دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 02:10 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب في الموت ومايتعلق به: الباب الثاني: الموت ومقدماته

الباب الثاني: في الموت ومقدماته، وما يتعلق به
الفصل الأول: في مقدمات الموت ونزوله
8550 - (م د ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله».
أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي.
وقال الترمذي: «لمّا حضر ابن المبارك لقّنه رجل: لا إله إلا الله، فلما أكثر عليه من غير تفتير، قال: إذا قلت مرّة فأنا عليه من غير تفتير ما لم أتكلّم بكلام».

8551 - (س) عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لقّنوا هلكاكم لا إله إلا الله» أخرجه النسائي.
8552 - (د) معقل بن يسار - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اقرؤوا سورة يس على موتاكم». أخرجه أبو داود.
8553 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ألم تروا إلى الإنسان: إذا مات شخص بصره؟ قالوا: بلى، قال: فذلك حين يتبع بصره نفسه» أخرجه مسلم.
8554 - (م د ت س) أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: «دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سلمة - وقد شقّ بصره - فأغمضه، ثم قال: إنّ الرّوح إذا قبص تبعه البصر، فضجّ ناس من أهله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهدّيين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه».
وفي رواية «واخلفه في تركته، وقال: اللهم أوسع له في قبره، ودعوة أخرى سابعة نسيتها».
وفي أخرى قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا حضرتم المريض - أو الميت - فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمّنون على ما تقولون، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، إنّ أبا سلمة قد مات، قال: قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة، قالت: فقلت: فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمد -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه مسلم.
وأخرج أبو داود الأولى والثالثة، ولم يذكر في الأولى «إن الرّوح إذا قبض تبعه البصر».
وأخرج الترمذي والنسائي الثالثة.

8555 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا حضر المؤمن، أتت ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء، فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح من الله وريحان، وربّ غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى إنّه ليناوله بعضهم بعضا، حتى يأتوا به أبواب السماء، فيقولون: ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض، فيأتون به أرواح المؤمنين، فلهم أشدّ فرحا من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه: ماذا فعل فلان؟ ماذا فعل فلان؟ فيقولون: دعوه، فإنّه كان في غمّ الدنيا، فيقول: قد مات، أما أتاكم؟، قالوا ذهب به إلى أمّه الهاوية، وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح، فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله عز وجل، فتخرج كأنتن ريح جيفة، حتى يأتون به باب الأرض فيقولون: ما أنتن هذه الريح، حتى يأتون به أرواح الكفار». أخرجه النسائي.
8556 - (م) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا خرجت روح المؤمن تلقاها ملكان يصعدانها - قال حماد في روايته: فذكر من طيب ريحها، وذكر المسك - قال: فيقول أهل السماء روح طيبة جاءت من قبل الأرض، صلّى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه، فينطلق به إلى ربّه، ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل، قال: وإنّ الكافر إذا خرجت روحه - قال حماد: وذكر من نتنها - فردّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ريطة كانت عليه على أنفه - هكذا - وذكر لعنا- ويقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض، فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل». أخرجه مسلم.
[شرح الغريب]
الريطة: كل ملاءة لا تكون لفقين.

8557 - (ت س) بريدة [بن الحصيب] - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين» أخرجه الترمذي والنسائي.
وفي أخرى للنسائي: «موت المؤمن بعرق الجبين».

8558 - (د) عبيد بن خالد السلمي رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «موت الفجاءة أخذة أسف للكافر ورحمة للمؤمن».
وفي رواية عن عبيد قال مرة: عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال مرة: عن عبيد «موت الفجاءة: أخذة أسف».
أخرج الثانية أبو داود، والأولى: ذكرها رزين.

[شرح الغريب]
أسف: الأسف: الغضبان، أسف يأسف أسفا، فهو أسف، وآسفه غيره.

8559 - عائشة -رضي الله عنها- «سئلت عن موت الفجأة؟ فقالت: بطشة غضبان، أو هلك يسر» أخرجه...
الفصل الثاني: في البكاء والنوح والحزن
الفرع الأول: في جواز ذلك
8560 - (خ م د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:«دخلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي سيف القين - وكان ظئرا لإبراهيم- فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابنه إبراهيم، فقبّله وشمّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تذرفان، فقال ابن عوف: وأنت يا رسول الله، فقال: يا ابن عوف، إنّها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال: إنّ العين تدمع،والقلب يخشع، ولا نقول إلا ما يرضي ربّنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم محزونون» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.

[شرح الغريب]
الظئر: المرأة التي ترضع ولد غيرها بالأجرة، وزوج المرضعة يسمى ظئرا.
يجود بنفسه: جاد المريض بنفسه: إذا قارب الموت، فكأنه سمح بخروج روحه.

8561 - (خ م د س) أسامة قال: «أرسلت بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه: أنّ ابنا لي قبض فائتنا».
وفي رواية: «إن ابنتي قد حضرت، فاشهدنا، فأرسل يقرأ السلام، ويقول: إنّ للّه ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ عنده بأجل مسمّى، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينّها، فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال، فرفع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصبيّ، فأقعده في حجره، ونفسه تتقعقع، قال: حسبت أنه قال: كأنّها شنّ».
وفي رواية: «تقعقع كأنّها في شنّ، ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟ فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده».
وفي رواية «في قلوب من شاء من عباده، وإنّما يرحم الله من عباده الرحماء» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
وفي رواية أبي داود نحوه - وهذه أتم - ولم يذكر أسماء الرجال الذين جاؤوا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.

[شرح الغريب]
شن، تقعقع: الشن:القربة البالية، وتقعقعها: حركتها وصوتها.

8562 - (س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «لمّا حضرت بنت لرسول الله صغيرة، أخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وضمها إلى صدره، ثم وضع يده عليها، [فقضت] وهي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكت أمّ أيمن، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أم أيمن، أتبكين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندك؟ فقالت: مالي لا أبكي ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبكي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إني لست أبكي، ولكنها رحمة، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المؤمن بخير على كل حال، تنزع نفسه من بين جنبيه، وهو يحمد الله عز وجل» أخرجه النسائي.
8563 - (خ م س) ابن أبي مليكة قال: «توفيت بنت لعثمان بن عفان بمكة، فجئنا نشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس، فإني لجالس بينهما، فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان - وهو مواجهه - ألا تنهى عن البكاء، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه؟ فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك، ثم حدّث، فقال: صدرت مع عمر من مكة، حتى إذا كنّا بالبيداء، فإذا هو بركب تحت ظلّ شجرة، فقال: اذهب فانظر من هؤلاء الركب؟ فنظرت، فإذا [هو] صهيب، قال: فأخبرته، فقال: ادعه، فرجعت إلى صهيب، فقلت: ارتحل، فالحق بأمير المؤمنين، فلما أن أصيب [عمر] دخل صهيب يبكي، يقول: واأخاه، واصاحباه، فقال عمر: يا صهيب، أتبكي عليّ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الميت ليعذّب ببعض بكاء أهله عليه؟ فقال ابن عباس: فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة: فقالت: يرحم الله عمر، لا واللّه ما حدّث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ الميت يعذّب ببكاء أهله عليه، ولكن قال: إن الله يزيد الكافر ببكاء أهله عليه، وقالت عائشة: حسبكم القرآن {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال ابن عباس عند ذلك: واللّه أضحك وأبكى، قال ابن أبي مليكة: فما قال ابن عمر شيئا» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية النسائي قال: قالت عائشة: «إنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله يزيد الكافر عذابا ببعض بكاء أهله [عليه]».
وله في أخرى: قال ابن أبي مليكة «لما هلكت أم أبان حضرت مع أناس، فجلست بين عبد الله بن عمر، وابن عباس، فبكين النساء، فقال ابن عمر: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الميت ليعذّب ببعض بكاء أهله عليه؟ فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك، خرجت مع عمر، حتى إذا كنا بالبيداء رأى راكبا تحت شجرة، فقال: انظر من الركب. فذهبت، فإذا صهيب وأهله، فرجعت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا صهيب وأهله. فقال: عليّ بصهيب، فلما دخلنا المدينة أصيب عمر، فجلس صهيب يبكي عنده، يقول: واأخيّاه، واأخيّاه، فقال [عمر]: يا صهيب، لاتبك، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: إنّ الميت ليعذّب ببعض بكاء أهله عليه، قال: فذكرت ذلك لعائشة، فقالت: أما واللّه ماتحدّثون هذا الحديث عن كاذبين مكذّبين، ولكن السمع يخطئ وإن لكم في القرآن لما يشفيكم {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [فاطر: 18] ولكنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه».

[شرح الغريب]
ولا تزر وازرة: الوزر: الإثم والذنب المثقل للظهر، والوازرة: النفس المذنبة التي تذنب، والمراد: لا يحمل أحد من المذنبين ذنب غيره.
يعذب ببكاء أهله عليه: قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا من حيث إن العرب كانوا يوصون أهاليهم بالبكاء، والنوح عليهم، وإشاعة النعي في الأحياء، وكان ذلك مشهورا من مذاهبهم، وموجودا في أشعارهم كثيرا، فالميت تلزمه العقوبة في ذلك لما تقدم من أمره إليهم في وقت حياته.

8564 - (خ م ط د ت س) عمرة [بنت عبد الرحمن] قالت: سمعت عائشة-رضي الله عنها- وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول: «إن الميّت ليعذّب ببكاء الحي عليه» - تقول: «يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنّه لم يكذب ولكنّه نسي، أو أخطأ، إنما مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على يهودية يبكى عليها، فقال: إنه ليبكى عليها، وإنها لتعذّب في قبرها». أخرجه الجماعة إلا أبا داود.
وفي رواية الترمذي: أنّ ابن عمر قال: إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الميت يعذّب ببكاء أهله عليه، فقالت عائشة: يرحمه الله، لم يكذب ولكنّه وهم، إنما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل مات يهوديا: إنّ الميّت ليعذّب، وإنهم ليبكون عليه».
وفي رواية أبي داود والنسائي قالت: «وهل، إنما مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قبر، فقال: إنّ صاحب هذا ليعذّب وأهله يبكون عليه، ثم قرأت: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}».

8565 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «مات ميت من آل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر - رضي الله عنه - ينهاهن ويطردهنّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعهن يا عمر، فإن العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب» أخرجه النسائي.
8566 - (د ت) عائشة -رضي الله عنها-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبّل عثمان بن مظعون وهو ميّت وهو يبكي، أو قالت: وعيناه تذرفان» أخرجه الترمذي وأبو داود.
8567 - (خ م) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «قنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهرا حين قتل القرّاء، فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حزن حزنا قط أشدّ منه» أخرجه البخاري ومسلم.
الفرع الثاني: في النهي عن ذلك
8568 - (م) أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: «لما مات أبو سلمة قلت: غريب، وفي أرض غربة، لأبكينّة بكاء يتحدث عنه، فكنت قد تهيّأت للبكاء عليه، إذ أقبلت امرأة [من الصعيد] تريد أن تسعدني، فاستقبلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه؟ [مرتين] فكففت عن البكاء، فلم أبك». أخرجه مسلم.

8569 - (خ م د س) عائشة -رضي الله عنها- قالت: «لما جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعي زيد بن حارثة، وجعفر، وابن رواحة؛ جلس يعرف فيه الحزن، وأنا أنظر من صائر الباب - تعني: شقّ الباب - فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر - وذكر بكاءهنّ - فأمره أن ينهاهن، فذهب، ثم أتى الثانية، فذكر أنهنّ لم يطعنه، فقال: انههنّ، فأتاه الثالثة، فقال: واللّه لقد غلبننا يا رسول الله، قال: فزعمت أنه قال: فاحث في أفواههنّ التراب، قالت عائشة: فقلت: أرغم الله أنفك، واللّه ما تفعل ما أمرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العناء» أخرجه البخاري ومسلم.
واختصره أبو داود قال: «لما قتل زيد بن حارثة، وجعفر، وعبد الله بن رواحة، جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد يعرف في وجهه الحزن... وذكر قصة» هذا لفظ أبي داود، ولم يذكر القصة.
وأخرجه النسائي بطوله، وفيه «أرغم الله أنف الأبعد، إنك واللّه ما تركت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما أنت بفاعل».

8570 - (خ م ت س) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «الميّت يعذّب في قبره بما نيح عليه» وفي رواية «ما نيح عليه».
هذه رواية ابن عمر عن أبيه، ورواه عن عمر: ابن عباس، وأبو موسى الأشعري، وأنس، بألفاظ متقاربة المعنى.
وفي حديث ابن عباس: أنّ عائشة قالت: «لا واللّه ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط: إنّ الميّت يعذّب ببكاء أحد، ولكنّه قال: إنّ الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا، وإن الله لهو أضحك وأبكى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ولكن السمع يخطئ». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي أفراد مسلم «أن حفصة بكت على عمر» فقال... بمعنى ما تقدّم.
وله في أخرى: أنّ عمر قال نحو ذلك، لما عوّلت حفصة وصهيب عليه.
وفي أخرى له: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الميّت ليعذّب ببكاء الحي عليه» هذا لفظ الحميديّ.
ولفظه في كتاب مسلم عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: «لما أصيب عمر أقبل صهيب من منزله، حتي دخل على عمر، فقام بحياله يبكي، فقال عمر: علام تبكي؟ أعليّ تبكي؟ قال: إي واللّه، لعليك أبكي يا أمير المؤمنين، قال: واللّه لقد علمت أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من يبكى عليه يعذّب، قال: فذكرت ذلك لموسى بن طلحة، فقال: كانت عائشة تقول: إنما كان أولئك اليهود».
وفي رواية أنس في كتاب مسلم «أنّ عمر بن الخطاب لمّا طعن أعولت عليه حفصة، فقال: يا حفصة، أما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «المعوّل عليه يعذّب»، وعوّل عليه صهيب، فقال عمر: يا صهيب، أما علمت أن المعوّل عليه يعذّب؟».
وأخرج الترمذي والنسائي:«الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه».
وللنسائي قال عمر: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الميّت يعذّب في قبره بالنّياحة عليه».

8571 - (س) محمد بن سيرين: ذكر عند عمران بن حصين: «الميّت يعذّب ببكاء الحي عليه» فقال عمران: قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وفي رواية قال: «الميت يعذّب بنياحة أهله عليه، فقال له رجل: أرأيت رجلا مات بخراسان، وناح أهله عليه ها هنا، أكان يعذّب بنياحة أهله عليه؟ قال: صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكذبت أنت».

[شرح الغريب]
أعولت على الميت:إذا ندبته وبكيت عليه، وكذلك عولت عليه.
بحياله: حيال الشيء: تجاهه ومقابله.

8572 - (ط د س) جابر بن عتيك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب عليه، فصاح به، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النساء وبكين، فجعل جابر- وفي رواية: فجعل ابن عتيك - يسكتهنّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «دعهن، فإذا وجب فلا تبكينّ باكية، قالوا: يا رسول الله، وما وجب؟ قال: إذا مات، فقالت ابنته: واللّه إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنّ الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدّون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الشهداء سبعة، سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والحرق شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد» أخرجه الموطأ وأبو داود والنسائي.
وفي أخرى للنسائي عن عبد الملك بن عمير عن جبر: «أنه دخل مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ميّت، فبكى النساء، فقال جبر: أتبكين؟ لا تبكين ما دام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالسا، قال رسول الله: دعهن يبكين ما دام بينهن، فإذا وجب فلا تبكينّ عليه باكية».
وفي أخري عن عبد الله بن عبد الله بن جبر عن أبيه «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاد جبرا: فلما دخل سمع النساء يبكين، ويقلن: كنّا نحسب وفاتك قتلا في سبيل الله، فقال: وما تعدّون الشهادة إلا من قتل في سبيل الله ! إن شهداءكم إذا لقليل ! القتل في سبيل الله شهادة، والبطن شهادة، والحرق شهادة، والمغموم شهادة - يعني: المهدوم - والمجنوب شهادة، والمرأة تموت بجمع.
قال رجل: أتبكين ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعد؟ قال: دعهنّ، فإذا وجب فلا تبكين عليه باكية».

[شرح الغريب]
فاسترجع: الاسترجاع عند المصيبة أن يقول الإنسان: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ماتت المرأة بجمع: إذا ماتت وفي بطنها ولدها.

8573 - (خ م) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيّة، فقال: قد قضى؟ فقالوا: لا يا رسول الله، فبكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رأى القوم بكاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بكوا، قال: ألا تسمعون؟ إنّ الله لا يعذّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم» أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: «كنا جلوسا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ جاءه رجل من الأنصار، فسلم عليه، ثم أدبر الأنصاريّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أخا الأنصار، كيف أخي سعد بن عبادة؟ فقال صالح: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من يعوده منكم؟ فقام وقمنا معه، ونحن بضعة عشر، ما علينا نعال ولا خفاف، ولا قلانس، ولا قمص، نمشي في تلك السّباخ، حتى جئناه، فأستأخره قومه من حوله، حتى دنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الذين معه» لم يزد على هذا في هذه الرواية.

8574 - (خ م د س) أبو بردة [بن أبي موسى الأشعري] - رضي الله عنهما- قال: «وجع أبو موسى وجعا، فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله، صاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئا، فلما أفاق، قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقّة» أخرجه البخاري.
وهو في رواية لمسلم «أغمي على أبي موسى، فأقبلت امرأته أمّ عبد الله تصيح برنّة، ثم أفاق، فقال: ألم تعلمي، وكان يحدّثها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أنا بريء ممّن حلق، وصلق، وخرق».
وفي أخرى له عن امرأة أبي موسى أمّ عبد الله، عن أبي موسى عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نحوه، وفي أخرى نحوه. قال مسلم:غير أن في حديث عياض الأشعري قال:«ليس منّا»ولم يقل:«بريء».
وفي رواية أبي داود: عن يزيد بن أوس قال: «دخلت على أبي موسى - وهو ثقيل - فذهبت امرأته لتبكي - أو تهم به - فقال لها أبو موسى: أما سمعت ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: بلى. قال: فسكتت، فلما مات أبو موسى قال يزيد: لقيت المرأة، فقلت لها: ما قول أبي موسى لك: أما سمعت ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم سكتّ؟ قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من حلق، ومن سلق، ومن خرق».
وفي رواية النسائي عن صفوان بن محرز قال: «أغمي على أبي موسى، فبكوا، فقال: أبرأ إليكم كما برئ إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ليس منا من حلق، ولا خرق، ولا سلق».
وله في أخرى: لما ثقل أبو موسى أقبلت امرأته تصيح، فأفاق، فقال: ألم أخبرك أني بريء مما برئ منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ وكان يحدّثها أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أنا بريء ممّن حلق، وخرق، وسلق». وأخرج أيضا نحو رواية أبي داود.

[شرح الغريب]
الصالقة والسالقة: هي التي تصرخ عند المصيبة وتضج.
الحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة.
والشاقة: التي تشق ثيابها.

8575 - (خ م ت س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس منّا من ضرب الخدود، وشقّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». وفي رواية «أو، أو». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
8576 - (ت) أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ما من ميت يموت، فيقوم باكيه، فيقول: واجبلاه واسيّداه !! ونحو ذلك، إلا وكّل الله به ملكين يلهزانه، ويقولان: أهكذا كنت؟» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
يلهزانه: اللهز: الدفع في الصدر بجميع الكف.

8577 - (خ) النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: «أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه، واكذا، واكذا، تعدّد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي: أنت كذلك؟».
وزاد في رواية: «فلما مات لم تبك عليه» أخرجه البخاري.

8578 - (ت) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «أخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيد عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فوضعه في حجره، فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي؟ أولم تكن نهيت عن البكاء؟ قال: لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت [عند مصيبة]: خمش وجوه، وشقّ جيوب، ورنّة شيطان».
وفي الحديث كلام أكثر من هذا.
أخرجه الترمذي هكذا.

8579 - (د) أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات قالت: «كان فيما أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه [فيه] -: أن لا نخمش وجها، ولا ندعو ويلا، ولا نشقّ جيبا، ولا ننشر شعرا» أخرجه أبوداود.
8580 - (خ م د س) أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - مع البيعة- أن لا ننوح، قالت: فما وفت منا امرأة إلا خمس: أمّ سليم، وأمّ العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، وامرأتان. أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى».
وفي رواية أخرى: «فما وفت منّا غير خمس، منهن أمّ سليم».
وفي أخرى قالت: لما نزلت هذه الآية {يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا}... {ولا يعصينك في معروف} [الممتحنة: 12] قالت: كان منه النياحة، قالت: فقلت: يا رسول الله، إلا آل فلان، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بدّ لي من أن أسعدهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«إلا آل فلان».
وفي أخرى قالت: «بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقرأ علينا {أن لا يشركن باللّه شيئا}، ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة منّا يدها، فقالت: فلانة أسعدتني، فأنا أريد أن أجزيها، فما قال لها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- شيئا، فانطلقت، ثم رجعت، فبايعها».
زاد في رواية: «فما وفت امرأة إلا أمّ سليم، وأم العلاء، وبنت أبي سبرة امرأة معاذ - أو بنت أبي سبرة - وامرأة معاذ». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية النسائي قالت: «لمّا أردت أن أبايع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت: يا رسول الله، إن امرأة أسعدتني في الجاهلية، فأذهب فأسعدها ثم أجيئك فأبايعك؟ قال: «فاذهبي فأسعديها» ثم بايعيني، قالت: فذهبت فساعدتها، ثم جئت فبايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».
وله في أخرى: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ علينا في البيعة أن لا ننوح».
وفي رواية أبي داود مختصرا: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن النياحة». لم يزد على هذا.

8581 - (س) أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ على النساء - حين بايعهنّ- أن لا ينحن، فقلن: يا رسول الله، إن نساء أسعدتنا في الجاهلية: أفنسعدهن؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا إسعاد في الإسلام»» أخرجه النسائي.
8582 - (ت) أسماء [بنت يزيد بن السكن الأنصارية] -رضي الله عنها- قالت: «قالت امرأة من النسوة: ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ قال: «لا تنحن» قلت: يا رسول الله، إن بني فلان قد أسعدوني على عمّي، ولا بد لي من قضائهم، فأبى عليّ، فعاتبته مرارا، فأذن لي في قضائهن، فلم أنح بعد في قضائهن ولا غيره حتى الساعة، ولم يبق من النسوة امرأة إلا وقد ناحت غيري» أخرجه الترمذي.
8583 - (د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة». أخرجه أبو داود.
8584 - (س) قيس بن عاصم - رضي الله عنه - «قال: لا تنوحوا علي، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم ينح عليه». أخرجه النسائي.
8585 - (خ م ت) علي بن ربيعة -رحمه الله- قال: أول من نيح عليه بالكوفة: قرظة بن كعب، فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنّ كذبا عليّ ليس ككذب على غيري، من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النار» وسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من نيح عليه، فإنه يعذّب بما نيح عليه يوم القيامة». أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.
8586 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن النّعي، وقال: «إياكم والنعي، فإنه من عمل الجاهلية»، قال عبد الله بن مسعود: والنّعي: أذان بالميّت.
أخرجه الترمذي، وقال: قد روي عنه من طريق، ولم يرفعه، ولم يذكر فيه «والنعي أذان بالميت» وقال: هذا أصح.

8587 - (ت) [حذيفة بن اليمان] - رضي الله عنه - قال إذ حضر: «إذا أنا متّ فلا تؤذنوا بي أحدا، إني أخاف أن يكون نعيا، وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النعي، فإذا متّ فصلّوا عليّ، وسلّوني إلى ربي سلاّ». أخرجه الترمذي إلى قوله: «عن النعي».
8588 - (م) أبو مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [«أربع في أمّتي من الجاهلية، لا يتركونهنّ: الفخر بالأحساب، والطّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال:] النائحة إذا لم تتب قبل موتها؛ تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب» أخرجه مسلم.
8589 - (خ) البخاري -رحمه الله- قال: «لمّا مات الحسن بن الحسن بن عليّ: ضربت امرأته القّبّة على قبره سنة، ثم رفعت، فسمعت صائحا يقول: ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
8590 - (خ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - «أنه رأى فسطاطا على قبر عبد الرحمن، فقال: يا غلام، أنزعه، فإنما يظّله عمله». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
الفصل الثالث: في الغسل والكفن
8591 - (خ م ت د س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: بينما «رجل واقف مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعرفة، إذ وقع من راحلته - قال أيوب: فأوقصته، أو قال: فأقعصته، وقال عمرو. فوقصته - فذكر ذلك للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: اغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبين، ولا تحنّطوه، ولا تخمّروا رأسه. قال أيوب: فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبّيا»، وقال عمرو: يلبّي» ومن الرواة من قال: «في ثوبيه».
وفي أخرى: ولا تغطّوا وجهه، ولا تقرّبوه طيبا، فإنه يبعث يلبّي.
وفي أخرى «يهلّ».
وفي أخرى «خارج رأسه ووجهه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبّدا».
أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: «وقصت رجلا ناقته وهو محرم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يغسلوه بماء وسدر، ويكشفوا وجهه - حسبته قال: ورأسه - فإنه، يبعث وهو يلبّي».
وفي رواية الترمذي قال:«كنّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، فرأى رجلا سقط عن بعيره، فمات وهو محرم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». وذكر الحديث نحوه.
وفي رواية أبي داود قال: «أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجل وقصته راحلته، فمات وهو محرم، فقال: «كفنّوه في ثوبيه، واغسلوه بماء وسدر، ولا تخمّروارأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبّي».
وفي أخرى قال: «كفّنوه في ثوبين». وزاد «ولا تحنّطوه».
وفي أخرى نحو الثانية، وقال: «فإنه يبعث يهلّ».
وأخرج النسائي الأولى، وأخرج رواية أبي داود الأولى.
وله في أخرى نحو منها، وفيها: «أنّ رجلا وقع عن راحلته فأوقصته».
وفي أخرى: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اغسلوا المحرم في ثوبيه اللّذين أحرم فيهما، واغسلوه بماء وسدر، وكفّنوه في ثوبيه، ولا تمسّوه بطيب، ولا تخمّروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة محرما».

8592 - (د) ليلى بنت قانف الثقفية -رضي الله عنها- قالت: «كنت فيمن غسّل أمّ كلثوم بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الحقو، ثم الدرع، ثم الخمار ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الباب معه كفنها، يناولناها ثوبا ثوبا» أخرجه أبو داود.
8593 - (ط) عائشة -رضي الله عنها- قالت: «دخلت على أبي بكر فقال: في كم كفّنتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلت: في ثلاثة أثواب بيض [سحوليّة، ليس فيها قميص ولا عمامة] قال: في أي يوم توفي؟ قلت: يوم الإثنين، قال: فأيّ يوم هذا؟ قلت: يوم الإثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه، به ردع من زعفران. فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفّنوني فيها، فقلت: إن هذا خلق، قال: إن الحيّ أولى بالجديد من الميت، إنما هو اللمهلة، فما توفي حتي أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل الصبح».
وفي رواية بنحوه، إلا أنه لم يذكر سؤاله لها «في أيّ يوم توفي؟» وجوابها، وقوله. وفيها: «بيض سحولية» وانتهت الرواية عند قوله: «للمهلة».
أخرج الأولى رزين، والثانية الموطأ.

[شرح الغريب]
ردع: الردع: اللطخ، وأثر الشي المتلون في الثوب أو البدن.
للمهلة: المهلة بضم الميم وكسرها: القيح والصديد.

8594 - (د) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «خير الكفن الحلّة، وخير الأضحية الكبش الأقرن» أخرجه أبو داود.
8595 - (د) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أنّه لمّا حضر دعا بثياب جدد، فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
يبعث الميت في ثيابه: قيل: أراد بالثياب ها هنا: العمل الذي يموت الإنسان عليه، ويختم له به، وقد قيل في قوله تعالى: {وثيابك فطهر}: عملك فأصلح، وفلان دنس الثياب: إذا كان خبيث الفعل والمذهب، ولبس فلان ثوب غدر: إذا غدر.

8596 - (ت د) جابر بن عبد الله وأبو قتادة -رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:«إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسّن كفنه». وفي رواية قال: سمعت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا توفّي أحدكم، فوجد شيئا، فليكفّن في ثوب حبرة».
أخرج الأولى الترمذي عنهما، وأخرج الثانية أبو داود عن جابر.

8597 - (د) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لا تغالوا في كفن، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا». أخرجه أبو داود.
8598 - (ت) جابر بن عبد اللّه - رضي الله عنه - «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفّن حمزة بن عبد المطلب في نمرة في ثوب واحد» أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
نمرة: النمرة: كل شملة مخطة من مآزر الأعراب.

8599 - (ط) أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت لأهلها: «أجمروا ثيابي إذا متّ، ثم حنّطوني، ولا تذرّوا على كفني حنوطا، ولا تتبعوني بنار». أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
أجمروا: الإجمار والتجمير: تبخير الثياب بالبخور.

8600 - (خ م س) جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أبيّ، بعدما أدخل حفرته، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه، ونفث فيه من ريقه، وألبسه قميصه - فاللّه أعلم - قال: وكان كسا عبّاسا قميصا».
قال سفيان: وقال أبو هريرة: «وكان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قميصان، فقال له ابن عبد الله: ألبس عبد الله قميصك الذي يلي جلدك.
قال سفيان، فيرون أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ألبس عبد الله قميصه مكافأة لما صنع».
وفي أخرى قال: «لما كان يوم بدر أتي بأسارى، وأتي بالعباس ولم يكن عليه ثوب، فنظر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- له قميصا، فوجدوا قميص عبد الله بن أبيّ يقدر عليه، فكساه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إيّاه، فلذلك نزع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قميصه الذي ألبسه».
قال ابن عيينة: «كانت له عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يد، فأحبّ أن يكافئه» أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية النسائي: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلى على قبر عبد الله بن أبيّ وقد وضع في حفرته، فوقف عليه، فأمر به فأخرج، فوضعه على ركبتيه وألبسه قميصه، ونفث عليه من ريقه».
وفي أخرى له: أنه سمع جابرا يقول: «وكان العباس بالمدينة، فطلبت الأنصارف ثوبا يكسونه، فلم يجدوا قميصا يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أبيّ فكسوه إيّاه».

[شرح الغريب]
يقدر عليه: قدر عليه، أي كان على قدره وفي طوله وعرضه ويصلح للباسه.

8601 - (د) أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: «خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود عبد الله بن أبيّ في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه، عرف فيه الموت، فقال له: قد كنت كثيرا أنهاك عن حبّ يهود، فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة، فمه؟ فلما مات أتاه ابنه، فقال: يا رسول الله، إنّ عبد الله بن أبيّ قد مات، فأعطني قميصك أكفّنه فيه، فنزع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قميصه فأعطاه إياه».أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
فمه: أي: فما كان، وأي شيء كان.

8602 - (خ م ت س) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- «أنّ عبد الله بن أبيّ لما توفّي جاء ابنه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أعطني قميصك أكفّنه فيه، وصلّ عليه، واستغفر له، فأعطاه قميصه، وقال: «آذنّي أصلّي عليه» فآذنه، فلما أراد أن يصلّي، جذبه عمر، فقال: أليس الله نهاك أن تصلّي على المنافقين؟ قال: «أنا بين خيرتين». قال الله تعالى: {استغفر لهم، أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة، فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80] فصلى عليه، فنزلت {ولا تصلّ على أحد منهم مات أبدا، ولا تقم على قبره، إنّهم كفروا باللّه ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84]».
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
وزاد الترمذي: فترك الصلاة عليهم.

8603 - (خ س) سهل بن سعد -رضي الله عنهما- «أنّ امرأة جاءت ببردة منسوجة، فيها حاشيتها، قال سهل: أتدرون ما البردة؟ قالوا: الشّملة؟ قال: نعم، قالت: نسجتها بيدي، فجئت لأكسوكها، فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره، فحسّنها رجل، فقال: اكسنيها يا رسول الله، ما أحسنها ! فقال القوم: ما أحسنت، لبسها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- محتاجا إليها، ثم سألتها، وعلمت أنه لا يردّ سائلا، قال: إني واللّه ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني، قال سهل: فكانت كفنه».
أخرجه البخاري، وأخرج النسائي منه إلى قوله «وإنها لإزاره».

[شرح الغريب]
الشملة: البردة والملحفة.

8604 - (ط) عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: الميت يقمّص،ويؤزّر، ويلفّ في الثوب الثالث، فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه. أخرجه الموطأ.
الفصل الرابع: في تشييع الجنازة وحملها
8605 - (ت) أبو المهزّم يزيد بن سفيان -رحمه الله- قال: صحبت أبا هريرة - رضي الله عنه - عشر سنين، فسمعته يقول: «من تبع جنازة وحملها ثلاث مرات، فقد قضى ما عليه من حقّها». أخرجه الترمذي.

الصوت والنار معها
8606 - (ط د) أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار».
زاد في رواية «ولا تمشوا بين يديها» أخرجه أبو داود.
وفي رواية الموطأ عن أبي سعيد المقبري قال: «نهى أبو هريرة أن يتبع بنار بعد موته».

المشي قبل الجنازة وبعدها
8607 - (ت) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي أمام الجنازة، وأبو بكر وعمر وعثمان» أخرجه الترمذي.
وفي رواية ذكرها رزين قال: «أنتم مشفّعون، فامشوا بين يديها وخلفها، وعن يمينها وشمالها، وقريبا منها».

8608 - (ط) عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - «كان يقدّم الرجال أمام جنازة زينب أمّ المؤمنين». أخرجه الموطأ.
8609 - (د ت) عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما- قال: سألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المشي خلف الجنازة؟ فقال: «بما دون الخبب، فإن كان خيرا عجّلتموه إليه، وإن كان شرّا فلا يبعّد إلا أهل النار، إن الجنازة متبوعة، ليس معها من تقدّمها». أخرجه الترمذي وأبو داود.
8610 - (د ت س) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة». أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.
8611 - (ط ت) محمد بن شهاب - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر كانوا يمشون أمام الجنازة، والخلفاء - هلمّ جرا - وعبد الله بن عمر». أخرجه الموطأ والترمذي.
8612 - (د س) عيينة بن عبد الرحمن -رحمه الله- قال: حدّثني أبي، قال: شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة، وخرج زياد يمشي بين يدي السرير، فجعل رجال من أهل عبد الرحمن ومواليهم يستقبلون السرير، ويمشون على أعقابهم، ويقولون: رويدا رويدا، بارك الله فيكم، فكانوا يدبون دبيبا، حتى إذا كنّا ببعض طريق المربد لحقنا أبو بكرة على بغلة، فلما رأى الذي يصنعون، حمل عليهم ببغلته، وأهوى إليهم بالسوط، وقال: خلّوا، فوالذي أكرم وجه أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-، لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإنّا لنكاد نرمل بها رملا، فانبسط القوم. أخرجه النسائي.
وفي رواية أبي داود:«أنه كان يمشي في جنازة عثمان بن أبي العاص، وكنا نمشي مشيا خفيفا، فلحقنا أبو بكرة، فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نرمل رملا».
وفي رواية أخرى: «في جنازة عبد الرحمن بن سمرة، قال: فحمل عليهم ببغلته وأهوى بالسوط».

[شرح الغريب]
نرمل: الرمل: سرعة المشي دون العدو.

مشي النساء معها
8613 - (خ م د) أم عطية -رضي الله عنها- قالت:«نهينا عن اتّباع الجنائز، ولم يعزم علينا». أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود.

مشي الراكب معها
8614 - (د ت س) المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الراكب يمشي خلف الجنازة، والماشي كيف شاء منها، والطفل يصلّى عليه». أخرجه الترمذي والنسائي.
وفي رواية أبي داود - يرفعه «خلفها وأمامها، وعن يمينها ويسارها، وقريبا منها، والسّقط يصلّى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة».

8615 - (ت د) ثوبان - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فرأى ناسا ركبانا، فقال: «ألا تستحيون؟ إنّ ملائكة الله على أقدامهم، وأنتم على ظهور الدواب». أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي بدابة - وهو مع الجنازة - فأبى أن يركب، فلما انصرف أتي بدابة فركب، فقيل له، فقال: «إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت».

8616 - (م ت د س) جابر بن سمرة - رضي الله عنه -:«أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتّبع جنازة أبي الدحداح ماشيا، ورجع على فرس». أخرجه الترمذي.
وفي رواية النسائي:«خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة أبي الدحداح، فما رجع أتى بفرس معرورى، فركب، ومشينا معه».
وفي رواية مسلم قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ابن الدحداح، ثم أتي بفرس عري، فعقله رجل فركبه، فجعل يتوقّص به، ونحن نتبعه نسعى خلفه. قال: فقال رجل من القوم: إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «كم من عذق معلّق - أو مدلى - في الجنة لابن الدحداح»وقال شعبة: «لأبي الدحداح».
وفي أخرى له قال: «أتي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بفرس معرورى، فركبه حين انصرف من جنازة ابن الدحداح، ونحن نمشي حوله».
وفي رواية أبي داود قال:«صلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ابن الدّحداح ونحن شهود، ثم أتي بفرس، فعقل حتى ركبه، فجعل يتوقّص به، ونحن نسعى حوله».

[شرح الغريب]
يتوقص: التوقص في المشي: شدة الوطء والوثب.

8617 - (ت) جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما- قال: «كنّا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في جنازة ابن الدحداح، وهو على فرس له يسعى، ونحن حوله، وهو يتوقّص به». أخرجه الترمذي.
الإسراع بها
8618 - (خ م ط د ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أسرعوا بجنائزكم، فإن تك صالحة، فخير تقدّمونها وإن تك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم» أخرجه الجماعة.

8619 - (خ س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدّموني، وإن كانت غير ذلك قالت: ياويلاه، أين تذهبون بي؟ يسمع صوتها كلّ شيء إلا الثقلين - أو قال: الإنسان - ولو سمع الإنسان لصعق». أخرجه البخاري والنسائي.
[شرح الغريب]
الثقلين: الثقلان: الجن والإنس.
لصعق: صعق الرجل:إذا مات، وصعق: إذا غشي عليه.

8620 - (س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا وضع الرجل الصالح على سريره، قال: قدّموني، وإذا وضع الرجل - يعني السوء - على سريره، قال: ياويلاه، أين تذهبون بي؟». أخرجه النسائي.
القيام معها ولها
8621 - (د ت) عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا تبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللّحد، فعرض له حبر من اليهود، فقال: إنّا هكذا نصنع يا محمد، قال: فقال لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خالفوهم واجلسوا» أخرجه أبو داود والترمذي.

[شرح الغريب]
حبر: الحبر، بفتح الحاء وكسرها: العالم.

8622 - (دس) البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد بعد، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستقبل القبلة، وجلسنا معه». أخرجه أبو داود.
وعند النسائي قال:«خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فلما انتهينا إلى القبر ولم يلحد، فجلس، وجلسنا حوله، كأنّ على رؤوسنا الطير».
وهو طرف من أول حديث للبراء، يرد في الفصل الثاني من الباب الثالث.

8623 - (خ م د ت س) عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأى أحدكم جنازة، فإن لم يكن ماشيا معها فليقم، حتى يخلّفها أو تخلّفه، أو توضع [من] قبل أن تخلّفه».
وفي رواية قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلّفكم». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
وأخرج الترمذي وأبو داود الثانية. وزاد أبو داود «أو توضع».

8624 - (خ) عبد الرحمن بن القاسم -رحمه الله-: «أن القاسم [بن محمد] كان يمشي بين يدي الجنازة، ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها، يقولون إذا رأوها: كنت في أهلك ما أنت. مرتين». أخرجه البخاري.
8625 - (خ م د ت س) أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع». أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري من حديث أبي سعيد المقبري قال: «كنّا في جنازة، فأخذ أبو هريرة بيد مروان، فجلسنا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد الخدري،فأخذ بيد مروان، وقال:قم، فوالله لقد علم هذا أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك.فقال أبو هريرة: صدق».
ولمسلم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتي توضع».
وأخرج الترمذي والنسائي الأولى.
وللنسائي:«إذا مرت بكم جنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع».
وفي أخرى له: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مروا عليه بجنازة فقاموا».
وفي رواية أبي داود:«أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع».
وأخرج أبو داود أيضا المسند من رواية البخاري، وهذا لفظه بمثل حديث أبي سعيد، وقال فيه: «حتى توضع بالأرض» وفي أخرى «حتى توضع في اللحد».

8626 - (س) أبو هريرة وأبو سعيد -رضي الله عنهما- قالا: «ما رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهد جنازة قطّ فجلس حتى توضع». أخرجه النسائي.
8627 - (س) يزيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: «إنهم كانوا جلوسا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فطلعت جنازة، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقام من معه، فلم يزالوا قياما حتى نفذت». أخرجه النسائي.
8628 - (خ م د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: مرّت جنازة، فقام لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله، إنها يهوديّة، فقال: «إن للموت فزعا، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا». أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: «قام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لجنازة يهوديّ حتى توارت» وأخرج النسائي الروايتين.
وفي رواية أبي داود قال: «كنّا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، إذ مرّت بنا جنازة، فقام لها، فلما ذهبنا لنحمل، إذا هي جنازة يهوديّ...» فذكر الحديث.
وللنسائي أيضا مثل رواية مسلم، ولم يذكر «يهودي».

8629 - (خ م س) عبد الرحمن بن أبي ليلى -رحمه الله- قال: «كان سهل بن حنيف، وقيس بن سعد قاعدين بالقادسّية، فمرّ عليهما بجنازة، فقاما، فقيل لهما: إنّها من أهل الأرض - أي من أهل الذّمّة - فقالا: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهوديّ، فقال: أليست نفسا؟». أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
8630 - (س) محمد بن سيرين -رحمه الله- قال: «إن جنازة مرّت بالحسن بن عليّ وابن عباس، فقام الحسن، ولم يقم ابن عباس، فقال الحسن: أليس قد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجنازة يهوديّ؟ قال: نعم، ثم جلس».
وفي أخرى مثله، ولم يذكر «يهودي».
وفي أخرى: «فقال: قام أحدهما، وقعد الآخر، ولم يسمّ القائم ولا القاعد».
وفي أخرى عن جعفر بن محمد عن أبيه -رحمهما الله- «أن الحسن بن علي-رضي الله عنهما-، كان جالسا، فمرّ عليه بجنازة، فقام الناس حتى جاوزت الجنازة. فقال الحسن: إنما مرّ بجنازة يهوديّ، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على طريقها جالسا، وكره أن تعلو رأسه جنازة يهودي، فقام» أخرجه النسائي.

8631 - (س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن جنازة مرّت برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقام، فقيل: إنها جنازة يهوديّ، فقال:إنما قمت للملائكة» أخرجه النسائي.
8632 - (م ط ت د س) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم للجنائز، ثم جلس بعد». أخرجه الموطأ وأبو داود.
وفي رواية مسلم قال: «رأيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قام فقمنا، وقعد فقعدنا، يعني في الجنازة».
وفي رواية الترمذي والنسائي: «أنه ذكر القيام في الجنائز حتى توضع، فقال علي -رضي الله عنه-: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قعد».
وفي أخرى للنسائي، قال: «رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فقمنا ورأيناه قعد فقعدنا».
وفي أخرى له عن أبي معمر قال:«كنّا عند عليّ، فمرّت به جنازة، فقاموا لها، فقال عليّ: ما هذا؟ قالوا: أمر أبي موسى، فقال: إنما قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجنازة يهودية، ولم يعد بعد ذلك».
وفي رواية ذكرها رزين عن محمد بن المنكدر قال: سمعت مسعود بن الحكم يحدّث عن عليّ - وقد قيل له: لم لم تقم للجنازة؟ قال: «رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام فقمنا، ثم قعد فقعدنا» يعني في الجنازة، وإنما قال ذلك، لأن نافع بن جبير رأى واقد بن عمرو قام حتى وضعت الجنازة.

الفصل الخامس: في الدفن
الفرع الأول: في دفن الشهداء
8633 - (ت د س) هشام بن عامر - رضي الله عنه - قال: «جاءت الأنصار إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، فقالت: أصابنا قرح وجهد، فكيف تأمرنا؟ قال: أوسعوا القبر، وأعمقوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر. قيل: فأيّهم يقدّم؟ قال: أكثرهم قرآنا» قال: «أصيب أبي يومئذ عامر بين اثنين، أو قال: واحد». أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي قال: «شكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجراحات يوم أحد، فقال: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدّموا أكثرهم قرآنا، فمات أبي، فقدّم بين يدي رجلين».
وفي رواية النسائي قال: «شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد، فقلنا: يارسول الله، الحفر علينا لكل إنسان شديد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- احفروا، وأعمقوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، قالوا: فمن نقدم يا رسول الله؟ قال: قدّموا أكثرهم قرآنا»، فكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد.
وفي أخرى له قال: «اشتد الجراح يوم أحد، فشكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: احفروا، وأوسعوا، وأحسنوا، وادفنوا».
وفي أخرى قال: لما كان يوم أحد، أصاب الناس جهد شديد، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: «احفروا...» وذكر الحديث إلى قوله: «أكثرهم قرآنا».

[شرح الغريب]
قرح: القرح: الجرح، والجهد، والمشقة.

8634 - (خ د ت س) جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-«أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيّهما أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدّمه في اللّحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصلّ عليهم، ولم يغسّلهم».
وفي أخرى قال:«إنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يجمع بين الرجلين والثلاثة من قتلى أحد، وقال: ادفنوهم في دمائهم، ولم يغسّلهم». أخرجه البخاري.
وأخرج الترمذي وأبو داود والنسائي الأولى، وليس عند أبي داود «ولم يصلّ عليهم».
وله في أخرى مثلها، ولم يذكر «في ثوب واحد» والثانية ذكرها رزين.

8635 - (خ د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:«لمّا حضر أحد دعاني أبي من الليل، فقال: ما أراني إلا مقتولا في أول من يقتل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإني لا أترك بعدي أعزّ عليّ منك، غير نفس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن عليّ دينا، فاقض، واستوص بأخواتك خيرا، فأصبحنا، فكان أول قتيل، فدفنت معه آخر في قبره، ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع آخر، فاستخرجته بعد ستة أشهر، فإذا هو كيوم وضعته، غير أذنه».
وفي رواية: «فجعلته في قبر على حدة». أخرجه البخاري.
وفي رواية أبي داود قال:«دفن مع أبي رجل، وكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد ستة أشهر، فما أنكرت منه شيئا إلا شعيرات كنّ في لحيته مما يلي الأرض».
وفي رواية النسائي قال: «دفن رجل مع أبي في القبر، فلم يطب قلبي حتى أخرجته، ودفنته على حدة».
وفي رواية ذكرها رزين قال: «جرف السيل على قبر أبي وآخر كان إلى جنبه، فأخرجناهما، فوجدناهما على هيئتهما يوم وضعناهما، ويد أبي قد وضعها على جرحه، فنحّيناها عن موضعها، وأرسلناها، فعادت كما كانت إلى موضعها، وكان بين يوم أحد ويوم جرف السيل على قبره: أربعون سنة».

[شرح الغريب]
على حدة: قعد فلان على حدة: إذا قعد منفردا.

8636 - (ط) عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة -رحمه الله- بلغه «أن عمرو بن الجموح، وعبد الله بن عمرو الأنصارييّن، ثم السّلميّين -رضي الله عنهما- دفنا يوم أحد معا، فجرف السيل قبرهما فحفر عنهما ليغيّرا من مكانهما، فوجدا كأنما ماتا بالأمس، وكان في أحدهما جرح قد وضع يده عليه، فأميطت يده عن جرحه، ثم أرسلت، فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة». أخرجه الموطأ.
8637 - (ت د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «لمّا كان يوم أحد جاءت عمّتي بأبي لتدفنه في مقابرنا، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ردّوا القتلى إلى مضاجعهم». أخرجه الترمذي.
وفي رواية أبي داود قال: «كنّا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم، فجاء منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم».
وفي رواية النسائي: «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتلى أحد أن يردّوا إلى مصارعهم، وكانوا نقلوا إلى المدينة».
وفي أخرى قال: «ادفنوا القتلى في مصارعهم».

8638 - (د) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «رمي رجل بسهم في صدره - أو في حلقه - فمات، فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه أبو داود.
8639 - (د) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بثيابهم ودمائهم». أخرجه أبو داود.
8640 - (س) عبد الله بن ثعلبة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «زمّلوهم بدمائهم، فإنه ليس يكلم أحد في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة جرحه يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك». أخرجه النسائي.
[شرح الغريب]
زملوه: زملته في ثوبه: إذا لففته فيه، وكذلك إذا تدثر به.

8641 - (س) عبد الله بن معية -رحمه الله- قال: «أصيب رجلان من المسلمين يوم الطائف، فحملا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر أن يدفنا حيث أصيبا، وكان ابن معيّة ولد على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-» أخرجه النسائي.
8642 - (د ت) محمد بن شهاب -رحمه الله- أن أنسا حدّثهم: «أن شهداء أحد لم يغسّلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصلّ عليهم».
وفي رواية قال أنس: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ على حمزة وقد مثّل به، فقال: لولا أن تجد صفيّة في نفسها لتركته حتى تأكله العافية ويحشر من بطونها، وقلّت الثياب، وكثرت القتلى، فكان الرجل والرجلان والثلاثة يكفّنون في الثوب الواحد».
زاد في رواية: «ثم يدفنون في قبر واحد، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل: أيّهم أكثر قرآنا؟ فيقدّمه إلى القبلة».
وفي أخرى قال: «مر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بحمزة وقد مثّل به، ولم يصلّ على أحد من الشهداء غيره». أخرجه أبو داود.
وفي رواية الترمذي: أن أنسا قال: «أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حمزة يوم أحد، فوقف عليه، فرآه قد مثّل به. قال: لولا أن تجد صفيّة في نفسها لتركته حتى تأكله العافية، حتى يحشر يوم القيامة من بطونها، قال: ثم دعا بنمرة فكفّنه فيها، فكانت إذا مدت على رجليه بدا رأسه، قال: فكثر القتلى وقلّت الثياب، فكفن الرجل والرجلان والثلاثة في الثوب الواحد، ثم يدفنون في قبر واحد، قال: فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأل عنهم: أيّهم أكثر قرآنا؟ فيقدّمه إلى القبلة، قال: فدفنهم، ولم يصلّ عليهم».

[شرح الغريب]
تجد: وجدت على الميت: إذا حزنت عليه وجزعت.
العافية: كل طالب رزق من سبع أو طائر أو دابة أو إنسان فهو عاف، وأكثر ما تطلق العافية على السباع والطير.

الفرع الثاني: في دفن الموتى، وهيئة القبور
تعجيل الدفن
8643 - (د) الحصين بن وحوح: «أن طلحة بن البراء لمّا مرض أتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقال: إني لا أراه إلا قد حدث به الموت، فآذنوني به، وعجّلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
ظهراني: جلست بين ظهراني القوم: إذا جلست فيما بينهم.

الدفن في الليل
8644 - (م د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- «خطب يوما، فذكر رجلا من أصحابه قبض، وكفّن في كفن غير طائل، وقبر ليلا، فزجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلّى عليه، إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال في خطبته: إذا كفّن أحدكم أخاه فليحسن كفنه». أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي

[شرح الغريب]
غير طائل: في كفن غير طائل، أي: في كفن حقير.

ادخال الميت القبر
8645 - (ت) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-:«أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل قبرا ليلا، فأسرج له بسراج، فأخذه من قبل القبلة معترضا وقال:رحمك الله، إن كنت لأواها، تلاّءا للقرآن، وكبر عليه أربعا».
أخرجه الترمذي، وقال: إنّما كان هذا من العذر، لأنه روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الأمر بأن يسلّ من قبل رجليه سلاّ».

[شرح الغريب]
لأوّاها: الأواه: كثير الدعاء، وقيل: هو رقيق القلب.

8646 - (د) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: «رأينا نارا بالبقيع، فأتينا، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القبر، وهو يقول: ناولوني الرجل، فناولوه من قبل رجلي القبر، فنظرت، فإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر».
وفي رواية قال: «رأى ناس نارا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في القبر، وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر».
أخرج أبو داود الثانية، والأولى ذكرها رزين.

8647 - (د) أبو إسحاق السبيعي -رحمه الله- قال: «أوصاني الحارث أن يصلّي عليه عبد الله بن يزيد [الخطمي]، فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: هذا من السنة». أخرجه أبو داود.
8648 - (ح) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:«شهدنا بنتا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تدفن، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم أحد لم يقارف الليلة؟ قال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها، فنزل في قبرها». أخرجه البخاري.
[شرح الغريب]
لم يقارف قوله: لم يقارف، أي: لم يذنب ذنبا، يجوز أن يريد به الجماع، فكنى عنه.

اللحد والشق
8649 - (د ت س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «اللحد لنا، والشّقّ لغيرنا». أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.
وقد تقدّم في الباب الأول ذكر اللّحد والشّقّ، فلم نعده.

تسوية القبور
8650 - (م د س) ثمامة بن شفي -رحمه الله- قال: «كنّا مع فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- بأرض الروم فتوفّي صاحب لنا، فأمر فضالة بقبره فسوّي، ثم قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر بتسويتها». أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.

8651 - (م د ت) أبو الهياج الأسدي -رحمه الله- قال: قال لي عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ اذهب، فلا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سوّيته».
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي.

تجصيصها وإعلامها
8652 - (م ت د س) جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «نهى أن يجصّص القبر، وأن يبنى عليه، وأن يقعد عليه».
وفي رواية زيادة «وأن يكتب عليه، وأن يوطأ».
وفي أخرى «نهى عن تجصيص القبور، وهو تقصيصها». أخرجه مسلم.
وأخرج النسائي الأولى والثالثة. وأخرج الترمذي الثانية.
وللنسائي: «نهى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن يبنى على القبر، أو يزاد عليه، أو يجصّص».
زاد في رواية «أو يكتب عليه».
وفي رواية أبي داود «أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يقعد على القبر، وأن يقصّص، وأن يبنى عليه». زاد في رواية: «أو يزاد عليه»، وزاد في الأخرى:«وأن يكتب عليه».

[شرح الغريب]
تقصيصها: العرب تسمي الجص قصة، وتقصيص القبر: بناؤه بالقصة، وهي الجص.

8653 - (د) المطلب بن عبد الله بن حنطب -رحمه الله- قال: «لما مات عثمان بن مظعون- وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين - فلما دفن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا أن يأتيه بحجر فيعلم قبره به، فأخذ حجرا ضعف عن حمله، فقام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحسر عن ذراعيه، ثم حمله فوضعه عند رأسه، وقال: أعلم به قبر أخي، وأدفن عنده من مات من أهلي».
وفي رواية أبي داود قال: «لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته، فدفن، فأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رجلا أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحسر عن ذراعيه - [قال كثير، وهو ابن زيد]، قال المطلب: قال الذي يخبرني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين حسر عنهما - ثم حمله، فوضعه عند رأسه...» وذكر الحديث.
الرواية الأولى ذكرها رزين.

8654 - (خ) خارجة بن زيد قال: «رأيتني - ونحن شبان في زمن عثمان - وإن أشدّنا وثبة: الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
نقل الميت
8655 - (ت) [عبد الله] بن أبي مليكة - رضي الله عنه - قال: «لما توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي - وهو موضع - فحمل إلى مكة، فدفن بها، فلما قدمت عائشة، أتت قبر عبد الرحمن بن أبي بكر، فقالت:
وكنّا كندماني جذيمة حقبة من الدّهر، حتى قيل: لن يتصدّعا
فلما تفرّقنا كأنّي ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ثم قالت: واللّه لو حضرتك ما دفنت إلا حيث متّ، ولو شهدتك مازرتك».
أخرجه الترمذي.

8656 - (ط) مالك بن أنس -رحمه الله- عن غير واحد ممن يثق به «أن سعد بن أبي وقّاص، وسعيد [بن زيد] بن عمرو بن نفيل: توفّيا بالعقيق، وحملا إلى المدينة، ودفنا بها» أخرجه الموطأ.
الدعاء عند الدفن
8657 - (د ت) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كان إذا أدخل الميت القبر قال: - وقال مرة: إذا وضع الميّت في لحده -قال مرة: بسم الله، وباللّه، وعلى ملّة رسول الله، وقال مرة: بسم الله، وباللّه، وعلى سنّة رسول الله» أخرجه الترمذي.
وعند أبي داود «باسم الله وعلى سنّة رسول الله».

8658 - (د) عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» أخرجه أبو داود.
8659 - علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان يقول بعد ما يفرغ من دفن الميت: «اللّهم هذا عبدك، نزل بك، وأنت خير منزول به، فاغفر له، ووسّع مدخله» أخرجه...
أحاديث مفردة
8660 - (خ) بريدة - رضي الله عنه - «أوصى أن يجعل في قبره جريدتان» أخرجه البخاري في ترجمة باب.

8661 - (خ) عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- أنّ عائشة قالت لعبد الله بن الزبير: «ادفنّي مع صواحبي، ولا تدفني مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البيت، فإني أكره أن أزكّى به» أخرجه البخاري.
وفي رواية قال: سمعت عائشة توصي عبد الله بن الزبير تقول: «لا تدفنّي معهم في الحجرة، ادفنّي مع صواحبي بالبقيع، لا أزكّى بهم أبدا».

8662 - (خ) عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- أنّ عمر أرسل إلى عائشة: «ائذني [لي] أن أدفن مع صاحبيّ، فقالت: إي واللّه، قال: وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة، قالت: لا واللّه، لا أوثرهم بأحد أبدا» أخرجه البخاري.
الفصل السادس: في زيارة القبور
الفرع الأول: في النهي عنها
8663 - (د ت س) عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسّرج» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.

8664 - (ت) أبو هريرة - رضي الله عنه - «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن زوّارات القبور» أخرجه الترمذي.
8665 - (د س) عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: «قبرنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميّتا، فلما فرغنا انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وانصرفنا معه، فلما حاذى رسول الله بابه وقف، فإذا نحن بامرأة مقبلة - قال: أظنّه عرفها - فلما ذهبت، فإذا هي فاطمة، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أخرجك، يا فاطمة من بيتك؟ قالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت، فرحّمت إليهم ميّتهم - أو عزّيتهم به - فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لعلّك بلغت معهم الكدى؟ فقالت: معاذ الله، وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، قال: لو بلغت معهم الكدى - فذكر تشديدا في ذلك - قال: فسألت ربيعة بن سيف عن الكدى؟ فقال: القبور، فيما أحسب».
أخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي بنحوه، وقال في آخره «فقال: لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جدّ أبيك».

[شرح الغريب]
الكدى: الكدى جمع كدية، وهي الأرض الصلبة، وسمي به المقابر؛ لأن مقابرهم كانت في مواضع صلبة من الأرض.

الفرع الثاني: في جواز ذلك
8666 - (م د ت س) بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمّه، فزوروها، فإنّها تذكّركم الآخرة» هذه رواية الترمذي.
وفي رواية مسلم وأبي داود والنسائي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلّها،، ولا تشربوا مسكرا».
وللنسائي في رواية ذكر المعنيين دون «زيارة القبور».

8667 - (م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «استأذنت ربي أن استغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذننه أن أزور قبرها، فأذن لي» أخرجه مسلم.
وفي رواية أبي داود والنسائي قال: «أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبر أمّه، فبكى، وأبكى من حوله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: استأذنت ربّي عز وجل أن استغفر لها، فلم يأذن لي، فاستأذنته أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور».
وزاد رزين في رواية «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتي قبر أمه بالأبواد في ألف مقنع، فبكى،وأبكى من حوله...» الحديث.

[شرح الغريب]
مقنع: رجل مقنع، إذا كان غائصا في السلاح.

8668 - أم عطية رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ولا تقولوا فحشا» أخرجه.
[شرح الغريب]
فحشا: الفحش: الرديء من القول.

8669 - (د) طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: «خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نريد قبور الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حرّة واقم، فلما تدلّينا منها، فإذا قبور بمحنية، فقلنا: يا رسول الله، أقبور إخواننا هذه:؟ قال: هذه قبور أصحابنا، فلما جئنا قبور الشهداء، قال: هذه قبور إخواننا» أخرجه أبو داود.
الفرع الثالث: فيما يقوله زائر القبور
8670 - (م ط س) محمد بن قيس بن مخرمة قال يوما: ألا أحدّثكم عنّي وعن أمّي؟ فظننا أنّه يريد أمّه التي ولدته، قال: قالت عائشة أمّ المؤمنين: «ألا أحدّثكم عني وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قلنا: بلى قال: قالت: لمّا كانت ليلتي التي [كان] النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظنّ أني قد رقدت، فأخذ رداءه رويدا، وانتعل رويدا، وفتح الباب رويدا، فخرج، ثم أجافه رويدا، وجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنّعت إزاري، ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه - ثلاث مرات - ثم انحرف فانحرفت، فأسرع، فأسرعت، فهرول، فهرولت، فأحضر، فأحضرت، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت، فدخل فقال: مالك يا عائشة؟ حشيا رابية، قالت: قلت: لا شيء، قال: لتخبريني أو ليخبرنّي اللطيف الخبير، قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، فقال: فأنت السّواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، فلهزني في صدري لهزة أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قلت: مهما يكتم الناس يعلمه الله، نعم، قال: فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت، فناداني، فأخفاه منك، فأجبته، فأخفيته منك، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، فظننت أن قد رقدت، وكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فقال: إنّ ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع، فتستغفر لهم، قالت: قلت: فكيف أقول يارسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنّا إن شاء الله [بكم] للاحقون» أخرجه مسلم والنسائي.
وفي رواية الموطأ مختصرا، قالت: «قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، فلبس ثيابه، ثم خرج، فأمرت جاريتي بريرة تتبعه، فتبعته حتى جاء البقيع، فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف، ثم انصرف فسبقته، فأخبرتني، فلم أذكر له شيئا حتى أصبح، ثم ذكرت ذلك له، فقال: إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلّي عليهم».
وأخرج النسائي رواية الموطأ.
ولمسلم والنسائي أيضا قالت: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلّما كان ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع، ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجّلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد».
هذه الرواية الآخرة: قد أفردها الحميديّ عن الأولى، وجعلها حديثين، وهما حديث واحد، إلا أن الأولى فيها زيادة بسط، وإن كان قد اجتمعا في معنى زيارة البقيع.
وعند النسائي فيها «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا وإياكم متواعدون غدا ومواكلون».

[شرح الغريب]
ريثا: الريث: الإبطاء، والمراد: مقدار ما مشى.
رويدا: رويدا: إذا مشى على مهل.
أجافه: أجفت الباب: إذا أغلقته.
فأحضر: أحضر يحضر: إذا غدا، والحضر: العدو.
حشيا رابية: الحشا: الربو، وهو ما يعرض للمسرع في مشيه، والمحتد في كلامه، من ارتفاع النفس وتواتره، يقال: رجل حشيان، وحش، وامرأة حشيا وحشية، والرابية: اسم فاعل من الربو وهو ارتفاع النفس.
فلهزني: اللهز: الدفع في الصدر بجميع الكف.

8671 - (ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- قال: «مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقبور أهل المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: السلام عليكم يا أهل القبور، ويغفر الله لنا ولكم، أنتم لناسلف،ونحن بالأثر». أخرجه الترمذي
8672 - (د) أبو هريرة رضي الله عنه -: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج إلى المقبرة، فقال: السلاك عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».أخرجه أبو داود.
8673 - (م س) بريدة - رضي الله عنه -: قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلّمهم - إذا خرجوا إلى المقابر - أن يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية». أخرجه مسلم والنسائي.
الفرع الرابع: في الجلوس على القبور والمشي عليها
8674 - (م د س) أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر». أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.

8675 - (م د ت س) أبو مرثد الغنوي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلّوا إليها».
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

8676 - (س) عمرو بن حزم - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقعدوا على القبور». أخرجه النسائي.
8677 - (د س) بشير [بن معبد] مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [وهو بشير بن الخصاصية] -رضي الله عنه - كان اسمه في الجاهلية زحم بن معبد، فهاجر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «ما اسمك؟ قال زحم، فقال: بل أنت بشير» قال: بينا أنا أماشي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ بقبور المشركين، قال: لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا -ثلاثا- ثم مر بقبور المسلمين.فقال: لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا قال: ثم حانت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نظرة، فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال له: يا صاحب السّبتيّتين، ويحك ألق سبتيّتيك، فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلعهما، فرمى بهما. أخرجه أبو داود.
وفي رواية النسائي قال: «كنت أمشي مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فمرّ على قبور المسلمين، فقال: لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا، ثم مرّ على قبور المشركين، فقال: لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا، فحانت منه التفاتة، فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه، فقال: يا صاحب السّبتيّتين ألقهما».

[شرح الغريب]
السبتيتين: السّبت: جلود مدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال، والمراد: اخلع نعليك.

8678 - (ط) علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - «كان يتوسّد القبور ويضطجع عليها»، أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
يتوسد: التوسد: اتخاذ الوسادة، وهي المخدة.

8679 - (خ) نافع مولى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال «كان ابن عمر يجلس على القبور». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
8680 - (خ) عثمان بن حكيم -رحمه الله- قال: «أخذ خارجة بن زيد - رضي الله عنه - بيدي، فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت أنه قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليها». أخرجه البخاري في ترجمة باب.
الفصل السابع: في أحاديث متفرقة
8681 - (ت) أبو برزة الأسلمي - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من عزّى ثكلى كسي بردا في الجنة». أخرجه الترمذي.

[شرح الغريب]
ثكلى: امرأة ثكلى: فقدت ولدها ومن يعز عليها.

8682 - (ت) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من عزّى مصابا فله مثل أجره». أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
مصابا: المصاب: الذي عرضت له المصيبة.

8683 - (د ت) عبد الله بن جعفر - رضي الله عنه - قال: «لمّا جاء نعي جعفر قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: اصنعوا لأهل جعفر طعاما، فإنه قد جاءهم ما يشغلهم». أخرجه أبو داود والترمذي.
8684 - (د) عبد الرزاق -رحمه الله- قال: «كانوا في الجاهلية يعقرون عند القبر بقرة، أو ناقة، أو شاة، وكانوا يسمّون العقيرة: البليّةّ، فلما جاء الإسلام قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا عقر في الإسلام».
وفي رواية عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا عقر في الإسلام».
قال عبد الرزاق: «كانوا يعقدون عند القبر». - يعني بقرة أو شاة.
أخرج أبو داود الرواية الثانية، والأولى ذكرها رزين.

[شرح الغريب]
يعقر: العقر: ضرب قوائم الفرس أو البعير بالسيف وهو قائم فيسقط، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية عند قبر الميت، ويقولون: إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف، فنحن نفعل كذلك في موته كما كان يفعله في حياته، فنهى عنه الشرع.
البلية: البلية: هي الناقة التي كانت تعقل في الجاهلية عند قبر صاحبها فلا تعلف ولا تسقى إلى أن تموت، أو يحفرون لها حفيرة وويتركونها فيها إلى أن تموت، لأنهم كانوا يزعمون أن الناس يحشرون يوم القيامة ركبانا على البلايا إذا عقلت مطاياهم عند قبورهم، هذا عند من كان يقر منهم بالبعث.

8685 - (ت) عائشة - رضي الله عنها- قالت: «إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما دعي إلى جنازة عثمان بن مظعون قبّله». أخرجه الترمذي.
8686 - (ط) أبو النضر مولى عمر بن عبيد الله قال:«قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما مات عثمان بن مظعون، ومرّ بجنازته، ذهبت، ولم تلبس منها بشيء».أخرجه الموطأ.
8687 - (ط د) عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: «كسر عظم المسلم ميتا ككسره وهو حيّ» تعني في الإثم. أخرجه الموطأ.
وفي رواية أبي داود «كسر عظم الميّت ككسره حيّا».

8688 - (خ م ط س) أبو قتادة - رضي الله عنه - «أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرّ عليه بجنازة، فقال: مستريح، أو مستراح منه، فقالوا: يا رسول الله ما المستريح، وما المستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر: يستريح منه العباد والبلاد، والشجر والدواب».
أخرجه البخاري ومسلم والموطأ والنسائي.
وزاد الموطأ - بعد قوله: «الدنيا» - «وأذاها إلى رحمة الله».
وزاد النسائي «وأذاها» لا غير.

8689 - (س) عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: «مات رجل بالمدينة ممن ولد بها، فصلّى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: ياليته مات بغير مولده، قالوا: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس بين مولده إلى منقطع أثره في الجنة». أخرجه النسائي.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir