دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 03:18 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب في النبوة: الباب الثاني: علاماته صلى الله عليه وسلم

الباب الثاني: في علاماته - صلى الله عليه وسلم -
الفصل الأول: فيما كان منها قبل مبعثه - صلى الله عليه وسلم-
8836 - (ت) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن أبيه أنه حدثه قال: «خرجنا إلى الشام في أشياخ من قريش، وكان معي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأشرفنا على راهب في الطريق فنزلنا، فحللنا رواحلنا. فخرج إلينا الراهب - وكان قبل ذلك لا يخرج إلينا - فجعل يتخلّلنا، حتى جاء فأخذ بيد محمد. وقال: هذا سيد العالمين، قال: فقال له أشياخ من قريش: وما علمك بما تقول؟ قال: أجد صفته ونعته في الكتاب المنزل، وإنكم حين أشرفتم لم يبق شجر، ولا حجر إلا خرّ له ساجدا، ولا تسجد الجمادات إلا لنبي. وأعرفه بخاتم النبوة، أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، ثم رجع فصنع طعاما فأتانا به، وكان محمد في رعية الإبل. فجاء وعليه غمامة تظله. فلما دنا وجد القوم قد سبقوه إلى شجرة. فجلس في الشمس، فمال فيء الشجرة عليه، وضحوا هم في الشمس، فبينا هو قائم عليهم، يناشدهم الله أن لا يذهبوا به إلى الروم، ويقول: إن رأوه عرفوه بالصّفة وآذوه، فبينا هو يناشدهم الله في ذلك التفت، فإذا تسعة من الروم مقبلين نحو ديره، فاستقبلهم، وقال: ما جاء بكم؟ قالوا: بلغنا عن أحبارنا أن نبيّا من العرب خارج نحو بلادنا في هذا الشهر، فلم يبق طريق إلا بعث إليه بأناس، وبعثنا إلى طريقك هذا، قال: فهل خلفكم أحد خير منكم؟ قالوا: إنما اخترنا لطريقك هذه خيرة. قال لهم: أرأيتم أمرا أراد الله تبارك وتعالى أن يقضيه، هل يستطيع أحد من الناس أن يردّه؟ قالوا: لا، قال: فبايعوا هذا النبيّ فإنه حق. فبايعوه، وأقاموا مع الراهب، ثم رجع إلينا، فقال: أنشدكم أيّكم وليّه؟ قالوا: هذا - يعنوني - فما زال يناشدني حتى رددته مع رجال، فكان فيهم بلال، وزوّده الراهب كعكا وزيتا».
هذه الرواية ذكرها رزين هكذا عن علي عن أبيه. وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري، قال: «خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشياخ من قريش». وذكر نحوه هذه الرواية، وليس بين الألفاظ كثير اختلاف.

[شرح الغريب]
غضروف الكتف: رأس لوحه.
ضحوا في الشمس: برزوا لها.
الأحبار: جمع حبر- بفتح الحاء وكسرها - وهو العالم.

8837 - (خ) عطاء بن يسار - رضي الله عنه - قال: «لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في التوراة. فقال: أجل، إنّه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}[الآحزاب:45] وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي،سميتك المتوكل، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا سخّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا». أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
الأميون: جمع الأمي، وهم العرب، وذلك أنهم لا يحسنون الكتابة، والذي لا يكتب يقال له: أمي.
الفظ: القاسي القلب: الغليظ الجانب.
السخب: بالسين والصاد: الصياح والجلبة، أي: ليس ممن ينافس في الدنيا وجمعها، فيحضر الأسواق لذلك، ويسخب معهم في ذلك.
الغلف: بسكون اللام: جمع أغلف، وهو الذي عليه غلاف.

8838 - (ت) عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: «مكتوب في التوراة:صفة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعيسى بن مريم عليه السلام يدفن معه»، فقال أبو مودود المدني: قد بقي في البيت موضع قبر. أخرجه الترمذي.
8839 - (م س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جبريل عليه السلام - وهو يلعب مع الغلمان - فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرجه،فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظّ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره- فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره». أخرجه مسلم.
واختصره النسائي قال: «إنّ الصلاة فرضت بمكة، وإن ملكين أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذهبا به إلى زمزم، فشقّا بطنه، فأخرجا حشوه في طست من ذهب، فغسلاه بماء زمزم، ثم كبسا جوفه حكمة وعلما».

[شرح الغريب]
العلقة: القطعة من الدم.
منتقع: يقال: انتقع لونه وامتقع: إذا تغير.

8840 - (د) أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه-: قال: «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يأتوا النجاشي - قال: وذكر حديثه وموته وصلاة رسول الله على النجاشي - قال أبو موسى: فوجدناهم فأقمنا معهم، قال: وسمعت النجاشي يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، وأنه الذي بشّر به عيسى، ولولا ما أنا ما فيه من الملك، وما تحملت من أمر الناس؛ لأتيته حتى أحمل نعليه». أخرجه أبو داود.
وأول روايته قال: «أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننطلق إلى أرض النجاشي - وذكر حديثه - فقال النجاشي: أشهد أنه رسول الله»، وذكر الحديث.

8841 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: «ما سمعت عمر يقول لشيء قط: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس: إذ مرّ به رجل جميل. فقال: لقد أخطأ ظني وإن هذا على دينه في الجاهلية - أو لقد كان كاهنهم - عليّ الرّجل. فدعي له، عمر: لقد أخطأ أظني.أو إنك على دينك في الجاهلية، أو لقد كنت كاهنهم فقال له، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيّتك، قال بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع، قالت:
ألم تر الجنّ وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها
ولحوقها بالقلاص وأحلاسها
قال عمر: صدق، بينا أنا نائم عند آلهتهم؛ إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا أشد صوتا منه، يقول: يا جليح أمر نجيح، رجل فصيح يقول: لا إله إلا الله. فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول: لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي». أخرجه البخاري.

[شرح الغريب]
الإبلاس: التحير والدهش.
إنكاسها: انقلابها عن أمرها.
إنياسها: من آنست الشيء بمعنى أبصرته، فكأن الجن يئست مما كانت تدركه ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-
القلاص: جمع القلوص: وهي الناقة الشابة.
الأحلاس: جمع حلس: وهو الكساء الذي يكون على ظهر البعير.
الجليج: اسم رجل، والنجيح: السريع، ويجوز أن يكون من النجح والنجاح، وهو الظفر بالمطلوب.
مانشبت: أي ما لبثت.

الفصل الثاني: فيما كان منها بعد مبعثه
8842 - (خ م) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: حدثني أبو سفيان بن حرب من فيه إلى فيّ قال: «انطلقت في المدّة التي كانت بيني وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فبينا أنا بالشام، إذ جيء بكتاب من النبي إلى هرقل، قال: وكان دحية الكلبي جاء به، فدفعه إلى عظيم بصرى، فدفعه عظيم بصرى إلى هرقل، فقال هرقل: هل هناهنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم، فدعيت في نفر من قريش، فدخلنا على هرقل، فأجلسنا بين يديه.
فقال: أيّكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟.
قال أبو سفيان: فقلت: أنا، فأجلسوني بين يديه، وأجلسوا أصحابي خلفي، ثم دعا بترجمانه، فقال: قل لهؤلاء: إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، فإن كذبني فكذّبوه.
قال أبو سفيان: وايم الله، لولا أن يؤثر عليّ الكذب لكذبته.
ثم قال لترجمانه، سله: كيف حسبه فيكم؟.
قال: قلت: هو فينا ذو حسب.
قال: فهل كان من آبائه من ملك؟. قلت: لا.
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب، قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا.
قال: فهل يتبعه أشراف الناس أو ضعفاؤهم؟ قال: قلت:لاو بل ضعفاؤهم.
قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: لا، بل يزيدون.
قال: هل يرتد أحد منهم عن دينه، بعد أن يدخل فيه، سخطة له؟ قال: قلت: لا.
قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم.
قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: قلت: يكون الحرب بيننا وبينه سجالا، يصيب منّا، ونصيب منه.
قال: فهل يغدر؟ قال: قلت: لا، ونحن منه في هذه المدة، لا ندري ما هو صانع فيها؟، قال: والله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه.
قال: فهل قال هذا القول أحد قبله؟ قلت: لا.
ثم قال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه فيكم، فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرّسل تبعث في أحساب قومها.
وسألتك: هل كان من آبائه ملك؟ فزعمت أن لا. فقلت: لو كان من آبائه ملك، قلت: رجل يطلب ملك آبائه.
وسألتك عن أتباعه: أضعفاؤهم أم أشرافهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم، وهم أتباع الرسل.
وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب، قبل أن يقول ما قال؟، فزعمت: أن لا. فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله. وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه، بعد أن يدخل فيه، سخطة له؟ فزعمت: أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.
وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون، وكذلك الإيمان حتى يتم.
وسألتك: هل قاتلتموه؟ فزعمت: أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا، ينال منكم، وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لها العاقبة.
وسألتك: هل يغدر. فزعمت: أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك: هل قال هذا القول أحد قبله؟ فزعمت: أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله، قلت: رجل ائتمّ بقول قيل قبله.
ثم قال: بما يأمركم؟ قلنا: يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصلة، والعفاف.
قال: إن يك ما تقول حقّا: فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أك أظنه منكم. ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. وليبلغنّ ملكه ما تحت قدميّ.
ثم دعا بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرأه، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد:
فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الإريسيّين و{يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: أن لا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. فإن تولّوا فقولوا: اشهدوا بأنا مسلمون}[آل عمران:64] فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللّغط، وأمر بنا فأخرجنا، قال: فقلت لأصحابي حين خرجنا: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه سيظهر، حتى أدخل الله عليّ الإسلام.
قال الزهري: فدعا هرقل عظماء الروم، فجمعهم في دار له، فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد، وأن يثبت لكم ملككم؟ قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت. قال: عليّ بهم، فدعا بهم، فقال: إني اختبرت شدّتكم على دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحببت، فسجدوا له ورضوا عنه».
هذا لفظ حديث البخاري من رواية هشام بن يوسف، وعبد الرزاق عن معمر.
وعند مسلم من حديث محمد بن رافع وغيره،عن عبد الرزاق،عن معمر،نحوه من أوله إلى قوله: «حتى أدخل الله عليّ الإسلام». وطرف من حديث صالح عن ابن شهاب بهذا الإسناد، قال فيه: وزاد في الحديث: «وكان قيصر لمّا كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء، شكرا لما أبلاه الله».
قال مسلم، وقال في الحديث: «من محمد عبد الله ورسوله»، وقال: «إثم اليريسيين»، وقال: «بداعية الإسلام» هذا القدر ذكره مسلم من رواية صالح.
قال الحميدي: وتمامها في كتاب البرقاني متصلا بقوله: «شكرا لما أبلاه»: «فلما جاء قيصر كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال حين قرأه: التمسوا ههنا أحدا من قومه، فسألهم عن رسول الله؟ قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان بن حرب: أنه كان بالشام، قدموا تجّارا في المدة التي كانت بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين كفار قريش.
قال أبو سفيان: فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام. فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء، فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلس ملكه، عليه التاج، وإذا حوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيّهم أقرب نسبا إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟». وذكر نحو ما تقدم من حديث معمر. وفي حديثه «فإن عليك إثم الأيسيين» يعني الحرّاثين. وفي رواية: «إثم الركوسيين».
وللبخاري في رواية أخرى نحو حديث معمر، وفيه: «قال ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف والصلة».
وقال في الجواب أيضا: إعادة هذا الحديث. وقال في آخرى: «فما زلت ذليلا مستيقنا بأن أمره سيظهر، حتى أدخل الله على قلبي الإسلام، وأنا كاره. قال: وكان ابن الناطور صاحب إيلياء، وهرقل أسقفه على نصارى الشام - يحدّث: أن هرقل حين قدم إيليا، أصبح يوما خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك - قال ابن الناطور: وكان هرقل حزّاء، ينظر في النجوم - فقال لهم، حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمّنّك شأنهم، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيها من اليهود. فبينما هم على أمرهم أتي هرقل برجل أرسل به ملك غسّان يخبر عن خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فلما استخبره هرقل، قال: اذهبوا، فانظروا: أمختتن هو؟ فنظروا إليه، فحدّثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب؟ فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمة قد ظهر.
ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية - وكان نظيره في العلم - وسار هرقل إلى حمص، حتى أتاه كتاب من صاحبه، يوافق رأي هرقل على خروج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه نبي. فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم قال: يا معشر الروم، هل لكم في الصلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غلقت - ثم ذكر نحو ما في حديث معمر إلى آخر هذا الفصل - ثم قال: فكان ذلك آخر شأن هرقل».
وفي رواية الترمذي عن ابن عباس: «أن أبا سفيان أخبره: أن هرقل أرسل إليه في نفر من قريش، وكانوا تجارا بالشام. فأتوه - فذكر الحديث - قال: ثم دعا بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرئ. فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، السلام على من اتبع الهدى، أما بعد». هذا القدر أخرجه الترمذي في باب: كيف يكتب إلى أهل الشرك لحاجته إليه، وهو فصل من الحديث بطوله. ولم نثبت للترمذي علامة لقلة ما أخرج منه.

[شرح الغريب]
مادهم: أي صالحهم إلى مدة استقرت بينهم.
يؤثر علي الكذب: أي يروى عني وينسب إلي.
الحرب سجال: متماثلة: تارة لهؤلاء، وتارة لهؤلاء، وهو من المساجلة:المفاخرة، وهي أن تصنع مثل صنيع قرنك، وأصله من السجل، وهو الدلو لأن لكل واحد من الواردين دلوا مثل ما للآخر، أو لكل واحد منهم يوم في الاستقاء.
البشاشة: انشراح القلب بالشيء، والفرح بقبوله، وأصله في اللقاء وهو الملاطفة في الملقى.
الغدر: ضد الوفاء، وهو نقض العهد.
صلة الأرحام: كل ما أمر الله به أن يوصل إلى الأقارب، من أنواع البر والإحسان.
العفة والعفاف: الكف عما لايحل لك.
التجشم: التكلف وإتعاب النفس في طلب الغرض والحاجات
الأريسيين: قال الحميدي: كذا وقع في رواية أصحاب الحديث «الأريسيون» «واليريسيون» وأهل اللغة يقولون: «الإريسون» واحدهم «إريس» بوزن قنديل، وقد تفتح الهمزة، وقد تخفف، تقول: أرس يؤرس تأريسا، فهو إريس وأريس، وأرس يأرس أرسا فهو أريس، والأريس - مشددا ومخففا - الأكار، وهو الفلاح، وقد يجمع على أراريس وأرارسة، وهي لغة شامية، وقال: وإنما قال:«عليك إثم الأكارين» لأن الغالب عليهم أن يكونوا أهل جهل وجفاء وقله دين، لا يرجعون إلى معرفة، وقيل: إن أهل السواد وما والاه كانوا أهل فلاحة، وهو رعية كسرى، ودينهم المجوسية، فأعلمه: أنه إن لم يؤمن- وهو من أهل الكتاب - كان عليه إثم المجوس الذي لا كتاب لهم. وفي بعض روايات هذا الحديث «اليريسيون» وهم الحراثون، فإن صحت الرواية، فقد أبدل من الهمزة ياء، وفي بعض الروايات «الركوسيين» وهم القائلون بالركوسية، وهي دين -بين النصارى- والصابئين، لعل بعض من لا يتدين بالنصرانية منهم يبطن الركوسية ويتدين بها.
اللغط: اختلاف الأصوات، واختلاطها، والهذر من القول.
لقد أمر أمر ابن أبي كبشة: أي: كبر شأنه وعظم واتسع، وكان المشركون ينسبون النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي كبشة، أن أبا كبشة الخزاعي، واسمه وجز، كان خالف قريشا في عبادة الأوثان، وعبد الشعرى العبور، وهو النجم المعروف في نجوم السماء فلما خالفهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في عبادة الأصنام شبهوه به، وقيل: كان جد جد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمه، أرادوا: أنه نزع إليه في الشبه.
بني الأصفر: بنو الأصفر: هم الروم، سموا بذلك لما يعرض لألوانهم في الغالب من الصفرة.
حاصوا حيصة، أي: نفروا نفرة وجالوا جولة، وهو من المحيص: المهرب، والملجأ، والميل من جهة إلى أخرى.
وهرقل أسقفه على نصارى الشام: أي:جعله أسقفا، والسقف والسقيفي: مرتبة يلونها من قبل الملك، والسقف في اللغة: طول في انحناء، ويحتمل أن يسمى أسقفا لخضوعه وانحنائه.
الحزاء والحازي: الذي يحزر الأشياء ويقدرها بظنه، ويقال لخارص النخل: الحازي: تقول منه: حزوت الشيء أحزوه وأحزيه، لغتان، ويقال للذي ينظر في النجوم:حزاء، من قبل هذا، لأنه ينظر في النجوم وأحكامها بظنه، وتقديره، فربما أصاب.
فلم يرم: رام يريم: إذا زال من مكانه، ولم يرم من مكانه، أي: لم يبرح.
الدسكرة: واحدة الدساكر، وهو القصور.

8843 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان الجن يصعدون إلى السماء، يستمعون الوحي، فإذا سمعوا الكلمة زادوا عليها تسعا. فأما الكلمة: فتكون حقا، وأما ما زادوا: فيكون باطلا. فلما بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منعت الجن مقاعدها من السماء بالشّهب، قال: ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك، فقال لهم إبليس: ما هذا إلا لأمر حدث، فبعث جنوده، فوجدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائما يصلي بين جبلين بمكة، فأتوه فأخبروه، فقال: هذا الحدث الذي حدث في الأرض». أخرجه الترمذي.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:39 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir