دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الفقه > متون الفقه > زاد المستقنع > كتاب البيوع

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م, 11:05 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي فصل في الصرف، وهو: بيع نقد بنقد

( فصلٌ ) ومتى افْتَرَقَ المتصارِفانِ قَبلَ قَبْضِ الكلِّ أو البعضِ بَطَلَ العَقْدُ فيما لم يُقْبَضْ، والدراهمُ والدنانيرُ تَتعيَّنُ بالتعيينِ في العَقْدِ , فلا تُبْدَلُ وإن وَجَدَها مَغصوبةً بَطَلَ، ومَعيبةً من جِنْسِها أَمْسَكَ أو رَدَّ.


  #2  
قديم 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م, 05:24 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي المقنع لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي

.........................

  #3  
قديم 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م, 05:29 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي الروض المربع للشيخ: منصور بن يونس البهوتي

فصلٌ

(ومَتَى افتَرَقَ المُتَصَارِفَانِ) بأَبْدَانِهِما كما تَقَدَّمَ في خيارِ المَجلسِ (قبلَ قَبْضِ الكُلِّ)؛ أي: كُلِّ العِوَضِ المَعْقُودِ عليه في الجانبَيْنِ، (أو) قبلَ قَبْضِ (البعضِ) منه (بَطَلَ العقدُ فيما لم يُقْبَضْ) سواءٌ كَانَ الكُلَّ أو البعضَ؛ لأنَّ القَبْضَ شَرْطٌ لصحَّةِ العقدِ؛ لقَولِه صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَداً بِيَدٍ)). ولا يَضُرُّ طُولُ المَجلسِ معَ تَلازُمِهِما، ولو مَشَيَا إلى منزلِ أحدِهِما مُصطَحِبَيْنِ صَحَّ، وقَبْضُ الوكيلِ قبلَ مُفارَقَةِ مُوَكِّلِه المَجْلِسَ كقَبْضِ مُوَكِّلِه، ولو مَاتَ أحدُهما قبلَ القبضِ فَسَدَ العقدُ، (والدراهِمُ والدنانيرُ تتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ في العقدِ)؛ لأنَّها عِوضٌ مُشارٌ إليه في العَقْدِ فوَجَبَ أن تَتَعَيَّنَ كسائرِ الأعواضِ، (فلا تُبْدَلُ) بل يَلْزَمُه تَسليمُها إذا طُولِبَ بها لوُقُوعِ العقدِ على عَيْنِها، (وإن وَجَدَها مَغْصُوبةً بَطَلَ) العقدُ كالمبيعِ إذا ظَهَرَ مُستَحَقًّا، وإن تَلَفَت قبلَ القَبْضِ فمِن مالِ بَائعٍ إن لم تَحْتَجْ لوَزْنٍ أو عَدٍّ ، (و) إن وَجَدَها (مَعِيبةً مِن جِنْسِها) كالوُضُوحِ في الذَّهَبِ، والسَّوَادِ في الفِضَّةِ (أَمْسَكَ) بلا أَرْشٍ إن تَعَاقَدَا على مِثلَيْنِ كدِرْهَمِ فِضَّةٍ بمِثْلِه، وإلا فله أَخْذُه في المَجْلِس، وكذا بَعْدَه مِن غيرِ الجِنْسِ، (أو رَدَّ) العقدَ للعيبِ، وإن وَجَدَها مَعِيبةً مِن غيرِ جِنسِها كما لو وَجَدَ الدَّرَاهِمَ نُحَاساً بَطَلَ العَقْدُ؛ لأنَّه بَاعَه غيرَ ما سَمَّى له.


  #4  
قديم 4 ربيع الأول 1430هـ/28-02-2009م, 05:33 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية الروض المربع للشيخ: عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم

فصل([1])

(ومتى افترق المتصارفان) بأبدانهما كما تقدم في خيار المجلس([2]) (قبل قبض الكل) أي كل العوض العقود عليه في الجانبين([3]) (أو) قبل قبض (البعض) منه (بطل العقد فيما لم يقبض) ([4]) سواء كان الكل أو البعض([5]) لأن القبض شرط لصحة العقد([6]).
لقوله صلى الله عليه وسلم ((وبيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد)) ([7]) ولا يضر طول المجلس مع تلازمهما([8]) ولو مشيا إلى منزل أحدهما مصطحبين صح([9]) وقبض الوكيل قبل مفارقة موكله المجلس كقبض موكله([10]) ولو مات أحدهما قبل القبض فسد العقد([11]).
(والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في العقد)([12]) لأنها عوض مشار إليه في العقد، فوجب أن تتعين كسائر الأعواض (فلا تبدل) ([13]) بل يلزم تسليمها إذا طولب بها، لوقوع العقد على عينها([14]) (وإن وجدها مغصوبة بطل) العقد، كالمبيع إذا ظهر مستحقا([15]) وإن تلفت قبل القبض فمن مال بائع، إن لم تحتج لوزن أو عد([16]).
(و) إن وجدها (معيبة من جنسها) ([17]) كالوضوح في الذهب، والسواد في الفضة (أمسك) بلا أرش([18]) إن تعاقدا على مثلين، كدرهم فضة بمثله([19]) وإلا فله أخذه في المجلس([20]) وكذا بعده من غير الجنس([21]) (أو رد) العقد للعيب([22]).
وإن وجدها معيبة من غير جنسها([23]) -كما لو وجد الدراهم نحاسا- بطل العقد([24]) لأنه باعه غير ما سمى له([25]).


([1]) أي في الصرف، وهو بيع نقد بنقد، اتحد الجنس أو اختلف.
([2]) يعني أن التفرق هنا كالتفرق في خيار المجلس، وهو ما لم يتفرقا عرفا بأبدانهما من مكان التبايع، وتقدم مفصلا.
([3]) أي جانب البائع، وجانب المشتري في المجلس، بطل العقد، لأن القبض في المجلس شرط لصحة الصرف بالإجماع.
([4]) أي من العوض المعقود عليه، لفوات شرطه، وصح فيما قبض، لوجود شرطه.
([5]) أي سواء كان الذي لم يقبض الكل فيبطل الكل، أو كان الذي لم يقبض البعض، فيبطل العقد في البعض الذي لم يقبض، ويقوم الاعتياض عن أحد العوضين وسقوطه عن ذمة أحدهما مقام قبضه.
([6]) أي لأن القبض في مجلس العقد شرط لبقاء العقد، فما لم يقبض فيه بطل عقدة بالتفرق منه.
([7]) وتقدم نحوه من غير وجه، وحكى ابن المنذر وغيره الإجماع على أن القبض في المجلس، شرط لصحة الصرف، وقال ابن القيم: حرم التفريق في الصرف، وبيع الربوي بمثله قبل القبض، لئلا يتخذ ذريعة إلى التأجيل الذي هو أصل باب الربا، فحماهم من قربانه باشتراط التقابض في الحال، ثم أوجب عليهم فيه التماثل، وأن لا يزيد أحد العوضين على الآخر، إذا كانا من جنس واحد.
([8]) أي لا يضر في صحة الصرف طول المجلس قبل القبض، مع تلازم المتبايعين.
([9]) أي ولو مشى المتعاقدان إلى منزل أحدهما مصطحبين لم يتفرقا فتقابضا، أو تماشيا إلى الصراف فتقابضا عنده صح الصرف، لأن المجلس هنا كمجلس الخيار في البيع، ولم يتفرقا قبل القبض، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي.
([10]) ما دام موكله بمجلس العقد، لتعلقه به، سواء بقي الوكيل في المجلس إلى القبض، أو فارقه ثم عاد، لأنه كالآلة.
([11]) أي ولو مات أحد المتصارفين قبل القبض في الكل أو البعض، فسد العقد فيما لم يقبض، لعدم تمام القبض، لأن القبض هنا كالقبول في البيع، لا إن مات أحدهما بعد التقابض وقبل التفرق، لأنه قد تم ونفذ.
([12]) فلا تبدل قال الموفق: هذا أظهر الرواتين، وهو مذهب مالك، والشافعي، ويحصل التعيين بالإشارة، سواء ضم إليها الاسم أو لا، كبعتك هذا الثوب بهذه الدراهم، أو بهذه فقط من غير تعيين، أو: بعتك هذا بهذه، من غير تسمية العوضين.
([13]) ولأنها أحد العوضين، فتتعين بالتعيين كالآخر، وتملك بالتعيين حال العقد، فلا يصح ولا يجوز للمشتري ونحوه إبدالها إذا وقع العقد على عينها لتعينها.
([14]) كهذا الدينار بهذه الدراهم، ذكرا وزنهما أم لا، ولو بوزن متقدم على مجلس صرف، وإن عين أحدهما دون الآخر، فلكل حكم نفسه.
([15]) لأنه باع مالا يملكه، وإن ظهر الغصب في البعض بطل العقد فيه فقط، والمراد عقد البيع وما بمعناه، لا كصداق وعوض عتق وخلع، وما صولح به عن دم أو غيره، وعبارة الخرقي: فلا بيع بينهما، وذلك لأن القبض فيه بمنزلة القبول، فلا يتم العقد إلا به.
([16]) أي وإن تلفت تلك الدراهم أو الدنانير المعينة بعقد قبل القبض فمن مال #
بائع ونحوه ممن صارت إليه، إن لم تحتج لوزن أو عد، كالمبيع المعين، فإن كان كذلك فمن ضمان باذل، إذا كان الثمن حاضرا معينا.
([17]) أي وإن وجد الدراهم أو الدنانير معيبة من جنس المعيبة، لا من جنس السليمة.
([18]) أي كالبياض في الذهب، وكالسواد في الفضة، والخشونة فيها، وكونها تنفطر عند الضرب، أو لكون سكتها مخالفة لسكة السلطان، أمسكها بلا أرش مطلقا، سواء كان من جنسه أو لا، وسواء تفرقا أو لا.
([19]) أي درهم فضة، وكدينار بدينار، هذا إذا كانت معيبة من جنسها.
([20]) أي وإلا يتعاقدان على مثلين فله أخذ الأرش في المجلس، لا من جنس السليم لئلا يصير من مسألة مد عجوة.
([21]) أي وكذا يجوز أخذ الأرش بعد المجلس، لكن من غير جنس العوضين، كأخذ بر، أو شعير، أو غيرهما، لعدم اشتراط التقابض في ذلك، وكذا سائر أموال الربا، إذا بيعت بغير جنسها مما القبض شرط فيه.
([22]) لأن لمن صار إليه المعيب الخيار بين الرد والإمساك، ومتى رده بطل العقد وليس له أخذ بدله لوقوع العقد على عينه.
([23]) أي وإن وجد الدراهم أو الدنانير معيبة بطل عقد البيع، ولو كان العيب يسيرا إذا كان من غير جنسها.
([24]) وكذا لو وجدها رصاصا، أو وجد مسا في الذهب، لم يصح العقد كبعتك هذا الفرس؛ فتبين أنه بغل.
([25]) فلم يصح البيع، وكذا إن ظهر العيب في بعض العوض، بأن صارفه دينارين بعشرين درهما، فوجد أحد الدينارين معيبا من غير جنسه، بطل العقد فيه فقط، بما قابله، وصح في السليم بما قابله، ومتى صارفه كان له الشراء منه من جنس ما أخذ منه، بلا مواطأة ، ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين، ليأخذ قدر حقه منه فأخذه صح، والزائد أمانة في يده.


  #5  
قديم 25 جمادى الأولى 1431هـ/8-05-2010م, 10:58 PM
ريحانة الجنان ريحانة الجنان غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 133
افتراضي الشرح المختصر على متن زاد المستقنع للشيخ صالح بن فوزان الفوزان

( فصلٌ ) (41)ومتى افْتَرَقَ المتصارِفانِ(42) قَبلَ قَبْضِ الكلِّ(43) أو البعضِ بَطَلَ العَقْدُ فيما لم يُقْبَضْ(44)،والدراهمُ والدنانيرُ تَتعيَّنُ بالتعيينِ في العَقْدِ (45), فلا تُبْدَلُ وإن وَجَدَها مَغصوبةً بَطَلَ، ومَعيبةً من جِنْسِها أَمْسَكَ أو رَدَّ(46).



(41) في بيان أحكام الصرف وهو بيع نقد بنقد اتحد الجنس أو اختلف .
(42) بأبداﻧﻬما كما في خيار اﻟﻤﺠلس .
(43) أي : كل العوض المعقود عليه من الجانبين ؛ جانب البائع وجانب المشتري .
(44) سواء أكان الذي لم يقبض الكل أم البعض ؛ لأن القبض شرط لصحة العقد ؛ لقوله
صلى الله عليه وسلم (( وبيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدًا بيد )) .
(45) كأن يقول : صارفتك هذه الجنيهات ﺑﻬذه الدراهم .
(46) هذه هي الأحكام المترتبة على تعينها وهي :
أولاً : أﻧﻬما لا تبدل بغيرها بل يلزم تسليمها إذا طولب ﺑﻬا لوقوع العقد عليها .
ثانياً : أنه إذا تبين أﻧﻬا مغصوبة بطل العقد كالمبيع إذا ظهر أن البائع لا يملكه .
ثالثاً : أﻧﻬا إن تلفت قبل القبض لم يخل من أحد حالين :
ألاولى : أن لا تحتاج إلى عد أو وزن فتكون من مال من صارت إليه .
الثانية : أن تحتاج إلى ذلك فتكون من مال باذل .
رابعاً : إذا وجد فيها عيبًا لم يخل من أحد حالين :
ألاولى : أن يكون العيب من جنسها كالبياض في الذهب والسواد في الفضة فيخير حينئذ بين الإمساك مجاناً أو الرد إذا كان العوضان من جنس كدرهم فضة بدرهم فضة ،وإن كانا من جنسين فله أخذ عوض العيب في اﻟﻤﺠلس من غير جنس السليم .
الثانية : أن يكون العيب من غير جنسها كما لو وجد الدراهم نحاسًا فيبطل العقد ؛ لأنه باعه غير ما سمى له .


  #6  
قديم 16 ربيع الثاني 1432هـ/21-03-2011م, 10:50 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي الشرح الممتع على زاد المستقنع / للشيخ ابن عثيمين رحمه الله

فَصْلٌ

وَمَتَى افْتَرَقَ الْمتَصَارِفَان قَبْلَ قَبْضِ الكُلِّ أو البَعْضِ بَطَلَ العَقُدُ فِيْمَا لَمْ يُقْبَضْ.
قوله: «فصل» هذا الفصل ذكر فيه المؤلف حكم الصرف وهو بيع النقد بالنقد، وهذا لا يخرج عن ما سبق من القواعد في الربا، لكن خصّوه بفصل لطول فروعه والكلام عليه.
قوله: «ومتى افترق المتصارفان» المتصارفان هما المتبايعان بالصرف، والصرف في اللغة الصوت، ومنه ما جاء في حديث المعراج: ((حتى بلغ مكاناً سمع فيه صريف الأقلام)) [(1)]، يعني صوتها، والصرف بيع نقد بنقد، تبيع مثلاً ذهباً بفضة أو فضة بفضة يعني دراهم بدراهم أو دراهم بدنانير، وسمي صرفاً لأنهم كانوا يزنون الدراهم والدنانير، يتبايعون بالوزن، حينما نضعها في الميزان يكون لها صريف، أي: صوت ولهذا سمي صرفاً.
قوله: «قبل قبض الكل أو البعض بطل العقد فيما لم يقبض» أي: وصح فيما قبض.
مثال ذلك: اشترى مائة درهم بعشرة دنانير فهذا صرف، فإذا استلم كل واحد منهما ما آل إليه صح العقد، أي: تبين أن العقد صحيح، وإذا سلمه خمسين درهماً فقط وتفرقا، صح العقد في خمسين الدرهم ويقابلها خمسة دنانير والباقي لا يصح، وهذا بناء على تفريق الصفقة وأنه يمكن أن يصح بعضها دون بعض؛ لأن الحكم يدور مع علته، فما وجد فيه شرط الصحة فهو صحيح، وما لم يوجد فيه شرط الصحة فليس بصحيح.
مثال آخر: أعطاه ديناراً يصرفه بعشرة دراهم فلم يجد إلا خمسة دراهم، فهل يصح؟
نقول: يصح العقد فيما قبض، ولا يصح فيما لم يقبض، فيصح العقد في نصف الدينار، ويبقى نصفه أمانة عند البائع، فيكون هذا الدينار مشتركاً بين البائع والمشتري.
وفائدة ذلك أنه لو زاد سعر الذهب فيما بين هذه الصفقة، وبين استلام حقه إذا وجد الآخر بقية الدراهم، فإذا تغير السعر فهو على حساب صاحبه، فمثلاً لو كان حين صرف الدينار بالدراهم يساوي الدينار عشرة دراهم، ثم صار يساوي عشرين درهماً فإنه يبقى نصف الدينار بعشرة دراهم؛ لأن ما بقي من الدينار بقي عند الآخر وديعة، ولا يصح العقد فيه.
فإن لم يسلم شيئاً إطلاقاً بطل العقد في الجميع، وهذه المسألة نظيرها إذا اشترى الإنسان حلياً من شخص بعشرة آلاف ريال وسلمه خمسة آلاف ريال فقط، والباقي قال: أحضره لك غداً فإنه يصح في النصف، والباقي لم يدخل في ملكه ولا يصح فيه العقد، فإن لم يعطه شيئاً بأن قال: سآتيك بالدراهم بعد العصر وأعطني الحلي الآن، بطل العقد في الجميع، فإن قال المشتري: أنا ليس عندي دراهم وأريد أن أشتري منك حلياً، فقال البائع: أنا أسلفك، فسلفه عشرة آلاف ريال ثم ردها على البائع فهذا حيلة بلا شك، فلا يجوز؛ لأن مفاسد المحرمات لا تزول بالحيل عليها، بل إن الحيل لا تزيد المفاسد إلا مفاسد، أما لو سلفه آخر فلا بأس.
وقوله: «بطل العقد فيما لم يقبض» وجه ذلك أن القبض شرط لصحة العقد؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) [(2)] .

والدّرَاهِمُ والدّنَانِيْرُ تَتَعَيَّنُ بِالتّعْيينِ فِي العَقْدِ، فَلاَ تُبَدّلُ.
قوله: «والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في العقد فلا تبدل» هذه مسألة خلافية، ويترتب على الخلاف فيها عدة مسائل ذكرها ابن رجب ـ رحمه الله ـ في آخر كتاب «القواعد»، هل الدراهم والدنانير تتعين بالعقد أو لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء، منهم من قال: إنها لا تتعين؛ لأن المقصود واحد، فالمقصود بالدينار هذا والدينار هذا واحد، إنما اختلفا في عينهما فقط، وهذا لا يدل على أن الدراهم تتعين بالتعيين بالعقد.
ومنهم من قال: بل تتعين.
مثال ذلك: اشتريت منك هذا الثوب بهذا الدرهم، فالثوب الآن معين ولا إشكال فيه، ولهذا لو أراد البائع أن يبدل الثوب لم يستطع ذلك إلا بموافقة المشتري، لكن المشتري عين هذا الدرهم، فهل يتعين هذا الدرهم؟
فإذا قلنا بالتعيين فإن المشتري لا يمكنه أن يبدلها؛ لأنه لما عيَّنَها ووقع العقد على عينها، وتم العقد صارت ملكاً للبائع، فلا يمكن أن يبدلها المشتري، كما أن البائع لا يمكن أن يبدل الثوب، أما إذا قلنا: إنها لا تتعين فله أن يبدلها، ويأخذ من جيبه درهماً غير الذي عينه ويسلمه للبائع، هذا مما يترتب على الخلاف، فإذا قلنا: إنها تتعين بالتعيين بالعقد فإنها لا تبدل، وإن قلنا: إنها لا تتعين فإنها تبدل؛ لأنه لا فرق بين هذا الدرهم وهذا الدرهم.
وفي الأوراق النقدية كذلك، لو قال: اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشرة، ثم أراد أن يعطيه بدلاً عنها عشرة أخرى، فهل له أن يبدلها؟ على الخلاف، إن قلنا: إنها تتعين بالتعيين لم يملك أن يبدلها، وإن قلنا: لا تتعين ملك، والأقرب إلى مقصود الناس عدم التعيين، إذ إن البائع لا يهمه أن تكون هذه العشرة أو العشرة الأخرى.
ثم إنه ـ أيضاً ـ يمكن أن يختلف، فلو أنه اختلف بأن أخرج العشرة فإذا هي ورقة جديدة فأراد أن يغيرها إلى ورقة أخرى قديمة قد تكون آيلة إلى التلف عن قرب، فهل له أن يغير؟ على الخلاف، لكن حتى إذا قلنا: إنها لا تتعين فإنه في هذه الحال للبائع أن يقول: لا أريد هذا، ففرق بين ورقة آيلة للتلف عن قرب، وورقة جديدة، فالغرض هنا يختلف فالظاهر أنه حتى لو قلنا: إنها لا تتعين، فإنها في هذه الصورة تتعين؛ لأن الرغبة عند الناس تختلف بين هذا وهذا، فإن بدلت فهو عقد جديد على هذه الدراهم الجديدة.

وَإِنْ وَجَدَهَا مَغْصُوبَةً بَطَلَ.
قوله: «وإن وجدها مغصوبة بطل» الضمير يعود على الدراهم أو الدنانير التي عينها في العقد، أي: تبين أنها مغصوبة فإن العقد يبطل؛ لأنه وقع على عين مغصوبة لا يملك الغاصب أن يتصرف فيها، وتصرفه فيها باطل فيبطل العقد.
مثال ذلك: إنسان غصب درهماً من شخص، ثم جاء إلى صاحب الدكان، وقال: اشتريت منك هذا الثوب بهذا الدرهم، فتبين أن الدرهم مغصوب، فَمَالِكُ هذا الدرهمِ ليس المشتري، فهذا المشتري أجرى العقد على ما لا يملكه، والعقد على ما لا يملكه باطل، فيكون العقد باطلاً، كما لو كان الأمر بالعكس، بأن اشترى ثوباً بدرهم، فتبين أن الثوب مغصوب فلا يصح العقد؛ لأن المبيع يتعين بالتعيين، لا إشكال فيه، وعلى القول بأن الدراهم لا تتعين بالتعيين، إذا تبين أن الدراهم التي عيّنها مغصوبة أو مسروقة أو ما أشبه ذلك فهنا لا يبطل العقد، ويرد المغصوب إلى مالكه ويلزم المشتري ببدله.
فإذا قال البائع: أنا بعت عليك بثمن معين وقبضته، والآن لما تبين أنه ملك للغير فإني أريد أن أفسخ العقد؛ لأني أخشى أن تماطل بي فما الجواب؟.
الجواب: على الخلاف هل يفسخ لإعسار المشتري أو لا؟ لكن في هذه الصورة ينبغي أن يقال: بأن له الفسخ قولاً واحداً؛ وذلك لأن هذا الرجل خدعه وغره وخانه، ولا ينبغي أن يعامل الخائن إلا بما يردعه عن خيانته.
إذاً إذا وجدها مغصوبة أو مسروقة أو منهوبة، المهم تبين أنها ليست ملكاً للمشتري، فإن العقد يبطل على القول بأنها تتعين.

وَمَعِيْبَةً مِنْ جِنْسِهَا أمْسَكَ أوْ رَدَّ.
قوله: «ومعيبة من جنسها أمسك أو رد» أمسك يعني بلا أرش، أو رد.
مثال ذلك: اشترى ديناراً بدينار ثم وجد أن الدينار معيب من جنسه، أي: مخلوط معه ذهب رديء، فالبيع واقع على دينار بدينار، ويشترط في بيع الدينار بالدينار التساوي، فهذا الرجل وجد أن الدينار الذي عينه معيباً من جنسه، فماذا نقول؟ نقول له: أنت الآن بالخيار إن شئت فأمسك بلا أرش، وإن شئت فرد، أما كونه يرد فواضح؛ لأنه معيب، وهو لم يشتر إلا شيئاً سالماً، وأما كونه بلا أرش، فلأن الأرش يستلزم زيادة في بيع الجنس بجنسه، ومعلوم حسب ما مر علينا من القواعد أن بيع الجنس بجنسه يشترط فيه التماثل، ولهذا قال: «أمسك» أي بلا أرش «أو رد» .
وعلم من قول المؤلف ـ رحمه الله ـ «من جنسه»، أنه إذا كان من غير الجنس فإنه لا يصح العقد إذا وجدها معيبة من غير الجنس، فنقول: ليس فيه خيار بل هو باطل.
مثال ذلك: باع درهماً بدرهم، ووجد أن أحد الدرهمين معيب بنحاس فهنا يبطل العقد؛ لأن العيب من غير الجنس، فيكون من باب «مد عجوة ودرهم» لأنه باع جنساً بجنسه، ومع أحدهما من غير الجنس فلا يصح.
وهذا كله بناءً على أن الدنانير والدراهم تتعين بالتعين بالعقد، أما إذا قلنا: إنها لا تتعين، فإنه إذا وجدها معيبة يبقى العقد على ما هو عليه، ويطالب ببدلها سليماً.



[1] أخرجه البخاري في الصلاة/ باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء (349)؛ ومسلم في الإيمان/ باب الإسراء بالرسول صلّى الله عليه وسلّم (163) عن ابن عباس وأبي حبة الأنصاري ـ رضي الله عنهم ـ.
[2] سبق تخريجه ص(207).


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:23 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir