دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > جامع الأصول من أحاديث الرسول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 جمادى الأولى 1431هـ/6-05-2010م, 01:34 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي كتاب في اللعان ولحاق الولد

الكتاب الثالث: في اللعان ولحاق الولد
الفصل الأول: في اللعان وأحكامه
8381 - (خ م ط د س) محمد بن شهاب الزهري - رحمه الله -: أن سهل ابن سعد الساعدي أخبره: «أن عويمرا العجلانيّ جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاريّ، فقال له: أرأيت يا عاصم، لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فسل لي عن ذلك يا عاصم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأل عاصم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسائل التي سألته عنها، فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسط الناس، فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله، فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قد نزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فائت بها، قال سهل: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول -صلى الله عليه وسلم-، فلما فرغا قال عويمر: كذبت والله عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلّقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال ابن شهاب: فكانت سنّة المتلاعنين».
وفي رواية نحوه، وأدرج فيه قوله: «فكان فراقه إياها بعد سنّة في المتلاعنين» ولم يقل: إنه من قول الزهري، وزاد فيها: قال سهل: «وكانت حاملا، فكان ابنها ينسب إلى أمه، ثم جرت السنة: أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها».
وفي أخرى نحوه قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد، وقال بعد قوله: فطلّقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ذاكم التفريق بين كل ملاعنين».
وفي أخرى: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن جاءت به أحمر قصيرا، كأنه وحرة، فلا أراها إلا قد صدقت وكذب عليها، وإن جاءت به أسود أعين، ذا أليتين، فلا أراه إلا صدق عليها، فجاءت به على المكروه من ذلك».
وفي أخرى: أن سهل بن سعد قال: «شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة، فرق بينهما» أخرجه البخاري ومسلم.
وأخرج الموطأ، وأبو داود والنسائي الرواية الأولى إلى قوله: «فكانت تلك سنّة المتلاعنين».
وأخرجها النسائي أيضا إلى قوله: «قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وفي رواية لأبي داود عن سهل بن سعد: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لعاصم بن عدي: «أمسك المرأة عندك حتى تلد».
وله في أخرى قال: «حضرت لعانهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة...» وساق الحديث، قال فيه: «ثم خرجت حاملا، فكان الولد يدعى إلى أمه».
وأخرج أيضا الزيادة التي أخرجها البخاري ومسلم في آخر الحديث. وهذا لفظه، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنظروها، فإن جاءت به أدعج العينين، عظيم الأليتين، فلا أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة، فلا أراه إلا كاذبا، قال: فجاءت به على النعت المكروه» وزاد في رواية «فكان الولد يدعى لأمه».
وزاد في أخرى قال: «فطلّقها ثلاث تطليقات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ما صنع عند النبي صلى الله عليه وسلم سنّة، قال سهل: حضرت هذا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمضت السّنّة بعد في المتلاعنين: أن يفرّق بينهما، ثم لا يجتمعان أبدا».
وزاد في أخرى: «ثم جرت السّنّة في الميراث: أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها».

[شرح الغريب]
الوحرة بفتح الحاء: دويبة كالعضاه تلصق بالأرض، وأراد بها في هذا الحديث: المبالغة في قصره.
رجل أعين: إذا كان واسع العين.
أدعج، الأدعج العين: الشديد سواد العين مع سعتها، ورجل أدعج: أسود.

8382 - (خ م س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عاصم بن عديّ في ذلك قولا، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلا، فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرّا، قليل اللحم، سبط الشعر، وكان الذي ادّعي إليه أنه وجده عند أهله: خدلا، آدم، كثير اللحم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم بيّن، فوضعت شبيها بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما، فقال رجل لابن عباس في المجلس: أهي التي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه؟ فقال ابن عباس: لا، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء».
وفي رواية قال: «ذكر ابن عباس المتلاعنين، فقال عبد الله بن شداد: هي التي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها: لو كنت راجما بغير بينة لرجمتها؟ فقال: لا، تلك امرأة أعلنت».
أخرجه البخاري ومسلم، وأخرجه النسائي، وزاد بعد قوله «كثير اللحم». «جعدا قططا».

[شرح الغريب]
رجل آدم: شديد السمرة.
سبط، السبط من الرجال: هو التام الخلق.
والجعد منهم: هو القصير.
الخدل: الغليظ من الرجال.
الإعلان: إظهار الأمر، والمراد به: أنها أعلنت الفاحشة وأظهرتها.
شعر قطط: شديد الجعودة.

8383 - (م د) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إنا ليلة جمعة في المسجد، إذا رجل من الأنصار، فقال: لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا منكم: جلدتموه، أو قتل: قتلتموه، وإن سكت: سكت على غيظ، والله لأسألنّ عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله، فقال: لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فتكلّم: جلدتموه، أو قتل: قتلتموه، أو سكت: سكت على غيظ، فقال: «اللهم افتح، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: {والّذين يرمون أزواجهم ولم يكنّ لهم شهداء إلا أنفسهم...} هذه الآيات [النور: 6 - 9] فابتلي به ذلك الرجل من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتلاعنا، فشهد الرجل أربع شهادات بالله، إنه لمن الصادقين، ثم لعن الخامسة أنّ لعنّة الله عليه إن كان من الكاذبين، فذهبت لتلعن، فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم: مهّ، فأبت، فلعنت، فلما أدبرا قال: لعلها أن تجيء به أسود جعدا، فجاءت به أسودا جعدا» أخرجه مسلم وأبو داود.
[شرح الغريب]
اللهم افتح أي: احكم، والفتاح: الحاكم.

8384 - (م س) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء - وكان أخا البراء بن مالك لأمه - فكان أول رجل لاعن في الإسلام، فلاعنها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبصروها، فإن جاءت به أبيض سبطا قضيء العينين، فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعدا، حمش الساقين فهو لشريك بن سحّماء، فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعدا، حمش الساقين» أخرجه مسلم والنسائي.
وللنسائي قال: «إن أول لعان كان في الإسلام أن هلال بن أمية قذف شريك بن سحماء بامرأته، فأتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: أربعة شهداء، وإلا حد في ظهرك، فردد عليه ذلك مرارا، فقال له هلال: والله يا رسول الله يعلم إني لصادق ولينزلن الله عليك ما يبرئ به ظهري من الحدّ، فبينما هم كذلك إذ نزلت عليه آية اللعان: {والذين يرمون أزواجهم...} إلى آخر الآية: فدعا هلالا، فشهد أربع شهادات بالله: إنه لمن الصادقين، والخامسة: أنّ لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قامت، فشهدت [أربع شهادات: إنه لمن الكاذبين]، فلما كانت في الرابعة - أو الخامسة - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قفوها، فإنها موجبة، فتلكأت، حتى ما شككنا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر الأيام، فمضت على اليمين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنظروها، فإن جاءت به أبيض سبطا قضيء العينين، فهو لهلال بين أمية، وإن جاءت به آدم جعدا ربعا، حمش الساقين، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به آدم جعدا ربعا، حمش الساقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا ما سبق فيها من كتاب الله لكان لي ولها شأن».

[شرح الغريب]
رجل أكحل: منابت أجفانه سود، كأن فيها كحلا، وهو خلقة.
رجل حمش الساقين: أي: دقيقهما، والحموشة: الدقة.
موجبة: أي أنها توجب الأمر المتنازع فيه وتفصله.
فتلكأت، تلكأت، أي: تباطأت وتوقفت عن اليمين.
قضيء العين: رجل قضيء العين، بالقاف، والضاد المعجمة مهموزا: فاسد العين.

8385 - (خ د ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «جاء هلال ابن أمية - وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم - من أرضه عشاء، فوجد عند أهله رجلا، فرأى بعينيه، وسمع بأذنيه، فلم يهجه حتى أصبح، ثم غدا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندهم رجلا، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما جاء به، واشتد عليه، فنزلت: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين} - إلى قوله - {والخامسة أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [النور: 6 - 9] فسرّي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبشر يا هلال، قد جعل الله لك فرجا ومخرجا، قال هلال قد كنت أرجو ذلك من ربي تعالى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرسلوا إليها فجاءت، فتلاها عليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، وقال هلال: والله لقد صدقت عليها، فقالت: كذب، فقال لاعنوا بينهما، [فقيل لهلال: اشهد] فشهد هلال أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة، قيل له: يا هلال اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذّبني الله عليها، كما لم يجلّدني عليها، فشهد الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها: اشهدي، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل لها: اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهّون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكّأت ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا ترمى، ولا يرمى ولدها، ومنّ رماها أو رمي ولدها، فعليه الحد، وقضى أن لا بيت عليه لها، ولا قوت، من أجل أنهما يتفرّقان من غير طلاق، ولا متوفّى عنها، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن جاءت به أصيهب، أريصح، أثيبج، ناتئ الأليتين حمش الساقين، فهو لهلال، وإن جاءت، به أورق جعدا جماليا، خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فهو للذي رميت به، فجاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لولا أيمان لكان لي ولها شأن، وقال عكرمة: فكان ولدها بعد ذلك أميرا على مصر، وما يدعى لأب».
وفي رواية: «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بشريك بن سحّماء، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: البيّنة، أو حد في ظهرك: يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة؟ فجعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: البينة، وإلا فحد في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلنّ الله في أمري ما يبرّئ ظهري من الحدّ. فنزلت: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} فقرأ حتى بلغ {من الصادقين} فانصرف النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل إليهما، فجاءا، فقام هلال بن أمية، فشهد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنّ الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ ثم قامت، فشهدت، فلما كانت عند الخامسة {أنّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين} قالوا لها: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكّأت ونكصت، حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لولا ما مضى من كتاب الله، لكان لي ولها شأن» أخرجه أبو داود.
وأخرج البخاري والترمذي الرواية الثانية.

[شرح الغريب]
فلم يهجه، لم يهجه: أي لم يزعجه، ولم ينفره لئلا يهرب.
أصيهب: تصغير الأصهب، وهو الأشقر، والأصهب من الإبل: هو الذي يخالط بياضه حمرة.
أريصح، الأريصح: بالصاد والحاء المهملتين تصغير الأرصح، وهو الخفيف لحم الأليتين والفخذين، وهو في الأصل بالسين، فأبدلت -صادا، وربما كان -تصغير الأوصع: وهو بمعناه، هكذا قال الخطابي، وهذا من عجيب الإبدال، فإن الأصل في الكلمة: إنما هو الأرسح بالسين والحاء، والأرصح لغة في الأرسح فيكون على هذا التقدير: قد أبدلت السين صادا، والعين حاء.
أثيبج، الأثيبج: تصغير الأثبج، وهو الناتئ الثبج، وهو مابين الكتفين، وإنما جاء بهذه الألفاظ مصغرة، لكونها صفة لمولود.
أورق، الورقة في الألوان: السمرة.
جماليا: الجمالي: العظيم الخلقة، كأنه الجمل في القد.
خدلج: الخدلج: الضخم.
نكصت، النكوص: الرجوع إلى خلف.

8386 - (خ م ط ت د س) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: قال سعيد بن جبير: «سئلت عن المتلاعنين في إمرة مصعب بن الزبير: أيفرّق بينهما؟ قال: فما درّيت ما أقول: فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة، فقلت للغلام: استأذن لي، قال: إنه قائل، فسمع صوتي، فقال: ابن جبير؟ قلت: نعم، قال: ادخل، فول الله ماجاء بك هذه الساعة إلا حاجة، فدخلت، فإذا هو مفترش برذعة له، متوسّد وسادة حشّوها ليف، قلت: أبا عبد الرحمن، المتلاعنان أيفرّق بينهما؟ قال: سبحان الله ! نعم إن أول من سأل عن ذلك: فلان بن فلان، قال: يا رسول الله، أرأيت أنّ لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة، كيف يصنع؟ إن تكلّم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، قال: فسكت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور {والذين يرمون أزواجهم} فتلاهن عليه، ووعظه وذكّره وأخبره: أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال: لا، والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها، ثم دعاها فوعظها، وذكّرها، وأخبرها: أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، قالت: لا، والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، فبدأ بالرجل، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنّى بالمرأة، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، والخامسة: أن غضب الله عليه إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما».
وفي رواية عن سعيد عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للمتلاعنين: «حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها، قال: يا رسول الله ما لي؟ قال: لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها».
وفي أخرى عنه عن ابن عمر قال: فرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أخوي بني العجلان، وقال: «الله يعلم أنّ أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟».
وفي أخرى: قال سعيد بن جبير: «لم يفرّق المصعب بين المتلاعنين، قال سعيد: فذكر ذلك لعبد الله بن عمر، فقال: فرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أخوي بني العجلان».
وفي أخرى عنهقال: قلت لابن عمر: رجل قذف امرأته؟ فقال: «فرق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بين أخوي بني العجلان، وقال: الله يعلم أنّ أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ - ثلاثا - فأبيا، ففرّق بينهما».
وفي رواية نافع عن ابن عمر: «أنّ رجلا رمى امرأته، وانتفى منّ ولدها في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلاعنا كما قال الله عز وجل، ثم قضى بالولد للمرأة، وفرّق بين المتلاعنين».
وفي رواية قال: «لاعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين رجل من الأنصار وامرأته، وفرّق بينهما».
وفي أخرى: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لاعن بين رجل وامرأته، وانتفى من ولدها، ففرّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينهما، وألحق الولد بأمّه».
أخرجه البخاري ومسلم، إلا أنّ الرواية الأولى لفظ مسلم، وهي أتم والسادسة لفظ البخاري، وهي أتمّ.
وأخرج الترمذي والنسائي الأولى، إلا أن النسائي أسقط منها من قوله: «فقلت للغلام: استأذن - إلى قوله - حشوها ليف -».
وأخرج الموطأ والترمذي وأبو داود والنسائي أيضا الرواية الآخرة.
وأخرج أبو داود أيضا والنسائي الرواية الثانية.
وأخرج النسائي أيضا الرابعة.
وله في أخرى مثل الثانية، وزاد فيها من طريق أخرى قال: «قال الرجل: مالي؟ قال: لا مال لك، إن كنت صادقا فقد دخلت بها، وإن كنت كاذبا، فهو أبعد لك».

[شرح الغريب]
قائل، القائل: الذي قد سكن عند القائلة، وهي شدة الحر.

8387 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: «لاعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين العجلانّى وامرأته، وكانت حبلى» أخرجه النسائي.
8388 - (س) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «إن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أمر رجلا - حين أمر المتلاعنين أن يتلاعنا - أن يضع يده عند الخامسة على فيه، وقال: إنها موجبة» أخرجه النسائي.
الفصل الثاني: في لحاق الولد، ودعوى النسب والقافة
[الفرع] الأول: في الولد للفراش
8389 - (خ م ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وللبخاري: «الولد لصاحب الفراش» لم يزد.

[شرح الغريب]
وللعاهر الحجر، العاهر: الزاني، والمعاهرة: الزنا، والمعنى: أن الزاني له الحجر، يرجم به إن كان محصنا، وقيل: معناه: له الخيبة، أي: إنه قد خاب من لحوق الولد به، ومن العفة، وذكر الحجر استعارة، أي: لا منفعة له فيه، وقال الخطابي: كثير من الناس يعتقدون أن الحجر عبارة عن الرجم، وليس كذلك، فإن ليس كل زان يرجم، ومال إلى القول الثاني وزاده بيانا، قال: إذا آيست الرجل من الشيء، قلت: مالك غير التراب، وما في يدك منه غير الحجر، ونحو ذلك من الكلام، قال: وهذا نحو ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا جاءك صاحب الكلب يطلب ثمنه فاملأ كفه ترابا» يريد أن الكلب لا ثمن له، فضرب له المثل بالتراب الذي لا قيمة له.

8390 - (س) عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» أخرجه النسائي.
8391 - (خ م ط د س) عائشة - رضي الله عنها - قالت: «إن عتبة - هو ابن أبي وقاص - عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص: أنّ ابن وليدة زمعة منّي، فاقبضه إليك، فلما كان عام الفتح: أخذه سعد، فقال: ابن أخي، عهد إليّ فيه، فقال عبد بن زمعة: أخي، وابن وليدة أبي ولد على فراشه، فتساوقا إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال سعد: يا رسول الله، ابن أخي، قد كان عهد إليّ فيه: أنّه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه».
وفي رواية: «فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شبهه، فرأى شبها بيّنا بعتبة، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ثم قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقي الله عز وجل، وكانت سودة زوج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-».
وفي رواية: «عهد عتبة إلى أخيه سعيد: أن يقبض ابن وليدة زمعة، قال عتبة: إنّه ابني، فاختصم سعد وعبد بن زمعة - في الفتح - إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ابن وليدة زمعة، فإذا أشبه الناس بعتبة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هو لك، هو أخوك يا عبد بن زمعة، منّ أجل أنه ولد على فراش أبيه، وقال: احتجبي منه يا سودة، لما رأى من شبه عتبة، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الولد للفراش، وللعاهر الحجر».
أخرجه البخاري، ومسلم والموطأ.
وفي رواية أبي داود والنسائي قال: «اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ابن أمة زمعة، فقال سعد: أوصاني أخي عتبة: إذا قدمت مكة انظر إلى ابن أمة زمعة، فاقبضه، فإنه ابنه، قال عبد بن زمعة: أخي، ابن أمة أبي، ولد على فراش أبي، فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شبها بيّنا بعتبة، فقال: الولد للفراش، واحتجبي منه ياسودة».
زاد في رواية: وقال: «هو أخوك يا عبد».

[شرح الغريب]
وليدة زمعة: كان للجاهلية إماء يضربون عليهن ضرائب ويزنين، وهن البغايا اللاتي يكتسبن بالزنا، وكانوا يلحقون النسب بالزناة إذا ادعوا الولد، وكان لزمعة بن قيس أمة، وكان يطؤها، وكان له عليها ضريبة، فظهر بها حمل، وكان يظن أنه من عتبة بن أبي وقاص، فإنه كان زنى بها، وهلك عتبة كافرا، ولم يسلم، فعهد إلى سعد أخيه أن يستلحق الحمل الذي بأمة زمعة، وكان لزمعة ابن يقال له: عبد، فخاصم سعدا في الغلام الذي ولدته أمة زمعة، فقال سعد: هو ابن أخي عتبة، على ما كان الأمر عليه في الجاهلية، وقال عبد: هو أخي، ولد على فراش أبي ومن أمته، على ما استقر عليه حكم الإسلام، فقضى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد، وأبطل حكم الجاهلية، وإنما قال لسودة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-: «احتجبي منه» على سبيل الاستحباب والتنزيه، لما رأى من شبهه بعتبة، وأنه ربما كان مخلوقا من مائه، وإنما حكم الإسلام وإيجاب الولد للفراش: منع من إلحاقه بعتبة، والله أعلم.

8392 - (س) عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -: قال: «كانت لزمعة جارية يطؤها، وكان يظنّ بآخر أنّه يقع عليها، فجاءت بولد شبه الذي كان يظن به، فمات زمعة وهي حبلى، فذكرت ذلك سودة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة، فليس لك بأخ» أخرجه النسائي.
8393 - أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ابن وليدة زمعة: «هو لك يا عبد بن زمعة، واحتجبي منه يا سودة، فما رآها حتى لقي الله عزوجل» أخرجه...
8394 - (ط) سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية: «أن امرأة هلك عنها زوجها، فاعتدّت أربعة أشهر وعشرا، ثم تزوجت حين حلّت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصفا، ثم ولدت ولدا تامّا، فجاء زوجها إلى عمر رضي الله عنه، فذكر ذلك له فدعا عمر نسوة قدماء لحقن الجاهلية، فسألهنّ عن ذلك؟ فقالت امرأة منهم: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت، فأهريقت عليه الدماء، فحشّ ولدها في بطنها، فلمّا أصابها زوجها الذي نكحت، أصاب الولد الماء فتحرّك في بطنها وكبر، فصدّقهنّ عمر، وفرّق بينهما، وقال: أما إنّه لم يبلغني عنكما إلا خير وألحق الولد بالأول» أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
فحش ولدها: حش الولد في بطن أمه: إذا يبس، وأحشت المرأة فهي محش: إذا صار ولدها كذلك، واللفظة: بالحاء المهملة والشين المعجمة.

8395 - (د) الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب، عن رباح: قال: «زوّجني أهلي أمة لهم روميّة، فدخلت بها، فولدت غلاما أسود مثلي، فسمته: عبد الله، ثم وقعت عليها، فولدت لي غلاما أسود مثلي فسميته عبيد الله، ثم طبن لها غلام من أهلي رومي، يقال له: يوحنّة، فراطنها بلسانه، فولدت غلاما، كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها: ما هذا؟ قالت: هذا ليوحنّة، فرفعنا إلى عثمان بن عفان، فسألهما، فاعترفا، فقال لهما: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى: أنّ الولد للفراش، فجلدها وجلده، وكانا مملوكين» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
طبن لها، الطبانة: الفطنة والحذق وشدة الهجوم على بواطن الأشياء وطبن لها، أي: خيبها وأفسدها.
فراطنها، الرطانة: بالفتح والكسر، الكلام بغير اللسان العربي، أي لسان كان، رطنها، وراطنها، ورطن لها.
ورزغة: الوزغة: سام أبرص، وهو أبيض.

8396 - (خ م د ت س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رجلا أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: «يا رسول الله، ولد لي غلام أسود، وهو يعرّض بأن ينفيه، فلم يرخصّ له في الانتفاء منه، فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم، قال: أنّى ذلك؟ قال: لعلّه نزعه عرق، قال: فلعلّ ابنك نزعه عرق» أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
وفي رواية أبي داود قال: «جاء رجل من بني فزارة»... الحديث.

[شرح الغريب]
نزعه: نزعه إلى هذا الأمر، أي: جذبه إليه.

8397 - (د) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - قال: قام رجل، فقال: «يا رسول الله، إن فلانا ابني عاهرت بأمّه في الجاهلية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر» أخرجه أبو داود.
[الفرع] الثاني: في القافة
8398 - (خ م د ت س) عائشة - رضي الله عنها -: قالت: «إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل عليّ مسرورا، تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تري أنّ مجزّزا المدلجيّ؟ نظر آنفا إلى زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد، فقال: إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض».
وفي رواية: «ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة، ورأى أقدامهما: إن بعض هذه الأقدام لمنّ بعض».
وفي أخرى قال: إن عائشة قالت: «دخل قائف والنبي -صلى الله عليه وسلم- شاهد، وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسرّ بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأعجبه، وأخبر به عائشة».
وفي أخرى: «ألمّ تري أن مجززا المدلجيّ دخل عليّ، فرأى أسامة وزيدا، وعليهما قطيفة، قد غطّيا رؤوسهما، وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض؟» وفي رواية: «وكان مجزّز قائفا».
أخرجه الجماعة إلا الموطأ.
وقال أبو داود: قال أحمد بن صالح: «كان أسامة بن زيد أسود شديد السواد، مثل القار، وكان زيد أبيض من القطن».

[شرح الغريب]
القافة، القافة: جمع قائف، وهو الذي يعرف الآثار، تقول: قفت أثره، أي: اتبعته، وهم في الشريعة: قوم معرفون من العرب يعرفون الناس بالشبه، فيلحقون إنسانا بإنسان، لما يدركون من الشبه الذي يرونه بينهما مما يخفى على غيرهم.
تبرق أسارير وجه، الأسارير: التكاسير التي تكون في الجبين، وبريقها: ما يعرض لها من البشاشة عند الفرح والاستبشار بالشيء السار.

8399 - (ط) سليمان بن يسار: قال: «إن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادّعاهم في الإسلام، فأتى رجلان، كلاهما يدّعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفا، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بالدّرّة، وقال: ما يدريك؟ ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيها وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يظنّ وتظنّ أن قد استمر بها الحمل، ثم انصرف عنها، فهريقت عليه الدماء، ثم خلفه الآخر، فلا أدري: من أيهما هو؟ فكبّر القائف، فقال عمر للغلام: وال أيّهما شئت» أخرجه الموطأ.
[شرح الغريب]
يليط، لاط بالشيء يليط به، ويلوط به، ليطا ولوطا: إذا لصق به.
فهريقت، هريقت عليه الدماء: أي: حاضت، والغالب من أحوال الحوامل، أنهن لا يحضن، فإن طرأ لهن حيض فيكون نادرا لعلة.

[الفرع] الثالث: فيمن ادعى إلي غير أبيه، أو استلحق ولداً
8400 - (خ م د) أبو عثمان النهدي: قال «لمّا ادّعي زياد لقيت أبا بكرة، فقلت: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت أذني من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: من ادّعى أبا في الإسلام غير أبيه - وهو يعلم أنه غير أبيه - فالجنة عليه حرام، قال أبو عثمان: فذكرته لأبي بكرة، فقال: وأنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه البخاري ومسلم.
وفي رواية أبي داود: قال سعد: «سمعته أذناي، ووعاه قلبي من محمد -صلى الله عليه وسلم-... وذكر الحديث، قال: فلقيت أبا بكرة، فذكرت ذلك له، فقال أبو بكرة: سمعته أذناي، ووعاه قلبي من محمد -صلى الله عليه وسلم- قال عاصم: فقلت: يا أبا عثمان، لقد شهد عندك رجلان، أيّما رجلين؟ فقال: أمّا أحدهما: فأول من رمى بسهم في سبيل الله، أو في سبيل الإسلام - يعني سعد بن مالك - والآخر: قدم من الطائف في بضعة وعشرين على أقدامهم فذكر فضلا».

8401 - (خ م) أبوذر الغفاري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «ليس من رجل ادّعى إلى غير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له، فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلا بالكفر، أو قال: عدو الله - وليس كذلك - إلا حار عليه».
وفي رواية البخاري: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك». أخرجه البخاري ومسلم.

[شرح الغريب]
إلا حار عليه: أي إلا رجع عليه، حار يحور: إذا رجع.

8402 - (د) أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من ادّعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
انتمى، انتمى فلان إلى فلان: إذا انتسب إليه.

8403 - (خ) عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أنه قال لصهيب: «اتق الله، ولا تدّع إلى غير أبيك، فقال صهيب: ما يسرّني أنّ لي كذا وكذا، وأني فعلت ذلك ولكنّي سرقت وأنا صبيّ». أخرجه البخاري.
8404 - (خ م) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه، فهو كفر». أخرجه البخاري ومسلم.
8405 - (د س) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «حين نزلت آية الملاعنة: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنّته، وأيّما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه يوم القيامة، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين» أخرجه أبو داود والنسائي.
8406 - (د) عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه -: أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قضى أنّ كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعي له ادّعاه ورثته، فقضى: إنّ كل من كان من أمّة يملكها يوم أصابها، فقد لحق بمن استلحقه، وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره، فإن كان من أمة لم يملكها، أو من حرّة عاهر بها، فإنه لا يلحق به، ولا يرث، وإن كان الذي يدعى له هو ادّعاه، فهو ولد زنية، من حرّة كان أو أمة.
وفي رواية بإسناده ومعناه، وزاد: «وهو ولد زنا لأهل أمّه من كانوا، حرّة أو أمة، وذلك فيما استلحق في أول الإسلام، فما اقتسم من مال قبل الإسلام فقد مضى». أخرجه أبو داود.

[شرح الغريب]
مستلحق: استلحق بعد أبيه قال الخطابي: هذه أحكام وقعت في أول زمان الشريعة وكان حدوثها ما بين الجاهلية وبين قيام الإسلام، وفي ظاهر لفظ الحديث تعقد وإشكال، وتحريره وبيانه: أن أهل الجاهلية كانت لهم إماء تساعين، وهن البغايا اللاتي ذكرهن الله في كتابه، فقال: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} [النور: 33] وكان سادتهن يلمون بهن، ولا يجتنبوهن، فإذا جاءت واحدة منهن بولد وكان سيدها قد وطئها، ووطئها غيره بالزنا ربما ادعاه الزاني، وادعاه السيد، فحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالولد لسيدها، لأن الأمة فراش له كالحرة، ونفاه عن الزاني، فإن دعي للزاني مدة، وبقي على ذلك إلى أن مات السيد، ولم يكن ادعاه في حياته، ولا أنكره ثم ادعاه ورثته بعد موته، واستلحقوه، فإنه يلحق به، ولا يرث أباه، ولا يشارك إخوته الذين استلحقوه في ميراثهم من أبيهم، إذا كانت القسمة قد مضت قبل أن يستلحقه الورثة، وجعل حكم ذلك حكم ما مضى في الجاهلية، فعفا عنه، ولم يرد إلى حكم الإسلام، فإن أدرك ميراثا لم يقسم إلى أن يثبت نسبه باستلحاق الورثة إياه، كان شريكهم فيه أسوة من يساويه في النسب منهم، فإن مات من إخوته بعد ذلك أحد، ولم يخلف من يحجبه عن الميراث، ورثه، فإن كان سيد الأمة أنكر الحمل، ولم يدعه، فإنه لا يلحق به، وليس لورثته أن يستلحقوه بعد موته.

8407 - (د) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا مساعاة في الإسلام، من ساعى في الجاهلية فقد لحق بعصبته، ومن ادّعى، ولدا من غير رشّدة فلا يرث ولا يورث» أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
لامساعاة: لامساعاة في الإسلام: يقال: زنا الرجل وعهر وعاهر، ويكون ذلك بالحرة والأمة، ويقال في الأمة خاصة: ساعاها، ولا تكون المساعاة إلا في الإماء، كذا قال الجوهري، وذلك لأن الإماء يسعين لمواليهن في ضرائب تكون عليهن لهم، وقيل: يقال: ساعت الأمة: إذا فجرت، وساعاها فلان: إذا فجر بها، وهو من السعي، كأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول غرضه.
زنية- رشدة يقال: هذا الولد لزنية: إذا كان عن زنا، ولرشدة: إذا كان عن نكاح صحيح.

8408 - (د س) زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: «كنت جالسا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء رجل من اليمن، فقال: إن ثلاثة نفر من أهل اليمن أتوا عليا يختصمون إليه في ولد قد وقعوا على امرأة في طهر واحد، فقال لاثنين منهما: طيبا بالولد لهذا، فغلبا، ثم قال لاثنين: طيبا بالولد لهذا، فغلبا، ثم قال لاثنين: طيبا بالواد لهذا، فغلبا، فقال: أنتم شركاء متشاكسون، إني مقرع بينكم، فمن قرع فله الولد، وعليه لصاحبيه ثلثا الدية، فأقرع بينهم، فجعله لمن قرع، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت أضراسه - أو نواجذه -» أخرجه أبو داود والنسائي.
[شرح الغريب]
متشاكسون، التشاكس: الاختلاف والافتراق.

[الفرع] الرابع: فيمن والى غير مواليه
8409 - (م د) أبو هريرة - رضي الله عنه -: أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من تولّى قوما بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف» أخرجه ومسلم. وقال أبو داود: «لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا».

[شرح الغريب]
بغير إذن مواليه: قد تقدم فيما مضى من كتابنا شرح قوله: «من تولى قوما بغير إذن مواليه» وبسطنا فيه القول، ولنعد الآن منه شيئا، حيث عاد ذكره، فنقول: ليس إذن الموالي شرطا في جواز أن يتولى غير مواليه وإباحته، وإنما معناه: أنه ليس له أن يوالي غير مواليه بحال، وإنما إن سولت له نفسه ذلك، فليستأذنهم، فإنهم إذا علموا ذلك منعوه، ولم يأذنوا له، فلا يمكنه حينئذ أن يوالي غيرهم، وإنما لا يجوز ذلك، لأن الولاء لحمة كلحمة النسب لا تنتقل، كما لا ينتقل النسب، إلا ما جاء في قوله: «الولاء للكبر وليس ذلك نقلا للولاء عن أصله، وإنما هو تنزيل وترتيب بين ورثة المعتق».
عدلا، العدل: الفريضة، أو الفدية.
صرفا، الصرف: النافلة أو التوبة.

8410 - (م) جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «كتب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على كلّ بطن عقوله، ثم كتب: أنّ لا يحل أنه يتولّى مولى رجل مسلم بغير إذنه، ثم أخبرت: أنّه لعن في صحيفة منّ فعل ذلك» أخرجه مسلم.
وقد تقدم فيما مضى من كتابنا أحاديث تتضمن شيئا من ذلك، بعضها في «كتاب العلم» من حرف العين، وبعضها في غيره.

[شرح الغريب]
عقوله، العقول: جمع عقل، وهو الدية.

[الفرع] الخامس: إسلام أحد الأبوين
8411 - (د س) عبد الحميد بن جعفر، قال: أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان: أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فقالت: «ابنتي، وهي فطيم، وقال رافع: ابنتي، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اقعدي ناحية، واقعد الصّبيّة بينهما، ثم قال: ادعواها، فمالت الصبية إلى أمّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم اهدها، فمالت إلى أبيها فأخذها».
أخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي، وجعل بدل البنت «ابنا».

[شرح الغريب]
فطيم، الفطيم: الولد عند فطامه، فعيل بمعنى مفعول.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir