(1)كلُّهم مُجْمِعُونَ على هذا، كلُّ أئِمَّةِ الإسلامِ مِن الصحابةِ ومَن بعدَهم، كلُّهم مُجْمِعُونَ على ضَلالِ الجَهْمِيَّةِ، وأشباهِهم مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ في الصفاتِ ويَنْفِيها ويُعَطِّلُها، ولهذا أجْمَعَ أهلُ السنَّةِ والجماعةِ على ضلالِهم، وأنَّهم قد قالوا قولاً إدًّا، ولهذا قالَ جمهورُهم بأنَّهم كفَّارٌ ضُلاَّلٌ، ليس لهم اجْتِهادٌ، بل قولُهم باطلٌ، وهم كفَّارٌ بهذا لإنكارِهم أسماءَ الربِّ وصفاتِه. نَسْأَلُ اللَّهَ العافِيَةَ.
يقولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في النونِيَّةِ:
وَلَقَدْ تَقَلَّدَ كُفْرَهُمْ خَمْسُونَ فِي = عَشْرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْبُلْدَانِ
وَاللاَّلَكَائِيُّ الإمامُ حَكَاهُ عَنْهُمْ = بَلْ حَكَـاهُ قَبْلَهُ الطَّـبَرَانِي
المقصودُ: أنَّ أئِمَّةَ الإسلامِ وجُمْهُورَهم يَرَى كُفْرَهم وضلالَهم، وإنْ تَسَمَّوْا بالإسلامِ؛ لأنَّهم كذَّبوا بالنصوصِ، وأنْكَرُوا ما دَلَّتْ عليه النصوصُ مِن أسماءِ الربِّ وصفاتِه. نَسْأَلُ اللَّهَ العافيةَ.
(2) والمعنى: أنَّ الجَهْمِيَّةَ في نَفْيِهِمُ الصفاتِ يُحَاوِلُونَ بذلك نَفْيَ وُجُودِ اللَّهِ بالكُلِّيَّةِ، وإنكارَ وُجُودِه بالكليةِ، وهذا غايةٌ في الإلحادِ والضلالِ والكفرِ؛ فإنه إذا قِيلَ: إنَّه ليسَ بعليمٍ ولا قديرٍ ولا سميعٍ ولا بصيرٍ...إلخ، معناه النفيُ المَحْضُ. نَعُوذُ باللَّهِ.
ولهذا حَكَمَ عليهم جُمْهُورُ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ بالكفرِ والرِّدَّةِ، وأنَّ الواجبَ اسْتِتَابَتُهم، فإنْ تَابُوا وإلاَّ وَجَبَ قَتْلُهم؛ لإلحادِهم وإنكارِهم ما جاءَتْ به الكتبُ السماويَّةُ، وما صَحَّتْ به السنَّةُ.
ولهذا ضَحَّى خالِدُ بنُ عبدِ اللَّهِ القَسْرِيُّ بجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ يومَ عيدِ الأضحى، قال: أيُّها الناسُ، ضَحُّوا - تَقَبَّلَ اللَّهُ ضحاياكم - فإنِّي مُضَحٍّ بجَعْدِ بنِ دِرْهَمٍ؛ فإنَّه زَعَمَ أنَّ اللَّهَ لم يَتَّخِذْ إبراهيمَ خليلاً، ولم يُكَلِّمْ موسى تكليماً. ثم أَمَرَ به بعدَما نَزَلَ , أمَرَ بقتلِه أمامَ الناسِ. فجَزَاهُ اللَّهُ خيراً على هذا العملِ الطيِّبِ، ولهذا يقولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ:
شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ = لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ
(3) خَبِيثَةٌ زَوْجَةُ خَبِيثٍ، أَخَذَتْ مِن زَوْجِها الخُبْثَ. قَبَّحَها اللَّهُ.