو النسب، والحرية) ([4]) وصناعة غير زرية([5]) ويسار بحسب ما يجب لها([6]).
(شرطا في صحته) أي صحة النكاح([7]) لأَمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس([8]) أَن تنكح أُسامة بن زيد([9]) فنكحها بأَمره، متفق عليه([10]).
بل شرط للزوم([11]) (فلو زوج الأَب عفيفة بفاجر([12]) أَو عربية بعجمى)([13]) أَو حرة بعبد([14]) (فلمن لم يرض من المرأة أَو الأَولياء) ([15]) حتى من حدث (الفسخ) ([16]) فيفسخ أَخ مع رضى أَب([17]) لأَن العار عليهم أَجمعين([18]).
وخيار الفسخ على التراخى([19]) لا يسقط إلا بإسقاط عصبة([20]) أَو بما يدل على رضاها من قول أَو فعل([21]).



([1]) أي وليست الكفاءة في زوج شرطا، والكفاءة لغة: المساواة، والمماثلة، ومنه الحديث ((المسلمون تتكافأ دماؤهم)) أي تتساوى.
([2]) أي والكفاءة المعتبرة هنا، خمسة أشياء: أحدها دين، فلا يكون الفاسق والفاجر كفوا لعفيفة، فإنهم اتفقوا - كما حكاه ابن رشد وغيره - أن الدين معتبر في ذلك، أما كونه مسلما وهي مجوسية، فلا يصح اتفاقا.
([3]) لأن ذلك نقص في إنسانيته، فلا يكون كفؤًا لعدلٍ، قال تعالى {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا، لا يستوون} ولو زوج الأب من فاسق، فلها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم في ذلك، فيفرق بينهما، وكذا لو زوجها ممن ماله حرام، وممن هو كثير الحلف بالطلاق.
([4]) فليس العجمى كفؤًا للعربية، وروى عن عمر: لأمنعن أن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء. وليس العبد ولا المبعض كفؤًا للحرة، لأنه منقوص بالرق، ممنوع من التصرف.
([5]) أي دنيئة، فلا تزوج بنت بزاز بحجام، ولا بنت صاحب عقار بحائك ونساج ونحوه، لخبر «العرب بعضهم لبعض أكفاء، إلا حائكا أو حجاما» قيل لأحمد: كيف تأخذ به وأن تضعفه؟ قال: العمل عليه عند أهل العرف. أي في عرف الناس فكعيب، وعند الشافعية أن المنتسب إلى العلماء والصلحاء، ليس كفؤا لمن لم ينتسب إليهما، ولا المحترف لبنت العالم، ولا المبتدع لبنت السني، وولد الزنا ليس كفؤا للعربية، والموالي بعضهم لبضع أكفاء، وكذا العجم، فسائر الناس بعد العرب بعضهم لبعض أكفاء.
([6]) أي من مهر، ونفقة، وكسوة، ولا يتقدر ذلك بعادتها عند أبيها، لأن الأب قد يكون مسرفا أو مقترا، وقال بعض الشافعية في شرط الكفاءة:
نسب، ودين، صنعة حرية فقد العيوب وفي اليسار تردد.

وروى «الحسب المال» و«إن أحساب الناس بينهم هذا المال» ولأن عليها ضررا في إعساره، وبه تملك الفسخ كما سيأتي.
([7]) أي ليست الكفاءة في زوج - وهي ما تقدم من خمسة الأشياء - شرطا في صحة النكاح، وهذا المذهب عند أكثر المتأخرين، قال الموفق: وهي أصح، وقول أكثر أهل العلم.
([8]) أخت الضحاك بن قيس، القرشية، الفهرية، وكانت من المهاجرات الأول، ذات جمال، وفضل، وكمال.
([9]) ابن حارثة الحب بن الحب، وهو مولي، ولكن أصله عربى.
([10]) وللبخارى عن عائشة: أن أبا حذيفة بن عتبة تبنى سالما، وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة، رواه البخاري، وسالم t مولي لامرأة من الأنصار، وزوج زيد بن حارثة ابنة عمه، زينب بنت جحش الأسدية، وغير ذلك مما يدل على صحة النكاح.
وقال الوفق: الصحيح أن الكفاءة غير مشروطة، وعن أحمد أنها من شروطه، فلو لم ترض المرأة والأولياء لم يصح، وهي المذهب عند أكثر المتقدمين، فتكون حقا لله، ولها، ولأوليائها كلهم، وأوردوا فيه أخبارا، وقال الموفق: ما روي فيد يدل على اعتبارها في الجملة، ولا يلزم منه اشتراطها.
([11]) يتوقف على رضى المرأة والأولياء جميعهم، وهو مذهب مالك، والشافعي لأن كل واحد منهم يعتبر رضاه، والعاقد مع غير كفء، متصرف بدونه.
([12]) أي فلو زوج الأب ابنته العفيفة عن زنا بفاسق، للآية، ولأنه لا يكون كفؤًا لها، ولا مساويا.
([13]) أي: أو زوج الأب أو غيره من الأولياء عربية بعجمى، وهم من عدا العرب، لقول عمر وغيره، ولأن العرب يعدون الكفاءة، ويأنفون من تزوج الموالي، ويرونه عارا.
([14]) أي أو زوج حرة - ولو عتيقة - برقيق أو مبعض، لأنه صلى الله عليه وسلم خير بريرة لما عتقت.
([15]) أي فلمن لم يرض نكاح غير كفء، من المرأة، والأولياء جميعهم الفسخ، فورا وتراخيا، بحكم حاكم، لأنه من الفسوخ المختلف فيها، وهذا حكمها، ويملكه الأبعد مع رضى الأقرب منهم، ولو زالت الكفاءة بعد عقد فلها الفسخ، كعتقها تحت عبد.
([16]) أي حتى من حدث منهم بعد العقد فله الفسخ، لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة.
([17]) ورضى زوجة، نص عليه.
([18]) لأن رجلا لما زوج ابنته من ابن أخيه، ليرفع بها خسيسته، جعل صلى الله
عليه وسلم لها الخيار، وفي الاختيارات: الذي يقتضيبه كلام أحمد، أن الرجل إذا تبين له أنه ليس بكفء فرق بينهما، وأنه ليس للولي أن يزوج المرأة من غير كفء ولا للزوج أن يتزوج، ولا للمرأة أن تفعل ذلك، وأن الكفاءة ليست بمنزلة الأمور المالية، مثل مهر المرأة، إن أحبت المرأة والأولياء طلبوه، وإلا تركوه، ولكنه أمر ينبغى لهم اعتباره، وإن كانت منفعته تتعلق بغيرهم.

وفقد النسب والدين لا يقر معهما النكاح، بغير خلاف عن أحمد، وحيث يثبت الخيار - بفقد الكفاءة - للمرأة أو وليها، يسقك خيارها بما يدل على رضاها، من قول أو فعل، وأما الأولياء فلا يسقط إلا بالقول، ويفتقر الفسخ به إلى حاكم، وإن طلق أغنى عن فسخه، وهو أحوط، ولو كان ناقصا من وجه آخر، مثل أن كان دونها في النسب فرضوا به، ثم بان فاسقا وهي عدل، فهنا ينبغى ثبوت الخيار.
([19]) ما لم يوجد منها دليل الرضى من قول، أو تمكين منها مع العلم.
([20]) وإن حدث عاصب، ولم يرض بالزوج، فله الفسخ، ولو مع إسقاط العصبة، وللعصبة الفسخ، ولو مع ما يدل على رضاها به، إذا لم يرضوا به.
([21]) بأن مكنته من نفسها عالمة به، وأما الأولياء فلا يثبت رضاهم به إلا بالقول وأما كفاءة المرأة فليست معتبرة في كفاءة الرجل، فقد تزوج صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى، وتسرى بالإماء، وإنما اعتبرت في الرجل دون المرأة، لأن الولد يشرف بشرف أبيه دون أمه.



  #5  
قديم 23 ربيع الثاني 1432هـ/28-03-2011م, 02:55 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

وَلَيْسَتِ الكَفَاءَةُ ـ وَهِيَ دِينٌ وَمَنْصِبٌ، وَهُوَ النَّسَبُ وَالحُرِّيَّةُ ـ شَرْطاً فِي صِحَّتِهِ،..........
قوله: «وليست الكفاءة ـ وهي دين ومنصب، وهو النسب والحرية ـ شرطاً في صحته» نص على ذلك؛ لأن من العلماء من قال: إن الكفاءة شرط في الصحة، ومنهم من قال: إنها شرط في اللزوم، ومنهم من قال: إنها ليست شرطاً في هذا ولا هذا.
وقوله: «الكفاءة» من الكُفء، وهو المِثْل في اللغة العربية، والمراد بها هنا أن يكون الزوج أهلاً لأن يُزوَّج.
وقوله: «وهي دين» ، المراد بالدين هنا أداء الفرائض واجتناب النواهي، فليس شرطاً أن يكون الزوج مؤدياً لجميع الفرائض، مجتنباً لجميع النواهي، فيصح تزويج الفاسق.
والصحيح أن الدين شرط لصحة عقد النكاح إذا كان الخلل من حيث العفاف، فإذا كان الزوج معروفاً بالزنا، ولم يتب فإنه لا يصح أن يُزوَّج، وإذا كانت الزوجة معروفة بالزنا، ولم تتب فإنه لا يصح أن تزوج، لا من الزاني ولا غيره، وسيأتي.
أما إذا كان الزوج يشرب الدخان، والزوجة تستعمل النمص، فهذا يخل بالدين، وينقص الإيمان بلا شك، فهل يزوج شارب الدخان، وهل تزوج المتنمصة؟ الظاهر نعم؛ لأننا لا نعلم أن أحداً من العلماء اشترط لصحة النكاح أن يكون الزوج والزوجة عدلين، ولو شرط ذلك فات النكاح على كثير من الناس، نعم إن كان هناك خيار بين رجل فاسق ورجل مستقيم، فلا شك أن التزويج يكون للمستقيم.
وقوله: «ومنصب وهو النسب» يعني أن يكون الإنسان نسيباً، أي: له أصلُ في قبائل العرب، احترازاً من الذي ليس له أصل.
فالنسب ليس شرطاً في صحة النكاح، وعلى هذا فيجوز أن نزوج امرأة قبيلية من إنسان غير قبيلي.
وقوله: «والحرية» كذلك الحرية ليست شرطاً في صحته، فيجوز أن نزوج الحرة عبداً مملوكاً، والممنوع العكس، فلا نزوج الحر أمة إلا بشروط ستأتي ـ إن شاء الله ـ، أما أن نزوج الحرة عبداً فهذا جائز، وليس شرطاً لصحة النكاح أن يكون الزوج حراً.
ويوجد وصفان آخران ذكرهما بالروض[(1)]:
الأول: قوله «صناعة غير زَرِيَّة»، أي: غير مزرية ضرورية بالشخص، فمن الكفاءة أن لا تكون صناعته مزرية يعني ممقوتة عند الناس، مثل الكساح منظف الكُنُف، أو زبَّال وهو الذي يكنس الزبالة ويحملها، فهذا ليس كفئاً لامرأة مصونة محترمة أهلها أغنياء، لكن لو زوَّجناها كساحاً ينظف الكنف صح العقد.
الثاني: قوله: «ويسار بحسب ما يجب لها»، «يسار» يعني غنى، فليس شرطاً أن يكون الزوج غنياً، فيزوج ولو كان فقيراً وهي غنية.
فالمهم أن المنصب وهو النسب والحرية ليس شرطاً في صحة النكاح، لكن شرط في لزومه.

فَلَوْ زَوَّجَ الأَبُ عَفِيفَةً بِفَاجِرٍ، أَوْ عَرَبِيَّةً بِعَجَمِيٍّ، فَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنَ المَرْأَةِ، أَوِ الأَوْلِيَاءِ الفَسْخُ.
ولهذا قال: «فلو زوج الأب عفيفة بفاجر» الفاجر هنا الزاني؛ لأنه مقابل بعفيفة، فلو زوج الأب عفيفة بفاجر، فالنكاح على رأي المؤلف صحيح؛ لأن الكفاءة ليست شرطاً للصحة، والصواب في هذه المسألة بالذات أن النكاح فاسد؛ لأن الله يقول: {{الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ *}} [النور] ، ومعنى الآية ـ وهي محل إشكال عند العلماء ـ أن الزاني إذا تزوج عفيفة، فإما أن تكون هذه الزوجة عالمة بالحكم، وأن زواج الزاني بها حرام، فتكون زانية؛ لأنها أباحت فرجها لمن لا يباح له، وإما أن تكون عالمة بالحكم ولكنها خالفت وعاندت ولم ترضَ بالحكم أصلاً، فهذه تكون مشركة؛ لأنها شرعت لنفسها ما لم يشرعه الله، هذا أحسن ما قيل في معنى الآية.
ومعنى ذلك أن العفيفة لا يجوز أن تتزوج بالزاني، والغريب أن أصحابنا ـ رحمهم الله ـ يقولون: إن الزانية لا يصح نكاحها حتى تتوب، والزاني يصح نكاحه قبل أن يتوب، مع أن الآية واحدة والحكم واحد، فالصواب أنه إذا زوج عفيفة بفاجر فالنكاح غير صحيح إلا إذا تاب، والحكمة والله أعلم، أما بالنسبة للزانية فلئلا تختلط الأنساب؛ لأن الزانية إذا لم تتب لم يؤمن أن تزني بعد الزواج، وأما بالنسبة للزوج، فإذا كان معروفاً بالزنا ولم يتب فإنه يهون عليه أن تزني امرأته؛ لأن الذي يمارس المنكر يهون عليه المنكر، وحينئذٍ يكون ديوثاً؛ وهو الذي يقر الفاحشة في أهله.
ومن عُرف باللواط ـ والعياذ بالله ـ لا يزوج حتى يعلم أنه تاب؛ لأنه إذا كان الزنا ـ وهو فاحشة ـ يمنع من ذلك، فاللواط وهو الفاحشة من باب أولى، فاللواط وصف بأنه الفاحشة، والزنا وصف بأنه فاحشة، والفرق أن «أل» التي دخلت على «فاحشة» تجعله أعظم، يعني أن اللواط الفاحشة العظمى، والزنا فاحشة من الفواحش، والسحاق وهو جماع الأنثى للأنثى بصفة معروفة، فالظاهر أنه كذلك.
قوله: «أو عربية بعجمي» ، المراد بالعجمي هنا من ليس بعربي، ولو كان ينطق بالعربية، فالمعتبر هنا بالعروبة والعجمة النسب لا اللسان، فقد يكون عربياً وهو لا يعرف إلا اللغة الأعجمية، فلو زوج عربية ـ أي: عربية الأصل والنسب، بقطع النظر عن اللسان ـ بعجمي لصح النكاح؛ لأنه ليس شرطاً في صحته، ويشمل هذا عجم الفرس كإيران وما ضاهاها، وعجم الغربيين كالإنجليز والفرنسيين، والأمريكان والروس، فكل من سوى العرب فهو أعجمي.
قوله: «فلمن لم يَرضَ من المرأة أو الأولياء الفسخ» ، المرأة معلوم يشترط رضاها كما سبق، فإذا لم ترضَ لا تُزوج، لكن الأولياء ولو بعدوا لهم الفسخ، يعني لو أن شخصاً قبيلياً زوج ابنته برضاها برجل غير قبيلي، والرجل صاحب دين وتقوى وخلق ومال ومن أحسن الناس، فجاء ابن عم بعيد، وقال: أنا ما أرضى، فله الفسخ على المذهب، حتى من ولد بعد، فهذه امرأة قبيلية تزوجها غير قبيلي وبقيت معه خمسين سنة، وأنجبت منه أولاداً، فوُلد لأحد أبناء عمها البعدين ولد، فلما كبر قال: أنا ما أقبل، افسخوا النكاح، فيفسخ النكاح ولو لها أولاد وبيت، فيفسد البيت وكل شيء من أجل ابن العم الذي قد يكون حاسداً، ولا يهمه شرف النسب!!
وظاهر كلام المؤلف أنه حتى أولادها يفسخون؛ لأنهم أولياء، والصحيح أنه ليس لأحد الحق في فسخ النكاح ما دام النكاح صحيحاً، ونقول لهؤلاء الذين يقولون بالصحة، ثم يقولون: يجوز الفسخ، نقول: إذا صح العقد بمقتضى الدليل الشرعي، فكيف يمكن الإنسان أن يفسخه إلا بدليل شرعي؟! ولا دليل، وعلى هذا فنقول: إذا زوج الأب الذي هو من القبائل الشريفة المعروفة بمن ليس بقبيلي، فالنكاح صحيح وليس لأحد من أوليائها أن يفسخ النكاح، وهذا كله من الجاهلية، فالفخر بالأحساب من أمر الجاهلية.
مسألة : إذا كان الزوج فاسقاً، لكن بغير اللواط أو الزنا؛ كشرب الخمر وحلق اللحية وما أشبه ذلك، فهل لبقية الأولياء أن يفسخوا؟
المذهب لهم أن يفسخوا، وهذه المسألة لو فتح فيها الباب حصل في ذلك شر كثير، يأتي إنسان يزوج هذا الرجل الذي يحلق لحيته، ويأتي ابن عم بعيد ويطالب بفسخ النكاح، فعلى المذهب له فسخ النكاح، كذلك ـ أيضاً ـ لو كان يشرب الدخان أو يتعامل بالربا أو ما أشبه ذلك فله الفسخ، وفي كلام الفقهاء نظر في هذه المسألة، فهذا لا يقبل ذوقاً ولا شرعاً، فالصواب بلا شك أن الكفاءة ليست شرطاً للصحة ولا للزوم، وعلى كلام المؤلف الكفاءة شرط للزوم لا للصحة، بمعنى أن من لم يرضَ من الأولياء فله فسخ النكاح، والصواب خلاف ذلك.
لكن يكون كلامهم له حظ من النظر، لو كان الخلل بشرب خمر، فإن شرب الخمر في الحقيقة لا يقتصر ضرره على الشارب، بل يتعدي إلى زوجته وأهله، فأحياناً يدخل على زوجته بالسكين ليقتلها، وأحياناً ـ والعياذ بالله ـ يأتي إليها يطلب أن يزني ببناته، ففي الحقيقة لو قيل بالمذهب في هذه المسألة لكان له وجه، فإذا عُرِف أن هذا الزوج يشرب الخمر فللبعيد من الأولياء أن يطالب بفسخ النكاح، وهذه مسألة تغيب عن كثير من القضاة، ولهذا يسألون عنها كثيراً فيما إذا كان الزوج يشرب الخمر، فهل يفسخ العقد أو لا يفسخ؟ فمنهم من يتوقف في الأمر، ومنهم من يقول: لا فسخ؛ لأن العدالة ليست شرطاً في بقاء النكاح ولا ابتدائه.
ولكن الحقيقة أننا إذا رجعنا إلى كلامهم هنا، وجدنا أن المذهب يجوِّز الفسخ لنقص الدين، كما أن ظاهر حديث زوجة ثابت بن قيس ـ رضي الله عنهما ـ أن خلل الدين يبيح للمرأة طلب الفسخ؛ لأنها قالت: «يا رسول الله، ثابت، لا أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام» [(2)]، فظاهر قولها أنها لو عابته بخلق ودين لكان لها الحق في طلب الفسخ، وهذا هو الصحيح عندنا، وهو الموافق للمذهب في هذا الباب.
الخلاصة أن الشروط أربعة: تعيين الزوجين، ورضاهما، والولي، والشهادة على المذهب، أو الإعلان على رأي شيخ الإسلام، وأما الكفاءة فالصحيح أنها ليست بشرط، لكن في مسألة الزنا قد نجعله من الموانع.



[1] الروض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/279).
[2] أخرجه البخاري في الطلاق/ باب الخلع وكيف الطلاق فيه (5273) عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الكفالة, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir