دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > مكتبة التفسير وعلوم القرآن الكريم > الوقف والابتداء > إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنباري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 رمضان 1432هـ/18-08-2011م, 02:30 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي باب ذكر مذاهب القراء في الوقف


باب ذكر مذاهب القراء في الوقف
146- حدثنا سليمان بن يحيى قال: حدثنا محمد، يعني ابن سعدان، قال: أخبرنا سليم بن عيسى عن حمزة أنه كان إذا وقف على حرف لم يهمزه وكان يقف على الكتاب ما خلا أحرفًا يخالف فيها الكتاب: «الظنون والرسول والسبيل وسلاسل وقوارير الأولى وثمود» ويقف على هذه الأحرف بغير ألف وهن في الكتاب بألف. قال أبو جعفر محمد بن سعدان: وأحب إلي إذا وقفت أن أهمز.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/384]
147- حدثنا سليمان قال: حدثنا محمد قال حدثنا إسحاق المسيبي عن نافع أنه كان يقف على الكتاب وإذا وقف على حرف لم يدع الهمز فيه.
148- حدثنا إدريس قال: حدثنا خلف قال: حدثنا سليم بن عيسى الكوفي عن حمزة بن حبيب الزيات أنه كان يعجبه إشمام الرفع إذا وقف على الحروف التي توصل بالرفع مثل قول الله تعالى في فاتحة الكتاب: {إياك نعبد} [5] يشم الدال الرفع. وكذلك: {وإياك نستعين} و{الم. ذلك الكتاب} و{ختم الله} [البقرة: 1، 2، 7] و{يختص برحمته من يشاء}، {وما محمد إلا رسول} [آل عمران
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/385]
74، 144] بترك التنوين ويشم الدال الرفع، فهذا كثير في القرآن.
قال خلف: وسمعت علي بن حمزة الكسائي يعجبه ذلك. وبعض القراء يسكت عليه بغير إشمام الرفع، ويقول: إنما الإعراب في الوصل فإذا سكت لم أشم شيئًا. قال خلف: وقول حمزة والكسائي أعجب إلينا لأن الذي يقرأ على من يتعلم منه إذا قرأ عليه فأشم الحروف في الوقف علم معلمه كيف قراءته لو وصل، والمستمع أيضًا غير المعلم يعلم كيف كان يصل الذي يقرأ. وقال أبو العباس أحمد بن إبراهيم الوراق: الاختيار إشمام الحروف الرفع فرقًا بين ما يتحرك في الوصل وبينا ما هو ساكن في الوصل والوقف، فأردنا أن
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/386]
نجعل على الكلمة المعربة في الوصل علامة في الوقف ليعرف السامع أنه لم يخطئ إعرابها.
149- وحدثنا أحمد بن سهل عن الشيوخ الذين أمضينا ذكرهم عن أبي عمر عن عاصم أنه كان يشير إلى إعراب الحروف عند الوقف في (نعبد) و(نستعين) وما أشبههما مثل الذي روينا عن حمزة والكسائي. قال أبو بكر: وأنا سألت أحمد بن سهل عن هذا فأخبرني به.
150- حدثني أبي قال: حدثنا أبو الفتح النحوي قال: سمعت يعقوب الحضرمي يشير إلى الحركات إذا وقف. وكان أبو العباس أحمد بن يحيى يختار الإسكان في كل القرآن للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، من الوقف على كل آية.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/387]
وقال خلف: سمعت الكسائي يعجبه أن يشم آخر الحروف الرفع في الهاء في قول الله تعالى: {فلما أضاءت ما حوله} [البقرة: 17] يشم الهاء الرفع بعد نصبه اللام. وكذلك {فيعلمون أنه} [البقرة: 26] ومثله من الحروف يشم الهاء الرفع بعد نصبه النون وكذلك: (نجمع عظامه) يشم الهاء الرفع بعد نصبه الميم، ومثله من الحروف: {أن نسوي بنانه} و{ليفجر أمامه} [القيامة: 3، 4، 5] ومثله: {أن ينقض فأقامه} [الكهف: 77] يشم الهاء الرفع بعد نصبه الميم ونحو هذا من الحروف.
قال: ومن [جنس] هذا جنس آخر، وهو قليل وهو بالخفض، قول الله تعالى: {الحمد لله} [الكهف: 1] يشم الهاء الخفض في الوقف. وكذلك: {حذر الموت}
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/388]
[البقرة: 19]، {لو كان لنا من الأمر شيء} [آل عمران: 154]، {وإليه مآب}، {وإليه متاب} [الرعد: 36، 30]، {فكيف كان نكير} [الحجج: 44] ونحو هذا من الحروف.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: إنما اختار الكسائي الإشارة إلى الضمة في قوله: (ما حوله)، (ليفجر أمامه) لأن الهاء خفية فقواها بالحركة، والوجه الإسكان في كل القرآن.
وفي الوقف على الأسماء خمسة أوجه: أجودهن أن تقول في الرفع «هذا زيد» بالإشارة إلى الضمة، وفي الخفض «مررت بزيد» بالإشارة إلى الكسرة، و«رأيت زيدا» بإثبات الألف في النصب، ومنهم من يقول في رواية بعض البصريين «رأيت زيد» فيشير إلى الفتحة، ولا يثبت الألف. ومنهم من يقول
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/389]
في الرفع «هذا زيدو» وفي النصب «رأيت زيدا» وفي الخفض «مررت بزيدي». ومنهم من ينقل الحركة إلى وسط الاسم إذا أمكن النقل إليها فيقول «هذا بكر» في الرفع، و«رأيت بكر» في النصب، و«مررت ببكر» في الخفض. ومنهم من يقف بغير إعراب فيقول «هذا زيد» و«رأيت زيد» و«مررت بزيد». والوجه الأول هو الوجه العالي عند العرب، وهو عند النحويين أثبت في القياس، وآخر الخمسة في الوقف تشديد آخر الاسم إذا أمكن ذلك كقولهم «هذا عمر» في «عمر».
والوقف على المنصوب بفتحة لا ألف معها ليس من قول
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/390]
من يرجع إلى قوله، إنما حكاها من لا يوثق بعربيته. وقال خلف: سمعت الكسائي يشم الكسر إذا وقف في قوله: {كماء أنزلناه من السماء} [يونس: 24] (كماء)، {ما لكم من ملجأ يومئذ} [الشورى: 47]، (ملجأ)، {من ماء فأحيا} [البقرة: 164] (ماء)، و{من سبأ بنبأ يقين} [النمل: 22]، (سبأ) و(بنبأ)، {من السماء} [البقرة: 19]، (السماء)، وإن كان هذا الحرف غير منون، ونحو ذلك من الحروف. قال خلف: ومنه بالرفع قوله: {قل ما يعبأ بكم ربي} [الفرقان: 77]، {تالله تفتأ} [يوسف: 85]، {وقال الملأ} [الأعراف: 90]، {ويدرأ عنها العذاب} [النور: 8]، (ويدرأ)، و{نبأ الذين كفروا} [التغابن: 5]، (نبأ)، وحروف أيضًا بالرفع ممدودة: {كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء} [البقرة: 13]، {من عباده
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/391]
العلماء} [فاطر: 28] {إن هذا لهو البلاء} [الصافات: 106]، {وما كان عطاء ربك} [الإسراء: 20]، وقوله: (فجزاء مثل ما) (فجزاء) ونحو ذلك.
وكان الكسائي يمد في الوقف ما كان ممدودًا ويشم الهمزة الرفع في ذلك كله. وكان حمزة يمد في الوقف ما كان ممدودًا.
قال خلف: وقريش لا تهمز، ليس الهمز من لغتها وإنما همزت القراء بلغة غير قريش من العرب، فإذا كانت الهمزة في آخر الحرف فإشمام الحرف الإعراب بغير إشمام الهمز أحب إلينا.
قال أبو بكر: والاختيار عندي أن يوقف على قوله:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/392]
{وقال الملأ من قومه الذين كفروا} [المؤمنون: 33] بغير الهمز. وكذلك: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا} [الأعراف: 75] يوقف عليهما وعلى ما أشبههما بألف اتباعًا للمصحف. والوقف على قوله: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم} [المؤمنون: 24] بالواو لأنه في المصحف بواو. وكذلك: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه} [المائدة: 18] تقف عليه إذا اضطررت «أبناو» بالواو لأنه في المصحف بواو.
وقال خلف: سمعت الكسائي يسكت على {هدى للمتقين} [البقرة: 8] (هدي) بالياء. وكذلك: {من مقام إبراهيم
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/393]
مصلى} [البقرة: 125] مصلي وكذلك: {أو كانوا غزى} [آل عمران: 156] و{من عسل مصفى} [محمد: 15]، {وأجل مسمى} [طه: 129] وقال الكسائي في (غزى) وأخواتها بالياء سئل: «مرجي ومعلي» لمكان التشديد، ويسكت أيضًا على {سمعنا فتى} [الأنبياء: 60] و{في قرى} [الحشر: 14] و{أن يترك سدى} [القيامة: 36] بالياء، وحمزة مثله. وقال الكسائي: من لم يكسر، وفتح الحروف فقرأ (أبقى وأعطى وموسى وعيسى واليسرى والعسرى) ونحو ذلك، يسكت على هذه الحروف بالفتح.
وقوله: {ويكأنه لا يفلح الكافرون} [القصص: 82] فيه ثلاثة أوجه: إن شئت قلت: «ويك» حرف، و«أنه» حرف والمعنى: ألم تر أنه، الدليل على هذا قول الشاعر:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/394]
سالتاني الطلاق إذ رأتاني = قل ما لي قد جئتماني بهجر
ويك أن من يكن له نشب يخـ = بب ومن يفتقر يعش عيش ضر
وقال الفراء: حدثني شيخ من أهل البصرة قال: سمعت أعرابية تقول لزوجها: أين ابنك ويلك؟ فقال ويك أنه وراء البيت. فمعناه: أما ترينه وراء البيت. والقول الثاني أن يكون «ويك» حرفًا و«أنه» حرفًا، والمعنى: ويلك اعلم أنه، فحذفت اللام كما قالوا: قم لا أباك، يريدون «لا أبالك»، قال عنترة بن معاوية:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/395]
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها = قيل الفوارس: ويك عنتر أقدم
قال الآخر:
أبا الموت الذي لا بد أني = ملاق لا أباك تخوفيني
أراد: لا أبالك، فحذف اللام. وقال الفراء: لم نجد العرب تضمر الظن وتعمله في «أن» وذلك أنه يبطل إذا كان من الكلمتين أو في آخر الكلمة، فلما أضمر جرى مجرى الترك، والدليل على هذا أن العرب لا تقول: «يا هذا أنك قائم»بلا: «يا هذا اعلم أنك قائم». والقول الثالث أن يكون «وي» حرفًا و«كأنه» حرفًا، فيكون معنى «وي» للتعجب كما تقول: «وي لم فعلت كذا وكذا»، ويكون معنى
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/396]
«كأنه» أظنه وأعلمه، كما تقول في الكلام: «كأنك بالفرج قد أقبل» فمعناه: أظن الفرج مقبلاً.
فإن قال قائل: لم وصلوا الياء بالكاف فجعلا حرفًا واحدًا وهما حرفان؟ قي له: لما كثر بهما الكلام جعلا حرفًا واحدًا كما جعلوا: {ينبؤم} [طه: 94] في المصحف حرفًا واحدًا، وهما حرفان لكثرتهما، وهو في المصحف «ويكأنه» حرف واحد.
وقوله تعالى: {إنما نحن مستهزؤون} [البقرة: 14] كان حمزة يسكت على (مستهزون) فيمد يشبه الواو من غير إظهار الواو. وكذلك: {متكئون} [يس: 56] و{ليطفئوا نور
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/397]
الله} [الصف: 8] (ليفطوا) و{ليواطئوا عدة ما حرم الله} [التوبة: 37]، (ليواطوا). {كنتم تكسبون. يستنبئونك} [يونس: 52، 53] (ويستنبونك). {فمالئون منها البطون} [الصافات: 66]، (فمالون) وما شبه ذلك.
قال خلف: سمعت الكسائي يقول: إذا مد الحرف ولم يظهر الواو فقد همز همزًا حفيًا. والكسائي يهمز في الوقف كما يصل. وقال الكسائي: ومن وقف بغير همز قال: (مستهزون) فرفع الزاي بغير مد. و(متكون) فرفع الكاف. وكذلك: (ليطفوا) برفع الفاء. و(ليواطوا) برفع الطاء.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/398]
و(يستنبونك) برفع الباء. (فمالون) ونحو ذلك. قال الكسائي: فقال بعضهم: فأين لاكسرة في الحرف (مستهزون)؟. فأجاز الكسائي كسرة الزاي ووقف الواو من غير همز وغير مد (مستهزون). وكذلك (متكون) كسر الكاف ووقف الواو من غير مد ولا همز. وكذلك هذه الحروف وما يشبهها على هذا بكسر الحرف الذي قبل الواو ثم يجزم الواو ولا يمد ولا يهمز فأجاز هذا القول، والثاني والأول أحب إليه، يعني رفع الزاي والكاف والفاء والطاء بغير مد، يعني، من وقف بغير همز.
قال خلف: وقول الكسائي في وقفه بالهمز أحب إلينا لتبيان الإعراب فيه.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/399]
وقال الفراء: للعرب في الهمز ثلاثة مذاهب: التحقيق الهمز، وهو يراد، والإبدال منه. فمن حقق الهمز قال استهزأت ومستهزئون. ومن أبدل من الهمزة قال: استهزيت، كما يقول: استقصيت، ويقول: مستهزون، يقول: مستقصون. ومن ترك الهمز، وهو يريده، قال: استهزات، بغير همز. وقال: مستهزون، بكسر الزاي وتسكين الواو من غير مد ولا همز. وكان أهل البصرة يسمون الهمز المحقق الهمز المشبع، ويسمون الذي يترك همزه، وهو يراد، المشرب، لأنه اشرب حركة الهمزة واسقطت منه، ويسمون الذي يبدل من همزة المقلوب.
وقال خلف: سمعت الكسائي يسكت على قوله: (وبالآخرة)
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/400]
على «نعمة ومعصية ومرية والقيامة» ونحو ذلك بكسر راء في الآخرة، والميم في «نعمة» والياء في «معصية» كذلك بقيتها وما يشبهها. وكان حمزة يفتحها قليلاً.
قال خلف: وفتح هذه الحروف في الوقف قليلاً أحب إلينا لأن هذه الحروف في الوصل مفتوحة.
وقال أبو العباس: قال الكسائي أمال هذه الحروف الوقف لأن الهاء أخت الياء والواو والألف، وإن نت متحركة، فإذا جاءت حركتها رجع إلى فتح قبلها.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/401]
وكان حمزة يسكت على {يؤمنون} [البقرة: 3]، {أنى يؤفكون} [المائدة: 75]، و{يؤثرون} [الحشر: 9] و{عليهم مؤصدة} [الهمزة: 8] ونحو ذلك بغير همز إذا كانت الهمزة في وسط الحرف والكسائي يهمز ذلك كله في الوقف. قال خلف: وقول الكسائي أعجب إلينا لأنه أبين للإعراب، كان بعض القراء لا يهمز (مؤصدة) يقول: هي من أوصدت مثل أوقدت. فلو قرأ قارئ على معلم بحرف حمزة، فلم يهمز (مؤصدة) في السكت لم يدر معلمه أكان يهمز في الوصل أم لا. قال خلف فالسكوت بالهمز على هذه الحروف وما أشبهها أحب إلينا؛ وإنما ترك الهمز من ترك بناء على الفعل «آمن وآثر»
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/402]
فله أن يهمز في المستقبل، وله أن يترك فمن همز فهو على الأصل وم نترك بناه على لفظ «أمر»، والوجه الهمز لأنه هو الأصل، ومعنى مؤصدة عند العرب مطبقة، قال الشاعر:
تبوأت جنات كريما مقامها = وزحزحت عن باب من النار مؤصد
معناه مطبق.
وكان حمزة يسكت على قوله: {إن الذين كفروا سواء} [البقرة: 6] ويمد ثم يشم الرفع من غير همز. وكذلك: {ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} [النساء: 92]، {من الحق شيئًا} [النجم: 28] {لو يجدون ملجأ} [التوبة: 57] أو نحوه فيسكت على هذا كله بغير همز، ويسكت على (هزوًا)
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/403]
[البقرة: 67] بالواو. وكذلك: {كفوا} [الإخلاص: 4] بالواو. ويسكت على {كل جبار منهن جزءا} [البقرة: 260] بنصب الزاي لأنه ليس في الحرف واو فإذا ترك الهمزة انتصبت الزاي. وكذلك: {ردءا يصدقني} [القصص: 34] (ردا) فينصب الدال إذا لم يهمزه. والكسائي يهمز في ذلك كله ممدودًا كان أو مقصورًا وكتابه بالواو أو بغير الواو ويحتج بأنه ترك التنوين ووقف بالهمز. قال خلف: وقوله أعجب إلينا – يعني الكسائي – قال: والكسائي يشم الرفع الهمز ويمد، يعني في الوقف في قوله: {إن الذين كفروا سواء} [البقرة: 6] وحمزة يشم الرفع (سواء).
وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم أنه كان يقرأ: {ثم
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/404]
اجعل على كل جبل منهن جزا} بضم الزاي. فإذا وقفت على هذه القراءة كان لك مذهبان: أحدهما أن تقول (جزؤا) بالهمز، والوجه الآخر أن تقول: (جزوا) بضم الزاي وإثبات الواو، ولا يجوز على هذه القراءة أن تقف (جزا) بفتح الزاي لأن فيها واوًا.
وقال نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ: من قرأ (ردأ) بالهمز أراد «عونا» ومن قرأ (ردًا) بلا همز أراد «زيادة»، واحتج بقول الشاعر:
وأسمر خطيا كأن كعوبه = نوى القسب قد أردى ذراعًا على العشر
فمعناه: قد زاد ذراعا.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/405]

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 رمضان 1432هـ/18-08-2011م, 02:31 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تابع باب مذاهب القراء في الوقف


151- وحدثنا إسماعيل عن قالون عن نافع أنه كان يقرؤها «ردًا» منونة غير مهموزة. وقال الفراء: الرد العون. يقال: أردأت الرجل إذا أعنته. والحجة لحمزة في وقفه على (سواء) و(ماء) و(خطأ) و(كفؤ) و(جزء) بغير همز أن الألف أبين في السكت من الهمز لأن الهمزة من أول المخارج. والحجة له في الوقف على الممدود بغير همز نحو: {أنزل من السماء ماء} [الأنعام: 99] أنه يحكى عن العرب ترك الهمز إذا كان بين ألفين، فإذا كانت الهمزة مكسورة أو مضمومة لم تقع بين ألفين فلم تترك.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/406]
وكذلك الحكاية عنهم. والحجة لحمزة في تركه الهمز إذا لم يقع بين ألفين نحو: {وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ} [النساء: 92] أن الياء والواو والألف أبين عنده من الهمز في الوقف.
وقوله تعالى: {إن امرؤ هلك} [النساء: 176] كان الكسائي يقف عليه (امرؤ) بالهمز. وكان حمزة يقف عليه (امرو) بالواو. وقال خلف: الوقف على مثل هذا بترك الهمز أحب إلينا من الهمز لأنه في آخر الحروف، وإن كان بعده تنوين فإنه بالرفع، ولا يمكن فيه إذا كان مرفوعًا ما يمكن في ما كان منه بالنصب مثل: {أنزل من السماء ماء} [الأنعام: 99] فالهمزة في قوله (ماء) أشبع وأبين من
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/407]
الهمز في (امرؤ) وإن كان بعد الهمزة تنوين.
قال خلف: سمعت الكسائي يقول في قوله: {أحيا الناس جميعا} [المائدة: 32] الوقف عليه (أحيى) بالياء لمن كسر الحروف إلا من فتح فيفتح مثل هذا. وقال الكسائي: إنما كتبوا (أحيا) بالألف للياء التي في الحرف فكرهوا أن يجمعوا بين يائين. وكذلك «الدنيا والعليا».
وقوله تعالى: {لكنا هو الله ربي} [الكهف: 38] كان عاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي يقرؤون: (لكن هو الله) بحذف الألف في الوصل وبإثباتها في الوقف، والحجة لهم في هذا أن الأصل فيه «لكن أنا» فأسقطوا الهمزة وأدغموا النون الأولى في الثانية فصارتا نونا مشددة،
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/408]
وحذفت الألف في الوصل كما تحذفها من «أنا إذا قلت: أنا قمت وأنا قعدت» وأثبت في الوقف كما تثبت الألف في «أنا» إذا وقفت عليها. وأرادوا أن يجمعوا مع هذا اتباع الكتاب، والدليل على أن الأصل في «لكنا» «لكن أنا» قراءة الحسن: (لكن أنا هو الله ربي).
152- قال أبو العباس أحمد بن إبراهيم: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يونس بن محمد عن هارون عن أبي حذيفة عن عمر عن الحسن أنه كان يقرؤها: (لكن أنا هو الله ربي). وقال أحمد بن إبراهيم: حدثنا أبو خيثمة قال:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/409]
حدثنا يونس بن محمد عن هارون قال: في قراءة أبي بن كعب: (لكن أنا هو الله ربي).
وقال الكسائي سمعت أعرابيًا يقول: «إن قائمًا» أنكرت عليه ذلك وقلت: إن كان «قائم» اسمًا فينبغي له أن يأتي بالخبر، وإن كان خبرًا فينبغي له أن يأتي بالاسم.
قال: «فاستثبته فإذا هو يريد: «إن أنا قائمًا» أي ما أنا قائمًا. ترك همزة «أنا» وأدغم النون الأولى في الثانية فصارتا نونًا مشددة. وقال الفراء: أنشدني أبو ثروان:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب = وتقلينني لكن إياك لا أقلي
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/410]
أراد: «لكن أنا إياك» فأسقط الهمزة وأدغم النون الأولى في الثانية وحذف الألف من «أنا». ويجوز في العربية: «لكن هو الله ربي» بحذف الألف في الوصل والوقف لأنها لغة معروفة للعرب، يقولون: «لكن والله» فيقفون بإسقاط الألف ويجوز في العربية «لكنا هو الله ربي» بإثبات الألف في الوصل والوقف لأن من العرب من يقول: «أنا قمت» بإثبات الألف في الوصل. أنشد الفراء لأبي النجم:
أنا أبو النجم إذا قل العذر
وأنشد الفراء أيضًا:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني = حميدًا قد تدريت السناما
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/411]
واعلم أن «حتى» لا يجوز أن تمال إلى الكسرة لأنها أداة بمنزلة «إلا» و«أما» والإمالة ممتنعة من الأدوات متلئبة في الأسماء والأفعال كقيامهم في الاسم «فتي» وفي الفعل «قضي». وإنما امتنعت الأدوات من الإمالة لأنها لا يعرف لها أصل من الياء ولا الواو فلزموا فيها الألف لخفتها، ولما عرفوا للاسم والفعل أصلا في الياء والواو دلوا على أصل الياء بالإمالة.
وأما «بلى» فإن حمزة والكسائي أمالاها. فإن قال
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/412]
قائل: لم أميلت وهي أداة؟ قيل [له] لأن أصلها «بل» فزيدت عليها الألف دلالة على أن السكوت عليها ممكن وأنها لا تعطف ما بعدها على ما قبلها كما تعطفه «بل»، فوقف عليها بالياء وصلحت إمالتها لأنها ألف تأنيث كالألف في «ليلى وحُبلى» فأمكن دخول علامة التأنيث على الأداة ههنا كما أمكن دخولها في «ربت وثمت» وكلتاهما أداة و«لات» مثلهما. ومن فتح «بلى» في كل حال آثر الأخف وغلب اللفظ، وكتبت «بلى» بالياء بناء على الإمالة. وكتبت «حتى» بالياء، وهي لا تمال فرقًا بين
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/413]
دخولها على الظاهر والمكني فلزم فيها لفظ الألف مع المكني في قولهم: «حتاي وحتاك وحتاه» وانصرف عن الألف إلى الياء مع الظاهر حين قالوا: «حتى زيد وحتى عمرو» وكذلك فعل بـ«على وإلى» فقيل: «على زيد وإلى زيد، وعليه وإليه». قال أبو العباس: بني ذلك على «قضي زيد وقضيت» لما كانت ألف قضى ألفًا في اللفظ، وياء مع المكني.
وذلك أن حاجة «إلى وعلى وحتى» إلى ما بعدهن كحاجة «قضى» إلى فاعله، فلذلك ألحقن به. وأصل «قضى زيد». «قضي» فصارت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ولم
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/414]
تغير الياء في «قضيت» لأنه أصل ترجع إليه الفروع، ولو اعلت الأصول فسدت الفروع.
واعلم أن إمالة «حتى وأنى» ممكنة لأنهما بمعنى محلين، والمحال أسماء.
واعلم أن ألف «تترى» تحتمل ثلاثة أوجه: إحداهن أن تكون ألف التأنيث المقصورة، فتمنع الحرف الإجراء، ويقف عليها أصحاب الكسر بالإمالة لأنها كألف «التقوى والبقوى» والوجه الثاني أن تكون الألف مشبهة بالأصلية تلحق الحرف الذي هي فيه ببناء «جعفر ودرمك» فيصلح أن يوقف عليها بالفتح والإمالة. والوجه الثالث أن تكون
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/415]
الألف فيه بدلاً من التنوين فلا يوقف عليه إلا بالفتح لأن ألفه كألف «رأيت عمرًا» فكما لا يجوز «عمري»كذلك لا يصلح أن يقال «تتري». ووزنه على هذا الجواب «فعل» وأصله «وتر» فأبدلت التاء من الواو لما كانت تجانسها، كما أبدلت في «التراث» وأصله «الوراث»، و«التخمة» أصلها «الوخمة» لأنها من الوخامة. ورفع الحرف «تتر» وخفضه «تتر» ونصبه «تترا» في هذا الباب، وفي البابين الماضيين تثبت الألف عند الوقف في الرفع والنصب والخفض، وتنوين «تترى» على الجواب الأول لا يصلح وتنوينه على الوجه الثاني والوجه الثالث لا بد منه لأنه علامة جري الاسم،
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/416]
ووقفك في الجواب الأول على ألف التأنيث. وفي الجواب الثاني على الألف المشبهة بالأصلية. وفي المذهب الثالث على الراء في الرفع والخفض، وعلى الألف المبدلة من التنوين في النصب.
واعلم أنك إذا وقفت على منصوب مقصور كقيلك: «نسأ الله هدى، وأؤمل من الله رضى» وكقوله عز وجل: {سمعنا فتى} [الأنبياء: 60] كان وقفك على الألف المبدلة من لام الفعل والألف المبدلة من التنوين أسقطت، اعتمادًا على أن الألف الأولى تكفي منها وذلك أن الألف تقرب من الهمزة في المخرج، فلما اكتفوا بالهمزة الأولى من الثانية في «آدم وآخر» و«شا أنشره» على قراءة من يسقط إحدى الهمزتين، اعتمد على الألف الأولى وجعلت
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/417]
كالكافية من الثانية. والأصل في الاسم «سمعنا فتيا» فصارت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وسقطت الألف الأولى لسكونها وسكون التنوين، فلما وقف على الاسم زال التنوين، فرجعت الألف الأصلية المبدلة من الياء وسقطت المبدلة من التنوين، هذا قول الكوفيين وإليه تذهب جماعة من البصريين.
وقال بعضهم الوقف في النصب: على الألف المبدلة من التنوين، والألف الأصلية هي المحذوفة، واحتجوا بأن الساكنين إذا اجتمعا سقط الأول منهما. فمن الحجة عليهم بعد الاحتجاج الذي أمضينا ذكره أن العرب تقول في الوقف: «رأيت فتي» فتميل الألف إلى الياء، وألف النصب لا تمال، فلا يقال: «رأيت عمري» في «رأيت عمرًا» فهذا يكشف غلط أصحاب هذه المقالة.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/418]
وقال أبو عمرو بن العلاء: همزة (أنشره) تكفي من همزة (شاء) وخالفه من قاس هذا على (آدم) فجعل الهمزة الأولى تكفي من الثانية.
وقال خلف: سمعت الكسائي يقول في قوله: {ومن بلغ أئنكم لشتهدون} [الأنعام: 19] هو في قياس النحو كما كتبوا في الشعراء: {أئن لنا لأجرا} [41] وكتب في الأعراف: {إن لنا لأجرا} [113] قال: وهذا من أجل الكاتب، والإعراب فيه واحد. قال: فمن وقف بغير همز وقف على الياء يشبه الهمز.
وقال الكسائي: الوقف على: {ولقد جاءك نبأ من المرسلين} [الأنعام: 34] من بني يشم الباء والألف الكسرة في الوقف قليلاً وكذلك. {من تلقاء نفسي} [يونس: 15] (تلقا)
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/419]
يشم القاف والألف الكسر قليلا، ومثله: {وايتاء ذي القربى} [النحل: 90] (وإيتا)، {وآناء الليل} [آل عمران: 113] (وآنا)، {وإيتاء الزكاة} [الأنبياء: 73] (وإيتا)، و{بلقاء ربهم} [الأنعام: 154] (بلقا)، يشم الكسر قليلا الحرف الذي قبل الألف واللام.
وكان حمزة يشم الياء في الوقف ما كان فيه مثل: (نبأ المرسلين)، و(تلقاء نفسي) (تلقا). والاختيار {وإيتاء ذي القربى} {وإيتاي}، {ومن آناء الليل} [طه: 13] (آناي)، قال خلف: وإشمام هذه الحروف كلها الكسر أحب إلينا. وقال خلف: سمعت الكسائي يقول: {كهيئة الطير} [آل
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/420]
عمران: 49] مهموز في الوقف، ومن لم يهمز قال: «كهية وكهية» جميعًا.
وكان الكسائي يشم الهمز بعد الياء في قوله: {الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض} [النمل: 25] إذا وقف. وكان حمزة يقف عليه بغير إشمام الهمز.
وكان الكسائي يقف على: {شاطئ الواد} بالقصص: 30] بهمزة مختلسة. وحمزة لا يهمز مثل هذا، يقول: (شاطي) بالياء. ومذهب حمزة أحب إلى خلف.
وقوله تعالى: {كلا بل لا تكرمون اليتيم} [الفجر: 17] قال الفراء: «كلا» بمنزلة «سوف» لأنها صلة، وهي حرف رد، فكأنها «نعم» و«لا» في الاكتفاء. قال: وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك: «كلا ورب الكعبة»
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/421]
لا تقف على «كلا» لأنها بمنزلة قولك: «أي ورب الكعبة» قال الله تعالى {كلا والقمر} [المدثر: 32] فالوقف على (كلا) قبيح لأنها صلة لليمين. قال الفراء: أنشدني الكسائي عن بعض العرب:
كلا وشمس لنخضبنهم دما
وقوله: {أحق هو قل إي وربي إنه لحق} [يونس: 53] قال خلف سمعت الكسائي يقول: إي وربي حرفان. وقال الفراء: لا يقف على (إي) لأنها صلة لليمين.
وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في «كلا» مثل قول الفراء. وقال الأخفش: معنى «كلا» الردع والزجر. وقال المفسرون: معناها «حقًا». وقال السجستاني: جاءت «كلا» في القرآن على وجهين، فهي في مواضع بمعنى: «لا يكون
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/422]
ذلك» وهو رد للأول كما قال العجاج:
قد طلبت شيبان أن يصاكم = كلا ولما تصطفق مآتم
المعنى: لا، لا يكون ذلك كما ظنوا، وليس ذلك كما ظنوا حتى تصطفق المآتم، والمآتم النساء المجتمعات في خير أو شر. قال وتجيء في معنى: «ألا» التي هي للتنبيه، يستفتح بها الكلام كقوله: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم} [هود: 5] وهي زائدة في الكلام لو لم يأت بها لكان الكلام تامًا مفهومًا. لو قلت: إنهم يثنون صدورهم لكان تامًا. قال: فما جاءت فيه «كلا» بمعنى «ألا» قول العرب:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/423]
«كلا زعمت أن العير لا يقاتل»
وهو مثل للعرب، واحتج بقول أعشى بني قيس:
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم = إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
قلت: وهذا غلط منه. معنى «كلا» في المثل والبيت: «لا» ليس الأمر على ما يقولون.
وقوله: {ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22] معنى (ألا) ههنا مخالف لمعناها في قوله: {ألا إنهم هم المفسدون} [البقرة: 12]. وذلك أنها في ذلك الموضع تقرير وفي هذا الموضع افتتاح للكلام، كان الأصل فيها «لا» فأدخلت ألف الاستفهام على «لا» فصارت تقريرًا كما قال:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/424]
{أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} [القيامة: 40].
قال أبو بكر وسمعت أنا أبا العباس يقول: لا يوقف على «كلا» في جميع القرآن لأنها جواب، والفائدة تقع فيما بعدها. واحتج السجستاني في أن «كلا» بمعنى «ألا» بقوله: {كلا إن الإنسان ليطغى} [العلق: 6] قال: فمعناه «ألا إن الإنسان» وذلك أن جبريل عليه السلام، أول شيء نزل به من القرآن خمس آيات من سورة العلق مكتوبة في نمط فلقنها النبي صلى الله عليه وسلم، آية آية والنبي صلى الله عليه وسلم، يتكلم بها كما يُلقنه، فلما قال: (ما لم يعلم) طوى النمط.
قلت: فهذا يصحح مذهبين: مذهب من قال: معنى «كلا»
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/425]
حقًا كأنه قال: حقًا إن الإنسان ليطغى. ومذهب من قال: معنى «كلا» لا. كأنه قال: لا ليس الأمر على ما تظنون يا معشر الكفرة، كما قال في سورة القيامة: {لا أقسم بيوم القيامة} [1] فـ «لا» رد لكلام ثم ابتدأ فقال: أقسم بيوم القيامة. وقوله: {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا. أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا. كلا} [مريم: 77، 78] الوقف على (كلا) جائز لأن المعنى [لا] «ليس الأمر كذا».
ويجوز أن تقف على قوله (عهدا) وتبتدئ: (كلا سنكتب) أي حقًا سنكتب. وكذلك قوله تعالى: {لعلي
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/426]
أعمل صالحا فيما تركت كلا} [المؤمنون: 100] يجوز أن تقف على (كلا) وعلى (تركت). وقوله: {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا} [الشعراء: 14، 15] الوقف على (كلا) لأن المعنى «لا ليس الأمر كما ظنوا فاذهبا» وليس للحق في هذا الموضع معنى. وقوله: {قال أصحاب موسى إنما لمدركون. قال كلا} [الشعراء: 61، 62] الوقف على (كلا) حسن لأن المعنى «لا لا يدر كونكم» ولا يجوز الوقف على (قال) والابتداء بـ(كلا) للمختار لأن ما بعد القول حكاية. وقوله: {ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه. كلا} [المعارج: 14، 15] الوقف على (كلا) حسن لأن المعنى «لا لا يكون ما يود» ويجوز الوقف
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/427]
على (ينجيه) والابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا إنها لظى».
ومثله: {أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم. كلا} [المعارج: 38، 39] الوقف الجيد على (كلا) لأن معناها «لا لا يدلخها». ويجوز أن تبتدئ (كلا إنا خلقناهم) على معنى «حقًا إنا خلقناهم» والأول أجود. ومثله: {بل يريد كل امريء منهم أن يؤتى صحفا منشرة. كلا} [المدثر: 52، 53] تقف على (كلا) وعلى ما قبلها. وقوله: {يقول الإنسان يومئذ أين المفر. كلا} [القيامة: 10، 11]، الوقف الجيد على (لا وزر) لأن فيه تقع الفائدة كأنه قال: لا جبل يلجأون إليه. ويجوز أن تقف على ما قبل (كلا) وتبتدئ (كلا لا وزر) على معنى: حقًا لا وزر. والوقف على (كلا) ليس بمحال. وقوله: {ثم إن علينا بيانه. كلا بل تحبون العاجلة. وتذرون الآخرة} [القيامة: 19، 21]
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/428]
الوقف على (الآخرة) حسن. والوقف على (كلا) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها وهو قوله: (بل تحبون العاجلة. وتذرون الآخرة). ويجوز الابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا بل تحبون العاجلة». وكذلك: {تظن أن يفعل بها فاقرة} [القيامة: 25] الابتداء بـ(كلا) على معنى «حقًا إذا بلغت التراقي». وقوله: {الذي هم فيه مختلفون. كلا سيعلمون. ثم كلا سيعلمون} [عم: 3، 5] الوقف على (كلا) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها ولكن الوقف على قوله: (ثم كلا سيعلمون) جيد ويجوز أن تبتبديء (كلا سيعلمون) على معنى «حقا سيعلمون». ومثله: {وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى. كلا إنها تذكرة} [عبس: 8، 11] الوقف على (ذكره) وعلى «التذكرة»
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/429]
جيد. والوقف على (كلا) أيضًا جائز كأنه قال: لا ليس هو هكذا. وقوله: {ثم إذا شاء أنشره. كلا لما يقض ما أمره} [عبس: 22، 23] الوقف على (أنشره) و(أمره) جيد. والوقف على (كلاً) قبيح. ومثله: {في أي صورة ما شاء ركبك. كلا بل تكذبون بالدين} [الانفطار: 8، 9] الوقف الجيد على (الدين) وعلى (ركبك). والوقف على (كلا) قبيح. ومثله: {يوم يقوم الناس لرب العالمين. كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} [المطففين 6، 7] الوقف الجيد على (العالمين) وعلى (سجين). وكذلك: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} [المطففين: 13] الوقف على (الأولين) وعلى (يكسبون) جيد. والوقف على (كلا) أيضًا حسن لأن معناه «[لا] ليس الأمر على ما يظن». وتبتدئ أيضًا: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين: 15] أي:
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/430]
حقًا. والوقف على (كلا) ههنا قبيح. وكذلك: {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} [المطففين: 17] الوقف على (تكذبون) والابتداء (كلا إن كتاب الأبرار) أي: حقًا إن كتاب الأبرار. والوقف على (كلا) ههنا قبيح. وقوله: {فيقول ربي أهانن. كلا} [الفجر: 16، 17] الوقف على كلا جيد على معنى: [لا] ليس الأمر كما تظن. والوقف على (أهانن) جيد. ثم تبتدئ: {كلا بل لا تكرمون اليتيم} بالفجر: 17] أي: حقًا بل لا تكرمون اليتيم. ومثله: {وتحبون المال حبا جما} [الفجر: 20] الوقف على (جما) والابتداء {كلا إذا دكت} [الفجر: 21] أي حقًا إذا دكت. ويجوز الوقف على (كلا) على معنى «ليس الأمر كما تظنون في محبته». وقوله: {ألم يعلم بأن الله يرى. كلا لئن لم ينته لنسفعا} [العلق: 14، 15]
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/431]
الوقف على (يرى) حسن. والوقف على (كلا) رديء. وكذلك: {سندع الزبانية كلا لا تطعه} [العلق: 18، 19] الوقف على (الزبانية) والابتداء (كلا لا تطعه). وفي سورة ألهاكم ثلاثة مواضع الوقف فيهن على ما قبل (كلا) لأن معناهن «حقًا». وقوله: {يحسب أن ماله أخلده. كلا} [الهمزة: 3، 4] الوقف الجيد على (كلا) أي: لا لم يخلده. ويجوز الوقف على (أخلده) والابتداء (كلا لينبذن) أي: حقًا لينبذن.
وقوله: {فلا تك في مرية منه} [هود: 109]، قال خلف: سمعت الكسائي يقول: الوقف عليه: فلا تك في مرية منه بالتخفيف وجزم النون كما يوصل. وكذلك: {عما
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/432]
نهوا عنه} [الأعراف: 166] بجزم النون في الوقف كما تصل.
وقال: يجوز (منه) برفع النون في الوقف كما يوصل، وكذلك: (عنه) برفع النون في الوقف قال خلف: والتخفيف فيهما أحب إلى الكسائي. والقول في هذا عندنا أن من وقف بتسكين النون قال: بنيت الوقف على الوصل. ومن وقف بضم النون قال: نقلت ضمة الهاء لما وقفت إلى النون كما قال الشاعر:
أنا جرير كنيتي أبو عمرو = أضرب بالسيف وسعد في القصر
أراد: في القصر، فنقل كسرة الراء إلى الصاد. وأنشد
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/433]
الفراء أيضًا:
فقلت للسائس قده أعجله
أراد: أعجله، فنقل ضمة الهاء إلى اللام. وقال الآخر:
من الناس من إن يستشرك فتجتهد = له الرأي يستغششك ما لم تتابعه
أراد: ما لم تتابعه، فنقل ضمة الهاء إلى العين.
وقال خلف: سمعت الكسائي يقول: من كسر {أن تكون أمة هي أربى من أمة} [النحل: 92] فكسر (أربى) في الوصل: وقف عليه بالكسر مثل ما يصل، وما كان مثله مثل «الدنيا والعليا»، {ومضى مثل الأولين} [الزخرف: 8] وما يشبهه، وحمزة مثله. قال خلف سمعت الكسائي يقول: الوقف على قوله: {إلى المسجد الأقصى} [الإسراء: 1] بالياء. وقال: «الأقصى» مثل
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/434]
«الأدنى». وكذلك في سورة القصص {أقصى المدينة} [20] وكذلك في يس: {أقصى المدينة} [20] (أقصى) في الوقف.
وكذلك: {وجنى الجنتين دان} [الرحمن: 54] (وجني) إذا وقف وقف بالياء. وكذلك: {طغى الماء} [الحاقة: 11] (طغي) في الوقف. قال: وإنما كتب بالألف للألف واللام اللتين في الحرف الذي بعد هذه الحروف. قال: ومن فتح الحروف وقف على (أقصى) بالألف. قال خلف: وسمعت نحويًا بصريًا يقف على (كلتا الجنتين) [الكهف: 33] (كلتا) بألف.
قال أبو بكر: وأنا أقول: من أبطل إمالة (كلتا) قال: ألفها ألف تثنية كألف «غلاما» وذوا، وواحد كلتا كلت، وألف
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/435]
التثنية لا تعرف [إمالتها]. ومن وقف على (كلتا) بالإمالة في: (كلتا) اسم واحد عبر عن التثنية وهو بمنزلة «شعرى بكرى». وقال الأخفش: قد يميل قوم الشيء للإمالة التي تكون بعده، يقولون: «رأي» فيميلون الهمزة لإمالة الألف، ويميلون الراء لإمالة الهمزة. وقد قرئ هذا الحرف مهموزًا ممالا: {رأى كوكبا} [الأنعام: 76] و{نأى بجانبه} [الإسراء: 83] يميلون النون لإمالة الهمزة. وكذلك إذا كان الذي قبل الياء همزة أو عينا. وقوله: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال: 17] الإمالة فيها قبيحة، أعني إمالة الراء. وقد ذكروا أنها لغة لأنه لما أمال الميم أمال الراء بإمالتها فإذا لقي الفعل ألف لام كان ترك الإمالة أجود كقوله تعالى: {فلما رأى القمر بازغا} [الأنعام: 77] ترك الإمالة أجود للألف واللام.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/436]
وكذلك: {كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر} [البقرة: 178] وكذلك إن لقيها ساكن ليس مع الألف واللام كقوله: {هدى للمتقين} [البقرة: 2]، ويجوز أن تميل مع الألف واللام لأن الألف واللام جاءتا بعدما أملت الحرف الذي قبل الألف. وقال الأخفش: حُكي عن بعض القراء أنه قرأ (رأى) بكسر الراء، وفتح الهمز، ترك الراء ممالة وفخم الهمزة لما ذهبت إمالة الألف، وكان ينبغي أن تذهب إمالة الراء. وقال الأخفش: فيما كتب بالياء وهو من الواو: {والليل إذا سجى} [الضحى: 2] و(تليها) و{طحاها} [الشمس: 2، 6] و{دحاها} [النازعات: 30] و{ما زكى منكم} [النور: 21] كتبت هذه بالياء لأن أواخر الآي التي معها بالياء فكتبوها على مثل الذي هي معه،
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/437]
يعني أن (سجى) سبقه (والضحى) و(تليها) سبقه و(ضحيها)، قال: وإن شئت قلت: قلبوا (سجى) و(تلى) إلى الياء لأن الواو تنقلب إلى الياء والحرف على عدده مثل «دعى» فكانت عودة الواو إلى الياء أكثر، ويقال: كتب في موضع بالإتباع ثم كتب في كل مكان بتلك الصورة لئلا يفترق الخط مثل «قضي» بالياء لأنه يقال: «قضيت وقضينا» فيكون الخط متفقًا. وكذلك: «لدى وعلى وإلى» كتبن بالياء لأنه كتب «دليك وعليك وإليك» بالياء لأن يتفق الخط.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/438]
قال خلف: سمعت الكسائي يوقل: {لدا الباب قالت} [يوسف: 25] قال (لدى) كتب ههنا في «يوسف» بألف.
قال: «لدى وعلى وإلى» مخرجها من النحو واحد: «دليهم وعليهم وإليهم». قال: فالوقف عليهن بالفتح. وحمزة مثله.
قال خلف: وكانا يفتحان، يعني حمزة والكسائي، {حتى نبعث رسولا} [الإسراء: 15] يفتحان «حتى» كلها في الوقف، وإن كان كتابها بياء، يفتحانها كما يصلان.
153- حدثني أبي قال: حدثنا أبو جعفر الضني قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا سعيد بن زيد قال: كتبت لأيوب كتابًا فكتبت «حتا» فقال: اجعل «حتا» «حتى».
قال خلف: وسمعت الكسائي يقول: الوقف على
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/439]
{ذكرى الدار، وإنهم عندنا} [ص: 46، 47] على (ذكرى) بالياء كما في الكتاب لمن كسر الحروف ومن فتح الحروف وقف بألف.
وقوله عز وجل: {وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} [الصافات: 147] الوقف على (أو) قبيح لأن الفائدة فيما بعدها. وكذلك قوله: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [البقرة: 74] الوقف على (أو) قبيح، ويجوز للمضطر أن يقف عليهما لأنهما في تأويل «بل» كأنه قال: «وأرسلناه إلى مائة ألف بل يزيدون» هذا قول الفراء، والحجة له قول الشاعر:
بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى = وصورتها أو أنت في العين أملح
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/440]
فمعناه: «بل أنت في العين أملح». وقال غير الفراء: معناه «إلى مائة ألف أو يزيدون عندكم». وكذلك قوله: {يقاتلونهم أو يسلمون} [الفتح: 16] يصلح للمضطر أن يقف على (أو) لأنها في معنى «أو» الصحيحة في الشك.
وقوله تعالى: {ولا تطع منهم آثمًا أو كفورا} [الإنسا: 24] لا يصلح الوقف على (أو) لمختار ولا مضطر لأنها في معنى الواو كأنه قال: ولا تطع منهم آثمًا وكفورًا. قال متمم بن نويره:
فلو كان البكاء يرد شيئًا = بكيت على بجبير أو غفاق
على المرءين إذ هلكا جميعا = لشأنهما بشجو واشتياق
أراد: بكيت على بجبير وغفاق. وقال جرير:
نال الخلافة أو كانت له قدرًا = كما أتى ربه موسى على قدر
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/441]
أراد: نال الخلافة وكانت له. وقال توبة بن الحمير:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر = لنفسي تقاها أو عليها فجورها
[أراد: وعليها فجورها] وقال قوم: معنى الآية: «ولا تطع منهم آثما ولا كفورا» واحتجوا بقول الشاعر:
لا وجد ثكلى كما وجدت ولا = ثكل عجول أضلها ربع
أو وجد شيخ أضل ناقته = يوم توافي الحجيج فاندفعوا
أراد: ولا وجد شيخ.
وقال الفراء: إذا قلت: لأضربنك عشت أو مت، ولآتينك أعطيت أو منعت، لم يصلح الوقف على «أو» ههنا لأن «أو» كأنها واو نسق والكلمة كلها كالواحدة بعضها صلة لبعض فأحسن ذلك أن تقف عند آخر الكلام ولا تقف عند بعضه دون بعض. قال: وهو جائز كما يجوز
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/442]
الوقف على «الذي» دون صلته، وهو قبيح.
وقال خلف: سمعت الكسائي يقرأ (الأيكة) أربعة أحرف كلها بالهمز في «الحجر» وفي «الشعراء» وفي «ص» وفي «ق». وكذلك إذا ابتدأ يبتدئ بألف.
وقال الفراء {أصحاب الأيكة} [الحجر: 78] كتابها بالألف واللام. وفي «الشعراء»: {كذب أصحاب ليكة} [176] بلام واحدة كتبت على اللفظ، والابتداء فيهما جميعا بالألف واللام.
154- حدثنا إسماعيل عن قالون عن نافع {كذب
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/443]
أصحاب ليكة} الهاء فيها، يعني في الشعراء وفي «ص»، منتصبة غير مهموزة. وهي كذلك في المصحف في الموضعين معًا.
وقال الفراء: المذهب الأول أعجب إلي، يعني إثبات الألف واللام، في الأربعة المواضع لأنها قصة واحدة واسم واحد في جميع هذه المواضع. والحجة لأهل المدينة في خلالهم بينها وهي واحدة قوله تعالى: {وشجرة تخرج من طور سيناء} [المؤمنون: 20] وقال في موضع آخر: {والتين والزيتون. وطور سينين} [التين: 1، 2] و«سيناء» «سينين». وقال في موضع آخر: {وإن إلياس لمن المرسلين} [الصافات: 123] ثم قال بعد: {سلام على إل ياسين}
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/444]
[130] و«إلياس» هو «إل ياسين» وف يقراءة عبد الله: (وإن إدريس لمن المرسلين سلام على إدراسين) فـ «إدريس» هو «إدراسين».
فإن قال قائل: لم خفضت «الأيكة» إذا كانت فيها الألف واللام فقيل: (أصحاب الأيكة) ونصبت إذا لم يكن فيها الألف واللام فقيل (أصحاب ليكة)؟ قيل له: نصبت إذا لم تكن فيها الألف واللام لأن فيها هاء التأنيث، وكل اسم فيها هاء التأنيث لا يجرى في المعرفة كقولك «نظرت إلى عمرة وإلى حمزة» و«ليكة» على مثال «بيضة»، فلذلك لم يجر، وخفضت إذا كانت فيها الألف واللام لأن كل اسم لا يجرى إذا دخلت عليه الألف واللام جرى. وما يجرى يخفض في الخفض وما لا يجرى ينصب في الخفض تقول من ذلك: «نظرت على
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/445]
مساجد وصوامع» فتنصبها لأنها لا تجرى، فإذا دخلت عليها الألف واللام قلت «نظرت إلى المساجد والصوامع» فتخفضها لدخول الألف واللام عليها. ومعنى «الأيكة» في اللغة الغيضة، وجمعها أيك كما ترى. قال الشعر:
أفمن بكاء حمامة في أيكة = يرفض دمعك فوق ظهر المحمل
وقال جرير في الجمع:
طرب الحمام بذي الأراك فشاقني = لا زلت في غلل وأيك ناضر
وقوله تعالى: {أئنا لمبعوثون. أو آباؤنا الأولون} [الصافات: 16، 17] لا يصلح الوقف على (أو) والابتداء
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/446]
(آباؤنا الأولون) لأن الواو واو نسق دخلت عليها ألف الاستفهام، كان الأصل فيه، والله أعلم، «أئنا لمبعوثون وآباؤنا» ثم دخلت ألف الاستفهام على واو النسق. وكذلك قوله: {أو ليس الله بأعلم} [العنكبوت: 10]، {أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم} [الأعراف: 63] فالواو في هذه المواضع بمنزلة الفاء في قوله: {أفلم يسيروا في الأرض} [يوسف: 109] فكما لا يجوز الوقف على الفاء لا يجوز الوقف على الواو، فإن سكنت الواو فقلت: «أننا لمبعوثون أو آباؤنا». وكذلك إن قتل: {أو أمن أهل القرى} [الأعراف: 98] بتسكين الواو صلح أن تقف على (أو) لأنها «أو» المعروفة.
155- حدثنا إسماعيل عن قالون عن نافع أنه كان
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/447]
يقرؤها: (أو أمن أهل القرى) بتسكين الواو.
وقال خلف: سمعت الكسائي يقول: الوقف على {ما آتيتم من ربي ليربو} [الروم: 29] بالياء، ومثل هذا الحرف حروف في القرآن اللفظ فيها بالفتح بالتنوين، وهي بالياء في الوقف. واعلم أن الحرف إذا كان ممدودًا بغير تنوين وقفت عليه بالمد بغير همز كقوله عز وجل: {إذا طلقتم النساء} [الطلاق: 1] وكذلك: {أولياء تلقون إليهم بالمودة} [الممتحنة: 1] تقف عليهما (النسا، أوليا)، ومثلهما: {فمن ابتغى وراء ذلك} [المعارج: 31]، {تلقاء أصحاب النار} [الأعراف: 47]، {ابتغاء وجه ربه الأعلى} [الليل: 20]
{دكا وخر موسى صعقا} [الأعراف: 143]، {حتى تفيء
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/448]
إلى أمر الله} [الحجرات: 9] تقف [عليه] بالمد بغير همز، فإذا كان الحرف ممدودًا بهمزة تستقبله وقفت عليه بغير مد كقوله: {كما آمن السفهاء} [البقرة: 13] تقف عليه (كما) بغير مد لأنك إنما مددته للهمزة التي في (آمن)، ومثله: {ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة} [القصص: 76]، {فلما أضاءت ما حوله} [البقرة: 17]، {قد يعلم ما أنتم عليه} [النور: 64] وهو كثير في القرآن، تقف عليه بغير مد، فإذا كان الحرف ممدودًا مخفوضًا وقفت عليه بالمد وإشمام الخفض كقوله: {ومن وراء إسحاق يعقوب} [هود: 71] وكذلك: {من وراء حجاب} [الأحزاب: 53]، {إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} [الحجرات: 4] تقف عليه بالمد وإشمام الخفض.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/449]
واعلم أن الوقف يسمج على مثل قوله: {الله لا إله إلا هو} [البقرة: 255] يقبح الوقف على (لا إله) وكذلك: {وما من إله} [آل عمران: 62] الوقف عليه سمج. وكذلك: {قالوا اتخذ الرحمن ولدا} [مريم: 88] الوقف على (قالوا) والابتداء (اتخذ الرحمن) قبيح. ولا تقف على قوله: {ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفتر} [إبراهيم: 22] ولا على قوله: {ألا إنهم من إفكهم ليقولون} [الصافات: 151] ثم نبتديء: (ولد الله) [152]. وكذلك يسمج الوقف على قوله: {وقالت اليهود} [التوبة: 30] والابتداء: {عزير ابن الله} [وكذلك لا تقف على قوله: {لقد كفر الذين
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/450]
قالوا} [المائدة: 17] وتبتدئ: {إن الله هو المسيح} وكذلك لا تقف على (لقد كفر الذين قالوا) ثم تبتدئ: {إن الله ثالث ثلاثة} [المائدة: 73] ولا تقف على قوله: {الم. ذلك الكتاب لا} [البقرة: 1، 2] ثم تبتدئ {ريب فيه}. وكذلك لا تقف على (لا) ثم تبتبديء: {خير في كثير من نجواهم} [النساء: 14] ولو وقف واقف على هذا لم يلحقه مأثم إن شاء الله لأن نيته للحكاية عمن قاله وهو غير معتقد له. وقد كان حمزة وغيره يستسمجون الوقف على هذا لأن القارئ يقدر على تعهد هذا. فتجنبه الوقف على هذا أعجب إلينا.
وكان حمزة يستسمج السكت على قوله: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا}، والابتداء: {ما وعد الرحمن} [يس: 52].
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/451]
وقال: السكت على (الرحمن). وهذا عند الفراء على معنيين:
أحدهما أن يكون (هذا) مرفوعًا بـ(ما وعد) و(ما) مرفوعة بـ(هذا)، فيكون الوقف على (مرقدنا) والابتداء (هذا ما وعد الرحمن). والوجه الآخر أن يكون (هذا) في موضع خفض على الإتباع لـ «المرقد» فيكون الوقف على (هذا) ثم يبتديء (ما وعد الرحمن) على معنى «بعثكم ما وعد الرحمن» أي: بعثكم وعد الرحمن. يقاس على كل ما يرد مما يشاكله إن شاء الله.
[إيضاح الوقف والابتداء: 1/452]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir