دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العام للمفسر > منتدى المسار الأول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 شعبان 1443هـ/23-03-2022م, 10:12 PM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف غير متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,811
افتراضي مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة

مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 219-232)


1. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:

1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:

{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.



المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.

ب: ا
لمراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.



تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 5 ذو الحجة 1443هـ/4-07-2022م, 09:34 PM
إيمان جلال إيمان جلال غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 380
افتراضي

اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.

بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد
خلق الله عباده ولم يتركهم هملا، بل أرسل لهم رسلا مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل. وإن مما لا شك فيه، أن نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – هو خاتم الأنبياء والمرسلين، أرسله تعالى بدين الإسلام، أكمل الأديان وأفضلها، وأعلاها وأجلها، وقد حوى من المحاسن والكمال والصلاح والرحمة والعدل والحكمة ما يشهد لله تعالى بالكمال المطلق، وسعة العلم والحكمة.
وهذا الدين الإسلامي لهو أعظم برهان، وأجل شاهد لله بالتفرد والكمال المطلق، ولنبيه بالرسالة والصدق، قال تعالى في وصف نبي الرحمة: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم".
وإني لأجدني مضطرة لهذه المقدمة، لبيان سماحة هذا الشرع ويسره، الدال على رحمة مشرعه، ورأفة نبيه، لما أراه من تفلت المحيطين وانسلالهم من الدين كانسلال الشعرة من العجين، زاعمين أن الدين عسر، ولا طاقة لهم اليوم بتعاليمه وبشرائعه، ضاربين بعرض الحائط ذلك الكم الهائل من الأحكام الميسرة التي راعت كافة أحوال الناس ومعايشهم. فأين هم عن قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم"؟ فربط الأمر بالاستطاعة، بينما النهي جاء على ما هو عليه، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم) [1]. ومن أجل التوجيهات للدعاة إلى الله أن يستعملوا باب محاسن الدين كمدخل على قلوب غير المسلمين، ليستميلوهم إلى هذا الدين العظيم.
فإن أخذنا الطلاق كنموذج على يسر الشريعة ومحاسن الدين، نرى أن النصارى لا طلاق في دينهم، مما يفتح أبواب الخيانات عند الزوجين، ناهيك عن التعنيف الذي قد يصل إلى القتل، لفك عقدة النكاح الذي يرونه أبديا، بل قد تجد عزوفا كبيرا عن الزواج عندهم تنصلا من تبعاته خاصة وأنهم قد أباحوا لأنفسهم ما يباح للزوجين.
أما عندنا، فقد جاء ديننا وسطا في كل الأمور، بما فيها الطلاق، حيث رغّب الشارع في الزواج والمحافظة على ديمومته، وسماه تعالى ميثاقا غليظا، قال تعالى: "وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا"، وندب إلى الزوجين إلى إحسان العشرة بينهما، وبيّن حقوق كل واحد منهما. أما إن حصل ما يكدر صفو الحياة الزوجية فقد أباح تعالى الطلاق دونما إفراط ولا تفريط.
- فمن يسر الشريعة، أن جعل الله أمر الطلاق بيد الزوج لتوافق ذلك مع فطرة الرجل وقوامته التي منحها الله إياها كونه المنفق على الزوجة، والذي سيفوته الكثير من المصالح بهذا الطلاق، فلن يتعجل بتطليق زوجه كونه صاحب المهر ومؤخر الصداق ونحوه، قال تعالى: "وللرجال عليهن درجة"، بينما نلحظ ضعف المرأة في هذا الجانب كون العاطفة لديها تحدد الكثير من قراراتها.
- ومنعت الشريعة دوام إيلاء الزوج لزوجته، فهدمت بذلك عادات الجاهلية حين كان من عادة العرب أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته إيذاء لها، ومنعا لها من أن تتخذ زوجا غيره، قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم"، فحدّه الله بحد لا يضر بكليهما، وبقي للحالف فسحة فيما دون الأربعة أشهر.
- كما شرع الدين للمطلقة المدخول بها فترة العدة، وحدها بثلاثة قروء، والتي هي إما ثلاث حيضات وإما ثلاثة أطهار، وهذا لغير الحامل، ولا التي لم تحض، ولا القاعد، فقال تعالى: "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء"، فألغت بذلك عادة الجاهلية الذين لم تكن عندهم عدة، فصار من حق الزوج إرجاع زوجته في تلك المدة، التي ربما تسرع في تطليقها فندم، فلا ينهدم بيت الزوجية ويتشرد الأبناء في ساعة غضب أو تعجل مذموم.
- كما ألزمت الشريعة الزوجة بألا تكتم الحبل إن كان في رحمها جنينا، قال تعالى: "ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن"، فجعلها الله مؤتمنة على ذلك، حفظا لحق الزوج في إلزام الابن لأبيه، وحفظا لحق المولود في أن ينشأ الابن بين أبويه إن تراجع الزوج عن التطليق بعد علمه بالحبل، وكذلك حفاظا على عروة الزواج والعمل على ديمومتها.
- راعت الشريعة العشرة بين الزوجين، فجعلت الأولوية في الرجوع هي لأزواج ما قبل انقضاء القروء الثلاثة، إن أرادوا ردهن على جهة الإصلاح، قال تعالى: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا". فأعطت للمطلقة حق الاختيار ما بين العودة للأول، أو غيره، واشترطت الإصلاح كشرط لعودة المطلقة إلى زوجها الأول.
- ويظهر اهتمام الشريعة بالتفاصيل الدقيقة في مشاعر الزوجة، لتدفع التوهم الحاصل في أن الزواج هو فقط قضاء لوطر الزوج، بل بيّن تعالى أن للمرأة الحق في اللذة تماما كما للرجل، قال تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف". بل وكما للزوج الحق في أن تتزين له زوجته، كذلك لها الحق بأن لا ترى منه إلا كل مليح، وألا تشم منه إلا أطيب ريح. وما يتبع ذلك من حسن العشرة وضمان جميع الحقوق الزوجية.
- من يسر الشريعة وسماحة الدين أنه لم يجعل مرات الطلاق دونما عدد كما كانت عادة الجاهلية، حيث كان الرجل أن يطلق وقتما شاء، ويرجع امراته دون مهر ولا ولي متى شاء، فجاء الشرع بقصر الطلقات إلى ثلاث، مع إباحة الرجعة في المرة والثنتين، قال تعالى: "الطلاق مرتان"، فرفع بذلك الضرر عن المرأة.
- من رحمة الله بنا أن جعل شريعتنا السمحاء وسطا، فمن أراد فراق زوجته فليفارقها بإحسان، وذلك بأن يتركها تتم العدة من الثانية ثم تكون أملك لنفسها، وإن أراد أن يمسكها فلا يظلمها حقوقها ولا يعتدي، قال تعالى: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
- من تسرع في يمين الطلاق على زوجته، فله أن يرجعها مع التزام حسن العشرة والتزام الحقوق الزوجية.
- حفظت الشريعة للمرأة حقوقها، فمنعت المطلق من أن يأخذ من مطلقته شيئا على وجه المضارة، قال تعالى: "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله"، فجعلت الشرط في استرداد الزوج ما دفعه لزوجته هو نشوز الزوجة وفساد العشرة بينهما.
- كما حرمت عليه التضييق عليها ليجبرها على الافتداء مما أعطاها من الأصدقة أو ببعضه، قال تعالى: "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة".
- أما إن تضررت الزوجة من هذا النكاح، فقد أباح لها الشرع خلع نفسها، وذلك بأن تصطلح مع الزوج على ما يحقق مصالحهما، قال تعالى: "ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به"، فذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الزوج وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي نفسها منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها.
- أما إن استحالت الحياة الزوجية بعد الثلاث طلقات، فأباح الشرع للمطلقة أن تتزوج رجلا آخر بمرد انتهاء عدتها، على أن يكون نكاحا حقيقيا بالوطء، قال تعالى: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره".
- وأما إن طلقها الثاني، فلها أن تعود للأول - إن شاءت – دون أن يأثما، قال تعالى: "فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله"، فيتعاشران بالمعروف.
- نهت الشريعة عن التلاعب بالطلاق جدا أو هزلا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة). [2]
وقال تعالى: "ولا تتخذوا آيات الله هزوا".
- أما إن طلق الرجل امرأته، فله أن يمسكها بمعروف، وذلك بأن يتركها في منزله ولا يخرجها منه طالما كان الطلاق رجعيا، لعل الله يشرح صدره فيحن لأيام العشرة التي كانت بينهما، وهذا يبين لنا حرص الدين على ديمومة عقد الزواج، أو إن لم ينو إرجاعها وانقضت عدتها، فعليه أن يسرحها بإحسان من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح، قال تعالى: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف، ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا".
- كما نهت الشريعة ولي المرأة عن عضلها، وهو أن يمنعها من الرجوع لزوجها دونما سبب وجيه معتبر، قال تعالى: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن ازواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف".

وهذا غيض من فيض، فمن تأمل أحوال الطلاق والقيود التي وضعها الشارع حفظا للحقوق، وسلامة للأسر المسلمة، لأدرك عظمة هذا الدين الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ووضع لها الأحكام التي تنسجم مع طبيعة البشر ولا تضاد فطرهم السليمة.
فهذا ديني، فليرني النسويات دينهن! فوالله لن تجد المرأة المسلمة دينا سمحا شاملا متوافقا كالإسلام، أبعد هذا النور تختار بعد بنات جلدتنا دينا آخر من الشرق أو من الغرب، فاللهم نسألك أن ترد أخواتنا للدين ردا جميلا.
فاللهم لك الحمد أن جعلتنا مسلمين، ثبتنا على هذا الدين القويم حتى نلقاك، فندخل جنة النعيم.
والحمد لله رب العالمين

[1] صحيح مسلم (1337).
[2] أبو داوود (2194)، الترمذي (1184)، ابن ماجه (2039)، والحاكم (198/2).



2. أجب على إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}.

تناولت الآية المسائل التفسيرية التالية:

• سبب النزول
- روى الإمام احمد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لما نزل تحريم الخمر قال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت هذه الآية، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية التي في المائدة. فدعي عمر، فقرئت عليه، فلمّا بلغ: "فهل أنتم منتهون"؟. قال عمر: انتهينا، انتهينا
. وهكذا رواه أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائيّ من طرقٍ، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق. وكذا رواه ابن أبي حاتمٍ وابن مردويه من طريق الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة، واسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني الكوفيّ، عن عمر. وليس له عنه سواه، لكن قال أبو زرعة: لم يسمع منه. ذكره ابن كثير.

• من السائلون؟
المؤمنون، سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر والميسر لشيوعها في الجاهلية. ذكره الزجاج.

• معنى "الخمر"
هو كل ما ستر الإنسان من شجر وغيره، ويقال: دخل فلان في خمار أي في الكثير الذي يستتر فيه وخمار المرأة قناعها، وإنما قيل له خمار لأنه يغطي.
والخمرة التي يسجد عليها إنما سميت بذلك لأنها تستر الوجه عن الأرض، وقيل للعجين قد اختمر لأن فطرته قد غطاها الخمر أعني الاختمار - يقال قد اختمر العجين وخمرته، وفطرته وأفطرته.. ذكره الزجاج.
الأدلة والشواهد:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خمروا الإناء). ذكره ابن عطية.

• المراد بالخمر
هو ما أسكر العقل وستره ومخالط له ومغط عليه. هو حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.
و يدخل في حكمها كل ما عمل عمل الخمر فخامر العقل، وأن يكون في التحريم بمنزلتها أي في حكمها. ذكره الزجاج وابن عطية.
وأن المتعارف عليه هو خمر العنب إذا غلي ولم يطبخ. ذكره ابن عطية.

• حكم شرب الخمر وما في حكمه
جمهور الأمة على أن ما أسكر كثيره، فقليله حرام. ذكره ابن عطية.
فيدخل فيه الخمر المجمع لعيه، وكل ما أسكر من غير خمر العنب.
الأدلة والشواهد:
عن ابن عمر رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام). ذكره ابن عطية.

• الحد في شرب الخمر
الحد واجب في القليل كما في الكثير، وقد جاء عن أهل العلم عدة أقوال:
القول الأول: الجلد أربعين مرة. حرزه أبو بكر وعمل بذلك عمر، ثم تهافت الناس فيها، فشدد عليهم الحد وجعله كأخف الحدود ثمانين، وبه قال مالك، وقال الشافعي بالأربعين. ذكره ابن عطية.
القول الثاني: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضرب فيها ضربا مشاعا. ذكره ابن عطية.
على أن لا يكون الضرب شديدا بحيث يبدو إبط الضارب، على أن يجتنب من المضروب الوجه والفرج والدماغ والخواصر بإجماع.

• مراحل تحريم الخمر
أرجح الأقوال أن الآية غير منسوخة، ولكنها تمهيد للنهي عن شربها، فتكون مراحل تحريم الخمر:
المرحلة الأولى: هذه الآية "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس، وإثمهما اكبر من نفعهما". فجاء الأمر بداية بالتزهيد فيها. ذكره الزجاج.
ودليله قوله تعالى: "قل فيهما إثم كبير": فيكون قد زهّد فيها، فتعتبر أول تطرق إلى تحريم الخمر. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال سعيد بن جبير: لما نزلت "قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس": كرهها قوم للإثم وشربها قوم للمنافع. ذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
ولهذا قال عمر، رضي اللّه عنه، لمّا قرئت عليه: اللّهمّ بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، حتّى نزل التّصريح بتحريمها في سورة المائدة: {يا أيّها الّذين آمنوا إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون * إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة فهل أنتم منتهون. ذكره ابن كثير.

المرحلة الثانية: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى". ذكره ابن عطية.

المرحلة الثالثة: "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون، إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة فهل أنتم منتهون". ذكره الزجاج وابن عطية.
الأدلة والشواهد:
- ولما سمع عمر بن الخطاب قوله تعالى: فهل أنتم منتهون [المائدة: 91] قال: «انتهينا، انتهينا»، ذكره ابن عطية.

المرحلة الرابعة: "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه". ذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "حرمت الخمر". ذكره ابن عطية.
وقال بعض أهل النظر: بأن الخمر قد حرمت بالآية: قل إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم، وأخبر في هذه الآية أن فيها إثما، فهي حرام. ولم يجوّده ابن عطية، لأن الإثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها على ما يقتضيه هذا النظر. وقال قتادة: ذم الله الخمر بهذه الآية ولم يحرمها.

• معنى "الميسر"
مأخوذ من يسر إذا جزر، والياسر الجازر. والجزور الذي يستهم عليه يسمى ميسرا لأنه موضع اليسر، ثم قيل للسهام ميسر للمجاورة.
ومنه قول الشاعر:
فلم يزل بك واشيهم ومكرهم = حتّى أشاطوا بغيب لحم من يسروا
واليسر: الذي يدخل في الضرب بالقداح. ذكره ابن عطية.

• المراد بالميسر
هو القمار، ذكره الزجاج وابن كثير.
قال محمد بن سيرين والحسن وابن عباس وابن المسيب وغيرهم: كل قمار ميسر من نرد وشطرنج ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز. ذكره ابن عطية.

• القراءات في "كبير"
القراءة الأولى: كبير. وهي قراءة جمهور الناس وذكرها الزجاج وابن عطية.
وقال ابن عطية:
- وحجتها أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر، فوصفه بالكبير أليق.
- ولاتفاق الجمهور على "أكبر" حجة للقراءة بها، وإجماعهم على رفض القراءة ب "كثير".

القراءة الثانية: كثير. في مصحف ابن مسعود وقرأها حمزة والكسائي. وذكره الزجاج وابن عطية.
وقال ابن عطية: وحجتها:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها، ومبتاعها، والمشتراة له، وعاصرها، والمعصورة له، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، فهذه آثام كثيرة.
- وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام، و «كثير» بالثاء المثلثة يعطي ذلك.

• متعلق "الإثم الكبير والمنافع" التي في الخمر والميسر
القول الأول: أن الإثم والسوء الذي فيهما، أكبر من المنافع التي فيهما، أي أن مفسدتهما ومضرتهما راجحة لا توازيها المصالح لتعلق الخمر بالعقل والدين. ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: أن الإثم فيهما بعد التحريم، والمنفعة فيهما قبلها. قاله ابن عباس والربيع. وذكره ابن عطية.
القول الثالث: إثمهما في الدين. ذكره ابن كثير.

• الإثم الكبير الذي في الخمر والميسر
القول الأول: جاء في آية المائدة: "إنّما يريد الشّيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصّلاة فهل أنتم منتهون".
فبيّن بأن الخمر: توقع العداوة والبغضاء وتحول بين المرء وعقله الذي يميز به ويعرف ما يجب لخالقه. ذكره الزجاج.
وأما الميسر: يورث العداوة والبغضاء وإن مال الإنسان يصير إلى غيره بغير جزاء يؤخذ عليه. ذكره الزجاج.

القول الثاني: الإثم في الخمر ذهاب العقل والسباب والافتراء والإذاية والتعدي الذي يكون من شاربها، وفي الميسر أكل المال بالباطل. ذكره ابن عطية.

القول الثالث: الإثم في الخمر أكبر من النفع وأعود بالضرر في الآخرة. ذكره ابن عطية.

القول الرابع: إثمهما في الدين. ذكره ابن كثير.

• المنافع التي للناس في الخمر والميسر
القول الأول: فاللذة في الخمر والربح في المتجّر فيها، وكذلك المنفعة في القمار، يصير الشيء إلى الإنسان بغير كد ولا تعب. قاله مجاهد وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
الأدلة والشواهد:
حسان بن ثابت:
ونشربها فتتركنا ملوكا = وأسدا ما ينهنهنا اللقاء
إلى غير ذلك من أفراحها. ذكره ابن عطية وابن كثير.
القول الثاني: فالخمر فيها نفع للبدن، وتهضيم الطعام، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذة الشدة المطربة التي فيها. والميسر منفعته: بأن ما كان يقمشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله. ذكره ابن كثير.


2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالقرء في قوله تعالى: {والمطلّقات يتربّصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.

القرء لغة هو الوقت المعتاد تردده، وقرء النجم وقت طلوعه، وكذلك وقت أفوله، وقرء الريح وقت هبوبها. ذكره ابن عطية.
قال ابن جرير: أصل القرء في كلام العرب: الوقت لمجيء الشيء المعتاد مجيئه في وقت معلوم، ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم. ذكره ابن كثير.
ف "القرء" هو من المشتركات اللفظية التي تحتمل معنيين متضادين:
قال أبو عمرو بن العلاء: العرب تسمّي الحيض: قرءًا، وتسمّي الطّهر: قرءًا، وتسمّي الحيض مع الطّهر جميعًا: قرءًا. وقال الشّيخ أبو عمر بن عبد البرّ: لا يختلف أهل العلم بلسان العرب والفقهاء أنّ القرء يراد به الحيض ويراد به الطّهر. ذكره ابن كثير.

ومن هنا يتبين أن للعلماء قولان في المراد ب "القرء"، هما:
القول الأول: أنه الحيض. قاله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي الدّرداء، وعبادة بن الصّامت، وأنس بن مالكٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذٍ، وأبيّ بن كعبٍ، وأبي موسى الأشعريّ، وابن عبّاسٍ، وسعيد بن المسيّب، وعلقمة، والأسود، وإبراهيم، ومجاهدٍ، وعطاءٍ، وطاوسٍ، وسعيد بن جبيرٍ، وعكرمة، ومحمّد بن سيرين، والحسن، وقتادة، والشّعبيّ، والرّبيع، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، ومكحولٍ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ وقتادة وأصحاب الرأي وجماعة كبيرة من أهل العلم وأهل الكوفة، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وأصحّ الرّوايتين عن الإمام أحمد بن حنبلٍ، وحكى عنه الأثرم أنّه قال: الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقولون: الأقراء الحيض. وهو مذهب الثّوريّ، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والحسن بن صالح بن حي، وأبي عبيد، وإسحاق بن راهويه.

وحجة أهل الكوفة في أن الأقراء و (القراء) والقروء الحيض ما يروى عن أم سلمة إنها استفتت لفاطمة بنت أبي حبيش وكانت مستحاضة فقال - صلى الله عليه وسلم: (تنتظر أيام أقرائها وتغتسل فيما سوى ذلك) فهذا يعني أنّها تحبس عن الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل فيما سوى أيام الحيض، وفي خبر آخر أن فاطمة سألته فقال: (إذا أتى قرؤك فلا تصلي، فإذا مر فتطهّري، وصلّي ما بين القرء إلى القرء).
فهذا مذهب الكوفيين، والذي يقويه من مذهب أهل اللغة أن الأصمعي كان يقول: القرء الحيض، ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت.
وقال الكسائي والقراء جميعا: أقرأت المرأة إذا حاضت فهي مقرئ. ذكره الزجاج.
الأدلة والشواهد:
ويؤيّد هذا ما جاء في الحديث الّذي رواه أبو داود والنّسائيّ، من طريق المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزّبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال لها: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك". فهذا لو صحّ لكان صريحًا في أنّ القرء هو الحيض، ولكنّ المنذر هذا قال فيه أبو حاتمٍ: مجهولٌ ليس بمشهورٍ. وذكره ابن حبّان في الثّقات. ذكره ابن كثير.

القول الثاني: الطهر. قالته عائشة وقاله ابن عمر وابن عباس وزيد بن ثابتٍ، وسالمٍ، والقاسم، وعروة، وسليمان بن يسارٍ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن، وأبان بن عثمان، وعطاء ابن أبي رباحٍ، وقتادة، والزّهريّ، وبقيّة الفقهاء السّبعة، وهو مذهب مالكٍ، والشّافعيّ [وغير واحدٍ، وداود وأبي ثورٍ، وهو روايةٌ عن أحمد، وسليمان بن يسار ومالك وأهل الحجاز، وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
وقال أهل الحجاز: الأقراء والقروء واحد، وأحدهما قرء، مثل قولك: فرع، وهما الأطهار، واحتجوا في ذلك بما يروى عن عائشة أنها قالت: الأقراء الأطهار، وهذا مذهب ابن عمرو ومالك، وفقهاء أهل المدينة، والذي يقوي مذهب أهل المدينة في أن الأقراء الأطهار.
الأدلة والشواهد:
- قول الأعشى:
مورّثة مالا وفي الأصل رفعة... لما ضاع فيها من قروء نسائكا ذكره ابن كثير.
فالذي ضاع هنا الأطهار لا الحيض.
- قال ابن كثير: وقال مالكٌ في الموطّأ عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنّها قالت: انتقلت حفصة بنت عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ، حين دخلت في الدّم من الحيضة الثّالثة، قال الزّهريّ: فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرّحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها في ذلك ناسٌ فقالوا: إنّ اللّه تعالى يقول في كتابه: " ثلاثة قروءٍ " فقالت عائشة: صدقتم، وتدرون ما الأقراء؟ إنّما الأقراء: الأطهار.
- بقوله تعالى: {فطلّقوهنّ لعدّتهنّ} أي: في الأطهار. ولمّا كان الطّهر الّذي يطلّق فيه محتسبًا، دلّ على أنّه أحد الأقراء الثّلاثة المأمور بها؛ ولهذا قال هؤلاء: إنّ المعتدة تنقضي عدّتها وتبين من زوجها بالطّعن في الحيضة الثّالثة، وأقلّ مدّةٍ تصدّق فيها المرأة في انقضاء عدّتها اثنان وثلاثون يومًا ولحظتان]. ذكره ابن كثير.

وبتوجيه الأقوال، نرى أن كلا المعنيين صحيحين
والمعنى: إذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأها فيه، اعتدت بما بقي منه ولو ساعة، ثم استقبل طهرا ثانيا بعد حيضة، ثم ثالثا بعد حيضة ثانية، فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج وخرجت من العدة. ذكره ابن عطية.
وكذلك المعنى الآخر الصحيح وهو: فإذا طلق الرجل امرأته في طهر لم يطأ فيه استقبلت حيضة ثم حيضة ثم حيضة فإذا اغتسلت من الثالثة خرجت من العدة. ذكره ابن عطية.

ب: المراد بقوله تعالى: {ما خلق الله في أرحامهنّ}، والحكمة من النهي عن كتمه.
جاء عن أهل العلم عدة أقوال في المراد ب "ما خلق الله في أرحامهن" يمكن اختصارها إلى قولين، هما
القول الأول: الحمل. قاله عمر وابن عباس وقتادة والسدي وذكره الزجاج وابن عطية.

القول الثاني: الحيض. قاله إبراهيم النخعي وعكرمة، وذكره ابن عطية ورجحه.

ومن السلف من قال بكلا القولين: الحمل والحيض. قاله ابن عمر وابن عباس ومجاهد والربيع والشعبي والحكم بن عيينة وابن زيد والضحاك وغير واحد، وذكره ابن عطية وابن كثير.
فيكون المعنى: ولا يحل للمطلقات أن يكتمن أمر الولد أي حملهن، وكذلك لا يحل لهن أن يكتمن حيضهن، فيقلن: لم نحض.

والحكمة من النهي عن كتمه:
** فإن كان كتمان أمر الحمل، فإن ضرره ب:
- إلزام الولد إلى غير أبيه. ذكره الزجاج.
- انقطاع حق الزوج من الارتجاع. ذكره ابن عطية.
الأدلة والشواهد:
- لأن اللّه جلّ وعزّ قال: {هو الّذي يصوّركم في الأرحام كيف يشاء} ذكره الزجاج.
- وقال: (ثمّ خلقنا النّطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما) فوصف خلق الولد. ذكره الزجاج.
- وقال قتادة: «كانت عادتهن في الجاهلية أن يكتمن الحمل ليلحقن الولد بالزوج الجديد ففي ذلك نزلت الآية»، وقال السدي: «سبب الآية أن الرجل كان إذا أراد أن يطلق امرأته سألها أبها حمل؟ مخافة أن يضر بنفسه وولده في فراقها، فأمرهن الله بالصدق في ذلك». ذكره ابن عطية.

** وإن كان كتمان أمر الحيض فإن ضرره ب:
- ذهبت بحقه من الارتجاع. ذكره ابن عطية.
- وإذا قالت لم أحض وهي قد حاضت ألزمته من النفقة ما لم يلزمه، فأضرت به. ذكره ابن عطية.
- أو تقصد بكذبها في نفي الحيض أن لا يرتجع حتى تتم العدة ويقطع الشرع حقه. ذكره ابن عطية.
- وكذلك الحامل تكتم الحمل لينقطع حقه من الارتجاع. ذكره ابن عطية.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 17 ذو الحجة 1443هـ/16-07-2022م, 07:37 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم السادس عشر من تفسير سورة البقرة



المجموعة الأولى:

إيمان جلال أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

ج2 أ: لا يمكن أن يحمل المراد بالقرء على القولين معا، فالقرء وإن كان من الألفاظ المشتركة في اللغة، إلا أنها قد لا تكون كذلك في استعمالها في الشرع، ويراد منها معنى واحد فقط، وفي هذه المسألة لا يتصور أن يترك الأمر للمعتدة على الاختيار بين القولين، ولذلك هذه المسألة تحتاج إلى مراجعة في كتب الفقه أوسع مما في كتب التفسير.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 18 جمادى الآخرة 1444هـ/10-01-2023م, 07:44 PM
رولا بدوي رولا بدوي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Sep 2019
المشاركات: 341
افتراضي

المجموعة الثانية:
اكتب رسالة في يسر الشريعة من خلال آيات الطلاق:

بسم الله نحمد و نستعينه و نستهديه و نعوذ بالله من شرو أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و نصلي و تسلم على المبعوث للعالمين محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم.
الحمد لله على نعمة الإسلام و كفى بها نعمة، دين الإسلام دين الفطرة، قال تعالى( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)
دين يراعي فطرة ما خلق الله عليه عباده، قال تعالى :( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ) من اختلاف و تشابه، من ضعف و قوة، من شهوات تعصف بالقلوب، فجاءت أحكامه عن علم و حكمة فالله واسع العلم و الحكمة، لا يشابه أحكامه أحكام المفتقرين، التي تعجز عقولهم عن الإحاطة بما هو الصالح للعباد، لقصر نظرهم و افتقارهم لله، عن عزة فالله غالب على أمره، و هو القاهر فوق عباده، يتبع الموقنون أحكام الله و يستسلمون لها محبة و تعظيما وخوفا و طمعًا.
أحكام وضعية، أعراف تقليدية، وأديان محرفة، كلها ما حسن عندها حكم كما حسن فيما شرعه الله لنا في ديننا الإسلام.
لكن جُبل الإنسان على الجدل و الكبر، و حب المصلحة الآنية، جهلًا و اغترارًا، و لذا كان منه الحيدة عن الحق و عن الطريق المستقيم.
وصفوا الإسلام بدين عقيم، دين ضيق الأفق، متشدد الأحكام لا يمكن اتباعه..جهلوا و ضلوا و أضلوا.. النسوية و أهلها و المطالبات بقوامة النساء و العدل المطلق مع الرجال في الحقوق و الواجبات، من ضلال لضلال، تصرخ منه الفطرة و تنادي بالعودة للحق و لكن صوت الظالمين علا و ما هي إلا صولة خادعة لهم.. فليأتوا بآخرهم.. و لن يجدوا عن الشريعة الإسلامية مفر و لا ملجأ.. شريعة سمحاء راقية.. ترتقي بمتبعيها رقيًا يجهله أهل الكبر و الضلال.. و تراه أعين الموحدين الصادقين، يسلمون و يطمئنون إلى ما عند ربهم.
زواج قائم على إشباع حاجات نفسية و اجتماعية و جسدية..
قائم على السكن و المودة و العفة، إطار مضبوط بضوابط تحافظ عليه، فإن اختلت.. ما الحل؟
توجهنا الشريعة إلى أن الله جعل لكل شئ سببا؛ الطلاق، فلسنا كالنصارى، زواجهم أبدي ولا طلاق عندهم، و لسنا كالغرب يحكمنا أحكام وضعية تحيف بالحقوق و تأتي على الواجبات و تحب أن تشيع الفاحشة فيها.
لا يرضى الله الظلم، فشرع ما فيه العدل والرحمة بالمرأة ، فيه الخير للرجل.
نتأمل آيات الطلاق في سورة البقرة فتشرق القلوب بنور الهدى و تطمئن النفس، و يزداد الذين آمنوا إيمانًا، و يزداد الذين كفروا جحدًا و كفرانًا.
قال تعالى (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) كره الطلاق للمرأة وأحب الفئ، و لم يترك للرجل الأمر على عنانه في الإيلاء كما كان بالجاهلية بل قطع له أمد، أربعة أشهر، بعدها لا بد من أن يحدد موقفه، رحمة للمرأة و مراعاة لضعفها.
الطلاق شرع ليس للنصارى له سبيلا، يحسدوننا عليه، فبه تحفظ الأنساب و الفروج، و عصمة للرجل و المرأة من الفحشاء و المنكر، فكم من علاقة ضاق الحال بالزوج أو الزوجة، فظلم الطرف الثاني و تتبع خطوات الشيطان، و سقط في براثين الفاحشة، الطلاق باب للفرج لكل زوج أو زوجة طال بينهم الشقاق و لا حل إلا به، إذا ما ضاقت السبل.
قال تعالى: (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا).
رحمة من الله أن يبين لنا أن باب الإصلاح ليس مغلقًا بين الزوجين، بل يحتاج الأمر لحكم من أهله و من أهلها، فالنفس غضوبة و الشيطان يحرش بين المؤمنين و وقت الغضب لا يرى إلا السئ، و بطبيعة البشر الضعيفة، وأن النساء تكفرن العشير، و الله عالم بهذا من رحمته كان تشريع الحكم من الأهل لعل الله يصلح بينهم بنياتهم.
(وإن عزموا الطلاق) الأمر يحتاج إلى عزيمة وقول له ضوابط وليس الأمر مطلق هكذا، وهذا لا يكون إلا بتفكر و تدبر، و إمهال، و ليس كلما مرت به خاطرة طلق.
. (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) من خير ما كان من تشريع الطلاق انه بيد الرجل، لفطرته أنه يملك نفسه و العقل يحكمه، و المرأة عاطفية بطبعها، تكفر العشير، فهذا من رحمة الله بالنساء و ما نراه اليوم من دعوات لأن تكون القوامة للمرأة و يكون لها حق تطليق نفسها هو ظلم للمرأة و تحميلها مسؤولية ليس لها فيها باع، فعند اول مشكلة تقول المرأة طلقني و لولا ما جبل عليه للرجل من عقل لطلق، و لما قام المجتمع لأن قوامه الأسرة الصغيرة و استقرارها، و هذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة، الحفاظ على لحمة المجتمع، الذي لا يتأتى إلا بالحفاظ على النواة الصغيرة و هي الأسرة الصغيرة.
( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ) في الجاهلية كانت المرأة تطلق مرات عديدة، لكن في الإسلام حد العدد بطلقتين رجعيتين، ثم تتلوها طلقة بائنة، و شرع الله مدة للعدة حفاظا على النسل و تداخله، و تيسير على المرأة و الرجل أن يعودا لما كان بينهما من الود، ففيها فرصة لمراجعة النفس، و فيها باب مفتوح للعودة عن قرار الانفصال، و خاصة أن الزوجة تقضيها في بيت الزوجية ، قال تعالى( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) الطلاق/1 و لها أن تتزين لزوجها، فرب كلمة أو نظرة تقضي على ما في القلوب من شحناء، تهدأ و تلين به النفوس، تيسير من الله يعجز عن تشريعه البشر، و نظرة لبشرية العباد و ضعف أنفسهم، و لما يعتري الانسان من تسلط الشيطان يسوقه لحل ميثاق غليظ.
من جمال الشريعة أن تقضي عدتها في بيتها لا تغادر، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، سبحان الله العليم الحكيم، الرؤوف بعباده، أمر مثل هذا يعطي الفرصة لكل منهما مراجعة نفسه و الله الموفق بينهما،
فإذا انتهت العدة، و أراد الزوج أن يردها، أعز الله المرأة فجعل لها صداقا جديد، بعقد جديد، رفعة لها و تضييق على الرجل حتى يتأدب فلا يجعل الطلاق هزلا و لا كلمة على لسانه يقولها و يكثر تكرارها، حفاظا على كيان الأسرة و على مشاعر المرأة.
حفظ حق الزوج في رد زوجته فهو أولى بردها، و كم رأينا من زيجات كانت على وشك الانفصام فجمع بينهما وليد أعاد الوئام و الود بينهما، إن كانت تحمل بين أحشائها طفلا فلتخبره و لا يحق لها أن تخفيه، قال تعالى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا).
قال تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) الله يعلم حاجة المرأة للأمان وإن حاجتها للزوج كمثل حاجة الرجل لها، فما بينهما قائم بالمعروف و لها حقوق لا بد للرجل أن ينظر لتلبيتها، فلا يستأثر بتلبية حاجاته و يتركها هملا، هذا من الله رحمة للمرأة و تليين لقلبها ترغبيا في قبول شرع الله، و ليس ما يقال على ألسنة النسويين من أكاذيب و ترهات، فالله اللطيف لطيف في أحكامه المحكمة.
العدة مدتها ثلاث شهور فقط..( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ) تحديدها بما يعطيها فرصة التعرض للخطاب مرة أخرى رحمة بها، فالله رؤوف بعباده.
و ليس للرجل أن يعضلها لتفتدي نفسها منه، و هذا للأسف يفعله اليوم كثير من الرجال جهلا منهم و كبرا ({وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)
( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) تكررت كلمة المعروف و الإحسان في أمر الطلاق بما يبعد الأمر عن المادية القاسية، بل فيه ترقيق للقلب، فالزواج رحمة و سكن و ليس كم تدفع و كم ادفع، فالعلاقة تتحول إلى الجفاء بتمحورها حول المال، و هذا للأسف ما أصبحت عليه كثير من الزيجات اليوم، الزوج يخاف أن يقدم مالا كثيرا فيخسره إذا طلق و الزوجة تخشى أن تطلق فلا تجد ما بعيلها، و الأمر أصبح مزايدات في باب المهور و التعالي بما ضاقت به الأنفس و زهدت القلوب في الزاوج، و الأمر أن الشباب و الفتيات حادوا عن غاية الزواج الحقيقية و تنازعتهم الدنيا و متطلباتها.
لم يحرم الله المرأة حق طلب الانفصال، في حال تضررها من زوجها، و إن كان به رغبة بها، و لها آن تصطلح معه و تدفع لها من مالها أو تتنازل عن بعض ما لها ، و ذلك فيه مراعاة للزوج الذي يخسر بهذا الطلاق ماديًا، و يحتاج المال ليبدأ من جديد، كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ﴾ [البقرة: 229].و هذا لا يعيب الزوجة و لا يضر بها، فالله لا يشرع إلا خيرًا، و ليس كما يشيع الجهال أن هذا ضعف منها أو استغلال، بل هذا رفعة لها و عزة، فهي من تفتدي نفسها و حياتها.
لم تكن هذه الأحكام حديث مرسل، بل هي حدود حدها الله عز و جل، لها مكانتها من التشريع، فكانت الآيات واضحة جلية في الترهيب و الترغيب ؛ فقد حملت الوعيد و الترهيب لمن يتجاوزها؛ فمرة بذكر أسمائه ( فإن الله سميع عليم)، يسمع ما يدور بين الزوجين، و يعلم من يطيع و ن يعرض، ن ييستسلم لحكم الله و من يتكبر و يعرض عن حكم الله، متبعًا هوى نفسه و وسوسة الشيطان، و حتى لا يتجبر الرجل على المرأة بقوامته بعد أن ذكر ( و للرجال عليهن درجة) ذيل الآية بقوله ( و الله عزيز حكيم)، فهذا ترهيب و تحذير للزوج و الزوجة أنه أن تجبر أحدكما فالله عزيز، لا يغلبه شئ، فلا تتجبر المرأة و تحرم زوجها من حقوقه، و حق معرفة أن له ولد منها، و لا يتجبر الزوج فيحرم الزوجة حقوقها و يعضلها و يكون منه ما كان من أهل الجاهلية.
و مرة تحذير واضح، قال تعالى ( و من يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)، أولئك هم الظالمون لأنفسهم بتعدي حدود الله و ظالمين لمن معهم، المستحقين لعقاب الظلمة، ( وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) وقال جل شأنه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [يونس: 44]
و قال تعالى"وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لله جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ".
و روى مسلمٌ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلَا تَظَالَمُوا))؛ [مسلم، حديث: 2577]

و مرة بالتعريض بمن لا يتبعها، قال تعالى: (و تلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون)، فمن يتعد هذه الحدود هو من الجاهلين بمفهوم المخالفة، و من يقوم بتطبيق هذه الاحكام هو من العالمون، يعلمون أن الخير كله في تطبيق ما شرعه الله تعالى، يعلمون من هو ربهم، الذي خلقهم، و لم يتركهم هملًا، فكانت هذه التشريعات رحمة من رحماته بالعالمين، لكن من يعلم، فيعمل؟
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)، يعلم من يظلم و من يعدل، يعلم من يقف عند حدود الله و من يتعدى حدود الله، ترهيب و زجر عن الإعراض تنوعت فيه الأساليب و اجتمعت فيه المقاصد.
و رغب بالتذكير بدافع الاستسلام للأحكام و هو الإيمان بالله و اليوم الآخر؛ (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ) حث و ترغيب في الوقوف عند حدود الله، بقدر يقين العبد يكون العبد مستسلما لاحكام الله.
و بتذكر نعم الله ترق القلوب و تقبل على طاعة من تحب، قال تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ) و الأمر بالتقوى، فتقوى الله ما تعين العبد على طاعة الله، و الحرص على اجتناب ما نهى الله عنه.
و الكلام يطول، و لا ينتهي في بيان جمال الشريعة و يسرها ، و مراعاتها لفطرة ما خلق الله، من خلال آيات الطلاق و أحكامه، فالله من خلقنا و هو أعلم بما يصلحنا، فجاء الخطاب بين ترغيب و ترهيب و مراعاة لحال السامع و لحال المرأة و الرجل في آيات بليغة تأخذ بألباب القلوب.
ابعد ما سردنا هناك من يدعي تضييق الإسلام على الناس و عسر الشريعة؟
نسأل الله الثبات في الأمر والعزيمة في الرشد، واستغفر الله تعالى لي ولكم.
المجموعة الثانية:
1. فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

1- سبب نزول اللآية:
أ‌. قال ابن جريج: «نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ حلف أن يقطع إنفاقه عن مسطح بن أثاثة حين تكلم مسطح في حديث الإفك»،
ب‌. وقيل: نزلت في أبي بكر الصديق مع ابنه عبد الرحمن في حديث الضيافة حين حلف أبو بكر أن لا يأكل الطعام،
ت‌. وقيل: نزلت في عبد الله بن رواحة مع بشير بن سعد حين حلف أن لا يكلمه
2- معنى عام للآية:
أ‌. أنهم كانوا يعتلون في البر بأنهم حلفوا، فأعلم اللّه أن الإثم إنما هو في الإقامة على ترك البر والتقوى، وإن اليمين إذا كفرت فالذنب فيها مغفور، فقال عزّ وجلّ: {لا يؤاخذكم اللّه باللّغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم واللّه غفور حليم قال به كلا من ابن عباس وإبراهيم النّخعيّ، ومجاهدٌ ، ذكر ذلك عنهم ابن عطية و ابن كثير و قال بمثله مسروقٌ، والشّعبيّ، ، وطاوسٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاءٌ، وعكرمة، ومكحولٌ، والزّهريّ، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ، والسّدّيّ. ذكر ذلك عنهم ابن كثير
و عقب ابن كثير على هذا القول: ويؤيّد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصّحيحين، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها" وثبت فيهما أيضًا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعبد الرّحمن بن سمرة: "يا عبد الرّحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنّك إن أعطيتها من غير مسألةٍ أعنت عليها، وإنّ أعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها، وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت خيرًا منها فأت الّذي هو خيرٌ وكفّر عن يمينك".ابن عطية و ابن كثير
استدل ابن كثير برواية عن ابن عبّاسٍ أنه قال: لا تجعلنّ عرضةً ليمينك ألّا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير.
و على هذا المعنى يحتاج غلى تقدير ،
1- قال الطبري:«التقدير لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا»،
2- وقدره المهدوي: كراهة أن تبروا،
ب‌. وقال بعض المتأولين:المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح، فلا يحتاج إلى تقدير «لا» بعد «أن»،
ويحتمل أن يكون هذا التأويل في
1- الذي يريد الإصلاح بين الناس، فيحلف حانثا ليكمل غرضه،
2- ويحتمل أن يكون على ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «نزلت في تكثير اليمين بالله نهيا أن يحلف الرجل به برا فكيف فاجرا»، فالمعنى: إذا أردتم لأنفسكم البر
3- ومقصد الآية: ولا تعرضوا اسم الله تعالى للأيمان به، ولا تكثروا من الأيمان فإن الحنث مع الإكثار، وفيه قلة رعي لحق الله تعالى، قاله ابن عطية
4- فائدة بناء عرضةً فعلة بناء للمفعول،: أفادت كثرةا ما يتعرض بما ذكر
5- معنى اليمين: الحلف،
6- أصل تسمية الحلف باليمين: وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاهدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه، ثم كثر ذلك حتى سمي الحلف والعهد نفسه يمينا.

7- المعنى المراد بالبر جميع وجوه الخير و هو مضاد للإثم
8- متعلق سميع؛ لأقوال العباد
10- متعلق عليم؛ عليمٌ بنياتهم،
11- كفارة اليمين فيما لا يرضي الله:
1- لا كفارة لها: عن ابن جبيرٍ وسعيد بن المسيّب، ومسروقٍ، والشّعبيّ: أنّهم قالوا: لا يمين في معصيةٍ، ولا كفّارة عليها، ذكر ذلك عنهم ابن كثير.
2- تركها كفارتها: عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم، ولا في معصية اللّه، ولا في قطيعة رحمٍ، ومن حلف على يمينٍ فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها، وليأت الّذي هو خيرٌ، فإنّ تركها كفّارتها".، ذكر ذلك عنهم ابن كثير.
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.

لتحرير القول في هذه المسألة نحتاج التعرض للقراءات في (يطهرن) و توجيهها:
1- قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه: «يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء، ورجح أبو علي الفارسي قراءة تخفيف الطاء إذ هو ثلاثي مضاد لطمثت، وهو ثلاثي.
قال مكي بن أبي طالب القَيْسِي (ت: 437هـ): على معنى ارتفاع الدم وانقطاعه
2- وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه «يطهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما،
3- وفي مصحف أبيّ وعبد الله حتى يتطهرن، وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النساء في محيضهن،واعتزلوهن حتى يتطهرن»
تحرير القول في أمد منع إتيان الحائض :
1- إلى أن ينقطع الدم؛ فالنهي عن قربان النساء بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حلّه إذا انقطع، وقد قال به طائفةٌ من السّلف، ذكر ذلك عنهم ابن عطية، و قال به يحيى بن بكيرٍ من المالكيّة، ومنهم من ينقله عن ابن عبد الحكم أيضًا،و قال به أبو حنيفة رحمه اللّه إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، وهو عشرة أيّامٍ عنده: إنّها تحلّ بمجرّد الانقطاع ولا تفتقر إلى غسلٍ، ذكر ذلك عنهم ابن كثير.
قال ابن كثير: قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن} تفسيرٌ لقوله: {فاعتزلوا النّساء في المحيض} ونهيٌ عن قربانهنّ بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حلّه إذا انقطع.
2: حتى التطهر من الطهارة بالماء أو التميم: و في قوله: {فإذا تطهّرن فأتوهنّ من حيث أمركم اللّه} فيه ندبٌ وإرشادٌ إلى غشيانهنّ بعد الاغتسال،قال به ابن عباس، و مجاهد و الطاووس، ذكره عنهم ابن عطية و ابن كثير، و ذكره الزجاج و قال به ابن جرير كما ذكر ابن عطية .
ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء وقال: هي بمعنى يغتسلن لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر،
رد ابن عطية ما قاله ابن جرير: وما ذهب إليه الطبري من أن قراءة شد الطاء مضمنها الاغتسال وقراءة التخفيف مضمنها انقطاع الدم: أمر غير لازم، وكذلك ادعاؤه الإجماع، أما إنه لا خلاف في كراهية الوطء قبل الاغتسال بالماء
و قال ابن عطية رحمة الله عليه: وكل واحدة من القراءتين تحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء وأن يراد بها انقطاع الدم وزوال أذاه.
و التطهر بالماء بين ابن جرير الاختلاف فيه على ثلاثة أقوال: فقال قوم: هو الاغتسال بالماء، وقال قوم: هو وضوء كوضوء الصلاة؛ كما نقل عن مجاهد و طاووس، وقال قوم: هو غسل الفرج وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة.
نقل ابن كثير اتفاق العلماء على أنّ المرأة إذا انقطع حيضها لا تحلّ حتّى تغتسل بالماء أو تتيمّم، إنّ تعذّر ذلك عليها بشرطه، [إلّا يحيى بن بكيرٍ من المالكيّة وقد حكاه القرطبيّ عن مجاهدٍ وعكرمة عن طاوسٍ كما تقدّم].
إلّا أنّ أبا حنيفة، رحمه اللّه، يقول :ولا يصحّ إذا انقطع دمها لأقلّ من عشرة أيام في حلّها من الغسل ويدخل عليها وقت صلاةٍ إلّا أن تكون دمثةً، فيدخل بمجرّد انقطاعه.
و الراجح و الله أعلم ما اختاره ابن كثير رحمة الله عليه و نقل اتفاق العلماء عليه، و مفهوم كلام ابن عطية، أن حد إتيان الرجل المرأة شرطان؛ توقف الدم و التطهر بالماء أو التيمم، و ذلك لاتصال الكلام و لكي تتم الفائدة، كما قال مكي ابن أبي طالب: ( أن الفائدة لم تتم ب {حتى يطهرن} على قراءة التخفيف، إلا بقوله: {فإذا تطهرن} أي: بالماء، فأتوهن، فبهذا تمت الفائدة والحكم؛ لأن الكلام متصل بعضه ببعض).
و قال: وقرأ الباقون بفتح الهاء مشددًا، على معنى التطهير بالماء دليله إجماعهم على التشديد في قوله: {فإذا تطهرن} فحمل الأول على الثاني، وأيضًا فإن التخفيف في الأول يوهم جواز إتيان الحائض إذا ارتفع عنها الدم، وإن لم تطهر بالماء فكأن التشديد فيه رفع التوهم أو هي في حكم الحائض ما لم تطهر وهي ممنوعة من الصلاة ما لم تتطهر، ولزوجها مراجعتها ما لم تطهر بالماء، وإن كان الدم قد انقطع.

ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
معنى المشركات في الآية متعلق بعلاقتها بآية سورة المائدة، قال تعالى( فقال اللّه - عزّ وجلّ: {اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم،)، فمن ربط بينهم بالنسخ، و من ربط بالخصوص و العموم، و من قال أن الآية نزلت لسبب خاص، و من قال أنها محكمة.
1- الآية ناسخة لآية المائدة: كل من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واللغة تطلق على كل كافر إنما يقال له مشرك ؛ عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من كان على غير الإسلام حرام» في بعض ما روي عن ابن عباس ذكر ذلك عنه ابن عطية.
و استدل بالأثر: قول ابن عمر في الموطأ: «ولا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى»، وروي عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما، ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة.
2- الآية منسوخة بآية المائدة: كان التحريم قد نزل في سائر الكفار في تزويج نسائهم من المسلمين، ثم أحل تزويج نساء أهل الكتاب من بينهم. فقال اللّه - عزّ وجلّ: {اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم، قاله ابن عباس والحسن، ذكر ذلك عنهم ابن عطية، وهكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، ومكحولٌ، والحسن، والضّحّاك، وزيد بن أسلم، والرّبيع بن أنسٍ، وغيرهم.، كما نقل عنه ابن كثير.
قالا: تناولهن العموم ثم نسخت آية سورة المائدة بعض العموم في الكتابيات، وهذا مذهب مالك رحمه الله، ذكره ابن حبيب ، كما نقل ابن كثير.
3- لفظ الآية العموم في كل كافرة، والمراد بها الخصوص أي غير الكتابيات، وبينت الخصوص آية المائدة ولم يتناول قط الكتابيات، قاله قتادة وسعيد بن جبير، ذكر ذلك عنهم ابن عطية
4- الآية محكمة: المشركات هنا من يشرك مع الله إلها آخر، فلم تدخل اليهوديات ولا النصرانيات في لفظ هذه الآية، ولا في معناها، وسببها قصة أبي مرثد كناز بن حصين مع عناق التي كانت بمكة، ذكره ابن عطية، و يدخل فيها عبدة الأوثان، قال به الإمام أحمد ، ذكر ذلك عنه ابن كثير، و ذكره ابن عطية و لم ينسبه.
و حاصل القول و الله أعلم أن هذه الآية في المشركات غير الكتابيات، لتضافر الأقوال مع اختلاف السبب الذي بني عليه التفسير، و لأن بعضها تفسير بالمثال، يدخل تحت مظلة الشرك بالله، و لأن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 9 رجب 1444هـ/30-01-2023م, 12:46 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تابع التقوبم


رولا بدوي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 جمادى الأولى 1445هـ/11-12-2023م, 07:07 AM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 707
افتراضي

الإجابة
. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه وسار على نهجه الى يوم الدين.
من رحمه الله التي وسعت كل شيء أن أرسل الرسل وأنزل الكتب وشرع الشرائع لعباده.
وأرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين رحمة للعالمين، وأنزل عليه القرآن هدى وبشرى للمؤمنين، فيه كل ما يحتاج اليه العباد وجميع المطالب الإلهية والمقاصد الشرعية.
ومن المقاصد الشرعية حفظ الأسرة المسلمة فهي اللبنة الأساسية للصرح الإسلامي، فسعى الشرع إلى تدعيم روابط المحبة والمودة بين الزوجين، وجعل الألفة بينهما آية من آيات الله، قال تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)" سورة الروم.
فجاءت أحكام النكاح شامله لكل ما يحتاجه المسلم والمسلمة لإقامة أسرة مسلمة يسودها المودة والرحمة والسكينة.
ولما كان لهذه الشريعة من شمولية في الاهتمام بكل أمور الفرد المسلم كان الحث على الزواج، قال تعالى" وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)"سورة النور.
وحث الزوج على إحسان معاملة زوجته، والتسامح معها والصفح عن بعض هفواتها، وعدم التسرع في طلاقها، قال تعالى: " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)"سورة النساء.
وكان أيضا من كمال عنايه الشرع بالفرد وجود أحكام الطلاق فقد تصاب سفينة الحياة الزوجية ببعض الصدمات والاضطرابات، وعندئذ يوصي القرآن الرجل بالتريث والترقب، وعدم اتباع الهوى ونزوات الغضب، وتكن
في حالات خاصه يكون الطلاق طوق نجاة لبداية حياة جديدة لكلا الزوجين، قال تعالى: " وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا 103" سورة النساء.
وفي سوره البقرة جاءت آيات الطلاق في سياق ذكر آيات الحلف، وكانت أول آيات الطلاق، فوله تعالى: " لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) " ، وذلك لما كان الإيلاء حلفا مقيدا، وكانوا يضرون به النساء في الجاهلية، فيحلفون على ترك وطء الزوجة مطلقا أو مقيدا، فجاء الحكم الشرعي لرفع الضرر عن النساء، وهذا من يسر الشريعة الإسلامية، فجاء الحكم بالتربص أربعه أشهر فان فاؤوا غفر الله لهم، وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم، وفي هذا وعيد وتهديد لمن يحلف هذا الحلف قاصدا به الضرر على الزوجة، فان الله سميع لما يقولون عليم بما يفعلون والله سبحانه وتعالى عليم بما في ذات الصدور.
ثم قال تعالى: " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)"، في هذه الآيات جاءت أحكام الطلاق ومنها أن عدة المطلقة ثلاثة قروء، والقرء هو الحيض وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، والقول الثاني الطهر وهو قول عائشة وابن عمر وغيرهم، وهذا لغير الحامل فأما الحامل فعدتها وضع حملها، والتي لم يدخل بها لا عدة لها.
وحكم العدة فيه تيسير للمسلم وحفظ له، وذلك ليكون العلم ببراءة الرحم اذا تكررت عليها ثلاث اقراء، فلا يؤدي الى اختلاط الانساب، ومنها تكون أحكام الميراث.
وأيضا من تيسير الشرع أنه في هذه الفترة من حق الزوج ان يراجعها إذا كان طلاقا رجعيا، فعلى الزوجين أن يختبرا فيها عواطفهما ومصالحهما قبل الفرقة، فهي فرصة لهدوء النفوس والتفكر فقد تعود الألفة والمودة بينهما، فالله أحب اليه الألفة بين الزوجين واستقرارهم وعدم طلاقهم وكراهة الفراق، قال صلى الله عليه وسلم: (ابغض الحلال الى الله الطلاق).
وحرم الله على النساء أن يكتمن ما خلق الله في ارحامهن وذلك حفظا على الانساب وأحكام الإرث ومعرفه المحارم ووصل الأرحام وعدم قطعها، والصدق في هذا الأمر من دلائل الإيمان بالله واليوم الآخر وفي هذا وعيد للنساء ألا يكتمن ما خلق الله في ارحامهن.
وحفظ الله للمرأة حقوقها - وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۚ - فعلى الرجال أن يحسنوا الصحبة والعشرة بالمعروف، ومنها التزين قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما تحب امرأتي أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، وان لا يؤذوا النساء.
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة - وذلك لما فضلوا من الميراث والجهاد والانفاق واعطائها الصداق، قال تعالى: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ (34)" سورة النساء.
قال تعالى: " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)"، وحدد الله عدد الطلقات وهذا من فضل ويسر الشريعة، فقد كانوا في الجاهلية واول الاسلام كان الطلاق والرجعة لا عدد له، فيضر بالمرأة حيث كان الزوج يضرها بأن يطلقها ثم عند قرب انقضاء عدتها يراجعها ثم يطلقها ويحصل هذا ابدا، وهذا ضرر بالغ بها، فجاء الله وشرع العدد ثلاث طلقات وله أن يراجعها في أول اثنين.
وعليه الاحسان في الامساك بحسن العشرة او في الفراق بالإحسان بان لا يأخذ منها شيئا وألا يضرها ولا يؤذيها، فالرجل الكريم النفس، الطيب الخلق، لا يعامل زوجته إلا بالمعروف؛ سواء أحبها، أو كرهها.
وأيضا من يسر الشريعة المخالعة بالمعروف فإذا كرهت زوجها لخلقته او لسوء خلقه او نقص دينه وخافت ألا تطيعه من نشوز وعدم طاعة فلا تؤدي حقه فان عليها الافتداء.
فإذا طلقت الطلقة الثالثة وتزوجت زوجا آخر زواجا صحيحا ثم طلقت مرة أخرى، هنا يمكن لها الرجوع لزوجها الأول، ولكن هذا مشروط بان يقيموا حدود الله وألا يعودوا للحالة السابقة.
قال تعالى:" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)"
هذا أمر من الله عز وجل للرجال إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإما أن يمسكها ويرجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرحها، ويتركها حتى تنقضي عدتها، ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح.
والتحذير بالإمساك للإضرار بالزوجة فإن ذلك ظلم واستهزاء بأحكام الله، الاستهزاء بدين الله من الكبائر، والاستهزاء هو السخرية، وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب.
فأحكام الله كلها ومنها أحكام الطلاق هي من رحمه الله عليكم واتقوا الله في كل آموركم اعلموا ان الله بكل شيء عليم.
وأيضا على أولياء المرأة المطلقة دون ثلاث ألا يعضلوا المرأة إذا أرادت الرجوع لزوجها في وقت الرجعة وهذا أبقى للأسرة وعدم الفرقة.
قال تعالى: " وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) ، وقال تعالى في سورة الطلاق: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)".
حث الله الزوج وأولياء الزوجة على التقوى ومراقبة الله، وإدراك أن الرزق بيد الله، والمال رزق، والتوفيق رزق، وينبغي أن يكون المؤمن متوكلا على الله في كل حال، فلكل حياة ولكل أمر قدر، وكل شيء مقدر بمقداره، وبزمانه وبمكانه وبملابساته، وبنتائجه وأسبابه، وليس شيء مصادفة، وليس شيء جزافا في هذا الكون كله، وفي نفس الإنسان وحياته.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم.


المجموعة الثانية:
1.
فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
فصل القول في تفسير قوله تعالى:"وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
سبب النزول:
قيل إنها نزلت في أبي بكر حين حلف ألا ينفق على مسطح بعد ما خاض في قصة حادثة الإفك.
وقيل: نزلت في أبي بكر الصديق مع ابنه عبد الرحمن في حديث الضيافة حين حلف أبو بكر ألا يأكل الطعام.
وقيل إن الرجل كان يحلف بالله على ألا يصل رحمه وألا يصلح بين الناس.
والمعنى في الآية
أن لا تجعلوا الحلف بالله حجة لكم على أن تفعلوا البر والإصلاح بين الناس، ومن حلف على ترك بر فليفعل البر وليكفر عن يمينه.
وفي قوله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ
قال بن عطية:"عرضةً فعلة بناء للمفعول، أي كثيرا ما يتعرض بما ذكر،
ومقصد الآية: ولا تعرضوا اسم الله تعالى للأيمان به، ولا تكثروا من الأيمان فإن الحنث مع الإكثار، وفيه قلة رعي لحق الله تعالى "
وفي قوله تعالى: أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ
قال الزجاج:"موضع " أن " نصب بمعنى عرضة المعنى لا تعرضوا باليمين باللّه في أن تبروا "، كما
وقال ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والربيع وغيرهم: المعنى فيما تريدون الشدة فيه من ترك صلة الرحم والبر والإصلاح.
قال الطبري:" التقدير لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا "، وقدره المهدوي: كراهة أن تبروا، وقال بعض المتأولين: المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح،ويحتمل أن يكون هذا التأويل في الذي يريد الإصلاح بين الناس، فيحلف حانثا ليكمل غرضه، ويحتمل أن يكون على ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «نزلت في تكثير اليمين بالله نهيا أن يحلف الرجل به برا فكيف فاجرا»
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {ولا تجعلوا اللّه عرضةً لأيمانكم} قال: لا تجعلنّ عرضةً ليمينك ألّا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير، وهكذا قال مسروقٌ، والشّعبيّ، وإبراهيم النّخعيّ، ومجاهدٌ، وطاووسٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاءٌ، وعكرمة، ومكحولٌ، والزّهريّ، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ، والسّدّيّ.
وثبت في الصّحيحين، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها"
وثبت فيهما أيضًا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعبد الرّحمن بن سمرة: "يا عبد الرّحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنّك إن أعطيتها من غير مسألةٍ أعنت عليها، وإنّ أعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها، وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت خيرًا منها فأت الّذي هو خيرٌ وكفّر عن يمينك".
قال البخاريّ: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن همّام بن منبّهٍ، قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة"، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند اللّه من أن يعطي كفّارته الّتي افترض اللّه عليه". وهكذا رواه مسلمٌ، عن محمّد بن رافعٍ عن عبد الرّزّاق، به. ورواه أحمد، عنه، به.
وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ".
والله سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم

2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.
تحرير القول في أمد منع إتيان الحائض:
في قراءة قوله تعالى: {يطهرن}قراءات:
- قرأها نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه: «يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء.
- وقرأها حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه «يطهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما.
- وفي مصحف أبيّ وعبد الله حتى يتطهرن، وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النساء في محيضهن، واعتزلوهن حتى يتطهرن».
وتحرير القول في أمد منع إتيان الحائض من الآية:
قال بن كثير فقوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن} تفسير لقوله: {فاعتزلوا النّساء في المحيض} ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجود، ومفهومه حله إذا انقطع.
والاشكال في الطهر ما هو؟
- فقال قوم: هو الاغتسال بالماء، المعنى يتطهرن أي: يغتسلن بالماء، بعد انقطاع الدم، وقال ابن عبّاسٍ: {حتّى يطهرن} أي: من الدّم {فإذا تطهّرن} أي: بالماء. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، ومقاتل بن حيّان، واللّيث بن سعدٍ، وغيرهم، وقاله الزجاج، ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء وقال: هي بمعنى يغتسلن لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر، وذهب مالك رحمه الله وجمهور العلماء إلى أن الطهر الذي يحل جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كطهور الجنب، ولا يجزي من ذلك تيمم ولا غيره.
وقال يحيى بن بكير وابن القرظي: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلّت لزوجها وإن لم تغتسل.
- وقال قوم: هو وضوء كوضوء الصلاة، قاله مجاهد وعكرمة وطاووس: انقطاع الدم يحلها لزوجها ولكن بأن تتوضأ، ذكره بن عطية.
- وقال قوم: هو غسل الفرج وإباحة وطء المرأة بمجرد انقطاع دم الحيض وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة، هذا قول يحيى بن بكيرٍ من المالكية وابن عبد الحكم وحكاه القرطبي عن مجاهد وعكرمة وطاووس، وعن أبي حنيفة إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، وهو عشرة أيام.
ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
تحرير القول في المراد بالمشركات، في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}:
هو على قولان:
- المشركات بالله عموما ويدخل فيهن الكتابيات
- أنه يخص الوثنيات فقط
القول الأول: قال ابن عباس في بعض ما روي عنه إن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من كان على غير الإسلام حرام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فعلى هذا هي ناسخة للآية التي في سورة المائدة، وينظر إلى هذا قول ابن عمر في الموطأ: «ولا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى»، وروي عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما، ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة.
وقال البخاريّ: وقال ابن عمر: لا أعلم شركًا أعظم من أن تقول: ربّها عيسى.
القول الثاني: المشركات الوثنيات، وبهذا يحل زواج الكتابيات، قال الزجاج: "ومعنى المشركات: ههنا لكل من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واللغة تطلق على كل كافر إنما يقال له مشرك - وكان التحريم قد نزل في سائر الكفار في تزويج نسائهم من المسلمين، ثم أحل تزويج نساء أهل الكتاب من بينهم. فقال اللّه: "اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم" سورة المائدة"، فيكون هذا تخصيص بحل الكتابيات.
وقال قتادة وسعيد بن جبير: لفظ الآية العموم في كل كافرة، والمراد بها الخصوص أي غير الكتابيات، وبينت الخصوص آية المائدة ولم يتناول قط الكتابيات.
وقال ابن عباس والحسن: تناولهن العموم ثم نسخت آية سورة المائدة بعض العموم في الكتابيات، وهذا مذهب مالك رحمه الله، ذكره ابن حبيب وقال: «ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله مستثقل مذموم».
وأباح نكاح الكتابيات عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وجابر بن عبد الله وطلحة وعطاء بن أبي رباح وابن المسيب والحسن وطاووس وابن جبير والزهري والشافعي وعوام أهل المدينة والكوفة.
قال أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه، بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيّات: وإنّما كره عمر ذلك، لئلّا يزهد النّاس في المسلّمات، أو لغير ذلك من المعاني، كما حدّثنا أبو كريب، حدّثنا ابن إدريس، حدّثنا الصّلت بن بهرام، عن شقيقٍ قال: تزوّج حذيفة يهوديّةً، فكتب إليه عمر: خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنّها حرامٌ فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنّها حرامٌ، ولكنّي أخاف أن تعاطوا المومسات منهنّ، وقال ابن جريرٍ: حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، حدّثنا محمّد بن بشرٍ، حدّثنا سفيان بن سعيدٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن زيد بن وهبٍ قال: قال [لي] عمر بن الخطّاب: المسلم يتزوّج النّصرانيّة، ولا يتزوّج النّصرانيّ المسلمة.
قال: وهذا أصحّ إسنادًا من الأول.
وقال أبو بكرٍ الخلّال الحنبليّ: حدّثنا محمّد بن هارون حدّثنا إسحاق بن إبراهيم (ح) وأخبرني محمّد بن عليٍّ، حدّثنا صالح بن أحمد: أنّهما سألا أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل، عن قول اللّه: {ولا تنكحوا المشركات حتّى يؤمنّ} قال: مشركات العرب الّذين يعبدون الأوثان.


جزاكم الله خير ونفع بكم

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 29 جمادى الأولى 1445هـ/11-12-2023م, 08:02 AM
منى حامد منى حامد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Nov 2017
المشاركات: 707
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حياكم الله

مراجع الرسالة

المراجع
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن المؤلف: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت ٣١٠ هـ) - تفسير القرطبي
- النكت والعيون المؤلف: أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (ت ٤٥٠هـ) - تفسير الماوردي
- تفسير القرآن العظيم. المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ) - تفسير بن كثير
- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان. المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (ت ١٣٧٦هـ) - تفسير الشيخ السعدي
- تفسير سورة الطلاق من الموسوعة القرآنية -

https://quranpedia.net



سامحوني على أي تقصير وجزاكم الله خير وبوركتم

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12 شوال 1445هـ/20-04-2024م, 02:03 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,074
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى حامد مشاهدة المشاركة
الإجابة
. (عامّ لجميع الطلاب)
اكتب رسالة مختصرة تبيّن فيها يسر الشريعة بناء على ما درسته في تفسير آيات الطلاق.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه وسار على نهجه الى يوم الدين.
من رحمه الله التي وسعت كل شيء أن أرسل الرسل وأنزل الكتب وشرع الشرائع لعباده.
وأرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين رحمة للعالمين، وأنزل عليه القرآن هدى وبشرى للمؤمنين، فيه كل ما يحتاج اليه العباد وجميع المطالب الإلهية والمقاصد الشرعية.
ومن المقاصد الشرعية حفظ الأسرة المسلمة فهي اللبنة الأساسية للصرح الإسلامي، فسعى الشرع إلى تدعيم روابط المحبة والمودة بين الزوجين، وجعل الألفة بينهما آية من آيات الله، قال تعالى:" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)" سورة الروم.
فجاءت أحكام النكاح شامله لكل ما يحتاجه المسلم والمسلمة لإقامة أسرة مسلمة يسودها المودة والرحمة والسكينة.
ولما كان لهذه الشريعة من شمولية في الاهتمام بكل أمور الفرد المسلم كان الحث على الزواج، قال تعالى" وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)"سورة النور.
وحث الزوج على إحسان معاملة زوجته، والتسامح معها والصفح عن بعض هفواتها، وعدم التسرع في طلاقها، قال تعالى: " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)"سورة النساء.
وكان أيضا من كمال عنايه الشرع بالفرد وجود أحكام الطلاق فقد تصاب سفينة الحياة الزوجية ببعض الصدمات والاضطرابات، وعندئذ يوصي القرآن الرجل بالتريث والترقب، وعدم اتباع الهوى ونزوات الغضب، وتكن
في حالات خاصه يكون الطلاق طوق نجاة لبداية حياة جديدة لكلا الزوجين، قال تعالى: " وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا 103" سورة النساء.
وفي سوره البقرة جاءت آيات الطلاق في سياق ذكر آيات الحلف، وكانت أول آيات الطلاق، فوله تعالى: " لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ۖ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) " ، وذلك لما كان الإيلاء حلفا مقيدا، وكانوا يضرون به النساء في الجاهلية، فيحلفون على ترك وطء الزوجة مطلقا أو مقيدا، فجاء الحكم الشرعي لرفع الضرر عن النساء، وهذا من يسر الشريعة الإسلامية، فجاء الحكم بالتربص أربعه أشهر فان فاؤوا غفر الله لهم، وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم، وفي هذا وعيد وتهديد لمن يحلف هذا الحلف قاصدا به الضرر على الزوجة، فان الله سميع لما يقولون عليم بما يفعلون والله سبحانه وتعالى عليم بما في ذات الصدور.
ثم قال تعالى: " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)"، في هذه الآيات جاءت أحكام الطلاق ومنها أن عدة المطلقة ثلاثة قروء، والقرء هو الحيض وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، والقول الثاني الطهر وهو قول عائشة وابن عمر وغيرهم، وهذا لغير الحامل فأما الحامل فعدتها وضع حملها، والتي لم يدخل بها لا عدة لها.
وحكم العدة فيه تيسير للمسلم وحفظ له، وذلك ليكون العلم ببراءة الرحم اذا تكررت عليها ثلاث اقراء، فلا يؤدي الى اختلاط الانساب، ومنها تكون أحكام الميراث.
وأيضا من تيسير الشرع أنه في هذه الفترة من حق الزوج ان يراجعها إذا كان طلاقا رجعيا، فعلى الزوجين أن يختبرا فيها عواطفهما ومصالحهما قبل الفرقة، فهي فرصة لهدوء النفوس والتفكر فقد تعود الألفة والمودة بينهما، فالله أحب اليه الألفة بين الزوجين واستقرارهم وعدم طلاقهم وكراهة الفراق، قال صلى الله عليه وسلم: (ابغض الحلال الى الله الطلاق).
وحرم الله على النساء أن يكتمن ما خلق الله في ارحامهن وذلك حفظا على الانساب وأحكام الإرث ومعرفه المحارم ووصل الأرحام وعدم قطعها، والصدق في هذا الأمر من دلائل الإيمان بالله واليوم الآخر وفي هذا وعيد للنساء ألا يكتمن ما خلق الله في ارحامهن.
وحفظ الله للمرأة حقوقها - وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۚ - فعلى الرجال أن يحسنوا الصحبة والعشرة بالمعروف، ومنها التزين قال ابن عباس رضي الله عنهما: إني أحب أن أتزين لامرأتي كما تحب امرأتي أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، وان لا يؤذوا النساء.
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة - وذلك لما فضلوا من الميراث والجهاد والانفاق واعطائها الصداق، قال تعالى: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ (34)" سورة النساء.
قال تعالى: " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)"، وحدد الله عدد الطلقات وهذا من فضل ويسر الشريعة، فقد كانوا في الجاهلية واول الاسلام كان الطلاق والرجعة لا عدد له، فيضر بالمرأة حيث كان الزوج يضرها بأن يطلقها ثم عند قرب انقضاء عدتها يراجعها ثم يطلقها ويحصل هذا ابدا، وهذا ضرر بالغ بها، فجاء الله وشرع العدد ثلاث طلقات وله أن يراجعها في أول اثنين.
وعليه الاحسان في الامساك بحسن العشرة او في الفراق بالإحسان بان لا يأخذ منها شيئا وألا يضرها ولا يؤذيها، فالرجل الكريم النفس، الطيب الخلق، لا يعامل زوجته إلا بالمعروف؛ سواء أحبها، أو كرهها.
وأيضا من يسر الشريعة المخالعة بالمعروف فإذا كرهت زوجها لخلقته او لسوء خلقه او نقص دينه وخافت ألا تطيعه من نشوز وعدم طاعة فلا تؤدي حقه فان عليها الافتداء.
فإذا طلقت الطلقة الثالثة وتزوجت زوجا آخر زواجا صحيحا ثم طلقت مرة أخرى، هنا يمكن لها الرجوع لزوجها الأول، ولكن هذا مشروط بان يقيموا حدود الله وألا يعودوا للحالة السابقة.
قال تعالى:" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۗ ذَٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)"
هذا أمر من الله عز وجل للرجال إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإما أن يمسكها ويرجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرحها، ويتركها حتى تنقضي عدتها، ويخرجها من منزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح.
والتحذير بالإمساك للإضرار بالزوجة فإن ذلك ظلم واستهزاء بأحكام الله، الاستهزاء بدين الله من الكبائر، والاستهزاء هو السخرية، وهو حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب.
فأحكام الله كلها ومنها أحكام الطلاق هي من رحمه الله عليكم واتقوا الله في كل آموركم اعلموا ان الله بكل شيء عليم.
وأيضا على أولياء المرأة المطلقة دون ثلاث ألا يعضلوا المرأة إذا أرادت الرجوع لزوجها في وقت الرجعة وهذا أبقى للأسرة وعدم الفرقة.
قال تعالى: " وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) ، وقال تعالى في سورة الطلاق: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)".
حث الله الزوج وأولياء الزوجة على التقوى ومراقبة الله، وإدراك أن الرزق بيد الله، والمال رزق، والتوفيق رزق، وينبغي أن يكون المؤمن متوكلا على الله في كل حال، فلكل حياة ولكل أمر قدر، وكل شيء مقدر بمقداره، وبزمانه وبمكانه وبملابساته، وبنتائجه وأسبابه، وليس شيء مصادفة، وليس شيء جزافا في هذا الكون كله، وفي نفس الإنسان وحياته.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الكريم.


[b]
المجموعة الثانية:
1.
فصّل القول في تفسير قوله تعالى:
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
فصل القول في تفسير قوله تعالى:"وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "
سبب النزول:
قيل إنها نزلت في أبي بكر حين حلف ألا ينفق على مسطح بعد ما خاض في قصة حادثة الإفك.
وقيل: نزلت في أبي بكر الصديق مع ابنه عبد الرحمن في حديث الضيافة حين حلف أبو بكر ألا يأكل الطعام.
وقيل إن الرجل كان يحلف بالله على ألا يصل رحمه وألا يصلح بين الناس.
والمعنى في الآية
أن لا تجعلوا الحلف بالله حجة لكم على أن تفعلوا البر والإصلاح بين الناس، ومن حلف على ترك بر فليفعل البر وليكفر عن يمينه.
وفي قوله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ
قال بن عطية:"عرضةً فعلة بناء للمفعول، أي كثيرا ما يتعرض بما ذكر،
ومقصد الآية: ولا تعرضوا اسم الله تعالى للأيمان به، ولا تكثروا من الأيمان فإن الحنث مع الإكثار، وفيه قلة رعي لحق الله تعالى "
وفي قوله تعالى: أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ
قال الزجاج:"موضع " أن " نصب بمعنى عرضة المعنى لا تعرضوا باليمين باللّه في أن تبروا "، كما
وقال ابن عباس وإبراهيم النخعي ومجاهد والربيع وغيرهم: المعنى فيما تريدون الشدة فيه من ترك صلة الرحم والبر والإصلاح.
قال الطبري:" التقدير لأن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا "، وقدره المهدوي: كراهة أن تبروا، وقال بعض المتأولين: المعنى ولا تحلفوا بالله كاذبين إذا أردتم البر والتقوى والإصلاح،ويحتمل أن يكون هذا التأويل في الذي يريد الإصلاح بين الناس، فيحلف حانثا ليكمل غرضه، ويحتمل أن يكون على ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «نزلت في تكثير اليمين بالله نهيا أن يحلف الرجل به برا فكيف فاجرا»
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: {ولا تجعلوا اللّه عرضةً لأيمانكم} قال: لا تجعلنّ عرضةً ليمينك ألّا تصنع الخير، ولكن كفّر عن يمينك واصنع الخير، وهكذا قال مسروقٌ، والشّعبيّ، وإبراهيم النّخعيّ، ومجاهدٌ، وطاووسٌ، وسعيد بن جبيرٍ، وعطاءٌ، وعكرمة، ومكحولٌ، والزّهريّ، والحسن، وقتادة، ومقاتل بن حيّان، والرّبيع بن أنسٍ، والضّحّاك، وعطاءٌ الخراسانيّ، والسّدّيّ.
وثبت في الصّحيحين، عن أبي موسى الأشعريّ رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّي واللّه -إن شاء اللّه -لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلّا أتيت الّذي هو خيرٌ وتحلّلتها"
وثبت فيهما أيضًا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال لعبد الرّحمن بن سمرة: "يا عبد الرّحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنّك إن أعطيتها من غير مسألةٍ أعنت عليها، وإنّ أعطيتها عن مسألةٍ وكلت إليها، وإذا حلفت على يمينٍ فرأيت خيرًا منها فأت الّذي هو خيرٌ وكفّر عن يمينك".
قال البخاريّ: حدّثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن همّام بن منبّهٍ، قال: هذا ما حدّثنا أبو هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "نحن الآخرون السّابقون يوم القيامة"، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "واللّه لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند اللّه من أن يعطي كفّارته الّتي افترض اللّه عليه". وهكذا رواه مسلمٌ، عن محمّد بن رافعٍ عن عبد الرّزّاق، به. ورواه أحمد، عنه، به.
وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ".
والله سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم

[لو فسرت كلمات الآيات على حدة، مثلا: تفسير قوله تعالى:(عرضة)....وهكذا، ثم يكون عن الكلام عن المعنى، حتى تتبين تفاصيل الأقوال وأدلتها.]
2. حرّر القول في كل من:
أ: أمد منع إتيان الحائض في قوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن}.
تحرير القول في أمد منع إتيان الحائض:
في قراءة قوله تعالى: {يطهرن}قراءات:
- قرأها نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه: «يطهرن» بسكون الطاء وضم الهاء.
- وقرأها حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل عنه «يطهّرن» بتشديد الطاء والهاء وفتحهما.
- وفي مصحف أبيّ وعبد الله حتى يتطهرن، وفي مصحف أنس بن مالك «ولا تقربوا النساء في محيضهن، واعتزلوهن حتى يتطهرن».
وتحرير القول في أمد منع إتيان الحائض من الآية:
قال بن كثير فقوله تعالى: {ولا تقربوهنّ حتّى يطهرن} تفسير لقوله: {فاعتزلوا النّساء في المحيض} ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجود، ومفهومه حله إذا انقطع.
والاشكال في الطهر ما هو؟
- فقال قوم: هو الاغتسال بالماء، المعنى يتطهرن أي: يغتسلن بالماء، بعد انقطاع الدم، وقال ابن عبّاسٍ: {حتّى يطهرن} أي: من الدّم {فإذا تطهّرن} أي: بالماء. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، والحسن، ومقاتل بن حيّان، واللّيث بن سعدٍ، وغيرهم، وقاله الزجاج، ورجح الطبري قراءة تشديد الطاء وقال: هي بمعنى يغتسلن لإجماع الجميع على أن حراما على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر، وذهب مالك رحمه الله وجمهور العلماء إلى أن الطهر الذي يحل جماع الحائض التي يذهب عنها الدم هو تطهرها بالماء كطهور الجنب، ولا يجزي من ذلك تيمم ولا غيره.
وقال يحيى بن بكير وابن القرظي: إذا طهرت الحائض وتيممت حيث لا ماء حلّت لزوجها وإن لم تغتسل.
- وقال قوم: هو وضوء كوضوء الصلاة، قاله مجاهد وعكرمة وطاووس: انقطاع الدم يحلها لزوجها ولكن بأن تتوضأ، ذكره بن عطية.
- وقال قوم: هو غسل الفرج وإباحة وطء المرأة بمجرد انقطاع دم الحيض وذلك يحلها لزوجها وإن لم تغتسل من الحيضة، هذا قول يحيى بن بكيرٍ من المالكية وابن عبد الحكم وحكاه القرطبي عن مجاهد وعكرمة وطاووس، وعن أبي حنيفة إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، وهو عشرة أيام.
[- فاتك توجيه القراءات
-الخلاف بينهم في اشتراط اغتسال المرأة بعد انقطاع دم الحيض ليباح لزوجها جماعها، أم يكفي انقطاع دم الحيض ليباح له ذلك ولو لم تغتسل.
ثم اختلف من قال باشتراط التطهر في كيفيته؛ فمنهم من قال بأن المراد غسل الفرج، ومنهم من قال بأن المراد الوضوء، ومنهم من قال بأن المراد الغسل.....
- لم تبيني الراجح!]

ب: المراد بالمشركات في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}.
تحرير القول في المراد بالمشركات، في قوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ}:
هو على قولان:
- المشركات بالله عموما ويدخل فيهن الكتابيات
- أنه يخص الوثنيات فقط
القول الأول: قال ابن عباس في بعض ما روي عنه إن الآية عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من كان على غير الإسلام حرام.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فعلى هذا هي ناسخة للآية التي في سورة المائدة، وينظر إلى هذا قول ابن عمر في الموطأ: «ولا أعلم إشراكا أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى»، وروي عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين وقالا: نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب، فقال: لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما، ولكن أفرق بينكما صغرة قمأة.
وقال البخاريّ: وقال ابن عمر: لا أعلم شركًا أعظم من أن تقول: ربّها عيسى.
القول الثاني: المشركات الوثنيات، وبهذا يحل زواج الكتابيات، قال الزجاج: "ومعنى المشركات: ههنا لكل من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واللغة تطلق على كل كافر إنما يقال له مشرك - وكان التحريم قد نزل في سائر الكفار في تزويج نسائهم من المسلمين، ثم أحل تزويج نساء أهل الكتاب من بينهم. فقال اللّه: "اليوم أحلّ لكم الطّيّبات وطعام الّذين أوتوا الكتاب حلّ لكم وطعامكم حلّ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم" سورة المائدة"، فيكون هذا تخصيص بحل الكتابيات.
وقال قتادة وسعيد بن جبير: لفظ الآية العموم في كل كافرة، والمراد بها الخصوص أي غير الكتابيات، وبينت الخصوص آية المائدة ولم يتناول قط الكتابيات.
وقال ابن عباس والحسن: تناولهن العموم ثم نسخت آية سورة المائدة بعض العموم في الكتابيات، وهذا مذهب مالك رحمه الله، ذكره ابن حبيب وقال: «ونكاح اليهودية والنصرانية وإن كان قد أحله الله مستثقل مذموم».
وأباح نكاح الكتابيات عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وجابر بن عبد الله وطلحة وعطاء بن أبي رباح وابن المسيب والحسن وطاووس وابن جبير والزهري والشافعي وعوام أهل المدينة والكوفة.
قال أبو جعفر بن جريرٍ، رحمه اللّه، بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيّات: وإنّما كره عمر ذلك، لئلّا يزهد النّاس في المسلّمات، أو لغير ذلك من المعاني، كما حدّثنا أبو كريب، حدّثنا ابن إدريس، حدّثنا الصّلت بن بهرام، عن شقيقٍ قال: تزوّج حذيفة يهوديّةً، فكتب إليه عمر: خل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنّها حرامٌ فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنّها حرامٌ، ولكنّي أخاف أن تعاطوا المومسات منهنّ، وقال ابن جريرٍ: حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، حدّثنا محمّد بن بشرٍ، حدّثنا سفيان بن سعيدٍ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن زيد بن وهبٍ قال: قال [لي] عمر بن الخطّاب: المسلم يتزوّج النّصرانيّة، ولا يتزوّج النّصرانيّ المسلمة.
قال: وهذا أصحّ إسنادًا من الأول.
وقال أبو بكرٍ الخلّال الحنبليّ: حدّثنا محمّد بن هارون حدّثنا إسحاق بن إبراهيم (ح) وأخبرني محمّد بن عليٍّ، حدّثنا صالح بن أحمد: أنّهما سألا أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل، عن قول اللّه: {ولا تنكحوا المشركات حتّى يؤمنّ} قال: مشركات العرب الّذين يعبدون الأوثان.

[/[لو تطرقت لقول من قال من السلف بأن سورة المائدة لم ينسخ منها شيء]جزاكم الله خير ونفع بكم

وجزاكم خيراً مثله ونفع بكم
ب+

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir