دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > مكتبة علوم العقيدة > أصول الاعتقاد > كتاب التوحيد لابن خزيمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 جمادى الآخرة 1434هـ/24-04-2013م, 10:58 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي باب ذكر الأخبار المصرّحة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّما يخرج من النّار من كان في قلبه في الدّنيا إيمانٌ»

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (ت: 311هـ): (باب ذكر الأخبار المصرّحة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّما يخرج من النّار من كان في قلبه في الدّنيا إيمانٌ» دون من لم يكن في قلبه في الدّنيا إيمانٌ
[التوحيد: 2/702]
ممّن كان يقرّ بلسانه بالتّوحيد، خاليًا قلبه من الإيمان مع البيان الواضح أنّ النّاس يتفاضلون في إيمان القلب، ضدّ قول من زعم من غالية المرجئة أنّ الإيمان لا يكون في القلب، وخلاف قول من زعم من غير المرجئة أنّ النّاس إنّما يتفاضلون في
[التوحيد: 2/703]
إيمان الجوارح، الّذي هو كسب الأبدان، فإنّهم زعموا أنّهم متساوون في إيمان القلب الّذي هو التّصديق، وإيمان اللّسان الّذي هو الإقرار مع البيان أنّ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شفاعاتٍ يوم القيامة، على ما قد بيّنت قبل، لا أنّ له شفاعةً واحدةً فقط
[التوحيد: 2/704]
حدّثنا الرّبيع بن سليمان، وإبراهيم بن عيسى بن عبد اللّه، كاتب الحارث بن مسكينٍ، قالا: ثنا ابن وهبٍ، وثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن وهبٍ، قال: ثني عمّي، قال: أخبرني مالكٌ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة، قال: أخبرني أبي، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يدخل أهل الجنّة الجنّة، يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النّار النّار، ثمّ يقول: انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبّةٍ من خردلٍ، من إيمانٍ، فأخرجوه قال: فيخرجون منها حممًا قد امتحشوا، فيلقون في نهر الحياة أو الحيا، فينبتون كما تنبت الحبّة أو الحيّة «، شكّ الرّبيع» إلى جانب السّيل "، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتويةً»
[التوحيد: 2/705]
وقال إبراهيم بن عيسى: «يدخل اللّه أهل الجنّة الجنّة»، وقال: «الحبّة إلى جانب السّيل»، قال أحمد: الحبّة ولم يشكّ، وقال ثنا مالكٌ قال أبو بكرٍ: هذا الخبر مختصرٌ، حذف منه أوّل القصّة في الشّفاعة، لمن أدخل النّار، من أهل التّوحيد، وذكر آخر القصّة، والدّليل على صحّة ما ذكرت أنّ الخبر مختصرٌ، خبر زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " فيقول اللّه: انظروا من كان في قلبه زنة دينارٍ من إيمانٍ، أخرجوه " ثمّ ذكر زنة قيراطٍ، ثمّ ذكر زنة مثقال حبّة خردلٍ، قد خرّجت هذا الخبر، في غير هذا الباب بتمامه
[التوحيد: 2/706]
وقد حدّثنا أيضًا، بصحّة ما ذكرت، يوسف بن موسى، قال: ثنا أبو معاوية، قال: ثنا عاصمٌ الأحول، عن أبي عثمان النّهديّ، عن سلمان الفارسيّ، قال: يأتون النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: فيقولون: يا نبيّ اللّه، أنت الّذي فتح اللّه بك، وختم بك، وغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، قم فاشفع لنا إلى ربّك فيقول: نعم، أنا
[التوحيد: 2/706]
صاحبكم فيخرج يحوش النّار، حتّى ينتهي إلى باب الجنّة، فيأخذ بحلقةٍ في الباب من ذهبٍ، فيقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فيقال: محمّدٌ قال: فيفتح له، قال: فيجيء حتّى يقوم بين يدي اللّه، فيستأذن في السّجود، فيؤذن له، قال: فيفتح اللّه له من الثّناء والتّحميد والتّمجيد ما لم يفتحه لأحدٍ من الخلائق، فينادى يا محمّد ارفع رأسك وسل تعطه، ادع يجب، قال: فيرفع رأسه، فيقول: ربّ أمّتي أمّتي، ثمّ يستأذن في السّجود فيؤذن له، فيفتح له من الثّناء والتّحميد والتّمجيد، ما لم يفتح لأحدٍ من الخلائق فينادى " يا محمّد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفّع، وادع تجب، قال: يفعل ذلك مرّتين أو ثلاثًا، فيشفع لمن كان في قلبه حبّةٌ من حنطةٍ، أو مثقال شعيرةٍ، أو مثقال حبّةٍ من خردل من إيمانٍ " قال سلمان: فذلك المقام المحمود قال أبو بكرٍ: وهذا الخبر أتمّ في قصّة إخراج من يخرج من النّار، من خبر يحيى بن عمارة، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، لأنّ في هذا الخبر ذكر مثقال حبّة الحنطة، وحبّة الشّعير، وليس في خبر يحيى بن عمارة، عن أبي سعيدٍ ذكرهما، وخبر عبيد اللّه بن أبي بكرٍ، عن أنسٍ، فيه أيضًا ذكر الشّعير والبرّة، وفيه أيضًا ذكر الذّرّة، لم يذكر فيه حبّة الخردل، وهذه الأخبار تدلّ على صحّة مذهبنا أنّ الأخبار رويت على ما كان يحفظها رواتها، منهم من كان يحفظ بعض الخبر، ومنهم من كان يحفظ الكلّ، فبعض الأخبار رويت مختصرةً، وبعضها متقصّاةٌ، فإذا جمع بين المتقصّى من الأخبار وبين المختصر منها، بان حينئذٍ العلم والحكم
[التوحيد: 2/707]
حدّثنا بخبر، عبيد اللّه بن أبي بكرٍ الّذي ذكرت محمود بن غيلان، قال: ثنا المؤمّل بن إسماعيل، قال: ثنا المبارك بن فضالة، قال: ثنا عبيد اللّه بن أبي بكر بن أنسٍ، عن جدّه، أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يقول اللّه عزّ وجلّ: أخرجوا من النّار من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من الإيمان، أخرجوا من النّار من كان في قلبه مثقال برّةٍ من الإيمان، أخرجوا من النّار من قال لا إله إلّا اللّه، أو ذكرني أو خافني في مقامٍ "
[التوحيد: 2/708]
حدّثنا نصر بن مرزوقٍ المصريّ، قال: ثنا الخصيب يعني ابن ناصحٍ، قال: ثنا المبارك، عن عبيد اللّه بن أبي بكرٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج من النّار» فذكر مثله، وقال في كلّها يخرج من النّار وقال: قدر خردلةٍ، مكان ذرّةٍ، وقال أخرجوا من النّار من ذكرني يومًا أو خافني في مقامٍ، لم يذكر في هذا الموضع قول لا إله إلّا اللّه وروى أبو داود هذا الخبر مختصرًا
[التوحيد: 2/709]
حدّثناه محمّد بن رافعٍ، قال: ثنا أبو داود، عن مبارك بن فضالة، وثنا عبدة بن عبد اللّه الخزاعيّ، قال: ثنا أبو داود الطّيالسيّ، قال: ثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد اللّه بن أبي بكر بن أنسٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " يقول اللّه: أخرجوا من النّار من ذكرني يومًا أو خافني في مقامٍ ". قال أبو بكرٍ: اختصر أبو داود هذا الحديث، ولم يذكر أوّل المتن، وذكر آخره
[التوحيد: 2/710]
أخبرني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنّ أباه، وشعيب بن اللّيث، أخبراه قالا: أخبرنا اللّيث، عن ابن الهاد، عن عمرٍو وهو ابن أبي عمرٍو، عن أنس بن مالكٍ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: " إنّي لأوّل النّاس،
[التوحيد: 2/710]
تنشقّ الأرض عن جمجمته يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيّد النّبيّين يوم القيامة ولا فخر، وأنا أوّل من يدخل الجنّة يوم القيامة ولا فخر، سآتي باب الجنّة، فيفتحون لي، فأسجد للّه تعالى فيقول: «ارفع رأسك يا محمّد، وتكلّم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفّع»، فأرفع رأسي، فأقول: أمّتي أمّتي، يا ربّ، فيقول: «اذهب إلى أمّتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبّةٍ من شعيرةٍ، من إيمانٍ، فأدخله الجنّة»، فأقبل بمن وجدت في قلبه ذلك، فأدخلهم الجنّة وآتي الجبّار، فأسجد له، فيقول: «ارفع رأسك يا محمّد، وتكلّم يسمع منك، وقل، يقبل قولك، واشفع تشفّع»، فأقول: أمّتي، أمّتي، فيقول: اذهب إلى أمّتك فمن وجدت في قلبه مثقال نصف حبّةٍ، من شعيرٍ من الإيمان فأدخله الجنّة، فأذهب، فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك فأدخله الجنّة، قال: فآتي الجبّار، فأسجد له فيقول: ارفع رأسك يا محمّد، وتكلّم، يسمع منك، واشفع، تشفّع "، فأرفع رأسي، فأقول: أمّتي، أمّتي، أي ربّ، فيقول: «اذهب، فمن وجدت في قلبه مثقال حبّةٍ من خردلٍ، من إيمانٍ، فأدخله الجنّة»، فأذهب، فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك، فأدخلهم الجنّة، وفرغ من الحساب حساب النّاس، ذكر الحديث
[التوحيد: 2/711]
حدّثنا بهذا الخبر أحمد بن عبد الرّحمن بن وهبٍ، قال: ثنا عمّي قال: ثنا عبد الرّحمن بن سلمان يعني الحجريّ، عن عمرو بن أبي عمر، عن أنس بن مالكٍ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فذكر بمثله، غير أنّه قال: " وأنا سيّد النّبيّين يوم القيامة، ولا فخر، وإنّي آتي باب الجنّة، فآخذ بحلقتها، فتقول الملائكة: من هذا؟ فأقول: أنا محمّدٌ، فيفتحون لي، فأدخل فأجد الجبّار تبارك وتعالى مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمّد " فذكر بعض الحديث وقال: " فأقبل بمن وجدت في قلبه ذلك، فإذا الجبّار مستقبلي، فأسجد له فيقول: ارفع رأسك يا محمّد " فذكر بعض الحديث وقال: «فمن وجدت في قلبه ذلك، فإذا الجبّار تبارك وتعالى مستقبلي، فأسجد له» وذكر الحديث إلى قوله: «وفرغ من حساب النّاس»، قال: " أدخل من بقي من أمّتي النّار مع أهل النّار، فيقول لهم أهل النّار: ما أغنى عنكم أنّكم كنتم تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، فأنتم معنا، فيقول الجبّار تبارك وتعالى فبعزّتي لأعتقهم من النّار، فيرسل إليهم فيخرجون من النّار، وقد امتحشوا، فيدخلون في
[التوحيد: 2/712]
نهر الجنّة فينبتون فيه كما تنبت الحبّة في غثاء السّيل، ويكتب بين أعينهم هؤلاء عتقاء اللّه، فيذهب بهم، فيدخلون الجنّة فيقال هؤلاء الجهنّميّون، فيقول الجبّار: هؤلاء عتقاء الجبّار " قال أبو بكرٍ: في هذا الخبر، خبر عمرو بن أبي عمرٍو، عن أنسٍ، ذكر نصف حبّة شعيرٍ، وليس في شيءٍ من هذه الأخبار هذه اللّفظة، وليس في هذا الخبر، ذكر البرّة، وجائزٌ أن يكون زنة نصف حبّة شعيرٍ، زنة حبّة حنطةٍ
[التوحيد: 2/713]
حدّثنا محمّد بن يحيى الذّهليّ قال: ثنا الخليل بن عمر، قال: ثنا عمر يعني ابن سعيدٍ الأشجّ، عن سعيدٍ يعني ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج من النّار من كان في قلبه ما يزن خردلةً ما يزن برّةً، ما يزن ذرّةً من الإيمان» قال أبو بكرٍ: ليس خبر قتادة عن أنسٍ: " أخرجوا من النّار من قال لا إله إلّا اللّه، وفي قلبه من الخير ما يزن برّةً خلاف هذه الأخبار الّتي فيها، في قلبه من الإيمان ما يزن كذا، إذ العلم محيطٌ أنّ الإيمان من الخير لا من الشّرّ، ومن زعم
[التوحيد: 2/713]
من الغالية المرجئة أنّ ذكر الخير في هذا الخبر ليس بإيمانٍ، كان مكذّبًا لهذه الأخبار الّتي فيها، أخرجوا من النّار من كان في قلبه من الإيمان كذا، فيلزمهم أن يقولوا: هذه الأخبار كلّها غير ثابتةٍ، أو يقولوا: إنّ الإيمان ليس بإيمانٍ، أو يقولوا: إنّ الإيمان ليس بخيرٍ، وما ليس بخيرٍ فهو شرٌّ، ولا يقول مسلمٌ: إنّ الإيمان ليس بخيرٍ، فافهمه لا تغالط
[التوحيد: 2/714]
حدّثنا أحمد بن عبدة، قال: ثنا حمّادٌ يعني ابن زيدٍ، قال: ثنا معبد بن هلالٍ العنزيّ، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالكٍ، في زمن الثّمرة، ومعنا ثابتٌ البنانيّ، لهذا الحديث، فاستأذن ثابتٌ، فأذن لنا ودخلنا عليه، وأجلس ثابتًا معه على سريره، أو قال على فراشه قال: فقلت لأصحابنا: لا تسألوه عن شيءٍ، إلّا عن هذا الحديث، فإنّا خرجنا له، قال ثابتٌ: يا أبا حمزة، إنّ إخوانك من أهل
[التوحيد: 2/714]
البصرة جاءوك يسألونك عن حديث رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في الشّفاعة، فقال: نعم، حدّثنا محمّدٌ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: " إذا كان يوم القيامة ماج النّاس بعضهم في بعضٍ قال: فيؤتى آدم عليه السّلام فيقال: آدم، اشفع في ذرّيّتك قال: فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنّه خليل اللّه، فيؤتى إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى، فإنّه كليم اللّه، فيؤتى موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنّه روح اللّه وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها ولكن عليكم بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فأوتى، فأقول: أنا لها فأنطلق، فأستأذن على ربّي، فيؤذن لي عليه، فأقوم بين يديه، ويلهمني محامد، لا أقدر عليها الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخّر ساجدًا، فيقال لي: يا محمّد ارفع رأسك، وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع تشفّع فأقول: يا ربّ أمّتي، أمّتي، قال: فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه إمّا إن قال مثقال برّةٍ، وإمّا إن قال: مثقال شعيرةٍ من الإيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثمّ أعود، فأحمده بتلك المحامد، وأخرّ ساجدًا قال: فيقال لي: يا محمّد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول: يا ربّ أمّتي، أمّتي قال: فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبّة خردلٍ، من الإيمان، فأخرجه من النّار، ثلاث مرّاتٍ، فأنطلق، فأفعل "، قال معبدٌ: فأقبلنا حتّى إذا كنّا بظهر الجبّان، قلت: لو ملنا إلى الحسن وهو مستخفٍ في منزل أبي خليفة، قال: فدخلنا عليه، فقلنا: يا أبا سعيدٍ، جئنا من عند أخيك أبي حمزة وحدّثناه، حتّى إذا فرغنا، قال: ما حدّثكم إلّا بهذا؟ قلنا: ما زادنا على هذا، قال: فقال الحسن: لقد حدّثني منذ عشرين سنةً، فما أدري أنسي الشّيخ، أم كره أن يحدّثكم فتتّكلوا، قال: فقالوا: يا أبا سعيدٍ، حدّثنا فضحك، وقال: خلق الإنسان عجولًا، إنّي
[التوحيد: 2/715]
لم أذكره إلّا أريد أن أحدّثكموه، حدّثني كما حدّثكم منذ عشرين سنةً ثمّ قال: " فأقوم الرّابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثمّ أخّر له ساجدًا، قال: فيقال لي: ارفع رأسك، وقل، يسمع لك، وسل تعط واشفع، تشفّع، قال: فأرفع رأسي، فأقول: يا ربّ ائذن لي فيمن قال لا إله إلّا اللّه، قال: فيقال: ليس لك ذلك، ولكن وعزّتي وكبريائي وعظمتي لأخرجنّ منها من قال لا إله إلّا اللّه " قال أبو بكرٍ: ليس في هذا الخبر زنة الدّينار ولا نصفه وفي آخره زيادة ذكر أدنى من مثقال حبّةٍ من خردل
[التوحيد: 2/716]
حدّثنا الحسين بن الحسن، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن حميدٍ الطّويل، عن أنس بن مالكٍ، قال: يلقى النّاس يوم القيامة من الحبس ما شاء اللّه أن يلقوه، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم، فينطلقون إلى آدم فيقولون: يا آدم اشفع لنا إلى
[التوحيد: 2/716]
ربّك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى خليل اللّه إبراهيم، فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربّك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى من اصطفاه اللّه برسالاته، فينطلقون إلى موسى فيقولون: يا موسى اشفع لنا إلى ربّك، فيقول: لست هناك، ولكن انطلقوا إلى من جاء اليوم مغفورًا له، ليس عليه ذنبٌ، فينطلقون إلى محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فيقولون: يا محمّد اشفع لنا إلى ربّك فيقول: أنا لها، وأنا صاحبها، قال: فأنطلق حتّى أستفتح باب الجنّة، قال: فيفتح، فأدخل، وربّي عزّ وجلّ على عرشه فأخرّ ساجدًا، وأحمده بمحامد، لم يحمده بها أحدٌ قبلي، وأحسبه قال: ولا أحدٌ بعدي، فيقال: «يا محمّد ارفع رأسك وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع تشفّع» فأقول: يا ربّ، يا ربّ، فيقول: «أخرج من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من الإيمان»، قال: فأخرّ ساجدًا، وأحمده بمحامد، لم يحمده بها أحدٌ قبلي وأحسبه قال: ولا أحدٌ بعدي، فيقال: «يا محمّد ارفع رأسك، وقل، يسمع، وسل، تعطه، واشفع تشفّع»، فأقول: يا ربّ يا ربّ، فيقول: " أخرج من النّار من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من إيمانٍ قال: فأخرّ له ساجدًا، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ قبلي، وأحسبه قال: ولا أحدٌ بعدي، فيقال يا محمّد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع، فأقول يا ربّ، فيقول: أًخرج من كان في قلبة أدنى شيءٍ «، فيخرج ناسٌ من النّار، يقال لهم الجهنّميّون، وإنّه لفي الجنّة» فقال له رجلٌ: يا أبا حمزة أسمعت هذا من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: فتغيّر وجهه، واشتدّ عليه وقال: ليس كلّ ما نحدّث سمعناه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ولكن لم يكن يكذّب بعضنا بعضًا، قال أبو بكرٍ: ليس في الخبر ذكر عيسى عليه السّلام
[التوحيد: 2/717]
قال أبو بكرٍ: لعلّه يخطر ببال من يسمع هذه الأخبار فيتوهّم أنّ هذه اللّفظة، ليس كلّ ما نحدّث سمعناه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، في عقب هذا الخبر، خلاف خبر معبد بن هلالٍ الّذي قال فيه: حدّثنا محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم، وخلاف خبر عمرو بن أبي عمرٍو، عن أنسٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وليس كذلك هو عندنا بحمد اللّه ونعمته؛ لأنّ في خبر عمرو بن أبي عمرٍو، عن أنسٍ حين ذكر سماعه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ذكر في أوّل الخبر: إنّي لأوّل النّاس تنشقّ الأرض عن جمجمته، فذكر في الخبر كلامًا، ليس في رواية حميدٍ، عن أنسٍ، وكذلك في خبر معبد بن هلالٍ، إذا كان يوم القيامة، ماج النّاس بعضهم في بعضٍ، فالتّأليف بين هذه الأخبار أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حدّث بعض أصحابه أنس فيهم فسمع من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعض الخبر، واستثبت في باقي الخبر، فمن كان أقرب من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في المجلس وأكبر منه سنًّا، وأحفظ وأوعى للحديث منه، فروى الحديث بطوله، قد سمع بعضه، وشهد المجلس الّذي حدّث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهذا الحديث، فحدّث بالحديث بتمامه، سمع بعضه من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبعضه ممّن حفظه من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ووعاه عنه كما يقول بعض رواة الحديث: حدّثني فلانٌ، واستثبته من فلانٍ، يريد خفي عليّ بعض الكلام، فثبّتني فلانٌ لأنّ قول من استفهم أنسًا: أسمعت هذا من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ظاهره يدلّ على أنّ المستفهم إنّما استفهمه أسمعت جميع هذا الخبر من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم؟ وأجاب أنسٌ: ليس كلّ ما نحدّث سمعناه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فظاهر هذه اللّفظة، أنّه ليس كلّ هذا الحديث سمعه من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ولم يقل أنسٌ: لم أسمع هذا الحديث من رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وقال غيره في أوّل الخبر: سمعت رسول
[التوحيد: 2/718]
اللّه صلّى الله عليه وسلّم، لكان هذا كلامًا صحيحًا جائزًا، إذ غير جائزٍ في اللّغة أن يقول القائل سمعت من فلانٍ قراءة سورة البقرة، وقد سمع قراءته لبعضها، وكذلك جائزٌ أن يقول القائل سمعت من فلانٍ قراءة سورة البقرة، وإنّما سمع بعضها لا كلّها على ما قد أعلمت من مواضع من كتبنا أنّ الاسم قد يقع على الأشياء ذي الأجزاء أو الشّعب على بعض الشّيء دون بعضٍ، كذلك اسم الحديث قد يقع الاسم على بعض الحديث كما يقع على الكلّ، فافهموه، لا تغالطوا
[التوحيد: 2/719]
حدّثنا محمّد بن بشّارٍ بندارٌ، ومحمّد بن رافعٍ، وهذا حديث بندارٍ، قال: ثنا حمّاد بن مسعدة، قال: ثنا ابن عجلان، عن جوثة بن عبيدٍ، أنّ أنس بن مالكٍ، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " يؤتى آدم عليه السّلام، يوم القيامة، فيقال: اشفع لذرّيّتك، فيقول: لست بصاحب ذلك، ائتوا نوحًا، فإنّه أوّل الأنبياء وأكبرهم، فيؤتى نوحٌ فيقول: لست بصاحبه، عليكم بإبراهيم، فإنّ اللّه اتّخذه
[التوحيد: 2/719]
خليلًا فيؤتى فيقول: لست بصاحبه، عليكم بموسى، فإنّ اللّه كلّمه تكليمًا، قال: فيؤتى موسى، فيقول: لست بصاحبه عليكم بعيسى، فإنّه روح اللّه وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست بصاحب هذا، ولكن أدلّكم على صاحبه، ولكن ائتوا محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم، وعلى جميع الأنبياء، قال: فأوتى، فأستفتح فإذا نظرت إلى الرّحمن وقعت له ساجدًا، فيقال لي: ارفع رأسك يا محمّد، وقل، يسمع، واشفع، تشفّع، وسل، تعطه، فأقول: يا ربّ أمّتي، قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه مثقال دينارٍ إيمانٌ إلّا أخرجتموه، ويخرج ما شاء اللّه، ثمّ أقع الثّانية ساجدًا، قال: فيقال: ارفع يا محمّد، فقل يسمع، واشفع تشفّع، وسل تعطه، فأقول: أي ربّ، أمّتي، قال: فيقال: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه نصف دينارٍ إيمانٌ إلّا أخرجتموه قال: فيخرج بذلك ما شاء اللّه، قال: ثمّ أقع الثّالثة ساجدًا قال: فيقال: ارفع رأسك يا محمّد، وقل، يسمع لك، واشفع، تشفّع، وسل تعطه، قال: فأقول: يا ربّ، أمّتي فيقول: اذهبوا فلا تدعوا في النّار أحدًا في قلبه مثقال ذرّةٍ إيمانٌ إلّا أخرجتموه، قال: فلا يبقى إلّا من لا خير فيه قال لنا بندارٌ مرّةً ائتوا عيسى، وقال: فيقول: لست بصاحب ذلك، وقال: مثقال ذرّةٍ من إيمانٍ " سمعته من بندارٍ مرّتينٍ، مرّةً في كتاب القواعد، ومرّةً في كتاب ابن عجلان قال أبو بكرٍ: قد اختلفوا في اسم هذا الشّيخ، فقال: بعضهم جوثة بن عبيدٍ
[التوحيد: 2/720]
ثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا عبد اللّه بن وهبٍ، قال: أخبرني عمرو بن الحارث أنّ يزيد بن أبي حبيبٍ حدّثه أنّ جوثة بن عبيدٍ الأيليّ ،
[التوحيد: 2/720]
أنّه سمع أنس بن مالكٍ يقول: إنّ اللّه تبارك وتعالى إذا قضى بين خلقه، فأدخل أهل الجنّة الجنّة وأدخل أهل النّار النّار، سجد محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم، فأطال السّجود، فينادى ارفع رأسك يا محمّد، اشفع، تشفّع، وسل، تعطه فيرفع رأسه، فيقول: يا ربّ، أمّتي، فيقول اللّه تعالى عزّ وجلّ للملائكة: أخرجوا لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم من أمّته من كان في قلبه مثقال قيراطٍ من إيمانٍ فيخرجون، ثمّ يسجد الثّانية أطول من سجدته الأولى، قال: فيقال: ارفع رأسك اشفع تشفّع، وسل تعطه، فأقول: يا ربّ أمّتي فيقول اللّه عزّ وجلّ للملائكة: أخرجوا من أمّته من كان في قلبه مثقال شعيرةٍ من إيمانٍ، ثمّ يسجد الثّالثة أطول من سجدته، فينادى ارفع رأسك، اشفع، تشفّع، وسل، تعطه فيقول: يا ربّ، أمّتي، فيقول اللّه للملائكة: أخرجوا لمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم من كان في قلبه مثقال حبّة خردلٍ من إيمانٍ، فيعرضون عليه، فيخرجونهم، قد اسودّوا وعادوا كالنّصال المحرقة، فيدخلون الجنّة فينادي بهم أهل الجنّة، فيقولون: من هؤلاء الّذين آذانا ريحهم؟ فتقول الملائكة: هؤلاء الجهنّميّون ،
[التوحيد: 2/721]
وقد أخرجوا بشفاعة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فيذهب بهم إلى نهر الحيوان فيغسلون ويتوضّئون، فيعودون أناسًا من النّاس غير أنّهم يعرفون فقلت: يا أبا حمزة، وما الحيوان؟ قال: نهرٌ من أنهار الجنّة، هو من أدناها قال أبو بكرٍ: هذه اللّفظة قد اسودّوا وعادوا كالنّصال من الجنس الّذي أقول إنّ العود قد يكون بدءًا، لأنّ أهل النّار لم يكونوا سودًا كالنّصال، قبل أن يدخلوا النّار، وإنّما اسودّوا بعد ما احترقوا في النّار فمعنى قوله: وعادوا كالنّصال المحرّقة، أي صاروا كالنّصال المحرّقة، فأوقع اسم العود، وإنّما معناه صاروا قال أبو بكرٍ: هذا الشّيخ هو جوثة بن عبيدٍ، كما قاله عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيبٍ
[التوحيد: 2/722]
وقد روى عيّاش بن عقبة الحضرميّ عنه خبرًا آخر، حدّثناه أبو هاشمٍ زياد بن أيّوب، قال: ثنا أبو عبد الرّحمن المقرئ، قال: ثنا عيّاش بن عقبة
[التوحيد: 2/722]
الحضرميّ، وكان من أفاضل من لقيت بمصر، قال: سمعت جوثة بن عبيدٍ الأيليّ يحدّث عن أنس بن مالكٍ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «سيقرأ القرآن رجالٌ لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة»
[التوحيد: 2/723]


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir