دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > البرامج الخاصة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23 ربيع الثاني 1431هـ/7-04-2010م, 09:25 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي النور الساري شرح صحيح البخاري[حلقات متتابعة]

الوَدَق الزّاكي مِنْ إرثِ النبيّ الهاديّ
(1)

بسم الله الرحمن الرحيم
لله الحمد من قبل ومن بعد على ما أعطى وأخذ به نستعين وعليه نتوكل ولا حول ولا قوة لنا إلا به ، له الحمد أن عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ، والصلاة والسلام على النبي محمد خير من خلق الله وأوجد بُعِثَ بالحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا هدانا لإرثه الذي لا ينتهي فقال إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ، وبعـد :

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

العِلـمُ صيدٌ والكـتابةُ قَيْدُه ** قَيِّـدْ صُيودَك بالحِبَالِ المُوثِقَهْ
وَمِنَ الجَهَالة أن تصِيدَ حمامةً ** وتتركُها بَيْنَ الأوانِس مطلقهْ
إنّ مِنْ نِعَمِ الله علينا التي تَبُثُ في أرواحنا الأمل تِلكَ الدروس والمحاضرات التي انتشرت سواءً في المساجد والقاعات أو في التلفزيون والراديو والانترنت نسأل الله جل وعلا أن لا يحرمنا خيرها ويصرف شر كل حاقد عنّا وعنها ..
وتنوعت بين دروس علمية مسلسلة ومحاضرات وعظية عامة بين تفسير لكتاب الله و شرح لحديث رسول الله أو درس فقه أو برنامج فتاوى .. وجميلٌ أن ينظم المرء وقته ويحدد لنفسه في وسط هذا الزخم الطيب عدد من البرامج الأكثر مناسبة وإفادة له يتابعها يسجل ما يسمعه من خير ومن ثم يستزيد بالقراءة فيما سمع أو إتمام ما نقص أثناء تقييده لما يستمع فإنه حتما سيحتاج له يوما ..
وإنّي في هذه السلسلة بإذن الله سأنسخ لكم شيء مما أقيّده فزكاة العلم تبليغه .. سائلة ربي القبول منه والنفع لخلقه ثم منكم التنبيه إن كان من خطأ أو تقصير .. فحياكم الله علماً بأني أحيانا لا يكون النص تماما بلسان الشيخ فقد يفتني شيء أعيد كتابته بأسلوبي .. وحقوق الطبع للجميع بأي صورة من الصور بل وأسعد بذلك ما دام نشرا للعلم والخير .. فعلى الله توكلنا .

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
{ اعلموا رحمكم الله أن هذا العلم يندُّ كما تند الإبل ،
فاجعلوا الكتب له حماة ، والأقلام عليه رعاة} الشافعي


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 23 ربيع الثاني 1431هـ/7-04-2010م, 09:34 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

برنامج النور الساري في شرح أحاديث صحيح البخاري
فضيلة الشيخ : مصطفى العدوي حفظه الله
يبث على قناة الحكمة وقناة مواهب وأفكار - الحلقة المباشرة السبت 10:30 مساءا
الإعادات : الأحد 9:30 صباحا , الأحد 1:15 ظهراً (وله إعادات آخرى)
فاتني حلقات من أوله لا أدري عددها تحتوي في الغالب على المقدمات وشرح أول حديثين وجزء من أول الحديث الثالث ،
والحلقة القادمة ستكون غالبا في شرح أواخر الحديث السابع حديث هرقل ثم يدخل بعدها بإذن الله في شرح كتاب الإيمان .
علماً بأن الترقيم ترقيم الحلقات في مذكراتي وليس رقم الحلقة الأصلي .

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 ربيع الثاني 1431هـ/7-04-2010م, 09:37 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

( 1 ) السبت 1,ربيع الأول,1431
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم –
الحديث الثالث (الجزئية التي ستشرح )

{ .. ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاَءُ ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِىَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ ، فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا ...

- تحدث عن مرسل الصحابي وقبوله ..
- سُئل الشعبي –وكان ذو دعابة- هل تتزوج الشياطين ؟ فقال : ذاك عرس لم نشهده .. ثم استدرك قائلا : نعم ، فلا ذرية بغير زواج قال الله تبارك وتعالى : ( أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) (الكهف: من الآية50) ولا ذرية بغير زواج لذا فإن ميلاد عيسى عليه السلام كان معجزة .
- ( إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل عليّ رقيب ) ينسب ل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله .
- فُسِّر التحنث بالتعبد ، وهو مدرج على كلام أمي عائشة رضي الله عنها فإنما هو من كلام الزهري رحمه الله ..
- في الإدراج : يعرف الإدراج بمتابعة طرق الحديث .. وسبب الإدراج في الغالب أن يقصد الراوي الشرح فيظن الناقل أنه من نص الحديث .. ومثال الإدراج : قال أبو هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم " للعبد المملوك أجران " ( والذي نفسي بيده لولا الجهاد وبر أمي لأحببت أن أكون مملوكا ) فالتبس على بعض الرواه وظن ما بين القوسين من قول رسول الله وإنما هو من قول أبو هريرة رضي الله عنه ..
- " قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ " يشرع التزود للأسفار وقد ورد بإسناد اختلف فيه كان أهلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ ، فلا يَتَزَوَّدُونَ ، ويقولونَ : نحن المتوكِّلونَ ، فإذا قَدِمُوا مَكَّةَ سألُوا الناسَ ، فأنزل الله عز وجل : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)(البقرة: من الآية197 )
- ثم تحدث عن فضل أمي خديجة وأمي عائشة رضي الله عنهما وذكر إجمالا أن خديجة رضي الله عنها أفضل من عائشة رضي الله عنها وكلاهما من أهل الفضل وقمم الخير وقد فصل بعض أهل العلم فقالوا أن فضل خديجة على الدعوة وفضل عائشة في نشر العلم ..


( 2 ) السبت 6,ربيع الأول,1431
الجزء الثاني من الحديث الثالث

{ .. حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ اقْرَأْ قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ قَالَ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} ..

- كان النبي صلى الله عليه وسلم أميّ ، وأميّته هذه تنفع في دفع الشبهات عنه حيث كان من ضمن ما اتهم به صلى الله عليه وسلم أن بشراً علمه حبرا من أحبار يهود أو راهبا من رهبان النصارى ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل:103)فكانت أميّته دفعاً لتلك الشبهة إذا أنه لا يقرأ ولا يكتب قال تعالى (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت:48)
- كانت ( إقرأ ) أول كلمة أُمِرَ بها ، ومنه أخذ العلماء فضيلة القراءة والتعلم ولا يعكر على ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم أميّ فذلك كان لغاية كما أوضحنا سلفا .. والعلم شرف ورفعة للإنسان بل وللحيوان أيضا فقد فُضل الكلب المعلم والصقر المعلم وأُحِل الأكل من صيده .
- { مَا أَنَا بِقَارِئٍ } هذا وصف لحاله وليس رفضا لامتثال الأمر .
- الثالثة مبلغ الاعتذار ، كما في الطلاق والاستئذان ، وكما في قصة الخضر وموسى عليهما السلام .
- هنا لم تذكر البسملة ومنه ورد الاختلاف في كون البسملة آية من أول كل سورة أم من الفاتحة فقط أو لا هذا ولا ذاك – وذكر تفاصيل الخلاف وأدلة كل فريق ولم يُرَجِح- .
- { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } اقرأ مفتتحا باسم الله وقيل اقرأ متبركا باسم الله .. وقال { الذي خلق } لأن مشركي قريش كانوا يقرون بأن الله هو الخالق ففتتح بشيء يعرفونه (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ )(لقمان: من الآية25)
- { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ } كُرِرَ الأمر بالقراءة .. ومن التكرار تتأتى منقبة القراءة والتعلم .

فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي فَقَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ..
- ذكر طرفا من فضائل أمي خديجة رضي الله عنها وشيء من خبر زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم .
- { يَرْجُفُ فُؤَادُهُ } { حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ } فيه دليل أن الخوف الجِبلّي يعتري الصالحين بل وحتى النبيين ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طـه:67)
-وقال تعالى في شأن يعقوب عليه السلام (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ) (يوسف:13) وقال في شأن الصحابة رضوان الله عليهم(وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (لأنفال:26 ) فهو بينة أن الخوف يتسرب إلى قلب الإنسان وإن علا شأنه .
- ذكر طرفا في الرحم وأهميته ووصله ومن الأحاديث التي ذكرها (وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَىِ الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً) صحيح مسلم ، فمن كان واصلا لرحمه مؤديا لأمانته أخذتا بيده فعبر ومن كان غير ذلك أسقطتاه .
- قال عليّ بن الحسين زين العابدين رحمه الله موصيا ابنه ( إياك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإني وجدته ملعوناً في كتاب الله عز وجل في ثلاثة مواضع في ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22-23) ( وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة:27)


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23 ربيع الثاني 1431هـ/7-04-2010م, 09:42 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

( 3) السبت 13,ربيع الأول,1431
الجزء الثالث من الحديث الثالث

{ .. قَالَتْ خَدِيجَةُ كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ ..



- { وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ } أي تحمل الضعيف وتعطي المحروم " وهو كَلٌ على مولاه .. " الكل هو الرجل لا يستطيع القيام على أمر نفسه إما لفقره أو لضعفه .. فكل على مولاه أي عالة على سيده .. والمعدوم : الفقير الذي لا مال معه .
- رأس سعد أن لنفسه فضل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : { وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم } قيل بإحسانكم إليهم ينصركم الله وقيل بدعائهم لكم حين تحسنون إليهم .. مع الفارق في التوصيف .
- { وَتَقْرِي الضَّيْفَ } تقدم للضيف حقه الذي ينبغي له وتلك من المحامد في الجاهلية وأقرها الإسلام .. وقد تمدح يوسف عليه السلام بها قال : ( أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ)(يوسف: من الآية59) ولمّا سأل النبي بني سلمة عن سيدهم – وأورد الحديث- ثم قال لهم { وأي داء أدوى من البخل } وقال صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه " وفي هذا قال الشاعر واصفا رجلاً بخيلا اسمه ( الفضل )
رأيت الفضل متكأ ** يناغي الخبز والسمكَ
فقطب حين أبصرني ** ونكس رأسه وبكى
فلما أن حلفـت له ** بأني صائم ضحـكَ
- { وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ } النوائب : المصائب ، أما الحق فللعلماء فيها توجيهان : [1] المراد بالحق الله جل وعلا كما في قوله تعالى : " ويعلمون أن الله هو الحق المبين " فالحق من أسماء الله تبارك وتعالى فيكون المقصود تعين من تصيبه مصيبة بقدر الله على أن يتجاوز مصيبته [2] أن الرجل إذا شهد شهادة حق ليست في صالح ذو السلطان وقع به من المصاب والضرر بسبب ذلك الجائر فينصره النبي صلى الله عليه وسلم ويعينه على المصيبة التي أصابته لشهادته بحق ..
- هناك زيادات في روايات أخرى فيها مزيد وصف لكريم خلق النبي صلى الله عليه وسلم على لسان أمي خديجة رضي الله عنها .. ومطلب في الشرح أن تجمع الروايات لمزيد إيضاح وبيان فيكمل النقص ويتضح الغموض ، ثم ضرب الشيخ مثالا لذلك وجمع أحاديث حق الطريق ..
- صنائع المعروف تنفع الشخص بعد هدايته .. أورد حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه وجاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أسلمت على ما سلف –ما أسلفت - لك من الخير }
- هُنا مسألة : كيف أثنت خديجة رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في المدح ما جاء قال تعالى " ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى " وعن النبي أنه قال : { .. فاحثوا في وجوه المادحين التراب } وإلى آخر ما جاء من نصوص في ذلك فكيف نوفق بين موقف أمي خديجة رضي الله عنها وبين تلك النصوص ؟ وجواب ذلك أن أمنا خديجة رضي الله عنها قالت ذلك قبل أن يأتي النهي فمعلوم أن هذا الموقف كان في مطلع النبوة ، ويقال أيضا أن التزكية ليست بممنوعة مطلقا بل تمنع إذا خشيت الفتنة ، فأحيانا يكون الثناء دافعا لمزيد من الإحسان .. وفي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عدد من المواقف مدح فيها أصحاب بأعينهم أمامهم .. فليس الثناء كله مذموم بل وأحيانا يثني الإنسان على نفسه عند الحاجة فقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال [ أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ] وقال أيضا للأنصار [ ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ] وكذا يثني العبد على نفسه دفعاً للشبه كما فعل عثمان رضي الله عنه وقت الفتنة ..
- { ابْنِ أَخِيكَ } أطلقت تجوّزاً كما يقال للشخص الكبير يا عمّ أو يا خال ..

( 4 ) السبت 20,ربيع الأول,1431
الجزئية الأخيرة من الحديث الثالث

{ .. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ }

- الجذع من النعم هو الصغير ، فتمنى ورقة أن يكون صغيرا شابا فتيا لينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- أي هذا الوحي الذي أنزل عليك هو الذي نزل على موسى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) (النساء:163)
-وتسأل أهل العلم عن سبب قول ورقة : موسى وليس عيسى ، وعيسى هو الذي سبق النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ؟ فأجابوا بأن شرعة نبي الله موسى تشبه شرعة النبي محمد صلى الله عليهما وسلم وأن سيرة النبي محمد أشبه ما تكون بسيرة النبي موسى عليهما الصلاة والسلام فمحمد صلى الله عليه وسلم أخرج من مكة وموسى عليه السلام أخرج من مصر كلاهما خرج خائفا .. وكلاهما رجع بعد مُدّة وابتلي محمد بأبي لهب فرعون هذه الأمة وبأبي جهل وابتلي موسى بفرعون مصر وقارون ، وابتلي محمد برأس المنافقين وموسى ابتلي بالسّامري .. وهكذا ليس ورقة وحده من ذكر موسى عليه السلام كذلك الجن قالت (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى)(الاحقاف: من الآية30) ومن ذلك أيضا أن عيسى عليه السلام أتى مُكمِّلا لرسالة موسى ومحلا لبني إسرائيل بعض الذي حرم عليهم أما موسى فقد أتى بشرعة جديدة ونرى نصارى اليوم يقولون العهد القديم يقصدون به ما كان نزل على موسى والعهد الجديد وهو ما نزل على عيسى _على محمد وموسى وعيسى أفضل صلاة وأتم تسليم_ .
- من قول ورقة { يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا } أُخِذَ جواز تمني الخير ، أما النهي عن كلمة (لو) فمنهي عنها إن صحبها تسخط على القدر والنص في ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم { الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ } رواه مسلم ، ودليل أن النهي عن لو ليس مطلقا أن النبي نفسه صلى الله عليه وسلم قالها في غير موضع { لو استقبلت من أمري ما استدبرت ... } وكذا ما قاله ورقة هنا وما قاله مؤمن فرعون { يا ليت قومي يعلمون } وقد أورد البخاري رحمه الله بابا سماه ( باب ما جاء في لو ) .
- فهم ورقة أن الأمم الكافرة لا ترضى وجود المؤمنين معهم " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا"(ابراهيم: من الآية13) قالها قوم لوط لنبيهم وكذا قالها قوم شعيب وقال الله جل وعلا في شأن قريش " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ "(لأنفال: من الآية30) وقد علم ورقة ذلك بالاستقراء ودراسته لتاريخ الأمم السابقة .
- تعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهر العجب بقوله { أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ } فقد كان قومه يحبونه ويثنون عليه ويسمونه الصادق الأمين .
- { عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ } أي اليوم الذي تخرج فيه برسالتك على الناس وتجهر بالدعوة .. والحكم عند الأكثرية أن ورقة الرجل الصالح رحمه الله ورضي عنه من أهل الإسلام لهذا الموقف والمقال منه ولأنه كان على الحنيفية ..
- (لكُلِّ عاملٍ شِرَّةٌ ، ولكل شِرَّةٍ فَتْرَةٌ ، فمن صارت فترته إلى سُنَّتي فقد اهتدى ، ومن أخطأ فقد ضَلَّ ) وتطلق الفترة على عدة معاني تطلق على السكون والانقطاع ، والمقصد أن الوحي انقطع زمنا ثم نزلت سورة المدثر ومن ذلك توهم البعض أنها أول سورة نزلت .. والصواب أنها أول سورة نزلت بعد فتور الوحي أما أول ما نزل على الإطلاق فمطلع سورة العلق .
- ثم ذكر كلام في المعلقات والمراسيل وذكر طرفا من فضائل جابر والزهري وأبو سلمة رحمهم الله ورضي عنهم .. وذكر كلاما في علم المصطلح لم أشأ نسخه هنا .. وأغلب كلامه يندرج تحت شرح الحديث الرابع لم أدركه بتمامه ..



ألقاكم غدا بإذن الله في شرح الحديثين الخامس والسادس.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 ربيع الثاني 1431هـ/8-04-2010م, 06:40 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري شرح صحيح البخاري (5)
27 ربيع الأول 1431
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-
الحديث الخامس


حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}قَالَ –أي ابن عباس- كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنْ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا وَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}قَالَ –أي ابن عباس- جَمْعُهُ لَه فِي صَدْرِكَ وَتَقْرَأَهُ{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}قَالَ –أي ابن عباس- فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَرَأَهُ .

- فاتني جزء من أول الحلقة ..
- سعيد بن جبير من أعلم الناس بتفسير بن عباس لازم بن عباس سنوات كثيرة وهو من العلماء الأثبات وقُتِلَ ظلما وعدوانا على يد الحجاج بن يوسف الثقفي .
- عبد الله بن عباس حبر الأمة دعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم علمه الحكمة " وفي مرة " اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين " وفي مرة " اللهم علمه تأويل القرآن " وفي مرة " اللهم علمه الكتاب " كان صغيرا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان وأمّه من المستضعفين الذين لم يهاجروا وأنزل الله في شأنهم "إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً" (النساء:98)
- { وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ } أي وكان من أسباب تلك الشدة أن النبي صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه ولسانه أثناء الوحي حتى يحفظ ما يوحى إليه ..
- أما قول بن عباس { فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ } هذا ما يسمى بـ الحديث المسلسل والتسلسل أنواع فهذا متسلسل بتحريك الشفتين وفيه المتسلسل بالضحك .. فهناك المتسلسل بفعل معين كأن يفعل النبي فعلا (تبسما أو غيره) فيفعل الراوي ذلك وهكذا كل من روى الحديث يقوم بتلك الفعلة فيسمى متسلسل ب ( .. ) وقد يكون التسلسل بصفة معينة اشترك فيها رجالات السند كـ مسلسل بالمصريين وكذا قد يكون التسلسل ب لفظة التحديث كأن يقول كل راوي حدثني فلان قال حدثني فلان أو مسلسل بالعنعنه عن فلان عن فلان .. وهكذا ..
- {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} أي أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم لا تحرك بالقرآن لسانك لتستعجل حفظه ، فإن الله سبحانه سيجمعه ويحفظه في صدره –صلى الله عليه وسلم- ويمكنه من قراءته ..
- فيه دليل أن أحداً لا يستطيع أن يحفظ آية من كتب الله إلا إذا أعانه الله وإذا حفظ لا يستطيع أن يقرأ ولا أن يبين إلا إذا أعانه الله ووفقه .. فكم من حافظ إذا آتى ليقرأ في المحافل أو غيرها توقف في محل ما كان يتوقف فيه وموضوع يسير جدا عليه .. فلا حفظ ولا أداء إلابإذن الله وهذا لا يقف على القرآن بل كُلّ علم ديني أو دنيوي لا يكون إلا بعون الله وإذنه وإن علم فلا يستطيع استفادة من علمه بالأداء و التطبيق والعمل إلا بتوفيق الله .. ألا ترى كم من طبيب بلغت شهرته الآفاق .. وأخطأ بسبب نسيان أمّر لا يخطئ فيه حتى المبتدأ في الطب !
- ومما يروى في هذا الباب تبينا لذلك ما حدث مع الفاروق رضي الله عنه وهو في العلم هو كم من مرة وافقه القرآن وكم من مستعصيات هداه الله إليها بعد الفتوحات فيعهده كفقه الخراج والمسألة العمرية في الميراث وغيرهما كثير .. ويكفي ما أورده البخاري ) إن النبي صلي الله عليه وسلم رأي رؤيا أنهيشرب اللبن حتى رأي الري في أظفاره ثم ناول عمر اللبن قالوا يا رسول فما أولتها قال العلم ) ومع هذا خفيّ عليه شيء رغم وضوحه التام لصحابة فاقهم علما بكثير .. فقد قال ( وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلملم يقبض حتى يبين لنا الكلالة والخلافة وأبوابا من الربا ) وما زال يسأل النبي عن الكلالة فيبين له فلا يستوعب ويعاود السؤال حتى قال : (ما أغلظ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء أكثر من آية الكلالة حتى ضرب صدري وقال يكفيك منها آية الصيف التي أنزلت فيآخر سورة النساء ) فالحاصل .. أن أحدا لا يستطيع الحفظ إلا بإذن الله وإن حفظ لا يستطيع بثه حتى يأذن له الله فعلينا أن نسأل الله التوفيق والإعانة كما أمرنا بذلك في كتابه " ربّ زدني علما " ومنه أن لا يغتار عالما بعلمه فإنما ذلك محض فضل من الله ولو شاء لأنسيه أوما استوعبه ..[ هذه النقطة والتي سبقتها كنت قد أعدت صياغتهما بتصرف كبير في عناقيد الضياء وهما الآن على ما هما عليه من تصرف ]
- من الفوائد الحديثية
[1] بيان معنى الحديث التسلسل .
[2] أن يتواضع العبد ويتذلل لله ويداوم على سؤاله العون وأن يستخدمه في نصرة دينه
[3] على صاحب كل ذي نعمة أن يحدث شكرا لله وحمدا ، والحمد كلمة كل شاكر فعلينا مع كل شكر بلسان شكر بالقلب وبالعمل بالإحسان إلى الخلق وما إلى ذلك ..
أفادتكم النعماء مني ثلاثة ** يدي ولساني والضميرَ المُحجبَ
- أورد مسألة في قوله تعالى ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (لأعراف:204) ويرى أن جمهور المفسرين أن المقصود بالآية أنها في قرآن الصلاة .



الحديث السادس


حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ .

- { حَدَّثَنَا عَبْدَانُ } : عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي من بلاد مرو ..
- { أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ } : الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله ، كان يحج عاما ويجاهد عاما وكان متصدقا ينفق على أهل العلم يجهد في التجارة لأجل الإنفاق عليهم ، وكان في زمانه عالم خرسان ومفتيها كما كان الأوزاعي عالم الشام ومفتيها والليث بن سعد عالم مصر ومفتيها ومالك عالم المدينة ومفتيها كلٌ في مكانه وزمانه .. وذكر شيء من فضائل بن المبارك ومنه قصته مع إسماعيل بن عليه حين قبل الأخير تولي القضاء .. (وقد نقلتها لكم من تاريخ بغداد أوردها في نهاية الدرس بإذن الله)
- { ح } أي حول السند وسيبتدأ السند من جديد (سلسلة أخرى من الرجال روى الحديث ) .
- { نَحْوَهُ } أي قريب من معناه .
- { عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ } : عبيد الله بن عبد الله بن عتبه أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين الذين يرى الإمام مالك أنه إجماعهم حجة ..
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر ** روايته عن العلم ليست خارجه
فقل هم عبيد الله عروة قاسـم ** سعيد أبو بكـر سليمان خارجه
- { أَجْوَدَ النَّاسِ } أي مِعطاءً . فالنبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس على العموم ولكن جوده يزداد في رمضان عند لقاءه جبريل عليه السلام ، وفيه فائدة أن المرء يزداد بِرَاً حين يلقى الصالحين . ومما جاء في ذلك استحباب الدعاء عند صيحا الديك فإنها تكون قد رأت ملكاً ، ومنه استحباب الدعاء في حضور الصالحين حتى يؤمنون عليه ويكون ذلك أدعى للإجابة .
- { فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ } من المدارسة استنباط المعاني وتفهمها وبيان مراداتها .
- { الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ } هي التي تهب فلا ينقطع هبوبها وفيها من الخير الكثير ، فالرياح أنواع : منها الريح العقيم ومنها ريح الدبور التي أهلك بها قوم عاد ومنها ريح الصبا التي نُصِرَ بها النبي صلى الله عليه وسلم ..
- وهاكم ما كان بين الرجلين العظيمين نقلا من تاريخ بغداد ..
( عبد الله بن المبارك كان يتجر في البز وكان يقول لولا خمسة ما اتجرت فقيل له يا أبا محمد من الخمسة؟ فقال سفيان الثوري وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض ومحمد بن السماك وابن علية قال وكان يخرج فيتجر إلى خراسان فكلما ربح من شيء أخذ القوت للعيال ونفقة الحج والباقي يصل به إخوانه الخمسة قال فقدم سنة فقيل له قد ولى بن علية القضاء فلم يأته ولم يصله بالصرة التي كان يصله بها في كل سنة فبلغ بن علية أن بن المبارك قد قدم فركب إليه فتنكس على رأسه فلم يرفع به عبد الله رأسا ولم يكلمه فانصرف فلما كان من غد كتب إليه رقعة بسم الله الرحمن الرحيم أسعدك الله بطاعته وتولاك بحفظه وحاطك بحياطته قد كنت منتظراً لبرك وصلتك أتبرك بها وجئتك أمس فلم تكلمني ورأيتك واجدا على فأي شيء رأيت منى حتى اعتذر إليك منه فلما وردت الرقعة على عبد الله بن المبارك دعا بالدواة والقرطاس وقال يأبي هذا الرجل إلا أن نقشر له العصا ثم كتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم:
يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين
أين رواياتك في سردها ... لترك أبواب السلاطين
أين رواياتك في سردها ... عن بن عون وابن سيرين
إن قلت أكرهت فماذا باطل ... زل حمار العلم في الطين
فلما وقف بن علية على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء فوطىء بساط هارون وقال يا أمير المؤمنين الله الله ارحم شيبتي فإني لا اصبر للخطأ فقال له هارون لعل هذا المجنون أغرى عليك فقال الله الله أنقذني أنقذك الله فأعفاه من القضاء فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك وجه إليه بالصرة )


لقاءنا القادم بإذن الله مع الحديث السابع حديث هرقل .. وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد .

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 25 ربيع الثاني 1431هـ/9-04-2010م, 05:07 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري شرح صحيح البخاري (6)
4 ربيع الثاني 1431
كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج1]

{ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ ..}
- فاتني تعريف أبو اليمان .. وللأمانة العلمية صِرتُ أتمم بعض ما لم أدركه من الحلقة من فتح الباري ..
- شعيب : ابن أبي حمزة دينار الحمصي وهو من أثبات أصحاب الزهري .
- الزهري وعبيد الله تم التعريف بهما في الدروس السابقة .
- أبو سفيان : صخر بن حرب وزوجته هند بنت عتبة رضي الله عنها أسلم متأخرا في فتح مكة ، وكانت هذه الواقعة التي يرويها في الحديث سببا من أسباب إسلامه .
{ .. أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ ..}
- كل من حكم الروم يسمى بقيصر ومن حكم الفرس كِسرى ومن حكم الحبشة النجاشي ومن حكم مصر فِرعون ( هي ألقاب تطلق وليست أسماء كقولنا رئيس ملك أمير )
- إيلياء : اسم منطقة بالشام ، المُدّة : فترة الصلح التي عقدت في الحديبية سنة 6 من الهجرة .. وذكر طرفا من ذلك .
{ .. فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَ اللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ ..}
- حروف الجر يحصل بينها تناوب ، كما في قوله تعالى ( فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً) (الفرقان: من الآية59)أي عنه ، وكذا كما جاء في القرآن من قول فرعون ( وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ )(طـه: من الآية71 ) أي على جذوع النخل .


{ .. قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ..}
- فأي دينٍ –بارك الله فيكم- أحسن من هذا الدين ، لا نعبد إلا الله الخالق .. ونعطي المخلوقين حقوقهم .
- عفافٌ عن ردئ الأخلاق ، عفاف عن الفواحش ومقدماتها .
- الصلة : صلة الرحم وصلة الأخوّة .
{ .. وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ .. }
- أن الإيمان يبدأ قليلا ثم يزداد ويزداد حتى يبلغ التمام ، وبعد التمام يبدأ النقص وليس معناه أن الدين ينقص –معاذ الله- إنما تمسك الناس به يقل كما استنبط الفاروق رضي الله عنه [ لما نزلت:"اليوم أكملت لكم دينكم"، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كمل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص! فقال: صدقت ] (تفسير الطبري ج9 ص519 )
- فمن ذاق طعم الإيمان لا يرتد أبداً عنه ، إلاَّ أن يُراد بِهِ سوءاً أو يطمع في دنيا زائلة .


{ .. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ..}
- قد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغدر ، ثم ذكر طائفة من الأحاديث في ذلك منها : ( إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ ) رواه البخاري ومسلم .
- دين يحفظ العقول والأموال والأعراض والأنفس .. فالحمد لله على هذا الدين .



النور الساري شرح صحيح البخاري (7)
11,ربيع الثاني,1431

كتاب بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج2]



{.. ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ..}

- قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسائل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام فمنهم من وقرها واحترمها ك (هرقل) ومنهم من مزقها ك (كسرى) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليه وعلى مملكة الفرس ، وفي ردة فعل كسرى إشارة إلى شدّة عداوة الفرس وهم عُبّاد نار .
- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : هكذا مطلع تلك الرسالة ، وبهذا تصدر الرسائل (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (النمل:30) وكذا الاتفاقيات تصدر بالبسملة كما في صلح الحديبية ( يا علي أكتب بسم الله الرحمن الرحيم ) لا بسم الشعب ولا بسم فلان كأناً من كان ..
- مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ : هكذا يكون التواضع لله تعالى ثم في الدعوة إلى الله ، وهكذا نستفيد من رسائل النبي صلى الله عليه وسلم أداباً ، لم يقل – وإن كان هو كذلك وله أهل- ( من صاحب الشفاعة العظمى ، من صاحب الكوثر ، من سيد ولد آدم ) فنتعلم من تواضعه وتواضع الأنبياء ، هُم أأمتنا وقدوتنا عليهم سلام الله وصلواته لا نتأسى أصالة إلا بهم )أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(الأنعام: من الآية90) رسالة من مطلعها نتعلم التواضع كذلك سليمان عليه السلام قال " إنه من سليمان " ما قال من النبي الملك الذي سُخِّرت له الدنيا – وإن كان ذلك حق- وكذلك يوسف عليه السلام (قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ )(يوسف: من الآية90) ما قال أنا العزيز يوسف ، قال صلى الله عليه وسلم (ثلاث أُقْسِمُ عليهن ، وأُحَدِّثُكم حديثا ، فاحفظوه : ما نقص مالُ [ عبد ] من صدقة ، ولا ظُلِمَ عَبْد مَظْلمَة فصبر عليها ، إلا زاده الله بها عِزا ، ولا فتح عبد بابَ مسألة ، إلا فتح الله عليه بها باب فقر وما تواضع عبد للَّه إلا رفعه الله) فإذا كان هذا التواضع مع غير المؤمنين فمع المؤمنين أولى (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الحجر: من الآية88) ففي كل كلمة من كلمات الأنبياء نور ونفع وتوجيه وقبلها كتاب الله وما يدرك ذلك إلا أهل التقى ..
- عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ : هو عبد الله وكلنا لله عبيد ونِعْم صنيع من أقرّ بذلك وارتضاه ، عبيد لله نسمع ونطيع .. لسنا بأحرار نكتب ونفع ما شئنا ..
- إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ : هكذا أنزل الرجل منزلته دون أن يشين في شريعة الله ، إنما وصفه بوصفه ، فإنزال الناس منازلهم مطلوب دون إخلال بشريعتنا .
- تلك السنة في الرسائل أن تبدأ بالاسم لا أن تذيل به وإن كان قد جاء في ذلك ولكن الأتبع للسنة أن يكون الاسم في مبدأ الرسالة .
{.. سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ {وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} .. }

- سلام : قيل معناها التحية وقيل معناها آمان .. وهكذا نُحيي أهل الكتاب (لا تبتدؤا اليهود والنصارى بالسلام ) ( وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى)(طـه: من الآية47) .. فما كان النبي صلى الله عليه وسلم بغشاش أبداً ولا مُجاملا في الدين فلا يليق بنا أن نغش نصرانيا ونشعره أنه على خير وهو يعبد غير الله بل نوجه بخير وننصح له فذاك فضل على غشنا له وتعدي على شرعة ربنا .
- أَمَّا بَعْدُ : أخذ من ذلك مشروعية ( أما بعد ) بين التقدمة وصلب الكلام ، وقد فسر بعض العلماء ( وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ)(صّ: من الآية20) أن فصل الخطاب هو قولة ( أما بعد ) وإنما ذلك قول لا يقين به ، وقيل أن فصل الخطاب فضّ النزاعات الكبيرة بكلمات يسيره ، كذا قالها النبي صلى الله عليه وسلم في عدة مواضع منها (خطبة حادثة الإفك) .
- بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ : دعاية التوحيد والشهادة والصلاة والزكاة والحج والصيام ..
- أَسْلِمْ تَسْلَمْ : أسلم لله تسلم من عذابه .. وهذا من جوامع الكلم ، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم ، كلمات قليلة لها معانٍ جليلة .
- يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ : بيان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم فأمن به .. )
- فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ : إن أعرضت عن الإسلام عليك تحمل تبعة ذلك من كفر رعاياك ، الأريسيين قيل الأتباع وقيل الفلاحون ، فمن تسبب في إضلال قوم وإغوائهم يُحاسب على ذلك (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (العنكبوت:13) .
- وَيَا أَهْلَ الْكِتَابِ : تصدير طيب يفتح قلب السامع ليتلقى منك ( يا أيها العالم , الفاضل .. ) فتفتتح حديثك بذكر صفة طيبة هي في المخاطب حق .. (يا أهل الكتاب ) يا أهل العلم لستم بأميين فأنت للهداية أقرب .
- تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كلمة وسط عدل أن لا نعبد رباً سِوا الله ولا نتخذ له شريكاً كأنا من كان ، فإن أعرضتم عن ذلك ورفضتم هذا المجيء إلى توحيد الله والعبودية لله فإنّا نشهدكم أنّا مستسلمين طائعين خاضعين لله ، رضينا به رباً ومعبوداً لا شريك له .
- كلمات موجزة مختصرة حوت المطلوب بجلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 ربيع الثاني 1431هـ/10-04-2010م, 10:51 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري شرح صحيح البخاري (8)
18,ربيع الثاني,1431
كتاب:بَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج3]

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ:فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا ..}
- أي ارتفعت الأصوات من حوله من البطارقة-القساوسة- وأبو سفيان لم ينقل لنا نوع الصخب وما كان فيه إذ هو عربيّ لا يفهم لغتهم كما في مطلع الحديث (وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ) ثم أخرجوا أبو سفيان ومن معه من قريش ..
فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الْإِسْلَامَ
- أَمِرَ : أي عَظُمَ وعلا ، ابن أبي كبشة : يقصد به محمد صلى الله عليه وسلم ، أما أبو كبشة فقيل أنه من أجداد النبي ، وقيل نسبه نسبة لا تُعرف ازدراءً للنبي صلى الله عليه وسلم وما يضره ..
- بني الأصفر : تطلق على الروم ، ويعني أبو سفيان لقد وصل شأن النبي صلى الله عليه وسلم أن ملك الروم يعمل له حسابا ويهتم برسالته كل هذا الاهتمام .
- موقناً : أي على يقين تام ، سيظهر : أي يغلب (ظهر فلان على فلان) إذا غلبوا خصومهم وهزموهم ، وقد كانت هذه الحادثة من أسباب إسلام وهداية أبو سفيان رضي الله عنه .

وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ
- أي كبير هذه البلدة وأميرها وعالمها ، وكانا (ابن الناظور وهرقل) بمنزلة كبراء النصارى آن ذاك .
- خبيث النفس غير مستريح ولا مطمئن . فسألوه مالنا نراك متضايقا متبرما لست بمنشرح الصدر .
- حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ : هاهنا إشكال معلومٌ أن النجوم لنا فيها – أعني فيما يخصنا نحن البشر- ثلاث أشياء من ابتغى غيرها فقد ضلّ :
[1] تهدينا الطريق كما قال تعالى : ( وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل:16)
[2] زينة للسماء الدنيا كما قال تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) (الصافات:6)
[3] رجم للشياطين وصرف لهم عن التسمع كما في قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ)(الملك: من الآية5)
قال قتادة : من ابتغى وراء هذه الثلاث فقد أخطأ .
- وحلاً للإشكال : فأولاً قائل ( كان هرقل حزاء ... ) ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله قد حذر من ذلك (وذكر طائفة من الأحاديث في هذا الباب) ثم إنّ أمر التنجيم كان شائعا في الجاهلية وكانت الشياطين تتربص وتتجسس بصورة كبيرة حتى ما قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بوقت شددت الحراسة على السماء "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً" (الجـن:8- 9)وفي الحديث عند البخاري « إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِى السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ، قَالُوا لِلَّذِى قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الْكَاهِنِ ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا ، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِى سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ » الصفوان : الحجر الأملس .
- الحاصل أن هرقل رأى على طريقة الكهان بأمر الله وعرف بمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد انتشر خبر مبعثه-صلى الله عليه وسلم- قبل بعثته وفي ذلك أخبار متكاثرة متناميه كما كان يهود يثرب ينشرون ذلك في الأوس والخزرج وكما في قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه ..ولعل هذا مقصد البخاري من إيراد حديث هرقل في هذا الباب –بدء الوحي- إشارة إلى انتشار خبر البعثة من قبلها بين الناس .

فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا الْيَهُودُ فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ
- سألهم عن من يختتن لأنهم سيغلبون ويظهرون وتقوى شوكتهم .
- فيه دليل أن النصارى لا يختتنون ، فهون عليه بطارقته الأمر إذ أن اليهود قِلة ، فهذا حال اليهود مُبَغّضون من قديم الأزل حتى من النصارى .
- شيء عن الختان : الختان علامة على أهل الإسلام ولهم وقد اختتن الخليل إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدّوم ، والقدوم قيل مكان وقيل الآلة المعروفة في النحت والنجارة والرأي الثاني هو الأظهر والأشهر .. وقد اختتن العرب من بعد إبراهيم عليه السلام ومن قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك طائفة من الأحاديث منها حكاية وحشي عن غزوة أُحد لمّا بارز حمزة رضي الله عنه سِباع قال حمزة له : يا سباع يا بن أم أنمار مقطعة البظور أَتُحادّ الله ورسوله ، ثم انقض عليه فكان كأمس الذاهب ، الشاهد قول حمزة (مقطعة البظور) فَعُلِم أن العرب كانوا يختتنون ومنه أيضا (أَن امرأة كانت تَخْتِنُ النساءَ في المدينة ، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : لا تَنْهَكي ، فإن ذلك أحظَى للمرأة، وأحبُّ لِلبَعْل ) والختان ذكره صلى الله عليه وسلم أنه من سنن الفطرة أما أقوال العلماء في حكمه فعلى الصحيح أنه واجب في حق الذكور أمّا النساء فبين الاستحباب والإباحة وأحيانا يصل للكراهية والتحريم إن ضرّ بالمرأة فالظاهر والله أعلم أنه ينظر إلى حال الأنثى فتختتن بقدر الحاجة .
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ
- اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ: النظر لا يعني النظر بالعين في كل الأحوال فليس بمتصور أن ينظروا بأعينهم في ذلك إنما المقصد اعلموا ..

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 28 ربيع الثاني 1431هـ/12-04-2010م, 09:59 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري شرح صحيح البخاري (9)


25,ربيع الثاني,1431
كتاببَدْءُ الْوَحْىِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم

الحديث السابع – حديث هرقل وأبو سفيان [ج4]

{.. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنْ الْإِيمَانِ قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَيَّ وَقَالَ إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأَيْتُ فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ }
- إن أي اصطلاح من شأنه التفرقة بين الأمة المسلمة مذموم وقد ألف العلامة الراحل عبد العزيز بن باز رحمه الله كتاب في نقد القومية العربية هذا المصطلح (القومية العربية) الذي فرق بين أمّة محمد صلى الله عليه وسلم فأصبح بعضهم يفضل النصراني العربي عن المسلم الباكستاني وهذا لا يستقيم بحال ، فكل مصطلح من شأنه تمزيق الأمة الإسلامية أمة محمد صلى الله عليه وسلم وكل نعرة وطنية تشتت شمل الأمة مذمومة .
- نظيره في العلم : أي مساويا له أرسل إليه هرقل يستشيره في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . [هذا تتمة الحلقة الماضية ومن النقطة الثالثة تبدأ حلقة السبت 25 ربيع الثاني]
- أي أن هرقل دخل مكانا وأغلق الأبواب جيداً ثم أراد أن يختبر قومه هل يطيعونه على ما يرى .. فلما عرض عليهم الإسلام حَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ أي نفروا نفرة شديدة وهجموا على الأبواب ليقتلوا هرقل ، فلما رأى ذلك منهم وآيس من إسلامهم آثر دنياه على آخره وبقي على كفره على عكس ما كان من النجاشي رحمه الله ورضي عنه .
- وهكذا ينتهي هذا الحديث الطويل وينتهي باب بدء الوحي الذي صدر به الإمام البخاري رحمه الله صحيحه .
*** *** *** *** ***
وهنا أجمع لكم طائفة من بعض الأسئلة التي وردت على الشيخ في الحلقات الثمان الماضية وقد كان ابتدأ شرح كتاب الإيمان في هذه الحلقة لكني أدع ملخصها لموعدنا التالي بإذن الله . بالنسبة للأسئلة سأورد الإجابات دون سرد السؤال إنما تكفي الإشارة إليه علما بأني لم أسجل من الأسئلة إلا ما أثار اهتمامي أو كان جديدا عليّ والله المستعان .



استفتاءات عامة من الحلقات (1-8)

1. جمهور العلماء على أن المصلي ينزل إلى السجود بركبتيه لفعل عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، أما الأحاديث الواردة في النزول على اليدين فأسانيدها عندي ضعيفة فيكون فعل الصحابي أقوى ، وهذه مسألة خلافية قديمة بين العلماء .
2. إذا أفطرت الحامل ثم لم تستطع القضاء أثناء فترة الرضاع نأخذ لها قول بن عباس رضي الله عنهما بأن تطعم عن كل يوم مسكين .
3. الاستنجاء بالماء : عن الشعبي قال لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا أهل قباء ما هذا الثناء الذي أثني الله عليكم) .قالوا : ما منا أحد إلا وهو يستنجي بالماء من الخلاء ، والآية التي نزلت في أهل مسجد قباء هي قوله تعالى : (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين)
4. الحائض والقرآن : يختار الشيخ أن للحائض أن تراجع القرآن من حفظها وتقرأها من المصحف وللحيطة تمسه بحائل ، إذ أن الأدلة التي استدل بها المانعون لا تثبت ، أما دليل الجواز فأنه لما حاضت عائشة رضي الله عنها في الحج قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفعلي ما يفعل الحاج إلا أن تطوفي بالبيت " ومعلوم أن الحاج يقرأ القرآن . وفصل في ذلك ولعلي أورد تفصيل ذلك عند إنزال حلقات (أحكام النساء ) إن يسر الله . [برنامج أحكام النساء يبث منذ ثلاث سنوات تقريبا على شاشة قناة الرحمة الفضائية كل خميس 10:30 مساءا للشيخ العدوي ومازالت الحلقات قائمة وفي هذه الأيام يفسر آيات من سورة الأحزاب ]
5. أحاديث ضعيفة : " من صلى 40 يوم في جماعة ... " وكذا " إياكم وخضراء الدمن .. " ضعيف جدا وحتى معناه مُخالف .
6. العناق والتقبيل بين أفراد الجنس الواحد ورد حديثا عاما ولا أراه يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " .. أيلتزمه قال لا ، قال أينحني له قال لا ، قال أصافحه قال نعم " وكما أسلفت لا ثبت عن رسول الله ، فما دام الدليل لا يثبت نرجع إلى ما كان عليه عادة النبي وأصحاب النبي وهو المصافحة في العموم ولا بأس بالعناق أحيانا كما النبي صنع مع جعفر رضي الله عنه ، فلا بأس بالعناق إن أمنت الفتنة فهذا أمر من أمور العادات لا العبادات والله أعلم .
7. لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل بين فريضتين جمع بينهما .
8. العطور الكحولية : أرى كراهتها ولا تأخذ حكم التحريم إذ أنها ليست خمراً إذ أنها على ما وصلني سامة شاربها يمرض أو يموت ولا يسكر .
9. لا يصح أن نقول وسواس قهري فإنه لا يقهر ، عن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فعثر بعيرنا فقلت تعس الشيطان فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت ويقول بقوتي ولكن قل بسم الله فإنه يصغر حتى يصير مثل الذباب .
10. الابتلاءات تأتي لسببين : إما عقوبة لتذكر العبد وتحمله على التوبة والتضرع إلى الله ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (الأنعام:42) فيأتي الابتلاء ليراجع الناس أمرهم ، وأحيانا يكون الابتلاء لرفع الدرجات ومضاعفة الأجور ، والابتلاء قد يكون في النفس أو في المال أو في العرض –سلمنا الله وإياكم من كل مكروه وسوء .
11. جدير بنا أن نُحيي سُننا أميتت لا أن نوجد سنناً لا أصل لها .
12. جمهور العلماء يمنعون الجُنب من سجود التلاوة بل وحتى المحدث حدثاً أصغر إنما فئة من المُحَدِّثين يجوزونه للمحدث حدثاً أصغر واستدلوا بأنه لمّا تلا النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم سجد وسجد كل من معه مسلم كان أو كافر بل وحتى الجن ، أما الكفار فليسوا بمخاطبين بالأوامر ويصعب أن يكون كل من حضر من المسلمين متوضأً .
13. سأله سائل ثم قال : طمئني ، علق الشيخ مصطفى قائلا : المؤمن مطمئن في كل أحواله راضٍ بما يقدره الله ويكتبه ويقضيه .
14. الوارد عن رسول الله في التحية ( السلام عليكم – السلام عليكم ورحمة الله – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ولم ترد فيها لفظة تعالى والأولى اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
15. لا يثبت نسبة مقولة ( كما تدين تدان ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي معناه شيء من الصواب وشيء من خطأ فالله جل وعلا قال : " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"(الشورى:30)
16. أيضاً من الألفاظ التي نبه الشيخ عليها (الالتزام ، ملتزم ، ملتزمة ) قال : إتباع اصطلاح الوحيين أولى من المصطلحات المستحدثة فنقول مستقيم كما وردت في القرآن " فاستقم كما أمرت " وكما وردت في السنة " قل ءامنت بالله ثم استقم " أو صالح كما في الحديث " نعم الرجل الصالح .. " فنقول مستقيم صالح خير من ملتزم والله أعلم .
17. ثم تابع قائلا : لا أرى لفظة المسيحي صائبة بل وأراها لا تَحِلّ فقولك مسيحي أي أنه على دين المسيح عليه السلام والمسيح مسلم لم يقل يوماً إنه ابن الله حاشاه ، فاسمهم الحقيقي الذي سماهم به القرآن والسنة النصارى ولم ترد مطلقا مسيحيون . فظلم لنبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام نسبة هؤلاء القوم إليه وهم قد أساؤا إليه بنسبته إلى الله تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا .
18. الرموش الصناعية : تركها أولى بل وقال بعضهم ألزم والذي قالوا بحرمتها ألحقوها بالوصل الملعون ، فأقل ما فيها الكراهة .

أرجوا الانتباه للألفاظ التي نبه عليها الشيخ في النقاط : (9-13- 14-16-17) فهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع والمُحِّبُ الصادق لا يخالف محبوبه ولا في لفظة !
ولقاؤنا القادم بمشيئة الرحمن في شرح مطلع كتاب الإيمان من صحيح الإمام البخاري رحمه الله وحرِّي بكل من تقدر أن تتابع البرنامج إذا أن ساعة في الأسبوع ليست بكثيرة ولتوه بدء بشرح كتاب الإيمان لتعود الحياة إلى القلوب وتزول الغفلة . وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م, 08:16 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري في شرح أحاديث صحيح البخاري (10)


25,ربيع الثاني,1431 / كتاب الإيمان – مقدمة [1]


قال البخاري رحمه الله : كِتَاب الْإِيمَانِ ، بَاب الإيمان وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ ...

- ذكر هذا الباب بعد كتاب الوحي وكأنه يشير أن الإيمان يتبع الوحي إذ أن هناك وحي يتبعه تصديق .
- كِتَاب الْإِيمَانِ : يطلق البعض على الإيمان لغة التصديق ، ومنه قول إخوة يوسف عليه السلام " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " أي وما أنت بمصدق لقولنا .. أما شرعاً : الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا ، وأصول ذلك سؤالات جبريل عليه السلام في الحديث الطويل فلما سأل عن الإيمان قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى .
- الإيمان والإسلام يتفقان في المعنى ويختلفان أحيانا ، وفي ذلك قال بعض أهل العلم ( إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ) ومعنى ذلك أنهما إذا اجتمعا في سياق واحد أخذ كل منهما معنى كما في قوله تعالى )قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)(الحجرات: من الآية14) فكان الإيمان مختصا بالقلب وتصديقه ، والإسلام مختص بالأعمال الظاهرة ، ومثله حديث جبريل الطويل ، أما إذا افترقا فيأخذان من معاني بعضهما ، لمّا جاء وفد عبد قيس إلى النبي فقالوا إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ ، وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ فِى شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا ، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ . فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ . قَالَ « هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ » . قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ » البخاري87 ففسره ببعض أركان الإسلام .
- الإيمان شُعَبٌ كثيرة وهو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان هكذا إجمالا عند أهل السنة والجماعة تضمن ثلاث أشياء ، فلا يصح أن يضمر شخص الكفر ويظهر الإسلام ويطلق عليه مؤمن فهذا منافق كافر . فالإيمان قول وعمل واعتقاد وهو شعب كما سيأتي بيان ذلك .
- أقول وترتيب البخاري هذا حسن إذ بعد الوحي ماذا يكون مِنّا ؟ الإيمان بذلك الوحي .
معلقات البخاري ..
- وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : لم يذكر هنا سند فهذا يسمى معلق وهي التي يرويها البخاري مع إسقاط عدد من الرواة في السند ، فإذا قال البخاري قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله كان ذلك معلقا إذ أن البخاري لم يدرك عائشة .
- والخبر المعلق هو : ما أسقط الراوي منه شيخه فأكثر ، أو الذي سقط من مبتدأ إسناده راوٍ أو أكثر .
- ومعلقات البخاري ليست على شرطه فمنها الصحيح ومنها الضعيف فقد أسمى البخاري رحمه الله كتابه بـ الجامع الصحيح المسند من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأيامه وأفعاله .. فما لم يكن مسندا ليس على شرطه لذا لم ينتقدها أهل العلل ولم يدخلوها من صلب كتابه .
متابعة الشرح :
- وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ : يعني أن الإيمان قول وفعل واعتقاد ودليل ذلك )إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) (النساء:145)وقد كانوا يصلون ويزكون ويتشهدون (ففعلوا وقالوا ) قال تعالى :
-)وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:54) .
- وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ : يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي وتزيد درجات الإيمان بتواتر الأدلة وينقص بقلة الأدلة ، مثاله قول الخليل عليه السلام )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(البقرة: من الآية260) قال العلماء فالعبد تزيده الأدلة إيماناً ، ونحوه قول الحواريين ( قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ) فالحاصل أن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ووجه ثاني للعلماء في ذلك أنه يزيد بتواتر الأدلة وينقص بنقصها فهذان وجهان والأول أشهر .
استدلالات البخاري –رحمه الله- من القرآن :
قال البخاري رحمه الله : .. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ{أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ{فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} ...
- ثم أورد البخاري جملة من الأدلة ليدلل بها على أن الإيمان يزيد وينقص ، ومنهج البخاري رحمه الله في جميع كتابه أنه لا يستقصي في إيراد الأدلة من القرآن بل يكتفي بإيراد شيء منها ويشير إليها إشارات .
- لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ من قوله تعالى )هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ )(الفتح: من الآية4) فهم عندهم إيمان ويزدادوا إيمانا بنزول السكينة عليهم .
- {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} من قوله تعالى )إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)(الكهف: من الآية13) فالذي يسلك طريق الهداية يزيده الله هدى وإيمانا وييسر عليه ، وبالمقابل من سلك طريق الضلال ازداد ضلالا "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " وكذا قوله تعالى : ) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (لأعراف:146)" قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مّدا "
- {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} من قوله تعالى )وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً)(المدثر: من الآية31)أصحاب النار أي خزنتها ، روي بسند ضعيف أن أبا جهل قال : إذا كان الخزنة تسعة عشر ونحن نربوا على الآلآف فكل آلف منا يتوكلوا بواحد منهم ونقتلهم ونحتل الجنة بالقوة " فهكذا جعل العدد تسعة عشر فتنة للذين كفروا وليحصل اليقين لأهل الكتاب إذ هو مثبت في كتبهم أن الخزنة تسعة عشر فيتيقنون بصدق محمد صلى الله عليه وسلم ويزداد الذين ءامنوا إيمانا لما يروه من موافقة كلام النبي لما عند أهل الكتاب .
- كذلك استدل البخاري رحمه الله بقول الله جلّ ذكره {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} الآية من سورة براءة وفيها)وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) فكانت الآيات تتنزل فيزداد الذين ءامنوا إيمانا ويقينا ويزداد الكافرين صدا وعنادا ، وضرب مثلا لذلك حادثة الإسراء والمعراج .
- {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} جزء من آية )الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران:173)فزادهم هذا القول من أهل النفاق إيمانا .
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} من قوله تعالى)وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (الأحزاب:22) أي وما زادهم هذا التجييش الذي جيشته الأحزاب والكفار إلا إيمانا .
متابعة الشرح :
وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا فَمَنْ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ ..
- وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ : أي شعبة من شعب الإيمان كما سلف (الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) وبينهما مراتب من تلك المراتب الحب في الله والبغض في الله ، فتحب من أطاع الله وآمن به وتبغض العصاة والكفار لله على قدر معصيتهم ، وفي الحديث وسيأتي معنا في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( .. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم "مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَإِنَّ مِنْ أَقْرَبُكُمْ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا"
- وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيَّ : كان عدي أميرا على الموصل في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وسنة المسلمين أن لهم خليفة واحد يجتمعون عليه ويكون له نوابهم أمراء على الأمصار والبلاء ، الحاصل أن عمر كتب رسالة إلى عديّ جاء فيها {وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ} وليس معنى ذلك أنه كفر إنما ينقص من إيمانه بالقدر الذي ترك ويقل ولا يبلغ كمال الإيمان وفي ذلك حديث « والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن » قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : « جار لا يأمن جاره بوائقه » ومثله (حديث لا إيمان لمن لا أمانة له) فليس المراد نفي الإيمان بأصله .
- هكذا كان عمر رحمه الله مع كونه خليفة كان عالما على بصيرة يعلم حدود الله وأوامره وكان تقيا ورعا ، فكذا يجر بالحكام والرؤساء والملك أن يكونوا على بصيرة يقودون بها شعوبهم ليجتنبوا مكائد بطانة السوء الموجودة في كل مكان وزمان وتلتف حول ذوي المناصب فيجب أن يكون الحكام على قدر من العلم حتى لا ينخدعوا بأقوال تلك البطانة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة الا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله ) فجدير بالحكام أن يكونوا ملمين بأصول الدين على الأقل ، ثم ذكر الشيخ قصة اصطفاء طالوت عليه السلام وحاجتنا هنا هي من قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ )(البقرة: من الآية247) .
- أي أبين لكم الفرائض ، فهناك فرائض إذا تركت لم يؤمن تاركها من الأصل وأمور إذا تركت من الإيمان فصحابها ناقص الإيمان ، فالجاحد بالملائكة أو بأي من أركان الإيمان كافر خارج عن ملة الإسلام .
- عمر سئم مخالطة الأمراء ومشاكلهم مع كون عدي كان من الفضلاء ، هكذا كان عمر زاهدا ذو فضل وتقى وعلم وورع .
- ذكر خطبة لعمر بن عبد العزيز قرأ فيها قول الله تبارك وتعالى )أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ*جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ* أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (الشعراء:205-207) فهب يا بن آدم أنك عشت ما شئت ومتعت بكل ما تريد ثم جاءك الموت الذي وعدت به ، يذهب ويندثر كل ما كنت تتمتع به .
- مفاد كلام عمر رحمه الله فيما يتعلق بالإيمان أن الإيمان درجات وفيه أحكام وشرائع .
- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} : كما سبق أن إبراهيم عليه السلام قال : )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(البقرة: من الآية260) وفي هذا الباب جاء حديث (نحن أحق بالشك من إبراهيم) وللعلماء في توجيه الحديث قولان أحدهما أن هذا ثناء على إبراهيم عليه السلام حاصل المعنى أننا لم نشك ونحن أضعف من إبراهيم ، والوجه الثاني التماس العذر لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان إبراهيم عليه السلام طلب مزيد من الاستدلالات وهو مؤمن فنحن أحوج إلى ذلك .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 1 جمادى الأولى 1431هـ/14-04-2010م, 08:16 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري في شرح أحاديث صحيح البخاري (10)
25,ربيع الثاني,1431 / كتاب الإيمان – مقدمة [1]


قال البخاري رحمه الله : كِتَاب الْإِيمَانِ ، بَاب الإيمان وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ ...

- ذكر هذا الباب بعد كتاب الوحي وكأنه يشير أن الإيمان يتبع الوحي إذ أن هناك وحي يتبعه تصديق .
- كِتَاب الْإِيمَانِ : يطلق البعض على الإيمان لغة التصديق ، ومنه قول إخوة يوسف عليه السلام " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " أي وما أنت بمصدق لقولنا .. أما شرعاً : الإيمان بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا ، وأصول ذلك سؤالات جبريل عليه السلام في الحديث الطويل فلما سأل عن الإيمان قال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ) وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى .
- الإيمان والإسلام يتفقان في المعنى ويختلفان أحيانا ، وفي ذلك قال بعض أهل العلم ( إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا ) ومعنى ذلك أنهما إذا اجتمعا في سياق واحد أخذ كل منهما معنى كما في قوله تعالى )قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)(الحجرات: من الآية14) فكان الإيمان مختصا بالقلب وتصديقه ، والإسلام مختص بالأعمال الظاهرة ، ومثله حديث جبريل الطويل ، أما إذا افترقا فيأخذان من معاني بعضهما ، لمّا جاء وفد عبد قيس إلى النبي فقالوا إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ ، وَلاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلاَّ فِى شَهْرٍ حَرَامٍ فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا ، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ . فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ . قَالَ « هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ » . قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ « شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ » البخاري87 ففسره ببعض أركان الإسلام .
- الإيمان شُعَبٌ كثيرة وهو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان هكذا إجمالا عند أهل السنة والجماعة تضمن ثلاث أشياء ، فلا يصح أن يضمر شخص الكفر ويظهر الإسلام ويطلق عليه مؤمن فهذا منافق كافر . فالإيمان قول وعمل واعتقاد وهو شعب كما سيأتي بيان ذلك .
- أقول وترتيب البخاري هذا حسن إذ بعد الوحي ماذا يكون مِنّا ؟ الإيمان بذلك الوحي .
معلقات البخاري ..
- وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : لم يذكر هنا سند فهذا يسمى معلق وهي التي يرويها البخاري مع إسقاط عدد من الرواة في السند ، فإذا قال البخاري قالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله كان ذلك معلقا إذ أن البخاري لم يدرك عائشة .
- والخبر المعلق هو : ما أسقط الراوي منه شيخه فأكثر ، أو الذي سقط من مبتدأ إسناده راوٍ أو أكثر .
- ومعلقات البخاري ليست على شرطه فمنها الصحيح ومنها الضعيف فقد أسمى البخاري رحمه الله كتابه بـ الجامع الصحيح المسند من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وأقواله وأيامه وأفعاله .. فما لم يكن مسندا ليس على شرطه لذا لم ينتقدها أهل العلل ولم يدخلوها من صلب كتابه .
متابعة الشرح :
- وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ : يعني أن الإيمان قول وفعل واعتقاد ودليل ذلك )إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) (النساء:145)وقد كانوا يصلون ويزكون ويتشهدون (ففعلوا وقالوا ) قال تعالى :
-)وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:54) .
- وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ : يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي وتزيد درجات الإيمان بتواتر الأدلة وينقص بقلة الأدلة ، مثاله قول الخليل عليه السلام )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(البقرة: من الآية260) قال العلماء فالعبد تزيده الأدلة إيماناً ، ونحوه قول الحواريين ( قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ) فالحاصل أن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي ووجه ثاني للعلماء في ذلك أنه يزيد بتواتر الأدلة وينقص بنقصها فهذان وجهان والأول أشهر .
استدلالات البخاري –رحمه الله- من القرآن :
قال البخاري رحمه الله : .. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ{أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ{فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}وَقَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} ...
- ثم أورد البخاري جملة من الأدلة ليدلل بها على أن الإيمان يزيد وينقص ، ومنهج البخاري رحمه الله في جميع كتابه أنه لا يستقصي في إيراد الأدلة من القرآن بل يكتفي بإيراد شيء منها ويشير إليها إشارات .
- لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ من قوله تعالى )هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ )(الفتح: من الآية4) فهم عندهم إيمان ويزدادوا إيمانا بنزول السكينة عليهم .
- {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} من قوله تعالى )إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً)(الكهف: من الآية13) فالذي يسلك طريق الهداية يزيده الله هدى وإيمانا وييسر عليه ، وبالمقابل من سلك طريق الضلال ازداد ضلالا "فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم " وكذا قوله تعالى : ) سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (لأعراف:146)" قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مّدا "
- {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} من قوله تعالى )وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً)(المدثر: من الآية31)أصحاب النار أي خزنتها ، روي بسند ضعيف أن أبا جهل قال : إذا كان الخزنة تسعة عشر ونحن نربوا على الآلآف فكل آلف منا يتوكلوا بواحد منهم ونقتلهم ونحتل الجنة بالقوة " فهكذا جعل العدد تسعة عشر فتنة للذين كفروا وليحصل اليقين لأهل الكتاب إذ هو مثبت في كتبهم أن الخزنة تسعة عشر فيتيقنون بصدق محمد صلى الله عليه وسلم ويزداد الذين ءامنوا إيمانا لما يروه من موافقة كلام النبي لما عند أهل الكتاب .
- كذلك استدل البخاري رحمه الله بقول الله جلّ ذكره {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} الآية من سورة براءة وفيها)وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) فكانت الآيات تتنزل فيزداد الذين ءامنوا إيمانا ويقينا ويزداد الكافرين صدا وعنادا ، وضرب مثلا لذلك حادثة الإسراء والمعراج .
- {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} جزء من آية )الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران:173)فزادهم هذا القول من أهل النفاق إيمانا .
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} من قوله تعالى)وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً) (الأحزاب:22) أي وما زادهم هذا التجييش الذي جيشته الأحزاب والكفار إلا إيمانا .
متابعة الشرح :
وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ إِنَّ لِلْإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا فَمَنْ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ ..
- وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنْ الْإِيمَانِ : أي شعبة من شعب الإيمان كما سلف (الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) وبينهما مراتب من تلك المراتب الحب في الله والبغض في الله ، فتحب من أطاع الله وآمن به وتبغض العصاة والكفار لله على قدر معصيتهم ، وفي الحديث وسيأتي معنا في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( .. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ) وقال صلى الله عليه وسلم "مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَإِنَّ مِنْ أَقْرَبُكُمْ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا"
- وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيَّ : كان عدي أميرا على الموصل في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وسنة المسلمين أن لهم خليفة واحد يجتمعون عليه ويكون له نوابهم أمراء على الأمصار والبلاء ، الحاصل أن عمر كتب رسالة إلى عديّ جاء فيها {وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الْإِيمَانَ} وليس معنى ذلك أنه كفر إنما ينقص من إيمانه بالقدر الذي ترك ويقل ولا يبلغ كمال الإيمان وفي ذلك حديث « والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن » قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : « جار لا يأمن جاره بوائقه » ومثله (حديث لا إيمان لمن لا أمانة له) فليس المراد نفي الإيمان بأصله .
- هكذا كان عمر رحمه الله مع كونه خليفة كان عالما على بصيرة يعلم حدود الله وأوامره وكان تقيا ورعا ، فكذا يجر بالحكام والرؤساء والملك أن يكونوا على بصيرة يقودون بها شعوبهم ليجتنبوا مكائد بطانة السوء الموجودة في كل مكان وزمان وتلتف حول ذوي المناصب فيجب أن يكون الحكام على قدر من العلم حتى لا ينخدعوا بأقوال تلك البطانة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة الا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله ) فجدير بالحكام أن يكونوا ملمين بأصول الدين على الأقل ، ثم ذكر الشيخ قصة اصطفاء طالوت عليه السلام وحاجتنا هنا هي من قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ )(البقرة: من الآية247) .
- أي أبين لكم الفرائض ، فهناك فرائض إذا تركت لم يؤمن تاركها من الأصل وأمور إذا تركت من الإيمان فصحابها ناقص الإيمان ، فالجاحد بالملائكة أو بأي من أركان الإيمان كافر خارج عن ملة الإسلام .
- عمر سئم مخالطة الأمراء ومشاكلهم مع كون عدي كان من الفضلاء ، هكذا كان عمر زاهدا ذو فضل وتقى وعلم وورع .
- ذكر خطبة لعمر بن عبد العزيز قرأ فيها قول الله تبارك وتعالى )أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ*جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ* أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (الشعراء:205-207) فهب يا بن آدم أنك عشت ما شئت ومتعت بكل ما تريد ثم جاءك الموت الذي وعدت به ، يذهب ويندثر كل ما كنت تتمتع به .
- مفاد كلام عمر رحمه الله فيما يتعلق بالإيمان أن الإيمان درجات وفيه أحكام وشرائع .
- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} : كما سبق أن إبراهيم عليه السلام قال : )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(البقرة: من الآية260) وفي هذا الباب جاء حديث (نحن أحق بالشك من إبراهيم) وللعلماء في توجيه الحديث قولان أحدهما أن هذا ثناء على إبراهيم عليه السلام حاصل المعنى أننا لم نشك ونحن أضعف من إبراهيم ، والوجه الثاني التماس العذر لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم فإن كان إبراهيم عليه السلام طلب مزيد من الاستدلالات وهو مؤمن فنحن أحوج إلى ذلك .

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 19 جمادى الأولى 1431هـ/2-05-2010م, 10:43 AM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي

النور الساري في شرح أحاديث صحيح البخاري (11)
10,جمادى الأول,1431 / كتاب الإيمان [2]


وَقَالَ مُعَاذٌ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ{شَرَعَ لَكُمْ}أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا ..
- تم شرح هذه الجزئية في حلقة بتاريخ 3 جمادى وقد فاتتني والله المستعان .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ{شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} سَبِيلًا وَسُنَّةً ، باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ
- قال تعالى : "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" فسر ابن عباس رضي الله عنهما شرعة ومنهاجا قال : سبيلا وسنة ، أي لكل جعلنا منكم سبيلا يسلكه وسنة يسلكها .
- هُنا تتأتى مسألة وهي : هل شرعة من قبلنا شرعة لنا ونحن بها ملزمون أم لهم شرعهم ولنا شرعنا ؟ في المسألة أقوال وتفصيلات ، ونقول أن شرعة من قبلنا شرعة لنا ما لم يأتِ لها ناسخ من شريعتنا ، فإذا جاء من شرعنا ما ينسخه عملنا بالناسخ الذي هو شرعنا ، وأمّا قوله تعالى " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " هذا إذا تناسخت الشرائع ولكن ما لم يكن هناك نسخ نسير على ما سار عليه سابقونا لقوله تعالى ")أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ )(الأنعام: من الآية90) وقوله ) وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ)(لقمان: من الآية15) وقوله : )ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (النحل:123)
-وغير ذلك من الاستدلالات ، الحاصل أن ابن عباس فسر الشرعة والمنهاج بالسبيل والسنة ثم قال البخاري رحمه الله :
- باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ هكذا ورد في البخاري المطبوع وهذا التبويب خطأ من النُسّاخ على الصحيح ، فقوله "دعائكم إيمانكم" تابع لتفسير بن عباس يعني أن قوله تعالى )قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ )(الفرقان: من الآية77) قال بن عباس مفسرا دعائكم : إيمانكم ، وهذا مناسب لباب الإيمان .
اختلاف معنى الكلمة الواحدة باختلاف السياق الواردة فيه :
- أحيانا يطلق الإيمان على الدعاء ويطلق الدعاء على الإيمان ، كما أن كلمة الإيمان تطلق أحيانا على الصلاة كما في قوله تعالى " وما كان الله ليضيع إيمانكم " أي صلاتكم ، ولذلك قصة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا وُجِّهَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى الْكَعْبَةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) أي صلوا قِبل بيت المقدس ثم ماتوا قبل تحول القبلة ولم يصلوا صلاة واحدة تجاه الكعبة ، وأحيانا يطلق الإيمان على التصديق كما في قول إخوة يوسف عليه السلام " وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين " أي وما أنت بمصدق لقولنا .. ، وأحيانا يطلق الإيمان على ما بين النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ... " الحاصل أن كلمة الإيمان تتعدد معانيها فتطلق على الصلاة وعلى الدعاء وعلى الإسلام ..
- لذلك فإن الاصطلاح الشرعي تتعدد معانيه باختلاف السياق ، فالسياق يضفي المعنى الصحيح على الاصطلاح الشرعي ، إذ المعنى يتأتى بحسب السياق الذي وردت فيه الكلمة ، فقد سبق وبينّا أن اصطلاح (السيئة) يطلق أحيانا على الكفر كما في قوله تعالى )وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ )(يونس: من الآية27) وأحيانا تطلق كلمة السيئة ويراد بها الكبيرة من الكبائر كما قال الله تعالى في شأن قوم لوط " ومن قبل كانوا يعملون السيئات " وكذلك تطلق أحيانا ويراد بها الصغيرة من الصغائر إذ الله قال : )إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )(النساء: من الآية31) وهكذا الاصطلاحات الآخر تتعدد معانيها ..
- مثل كلمة الأُمَّة تطلق على الجماعة من الناس " وجد عليه أمة من الناس يسقون " وتطلق على الرجل العاقل الرشيد " إن إبراهيم كان أمة " وتطلق على الملة الواحدة " كان الناس أمة واحدة .. " وتطلق على المدة الزمنية " وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة .. " الحاصل أن الكلمة والاصطلاح الواحد تتعدد معانيه ويفهم من السياق الذي ورد فيه .
- وأنبه هنا تنبيه هام حاصله أن الاصطلاح الشرعي الواحد يتعدد معناه باختلاف السياق ، وأهل الباطل يأخذون معنى واحد يوافق أهوائهم ويلبسونه غير ثوبه فيلبسون على الناس يدينهم و يدخلونهم في البدع والضلالات ، فيأخذون تلك الكلمات التي تتعدد معانيها ويعطون الكلمة معناها الذي في غير موضعها فيي ذلك الموطن فيدخلون في الكفير والإرجاء وغير ذلك ، مثال ذلك الخوارج يعمدون على كلمة (المعصية) وهي كملة واسعة المعاني وينزلونها على كل موضوع فيكفرون مرتكب الكبيرة .. وهكذا .
- الحاصل أن كلمة الإيمان تتعدد معانيه وقول "بابٌ دعائكم إيمانكم" خطأ من النساخ والصواب أن هذا تابع لقول بن عباس ، ثم قال البخاري رحمه الله :

8 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ "
- أما ابن عمر فصاحب رسول الله ومكثر من الرواية عنه روى كمّ هائلا من الأحاديث ، توفي رسول الله وابن عمر رضي الله عنهما يناهز الواحدة والعشرين من عمره ، ذلك أنه قال : عَرَضَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ أُحُدٍ فِى الْقِتَالِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِى وَعَرَضَنِى يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِى. والشيعة يبغضون بن عمر وينالون منه ومن أبيه ولا يقف الأمر على مجرد البغض ولكن من ثمّ فإن كل حديث روي عنه يردونه ولا يقبلونه .. وهكذا أهل الفساد يطعنون في أشخاص الصحابة فإذا طعن فيهم رُدّ ما نقلوه وضاعت الشريعة الغراء ومُحال .
- هل الأولى أن نقول (صلى الله عليه وسلم) أو ( صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) الأظهر الثاني على ما اختاره وحرره الصنعاني مستدلا بكوننا نصلي على الآل مع النبي في كل تشهد ، ويجوز الاجتزاء على النبي لعموم النصوص كما قال تعالى ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(الأحزاب: من الآية56) وللحديث " مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا " ومع الآل أثوب وأفضل إن شاء الله .


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الساري, النور


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فتح الباري شرح صحيح البخاري / ابن رجب الحنبلي حفيدة بني عامر مكتبة المعهد 2 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م 01:50 PM
حلقات التحفيظ الصوتية النسائية على الشبكة العنكبوتيه -/جـِـهـآد/- الإعلانات العامة 3 21 ذو الحجة 1430هـ/8-12-2009م 06:53 AM


الساعة الآن 05:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir